الشافعية فقه - الجنايات - الصيال - الردة - الجهاد ج 35
ومعنى أن
التوبة لا تسقطها ، أي لا تسقط وجوب تنفيذ هذه الحدود في دار الدنيا أمام القضاء،
أما ما بين مستحق الحد وربه، فان التوبة الصادقة تسقط جميع تبعات ذلك الجرم، وآثار
تلك المعصية يوم
القيامة . قال الله تعالى : ? وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدي ? ( سورة طه: 82 ) ، وقال سبحانه: ? قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ? ( سورة الزمر: 53 ) .
... وفي الصحيح عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه، فبايعناه على ذلك". (رواه البخاري [18] في الإيمان، باب : علامة الإيمان حب الأنصار ؛ ومسلم [1709] في الحدود، باب : الحدود كفارة لأهلها).
... هذا والفرق بين هذا وذاك أن الحدود القضائية في الدنيا تقام من أجل التسويات الحقوقية، وحراسة النظام والوضع الاجتماعي، ولا شأن للتوبة في ذلك.
... أما التبعات والآثام الأخروية المترتبة على المعاصي أيا كان نوعها، فهي بسبب تفريطه في جنب الله عز وجل ، إذ لم يلتزم أوامره ونواهيه، والتوبة الصادقة تمحو كل ذلك كما أسلفنا .
الصيال
تعرفه :
... الصيال لغة : مصدر من صال يصول صولاً وصيالاً، وهي الاستطالة والمواثبة .
... والصائل شرعاً: كل من قصد مسلماً بأذى في جسمه أو عرضه أو ماله .
دليل الصيال :
القيامة . قال الله تعالى : ? وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدي ? ( سورة طه: 82 ) ، وقال سبحانه: ? قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ? ( سورة الزمر: 53 ) .
... وفي الصحيح عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه، فبايعناه على ذلك". (رواه البخاري [18] في الإيمان، باب : علامة الإيمان حب الأنصار ؛ ومسلم [1709] في الحدود، باب : الحدود كفارة لأهلها).
... هذا والفرق بين هذا وذاك أن الحدود القضائية في الدنيا تقام من أجل التسويات الحقوقية، وحراسة النظام والوضع الاجتماعي، ولا شأن للتوبة في ذلك.
... أما التبعات والآثام الأخروية المترتبة على المعاصي أيا كان نوعها، فهي بسبب تفريطه في جنب الله عز وجل ، إذ لم يلتزم أوامره ونواهيه، والتوبة الصادقة تمحو كل ذلك كما أسلفنا .
الصيال
تعرفه :
... الصيال لغة : مصدر من صال يصول صولاً وصيالاً، وهي الاستطالة والمواثبة .
... والصائل شرعاً: كل من قصد مسلماً بأذى في جسمه أو عرضه أو ماله .
دليل الصيال :
... والأصل في
حكم الصيال قوله تعالي: ? فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم
واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين ? ( سورة البقرة: 194 ) ، وقوله عليه
الصلاة والسلام: " من قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ،
ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد". (رواه أبو داود
[4771] في السنة ، باب : قتال اللصوص ؛ والترمذي [1421] في الديات، باب: ما جاء
فيمن قتل دون ماله فهو شهيد).
أنواع الصائل :
... يتنوع الصائل حسب تنوع ما يهدف إليه في عدوانه ، فهو ينقسم بناء على ذلك إلى ثلاثة أقسام :
... القسم الأول : الصائل على النفس ، وهو الذي يستطيل بالظلم على غيره بقصد القتل أو الإضرار بالجسم بجرح ونحوه .
... القسم الثاني : الصائل على العرض ، وهو الذي يتجه بالعدوان إلى امرأة ليست زوجته، قريبة كانت له أو أجنبية عنه، بقصد ارتكاب الزنى أو ارتكاب ما يتيسر له من مقدماته، وكالمرأة في ذلك الذكر.
... القسم الثالث: الصائل على مال الغير ، والمال كل ما يتمول ويتقوم شرعاً، سواء في ذلك ما يمتلك بوجه من وجوه التملك الشرعي، أو بوضع اليد عليه مثل كلب الصيد والحراسة والأسمدة النجسة ونحوها.
... فيدخل في المال النقد والمتقومات المختلفة من أرض ودور ومنتفعات سواء أكانت طاهرة أم نجسة .
حكم الصائل:
... مر بنا آنفاً أن الأصل في باب الصيال قوله تعالى: ? فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم ? ( سورة البقرة: 194 ) . فهذه الآية توضح لنا حكم الصائل ، وهو جواز مقابلة اعتدائه بالمثل ، أي بالرد والصد ، وإن استلزم ذلك قتله .
أنواع الصائل :
... يتنوع الصائل حسب تنوع ما يهدف إليه في عدوانه ، فهو ينقسم بناء على ذلك إلى ثلاثة أقسام :
... القسم الأول : الصائل على النفس ، وهو الذي يستطيل بالظلم على غيره بقصد القتل أو الإضرار بالجسم بجرح ونحوه .
... القسم الثاني : الصائل على العرض ، وهو الذي يتجه بالعدوان إلى امرأة ليست زوجته، قريبة كانت له أو أجنبية عنه، بقصد ارتكاب الزنى أو ارتكاب ما يتيسر له من مقدماته، وكالمرأة في ذلك الذكر.
... القسم الثالث: الصائل على مال الغير ، والمال كل ما يتمول ويتقوم شرعاً، سواء في ذلك ما يمتلك بوجه من وجوه التملك الشرعي، أو بوضع اليد عليه مثل كلب الصيد والحراسة والأسمدة النجسة ونحوها.
... فيدخل في المال النقد والمتقومات المختلفة من أرض ودور ومنتفعات سواء أكانت طاهرة أم نجسة .
حكم الصائل:
... مر بنا آنفاً أن الأصل في باب الصيال قوله تعالى: ? فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم ? ( سورة البقرة: 194 ) . فهذه الآية توضح لنا حكم الصائل ، وهو جواز مقابلة اعتدائه بالمثل ، أي بالرد والصد ، وإن استلزم ذلك قتله .
... ويدخل في
معنى الاعتداء الاستطالة بالأذى على كل من النفس والمال والعرض. فإذا قصد إنسان
إلى أذى المسلم في نفسه أو عرضه أو ماله ؛ فهو صائل ، ويشرع للمسلم المصول عليه
رده ، وإن كان الصائل مساماً أو قريباً، إلا أن يكون والداً يصول على ابنه من أجل
المال فلا يجوز رده بالمقاومة والعنف.
متى يجب رد الصائل ومتى يجوز ذلك ؟
... قلنا إن رد الصائل مشروع، وقد عرفت دليل ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية، ولكن هل يجب على المصول عليه أن يقاوم ويرد عنه صائله في كل الأحوال أو يجب عليه في بعض الأحوال ويجوز له في بعض الآخر؟
... الواقع أنه يجب عليه الدفع في بعض الأحوال ويجوز له في البعض الآخر، وإليك بيان ذلك.
الصيال على المال:
... إن الصيال إن كان على المال وكان المصول عليه هو المالك له فالمقاومة في مثل هذه الحال لا تعدو أن تكون جائزة ، فإن شاء أن يستسلم ويترك للصائل المال، فله ذلك ، وإن شاء أن يدفع الصائل فله ذلك أيضاً.
... هذا إذا كان المصول عليه مالكاً لهذا المال، وأما إذا لم يكن مالكاً له، بل كان أميناً عليه لأصحابه، كرئيس الدولة ونوابه والقائمين على حراسة أراضي المسلمين وممتلكاتهم، كالجيش والجند، فيجب عليهم مقاومة الصائل ورده، لأن الأمين على مال غيره ملزم بالمحافظة عليه، ولا يملك التبرع به .
الصيال على البضع:
... وإن كان الصيال على بضع ، فإن الرد والمقاومة ودفع الصائل تجب عندئذ أيا كان الصائل ، مسلماً أو كافراً، قريباً أو غريباً، لأنه لا سبيل إلى إباحته، ومثل البضع مقدماته.
الصيال على النفس:
... وإن كان الصيال على النفس نظر، فإن كان الصائل كافراً وجب رده، فإن تراخى عن ذلك باء بالإثم والعصيان، لأن الاستسلام للكافر ذل في الدين.
... وكذلك يجب الدفع إذا كان الصائل بهيمة، لأنها تذبح لاستبقاء الآدمي، فلا وجه للاستسلام لها.
... وكذلك يجب الدفع إن كان الصيال على عضو أو على منفعة عضو.
متى يجب رد الصائل ومتى يجوز ذلك ؟
... قلنا إن رد الصائل مشروع، وقد عرفت دليل ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية، ولكن هل يجب على المصول عليه أن يقاوم ويرد عنه صائله في كل الأحوال أو يجب عليه في بعض الأحوال ويجوز له في بعض الآخر؟
... الواقع أنه يجب عليه الدفع في بعض الأحوال ويجوز له في البعض الآخر، وإليك بيان ذلك.
الصيال على المال:
... إن الصيال إن كان على المال وكان المصول عليه هو المالك له فالمقاومة في مثل هذه الحال لا تعدو أن تكون جائزة ، فإن شاء أن يستسلم ويترك للصائل المال، فله ذلك ، وإن شاء أن يدفع الصائل فله ذلك أيضاً.
... هذا إذا كان المصول عليه مالكاً لهذا المال، وأما إذا لم يكن مالكاً له، بل كان أميناً عليه لأصحابه، كرئيس الدولة ونوابه والقائمين على حراسة أراضي المسلمين وممتلكاتهم، كالجيش والجند، فيجب عليهم مقاومة الصائل ورده، لأن الأمين على مال غيره ملزم بالمحافظة عليه، ولا يملك التبرع به .
الصيال على البضع:
... وإن كان الصيال على بضع ، فإن الرد والمقاومة ودفع الصائل تجب عندئذ أيا كان الصائل ، مسلماً أو كافراً، قريباً أو غريباً، لأنه لا سبيل إلى إباحته، ومثل البضع مقدماته.
الصيال على النفس:
... وإن كان الصيال على النفس نظر، فإن كان الصائل كافراً وجب رده، فإن تراخى عن ذلك باء بالإثم والعصيان، لأن الاستسلام للكافر ذل في الدين.
... وكذلك يجب الدفع إذا كان الصائل بهيمة، لأنها تذبح لاستبقاء الآدمي، فلا وجه للاستسلام لها.
... وكذلك يجب الدفع إن كان الصيال على عضو أو على منفعة عضو.
... وأما إن
كان الصائل مسلماً وكان المصول عليه هو المقصود بالإيذاء والقتل ، فإن الرد
والمقاومة تكون عند ذاك جائزة ليست بواجبة، إذ له أن يضحي بحياته في سبيل أن يحقن
دم أخيه المسلم ولو كان معتدياً عليه، بل استحب بعض الفقهاء ذلك لما رواه أبو داود
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "فليكن كخير ابني آدم". (سنن أبي
داود [4259] في الفتن والملاحم ،باب: في النهي عن السعي في الفتنة؛ كما أخرجه
الترمذي وابن ماجه في الفتن أيضاً). يعني قابيل وهابيل، أي كن كالذي لم يبسط يده
إلى أخيه بالقتل وهو هابيل ، ولا تكن كالمعتدي القاتل وهو قابيل ، ولقد قص الله
علينا قصتهما في القرآن الكريم إذ قال : ? وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ
آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ
يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ
اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ . لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا
أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ
الْعَالَمِينَ . إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ
أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ . فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ
قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ? ( سورة المائة : 27 -30
).
... ولأن عثمان رضي الله عنه يوم الدار منع عبيده من الدفاع عنه، وكانوا أربعمائة ، وقال لهم: من ألقى سلاحه فهو حر، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكره أحد منهم.
... وأما إن كان المصول عليه غير مقصود بالإيذاء أو القتل، بل كان المعتدي يهدف إلى أسرته وأولاده، أو يهدف إلى رعيته وشعبه، فإن المقاومة حينذاك واجبة، لأن المعتدي عليه أمين على أرواح الآخرين، لكونه رب أسرة ، أو حاكم أمة.
كيف يدفع الصائل ومتى يذهب دمه هدراً؟
... ولأن عثمان رضي الله عنه يوم الدار منع عبيده من الدفاع عنه، وكانوا أربعمائة ، وقال لهم: من ألقى سلاحه فهو حر، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكره أحد منهم.
... وأما إن كان المصول عليه غير مقصود بالإيذاء أو القتل، بل كان المعتدي يهدف إلى أسرته وأولاده، أو يهدف إلى رعيته وشعبه، فإن المقاومة حينذاك واجبة، لأن المعتدي عليه أمين على أرواح الآخرين، لكونه رب أسرة ، أو حاكم أمة.
كيف يدفع الصائل ومتى يذهب دمه هدراً؟
... الصائل
إما أن يكون معصوم الدم كالمسلم، أو غير معصوم الدم كالمرتد والزاني المحصن ، فإن
كان غير معصوم الدم ، فللطرف المعتدى عليه أن يبدأ مباشرة بقتله، وليس عليه أن
ينذر أو يبدأ بالأخف ثم الأشد.
... وأما إن كان معصوم الدم كمسلم وذمي ومعاهد، فإن تنبه المعتدى عليه إليه وهو يباشر الجريمة، كتلبسه بالفاحشة، أو قتل بريء فله أن يباشر القتل دون أية مقدمات ، وإذا قتل الصائل في هذه الحالة فدمه هدر، لا قصاص فيه ولا دية.
... وأما إن تنبه إليه المعتدى عليه وهو يحاول الوصول إلى غايته العدوانية، من قتل أو سرقة أو فاحشة أو نحو ذلك؛ وجب عليه أن يدفع الصائل بالأخف فالأخف، على حسب غلبة الظن، فان أمكن دفعه بكلام واستغاثة حرم الضرب ، وإن أمكن بضرب بيد حرم الضرب بسوط، وإن أمكن بالضرب بسوط حرم الضرب بعصا ، وإن أمكن بقطع عضو حرم القتل، لأن ذلك جوز للضرورة، ولا ضرورة للأثقل متى ما أمكن بالأخف.
... فإن لم يندفع إلا بالقتل فقتله كان دمه هدراً لا قصاص فيه ولا دية، أما إذا أمكن دفعه بالأخف فقتله لزمه القصاص، لأنه حينذاك معتد فهو ضامن.
صور من الصيال وأحكامها:
... أولاً: من نظر إلى حرم رجل في داره، من كوة أو ثقب عمداً، فرماه صاحب الدار بخفيف كحصاة ونحوها، فأعماه أو أصاب قرب عينه فمات فهدر، ودليل ذلك ما ورد في الصحيحين : "لو اطلع أحد في بيتك، ولم تأذن له فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كلن عليك جناح". (رواه البخاري[2158] في الآداب ، باب: تحريم النظر في بيت غيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه). وهذا مشروط بأن لا يكون للناظر محرم وزوجة، لأن له في النظر شبهة ، كما لا يقطع بشركة المال المشترك.
... وأما إن كان معصوم الدم كمسلم وذمي ومعاهد، فإن تنبه المعتدى عليه إليه وهو يباشر الجريمة، كتلبسه بالفاحشة، أو قتل بريء فله أن يباشر القتل دون أية مقدمات ، وإذا قتل الصائل في هذه الحالة فدمه هدر، لا قصاص فيه ولا دية.
... وأما إن تنبه إليه المعتدى عليه وهو يحاول الوصول إلى غايته العدوانية، من قتل أو سرقة أو فاحشة أو نحو ذلك؛ وجب عليه أن يدفع الصائل بالأخف فالأخف، على حسب غلبة الظن، فان أمكن دفعه بكلام واستغاثة حرم الضرب ، وإن أمكن بضرب بيد حرم الضرب بسوط، وإن أمكن بالضرب بسوط حرم الضرب بعصا ، وإن أمكن بقطع عضو حرم القتل، لأن ذلك جوز للضرورة، ولا ضرورة للأثقل متى ما أمكن بالأخف.
... فإن لم يندفع إلا بالقتل فقتله كان دمه هدراً لا قصاص فيه ولا دية، أما إذا أمكن دفعه بالأخف فقتله لزمه القصاص، لأنه حينذاك معتد فهو ضامن.
صور من الصيال وأحكامها:
... أولاً: من نظر إلى حرم رجل في داره، من كوة أو ثقب عمداً، فرماه صاحب الدار بخفيف كحصاة ونحوها، فأعماه أو أصاب قرب عينه فمات فهدر، ودليل ذلك ما ورد في الصحيحين : "لو اطلع أحد في بيتك، ولم تأذن له فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كلن عليك جناح". (رواه البخاري[2158] في الآداب ، باب: تحريم النظر في بيت غيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه). وهذا مشروط بأن لا يكون للناظر محرم وزوجة، لأن له في النظر شبهة ، كما لا يقطع بشركة المال المشترك.
... ثانياً:
لو عزر ولي ووال من تحت أيديهما : زوج زوجته، ومعلم صغيراً يتعلم منه؛ فإذا حصل به
هلاك ، فإن كان بضرب يقتل غالباً فالقصاص ما لم يكن ذلك من أصل ، وإذا لم يكن
الضرب قاتلاً فمات فعليهم دية شبه العمد تدفعها العاقلة، لأن ذلك مشروط بسلامة
العاقبة، إذ المقصود التأديب لا الهلاك، فإذا حصل هلاك تبين أنه جاوز الحد
المشروع.
... ثالثاً: لو حد الإمام أو نائبه الحد المقدر من غير زيادة فمات المحدود فلا ضمان، لأن الإمام بما يجب عليه، وسواء أكان ذلك الحد جلداً أو قطعاً، وسواء جلده في حر أو برد مفرطين أم لا، وسواء أكان في مرض يرجى برؤه أم لا .
... رابعاً : للبالغ العاقل الحر إذا ظهر في بدنه سلعة أي خراج كهيئة الغدة أن يقطعها إذا لم تكن مخوفة، أما إذا كانت مخوفة ولا خطر في تركها فلا يجوز له قطعها، وكذلك الحكم إذا كان الخطر في قطعها أكثر.
... ولأب وجد قطع السلعة من صبي ومجنون مع الخطر إن زاد خطر الترك على خطر القطع، لأنها يليان صون مالهما عن الضياع، فصون بدنهما أولى .
ومثل قطع السلعة ما يجري من العمليات الجراحية كقطع عضو متآكل، وقطع العروق والكي وما أشبه ذلك.
... وللسلطان فعل ذلك بلا خطر، ويجوز للسلطان والأب والجد وبقية الأولياء فصد وحجامة بلا خطر، إذا أشار الأطباء بذلك ، للمصلحة مع عدم الضرر، ولا يجوز ذلك للأجنبي، لأنه لا ولاية له عليهما. فلو فعل هؤلاء ما يجوز لهم فمات الشخص فلا ضمان عليهم.
... خامساً : إذا قتل جلاد أو ضرب بأمر الإمام، فإن جهل ظلم الإمام وخطأه لم يضمن هو، وكان الضمان على إمام قوداً ومالاً لا على الجلاد، أما إذا علم ظلمه وخطأه فالقصاص والضمان على الجلاد وحده، هذا إذا لم يكن إكراه من جهة الإمام ، فإن كان إكراه فالضمان عليهما بالمال قطعاً .
... ثالثاً: لو حد الإمام أو نائبه الحد المقدر من غير زيادة فمات المحدود فلا ضمان، لأن الإمام بما يجب عليه، وسواء أكان ذلك الحد جلداً أو قطعاً، وسواء جلده في حر أو برد مفرطين أم لا، وسواء أكان في مرض يرجى برؤه أم لا .
... رابعاً : للبالغ العاقل الحر إذا ظهر في بدنه سلعة أي خراج كهيئة الغدة أن يقطعها إذا لم تكن مخوفة، أما إذا كانت مخوفة ولا خطر في تركها فلا يجوز له قطعها، وكذلك الحكم إذا كان الخطر في قطعها أكثر.
... ولأب وجد قطع السلعة من صبي ومجنون مع الخطر إن زاد خطر الترك على خطر القطع، لأنها يليان صون مالهما عن الضياع، فصون بدنهما أولى .
ومثل قطع السلعة ما يجري من العمليات الجراحية كقطع عضو متآكل، وقطع العروق والكي وما أشبه ذلك.
... وللسلطان فعل ذلك بلا خطر، ويجوز للسلطان والأب والجد وبقية الأولياء فصد وحجامة بلا خطر، إذا أشار الأطباء بذلك ، للمصلحة مع عدم الضرر، ولا يجوز ذلك للأجنبي، لأنه لا ولاية له عليهما. فلو فعل هؤلاء ما يجوز لهم فمات الشخص فلا ضمان عليهم.
... خامساً : إذا قتل جلاد أو ضرب بأمر الإمام، فإن جهل ظلم الإمام وخطأه لم يضمن هو، وكان الضمان على إمام قوداً ومالاً لا على الجلاد، أما إذا علم ظلمه وخطأه فالقصاص والضمان على الجلاد وحده، هذا إذا لم يكن إكراه من جهة الإمام ، فإن كان إكراه فالضمان عليهما بالمال قطعاً .
... سادساً :
لو عضت يده خلصها بالأسهل من فك لحييه فضرب شدقيه فإن عجز فسلها فسقطت أسنانه فهدر
ولا ضمان، وذلك لما في الصحيحين : أن رجلاً عض يد رجل فنزع يده من فيه ، فوقعت
ثناياه، فاختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " أيعض أحدكم
أخاه كما يعض الفحل، لا دية لك " . ( رواه البخاري [6497] في الديات، باب: إذا
عض رجلاً فوقعت ثناياه، ومسلم [1673] في القسامة، باب : الصائل على نفس الإنسان أو
عضوه، عن عمران بن حصين رضي الله عنه).
... ولأن النفس لا تضمن بالدفع، فالأجزاء أولى.
" تنبيه " :
... يحرم على المتألم تعجيل الموت وإن عظم ألمه ولم يطقه، لأن برءه مرجو.
... وذكر الخطيب الشربيني أن الشخص إذا ألقى نفسه في محرق علم أنه لا ينجو منه إلا إلى مائع مغرق ورآه أهون عليه من الصبر على لفحات المحرق، جاز لأنه أهون عليه.
...
المسؤولية التقصيرية
المقصود بالمسؤولية التقصيرية :
... المسؤولية التي تقع على عاتق المكلف، لا تعدو أن تكون لأحد سببين:
... الأول : قصد عدواني كمسؤولية القاتل عمداً، والسارق ، والمغتصب، والقاذف، وقاطع الطريق .
... الثاني : إهمال وتقصير في الرعاية والحذر، تسبب عنها ضرر مالي أو جسمي أصاب بريئاً محترماً معصوم الدم، كدابة رجل أتلفت زرعاً لصاحب بستان.
... فالمسؤولية التقصيرية: هي الحكم الشرعي الناتج عن تقصير الإنسان في تقدير الظروف ، أو القيام بالرعاية والحذر المطلوبين، من ضمان ونحوه.
الأثر الشرعي المترتب على المسؤولية التقصيرية:
... إذا أمكن تصور التقصير في ميزان النظر الشرعي ؛ ثبتت المسؤولية المترتبة عليه ، وإنما يظهر أثر هذه المسؤولية بضمان المقصر للمثل أو القيمة ، أو بتكليفه بما ينزل منزلة الضمان كالدية والأرش ونحوهما.
... ولأن النفس لا تضمن بالدفع، فالأجزاء أولى.
" تنبيه " :
... يحرم على المتألم تعجيل الموت وإن عظم ألمه ولم يطقه، لأن برءه مرجو.
... وذكر الخطيب الشربيني أن الشخص إذا ألقى نفسه في محرق علم أنه لا ينجو منه إلا إلى مائع مغرق ورآه أهون عليه من الصبر على لفحات المحرق، جاز لأنه أهون عليه.
...
المسؤولية التقصيرية
المقصود بالمسؤولية التقصيرية :
... المسؤولية التي تقع على عاتق المكلف، لا تعدو أن تكون لأحد سببين:
... الأول : قصد عدواني كمسؤولية القاتل عمداً، والسارق ، والمغتصب، والقاذف، وقاطع الطريق .
... الثاني : إهمال وتقصير في الرعاية والحذر، تسبب عنها ضرر مالي أو جسمي أصاب بريئاً محترماً معصوم الدم، كدابة رجل أتلفت زرعاً لصاحب بستان.
... فالمسؤولية التقصيرية: هي الحكم الشرعي الناتج عن تقصير الإنسان في تقدير الظروف ، أو القيام بالرعاية والحذر المطلوبين، من ضمان ونحوه.
الأثر الشرعي المترتب على المسؤولية التقصيرية:
... إذا أمكن تصور التقصير في ميزان النظر الشرعي ؛ ثبتت المسؤولية المترتبة عليه ، وإنما يظهر أثر هذه المسؤولية بضمان المقصر للمثل أو القيمة ، أو بتكليفه بما ينزل منزلة الضمان كالدية والأرش ونحوهما.
... واعلم أن
التقصير في نظر الشرع يثبت حكماً إذا كانت الواقعة تحتمله ، سواء أكان صاحب
الواقعة مقصراً في الحقيقة أم لا ، فلا يشترط لتكليفه بالضمان أن يقوم تحقيق لبيان
الدليل على تقصيره ، بل الشرط الوحيد أن يكون الواقعة مما يتصور إمكان التفريط
والتقصير فيها ، فيحكم على صاحبها بالضمان جبراً للضرر، وحيطة في الأمر ، وتسوية
للحقوق بين الناس .
أمثلة تطبيقية للمسؤولية التقصيرية :
1 – القتل الخطأ ـ وقد مر بك تعريفه ـ يستوجب الدية، ولا شك أن القاتل لا يتحملها لذنب ارتكبه، أو لعدوان بدر منه، ولكنه يتحملها لتصور تقصيره في أخذ الحيطة، حتى وإن لم يكن مقصراً في الواقع ونفس الأمر .
2 – أقام جدار بيته مائلاً ، فانقض بدون قصد منه، فهلك تحته إنسان معصوم الدم، أو تلف تحته مال، وجبت على عاقلته دية الإنسان، وعلى صاحب الجدار ضمان المال لصاحبه، لا زجراً له عن عدوان أو معصية ارتكبها، بل جبراً لمصيبة وقعت على أخيه، لسبب يتصور أن لتقصيره دخلاً فيه .
3 – أتلفت الدابة أو السيارة مالاً، كزرع ونحوه، أو أهلكت أو جرحت إنساناً معصوم الدم؛ وجب على راكبها أو سائقها أو قائدها مالكاً كان أو مستأجراً ضمان الزرع والمال، ووجبت الدية على العاقلة ، لأن جناية الدابة أو السيارة ونحوها تعتبر في الحكم جناية من هي في يده ، أيا كان صاحب اليد.
صور احترازية لا مسؤولية فيها:
1 – سقطت الدابة ميتة أو مات سائق السيارة أثناء قيادتها، فأهلكت الدابة أثناء وقوعها أو السيارة أثناء اقتحامها مالاً، أو قضت على إنسان، فلا مسؤولية على سائق الدابة، ولا على أحد من ورثة سائق السيارة ، إذ لا مجال لتصور التقصير على أحد.
2 – نخس الدابة إنسان بغير إذن صاحبها أو مستأجرها الذي يضمن جنايتها، فجمحت فأتلفت مالاً ، فليس من ضمان على من هي في يده، لعدم تصور أي تقصير منه في الأمر، وإنما الضمان على الناخس، إذ هو المتسبب المباشر.
أمثلة تطبيقية للمسؤولية التقصيرية :
1 – القتل الخطأ ـ وقد مر بك تعريفه ـ يستوجب الدية، ولا شك أن القاتل لا يتحملها لذنب ارتكبه، أو لعدوان بدر منه، ولكنه يتحملها لتصور تقصيره في أخذ الحيطة، حتى وإن لم يكن مقصراً في الواقع ونفس الأمر .
2 – أقام جدار بيته مائلاً ، فانقض بدون قصد منه، فهلك تحته إنسان معصوم الدم، أو تلف تحته مال، وجبت على عاقلته دية الإنسان، وعلى صاحب الجدار ضمان المال لصاحبه، لا زجراً له عن عدوان أو معصية ارتكبها، بل جبراً لمصيبة وقعت على أخيه، لسبب يتصور أن لتقصيره دخلاً فيه .
3 – أتلفت الدابة أو السيارة مالاً، كزرع ونحوه، أو أهلكت أو جرحت إنساناً معصوم الدم؛ وجب على راكبها أو سائقها أو قائدها مالكاً كان أو مستأجراً ضمان الزرع والمال، ووجبت الدية على العاقلة ، لأن جناية الدابة أو السيارة ونحوها تعتبر في الحكم جناية من هي في يده ، أيا كان صاحب اليد.
صور احترازية لا مسؤولية فيها:
1 – سقطت الدابة ميتة أو مات سائق السيارة أثناء قيادتها، فأهلكت الدابة أثناء وقوعها أو السيارة أثناء اقتحامها مالاً، أو قضت على إنسان، فلا مسؤولية على سائق الدابة، ولا على أحد من ورثة سائق السيارة ، إذ لا مجال لتصور التقصير على أحد.
2 – نخس الدابة إنسان بغير إذن صاحبها أو مستأجرها الذي يضمن جنايتها، فجمحت فأتلفت مالاً ، فليس من ضمان على من هي في يده، لعدم تصور أي تقصير منه في الأمر، وإنما الضمان على الناخس، إذ هو المتسبب المباشر.
... ومثل ذلك
ما إذا سلم أجنبي سيارة شخص إلي مجنون؛ فساقها فأتلفت شيئاً فإن صاحب السيارة ـ
وهو صاحب اليد ـ لا يعد ضامناً، إذ لا مجال لإسناد أي تقصير إليه، وإنما الضمان
على الأجنبي.
3 – أرسل الدابة نهاراً وأسلمها إلى طريقها الذي ألفته وعرفته، فأتلفت زرعاً أو نحوه في طريقها ؛ لا يضمن صاحبها ما أتلفت، إذ لا مجال لإسناد أي تقصير إليه.
... بخلاف ما لو أرسلها ليلاً فأتلفت شيئاً ؛ فإنه لتقصيره في إرسالها في وقت غير صالح لذلك .
... وتحقيقاً لهذا الفرق قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ فيما رواه أبو داود [3570] وغيره ـ على أهل الحوائط "أي البساتين" حفظ بساتينهم بالنهار، وعلى أهل المواشي ما أصابت ماشيتهم بالليل .
... ذلك لأن العرف جار على حفظ الزر وع ونحوها نهاراً، وحفظ الأنعام ليلاً، فلو اختلف العرف اختلف الحكم تبعاً له.
القاعدة المستخلصة للمسؤولية وعدمها:
... نستخلص من الأمثلة السابقة القاعدة المعتمدة التالية :
أ – تناط المسؤولية بمن باشر إحداث ضرر بالغير، أو تسبب لما ينتهي بإحداث ضرر بالغير قصداً أو بغير قصد، وهي إما أن تكون مسؤولية عدوان أو مسؤولية تقصير .
ب – لا تناط المسؤولية بالمتسبب غير المباشر ، إذا انقطعت فاعلية تسببه، لتدخل عنصر أجنبي، كأن حفر رجل بئراً في الطريق، فألقى آخر بنفسه فيها متعمداً، فلا يضمن الحافر، لأن تسببه قد انقطع أثره بتدخل هذا الذي ألقي بنفسه في البئر عمداً. وكأن ترك رجل دابته أمام زرع بدون أن يوثقها ، فجاء آخر فنخسها فجمحت فأتلفت بذلك شيئاً، فإن المسؤولية تزول عن صاحبها المتسبب، لانتساخ تسببه ذاك بفعل هذا الأجنبي .
3 – أرسل الدابة نهاراً وأسلمها إلى طريقها الذي ألفته وعرفته، فأتلفت زرعاً أو نحوه في طريقها ؛ لا يضمن صاحبها ما أتلفت، إذ لا مجال لإسناد أي تقصير إليه.
... بخلاف ما لو أرسلها ليلاً فأتلفت شيئاً ؛ فإنه لتقصيره في إرسالها في وقت غير صالح لذلك .
... وتحقيقاً لهذا الفرق قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ فيما رواه أبو داود [3570] وغيره ـ على أهل الحوائط "أي البساتين" حفظ بساتينهم بالنهار، وعلى أهل المواشي ما أصابت ماشيتهم بالليل .
... ذلك لأن العرف جار على حفظ الزر وع ونحوها نهاراً، وحفظ الأنعام ليلاً، فلو اختلف العرف اختلف الحكم تبعاً له.
القاعدة المستخلصة للمسؤولية وعدمها:
... نستخلص من الأمثلة السابقة القاعدة المعتمدة التالية :
أ – تناط المسؤولية بمن باشر إحداث ضرر بالغير، أو تسبب لما ينتهي بإحداث ضرر بالغير قصداً أو بغير قصد، وهي إما أن تكون مسؤولية عدوان أو مسؤولية تقصير .
ب – لا تناط المسؤولية بالمتسبب غير المباشر ، إذا انقطعت فاعلية تسببه، لتدخل عنصر أجنبي، كأن حفر رجل بئراً في الطريق، فألقى آخر بنفسه فيها متعمداً، فلا يضمن الحافر، لأن تسببه قد انقطع أثره بتدخل هذا الذي ألقي بنفسه في البئر عمداً. وكأن ترك رجل دابته أمام زرع بدون أن يوثقها ، فجاء آخر فنخسها فجمحت فأتلفت بذلك شيئاً، فإن المسؤولية تزول عن صاحبها المتسبب، لانتساخ تسببه ذاك بفعل هذا الأجنبي .
جـ - لا تحمل
المسؤولية لأحد في ضرر نجم عن قوة قاهرة لا يستطيع الإنسان دفعها ، كمثال موت
الدابة ، وموت سائق السيارة ، وكما لو وضع حجراً في مكان آمن ، فأقبل سيل داهم جرف
الحجر من مكانه، وألقي به حيث أتلف شيئاً ، إذ لا مجال لتصور التقصير في ذلك .
البغاة وأحكامهم
ممن هم البغاة ؟
... البغاة : جمع باغ ، وهو كل متجاوز للحد الذي ينبغي أن يلتزمه. والبغي في أصل اللغة الظلم.
... والمقصود بالبغاة هنا: جماعة من المسلمين خرجوا على أمام المسلمين، وتمردوا على أوامره، أو منعوا حقاً من الحقوق، سواء أكان هذا الحق لله أم للناس.
حكمهم :
... يجب على أمام المسلمين إذا بدرت بادرة البغي بالمعني الذي ذكرناه، من أي فئة من فئات المسلمين؛ أ، يبادر فيبعث إليهم من يسألهم عن مطالبهم ، وما قد يكرهونه من أمره، فإن ذكروا علة يمكن إزالتها دون أن تترك أثراً سيئاً أو تستلزم ضرراً؛ وجب إجابتهم إلى ما يريدون ، وإن لم يكن ذلك أو لم يذكروا علة وجيهة لبغيهم، وعظهم وخوفهم بالقتال، وأمرهم بالعود إلى الطاعة، فإن لم يتعظوا أعلمهم بالقتال، فإن أبوا وأصروا على ما هم عليه قاتلهم وجوباً .
شروط قتال البغاة:
... يشترط لقتال البغاة الشروط التالية:
... أولاً: أن يكونوا في شوكة ومنعة، لكثرة أو قوة، ولو بحصن بحيث يمكنهم معها مقاومة الإمام، فيحتاج في ردهم إلى الطاعة لكلفة من بذل مال وتحصيل رجال.
... ثانياً: أن يخرجوا بشكل فعلي عن قبضة الإمام بسبب المنعة التي ذكرناها، إذ لو كانوا في قبضته وتحت سلطانه؛ لكان في غنى عن أن يناصبهم القتال، ولأمكن أن يكتفي بمعاقبتهم بما يراه من حبس وغيره.
البغاة وأحكامهم
ممن هم البغاة ؟
... البغاة : جمع باغ ، وهو كل متجاوز للحد الذي ينبغي أن يلتزمه. والبغي في أصل اللغة الظلم.
... والمقصود بالبغاة هنا: جماعة من المسلمين خرجوا على أمام المسلمين، وتمردوا على أوامره، أو منعوا حقاً من الحقوق، سواء أكان هذا الحق لله أم للناس.
حكمهم :
... يجب على أمام المسلمين إذا بدرت بادرة البغي بالمعني الذي ذكرناه، من أي فئة من فئات المسلمين؛ أ، يبادر فيبعث إليهم من يسألهم عن مطالبهم ، وما قد يكرهونه من أمره، فإن ذكروا علة يمكن إزالتها دون أن تترك أثراً سيئاً أو تستلزم ضرراً؛ وجب إجابتهم إلى ما يريدون ، وإن لم يكن ذلك أو لم يذكروا علة وجيهة لبغيهم، وعظهم وخوفهم بالقتال، وأمرهم بالعود إلى الطاعة، فإن لم يتعظوا أعلمهم بالقتال، فإن أبوا وأصروا على ما هم عليه قاتلهم وجوباً .
شروط قتال البغاة:
... يشترط لقتال البغاة الشروط التالية:
... أولاً: أن يكونوا في شوكة ومنعة، لكثرة أو قوة، ولو بحصن بحيث يمكنهم معها مقاومة الإمام، فيحتاج في ردهم إلى الطاعة لكلفة من بذل مال وتحصيل رجال.
... ثانياً: أن يخرجوا بشكل فعلي عن قبضة الإمام بسبب المنعة التي ذكرناها، إذ لو كانوا في قبضته وتحت سلطانه؛ لكان في غنى عن أن يناصبهم القتال، ولأمكن أن يكتفي بمعاقبتهم بما يراه من حبس وغيره.
... ثالثاً:
أن يعتمدوا تأويلاً سائغاً له مجال في النظر والاجتهاد، يسوغون به تمردهم عليه،
وإن كان هذا التأويل فاسداً إلا أنه لا يقطع بفساده، وذلك كتأويل الذين خرجوا على
علي رضي الله عنه من أهل الجمل وصفين، بأنه يعرف قتلة عثمان رضي الله عنه، ويقدر
عليهم ولا يقتص منهم لمواطأته إياهم .
... فلو لم يكن لهم تأويل أو اجتهاد يعتمدون عليه في عصيانهم للأمام ؛ لم يترتب عليهم حكم البغاة، ووجب قتالهم بوصف كونهم فسقة، بل ربما يكفرون إذا استحلوا عصيان إمام المسلمين، والخروج على أمره دون معتمد شرعي يستندون إليه.
... رابعاً: أن يكون لهم مطاع فيهم يحصل به قوة لشوكنهم ، وإن لم يكن إماماً منصوباً فيهم، يصدرون عن رأيه، إذ لا قوة لمن لا يجمع كلمتهم مطاع .
... هذا ومن المهم أن تعرف أن البغاة لا يفسقون ولا يكفرون ، وإن وجب على الإمام قتالهم ؛ لأن لهم من وجهة النظر الشرعي ما يعتبر عذراً لهم بزعمهم هم .
دليل حكم قتالهم وحكمته:
... أما دليل وجوب قتالهم فقوله عز وجل: ? وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ? (الحجرات: 9 ) .
... قال العلماء: هذه الآية وإن لم يكن فيها ذكر الخروج على الإمام، لكنها تشمله لعمومها، أو تقتضيه قياساً، لأنه إذا طلب القتال لبغي طائفة على طائفة فلأن يطلب ذلك للبغي على الإمام من باب أولي.
... وكالآية حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ". (أخرجه أبو داود [4758] في السنة، باب :في القتل الخوارج، عن أبي ذر رضي الله عنه).
... فلو لم يكن لهم تأويل أو اجتهاد يعتمدون عليه في عصيانهم للأمام ؛ لم يترتب عليهم حكم البغاة، ووجب قتالهم بوصف كونهم فسقة، بل ربما يكفرون إذا استحلوا عصيان إمام المسلمين، والخروج على أمره دون معتمد شرعي يستندون إليه.
... رابعاً: أن يكون لهم مطاع فيهم يحصل به قوة لشوكنهم ، وإن لم يكن إماماً منصوباً فيهم، يصدرون عن رأيه، إذ لا قوة لمن لا يجمع كلمتهم مطاع .
... هذا ومن المهم أن تعرف أن البغاة لا يفسقون ولا يكفرون ، وإن وجب على الإمام قتالهم ؛ لأن لهم من وجهة النظر الشرعي ما يعتبر عذراً لهم بزعمهم هم .
دليل حكم قتالهم وحكمته:
... أما دليل وجوب قتالهم فقوله عز وجل: ? وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ? (الحجرات: 9 ) .
... قال العلماء: هذه الآية وإن لم يكن فيها ذكر الخروج على الإمام، لكنها تشمله لعمومها، أو تقتضيه قياساً، لأنه إذا طلب القتال لبغي طائفة على طائفة فلأن يطلب ذلك للبغي على الإمام من باب أولي.
... وكالآية حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ". (أخرجه أبو داود [4758] في السنة، باب :في القتل الخوارج، عن أبي ذر رضي الله عنه).
... وأما
الحكمة من وجوب قتالهم ـ رغم ما قلنا من أنهم يعتمدون في عصيانهم على شبهة شرعية ـ
فهي أن استتباب الأمر للإمام بعد صحة إمامته على المسلمين وشرعيتها، أساس كلي هام
لاجتماع شمل المسلمين وبقاء وحدتهم، وخوف الأعداء منهم، وهو ما أمر الله المسلمين
بالدخول في بيعة أمام لهم من أجله، وذلك كان من الواجب على عامة المسلمين طاعة
الإمام ولو كان جائرا، لكن الطاعة مشروطة بما لا معصية فيه، وذلك لأن عصيان العامة
للإمام أخطر على المسلمين من وجوره في حقهم .
... فمن أجل ذلك أمر الله الحاكم بقتال أهل البغي ، دون أن يشفع لهم اجتهادهم ومعتمدهم الذي يستندون إليه ، إذ إن خضوعهم لأمره أعظم خيراً للمسلمين من تمسكهم باجتهادهم .
طبيعة قتال البغاة ومظاهر الفرق بينه وبين غيره :
... يمتاز قتال البغاة عن القتال غيرهم من الكفار والفسقة والأعداء بمظاهر هامة ، نظراً إلى أن البغاة لا يفسقون كما قلنا ، ولا ينسبون إلى أي بدعة ، وإنما الضرورة هي التي تدعو إلى قتالهم حفظاً للأمن ، ووقاية لوحدة المسلمين أن لا تصدعها الفتن ، وإليك خلاصة هذه المظاهر:
أ – يجب أن يسبق القتال نصح وحوار بينهم وبين ممثلي الإمام ، كما فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الذين خرجوا عليه ، فقد بعث إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه ليناظرهم فيما يدعون . فلعلهم يرجعون إلي الحق أو يرجع بعضهم .
... فمن أجل ذلك أمر الله الحاكم بقتال أهل البغي ، دون أن يشفع لهم اجتهادهم ومعتمدهم الذي يستندون إليه ، إذ إن خضوعهم لأمره أعظم خيراً للمسلمين من تمسكهم باجتهادهم .
طبيعة قتال البغاة ومظاهر الفرق بينه وبين غيره :
... يمتاز قتال البغاة عن القتال غيرهم من الكفار والفسقة والأعداء بمظاهر هامة ، نظراً إلى أن البغاة لا يفسقون كما قلنا ، ولا ينسبون إلى أي بدعة ، وإنما الضرورة هي التي تدعو إلى قتالهم حفظاً للأمن ، ووقاية لوحدة المسلمين أن لا تصدعها الفتن ، وإليك خلاصة هذه المظاهر:
أ – يجب أن يسبق القتال نصح وحوار بينهم وبين ممثلي الإمام ، كما فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الذين خرجوا عليه ، فقد بعث إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه ليناظرهم فيما يدعون . فلعلهم يرجعون إلي الحق أو يرجع بعضهم .
... ففي
الحلية لأبي نعيم عن ابن عباس قال : لما اعتزلت الحرورية قلت لعلي : يا أمير
المؤمنين أبرد عني الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم، قال :أني أتخوفهم عليك ،
قال قلت كلا إن شاء الله، فليست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية ثم دخلت عليهم
وهم قائلون في نحر الظهيرة، فدخلت علي قوم لم أر قوماً أشد اجتهاداً منهم، أيديهم
كأنها ثفن إبل ـ جمع ثفنة وهي ركبة البعير وما مس الأرض من كركرته ـ ووجوههم مقلبة
من آثار السجود، قال: فدخلت فقالوا: مرحباً بك يا ابن عباس، ما جاء بك؟ قال؟ جئت
أحدثكم، على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل الوحي ، وهم أعلم
بتأويله، فقال بعضهم: لا تحدثوه، وقال بعضهم: لنحدثنه. قال : فقلت أخبروني ما
تنقمون على ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وختنه وأول ممن آمن به،
وأصحاب رسول الله معه؟ قالوا: أولاهن أنه حكم الرجال في دين الله ، وقد قال الله
عز وجل : ? إن الحكم إلا الله ? (سورة الأنعام : 57) ، قال: قلت: وماذا؟ قالوا :
قاتل ولم يسب ولم يغنم، لئن كانوا كفاراً لقد حلت له أموالهم، وإن كانوا مؤمنين
لقد حرمت عليه دماؤهم، قال: قلت: ثم ماذا؟ قالوا: ومحا نفسه من أمير المؤمنين فإن
لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين .
... قال: قلت
أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيكم - صلى الله عليه
وسلم - ما لا تنكرون أترجعون ؟ قالوا: نعم ، قال : قلت أما قولكم إنه حكم الرجال
في دين الله فإنه يقولك ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ
الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ
مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ ? ( سورة المائدة:
95 ) . وقال في المرأة وزوجها: ? وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا
فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا ? ( سورة النساء :
35 ) . أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق، أم
في أرنب ثمنها ربع درهم؟ فقالوا: اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم، فقال :
أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم .
... قال: وأما قولكم إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمكم ثم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها؟ فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، أن الله عز وجل يقول : ? النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ? (سورة الأحزاب: 6) ، فأنتم تترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيتهما شئتم، أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم .
... قال: وأما قولكم إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمكم ثم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها؟ فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، أن الله عز وجل يقول : ? النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ? (سورة الأحزاب: 6) ، فأنتم تترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيتهما شئتم، أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم .
... قال :
وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين؛ فإن، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا
قريشاً يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتاباً، فقال: اكتب هذا ما قاضي عليه
محمد رسول الله، فقالوا : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا
قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبدالله، فقال : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني،
اكتب يا على محمد بن عبدالله . فرسول الله كان أفضل من علي، أخرجت من هذه ؟ قالوا:
اللهم نعم ، فرجع منهم عشرون ألفاً، وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا. (انظر كتاب
الحلية لأبي نعيم [1/318 ـ 320] ) .
... وفي البداية والنهاية لابن كثير: أن علياً بعث إلى الخوارج عبدالله بن عباس، حتى إذا توسط عسكرهم، فقام ابن الكوا فخطب الناس فقال: يا حملة القرآن، هذا عبدالله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فإني أعرفه، ممن يخاصم في كتاب الله بما لا يعرفه، هذا ممن نزل فيه وفي قومه: ? بل هم قوم خصمون ? فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله، فقال بعضهم: والله لنواضعنه، فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنكبتنه بباطلة، فواضعوا عبدالله الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب، فيهم ابن الكوا، حتى أدخلهم على علي الكوفة (1) .
... فإن لم يجد الحوار والنصح بينهم وبين ممثلي الإمام؛ يتل ذلك التحذير والتخويف من عاقبة الاستمرار على العصيان، ثم يتبع ذلك الإنذار بالقتال ، حتى إذا لم تجد هذه الأسباب كلها شيئاً؛ وجب القتال. وقد مر بيان هذا غي أول البحث.
ب – لا يجوز بعد بدء القتال ملاحقة المدبرين منهم ، ولا القضاء على المثحنين بالجراح منهم، وإنما يحصر القتال في مواجهة من يواجه القتال بمثله.
__________
(1) البداية والنهاية: [7/281] . لنواضعنه: في القاموس: المواضعة المراهنة ومشاركة البيع والموافقة في الأمر. وهلم أواضعك الرأي: أطلعك على رأيي وتطلعني على رأيك .
... وفي البداية والنهاية لابن كثير: أن علياً بعث إلى الخوارج عبدالله بن عباس، حتى إذا توسط عسكرهم، فقام ابن الكوا فخطب الناس فقال: يا حملة القرآن، هذا عبدالله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فإني أعرفه، ممن يخاصم في كتاب الله بما لا يعرفه، هذا ممن نزل فيه وفي قومه: ? بل هم قوم خصمون ? فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله، فقال بعضهم: والله لنواضعنه، فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنكبتنه بباطلة، فواضعوا عبدالله الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب، فيهم ابن الكوا، حتى أدخلهم على علي الكوفة (1) .
... فإن لم يجد الحوار والنصح بينهم وبين ممثلي الإمام؛ يتل ذلك التحذير والتخويف من عاقبة الاستمرار على العصيان، ثم يتبع ذلك الإنذار بالقتال ، حتى إذا لم تجد هذه الأسباب كلها شيئاً؛ وجب القتال. وقد مر بيان هذا غي أول البحث.
ب – لا يجوز بعد بدء القتال ملاحقة المدبرين منهم ، ولا القضاء على المثحنين بالجراح منهم، وإنما يحصر القتال في مواجهة من يواجه القتال بمثله.
__________
(1) البداية والنهاية: [7/281] . لنواضعنه: في القاموس: المواضعة المراهنة ومشاركة البيع والموافقة في الأمر. وهلم أواضعك الرأي: أطلعك على رأيي وتطلعني على رأيك .
جـ - لا يجوز
قتل كم يؤسر منهم، لصريح ما ورد من النهي عن ذلك في حديث البيهقي [8/182] عن ابن
عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود: يا ابن أم عبد ما حكم من بغي
من أمتي ؟ قال: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يتبع
مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم، ولا يقتل جريحهم ، وزاد البيهقي : ولا يغنم فيئهم.
وروى ابن أبي شيبة ـ مغني المحتاج [4/127] ـ أن علياً رضي الله عنه أمر مناديه يوم
الجمل فنادي: لا يتبع مدبر، ولا يذفف على جريح، ولا يقتل أسير، ومن أغلق بابه فهو
آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن .
... نعم يجب حبسه إن لم يذعن للمبايعة والاحتفاظ به، إلى أن تنقضي الحرب ويتفرق جمع البغاة، ليكفى شره، ثم يطلق سراحه بعد أن يأخذ عليه العهد أن لا يعود إلى القتال، فإن خيف من نكثه العهد جاز إبقاؤه في السجن، حتى يغلب على الظن صدقه في العهد .
... أما إذا أذعن للطاعة قبل انقضاء الحرب؛ وظهرت علائم الصدق عليه، فيجب المبادرة إلى إطلاق سراحه.
د – لا يجوز امتلاك شيء من أموالهم على وجه الغنيمة، بل ينظر:
... فما كان منها آلات حرب فيحتفظ بها إلى أن تضع الحرب أوزارها، ويطمئن الحاكم إلى أنهم لم يعودوا إلى القتال، فتعاد إليهم عند ذاك، فإن بقي الخوف قائماً من عودهم إلى القتال لم تسلم إليهم، وبقيت تحت يد الدولة على وجه الاحتفاظ لا الامتلاك.
... وما كان منها أموالاً عادية؛ فيجب إعادته إلى أصحابه عند انقضاء الحرب، وإن خفنا عودهم إلى القتال.
الآثار المترتبة على قتال البغاة :
1 – إذا بدأ الإمام قتال البغاة بالشروط التي ذكرناها، وبعد المقدمات التي أوضحناها، فمن قتل منهم أثناء المعركة فدمه هدر، لا يتابع قاتله بقصاص ولا دية، لما عرفت من مشروعية هذا القتال ووجوبه.
... نعم يجب حبسه إن لم يذعن للمبايعة والاحتفاظ به، إلى أن تنقضي الحرب ويتفرق جمع البغاة، ليكفى شره، ثم يطلق سراحه بعد أن يأخذ عليه العهد أن لا يعود إلى القتال، فإن خيف من نكثه العهد جاز إبقاؤه في السجن، حتى يغلب على الظن صدقه في العهد .
... أما إذا أذعن للطاعة قبل انقضاء الحرب؛ وظهرت علائم الصدق عليه، فيجب المبادرة إلى إطلاق سراحه.
د – لا يجوز امتلاك شيء من أموالهم على وجه الغنيمة، بل ينظر:
... فما كان منها آلات حرب فيحتفظ بها إلى أن تضع الحرب أوزارها، ويطمئن الحاكم إلى أنهم لم يعودوا إلى القتال، فتعاد إليهم عند ذاك، فإن بقي الخوف قائماً من عودهم إلى القتال لم تسلم إليهم، وبقيت تحت يد الدولة على وجه الاحتفاظ لا الامتلاك.
... وما كان منها أموالاً عادية؛ فيجب إعادته إلى أصحابه عند انقضاء الحرب، وإن خفنا عودهم إلى القتال.
الآثار المترتبة على قتال البغاة :
1 – إذا بدأ الإمام قتال البغاة بالشروط التي ذكرناها، وبعد المقدمات التي أوضحناها، فمن قتل منهم أثناء المعركة فدمه هدر، لا يتابع قاتله بقصاص ولا دية، لما عرفت من مشروعية هذا القتال ووجوبه.
2 – إذا انقضت
الحرب وقتل جنود الإمام أحد البغاة، فإن كان قد بايع على السمع والطاعة اقتص من
القاتل، إلا أن يحلف القاتل أنه ظنه باغياً أي مصراً على العصيان، فيطالب بالدية
ويسقط القصاص.
3 – إذا قتل الأسير أو ذفف الجريح وجبت ديته على القاتل، وسقط القصاص لوجود الشبهة في جواز قتله، وقد مر بك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ادرؤوا الحدود ما استطعتم".
أحكام الردة
معنى الردة:
... الردة في اللغة: الرجوع عن الشيء إلى غيره ، وهي في اصطلاح الشريعة الإسلامية: الرجوع عن الإسلام بعد اعتناقه إلى أي دين من الأديان، أو عقيدة من العقائد.
... والردة أفحش أنواع الكفر، وأغلظه حكماً وأثراً، ومن الأدلة على ذلك قول الله تبارك وتعالى: ? وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ? (سورة البقرة : 217).
ضابط ما تكون به الردة :
... تقع الردة عن الإسلام بواحد من ثلاثة أشياء:
... الأول : إنكار حكم مجمع عليه، معروف في الدين بالضرورة: كإنكار وجوب الزكاة والصوم والحج، وكإنكار حرمة شرب الخمر، أو أكل الربا، وإنكار أن القرآن كلام الله عز وجل، فهذه أحكام معروفة بالضرورة لكل مسلم، يستوي فيها علماء الدين وغيرهم، ولذلك كان الجحود بها من أسباب الردة.
... أما إن أنكر حكماً غير مجمع عليه، أو مجمع عليه ولكنه خفي عن كثير من الناس، فإن إنكاره لا يستلزم الردة ، كما أنكر مشروعية صلاة الضحي، أو أنكر حرمة زواج المطلقة قبل انقضاء عدتها.
... الثاني: أن يفعل فعلاً من خصائص الكفار: كالسجود لصنم، وممارسة شيء من عبادات الكفار ، أو أن يفعل فعلاً يتنافي مع التزامه لدين الإسلام: كأن يلقي مصحفاً في قاذورة متعمداً، وكالمصحف كتب الحديث والتفسير، بشرط أن يفعل ذلك مختاراً لا مكرهاً .
3 – إذا قتل الأسير أو ذفف الجريح وجبت ديته على القاتل، وسقط القصاص لوجود الشبهة في جواز قتله، وقد مر بك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ادرؤوا الحدود ما استطعتم".
أحكام الردة
معنى الردة:
... الردة في اللغة: الرجوع عن الشيء إلى غيره ، وهي في اصطلاح الشريعة الإسلامية: الرجوع عن الإسلام بعد اعتناقه إلى أي دين من الأديان، أو عقيدة من العقائد.
... والردة أفحش أنواع الكفر، وأغلظه حكماً وأثراً، ومن الأدلة على ذلك قول الله تبارك وتعالى: ? وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ? (سورة البقرة : 217).
ضابط ما تكون به الردة :
... تقع الردة عن الإسلام بواحد من ثلاثة أشياء:
... الأول : إنكار حكم مجمع عليه، معروف في الدين بالضرورة: كإنكار وجوب الزكاة والصوم والحج، وكإنكار حرمة شرب الخمر، أو أكل الربا، وإنكار أن القرآن كلام الله عز وجل، فهذه أحكام معروفة بالضرورة لكل مسلم، يستوي فيها علماء الدين وغيرهم، ولذلك كان الجحود بها من أسباب الردة.
... أما إن أنكر حكماً غير مجمع عليه، أو مجمع عليه ولكنه خفي عن كثير من الناس، فإن إنكاره لا يستلزم الردة ، كما أنكر مشروعية صلاة الضحي، أو أنكر حرمة زواج المطلقة قبل انقضاء عدتها.
... الثاني: أن يفعل فعلاً من خصائص الكفار: كالسجود لصنم، وممارسة شيء من عبادات الكفار ، أو أن يفعل فعلاً يتنافي مع التزامه لدين الإسلام: كأن يلقي مصحفاً في قاذورة متعمداً، وكالمصحف كتب الحديث والتفسير، بشرط أن يفعل ذلك مختاراً لا مكرهاً .
... الثالث :
أن ينطق بقول يتنافى مع التزامه الإسلام ، سواء صدر ذلك عنه اعتقاداً، أو عناداً،
أو استهزاء ؛ مثاله: أن يسب الدين، أو الإله، أو أحد الأنبياء، أو أن يقول مثلاً:
الإسلام لا يتلاءم مع الرقي الإنساني، أو الخالق غير موجود، أو الزكاة تتنافى مع
المجتمع الاشتراكي، أو إن إلزام المرأة بالحجاب مظهر من مظاهر التخلف.
... فمثل هذه الأقوال مستوجبة للردة، سواء كان الدافع إلى النطق بها اعتقاداً، أو غضباً، أو عناداً: كأكثر الذين يسبون الدين، أو يشتمون الإله عز وجل في ظروف غضب أو مشاكسة، أو استهزاء لمجرد إثارة الضحك وأسباب اللهو والسخرية: كمن يقول لزميله الذي يعظه : إذا دخلت الجنة غداً فأغلق الباب خلفك، ولا تدخلني معك.
التحذير من الوقوع في الردة :
... لاحظت مما مضي بيانه أن الردة قد تكون بكلمة يتلفظ بها القائل، أو بتصرف يراه بسيطاً غير ذي مدلول، أو بتكذيب لحقيقة يظن صاحبه أنه لا يعبر بذلك عن أكثر من حرية الرأي والتفكير.
... غير أن هذا التصرف أو الكلام الذي يراه صاحبه أمراً غير ذي بال، ينبني عليه انقلاب كلي خطير في مصير صاحبه بعد الموت، فهو بعد أن كان في حكم الله تعالى من المسلمين الذين يجوز أن يتجاوز الله عن جميع سيآتهم، ويجعل ذلك كله داخلاً في شفاعة إسلامهم، أصبح من الكافرين الذين يئسوا من رحمة الله تعالى مهما جاؤوا بد من الأعمال الإنسانية المبرورة .
... كما ينبني عليه انقلاب خطير في حكم النظر إليه، والتعامل معه، في نطاق المجتمع الإسلامي في دار الدنيا، حيث تسلب منه الحقوق التالية:
أ – حق الحياة ، إذ يجب إعدامه.
ب – حق الامتلاك، حيث تسقط ملكيته.
جـ - تلغى سائر أوضاعه الشرعية بالنسبة لحالته الشخصية من زواج وميراث وغير ذلك . وسنذكر تفصيل ذلك فيما يلي.
... فمثل هذه الأقوال مستوجبة للردة، سواء كان الدافع إلى النطق بها اعتقاداً، أو غضباً، أو عناداً: كأكثر الذين يسبون الدين، أو يشتمون الإله عز وجل في ظروف غضب أو مشاكسة، أو استهزاء لمجرد إثارة الضحك وأسباب اللهو والسخرية: كمن يقول لزميله الذي يعظه : إذا دخلت الجنة غداً فأغلق الباب خلفك، ولا تدخلني معك.
التحذير من الوقوع في الردة :
... لاحظت مما مضي بيانه أن الردة قد تكون بكلمة يتلفظ بها القائل، أو بتصرف يراه بسيطاً غير ذي مدلول، أو بتكذيب لحقيقة يظن صاحبه أنه لا يعبر بذلك عن أكثر من حرية الرأي والتفكير.
... غير أن هذا التصرف أو الكلام الذي يراه صاحبه أمراً غير ذي بال، ينبني عليه انقلاب كلي خطير في مصير صاحبه بعد الموت، فهو بعد أن كان في حكم الله تعالى من المسلمين الذين يجوز أن يتجاوز الله عن جميع سيآتهم، ويجعل ذلك كله داخلاً في شفاعة إسلامهم، أصبح من الكافرين الذين يئسوا من رحمة الله تعالى مهما جاؤوا بد من الأعمال الإنسانية المبرورة .
... كما ينبني عليه انقلاب خطير في حكم النظر إليه، والتعامل معه، في نطاق المجتمع الإسلامي في دار الدنيا، حيث تسلب منه الحقوق التالية:
أ – حق الحياة ، إذ يجب إعدامه.
ب – حق الامتلاك، حيث تسقط ملكيته.
جـ - تلغى سائر أوضاعه الشرعية بالنسبة لحالته الشخصية من زواج وميراث وغير ذلك . وسنذكر تفصيل ذلك فيما يلي.
... إذا علمت
هذا، فيجب على المسلم أن يحجز لسانه عن التفوه بالكلمات التي تستوجب الردة، مهما
ثار به غضبه، وليجهد جهده أن يعبر عن غضبه وثورته بأي شيء أخر غير الكلمات التي
تستوجب الردة، فتستوجب على أثر ذلك خراب داره في الدنيا والآخرة.
حد الردة:
... وحد الردة يشمل الرجل والمرأة على السواء دون بينهما، فإذا صدر من الرجل أو المرأة ما يستوجب الردة مما مر ضابطه آنفاً، وكان كل منهما بالغاً عاقلاً، ترتيب الأحكام التالية:
... أولاً: وجوب استتابته فوراً، إذ يفرض أنه لم يرتد إلا لشبهة اعترضته، أو لغضب أفقده الرشد والضبط أفقده الرشد والضبط ، فينبه إلى الحق والرشد، عن طريق الاستتابة والنصح، والتنبيه إلى بطلان ما ارتد إليه، وخطورة ما انقلب إليه.
... ثانياً: التحذير من عواقب الإصرار على ردته إن لم يستجب لطلب التوبة، حيث يوضح له أنه سيقتل إن هو أصر على كفره، عناداً كان، أو اعتقاداً، أو استهزاءً.
... ثالثاً: وجوب القتل إن أصر على ردته، ولم يتب ، لقوله- صلى الله عليه وسلم -: " من بدل دينه فاقتلوه ". (رواه البخاري [2854] في الجهاد، باب: لا يعذب بعذاب الله ، عن ابن عباس رضي الله عنهما).
... وروى البخاري [6484] في الديات، باب: قول الله تعالى: أن النفس بالنفس؛ ومسلم [1676] في كتاب القسامة، باب: ما يباح بد دم المسلم، عن عبدالله رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا أله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني ، والمفارق لدينه التارك للجماعة ".
... وروى الدار قطني [3/118] عن جابر رضي الله عنه: أن امرأة يقال لها أم رومان ارتدت، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض عليها الإسلام ، فإن تابت وإلا قتلت.
شروط إقامة الحد على المرتد:
... قلنا فيما سبق: إن حد الردة هو القتل فوراً، ولكن لا يقام حد الردة ألا إذا توفرت الشروط التالية:
حد الردة:
... وحد الردة يشمل الرجل والمرأة على السواء دون بينهما، فإذا صدر من الرجل أو المرأة ما يستوجب الردة مما مر ضابطه آنفاً، وكان كل منهما بالغاً عاقلاً، ترتيب الأحكام التالية:
... أولاً: وجوب استتابته فوراً، إذ يفرض أنه لم يرتد إلا لشبهة اعترضته، أو لغضب أفقده الرشد والضبط أفقده الرشد والضبط ، فينبه إلى الحق والرشد، عن طريق الاستتابة والنصح، والتنبيه إلى بطلان ما ارتد إليه، وخطورة ما انقلب إليه.
... ثانياً: التحذير من عواقب الإصرار على ردته إن لم يستجب لطلب التوبة، حيث يوضح له أنه سيقتل إن هو أصر على كفره، عناداً كان، أو اعتقاداً، أو استهزاءً.
... ثالثاً: وجوب القتل إن أصر على ردته، ولم يتب ، لقوله- صلى الله عليه وسلم -: " من بدل دينه فاقتلوه ". (رواه البخاري [2854] في الجهاد، باب: لا يعذب بعذاب الله ، عن ابن عباس رضي الله عنهما).
... وروى البخاري [6484] في الديات، باب: قول الله تعالى: أن النفس بالنفس؛ ومسلم [1676] في كتاب القسامة، باب: ما يباح بد دم المسلم، عن عبدالله رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا أله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني ، والمفارق لدينه التارك للجماعة ".
... وروى الدار قطني [3/118] عن جابر رضي الله عنه: أن امرأة يقال لها أم رومان ارتدت، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض عليها الإسلام ، فإن تابت وإلا قتلت.
شروط إقامة الحد على المرتد:
... قلنا فيما سبق: إن حد الردة هو القتل فوراً، ولكن لا يقام حد الردة ألا إذا توفرت الشروط التالية:
1 – البلوغ
والعقل ، فلا عبرة بردة الصبي والمجنون ، لأنهما غير مكلفين، إلا أن على ولي الصبي
تأديبه وزجره واستتابته مما تصرف أو تفوه به.
2 – الاستتابة، فلا يجوز قتل المرتد قبل أن يستتاب، ولكنه بعد الاستتابة يقتل فوراً، ولا يمهل إن لم يتب.
... روى البخاري [6525] في كتاب استتابة المرتدين ، باب: حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم: حديث تولية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه على اليمن، فيه: ثم اتبعه معاذ بن جبل رضي الله عنه، فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال: انزل، وإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهودياً فأسلم، ثم تهود، قال: اجلس، قال : لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات، فأمر به فقتل.
... [قضاء الله: أي هذا قضاء الله . ثلاث مرات: أي كرر قوله ثلاثاً].
3 – ثبوت ردته بإقرار أو شهادة صحيحة متوفرة الشروط.
الآثار المترتبة على الارتداد:
... إذا ارتد المسلم، وثبت على ردته، ولم يتب، ترتبت، آثار هامة على ذلك، علاوة على ما ذكرنا من وجوب إقامة الحد عليه قتلاً، وهذه الآثار هي:
1 – الحجر التام على سائر أمواله، حيث توضع تحت إشراف الإمام الأكبر، أو من يرفع الحجر عنها، ويتبين أنه كان خلال ارتداده مالكاً لها. وإن لم يتب وقتل، تبين أن ملكيته عليها زالت منذ ارتداده.
... ومعنى ذلك أن الحكم بمصير ملكيته يكون موقوفاً على معرفة نتيجة أمره من توبة، أو إصرار يعقبه قتل.
2 – بطلان سائر تصرفاته وعقوده المدنية من بيع وشراء وهبة ورهن، ونحو ذلك، إذ يفقد بالردة أهليته لذلك كله.
2 – الاستتابة، فلا يجوز قتل المرتد قبل أن يستتاب، ولكنه بعد الاستتابة يقتل فوراً، ولا يمهل إن لم يتب.
... روى البخاري [6525] في كتاب استتابة المرتدين ، باب: حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم: حديث تولية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه على اليمن، فيه: ثم اتبعه معاذ بن جبل رضي الله عنه، فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال: انزل، وإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهودياً فأسلم، ثم تهود، قال: اجلس، قال : لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات، فأمر به فقتل.
... [قضاء الله: أي هذا قضاء الله . ثلاث مرات: أي كرر قوله ثلاثاً].
3 – ثبوت ردته بإقرار أو شهادة صحيحة متوفرة الشروط.
الآثار المترتبة على الارتداد:
... إذا ارتد المسلم، وثبت على ردته، ولم يتب، ترتبت، آثار هامة على ذلك، علاوة على ما ذكرنا من وجوب إقامة الحد عليه قتلاً، وهذه الآثار هي:
1 – الحجر التام على سائر أمواله، حيث توضع تحت إشراف الإمام الأكبر، أو من يرفع الحجر عنها، ويتبين أنه كان خلال ارتداده مالكاً لها. وإن لم يتب وقتل، تبين أن ملكيته عليها زالت منذ ارتداده.
... ومعنى ذلك أن الحكم بمصير ملكيته يكون موقوفاً على معرفة نتيجة أمره من توبة، أو إصرار يعقبه قتل.
2 – بطلان سائر تصرفاته وعقوده المدنية من بيع وشراء وهبة ورهن، ونحو ذلك، إذ يفقد بالردة أهليته لذلك كله.
3 – انقطاع حق
التوارث فيما بينه وبين أقاربه. فلو مات قريب له مسلم أثناء ردته، لم يرث منه
شيئاً، وإن كان في الأصل معدوداً من الورثة له، لقوله عليه الصلاة والسلام:
"لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم". (رواه البخاري [6383] في
الفرائض، باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم؛ ومسلم [1614] في الفرائض،
في فاتحته، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما).
4 – يفصل بينه وبين زوجته، ويعتبر عقد الزواج ببينهما موقوفاً، فإن تاب ورجع إلى الإسلام خلال مدة العدة ، عادت إليه زوجته بدون عقد، ولا رجعة، ويتبين استمرار عقده الأصلي صحيحاً، وإن لم يتب خلال مدة العدة، فسخ العقد ، وتبين أن فسخه كان منذ ساعة ارتداده، فإذا تاب بعد ذلك لم يكن له أن يعود إليها إلا بعقد ومهر جديدين .
الآثار المترتبة على قتل المرتد :
... وهي غير الآثار المترتبة على ردته بقطع النظر عن القتل، وهي تتلخص فيما يلي:
1 – حرمة تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، إذ لم يستوجب القتل إلا لخروجه عن دارة الإسلام وحكمه، وإنما يغسل ويكفن ويصلي عليه من كان خاضعاً لدين الإسلام ملتزماً لحكمه، قال الله عز وجل: ? وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌَ ? (سورة البقرة : 217).
2 – لا يدفن في مقابر المسلمين، بل تحفر له حفرة في مكان ما بعيداً عن مقابر المسلمين، ويوارى فيها .
3 – لا يرثه أحد من أقاربه، لانقطاع الأساس الذي تقوم عليه القرابة المعتبرة في الإسلام، وهو وحدة الدين، للحديث السابق ذكره، ولأن ملكيته تزول عن الأموال التي في حوزته بالردة، غير أنه لا يقضي بذلك إلا بعد موته مرتداً، إذ يتبين بذلك أنه منذ اللحظة التي ارتد فيها عن الإسلام لم يعد مالكاً لشيء مما تمتد يده عليه .
أحكام ترك الصلاة
أهمية الصلاة في الإسلام :
4 – يفصل بينه وبين زوجته، ويعتبر عقد الزواج ببينهما موقوفاً، فإن تاب ورجع إلى الإسلام خلال مدة العدة ، عادت إليه زوجته بدون عقد، ولا رجعة، ويتبين استمرار عقده الأصلي صحيحاً، وإن لم يتب خلال مدة العدة، فسخ العقد ، وتبين أن فسخه كان منذ ساعة ارتداده، فإذا تاب بعد ذلك لم يكن له أن يعود إليها إلا بعقد ومهر جديدين .
الآثار المترتبة على قتل المرتد :
... وهي غير الآثار المترتبة على ردته بقطع النظر عن القتل، وهي تتلخص فيما يلي:
1 – حرمة تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، إذ لم يستوجب القتل إلا لخروجه عن دارة الإسلام وحكمه، وإنما يغسل ويكفن ويصلي عليه من كان خاضعاً لدين الإسلام ملتزماً لحكمه، قال الله عز وجل: ? وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌَ ? (سورة البقرة : 217).
2 – لا يدفن في مقابر المسلمين، بل تحفر له حفرة في مكان ما بعيداً عن مقابر المسلمين، ويوارى فيها .
3 – لا يرثه أحد من أقاربه، لانقطاع الأساس الذي تقوم عليه القرابة المعتبرة في الإسلام، وهو وحدة الدين، للحديث السابق ذكره، ولأن ملكيته تزول عن الأموال التي في حوزته بالردة، غير أنه لا يقضي بذلك إلا بعد موته مرتداً، إذ يتبين بذلك أنه منذ اللحظة التي ارتد فيها عن الإسلام لم يعد مالكاً لشيء مما تمتد يده عليه .
أحكام ترك الصلاة
أهمية الصلاة في الإسلام :
... الصلاة
أول مظهر من مظاهر الإسلام في حياة المسلم ، وأهم تعبير عن عبودية الإنسان لله عز
وجل ، وحسبك من أهميتها خطورة أمرها قول الله عز وجل: ? إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ? (سورة النساء : 103) ، وقوله تبارك
وتعالى: ? وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ? (سورة طه:
132).
... فإذا ترك المسلم الصلاة ، فقد قطع بذلك شوطاً كبيراً إلى الكفر، وقلما يواظب المرء على ترك الصلاة ، ثم تسلم في قلبه عقيدة الإسلام، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" . ( رواه مسلم [82] في الإيمان، باب:إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة ).
... وإذا واظب المسلم على الصلاة جعل الله له منها كفارة لآثامه، وطهوراً لأدرانه، وكان له منها نسب موصول إلى الله عز وجل يري أثره عند الموت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فما ترون ذلك يبقي من درنه؟" ، قالوا: لا شيء، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن". (رواه البخاري [505] في مواقيت الصلاة ، باب: الصلوات الخمس كفارة؛ ومسلم [668] في المساجد، باب: المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات).
حكم تارك الصلاة :
... ينقسم تارك الصلاة إلى ضربين:
... الأول : من يتركها غير معتقد بوجوبها، أو مستخفاً بشأنها، فهو بذلك يكون مرتداً ، وقد مر بيان حكمه وحده، إذ إنه أنكر أمراً معروفاً من الدين بالضرورة .
... الثاني : من يتركها موقناً بوجوبها، كأن كان الحامل على تركها الكسل أو نحوه، فهذا المسلم مرتكب لجرم كبير يستوجب ـ إن هو أصر على ذلك ـ حداً من حدود الإسلام .
... فإذا ترك المسلم الصلاة ، فقد قطع بذلك شوطاً كبيراً إلى الكفر، وقلما يواظب المرء على ترك الصلاة ، ثم تسلم في قلبه عقيدة الإسلام، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" . ( رواه مسلم [82] في الإيمان، باب:إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة ).
... وإذا واظب المسلم على الصلاة جعل الله له منها كفارة لآثامه، وطهوراً لأدرانه، وكان له منها نسب موصول إلى الله عز وجل يري أثره عند الموت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فما ترون ذلك يبقي من درنه؟" ، قالوا: لا شيء، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن". (رواه البخاري [505] في مواقيت الصلاة ، باب: الصلوات الخمس كفارة؛ ومسلم [668] في المساجد، باب: المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات).
حكم تارك الصلاة :
... ينقسم تارك الصلاة إلى ضربين:
... الأول : من يتركها غير معتقد بوجوبها، أو مستخفاً بشأنها، فهو بذلك يكون مرتداً ، وقد مر بيان حكمه وحده، إذ إنه أنكر أمراً معروفاً من الدين بالضرورة .
... الثاني : من يتركها موقناً بوجوبها، كأن كان الحامل على تركها الكسل أو نحوه، فهذا المسلم مرتكب لجرم كبير يستوجب ـ إن هو أصر على ذلك ـ حداً من حدود الإسلام .
... فيؤمر
أولاً بالتوبة ، والنهوض إلى الصلاة ، وينبغي أن يقوم بذلك الحاكم ، أو من ينوب
منآبه، فإن لم يقم بذلك كان على أي مسلم أن يقوم مقامه، في أمره بالتوبة، وهو أمر
إلزامي علي سبيل الوجوب، يتحتم القيام به فوراً.
... فإن لم يتب، ولم ينهض إلى الصلاة، وجب إقامة الحد عليه.
حد تارك الصلاة :
... يحد تارك الصلاة ـ بعد استتابته ـ بالقتل ، بضرب عنقه بالسيف، ولو على صلاة واحدة، حداً من حدود الإسلام، لا كفراً. ودليل ذلك ما روى البخاري [25] في الإيمان، باب: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ، ومسلم [22] في الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله . . ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله " .
... وقال - صلى الله عليه وسلم - : " خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن ، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن، فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة". (رواه مالك في الموطأ [1/123] في صلاة الليل، باب: الأمر بالوتر؛ وأبو داود [425] في الصلاة، باب: في المحافظة على وقت الصلاة).
... فدل الحديث على أن تارك الصلاة لا يكفر، لأنه لو كفر لم يدخل في قوله: "إن شاء أدخله الجنة" لأن الكافر لا يدخل الجنة قطعاً. فحمل الحديث على تركها كسلاً جمعاً بين الأدلة .
كم يمهل تارك الصلاة قبل تنفيذ الحد ؟
... يجب أولاً استتابة تارك الصلاة كما قلنا.
... فإن لم يتب أنذره الحاكم بتنفيذ حد القتل فيه، ثم أمهله، وهو موضوع تحت المراقبة، وفي متناول الحاكم، وإلى أن تخرج الصلاة عن وقت الضرورة والعذر.
... فإن لم يتب، ولم ينهض إلى الصلاة، وجب إقامة الحد عليه.
حد تارك الصلاة :
... يحد تارك الصلاة ـ بعد استتابته ـ بالقتل ، بضرب عنقه بالسيف، ولو على صلاة واحدة، حداً من حدود الإسلام، لا كفراً. ودليل ذلك ما روى البخاري [25] في الإيمان، باب: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ، ومسلم [22] في الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله . . ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله " .
... وقال - صلى الله عليه وسلم - : " خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن ، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن، فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة". (رواه مالك في الموطأ [1/123] في صلاة الليل، باب: الأمر بالوتر؛ وأبو داود [425] في الصلاة، باب: في المحافظة على وقت الصلاة).
... فدل الحديث على أن تارك الصلاة لا يكفر، لأنه لو كفر لم يدخل في قوله: "إن شاء أدخله الجنة" لأن الكافر لا يدخل الجنة قطعاً. فحمل الحديث على تركها كسلاً جمعاً بين الأدلة .
كم يمهل تارك الصلاة قبل تنفيذ الحد ؟
... يجب أولاً استتابة تارك الصلاة كما قلنا.
... فإن لم يتب أنذره الحاكم بتنفيذ حد القتل فيه، ثم أمهله، وهو موضوع تحت المراقبة، وفي متناول الحاكم، وإلى أن تخرج الصلاة عن وقت الضرورة والعذر.
... ووقت
العذر للصلاة، هو آخر وقت لجمعها جمع تأخير مع غيرها. فيقتل على تركه صلاة الظهر
عند مغيب الشمس ، ودخول وقت المغرب ، ومثلها صلاة العصر، لأنهما يجمعان جمع تأخير
لأرباب الأعذار، وآخر وقت جمعهما مغيب الشمس ، ويقتل على تركه صلاة المغرب والعشاء
عند بزوغ الفجر ، لأنهما يجمعان جمع تأخير عند العذر، ويمتد وقتهما على هذا الأساس
إلى أول وقت الفجر .
... فإذا خرج وقت الضرورة الذي هو وقت الجمع تأخيراً للصلاة المتروكة، وهو مصر بعد على الترك بدون عذر، رغم الاستتابة والتهديد بالقتل، نفذ فيه الحد الذي ذكرنا .
الآثار المترتبة على إقامة الحد :
... حكم تارك الصلاة كسلاً ـ أو لدافع نحوه ـ بعد القتل حداً، حكم باقي المسلمين، فيجب دفنه حسب الطرق المشروعة ، وغسله وتكفينه، والصلاة عليه، كغيره من المسلمين .
... ولا تتأثر علاقة القرابة بينه وبين ذوي قرباه بهذا الحد، فيرث منه أقاربه، وتستمر أحكام الزوجية من عدة وإحداد وغير ذلك بالنسبة لزوجته .
خاتمة :
... لو زعم زاعم أن بينه وبين الله حالة من القرب أسقطت عنه الصلاة ، وأحلت له بعض المحرمات ، فلا شك في وجوب قتله، كأي رجل جاحد للصلاة، ومثل ذلك ما لو ادعى أنه يصلي في الكعبة وهو بعيد عنها، كما نقل عن بعض مدعي التصوف.
... قال الفقهاء : وقتل هؤلاء أفضل من قتل مائة كافر، لأن ضرره أشد .
الباب الثاني
أحكام الجَهاد
أحكام الجهاد
معني الجهاد :
الجهاد في اللغة مصدر جاهد ، أي بذل جهداً في سبيل الوصول إلي غاية ما . والجهاد في اصطلاح الشريعة الإسلامية : بذل الجهد في سبيل إقامة المجتمع الإسلامي ، وأن تكون كلمة الله هي العليا ، وأن تسود شريعة الله العالم كله .
أنواع الجهاد :
من التعريف الذي ذكرناه للجهاد ، يتضح أن الجهاد أنواع ، منها :
الجهاد بالتعليم ، ونشر الوعي الإسلامي ، وردّ الشبه الفكرية التي تعترض سبيل الإيمان به ، وتفهم حقائقه .
... فإذا خرج وقت الضرورة الذي هو وقت الجمع تأخيراً للصلاة المتروكة، وهو مصر بعد على الترك بدون عذر، رغم الاستتابة والتهديد بالقتل، نفذ فيه الحد الذي ذكرنا .
الآثار المترتبة على إقامة الحد :
... حكم تارك الصلاة كسلاً ـ أو لدافع نحوه ـ بعد القتل حداً، حكم باقي المسلمين، فيجب دفنه حسب الطرق المشروعة ، وغسله وتكفينه، والصلاة عليه، كغيره من المسلمين .
... ولا تتأثر علاقة القرابة بينه وبين ذوي قرباه بهذا الحد، فيرث منه أقاربه، وتستمر أحكام الزوجية من عدة وإحداد وغير ذلك بالنسبة لزوجته .
خاتمة :
... لو زعم زاعم أن بينه وبين الله حالة من القرب أسقطت عنه الصلاة ، وأحلت له بعض المحرمات ، فلا شك في وجوب قتله، كأي رجل جاحد للصلاة، ومثل ذلك ما لو ادعى أنه يصلي في الكعبة وهو بعيد عنها، كما نقل عن بعض مدعي التصوف.
... قال الفقهاء : وقتل هؤلاء أفضل من قتل مائة كافر، لأن ضرره أشد .
الباب الثاني
أحكام الجَهاد
أحكام الجهاد
معني الجهاد :
الجهاد في اللغة مصدر جاهد ، أي بذل جهداً في سبيل الوصول إلي غاية ما . والجهاد في اصطلاح الشريعة الإسلامية : بذل الجهد في سبيل إقامة المجتمع الإسلامي ، وأن تكون كلمة الله هي العليا ، وأن تسود شريعة الله العالم كله .
أنواع الجهاد :
من التعريف الذي ذكرناه للجهاد ، يتضح أن الجهاد أنواع ، منها :
الجهاد بالتعليم ، ونشر الوعي الإسلامي ، وردّ الشبه الفكرية التي تعترض سبيل الإيمان به ، وتفهم حقائقه .
الجهاد ببذل
المال لتأمين ما يحتاج إليه المسلمون في إقامة مجتمعهم الإسلامي المنشود .
القتال الدفاعي : وهو الذي يتصدي به المسلمون لمن يريد أن ينال من شأن المسلمين في دينهم .
القتال الهجومي : وهو الذي يبدؤه المسلمون عندما يتجهون بالدعوة الإسلامية إلي الأُمم الأخرى في بلادها ، فيصدّهم حكامها عن أن يَبْلُغوا بكلمة الحق سمع الناس .
حالة النفير العام ، وذلك عندما يقتحم أعداء المسلمين ديارهم معتدين بذلك على دينهم وأرضهم ، وحرية اعتقادهم .
والتعريف الشامل لكل هذه الأنواع أنه : بذل الوسع انتصاراً لشريعة الله ، ورفعاً لكلمته في الأرض .
الترغيب في الجهاد وبيان فضله :
لقد جاءت الآيات كثيرة ، تأمر بالجهاد وتحضّ عليه ، وتبيّن مكانته وتذكر فضل المجاهدين ، والشهداء عند الله عزّ وجل . وكذلك جاءت السنّة النبوية المشرّفة فأغنت هذا الموضوع ، وزادته وضوحاً ، ودعت إليه ورغّبت فيه ، وبيّنت فضله ومكانته عند الله تبارك وتعالى .
قال الله عزّ وجل :
{وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ } (البقرة190) .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }( سورة التوبة : 123 )
" {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }" ( سورة التوبة : 111 )
القتال الدفاعي : وهو الذي يتصدي به المسلمون لمن يريد أن ينال من شأن المسلمين في دينهم .
القتال الهجومي : وهو الذي يبدؤه المسلمون عندما يتجهون بالدعوة الإسلامية إلي الأُمم الأخرى في بلادها ، فيصدّهم حكامها عن أن يَبْلُغوا بكلمة الحق سمع الناس .
حالة النفير العام ، وذلك عندما يقتحم أعداء المسلمين ديارهم معتدين بذلك على دينهم وأرضهم ، وحرية اعتقادهم .
والتعريف الشامل لكل هذه الأنواع أنه : بذل الوسع انتصاراً لشريعة الله ، ورفعاً لكلمته في الأرض .
الترغيب في الجهاد وبيان فضله :
لقد جاءت الآيات كثيرة ، تأمر بالجهاد وتحضّ عليه ، وتبيّن مكانته وتذكر فضل المجاهدين ، والشهداء عند الله عزّ وجل . وكذلك جاءت السنّة النبوية المشرّفة فأغنت هذا الموضوع ، وزادته وضوحاً ، ودعت إليه ورغّبت فيه ، وبيّنت فضله ومكانته عند الله تبارك وتعالى .
قال الله عزّ وجل :
{وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ } (البقرة190) .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }( سورة التوبة : 123 )
" {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }" ( سورة التوبة : 111 )
" {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ
انفِرُواْ جَمِيعاً } ( سورة النساء : 71)
" {انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ( سورة التوبة : 41 )
" {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ( سورة البقرة : 216 )
" {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( سورة التوبة : 38-39 ) .
{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ } ( سورة البقرة : 154 ) .
وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ " ( سورة آل عمران : 169-170 )
وأما الأحاديث فكثيرة منها :
حديث أبي داود { 2533 } في الجهاد ، باب : الغزو مع أئمة الجَوْر ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : الجهادُ واجبٌ عليكم مَعَ كلِّ أميرِ ، بَرَّاً كان أو فاجِراً "
" {انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ( سورة التوبة : 41 )
" {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ( سورة البقرة : 216 )
" {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( سورة التوبة : 38-39 ) .
{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ } ( سورة البقرة : 154 ) .
وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ " ( سورة آل عمران : 169-170 )
وأما الأحاديث فكثيرة منها :
حديث أبي داود { 2533 } في الجهاد ، باب : الغزو مع أئمة الجَوْر ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : الجهادُ واجبٌ عليكم مَعَ كلِّ أميرِ ، بَرَّاً كان أو فاجِراً "
الكلمات المفتاحية :
الفقه الشافعي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: