بَاب الجود والسخاء
قَالَ
اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ
خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]
أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْعَبَّاسِ
قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلٌ قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنْ يَحْيَي بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: السَّخِيُّ
قَرِيبٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ بَعِيدٌ
مِنَ النَّارِ، وَالْبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بَعِيدٌ مِنَ النَّاسِ
بَعِيدٌ مِنَ الْجَنَّةِ قَرِيبٌ مِنَ النَّارِ، وَالْجَاهِلُ السَّخِيُّ أَحَبُّ
إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَابِدِ الْبَخِيلِ.
قَالَ
الأستاذ: ولا فرق عَلَى لسان العلم بَيْنَ الجود والسخاء ولا يوصف الحق سبحانه
بالسخاء والسماحة لعدم التوقيف، وحقيقة الجود أَن لا يصعب عَلَيْهِ البذل
وعند
الْقَوْم السخاء هُوَ الرتبة الأولى ثُمَّ الجود بعده ثُمَّ الإيثار فمن أعطى
البعض وأبقى البعض فَهُوَ صاحب سخاء ومن بذل الأكثر وأبقى لنفسه شَيْئًا فَهُوَ
صاحب جود، والذي قاسي الضرر وآثر غيره بالبلغة فَهُوَ صاحب إيثار.
سمعت
الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُول: قَالَ أسماء بْن خارجة:
مَا أحب أَن أرد أحدا عَن حاجة طلبها لأنه إِن كَانَ كريما أصون عرضه، وإن كَانَ
لئيما أصون عَنْهُ عرضي.
وقيل: كَانَ
مورق الْعِجْلِي يتلطف فِي إدخال الرفق عَلَى إخوانه يضع عندهم ألف درهم فَيَقُول:
أمسكوها عندكم حَتَّى أعود إليكم ثُمَّ يرسل إليهم أنتم منها فِي حل.
وقيل: لقي
رجل من أهل منبج رجلا من أهل الْمَدِينَة فَقَالَ: من الرجل؟ فَقَالَ: من أهل الْمَدِينَة
فَقَالَ: لَقَدْ آتانا منكم رجل يقال لَهُ: الحكم بْن المطلب فأغنانا فَقَالَ
المدني: فكيف وَمَا أتاكم إلا فِي جبة صوف؟ فَقَالَ: مَا أغنانا بمال ولكنه علمنا
الكرم فعاد بعضنا عَلَى بَعْض حَتَّى استغنينا.
سمعت
الأستاذ أبا عَلِي الدقاق يَقُول: لما سعي غلام الخليل بالصوفية إِلَى الخليفة أمر
بضرب أعناقهم فأما الجنيد فَإِنَّهُ تستر بالفقه وَكَانَ يفتى عَلَى مذهب أَبِي
ثورة وَأَمَّا الشحام والرقام والنوري وجماعة فقبض عَلَيْهِم فبسط النطع لضرب
أعناقهم فتقدم النوري فَقَالَ السياف: تدري إِلَى ماذا تبادر؟ فَقَالَ: نعم،
فَقَالَ: وَمَا يعجلك؟ : فَقَالَ: أوثر عَلَى أَصْحَابي محياة ساعة، فتحير السياف
وأنهى الْخَبَر إِلَى الخليفة فردهم إِلَى الْقَاضِي ليتعرف حالهم، فألقى
الْقَاضِي عَلَى أَبِي الْحُسَيْن النوري مسائل فقهية فأجابه عَنِ الكل ثُمَّ أخذ
يَقُول: وبعد فَإِن لِلَّهِ تَعَالَى عباد إِذَا قاموا قاموا بالله، وإذا نطقوا
نطقوا بالله وسرد ألفاظا أبكى الْقَاضِي، فأرسل الْقَاضِي إِلَى الخليفة وَقَالَ:
إِن كَانَ هَؤُلاءِ زنادقة فَمَا عَلَى وجه الأَرْض مُسْلِم.
وقيل: كَانَ
عَلِي بْن الفضيل يشتري من باعة المحلة فقيل لَهُ: لو دخلت السوق فاسترخصت،
فَقَالَ: هَؤُلاءِ نزلوا بقربنا رجاء منفعتنا.
وقيل: بعث
رجل إِلَى جبلة بجارية وَكَانَ بَيْنَ أَصْحَابه فَقَالَ: قبيح أَن أتخذها لنفسي
وأنتم حضور وأكره أَن أخص بِهَا واحدا وكلكم لَهُ حق وحرمة، وَهَذَهِ لا تحتمل
القسمة وكانوا ثمانين، فأمر لكل واحد بجارية أَوْ وصيف.
وقيل: عطش
عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي بكرة يوما فِي طريقة فاستسقى من منزل امْرَأَة فأخرجت
كوزا وقامت خلف الباب وَقَالَتْ: تنحوا عَنِ الباب وليأخذه بَعْض غلمانكم فإني
امْرَأَة من العرب مَات خادمي منذ أَيَّام فشرب عُبَيْد اللَّه الماء وَقَالَ
لغلامه: أحمل إِلَيْهَا عشرة آلاف درهم فَقَالَتْ: سبحان اللَّه تسخر بي فَقَالَ:
أحمل إِلَيْهَا عشرين ألف
درهم
فَقَالَتْ: اسأل اللَّه تَعَالَى العافية فَقَالَ: يا غلام احمل إِلَيْهَا ثلاثين
ألف درهم فردت الباب وَقَالَتْ: أف لَك فحمل إِلَيْهَا ثلاثين ألف درهم فأخذتها
فَمَا أمست حَتَّى كثر خطابها.
وقيل: الجود
إجابة الخاطر الأَوَّل.
سمعت بَعْض
أَصْحَاب أَبِي الْحَسَن البوشنجي رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُول: كَانَ أَبُو الْحَسَنِ
البوشنجي فِي الخلاء فدعا تلميذا لَهُ وَقَالَ لَهُ: انزع عنى هَذَا القميص وادفعه
إِلَى فُلان فقيل لَهُ: هلا صبرت حَتَّى تخرج من الخلاء؟ فَقَالَ: لَمْ آمن عَلَى
نفسي أَن يتغير عَلِي مَا وقع لي من التخلف منه بِذَلِكَ القميص.
وقيل لقيس
بْن سَعْد بْن عُبَادَة: هل رأيت أسخى منك؟ فَقَالَ: نعم، نزلنا بالبادية عَلَى
امْرَأَة فحضر زوجها فَقَالَتْ: إنه نزل بك ضيفان فجاء بناقة ونحرها وَقَالَ:
شأنكم بِهَا، فلما كَانَ بالغد جاء بأخرى ونحرها وَقَالَ: شأنكم بِهَا فقلنا: مَا
أكلنا من الَّتِي نحرت البارحة إلا اليسير فَقَالَ: إني لا أطعم أضيافي الغاب
فبقينا عنده يومين أَوْ ثلاثة والسماء تمطر وَهُوَ يفعل كَذَلِكَ، فلما أردنا
الرحيل وضعنا لَهُ مائة دِينَار فِي بيته وقلنا للمرأة: اعتذري لنا إِلَيْهِ
ومضينا فلما متع النهار إِذَا نحن برجل يصيح خلفنا قفوا أيها الركب اللئام
أعطيتموني ثمن قراي ثُمَّ إنه لحقنا وَقَالَ: لتأخذنه وإلا طعنتكم برمحي فأخذناه
وانصرف فأنشأ يَقُول: وإذا أخذت ثواب مَا أعطيته فكفى بذاك لنائل تكديرا سمعت
الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُول: دَخَلَ أَبُو عَبْد
اللَّهِ الروذباري دار بَعْض أَصْحَابه فوجده غائبا وباب بَيْت لَهُ مقفل فَقَالَ:
صوفي وَلَهُ بَاب بَيْت مقفل اكسروا القفل، فكسروا القفل وأمر بجميع مَا وجد فِي
الدار والبيت وأنفذه إِلَى السوق وباعوه وأصلحوا وقتا من الثمن وقعدوا فِي الدار
فدخل صاحب المنزل وَلَمْ يمكنه أَن يَقُول شَيْئًا،
فدخلت
امرأته بعدهم الدار وعليها كساء فدخلت بياتا ورمت بالكساء وَقَالَتْ: يا أَصْحَابنا
هَذَا أَيْضًا من جملة المتاع فبيعوه فَقَالَ الزوج لَهَا: لَمْ تكلفت هَذَا
باختيارك فَقَالَتْ: اسكت مثل هَذَا الشيخ يباسطنا ويحكم عَلَيْنَا ويبقى لنا
شَيْء ندخره عَنْهُ قَالَ بشر بْن الحرث: النظر إِلَى البخيل يقسى القلب.
وقيل: مرض
قَيْس بْن سَعْد بْن عُبَادَة فاستبطأ إخوانه فسأل عَنْهُم فقيل: إنهم يستحيون
مِمَّا لَك عَلَيْهِم من الدين فَقَالَ: أخزى اللَّه تَعَالَى مالا يمنع الإخوان
من الزيارة، ثُمَّ أمر من ينادي من كَانَ لقيس عَلَيْهِ دين فَهُوَ منه فِي حل
فكسرت عتبته بالعشى لكثرة من عاده، وقيل لعبد اللَّه بْن جَعْفَر: إنك تبذل الكثير
إِذَا سئلت وتضن فِي القليل إِذَا نوجزت فَقَالَ: إني أبذل مالي وأضن بعقلي.
وقيل: خرج
عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر إِلَى ضيعة لَهُ فنزل عَلَى تحيل قوم وفيها غلام أسود
يعمل فِيهَا إذ أتي الغلام بقوته فدخل كلب الحائط ودنا من الغلام فرمى إِلَيْهِ
الغلام بقرص فأكله ثُمَّ رمى إِلَيْهِ بالثاني والثالث فأكله وعبد اللَّه ينظر
فَقَالَ: يا غلام كم قومك كُل يَوْم؟ قَالَ: مَا رأيت قَالَ: فلم آثرت هَذَا
الكلب؟ قَالَ: مَا هِيَ بأرض كلاب إنه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت رده قَالَ:
فَمَا أَنْتَ صانع اليوم؟ قَالَ: أطوى يومي هَذَا فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن
جَعْفَر: إلام عَلَى السخاء إِن هَذَا لأسخى منى فاشترى الحائط والغلام وَمَا
فِيهَا من الآلات فأعتق الغلام ووهبها لَهُ.
وقيل: أتى
رجل صديقا لَهُ ودق عَلَيْهِ الباب فلما خرج إِلَيْهِ قَالَ: لماذا جئتني؟ قَالَ:
لأربع مائة درهم دين ركبتي فدخل الدار ووزن لَهُ أربع مائة درهم وأخرجها إِلَيْهِ
ودخل الدار باكيا فَقَالَتْ لَهُ أمرأته: هلا تعللت حِينَ شق عليك الإجابة،
فَقَالَ: إِنَّمَا أبكي لأني لَمْ أتفقد حاله حَتَّى أحتاج إِلَى مفاتحتي بِهِ.
وَقَالَ مطرف
بْن الشخير: إِذَا أراد أحدكم منى حاجة فليرفعها فِي رقعة فإني أكره أَن أري فِي
وجهه ذل الحاجة، قيل: أراد رجل أَن يضاد عَبْد اللَّهِ بْن الْعَبَّاس فأتى وجوه
البلد وَقَالَ لَهُمْ: يَقُول لكم ابْن الْعَبَّاس: تغدوا عندي اليوم فأتوه فملأوا
الدار فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فأخبر الْخَبَر فأمر بشراء الفواكه فِي الوقت وأمر
بالخبز والطبيخ وأصلح أمرا فلما فرغوا قَالَ لوكلائه: أموجود لنا كُل يَوْم هَذَا؟
فَقَالُوا: نعم فَقَالَ: فليتغد هَؤُلاءِ كلهم عندنا كُل يَوْم.
سمعت الشيخ
أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُول: كَانَ الأستاذ أَبُو سهل
الصعلوكي يتوضأ يوما فِي صحن داره فدخل إِلَيْهِ إِنْسَان وسأله شَيْئًا من الدنيا
وَلَمْ يحضره شَيْء فَقَالَ: اصبر حَتَّى أفرغ فصبر فلما فرغ قَالَ: خذ القمقمة
واخرج، فأخذها وخرج ثُمَّ صبر حَتَّى علم أَنَّهُ بَعْد فصاح وَقَالَ: دَخَلَ
إِنْسَان وأخذ القمقمة فمشوا خلفه فلم يدركوه وإنما فعل ذَلِكَ لأن أهل المنزل
كَانُوا يلومونه عَلَى كثرة البذل.
وسمعته
يَقُول: وهب الأستاذ أَبُو سهل جبته من إِنْسَان من الشتاء وَكَانَ يلبس جبة
النِّسَاء حِينَ يخرج إِلَى التدريس إذ لَمْ يكن لَهُ جبة أُخْرَى، فقدم الوفد
المعروفون من فارس فيهم من كُل نوع إمام من الْفُقَهَاء والمتكلمين والنحويين
فأرسل إِلَيْهِ صاحب الجيش أَبُو الْحَسَنِ وأمره بأن يركب للاستقبال فلبس دراعه
فَوْقَ تلك الجبة الَّتِي للنساء وركب فَقَالَ: صاحب الجيش إنه يستخف بي إمام
البلد يركب فِي جبة النِّسَاء ثُمَّ إنه ناظرهم أجمعين فظهر كلامه عَلَى كَلام
جميعهم فِي كُل فن.
وسمعته
يَقُول: لَمْ يناول الأستاذ أَبُو سهل أحدا شَيْئًا بيده وَكَانَ يطرحه عَلَى
الأَرْض ليأخذه الآخذ من الأَرْض:، وَكَانَ يَقُول: الدنيا أقل خطرا من أَن أرى
لأجلها يدي فَوْقَ يد أحد، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اليد
العليا خير من اليد السفلى وقيل: كَانَ أَبُو مرثد عَلِي رَحِمَهُ اللَّهُ أحد
الكرام فمدحه بَعْض الشعراء فَقَالَ: مَا عندي مَا أعطيك ولكن قدمني إلي الْقَاضِي
وادع عَلَى عشرة آلاف درهم حَتَّى أقر لَك بِهَا ثُمَّ
احبسني
فَإِن أهلي لا يتركوني مسجونا ففعل ذَلِكَ، فلم يمس حَتَّى دفع إِلَيْهِ عشرة آلاف
درهم وخرج من السجن.
وقيل: سأل
رجل الْحَسَن بْن عَلِي بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَيْئًا فأعطاه
خمسين ألف درهم وخمس مائة دِينَار وَقَالَ: ائت بحمال يحمله لَك، فأتى بحمال
فأعطاه طيلسانه وَقَالَ: يَكُون كراء الحمال من قبلي.
وسألت
امْرَأَة اللَّيْث بْن سَعْد سكرجة عسل فأمر لَهَا بزق من عسل فقيل لَهُ فِي
ذَلِكَ فَقَالَ: إنها سألت عَلَى قدر حاجتها ونحن نعطيها عَلَى قدر نعمنا وَقَالَ
بَعْضهم: صليت فِي مَسْجِد الأشعث بالكوفة الصبح أطلب غريما لي فلما سلمت وضع
بَيْنَ يدي كُل واحد حلة ونعلين وَكَذَلِكَ وضع بَيْنَ يدي فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟
فَقَالُوا: إِن الأشعث قدم من مَكَّة فأمر بِهَذَا لأهل جَمَاعَة مسجده فَقُلْتُ:
إِنَّمَا جئت أطلب غريما لي ولست من جماعته فَقَالُوا: هُوَ لكل من حضر وقيل: لما
قربت وفاة الشَّافِعِي رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: مروا فلانا يغسلني
وَكَانَ الرجل غائبا فلما قدم أخبر بِذَلِكَ فدعا بتذكرته فوجد عَلَيْهِ سبعين ألف
درهم دينا فقضاها وَقَالَ: هَذَا غسلي إياه قيل: لما قدم الشَّافِعِي من صنعاء
إِلَى مَكَّة كَانَ مَعَهُ عشرة آلاف دِينَار فقيل لَهُ: تشتري بِهَا قنية فضرب
خيمته خارج مَكَّة وصب الدنانير فَكُل من دَخَلَ عَلَيْهِ كَانَ يعطيه قبضة قبضة
فلما جاء وقت الظهر قام ونفض الثوب وَلَمْ يبق شَيْء.
وقيل: خرج
السري يَوْم عيد فاستقبله رجل كبير الشأن فسلم السرى عَلَيْهِ سلاما ناقصا فقيل
لَهُ: هَذَا رجل كبير الشأن فَقَالَ: قَدْ عرفته ولكن رُوِيَ مسند أَنَّهُ إِذَا
التقى المسلمان قسمت بينهما مائة رحمة تسعون لأبشهما فأردت أَن يَكُون مَعَهُ
الأكثر وقيل: بكى أمِير الْمُؤْمِنيِنَ عَلِي بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ يوما فقيل لَهُ مَا يبكيك فَقَالَ: لَمْ يأتني ضيف منذ سبعة أَيَّام وأخاف
أَن يَكُون اللَّه تَعَالَى قَدْ أهانني
وروي عَن
أَنَس بْن مَالِك أَنَّهُ قَالَ: زكاة الدار أَن يتخذ فِيهَا بَيْت للضيافة وقيل
فِي قَوْله تَعَالَى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ}
[الذاريات: 24] قيل قيامه عَلَيْهِم بنفسه وقيل:، لأن ضيف الكريم كريم وَقَالَ
إِبْرَاهِيم بْن الجنيد: كَانَ يقال أربعة: لا ينبغي للشريف أَن يأنف منهن وإن
كَانَ أميرا قيامه من مجلسه لأبيه وخدمته لضيفه وخدمته لعالم يتعلم منه والسؤال
عما لَمْ يعلم.
وَقَالَ
ابْن الْعَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا
جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور: 61] إنهم كَانُوا يتحرجون أَن يأكل أحدهم وحده
فرخص لَهُمْ فِي ذَلِكَ وقيل: أضاف عَبْد اللَّهِ بْن عامر بْن كريز رجلا فأحسن
قراه فلما أراد الرجل أَن يرتحل عَنْهُ لَمْ يعنه غلمانه فقيل لَهُ فِي ذَلِكَ
فَقَالَ عَبْد اللَّهِ: إنهم لا يعينون من يرتحل عنا أنشد عَبْد اللَّهِ بْن
باكويه الصوفي قَالَ أنشدني المتنبي فِي معناه:
إِذَا ترحلت
عَن قوم وَقَدْ قدروا ... أَن لا تفارقهم فالراحلون هُمْ
وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن الْمُبَارَكِ سخاء
النفس عما فِي أيدي النَّاس أفضل من سخاء النفس بالبذل وَقَالَ بَعْضهم دخلت عَلَى بشر بْن الحرث فِي يَوْم شديد البرد وَقَدْ تعرى من الثياب وَهُوَ
ينفض فَقُلْتُ: يا أبا نصر النَّاس يريدون فِي الثياب فِي مثل هَذَا اليوم وأنت قَدْ نقصت
فَقَالَ: ذكرت الفقراء وَمَا هُمْ فِيهِ وَلَمْ يكن لي مَا أواسيهم بِهِ فأردت أَن أوافقهم بنفسي فِي
مقاساة البرد سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي يَقُول: سمعت
الدقاق يَقُول: لَيْسَ السخاء أَن يعطي الواجد المعدم إِنَّمَا السخاء أَن يعطي المعدم الواجد.
الكلمات المفتاحية :
التربية و السلوك
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: