الشافعية فقه - الربا - القروض - الهبة ج 25
ما رواه جابر
- رضي الله عنه - قال : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكلَ الربا
ومُوكِلَهُ ، وكاتبَه وشاهدَيْه ، وقال :
" هم سواء " . ( أخرجه مسلم في المساقاة ، باب : لعن الله آكل الربا
وموكله ) .
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" اجتنبوا السبعَ المُوبقَات " قالوا : يا رسول الله ، وما هُنَّ ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتَّولي يوم الزحْف ، وقذْف المحصنات المؤمنات الغافلات " . ( أخرجه البخاري في الوصايا ، باب : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً } ، رقم : 2615 . ومسلم في الإيمان ، باب : بيان الكبائر وأكبرها ، رقم 89 ) .
... [ الموبقات : المهلكات . إلا بالحق : سبب جناية يعاقب عليها الشرع بالقتل . التولّي يوم الزحف : الفرار من المعركة في قتال الكفّار . قذف المحصنات المؤمنات : اتهام العفيفات عن الفواحش اللواتي يحجزهن إيمانهن عن الفجور ، ورميهن بالزنا . الغافلات : اللواتي يجهلن ما أتُّهمن به ولا يعرفن طرقه ولا يسلكنها ] .
ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" إذا ظهر الزّنا والربا في قرية فقد أحلُّوا بأنفسهم عذاب الله عز وجل " وفي رواية :" إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله بهلاكها ". ( أخرج الرواية الأولى الحاكم في مستدركه : البيوع ، باب :إذا ظهر لزنا والربا في قرية : ( 2/37) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وأخرجه أيضاً أحمد في مسنده ، والطبراني ، وأخرج الرواية الثانية الطبراني أيضاً ) .
" هم سواء " . ( أخرجه مسلم في المساقاة ، باب : لعن الله آكل الربا
وموكله ) .
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" اجتنبوا السبعَ المُوبقَات " قالوا : يا رسول الله ، وما هُنَّ ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتَّولي يوم الزحْف ، وقذْف المحصنات المؤمنات الغافلات " . ( أخرجه البخاري في الوصايا ، باب : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً } ، رقم : 2615 . ومسلم في الإيمان ، باب : بيان الكبائر وأكبرها ، رقم 89 ) .
... [ الموبقات : المهلكات . إلا بالحق : سبب جناية يعاقب عليها الشرع بالقتل . التولّي يوم الزحف : الفرار من المعركة في قتال الكفّار . قذف المحصنات المؤمنات : اتهام العفيفات عن الفواحش اللواتي يحجزهن إيمانهن عن الفجور ، ورميهن بالزنا . الغافلات : اللواتي يجهلن ما أتُّهمن به ولا يعرفن طرقه ولا يسلكنها ] .
ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" إذا ظهر الزّنا والربا في قرية فقد أحلُّوا بأنفسهم عذاب الله عز وجل " وفي رواية :" إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله بهلاكها ". ( أخرج الرواية الأولى الحاكم في مستدركه : البيوع ، باب :إذا ظهر لزنا والربا في قرية : ( 2/37) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وأخرجه أيضاً أحمد في مسنده ، والطبراني ، وأخرج الرواية الثانية الطبراني أيضاً ) .
... فهذه
النصوص كافية عمّا سواها في بيان فظاعة الربا وشدة نكارته . وحسبنا في هذا أن نصيب
اللعن – هو الطرد من رحمة الله تعالى – على كل من ساهم في التعامل الربوي ، وأن
يُعَدّ أكل الربا في جملة تلك الجرائم التي لا يُدانيها غيرها إثماً واعتداءً ،
وزوراً وبهتاناُ ، من شرك بالله تعالى – وهو نهاية الزور والباطل والافتراء – ومن
سحر – وهو دجل وتحريف وتمويه وإيذاء – إلى غير ذلك من الآثام الشنيعة .
... وليس أدل على أن الربا من أفحش ما يأتيه الإنسان أنه قرن بالزنا – الذي لا يساويه شئ في الاعتداء على الحرمات ، وفساد الأفراد والمجتمعات – وجُعل معه سبباً لا ستحقاق عذاب الاستئصال .
... من أجل ذلك كله أجمع المسلمون على حرمة الربا ، وأنه من أكبر الكبائر التي يفسق فاعلها ، ولا يقبل الله تعالى منه عملاً صالحاً حتى يتوب توبة نصوحاً من تعاطي الربا .
... بل لقد أجمعت الشرائع السماوية على حرمة الربا والتعامل به ، وأخبرنا القرآن – وهو الكتاب المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه – أن بني إسرائيل استحقّوا اللعن والعذاب والشدة والنكال ، بسبب ما اقترفته أيديهم من الآثام ، وفي طليعتها الربا وقد نهوا عنه . قال تعالى : { فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً . وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } ( النساء 160- 161 ) .
بيان وتنبيه :
... جمهور الفقهاء على أن التعامل الربوي يجري ، وتحرم المعاوضة ، متى وجدت علّة الربا فيه ، سواء أكان التعامل مع مسلم أم ذمّي أم حربي
... وليس أدل على أن الربا من أفحش ما يأتيه الإنسان أنه قرن بالزنا – الذي لا يساويه شئ في الاعتداء على الحرمات ، وفساد الأفراد والمجتمعات – وجُعل معه سبباً لا ستحقاق عذاب الاستئصال .
... من أجل ذلك كله أجمع المسلمون على حرمة الربا ، وأنه من أكبر الكبائر التي يفسق فاعلها ، ولا يقبل الله تعالى منه عملاً صالحاً حتى يتوب توبة نصوحاً من تعاطي الربا .
... بل لقد أجمعت الشرائع السماوية على حرمة الربا والتعامل به ، وأخبرنا القرآن – وهو الكتاب المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه – أن بني إسرائيل استحقّوا اللعن والعذاب والشدة والنكال ، بسبب ما اقترفته أيديهم من الآثام ، وفي طليعتها الربا وقد نهوا عنه . قال تعالى : { فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً . وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } ( النساء 160- 161 ) .
بيان وتنبيه :
... جمهور الفقهاء على أن التعامل الربوي يجري ، وتحرم المعاوضة ، متى وجدت علّة الربا فيه ، سواء أكان التعامل مع مسلم أم ذمّي أم حربي
... وقال أبو
حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى : شرط جريان الربا أن يكون بَدَلا المعاوضة التي
يتحقق فيها الربا معصومَيْن ، أي : مملوكين ملكاً لا يجوز الاعتداء عليه وأخذه من
صاحبه بغير وجه مشروع . وعليه فلو كان أحد البدلين مالاً غير معصوم ، كأن يكون
ملكاً لحربي – وهو غير مسلم الذي بين المسلمين وبين أهل بلاده غير المسلمين حرب –
فإن الربا لا يجري فيه إذا كان المسلم هو الآخذ للزيادة .
... فلو دخل تاجر مسلم دار الحرب بعقد أمان منهم ، وتعامل مع أهلها وكسب منهم مالأً عن طريق الربا ، فإنه يجوز له ذلك عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى .
... أما الذميّ – وهو المواطن غير المسلم في بلاد الإسلامية – فإن ماله معصوم باتفاق ، وكذلك المستأمن – وهو الحربي الذي يدخل بلد المسلمين بعقد أمان وإذن من حاكم المسلمين – فلا يجوز التعامل بالربا معهما ، ولا عبرة باختلاف الدين ، لأن اتحاد الدين ليس شرطاً من شروط جريان الربا بالاتفاق .
... وحجه الجمهور : أن حرمة الربا ثابتة في حق المسلمين وغير المسلمين ، لأن غير المسلمين مخاطبون بفروع الشريعة على الصحيح .
وكذلك النصوص الواردة في التعامل الربوي عامة ، ولا مخصص لها ، فتبقى على عمومها .
وحجة أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى : أن مال الحربي غير معصوم ، بل هو مباح في نفسه ، إلا أن المسلم المستأمن في دار الحرب مُنع من تملكه من غير رضاه ، لما فيه من الغدر والخيانة ، فإذا بذله الحربي باختياره ورضاه فقد زال المنع لزوال موجبه ، كالاستيلاء على الحطب والحشيش غير المحرز من قبل أحد .
... والذي ينبغي التنبيه إليه هو : أن هذا القول لا مجال للعمل به في هذه الأيام ، لأن المسلم لا يتمكن من العمل والمتاجرة في دار الحرب أو مع الحربي ، حسب القوانين والأعراف القائمة ، لذلك نرى من الأولى أن لا يتعرض الفقهاء والمفترون لهذا القول والبحث فيه .
... فلو دخل تاجر مسلم دار الحرب بعقد أمان منهم ، وتعامل مع أهلها وكسب منهم مالأً عن طريق الربا ، فإنه يجوز له ذلك عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى .
... أما الذميّ – وهو المواطن غير المسلم في بلاد الإسلامية – فإن ماله معصوم باتفاق ، وكذلك المستأمن – وهو الحربي الذي يدخل بلد المسلمين بعقد أمان وإذن من حاكم المسلمين – فلا يجوز التعامل بالربا معهما ، ولا عبرة باختلاف الدين ، لأن اتحاد الدين ليس شرطاً من شروط جريان الربا بالاتفاق .
... وحجه الجمهور : أن حرمة الربا ثابتة في حق المسلمين وغير المسلمين ، لأن غير المسلمين مخاطبون بفروع الشريعة على الصحيح .
وكذلك النصوص الواردة في التعامل الربوي عامة ، ولا مخصص لها ، فتبقى على عمومها .
وحجة أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى : أن مال الحربي غير معصوم ، بل هو مباح في نفسه ، إلا أن المسلم المستأمن في دار الحرب مُنع من تملكه من غير رضاه ، لما فيه من الغدر والخيانة ، فإذا بذله الحربي باختياره ورضاه فقد زال المنع لزوال موجبه ، كالاستيلاء على الحطب والحشيش غير المحرز من قبل أحد .
... والذي ينبغي التنبيه إليه هو : أن هذا القول لا مجال للعمل به في هذه الأيام ، لأن المسلم لا يتمكن من العمل والمتاجرة في دار الحرب أو مع الحربي ، حسب القوانين والأعراف القائمة ، لذلك نرى من الأولى أن لا يتعرض الفقهاء والمفترون لهذا القول والبحث فيه .
وإنما خالفنا
ما نراه الأولى وذكرناه من كثرة ما نسمع من استغلال له من قبل أولئك الناس الذين
يتمسكون بخيوط العنكبوت ليتوصلوا إلى تحليل الحرام ، وذلك أن الكثير من هؤلاء من
يتعاملون بالربا مع المصارف الأجنبية ، فيأكلون الربا وربما أطعموها، مدّعين أنهم
استفتوا فأفتوا بجواز ذلك ، فذكرنا هذا القول لننبّه على الحق فيه ، وهو أن القول
خاص بالحربي ، والحربي هو الذي بيننا وبين بلدة حرب قائمة بالمعنى الشرعي والعرفي
لهذا، ولا ينطبق ذلك الآن إلا على ما بيننا وبين اليهود المغتصبين لأرضنا
ومقدساتنا في فلسطين ، أما بلاد الغرب أو الشرق من غير المسلمين فليسوا بحربيين
بالمعنى الشرعي، وأن كان فريق منهم وأعواناً ومناصرين للصهاينة في الحقيقة ، إلا
أنهم لا ينطبق عليهم الحكم الذي ذكره أبو حنيفة وصاحبه رحمهما الله تعالى ، ولذلك
نقول :
... إن التعامل بالربا مع أي مصرف من المصارف الأجنبية أو الأفراد منهم حرام وممنوع ، كما لو كان في بلاد المسلمين ، هذا إذا لم يكن أشد حرمة ومنعاً ، لما فيه من إخراج الأموال من بلاد المسلمين وتسخيرها لمصلحة غيرهم ، مما يكون فيه كبير ضرر في كثير من الأحيان على مصالح البلاد الإسلامية ، ووقوعها في أزمات اقتصادية . لأننا ندخل بلادهم ويدخلون بلادنا دون عائق ، والذين قالوا بهذا القول بينوا أنه لا ينطبق على التعامل مع من دخل بلاد المسلمين بأمان من أهل الحرب ، فضلاً عمن دخلها من غيرهم .
الباب الرّابع
الَصَرْف
الصرف
معناه :
أ – في اللغة : يقع الصرف على معانٍ عدة ، منها :
... إن التعامل بالربا مع أي مصرف من المصارف الأجنبية أو الأفراد منهم حرام وممنوع ، كما لو كان في بلاد المسلمين ، هذا إذا لم يكن أشد حرمة ومنعاً ، لما فيه من إخراج الأموال من بلاد المسلمين وتسخيرها لمصلحة غيرهم ، مما يكون فيه كبير ضرر في كثير من الأحيان على مصالح البلاد الإسلامية ، ووقوعها في أزمات اقتصادية . لأننا ندخل بلادهم ويدخلون بلادنا دون عائق ، والذين قالوا بهذا القول بينوا أنه لا ينطبق على التعامل مع من دخل بلاد المسلمين بأمان من أهل الحرب ، فضلاً عمن دخلها من غيرهم .
الباب الرّابع
الَصَرْف
الصرف
معناه :
أ – في اللغة : يقع الصرف على معانٍ عدة ، منها :
... - الفضل
والزيادة ، ومنه سميّت النافلة صرفاً ، لأنها زيادة على الفريضة . جاء في الحديث :
" ذمّة المسلمين واحدةّ ، يَسْعى بها أدناهم ، فمن أخْفَرَ مسلماً فعليه لعنة
الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً " . (
أخرجه البخاري في الاعتصام باب : ما يكره من التعمّق والتنازع في العلم والغلّو في
الدين والبدع ، رقم 6870 . ومسلم في الحج ، باب : فضل المدينة ودعاء النبي - صلى
الله عليه وسلم - فيها بالبركة ، رقم 1370 ) .
[ ذمة المسلمين : إعطاؤهم الأمان لغير المسلم . يسعى بها أدناهم : عهدهم صحيح ومعتبر وينبغي أن يراعى ولو صدر من أقل واحد منهم . أخفر مسلماً : نقض عهده واعتدى على مَن أعطاه الأمان ] .
فالصرف النافلة ، والعدل الفريضة . والمعنى : لا يرضى الله تعالى من فعله لهما ولا يثيبه عليهما .
- الرد والدفع ، والنقل ، والنقل والتحويل ، جاء في القرآن قوله تعالى (فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ) ( يوسف 34 ) أي دفعه وردّه ، وقوله تعالى : (صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون) ( التوبة 127) أي حوّلها ونقلها عن الحق .
وقوله تعالى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) (الأحقاف 29 ) أي نقلناهم إليك وحوّلناهم نحوك .
ب – وفي الاصطلاح : بيع كلُّ واحد من عوضيه من جنس الأثمان ، أو : هو بيع النقد بالنقد
[ ذمة المسلمين : إعطاؤهم الأمان لغير المسلم . يسعى بها أدناهم : عهدهم صحيح ومعتبر وينبغي أن يراعى ولو صدر من أقل واحد منهم . أخفر مسلماً : نقض عهده واعتدى على مَن أعطاه الأمان ] .
فالصرف النافلة ، والعدل الفريضة . والمعنى : لا يرضى الله تعالى من فعله لهما ولا يثيبه عليهما .
- الرد والدفع ، والنقل ، والنقل والتحويل ، جاء في القرآن قوله تعالى (فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ) ( يوسف 34 ) أي دفعه وردّه ، وقوله تعالى : (صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون) ( التوبة 127) أي حوّلها ونقلها عن الحق .
وقوله تعالى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) (الأحقاف 29 ) أي نقلناهم إليك وحوّلناهم نحوك .
ب – وفي الاصطلاح : بيع كلُّ واحد من عوضيه من جنس الأثمان ، أو : هو بيع النقد بالنقد
والمراد
بالأثمان والنقد الدراهم والدنانير أو ما كان من جنسهما ، وهو الذهب والفضة مطلقاً
، سواء أكانت مضروبة أم مصوغة أم غير ذلك . ويدخل في هذا العملات المتعارفة في هذه
الأيام ، لأن لها رصيداً ذهبياً محفوظاً ، وكل قطعة منها عبارة عن وثيقة بيع أو
شراء ما يقابلها من هذا الرصيد المحفوظ . ومن الواضح أن التعامل بها في هذه الأيام
يقوم مقام التعامل بالدراهم والدنانير في الأيام السالفة ، فوجب أن تنزل منزلتها
في الحكم الشرعي .
ويصحّ بلفظ البيع والفظ الصرف .
حكم عقد الصرف من حيث مشروعيته :
... عقد الصرف عقد جائز ومشروع ، وحكمه من هذه الحيثية كحكم عقد البيع المطلق ، مع زيادة شروط سيأتي بيانها .
ودلّ على مشروعية الصرف أحاديث كثيرة وآثار عن الصحابة رضي الله عنهم سيأتي بعضها في الباب ، وعلي ذلك إجماع المسلمين .
الشروط الخاصة لصحة عقد الصرف :
من خلال تعريفنا لعقد الصرف يتبين لنا أنه عقد ربوي ، لأن كلاً من البدلين فيه مال ربوي تتحقق فيه علة الربا ، وهي الثمنية ، إذ كل من الذهب والفضة ثمن من الأثمان . وإنما أفرد هذا العقد بالكلام عنه تحت هذا العنوان لأنه خاص بما يكثر تداوله والتعامل به وهو النقد ، ولهذا كانت شروطه الخاصة به هي شروط صحة العقد الربوي ، وقد مرّت بك مفصّلة ، وسنعيدها لك موجزة هنا حسب تعلقها بعقد الصرف . وهي :
1- المماثلة عند اتحاد الجنس :
فإذا بيع الذهب بالذهب ، أو الفضة بالفضة ، فلا بد من تساوي العوضين في الوزن ، سواء أكانا مضروبين أو مصوغين أم غير ذلك ، أو كان أحدهما مصوغاً أو مضروباً والآخر غير ذلك ، وسواء أكان أحدهما جيداً والآخر رديئاً أم لا .
فإذا كان الدبلان مختلفين في الجنس ، كما إذا كان أحدهما فضة والآخر ذهباً ، جاز التفاضل بينهما وبيعهما مجازفة ، أي بدون وزن ، كما لو قال له : بعنك هذا الذهب بهذه الفضة فيجوز .
ويصحّ بلفظ البيع والفظ الصرف .
حكم عقد الصرف من حيث مشروعيته :
... عقد الصرف عقد جائز ومشروع ، وحكمه من هذه الحيثية كحكم عقد البيع المطلق ، مع زيادة شروط سيأتي بيانها .
ودلّ على مشروعية الصرف أحاديث كثيرة وآثار عن الصحابة رضي الله عنهم سيأتي بعضها في الباب ، وعلي ذلك إجماع المسلمين .
الشروط الخاصة لصحة عقد الصرف :
من خلال تعريفنا لعقد الصرف يتبين لنا أنه عقد ربوي ، لأن كلاً من البدلين فيه مال ربوي تتحقق فيه علة الربا ، وهي الثمنية ، إذ كل من الذهب والفضة ثمن من الأثمان . وإنما أفرد هذا العقد بالكلام عنه تحت هذا العنوان لأنه خاص بما يكثر تداوله والتعامل به وهو النقد ، ولهذا كانت شروطه الخاصة به هي شروط صحة العقد الربوي ، وقد مرّت بك مفصّلة ، وسنعيدها لك موجزة هنا حسب تعلقها بعقد الصرف . وهي :
1- المماثلة عند اتحاد الجنس :
فإذا بيع الذهب بالذهب ، أو الفضة بالفضة ، فلا بد من تساوي العوضين في الوزن ، سواء أكانا مضروبين أو مصوغين أم غير ذلك ، أو كان أحدهما مصوغاً أو مضروباً والآخر غير ذلك ، وسواء أكان أحدهما جيداً والآخر رديئاً أم لا .
فإذا كان الدبلان مختلفين في الجنس ، كما إذا كان أحدهما فضة والآخر ذهباً ، جاز التفاضل بينهما وبيعهما مجازفة ، أي بدون وزن ، كما لو قال له : بعنك هذا الذهب بهذه الفضة فيجوز .
وكّل ذلك مرّ
معك بأدلته في باب الربا ، فارجع إليه . وكل ما يقال في الدراهم والدنانير يقال في
العملات الرائجة الآن ، والتساوي بينها حسب نوعها المتعامل به .
2- التنجير في العقد :
فيشترط في عقد الصرف استبعاد الأجل في العوضين أو أحدهما فلو قال : اصرف لي ديناراً بعشرة دراهم ، على أن أعطيك الدينار بعد ساعة ، فقال له : صرفت لك ، وقال الأول : قبلت ، لم يصح العقد .
ودلّ على اشتراط عدم التأجيل – بالإضافة إلى ما سبق في باب الربا – ما رواه البخاري ومسلم واللفظ له – عن أبي المنهال قال : باع شريك لي ورقاً بنسيئة إلى الموسم ، أو إلى الحج ، فجاء إليّ فأخبرني ، فقلت : هذا أمر لا يصلح قال : قد بعته في السوق فلم ينكر ذلك عليّ أحد . فأتيت البراء بن عازب فسألته ، فقال : قدمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ونحن نبيع هذا البيع ، فقال : " ما كان يداً بيد فلا بأس به " وما كان نسيئة فهو رباً " وائت زيد بن أرقم ، فإنه أعظم تجارة مني . فأتيته ، فسألته فقال مثل ذلك .
وفي لفظ لدى البخاري ومسلم : سألت البراء بن عازب عن الصرف ؟ فقال : سَلْ زيد ابن أرقم ، فهو أعلم ، فسألت زيداً ، فقال : سَلِ البراء فإنَّه أعلمُ . ثم قالا : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الورق بالذهب ديناً " (البخاري : البيوع ، باب : بيع الورق بالذهب نسيئة ، رقم : 2070 ومسلم : المساقاة باب : النهي عن بيع الورق بالذهب ديناً ، رقم : 1589 ) .
[ الورق : الفضة . نسيئة : أي ديناً إلى أجل ] .
3- التقابض في مجلس العقد :
وذلك بأن يسلم كل من المتعاقدين البدل الذي في يده للآخر في مجلس العقد قبل التفرّق ، سواء أكان البدلان جنساً واحداً كالذهب بذهب أو فضة بفضة ، أم كانا جنسين مختلفين كذهب بفضة .
2- التنجير في العقد :
فيشترط في عقد الصرف استبعاد الأجل في العوضين أو أحدهما فلو قال : اصرف لي ديناراً بعشرة دراهم ، على أن أعطيك الدينار بعد ساعة ، فقال له : صرفت لك ، وقال الأول : قبلت ، لم يصح العقد .
ودلّ على اشتراط عدم التأجيل – بالإضافة إلى ما سبق في باب الربا – ما رواه البخاري ومسلم واللفظ له – عن أبي المنهال قال : باع شريك لي ورقاً بنسيئة إلى الموسم ، أو إلى الحج ، فجاء إليّ فأخبرني ، فقلت : هذا أمر لا يصلح قال : قد بعته في السوق فلم ينكر ذلك عليّ أحد . فأتيت البراء بن عازب فسألته ، فقال : قدمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ونحن نبيع هذا البيع ، فقال : " ما كان يداً بيد فلا بأس به " وما كان نسيئة فهو رباً " وائت زيد بن أرقم ، فإنه أعظم تجارة مني . فأتيته ، فسألته فقال مثل ذلك .
وفي لفظ لدى البخاري ومسلم : سألت البراء بن عازب عن الصرف ؟ فقال : سَلْ زيد ابن أرقم ، فهو أعلم ، فسألت زيداً ، فقال : سَلِ البراء فإنَّه أعلمُ . ثم قالا : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الورق بالذهب ديناً " (البخاري : البيوع ، باب : بيع الورق بالذهب نسيئة ، رقم : 2070 ومسلم : المساقاة باب : النهي عن بيع الورق بالذهب ديناً ، رقم : 1589 ) .
[ الورق : الفضة . نسيئة : أي ديناً إلى أجل ] .
3- التقابض في مجلس العقد :
وذلك بأن يسلم كل من المتعاقدين البدل الذي في يده للآخر في مجلس العقد قبل التفرّق ، سواء أكان البدلان جنساً واحداً كالذهب بذهب أو فضة بفضة ، أم كانا جنسين مختلفين كذهب بفضة .
والمراد
بالتقابض هنا التقابض الفعلي ، فلا بدّ من أن يسلم كل من المتعاقدين ما في يده
بحيث يقبضه الآخر ، فلو خلّى بينه وبينه ولم يقبضه إياه لم يصح ، لأن الشرط القبض
الكامل ، والتخلية ليست قبضاً كاملاً .
والمراد بالمجلس هنا مجلس الأبدان ، وبالتفرّق تفرّق الأبدان ، فلو تماشيا معاًً في جهة واحدة لم ينقطع المجلس ، حتى يذهب كل منهما في جهة . فإذا افترقا بأبدانهما ولم يقبض أحدهما البدل الذي في يده للآخر لم يصحّ العقد ، وكان باطلاً .
ودلّ على اشتراط التقابض قوله - صلى الله عليه وسلم - " ولا تبيعوا منها غائباً بناجز " والناجز الحاضر ، وقوله " إلا هاءَ وهاءَ " أي خذ وخذ . وقد مرّ هذا عند الكلام عن أنواع الربا .
وروى مالك مثله عن عمر رضي الله عنه موقوفاً ، وفيه زيادة " وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تُنْظرْه " إني أخاف عليكم الرّماء " ( الموطأ : البيوع ، باب : بيع الذهب بالفضة تيراً وعيناً(1) : 2/632 ) .
[ والرماء : هو الربا . يلج : يدخل ] .
وعن مالك بن أوس بن الحدثان : أنه التمس صرفاً بمائة دينار ، قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضْنا حتى اصْطَرَف منِّي ، وأخذ الذهب يقلِّبُها في يده ثم قال : حتى يأتيَنِي خازني من الغابَةِ وعمر بن الخطاب يسمع ، فقال عمر : والله لا تفارقه حتى تأخذ منه . ثم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الذهب بالوَرِق رباً إلا هاءَ وهاءَ ، والبُرّ بالبُرّ إلا هاءَ وهاءَ والتمرُ بالتمر إلا هاء وهاء ، والشعيرُ بالشعير رباً إلا هاءَ وهاءَ ( البخاري: البيوع ، باب : بيع الشعير بالشعير ، رقم : 2065. ومسلم المساقاة : ، باب الرف وبيع الذهب بالورق نقداً ، رقم : 1586 . ومالك في الموطأ : البيوع باب : ما جاء في الصرف : 2/636 . واللفظ لمالك رحمه الله تعالى ) .
__________
(1) التبر : الذهب غير المضروب . العين : الذهب المضروب .
والمراد بالمجلس هنا مجلس الأبدان ، وبالتفرّق تفرّق الأبدان ، فلو تماشيا معاًً في جهة واحدة لم ينقطع المجلس ، حتى يذهب كل منهما في جهة . فإذا افترقا بأبدانهما ولم يقبض أحدهما البدل الذي في يده للآخر لم يصحّ العقد ، وكان باطلاً .
ودلّ على اشتراط التقابض قوله - صلى الله عليه وسلم - " ولا تبيعوا منها غائباً بناجز " والناجز الحاضر ، وقوله " إلا هاءَ وهاءَ " أي خذ وخذ . وقد مرّ هذا عند الكلام عن أنواع الربا .
وروى مالك مثله عن عمر رضي الله عنه موقوفاً ، وفيه زيادة " وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تُنْظرْه " إني أخاف عليكم الرّماء " ( الموطأ : البيوع ، باب : بيع الذهب بالفضة تيراً وعيناً(1) : 2/632 ) .
[ والرماء : هو الربا . يلج : يدخل ] .
وعن مالك بن أوس بن الحدثان : أنه التمس صرفاً بمائة دينار ، قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضْنا حتى اصْطَرَف منِّي ، وأخذ الذهب يقلِّبُها في يده ثم قال : حتى يأتيَنِي خازني من الغابَةِ وعمر بن الخطاب يسمع ، فقال عمر : والله لا تفارقه حتى تأخذ منه . ثم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الذهب بالوَرِق رباً إلا هاءَ وهاءَ ، والبُرّ بالبُرّ إلا هاءَ وهاءَ والتمرُ بالتمر إلا هاء وهاء ، والشعيرُ بالشعير رباً إلا هاءَ وهاءَ ( البخاري: البيوع ، باب : بيع الشعير بالشعير ، رقم : 2065. ومسلم المساقاة : ، باب الرف وبيع الذهب بالورق نقداً ، رقم : 1586 . ومالك في الموطأ : البيوع باب : ما جاء في الصرف : 2/636 . واللفظ لمالك رحمه الله تعالى ) .
__________
(1) التبر : الذهب غير المضروب . العين : الذهب المضروب .
وبهذا يُعلم
أن ما يجري بين الكثير من الناس من عقود صرف – أي بيع العملات بعضها ببعض – بدون
تقابض ، وربما كان بالهاتف ، فهي عقود باطلة ، والكسب بها كسب خبيث .
استبدال بدل الصرف بغيره أو التصرف به قبل قبضه :
لا يصحّ استبدال بدل الصرف بغيره قبل قبضه ، فلو تصارفا مائة درهم من فضة مثلاً بسوار من ذهب ، وقبل أن يقبض كل منهما أو أحدهما البدل من الآخر استبدل بما استحقه من بدل شيئاً آخر ، فإنه لا يصحّ ذلك ، لأنه لم يحصل التقابض في البدلين اللذين جرى عليهما التعاقد . فإذا ردّ ما استبدل به بدل الصرف في نفس المجلس ، وقبض البدل الذي جرى عليه التعاقد قبل التفرق ، صحّ العقد .
وكذلك ليس لأحد المتعاقدين التصرّف بما استحقه من بدل قبل قبضه ، كأن يبيعه أو يهبه ، لأن في ذلك تفويتاً للقبض الذي هو شرط صحة عقد الصرف .
وبهذا يتبين – أيضاً – بطلان ما يجري من تبايع للنقد ، من مُشترٍ إلى مشترٍ آخر .. وهكذا ، دون أن يقبض أحدهما ما باعه ممن اشتراه منه ، بل ربما حصل التبايع من واحدٍ لآخر ولثالث على الهاتف ، فكل هذه العقود باطلة ، والكسب بها كسب خبيث .
4- أن يكون العقد باتاً :
أي ليس فيه شرط الخيار لأحد المتعاقدين أو لهما ، فلو تصارفا على أنهما – أو أحدهما – بالخيار يوماً أو يومين ، أو أكثر أو أقل ، لم يصحّ الصرف ، لأن الشرط صحته التقابض كما علمت ، والخيار يمنع ثبوت الملك ، فينعدم التقابض حقيقة بانعدام المالك ، فلم يصحّ الصرف لعدم تحقق شرط من شروطه .
خيار الرؤية وخيار العيب :
عقد الصرف يصحّ على مُعَيَّنَيْن ، كما لو قال : بعتك أو صارفتك هذا الدينار بهذه الدراهم . وعلى موصوفين في الذمة ، كما لو قال : بعتك عقْداً من الذهب صفته كذا في ذمتي بمائة غرام من الذهب في ذمتك ، أو بسوار من الفضة يصفه له الآخر في ذمته ، فإن ذلك جائز إذا أخرجا البدلين وتقابضا قبل التفرّق على ما علمت .
استبدال بدل الصرف بغيره أو التصرف به قبل قبضه :
لا يصحّ استبدال بدل الصرف بغيره قبل قبضه ، فلو تصارفا مائة درهم من فضة مثلاً بسوار من ذهب ، وقبل أن يقبض كل منهما أو أحدهما البدل من الآخر استبدل بما استحقه من بدل شيئاً آخر ، فإنه لا يصحّ ذلك ، لأنه لم يحصل التقابض في البدلين اللذين جرى عليهما التعاقد . فإذا ردّ ما استبدل به بدل الصرف في نفس المجلس ، وقبض البدل الذي جرى عليه التعاقد قبل التفرق ، صحّ العقد .
وكذلك ليس لأحد المتعاقدين التصرّف بما استحقه من بدل قبل قبضه ، كأن يبيعه أو يهبه ، لأن في ذلك تفويتاً للقبض الذي هو شرط صحة عقد الصرف .
وبهذا يتبين – أيضاً – بطلان ما يجري من تبايع للنقد ، من مُشترٍ إلى مشترٍ آخر .. وهكذا ، دون أن يقبض أحدهما ما باعه ممن اشتراه منه ، بل ربما حصل التبايع من واحدٍ لآخر ولثالث على الهاتف ، فكل هذه العقود باطلة ، والكسب بها كسب خبيث .
4- أن يكون العقد باتاً :
أي ليس فيه شرط الخيار لأحد المتعاقدين أو لهما ، فلو تصارفا على أنهما – أو أحدهما – بالخيار يوماً أو يومين ، أو أكثر أو أقل ، لم يصحّ الصرف ، لأن الشرط صحته التقابض كما علمت ، والخيار يمنع ثبوت الملك ، فينعدم التقابض حقيقة بانعدام المالك ، فلم يصحّ الصرف لعدم تحقق شرط من شروطه .
خيار الرؤية وخيار العيب :
عقد الصرف يصحّ على مُعَيَّنَيْن ، كما لو قال : بعتك أو صارفتك هذا الدينار بهذه الدراهم . وعلى موصوفين في الذمة ، كما لو قال : بعتك عقْداً من الذهب صفته كذا في ذمتي بمائة غرام من الذهب في ذمتك ، أو بسوار من الفضة يصفه له الآخر في ذمته ، فإن ذلك جائز إذا أخرجا البدلين وتقابضا قبل التفرّق على ما علمت .
وعلى هذا :
فللعاقد الذي لم يرَ البدل الذي تعاقد عليه أن يأخذه حين يخرج له ويراه ، وأن
يردّه إن وجد على غير الصفة التي وصف بها ، ويلزمه قبوله إن وجد على الصفة التي
وصف به .
وكذلك إذا قبض كل من المتصارفين بدله من الآخر ، سواء أكان معيناً أم موصوفاً في الذمة ، ثم وجد فيه عيباً : فله ردّه بالعيب وفسخ الصرف واسترداد ما دفعه للآخر من بدل . وله الرضا به وإمضاء العقد وعدم فسخه .
وبهذا يعلم أن خيار الرؤية وخيار العيب يثبتان في عقد الصرف ولا يمنعان من صحته ، لأنهما لا يمنعان من الملك ، فلا يمنعان من التقابض الذي هو شرط صحة هذا العقد .
البَاب الخَامس
القرض
القرض
تعريفه :
هو في اللغة : القطع ، قال في " المصباح المنير " : ( قرضت الشيء قرضاً قطعته . ويطلق اسماً على ما تعطيه غيرك من المال لتُقضاه ، وسمي بذلك لما فيه من قطع يد مالكه عنه ) .
وهو في اصطلاح الفقهاء : تمليك شيء مالي للغير على أن يردّ بدله من غير زيادة .
وسمي قرضاً ، لأن المقرض يقطع جزءاً من ماله ليعطيه إلى المقترض ، ففيه معنى القرض الغوي .
ويسميه أهل الحجاز سلفاً ، ولذلك يصحّ بلفظ أسلفت ، كما سيأتي .
مشروعيته :
القرض جائز ومشروع ، ويجوز سؤاله لمحتاجه ولا نقص عليه ، بل وهو مندوب إليه في حق من سُئِلَه . دل على ذلك الكتاب وصريح السنّة وإجماع الأُمة :
أما الكتاب :
فقوله تعالى : { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً }البقرة245 . والقرض لله تعالى يتناول الصدقات كما يتناول القرض للعباد .
وأما السنة :
وكذلك إذا قبض كل من المتصارفين بدله من الآخر ، سواء أكان معيناً أم موصوفاً في الذمة ، ثم وجد فيه عيباً : فله ردّه بالعيب وفسخ الصرف واسترداد ما دفعه للآخر من بدل . وله الرضا به وإمضاء العقد وعدم فسخه .
وبهذا يعلم أن خيار الرؤية وخيار العيب يثبتان في عقد الصرف ولا يمنعان من صحته ، لأنهما لا يمنعان من الملك ، فلا يمنعان من التقابض الذي هو شرط صحة هذا العقد .
البَاب الخَامس
القرض
القرض
تعريفه :
هو في اللغة : القطع ، قال في " المصباح المنير " : ( قرضت الشيء قرضاً قطعته . ويطلق اسماً على ما تعطيه غيرك من المال لتُقضاه ، وسمي بذلك لما فيه من قطع يد مالكه عنه ) .
وهو في اصطلاح الفقهاء : تمليك شيء مالي للغير على أن يردّ بدله من غير زيادة .
وسمي قرضاً ، لأن المقرض يقطع جزءاً من ماله ليعطيه إلى المقترض ، ففيه معنى القرض الغوي .
ويسميه أهل الحجاز سلفاً ، ولذلك يصحّ بلفظ أسلفت ، كما سيأتي .
مشروعيته :
القرض جائز ومشروع ، ويجوز سؤاله لمحتاجه ولا نقص عليه ، بل وهو مندوب إليه في حق من سُئِلَه . دل على ذلك الكتاب وصريح السنّة وإجماع الأُمة :
أما الكتاب :
فقوله تعالى : { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً }البقرة245 . والقرض لله تعالى يتناول الصدقات كما يتناول القرض للعباد .
وأما السنة :
- فما رواه
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
يتقاضاه دَيْناً كان علْيه ، فاشْتَدَّ عليه حتّى قال له : أُحَرَّجُ عليك إلاّ
قضَيْتني . فاْنَتَهرهُ أصحابُه وقالوا : ويْحَكَ ، تدري مع من تَكَلَّمَ ؟ قال :
إني اطلبُ حقي . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " هلا مع صاحب الحق
كنتم " ثم أرسل إلى خولة بنت قيس فقال لها : " إن كان عندَك تمرّ
فأقرضينا حتى يأتينا تَمْر فنقضيك " فقالت : نعم ، بأبي أنت يا رسولَ الله .
قال : فأقَرضته ، فقضى الأعرابي وأطعمه ، فقال : أوفيتَ أوفى الله لك . فقال
" أولئك خيارُ النّاس، إنه لا قُدِّسَتْ أمّة لا يأخُذُ الضعيفُ فيها حقَّه
غير مُتَعْتَع " ( أخرجه ابن ماجه في كتاب الصدقات ، باب : لصاحب الحق سلطان
، رقم : 2426 ) .
[ أُحّرج عليك : أضيِّق عليك ؟ غير متعتَع : من غير أن يصيبه أذى يقلقه ويزعجه ] .
ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " ما من مسلمٍ يُقْرضُ مسلماً قرضاً مرتين إلاّ كان كصدقَتها مَرَّةْ " ( أخرجه ابن ماجه في الصدقات ، باب : القرض ، رقم : 2430 . وابن حبّان : الزوائد : البيوع، باب : ما جاء في القرض ، رقم : 1115 ) .
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أخذ أموال الناس يريدُ أداءها أدّى الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله " (أخرجه البخاري في الاستقراض وأداء الديون ، باب : من أخذ أموال الناس .. ، رقم : 2257 ).
وأما الإجماع :
فإن الأمة لا تزال تتعامل به من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عصرنا هذا ، والعلماء يُقِرّونه ، من غير أن ينكر ذلك واحد منهم .
حكمة تشريعه :
[ أُحّرج عليك : أضيِّق عليك ؟ غير متعتَع : من غير أن يصيبه أذى يقلقه ويزعجه ] .
ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " ما من مسلمٍ يُقْرضُ مسلماً قرضاً مرتين إلاّ كان كصدقَتها مَرَّةْ " ( أخرجه ابن ماجه في الصدقات ، باب : القرض ، رقم : 2430 . وابن حبّان : الزوائد : البيوع، باب : ما جاء في القرض ، رقم : 1115 ) .
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أخذ أموال الناس يريدُ أداءها أدّى الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله " (أخرجه البخاري في الاستقراض وأداء الديون ، باب : من أخذ أموال الناس .. ، رقم : 2257 ).
وأما الإجماع :
فإن الأمة لا تزال تتعامل به من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عصرنا هذا ، والعلماء يُقِرّونه ، من غير أن ينكر ذلك واحد منهم .
حكمة تشريعه :
إن الحكمة من
تشريع القرض واضحة جليّة ، وهي تحقيق ما أراده الله تعالى من التعاون على البرّ
والتقوى بين المسلمين ، وتمتين روابط الأخوّة بينهم بالتنادي إلى مدّ يد العون إلى
مَن ألمّت به فاقه أو وقع في شدة ، والمسارعة إلى تفريج بعضهم كربة بعض ، فلربما
تلكأ الناس عن دفع المال على وجه الهبة أو الصدقة ، فيكون القرض هو الوسيلة
الناجحة في تحقيق التعاون وفعل الخير ، والله تبارك وتعالى يقول : {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا
الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } الحج77
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " المسلم أخو المسلم : لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة " ( أخرجه البخاري في المظالم ، باب : لا يظلم المسلم ولا يسلمه ، رقم : 2310 . ومسلم في البرّ والصلة والآداب ، باب : تحريم الظلم ، رقم : 2580 ) . ويقول " والله في عَوْن العبد ما كان العبدُ في عون أخيه " ( أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة ، باب : فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر ، رقم : 2699 ) .
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " المسلم أخو المسلم : لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة " ( أخرجه البخاري في المظالم ، باب : لا يظلم المسلم ولا يسلمه ، رقم : 2310 . ومسلم في البرّ والصلة والآداب ، باب : تحريم الظلم ، رقم : 2580 ) . ويقول " والله في عَوْن العبد ما كان العبدُ في عون أخيه " ( أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة ، باب : فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر ، رقم : 2699 ) .
وأبلغ حكمة
لتشريع القرض هو القضاء على استغلال عوز المعوزين وحاجة المحتاجين ، إذ الغالب أن
المكلّف لا يقترض إلا وهو في حاجة ، فإذا لم يكن القرض الحسن كان الربا وكان
الاستغلال – كما هو الحال لدى مَن لا يتعاطون القرض الحسن – ولهذا جاء في الحديث
أن أجر القرض يفوق أجر الصدقة . فقد روى أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - "رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوباً : الصدقة
بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر . فقلت : يا جبريل : ما بالُ القرض أفضلُ من
الصدقة ؟ قال لأن السائل يسأل وعنده ، والمستقرضُ لا يستقرض إلا من حاجة " (
أخرجه ابن ماجه في الصدقات ، باب : القرض ، رقم : 2431 ) .
حكم القرض من حيث الوصف الشرعي القائم به :
... مما سبق من أدلة على مشروعية القرض نعلم أنه مندوب في حق المُقْرض ، مباح في حق المقترض . وهذا حكمه في حالته العادية ، وقد تعتريه حالات يتغيّر فيها حكمه حسب الغرض الذي يقترض من أجله ، فيكون :
حراماً : إذا أقرضه وهو يعلم أنه يقترض لينفق المال في محرم ، كشرب خمر أو لعب قمار ونحو ذلك .
مكروهاً : إذ كان يعلم أن يفترض المال ليصرفه في غير مصلحة ، أو ليبذخ فيه ويبدِّدَه . أو كان المستقرض يعلم من نفسه العجز عن وفاء ما يستقرضه .
واجباً : كأن يعلم أن المقترض يحتاج إليه لينفقه على نفسه وعلى أهله وعياله في القدر المشروع ، لا طريق له لتحصيل هذه النفقة إلا اقتراضه منه .
أركان القرض :
للقرض أركان ثلاثة ، وهي : صيغة ، وعاقد ، ومعقود عليه .
الصيغة :
وهي إيجاب وقبول ، كأقرضتك واقترضت . ولا يشترط لفظ القرض ، بل يصحّ بكل لفظ يؤدي معناه كأسلفتك وملكتكه ببدله وخذه بمثله ، وقول المقترض : استلفت وتملّكته ببدله ، ونحو ذلك .
ويصحّ أيضاً بلفظ الماضي والأمر ، كقوله : أقرضني وأسلفني ، واقترض منّي واستلف ، ونحوها ، لما اعتاده الناس فيه من المسامحة .
حكم القرض من حيث الوصف الشرعي القائم به :
... مما سبق من أدلة على مشروعية القرض نعلم أنه مندوب في حق المُقْرض ، مباح في حق المقترض . وهذا حكمه في حالته العادية ، وقد تعتريه حالات يتغيّر فيها حكمه حسب الغرض الذي يقترض من أجله ، فيكون :
حراماً : إذا أقرضه وهو يعلم أنه يقترض لينفق المال في محرم ، كشرب خمر أو لعب قمار ونحو ذلك .
مكروهاً : إذ كان يعلم أن يفترض المال ليصرفه في غير مصلحة ، أو ليبذخ فيه ويبدِّدَه . أو كان المستقرض يعلم من نفسه العجز عن وفاء ما يستقرضه .
واجباً : كأن يعلم أن المقترض يحتاج إليه لينفقه على نفسه وعلى أهله وعياله في القدر المشروع ، لا طريق له لتحصيل هذه النفقة إلا اقتراضه منه .
أركان القرض :
للقرض أركان ثلاثة ، وهي : صيغة ، وعاقد ، ومعقود عليه .
الصيغة :
وهي إيجاب وقبول ، كأقرضتك واقترضت . ولا يشترط لفظ القرض ، بل يصحّ بكل لفظ يؤدي معناه كأسلفتك وملكتكه ببدله وخذه بمثله ، وقول المقترض : استلفت وتملّكته ببدله ، ونحو ذلك .
ويصحّ أيضاً بلفظ الماضي والأمر ، كقوله : أقرضني وأسلفني ، واقترض منّي واستلف ، ونحوها ، لما اعتاده الناس فيه من المسامحة .
ولابدّ من
الصيغة ، أي الإيجاب من المقرض والقبول من المقترض ، لأنها عنوان التراضي ، وهو
المبدأ الذي تقوم عليه العقود ولا تكفي المعاطاة ، كأن يقول : أقرضني ، فيعطيه
المطلوب ويأخذه .
العاقد ، وهو المقرض والمقترض ، ويشترط فيهما :
أ – الرشد ، وهو الاتّصاف بالبلوغ والصلاح في الدِّين والمال ، لأن القرض عقد معاوضة مالية ، والرشد في العاقد شرط في صحة عقود المعاوضة ، فلا يصحّ الإقراض ولا الاستقراض من صبي ولا مجنون ولا محجور عليه لسفه ، لأن كلاً منهم غير جائز التصرّف في المال .
ب – الاختيار : فلا يصحّ من مكرَهٍ لأن الإكراه يفقد الرضا .
ج – أهلية التبرع في المقرض فيما يقرضه : لأن القرض فيه شائبة تبرع ، فيجب أن يكون المقرض أهلاً له ، فلا يصحّ من الولي أن يقرض من مال من تحت ولايته لغير حاجة أو ضرورة .
3- المعقود عليه وهو المال المقرض محل القرض :
لا تُُشترط في المال المقرض أن يكون مثلياً ، بل يجوز قرض كل مال يُملك بالبيع ، ويضبط بالوصف على وجه لا يبقى معه إلا تفاوت يسير ، ويصح أن يُسْلَم فيه .
وعلى هذا : يصحّ القرض في الدراهم والدنانير ، والقمح والشعير ، والبيض واللحم وغير ذلك من المثليات . ويصحّ القرض في الحيوانات والعقارات وغيرها من القيميات التي تنضبط بالوصف . ولا تثبت في الذمة ، ففي صحة القرض فيها قولان : والأصح أنه لا يجوز ، لأن ما لا ينضبط بالوصف يتعذر أو يعسر رد بدله .
والدليل على ما ذكر :
العاقد ، وهو المقرض والمقترض ، ويشترط فيهما :
أ – الرشد ، وهو الاتّصاف بالبلوغ والصلاح في الدِّين والمال ، لأن القرض عقد معاوضة مالية ، والرشد في العاقد شرط في صحة عقود المعاوضة ، فلا يصحّ الإقراض ولا الاستقراض من صبي ولا مجنون ولا محجور عليه لسفه ، لأن كلاً منهم غير جائز التصرّف في المال .
ب – الاختيار : فلا يصحّ من مكرَهٍ لأن الإكراه يفقد الرضا .
ج – أهلية التبرع في المقرض فيما يقرضه : لأن القرض فيه شائبة تبرع ، فيجب أن يكون المقرض أهلاً له ، فلا يصحّ من الولي أن يقرض من مال من تحت ولايته لغير حاجة أو ضرورة .
3- المعقود عليه وهو المال المقرض محل القرض :
لا تُُشترط في المال المقرض أن يكون مثلياً ، بل يجوز قرض كل مال يُملك بالبيع ، ويضبط بالوصف على وجه لا يبقى معه إلا تفاوت يسير ، ويصح أن يُسْلَم فيه .
وعلى هذا : يصحّ القرض في الدراهم والدنانير ، والقمح والشعير ، والبيض واللحم وغير ذلك من المثليات . ويصحّ القرض في الحيوانات والعقارات وغيرها من القيميات التي تنضبط بالوصف . ولا تثبت في الذمة ، ففي صحة القرض فيها قولان : والأصح أنه لا يجوز ، لأن ما لا ينضبط بالوصف يتعذر أو يعسر رد بدله .
والدليل على ما ذكر :
أ – حديث أبي
رافع ، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنه : أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - اسْتَلَفَ من رجل بَكْرَاًُ ، فقدمت عليه إبل الصدقة ، فأمر أبا رافع
أن يقضيَ الرجل بكره ، فقال : لا أجد إلا خياراً رباعياً ؟ فقال : " أعطه
إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاءً " . ( أخرجه مسلم في المساقاة ، باب : من
استلف شيئاً فقضى خيراً منه ، رقم : 1600 . وأخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله
عنه في الوكالة ، باب : الوكالة في قضاء الديون ، رقم : 2183 ، مع اختلاف في بعض
الألفاظ ) .
[ بكراً : البكر الفتي من الإبل . خياراً : مختاراً جيداً . رباعياً : هو ما أتى عليه ست سنين من الإبل ودخل في السابعة ، وهو الذي طلعت رباعيته، وهي السِّنّ التي بين الثنية والناب ، والثنية إحدى السِّنَّيْنِ اللتين في مقدمة الأسنان ] .
وواضح أن البكر ليس مثلياً ، فدل ذلك على عدم اشتراط المثلية في المال المقَرض محل القرض .
ب – أن ما أمكن ضبطه بالوصف يعطي حكم المثلي لشبهه به ، فيصح القرض به لذلك .
ويشترط في محل القرض :
أ – أن يكون معلوم القدر عند القرض – كيلاً أو وزناً أو عدداً أو ذرعاً – ليتمكن من رد بدله
فلو أقرضه دراهم لا يعلم عددها ، أو طعاماً لا يعلم كيله أو وزنه ، لم يصحّ القرض ، وكذلك لو أقرضه مطبوخاً لم يصحّ القرض ، لاختلاف كميته بالنضج وجهل مقدار نضجه .
والعبرة في كون الشيء مكيلاً أو غيره تحديد الشرع ، فإن لم يوجد فالمرجع العرف ، على ما علمت في باب الربا .
ب – أن يكون المال المقرض جنساً لم يختلط به غيره ، لأن يتعذر في هذه الحالة رد بدله ، ولاسيما إذا جهلت مقادير الخليط . فلا يجوز قرض قمح مخلوط بشعير ، ولا لبن بماءٍ .
اقتراض الخبز :
أجاز العلماء اقتراض الخبز وزناً وعدداً ، لجريان العرف بذلك في جميع العصور من غير إنكار . واستثنوا ذلك من منع ما اختلط بغيره وما لا ينضبط .
[ بكراً : البكر الفتي من الإبل . خياراً : مختاراً جيداً . رباعياً : هو ما أتى عليه ست سنين من الإبل ودخل في السابعة ، وهو الذي طلعت رباعيته، وهي السِّنّ التي بين الثنية والناب ، والثنية إحدى السِّنَّيْنِ اللتين في مقدمة الأسنان ] .
وواضح أن البكر ليس مثلياً ، فدل ذلك على عدم اشتراط المثلية في المال المقَرض محل القرض .
ب – أن ما أمكن ضبطه بالوصف يعطي حكم المثلي لشبهه به ، فيصح القرض به لذلك .
ويشترط في محل القرض :
أ – أن يكون معلوم القدر عند القرض – كيلاً أو وزناً أو عدداً أو ذرعاً – ليتمكن من رد بدله
فلو أقرضه دراهم لا يعلم عددها ، أو طعاماً لا يعلم كيله أو وزنه ، لم يصحّ القرض ، وكذلك لو أقرضه مطبوخاً لم يصحّ القرض ، لاختلاف كميته بالنضج وجهل مقدار نضجه .
والعبرة في كون الشيء مكيلاً أو غيره تحديد الشرع ، فإن لم يوجد فالمرجع العرف ، على ما علمت في باب الربا .
ب – أن يكون المال المقرض جنساً لم يختلط به غيره ، لأن يتعذر في هذه الحالة رد بدله ، ولاسيما إذا جهلت مقادير الخليط . فلا يجوز قرض قمح مخلوط بشعير ، ولا لبن بماءٍ .
اقتراض الخبز :
أجاز العلماء اقتراض الخبز وزناً وعدداً ، لجريان العرف بذلك في جميع العصور من غير إنكار . واستثنوا ذلك من منع ما اختلط بغيره وما لا ينضبط .
حكم القرض من
حيث الأثر الذي يترتب عليه :
إذا صح القرض ترتب عليه حكمه ، وهو : انتقال ملكية المال المقترَض من المقرض إلى المستقرض على وجه يلتزم معه بردّ بدله حال طلب المقرض له . وهل تنتقل هذه الملكية بقبض العين المستقرضة أو بالتصرف فيها ؟
والقول الأصح : أن المستقرض يملك العين المستقرضة بالقبض ، لأنه يجوز له التصرّف فيه بعد القبض باتفاق ، فدل على ثبوت ملكيته له قبله ، إذ لو لم يملكه بالقبض لما جاز له التصرّف فيه .
وعلى هذا : إذا تم عقد القرض ، وقبض المستقرض العين المستقرضة : فعلى قول : ليس للمقرض استردادها منه إلا برضاه ، ولكن له استرداد بدله ، لأنه الواجب بعقد القرض .
والأصح : أن للمقرض الرجوع بالعين المستقرضة ما دامت باقية على حالها ، ولم تتعلق بها حقوق لازمة للغير ، ولا يمنع ذلك من القول بملكية المستقرض لها بالقبض . لأن للمقرض المطالبة ببدل المستقرَض عند فقده ، فالمطالبة بعينه – إذا كان قائماً – أولى ، لأنه أقرب منه ، فيلزم المستقرض رده إذا طالب به المقرض .
- أما إذا كانت العين قائمة ، ولكنها لم تبق على حالها – كما لو كانت شاة فذبحت ، أو حنطة فطحنت – أو تعلق بها حق زم للغير – كأن رهنها المستقرض – فليس للمقرض حق الرجوع بها واستردادها بعينها .
أما لو أجر المستقرض العين المستقرضة فللمقرض الرجوع بها واستردادها، بخلاف الرهن ، لأن للمرتهن حقاً لازماً يتعلق بالعين المرهونة ، أما المستأجر فليس له ذلك .
وكذلك له استردادها ولو زادت زيادة متصلة أو منفصلة ، لأن المتصلة تبع للأصل ، وأما المنفصلة : فإنها لا تمنع استرداد الأصل ، وإن كان المستقرض يملكها ، لأنها حصلت على ملكه .
ولا خلاف أن للمستقرض ردّ عين القرض على المقرض ، وليس للمقرض أن يطالبه برد بدله من مثل أو قيمة .
إذا صح القرض ترتب عليه حكمه ، وهو : انتقال ملكية المال المقترَض من المقرض إلى المستقرض على وجه يلتزم معه بردّ بدله حال طلب المقرض له . وهل تنتقل هذه الملكية بقبض العين المستقرضة أو بالتصرف فيها ؟
والقول الأصح : أن المستقرض يملك العين المستقرضة بالقبض ، لأنه يجوز له التصرّف فيه بعد القبض باتفاق ، فدل على ثبوت ملكيته له قبله ، إذ لو لم يملكه بالقبض لما جاز له التصرّف فيه .
وعلى هذا : إذا تم عقد القرض ، وقبض المستقرض العين المستقرضة : فعلى قول : ليس للمقرض استردادها منه إلا برضاه ، ولكن له استرداد بدله ، لأنه الواجب بعقد القرض .
والأصح : أن للمقرض الرجوع بالعين المستقرضة ما دامت باقية على حالها ، ولم تتعلق بها حقوق لازمة للغير ، ولا يمنع ذلك من القول بملكية المستقرض لها بالقبض . لأن للمقرض المطالبة ببدل المستقرَض عند فقده ، فالمطالبة بعينه – إذا كان قائماً – أولى ، لأنه أقرب منه ، فيلزم المستقرض رده إذا طالب به المقرض .
- أما إذا كانت العين قائمة ، ولكنها لم تبق على حالها – كما لو كانت شاة فذبحت ، أو حنطة فطحنت – أو تعلق بها حق زم للغير – كأن رهنها المستقرض – فليس للمقرض حق الرجوع بها واستردادها بعينها .
أما لو أجر المستقرض العين المستقرضة فللمقرض الرجوع بها واستردادها، بخلاف الرهن ، لأن للمرتهن حقاً لازماً يتعلق بالعين المرهونة ، أما المستأجر فليس له ذلك .
وكذلك له استردادها ولو زادت زيادة متصلة أو منفصلة ، لأن المتصلة تبع للأصل ، وأما المنفصلة : فإنها لا تمنع استرداد الأصل ، وإن كان المستقرض يملكها ، لأنها حصلت على ملكه .
ولا خلاف أن للمستقرض ردّ عين القرض على المقرض ، وليس للمقرض أن يطالبه برد بدله من مثل أو قيمة .
والقول الثاني
في وقت انتقال الملكية : إن المستقرض لا يملك المقال المقترَض إلا بالتصرّف المزيل
للملك ، كالهبة أو البيع أو الَهلاك أو الاستهلاك ، لأن الملك يتبين به ، ولأن
للمقترض الرجوع بها قبل ذلك ، كما أن للمستقرض أن يردّها، ولو ملكها المستقرض
بالقبض لم يملك واحد منهما فسخ ذلك الملك ، ولم يكن لهما حق الرد أو الاسترداد .
وعلى هذا القول : للمقرض استرداد العين المستقرضة ما دامت في يد المستقرض – على النحو السابق – قولاً واحداً ، لأنها ما زالت على ملكه ، ولم تدخل في ملك المستقرض .
وتظهر فائدة الخلاف بين القولين فيما إذا كان للمال المستقرض نفقة أو منفعة: - فعلى القول بثبوت الملك بالقبض يكون على المستقِرض نفقته ، وله منفعته من حين القبض ، ولو لم يتصرف فيه .
- وعلى القول بثبوت الملك بالتصرف تكون نفقته على المقرض ، وله منفعته من حين القبض على وقت التصرف .
ما يجب رده بدل القرض :
علمنا أن المال المقترض ينبغي أن يكون مثلياً أو أن يكون قيمياً ينضبط بالوصف ، وعليه :
فيجب ردّ المثل إذا كان محل القرض مالاً مثلياً وكان موجوداً ، فإذا انعدم وجب ردُّ قيمته
وإن كان محل القرض مالاً قيمياً وجب ردّ مثله صورة ، كما لو اقترض شاة ، فإنه يردّ شاة بدلها بنفس أوصافها ، لحديث أبي رافع رضي الله عنه الذي مرّ معنا ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يقضي الرجل بكراً بدل بَكْره .
وقيل : يجب ردّ القيمة في القيمي ، لأن ما يضمن بالمثل إن كان له مثل يضمن بالقيمة إذا لم يكن له مثل .
وعلى القول بوجوب القيمة :
فالواجب القيمة يوم القبض ، على القول بأن العين المستقرَضة تُملك بالقبض ، وهو الأصح .
وعلى القول بأنه يُملك بالتصرف : فالواجب أكثر القيم من يوم القبض إلى يوم التصرف .
وعلى هذا القول : للمقرض استرداد العين المستقرضة ما دامت في يد المستقرض – على النحو السابق – قولاً واحداً ، لأنها ما زالت على ملكه ، ولم تدخل في ملك المستقرض .
وتظهر فائدة الخلاف بين القولين فيما إذا كان للمال المستقرض نفقة أو منفعة: - فعلى القول بثبوت الملك بالقبض يكون على المستقِرض نفقته ، وله منفعته من حين القبض ، ولو لم يتصرف فيه .
- وعلى القول بثبوت الملك بالتصرف تكون نفقته على المقرض ، وله منفعته من حين القبض على وقت التصرف .
ما يجب رده بدل القرض :
علمنا أن المال المقترض ينبغي أن يكون مثلياً أو أن يكون قيمياً ينضبط بالوصف ، وعليه :
فيجب ردّ المثل إذا كان محل القرض مالاً مثلياً وكان موجوداً ، فإذا انعدم وجب ردُّ قيمته
وإن كان محل القرض مالاً قيمياً وجب ردّ مثله صورة ، كما لو اقترض شاة ، فإنه يردّ شاة بدلها بنفس أوصافها ، لحديث أبي رافع رضي الله عنه الذي مرّ معنا ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يقضي الرجل بكراً بدل بَكْره .
وقيل : يجب ردّ القيمة في القيمي ، لأن ما يضمن بالمثل إن كان له مثل يضمن بالقيمة إذا لم يكن له مثل .
وعلى القول بوجوب القيمة :
فالواجب القيمة يوم القبض ، على القول بأن العين المستقرَضة تُملك بالقبض ، وهو الأصح .
وعلى القول بأنه يُملك بالتصرف : فالواجب أكثر القيم من يوم القبض إلى يوم التصرف .
وإن اختلف
المقرض والمقترض في قدر القيمة أو صفة المثل : فالقول قول المقترض مع يمينه ، لأنه
هو المدَّعي عليه الذي سيُغَرَّم القيمة أو المثل .
متى يطالب بردّ بدل القرض ؟
للمقرِض أن يطالب المستقرض بدفع المال المقترض في أي وقت شاء ، بعد قبض المستقرض له ، لأن حكم القرض – كما تقدم – يوجب على المستقرض ردّ المال المقترض حال طلب المقرض له ، وكذلك : لأنه عقد يمتنع فيه التفاضل فامتنع فيه الأجل .
وسواء في ذلك أحدِّد أجل معين في العقد للوفاء أم لم يحدَّد وسواء أوُجد في ذلك عُرْف معين أم لم يوجد .
الشروط في القرض :
قد يقترن عقد القرض بشروط ، فبعض هذه الشروط تفسده ، وبعضها يلغو ولا يؤثر على القرض ، وبعضها يلزم الوفاء به ، وإليك بيان ذلك :
1- الشروط المفسدة :
هي كل شرط ليس من ملائمات العقد ، وفيه منفعة للمقرض ، كما لو أقرضه بشرط ردّ زيادة في البدل ، أو بشرط رد صحيح بدل مَعيب ، أو بشرط أن يبيعه داره مثلاً . فمثل هذا الشرط فاسد ومفسد للعقد . لقوله - صلى الله عليه وسلم - " كل قرضٍ ير منفعة فهو ربا(1) " قال في " مغني المحتاج " : وهو وإن كان ضعيفاً ، فقد روى البيهقي معناه عن جمع من الصحابة . وذكر في " المهذَّب " : أنه روي عن أبي بن كعب وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس – رضي الله عنهم – أنهم نَهْوا عن قرضٍ جر منفعة .
والمعنى في هذا : أن موضوع القرض قائم على الإرفاق والعون للمقترض ، فإذا شرط فيه المقرض لنفسه منفعة زائدة على حقه فقد خرج العقد عن موضوعه ، ولم يؤدِّ غرضه ، فلم يصح .
وكذلك روى عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " لا يحل سلف وبيع " ( أخرجه الحاكم في المستدرك : البيوع ، باب لا يجوز بيعان في بيع .. (2/17) ، وانظر زوائد ابن حبان : البيوع ، باب : ما نهي عنه في البيع من الشروط وغيرها ) .
__________
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكير [ انظر : الجامع الصغير ]
متى يطالب بردّ بدل القرض ؟
للمقرِض أن يطالب المستقرض بدفع المال المقترض في أي وقت شاء ، بعد قبض المستقرض له ، لأن حكم القرض – كما تقدم – يوجب على المستقرض ردّ المال المقترض حال طلب المقرض له ، وكذلك : لأنه عقد يمتنع فيه التفاضل فامتنع فيه الأجل .
وسواء في ذلك أحدِّد أجل معين في العقد للوفاء أم لم يحدَّد وسواء أوُجد في ذلك عُرْف معين أم لم يوجد .
الشروط في القرض :
قد يقترن عقد القرض بشروط ، فبعض هذه الشروط تفسده ، وبعضها يلغو ولا يؤثر على القرض ، وبعضها يلزم الوفاء به ، وإليك بيان ذلك :
1- الشروط المفسدة :
هي كل شرط ليس من ملائمات العقد ، وفيه منفعة للمقرض ، كما لو أقرضه بشرط ردّ زيادة في البدل ، أو بشرط رد صحيح بدل مَعيب ، أو بشرط أن يبيعه داره مثلاً . فمثل هذا الشرط فاسد ومفسد للعقد . لقوله - صلى الله عليه وسلم - " كل قرضٍ ير منفعة فهو ربا(1) " قال في " مغني المحتاج " : وهو وإن كان ضعيفاً ، فقد روى البيهقي معناه عن جمع من الصحابة . وذكر في " المهذَّب " : أنه روي عن أبي بن كعب وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس – رضي الله عنهم – أنهم نَهْوا عن قرضٍ جر منفعة .
والمعنى في هذا : أن موضوع القرض قائم على الإرفاق والعون للمقترض ، فإذا شرط فيه المقرض لنفسه منفعة زائدة على حقه فقد خرج العقد عن موضوعه ، ولم يؤدِّ غرضه ، فلم يصح .
وكذلك روى عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " لا يحل سلف وبيع " ( أخرجه الحاكم في المستدرك : البيوع ، باب لا يجوز بيعان في بيع .. (2/17) ، وانظر زوائد ابن حبان : البيوع ، باب : ما نهي عنه في البيع من الشروط وغيرها ) .
__________
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكير [ انظر : الجامع الصغير ]
وقد مّر معنا
في تعريف القرض : أنه السف في لغة أهل الحجاز .
... هذا ومن المعلوم أن فساد العقد يعني بطلانه أصلاً ، وأنه لا يترتب عليه شيء من الآثار .
المنفعة أو الزيادة غير المشروطة :
إذا ردّ المستقرض زيادة عن بدل القرض ، أو قدم هدية للمقرض ، دون أن يشرط المقرض ذلك في العقد ولم يجر به عرف ، فما حكم ذلك ؟ يُنظر :
فإن كانت تلك المنفعة المقدَّمة قبل وفاء بدل القرض : فالأولى التنزّه عنها إلا إذا كان تبادل تلك المنفعة معتاداً بينهما قبل القرض .
لما روي عن أنس رضي الله عنه ، وقد سئل : الرجل منّا يقرض أخاه المال ، فيهدي إليه ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أقْرَض أحدُكم قرضاً ، فأهْدى إليه ، أو حملَه على الدابَّةِ ، فلا يَرْكَبْهُا ولا يَقْبَلْهُ ، إلاَّ أنْ يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك " . (أخرجه ابن ماجه في الصدقات ، باب : القرض ، رقم : 2432 ) .
وكذلك تزول الكراهة إذا كافأه المقرض عليها .
وإذا كانت المنفعة المقدمة – من زيادة أو هدية أو غيرها – بعد وفاء القرض : فلا بأس بها ، ولا يكره للمقرض أخذها ، لانتهاء حكم القرض بالوفاء . بل يستحب للمستقرض أن يفعل ذلك ، اقتداءً بفعله صلى الله عليه وسلم ، وامتثالاً لأمره بحسن الوفاء ، وهذا من حسن الوفاء .
روى البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال : أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان لي عليه دينُ ، فقضاني وزادني ( البخاري في الاستقراض ، باب : حسن القضاء ، رقم2264 . ومسلم في المساقاة ، باب : بيع البعير واستثناء ركوبه ) .
وقد مرّ بنا أمره - صلى الله عليه وسلم - بإعطاء المقرض خياراً رباعياً بدل بَكْره ، وقوله في ذلك: "فإن خيار الناس أحسنهم قضاءً " .
... هذا ومن المعلوم أن فساد العقد يعني بطلانه أصلاً ، وأنه لا يترتب عليه شيء من الآثار .
المنفعة أو الزيادة غير المشروطة :
إذا ردّ المستقرض زيادة عن بدل القرض ، أو قدم هدية للمقرض ، دون أن يشرط المقرض ذلك في العقد ولم يجر به عرف ، فما حكم ذلك ؟ يُنظر :
فإن كانت تلك المنفعة المقدَّمة قبل وفاء بدل القرض : فالأولى التنزّه عنها إلا إذا كان تبادل تلك المنفعة معتاداً بينهما قبل القرض .
لما روي عن أنس رضي الله عنه ، وقد سئل : الرجل منّا يقرض أخاه المال ، فيهدي إليه ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أقْرَض أحدُكم قرضاً ، فأهْدى إليه ، أو حملَه على الدابَّةِ ، فلا يَرْكَبْهُا ولا يَقْبَلْهُ ، إلاَّ أنْ يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك " . (أخرجه ابن ماجه في الصدقات ، باب : القرض ، رقم : 2432 ) .
وكذلك تزول الكراهة إذا كافأه المقرض عليها .
وإذا كانت المنفعة المقدمة – من زيادة أو هدية أو غيرها – بعد وفاء القرض : فلا بأس بها ، ولا يكره للمقرض أخذها ، لانتهاء حكم القرض بالوفاء . بل يستحب للمستقرض أن يفعل ذلك ، اقتداءً بفعله صلى الله عليه وسلم ، وامتثالاً لأمره بحسن الوفاء ، وهذا من حسن الوفاء .
روى البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال : أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان لي عليه دينُ ، فقضاني وزادني ( البخاري في الاستقراض ، باب : حسن القضاء ، رقم2264 . ومسلم في المساقاة ، باب : بيع البعير واستثناء ركوبه ) .
وقد مرّ بنا أمره - صلى الله عليه وسلم - بإعطاء المقرض خياراً رباعياً بدل بَكْره ، وقوله في ذلك: "فإن خيار الناس أحسنهم قضاءً " .
وهذا إذا لم
يجر عُرف بين الناس بردّ المستقرض زيادة عن بدل القرض أو تقديم منفعة للمقرض ،
وكذلك إذا لم يكن المستقرض قد تَعَوّد هذا وعرف به . فإن كان معتاداً في عُرف
الناس ، أو كان المستقرض معروفاً به : فالأوجه كراهة قبول هذه المنفعة ، لأن
المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً .
2- الشروط اللاغية غير المفسدة للعقد :
وهي كل شرط ليس من ملائمات العقد ، ولكنه لا مصلحة فيه لأحد المتعاقدين ، أو كان مصلحة للمستقرض ، وذلك كما لو شرط عليه أن يردّ معيباً بدل صحيح ، أو رديئاً بدل جيد ، وكذلك لو شرط عليه أن يقرضه غيره .
فمثل هذه لاغيه لا يلزم الوفاء بها .
والأصح أنها لا تفسد العقد ، لأن فيها تأكيداً لموضوعه وهو الإرفاق ، إذ ليس فيها جرّ منفعة للمقرض ، وإنما فيها جرّ منفعة للمقترض ، فكأن المقرض يزيد في الإرفاق والعون للمقترض .
شرط الأجل في القرض :
ذكرنا أن للمقرض أن يطالب ببدل القرض متى شاء ، سواء أَشُرط أجل في العقد أم لم يُشرط . وعليه : إذا شرط اجل في العقد فلا يلزم الوفاء به ، ويعتبر لاغياً . وهل يؤثر على العقد ؟ ينظر :
فإن كان في شرط الأجل غير للمقرض – كما لو كان الزمن زمن نهب ، وشرط له أجلاً للوفاء يغلب على ظنه الأمن فيه – فإنه يفسد العقد ، لما فيه من جر المنفعة للمقرض ، فصار كشرط زيادة في العقد .
وإن لم يكن في شرط الأجل غير للمقرض فلا يفسد العقد ، ولا يلزم الأجل على الصحيح ، وإن كان يُندب الوفاء به ، لأنه وعد بالإحسان .
3- ما يلزم الوفاء به من الشروط :
هي كل شرط فيه توثيق للعقد وإثبات للحق وتأكيد له . كما لو اشترط رهناً بمال القرض ، أو كفيلاً ، أو إشهاداً على العقد ، أو إقراراً به عند حاكم ، أو كتابة للدين . فإن ذلك كله جائز ، ويحقّ للمقرض أن يشرطه ، لأنه توثيق – كما قلنا – ولا زيادة فيه .
2- الشروط اللاغية غير المفسدة للعقد :
وهي كل شرط ليس من ملائمات العقد ، ولكنه لا مصلحة فيه لأحد المتعاقدين ، أو كان مصلحة للمستقرض ، وذلك كما لو شرط عليه أن يردّ معيباً بدل صحيح ، أو رديئاً بدل جيد ، وكذلك لو شرط عليه أن يقرضه غيره .
فمثل هذه لاغيه لا يلزم الوفاء بها .
والأصح أنها لا تفسد العقد ، لأن فيها تأكيداً لموضوعه وهو الإرفاق ، إذ ليس فيها جرّ منفعة للمقرض ، وإنما فيها جرّ منفعة للمقترض ، فكأن المقرض يزيد في الإرفاق والعون للمقترض .
شرط الأجل في القرض :
ذكرنا أن للمقرض أن يطالب ببدل القرض متى شاء ، سواء أَشُرط أجل في العقد أم لم يُشرط . وعليه : إذا شرط اجل في العقد فلا يلزم الوفاء به ، ويعتبر لاغياً . وهل يؤثر على العقد ؟ ينظر :
فإن كان في شرط الأجل غير للمقرض – كما لو كان الزمن زمن نهب ، وشرط له أجلاً للوفاء يغلب على ظنه الأمن فيه – فإنه يفسد العقد ، لما فيه من جر المنفعة للمقرض ، فصار كشرط زيادة في العقد .
وإن لم يكن في شرط الأجل غير للمقرض فلا يفسد العقد ، ولا يلزم الأجل على الصحيح ، وإن كان يُندب الوفاء به ، لأنه وعد بالإحسان .
3- ما يلزم الوفاء به من الشروط :
هي كل شرط فيه توثيق للعقد وإثبات للحق وتأكيد له . كما لو اشترط رهناً بمال القرض ، أو كفيلاً ، أو إشهاداً على العقد ، أو إقراراً به عند حاكم ، أو كتابة للدين . فإن ذلك كله جائز ، ويحقّ للمقرض أن يشرطه ، لأنه توثيق – كما قلنا – ولا زيادة فيه .
... ولقد روى
البخاري عن أنس رضي الله عنه : ولقد رهن النبي - صلى الله عليه وسلم - درعاً له
بالمدينة عند يهودي ، وأخذ منه شعيراً لأهله ( البخاري : البيوع ، باب : شراء
النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة ، رقم : 1963 ) .
ويلزم المستقرض الوفاء بهذه الشروط ، فإن لم يوف بها كان للمقرض أن يفسخ العقد .
الباب السادس
الهبة
الهبَة
تعريفها :
هي في اللغة : العطية التي لم يسبقها استحقاق ، وفيها نفع للمعطَى له . وبهذا المعنى تكون في الأعيان وغيرها .
- فمن ورودها في الأعيان : قوله تعالى { يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ }(الشورى49) .
وقوله تعالى : {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء }(إبراهيم39) .
- ومن ورودها في غير الأعيان : قوله تعالى : { وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً}(آل عمران8) .
وقوله تعالى : {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا }(الأحزاب50) أي يحلّ لك يا محمد - - صلى الله عليه وسلم - - أن تتزوج بالمرأة المؤمنة التي فوّضت أمرها إليك ، ورضيت أن تتزوجها بغير مهر ، فيحلّ لك ذلك .
قيل : أصل معناها من هبوب الريح ، لما في ذلك من العطاء .
وقيل : مَن هبَّ من نومه ، إذا استيقظ ، فكأن فاعلها استيقظ وانتبه للعطاء .
وهي في الاصطلاح الشرعي : عقد يفيد تمليك العين بلا عوُض ، حال الحياة ، تطوعاً .
أي إن عقد الهبة يرد على تمليك ذات الشيء الموهوب للموهوب له ، دون أن يتوجب عليه ردّ بدل لهذا الشيء ، فهو بهذا يختلف عن البيع الذي هو تمليك بعوض .
وكذلك هذا التمليك يكون حال الحياة ، وبهذا تختلف الهبة عن الوصية، التي هي تمليك بلا عوض ، ولكن بعد الموت .
ويلزم المستقرض الوفاء بهذه الشروط ، فإن لم يوف بها كان للمقرض أن يفسخ العقد .
الباب السادس
الهبة
الهبَة
تعريفها :
هي في اللغة : العطية التي لم يسبقها استحقاق ، وفيها نفع للمعطَى له . وبهذا المعنى تكون في الأعيان وغيرها .
- فمن ورودها في الأعيان : قوله تعالى { يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ }(الشورى49) .
وقوله تعالى : {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء }(إبراهيم39) .
- ومن ورودها في غير الأعيان : قوله تعالى : { وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً}(آل عمران8) .
وقوله تعالى : {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا }(الأحزاب50) أي يحلّ لك يا محمد - - صلى الله عليه وسلم - - أن تتزوج بالمرأة المؤمنة التي فوّضت أمرها إليك ، ورضيت أن تتزوجها بغير مهر ، فيحلّ لك ذلك .
قيل : أصل معناها من هبوب الريح ، لما في ذلك من العطاء .
وقيل : مَن هبَّ من نومه ، إذا استيقظ ، فكأن فاعلها استيقظ وانتبه للعطاء .
وهي في الاصطلاح الشرعي : عقد يفيد تمليك العين بلا عوُض ، حال الحياة ، تطوعاً .
أي إن عقد الهبة يرد على تمليك ذات الشيء الموهوب للموهوب له ، دون أن يتوجب عليه ردّ بدل لهذا الشيء ، فهو بهذا يختلف عن البيع الذي هو تمليك بعوض .
وكذلك هذا التمليك يكون حال الحياة ، وبهذا تختلف الهبة عن الوصية، التي هي تمليك بلا عوض ، ولكن بعد الموت .
كما تختلف
الهبة عن الزكاة التي هي تمليك واجب على المزكّي ، بينما الهبة تمليك على سبيل
التطوع والتبرع .
والهبة بهذا المعنى تشمل الهدية والصدقة ، فإن كلاً منهما تمليك للعين بلا عوض في حال الحياة تطوعاً ، وإن كان بين هذه الثلاثة شيء من الاختلاف في المعنى والحكم :
- فالهبة : بالمعنى الذي سبق عامّةُ ، سواء أكانت من غني لفقير أم لا ، وقصد بها الثواب في الآخرة أم لا ، نُقلت العين الموهوبة للموهوب أم لا .
- أما الصدقة : فالظاهر أنها تمليك للمحتاج ، تقرباً إلى الله تعالى وقصداً للثواب في الآخرة غالباً .
- وأما الهدية : فالظاهر أنها تمليك لمن يرغب بالتقرّب والتحبّب إليه من الناس ، وغالباً ما يكون مع ذلك نقل للموهوب إلى مكان الموهوب له .
وهذا الفارق بين الصدقة والهدية يظهر في قوله - صلى الله عليه وسلم - حين طلب أن يُطْعَم من اللحم – الذي رآه يطبخ وقيل له : إنه لحم تُصُدِّق به على بريرة فقال : " هو عليها صدقةُ ، وهو لنا هديَّةّ " ( أخرجه البخاري في الزكاة ، باب : إذا تحولت الصدقة ، رقم : 1424 . ومسلم في الزكاة باب : إباحة الهدية للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، رقم : 1074 ) أي فقد اختلف القصد في العطاء ، فاختلف الاسم والحكم .
ولهذا المعنى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويأكل منها ، بينما كان لا يأكل من الصدقات . فقد روى البخاري ومسلم – واللفظ لمسلم – عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أُتِىَ بطعام يسأل عنه : فإن قيل هدية أكل منها ، وإن قيل صدقة لم يأكل منها . ( البخاري : كتاب الهبة ، باب : قبول الهدية ، رقم : 2437 . ومسلم في الزكاة ، باب : قبول النبي- صلى الله عليه وسلم - الهدية وردّه الصدقة ، رقم : 1077 ) .
- وكذلك لابدّ في الهبة من الإيجاب والقبول ، كما سيأتي ، بينما لا يشترط هذا في الصدقة أو الهدية :
والهبة بهذا المعنى تشمل الهدية والصدقة ، فإن كلاً منهما تمليك للعين بلا عوض في حال الحياة تطوعاً ، وإن كان بين هذه الثلاثة شيء من الاختلاف في المعنى والحكم :
- فالهبة : بالمعنى الذي سبق عامّةُ ، سواء أكانت من غني لفقير أم لا ، وقصد بها الثواب في الآخرة أم لا ، نُقلت العين الموهوبة للموهوب أم لا .
- أما الصدقة : فالظاهر أنها تمليك للمحتاج ، تقرباً إلى الله تعالى وقصداً للثواب في الآخرة غالباً .
- وأما الهدية : فالظاهر أنها تمليك لمن يرغب بالتقرّب والتحبّب إليه من الناس ، وغالباً ما يكون مع ذلك نقل للموهوب إلى مكان الموهوب له .
وهذا الفارق بين الصدقة والهدية يظهر في قوله - صلى الله عليه وسلم - حين طلب أن يُطْعَم من اللحم – الذي رآه يطبخ وقيل له : إنه لحم تُصُدِّق به على بريرة فقال : " هو عليها صدقةُ ، وهو لنا هديَّةّ " ( أخرجه البخاري في الزكاة ، باب : إذا تحولت الصدقة ، رقم : 1424 . ومسلم في الزكاة باب : إباحة الهدية للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، رقم : 1074 ) أي فقد اختلف القصد في العطاء ، فاختلف الاسم والحكم .
ولهذا المعنى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويأكل منها ، بينما كان لا يأكل من الصدقات . فقد روى البخاري ومسلم – واللفظ لمسلم – عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أُتِىَ بطعام يسأل عنه : فإن قيل هدية أكل منها ، وإن قيل صدقة لم يأكل منها . ( البخاري : كتاب الهبة ، باب : قبول الهدية ، رقم : 2437 . ومسلم في الزكاة ، باب : قبول النبي- صلى الله عليه وسلم - الهدية وردّه الصدقة ، رقم : 1077 ) .
- وكذلك لابدّ في الهبة من الإيجاب والقبول ، كما سيأتي ، بينما لا يشترط هذا في الصدقة أو الهدية :
أما الصدقة :
فما أكثر ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتصدق ، وكذلك أصحابه رضوان
الله عليهم ، ولم يُعهد أو يُنقل أنه كان يَجري إيجاب وقبول بين المتصدِّق ومن
يتصدّق عليه .
وأما الهدية : فقد ثبت أن الناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتحرون بهداياهم يوم وجود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند عائشة رضي الله عنها . ولم يُنقل أنه كن يحصل إيجاب وقبول بينهم وبينها ، أو بينهم وبينه (انظر البخاري : كتاب الهبة ، باب : قبول الهدية ، رقم ، 2435 . ومسلم : فضائل الصحابة ، باب : في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها ، رقم:2441) .
مشروعيتها :
الهبة – بالمعنى العام الشامل الذي سبق بيانه – مستحبة ومندوب إليها ، دلّ على ذلك : الكتاب ، والسنّة ، والإجماع .
أما الكتاب :
- فمن ذلك قوله تعالى : {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }(النساء4) أي إذا وهبكم أزواجكم شيئاً من مهورهن – بعد إعطائهنّ ذلك المهر حقاً مفروضاً لهنّ – وكانت نفوسهنّ راضية بتلك الهبة ، فما وهبنه لكم كسب طيب حلال ، فكلوه سائغاً لذيذاً ، ولا حرج عليكم في أكله ولا مؤاخذة عليكم في أخذه .
- ومنه قوله تعالى : {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ}(1)
__________
(1) البر : كلمة جامعة لكل خير . تولوا وجوهكم : تديروها وتتوجهوا وتستقبلوا بها . قِبَل : نحو وجهة .
آتى : أعطى . على حبه : أي أعطى المال مع حبه له وتعلق قلبه به . أو : أعطاه ونفسه راضية بهذا العطاء غير كارهة له . في الرقاب : في تحرير العبيد
وأما الهدية : فقد ثبت أن الناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتحرون بهداياهم يوم وجود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند عائشة رضي الله عنها . ولم يُنقل أنه كن يحصل إيجاب وقبول بينهم وبينها ، أو بينهم وبينه (انظر البخاري : كتاب الهبة ، باب : قبول الهدية ، رقم ، 2435 . ومسلم : فضائل الصحابة ، باب : في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها ، رقم:2441) .
مشروعيتها :
الهبة – بالمعنى العام الشامل الذي سبق بيانه – مستحبة ومندوب إليها ، دلّ على ذلك : الكتاب ، والسنّة ، والإجماع .
أما الكتاب :
- فمن ذلك قوله تعالى : {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }(النساء4) أي إذا وهبكم أزواجكم شيئاً من مهورهن – بعد إعطائهنّ ذلك المهر حقاً مفروضاً لهنّ – وكانت نفوسهنّ راضية بتلك الهبة ، فما وهبنه لكم كسب طيب حلال ، فكلوه سائغاً لذيذاً ، ولا حرج عليكم في أكله ولا مؤاخذة عليكم في أخذه .
- ومنه قوله تعالى : {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ}(1)
__________
(1) البر : كلمة جامعة لكل خير . تولوا وجوهكم : تديروها وتتوجهوا وتستقبلوا بها . قِبَل : نحو وجهة .
آتى : أعطى . على حبه : أي أعطى المال مع حبه له وتعلق قلبه به . أو : أعطاه ونفسه راضية بهذا العطاء غير كارهة له . في الرقاب : في تحرير العبيد
(البقرة177)
فقد شملت الآية بالعطاء المحتاجين وغيرهم ، وإعطاء المحتاجين صدقة ، وإعطاء غيرهم هبة .
وأما السنة :
فإن الأحاديث في مشروعية الهبة كثيرة ، سيأتي بعض منها خلال البحث ، ومنها :
- وما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيران من الأنصار ، كانت لهم منائحُ ، وكانوا يمْنَحُون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ألبانِهم فيسقينا ( البخاري : الهبة ، باب : فضلها والتحريض عليها ، رقم : 2428 . مسلم في الزهد والرقائق ، رقم:2972) .
[ والمنائح جمع منيحة ، وهي العطية ، والمراد بها هنا الناقة أو الشاة التي فيها لبن . ويمنحون : أي يجعلون ذلك منحة له ، أي عطية ] .
- ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " يا نساء المسلمات ، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة " (البخاري في الهبة ، باب : فضلها والتحريض عليها ، رقم : 2427 . ومسلم في الزكاة ، باب : الحث على الصدقة ولو بالقليل ، رقم :1030 ).
[ أي لا تستصغرن جارة شيئاً يتقدمه لها جارتها عطية وهبة ، فتمتنع من قبوله ، ولو كان المقدم والمعطى فرسن شاة ، وهو ما دون الرسغ من يدها ، وقيل : عظم قليل اللحم . أو المراد لا تستصغر ذلك فتمتنع عن هبته لجارتها ، بل لتقدّمه لها ، فإن في ذلك جلباً للمحبة والألفة ] .
- ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ، ولو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت " ( أخرجه البخاري في الهبة ، باب : القليل من الهبة ، رقم : 2429 ) .
[ ذراع : هو اليد من كل حيوان . كراع : هو ما استدق من ساق الحيوان ] .
وأما الإجماع :
فقد شملت الآية بالعطاء المحتاجين وغيرهم ، وإعطاء المحتاجين صدقة ، وإعطاء غيرهم هبة .
وأما السنة :
فإن الأحاديث في مشروعية الهبة كثيرة ، سيأتي بعض منها خلال البحث ، ومنها :
- وما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيران من الأنصار ، كانت لهم منائحُ ، وكانوا يمْنَحُون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ألبانِهم فيسقينا ( البخاري : الهبة ، باب : فضلها والتحريض عليها ، رقم : 2428 . مسلم في الزهد والرقائق ، رقم:2972) .
[ والمنائح جمع منيحة ، وهي العطية ، والمراد بها هنا الناقة أو الشاة التي فيها لبن . ويمنحون : أي يجعلون ذلك منحة له ، أي عطية ] .
- ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " يا نساء المسلمات ، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة " (البخاري في الهبة ، باب : فضلها والتحريض عليها ، رقم : 2427 . ومسلم في الزكاة ، باب : الحث على الصدقة ولو بالقليل ، رقم :1030 ).
[ أي لا تستصغرن جارة شيئاً يتقدمه لها جارتها عطية وهبة ، فتمتنع من قبوله ، ولو كان المقدم والمعطى فرسن شاة ، وهو ما دون الرسغ من يدها ، وقيل : عظم قليل اللحم . أو المراد لا تستصغر ذلك فتمتنع عن هبته لجارتها ، بل لتقدّمه لها ، فإن في ذلك جلباً للمحبة والألفة ] .
- ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ، ولو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت " ( أخرجه البخاري في الهبة ، باب : القليل من الهبة ، رقم : 2429 ) .
[ ذراع : هو اليد من كل حيوان . كراع : هو ما استدق من ساق الحيوان ] .
وأما الإجماع :
فقد اجمع
فقهاء المسلمين في جميع العصور على استحباب الهبة بكل أنواعها لأنها من باب
التعاون ، والله تعالى يقول : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى
}(المائدة2) .
الهبة للأقارب :
وإذا كانت الهبة مشروعة ومندوباً إليها ، مطلقاً ، فهي للأقارب أشد استحباباً وأكثر ندباً وأفضل ثواباً وأجراً ، لما يكون فيها – إلى جانب البّر والتعاون – من صلة الرحم . وقد حثّنا الله تعالى في كتابه على صلة الرحم فقال سبحانه : { وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ }(النساء1) أي اتقوا الأرحام من أن تقطعوها .
وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال : " من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ، فليصل رحمه " ( أخرجه البخاري في البيوع ، باب : من أحب البسط في الرزق ، رقم : 1961 . ومسلم في البر والصلة والآداب ، باب : صلة الرحم وتحريم قطيعتها ، رقم : 2557 ) .
[ يُبسط له : يوسَّع عليه ويبارك له فيه . ينسأ له في أثره : يطيل الله عمره ويؤخر له فيه ] .
المكافأة على الهبة :
ويستحب لمن وهب له شيء أن يكافئ الواهب على هبته إن تيسر له ذلك ، اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثبت عليها ( أخرجه البخاري في الهبة ، باب : المكافأة في الهبة ، رقم : 2445 )
حكمة مشروعيتها :
يهدف الإسلام لإقامة المجتمع المثالي المتكامل ، الذي يقوم على أساس من المحبة والوّد ، والصلة والقرْب . ولذا يشرع كل ما من شأنه أن يقوّي روابط القرب بين الأفراد ، ويحقق التوادد والألفة بين الناس . والهبة من الوسائل الناجعة التي تحقق هذا المعنى ، لما فيها من تعبير عن الإكرام والودّ والاحترام . والإنسان مفطور على حب من أكرمه وأحسن إليه ، واظهر له ودّه واحترامه .
الهبة للأقارب :
وإذا كانت الهبة مشروعة ومندوباً إليها ، مطلقاً ، فهي للأقارب أشد استحباباً وأكثر ندباً وأفضل ثواباً وأجراً ، لما يكون فيها – إلى جانب البّر والتعاون – من صلة الرحم . وقد حثّنا الله تعالى في كتابه على صلة الرحم فقال سبحانه : { وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ }(النساء1) أي اتقوا الأرحام من أن تقطعوها .
وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال : " من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ، فليصل رحمه " ( أخرجه البخاري في البيوع ، باب : من أحب البسط في الرزق ، رقم : 1961 . ومسلم في البر والصلة والآداب ، باب : صلة الرحم وتحريم قطيعتها ، رقم : 2557 ) .
[ يُبسط له : يوسَّع عليه ويبارك له فيه . ينسأ له في أثره : يطيل الله عمره ويؤخر له فيه ] .
المكافأة على الهبة :
ويستحب لمن وهب له شيء أن يكافئ الواهب على هبته إن تيسر له ذلك ، اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثبت عليها ( أخرجه البخاري في الهبة ، باب : المكافأة في الهبة ، رقم : 2445 )
حكمة مشروعيتها :
يهدف الإسلام لإقامة المجتمع المثالي المتكامل ، الذي يقوم على أساس من المحبة والوّد ، والصلة والقرْب . ولذا يشرع كل ما من شأنه أن يقوّي روابط القرب بين الأفراد ، ويحقق التوادد والألفة بين الناس . والهبة من الوسائل الناجعة التي تحقق هذا المعنى ، لما فيها من تعبير عن الإكرام والودّ والاحترام . والإنسان مفطور على حب من أكرمه وأحسن إليه ، واظهر له ودّه واحترامه .
وحديث رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - صريح في هذا المعنى إذ يقول : " تهادَوْا
تحابَّوا " (أخرجه مالك مرسلاً في كتاب حسن الخلق ، باب : ما جاء في المهاجرة
: 2/908 ) ويقول " تهادوا ، فإنّ الهديَّة تُذْهبُ وحَرَ الصّدْر " أي
غلَّه والحقد الذي قد يكون فيه . ( أخرجه الترمذي في أبواب الولاء ، باب : ما جاء
في حثّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على التهادي ، رقم : 2131 ) .
وحتى يتحقق هذا المعنى كاملاً نجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحثّ من وُهِبَ له شيء أن يقبله ولا يردّه ، لما في الرد على الواهب من إيذاء له ، إذ قد يشعر باستصغاره وعدم الاكتراث به . وقد مرّ بك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تحقرن جارة لجارتها ولو فْرِسِنَ شاة " وروى الإمام أحمد في مسنده : عن خالد بن عدي رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من بلغه معروف عن أخيه ، من غير مسألة ولا إشراف نفس ، فليقبله ولا يردّه ، فإنما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه " . ( مسند أحمد : 4/221) .
وإذا كان هناك سبب شرعي معتبر لعدم القبول ينبغي أن يبيِّنه ، حتى لا يبقى في نفس الواهب شيء ، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أُهدي له صيد وهو محرم .
فقد أخرج البخاري ومسلم عن الصعب بن جثامة الليثي رضي الله عنه : أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حماراً وحشياً ، وهو بالأبواء أو بودّان ، فردّه عليه ، فلما رأى ما في وجهه ، قال : " أما إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم " ( البخاري : الإحصار وجزاء الصيد ، باب : إذا أهدى للمحرم حماراً وحشياً حياً لم يقبل ، رقم : 1729 . ومسلم في الحج ، باب : تحريم الصيد للمحرم ، رقم : 1193 ) .
وحتى يتحقق هذا المعنى كاملاً نجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحثّ من وُهِبَ له شيء أن يقبله ولا يردّه ، لما في الرد على الواهب من إيذاء له ، إذ قد يشعر باستصغاره وعدم الاكتراث به . وقد مرّ بك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تحقرن جارة لجارتها ولو فْرِسِنَ شاة " وروى الإمام أحمد في مسنده : عن خالد بن عدي رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من بلغه معروف عن أخيه ، من غير مسألة ولا إشراف نفس ، فليقبله ولا يردّه ، فإنما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه " . ( مسند أحمد : 4/221) .
وإذا كان هناك سبب شرعي معتبر لعدم القبول ينبغي أن يبيِّنه ، حتى لا يبقى في نفس الواهب شيء ، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أُهدي له صيد وهو محرم .
فقد أخرج البخاري ومسلم عن الصعب بن جثامة الليثي رضي الله عنه : أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حماراً وحشياً ، وهو بالأبواء أو بودّان ، فردّه عليه ، فلما رأى ما في وجهه ، قال : " أما إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم " ( البخاري : الإحصار وجزاء الصيد ، باب : إذا أهدى للمحرم حماراً وحشياً حياً لم يقبل ، رقم : 1729 . ومسلم في الحج ، باب : تحريم الصيد للمحرم ، رقم : 1193 ) .
[ حماراً
وحشياً : هو الحمار المخطط المعروف ، وهو من الأنعام المأكولة اللحم . الأبواء
وودّان : اسما موضعين بين مكة والمدينة . ما في وجهة : أي من الحزن والكراهية
لردّه - صلى الله عليه وسلم - ، لأنه قد يكون سبب غضب منه وعدم رضا عنه . حرم :
محرومون : يمتنع علينا أخذ ما صِيدَ لنا ] .
أركان الهبة وشروطها :
... للهبة أركان ثلاثة ، وهي : عاقدان ، وصيغة ، وموهوب . ولكلَّ من هذه الأركان شروطها نبينها فيما يلي :
1"- العاقدان : وهما الواهب والموهوب له:
... ويشترط في الواهب : أن يكون مالكاً للموهوب ، وأن يكون أهلاً للتبرع ، مطلق التصرف في ماله ، فلا تصحّ هبة ما لا يملكه ، كما لا تصح هبة الصغير والمجنون ، لأنها ليسا أهلاً للتبرع ولا يملكانه ، لأنه ضرر محض . ولهذا لا يملك وليُّهما أيضاً هبه شيء من مالهما ، لأنهما تبرع لا يقابله نفع دنيوي ، فهي لذلك ضرر محض لا يملكه الولي ، لأن ولايته قاصرة على وجوه النفع لمن تحت ولايته.
... وكذلك لا تصحّ الهبة من المحجور عليه في ماله ، لسفه أو فلس .
ويشترط في الموهوب له : أن يكون أهلاً لتملك ما وهب له ، فتصح الهبة لكل إنسان مولود ، وغير المكلف – كالصبي والمجنون – يقبل عنه وليّه . ولا تصح الهبة للحمل لأنه لا يملك ملكاً اختيارياً .
2"- الصيغة : وهي الإيجاب والقبول :
... فمن الإيجاب أن يقول : وهبتك ، ونحلتك ، وملّكتك بلا ثمن ، وأعطيتك . وكذلك : أطعمتك هذا الطعام ، وجعلت هذا الثواب لك .
... فهذه ألفاظ بعضها صريح في الهبة لاستعمالها فيها ، وبعضها يجري مجري الصريح لدلالته على التمليك في الحال بلا عوض ، وهو معنى الهبة . فهذه الألفاظ لا تحتاج إلى نيّة ، ولو ادّعى قائلها وعدم إرادة الهبة به فلا يُصدق بدعواه .
أركان الهبة وشروطها :
... للهبة أركان ثلاثة ، وهي : عاقدان ، وصيغة ، وموهوب . ولكلَّ من هذه الأركان شروطها نبينها فيما يلي :
1"- العاقدان : وهما الواهب والموهوب له:
... ويشترط في الواهب : أن يكون مالكاً للموهوب ، وأن يكون أهلاً للتبرع ، مطلق التصرف في ماله ، فلا تصحّ هبة ما لا يملكه ، كما لا تصح هبة الصغير والمجنون ، لأنها ليسا أهلاً للتبرع ولا يملكانه ، لأنه ضرر محض . ولهذا لا يملك وليُّهما أيضاً هبه شيء من مالهما ، لأنهما تبرع لا يقابله نفع دنيوي ، فهي لذلك ضرر محض لا يملكه الولي ، لأن ولايته قاصرة على وجوه النفع لمن تحت ولايته.
... وكذلك لا تصحّ الهبة من المحجور عليه في ماله ، لسفه أو فلس .
ويشترط في الموهوب له : أن يكون أهلاً لتملك ما وهب له ، فتصح الهبة لكل إنسان مولود ، وغير المكلف – كالصبي والمجنون – يقبل عنه وليّه . ولا تصح الهبة للحمل لأنه لا يملك ملكاً اختيارياً .
2"- الصيغة : وهي الإيجاب والقبول :
... فمن الإيجاب أن يقول : وهبتك ، ونحلتك ، وملّكتك بلا ثمن ، وأعطيتك . وكذلك : أطعمتك هذا الطعام ، وجعلت هذا الثواب لك .
... فهذه ألفاظ بعضها صريح في الهبة لاستعمالها فيها ، وبعضها يجري مجري الصريح لدلالته على التمليك في الحال بلا عوض ، وهو معنى الهبة . فهذه الألفاظ لا تحتاج إلى نيّة ، ولو ادّعى قائلها وعدم إرادة الهبة به فلا يُصدق بدعواه .
... وهناك
ألفاظ في الإيجاب ليست صريحة في الهبة ولا تجري مجرى الصريح فيها ، وفتحتاج إلى
نيّة مثل قوله كسوتك هذا الثوب ، وحملتك على هذه الدابة ، فمثل هذه الألفاظ كناية
في الهبة ، فإن نواها انعقدت بها ، وإن قال : لم أرد بها الهبة صدق في ذلك وكانت
عارية وإنها تحتمل العارية وتصلح لها ، كما تحتمل الهبة .
... ولو قال : منحتك هذا الشيء ، أو هذا الشيء لك منحه ، فهو هبة ، لأن هذا اللفظ مستعمل في الهبة صراحة .
... وأما القبول فأن يقول : قبلت ، أو رضيت ، أو اتهبت .
ويشترط في الصيغة :
اتصال القبول بالإيجاب ، بحيث لا يفصل بينهما فاصل معتبر عرفاً.
عدم تقيدها بشرط : كان يقول : إن قدم زيد فقد وهبتك هذا الثوب ، لأن الهبة تمليك ، والتمليكات لا تحتمل التعليق بما له خطر الوجود والعدم ، فلم يصحّ الإيجاب .
عدم تقيدها بوقت : كوهبتك هذا الكتاب شهراً أو سنة ، لأنه شرط منافٍ لمقتضى العقد ، الذي هو التمليك المطلق للحال .
العمري والرقبي
العمري :
... مأخوذة من العُمُر ، وهي أن يقول الواهب للموهب له : أعمرتك هذه الدار ، أو جعلت هذه الدار لك عمري ، أو عمَرك ، أو حياتك أو حياتي ، فإذا متّ فهي لورثتي .
... وهذه صيغ من صيغ الهبة كما ترى ، ولكنها مقيدة بوقت وهو عمر الواهب أو الموهوب له . وقد علمت أن من شرط صيغة الهبة عدم التقييد بوقت ، ومع ذلك فالهبة صحيحة والشرط باطل ولاغٍ ، استثناء من المنع السابق ، لما صحّ في ذلك من أحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
... فقد روى البخاري ومسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( العمرى جائزة )) .
ورويا أيضاً عن جابر رضي الله عنه قال : قضى النبي- صلى الله عليه وسلم - بالعمري أنها لمن وهبت له ، وفي رواية عند مسلم : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (( العُمري لمن وهبت له )) .
... ولو قال : منحتك هذا الشيء ، أو هذا الشيء لك منحه ، فهو هبة ، لأن هذا اللفظ مستعمل في الهبة صراحة .
... وأما القبول فأن يقول : قبلت ، أو رضيت ، أو اتهبت .
ويشترط في الصيغة :
اتصال القبول بالإيجاب ، بحيث لا يفصل بينهما فاصل معتبر عرفاً.
عدم تقيدها بشرط : كان يقول : إن قدم زيد فقد وهبتك هذا الثوب ، لأن الهبة تمليك ، والتمليكات لا تحتمل التعليق بما له خطر الوجود والعدم ، فلم يصحّ الإيجاب .
عدم تقيدها بوقت : كوهبتك هذا الكتاب شهراً أو سنة ، لأنه شرط منافٍ لمقتضى العقد ، الذي هو التمليك المطلق للحال .
العمري والرقبي
العمري :
... مأخوذة من العُمُر ، وهي أن يقول الواهب للموهب له : أعمرتك هذه الدار ، أو جعلت هذه الدار لك عمري ، أو عمَرك ، أو حياتك أو حياتي ، فإذا متّ فهي لورثتي .
... وهذه صيغ من صيغ الهبة كما ترى ، ولكنها مقيدة بوقت وهو عمر الواهب أو الموهوب له . وقد علمت أن من شرط صيغة الهبة عدم التقييد بوقت ، ومع ذلك فالهبة صحيحة والشرط باطل ولاغٍ ، استثناء من المنع السابق ، لما صحّ في ذلك من أحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
... فقد روى البخاري ومسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( العمرى جائزة )) .
ورويا أيضاً عن جابر رضي الله عنه قال : قضى النبي- صلى الله عليه وسلم - بالعمري أنها لمن وهبت له ، وفي رواية عند مسلم : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (( العُمري لمن وهبت له )) .
... ( أنظر
البخاري : الهبة ، باب : ما قيل في العمري والرقبي ومسلم : الهبات ، باب : العمري
) .
... وروى مسلم أيضاً عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(( أمسكوا عليكم أموالكم ولا تُفْسدُوها ، فإنَّه من أعْمَرَ عُمْري فهي للذي أعمرها ، حياً وميتاً ، ولا عقبه )) ( مسلم : الهبات ، باب : العمري ) .
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم : ( المراد به إعلامهم أن العمري هبة صحيحة ماضية ، يملكها الموهوب له ملكاً تاماً لا يعود إلى الواهب أبدأ ، فإذا علموا ذلك : فمن شاء أعمر ودخل على بصيرة ، ومن شاء ترك لأنهم كانوا يتوهمون أنها كالعارية ويرجع فيها ) .
الرقبي :
... وهي أن يقول الواهب لغيرة : داري لك رقبي ، أو : أرقبتك هذه الدار ، أو : جعلتها رقبي . ومعناها : إن متَّ قبلي عادت إليّ ، وإن مت قبلك استقرت لك . فهي مأخوذة من الرقوب والترقب وهو الانتظار ، لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه وينتظره . وهذه الصيغة أيضاً من صيغ الهبة المعتبرة شرعاً ، رغم تقييدها بشرط فهي هبة صحيحة ، والشرط لاغٍ ، لورود السنّة بصحتها كالعمري .
... روى جابر رضي الله عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( العُمْرَي جائزةّ لأهْلها والرُّقْبي جائزة لأهلها )) : أي نافذة وماضية . ( أخرجه الترمذي في الأحكام ، باب : ما جاء في الرقبي ، رقم : 1351 ، وقال : هذا حديث حسن . وأبو داود في البيوع ، باب الرقبي ، رقم : 3558 .وإبن ماجه في الهبات ، باب : الرقبي ، رقم : 2383 ) .
... وهذا استثناء أيضاً من بطلان الهبة المقيدة بشرط كما علمت .
... جاء في (( مغني المحتاج )) : قال السبكي : وصحة العمرى والرقبي بعيد عن القياس ، لكن الحديث مقدَّم على كل أصل وكل قياس .
... وروى مسلم أيضاً عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(( أمسكوا عليكم أموالكم ولا تُفْسدُوها ، فإنَّه من أعْمَرَ عُمْري فهي للذي أعمرها ، حياً وميتاً ، ولا عقبه )) ( مسلم : الهبات ، باب : العمري ) .
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم : ( المراد به إعلامهم أن العمري هبة صحيحة ماضية ، يملكها الموهوب له ملكاً تاماً لا يعود إلى الواهب أبدأ ، فإذا علموا ذلك : فمن شاء أعمر ودخل على بصيرة ، ومن شاء ترك لأنهم كانوا يتوهمون أنها كالعارية ويرجع فيها ) .
الرقبي :
... وهي أن يقول الواهب لغيرة : داري لك رقبي ، أو : أرقبتك هذه الدار ، أو : جعلتها رقبي . ومعناها : إن متَّ قبلي عادت إليّ ، وإن مت قبلك استقرت لك . فهي مأخوذة من الرقوب والترقب وهو الانتظار ، لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه وينتظره . وهذه الصيغة أيضاً من صيغ الهبة المعتبرة شرعاً ، رغم تقييدها بشرط فهي هبة صحيحة ، والشرط لاغٍ ، لورود السنّة بصحتها كالعمري .
... روى جابر رضي الله عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( العُمْرَي جائزةّ لأهْلها والرُّقْبي جائزة لأهلها )) : أي نافذة وماضية . ( أخرجه الترمذي في الأحكام ، باب : ما جاء في الرقبي ، رقم : 1351 ، وقال : هذا حديث حسن . وأبو داود في البيوع ، باب الرقبي ، رقم : 3558 .وإبن ماجه في الهبات ، باب : الرقبي ، رقم : 2383 ) .
... وهذا استثناء أيضاً من بطلان الهبة المقيدة بشرط كما علمت .
... جاء في (( مغني المحتاج )) : قال السبكي : وصحة العمرى والرقبي بعيد عن القياس ، لكن الحديث مقدَّم على كل أصل وكل قياس .
الكلمات المفتاحية :
الفقه الشافعي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: