بَاب الخوف
قَالَ اللَّه تَعَالَى:
{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16]
أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبْدُوسٍ الْحِبْرِيُّ الْعَدْلُ
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ أَحْمَدُ بْنِ دَلَوَيْهِ الدَّقَّاقُ
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ أَبِي
الْفُرَاتِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَدْخُلُ النَّارَ
مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَلِجَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ
وَلا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَّانُ جَهَنَّمَ فِي مِنْخَرَيْ
عَبْدٍ أَبَدًا
حَدَّثَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِهْرَجَانِيُّ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ
الشَّرْقِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَي بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا
قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ
كَثِيرًا
قُلْت:
الخوف معنى متعلقة فِي المستقبل لأنه إِنَّمَا يخاف أَن يحل بِهِ مكروه أَوْ يفوته
محبوب ولا يَكُون هَذَا إلا لشيء يحصل فِي المستقبل.
فأما مَا
يَكُون فِي الحال موجودا فالخوف لا يتعلق بِهِ، والخوف من اللَّه تَعَالَى هُوَ
أَن يخاف أَن يعاقبه اللَّه تَعَالَى إِمَّا فِي الدنيا وإما فِي الآخرة وَقَدْ
فرض اللَّه سبحانه عَلَى الْعِبَاد أَن يخافوه فَقَالَ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]
وَقَالَ
تَعَالَى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40] ومدح الْمُؤْمِنيِنَ بالخوف
فَقَالَ تَعَالَى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50] .
سمعت
الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق يَقُول: الخوف عَلَى مراتب: الخوف والخشية والهيبة
فالخوف من شرط الإيمان وقضيته قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] والخشية من شرط العلم قَالَ اللَّه تَعَالَى:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] والهيبة من
شرط المعرفة قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل
عمران: 28] سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن
عَلِي الحيري يَقُول: سمعت محفوظا يَقُول: سمعت أبا حفص يَقُول: الخوف سوط اللَّه
يقوم بِهِ الشاردين عَن بابه.
وَقَالَ
أَبُو القاسم الحكيم: الخوف عَلَى ضربين رهبة وخشية فصاحب الرهبة يلتجئ إِلَى
الهرب إِذَا خاف وصاحب الخشية يلتجئ إِلَى الرب.
قَالَ رحمه
اللَّه.
ورهب وهرب
يصح أَن يقال هما واحد مثل جذب وجبذ فَإِذَا هرب أنجذب فِي مقتضى هواه كالرهبان
الَّذِينَ اتبعوا أهواءهم فَإِذَا كبحهم لجام العلم وقاموا بحق الشرع فَهُوَ
الخشية.
سمعت
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الرازي يَقُول:
سمعت أبا عُثْمَان يَقُول: سمعت أبا حفص يَقُول: الخوف سراج القلب بِهِ يبصر مَا
فِيهِ من الخير والشر.
سمعت
الأستاذ أبا عَلِي الدقاق يَقُول: الخوف أَن لا تعلل نفسك بعسى وسوف.
سمعت
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت أبا القاسم الدمشقي يَقُول: سمعت أبا عُمَر
الدمشقي يَقُول: الخائف من يخاف من نَفْسه أَكْثَر مِمَّا يخاف من الشَّيْطَان،
وَقَالَ
ابْن الجلاء: الخائف من تأمنه المخوفات، وقيل: لَيْسَ الخائف الَّذِي يبكي ويمسح
عينيه إِنَّمَا الخائف من يترك مَا يخاف أَن يعذب عَلَيْهِ، وقيل للفضيل: مالنا لا
نرى خائفا؟ فَقَالَ: لو كنتم خائفين لرأيتم الخائفين إِن الخائف لا يراه إلا
الخائفون وإن الثكلى هِيَ الَّتِي فِي تحب أَن ترى الثكلي، وَقَالَ يَحْيَي بْن
معاذ: مسكين ابْن آدم لو خاف من النار كَمَا يخاف من الفقر لدخل الْجَنَّة،
وَقَالَ شاه الكرماني: علامة الخوف الحزن الدائم، وَقَالَ أَبُو القاسم الحكيم: من
خاف من شَيْء هرب منه ومن خاف من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هرب إِلَيْهِ.
وسئل ذو
النون الْمِصْرِي رحمه اللَّه تَعَالَى: مَتَى يتيسر عَلَى العبد سبيل الخوف؟
فَقَالَ: إِذَا أنزل نَفْسه منزلة السقيم يحتمي من كُل شَيْء مخافة طول السقام.
وَقَالَ
معاذ بْن جبل: إِن المؤمن لا يطمئن قلبه ولا تسكن روعته حَتَّى يخلف جسر جهنم
وراءه.
وَقَالَ بشر
الحافي: الخوف ملك لا يسكن إلا فِي قلب متق.
وَقَالَ
أَبُو عُثْمَان الحيري: عيب الخائف فِي خوفه السكون إِلَى خوفه لأنه أمر خفي.
وَقَالَ
الواسطي: الخوف حجاب بَيْنَ اللَّه تَعَالَى وبين العبد وَهَذَا اللفظ فِيهِ إشكال
ومعناه أَن الخائف متطلع لوقت ثان وأبناء الوقت لا تطلع لَهُمْ فِي المستقبل
وحسنات الأبرار سيئات المقربين.
سمعت
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن عَلِيّ النهاوندي يَقُول: سمعت
إِبْرَاهِيم بْن فاتك يَقُول: سمعت النوري يَقُول: الخائف يهرب من ربه إِلَى ربه.
وَقَالَ
بَعْضهم: علامة الخوف التحير عَلَى بَاب الغيب.
سمعت أبا
عَبْد اللَّهِ الصوفي يَقُول: سمعت عَلِي بْن إِبْرَاهِيم العبكري يَقُول: سمعت
الجنيد يَقُول وسئل عَنِ الخوف فَقَالَ: توقع العقوبة مَعَ مجاري الأنفاس.
سمعت الشيخ
أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت الْحُسَيْن بْن أَحْمَد الصفار يَقُول:
سمعت مُحَمَّد بْن الْمُسَيِّب، يَقُول: سمعت هاشم بْن خَالِد يَقُول: سمعت أبا
سُلَيْمَان الداراني يَقُول: مَا فارق الخوف قلبا إلا خرب، وسمعته، يَقُول: سمعت
عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان
يَقُول صدق الخوف هُوَ الورع عَنِ الآثام ظاهرا وباطنا وَقَالَ ذو النون النَّاس
عَلَى الطريق مَا لَمْ يزل عَنْهُم الخوف فَإِذَا زال عَنْهُم الخوف ضلوا عَنِ
الطريق وَقَالَ حاتم الأصم لكل شَيْء زينة وزينة العبادة الخوف وعلامة الخوف قصر
الأمل وَقَالَ رجل لبشر الحافي أراك تخاف الْمَوْت فَقَالَ: القدوم عَلَى اللَّه
عَزَّ وَجَلَّ شديد.
سمعت
الأستاذ أبا عَلِي الدقاق يَقُول دخلت عَلَى الإِمَام أَبِي بَكْر بْن فورك عائدا
فلما رآني دمعت عيناه فَقُلْتُ لَهُ: إِن شاء اللَّه تَعَالَى يعافيك ويشفيك
فَقَالَ: لَنْ تراني أخاف من الْمَوْت إِنَّمَا أخاف مِمَّا وراء الْمَوْت.
أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الأَهْوَازِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَمَانٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنٍ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا
آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] أَهُوَ الرَّجُلُ يَسْرِقُ
وَيَزْنِي وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ قَالَ: لا وَلَكِنِ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي
وَيَتَصَدَّقُ وَيَخَافُ أَنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُ "
وَقَالَ
ابْن المبارك الَّذِي يهيج الخوف حَتَّى يسكن فِي القلب دوام المراقبة فِي السر
والعلانية.
سمعت
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن الْحَسَن يَقُول: سمعت أبا
القاسم بْن أَبِي مُوسَى يَقُول: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلَى الرازي قَالَ: سمعت ابْن المبارك يَقُول ذَلِكَ.
وسمعت
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم
بْن شيبان يَقُول إِذَا سكن الخوف القلب أحرق مواضع الشهوات منه وطرد رغبة الدنيا
عَنْهُ وقيل: الخوف قوة العلم بمجاري الأَحْكَام، وقيل: الخوف حركة القلب من جلال
الرب وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الداراني ينبغي للقلب أَن لا يَكُون الغالب
عَلَيْهِ إلا الخوف فَإِنَّهُ إِذَا غلب الرجاء عَلَى القلب فسد القلب ثُمَّ قَالَ
يا أَحْمَد بالخوف ارتفعوا فَإِن ضيعوه نزلوا.
وَقَالَ
الواسطي الخوف والرجاء زمامان عَلَى النفوس لئلا تخرج إِلَى رعوناتها.
وَقَالَ
الواسطي إِذَا ظهر الحق عَلَى السرائر لا يبقى فِيهَا فضله لرجاء ولا لخوف قَالَ
الأستاذ أَبُو القاسم: وَهَذَا فِيهِ إشكال ومعناه إِذَا اصطلمت شواهد الحق
الأسرار مكتها فلا يبقى فِيهَا مساغ لذكر حدثان والخوف والرجاء من آثار بقاء
الإحساس بأحكام البشرية وَقَالَ الْحُسَيْن بْن مَنْصُور من خاف من شَيْء سِوَى
اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَوْ رجا سواه أغلق عَلَيْهِ أبواب كُل شَيْء وسلط عَلَيْهِ
المخافة وحجبه بسبعين حجابا أيسرها الشك وإن مِمَّا أوجب شدة خوفهم فكرهم فِي
العواقب وخشية تغير أحوالهم قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ
مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47] وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: {قُلْ
هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}
[الكهف: 103-104]
فكم من
مغبوط فِي أحواله انعكست عَلَيْهِ الحال ومني بمفارقة قبيح الأفعال فبدل بالأنس
وحشة وبالحضور غيبة.
سمعت
الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق رحمه اللَّه ينشد كثيرا:
أحسنت ظنك
بالأيام إِذَا حسنت ...
وَلَمْ تخف سوء مَا يَأْتِي بِهِ القدر
وسالمتك
الليالي فاغتررت بِهَا ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر
سمعت
مَنْصُور بْن خلف المغربي يَقُول: كَانَ رجلان اصطحبا فِي الإرادة برهة من
الزَّمَان ثُمَّ إِن أحدهما سافر وفارق صاحبه وأتى عَلَيْهِ مدة من الزَّمَان
وَلَمْ يسمع منه خبرا فبينا هَذَا الآخر كَانَ فِي غزاة يقاتل عسكر الروم إذ خرج
عَلَى الْمُسْلِمِينَ رجل مقنع فِي السلاح يطلب المبارزة فخرج إِلَيْهِ من أبطال
الْمُسْلِمِينَ واحد فقتله الرومي ثُمَّ خرج آخر فقتله ثُمَّ ثالث فقتله فخرج
إِلَيْهِ هَذَا الصوفي وتطاردا فحسر الرومي عَن وجهه فَإِذَا هُوَ صاحبه الَّذِي
صحبه فِي الإرادة والعبادة سنين فَقَالَ هَذَا لَهُ: أيش الْخَبَر فَقَالَ: إنه
ارتد وخالط الْقَوْم وولد لَهُ أولاد واجتمع لَهُ مال فَقَالَ لَهُ: وكنت تقرأ
الْقُرْآن بقراءات كثيرة فَقَالَ لا أذكر منه حرفا فَقَالَ لَهُ هَذَا الصوفي لا
تفعل وارجع فَقَالَ لا أفعل فلى فيهم جاه ومال فانصرف أَنْتَ إلا لأفعلن بك مَا
فعلت بأولئك فَقَالَ لَهُ هَذَا الصوفي: أعلم أنك قتلت ثلاثة من الْمُسْلِمِينَ
وليس عليك أنفة فِي الانصراف فانصرف أَنْتَ وأنا أمهلك فرجع الرجل موليا فتبعه
هَذَا الصوفي وطعنه فقتله فبعد تلك المجاهدات ومقاسات تلك الرياضات قتل عَلَى
النَّصْرَانِيَّة
وقيل: لما
ظهر عَلَى إبليس مَا ظهر طفق جبريل وميكائيل عليهما السَّلام يبكيان زمانا طويلا
فأوحى اللَّه تَعَالَى إليهما مالكما تبكيان كُل هَذَا البكاء فقالا يا رب لا نأمن
مكرك فَقَالَ اللَّه تَعَالَى: هكذا كونا لا تأمنا مكري ويحكى عَنِ السري السقطي،
أَنَّهُ قَالَ: إني لأنظر إِلَى أنفي فِي اليوم كَذَا مرة مخافة أَن يَكُون قَد
اسود لما أخافه من العقوبة.
وَقَالَ
أَبُو حفص منذ أربعين سنة اعتقادي فِي نفسي أَن اللَّه تَعَالَى ينظر إِلَى نظر
السخط وأعمالي تَدُل عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ
حاتم الأصم لا تغتر بموضع صَالِح فلا فِي مكان أصلح من الْجَنَّة فلقي آدم
عَلَيْهِ السَّلام فِيهَا مَا لقي ولا تغتر بكثرة العبادة فَإِن إبليس بَعْد طول
تعبده لقي مَا لقي ولا تغتر بكثرة العلم فَإِن بلعام كَانَ يحسن اسم اللَّه الأعظم
فانظر ماذا لقي ولا تغتر برؤية الصالحين فلا شخص أكبر قدرا من المصطفى صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ ينتفع بلقائه أقاربه أو أعداؤه وخرج ابْن
المبارك يوما عَلَى أَصْحَابه فَقَالَ: إني قَد اجترأت البارحة عَلَى اللَّه عَزَّ
وَجَلَّ سألته الْجَنَّة وقيل: خرج عيسى عَلَيْهِ السَّلام ومعه صَالِح من صالحي
بني إسرائيل فتبعهما رجل خاطئ مشهور بالفسق فيهم فقعد منتبذا عَنْهُمَا منكسرا
فدعا اللَّه سبحانه وَقَالَ اللَّهُمَّ اغفر لي ودعا هَذَا الصالح وَقَالَ
اللَّهُمَّ لا تجمع غدا بيني وبين ذَلِكَ العاصي فأوحى اللَّه تَعَالَى إِلَى عيسى
عَلَيْهِ السَّلام إني قَد استجبت دعاءهما جميعا رددت ذَلِكَ الصالح وغفرت
لِذَلِكَ المجرم.
وَقَالَ ذو
النون الْمِصْرِي قُلْت لعليم: لَمْ سميت مجنونا قَالَ لما طال حبسى عَنْهُ صرت
مجنونا لخوف فراقه وَفِي معناه أنشدوا:
لو أَن مَا
بي عَلَى صخر لأنحله ... فكيف
يحمله خلق من الطين
وَقَالَ
بَعْضهم: مَا رأيت رجلا أَعْظَم رجاء لهذه الأمة ولا أشد خوفا عَلَى نَفْسه من
ابْن سيرين وقيل: مرض سُفْيَان الثَّوْرِي فعرض دليله عَلَى الطبيب فَقَالَ: هَذَا
رجل قطع الخوف كبده ثُمَّ جاء وحس عرقه ثُمَّ قَالَ مَا علمت أَن فِي الحنيفية
مثله.
وسئل الشبلي
لَمْ تصفر لشمس عِنْدَ الغروب فَقَالَ: لأنها عزلت عَن مكان التمام فاصفرت لخوف
المقام وكذا المؤمن إِذَا قارب خروجه من الدنيا اصفر لونه لأنه يخاف المقام
فَإِذَا طلعت الشَّمْس طلعت مضيئة كَذَلِكَ المؤمن إِذَا بعث من قبره خرج ووجهه
يشرق.
ويحكي عَن أَحْمَد بْن حنبل رحمه اللَّه تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: سألت ربي عَزَّ وَجَلَّ أَن يفتح عَلي
بابا من الخوف ففتح فخفت عَلَى عقلي فَقُلْتُ يا رب أعطني عَلَى قدر مَا أطيق فسكن ذَلِكَ
عني.
الكلمات المفتاحية :
التربية و السلوك
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: