الشافعية فقه - الجنايات - القتل ج 33
الجنايات
تعريف الجنايات لغة واصطلاحاً:
الجنايات : جمع جناية، وهي في اللغة مصدر جنى يجني ، إذا أذنب، وجني على نفسه : أساء إليها، وجني على قومه: أذنب ذنباً يؤخذ به .
... وتطلق الجناية على التعدي على بدن، أو
مال ، أو عرض .
... وأما الجناية في الاصطلاح: فهي التعدي على البدن بما يوجب قصاصاً، أو مالاً .
فالجناية إذا في اصطلاح الفقهاء أخص مما هي في اللغة .
حكم الجناية شرعاً ، ودليله:
تعريف الجنايات لغة واصطلاحاً:
الجنايات : جمع جناية، وهي في اللغة مصدر جنى يجني ، إذا أذنب، وجني على نفسه : أساء إليها، وجني على قومه: أذنب ذنباً يؤخذ به .
... وتطلق الجناية على التعدي على بدن، أو
مال ، أو عرض .
... وأما الجناية في الاصطلاح: فهي التعدي على البدن بما يوجب قصاصاً، أو مالاً .
فالجناية إذا في اصطلاح الفقهاء أخص مما هي في اللغة .
حكم الجناية شرعاً ، ودليله:
... الجناية
على البدن حرام شرعاً ومنهي عنها، فلا يجوز التعدي علي الأبدان، ولا توجيه الأذى
إليها.
... وقد انعقد إجماع المسلمين على تحريم القتل بغير حق ، ولم يخالف بذلك أحد .
... ودليل هذا الإجماع الكتاب والسنة :
... أما الكتاب: فقول الله تبارك وتعالي: ? وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ? ( الإسراء33 ) .
... [ لوليه: لوارثه. سلطاناً: تسلطاً على القاتل. فلا يسرف في القتل : فلا يتجاوز الحد، فيقتل غير قاتل مورثه. منصوراً : معاناً على أخذ حقه] .
... وقول الله عز وجل: ? وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً ? (النساء:92) أي : ما ينبغي أن يصدر منه قتل له .
... وقوله ـ أيضاً _ عز من قائل:? وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ? (النساء93).
وأما الأدلة من السنة فكثيرة :
... منها: ما رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني، والنفس بالنفس ،والتارك لدينه المفارق للجماعة" . (رواه البخاري [6484] في الديات . باب : قول الله تعالى? أن النفس بالنفس . . ? ؛ ومسلم [1676] في القسامة، باب : ما يباح به دم المسلم ) .
... [ الثيب الزاني: هو من سبق له زاج، ذكراً كان أم أنثى. المفارق لدينه: التارك له، وهو المرتد] .
... وقد انعقد إجماع المسلمين على تحريم القتل بغير حق ، ولم يخالف بذلك أحد .
... ودليل هذا الإجماع الكتاب والسنة :
... أما الكتاب: فقول الله تبارك وتعالي: ? وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ? ( الإسراء33 ) .
... [ لوليه: لوارثه. سلطاناً: تسلطاً على القاتل. فلا يسرف في القتل : فلا يتجاوز الحد، فيقتل غير قاتل مورثه. منصوراً : معاناً على أخذ حقه] .
... وقول الله عز وجل: ? وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً ? (النساء:92) أي : ما ينبغي أن يصدر منه قتل له .
... وقوله ـ أيضاً _ عز من قائل:? وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ? (النساء93).
وأما الأدلة من السنة فكثيرة :
... منها: ما رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني، والنفس بالنفس ،والتارك لدينه المفارق للجماعة" . (رواه البخاري [6484] في الديات . باب : قول الله تعالى? أن النفس بالنفس . . ? ؛ ومسلم [1676] في القسامة، باب : ما يباح به دم المسلم ) .
... [ الثيب الزاني: هو من سبق له زاج، ذكراً كان أم أنثى. المفارق لدينه: التارك له، وهو المرتد] .
... ومنها:
أيضاً ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
"اجتنبوا السبع الموبقات ، قيل: يا رسول الله، وما هن ؟ قال: الشرك بالله،
والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا،
والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" . (أخرجه البخاري
[2615] في الوصايا، باب: قول الله تعالى ? إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً .
. ?؛ ومسلم [89] في كتاب الإيمان، باب : تحريم الكبائر وبيانه . ورواه أيضاً أبو
داود [2874] في الوصايا، باب : ما جاء في التشديد في أكل مال اليتيم ؛ والنسائي
[6/257] في الوصايا، باب: اجتناب أكل مال اليتيم) .
... [الموبقات : المهلكات . التولي يوم الزحف: الفرار عن القتال عند لقاء الأعداء . قذف المحصنات: اتهام العفيفات بالزنى] .
... هذا ولا خلاف بين الأمة في تحريم القتل بغير حق، وأنه من أكبر الكبائر بعد الشرك ، وفاعله المستحل له كافر من غير خلاف، ومخلد في نار جهنم. أما إذا قتل متعمداً، وهو غير مستحل لذلك: فإنه يحكم عليه بالفسق والفجور، ولا يحكم عليه بالكفر. وأمره بعدئذ إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، وتوبته إذا تاب توبة نصوحاً مقبولة عند الله تعالى ولا يستلزم إثمه التخليد في نار جهنم .
... ودليل ذلك: قول الله عز وجل:? إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ? ( النساء48 ).
وقول الله تبارك وتعالى:? قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ? ( الزمر: 53 ) .
... [الموبقات : المهلكات . التولي يوم الزحف: الفرار عن القتال عند لقاء الأعداء . قذف المحصنات: اتهام العفيفات بالزنى] .
... هذا ولا خلاف بين الأمة في تحريم القتل بغير حق، وأنه من أكبر الكبائر بعد الشرك ، وفاعله المستحل له كافر من غير خلاف، ومخلد في نار جهنم. أما إذا قتل متعمداً، وهو غير مستحل لذلك: فإنه يحكم عليه بالفسق والفجور، ولا يحكم عليه بالكفر. وأمره بعدئذ إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، وتوبته إذا تاب توبة نصوحاً مقبولة عند الله تعالى ولا يستلزم إثمه التخليد في نار جهنم .
... ودليل ذلك: قول الله عز وجل:? إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ? ( النساء48 ).
وقول الله تبارك وتعالى:? قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ? ( الزمر: 53 ) .
ويدل على ذلك
أيضاً: ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- قال: "كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض
، فدل على راهب، فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة؟ فقال:
لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض ، فدل على رجل عالم، فقال: إنه
قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلي
أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلي
أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة
الرحمة ". (أخرجه البخاري [3283] في الأنبياء، باب : ما ذكر عن بني إسرائيل؛
ومسلم [2766] في التوبة، باب: قبول توبة القاتل).
هذا ، وإذا كانت التوبة تصح وتقبل من الكافر ، فقبولها من الفاسق والعاصي أولى.
وأما قوله تعالى:? وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا .. ? (النساء: 93). فمحمول على من استحل القتل عمداً بغير حق، أو على أن هذا جزاؤه لو لم يتب، أو لم يغفر الله له .
وقيل : هذا من باب المطلق الذي قيده قوله عز وجل: ? إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ? ( النساء :48 ).
أقسام الجناية :
... قلنا فيما سبق: إن الجناية شرعاً هي التعدي علي البدن، وهذا التعدي:
إما أن يكون بإزهاق الروح، وهو القتل .
وإما أن يكون واقعاً على عضو من الأعضاء ، دون إزهاق روح : كقطع يد، أو قلع عين ، أو قطع أذن أو أنف، أو ما شابه ذلك .
ولكل قسم من هذين القسمين أحكام تتعلق به، سنبينها إن شاء الله تعالى .
الجناية علي النفس:
ويقصد بالجناية على النفس هنا القتل وإزهاق الروح، وهي أنواع ثلاثة، لكل نوع منها حكم يبين في حينه.
... أنواع القتل:
هذا ، وإذا كانت التوبة تصح وتقبل من الكافر ، فقبولها من الفاسق والعاصي أولى.
وأما قوله تعالى:? وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا .. ? (النساء: 93). فمحمول على من استحل القتل عمداً بغير حق، أو على أن هذا جزاؤه لو لم يتب، أو لم يغفر الله له .
وقيل : هذا من باب المطلق الذي قيده قوله عز وجل: ? إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ? ( النساء :48 ).
أقسام الجناية :
... قلنا فيما سبق: إن الجناية شرعاً هي التعدي علي البدن، وهذا التعدي:
إما أن يكون بإزهاق الروح، وهو القتل .
وإما أن يكون واقعاً على عضو من الأعضاء ، دون إزهاق روح : كقطع يد، أو قلع عين ، أو قطع أذن أو أنف، أو ما شابه ذلك .
ولكل قسم من هذين القسمين أحكام تتعلق به، سنبينها إن شاء الله تعالى .
الجناية علي النفس:
ويقصد بالجناية على النفس هنا القتل وإزهاق الروح، وهي أنواع ثلاثة، لكل نوع منها حكم يبين في حينه.
... أنواع القتل:
القتل ثلاثة
أنواع: القتل العمد، القتل شبه العمد ، القتل الخطأ. ولكل نوع من هذه الأنواع
الثلاثة حقيقة وحكم يتعلق به.
1 – القتل العمد:
... وحقيقة القتل العمد: أن يقصد قتل شخص بما يقتل غالباً . ومن هذا التعريف لحقيقة القتل العمد يتبين أنه لا يسمى قتل عمد، إلا إذا تحقق فيه أمران:
أحدهما : قصد الشخص بالقتل، فلو كان غير قاصد لقتله، فإنه لا يسمي عمداً: كمن رمي سهماً يريد صيداً، فأصاب شخصاً، فقتله.
ثانيهما : أن تكون الوسيلة في القتل مما يقتل غالباً. فلو أنه ضربه بعصاً صغيرة، أو بحصاة صغيرة في غير مقتل، فمات من ذلك الضرب، فإنه لا يسمى ذلك القتل قتل عمد، لأن تلك الوسيلة لا تقتل في الغالب.
صور من القتل العمد:
... وللقتل العمد صور كثيرة يتحقق فيها كلها الأمران المذكوران آنفاً، ومن هذه الصور :
أ - ضربه بحد سيف فمات من ذلك الضرب، أو أطلق عليه رصاصاً، فأصابه فمات منه .
ب – غرز إبرة في مقتل : كدماغ، وعين، وخاصرة، ومثانة وما أشبه ذلك، مما يقول عنه أهل الاختصاص: إنه مقتل، فإذا مات بسبب شئ من ذلك كان قتله عمداً.
1 – القتل العمد:
... وحقيقة القتل العمد: أن يقصد قتل شخص بما يقتل غالباً . ومن هذا التعريف لحقيقة القتل العمد يتبين أنه لا يسمى قتل عمد، إلا إذا تحقق فيه أمران:
أحدهما : قصد الشخص بالقتل، فلو كان غير قاصد لقتله، فإنه لا يسمي عمداً: كمن رمي سهماً يريد صيداً، فأصاب شخصاً، فقتله.
ثانيهما : أن تكون الوسيلة في القتل مما يقتل غالباً. فلو أنه ضربه بعصاً صغيرة، أو بحصاة صغيرة في غير مقتل، فمات من ذلك الضرب، فإنه لا يسمى ذلك القتل قتل عمد، لأن تلك الوسيلة لا تقتل في الغالب.
صور من القتل العمد:
... وللقتل العمد صور كثيرة يتحقق فيها كلها الأمران المذكوران آنفاً، ومن هذه الصور :
أ - ضربه بحد سيف فمات من ذلك الضرب، أو أطلق عليه رصاصاً، فأصابه فمات منه .
ب – غرز إبرة في مقتل : كدماغ، وعين، وخاصرة، ومثانة وما أشبه ذلك، مما يقول عنه أهل الاختصاص: إنه مقتل، فإذا مات بسبب شئ من ذلك كان قتله عمداً.
جـ - ضربه
بمثقل كبير يقتل مثله غالباً، سواء كان من حديد، كمطرقة وشبهها، أم كان من غير
الحديد، كالحجر الكبير، والخشبة الكبيرة. ويدل لهذا كله ما رواه أنس رضي الله عنه؛
أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، فسألوها: من صنع بك هذا؟ فلان فلان؟ حتى ذكروا
يهودياً، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقر، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- أن يرض رأسه بين حجرين. وفي رواية: فجيء بها، وبها رمق. (أخرجه البخاري [2595]
في الوصايا، باب: إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت؛ ومسلم [1672] في
القسامة، باب : ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره ؛ وأبو داود [4528،4527] في
الديات، باب: يقاد من القاتل، وباب : القود بغير حديد؛ والترمذي [1394] في الديات،
باب : فيمن رضخ رأسه بحجر؛ والنسائي [22/8] في القسامة، باب : القود من الرجل
للمرأة ).
... [[رض رأسها: دق رأسها. والرض: دق الشيء بين حجرين وما جري مجراهما. فأومأت برأسها: أشارت به ].
د - حرقه بالنار، أو هدم عليه حائطاً، أو سقفاً، أو وطأه بدابة أو سيارة، أو دفنه حياً، أو عصر خصيتيه عصراً شديداً فمات، وكذلك أمثال هذه الحالات؛ فإن قتله بها يكون عمداً .
هـ - خنقه: بأن وضع يده على فمه، أو وضع مخدة على فمه حتى مات من انقطاع النفس.
... فإن خلاه قبل أن يموت، فإن انتهي إلي حركة المذبوح، أو ضعف وبقي متألماً حتى مات، فذلك كله من قبيل القتل العمد.
و - أوجره سماً قاتلاً، أو حسب ومنعه الطعام والشراب حتى مات، أو سحره، وكان السحر مما يقتل غالباً، فكل هذا من القتل العمد.
ز - ضربه بعصاً صغيرة، أو رماه بحجر صغير، إلا أنه والى بين الضرب أو الرمي حتى مات، أو اشتد به الألم وبقي متألماً حتى مات، فهذا أيضاً قتل عمد.
... [[رض رأسها: دق رأسها. والرض: دق الشيء بين حجرين وما جري مجراهما. فأومأت برأسها: أشارت به ].
د - حرقه بالنار، أو هدم عليه حائطاً، أو سقفاً، أو وطأه بدابة أو سيارة، أو دفنه حياً، أو عصر خصيتيه عصراً شديداً فمات، وكذلك أمثال هذه الحالات؛ فإن قتله بها يكون عمداً .
هـ - خنقه: بأن وضع يده على فمه، أو وضع مخدة على فمه حتى مات من انقطاع النفس.
... فإن خلاه قبل أن يموت، فإن انتهي إلي حركة المذبوح، أو ضعف وبقي متألماً حتى مات، فذلك كله من قبيل القتل العمد.
و - أوجره سماً قاتلاً، أو حسب ومنعه الطعام والشراب حتى مات، أو سحره، وكان السحر مما يقتل غالباً، فكل هذا من القتل العمد.
ز - ضربه بعصاً صغيرة، أو رماه بحجر صغير، إلا أنه والى بين الضرب أو الرمي حتى مات، أو اشتد به الألم وبقي متألماً حتى مات، فهذا أيضاً قتل عمد.
حـ - شهد
رجلان عند القاضي على شخص بأنه قتل عمداً، فقتل ، ثم رجعا عن الشهادة، وقالا تعمدنا
الكذب لزمهما القصاص، لأنهما تسببا بإهلاكه، فكان ذلك بمنزلة القتل العمد منهما.
... وهناك صور أخرى للقتل العمد مذكورة في كتب الفقه المطولة.
2 – القتل شبه العمد:
... وحقيقة القتل شبه العمد: أن يستعمل في القتل أداة لا تقتل غالباً، قاصداً بها الشخص عدواناً من غير حق، إلا أن الشخص قد مات بذلك الفعل.
... وللقتل شبه العمد صور كثيرة ، نذكر منها:
أ - ضربه بعصا صغيرة ضرباً خفيفاً، فأصاب منه مقتلاً فمات من ذلك الضرب.
ب – ألقاه في ماء مغرق إلا أن ذلك الشخص يحسن السباحة، ولكنه فاجأه ريح شديد، أو موج، فغرق ومات. أما إذا كان لا يحسن السباحة ، فإنه عندئذ يكون قتل عمد.
جـ - أن يربطه ويلقيه إلي جانب ماء، قد يزيد، فزاد الماء، ومات الشخص. أما إذا كانت الزيادة متيقنة، فحصلت، ومات، كان ذلك قتل عمد.
... وهناك صور كثير أمسكنا عنها خشية الإطالة، وسوف تجدها إن شئت في المطولات من كتب الفقه.
3 – القتل الخطأ:
... وحقيقة القتل الخطأ: أن يقع من الشخص من غير أن يقصده، ولا يريده؛ وذلك: كمن زلقت رجله فوقع على إنسان فقتله، أو رمى صيداً، فأصاب إنساناً، الخطأ، الذي لم توجد فيه حقيقة القتل العمد، ولا شبه العمد.
حكم أنواع القتل الثلاثة:
قلنا: إن لكل نوع من أنواع القتل حكماً يخصه، بل أحكام، هذا ما سنتحدث عنه في العجالة الآتية:
حكم النوع الأول، وهو القتل العمد:
القتل العمد له حكمان : حكم دياني (أي في الآخرة)، وحكم قضائي (أي في الدنيا).
... وهناك صور أخرى للقتل العمد مذكورة في كتب الفقه المطولة.
2 – القتل شبه العمد:
... وحقيقة القتل شبه العمد: أن يستعمل في القتل أداة لا تقتل غالباً، قاصداً بها الشخص عدواناً من غير حق، إلا أن الشخص قد مات بذلك الفعل.
... وللقتل شبه العمد صور كثيرة ، نذكر منها:
أ - ضربه بعصا صغيرة ضرباً خفيفاً، فأصاب منه مقتلاً فمات من ذلك الضرب.
ب – ألقاه في ماء مغرق إلا أن ذلك الشخص يحسن السباحة، ولكنه فاجأه ريح شديد، أو موج، فغرق ومات. أما إذا كان لا يحسن السباحة ، فإنه عندئذ يكون قتل عمد.
جـ - أن يربطه ويلقيه إلي جانب ماء، قد يزيد، فزاد الماء، ومات الشخص. أما إذا كانت الزيادة متيقنة، فحصلت، ومات، كان ذلك قتل عمد.
... وهناك صور كثير أمسكنا عنها خشية الإطالة، وسوف تجدها إن شئت في المطولات من كتب الفقه.
3 – القتل الخطأ:
... وحقيقة القتل الخطأ: أن يقع من الشخص من غير أن يقصده، ولا يريده؛ وذلك: كمن زلقت رجله فوقع على إنسان فقتله، أو رمى صيداً، فأصاب إنساناً، الخطأ، الذي لم توجد فيه حقيقة القتل العمد، ولا شبه العمد.
حكم أنواع القتل الثلاثة:
قلنا: إن لكل نوع من أنواع القتل حكماً يخصه، بل أحكام، هذا ما سنتحدث عنه في العجالة الآتية:
حكم النوع الأول، وهو القتل العمد:
القتل العمد له حكمان : حكم دياني (أي في الآخرة)، وحكم قضائي (أي في الدنيا).
... أما حكمه
الديني الأخروي: فهو التحريم، ويترتب عليه إثم عظيم يلي درجة الكفر، والعياذ
بالله، والعذاب الأليم في جهنم، إن لم يلجأ ذلك القاتل إلى التوبة، وتتداركه عناية
الله بالعفو والرحمة. وإلى هذا تشير الآية الكريمة: :? وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً
مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ? (سورة النساء:93). ولقد مرت هذه
الآية، ومر القول فيها.
... وأما الحكم القضائي الدنيوي، فهو القصاص "القود"، ويسمى القصاص قوداً، لأنهم كانوا يقودون الجاني بحبل ونحوه إلى موضع قتله والقصاص منه.
... ودليل هذا الحكم الذي هو القصاص قول الله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ? (سورة البقرة: 178 -179) .
... وأما الحكم القضائي الدنيوي، فهو القصاص "القود"، ويسمى القصاص قوداً، لأنهم كانوا يقودون الجاني بحبل ونحوه إلى موضع قتله والقصاص منه.
... ودليل هذا الحكم الذي هو القصاص قول الله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ? (سورة البقرة: 178 -179) .
... [ كتب: فرض.
القصاص : الجزاء على الذنب، وهو أن يفعل بالفاعل مثل ما فعل، وسمي قصاصاً لأن
المقتص يتتبع جناية الجاني ليأخذ مثلها. عفي له من أخيه: ترك القصاص منه، وفي ذكر
"أخيه" تعطف داع إلى العفو. فاتباع بالمعروف: مطالبة القاتل بالدية من
غير عنف. وأداء إليه بإحسان: على القاتل أداء الدية إلى الوارث بلا مطل ولا بخس.
ذلك تخفيف : العفو عن القصاص إلى الدية تيسير من الله ورحمة بعباده حيث لم يضيق
عليهم بتشريع حكم واحد وهو القصاص. فمن اعتدي بعد ذلك: أي ظلم القاتل، واعتدي عليه
بالقتل بعد العفو، فله عذاب أليم في الآخرة بالنار، أو في الدنيا بالقتل ].
ترك القصاص والعفو عنه:
... القصاص هو الحكم الأصلي المترتب على القتل العمد، وهو حق أولياء القتيل، فإن شاؤوا استوفوه، وعلى القاضي مساعدتهم، وتمكينهم من نيل حقهم، كما قال عز وجل: ? وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ? ( سورة الإسراء: 33) أي: معاناً من قبل القضاء. وإن شاؤوا عفوا عن القصاص، أو عفا بعضهم إلى الدية، فإن فعلوا، أو فعل بعضهم ذلك، وجبت لهم الدية حالة في مال القاتل ، وكان عليه أداؤها إليهم دون مماطلة أو بخس. وإلى هذا الحكم: وهو وجوب الدية، يشير قول الله تبارك وتعالى: ? َمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ? ( سورة البقرة: 178).
ترك القصاص والعفو عنه:
... القصاص هو الحكم الأصلي المترتب على القتل العمد، وهو حق أولياء القتيل، فإن شاؤوا استوفوه، وعلى القاضي مساعدتهم، وتمكينهم من نيل حقهم، كما قال عز وجل: ? وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ? ( سورة الإسراء: 33) أي: معاناً من قبل القضاء. وإن شاؤوا عفوا عن القصاص، أو عفا بعضهم إلى الدية، فإن فعلوا، أو فعل بعضهم ذلك، وجبت لهم الدية حالة في مال القاتل ، وكان عليه أداؤها إليهم دون مماطلة أو بخس. وإلى هذا الحكم: وهو وجوب الدية، يشير قول الله تبارك وتعالى: ? َمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ? ( سورة البقرة: 178).
... قال
عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: ( فالعفو أن يقبل الدية في
العمد، قال :? فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ? يتبع
هذا بالمعروف، ويؤدي هذا بإحسان). (أخرجه البخاري [4228] عن ابن عباس رضي الله
عنهما في تفسير سورة البقرة، باب: قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ ? ؛ والنسائي [8/37] في القسامة، باب : تأويل قوله
عز وجل:? َمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ
وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ? ).
... وقد مرت الآية مستوفاة .
... وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن للولي الحق في القصاص، أو العفو عنه إلي الدية: روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يعفو وإما أن يقتل" . وفي رواية: " إما أن يقاد وإما أن يفدى". (أخرج الترمذي الأولي [1405] في الديات، باب: ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو؛ وأخرج الثانية النسائي [8/38] في القسامة، باب: هل يؤخذ من قاتل العمد الدية إذا عفا ولي المقتول عن القود؟).
... ومما ينبغي أن يعلم أن عفو بعض أولياء القتيل عن القصاص كعفو جميعهم لأن القصاص لا يتجزأ، فإذا عفا بعضهم انتقل حق الجميع إلى الدية، وليس لأحدهم أن يطالب بالقصاص.
تغليظ الدية :
... قلنا فيما سبق إن أولياء القتيل إذا تركوا القصاص، ورضوا بالدية، وجبت لهم على القاتل، وكانت مغلظة ، تشديداً على القاتل.
... وتغليظ الدية يكون من ثلاثة أوجه:
أ - كون الدية علي ثلاثة أنواع من الإبل من حيث أسنانها، لا على خمسة أنواع، كما هي في قتل الخطأ، وسيأتي بيانها.
ب – كون الدية حالة.
... وقد مرت الآية مستوفاة .
... وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن للولي الحق في القصاص، أو العفو عنه إلي الدية: روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يعفو وإما أن يقتل" . وفي رواية: " إما أن يقاد وإما أن يفدى". (أخرج الترمذي الأولي [1405] في الديات، باب: ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو؛ وأخرج الثانية النسائي [8/38] في القسامة، باب: هل يؤخذ من قاتل العمد الدية إذا عفا ولي المقتول عن القود؟).
... ومما ينبغي أن يعلم أن عفو بعض أولياء القتيل عن القصاص كعفو جميعهم لأن القصاص لا يتجزأ، فإذا عفا بعضهم انتقل حق الجميع إلى الدية، وليس لأحدهم أن يطالب بالقصاص.
تغليظ الدية :
... قلنا فيما سبق إن أولياء القتيل إذا تركوا القصاص، ورضوا بالدية، وجبت لهم على القاتل، وكانت مغلظة ، تشديداً على القاتل.
... وتغليظ الدية يكون من ثلاثة أوجه:
أ - كون الدية علي ثلاثة أنواع من الإبل من حيث أسنانها، لا على خمسة أنواع، كما هي في قتل الخطأ، وسيأتي بيانها.
ب – كون الدية حالة.
جـ - كونها في
مال الجاني وحده، فلا تجب على أحد من أوليائه. ودليل ذلك : أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال: "لا تعقل العاقلة عمداً ولا صلحاً . .". (رواه البيهقي
[8/104]، عن ابن عباس رضي الله عنهما).
... وروي مالك في الموطأ [2/865] عن ابن شهاب أنه قال: (مضت السنة أن العاقلة لا تحمل شيئاً من دية العمد إلا أن يشاؤوا).
دليل تغليظ الدية:
ودليل تغليظ الدية في القتل العمد، مارواه الترمذي (رقم[1387] في الديات، باب: كمهي من الإبل؟)، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل متعمداً دفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا أخذوا الدية، وهي ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، وما صالحوا عليه فهو لهم، وذلك لتشديد العقل.
... [حقة: الحقة من الإبل ما استكملت ثلاث سنين، ودخلت في الرابعة، سميت بذلك، لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها. جذعة: الجذعة ما استكملت أربع سنين، ودخلت في الخامسة ، سميت بذلك ، لأنها أجذعت مقدم أسنانها، أي أسقطته. خلفة: الخلفة هي التي تكون أولادها في بطونها].
العفو عن الدية:
... لولي المقتول أن يعفو عن القصاص، وينتقل إلي الدية، كما قلنا، وكذلك له أن يعفو عن الدية، أو يعفو عن بعضها، فإذا عفا عنها، أو عن بعضها سقط المعفو عنه من الدية، لأن الله عز وجل، شرع الدية حقاً للعبد، وتسوية للعلاقات الإنسانية حتى لا يتهددها الخطر والضغائن والأحقاد، فإذا عفا صاحب الحق عن حقه، كان ذلك له، بل هو الأفضل والأنفع له ولغيره. قال الله عز وجل: ? وأن تعفوا أقرب للتقوى ? ( سورة البقرة :237).
حكم النوع الثاني، وهو القتل شبه العمد:
... وللقتل شبه العمد ـ وقد عرفت حقيقته ـ أيضاً حكمان، ديني أخروي، وهو الحرمة، والإثم، واستحقاق العذاب في الآخرة، لأنه قتل بقصد، لكن عقابه دون عقاب القتل العمد.
... وروي مالك في الموطأ [2/865] عن ابن شهاب أنه قال: (مضت السنة أن العاقلة لا تحمل شيئاً من دية العمد إلا أن يشاؤوا).
دليل تغليظ الدية:
ودليل تغليظ الدية في القتل العمد، مارواه الترمذي (رقم[1387] في الديات، باب: كمهي من الإبل؟)، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل متعمداً دفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا أخذوا الدية، وهي ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، وما صالحوا عليه فهو لهم، وذلك لتشديد العقل.
... [حقة: الحقة من الإبل ما استكملت ثلاث سنين، ودخلت في الرابعة، سميت بذلك، لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها. جذعة: الجذعة ما استكملت أربع سنين، ودخلت في الخامسة ، سميت بذلك ، لأنها أجذعت مقدم أسنانها، أي أسقطته. خلفة: الخلفة هي التي تكون أولادها في بطونها].
العفو عن الدية:
... لولي المقتول أن يعفو عن القصاص، وينتقل إلي الدية، كما قلنا، وكذلك له أن يعفو عن الدية، أو يعفو عن بعضها، فإذا عفا عنها، أو عن بعضها سقط المعفو عنه من الدية، لأن الله عز وجل، شرع الدية حقاً للعبد، وتسوية للعلاقات الإنسانية حتى لا يتهددها الخطر والضغائن والأحقاد، فإذا عفا صاحب الحق عن حقه، كان ذلك له، بل هو الأفضل والأنفع له ولغيره. قال الله عز وجل: ? وأن تعفوا أقرب للتقوى ? ( سورة البقرة :237).
حكم النوع الثاني، وهو القتل شبه العمد:
... وللقتل شبه العمد ـ وقد عرفت حقيقته ـ أيضاً حكمان، ديني أخروي، وهو الحرمة، والإثم، واستحقاق العذاب في الآخرة، لأنه قتل بقصد، لكن عقابه دون عقاب القتل العمد.
... وأما حكمه
القضائي الدنيوي، فهو الدية مغلظة من بعض الوجوه، وقد مر معنا معنى تغليظ الدية.
... فإن هذا النوع من القتل لا يستوجب قصاصاً، كالقتل العمد، وإن طالب به ولي المقتول. وإنما تثبت به الدية على عاقلة القاتل مؤجلة، تستوفى خلال ثلاث سنوات. فكونها على العاقلة ومؤجلة تخالف دية العمد العدوان، وكونها مثلثة ذات أعمار معينة تشبه دية العمد، فهي مغلظة من هذين الوجهين .
... ودليل هذا الحكم ما رواه أبو داود [4547] في الديات، باب: في الخطأ شبه العمد ، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " عقل شبه العمد مغلظة مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه" .
... [ العقل: الدية. وأصلها أن القاتل كان إذا قتل قتيلاً جمع الدية من الإبل، فعقلها بفناء أولياء المقتول ليقبلوها منه، فسميت الدية عقلاً. والعاقلة: هم العصبة والأقارب من قبل الأب الذين يعطون دية قتيل الخطأ، وشبه العمد].
... وروي النسائي [8/40] في القسامة، باب : كم دية شبه العمد؟، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " شبه العمد قتيل السوط والعصا، فيه مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها".
... وأما كون الدية في قتل شبه العمد علي العاقلة، فلما رواه مسلم [1681] في القسامة ، باب: دية الجنين، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال : ضربت امرأة ضرة لها بعمود فسطاط ، وهي حبلى فقتلتها، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دية المقتولة على عصبة القاتلة.
... وروى البخاري [6521] في الديات، باب: جنين المرأة . . ؛ ومسلم [1681] في القسامة، باب: دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن دية المرأة على عاقلتها.
... فإن هذا النوع من القتل لا يستوجب قصاصاً، كالقتل العمد، وإن طالب به ولي المقتول. وإنما تثبت به الدية على عاقلة القاتل مؤجلة، تستوفى خلال ثلاث سنوات. فكونها على العاقلة ومؤجلة تخالف دية العمد العدوان، وكونها مثلثة ذات أعمار معينة تشبه دية العمد، فهي مغلظة من هذين الوجهين .
... ودليل هذا الحكم ما رواه أبو داود [4547] في الديات، باب: في الخطأ شبه العمد ، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " عقل شبه العمد مغلظة مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه" .
... [ العقل: الدية. وأصلها أن القاتل كان إذا قتل قتيلاً جمع الدية من الإبل، فعقلها بفناء أولياء المقتول ليقبلوها منه، فسميت الدية عقلاً. والعاقلة: هم العصبة والأقارب من قبل الأب الذين يعطون دية قتيل الخطأ، وشبه العمد].
... وروي النسائي [8/40] في القسامة، باب : كم دية شبه العمد؟، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " شبه العمد قتيل السوط والعصا، فيه مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها".
... وأما كون الدية في قتل شبه العمد علي العاقلة، فلما رواه مسلم [1681] في القسامة ، باب: دية الجنين، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال : ضربت امرأة ضرة لها بعمود فسطاط ، وهي حبلى فقتلتها، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دية المقتولة على عصبة القاتلة.
... وروى البخاري [6521] في الديات، باب: جنين المرأة . . ؛ ومسلم [1681] في القسامة، باب: دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن دية المرأة على عاقلتها.
... هذا ولقد
قلنا: إن العاقلة هم عصبة الإنسان وأقاربه من جهة أبيه، ونقول هنا: إن المقصود بالعاقلة
الذين يلزمهم أداء الدية إلي ولي المقتول إنما هم عصبة الجاني الذكور، ما عدا
الأصول والفروعـ أما هم، فلا يتحملون من الدية شيئاً.
ويقدم الأقرب فالأقرب من عصبة الجاني، في تحمل الدية.
... والدليل على أن الأصول والفروع لا يدخلون في العاقلة، ولا يتحملون من الدية شيئاً: ما رواه أبو رمثة رضي الله عنه، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعي ابني، فقال: " من هذا "؟ فقلت : ابني وأشهد به، قال: "أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه". (أخرجه أبو دادو [4206] في الترجل، باب: في الخضاب، والنسائي [8/53] في القسامة، باب: هل يؤخذ أحد بجريرة غيره؟).
... [ لا يجني عليك ولا تجني عليه: أي الوالد لا يضمن من جناية ابنه شيئاً، ولا يضمن الولد من جناية أبيه شيئاً[.
... وروي النسائي [7/176] في تحريم الدم، باب: تحريم القتل، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يؤخذ الرجل بجناية أبيه".
... وقد روى أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - برأ الولد من عقل أبيه.
حكم النوع الثالث، وهو القتل الخطأ:
... وللقتل الخطأ ـ وقد عرفت حقيقته ـ حكمان: الأول ديني أخروي، والثاني دنيوي قضائي.
... أما حكمه الديني الأخروي فعفو لا إثم فيه ولا عقاب، لأنه عمل وقع خطأ من غير قصد، وقد جاء في الحديث: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه". رواه ابن ماجه[2045] في الطلاق، باب طلاق المكره والناسي عن ابن عباس.
... وأما حكمه في الدنيا فهو وجوب الدية على عاقلة القاتل، مؤجلة إلى ثلاث سنوات، ومخففة: أي مقسمة إلى خمسة أنواع: عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة.
ويقدم الأقرب فالأقرب من عصبة الجاني، في تحمل الدية.
... والدليل على أن الأصول والفروع لا يدخلون في العاقلة، ولا يتحملون من الدية شيئاً: ما رواه أبو رمثة رضي الله عنه، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعي ابني، فقال: " من هذا "؟ فقلت : ابني وأشهد به، قال: "أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه". (أخرجه أبو دادو [4206] في الترجل، باب: في الخضاب، والنسائي [8/53] في القسامة، باب: هل يؤخذ أحد بجريرة غيره؟).
... [ لا يجني عليك ولا تجني عليه: أي الوالد لا يضمن من جناية ابنه شيئاً، ولا يضمن الولد من جناية أبيه شيئاً[.
... وروي النسائي [7/176] في تحريم الدم، باب: تحريم القتل، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يؤخذ الرجل بجناية أبيه".
... وقد روى أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - برأ الولد من عقل أبيه.
حكم النوع الثالث، وهو القتل الخطأ:
... وللقتل الخطأ ـ وقد عرفت حقيقته ـ حكمان: الأول ديني أخروي، والثاني دنيوي قضائي.
... أما حكمه الديني الأخروي فعفو لا إثم فيه ولا عقاب، لأنه عمل وقع خطأ من غير قصد، وقد جاء في الحديث: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه". رواه ابن ماجه[2045] في الطلاق، باب طلاق المكره والناسي عن ابن عباس.
... وأما حكمه في الدنيا فهو وجوب الدية على عاقلة القاتل، مؤجلة إلى ثلاث سنوات، ومخففة: أي مقسمة إلى خمسة أنواع: عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة.
... أما وجوب
الدية في القتل الخطأ، فيدل عليه قول الله عز وجل: ? وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن
يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن
يَصَّدَّقُواْ ? ( سورة النساء:92).
... أما كون الدية في القتل الخطأ على العاقلة فلما قلنا إنها في القتل شبه العمد على العاقلة، فهي في الخطأ أولي أن تكون عليهم.
... وأما كون الدية مخففة: أي في خمسة أسنان،فلما رواه الدار قطني [3/172] عن ابن مسعود رضي الله عنه، موقوفاً، أنه قال : (دية الخطأ أخماساً: عشرون جذعة، وعشرون حقة، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون بنت مخاض).
... ومثل هذا الكلام من ابن مسعود رضي الله عنه، له حكم الحديث المرفوع إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - ، لأنه من المقدرات، وهي ليست مما يقال بالرأي.
... وأما كون الدية في قتل الخطأ مقسطة في ثلاث سنوات، فلما روي عن عمر وعلي وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، أنهم قضوا بذلك ولم ينكر عليهم أحد من الصحابة، فكان إجماعاً، وهم رضي الله عنهم لا يقولون مثل هذا إلا بتوقيف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولم أعلم مخالفاً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدية قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين. وقال الترمذي [1386] في أول كتاب الديات، باب: ما جاء في الدية كم هي؟: وقد أجمع أهل العلم على أن الدية تؤخذ في ثلاث سنين في كل سنة ثلث الدية، ورأوا أن دية الخطأ على العاقلة.
... بنت مخاض : هي التي لها سنة من الإبل، وطعنت في السنة الثانية، وسميت بنت مخاض، لأن أمها بعد سنة تحمل مرة أخري، فتصير من المخاض : أي الحوامل.
... بنت لبون: هي التي لها سنتان من الإبل وطعنت في الثالثة، سميت بنت لبون، لأن أمها آن لها أن تلد فتصير لبوناً.
... وقد مر بيان الحقة والجذعة.
... أما كون الدية في القتل الخطأ على العاقلة فلما قلنا إنها في القتل شبه العمد على العاقلة، فهي في الخطأ أولي أن تكون عليهم.
... وأما كون الدية مخففة: أي في خمسة أسنان،فلما رواه الدار قطني [3/172] عن ابن مسعود رضي الله عنه، موقوفاً، أنه قال : (دية الخطأ أخماساً: عشرون جذعة، وعشرون حقة، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون بنت مخاض).
... ومثل هذا الكلام من ابن مسعود رضي الله عنه، له حكم الحديث المرفوع إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - ، لأنه من المقدرات، وهي ليست مما يقال بالرأي.
... وأما كون الدية في قتل الخطأ مقسطة في ثلاث سنوات، فلما روي عن عمر وعلي وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، أنهم قضوا بذلك ولم ينكر عليهم أحد من الصحابة، فكان إجماعاً، وهم رضي الله عنهم لا يقولون مثل هذا إلا بتوقيف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولم أعلم مخالفاً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدية قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين. وقال الترمذي [1386] في أول كتاب الديات، باب: ما جاء في الدية كم هي؟: وقد أجمع أهل العلم على أن الدية تؤخذ في ثلاث سنين في كل سنة ثلث الدية، ورأوا أن دية الخطأ على العاقلة.
... بنت مخاض : هي التي لها سنة من الإبل، وطعنت في السنة الثانية، وسميت بنت مخاض، لأن أمها بعد سنة تحمل مرة أخري، فتصير من المخاض : أي الحوامل.
... بنت لبون: هي التي لها سنتان من الإبل وطعنت في الثالثة، سميت بنت لبون، لأن أمها آن لها أن تلد فتصير لبوناً.
... وقد مر بيان الحقة والجذعة.
الحكمة في
تخفيف الدية في القتل الخطأ وجعلها على العاقلة:
... قلنا إن القتل الخطأ وقع بغير قصد، ولم يكن مراداً للقاتل، فلذلك ناسب أن تخفف الدية فيه، ولا يكلف المخطئ ما يكلفه المعتدي، الذي باشر القتل قصداً.
... ولما كان هذا شأن المخطئ، كان من الحكمة أن يواسيه الأدنون من عصباته، ويحملون عنه هذا الغرم الموجع، ويكفيه هو ما يحمله من الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. قال الله عز وجل: ? وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ . . ? ثم قال عز وجل: ? َمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ? ( سورة النساء:92).
تغليظ الدية في القتل الخطأ في بعض الأحوال:
... ذكر علماء الشافعية أن الدية في القتل الخطأ تغلظ في بعض الحالات، ويكون تغليظها من حيث وجوب التثليث فيها فقط (ثلاثون حقة، ثلاثون جذعة، أربعون خلفة).
... وهذه الحالات التي تغلظ فيها هي:
أ - إذا وقع القتل في حرم مكة، وحدود الحرم مذكورة في كتاب الحج ، وهي الحدود التي يحرم الاصطياد داخلها، وذلك احتراماً لهذا البيت، ورعاية لزيادة الأمن فيه. قال الله عز وجل: ? وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ? ( سورة الحج: 25).
... [بإلحاد بظلم: ميل عن الحق بسبب الظلم].
ب – إذا وقع القتل في الأشهر الحرم ، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، لحرمة هذه الأشهر، ومنع ابتداء القتال فيها.
... قال الله عز وجل : ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِير? ( سورة البقرة : 217) أي: كبير إثمه.
... قلنا إن القتل الخطأ وقع بغير قصد، ولم يكن مراداً للقاتل، فلذلك ناسب أن تخفف الدية فيه، ولا يكلف المخطئ ما يكلفه المعتدي، الذي باشر القتل قصداً.
... ولما كان هذا شأن المخطئ، كان من الحكمة أن يواسيه الأدنون من عصباته، ويحملون عنه هذا الغرم الموجع، ويكفيه هو ما يحمله من الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. قال الله عز وجل: ? وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ . . ? ثم قال عز وجل: ? َمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ? ( سورة النساء:92).
تغليظ الدية في القتل الخطأ في بعض الأحوال:
... ذكر علماء الشافعية أن الدية في القتل الخطأ تغلظ في بعض الحالات، ويكون تغليظها من حيث وجوب التثليث فيها فقط (ثلاثون حقة، ثلاثون جذعة، أربعون خلفة).
... وهذه الحالات التي تغلظ فيها هي:
أ - إذا وقع القتل في حرم مكة، وحدود الحرم مذكورة في كتاب الحج ، وهي الحدود التي يحرم الاصطياد داخلها، وذلك احتراماً لهذا البيت، ورعاية لزيادة الأمن فيه. قال الله عز وجل: ? وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ? ( سورة الحج: 25).
... [بإلحاد بظلم: ميل عن الحق بسبب الظلم].
ب – إذا وقع القتل في الأشهر الحرم ، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، لحرمة هذه الأشهر، ومنع ابتداء القتال فيها.
... قال الله عز وجل : ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِير? ( سورة البقرة : 217) أي: كبير إثمه.
... وقال
تبارك وتعالى: ? يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام? (
سورة المائدة: 2).
... [ى تحلوا: لا تستحلوا وتجيزوا. شعائر الله : جمع شعيرة، أي معالم دينه، وأحكام شرعه، مثل الصيد في الحرم. ولا الشهر الحرام: أي بالقتال فيه].
جـ - إذا وقع القتل الخطأ على محرم ذي رحم، كالأم، والأخت، والعم، والخال، ونحوهم من كل ذي رحم محرم.
... ودليل التغليظ في هذه المواضع عمل الصحابة رضي الله عنهم، وإن اختلفوا في كيفية التغليظ ـ وقد عرفت مذهب الشافعي في ذلك ـ ومثل هذا الحكم منهم لا يدرك بالاجتهاد، بل بالتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
اشتراك جماعة بقتل شخص واحد:
... إذا اشترك جماعة ـ اثنان أو أكثر ـ في قتل شخص واحد من المسلمين، وذلك بأن كان عمل كل واحد منهم ـ لو انفرد ـ مزهقاً للروح وقاتلاً ، ثبت القصاص على كل واحد من أولئك المشتركين في قتله.
... أما إذا جرحه واحد منهم، وكان الجرح غير قاتل ، ثم قتله الآخر، فأجهز عليه، كان الثاني هو القاتل، وثبت عليه القصاص، وأما الجارح الأول ، فعليه ما يستحق من قصاص جرح، أوديته. ولو جرحه أحدهم جرحاً، فأنهاه إلى حركة مذبوح، وذلك بأن لم يبق معها إبصار، ولا نطق ولا حركة اختبار، وأصبح يقطع بموته من ذلك الجرح، ولو بعد أيام، ثم جنى عليه شخص آخر، فالأول هو القاتل ، لأنه صيره إلى حالة الموت. ويعزر الثاني لهتكه حرمة الميت، كما لو قطع عضواً من ميت .
... ويستدل على ثبوت القصاص في حق الجماعة بقتل شخص واحد بالأدلة الآتية:
أ - روى البخاري تعليقاً، في الديات، باب: إذا أصاب قوم من رجل ، هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم؟، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن غلاماً قتل غيلة، فقال عمر رضي الله عنه: ( لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم). وفي البخاري في نفس الباب؛ قال مغيرة بن حكيم عن أبيه: إن أربعة قتلوا صبياً، فقال عمر مثله.
... [ى تحلوا: لا تستحلوا وتجيزوا. شعائر الله : جمع شعيرة، أي معالم دينه، وأحكام شرعه، مثل الصيد في الحرم. ولا الشهر الحرام: أي بالقتال فيه].
جـ - إذا وقع القتل الخطأ على محرم ذي رحم، كالأم، والأخت، والعم، والخال، ونحوهم من كل ذي رحم محرم.
... ودليل التغليظ في هذه المواضع عمل الصحابة رضي الله عنهم، وإن اختلفوا في كيفية التغليظ ـ وقد عرفت مذهب الشافعي في ذلك ـ ومثل هذا الحكم منهم لا يدرك بالاجتهاد، بل بالتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
اشتراك جماعة بقتل شخص واحد:
... إذا اشترك جماعة ـ اثنان أو أكثر ـ في قتل شخص واحد من المسلمين، وذلك بأن كان عمل كل واحد منهم ـ لو انفرد ـ مزهقاً للروح وقاتلاً ، ثبت القصاص على كل واحد من أولئك المشتركين في قتله.
... أما إذا جرحه واحد منهم، وكان الجرح غير قاتل ، ثم قتله الآخر، فأجهز عليه، كان الثاني هو القاتل، وثبت عليه القصاص، وأما الجارح الأول ، فعليه ما يستحق من قصاص جرح، أوديته. ولو جرحه أحدهم جرحاً، فأنهاه إلى حركة مذبوح، وذلك بأن لم يبق معها إبصار، ولا نطق ولا حركة اختبار، وأصبح يقطع بموته من ذلك الجرح، ولو بعد أيام، ثم جنى عليه شخص آخر، فالأول هو القاتل ، لأنه صيره إلى حالة الموت. ويعزر الثاني لهتكه حرمة الميت، كما لو قطع عضواً من ميت .
... ويستدل على ثبوت القصاص في حق الجماعة بقتل شخص واحد بالأدلة الآتية:
أ - روى البخاري تعليقاً، في الديات، باب: إذا أصاب قوم من رجل ، هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم؟، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن غلاماً قتل غيلة، فقال عمر رضي الله عنه: ( لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم). وفي البخاري في نفس الباب؛ قال مغيرة بن حكيم عن أبيه: إن أربعة قتلوا صبياً، فقال عمر مثله.
ب – روي مالك
رحمه الله في الموطأ [2/871] عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل
نفراً ـ خمسة أو سبعة ـ برجل واحد قتلوه غلية، وقال: (لو تمالا عليه أهل صنعاء
لقتلتهم جميعاُ).
... [قتل غيلة: خديعة ومكراً من غير أن يعلم. تمالأ: اتفق وتواطأ على قتله].
... وهناك قصة ذكرها الطحاوي والبيهقي في سبب هذه الأحاديث، وهي أن المغيرة بن حكيم الصنعاني حدث عن أبيه أن امرأة بصنعاء غاب عنها زوجها، وترك في حجرها ابنا له من غيرها غلاماً يقال له أصيل ، فاتخذت المرأة بعد زوجها خليلاً، فقالت له: إن هذا الغلام يفضحنا فاقتله فأبي، فامتنعت منه فطاوعها، فاجتمع على قتل الغلام الرجل ورجل آخر والمرأة وخادمها، فقتلوه ثم قطعوه أعضاء ، وجعلوه في عيبة (وعاء من أدم) فطر حوه في ركية ـ البئر التي لم تطو ـ ليس فيها ماء، فذكر القصة، وفيه فأخذ خليلها فاعترف ، ثم اعترف الباقون، فكتب يعلى ـ وهو يومئذ أمير ـ بشأنهم إلى عمر، فكتب إليه عمر بقتلهم جميعاً، قال: والله لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلتهم أجمعين.
جـ - إن حد القذف يثبت للواحد على الجماعة إذا اشتركوا في قذفه، فكذلك ينبغي أن يثبت قصاص القتل للواحد على الجماعة إذا صدر من كل منهم من العدوان عليه ما لو انفرد به لكان قاتلاً بحسب الظاهر، لعدم الفرق بين الصورتين.
د – يتعين القصاص من الجميع سداً للذرائع، فإن المعتدي إذا علم أن الشركة في العدوان تنجيه وتنجي المشتركين من القصاص التجأ إليها لإنفاذ جريمته، والفرار بعد ذلك من القصاص.
... قال ابن قدامة: ولأن القصاص لو سقط بالاشتراك أدى إلى التسارع إلى القتل به، فيؤدي إلى إسقاط حكمة الردع والزجر.
اجتماع المباشرة والسبب في القتل:
... [قتل غيلة: خديعة ومكراً من غير أن يعلم. تمالأ: اتفق وتواطأ على قتله].
... وهناك قصة ذكرها الطحاوي والبيهقي في سبب هذه الأحاديث، وهي أن المغيرة بن حكيم الصنعاني حدث عن أبيه أن امرأة بصنعاء غاب عنها زوجها، وترك في حجرها ابنا له من غيرها غلاماً يقال له أصيل ، فاتخذت المرأة بعد زوجها خليلاً، فقالت له: إن هذا الغلام يفضحنا فاقتله فأبي، فامتنعت منه فطاوعها، فاجتمع على قتل الغلام الرجل ورجل آخر والمرأة وخادمها، فقتلوه ثم قطعوه أعضاء ، وجعلوه في عيبة (وعاء من أدم) فطر حوه في ركية ـ البئر التي لم تطو ـ ليس فيها ماء، فذكر القصة، وفيه فأخذ خليلها فاعترف ، ثم اعترف الباقون، فكتب يعلى ـ وهو يومئذ أمير ـ بشأنهم إلى عمر، فكتب إليه عمر بقتلهم جميعاً، قال: والله لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلتهم أجمعين.
جـ - إن حد القذف يثبت للواحد على الجماعة إذا اشتركوا في قذفه، فكذلك ينبغي أن يثبت قصاص القتل للواحد على الجماعة إذا صدر من كل منهم من العدوان عليه ما لو انفرد به لكان قاتلاً بحسب الظاهر، لعدم الفرق بين الصورتين.
د – يتعين القصاص من الجميع سداً للذرائع، فإن المعتدي إذا علم أن الشركة في العدوان تنجيه وتنجي المشتركين من القصاص التجأ إليها لإنفاذ جريمته، والفرار بعد ذلك من القصاص.
... قال ابن قدامة: ولأن القصاص لو سقط بالاشتراك أدى إلى التسارع إلى القتل به، فيؤدي إلى إسقاط حكمة الردع والزجر.
اجتماع المباشرة والسبب في القتل:
... إذا اجتمع
في القتل الواحد المباشرة والسبب، فتارة يقدم السبب على المباشرة فيقتص من
المتسبب، وتارة تقدم المباشرة على السبب فيقتص من المباشرة . وقد يستوي السبب
والمباشرة ، فهذه ثلاثة أنواع:
... النوع الأول: أن يشهد على الرجل شهود زور بأنه قاتل، فيقتله القاضي، فاعترف الشهود بتعمد الكذب وأنهم شهدوا زوراً، فعليهم القصاص دون القاضي أو الولي إذا باشر القصاص وكان جاهلاً بكذب الشهود. فهنا قدم السبب على المباشرة.
... النوع الثاني: غلبة المباشرة على السبب، وذلك كأن يرميه رام من شاهق فيتلقاه آخر بسيف فيقده نصفين، أو يضرب رقبته قبل وصوله إلى الأرض، فالقصاص على القاد، ولا شيء على الملقي سوى التعزيز، سواء عرف الحال أم لم يعرف .
... ومثل ذلك إذا أمسكه شخص فقتله آخر، فالقصاص على القاتل، وليس على الممسك قصاص أو دية، وإنما عليه التعزير .
... روى الدار قطني [3/140] عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر، يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك|.
... قال في بلوغ المرام: رجاله ثقات وصححه ابن القطان.
... ويشترط في حال الإمساك هذه أن يكون القاتل مكلفاً ، أما إذا كان القاتل صبياً أو مجنوناً فإن القصاص على الممسك ، وكذلك إذا عرضه لسبع ضار، ومثل ذلك لو ألقاه في ماء مغرق كلجة بحر، فالتقمه حوت، سواء أكان الا لتقام قبل الوصول إلى الماء أو بعده، فالقصاص على الملقي. أما ألقاه في ماء غير مغرق فالتقمه حوت، فلا قصاص في هذه الحالة، لكن تجب عليه في هذه الحالة دية شبه العمد.
... النوع الثالث: أن يتساوى السبب والمباشرة، كأن أكره إنساناً على قتل آخر، وجب القصاص عليهما، أما وجوب القصاص على المكره فلأنه أهلكه بما يقصد به الإهلاك غالباً، فأشبه ما لو رماه بسهم فقتله، وأما وجوب القصاص على المكره لأنه قتله عمداً عدواناً لاستبقاء نفسه.
... النوع الأول: أن يشهد على الرجل شهود زور بأنه قاتل، فيقتله القاضي، فاعترف الشهود بتعمد الكذب وأنهم شهدوا زوراً، فعليهم القصاص دون القاضي أو الولي إذا باشر القصاص وكان جاهلاً بكذب الشهود. فهنا قدم السبب على المباشرة.
... النوع الثاني: غلبة المباشرة على السبب، وذلك كأن يرميه رام من شاهق فيتلقاه آخر بسيف فيقده نصفين، أو يضرب رقبته قبل وصوله إلى الأرض، فالقصاص على القاد، ولا شيء على الملقي سوى التعزيز، سواء عرف الحال أم لم يعرف .
... ومثل ذلك إذا أمسكه شخص فقتله آخر، فالقصاص على القاتل، وليس على الممسك قصاص أو دية، وإنما عليه التعزير .
... روى الدار قطني [3/140] عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر، يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك|.
... قال في بلوغ المرام: رجاله ثقات وصححه ابن القطان.
... ويشترط في حال الإمساك هذه أن يكون القاتل مكلفاً ، أما إذا كان القاتل صبياً أو مجنوناً فإن القصاص على الممسك ، وكذلك إذا عرضه لسبع ضار، ومثل ذلك لو ألقاه في ماء مغرق كلجة بحر، فالتقمه حوت، سواء أكان الا لتقام قبل الوصول إلى الماء أو بعده، فالقصاص على الملقي. أما ألقاه في ماء غير مغرق فالتقمه حوت، فلا قصاص في هذه الحالة، لكن تجب عليه في هذه الحالة دية شبه العمد.
... النوع الثالث: أن يتساوى السبب والمباشرة، كأن أكره إنساناً على قتل آخر، وجب القصاص عليهما، أما وجوب القصاص على المكره فلأنه أهلكه بما يقصد به الإهلاك غالباً، فأشبه ما لو رماه بسهم فقتله، وأما وجوب القصاص على المكره لأنه قتله عمداً عدواناً لاستبقاء نفسه.
... هذا ولا
فرق بين أن يكون المكره هو الإمام أو غيره.
... أما لو أمره بقتل نفسه بأن قال له: اقتل نفسك وإلا قتلتك ، فقتل نفسه لم يجب القصاص في هذه الحالة، لأن هذا لا يعد إكراهاً حقيقة، لاتحاد المأمور به والمخوف منه، فصار كأنه مختار له. أما لو خوفه بشيء أشد من القتل كالإحراق بالنار مثلاً فهو إكراه يجب فيه القصاص على المكره.
... وكذلك إذا قال له اقتلني وإلا قتلتك فلا قصاص إذا قتله، لأن الإكراه شبهة يدرأ بها الحد.
... هذا ولو أمر السلطان شخصاً بقتل آخر بغير حق، والمأمور لا يعلم ظلم السلطان ولا خطأه وجب القود أو الدية والكفارة على السلطان، ولا شيء على المأمور، لأنه آلته ولا بد منه في السياسة، فلو ضمناه لم يتول تنفيذ الحد أحد، ولأن الظاهر أن الإمام لا يأمر إلا بالحق، ولأن طاعته واجبة فيما لا يعلم أنه معصيته، وليس للمأمور أن يكفر لمباشرة القتل.
... وإن علم بظلمه أو خطئه وجب القود على المأمور، إن لم يخف قهر السلطان بالبطش بما يحصل به الإكراه، لأنه لا يجوز طاعته حينئذ لقوله عليه الصلاة والسلام : "لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف" (رواه البخاري [4085] في المغازي، باب : سرية عبدالله بن حذافة السهمي ؛ ومسلم [1840] في الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية). فصار كما لو قتله بغير إذن، ولا شيء على السلطان إلا الإثم فقط فيما إذا كان ظالماً، وأما إن اعتقد وجوب طاعته في المعصية فالضمان على الإمام لا عليه، لأن ذلك مما يخفي . فإن خاف قهره فكالمكره فالضمان بالقصاص وغيره عليهما.
فائدة: فيما يباح بالإكراه:
... ذكر النووي في كتابه " روضة الطالبين" فصلاً يوضح فيه ما يباح بالإكراه وما لا يباح، فقال رحمه الله تعالى:
... أما لو أمره بقتل نفسه بأن قال له: اقتل نفسك وإلا قتلتك ، فقتل نفسه لم يجب القصاص في هذه الحالة، لأن هذا لا يعد إكراهاً حقيقة، لاتحاد المأمور به والمخوف منه، فصار كأنه مختار له. أما لو خوفه بشيء أشد من القتل كالإحراق بالنار مثلاً فهو إكراه يجب فيه القصاص على المكره.
... وكذلك إذا قال له اقتلني وإلا قتلتك فلا قصاص إذا قتله، لأن الإكراه شبهة يدرأ بها الحد.
... هذا ولو أمر السلطان شخصاً بقتل آخر بغير حق، والمأمور لا يعلم ظلم السلطان ولا خطأه وجب القود أو الدية والكفارة على السلطان، ولا شيء على المأمور، لأنه آلته ولا بد منه في السياسة، فلو ضمناه لم يتول تنفيذ الحد أحد، ولأن الظاهر أن الإمام لا يأمر إلا بالحق، ولأن طاعته واجبة فيما لا يعلم أنه معصيته، وليس للمأمور أن يكفر لمباشرة القتل.
... وإن علم بظلمه أو خطئه وجب القود على المأمور، إن لم يخف قهر السلطان بالبطش بما يحصل به الإكراه، لأنه لا يجوز طاعته حينئذ لقوله عليه الصلاة والسلام : "لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف" (رواه البخاري [4085] في المغازي، باب : سرية عبدالله بن حذافة السهمي ؛ ومسلم [1840] في الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية). فصار كما لو قتله بغير إذن، ولا شيء على السلطان إلا الإثم فقط فيما إذا كان ظالماً، وأما إن اعتقد وجوب طاعته في المعصية فالضمان على الإمام لا عليه، لأن ذلك مما يخفي . فإن خاف قهره فكالمكره فالضمان بالقصاص وغيره عليهما.
فائدة: فيما يباح بالإكراه:
... ذكر النووي في كتابه " روضة الطالبين" فصلاً يوضح فيه ما يباح بالإكراه وما لا يباح، فقال رحمه الله تعالى:
... (فصل:
الإكراه على القتل المحرم لا يبيحه، بل يأثم بالاتفاق إذا قتل، وكذا لا يباح الزنى
بالإكراه. ويباح بالإكراه شرب الخمر، والإفطار في رمضان، والخروج من صلاة الفرض،
وإتلاف مال الغير، ويباح أيضاً كلمة الكفر، وفي وجوب التلفظ بها وجهان، أحدهما:
وهو الصحيح، لا يجب للأحاديث الصحيحة في الحث على الصبر على الدين، واقتداءً
بالسلف، فعلى هذا الأفضل أن يثبت ولا يتلفظ وإن قتل ، وقيل : إن كان ممن يتوقع منه
النكاية في العدو أو القيام بأحكام الشرع؛ فالأفضل أن يتلفظ، وإلا فالأفضل
الامتناع.
... ولا يجب شرب الخمر عند الإكراه على الصحيح، ويمكن أن يجيء مثله في الإفطار في رمضان، ولا يكاد يجيء في الإكراه على إتلاف المال.
... ثم إذا أتلف مال غيره بالإكراه؛ فللمالك مطالبة المكره الآمر بالضمان، وفي مطالبة المأمور وجهان، أحدهما: لا يطالب لأنه إتلاف مباح له بالإكراه، وأصحهما يطالب ، لكنه يرجع بالمعزوم على الآمر، هذا هو المذهب ، وقيل : إن الضمان على المأمور ولا رجوع له، وقيل: يتقرر الضمان عليهما بالسوية كالشريكين، والقول في جزاء الصيد إذا قتله المحرم مكرها كالقول في ضمان المال).
حكم شريك من لا يقتص منه:
... إذا قتل شخص شخصاً وكان شريكاً في القتل لمن لا يقتص منه، فما الحكم في ذلك أيقتص منه أم لا؟ لهذه المسألة صور كثيرة نوضحها فيما يلي:
... الصورة الأولى : أن يكون شريكاً لمخطئ أو شريكاً لقاتل شبه عمد، فهذا لا يقتص منه، لأن الزهوق حصل بفعلين أحدهما يوجبه والآخر ينفيه، فغلب المسقط، ولكنه يجب عليه في هذه الحال نصف الدية، دية العمد.
... الصور الثانية: أن يكون القاتل شريكاً للأب في القتل، فعلى القاتل هنا القصاص وعلى الأب نصف الدية مغلظة، لأن الأب لا يقتص منه.
... الصورة الثالثة: أن يشارك عبد حراً في قتل عبد، فيقتص من العبد، لأنه لو انفرد بالقتل لاقتص منه، وأما الحر فلا يقتص منه.
... ولا يجب شرب الخمر عند الإكراه على الصحيح، ويمكن أن يجيء مثله في الإفطار في رمضان، ولا يكاد يجيء في الإكراه على إتلاف المال.
... ثم إذا أتلف مال غيره بالإكراه؛ فللمالك مطالبة المكره الآمر بالضمان، وفي مطالبة المأمور وجهان، أحدهما: لا يطالب لأنه إتلاف مباح له بالإكراه، وأصحهما يطالب ، لكنه يرجع بالمعزوم على الآمر، هذا هو المذهب ، وقيل : إن الضمان على المأمور ولا رجوع له، وقيل: يتقرر الضمان عليهما بالسوية كالشريكين، والقول في جزاء الصيد إذا قتله المحرم مكرها كالقول في ضمان المال).
حكم شريك من لا يقتص منه:
... إذا قتل شخص شخصاً وكان شريكاً في القتل لمن لا يقتص منه، فما الحكم في ذلك أيقتص منه أم لا؟ لهذه المسألة صور كثيرة نوضحها فيما يلي:
... الصورة الأولى : أن يكون شريكاً لمخطئ أو شريكاً لقاتل شبه عمد، فهذا لا يقتص منه، لأن الزهوق حصل بفعلين أحدهما يوجبه والآخر ينفيه، فغلب المسقط، ولكنه يجب عليه في هذه الحال نصف الدية، دية العمد.
... الصور الثانية: أن يكون القاتل شريكاً للأب في القتل، فعلى القاتل هنا القصاص وعلى الأب نصف الدية مغلظة، لأن الأب لا يقتص منه.
... الصورة الثالثة: أن يشارك عبد حراً في قتل عبد، فيقتص من العبد، لأنه لو انفرد بالقتل لاقتص منه، وأما الحر فلا يقتص منه.
... الصورة
الرابعة: أن يشارك دمي مسلماً في قتل ذمي، فهنا يقتص من الذمي، لأنه لو انفرد في
قتله لاقتص منه، وأما المسلم فعليه نصف دية الذمي، وسيأتي مقدار دية الذمي.
... الصورة الخامسة: أن يقطع شخص يد شخص قصاصاً أو حداً، فجرحه شخص آخر فمات بهما، فعلي الجارح الثاني القصاص.
... الصورة السادسة: أن يشترك في القتل مع صبي أو مجنون، فعليه القصاص، وأما الصبي والمجنون فلا قصاص عليهما.
... وهناك صور أخري كثيرة تطلب في المطولات من الكتب.
الجناية على ما دون النفس:
... لقد مر بنا أن الجناية على البدن إما أن تكون بإزهاق الروح، وهو القتل، وهذا هو الذي سبق الحديث عنه، وإما أن تكون فيما دون ذلك من قطع يد أو قلع عين أو قطع أنف وأذن وما شاكل ذلك، وهذا هو الذي نريد أن نتحدث عنه فيما يلي:
أنواع الجناية على ما دون النفس:
... الجناية على ما دون النفس على ثلاثة أنواع:
... الأول : الجناية بالجرح.
... الثاني : قطع الطرف.
... الثالث : إبطال المنافع.
النوع الأول : الجناية بالجرح:
... الجراح الواقعة على البدن على ضربين:
... أحدهما : الواقعة على الوجه والرأس، وتسمى الشجاع.
... والثاني : الجراحات في سائر البدن.
... وفيما يلي نوضح كل ضرب من هذين، ونبين ما يتعلق به من أحكام.
أ - الشجاج الواقعة على الرأس والوجه، وهي عشر:
... إحداها: الحارصة، وهي التي تشق الجلد قليلاً كالخدش ، وتسمى القاشرة.
... ثانيها: الدامية، وهي التي تدمي موضعها من الشق والخدش، ولا يقطر منها دم، فإن سال فهي دامعة، وهذه قسم آخر يزيد على العشر.
... الثالثة: الباضعة، وهي التي تبضع اللحم بعد الجلد، أي تشق اللحم بعد الجلد شقاً خفيفاً، مأخوذ من البضع وهو القطع.
... الرابعة: المتلاحمة، وهي التي تغوص في اللحم ولا تبلغ الجلدة بين اللحم والعظم، سميت بذلك تفاؤلاً بما يؤول إليه من الالتحام. وتسمي أيضا اللاحمة.
... الصورة الخامسة: أن يقطع شخص يد شخص قصاصاً أو حداً، فجرحه شخص آخر فمات بهما، فعلي الجارح الثاني القصاص.
... الصورة السادسة: أن يشترك في القتل مع صبي أو مجنون، فعليه القصاص، وأما الصبي والمجنون فلا قصاص عليهما.
... وهناك صور أخري كثيرة تطلب في المطولات من الكتب.
الجناية على ما دون النفس:
... لقد مر بنا أن الجناية على البدن إما أن تكون بإزهاق الروح، وهو القتل، وهذا هو الذي سبق الحديث عنه، وإما أن تكون فيما دون ذلك من قطع يد أو قلع عين أو قطع أنف وأذن وما شاكل ذلك، وهذا هو الذي نريد أن نتحدث عنه فيما يلي:
أنواع الجناية على ما دون النفس:
... الجناية على ما دون النفس على ثلاثة أنواع:
... الأول : الجناية بالجرح.
... الثاني : قطع الطرف.
... الثالث : إبطال المنافع.
النوع الأول : الجناية بالجرح:
... الجراح الواقعة على البدن على ضربين:
... أحدهما : الواقعة على الوجه والرأس، وتسمى الشجاع.
... والثاني : الجراحات في سائر البدن.
... وفيما يلي نوضح كل ضرب من هذين، ونبين ما يتعلق به من أحكام.
أ - الشجاج الواقعة على الرأس والوجه، وهي عشر:
... إحداها: الحارصة، وهي التي تشق الجلد قليلاً كالخدش ، وتسمى القاشرة.
... ثانيها: الدامية، وهي التي تدمي موضعها من الشق والخدش، ولا يقطر منها دم، فإن سال فهي دامعة، وهذه قسم آخر يزيد على العشر.
... الثالثة: الباضعة، وهي التي تبضع اللحم بعد الجلد، أي تشق اللحم بعد الجلد شقاً خفيفاً، مأخوذ من البضع وهو القطع.
... الرابعة: المتلاحمة، وهي التي تغوص في اللحم ولا تبلغ الجلدة بين اللحم والعظم، سميت بذلك تفاؤلاً بما يؤول إليه من الالتحام. وتسمي أيضا اللاحمة.
... الخامسة:
السمحاق، وهي التي تبلغ تلك الجلدة، وتسمي تلك الجلدة السمحاق.
... السادسة: الموضحة، وهي التي تخرق السمحاق، وتوضح العظم، أي تكشفه، بحيث يقرع بالمرود، وإن لم يشاهد العظم من أجل الدم الذي يستره.
... السابعة: الهاشمة، وهي التي تهشم العظم أي تكسره، سواء أوضحته أم لا.
... الثامنة: المنقلة، وهي التي تنقل العظم من موضع إلى موضع، سواء أوضحته وهشمته أو لا.
... التاسعة: المأمومة، وهي التي تبلغ أم الرأس، وهي خريطة الدماغ المحيطة به، ويقال لها الآمة.
... العاشرة: الدامغة، وهي التي تخرق خريطة الدماغ، وتصل إليه، وهي مذففة غالباً.
... إذا علمت ذلك فالعلم أن القصاص يجب في الموضحة فقط، لتيسر ضبطها واستيفاء مثلها، ولا قصاص فيما عداها من الهاشمة والمنقلة وغيرهما إذ لا يؤمن فيها الزيادة والنقصان في طول الجراحة وعرضها، ولا يوثق باستيفاء المثل.
ب – الجراحات في سائر البدن: فما لا قصاص فيه إذا كان في الرأس أو الوجه، لا قصاص فيه إذا كان على غيرهما، فالموضحة التي تقع في جزء من أجزاء البدن كالصدر والعنق والساعد والأصابع هي التي يكون فيها القصاص، وما لا فلا قصاص فيه لما ذكرنا آنفاً من صعوبة الحصول على المماثلة.
النوع الثاني: الجناية بقطع الطرف:
... أقسام قطع الطرف ثلاثة أقسام كالقتل، فكما أن القتل ثلاثة أقسام عمد وشبه عمد وخطأ، كذلك ينقسم قطع الطرف إلى ثلاثة أقسام عمد وشبه عمد وخطأ، وكما أنه لا يجب القصاص في النفس إلا بالعمد فكذلك قطع الطرف لا يجب إلا بالعمد، وأما شبه العمد بقطع الطرف والخطأ به فلا يجب فيه القصاص.
شروط القصاص بالطرف:
... يجري القصاص بقطع الطرف بشرط إمكان المماثلة وأمن استيفاء الزيادة، ويحصل ذلك بطريقتين:
... السادسة: الموضحة، وهي التي تخرق السمحاق، وتوضح العظم، أي تكشفه، بحيث يقرع بالمرود، وإن لم يشاهد العظم من أجل الدم الذي يستره.
... السابعة: الهاشمة، وهي التي تهشم العظم أي تكسره، سواء أوضحته أم لا.
... الثامنة: المنقلة، وهي التي تنقل العظم من موضع إلى موضع، سواء أوضحته وهشمته أو لا.
... التاسعة: المأمومة، وهي التي تبلغ أم الرأس، وهي خريطة الدماغ المحيطة به، ويقال لها الآمة.
... العاشرة: الدامغة، وهي التي تخرق خريطة الدماغ، وتصل إليه، وهي مذففة غالباً.
... إذا علمت ذلك فالعلم أن القصاص يجب في الموضحة فقط، لتيسر ضبطها واستيفاء مثلها، ولا قصاص فيما عداها من الهاشمة والمنقلة وغيرهما إذ لا يؤمن فيها الزيادة والنقصان في طول الجراحة وعرضها، ولا يوثق باستيفاء المثل.
ب – الجراحات في سائر البدن: فما لا قصاص فيه إذا كان في الرأس أو الوجه، لا قصاص فيه إذا كان على غيرهما، فالموضحة التي تقع في جزء من أجزاء البدن كالصدر والعنق والساعد والأصابع هي التي يكون فيها القصاص، وما لا فلا قصاص فيه لما ذكرنا آنفاً من صعوبة الحصول على المماثلة.
النوع الثاني: الجناية بقطع الطرف:
... أقسام قطع الطرف ثلاثة أقسام كالقتل، فكما أن القتل ثلاثة أقسام عمد وشبه عمد وخطأ، كذلك ينقسم قطع الطرف إلى ثلاثة أقسام عمد وشبه عمد وخطأ، وكما أنه لا يجب القصاص في النفس إلا بالعمد فكذلك قطع الطرف لا يجب إلا بالعمد، وأما شبه العمد بقطع الطرف والخطأ به فلا يجب فيه القصاص.
شروط القصاص بالطرف:
... يجري القصاص بقطع الطرف بشرط إمكان المماثلة وأمن استيفاء الزيادة، ويحصل ذلك بطريقتين:
... أحدهما:
أن يكون للعضو مفصل توضع عليه الحديدة وبيان، والمفصل موضع اتصال عضو بعضو على
منقطع عظمين، وقد يكون ذلك بمجاورة محضة وقد يكون مع دخول عضو في عضو ، كالمرفق
والركبة، فمن المفاصل: الأنامل، والكوع وهو مفصل الكف، والمرفق، ومفصل القدم،
والركبة، فإذا وقع القطع على بعضها، اقتص من الجاني، ومن المفاصل أصل الفخذ
والمنكب.
... الطريق الثاني، أن يكون للعضو حد مضبوط ينقاد لآلة الإبانة، فيجب القصاص من فقء العين، وفي الأذن، وفي الجفن، وفي المارن وهو ما لان من الأنف، وفي الذكر، وفي الأنثيين، وفي الشفة، وفي الشفرين إذا كان القطع من امرأة ـ والشفران طرفا الفرج ـ ، وفي الأليين، وفي اللسان .
... وعلى هذا لو قطع بعض الأذن أو بعض المارن من غير إبانة وجب القصاص لإحاطة الهواء بهما وإمكان الاطلاع عليهما من الجانبين، ويقدر المقطوع بالجزئية كالثلث والربع ، لا بالمساحة.
... ولو قطع الكوع أو بعض مفصل الساق والقدم ولم يبن فلا القصاص لأنها تجمع العروق والأعصاب، وهي مختلفة الوضع تسفلاً وتصعداً، فلا يوثق بالمماثلة فيها بخلاف المارن.
القصاص بكسر العظام:
... لا قصاص بكسر العظام لعدم الوثوق بالمماثلة ، بل عليه الدية كما سيأتي، لكن لو كسر عظماً وأبانه فللمجني عليه قطع أقرب مفصل إلى المكسور، وأخذ حكومة عن الباقي ـ والحكومة هي مال مقدر على حسب الجناية يقدره الخبراء وأصحاب المعرفة بهذا الشأن ـ وعلى هذا فلو كسر يده من العضد كان له أن يقطع يده من المرفق، وله على الباقي حكومة . ولو كسر يده من الساعد فله قطع اليد من الكف، وله على الباقي حكومة، وهكذا.
النوع الثالث: إبطال منافع العضو:
... قد تكون الجناية بإبطال منفعة عضو من الأعضاء، أو قسم منها، فعند ذلك يجب فيها دية، على حسب ما يلي:
... الطريق الثاني، أن يكون للعضو حد مضبوط ينقاد لآلة الإبانة، فيجب القصاص من فقء العين، وفي الأذن، وفي الجفن، وفي المارن وهو ما لان من الأنف، وفي الذكر، وفي الأنثيين، وفي الشفة، وفي الشفرين إذا كان القطع من امرأة ـ والشفران طرفا الفرج ـ ، وفي الأليين، وفي اللسان .
... وعلى هذا لو قطع بعض الأذن أو بعض المارن من غير إبانة وجب القصاص لإحاطة الهواء بهما وإمكان الاطلاع عليهما من الجانبين، ويقدر المقطوع بالجزئية كالثلث والربع ، لا بالمساحة.
... ولو قطع الكوع أو بعض مفصل الساق والقدم ولم يبن فلا القصاص لأنها تجمع العروق والأعصاب، وهي مختلفة الوضع تسفلاً وتصعداً، فلا يوثق بالمماثلة فيها بخلاف المارن.
القصاص بكسر العظام:
... لا قصاص بكسر العظام لعدم الوثوق بالمماثلة ، بل عليه الدية كما سيأتي، لكن لو كسر عظماً وأبانه فللمجني عليه قطع أقرب مفصل إلى المكسور، وأخذ حكومة عن الباقي ـ والحكومة هي مال مقدر على حسب الجناية يقدره الخبراء وأصحاب المعرفة بهذا الشأن ـ وعلى هذا فلو كسر يده من العضد كان له أن يقطع يده من المرفق، وله على الباقي حكومة . ولو كسر يده من الساعد فله قطع اليد من الكف، وله على الباقي حكومة، وهكذا.
النوع الثالث: إبطال منافع العضو:
... قد تكون الجناية بإبطال منفعة عضو من الأعضاء، أو قسم منها، فعند ذلك يجب فيها دية، على حسب ما يلي:
... أولاً:
إزالة العقل، فإذا أزال إنسان عقل إنسان بسبب ما، وجب كمال الدية في ذلك، وسيأتي
بيان كمال الدية. ولا يجب فيه قصاص لعدم إمكان ذلك، ولو نقص عقله ولم تستقم أحواله
نظر في ذلك، فإن أمكن الضبط، وجب قسط الزائل، والضبط قد يأتي بالزمان بأن يجن
يوماً ويفيق يوماً، فيجب نصف الدية، أو يجن يوماً ويفيق يومين فيجب ثلث الدية، وقد
يتأتي الضبط بغير الزمان، بأن يقابل صواب قوله ومنظوم فعله بالخطأ المطروح منهما،
وتعرف النسبة بينهما، فيجب قسط الزائل.
... وإن لم يمكن الضبط بأن كان يفزع أحياناً مما يفزع، أو يستوحش إذا خلا وجبت حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده.
... وهذا الحكم إذا قال أهل الخبرة إن هذا العارض لا يتوقع زواله، أما إذا ذكر أهل الخبرة أن هذا العارض قد يزول، فيتوقف في الدية، فإن عاد إليه عقله سقطت الدية، وإن لم يعد وجبت الدية.
... ثانياً: السمع، فإذا أبطل السمع من الأذنين وجب كمال الدية، وإن أبطله من أذن واحدة وجب نصف الدية، ولو قطع الأذن وأبطل السمع وجب ديتان، دية للقطع ودية لإبطال السمع. وذلك لأن السمع ليس في الأذن.
... ولو قال أهل الخبرة: لطيفة السمع باقية في مقرها، ولكن ارتتق داخل الأذن بالجناية، وامتنع نفوذ الصوت، ولم يتوقعوا زوال الارتتاق فالواجب حكومة ، وقيل دية.
... هذا إذا ذهب السمع، أما إذا نقص السمع من الأذنين أو من أحدهما، نظر فإن عرف مقدار النقص وجب قسطه من الدية، وإن لم يعلم وجب في ذلك حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده.
... ثالثاً: البصر، ففي إذهابه من العينين دية كاملة، وفي إذهابه من واحدة منهما يجب نصف الدية، سواء في ذلك ضعيف البصر وغيره، وسواء في ذلك الأحول والأخفش وغيرهم (والخفش صغر في العين وضعف البصر خلقة). ولو فقأ عينيه لم يجب إلا دية واحدة، كما لو قطع يديه، وهذا بخلاف الأذن كما مر. ويمتحنه أهل الخبرة لمعرفة زوال البصر إذا ادعي ذلك المجني عليه، وأنكر ذلك الجاني.
... وإن لم يمكن الضبط بأن كان يفزع أحياناً مما يفزع، أو يستوحش إذا خلا وجبت حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده.
... وهذا الحكم إذا قال أهل الخبرة إن هذا العارض لا يتوقع زواله، أما إذا ذكر أهل الخبرة أن هذا العارض قد يزول، فيتوقف في الدية، فإن عاد إليه عقله سقطت الدية، وإن لم يعد وجبت الدية.
... ثانياً: السمع، فإذا أبطل السمع من الأذنين وجب كمال الدية، وإن أبطله من أذن واحدة وجب نصف الدية، ولو قطع الأذن وأبطل السمع وجب ديتان، دية للقطع ودية لإبطال السمع. وذلك لأن السمع ليس في الأذن.
... ولو قال أهل الخبرة: لطيفة السمع باقية في مقرها، ولكن ارتتق داخل الأذن بالجناية، وامتنع نفوذ الصوت، ولم يتوقعوا زوال الارتتاق فالواجب حكومة ، وقيل دية.
... هذا إذا ذهب السمع، أما إذا نقص السمع من الأذنين أو من أحدهما، نظر فإن عرف مقدار النقص وجب قسطه من الدية، وإن لم يعلم وجب في ذلك حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده.
... ثالثاً: البصر، ففي إذهابه من العينين دية كاملة، وفي إذهابه من واحدة منهما يجب نصف الدية، سواء في ذلك ضعيف البصر وغيره، وسواء في ذلك الأحول والأخفش وغيرهم (والخفش صغر في العين وضعف البصر خلقة). ولو فقأ عينيه لم يجب إلا دية واحدة، كما لو قطع يديه، وهذا بخلاف الأذن كما مر. ويمتحنه أهل الخبرة لمعرفة زوال البصر إذا ادعي ذلك المجني عليه، وأنكر ذلك الجاني.
... هذا إذا
ذهب البصر بالكلية، وأما إذا نقص ولم يذهب، فإن عرف قدره بأن كان يرى الشخص من
مسافة فصار لا يراه إلا من بعضها، وجب ممن الدية قسط الذاهب، وإن لم يعرف قدره وجب
في ذلك حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده.
... هذا وإذا كان الجني عليه أعشى ـ وهو من يبصر بالنهار دون الليل ـ فذهب ضوء عينيه، وجبت الدية كاملة، وفي ذهاب ضوء إحداهما نصف الدية، ولو جنى عليه فصار أعشى وجب نصف الدية .
رابعاً: إبطال الشم، وفي إبطال بالكلية الدية كاملة ، وأن أبطال الشم من أحد المنخرين وجب نصف الدية، وإن نقص الشم وأمكن ضبطه وجب قسط الناقص من الدية، وإن لم يمكن ضبطه وجب فيه حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده، كما مر مثل ذلك في السمع والبصر .
... خامساً: ذهاب النطق، إذا جنى على لسانه فأبطل كلامه، وجبت الدية كاملة هذا إذا قال أهل الخبرة إنه لا يعود نطقه. ولو بطل بالجناية بعض الحروف وزعت الدية عليها، وسواء في ذلك ما خف على اللسان من الحروف وما ثقل. والحروف مختلفة في اللغات، فكل من تكلم بلغة فالنظر عند التوزيع إلي حروف تلك اللغة فإن تكلم بلغتين فبطل بالجناية حروف من هذه، وحروف من تلك، وجب التوزيع على أكثرهما حروفاً.
... هذا إذا ذهب بعض الحروف، وبقي في البقية كلام مفهوم، أما إذا لم يبق في البقية كلام مفهوم كان ذلك كذهاب جميع النطق، فيجب في ذلك الدية كاملة.
... وإذا جنى عليه جناية فصار يبدل حرفاً بحرف وجب قسط الحرف الذي أبطله، ولو ثقل لسانه بالجناية أ, حدث به عيب فالواجب حكومة لبقاء المنفعة.
... وإن كان لا يحسن بعض الحروف كالأرت والألثغ الذي لا يتكلم إلا بعشرين حرفاً مثلاً إذا ذهب بالجناية كلامه وجبت الدية كاملة.
... هذا وإذا كان الجني عليه أعشى ـ وهو من يبصر بالنهار دون الليل ـ فذهب ضوء عينيه، وجبت الدية كاملة، وفي ذهاب ضوء إحداهما نصف الدية، ولو جنى عليه فصار أعشى وجب نصف الدية .
رابعاً: إبطال الشم، وفي إبطال بالكلية الدية كاملة ، وأن أبطال الشم من أحد المنخرين وجب نصف الدية، وإن نقص الشم وأمكن ضبطه وجب قسط الناقص من الدية، وإن لم يمكن ضبطه وجب فيه حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده، كما مر مثل ذلك في السمع والبصر .
... خامساً: ذهاب النطق، إذا جنى على لسانه فأبطل كلامه، وجبت الدية كاملة هذا إذا قال أهل الخبرة إنه لا يعود نطقه. ولو بطل بالجناية بعض الحروف وزعت الدية عليها، وسواء في ذلك ما خف على اللسان من الحروف وما ثقل. والحروف مختلفة في اللغات، فكل من تكلم بلغة فالنظر عند التوزيع إلي حروف تلك اللغة فإن تكلم بلغتين فبطل بالجناية حروف من هذه، وحروف من تلك، وجب التوزيع على أكثرهما حروفاً.
... هذا إذا ذهب بعض الحروف، وبقي في البقية كلام مفهوم، أما إذا لم يبق في البقية كلام مفهوم كان ذلك كذهاب جميع النطق، فيجب في ذلك الدية كاملة.
... وإذا جنى عليه جناية فصار يبدل حرفاً بحرف وجب قسط الحرف الذي أبطله، ولو ثقل لسانه بالجناية أ, حدث به عيب فالواجب حكومة لبقاء المنفعة.
... وإن كان لا يحسن بعض الحروف كالأرت والألثغ الذي لا يتكلم إلا بعشرين حرفاً مثلاً إذا ذهب بالجناية كلامه وجبت الدية كاملة.
... سادساً:
ذهاب الصوت، فإذا جنى على شخص فأبطل صوته وبقي اللسان على اعتداله ويمكنه من
التقطيع والترديد، لزمه لإبطال الصوت كمال الدية، فإن أبطل معه حركة اللسان حتى
عجز عن التقطيع والترديد وجب ديتان: دية للصوت ودية للسان.
... سابعاً: ذهاب الذوق، فإذا أذهبه شخص بجناية وجبت الدية كاملة. والمدرك بالذوق خمسة أشياء: الحلاوة والحموضة والمرارة والملوحة والعذوبة، والدية تتوزع عليها، فإذا أبطل إدراك واحد منها، وجب فيه خمس الدية، ولو نقص الإحساس فلم يدرك الطعوم على كمالها، فالواجب حينذاك حكومة يقدرها الحاكم. ولو ضربه ضربة فزال بها ذوقه ونطقه وجب ديتان.
... ثامناً: زوال المضغ، فإذا زال مضغه بالجناية وجبت الدية كاملة.
... تاسعاً: زوال الإمناء، فإذا كسر صلبه فأبطل قوة إمنائه وجبت الدية كاملة، ولو قطع أنثييه فذهب ماؤه وجب في ذلك ديتان: إحداهما للماء والأخرى للأنثيين، لما سيأتي في الديات من أن قطع الأنثيين يوجب الدية.
... العاشر: إبطال قوة الإحبال، إذا أبطل في المرأة قوة الإحبال لزمه ديتها، ولو جنى على ثديها فانقطع لبنها لزمه حكومة، فإن نقص وجب حكومة تليق به، وإن لم يكن لها لبن عند الجناية، ثم ولدت ولم يدر لها لبن، وامتنع به الإرضاع وجبت حكومة إذا قال أهل الخبرة إن الانقطاع بجنايته، أو جوزوا أن يكون هو سببها.
... الحادي عشر: إبطال الجماع، إذا جنى جناية على صلبه فذهب جماعه وجبت الدية، لأن الجماع من المنافع المقصودة.
... الثاني عشر: إفضاء المرأة، وهو إزالة الحاجز بين مسلك الجماع والدبر، وقيل رفع الحاجز بين مسلك الجماع ومخرج البول. والواقع أ، كلا منهما إفضاء، وفي هذا الإفضاء كمال الدية.
... الثالث عشر: زوال البطش والمشي، فإذا ضرب يديه فشلتا وجبت الدية كاملة، ولو ضرب رجليه فزال المشي وجبت الدية كاملة أيضاً.
... سابعاً: ذهاب الذوق، فإذا أذهبه شخص بجناية وجبت الدية كاملة. والمدرك بالذوق خمسة أشياء: الحلاوة والحموضة والمرارة والملوحة والعذوبة، والدية تتوزع عليها، فإذا أبطل إدراك واحد منها، وجب فيه خمس الدية، ولو نقص الإحساس فلم يدرك الطعوم على كمالها، فالواجب حينذاك حكومة يقدرها الحاكم. ولو ضربه ضربة فزال بها ذوقه ونطقه وجب ديتان.
... ثامناً: زوال المضغ، فإذا زال مضغه بالجناية وجبت الدية كاملة.
... تاسعاً: زوال الإمناء، فإذا كسر صلبه فأبطل قوة إمنائه وجبت الدية كاملة، ولو قطع أنثييه فذهب ماؤه وجب في ذلك ديتان: إحداهما للماء والأخرى للأنثيين، لما سيأتي في الديات من أن قطع الأنثيين يوجب الدية.
... العاشر: إبطال قوة الإحبال، إذا أبطل في المرأة قوة الإحبال لزمه ديتها، ولو جنى على ثديها فانقطع لبنها لزمه حكومة، فإن نقص وجب حكومة تليق به، وإن لم يكن لها لبن عند الجناية، ثم ولدت ولم يدر لها لبن، وامتنع به الإرضاع وجبت حكومة إذا قال أهل الخبرة إن الانقطاع بجنايته، أو جوزوا أن يكون هو سببها.
... الحادي عشر: إبطال الجماع، إذا جنى جناية على صلبه فذهب جماعه وجبت الدية، لأن الجماع من المنافع المقصودة.
... الثاني عشر: إفضاء المرأة، وهو إزالة الحاجز بين مسلك الجماع والدبر، وقيل رفع الحاجز بين مسلك الجماع ومخرج البول. والواقع أ، كلا منهما إفضاء، وفي هذا الإفضاء كمال الدية.
... الثالث عشر: زوال البطش والمشي، فإذا ضرب يديه فشلتا وجبت الدية كاملة، ولو ضرب رجليه فزال المشي وجبت الدية كاملة أيضاً.
... ولو ضربه
فبطلت منفعة أصبع وجب دية الأصبع، وهو عشر الدية كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
... وأما إذا نقص مشيه ففي ذلك حكومة يحكم بها الحاكم بالاجتهاد.
... هذا ولا بد من الإشارة هنا أنه قد يجب على الجاني أكثر من دية، وذلك فيما إذا كانت الجناية على أكثر من موضع.
القصاص
معنى القصاص:
... القصاص مصدر قص يقص، من قص أثره إذا تتبع مواطئ أقدامه في المسير، والمقصود به أن يفعل بالشخص مثل ما فعل بغيره من وجوه الأذى الجسمي، سواء أكان الفعل قتلاً أو دونه من الأضرار الجسمية.
شروط القصاص:
... يشترط في القصاص بالنفس شروط أربعة وهي:
... الشرط الأول: أن يكون المقتص منه مكلفاً، أي بالغاً عاقلاً، فلا قصاص على صبي ولا مجنون وإن صدر منهما ما يستوجب القصاص، لأن البلوغ والعقل أساس التكليف . والدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:"رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يعقل، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق" (رواه أبو داود[4399] في الحدود، باب: في المجنون يسرق أو يصيب حداً). ولأن القصاص عقوبة مغلظة فلم يجب على الصبي والمجنون كالحدود، ولأنهم ليس لهم قصد صحيح فهم كالقاتل خطاً. والشرط أن يكون الصبا والجنون حال فعل الجناية، وعلى هذا لو قتل وهو صبي ثم بلغ فلا يقتص منه، ولو جنى وهو مجنون ثم أفاق فلا يقتص منه، أما لو جنى وهو عاقل ثم جن فإنه يقتص منه ولو أثناء جنونه. أما من قتل وهو سكران فإنه يقتص منه إذا كان متعدياً بسكره.
... الشرط الثاني: أن لا يكون أصلاً للمقتول بأن كان أباً أو أماً أو جداً أو جدة مهما علا الفرق بينهما، فلو قتل شخص ابنه لم يقتص من الأب القاتل.
... دليل ذلك:
... أولاً: ما رواه الترمذي [1399] في الديات، باب: ما جاء في الرجل يقتل ابنه يقاد منه أم لا ؟، عن سراقة بن مالك رضي الله عنه، قال : حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقيد الأب من ابنه، ولا يقيد الابن من أبيه.
... وأما إذا نقص مشيه ففي ذلك حكومة يحكم بها الحاكم بالاجتهاد.
... هذا ولا بد من الإشارة هنا أنه قد يجب على الجاني أكثر من دية، وذلك فيما إذا كانت الجناية على أكثر من موضع.
القصاص
معنى القصاص:
... القصاص مصدر قص يقص، من قص أثره إذا تتبع مواطئ أقدامه في المسير، والمقصود به أن يفعل بالشخص مثل ما فعل بغيره من وجوه الأذى الجسمي، سواء أكان الفعل قتلاً أو دونه من الأضرار الجسمية.
شروط القصاص:
... يشترط في القصاص بالنفس شروط أربعة وهي:
... الشرط الأول: أن يكون المقتص منه مكلفاً، أي بالغاً عاقلاً، فلا قصاص على صبي ولا مجنون وإن صدر منهما ما يستوجب القصاص، لأن البلوغ والعقل أساس التكليف . والدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:"رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يعقل، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق" (رواه أبو داود[4399] في الحدود، باب: في المجنون يسرق أو يصيب حداً). ولأن القصاص عقوبة مغلظة فلم يجب على الصبي والمجنون كالحدود، ولأنهم ليس لهم قصد صحيح فهم كالقاتل خطاً. والشرط أن يكون الصبا والجنون حال فعل الجناية، وعلى هذا لو قتل وهو صبي ثم بلغ فلا يقتص منه، ولو جنى وهو مجنون ثم أفاق فلا يقتص منه، أما لو جنى وهو عاقل ثم جن فإنه يقتص منه ولو أثناء جنونه. أما من قتل وهو سكران فإنه يقتص منه إذا كان متعدياً بسكره.
... الشرط الثاني: أن لا يكون أصلاً للمقتول بأن كان أباً أو أماً أو جداً أو جدة مهما علا الفرق بينهما، فلو قتل شخص ابنه لم يقتص من الأب القاتل.
... دليل ذلك:
... أولاً: ما رواه الترمذي [1399] في الديات، باب: ما جاء في الرجل يقتل ابنه يقاد منه أم لا ؟، عن سراقة بن مالك رضي الله عنه، قال : حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقيد الأب من ابنه، ولا يقيد الابن من أبيه.
... وروي
الترمذي أيضاً [1401] في الديات ، في نفس الباب السابق، عن عبدالله بن عباس رضي
الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "لا تقام
الحدود في المساجد، ولا يقتل الوالد بولده".
... وروى الترميذي [1400] في الديات، في نفس الباب السابق عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقاد الوالد بالولد".
... وهذه الأحاديث الثلاثة وإن كان كل واحد منها ضعيف السند، إلا أن بعضها يشهد لبعض، فيقوي به. ولها شاهد عند البيهقي [8/38] بإسناد حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
... قال الشافعي رحمه الله تعالى: (حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم: أنه لا يقتل الوالد بالولد، وبذلك أقول).
... وثانياً: رعاية حرمة الأب، فإنه كان سبباً في وجود ابنه، فما ينبغي أن يكون الابن سبباً في إعدام أبيه.
... الشرط الثالث: أن يكون المقتول معصوم الدم بإسلام، أو عهد ذمة، أو أمان، أما الحربي فيهدر دمه، وكذلك المرتد، فإنه حلال الدم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من بدل دينه فاقتلوه" (رواه البخاري [2854] في الجهاد، باب: قتل النساء في الحرب). ويدل عليه أيضاً عموم قول الله تبارك وتعالى: ? وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً ? ( التوبة: 36). فيدخل في هذا الحربي والمرتد.
... الشرط الرابع: التكافؤ بين القاتل والمقتول، وذلك بأن لا يكون المقتول أنقص من القاتل بكفر أو رق، فلا يقتل مسلم بكافر، سواء كان ذمياً أو معاهداً أو حربياً أو لم تبلغه دعوة الإسلام ، ولا يقتل حر بعيد أيضاً سواء كان مدبراً أو مكاتباً أو قنأ أو مبعضاً .
... وروى الترميذي [1400] في الديات، في نفس الباب السابق عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقاد الوالد بالولد".
... وهذه الأحاديث الثلاثة وإن كان كل واحد منها ضعيف السند، إلا أن بعضها يشهد لبعض، فيقوي به. ولها شاهد عند البيهقي [8/38] بإسناد حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
... قال الشافعي رحمه الله تعالى: (حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم: أنه لا يقتل الوالد بالولد، وبذلك أقول).
... وثانياً: رعاية حرمة الأب، فإنه كان سبباً في وجود ابنه، فما ينبغي أن يكون الابن سبباً في إعدام أبيه.
... الشرط الثالث: أن يكون المقتول معصوم الدم بإسلام، أو عهد ذمة، أو أمان، أما الحربي فيهدر دمه، وكذلك المرتد، فإنه حلال الدم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من بدل دينه فاقتلوه" (رواه البخاري [2854] في الجهاد، باب: قتل النساء في الحرب). ويدل عليه أيضاً عموم قول الله تبارك وتعالى: ? وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً ? ( التوبة: 36). فيدخل في هذا الحربي والمرتد.
... الشرط الرابع: التكافؤ بين القاتل والمقتول، وذلك بأن لا يكون المقتول أنقص من القاتل بكفر أو رق، فلا يقتل مسلم بكافر، سواء كان ذمياً أو معاهداً أو حربياً أو لم تبلغه دعوة الإسلام ، ولا يقتل حر بعيد أيضاً سواء كان مدبراً أو مكاتباً أو قنأ أو مبعضاً .
... ودليل ذلك
ما رواه البخاري [6507] في الديات، باب: العاقلة، عن علي رضي الله عنه عن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - (نهى أن يقتل مسلم بكافر). ورواه الترميذي [1412] في
الديات، باب: ما جاء لا يقتل مسلم بكافر، عن علي رضي الله عنه، وأبو دواد [4531]
في الديات، باب: يقاد المسلم بالكافر؟ . وفي رواية لأبي داود [4517]: " لا
يقتل حر بعبد" .
... وقال عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ . . . ? ( سورة البقرة:78). فالآية تفيد أن الحر لا يقتل بالعبد . هذا والمعتبر في المكافأة المشروطة ساعة العدوان، فلا عبرة بما يطرأ بعد ذلك من تفاوت المتكافئين، أو تكافؤ المتفاوتين.
شرائط القصاص بالأطراف:
... ما مر يتعلق في القصاص بالنفس، أما القصاص في الأطراف كاليد والرجل والأذن ونحو ذلك ؛ فيشترط منه ما ذكر في قصاص النفس دون أي فرق، ويضاف إلى ما مر من الشروط الشروط التالية:
... الشرط الأول: اشتراك العضو الذي يراد قطعة قصاصاً، مع العضو الذي قطع عدواناً في الاسم الخاص لكل منهما، بأن تقطع اليمنى واليسرى باليسرى، والخنصر بالخنصر، فلا يجوز يسار بيمين أو عكسه، ولا يجوز إبهام بخنصر، أو أنملة بأنملة أصبع أخرى، وذلك لعدم تحقق معنى القصاص، الذي هو التساوي الدقيق في الأمر. ولا يضر تفاوت بكبر أو طول أو قوة بطش .
... الشرط الثاني: أن لا يكون بأحد الطرفين شلل مع صحة الطرف الآخر، فلا تقطع صحيحة بشلاء، وإن رضي بذلك الجاني، لكن يجوز قطع اليد الشلاء بصحيحة أو بما كان دونها شللاً، لأن هذه الصورة لا تضر بملاحظة المساواة التي هي أساس معنى القصاص.
... وقال عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ . . . ? ( سورة البقرة:78). فالآية تفيد أن الحر لا يقتل بالعبد . هذا والمعتبر في المكافأة المشروطة ساعة العدوان، فلا عبرة بما يطرأ بعد ذلك من تفاوت المتكافئين، أو تكافؤ المتفاوتين.
شرائط القصاص بالأطراف:
... ما مر يتعلق في القصاص بالنفس، أما القصاص في الأطراف كاليد والرجل والأذن ونحو ذلك ؛ فيشترط منه ما ذكر في قصاص النفس دون أي فرق، ويضاف إلى ما مر من الشروط الشروط التالية:
... الشرط الأول: اشتراك العضو الذي يراد قطعة قصاصاً، مع العضو الذي قطع عدواناً في الاسم الخاص لكل منهما، بأن تقطع اليمنى واليسرى باليسرى، والخنصر بالخنصر، فلا يجوز يسار بيمين أو عكسه، ولا يجوز إبهام بخنصر، أو أنملة بأنملة أصبع أخرى، وذلك لعدم تحقق معنى القصاص، الذي هو التساوي الدقيق في الأمر. ولا يضر تفاوت بكبر أو طول أو قوة بطش .
... الشرط الثاني: أن لا يكون بأحد الطرفين شلل مع صحة الطرف الآخر، فلا تقطع صحيحة بشلاء، وإن رضي بذلك الجاني، لكن يجوز قطع اليد الشلاء بصحيحة أو بما كان دونها شللاً، لأن هذه الصورة لا تضر بملاحظة المساواة التي هي أساس معنى القصاص.
... الشرط
الثالث: أن يكون العضو الذي يراد القصاص عنه قد قطع من مفصل كمرفق وكوع، أو من
حدود منضبطة كأذن، فلو لم يكن ذلك بأن كان خدشاً أو جرحاً أو قطعاً ولكن من غير
مفصل وحدود معروفة؛ لم يجز القصاص فيه، لعدم إمكان التماثل الذي هو شرط أساسي في
القصاص.
... روى ابن ماجه [2636] في الديات، باب ما لا قود فيه عن نمران بن جارية عن أبيه أن رجلاً ضرب على ساعده بالسيف فقطعها من غير مفصل ، فاستعدي عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر له بالدية، قال: إني أريد القصاص، قال: "خذ الدية بارك الله لك فيها" ولم يقض له بالقصاص.
... ملاحظة: لا يكون القصاص سواء أكان في النفس أم الطرف إلا بالعمد، وأما شبه العمد والخطأ؛ فلا قصاص فيه، بل يثبت فيه الدية.
... وإن اشترك جماعة في قطع طرف من شخص قطعوا جميعاً كما في اشتراك جماعة في قتل شخص واحد.
كيفية القصاص:
... الأصل في القصاص أن تتحقق فيه المساواة التامة للعمل العدواني ، في كل من الشكل والمضمون.
... أما المساواة بينهما في المضمون فواجب أساسي لا بد منه ، حتى إذا لم يمكن تحققها سقط القصاص. فقطع العضو قصاصه قطع عضو مثله من المكان الذي قطع، فإذا لم يتيسر تحقيق هذه المساواة سقط القصاص، اللهم إلا إذا كسر عضده وأبانه قطع من المرفق لأنه أقرب مفصل إلى الجناية، وله حكومة الباقي، وهكذا له القطع من كل مفصل هو أقرب إلى موضع الكسر وحكومة في الباقي.
... وأما المساواة بينهما في الشكل فحق ثابت لولي المقتول، يطالب بتحقيقها إذا شاء ، وهي أن يقتص من القاتل بنفس الأداة وبنفس الطريقة اللتين مارس المعتدي بهما عدوانه على المقتول، فإن قتل بسيف فالمساواة الشكلية هي أن يقتص منه بالسيف، أو قتله برصاص أو بحرق أو بخنق؛ فمن حق ولي المقتول أن يطالب بقتل الجاني بنفس الطريقة التي مارسها، وعلى الحاكم أن يستجيب لطلبه.
... روى ابن ماجه [2636] في الديات، باب ما لا قود فيه عن نمران بن جارية عن أبيه أن رجلاً ضرب على ساعده بالسيف فقطعها من غير مفصل ، فاستعدي عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر له بالدية، قال: إني أريد القصاص، قال: "خذ الدية بارك الله لك فيها" ولم يقض له بالقصاص.
... ملاحظة: لا يكون القصاص سواء أكان في النفس أم الطرف إلا بالعمد، وأما شبه العمد والخطأ؛ فلا قصاص فيه، بل يثبت فيه الدية.
... وإن اشترك جماعة في قطع طرف من شخص قطعوا جميعاً كما في اشتراك جماعة في قتل شخص واحد.
كيفية القصاص:
... الأصل في القصاص أن تتحقق فيه المساواة التامة للعمل العدواني ، في كل من الشكل والمضمون.
... أما المساواة بينهما في المضمون فواجب أساسي لا بد منه ، حتى إذا لم يمكن تحققها سقط القصاص. فقطع العضو قصاصه قطع عضو مثله من المكان الذي قطع، فإذا لم يتيسر تحقيق هذه المساواة سقط القصاص، اللهم إلا إذا كسر عضده وأبانه قطع من المرفق لأنه أقرب مفصل إلى الجناية، وله حكومة الباقي، وهكذا له القطع من كل مفصل هو أقرب إلى موضع الكسر وحكومة في الباقي.
... وأما المساواة بينهما في الشكل فحق ثابت لولي المقتول، يطالب بتحقيقها إذا شاء ، وهي أن يقتص من القاتل بنفس الأداة وبنفس الطريقة اللتين مارس المعتدي بهما عدوانه على المقتول، فإن قتل بسيف فالمساواة الشكلية هي أن يقتص منه بالسيف، أو قتله برصاص أو بحرق أو بخنق؛ فمن حق ولي المقتول أن يطالب بقتل الجاني بنفس الطريقة التي مارسها، وعلى الحاكم أن يستجيب لطلبه.
... هذا إذا
كانت الوسيلة إلى القتل مما يجوز استعماله، أما إذا كانت لا يجوز استعمالها كأن
قتله بسحر أو بأي عمل محرم، فعند ذلك لا يكون القصاص إلا بالسيف.
من يقوم بتنفيذ القصاص؟
... إذا نظر الحاكم في جناية الجاني؛ قتلاً كانت الجناية أو دون ذلك كالقطع ونحوه، ثم حكم عليه بالقصاص؛ فلولي المقتول أن يطلب من الحاكم تمكينه من استيفاء القصاص بنفسه، وعلى الحاكم أن يمكنه من ذلك، ليشفي ولي المقتول غليله بالقصاص. ويشترط لاستيفاء ولي المقتول القصاص بنفسه شرطان اثنان:
... الشرط الأول: أن يكون ذلك بإذن من الإمام، فلو بادر واقتص من الجاني دون أن يستأذن الإمام أو الحاكم أثم، وعلى الحاكم أن يعزره بالعقوبة التي يراها من حبس أو ضرب، ولكن لا يجوز له أن يقتص منه.
هذا إذا كان في البلدة إمام أو حاكم، أما إذا وقعت الجناية حيث لا يوجد إمام أو حاكم، وكان بوسع ولي المقتول أن يقتص منه دون اندلاع فتنة فله ذلك.
... الشرط الثاني: أن يكون القصاص في قتل النفس، فأما إذا كان في الأطراف والأعضاء، فالصحيح أنه لا يجوز أن يستوفيها إلا الحاكم بنفسه، أو بنائب عنه مفوض من قبله، وعلة ذلك أنه لا يؤمن من مباشرة ولي المقتول لذلك أن يقع حيف وظلم عند الاقتصاص من الجاني، بسبب جهالته بأصول القطع وتحري المماثلة فيه. أما القتل فلا ترد فيه هذه المخاوف.
تعدد أولياء المقتول:
... وإذا كان المقتول أولياء متعددون، وأبوا إلا أن يستوفوا القصاص بأنفسهم وجب عليهم أن يفوضوا واحدا منهم بذلك نيابة عنهم، فإن اختلفوا وجب المصير إلى القرعة، ويقوم بتنفيذ القصاص من خرجت عليه القرعة من بينهم. .
من يقوم بتنفيذ القصاص؟
... إذا نظر الحاكم في جناية الجاني؛ قتلاً كانت الجناية أو دون ذلك كالقطع ونحوه، ثم حكم عليه بالقصاص؛ فلولي المقتول أن يطلب من الحاكم تمكينه من استيفاء القصاص بنفسه، وعلى الحاكم أن يمكنه من ذلك، ليشفي ولي المقتول غليله بالقصاص. ويشترط لاستيفاء ولي المقتول القصاص بنفسه شرطان اثنان:
... الشرط الأول: أن يكون ذلك بإذن من الإمام، فلو بادر واقتص من الجاني دون أن يستأذن الإمام أو الحاكم أثم، وعلى الحاكم أن يعزره بالعقوبة التي يراها من حبس أو ضرب، ولكن لا يجوز له أن يقتص منه.
هذا إذا كان في البلدة إمام أو حاكم، أما إذا وقعت الجناية حيث لا يوجد إمام أو حاكم، وكان بوسع ولي المقتول أن يقتص منه دون اندلاع فتنة فله ذلك.
... الشرط الثاني: أن يكون القصاص في قتل النفس، فأما إذا كان في الأطراف والأعضاء، فالصحيح أنه لا يجوز أن يستوفيها إلا الحاكم بنفسه، أو بنائب عنه مفوض من قبله، وعلة ذلك أنه لا يؤمن من مباشرة ولي المقتول لذلك أن يقع حيف وظلم عند الاقتصاص من الجاني، بسبب جهالته بأصول القطع وتحري المماثلة فيه. أما القتل فلا ترد فيه هذه المخاوف.
تعدد أولياء المقتول:
... وإذا كان المقتول أولياء متعددون، وأبوا إلا أن يستوفوا القصاص بأنفسهم وجب عليهم أن يفوضوا واحدا منهم بذلك نيابة عنهم، فإن اختلفوا وجب المصير إلى القرعة، ويقوم بتنفيذ القصاص من خرجت عليه القرعة من بينهم. .
... هذا ولا
بد من البيان هنا أنه إذا كان أحد أولياء الدم غائباً ينتظر حتى يأتي، وإذا كان
الجاني امرأة حاملاً انتظرها حتى تضع حملها وترضعه من لبنها حتى يستطيع الاستغناء
عنها. وكذلك إذا كان في الورثة صغير ينتظر حتى يبلغ، أو كان هناك مجنون ينتظر حتى
يفيق من جنونه، ويحبس القاتل حتى يبلغ الصبي ويفيق المجنون.
الديات
معني الدية:
الدية لغة: اسم مصدر من ودى يدي، وأصلها ودية على وزن فعلة، وهو دفع الدية. قال في مختار الصحاح: والدية واحدة الديات، والهاء عوض عن الواو، ووديت القتيل أدية دية: أعطيت ديته، واتديت أخذت ديته، وإذا أمرت منه قلت دفلاناً، وللاثنين ديا، وللجماعة دوا فلاناً.
... والدية شرعاً: اسم للمال الواجب دفعه بسبب جناية على النفس أو ما دونها، وتكون من الإبل أصالة، أو قيمتها بدلاً.
أنواع الدية:
... تنقسم الدية من حيث نوع العدوان إلى النوعين التاليين:
أ - دية نفس، وهي التي تكون في مقابل إزهاق للنفس عدواناً.
ب – دية أطراف أو أعضاء، وهي التي تكون في مقابل قطع طرف أو عضو.
... وتنقسم من حيث النظر إلى درجة القصد وعدمه في العدوان إلى النوعين التاليين:
أ - دية مغلظة، وهي دية العمد أو شبه العمد.
ب – دية مخففة، وهي دية القتل الخطأ.
مقدار الدية:
... الدية كما قلنا إما أن تكون في مقابل العدوان على النفس، أي إزهاق الروح، وإما أن تكون في مقابل العدوان على ما دون ذلك من الأعضاء والأطراف، أو في مقابل ما دون ذلك أيضاً ممن الجروح ونحوها.
دية النفس:
... لقد ذكرنا فيما مضى أنواع القتل وهي: العمد ، وشبه العمد، والقتل الخطأ. وهذه الأنواع الثلاثة ديتها مائة من الإبل، إلا أن دفعها إلى أولياء القتيل يختلف من حيث الكيف، ولا يختلف من حيث الكم، وإليك بيان ذل::
أولاً: دية العمد:
الديات
معني الدية:
الدية لغة: اسم مصدر من ودى يدي، وأصلها ودية على وزن فعلة، وهو دفع الدية. قال في مختار الصحاح: والدية واحدة الديات، والهاء عوض عن الواو، ووديت القتيل أدية دية: أعطيت ديته، واتديت أخذت ديته، وإذا أمرت منه قلت دفلاناً، وللاثنين ديا، وللجماعة دوا فلاناً.
... والدية شرعاً: اسم للمال الواجب دفعه بسبب جناية على النفس أو ما دونها، وتكون من الإبل أصالة، أو قيمتها بدلاً.
أنواع الدية:
... تنقسم الدية من حيث نوع العدوان إلى النوعين التاليين:
أ - دية نفس، وهي التي تكون في مقابل إزهاق للنفس عدواناً.
ب – دية أطراف أو أعضاء، وهي التي تكون في مقابل قطع طرف أو عضو.
... وتنقسم من حيث النظر إلى درجة القصد وعدمه في العدوان إلى النوعين التاليين:
أ - دية مغلظة، وهي دية العمد أو شبه العمد.
ب – دية مخففة، وهي دية القتل الخطأ.
مقدار الدية:
... الدية كما قلنا إما أن تكون في مقابل العدوان على النفس، أي إزهاق الروح، وإما أن تكون في مقابل العدوان على ما دون ذلك من الأعضاء والأطراف، أو في مقابل ما دون ذلك أيضاً ممن الجروح ونحوها.
دية النفس:
... لقد ذكرنا فيما مضى أنواع القتل وهي: العمد ، وشبه العمد، والقتل الخطأ. وهذه الأنواع الثلاثة ديتها مائة من الإبل، إلا أن دفعها إلى أولياء القتيل يختلف من حيث الكيف، ولا يختلف من حيث الكم، وإليك بيان ذل::
أولاً: دية العمد:
... الأصل في
القتل العمد القصاص، وبما أن القصاص من حق أولياء القتيل، فلهم أن يعفوا عن القصاص
إلى الدية، فإن عفوا إلى الدية، وجب أن تكون الدية مقسمة على ثلاثة أنواع: ثلاثون
حقة، وهي ما لها ثلاث سنوات ودخلت في الرابعة، وثلاثون جذعة، وهي ما لها أربع
سنوات وطعنت في الخامسة، وأربعون خلفة، أي حوامل.
... فان لم يكن هناك إبل، وجب أن تدفع قيمتها بالغة ما بلغت، ويجب أن تكون في مال الجاني، وتكون معجلة غير مؤجلة.
ثانياً: دية شبه التعمد:
... وهي مائة من إبل كما قلنا، وتقسم أثلاثاً: ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، والفرق بين العمد وشبه العمد، أن الدية في العمد على الجاني، أما دية شبه العمد فهي على العاقلة. وتدفع على ثلاث سنوات، في كل سنة ثلث الدية. والعاقلة هم عصبة الجاني ما عدا الأصول والفروع.
ثالثاً: دية القتل الخطأ:
... وهي مائة من الإبل مقسمة على خمسة أنواع: عشرون بنت مخاض، وهي ما لها سنة ودخلت في الثانية، وعشرون بنت لبون، وهي ما لها سنتان ودخلت في الثانية، وعشرون ابن لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة. وهي أيضاً على العاقلة، وموزعة على ثلاث سنوات.
العفو عن الدية:
... فان لم يكن هناك إبل، وجب أن تدفع قيمتها بالغة ما بلغت، ويجب أن تكون في مال الجاني، وتكون معجلة غير مؤجلة.
ثانياً: دية شبه التعمد:
... وهي مائة من إبل كما قلنا، وتقسم أثلاثاً: ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، والفرق بين العمد وشبه العمد، أن الدية في العمد على الجاني، أما دية شبه العمد فهي على العاقلة. وتدفع على ثلاث سنوات، في كل سنة ثلث الدية. والعاقلة هم عصبة الجاني ما عدا الأصول والفروع.
ثالثاً: دية القتل الخطأ:
... وهي مائة من الإبل مقسمة على خمسة أنواع: عشرون بنت مخاض، وهي ما لها سنة ودخلت في الثانية، وعشرون بنت لبون، وهي ما لها سنتان ودخلت في الثانية، وعشرون ابن لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة. وهي أيضاً على العاقلة، وموزعة على ثلاث سنوات.
العفو عن الدية:
... هذا ولا
بد من البيان هنا أن الدية بما أنها حق لأولياء القتيل فلهم العفو عنها كلاً أو
جزءاً، لأن الله تعالى شرعها حقاً للعبد، وتسوية للعلاقات الإنسانية أن لا يتهددها
الضغائن والأحقاد، فإذا عفا صاحب الحق عن حقه؛ فذلك هو الأفضل، قال الله تعالى: ?
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ
لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ
بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ
ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ
الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ? ( سورة البقرة:178 – 179 ).
... وقال سبحانه: ? وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ? ( سورة البقرة: 237 ).
دية الأعضاء والأطراف:
... في مقدار الدية ينظر إلى خطورة العضو المقطوع وأهميته، وهي بالنظر إلى ذلك إما أن تكون دية كاملة، أو بعضاً من الدية.
... فأما وجوب الدية كاملة فتثبت في قطع كلتا اليدين من مفصليهما، والرجلين، والأنف، أي قطع ما لان منه وهو المنخران والحاجز بينهما، والأنثيين، والعينين، والجفون الأربعة، واللسان، والشفتين، وقد مر بك إذهاب منافع الأعضاء وحكم ذلك.
... وقال سبحانه: ? وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ? ( سورة البقرة: 237 ).
دية الأعضاء والأطراف:
... في مقدار الدية ينظر إلى خطورة العضو المقطوع وأهميته، وهي بالنظر إلى ذلك إما أن تكون دية كاملة، أو بعضاً من الدية.
... فأما وجوب الدية كاملة فتثبت في قطع كلتا اليدين من مفصليهما، والرجلين، والأنف، أي قطع ما لان منه وهو المنخران والحاجز بينهما، والأنثيين، والعينين، والجفون الأربعة، واللسان، والشفتين، وقد مر بك إذهاب منافع الأعضاء وحكم ذلك.
الكلمات المفتاحية :
الفقه الشافعي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: