الفقه الحنبلي - القسم
على القسم بغير الله كان مكروها ولو كان مكروها لم يفعله أبو بكر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبر النبي صلى الله عليه وسلم
قسم العباس حين اقسم عليه (فصل) وان قال أعزم أو عزمت لم يكن قسما نوى به القسم
أو لم ينوه لانه لم يثبت لهذا اللفظ عرف في الشرع ولا هو موضوع للقسم ولا فيه دلالة عليه، ولذلك ان قال استعين بالله أو أعتصم بالله أو أتوكل على الله أو علم الله أو عز الله أو تبارك الله أو نحو هذا لم يكن يمينا نوى أو لم ينو لانه ليس بموضوع للقسم لغة ولا ثبت له عرف في شرع ولا استعمال فلم يجب به شئ كما لو قال سبحان الله وبحمده ولا اله الا الله والله أكبر (فصل) وحروف القسم ثلاثة: الباء والواو والتاء في اسم الله تعالى خاصة والاصل في حروف القسم الباء وتدخل على المظهر والمضر جميعا كقولك بالله وبك والواو وهي بدل من الباء تدخل على المظهر دون المضمر وهي أكثر استعمالا ولانها جاءت في أكثر الاقسام في الكتاب والسنة، وانما كانت الباء الاصل لانها الحرف الذي تصل به الافعال القاصرة عن التعدي إلى مفعولاتها والتقدير في القسم أقسم بالله كما قال الله سبحانه (وأقسموا بالله جهد ايمانهم) والتاء بدل من الواو وتختص باسم واحد من أسماء الله تعالى وهو الله ولا تدخل على غيره فيقال تالله ولو قال تالرحمن أو تالرحيم لم يكن قسما فإذا اقسم باحد هذه الحروف الثلاثة في موضعه كان قسما صحيحا لانه موضوع له وقد جاء في كتاب الله تعالى وكلام العرب قال الله تعالى (تالله لتسئلن عما كنتم تفترون - تالله لقد آثرك الله علينا - تالله تفتؤ تذكر يوسف - تالله لاكيدن اصنامكم) وقال الشاعر: تالله يبقى على الايام ذو حيد * بمشمخر به الضيان والآس
وان قال ما أردت به القسم لم يقبل قوله لانه اتى باللفظ الصريح في القسم واقترنت به قرينة دالة عليه وهو الجواب بجواب القسم فيمنع صرفه إلى غيره * (مسألة) * (ويجوز القسم بغير حرف القسم فيقول الله لافعلن بالجر والنصب فان قال الله لافعلن بالرفع كان يمينا الا ان يكون عربيا ولا ينوى به اليمين) إذا اقسم بغير حرف القسم فقال الله لاقومن بالجر والنصب فهو يمين وقال الشافعي لا يكون
يمينا الا ان ينوي لان ذكر الله تعالى بغير حرف القسم ليس بصريح في القسم فلا ينصرف الا بالنية ولنا انه سائغ في العربية وقد ورد به عرف الاستعمال في الشرع فروي ان عبد الله بن مسعود أخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه قتل ابا جهل فقال " الله انك قتلته؟ " قال الله اني قتلته ذكره البحاري وقال لركانة ابن عبد يزيد " الله ما أردت الا واحدة " قال الله ما أردت الا واحدة وقال امرؤ القيس * فقلت يمين الله أبرح قاعدا * - وقال أيضا * فقالت يمين الله مالك حيلة * وقد اقترنت به قرينتان تدلان عليه (احداهما) الجواب بجواب القسم (والثانية) الجر والنصب واسم الله تعالى فوجب ان يكون يمينا كما لو قال والله، فان قال الله لافعلن بالرفع ونوى اليمين فهو يمين الا ان يكون قد لحن كما لو قال والله بالرفع ولم ينو اليمين فقال أبو الخطاب تكون يمينا لان قرينة الجواب بجواب القسم كافية والعامي لا يعرف الاعراب فيأتي به الا ان يكون من أهل العربية فان عدوله عن إعراب القسم دليل على انه لم يرده، قال شيخنا ويحتمل ان لا يكون قسما في حق العامي لانه ليس بقسم في حق أهل العربية فلم يكن قسما في حق غيرهم كما لو لم يجبه بجواب القسم ويجاب القسم بأربعة احرف: حرفان للنفي وهما ما ولا وحرفان للاثبات وهما ان واللام المفتوحة وتقوم ان الخفيفة المكسورة مقام ما النافية مثل قوله (وليحلفن ان أردنا الا الحسنى) وان قال والله افعل بغير حرف فالمحذوف ههنا لا
ويكون يمينه على النفي لان موضوعه في العربية لذلك قال الله تعالى (تفتؤ تذكر يوسف) اي لا تفتؤ وقال الشاعر: * تالله تبقى على الايام ذو حيد * وقال آخر: * فقلت يمين الله أبرح قاعدا * أي لا أبرح (فصل) وان قال لاها لله ونوى اليمين كان يمينا لان ابا بكر رضي الله عنه قال في سلب قتيل أبي قتادة لاها لله إذا تعمد إلى أسد من اسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم " صدق " وان لم ينو اليمين فالظاهر انه لا يكون يمينا لانه لم يقترن به صرف ولا نية ولا في جوابه حرف يدل على القسم وهذا مذهب الشافعي * (مسألة) * (ويكره الحلف بغير الله تعالى ويحتمل ان يكون محرما وذلك نحو أن يحلف بأبيه أو
بالكعبة أو بصحابي أو امام أو غيره قال الشافعي أخشى ان يكون معصية قال ابن عبد البر هذا أمر مجتمع عليه وقيل لا يكره ذلك لان الله تعالى أقسم بمخلوقاته فقال (والصافات صافا - والمرسلات عرفا) وقال النبي صلى الله عليه وسلم للاعرابي الذي سأل عن الصلاة " افلح وأبيه ان صدق " وقال في حديث أبي العشراء " وأبيك لو طعنت في فخذها لاجزأك " ولنا ما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم ادركه وهو يحلف بابيه فقال " ان الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " قال عمر فو الله ما حلفت بها بعد ذلك ذاكرا ولا آثرا متفق عليه يعني ولا حاكيا عن غيري
وعن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " من حلف بغير الله فقد اشرك " قال الترمذي هذا حديث حسن فاما قسم الله بمصنوعاته فانما أقسم دالا على قدرته وعظمته ولله تعالى ان يقسم بما شاء ولا وجه للقياس على إقسامه وقد قيل ان في إقسامه اضمار القسم برب هذه المخلوقات فقوله (والضحى) أي ورب الضحى وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم للاعرابي " افلح وأبيه ان صدق " فقال ابن عبد البر هذا اللفظ غير محفوظ من وجه صحيح وحديث أبي العشراء قال أحمد لو كان يثبت يعني انه لم يثبت، ثم ان لم يكن الحلف بغير الله محرما فهو مكروه لان من حلف بغير الله فقد عظم غيره تعظيما يشبه تعظيم الرب تبارك وتعالى ولهذا سمي شركا لكونه أشرك غير الله مع الله تعالى في تعظيمه بالقسم به، فعلى هذا يستغفر الله إذا اقسم بغير الله قال الشافعي من حلف بغير الله فليقل استغفر الله * (مسألة) * (ولا تجب به الكفارة سواء أضافه إلى الله تعالى مثل قوله ومعلوم الله وخلقه ورزقه وبيته أو لم يضفه كقوله والكعبة وأبي) ويعني لا تجب الكفارة بالحنث فيها وهذا ظاهر كلام الخرقي وهو قول أكثر الفقهاء * (مسألة) * (وقال أصحابنا تجب الكفارة بالحنث برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة) وروي عن أحمد أنه قال إذا حلف بحق رسول الله فحنث فعليه الكفارة ولانه أخذ شرطي الشهادة فالحلف به موجب للكفارة كالحلف بالله تعالى والاول اولى لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من كان حالفا
فليحلف بالله أو ليصمت " ولانه حلف بغير الله تعالى فلم توجب الكفارة بالحنث فيه كسائر الانبياء ولانه مخلوق فلم تجب الكفارة بالحلف به كالحلف بابراهيم عليه السلام ولانه ليس بمنصوص عليه ولا هو في معنى المنصوص ولا يصح قياس اسم غير الله على اسمه لعدم الشبه وانتفاء المماثلة وكلام أحمد يحمل على الاستحباب
(فصل) ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط (أحدها) ان تكون اليمين منعقدة وهي التي يمكن فيها البر والحنث وذلك الحلف على مستقبل ممكن قال ابن عبد البر اليمين التي فيها الكفارة باجماع المسلمين هي التي على المستقبل من الافعال كمن حلف ليضربن غلامه أو لا يضربه فان فعل فعليه الكفارة وذهبت طائفة إلى أن الحنث إذا كان طاعة لم يوجب كفارة، وقال قوم من حلف على فعل معصية فكفارتها تركها، وقال سعيد بن جبير اللغو أن يحلف فيما لا ينبغي له يعني فلا كفارة عليه في الحنث وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم ولا في معصية الله ولا في قطيعة رحم، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليدعها وليأت الذي هو خير فان تركها كفارة " رواه أبو داود ولان الكفارة انما تجب لدفع الاثم ولا اثم في الطاعة ولان اليمين كالنذر ولا نذر في معصية الله ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه " وقال " اني والله ان شاء الله لا أحلف على يمين فارى غيرها خيرا منها الا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني " اخرجه البخاري وحديثهم لا يعارض حديثنا لان حديثنا اصح منه واثبت ثم انه يحتمل ان تركها كفارة لاثم الحلف والكفارة المختلف فيها كفارة المخالفة وقولهم ان الحنث طاعة قلنا فاليمين غير طاعة فتلزمه الكفارة للمخالفة ولتعظيم اسم الله عزوجل إذا حلف به ولم تبر يمينه، إذا ثبت ذلك نظرنا في يمينه فان كان على ترك شئ ففعله حنث ووجبت الكفارة، وإن كانت على فعل شئ فلم يفعله وكانت يمينه مؤقتة بلفظ أو بنية أو قرينة حاله ففات الوقت حنث، وإن كانت مطلقة لم يحنث إلا بفوات وقت الامكان لانه مادام في الوقت والفعل
ممكن فيحتمل أنه يفعل فلا يحنث * (مسألة) * (فأما اليمين على الماضي فليست منعقدة وهي نوعان: الغموس وهي التى يحلف بها
كاذبا عالما بكذبه وعنه فيها الكفارة، ومثلها الحلف على مستحيل كقتل الميت واحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه) ظاهر المذهب ان يمين الغموس لا كفارة فيها نقله الجماعة عن أحمد وهو قول أكثر أهل العلم منهم ابن مسعود وسعيد بن المسيب والحسن ومالك والاوزاعي والثوري والليث وابو عبيد وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي من أهل الكوفة.
وانما سميت هذه يمين الغموس لانها تغمس صاحبها في الاثم قال ابن مسعود كنا نعد اليمين التي لا كفارة لها اليمين الغموس، وعن سعيد بن المسيب قال هي من الكبائر وهي أعظم من أن تكفر، وروي عن احمد ان فيها الكفارة وروي ذلك عن عطاء والزهري والحكم والبتي وهو قول الشافعي لانه وجدت منه اليمين بالله والمخالفة مع القصد فلزمته الكفارة ولنا انها يمين غير منعقدة فلا توجب الكفارة كاللغو أو يمين على ماض أشبهت اللغو، وبيان انها غير منعقدة كونها توجب برا ولا يمكن فيها ولانه قارنها ما ينافيها فلم تنعقد كالنكاح الذي قارنه الرضاع ولان الكفارة لا ترفع إثمها فلا تشرع فيها، ودليل انها كبيرة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " من الكبائر الاشراك بالله عقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس " رواه البخاري وروي فيه " خمس من الكبائر لا كفارة لهن: الاشراك بالله والفرار من الزحف وبهت المؤمن وقتل النفس بغير حق والحلف على يمين فاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم " ولا يصح القياس على المستقبلة لانها يمين منعقدة يمكن حلها والبر فيها وهذه غير منعقدة فلا حل لها وقول النبي صلى الله عليه وسلم " فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير " يدل على ان الكفارة انما تجب على فعل يفعله فيما يستقبله قاله ابن المنذر (فصل) والمستحيل نوعان (أحدهما) مستحيل عقلا كقتل الميت واحيائه وشرب ماء الكوز
ولا ماء فيه فقال أبو الخطاب لا تنعقد يمينه ولا تجب بها كفارة وهذا مذهب مالك لانها يمين قارنها
مالا يتصور فلم تنعقد كيمين الغموس لان اليمين انما تنعقد على متصور أو متوهم التصور وليس ههنا واحد منهما وقال القاضي ينعقد موجبا للكفارة في الحال وهذا قول أبي يوسف والشافعي لانه حلف على فعل نفسه في المستقبل ولم يفعل فهو كما لو حلف ليطلقن امرأته فمات قبل طلاقها وبالقياس على المستحيل عادة، ولا فرق بين أن يعلم أو لا يعلم مثل أن يحلف ليشربن الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه فالحكم واحد فيمن علم انه لا ماء فيه ومن لم يعلم، ذكر شيخنا في الكتاب المشروح احياء الميت وقتله في المستحيل عقلا واحياء الميت متصور عقلا وانما هو مستحيل عادة فهو من النوع الثاني.
فأما قتل الميت فان أراد قتله حال موته فهو من المستحيل عقلا فيه من الخلاف ما ذكرنا، وإن حلف ليقتلن فلانا وهو ميت فهو كالمستحيل عادة فانه يتصور أن يحييه الله فيقتله فتنعقد يمينه على ما نذكره في المستحيل عادة (النوع الثاني) المستحيل عادة كصعود السماء والطيران وقطع المسافة البعيدة في المدة القليلة فإذا حلف على فعله انعقدت يمينه ذكره القاضي وابو الخطاب لانه يتصور وجوده فإذا حلف عليه انعقدت يمينه ولزمته الكفارة في الحال لانه مأيوس من البر فيها فوجبت الكفارة كما لو حلف ليطلقن امرأته فماتت.
(فصل) إذا قال والله ليفعلن فلان كذا أو لا يفعل كذا أو حلف على حاضر فقال والله لتفعلن كذا فأحنثه ولم يفعل فالكفارة على الحالف كذلك قال ابن عمر وأهل المدينة وعطاء وقتادة والاوزاعي وأهل العراق والشافعي لان الحالف هو الحانث فكانت الكفارة عليه كما لو كان هو الفاعل لما يحنثه
ولان سبب الكفارة إما اليمين أو الحنث أو هما وأي ذلك قدر فهو موجود في الحالف، وإن قال أسألك بالله لتفعلن وأراد اليمين فهي كالتي قبلها وإن أراد الشفاعة إليه بالله فليس بيمين ولا كفارة على واحد منها، وإن قال بانه لتفعلن فهي يمين لانه أجاب بجواب القسم إلا أن ينوي ما يصرفها وإن قال بالله أفعل فليست يمينا لانه لم يجبها بجواب القسم ولذلك لا يصلح أن يقول والله افعل ولا تالله أفعل وانما صلح ذلك في الباء لانه لا تختص القسم فيدل على انه سؤال فلا تجب به كفارة
* (الثاني) * لغو اليمين وهو أن يحلف على شئ يظنه حقا فيبين بخلافه فلا كفارة فيها أكثر أهل العلم على ان هذه اليمين لا كفارة فيها قاله ابن المنذر يروى هذا عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي مالك وزرارة بن أوفى والحسن والنخعي ومالك وأبي حنيفة والثوري وممن قال هذا لغو اليمين مجاهد وسليمان بن يسار والاوزاعي والثوري وابو حنيفة وأصحابه، واكثر اهل العلم على ان لغو اليمين لا كفارة فيه وقال ابن عبد البر اجمع المسلمون على هذا وقد حكي عن النخعي في اليمين على شئ يظنه حقا فيبين بخلافه انه من لغو اليمين وفيه الكفارة وهو احد قولي الشافعي وروي عن احمد ان فيه الكفارة وليس هو من لغو اليمين لان اليمين بالله وجدت مع المخالفة فاوجبت الكفارة كاليمين على مستقبل.
ولنا قول الله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم) ولانها يمين غير منعقدة فلم تجب فيها كفارة كيمين الغموس ولانه غير قاصد للمخالفة فاشبه ما لو حلف ناسيا، وفي الجملة لا كفارة في يمين على ماض لانها تنقسم ثلاثة أقسام ما هو صادق فيه فلا كفارة فيه إجماعا وما تعمد الكذب فيه فهو يمين
الغموس لا كفارة فيها لانها أعظم من ان تكون فيها كفارة وقد ذكرنا الخلاف فيها وما يظنه حقا فيبين بخلافه فلا كفارة فيها لانها من لغو اليمين * (فصل) * (الشرط الثاني ان يحلف مختارا، فان حلف مكرها لم تنعقد يمينه) وبه قال مالك والشافعي وذكر فيها أبو الخطاب روايتين [ احداهما ] تنعقد وهو قول أبي حنيفة لانها يمين مكلف فانعقدت كيمين المختار ولان هذه الكفارة لا تسقط بالشبهة فوجبت مع الاكراه ككفارة الصيد ولنا ما روى أبو امامة وواثلة بن الاسقع ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " ليس على مقهور يمين " ولانه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح مع الاكراه ككلمة الكفر، واما كفارة لصيد فلا تجب مع الاكراه فهي كمسئلتنا.
* (مسألة) * (وان سبقت اليمين على لسانه كقوله لا والله وبلى والله في عرض حديثه فلا كفارة عليه) هذا قول أكثر أهل العلم لانها من لغو اليمين نقل عبد الله عن ابيه انه قال اللغو عندي أن يحلف على اليمين يرى انها كذلك والرجل يحلف فلا يعقد قلبه على شئ وممن قال ان اللغو اليمين
التي لا ينعقد عليها قلبه عمر وعائشة رضي الله عنهما وبه قال عطاء والقاسم وعكرمة والشعبي والشافعي لما روي عن عطاء قال قالت عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يعني في اللغو في اليمين " هو كلام الرجل في بيته لا والله وبلى والله " اخرجه أبو داود قال ورواه الزهري وعبد الله بن ابي سليمان ومالك بن
مغول عن عطاء عن عائشة موقوفا، وروى الزهري أن عروة حدثه عن عائشة قالت إنما اللغو ما كان في المراء والهزل والمزاحة والحديث الذي لا ينعقد عليه القلب، وأيمان الكفارة كل يمين حلف عليها على وجه من الامر في غضب أو غيره ليفعلن أو ليتركن فذاك عقد الايمان التي فرض الله عزوجل فيها الكفارة ولان اللغو في كلام العرب غير المعقود عليه وهذا كذلك، وممن قال لا كفارة في هذا ابن عباس وأبو هريرة وأبو مالك وزرارة بن أوفى والحسن والنخعي ومالك وهو قول من قال إنه من لغو اليمين ولا نعلم في هذا خلافا ووجه ذلك قول الله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته إطعام عشرة مساكين) فجعل الكفارة لليمين التي يؤاخذ بها ونفى المؤاخذة باللغو فيلزم انتفاء الكفارة ولان المؤاخذة يحتمل ان يكون معناها إيجاب الكفارة بدليل انها تجب في الايمان التي لا يأتم فيها وإذا كانت المؤاخذة ايجاب الكفارة فقد نفاها في اللغو فلا تجب لانه قول من سمينا من الصحابة ولم نعرف لهم مخالفا في عصرهم فكان إجماعا ولان قول عائشة في تفسير اللغو وبيان الايمان التي فيها الكفارة خرج منها تفسيرا لكلام الله تعالى وتفسير الصحابي مقبول: * (فصل) * (الشرط الثالث في الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف عن تركه أو يترك ما حلف عن فعله مختارا ذاكرا وان فعله مكرها أو ناسيا فلا كفارة عليه وعنه على الناسي كفارة) إذا حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا فلا كفارة عليه، نقله عن أحمد الجماعة إذا كان في غير الطلاق والعتاق وهذا ظاهر المذهب، اختاره الخلال وصاحبه فأما الطلاق والعتاق فانه يحنث فيهما في ظاهر المذهب وعنه لا يحنث في الطلاق والعتاق أيضا، وهو قول عطاء وعمرو بن دينار واسحاق وهو ظاهر مذهب الشافعي لقوله تعالى (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم
" إن الله تجاوز عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ولانه غير قاصد للمخالفة فلم يحنث كالنائم والمجنون لانه أحد طرفي اليمين فاعتبر فيه القصد كحالة الانتهاء بها وعن أحمد رواية أخرى أنه يحنث وتلزمه الكفارة في اليمين المكفرة وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد والزهري وقتادة وربيعة ومالك وأصحاب الرأي والقول الثاني للشافعي لانه خالف ما حلف عليه قاصدا لفعله فلزمه الحنث كالذاكر وكما لو كانت اليمين بالطلاق والعتاق ولنا على أن الكفارة لا تجب في اليمين المكفر (1) ما تقدم من الآية والخبر، ولانها تجب لمحو الاثم ولا اثم على الناسي، وأما الطلاق والعتاق فهو معلق بشرط فيقع بوجود شرطه من غير قصد كما لو قال أنت طالق ان طلعت الشمس أو قدم الحاج (فصل) فان فعله غير عالم بالمحلوف عليه كرجل حلف لا يكلم فلانا فسلم عليه يحسبه أجنبيا أو حلف لا يفارقه حتى يستوفي حقه فأعطاه ففارقه ظنا منه أنه قد برأ فوجده معيبا أو رديئا أو حلف لا بعت لزيد ثوبا فوكل زيد من يدفعه إلى من يبيعه فدفعه إلى الحالف فباعه من غير علمه فهو كالناسي لانه غير قاصد للمخالفة أشبه الناسي (فصل) والمكره على الفعل ينقسم قسمين (أحدهما) أن يلجأ إليه مثل من حلف لا يدخل دارا فحمل فادخلها أو لا يخرج منها فاخرج محمولا ولم يمكنه الامتناع فلا يحنث في قول الاكثرين وبه قال أصحاب الرأي وقال مالك ان دخل مربوطا لم يحنث وذلك لانه لم يفعل الدخول والخروج فلم يحنث كما لو لم يوجد ذلك (الثاني) أن يكره بالضرب والتهديد بالقتل ونحوه فقال أبو الخطاب فيه روايتان كالناسي وللشافعي قولان وقال أبو حنيفة ومالك يحنث لان الكفارة لا تسقط بالشبهة فوجبت مع الاكراه والنسيان ككفارة الصيد
__________
(1) أي في النسيان
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " عفي لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ولانه نوع اكراه
فلم يحنث به كما لو حمل ولم يمكنه الامتناع لان الفعل لا ينسب إليه فاشبه من لم يفعله ولا نسلم الكفارة في الصيد بل انما تجب على المكره * (مسألة) * (فان حلف فقال ان شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إذا كان متصلا بيمينه) وجملة ذلك أن الحالف إذا قال ان شاء الله مع يمينه فهذا يسمى استثناء.
قال ابن عمر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث فعل أو ترك " رواه أبو داود، وأجمع العلماء على تسميته استثناء وانه متى استثنى في يمينه لم يحنث فيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث " رواه الترمذي وروى أبو داود " من حلف فاستثنى فان شاء رجع وان شاء ترك " ولانه متى قال لافعلن ان شاء الله فقد علمنا انه متى شاء الله فعل ومتى لم يفعل لم يشاء الله ذلك فان ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن.
إذا ثبت هذا فانه يشترط أن يكون الاستثناء متصلا باليمين بحيث لا يفصل بينهما بكلام اجنبي ولا يسكت بينهما سكوتا يمكنه الكلام فيه فاما السكوت لانقطاع نفسه أو صوته أوعي أو عارض من عطشة أو شئ غيرها فلا يمنع صحة الاستثناء وثبوت حكمه وبهذا قال مالك والثوري وأبو عبيد واسحاق وأصحاب الرأي لان النبي صلى الله عليه وسلم قال " من حلف فاستثنى " وهذا يقتضي كونه عقيبه ولان الاستثناء من تمام الكلام فاعتبر اتصاله به كالشرط وجوابه وخبر المبتدأ والاستثناء بالا، ولان الحالف إذا سكت ثبت حكم يمينه وانعقدت موجبة لحكمها وبعد ثبوته لا يمكن رفعه ولا تغييره، قال أحمد حديث النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك " ولم يقل فاستثن ولو جاز الاستثناء في كل حال لم
يحنث حالف به، وعن أحمد رواية أخرى انه يجوز الاستثناء إذا لم يطل الفصل بينهما قال في رواية المروذي حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " والله لاغزون قريشا " ثم سكت ثم قال " إن شاء الله " انما هو استثناء بالقرب ولم يخلط كلامه بغيره، ونقل عنه إسماعيل بن سعيد مثل هذا وزاد ولا أقول فيه بقول هؤلاء يعني لم ير ذلك إلا متصلا ويحتمله كلام الخرقي فانه قال إذا لم يكن بين اليمين والاستثناء كلام ولم يشترط اتصال الكلام وعدم السكوت وهذا قول الاوزاعي قال في رجل قال لا أفعل
كذا كذا ثم سكت ساعة لا يتكلم ولا يحدث نفسه بالاستثناء فقال له انسان قل إن شاء الله أيكفر عن يمينه؟ قال أراه قد استثنى وقال قتادة له أن يستثني قبل أن يقوم أو يتكلم، ووجه ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم استثنى بعد سكوته إذ قال " والله لاغزون قريشا " ثم سكت ثم قال " إن شاء الله " احتج به أحمد ورواه أبو داود، وقال الوليد بن مسلم لم يغزهم، ويشترط على هذا الرواية أن لا يطيل الفصل بينهما ولا يتكلم بينهما بكلام أجنبي، وحكي ابن أبي موسى عن بعض اصحابنا انه قال يصح الاستثناء مادام في المجلس وحكي ذلك عن الحسن وعطاء.
وعن عطاء انه قال قدر حلب الناقة العزوزة، وعن ابن عباس ان له أن يستثني بعد حين وهو قول مجاهد وهذا القول لا يصح لما ذكرناه وتقديره بمجلس أو غيره لا يصح لان التقديرات بابها التوقيف فلا يصار إليه بالتحكم (فصل) ويشترط أن يستثني بلسانه ولا ينفعه الاستثناء بالقلب في قول عامة أهل العلم منهم الحسن والنخعي ومالك والثوري والاوزاعي والليث والشافعي وإسحاق وابو ثور وابو حنيفة وابن المنذر ولا نعلم فيه مخالفا لان النبي صلى الله عليه وسلم قال " من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث " والقول هو النطق ولان اليمين لا تنعقد بالنية وكذلك الاستثناء، وقد روي عن أحمد ان كان مظلوما فاستثنى
في نفسه رجوت أن يجوز إذا خاف على نفسه فهذا في حق الخائف على نفسه لان يمينه غر منعقدة أو لانه بمنزلة المتأول وأما في حق غيره فلا (فصل) واشترط القاضي قصد الاستثناء فلو أراد الجزم فسبق لسانه إلى الاستثناء من غير قصد أو كانت بمادته جاربة بالاستثناء فجرى على لسانه من غير قصد لم يصح لان اليمين لما لم تنعقد من غير قصد فكذلك الاستثناء وهذا مذهب الشافعي وذكر بعضهم انه لا يصح الاستثناء حتى يقصده مع ابتدائه، فلو حلف غير قاصد للاستثناء ثم عرض له بعد فراغه من اليمين فاستثنى لم ينفعه وهذا القول يخالف عموم الخبر هو قوله عليه السلام " من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث " فلا يصح ولان لفظ الاستثناء يكون عقيب يمينه فكذلك نيته (فصل) ويصح الاستثناء في كل يمين مكفرة كاليمين بالله تعالى والظهار والنذر قال ابن أبي موسى
من استثنى في يمين تدخلها كفارة فله ثنياه لانها ايمان مكفرة فدخلها الاستثناء كاليمين بالله تعالى فلو قال أنت علي كظهر أمي ان شاء الله أو لله علي أن أتصدق بمائة درهم ان شاء الله لم يلزمه شئ لانها ايمان فتدخل في عموم قوله " من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث " (فصل) فان قال والله لاشربن اليوم إلا أن يشاء الله أو لا أشرب إلا أن يشاء الله لم يحنث بالشرب ولا تركه لما ذكرنا في الاثبات ولا فرق بين تقديم الاستثناء وتأخيره في هذا كله، فإذا قال والله إن شاء الله لا أشرب اليوم أو لا أشربن ففعل أو ترك لم يحنث لان تقديم الشرط وتأخيره سواء قال الله تعالى (إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد) (فصل) فان قال والله لاشربن اليوم إن شاء زيد فشاء زيد ولم يشرب حتى مضى اليوم حنث
وان لم يشأ زيد تلزمه يمين، فان لم تعلم مشيئته لغيبة أو جنون أو موت انحلت اليمين لانه لم يوجد الشرط، وان قال والله لا أشرب إلا أن يشاء زيد فقد منع نفسه الشرب إلا أن توجد مشيئة زيد فان شاء فله الشرب وان لم يشأ لم يشرب، وإن خفيت مشيئته لغيبة أو موت أو جنون لم يشرب وان شرب حنث لانه منع نفسه الا أن توجد المشيئة (1) فيكذب ولكن غفر الله له بتوحيده، وأما الافراط في الحلف فانه انما كره لانه لا يكاد يخلو من الكذب والله أعلم وأما قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) فمعناه لا تجعلوا ايمانكم بالله مانعة لكم من البر والتقوى والاصلاح بين الناس وهو ان يحلف بالله أن لا يفعل برا ولا تقوى ولا يصلح بين الناس ثم يمتنع من فعله ليبر في يمينه ولا يحنث فيها فنهوا عن المضي فيها، قال احمد وذكر حديث ابن عباس باسناده في قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الرجل يحلف أن لا يصل قربته وقد جعل الله له مخرجا في التكفير فأمره أن لا يعتل بالله وليكفر وليبر وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لان يستلج أحدكم في يمينه آثم له عند الله من أن يؤدي الكفارة التي فرض الله عليه " وان كان النهي عاد إلى اليمين فالمنهي عنه الحلف على ترك البر والتقوى والاصلاح بين الناس لا على كل يمين فلا حجة فيها لهم إذا * (مسألة) * (فان دعي إلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب له افتداء يمينه فان حلف فلا بأس)
قال أصحابنا تركه أولى فيكون مكروها وبه قال أصحاب الشافعي لما روي ان المقداد وعثمان تحاكما إلى عمر في مال استقرضه المقداد فجعل عمر اليمين على المقداد فردها على عثمان فقال عمر: لقد أنصفك فأخذ عثمان ما أعطاه المقداد ولم يحلف وقال خفت أن يوافق قدر بلاء فيقال بيمين عثمان.
والصحيح انه لا يكره بل مباح فعله كتركه لان الله سبحانه وتعالى أمر نبيه عليه السلام بالحلف على الحق في ثلاثة
__________
(1) كذا في الاصل وفيه نقص يراجع في المغني في مظنته
مواضع فقال (ويستنبئونك أحق هو؟ قل اي وربي انه لحق) والثاني قوله (قل بلى وربي لتأتينكم) والثالث (قل بلى وربي لتبعثن) وروى محمد بن كعب القرظي ان عمر قال على المنبر وفي يده عصا يا أيها الناس لا يمنعكم اليمين من حقوقكم فو الذي نفسي بيده ان في يدي لعصا، وروى الشعبي ان عمرو أبيا احتكما إلى زيد في نخل ادعاه أبي فتوجهت اليمين على عمر فقال زيد اعف أمير المؤمنين فقال عمر ولم يعفي أمير المؤمنين؟ ان عرفت شيئا استحققته بيميني وإلا تركته والذي لا إله إلا هو ان النخل لنخلي وما لابي فيه حق فلما خرجا وهب النخل لابي فقيل له يا أمير المؤمنين هلا كان هذا قبل اليمين؟ فقال خفت أن لا أحلف فلا يحلف الناس على حقوقهم بعدي فتكون سنة ولانه حلف صدق على حق فأشبه الحلف عن غير الحاكم * (فصل) * قال رحمه الله: وإن حرم أمته أو شيئا من الحلال لم يحرم وعليه كفارة يمين ان فعله ويحتمل أن يحرم تحريما تزيله الكفارة وقال أبو حنيفة يحرم لقول الله تعالى (لم تحرم ما أحل الله لك؟) وقوله (قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم) ولانه تحريم للحلال فحرم كتحريم الزوجة ولنا انه إذا أراد التكفير فله فعل المحلوف عليه وحل فعله مع تركه محرما تناقض، والعجب ان أبا حنيفة لا يجيز التكفير إلا بعد الحنث وقد فرض الله تعالى تحلة اليمين، فعلى قوله يلزم كون المحرم مفروضا أو من ضرورة المفروض لانه لا تحصل التحلة إلا بفعل المحلوف وهو عنده محرم وهذا غير جائز، ولانه لو كان محرما لوجب تقديم الكفارة عليه كالظهار ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال
" إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك " فأمر بفعل المحلوف عليه ولو كان محرما لم يأمر بفعله وسماه خيرا والمحرم ليس بخير
واما الآية فالمراد بها قوله هو علي حرام أو منع نفسه منه وذلك ليس يسمى تحريما قال الله تعالى (يحلونه عاما ويحرمونه عاما) وقال (وحرموا ما رزقهم الله) ولم يثبت فيه التحريم حقيقة ولا شرعا فإذا قال هذا حرام علي إن فعلت وفعل أو ما أحل الله علي حرام إن فعلت ثم فعل فهو مخير ان شاء ترك ما حرمه على نفسه وإن شاء كفر، وإن قال هذا الطعام حرام علي فهو كالحالف على تركه، ويروي نحو هذا عن ابن مسعود والحسن وجابر بن زيد وقتادة واسحاق وأهل العراق وقال سعيد بن جبير فيمن قال الحل علي حرام يمين من الايمان يكفرها، وقال الحسن هي يمين إلا أن ينوي امرأته، وعن ابراهيم مثله، وعنه إن نوى طلاقا وإلا فليس بشئ، وعن الضحاك أن أبا بكر وعمر وابن مسعود قالوا الحرام يمين، وقال طاوس هو ما نوى، وقال مالك والشافعي ليس بيمين ولا شئ عليه لانه قصد تغيير المشروع فلغا ما قصده كما لو قال هذه ابنتي ولنا قوله الله تعالى (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى قوله - قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) سمى تحريم ما أحل الله يمينا وفرض له تحلة وهو الكفارة.
وقالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواصيت انا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل اني اجد منك ريح مغافير فدخل على أحدانا فقالت له ذلك فقال " لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود " فنزلت (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك؟) متفق عليه فان قيل انما نزلت الآية في تحريم مارية القبطية كذلك قال الحسن وقتادة قلنا ما ذكرناه أصح فانه متفق عليه وقول عائشة صاحبة القصة الحاضرة للتنزيل المشاهدة للحال أولى والحسن وقتادة لو سمعا قول عائشة لم يعدلا به شيئا ولم يصيرا إلى غيره فكيف يصار إلى قولهما ويترك قولها؟
وقد روي عن ابن عباس وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه جعل تحريم الحلال يمينا ولو ثبت ان
الآية نزلت في تحريم مارية كان حجة لنا لانها من الحلال الذي حرم وليست زوجة فوجوب الكفارة بتحريمها يقتضي وجوبها بتحريم كل حلال بالقياس عليها لانه حرم الحلال فأوجب الكفارة كتحريم الامة المزوجة وما ذكروه يبطل بتحريمها.
إذا ثبت هذا فعليه ان فعله كفارة يمين لقوله عليه السلام " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك " متفق عليه ولان النبي صلى الله عليه وسلم لما حرم العسل أو مارية أنزل الله سبحانه (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) قال الحسن سمي تحريم ما أحل الله يمينا وفرض له تحلة وهي الكفارة ويحتمل أن يحرم تحريما تزيله الكفارة لانه تحريم يوجب الكفارة بالفعل فحرم ما حرمه كالظهار * (مسألة) * (وإن قال هو يهودي أو نصراني أو برئ من الله تعالى أو من القرآن أو الاسلام أو النبي عليه السلام) إن فعل ذلك فقد فعل محرما لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " من حلف على ملة غير الاسلام كاذبا معتمدا فهو كما قال " متفق عليه، وفي لفظ " من حلف انه برئ من الاسلام فان كان قد كذب فهو كما قال، وإن كان صادقا لم يرجع إلى الاسلام سالما " * (مسألة) * (وعليه كفارة إن فعل في إحدى الروايتين) اختلفت الرواية عن احمد في الحالف بالخروج من الاسلام مثل أن يقول هو يهودي أو نصراني أو مجوسي إن فعل كذا، وهو برئ من الاسلام أو من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يقول هو يعبد الصليب أو يعبد غير الله إن فعل أو نحو هذا إن فعل فعن احمد عليه الكفارة.
إذا حنث يروى هذا عن
طاوس والحسن والشعبگ والثوري والاوزاعي واسحاق وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن زيد ابن ثابت رضي الله عنه (والثانية) لا كفارة عليه وهو قول مالك والشافعي والليث وابي ثور وابن المنذر لانه لم يحلف باسم الله ولا صفته فلم تلزمه كفارة كما لو قال عصيت الله فيما أمرني به ويحتمل أن يحمل كلام احمد في الرواية الاولى على الندب دون الايجاب فانه قال في رواية حنبل إذا قال أكفر بالله أو أشرك
بالله فاحب إلي أن يكفر كفارة يمين إذا حنث - ووجه الرواية الأولى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن الرجل يقول هو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو برئ من الاسلام في اليمين يحلف بها فيحنث في هذه الاشياء؟ قال " عليه كفارة يمين " أخرجه أبو بكر، ولا البراءة من هذه الاشياء توجب الكفر بالله فكان الحلف بها يمينا كالحلف بالله تعالى.
قال شيخنا والرواية الثانية أصح ان شاء الله تعالى فان الوجوب من الشارع ولم يرد في هذه اليمين نص ولا هي في قياس المنصوص فان الكفارة انما وجبت بالحلف باسم الله تعظيما لاسمه واظهارا لشرفه وعظمته ولا تتحقق التسوية * (مسألة) * (وإن قال أنه أستحل الزنا ونحوه فعلى وجهين) وكذلك إن قال انا أستحل ترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام فهو كالحلف بالبراءة من الاسلام لان استحلال ذلك يوجب الكفر فيخرج على الروايتين في المسألة قبلها * (مسألة) * (وإن قال عصيت الله أو انا أعصي الله في كل ما أمرني به أو محوت المصحف إن فعلت كذا وحنث فلا كفارة)
نص عليه احمد وبه قال عطاء والثوري وابو عبيد وأصحاب الرأي، وقال طاوس والليث عليه الكفارة وبه قال الاوزاعي إذا قال عليه لعنة الله ولنا ان هذا لا يوجب الكفر أشبه ما لو قال محوت المصحف، وإن قال لا يراني الله في موضع كذا إن فعلت وحنث فقال القاضي عليه كفارة، وذكر ان احمد نص عليه والصحيح ان هذا لا كفارة فيه لان إيجابها في هذا ومثله تحكم بغير نص.
لا قياس صحيح * (مسألة) * (وإن قال عبد فلان حر لافعلن فليس بشئ وعنه عليه كفارة ان حنث) أما إذا قال عبد فلان حر من غير تعليق لم يلزمه شئ وكذلك إن علقه لان تعليق الشئ بالشرط أثره في أن يصير عند الشرط كالمعلق فإذا كان المعلق لا يوجب شيئا فكذلك المعلق، ولا يعتق العبد إذا حنث بغير خلاف لانه لا يعتق بغير تنجيز العتق فالتعليق أولى وهل تلزمه كفارة؟ فيه روايتان
عن احمد ذكرهما ابن ابي موسى (احداهما) عليه كفارة لانه حلف بالعتق فيما لا يقع بالحنث فلزمته كفارة كما لو قال فلله علي ان أعتق فلانا (والثانية) لا كفارة عليه لانه حلف باخراج مال غيره فلم يلزمه شئ كما لو قال مال فلان صدقة إن دخلت الدار ولانه تعليق للعتق على صفة فلم تجب به كفارة كسائر التعليق، أما إذا قال لله علي ان أعتق عبدا فانه نذر فاوجب الكفارة بكون النذر كاليمين وتعليق العتق خلافه (فصل) وإن قال إن فعلت كذا فمال فلان صدقة أو فعلى فلان حجة أو فمال فلان حرام عليه
أو هو برئ من الاسلام وأشباه هذا فليس ذلك بيمين ولا تجب به كفارة لا نعلم بين أهل العلم فه خلافا لانه لم يرد الشرع فيه بكفارة ولا هو في معنى ما ورد الشرع به * (مسألة) * (وإن قال أيمان البيعة تلزمني فهي يمين رتبها الحجاج تشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال فان كان الحالف يعرفها ونواها انعقد يمينه بما فيها والا فلا شئ عليه، ويحتمل أن لا تنعقد إلا في الطلاق والعتاق) قال أبو عبد الله بن بطة كنت عند ابي القاسم الخرقي وقد سأله رجل عن أيمان البيعة فقال لست أفتي فيها بشئ ولا رأيت أحدا من شيوخنا يفتي في هذه اليمين قال وكان ابي رحمه الله يعني الحسين يهاب الكلام فيها، قال أبو القاسم إلا أن يلتزم الحالف بها بجميع ما فيها من الايمان فقال له السائل عرفها ام لم يعرفها؟ قال نعم وكانت اليمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمصافحة فلما ولي الحجاج رتبها ايمانا تشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال فمن لم يعرفها لم تنعقد يمينه بشئ مما فيها لان هذا ليس بصريح في القسم والكناية لا تصح إلا بالنية ومن لم يعرف شيئا لم يصح أن ينويه وإن عرفها ولم ينو عقد اليمين بما فيها لم يصح أيضا لما ذكرناه ومن عرفها ونوى اليمين بما فيها انعقد في الطلاق والعتاق لان اليمين بها تنعقد بالكناية، وما عدا الطلاق والعتاق كاليمين بالله تعالى وصدقة المال فقال القاضي تنعقد يمينه ههنا أيضا لانها يمين فتنعقد بالكناية المنوية كالطلاق والعتاق وكما لو لفظ بكل واحدة وحدها وقال في موضع لا تنعقد اليمين بالله بالكناية، وهو مذهب الشافعي، لان الكفارة إنما وجبت
فيها لما ذكر فيها من اسم الله تعالى المعظم المحترم ولا يوجد ذلك في الكناية.
* (مسألة) * (وان قال علي نذر أو يمين ان فعلت كذا وفعله فقال أصحابنا عليه كفارة يمين).
لما روى ابن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كفارة النذر إذا لم يسم كفارة اليمين " قال الترمذي هذا حديث صحيح.
* (فصل) * في كفارة اليمين قال الشيخ رحمه الله: والاصل في كفارة اليمين الكتاب والسنة والاجماع، أما الكتاب فقول الله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان) فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون اهيكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) الآية، وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك " في اخبار سوى هذا، واجمع المسلمون على مشروعية الكفارة في اليمين بالله تعالى.
* (مسألة) * (وهي تجمع تخييرا وترتيبا فيخير بين ثلاثة أشياء اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة) لما ذكرنا في الآية.
وقد سبق شرح العتق والاطعام في كفارة الظهار، كسوة المساكين للرجل ثوب يجزئه ان يصلي فيه وللمرأة درع وخمار ولا خلاف في أن كسوة أحد أصناف الكفارة لنص الله عليها في كتابه بقوله (أو كسوتهم) وتتقدر الكسوة بما تجزئ الصلاة فيه على ما ذكرنا، وهذا قول مالك، وممن قال لا تجزئه السراويل وحدها الاوزاعي وأبو يوسف وقال ابراهيم ثوب جامع، وقال الحسن كل مسكين حلة ازار ورداء، وقال ابن عمر وعطاء وطاوس ومجاهد وعكرمة وأصحاب الرأي يجزئه ثوب ثوب ولم يفرقوا بين الرجل والمرأة، وروى الحسن قال تجزئ العمامة، وقال سعيد بن المسيب عباءة وعمامة، وفي القلنسوة وجهان، واحتجوا بان ذلك يقع عليه اسم الكسوة فأجزأ كالذي تجوز الصلاة فيه.
ولنا أن الكسوة أحد أنواع الكفارة فلم يجز فيه ما يقع عليه الاسم كالاطعام والاعتاق ولان التكفير عبادة تعتبر فيها الكسوة فلم يجز فيه اقل مما ذكرناه كالصلاة ولانه مصروف للمساكين في الكفارة فيقدر كالاطعام، ولان اللابس ما لا يستر عورته يسمى عريانا فلم يجزئه لقول الله تعالى (أو كسوتهم) إذا ثبت هذا فانه إذا كسا امرأة اعطاها درعا وخمارا على ما ذكرنا لانه اقل ما يستر عورتها وتجزئها الصلاة فيه، وان اعطاها ثوبا واسعا يمكنها أن تستر به بدنها ورأسها أجزأه ذلك والرجل يجزئه إذا كساه ثوب أو قميص يمكنه ان يستر به عورته ويجعل على عاتقه منه شيئا أو ثوبين يأتزر باحدهما ويرتدي بالآخر، ولا يجزئه مئزر وحده ولا سراويل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يصلي احدكم في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شئ " ويجوز ان يكسوهم من جميع أصناف الكسوة من القطن والكتان والصوف والشعر والوبر والخز والحرير، لان الله تعالى امر بكسوتهم ولم يعين جنسها فاي جنس كساهم منه خرج عن العهدة لوجود الكسوة المأمور بها، ويجوز ان يكسوهم جديدا ولبيسا إلا أن يكون قد بلي وذهبت منفعته فلا يجوز لانه معيب فهو كالحب المعيب والرقبة إذا ذهبت منفعتها وسواء كان ما أعطاهم مصبوغا أولا أو خاما أو مقصورا لانه تحصل به الكسوة المأمور بها والمنفعة المقصودة بها.
(فصل) والذي تجزئ كسوتهم هم المساكين الذين يجزئ اطعامهم، لان الله تعالى قال (فاطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم) فينصرف الضمير إليهم.
و * (مسألة) * (فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة ان شاء قبل الحنث وان شاء بعده ولا يجوز تقديمها على اليمين).
إذا عجز عن العتق والاطعام والكسوة أجزأه صيام ثلاثة أيام للآية وقد ذكرنا صفة العجز
في كفارة الظهر في العجز عن الرقبة، ويشترط التتابع في صوم الايام الثلاثة وعنه لا يشترط لان الامر بصومها مطلق فلم يجز بغير دليل والاول ظاهر المذهب لان في قراءة أبي وابن مسعود (فصيام ثلاثة ايام متتابعات) والظاهر انهما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون خبرا ولانه صوم في كفارة فلا ينتقل
عنه إلا بعد العجز عن العتق فوجب التتابع كصوم المظاهر.
* (مسألة) * (وهو مخير في التكفير ان شاء قبل الحنث وان شاء بعده) سواء كان صوما أو غيره فيما سوى الظهار في قول اكثر اهل العلم منهم مالك وممن روي عنه تقديم التكفير على الحنث عمر بن الخطاب وابنه وابن عباس وسلمان الفارسي ومسلمة بن مخلد رضي الله عنهم، وبه قال الحسن وابن سيرين وربيعة والاوزاعي والثوري وابن المبارك واسحاق وابو عبيد وأبو خيثمة وسليمان بن داود، وقال اصحاب الرأي لا تجزئ الكفارة قبل الحنث لانه تكفير قبل وجود سببه فاشبه ما لو كفر قبل اليمين، ودليل ذلك ان سبب التكفير الحنث وهو هتك الاسم المعظم المحترم ولم يوجد وقال الشافعي كقولك في الاعتاق والاطعام والكسوة وكقولهم في الصيام من أجل انه عبادة بدنية فلم يجز فعله قبل وجوبه لغير مشقة كالصيام.
ولنا ما روى عبد الرحمن بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير " رواه أبو داود وقد روى أبو هريرة وابو الدرداء وعدي بن حاتم رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك، رواه الاثرم وعن ابي موسى عن النبي
صلى الله عليه وسلم انه قال " اني ان شاء الله لا احلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها لا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير، أو أتيت الذى هو خير وكفرت عن يميني " رواه البخاري ولانه كفر بعد وجود السبب فأجزأ كما لو كفر بعد الجرح وقبل الزهوق والسبب هو اليمين بدليل قوله تعالى (ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) وقوله سبحانه (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) وقول النبي صلى الله عليه وسلم " وكفرت عن يميني فكفر عن يمينك " وتسمية الكفارة كفارة اليمين وبهذا ينفصل عما ذكروه وعلى هذا فالحنث شرط وليس بسبب، ولان تعجيل حق الله تعالى في المال بعد وجود سببه قبل وجود شرطه جائز بدليل تعجيل الزكاة بعد وجوب النصاب وقبل الحول وكفارة القتل بعد الجرح وقبل الزهوق، قال ابن عبد البر العجب من أصحاب أبي حنيفة أجازوا تعجيل الزكاة من غير ان يرووا فيها مثل هذه الآثار الواردة في تقديم الكفارة وأبوا تقديم الكفارة ههنا مع كثرة الرواية الواردة فيها والحجة
في السنة ومن خالفها محجوج بها، فاما أصحاب الشافعي فهم محجوجون بالاحاديث مع انهم قد احتجوا بها في البعض وخالفوها في البعض، وفرقوا ما جمع بينه النص ولان الصيام نوع تكفير فجاز قبل الحنث كالتكفير بالمال، وقياس الكفارة على الكفارة أولى من قياسها على الصلاة المفروضة باصل الوضع، أما تقديمها على اليمين فلا يجوز عند أحد من العلماء لانه تقديم للحكم قبل سببه فلم يجز كتقديم الزكاة قبل ملك النصاب وكفارة القتل قبل الجرح.
(فصل) والتكفير قبل الحنث وبعده سواء في الفضيلة، وقال ابن أبي موسى بعده أفضل عند احمد وهو قول مالك والثوري والشافعي لما فيه من الخروج من الخلاف وحصول النفس ببراءة الذمة.
ولنا ان الاحاديث الواردة فيه فيها التقديم مرة والتأخير أخرى وهذا دليل التسوية، ولانه
تعجيل مال يجوز تعجيله قبل وجوبه فلم يكن التأخير أفضل كتعجيل الزكاة وكفارة القتل وما ذكروه معارض بتعجيل النفع للفقراء والتبرع بما لم يجب عليه، والخلاف المخالف لا يوجب تفضيل المجمع عليه كترك الجمع بين الصلاتين.
(فصل) فان كان الحنث في اليمين محظورا فجعل الزكاة قبله ففيه وجهان (احدهما) يجزئه لانه عجل الكفارة قبل سببها فأجزأته كما لو كان الحنث مباحا (والثاني) لا يجزئه لان التعجيل رخصة فلا يستباح بالمعصية كالقصر في سفر المعصية والحديث لم يتناول المعصية فانه قال " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها " ولاصحاب الشافعي في هذا وجهان كما ذكرنا * (مسألة) * (ومن كرر ايمانا قبل التكفير فكفارة واحدة وعنه لكل يمين كفارة) وإذا كرر أيمانا قبل التكفير مثل ان قال والله لاغزون قريشا والله لاغزون قريشا والله لاغزون قريشا فحنث فليس عليه الا كفارة واحدة، وكذلك ان حلف بايمان كقوله والله وعهد الله وميثاقه وقدرته وكلامه وكبريائه على شئ واحد روي نحو هذا عن ابن عمر وبه قال الحسن وعروة واسحاق، وروي أيضا عن عطاء وعكرمة والنخعي وحماد والاوزاعي، وقال أبو عبيد فيمن قال علي عهد الله وميثاقه وكفالته
ثم حنث فعليه ثلاث كفارات، وقال اصحاب الرأي عليه لكل يمين كفارة الا ان ينوي التأكيد أو التفهيم ونحوه عن الثوري وأبي ثور، وعن أحمد مثل ذلك وعن الشافعي قولان كالمذهبين، وعن عمرو بن دينار إن كان في مجلس واحد كقولنا وإن كان في مجالس كقولهم، واحتجوا بأن أسباب الكفارات تكررت فتكرر في الكفارات كالقتل لآدمي أو صيد حربي ولان اليمين الثانية مثل الاولى فتقتضي ما تقتضيه ولنا أنه حنث واحد أوجب جنسا واحدا من الكفارات فلم يجب به أكثر من كفارة كما
لو قصد التأكيد، قولهم انها اسباب تكررت ممنوع فان السبب الحنث وهو واحد سلمنا فينتقض بما إذا كرر الوطئ في رمضان في أيام وبالحدود إذا تكررت أسبابها، ولا يصح القياس على الصيد الحرمي لان الكفارة بدل ولذلك تزداد بكبر الصيد وتقدر بقدرة فهي كدية القتل ولا على كفارة قتل الآدمي لانها اجريت مجرى البدل أيضا لحق الله تعالى لانه لما اتلف آدميا عابدا لله تعالى ناسب ان يوجد عبدا يقوم مقامه في العبادة فلما عجز عن الايجاد لزمه اعتاق رقبة لان العتق ايجاد للعبد بتخليصه من رق العبودية وشغلها إلى فراغ البال للعبادة بالحريه التي حصلت بالاعتاق ثم الفرق ظاهر لان السبب ههنا تكرر بكماله وشروطه وفي محل النزاع لم يوجد ذلك لان الحنث، اما ان يكون هو السبب أو جزءا منه أو شرطا له بدليل توقف الحكم على وجوده وأياما كان فلم يتكرر فلم يجز وإن صح القياس فقياس كفارة اليمين على مثلها اولى من قياسها على القتل لبعد ما بينهما * (مسألة) * (والظاهر فيما إذا كرر الايمان انها ان كانت على فعل واحد فكفارة واحدة وان كانت على أفعال فعليه لكل يمين كفارة) ولانها إذا كانت على فعل واحد كان سببها واحدا فالظاهر أنه اراد التوكيد لذلك كقول النبي صلى الله عليه وسلم " والله لاغزون قريشا " قالها ثلاثا وإن كانت على أفعال فعليه لكل يمين كفاره وهو ظاهر كلام الخرقي ورواه المروذي عن أحمد وهو قول أكثر اهل العلم وقال أبو بكر تجزئه كفارة واحدة رواها ابن منصور عن احمد قال القاضي هي الصحيحة وقال أبو بكر ما نقله المروذي عن أحمد قول لابي عبد الله، ومذهبه أن كفارة واحدة تجزئه وهو قول اسحاق لانها كفارات من
جنس واحد فتداخلت كالحدود من جنس واحد وان اختلفت محالها بان سرق من جماعة أو زنى بنساء ولنا أنهن ايمان لا يحنث في احداهن بالحنث في الاخرى فلم تكفر احداهما بكفارة الاخرى كما لو كفر عن احداهما قبل الحنث في الاخرى وكالايمان المختلفة الكفارة وبهذا فارق الايمان على شئ واحد فانه متى حنث في احداهما كان حانثا في الاخرى فلما كان الحنث واحدا كانت الكفارة واحدة وههنا تعذر الحنث فتعذرت الكفارات، وفارق الحدود فانها وجبت للزجر وتندرئ بالشبهات بخلاف مسئلتنا ولان الحدود عقوبة بدنية والموالاة بينها ربما افضى إلى التلف فاجتزئ باحداها وههنا اخراج مال يسير أو صيام ثلاثة أيام فلا يلزم الضرر الكبير بالموالاة فيه ولا يخشى منه التلف (فصل) إذا حلف يمينا واحدة على أجناس مختلفة فقال والله لا أكلت ولا شربت ولا لبست فحنث في الجميع فكفارة واحدة لا نعلم فيه خلافا لان اليمين واحدة والحنث واحد فانه يحنث بفعل واحد من المحلوف عليه وتنحل يمينه، وإن حلف أيمانا على أجناس فقال والله لا أكلت والله لا شربت والله لا لبست فحنث في واحدة منها فعليه كفارة، فان أخرجها ثم حنث في يمين أخرى لزمته كفارة أخرى لا نعلم في هذا خلافا لان الحنث في الثاني تجب به الكفارة بعد ان كفر عن الاولى فاشبه ما لو وطئ في رمضان فكفر ثم وطئ مرة أخرى فان حنث في الجميع قبل التكفير ففيه روايتان ذكرناهما في المسألة قبل هذا الفصل * (مسألة) * (وان كانت الايمان مختلفة الكفارة كالظهار واليمين بالله فلكل يمين كفارتها مثل ان يحلف بالله تعالى وبالظهار وبعتق عبده فإذا وجبت فعليه كفارة يمين وكفارة ظهار ويعتق العبد)
لان تداخل الاحكام انما يكون مع اتحاد الجنس كالحدود من جنس فأما الكفارات فمن أجناس وأسبابها مختلفة فلم تتداخل كحد الزنا والسرقة والقذف والشرب * (مسألة) * (وكفارة العبد الصيام وليس لسيده منعه منه ومن بعضه حر فحكمه في الكفارة حكم الاحرار) لا خلاف في ان العبد يجزئه الصيام في الكفارة ولان ذلك فرض المعسر من الاحرار وهو
أحسن حالا من العبد فانه لم يملك في الجملة ولان العبد داخل في قول الله تعالى (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) (فصل) فان أذن السيد لعبده في التكفير بالمال لم يلزمه لانه ليس يملك لما أذن له فيه وهل يجزئه باذن السيد؟ فيه روايتان [ احداهما ] لا يجزئه وهو ظاهر كلام الخرقي ولا يجزئه الا الصيام [ والثانية ] يجزئه لان المنع لحق السيد وقد اذن اشبه ما لو اذن له ان يتصدق بالمال وقد ذكرنا ذلك في الظهار والاختلاف فيه، وذكر القاضي ان أصل هذين عنده الروايتان في ملك العبد بالتمليك فان قلنا يملك بالتمليك فملكه سيده وأذن له بالتكفير بالمال جاز لانه مالك لما يكفر به وإن قلنا لا يملك بالتمليك ففرضه الصيام لانه لا يملك شيئا يكفره، وكذلك ان قلنا انه يملك ولم يأذن له سيده في التكفير بالمال ففرضه الصيام وإن ملك لانه محجور عليه ممنوع من التصرف فيما في يديه قال أصحابنا يجعلون في العبد روايتين مطلقا سواء قلنا يملك أو لا يملك ثم على الرواية التي تجيز له التكفير بالمال له ان يطعم،
وهل له أن يعتق؟ على روايتين [ احداهما ] ليس له ذلك لان العتق يقتضي الولاء والولاية والارث وليس ذلك للعبد وهذا رواية عن مالك وبه قال الشافعي على القول الذي يجيز له التكفير بالمال أو الثانية له التكفير بالعتق لان من صح تكفيره بالمال صح تكفيره بالعتق كالحرية ولانه يملك العبد فصح تكفيره باعتاقه كالحر، وقولهم ان العتق يقتضي الولاء والولاية ممنوع إذا عتق في الكفارة على ما أسلفناه وإن سلمنا فتخلف بعض الاحكام لا يمنع ثبوت المقتضي فان الحكم يتخلف لتخلف سببه لا لتخلف أحكامه كما أنه يثبت لوجود سببه، ولان تخلف بعض الاحكام مع وجود المقتضي انما يكون لمانع ويجوز أن يختص المنع بها دون غيرها وهذا السبب المقتضي لهذه الاحكام ولا يمنع ثبوته تخلفها عنه في الرقيق على أن الولاء يثبت اعتاق العبد لكن لا يرث به كما لو اختلف ديناهما وهذا اختيار أبي بكر ويفرع عليه إذا أذن له سيده فأعتق نفسه ففيه قولان [ احدهما ] يجزئه لانه رقبة تجزئ عن غيره فأجزأت عنه كغيره [ والآخر ] لا يجزئه لان الاذن له في الاعتاق ينصرف إلى إعتاق غيره وهذا التعليل يدل على
أن سيده إذا أذن له في اعتاق نفسه عن كفارته جاز ومتى اطلق الاذن في الاعتاق فليس له أن يعتق إلا أقل قبة تجزئ عن الواجب وليس له اعتاق نفسه إذا كان مما يجزئ وهذا من ابي بكر يقتضي أن لا يعتبر في التكفير أن يملكه سيده ما يكفر به لانه لا يملك نفسه بل متى أذن له في التكفير بالاطعام أو الاعتاق اجزأه لانه لو اعتبر التمليك لما صح له أن يعتق نفسه لانه لا يملكها ولان التمليك لا يكون إلا في معين فلا يصح ان يأذن فيه مطلقا
(فصل) إذا أعتق العبد عبدا عن كفارته باذن سيده وقلنا ان الاعتاق في الكفارة يثبت به الولاء، لمعتقه ثبت ولاؤه للعبد الذي اعتقه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " انما الولاء لمن أعتق " ويرث به لانه ليس من أهل الميراث وانتفاء الارث لا يمنع ثبوت الولاء كما لو اختلف ديناهما أو قتل المعتق عتيقه فانه لا يرثه مع ثبوت الولاية عليه فان عتق المعتق ورث بالولاء لزوال المانع كما إذا كانا مختلفي الدين فأسلم الكافر منها ذكر هذا طلحة العاقولي، ومقتضى هذا ان سيد العبد لا يرث عتيقه في حياة عبده كما لا يرث ولد عبده وان أعتق عبده ثم مات ورث السيد مولى عبده لانه مولى مولاه كما انه لو أعتق العبد وله ولد عليه الولاء لمولى امه يجر ولاءه ويرثه سيده إذا مات أبوه * (مسألة) * (وليس للسيد منع عبده من التكفير بالصيام سواء كان الحنث والحلف باذنه أو بغير اذنه وسواء أضربه الصيام أو لم يضربه) وقال الشافعي ان حنث بغير اذنه والصوم يضربه فله منعه لان السيد لم يأذن له فيما ألزم نفسه مما يتعلق به ضرر على السيد فكان له منعه وتحليله كما لو احرم بالحج بغير اذنه ولنا انه صوم واجب لحق الله تعالى فلم يكن لسيده منعه كصيام رمضان وقضائه، ويفارق الحج لان ضرره كثير لطول مدته وغيبته عن سيده وتفويت خدمته ولهذا ملك تحليل زوجته منه ولم يملك منعها صوم الكفارة، فأما صوم التطوع فان كان فيه ضرر عليه فللسيد منعه منه لانه يفوت حقه وليس بواجب عليه وان كان لا يضر به لم يكن لسيده منعه منه لانه يعبد ربه بما لا مضرة فيه فأشبه ذكر الله تعالى وصلاة النافلة في غير وقت خدمته، وللزوج منع زوجته منه في كل حال لانه يفوت حقه من
الاستمتاع ويمنعه منه
(فصل) ومن نصفه حر فحكمه في الكفارة حكم الاحرار، متى ملك لجزئه الحر ما يكفر به لم يجز له الصيام وله التكفير بأحد الامور الثلاثة وظاهر كلام الشافعي ان له التكفير بالاطعام والكسوة دون الاعتاق لانه لا يثبت له الولاء ومنهم من قال لا يجزئه الا الصيام لانه منقوص بالرق اشبه القن ولنا قول الله تعالى (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) وهذا واجد ولانه يملك ملكا تاما فأشبه الحر الكامل ولا نسلم أنه لا يثبت له الولاء ثم ان امتناع بعض احكامه لا يمنع صحته كعتق المسلم رقيقة الكافر [ فصل ] والكفارة في حق الحر والعبد والمسلم والكافر سواء لان الله تعالى ذكر الكفارة بلفظ عام في جميع المخاطبين فدخل الكل في عمومه الا ان الكافر لا يصح منه التكفير بالصيام لانه عبادة وليس هو من أهلها ولا بالاعتاق لان من شرطه الايمان في الرقبة ولا يجوز لكافر شراء مسلم الا ان يتفق اسلامه في يديه أو يرث مسلما فيعتقه فيصح اعتاقه وان لم يتفق ذلك فتكفيره بالاطعام أو الكسوة فإذا كفر ثم أسلم لم تلزمه اعادة التكفير وإن أسلم قبل التكفير كفر بما يجب عليه في تلك الحال من اعتاق أو اطعام أو كسوة أو صيام ويحتمل على قول الخرقي انه لا يجزئه الصيام لانه انما يكفر بما وجب عليه حين الحنث ولم يكن الصيام مما وجب عليه [ فصل ] إذا حلف رجل بالله لا يفعل شيئا فقال له آخر يميني في يمينك لم يلزمه شئ لان يمين
الاول ليست ظرفا ليمين الثاني، وان نوى انه يلزمني من اليمين ما يلزمك لم يلزمه حكمها قاله القاضي وهو مذهب الشافعي لان اليمين بالله لا تنعقد بالكناية لان تعليق الكفارة بها لحرمة اللفظ باسم الله المحترم أو صفة من صفاته ولا يوجد ذلك بالكناية.
فأما ان حلف بطلاق فقال آخر يميني في يمينك ينوي أنه يلزمني من اليمين ما يلزمك انعقدت يمينه نص عليه أحمد وسئل عن رجل حلف بالطلاق لا يكلم رجلا فقال رجل وانا على مثل يمينك فقال عليه مثل الذي حلف لان الكناية تدخل في الطلاق، وكذلك يمين العتق وان لم ينو شيئا لم تنعقد يمينه لان الكناية لا تقبل بغير نية وليس قوله
هذا بصريح وان كان المقول له لم يحلف بعد وانما أراد انه يلزم الاخر يمينا يحلف بها فحلف المقول لم تنعقد يمين القائل وان كان في الطلاق والعتاق لانه لابد ان يكون هناك ما يكنى عنه وليس ههنا ما يكنى عنه (فصل) وإذا قال حلفت ولم يكن حلف فقال أحمد هي كذبة وليس عليه يمين وعنه عليه الكفارة لانه أقر على نفسه والاول المذهب لانه حكم فيما بينه وبين الله فان كذب في الخبر به لم يلزمه حكمه كما لو قال ما صليت وقد صلى، ولو قال علي يمين فهي كالتي قبلها وان نوى القسم فقال أبو الخطاب هي يمين وهو قول أصحاب الرأي وقال الشافعي ليس بيمين لانه لم يأت باسم الله المعظم ولا صفته فلم يكن يمينا كما لو قال حلفت وهذا أصح ان شاء الله تعالى فان هذه ليست صيغة اليمين والقسم وانما هي صيغة الخبر فلا يكون بها حالفا وان قدر ثبوت حكمها لزمه أقل ما تناوله الاسم وهو يمين ما وليست كل يمين موجبة للكفاره فلا يلزمه شئ، ووجه الاول انه كناية عن اليمين وقد نوى بها اليمين فتكون يمينا كالصريح [ فصل ] وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه أمر بابرار المقسم أو القسم رواه البخاري وهذا والله
أعلم على سبيل الندب لا سبيل الايجاب بدليل ان أبا بكر رضي الله عنه قال أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني بما أصبت مما أخطأت فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقسم يا أبا بكر " ولم يخبره ويحتمل ان يجب ابراره إذا لم يكن فيه ضرر ويكون امتناع النبي صلى الله عليه وسلم من ابرار أبي بكر لما علم من الضرر فيه، وإن أجابه إلى صورة ما أقسم عليه دون معناه عند تعذر المعنى فحسن فانه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ان العباس جاءه برجل ليبايعه على الهجرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا هجرة بعد الفتح " قال العباس أقسمت عليك يا رسول الله لتبايعنه فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في يده فقال " ابررت قسم عمي ولا هجرة " فأجابه إلى صورة المبايعة دون ما قصد بيمينه [ فصل ] وتستحب اجابة من حلف بالله لما روى ابن عمر قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فاعطوه ومن استجار بالله فاجيروه ومن أتى اليكم معروفا فكافئوه فان لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا ان قد كافأتموه " وعن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله: أما الذين يحبهم الله فرجل سأل قوما فسألهم بالله ولم يسألهم
بقرابة بينه وبينهم فتخلف رجل باعقابهم فأعطاه سرا لا يعلم بعطيته الا الله عزوجل والذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به فوضعوا رؤوسهم فقام يتملقني ويتلو كتابي، ورجل كان في سرية فلقوا العدو فهزموا فاقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له، والثلاثة الذين يبغضهم الله الشيخ الزاني والفقير المختال والغني الظلوم " رواهما النسائي
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: