بَاب الرجاء
قَالَ
اللَّه تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ
لآتٍ} [العنكبوت: 5]
أَخْبَرَنَا
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَد الأَهْوَازِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بْنُ عَبِيدٍ الصَّفَّارُ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ
زَيْدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ فَرَأَيْتُ عِنْدَهُ شَهْرَ
بْنَ حَوْشَبٍ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ قُلْتُ لِشَهْرٍ: يَرْحَمُكَ
اللَّهُ تَعَالَى زَوِّدْنِي زَوَّدَكَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ نَعَمْ
حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ نَبِيِّ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ
قَالَ: قَالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدِي مَا عَبَدَّتَنِي وَرَجَوْتَنِي
وَلَمْ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَوِ
اسْتَقْبَلْتَنِي بِمِلْءِ الأَرْضِ خَطَايَا وَذُنُوبًا اسْتَقْبَلْتُكَ
بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً فَأَغْفِرُ لَكَ وَلا أُبَالِي "
أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
سُفْيَانَ طَرِيفُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ
تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ
مِثْقَالُ حَبَّةِ شَعِيرٍ مِنْ إِيمَانٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ
مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ثُمَّ يَقُولُ:
وَعِزَّتِي وَجَلالِي لا أَجْعَلُ مَنْ آمَنَ بِي سَاعَةً مِنْ لَيْلٍ أَوْ
نَهَارٍ كَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي
الرجاء تعلق
القلب بمحجوب سيحصل فِي المستقبل.
وكما أَن
الخوف يقع فِي مستقبل الزَّمَان فَكَذَلِكَ الرجاء يحصل لما يؤمل فِي الاستقبال
وبالرجاء عيش القلوب واستقلالها
والفرق
بَيْنَ الرجاء وبين التمني أَن التمني يورث صاحبه الكسل ولا يسلك طريق الجهد والجد
وبعكسه صاحب الرجاء فالرجاء محمود والتمني معلول وتكلموا فِي الجراء فَقَالَ شاه
الكرماني: علامة الرجاء حسن الطاعة وَقَالَ ابْن خبيق الرجاء ثلاثة: رجل عمل حسنة
فَهُوَ يرجو قبولها ورجل عمل سيئة ثُمَّ تاب فَهُوَ يرجو المغفرة والثالث الرجل
الكاذب يتمادى فِي الذنوب وَيَقُول أرجو المغفرة ومن عرف نَفْسه بالإساءة ينبغي
أَن يَكُون خوفه غالبا عَلَى رجائه وقيل: الرجاء ثقة الجود من الكريم والودود
وقيل: الرجاء رؤية الجلال بعين الجمال وقيل: هُوَ قرب القلب من ملاطفة الرب وقيل:
سرور الفؤاد بحسن المعاذ وقيل: هُوَ النظر إِلَى سعة رحمة اللَّه تَعَالَى.
سمعت الشيخ
أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول
سمعت أبا عَلِي الروذباري يَقُول الخوف والرجاء هما كجناحي الطائر إِذَا استويا
استوى الطير وتم طيرانه وإذا نقص أحدهما وقع فِيهِ النقص وإذا ذهبا صار الطائر فِي
حد الْمَوْت.
وسمعته
يَقُول: سمعت النصرأباذي يَقُول: سمعت ابْن أَبِي حاتم يَقُول: سمعت عَلِي بْن
شمرذان يَقُول: قَالَ أَحْمَد بْن عَاصِم الأنطاكي وسئل مَا علامة الرجاء فِي
العبد؟ قَالَ أَن يَكُون إِذَا أحاط بِهِ الإحسان ألهم الشكر راجيا لتمام النعمة
من اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الدنيا وتمام عفوه فِي الآخرة.
وَقَالَ
أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن خفيف الرجاء استبشار بوجود فضله.
وَقَالَ
ارتياح القلوب لرؤيته كرم المرجو المحبوب.
سمعت الشيخ
أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان المغربي يَقُول: من حمل
نَفْسه عَلَى الرجاء تعطل ومن حمل نَفْسه عَلَى الخوف قنط ولكن من هذه مرة ومن هذه
مرة.
وسمعته
يَقُول: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس البغدادي قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن
صفوان قَالَ: حدثا ابْن أَبِي الدنيا قَالَ حدثت عَن بَكْر بْن سليم الصواف قَالَ
دخلنا عَلَى مَالِك بْن أَنَس فِي العشية الَّتِي قبض فِيهَا فقلنا يا أبا عَبْد
اللَّهِ كَيْفَ تجدك فَقَالَ: مَا أدرى مَا أقول لكم غَيْر أنكم ستعاينون من عفو
اللَّه تَعَالَى مَا لَمْ يكن لَك فِي حساب ثُمَّ مَا برحنا حَتَّى أغمضناه.
وَقَالَ
يَحْيَي بْن معاذ يكاد رجائي لَك مَعَ الذنوب يغلب رجائي لَك مَعَ الأعمال لأني
أجدني أعتمد فِي الأعمال عَلَى الإخلاص وكيف أحرزها وأنا بالآفة معروف وأجدني فِي
الذنوب أعتمد على عفوك وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف وكلموا ذا النون المصري
وَهُوَ فِي النزع فَقَالَ: لا تشغلوني فَقَدْ تعجبت من كثرة لطف اللَّه تَعَالَى
معى وَقَالَ يَحْيَي بْن معاذ: إلهي أحلى العطايا فِي قلبي رجاؤك وأعذب الْكَلام
عَلَى لساني ثناؤك وأحب الساعات إِلَى ساعة يَكُون فِيهَا لقاؤك.
وَفِي بَعْض
التفاسير أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى
أَصْحَابه من بَاب بَنِي شيبة فرآهم يضحكون، فَقَالَ: أتضحون لو تعلموا مَا أعلم
لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ثُمَّ مر ثُمَّ رجع القهقرى وَقَالَ: نزل عَلِي جبريل
عَلَيْهِ السَّلام وأتى بقوله تَعَالَى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر: 49]
أَخْبَرَنَا
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الأَهْوَازِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْحَسَنِ الصَّفَّارُ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ تَمِيمٍ , قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ أَيُّوبَ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ ,
قَالَ: حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنٍ
عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيَضْحَكُ مِنْ
يَأْسِ الْعِبَادِ وَقُنُوطِهِمْ وَقُرْبُ الرَّحْمَةِ مِنْهُمْ "، فَقُلْتُ:
بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ يَضْحَكُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ؟
فَقَالَ:
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَضْحَكُ.
فَقَالَتْ:
لا يَعْدِمُنَا خَيْرًا إِذَا ضَحِكَ
واعلم أَن
الضحك فِي وصفه من صفات فعله وَهُوَ إظهار فضله كَمَا يقال ضحكت الأَرْض بالنبات
وضحكه من قنوطهم إظهار تحقيق فضله الَّذِي هُوَ ضعف انتظارهم لَهُ.
وقيل إِن
مجوسيا استضاف إِبْرَاهِيم الخليل عَلَيْهِ السَّلام فَقَالَ لَهُ: إِن أستلمت
أضفتك فَقَالَ: المجوسي إِذَا أسلمت فأي منه تكون لَك عَلَى فمر المجوسي فأوحى
اللَّه تَعَالَى إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلام يا إِبْرَاهِيم لَمْ تطمعه
إلا بتغييره دينه نحن منذ سبعين سنة نطمعه عَلَى كفره فلو أضفته ليلة ماذا عليك
فمر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلام خلف المجوسي وأضافه فَقَالَ لَهُ المجوسي: إيش
كَانَ السبب فِي الَّذِي بدا لَك؟ فذكر لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ المجوسي: أهكذا يعاملني
ثُمَّ قَالَ أعرض عَلِي الإِسْلام فأسلم.
سمعت الشيخ
أبا عَلِيّ الدقاق يَقُول: رأى الأستاذ أَبُو سهل الصعلوكي أبا سهل الزجاج فِي
النوم وَكَانَ يَقُول بوعيد ألابد فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ حالك فَقَالَ: وجدنا الأمر
أسهل مِمَّا توهمنا.
سمعت أبا
بَكْر بْن أشكيب يَقُول: رأيت أبا سهل الصعلوكي فِي المنام عَلَى هيئة حسنة لا
توصف فَقُلْتُ لَهُ: يا أستاذ بِمَا نلت هَذَا فَقَالَ: حسن ظني بربي ورؤي مَالِك
بْن دِينَار فِي المنام فقيل لَهُ مَا فعل اللَّه بك فَقَالَ: قدمت عَلَى ربي
عَزَّ وَجَلَّ بذنوب كثيرة محاها عنى حسن ظني بِهِ تَعَالَى.
وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: يَقُول اللَّه
عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي
إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ
ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا
اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا اقْتَرَبْتُ
إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.
أَخْبَرَنَا
بِذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ الإِسْفِرَايِينِيُّ
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
حَرْبٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ , عَنِ
الأَعْمَشِ , عَن أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ,
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ذَلِكَ
وقيل: كَانَ
ابْن المبارك يقاتل علجا مرة فدخل وقت صلاة العلج فاستمهله فأمهله فلما سجد للشمس
أراد ابْن المبارك أَن يضربه بسَيْفه فسمع من الهواء قائلا يَقُول: {وَأَوْفُوا
بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا} [الإسراء: 34] فأمسك فلما سلم
المجوسي قَالَ لَهُ لَمْ أمسكت عما هممت بِهِ فذكر لَهُ مَا سمع فَقَالَ لَهُ
المجوسي نعم الرب رب يعاتب وليه فِي عدوه فأسلم وحسن إسلامه.
وقيل:
إِنَّمَا أوقعهم فِي الذنب حِينَ سمى نَفْسه عفوا.
وقيل: لو
قَالَ لا أغفر الذنوب لَمْ يذنب مُسْلِم قط كَمَا أَنَّهُ لما قَالَ: إِن اللَّه
لا يغفر أَن يشرك بِهِ لَمْ يشرك مُسْلِم قط ولكن لما قَالَ: {وَيَغْفِرُ مَا
دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] طمعوا فِي مغفرته.
ويحكى عَن
إِبْرَاهِيم بْن أدهم أَنَّهُ قَالَ: كنت أنتظر مدة من الزَّمَان أَن يخلو المطاف
لي فكانت ليلة ظلماء فِيهَا مطر شديد فخلا المطاف فدخلت الطواف وكنت أقول فِيهِ
اللَّهُمَّ عصمني اللَّهُمَّ اعصمني فسمعت هاتفا يَقُول لي يا ابْن أدهم أَنْتَ
تسألني العصمة وكل النَّاس يسألوني العصمة فَإِذَا عصمتكم فلمن أرحم.
وقيل: رأى
أَبُو الْعَبَّاس ابْن سريج فِي منامه فِي مرض موته كأن الْقِيَامَة قَدْ قامت
وإذا الجبار سبحانه يَقُول أين الْعُلَمَاء قَالَ فجاءوا ثُمَّ قَالَ ماذا عملتم
فيما علمتم قَالَ فقلنا يا رب قصرنا وأسأنا قَالَ فأعاد السؤال كَأَنَّهُ لَمْ يرض
بِهِ وأراد جوابا آخر فَقُلْتُ أما أنا فليس فِي صحيفتي الشرك وَقَدْ وعدت أَن
تغفر مادونه فَقَالَ: اذهبوا فَقَدْ غفرت لكم وَمَاتَ بَعْد ذَلِكَ بثلاث ليال.
وقيل: كَانَ
رجل شريب جمع قوما من ندمائه ودفع إِلَى غلام لَهُ أربعة دراهم وأمره أَن يشترى
بِهَا شَيْئًا من الفواكه للمجلس فمر الغلام بباب مجلس مَنْصُور بْن عمار وَهُوَ
يسأل لفقير شَيْئًا وَيَقُول من دفع لَهُ أربعة دراهم دعوت لَهُ أربع دعوات قَالَ
فدفع لَهُ الغلام الدراهم فَقَالَ مَنْصُور: مَا الَّذِي تريد أَن أدعو لَك
فَقَالَ لي سيدي أريد أَن أتخلص منه فدعا لي مَنْصُور وَقَالَ: مَا الأخرى
فَقَالَ: أَن يخلف اللَّه تَعَالَى عَلَى دراهمي فدعا ثُمَّ قَالَ وَمَا الأخرى
فَقَالَ: أَن يتوب اللَّه عَلَى سيدي فدعا قَالَ وَمَا الأخرى فَقَالَ: أَن يغفر
اللَّه تَعَالَى لي ولسيدي ولك وللقوم فدعا مَنْصُور فرجع الغلام إِلَى سيده
فَقَالَ: لَمْ أبطأت؟ فقص عَلَيْهِ القصة فَقَالَ: وبم دعا فَقَالَ: سألت لنفسي
العتق فَقَالَ أذهب فأنت حر وأيش الثَّانِي فَقَالَ: أَن يخلف اللَّه عَلِي
الدراهم فَقَالَ: لَك أربعة آلاف درهم فَقَالَ: وأيش الثالث فَقَالَ: أَن يتوب اللَّه
عليك فَقَالَ: تبت إِلَى اللَّه تَعَالَى فَقَالَ: وأيش الرابع فَقَالَ: أَن يغفر
اللَّه تَعَالَى لَك ولي وللقوم وللمذكر فَقَالَ: هَذَا الْوَاحِد لَيْسَ إلي فلما
بات رأى فِي المنام كأن قائلا يَقُول لَهُ أَنْتَ فعلت مَا كَانَ إليك تراني لا
أفعل مَا إلي قَدْ غفرت لَك وللغلام ولمنصور بْن عمار وللقول الحاضرين وقيل: حج
رباح القيسي حجات كثيرة فَقَالَ: يوما وَقَدْ وقف تَحْتَ الميزاب إلهي وهبت من
حجاتي كَذَا وكذا لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعشرة منها
لأَصْحَابه العشرة وثنتين لوالدي والباقي للمسلمين وَلَمْ بحبس شَيْئًا لنفسه فسمع
هاتفا يَقُول هُوَ ذا يتسخى عَلَيْنَا لأغفرن لَك ولأبويك ولمن شهد شهادة الحق
وَرَوَى عَن عَبْد الْوَهَّاب بْن عَبْد المجيد الثقفي قَالَ رأيت جنازة يحملها
ثلاثة من الرجال وامرأة قَالَ فأخذت مكان المرأة وذهبنا إِلَى المقبرة فصلينا
عَلَيْهَا ودفناها فَقُلْتُ المرأة من كَانَ هَذَا منك فَقَالَت ابني قُلْت: أَوْ
لَمْ يكن لكم جيران قَالَتْ: نعم ولكنهم صغروا أمره
فَقُلْتُ:
وأيش كَانَ هَذَا فَقَالَتْ: مختئا
قَالَ:
فرحمتها وذهبت بِهَا إِلَى منزلي وأعطيتها دراهم وحنطة وثيابا ونمت تلك الليلة
فرأيت كَأَنَّهُ أتاني آت كَأَنَّهُ القمر ليلة البدر وعليه ثياب بيض فجعل يتشكر
لي فَقُلْتُ من أَنْتَ فَقَالَ: المخنث الَّذِي دفنتموني اليوم رحمني ربي وعَزَّ
وَجَلَّ باحتقار النَّاس إياي سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق يَقُول مر أَبُو
عَمْرو البيكندي يوما بسكة فرأى قوما أرادوا إخراج شاب من المحلة لفساده وامرأة
تبكي قيل إنها أمه فرحمها أَبُو عَمْرو فشفع لَهُ إليهم وَقَالَ هبوه مني هذه
المرة فَإِن عاد إِلَى فساده فشأنكم فوهبوه منه فمضى أَبُو عَمْرو فلما كَانَ بعد
أَيَّام اجتاز بتلك السكة فسمع بكاء العجوز من وراء ذَلِكَ الباب فَقَالَ فِي
نَفْسه: لعل الشاب عاد إِلَى فساد فنفي من المحلة فدق عَلَيْهَا الباب وسألها عَن
حالة الشاب فخرجت العجوز وَقَالَتْ إنه مَات فسألها عَن حاله فَقَالَتْ لما قرب
أجله قَالَ لا تخبري بموتي الجيران فلقد آذيتهم وأنهم يشمتون بي ولا يحضرون جنازتي
وإذا دفنتيني فهذا خاتم لي مكتوب عَلَيْهِ بسم اللَّه فادفنيه معي فَإِذَا فرغت من
دفني فتشفعي لي إِلَى ربي عَزَّ وَجَلَّ قَالَتْ ففعلت وصيته فلما انصرفت عَن رأس
قبره سمعت صوته يَقُول انصرفي يا أماه فَقَدْ قدمت عَلَى رب كريم.
وقيل: أوحى
اللَّه تَعَالَى إِلَى دَاوُد قل لَهُمْ إني لَمْ أخلقهم لأربح عَلَيْهِم وإنما
خلقتهم ليربحوا عَلي.
سمعت
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن شاذان
يَقُول: سمعت أبا بَكْر الحريري يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم الأطروس يَقُول كُنَّا
قعودا ببغداد مَعَ معروف الكرخي عَلَى الدجلة إذ مر بنا قوم أحداث فِي زورق يضربون
بالدف ويشربون ويلعبون فقلنا لمعروف أما تراهم كَيْفَ يعصون اللَّه تَعَالَى
مجاهرين ادع اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِم فرفع يده وَقَالَ إلهي كَمَا فرحتهم فِي
الدنيا ففرحهم فِي الآخرة فَقَالُوا إِنَّمَا سألناك أَن تدعو عَلَيْهِم
فَقَالَ:
إِذَا فرحهم فِي الآخرة تاب عَلَيْهِم.
سمعت أبا
الْحَسَن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد المزكي قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَي بْن مُحَمَّد الأديب قَالَ: حَدَّثَنَا الفضل
بْن صدقة قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّهِ بْن
سَعِيد قَالَ كَانَ يَحْيَي بْن أكثم الْقَاضِي صديقا لي وَكَانَ يودني وأوده فمات
يَحْيَي فكنت أشتهي أَن أراه فِي المنام فأقول لَهُ مَا فعل اللَّه تَعَالَى بك
فرأيته ليلة فِي المنام فَقُلْتُ مَا فعل اللَّه تَعَالَى بك قَالَ غفر لي إلا
أَنَّهُ وبخني ثُمَّ قَالَ لي: يا يَحْيَي خلطت عَلِي فِي دار الدنيا فَقُلْتُ أي
رب اتكلت عَلَى حَدِيث
حَدَّثَنِيهِ
أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّكَ قُلْتَ: إِنِّي لأَسْتَحِي أَنْ أُعَذِّبَ ذَا شَيْبَةٍ بِالنَّارِ
فَقَالَ: قَدْ عفوت عَنْك يا يَحْيَي وصدق نبيي
إلا أنك خلط عَلِي فِي دار الدنيا.
الكلمات المفتاحية :
التربية و السلوك
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: