الخلوة و العزلة
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ
عَن أَبِيهِ عَن بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ خَيْرِ مَعَايِشِ النَّاسِ كُلِّهِمْ رَجُلا آخِذًا بِعَنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ سَمِعَ قَرْعَةً أَوْ هَيْعَةً كَانَ عَلَى مَتْنِ فَرَسِهِ يَبْتَغِي الْمَوْتَ أَوِ الْقَتْلَ فِي مَظَانِّهِ أَوْ رَجُلا فِي غَنِيمَةٍ لَهُ فِي رَأْسِ شَعْفَةٍ مِنْ هِذِه الشِّعَافِ أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هَذِهِ الأَوْدِيَةِ يُقِيمُ الصَّلاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلا فِي خَيْرٍ
قَالَ الأستاذ: الخلوة صفة أهل الصفوة، والعزلة من أمارات الوصلة، ولابد للمريد فِي ابتداء حاله من العزلة عَن أبناء جنسه، ثُمَّ فِي نهايته من الخلوة لتحققه بأنسه ومن حق العبد إِذَا آثر العزلة أَن يعتقد باعتزاله عَنِ الخلق سلامة النَّاس من شره ولا يقصد سلامته من شر الخلق فَإِن الأَوَّل من القسمين نتيجة استصغار نَفْسه وَالثَّانِي شهود مزينة عَلَى الخلق، ومن استصغر نَفْسه فَهُوَ متواضع، ومن رأى لنفسه مزية عَلَى أحد فَهُوَ متكبر.
ورؤي بَعْض الرهبان فقيل لَهُ: إنك راهب؟ فَقَالَ: لا، بَل أنا حارس كلب إِن نفسي كلب يعقر الخلق أخرجتها من بينهم ليسلموا منها.
ومر إِنْسَان ببعض الصالحين فجمع ذَلِكَ الشيخ ثيابه منه فَقَالَ: الرجل لَمْ تجمع عني ثيابك؟ ليست ثيابي نجسة
فَقَالَ الشيخ: وهمت فِي ظنك، ثيابي هِيَ النجسة جمعتها عَنْك لئلا تنجس ثيابك لا لكي تنجس ثيابي ومن آداب العزلة أَن يحصل من العلوم مَا يصحح بِهِ عقد توحيده لكي لا يستهويه الشَّيْطَان بوساوسه ثُمَّ يحصل من علوم الشرع مَا يؤدي بِهِ فرضه ليكون بناء أمره عَلَى أساس محكم والعزلة فِي الحقيقة اعتزال الخصال المذمومة فالتأثير لتبديل الصفات لا للتنائي عَنِ الأوطان ولهذا قيل من العارف؟ قَالُوا: كائن بائن يعنى كائن مَعَ الخلق , بائن عَنْهُم بالسر.
سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه يَقُول: البس مَعَ النَّاس مَا يلبسون وتناول مِمَّا يأكلون وانفرد عَنْهُم بالسر، وسمعته يَقُول: جاءني إِنْسَان وَقَالَ: جئتك من مسافة بعيدة فَقُلْتُ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيث من حيث قطع المسافة ومقاساة الأسفار فارق نفسك بخطوة وَقَدْ حصل مقصودك.
ويحكى عَن أَبِي يَزِيد قَالَ: رأيت ربي عَزَّ وَجَلَّ فِي المنام فَقُلْتُ: كَيْفَ أجدك: قَالَ: فارق نفسك وتعال.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان المغربي يَقُول: من اختار الخلوة عَلَى الصحبة ينبغي أَن يَكُون خاليا من جَمِيع الأذكار إلا ذكر ربه , وخاليا من جَمِيع الأرادات إلا رضا ربه , وخاليا من مطالبة النفس من جَمِيع الأسباب، فَإِن لَمْ يكن بِهَذِهِ الصفة فَإِن خلوته توقعه فِي فتنة أَوْ بلية وقيل: الانفراد فِي الخلوة أجمع لدواعي السلوة.
وَقَالَ يَحْيَي بْن معاذ: انظر أنسك بالخلوة أَوْ أنسك مَعَهُ فِي الخلوة , فَإِن كَانَ أنسك بالخلوة ذهب أنسك إِذَا خرجت منها , وإن كَانَ أنسك بِهِ فِي الخلوة استوت لَك الأماكن فِي الصحارى والبراري.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول سمعت مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن حامد يَقُول: جاء رجل إِلَى زيارة أَبِي بَكْر الوراق فلما أراد أَن يرجع قَالَ لَهُ: أوصني فَقَالَ: وجدت خير الدنيا والآخرة فِي الخلوة والقلة وشرهما فِي الكثرة والاختلاط.
وسمعته يَقُول سمع مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت الجريري وَقَدْ سئل عَنِ العزلة فَقَالَ: هِيَ الدخول بَيْنَ الزحام وتمنع سرك أَن لا يزاحموك وتعزل نفسك عَنِ الآثام ويكون سرك مربوطا بالحق.
وقيل: من آثر العزلة حصل العزلة.
وَقَالَ سهل: لا تصح الخلوة إلا بأكل الحلال ولا يصح أكل الحلال إلا بأداء حق اللَّه.
وَقَالَ ذو النون: لَمْ أر شَيْئًا أبعث عَلَى الإخلاص من الخلوة.
وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الرملي: ليكن خدنك الخلوة وطعامك الجوع وحَدِيثك المناجاة فإما أَن تموت وإما أَن تصل إِلَى اللَّه.
وَقَالَ ذو النون: لَيْسَ من احتجب عَنِ الخلق بالخلوة كمن أحتجب عَنْهُم بالله.
سمعت أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: سمعت جَعْفَر بْن نصير يَقُول: سمعت الجنيد يَقُول مكابدة العزلة أيسر من مدارة الخلطة وَقَالَ مكحول: إِن كَانَ فِي مخالطة النَّاس خير فَإِن فِي العزلة السلامة وَقَالَ يَحْيَي بْن معاذ: الوحدة جليس الصديقين.
سمعت الشيخ أبا عَلِيّ الدقاق يَقُول: سمع الشبلي يَقُول: الإفلاس الإفلاس يا ناس، فقيل لَهُ: يا أبا بَكْر مَا علامة الإفلاس؟ .
قَالَ: من علامة الإفلاس الاستئناس بالناس.
وَقَالَ يَحْيَي بْن أَبِي كثير: من خالط النَّاس داراهم ومن داراهم راءاهم.
وَقَالَ سَعِيد بْن حرب: دخلت عَلَى مَالِك ابْن مَسْعُود بالكوفة وَهُوَ فِي داره وحده فَقُلْتُ لَهُ: أما تستوحش وحدك؟ فَقَالَ: مَا كنت أرى أَن أحد يستوحش مَعَ اللَّه.
سمعت أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: سمعت أبا عَمْرو الأنماطي يَقُول: سمعت الجنيد يَقُول: من أراد أَن يسلم لَهُ دينه ويستريح بدنه وقلبه فليعتزل النَّاس فَإِن هَذَا زمان وحشة والعاقل من اختار فِيهِ الوحدة.
وسمعته يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: قَالَ أَبُو يعقوب السوسي: الانفراد لا يقوى عَلَيْهِ إلا الأقوياء ولأمثالنا الاجتماع أوفر وأنفع يعمل بَعْضهم عَلَى رؤية بَعْض وسمعته يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد يَقُول: سمعت أبا الْعَبَّاس الدامغاني يَقُول: أوصاني الشبلي فَقَالَ: الزم الوحدة، وامح اسمك عَنِ الْقَوْم، واستقبل الجدار حَتَّى تموت.
وجاء رجل إِلَى شُعَيْب بْن حرب فَقَالَ لَهُ: مَا جاء بك؟ فَقَالَ: أكون معك، قَالَ يا أخي إِن العبادة لا تكون إلا بالشركة، ومن لَمْ يستأنس بالله لَمْ يستأنس بشيء.
حكي أَن بَعْضهم قيل لَهُ: مَا أعجب مَا لقيت فِي سياحتك؟ فَقَالَ لَهُ: لقينى الخضر فطلب منى الصحبة فخشيت أَن يفسد عَلِي توكلي.
وقيل لبعضهم ههنا أحد تستأنس بِهِ؟ فَقَالَ: نعم ومد يده إِلَى مصحفه ووضعه فِي حجره وَقَالَ: هَذَا وَفِي معناه أنشدوا:
وكتبك حولي لا تفارق مضجعي ... وفيها شفاء للذي أنا كاتم
وَقَالَ رجل لذي النون الْمِصْرِي: مَتَى تصح لي العزلة؟ فَقَالَ: إِذَا قويت عَلَى عزلة نفسك.
وقيل لابن المبارك مَا دواء القلب؟ فَقَالَ: قلة الملاقاة لِلنَّاسِ.
وقيل: إِذَا أراد اللَّه أَن ينقل العبد من ذل المعصية إِلَى عز الطاعة آنسه بالوحدة وأغناه
بالقناعة وبصره بعيوب نَفْسه فمن أعطي ذَلِكَ فَقَدْ أعطي خير الدنيا والآخرة.
عَن أَبِيهِ عَن بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ خَيْرِ مَعَايِشِ النَّاسِ كُلِّهِمْ رَجُلا آخِذًا بِعَنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ سَمِعَ قَرْعَةً أَوْ هَيْعَةً كَانَ عَلَى مَتْنِ فَرَسِهِ يَبْتَغِي الْمَوْتَ أَوِ الْقَتْلَ فِي مَظَانِّهِ أَوْ رَجُلا فِي غَنِيمَةٍ لَهُ فِي رَأْسِ شَعْفَةٍ مِنْ هِذِه الشِّعَافِ أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هَذِهِ الأَوْدِيَةِ يُقِيمُ الصَّلاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلا فِي خَيْرٍ
قَالَ الأستاذ: الخلوة صفة أهل الصفوة، والعزلة من أمارات الوصلة، ولابد للمريد فِي ابتداء حاله من العزلة عَن أبناء جنسه، ثُمَّ فِي نهايته من الخلوة لتحققه بأنسه ومن حق العبد إِذَا آثر العزلة أَن يعتقد باعتزاله عَنِ الخلق سلامة النَّاس من شره ولا يقصد سلامته من شر الخلق فَإِن الأَوَّل من القسمين نتيجة استصغار نَفْسه وَالثَّانِي شهود مزينة عَلَى الخلق، ومن استصغر نَفْسه فَهُوَ متواضع، ومن رأى لنفسه مزية عَلَى أحد فَهُوَ متكبر.
ورؤي بَعْض الرهبان فقيل لَهُ: إنك راهب؟ فَقَالَ: لا، بَل أنا حارس كلب إِن نفسي كلب يعقر الخلق أخرجتها من بينهم ليسلموا منها.
ومر إِنْسَان ببعض الصالحين فجمع ذَلِكَ الشيخ ثيابه منه فَقَالَ: الرجل لَمْ تجمع عني ثيابك؟ ليست ثيابي نجسة
فَقَالَ الشيخ: وهمت فِي ظنك، ثيابي هِيَ النجسة جمعتها عَنْك لئلا تنجس ثيابك لا لكي تنجس ثيابي ومن آداب العزلة أَن يحصل من العلوم مَا يصحح بِهِ عقد توحيده لكي لا يستهويه الشَّيْطَان بوساوسه ثُمَّ يحصل من علوم الشرع مَا يؤدي بِهِ فرضه ليكون بناء أمره عَلَى أساس محكم والعزلة فِي الحقيقة اعتزال الخصال المذمومة فالتأثير لتبديل الصفات لا للتنائي عَنِ الأوطان ولهذا قيل من العارف؟ قَالُوا: كائن بائن يعنى كائن مَعَ الخلق , بائن عَنْهُم بالسر.
سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه يَقُول: البس مَعَ النَّاس مَا يلبسون وتناول مِمَّا يأكلون وانفرد عَنْهُم بالسر، وسمعته يَقُول: جاءني إِنْسَان وَقَالَ: جئتك من مسافة بعيدة فَقُلْتُ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيث من حيث قطع المسافة ومقاساة الأسفار فارق نفسك بخطوة وَقَدْ حصل مقصودك.
ويحكى عَن أَبِي يَزِيد قَالَ: رأيت ربي عَزَّ وَجَلَّ فِي المنام فَقُلْتُ: كَيْفَ أجدك: قَالَ: فارق نفسك وتعال.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان المغربي يَقُول: من اختار الخلوة عَلَى الصحبة ينبغي أَن يَكُون خاليا من جَمِيع الأذكار إلا ذكر ربه , وخاليا من جَمِيع الأرادات إلا رضا ربه , وخاليا من مطالبة النفس من جَمِيع الأسباب، فَإِن لَمْ يكن بِهَذِهِ الصفة فَإِن خلوته توقعه فِي فتنة أَوْ بلية وقيل: الانفراد فِي الخلوة أجمع لدواعي السلوة.
وَقَالَ يَحْيَي بْن معاذ: انظر أنسك بالخلوة أَوْ أنسك مَعَهُ فِي الخلوة , فَإِن كَانَ أنسك بالخلوة ذهب أنسك إِذَا خرجت منها , وإن كَانَ أنسك بِهِ فِي الخلوة استوت لَك الأماكن فِي الصحارى والبراري.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول سمعت مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن حامد يَقُول: جاء رجل إِلَى زيارة أَبِي بَكْر الوراق فلما أراد أَن يرجع قَالَ لَهُ: أوصني فَقَالَ: وجدت خير الدنيا والآخرة فِي الخلوة والقلة وشرهما فِي الكثرة والاختلاط.
وسمعته يَقُول سمع مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت الجريري وَقَدْ سئل عَنِ العزلة فَقَالَ: هِيَ الدخول بَيْنَ الزحام وتمنع سرك أَن لا يزاحموك وتعزل نفسك عَنِ الآثام ويكون سرك مربوطا بالحق.
وقيل: من آثر العزلة حصل العزلة.
وَقَالَ سهل: لا تصح الخلوة إلا بأكل الحلال ولا يصح أكل الحلال إلا بأداء حق اللَّه.
وَقَالَ ذو النون: لَمْ أر شَيْئًا أبعث عَلَى الإخلاص من الخلوة.
وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الرملي: ليكن خدنك الخلوة وطعامك الجوع وحَدِيثك المناجاة فإما أَن تموت وإما أَن تصل إِلَى اللَّه.
وَقَالَ ذو النون: لَيْسَ من احتجب عَنِ الخلق بالخلوة كمن أحتجب عَنْهُم بالله.
سمعت أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: سمعت جَعْفَر بْن نصير يَقُول: سمعت الجنيد يَقُول مكابدة العزلة أيسر من مدارة الخلطة وَقَالَ مكحول: إِن كَانَ فِي مخالطة النَّاس خير فَإِن فِي العزلة السلامة وَقَالَ يَحْيَي بْن معاذ: الوحدة جليس الصديقين.
سمعت الشيخ أبا عَلِيّ الدقاق يَقُول: سمع الشبلي يَقُول: الإفلاس الإفلاس يا ناس، فقيل لَهُ: يا أبا بَكْر مَا علامة الإفلاس؟ .
قَالَ: من علامة الإفلاس الاستئناس بالناس.
وَقَالَ يَحْيَي بْن أَبِي كثير: من خالط النَّاس داراهم ومن داراهم راءاهم.
وَقَالَ سَعِيد بْن حرب: دخلت عَلَى مَالِك ابْن مَسْعُود بالكوفة وَهُوَ فِي داره وحده فَقُلْتُ لَهُ: أما تستوحش وحدك؟ فَقَالَ: مَا كنت أرى أَن أحد يستوحش مَعَ اللَّه.
سمعت أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: سمعت أبا عَمْرو الأنماطي يَقُول: سمعت الجنيد يَقُول: من أراد أَن يسلم لَهُ دينه ويستريح بدنه وقلبه فليعتزل النَّاس فَإِن هَذَا زمان وحشة والعاقل من اختار فِيهِ الوحدة.
وسمعته يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: قَالَ أَبُو يعقوب السوسي: الانفراد لا يقوى عَلَيْهِ إلا الأقوياء ولأمثالنا الاجتماع أوفر وأنفع يعمل بَعْضهم عَلَى رؤية بَعْض وسمعته يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد يَقُول: سمعت أبا الْعَبَّاس الدامغاني يَقُول: أوصاني الشبلي فَقَالَ: الزم الوحدة، وامح اسمك عَنِ الْقَوْم، واستقبل الجدار حَتَّى تموت.
وجاء رجل إِلَى شُعَيْب بْن حرب فَقَالَ لَهُ: مَا جاء بك؟ فَقَالَ: أكون معك، قَالَ يا أخي إِن العبادة لا تكون إلا بالشركة، ومن لَمْ يستأنس بالله لَمْ يستأنس بشيء.
حكي أَن بَعْضهم قيل لَهُ: مَا أعجب مَا لقيت فِي سياحتك؟ فَقَالَ لَهُ: لقينى الخضر فطلب منى الصحبة فخشيت أَن يفسد عَلِي توكلي.
وقيل لبعضهم ههنا أحد تستأنس بِهِ؟ فَقَالَ: نعم ومد يده إِلَى مصحفه ووضعه فِي حجره وَقَالَ: هَذَا وَفِي معناه أنشدوا:
وكتبك حولي لا تفارق مضجعي ... وفيها شفاء للذي أنا كاتم
وَقَالَ رجل لذي النون الْمِصْرِي: مَتَى تصح لي العزلة؟ فَقَالَ: إِذَا قويت عَلَى عزلة نفسك.
وقيل لابن المبارك مَا دواء القلب؟ فَقَالَ: قلة الملاقاة لِلنَّاسِ.
وقيل: إِذَا أراد اللَّه أَن ينقل العبد من ذل المعصية إِلَى عز الطاعة آنسه بالوحدة وأغناه
بالقناعة وبصره بعيوب نَفْسه فمن أعطي ذَلِكَ فَقَدْ أعطي خير الدنيا والآخرة.
الكلمات المفتاحية :
التربية و السلوك
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: