الفقه الحنبلي - الصلاة
(مسألة) (فان تقدمت قبل ذلك بزمن يسير جاز) ذكره أصحابنا ما لم يفسخها، واشترط الخرقي أن يكون بعد دخول الوقت، فان قطع النية أو طال الفصل لم يجزئه وهذا مذهب أبي حنيفة، وقال
الشافعي وابن المنذر: تشترط مقارنة النية للتكبير لقوله تعالى (وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) فقوله مخلصين حال لهم في وقت العبادة، أي مخلصين حال العبادة، والاخلاص هو النية ولان النية شرط فلم يجز أن تخلو العبادة عنها كسائر شروطها ولنا انها عبادة فجاز تقديم نيتها عليها كالصوم وتقدم النية على الفعل لا يخرجه عن كونه منويا ولا يخرج الفاعل عن كونه مخلصا كالصوم ولانه جزء من الصلاة أشبه سائر أجزائها (مسألة) (ويجب أن يستصحب حكمها إلى آخر الصلاة) معنى استصحاب حكمها أن لا يقطعها فلو ذهل عنها أو عزبت عنه في أثناء الصلاة لم يبطلها لان التحرز من هذا غير ممكن وقياسا على الصوم وغيره، وقد روى مالك في الموضأ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا أقيمت الصلاة أدبر الشيطان وله حصاص فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول أذكر كذا أذكر كذا حتى يضل أحدكم أن يدري كم صلى " وروي أن عمر صلى صلاة لم يقرأ فيها، فقيل له انك لم تقرأ؟ فقال، اني جهزت جيشا للمسلمين حتى بلغت بهم وادي القرى، وان أمكنه استصحاب ذكرها فهو أفضل لانه أبلغ في الاخلاص (2) (مسألة) (فان قطعها في أثنائها بطلت الصلاة وإن تردد في قطعها فعلى وجهين) وجملة ذلك أنه يشترط أن يدخل في الصلاة بنية جازمة فان دخل بنية مترددة بين إتمامها وقطعها لم تصح لان النية عزم جازم ولا يحصل ذلك مع التردد فان تلبس بها بنية صحيحة ثم نوى قطعها والخروج منها بطلت، وهذا قول الشافعي.
وقال أبو حنيفة لا تبطل بذلك لانها عبادة دخلها بنية صحيحة فلم تفسد بنية الخروج منها كالحج ولنا أنه قطع حكم النية قبل اتمام صلاته ففسدت كما لو سلم ينوي الخروج منها ولان النية شرط في جميع الصلاة وقد قطعها ففسدت لذهاب شرطها، وفارق الحج فانه لا يخرج منه بمحظوراته بخلاف الصلاة.
فأما إن تردد في قطعها فقال ابن حامد: لا تبطل لانه دخل فيها بنية متيقة فلا يزول بالشك
والتردد كسائر العبادات، وقال القاضي يحتمل أن تبطل وهو مذهب الشافعي لان استدامة النية شرط ومع التردد لا يبقى مستديما لها أشبه إذا نوى قطعها (فصل) فان شك في أثناء الصلاة في النية أو في تكبيرة الاحرام استأنفها لان الاصل عدمها فان ذكر أنه كان قد نوى أو كبر قبل قطعها أو شرع في عمل فله البناء لانه لم يوجد مبطل لها وإن
__________
2) فيه أن تذكر المنوي وهو شكل الصلاة يشغل عن تدبر الذكر والقراءة وان الاخلاص إذا كان هو الباعث علي العبادة لا ينقطع إلا بطرو الرياء وحب السمعة على القلب وحينئذ يجب دفعه بتذكر احباطه للعمل وكون الناس لا يغنون عنه إذا حمدوا عبادته وهي مردودة عند الله تعالى وفيما عدا هذا يكون الاخلاص الذي بعث على العمل مصاحبا له فلا يحتاج إلى استصحاب بذكره كتبه محمد رشيد رضا
عمل فيها عملا مع الشك بطلت، ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي لان هذا العمل عري عن النية وحكمها لان استصحاب حكمها مع الشك لا يوجد، وقال ابن حامد لا تبطل ويبني لان الشك لا يزيل حكم النية فجاز له البناء كما لو لم يحدث عملا لانه لو أزال حكم النية لبطلت كما لو نوى قطعها، وإن شك هل نوى فرضا أو نفلا أتمها نفلا إلا أن يذكر أنه نوى الفرض قبل أن يحدث عملا فيتمها فرضا، وإن كان ذكره بعد أن أحدث عملا خرج فيه الوجهان، فان شك هل أحرم بظهر أو عصر فحكمه حكم مالو شك في النية لان التعيين شرط.
ويحتمل أن يتمها نفلا كما لو أحرم بفرض فبان قبل وقته (مسألة) (وإن أحرم بفرض فبان قبل وقته انقلب نفلا) لان نية الفرض تشتمل على نية النفل فإذا بطلت نية الفرضية بقيت نية مطلق الصلاة (مسألة) (وان أحرم به في وقته ثم قلبه نفلا جاز، ويحتمل أن لا يجوز إلا لعذر مثل أن يحرم منفردا يريد الصلاة في جماعة) متى أحرم بفرض في وقته ثم قلبه نفلا فان كان لغير غرض كره وصح لان النفل يدخل في نية الفرض، أشبه مالو أحرم بفرض فبان قبل وقته وكما لو قلبها لغرض، ذكره أبو الخطاب ويكره ذلك لانه أبطل عمله.
وقال القاضي في موضع لا يصح رواية واحدة، كما لو انتقل من فرض إلى فرض، وقال في الجامع يخرج على روايتين (احداهما) يصح لما ذكرنا (والثانية) لا يصح
لانه أبطل عمله لغير سبب ولا فائدة، وللشافعي قولان كالوجهين.
وإن كان لغرض صحيح مثل من أحرم منفردا فحضرت جماعة فقلبها نفلا ليحصل فضيلة الجماعة صح من غير كراهة لما ذكرنا، وقال القاضي: فيه روايتان (احداهما) لا تصح لما ذكرنا (والثانية) تصح لتحصل له مضاعفة الثواب (مسألة) (وان انتقل من فرض إلى فرض بطلت الصلاتان) تبطل الاولى لانه قطع نيتها ولا تصح الثانية لانه لم ينوها من أولها (مسألة) (ومن شرط الجماعة أن ينوي الامام والمأموم حالهما) يشترط أن ينوي الامام أنه إمام والمأموم أنه مأموم لان الجماعة يتعلق بها أحكام وجوب الاتباع وسقوط السهو عن المأموم وفساد صلاته بفساد صلاة امامه وانما يتميز الامام عن المأموم بالنية فكانت شرطا، فان نوى أحدهما دون صاحبه لم يصح ولان الجماعة انما تنعقد بالنية فاعتبرت منهما قياسا لاحدهما على الآخر فان صلى رجلان ينوي كل واحد منهما أنه امام صاحبه أو مأموم له فصلاتهما فاسدة نص عليهما لانه ائتم بمن ليس بامام في الصورة الثانية وأم من لم يأتم به في الاولى، ولو رأى رجلين يصليان فنوى الائتمام
بالمأموم لم يصح لانه ائتم بمن ليس بامام وان نوى الائتمام باحدهما لا بعينه لم يصح حتى يعين الامام لان تعيينه شرط.
وان نوى الائتمام بهما معا لم يصح لانه ائتم بمن ليس بامام ولانه لا يجوز الائتمام باكثر من واحد.
ولو نوى الائتمام بامامين لم يجز لانه لا يمكن اتباعهما معا (مسألة) (فان أحرم منفردا ثم نوى الائتمام لم يصح في أصح الروايتين) متى أحرم منفردا ثم نوى جعل نفسه مأموما بان تحضر جماعة فينوي الدخول معهم في صلاتهم ففيه روايتان (احداهما) يجوز سواء كان أول صلاته أو في أثنائها لانه نقل نفسه إلى الجماعة فجاز كما لو نوى الامامة (والثانية) لا يجوز وهي أصح لانه نقل نفسه مؤتما فلم يجز كالامام، وفارق نقله إلى الامامة لان الحاجة تدعو إليه قال أحمد في رجل دخل المسجد فصلى ركعتين أو ثلاثا ينوي الظهر ثم جاء المؤذن فاقام الصلاة: سلم من هذه وتصير له تطوعا ويدخل معهم.
قيل له فان دخل مع القوم في الصلاة واحتسب به؟ قال لا يجزئه بها حتى ينوي بها الصلاة مع الامام في ابتداء الفرض
(مسألة) (وان نوى الامامة صح في النفل ولم يصح في الفرض ويحتمل أن يصح وهو أصح عندي) إذا أحرم منفردا ثم انتقل إلى نية الامامة في النفل صح نص عليها أحمد لما روى ابن عباس قال بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متطوعا من الليل فقام إلى القربة فتوضأ فصلى فقام - فقمت لما رأيته صنع ذلك فتوضأت من القربة ثم قمت إلى شقه الايسر فاخذ بيدي (1) من وراء ظهره يعدلني كذلك إلى الشق الايمن متفق عليه واللفظ لمسلم، وروت عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وجدار الحجرة قصير فرأى الناس شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام الناس يصلون بصلاته (فصل) فاما في الفريضة فان كان ينتظر أحدا كامام المسجد يحرم وحده وينتظر من يأتي ويصلي معه جاز ذلك نص عليه لان النبي صلى الله عليه وسلم أحرم وحده فجاء جابر وجبار فصلى بهما رواه أبو داود.
والظاهر أنها كانت مفروضة لانهم كانوا مسافرين وان لم يكن كذلك لم يصح وهو قول الثوري واسحاق وأصحاب الرأي في الفرض والنفل جميعا لانه لم ينو الامامة في ابتداء الصلاة أشبه مالو ائتم بمأموم.
ويحتمل أن يصلي وقد روي عن أحمد ما يدل عليه وهو مذهب الشافعي، قال شيخنا: وهو الصحيح ان شاء الله لانه قد ثبت في النفل بحديث ابن عباس وعائشة والاصل
مساواة الفرض للنفل في النية ومما يقوي ذلك حديث جابر وجبار في الفرض ولان الحاجة تدعو إليه فصح كحالة الاستخلاف.
وبيانها أن المنفرد إذا جاء قوم فاحرموا معه فان قطع الصلاة وأخبرهم بحاله قبح لما فيه من ابطال العمل وان أتم الصلاة ثم أخبرهم بفساد صلاتهم فهو أقبح وأشق وقياسهم ينتقض بحالة الاستخلاف والله أعلم (مسألة) (وان أحرم مأموما ثم نوى الانفراد لعذر جاز) لما روى جابر قال صلى معاذ بقومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له نافقت قال ما نافقت ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال " أفتان أنت يا معاذ؟ " مرتين متفق عليه ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بالاعادة، والاعذار التي يخرج لاجلها مثل
هذا والمرض وخشية غلبة النعاس أو شئ يفسد صلاته أو خوف فوات مال أو تلفه أو فوت رفقته أو من يخرج من الصف ولا يجد من يقف معه ونحو ذلك (مسألة) (وان كان لغير عذر لم يجز في إحدى الروايتين) لانه ترك متابعة امامه لغير عذر أشبه مالو تركها من غير نية المفارقة (والثانية) يصح كما إذا نوى المنفرد الامامة بل ههنا أولى فان المأموم قد يصير منفردا بغير نية وهو المسبوق إذا سلم امامه والمنفرد لا يصير مأموما بغير نية بحال (مسألة) (وان نوى الامامة لاستخلاف الامام له إذا سبقه الحدث صح في ظاهر المذهب) وجملة ذلك أنه إذا سبق الامام الحدث فله أن يستخلف من يتم بهم الصلاة روي ذلك عن عمر وعلي وهو قول الثوري والاوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي، وحكي عن أحمد رواية أخرى أن صلاة المأمومين تبطل، وقال أبو بكر تبطل صلاتهم رواية واحدة لانه فقد شرط صحة الصلاة في حق الامام فبطلت صلاة المأموم كما لو تعمد الحدث ولنا أن عمر رضي الله عنه لما طعن أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه فأتم بهم الصلاة ولم ينكره منكر فكان إجماعا.
فان لم يستخلف الامام فقدم المأمومون رجلا فاتم بهم جاز وان صلوا وحدانا جاز قال الزهري في امام ينو به الدم أو يرعف: ينصرف وليقل أتموا صلاتكم وان قدمت كل طائفة من المأمومين اماما فصلى بهم فقياس المذهب جوازه، وقال أصحاب الرأي تفسد صلاتهم، ولنا أن لهم أن يصلوا وحدانا فجاز لهم أن يقدموا رجلا كحالة ابتداء الصلاة وان قدم بعضهم رجلا وصلى الباقون وحدانا جاز.
(فصل) فاما أن فعل ما يبطل صلاته عامدا فسدت صلاة الجميع فان كان عن غير عمد لم تفسد صلاة المأمومين نص عليه أحد في الضحك وروي عن أحمد فيمن سبقه الحدث الروايتان وقد ذكرناه
(فصل) فأما الامام الذي سبقه الحدث فتبطل صلاته ويلزمه استئنافها قال احمد يعجبني أن يتوضأ ويستأنف وهذا قول الحسن وعطاء والنخعي لما روى علي بن طلق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا فسا أحدكم في صلاته فلينصرف فليتوضأ وليعد صلاته " رواه أبو داود ولانه فقد شرط الصلاة في أثنائها على وجه لا يعود إلا بعد زمن طويل وعمل كثير ففسدت صلاته كما لو تنجس نجاسة يحتاج في ازالتها إلى مثل ذلك، وفيه رواية ثانية أنه يتوضأ ويبني روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس لما روي أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال " من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف فليتوضأ وليبن على ما مضى من صلاته " وعنه رواية ثالثة إن كان الحدث من السبيلين ابتدأ وان كان من غيرهما بنى لان حكم نجاسة السبيل أغلظ والاثر انما ورد في غيرها والاولى أولى وحديثهم ضعيف (فصل) قال أصحابنا يجوز استخلاف من سبق ببعض الصلاة ولمن جاء بعد حدث الامام فيبني على ما مضى من صلاة الامام من قراءة أو ركعة أو سجدة، وإذا استخلف من جاء بعد حدث الامام فينبغي أن تجب عليه قراءة الفاتحة ولا يبني على قراءة الامام لان الامام لم يتحمل عنه القراءة ههنا ويقضي بعد فراغ صلاة المأمومين.
وحكي هذا القول عن عمر وعلي وأكثر من قال بالاستخلاف، وقيه رواية أخرى أنه مخير بين أن يبني أو يبتدئ.
قال مالك يصلي لنفسه صلاة تامة فإذا فرغوا من صلاتهم قعدوا وانتظروه حتى يتم ويسلم بهم لان اتباع المأمومين للامام أولى من اتباعه لهم وكذلك على الرواية الاولى ينتظرونه حتى يقضي ما فاته ويسلم بهم لان الامام ينتظر المأمومين في صلاة الخوف فانتظارهم له أولى وان سلموا ولم ينتظروه جاز.
وقال ابن عقيل يستخلف من يسلم بهم والاولى انتظاره وانهم ان سلموا لم يحتاجوا إلى خليفة لانه لم يبق من الصلاة إلا السلام فلا حاجة إلى الاستخلاف فيه.
قال شيخنا ويقوى عندي انه لا يصح الاستخلاف في هذه الصورة لانه ان بنى جلس في غير موضع جلوسه وصار تابعا للمأمومين وان ابتدأ جلس المأمومون في غير موضع جلوسهم ولم يرد الشرع بهذا وإنما ثبت الاستخلاف في موضع الاجماع حيث لم يحتج إلى شئ من هذا فلا يلحق به ما ليس في معناه (فصل) فان سبق المأموم الحدث في فساد صلاته الروايات الثلاث فان كان مع الامام من تنعقد به صلاة غيره وإلا فحكمه كحكم الامام معه فيما فصلناه في قياس المذهب وان فعله عمدا بطلت صلاته وصلاة الامام لان ارتباط الامام بالمأموم كارتباط صلاة المأموم بالامام فما فسد ثم فسد ههنا وما صح ثم صح ههنا (مسألة) (وان سبق اثنان ببعض الصلاة فاتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما فعلى وجهين)
(أحدهما) يصح لانه انتقال من جماعة إلي جماعة لعذر فجاز كالاستخلاف ولان النبي صلى الله عليه وسلم جاء
وأبو بكر في الصلاة فتأخر أبو بكر وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فأتم بهم الصلاة (والثاني) لا يصح بناء على عدم جواز الاستخلاف (مسألة) (وان كان لغير عذر لم يصح) يعني إذا انتقل عن امامه إلى امام آخر فأتم به أو صار المأموم إماما لغيره من غير عذر لم يصح لانه انما ثبت جواز ذلك في محل العذر بقضية عمر رضي الله عنه وغير حال العذر لا يقاس عليه (مسألة) (وان أحرم اماما لغيبة امام الحي ثم حضر امام الحي في أثناء الصلاة فأحرم بهم وبنى على صلاة خليفته وصار الامام مأموما فهل يصح على وجهين) روي عن أحمد في هذه المسألة ثلاث روايات (أحدها) يصح لما روى سهل بن سعد قال ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فصلى أبو بكر فجاء رسول الله والناس في الصلاة فخلص حتى وقف في الصف فاستأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم النبي فصلى ثم انصرف متفق عليه.
وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان جائزا لامته ما لم يقم دليل الاختصاص (والرواية الثانية) أن ذلك يجوز للخليفة دون بقية الائمة نص عليه في رواية المروذي لان رتبة الخلافة تفضل رتبة سائر الائمة فلا يلحق بها غيرها (والثالثة) لا يصح لانه لا حاجة إليه وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون خاصا به لان أحدا لا يساويه في الفضل ولا ينبغي أن يتقدم عليه بخلاف غيره ولهذا قال أبو بكر ما كان لا بن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم (فصول في أدب المشي إلى الصلاة) يستحب للرجل إذا أقبل إلى الصلاة أن يقبل بخوف ووجل وخشوع وعليه السكينة ويقارب بين خطاه لتكثر حسناته فان كل خطوة يكتب له بها حسنة، لما روى زيد بن ثابت قال: أقيمت الصلاة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا معه فقارب في الخطا ثم قال " أتدري لم فعلت هذا؟ لتكثر خطانا في طلب الصلاة " ويكره أن يشبك بين أصابعه لما روى كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين يديه فانه في صلاة " رواه أبو داود
(فصل) ويستحب أن يقول ما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة
وهو يقول " اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي لساني نورا، واجعل في سمعي نورا، واجعل في بصري نورا، واجعل من خلفي نورا، ومن أمامي نورا، واجعل من فوقي نورا، ومن تحتي نورا واعطني نورا " أخرجه مسلم.
وروى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا فأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي انه لا يغفر الذنوب الا أنت اقبل الله إليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك " رواه الامام أحمد وابن ماجه (فصل) فان سمع الاقامة لم يسع إليها لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا سمعتم الاقامة فامشوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا " وعن أبي قتادة قال بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال فلما صلى قال " ما شأنكم " قالوا استعجلنا إلى الصلاة فقال " لا تفعلوا إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكنية فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا " متفق عليهما.
قال الامام أحمد فان طمع أن يدرك التكبيرة فلا بأس أن يسرع شيئا ما لم تكن عجلة تقبح.
جاء الحديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعجلون شيئا إذا تخوفوا فوات التكبيرة الاولى (فصل) فإذا دخل المسجد قدم رجله اليمنى وإذا خرج قدم اليسرى.
ويقول ما روى مسلم باسناده عن أبي حميد أو أبي أسيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أحدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل اللهم إني أسلك من فضلك " وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وقال " رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك " وإذا خرج صلى على محمد وقال " رب اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك " فإذا دخل لم يجلس حتى يركع ركعتين، لما روى أبو قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين " متفق عليه.
ثم يجلس مستقبل القبلة فانه قد روي خير المنازل ما استقبل به القبلة، ويشتغل بذكر الله تعالى أو قراءة
القرآن أو يسكت ولا يشبك أصابعه لما روى أبو سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن فان التشبيك من الشيطان وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما كان في المسجد حتى يخرج منه " رواه الامام أحمد في المسند
(باب صفة الصلاة) روى محمد بن عمر وابن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: فأعرض قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يرفع ويضع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا يصوب رأسه ولا يقنعه، ثم يرفع رأسه ويقول: سمع الله لمن حمده، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا، ثم يقول الله أكبر ثم يهوي إلى الارض فيجافي يديه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ويسجد، ثم يقول الله أكبر ويرفع ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ثم يصنع في الاخرى مثل ذلك، ثم إذا أقام من الركعة فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة، ثم يفعل ذلك في بقية صلاته حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الايسر.
قالوا صدقت هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم رواه مالك في الموطأ وأبو داود و الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وفي لفظ رواه البخاري قال فإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع رأسه استوى قائما حتى يعود كل فقار إلى مكانه فإذا سجد سجد غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة فإذا جلس في الركعتين
جلس على اليسرى ونصب الاخرى فإذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وجلس متوركا على شقه الايسر وقعد على مقعدته
(مسألة) (يستحب أن يقوم إلى الصلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة) قال ابن عبد البر: على هذا أهل الحرمين.
وقال الشافعي يقوم إذا فرغ المؤذن من الاقامة وكان عمر بن عبد العزيز ومحمد بن كعب وسالم والزهري يقومون في أول بدوة من الاقامة.
وقال أبو حنيفة يقوم إذا قال حي على الصلاة فإذا قال قد قامت الصلاة كبر وكان أصحاب عبد الله يكبرون كذلك وبه قال النخعي واحتجوا بقول بلال: لا تسبقني بآمين.
فدل على انه كان يكبر قبل فراغه.
وعندنا لا يستحب أن يكبر الا بعد فراغه من الاقامة وهو قول الحسن وأبي يوسف والشافعي واسحاق وعليه جل الائمة في الامصار، وانما قلنا يقوم عند قول المؤذن: قد قامت الصلاة لان هذا خبر بمعنى الامر ومقصوده الاعلام ليقوموا فيستحب المبادرة إلى القيام امتثالا للامر وانما قلنا انه لا يكبر حتى يفرغ المؤذن لان النبي صلى الله عليه وسلم انما كان يكبر بعد فراغه يدل عليه ما روي عنه انه كان يعدل الصفوف بعد اقامة الصلاة فروى أنس قال أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال " سووا صفوفكم وتراصوا فاني
أراكم من وراء ظهري " رواه البخاري.
ويقول في الاقامة مثل قول المؤذن فروى أبو داود عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ان بلالا أخذ في الاقامة فلما أن قال قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم " أقامها الله وأدامها " وقال في سائر الاقامة كنحو حديث عمر في الاذان، فأما حديثهم فان بلالا كان يقيم في موضع أذانه والا فليس بين لفظ الاقامة والفراغ منها ما يفوت بلالا " آمين " مع النبي صلى الله عليه وسلم.
إذا ثبت هذا فانما يقوم المأمومون إذا كان الامام في المسجد أو قريبا منه.
قال أحمد ينبغي أن تقام الصفوف قبل أن يدخل الامام لما روى أبو هريرة قال كانت الصلاة تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم مقامه.
رواه مسلم، فأما ان أقيمت الصلاة والامام في غير المسجد ولم يعلموا قربه لم يقوموا لما روى أبو قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت " رواه مسلم (مسألة) (ثم يسوي الامام الصفوف) وذلك مستحب، يلتفت عن يمينه فيقول: استووا رحمكم الله وعن يساره كذلك لما
ذكرنا من الحديث ولما روى محمد بن مسلم قال: صليت إلى جنب أنس بن مالك يوما فقال: هل تدري لم صنغ هذا العود؟ قلت: لا والله، فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمنه فقال " اعتدلوا وسووا صفوفكم " ثم أخذه بيساره وقال
" اعتدلوا وسووا صفوفكم " رواه أبو داود، وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سووا صفوفكم فان تسوية الصف من تمام الصلاة " متفق عليه (فصل) قيل لاحمد قبل التكبير تقول شيئا؟ قال لا، يعني ليس قبله دعاء مسنون إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولان الدعاء يكون بعد العبادة لقوله تعالى " فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) (مسألة) (ويقول الله أكبر لا يجزئه غيرها) لا تنعقد الصلاة الا بقول الله اكبر: وهو قول مالك وكان ابن مسعود والثوري والشافعي يقولون افتتاح الصلاة التكبير، وعليه عوام أهل الحديث قديما وحديثا الا أن الشافعي قال: تنعقد بقوله الله الاكبر لان الالف واللام لم تغيره عن بنيته ومعناه وانما أفادت التعريف، وقال أبو حنيفة تنعقد بكل اسم لله تعالى على وجه التعظيم كقوله الله عظيم أو كبير أو جليل وسبحان الله والحمد الله ولا اله الا الله ونحوه قول الحاكم لانه ذكر لله على وجه التعظيم أشبه قوله الله أكبر ولان الخطبة لا يتعين في أولها لفظ كذلك هذا ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " تحريمها التكبير " رواه أبو داود، وقوله للمسئ في صلاته " إذا قمت إلى الصلاة فكبر " متفق عليه، وفي حديث رفاعة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يقبل الله صلاة امرئ.
حتى يضع الطهور مواضعه ثم يستقبل القبلة ويقول الله اكبر " رواه أبو داود، وكان
النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بقوله " الله اكبر " لم ينقل عنه عدول عن ذلك حتى فارق الدنيا وقياسهم يبطل بقوله اللهم اغفر لي، ولا يصح القياس على الخطبة لانه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها لفظ بعينه في جميع الخطبة ولا امر به ولانه يجوز فيها الكلام بخلاف الصلاة، وما قاله
الشافعي عدول عن المنصوص، فاشبه ما لو قال الله العظيم، وقولهم لم يغير بنيته ولا معناه ممنوع لان التنكير متضمن لاضمار أو تقدير بخلاف التعريف فان معنى قوله " الله اكبر " اي من كل شئ ولان ذلك لم يرد في كلام الله تعالى ولا في كلام رسوله ولا في المتعارف في كلام الفصحاء الا كما ذكرنا فاطلاق لفظ التكبير ينصرف إليها دون غيرها كما ان اطلاق لفظ التسمية انما ينصرف إلى قوله بسم الله دون غيره، وهذا يدل على ان غيرها لا يساويها (فصل) والتكبير ركن لا تنعقد الصلاة الا به لا يسقط في عمد ولا سهو وهو قول مالك والشافعي وقال سعيد بن المسيب والحسن والزهري والاوزاعي: من نسي تكبيرة الافتتاح اجزأته تكبيرة الركوع ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " تحريمها التكبير " فدل على أنه لا يدخل الصلاة بدونه (فصل) ولا يصح الا مرتبا فان نكسه لم يصح لانه لا يكون تكبيرا، ويجب على المصلي أن يسمعه نفسه اماما كان أو غيره الا أن يكون به عارض من طرش أو ما يمنع السماع فيأتي به بحيث لو كان سميعا أو لا عارض به سمعه لانه ذكر محله اللسان فلا يكون كاملا بدون الصوت.
والصوت
ما يتأتى سماعه وأقرب السامعين إليه نفسه فمتى لم يسمعه لم يعلم أنه أتى بالقول والرجل والمرأة سواء فيما ذكرنا (فصل) ويبين التكبير ولا يمد في غير موضع المد فان فعل بحيث لم يغير المعنى مثل أن يمد الهمزة الاولى في اسم الله تعالى فيقول الله فيصير استفهاما أو يمد اكبر فيصير ألفا فيبقى جمع كبر وهو الطبل لم يجز لتغير المعنى، وإن قال الله أكبر وأعظم ونحوه لم يستحب، نص عليه وانعقدت به الصلاة (مسألة) (فان لم يحسنها لزمه تعلمها فان خشي فوات الوقت كبر بلغته) وجملة ذلك أنه لا يجزئه التكبير بغير العربية مع قدرته عليها، وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد.
وقال أبو حنيفة يجزئه لقول الله تعالى (وذكر اسم ربه فصلى) وهذا قد ذكر اسم ربه ولنا ما تقدم من النصوص وهي تخص ما ذكروه فان لم يحسن العربية لزمه تعلم التكبير بها لانه ذكر واجب في الصلاة لا تصح بدونه فلزمه تعلمه كالقراءة فان خشي فوات الوقت كبر بلغته في أظهر الوجهين وهو مذهب الشافعي لانه ذكر عجز عنه بالعربية فلزمه الاتيان به بغيرها كالفظ النكاح، ولان ذكر الله
تعالى يحصل بكل لسان (والثاني) لا يصح ذكره القاضي في الجامع ويكون حكمه حكم الاخرس لانه ذكر تنعقد به الصلاة فلم يجز التعبير عنه بغير العربية كالقراءة فان عجز عن بعض اللفظ أو بعض الحروف أتى بما يمكنه كمن عجز عن بعض الفاتحة (فصل) فان كان أخرس لو عاجزا عن التكبير بكل لسان سقط عنه وعليه تحريك لسانه ذكره
القاضي في المجرد لان الصحيح يلزمه النطق بتحريك لسانه فإذا عجز عن أحدهما لزمه الآخر.
قال شيخنا: وهذا غير صحيح لانه قول عجز عنه فلم يلزمه تحريك لسانه في موضعه كالقراءة وانما لزمه تحريك لسانه مع التكبير ضرورة توقف التكبير عليه فإذا سقط التكبير سقط ما هو من ضرورته كمن سقط عنه القيام سقط عنه النهوض إليه وإن قدر عليه، ولان تحريك لسانه بغير النطق مجرد عبث فلم يرد الشرع به كالعبث بسائر جوارحه (مسألة) ويجهر الامام بالتكبير كله ليسمع المأمومون فيكبروا بتكبيره فان لم يمكنه اسماعهم جهر بعض المأمومين ليسمعهم أو يسمع من لا يسمعه الامام لما روى جابر قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر أبو بكر ليسمعنا متفق عليه (مسألة) (ويسر غيره به وبالقراءة بقدر ما يسمع نفسه) لا يستحب لغير الامام الجهر بالتكبير لانه لا حاجة إليه وربما ليس على المأمومين الا أن يحتاج إلى الجهر بالتكبير ليسمع المأمومين كما ذكرنا ويجب عليه أن يكبر بحيث يسمع نفسه وكذلك القراءة لانه لا يسمى كلاما بدون ذلك وقد ذكرناه قبل هذا (فصل) وعليه أن يأتي بالتكبير قائما فان انحنى إلى الركوع بحيث يصير راكعا قبل إنهاء التكبير لم تنعقد صلاته إن كانت فرضا لان القيام فيها واجب ولم يأت به، وإن كانت نافلة فظاهر قول القاضي أنها تنعقد فانه قال إن كبر في الفريضة في حال انحنائه إلى الركوع انعقدت نفلا لسقوط القيام فيه فإذا تعذر الفرض وقعت نفلا كمن أحرم بفريضة فبان قبل وقتها.
قال شيخنا: ويحتمل أن لا تنعقد النافلة إلا أن يكبر في حال قيامه أيضا لان صفة الركوع غير صفة القعود ولم يأت بالتكبير قائما ولا قاعدا
ولان عليه الاتيان بالتكبير قبل وجود الركوع منه (فصل) ولا يكبر المأموم حتى يفرغ إمامه من التكبير.
وقال أبو حنيفة يكبر معه كما يركع معه ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا " متفق عليه والركوع مثل ذلك، إلا أنه لا تفسد صلاته بالركوع معه لانه قد دخل في الصلاة، وههنا بخلافه فان كبر قبل إمامه لم تنعقد صلاته وعليه إعادة التكبير بعد تكبير الامام (فصل) والتكبير من الصلاة خلافا لاصحاب أبي حنيفة في قولهم ليس منها لانه أضافه إليها في قوله " تحريمها التكبير " ولا يضاف الشئ إلى نفسه ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة " إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن " رواه مسلم.
وما ذكروه فلا يصح، فان أجزاء الشئ تضاف إليه كيد الانسان وسائر أطرافه
(مسألة) (ثم يرفع يديه مع ابتداء التكبير ممدودة الاصابع مضموما بعضها إلى بعض إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه) رفع اليدين عند افتتاح الصلاة مستحب بغير خلاف نعلمه، قال ابن المنذر: لا يختلف أهل العلم في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، فروى
ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعد ما يرفع رأسه من الركوع، ولا يرفع بين السجدتين متفق عليه.
وهو مخير في رفعهما إلى حذو منكبيه أو فروع أذنيه؟ يعني انه يبلغ بأطراف أصابعه ذلك الموضع لان كلا الامرين قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالرفع إلى المنكبين قد روي في حديث ابن عمر، ورواه علي وأبو هريرة وهو قول الشافعي وإسحاق، والرفع إلى حذو الاذنين رواه واثل بن حجر ومالك بن الحويرث من رواية مسلم وقال به ناس من أهل العلم إلا ان ميل أبي عبد الله إلى الاول لكثرة رواته وقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم.
وجوز الآخر لصحة روايته فدل على ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا وهذا، ويستحب أن يمد أصابعه وقت الرفع ويضم بعضها إلى بعض لما روى أبو هريرة ان النبي
صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في الصلاه رفع يديه مدا، وقال الشافعي: السنة أن يفرق أصابعه، وقد روي ذلك عن أحمد لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينشر أصابعه للتكبير ولنا ما رويناه وحديثهم خطأ قاله الترمذي، ثم لو صح كان معناه المد، قال أحمد: أهل العربية قالوا هذا الضم - وضم أصابعه - وهذا النشر - ومد أصابعه - وهذا التفريق - وفرق أصابعه - ولان النشر لا يقتضي التفريق كنشر الثوب
(فصل) ويكون ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير وانتهاؤه مع انتهائه فإذا انقضى التكبير حط يديه لان الرفع للتكبير فكان معه.
فان نسي رفع اليدين حتى فرغ من التكبير لم يرفعهما لانه سنة فات محلها وإن ذكره في أثناء التكبير رفعهما لبقاء محله، فان لم يمكنه رفع اليدين إلى المنكبين رفعهما قدر الامكان، وإن أمكنه رفع احداهما حسب رفعها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم " فان لم يمكنه رفعهما الا بالزيادة على المسنون رفعهما لانه يأتي بالسنة وزيادة مغلوب عليها وهذا كله قول الشافعي.
وإن كانت يداه في ثوبه رفعهما بحيث يمكن لما روى وائل بن حجر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة، وفي رواية قال ثم جئت في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تتحرك أيديهم تحت الثياب رواهما أبو داود وفيه فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم ولا فرق في ذلك بين النافلة و الفريضة والامام والمأموم والمنفرد لعموم الاخبار والله أعلم (مسألة) (ثم يضع كف يده اليمنى على كوع اليسرى ويجعلهما تحت سرته) وضع اليمنى على اليسرى
في الصلاة مسنون روي عن علي وأبي هريرة والنخعي وسعيد بن جبير والثوري والشافعي وأصحاب الرأى وحكاه ابن المنذر عن مالك والذي عليه أصحابه ارسال اليدين روي ذلك عن ابن الزبير والحسن ولنا ما روى قبيصة بن هلب عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه، رواه الترمذي وقال حديث حسن وعليه العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن
بعدهم، وعن غطيف قال: ما نسيت من الاشياء فلم أنس أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يمنه على شماله في الصلاة من المسند.
ويضعهما على كوعه أو قريبا منه لما روى وائل بن حجر أنه وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في وصفه ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى - والرسغ والساعد (فصل) ويجعلهما تحت سرته، روي ذلك عن علي وأبي هريرة والثوري واسحاق قال علي رضي الله عنه من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة، رواه الامام أحمد وأبو داود، وعن أحمد أنه يضعهما على صدره فوق السرة، وهو قول سعيد بن جبير والشافعي لما روى وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فوضع يديه على صدره احداهما إلى الاخرى، وعنه رواية ثالثة أنه مخبر في ذلك لان الجميع مروي والامر في ذلك واسع (مسألة) وينظر إلى موضع سجوده وذلك مستحب لانه أخشع للمصلي، وأكف لنظره.
قال محمد بن سيرين وغيره في قوله تعالى (والذين هم في صلاتهم خاشعون) هو أن لا يرفع بصره عن موضع سجوده.
قال أبو هريرة كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة فلما نزل
(الذين هم في صلاتهم خاشعون) رموا بأبصارهم إلى موضع السجود (مسألة) (ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) الاستفتاح من سنن الصلاة في قول أكثر أهل العلم، وكان مالك لا يراه بل يكبر ويقرأ لما روى أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين متفق عليه.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسفتح بما سنذكره وعمل به الصحابة رضي الله عنهم فكان عمر يستفتح به صلاته يجهر به ليسمعه الناس، وعبد الله بن مسعود.
وحديث أنس أراد به القراءة كما روى أبو هريرة يقول الله تعالى " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " وفسره بالفاتحة مثل قول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين ويتعين حمله على هذا لما ذكرنا من فعل عمر وهو ممكن روى عنه أنس (1) (فصل) ومذهب أحمد رحمه الله الاستفتاح الذى ذكرنا وقال: لو أن رجلا استفتح ببعض
ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الاستفتاح كان حسنا، والذي ذهب إليه أحمد قول أكثر أهل العلم منهم عمر بن الخطاب وابن مسعود والثوري واسحاق وأصحاب الرأي، قال الترمذي.
وعليه العمل عند أهل العلم من التابعين وغيرهم.
وذهب الشافعي وابن المنذر إلى الاستفتاح بما روي عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثم قال " وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا انه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لاحسن الاخلاق لا يهدي لاحسنها
__________
1) كذا في نسختنا وهو غير ظاهر وتراجع العبارة في السطر الخامس من الصفحة التالية
إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس اليك، أنا بك واليك، تباركت ربنا وتعاليت، أستغفرك وأتوب اليك " راه مسلم وأبو داود.
وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر سكت إسكاته حسنة، قال هنيهة بين التكبير والقراءة.
فقلت يا رسول الله؟ أرأيت إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال أقول " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الابيض من الدنس.
اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد " متفق عليه.
وانما اختار أحمد رحمه الله الاستفتاح الاول لما روت عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي.
وروى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله من رواية النسائي والترمذي ورواه أنس أيضا وعمل به عمر بين يدي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك اختاره أحمد وجوز الاستفتاح بغيره لكونه قد صح، إلا أنه قد قال في حديثهم بعضهم يقول في صلاة الليل ولان العمل به متروك، فانا لا نعلم أحدا يستفتح به كله، وانما يستفتحون بأوله قال أحمد: ولا يجهر الامام بالاستفتاح وعليه عامة أهل العلم لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجهر به وانما جهر به عمر ليعلم الناس، فان نسيه أو تركه عمدا حتى شرع في
الاستعاذة لم يعد إليه لانه سنة فات محلها، وكذلك إن نسي التعوذ حتى شرع في القراءة لم يعد إليه لذلك (مسألة) (ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة سنة في قول الحسن وابن سيرين والثوري والاوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي لقول الله تعالى (فإذا قرات القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة استفتح ثم يقول " أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه "
قال الترمذي هذا أشهر حديث في هذا الباب.
وقال مالك لا يتسعيذ لحديث انس وقد مضى جوابه وصفتها كما ذكرنا وهذا قول ابي حنيفة والشافعي للآية.
وقال ابن المنذر جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول قبل القراءة " اعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وعن احمد انه يقول " اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " لحديث ابي سعيد فانه متضمن للزيادة، ونقل حنبل عنه انه يزيد بعد ذلك " ان الله هو السميع العليم " وهذا كله واسع وكيفما استعاذ فحسن (مسألة) (ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم) قراءة بسم الله الرحمن الرحيم مشروعة في الصلاة في أول الفاتحة وأول كل سورة في قول أكثر أهل العلم، وقال مالك والاوزاعي لا يقرؤها في أول الفاتحة لحديث أنس، وعن ابن عبد الله بن المغفل قال سمعني أبي وأنا أقول بسم الله الرحمن الرحيم فقال أي بني محدث، إياك والحدث، قال ولم أر احدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبغض إليه الحدث في الاسلام - يعني منه - فاني صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع ابي بكر ومع عمر ومع عثمان فلم اسمع احدا منهم يقولها فلا تقلها فإذا صليت فقل (الحمد لله رب العالمن) رواه الترمذي وقال حديث حسن ولنا ما روي عن نعيم المجمر انه قال صليت وراء ابي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن وقال والذي نفسي بيده إني لاشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم رواه النسائي، وروى ابن المنذر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم.
وعن ام سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم وعدها آية والحمد لله رب العالمين آيتين.
فأما حديث انس فقد سبق جوابه ثم يحمل على ان الذي كان يسمع منهم الحمد لله رب العالمين وقد جاء مصرحا به فروى شعبة وشيبان عن قتادة قال سمعت انس بن
مالك قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وابي بكر وعمر فلم اسمع احدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وفي لفظ كلهم يخفي بسم الله الرحمن الرحيم، وفي لفظ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر بسم الله الرحمن
الرحيم وأبا بكر وعمر، رواه ابن شاهين، وحديث عبد الله بن المغفل محمول على هذا ايضا جمعا بين الاخبار، ولان مالكا قد سلم أنه يستفتح بها في غير الفاتحة والفاتحة أولى لانها أول القرآن وفاتحته (مسألة) (وليست من الفاتحة وعنه انها منها ولا يجهر بشى ء من ذلك) قد مضى ذكر الاستفتاح ولا نعلم خلافا في أنه لا يجهر بالاستعاذة، فأما بسم الله الرحمن الرحيم فالجهر بها غير مسنون عند أحمد رحمه الله لا اختلاف عنه فيه، قال الترمذي وعليه العمل عند اكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وذكره ابن المنذر عن ابن مسعود وعمار وابن الزبير وهو قول الحكم وحماد والاوزاعي والثوري وابن المبارك واصحاب الرأي، ويروى الجهر بها عن عطاء وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير وهو مذهب الشافعي لحديث ابي هريرة انه قرأ بها في الصلاة وقد قال ما اسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعناكم وما اخفى علينا اخفينا عنكم متفق عليه، وعن انس انه صلى وجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وقال أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما تقدم من حديث ام سلمة ولانها آية من الفاتحة فيجهر بها الامام في صلاة الجهر كسائر آياتها ولنا ما ذكرنا من حديث انس وعبد الله بن المغفل، وعن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين، متفق عليه وحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " لم يذكر فيه بسم الله الرحمن الرحيم يدل على انه لم يذكر فيه بسم الله الرحمن الرحيم، وأما حديث ابي هريرة الذي احتجوا به فليس فيه انه جهر بها ولا يمتنع ان يسمع منه حال الاسرار كما سمع الاستفتاح والاستعاذة من النبي صلى الله عليه وسلم مع اسراره بهما فقد روي انه كان يسمعهم الآية احيانا في صلاة الظهر من رواية ابي قتادة
متفق عليه، وكذلك حديث أم سلمة ليس فيه ذكر الجهر وباقي أخبار الجهر ضعيفة لان رواتها هم
رواة الاخفاء باسناد صحيح ثابت لا يختلف فيه فدل على ضعف ما يخالفه، وقد بلغنا أن الدار قطني قال: لم يصح في الجهر حديث (فصل) وليست من الفاتحة في أحدى الروايتين عن أحمد و هي المنصورة عند أصحابنا، وهو قول أبي حنيفة ومالك والاوزاعي، ثم اختلف عن أحمد فيها فقيل هي آية منفردة كانت تنزل بين كل سورتين فصلا بين السور (1) وقيل عنه إنها هي بعض آية من سورة النمل (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) (والرواية الثانية) أنها آية من الفاتحة خاصة تجب قراءتها في الصلاة أولا اختارها أبو عبد الله بن بطة وأبو حفص وهو قول ابن المبارك والشافعي واسحاق وأبي عبيد، قال عبد الله بن المبارك: من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية، وكذلك قال الشافعي لحديث أم سلمة.
وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا قرأتم (الحمد لله رب العالمين) فاقرءوا (بسم الله الرحمن الرحيم) فانها أم الكتاب وإنها السبع المثاني " وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها ولان الصحابة رضي الله عنهم أثبتوها في المصاحف ولم يثبتوا بين الدفتين سوى القرآن، ووجه الرواية الاولى ما روى أبو هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال الحمد لله رب العالمين، قال الله حمدني عبدي فإذا قال (الرحمن الرحيم) قال الله أثنى علي عبدي فإذا قال (مالك يوم الدين) قال الله مجدني عبدي فإذا قال (إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله هذا بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال " هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " رواه مسلم فلو كانت بسم الله الرحمن الرحيم آية لعدها وبدأ بها ولم
__________
1) هذا القول لا يصدق علي بسملة الفاتحة فانها الاولي باجماع الصحابة كما سيأتي 1) فيه ان البسملة لله تعالى وحده فان القارئ يعنى به أنه يقرأ أو يصلى باسم الله على أن هذا منه بدأ واليه يعود وله يتلي ويصلي (قل إن صلاتي ونسكي ومحيائي ومماتي لله رب العالمين)
يتحقق التنصيف، فان قيل فقد روى عبد الله بن زياد بن سمعان " يقول عبدي إذا افتتح الصلاة بسم
الله الرحمن الرحيم فيذكرني عبدي " قلنا ابن سمعان متروك الحديث لا يحتج به قاله الدار قطني وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " سورة هي ثلاثون آية شفعت لقارئها ألا وهي تبارك الذي بيده الملك " وهي ثلاثون آية سوى بسم الله الرحمن الرحيم ولان مواضع الآي كالآي في أنها لا تثبت إلا بالتواتر ولا تواتر في هذا.
فأما حديث أم سلمة فلعله من رأيها أو نقول هي آية مفردة للفصل بين السور وحديث أبي هريرة موقوف عليه فان راويه أبو بكر الحنفي عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال قال أبو بكر: راجعت فيه نوحا فوقفه، واما اثباتها بين السور فللفصل بينها ولذلك كتبت سطرا على حدتها والله أعلم.
(مسألة) (ثم يقرأ الفاتحة وفيها احدى عشرة تشديدة) قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاه لا تصح إلا به في المشهور عن أحمد وهو قول مالك والثوري والشافعي وإسحاق.
وروي عن عمر وعثمان ابن أبي العاص وخوات بن جبير رضي الله عنهم أنهم قالوا لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب.
وروي عن أحمد أنها لا تتعين ويجزئ قراءة آية من القرآن أي آية كانت وهو قول أبي حنيفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسئ في صلاته " ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن " وقول الله تعالى (فاقرءوا ما تيسر من القرآن) ولان الفاتحة وسائر القرآن سواء في سائر الاحكام كذلك في الصلاة
ولنا ما روى عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " متفق عليه.
ولان القراءة ركن في الصلاة فكانت معينة كالركوع والسجود.
فأما خبرهم فقد روى الشافعي باسناده عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للاعرابي " ثم اقرأ بأم القرآن وما شاء
الله أن تقرأ " ثم يحمل على الفاتحة وما تيسر معها ويحتمل أنه ان لم يكن يحسن الفاتحة وكذلك نقول في الآية يجوز أن يكون أراد الفاتحة وما تيسر ويحتمل أنها نزلت قبل نزول الفاتحة، والمعنى الذي ذكروه أجمعنا على خلافه فان من ترك الفاتحة كان مسيئا بخلاف بقية السور وتشديدات الفاتحة إحدى عشرة
بغير خلاف أولها اللام في لله والباء في رب والراء في الرحمن وفي الرحيم والدال في الدين وفي اياك واياك تشديدتان وفي الصراط على الصاد وعلى اللام في الذين وفي الضالين تشديدتان في الضاد واللام وإذا قلنا البسملة منها صار فيها أربع عشرة تشديدة (فصل) وتجب قراءة الفاتحة في كل ركعة في حق الامام والمنفرد في الصحيح من المذهب
وهو قول مالك والاوزاعي والشافعي، وعن أحمد انها لا تجب في ركعتين من الصلاة.
ونحوه يروى عن النخعي والثوري وأبي حنيفة، وروي نحوه عن الاوزاعي أيضا لما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال اقرأ في الاوليين وسبح في الاخريين ولان القراءة لو وجبت في بقية الركعان لسن الجهر بها في بعض الصلوات كالاوليين، وعن الحسن أنه ان قرأ في ركعة واحدة أجزاه.
وقالت طائفة ان ترك قراءة القرآن في ركعة واحدة سجد للسهو لا في الصبح فانه يعيد روي هذا عن مالك، وروي عن اسحاق انه قال: إذا قرأ في ثلاث ركعات اماما أو منفردا فصلاته جائزة وذلك لقول الله تعالى (فاقرؤا ما تيسر منه) ولنا ما روى أبو قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الاوليين بأم الكتاب وسورتين ويطول الاولى ويقصر الثانيه، ويسمع الآية أحيانا، وفي الركعتين الاخريين بأم الكتاب وقال " صلوا كما رأيتموني أصلي " متفق عليهما، ورى ابو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب " وعنه وعن عبادة بن الصامت قالا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة، رواهما اسماعيل بن سعيد الشالنجي، ولان النبي صلى الله عليه وسلم علم المسئ في صلاته كيف يصلي الركعة الاولى ثم قال " وافعل ذلك في صلاتك كلها " فيتناول الامر بالقراءة، وحديث علي يرويه الحارث الاعور، قال الشعبي: كان كذابا ولو صح فقد خالفه عمر وجابر والاسرار بها لا ينفي وجوبها كالاوليين في الظهر (فصل) وأقل ما يجزئ قراءة مسموعة يسمعها نفسه أو يكون بحيث يسمعها لو كان سمعيا إلا
ان يكون ثم ما يمنع السماع كقولنا في التكبير فان ما دون ذلك ليس بقراءة، والمستحب ان يأتي بها مرتبة معربة يقف فيها عند كل آية ويمكن حروف المد واللين ما لم يخرجه ذلك إلى التمطيط لقول الله تعالى (ورتل القرآن ترتيلا) وروي عن أم سلمة انها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان يقطع قراءته آية آية (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين) من المسند.
وعن أنس قال: كان قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدا مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد باسم ويمد الرحمن ويمد الرحيم، أخرجه البخاري.
فان أخرجه ذلك إلى التمطيط والتلحين كان مكروها لانه ربما جعل الحركات حروفا، قال أحمد: يعجبني من قراءة القرآن السهلة وقال قوله " زينوا القرآن بأصواتكم " قال: يحسنه بصوته من غير تكلف، وقد روي في خبر " أحسن الناس قراءة من إذا سمعت قراءته رأيت انه يخشى الله " وروي " ان هذا القرآن نزل بحزن فاقرءوه بحزن " (مسألة) (فان ترك ترتيبها أو تشديدة منها أو قطعها بذكر كثير أو سكوت طويل لزمه استئنافها) وجملة ذلك انه يلزمه أن يأتي بقراءة الفاتحة مرتبة مشددة غير ملحون فيها لحنا يحيل المعنى مثل أن يكسر كاف إياك أو يضم تاء أنعمت أو يفتح ألف الوصل في اهدنا فان أخل بالترتيب أو لحن فيها لحنا
يحيل المعنى لم يعتد بها لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها مرتبة وقد قال " صلوا كما رأيتموني أصلي " إلا أن يعجز عن غير هذا، وكذلك ان أخل بتشديدة منها، ذكر القاضي نحو هذا في المجرد وهو قول الشافعي، وذكر في الجامع لا تبطل بترك شدة لانها غير ثابتة في خط المصحف وانما هي صفة للحرف ويسمى تاركها قارئا، والصحيح الاول لان الحرف المشدد أقيم مقام حرفين بدليل ان شدة راء الرحمن أقيمت مقام اللام وكذلك شدة دال الدين.
فإذا أخل بها أخل بالحرف وغير المعنى إلا أن يريد انه أظهر المدغم مثل أن يظهر لام الرحمن فهذا يصح لانه انما ترك الادغام وهو لحن لا يحيل المعنى، قال القاضي: ولا يختلف المذهب انه إذا لينها ولم يخففها على الكمال انه لا يعيد الصلاة لان ذلك لا يحيل المعنى ويختلف باختلاف الناس ولعله أراد في الجامع هذا فيكون قوله متفقا، ولا تستحب المبالغة في التشديد بحيث يزيد على حرف ساكن لانها اقيمت مقامه فإذا زادها عن ذلك زادها عما اقيمت مقامه فيكره
(فصل) فان قطع قراءة الفاتحة بذكر أو دعاء أو قراءة أو سكوت وكان يسيرا أو فرغ الامام من الفاتحة في اثناء قراءة المأموم فقال آمين لم تنقطع قراءته لقول أحمد إذا مرت به آية رحمة سأل، وإذا مرت به آية عذاب استعاذ لانه يسير فعفي عنه، وان كثر ذلك استأنف قراءتها لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها متوالية، فان كان السكوت مأمورا به كالمأموم شرع في قراءة الفاتحة ثم سمع قراءة الامام فينصت له فإذا سكت الامام أتم قراءته واجزأه.
اومى إليه احمد وكذلك ان سكت نسيانا أو
نوما أو لانتقاله إلى غيرها غلطا ومتى ما ذكر اتى بما بقي منها فان تمادى فيما هو فيه بعد ذكره لزمه استئنافها كما لو ابتدأ بذلك، فان نوى قطع قراءتها من غير أن يقطعها لم تنقطع لان الاعتبار بالفعل لا بالنية.
وكذا ان سكت مع النية سكوتا يسيرا لما ذكرنا ان النية لا عبرة بها ذكره القاضي في المجرد وذكر في الجامع انه متى سكت مع النية ابطلها وانه متى عدل إلى قراءة غيرها عمدا أو دعاء غير مأمور به بطلت قراءته ولم يفرق بين قليل وكثير.
وان قدم آية منها في غير موضعها عمدا أبطلها وإن كان غلطا رجع فأتمها قال شيخنا: والاولى ان شاء الله ما ذكرناه لان المعتبر في القراءة وجودها لا نيتها فمتى قرأها متواصلة تواصلا قريبا صحت كما لو كان ذلك عن غلط والله أعلم (مسألة) (فإذا قال ولا الضالين قال آمين) التأمين عند الفراغ من قراءة الفاتحة سنة للامام والمأموم، روي ذلك عن ابن عمر وابن الزبير وهو قول الثوري وعطاء والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي.
وقال أصحاب مالك: لا يسن التأمين للامام لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا قال الامام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فانه من وافق قوله قول الملائكة غفر له " رواه مالك، وهذا دليل على أنه لا يقولها ولنا ما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أمن الامام فأمنوا فانه من
وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له " متفق عليه.
وعن وائل ابن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قال " ولا الضالين " قال " آمين " ورفع بها صوته، رواه أبو داود، وحديثهم لا حجة لهم
فيه وإنما قصد به تعريفهم موضع تأمينهم وهو موضع تأمين الامام ليكون تأمين الامام والمأمومين موافقا تأمين الملائكة وقد جاء هذا مصرحا به، فروى الامام أحمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا قال الامام ولا الضالين فقولوا آمين فان الملائكة تقول آمين والامام يقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " وقوله في اللفظ الآخر " إذا أمن الامام " يعني إذا شرع في التأمين (مسألة) (يجهر بها الامام والمأموم في صلاة الجهر) الجهر بآمين للامام والمأموم سنة، وقال أبو حنيفة ومالك في احدى الروايتين: يسن اخفاؤها لانه دعاء أشبه دعاء التشهد.
ولنا حديث وائل بن حجر الذي ذكرناه، وقال عطاء ان ابن الزبير كان يؤمن ويؤمنون حتى ان للمجسد للجة، رواه الشافعي في مسنده.
وما ذكروه يبطل بآخر الفاتحة فان دعاء ويسن الجهر به وفي آمين لغتان قصر الالف ومدهامع التخفيف فيها، قال الشاعر تباعد مني فطحل إذ دعوته + + + أمين فزاد الله ما بيننا بعدا وأنشد في المد يا رب لا تسلبني حبها أبدا + + + ويرحم الله عبدا قال آمينا ومعناها اللهم استجب.
قاله الحسن، وقيل هو اسم من اسماء الله عزوجل، ولا يشدد الميم لانه يخل بالمعنى فيصير بمعنى قاصدين (فصل) فان نسي الامام التأمين أمن المأموم ورفع بها صوته ليذكر الامام لانه من سنن الاقوال
فإذا تركها الامام أتى بها المأموم كالاستعاذة، وان أخفاها الامام جهر بها المأموم لما ذكرنا فان ترك التأمين حتى شرع في قراءة السورة لم يعد إليه لانه سنة فات محلها (مسألة) (فان لم يحسن الفاتحة وضاق الوقت عن تعلمها قرأ قدرها في عدد الحروف وقيل في عدد الآيات من غيرها فان لم يحسن الا آية كررها بقدرها) وجملة ذلك ان من لم يحسن الفاتحة يلزمه تعلمها لانه واجب في الصلاة فلزمه تحصيله إذا أمكنه كشروطها فان لم يفعل مع القدرة عليه لم تصح صلاته، فان لم يقدر أو خشي فوات الوقت سقط، فان
كان يحسن منها آية أو أكثر كررها بقدرها لا يجزئه غير ذلك، ذكره القاضي لان ذلك أقرب إليها من غيرها وقال ابن أبى موسى: لا يكررها وكذلك إن لم يحسن من القرآن الا آية.
ويحتمل أن يأتي ببقية الآي من غيرها كمن وجد بعض الماء فانه يغسل به ويعدل إلى التيمم، ذكر القاضي هذا الاحتمال في الجامع ولاصحاب الشافعي وجهان كهذين.
فأما إن عرف بعض آية لم يكررها وعدل إلى غيرها لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي لا يحسن الفاتحة أن يقول الحمد لله وغيرها وهي بعض آية ولم يأمره بتكرارها، فان لم يحسن شيئا منها وأحسن غيرها من القرآن قرأ منه بقدرها ان قدر عليه لا يجزئه غير ذلك لما روى أبو داود عن رفاعة ابن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا أقيمت الصلاة فان كان معك قرآن فاقرأ به والا فاحمد الله وهلله وكبره " ويجب أن يقرأ بعدد آياتها، وهل يعتبر أن يكون بعدد حروفها؟ فيه وجهان أظهرهما اعتبار ذلك اختاره القاضي وابن عقيل لان الحرف مقصود بدليل تقدير الحسنات به فاعتبر كالآي (والثاني) تعتبر الآيات ولا يعتبر عدد الحروف بدليل انه لا يكفي عدد الحروف دونها فأشبه من فاته صوم يوم طويل لا يعتبر في القضاء صوم يوم طويل مثله (وفيه وجه ثالث) أنه يكفيه أن يقرأ بعدد الحروف ولا يعتبر عدد الآيات وهو ظاهر كلام شيخنا ههنا لان الثواب مقدر بالحروف فكفى اعتبارها، فان لم يحسن الا آية كررها بقدرها فكان بمثابة من قرأها لانها من جنس الواجب (مسألة) (فان لم يحسن شيئا من القرآن لم يجز أن يترجم عنه بلغة أخرى ولزمه أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة الا بالله) لا يجوز له القراءة بغير العربية سواء أحسن قراءتها بالعربية أو لم يحسن وهو قول الشافعي وقول
أبي يوسف ومحمد إذا كان لا يحسن وبه قال بعض أصحاب الشافعي، وقال أبو حنيفة يجوز ذلك لقوله تعالى (وأوحي الي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ) وانما ينذر كل قوم بلسانهم ولنا قول الله تعالى (قرآنا عربيا) وقوله (بلسان عربي مبين) ولان القرآن لفظه ومعناه معجزة فإذا غير خرج عن نظمه ولم يكن قرآنا ولامثله وانما يكون تفسيرا له ولو كان تفسيره مثله لما عجزوا عنه إذا تحداهم بالاتيان بسورة من مثله، أما الانذار فإذا فسره لهم حصل بالمفسر لا بالتفسير،
إذا ثبت هذا فانه يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا اله الا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة الا بالله، لما روى أبو داود قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزئني منه فقال تقول " سبحان الله، والحمد لله، ولا اله الا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة الا بالله " قال هذا لله فما لي؟ قال تقول " اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني واهدني وعافنى " ولا تلزمه الزيادة على الخمس الاول لان النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر عليها وانما زاده عليها حين طلب الزيادة.
وذكر بعض أصحاب الشافعي أنه يزيد على الخمس كلمتين حتى يكون مقام سبع آيات فقال ابن عقيل يكون ما أتى به على قدر حروف الفاتحة كما قلنا فيما إذا قرأ من غيرها، والحديث يدل على أن الخمس المذكورة مجزئة ولا يلزم عليه القراءة من غير الفاتحة حيث لزم أن يكون بعدد آياتها لان هذا بدل من غير الجنس أشبه التيمم (مسألة) (فان لم يحسن الا بعض ذلك كرره بقدرها) كما قلنا فمين يحسن بعض الفاتحة.
قال شيخنا ويحتمل أن يجزئه الحمد والتهليل والتكبير لقول النبي صلى الله عليه وسلم " فان كان معك قرآن فاقرأ به والا فاحمد الله وهلله وكبره " رواه أبو داود (مسألة) (فان لم يحسن شيئا من الذكر وقف بقدر القراءة) لان الوقوف كان واجبا مع القراءة فإذا عجز عن أحد الواجبين بقي الآخر على وجوبه ولان القيام ركن فلم يسقط بالعجز عن غيره كسائر الاركان
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: