الشافعية فقه - البيوع - الريا - العرايا ج 24
أن لا يكون
فيها زيادة ولا نقصان عن أصل العقد ، فلا يُزاد في أحد البدلين ولا يُنقص منه ،
لأنها – كما قلنا – فسخ ، أي رفع للعقد الذي جرى، وعودة بالمتعاقدين إلى ما كانا
عليه قبل العقد .
ولذا لو كانت الإقالة في البيع ، وزاد المبيع زيادة منفصلة متولِّدة من
الأصل ، كأن يكون المبيع شاة فتلد ، امتنعت الإقالة .
وبناء على ذلك تصحّ على الزيادة والنقصان .
وهذا ما يجري عليه أكثر الناس في أيامنا هذه ، إذ إنهم لا يرضَوْن بالإقالة ما لم يكن من طالبها تنازل عن شيء من حقه، أو أن يعطي الطرف الثاني ما يرضيه ليرجع عن العقد ويقبل برفعه .
الباب الثاني
السلم
السلم
تعريفه :
هو – في اللغة – السلف ، أي التقديم .
وشرعاً : هو بيع شيء موصوف في الذمة بلفظ السلم أو السلف .
وهو نوع من البيوع ، وهو مستثنى من بيع المعدوم وما ليس عند الإنسان .
مشروعيته :
قلنا : إن عقد السلم مستثنى من بيع المعدوم ، وقد علمنا أنه لا يصحّ بيع المعدوم ، وإنما استُثني السلم من ذلك لحاجة الناس إلى مثل هذا العقد .
روى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ المدينةَ وهم يُسْلِفُونَ في الثمار السنة والسنتين ، فقال : " من أسْلَفَ فَلْيُسلفْ في كيل معلوم ، ووزْن معلم ، إلى أجل معلوم " ( البخاري : السلم ، باب : السلم في وزن معلوم ، رقم : 2125. مسلم في المساقاة ، باب : السلم، رقم : 1604 ) .
وعن عبد الرحمن بن أبزي وعبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قالا : كنّا نصيب المغانم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان يأتينا من أنْبًاطِ الشام ، فنسلفهم في الحنطة والشعير والزيت إلى أجَل مسمى . قبل : أكان لهم زرع أو لم يكن ؟ قالا : ما كنا نسألُهم عن ذلك ( البخاري : السلم ، باب: السلم إلى من ليس عنده أصل ، رقم : 2128 ) .
ولذا لو كانت الإقالة في البيع ، وزاد المبيع زيادة منفصلة متولِّدة من
الأصل ، كأن يكون المبيع شاة فتلد ، امتنعت الإقالة .
وبناء على ذلك تصحّ على الزيادة والنقصان .
وهذا ما يجري عليه أكثر الناس في أيامنا هذه ، إذ إنهم لا يرضَوْن بالإقالة ما لم يكن من طالبها تنازل عن شيء من حقه، أو أن يعطي الطرف الثاني ما يرضيه ليرجع عن العقد ويقبل برفعه .
الباب الثاني
السلم
السلم
تعريفه :
هو – في اللغة – السلف ، أي التقديم .
وشرعاً : هو بيع شيء موصوف في الذمة بلفظ السلم أو السلف .
وهو نوع من البيوع ، وهو مستثنى من بيع المعدوم وما ليس عند الإنسان .
مشروعيته :
قلنا : إن عقد السلم مستثنى من بيع المعدوم ، وقد علمنا أنه لا يصحّ بيع المعدوم ، وإنما استُثني السلم من ذلك لحاجة الناس إلى مثل هذا العقد .
روى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ المدينةَ وهم يُسْلِفُونَ في الثمار السنة والسنتين ، فقال : " من أسْلَفَ فَلْيُسلفْ في كيل معلوم ، ووزْن معلم ، إلى أجل معلوم " ( البخاري : السلم ، باب : السلم في وزن معلوم ، رقم : 2125. مسلم في المساقاة ، باب : السلم، رقم : 1604 ) .
وعن عبد الرحمن بن أبزي وعبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قالا : كنّا نصيب المغانم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان يأتينا من أنْبًاطِ الشام ، فنسلفهم في الحنطة والشعير والزيت إلى أجَل مسمى . قبل : أكان لهم زرع أو لم يكن ؟ قالا : ما كنا نسألُهم عن ذلك ( البخاري : السلم ، باب: السلم إلى من ليس عنده أصل ، رقم : 2128 ) .
وقد روى عن
ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : أشهد أن الله تعالى أحلّ السلف المضمون ، وأنزل
فيه أطول آية في كتابه ، وتلا قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ..}البقرة282
وانظر تفسير الآية عند ابن كثير .
ووجه دلالة الآية على مشروعية السلم أنه نوع ديْن ، والآية أقرت الدين وأجازته، فيكون السلم جائزاً .
حكمة تشريعه :
أشرنا أن القياس في السلم أن يكون غير مشروع ، لأنه بيع المعدوم وما ليس عند الإنسان ، وإنما شرع لحاجة الناس إليه . وهذه الحاجة تظهر في أن أصحاب الصناعات والأعمال ، وكذلك أصحاب الأراضي والأشجار ، كثيراً ما يحتاجون إلى المال من اجل تأمين السلع الأولية لمنتجاتهم ، أو تهيئة الآلات والأدوات لمصانعهم ، وكذلك الزرّاع ربما احتاجوا للمال من رجل رعاية أراضيهم وحفظ بساتينهم . وقد لا يجد هؤلاء المال لدى مَن يمكن أن يقدّمه لهم قرضاً ، وقد لا يرضى بذلك ، فيسّر لهم الشرع أن يستلفوا هذا المال على أساس أن يقدموا بدله منتجاتهم من زرع أو ثمر أو سلع ونحو ذلك .
وكذلك التجار الذين يرغبون بتأمين السلع والبضائع في الوقت المناسب ، قد لا يجدون مَن يبيعهم ذلك في حينه ، ويكون المال متوفراً لديهم ، فيسّر لهم الشرع أن يسلفوا هذا المال في البضائع التي يرغبون .
وهكذا نجد أن تشريع السلم حقّق مصالح عدّة ، إذ يسّر المال لمن لا يجده والبضاعة لمن يرغب بها ، وفتح الطريق أمام المال ليقوم بوظيفته الأساسية ، ألا وهي قوام عيش الناس ، فلم يبق مخزوناً مكنوزاً . وتلافي أخطار بيع المعدوم بالشروط والقيود التي أحاط بها هذا العقد ، والتي ستراها خلال البحث .
أركانه وشروطه :
أركان عقد السلم أربعة : عاقدان وصيغة ورأس مال السلم والمُسلَم فيه ، ولكلِّ منها شروط .
1- الركن الأول : العاقدان :
ووجه دلالة الآية على مشروعية السلم أنه نوع ديْن ، والآية أقرت الدين وأجازته، فيكون السلم جائزاً .
حكمة تشريعه :
أشرنا أن القياس في السلم أن يكون غير مشروع ، لأنه بيع المعدوم وما ليس عند الإنسان ، وإنما شرع لحاجة الناس إليه . وهذه الحاجة تظهر في أن أصحاب الصناعات والأعمال ، وكذلك أصحاب الأراضي والأشجار ، كثيراً ما يحتاجون إلى المال من اجل تأمين السلع الأولية لمنتجاتهم ، أو تهيئة الآلات والأدوات لمصانعهم ، وكذلك الزرّاع ربما احتاجوا للمال من رجل رعاية أراضيهم وحفظ بساتينهم . وقد لا يجد هؤلاء المال لدى مَن يمكن أن يقدّمه لهم قرضاً ، وقد لا يرضى بذلك ، فيسّر لهم الشرع أن يستلفوا هذا المال على أساس أن يقدموا بدله منتجاتهم من زرع أو ثمر أو سلع ونحو ذلك .
وكذلك التجار الذين يرغبون بتأمين السلع والبضائع في الوقت المناسب ، قد لا يجدون مَن يبيعهم ذلك في حينه ، ويكون المال متوفراً لديهم ، فيسّر لهم الشرع أن يسلفوا هذا المال في البضائع التي يرغبون .
وهكذا نجد أن تشريع السلم حقّق مصالح عدّة ، إذ يسّر المال لمن لا يجده والبضاعة لمن يرغب بها ، وفتح الطريق أمام المال ليقوم بوظيفته الأساسية ، ألا وهي قوام عيش الناس ، فلم يبق مخزوناً مكنوزاً . وتلافي أخطار بيع المعدوم بالشروط والقيود التي أحاط بها هذا العقد ، والتي ستراها خلال البحث .
أركانه وشروطه :
أركان عقد السلم أربعة : عاقدان وصيغة ورأس مال السلم والمُسلَم فيه ، ولكلِّ منها شروط .
1- الركن الأول : العاقدان :
وهما المشتري
الذي يسلف ماله مقابل السلعة التي يرغب بها ، ويسمى المُسلم .
والبائع الذي يستسلف المال ليقدم السلعة بمقابله ، ويسمى المسلَم إليه . ويشترط فيهما ما يشترط في البائع والمشتري في عقد البيع ، من العقل والبلوغ والاختيار ونحو ذلك .
ويستثنى شرط البصر ، فإن الأعمى يصحّ السلم منه بينما لا يصح بيعه كما علمنا ، لأن البيع يُشترط فيه رؤية المبيع من المتعاقدين ، وفي السلم المبيع موصوف في الذمّة ، فيمكن معرفة صفاته بالسماع ، وعند القبض يوكل مَن يقوم بذلك ليتحقق من وجود الصفات المشروطة .
2- الركن الثاني : الصيغة :
وهي الإيجاب والقبول ، كأن يقول صاحب المال : أسلفتك أو أسلمتك هذه الألف دينار في ألف ثوب صفتها كذا مثلاً ، فيقول المسلَم إليه : قبلت ، أو استلفت ، أو استسلمت ، ونحو ذلك .
ويشترط فيها ما يشترط في الصيغة في البيع من اتحاد المجلس وموافقة الإيجاب للقبول ونحو ذلك .
ويضاف إلى ما سبق : أن تكون الصيغة بلفظ السلم أو السلف ، فلا تصحّ بغيرهما .
وكذلك يشترط خلو العقد عن خيار الشرط ، أي أن يكون العقد باتاً ، لأن خيار الشرط شُرع استثناءً في عقد البيع المطلق ، فلا يُقاس على البيع غيره ، فيبقى شرط الخيار فيه على أصل المنع .
وكذلك يشترط في السلم تسليم رأس المال في مجلس العقد – كما ستعلم – وخيار الشرط في العقد بمنع تحقّق ذلك ، لأن شرط الخيار يمنع ثبوت الملْك للمسلَم إليه في الثمن ، فيكون قبضه صورة ، ويؤدي ذلك إلى افتراق العاقدين قبل تمام العقد ، وذلك لا يجوز ، فيكون العقد الذي شرط فيه الخيار باطلاً .
أما خيار المجلس : فإنه يثبت في عقد السلم ، لأنه ينقضي بالتفرّق ، فيكون تفرّق العاقدين عن تمام العقد ، فلا تعارض بين خيار المجلس وشروط عقد السلم .
3- الركن الثالث : رأس المال :
وهو الثمن الذي يدفعه المشتري سلفاً إلى البائع ، ويشترط فيه :
والبائع الذي يستسلف المال ليقدم السلعة بمقابله ، ويسمى المسلَم إليه . ويشترط فيهما ما يشترط في البائع والمشتري في عقد البيع ، من العقل والبلوغ والاختيار ونحو ذلك .
ويستثنى شرط البصر ، فإن الأعمى يصحّ السلم منه بينما لا يصح بيعه كما علمنا ، لأن البيع يُشترط فيه رؤية المبيع من المتعاقدين ، وفي السلم المبيع موصوف في الذمّة ، فيمكن معرفة صفاته بالسماع ، وعند القبض يوكل مَن يقوم بذلك ليتحقق من وجود الصفات المشروطة .
2- الركن الثاني : الصيغة :
وهي الإيجاب والقبول ، كأن يقول صاحب المال : أسلفتك أو أسلمتك هذه الألف دينار في ألف ثوب صفتها كذا مثلاً ، فيقول المسلَم إليه : قبلت ، أو استلفت ، أو استسلمت ، ونحو ذلك .
ويشترط فيها ما يشترط في الصيغة في البيع من اتحاد المجلس وموافقة الإيجاب للقبول ونحو ذلك .
ويضاف إلى ما سبق : أن تكون الصيغة بلفظ السلم أو السلف ، فلا تصحّ بغيرهما .
وكذلك يشترط خلو العقد عن خيار الشرط ، أي أن يكون العقد باتاً ، لأن خيار الشرط شُرع استثناءً في عقد البيع المطلق ، فلا يُقاس على البيع غيره ، فيبقى شرط الخيار فيه على أصل المنع .
وكذلك يشترط في السلم تسليم رأس المال في مجلس العقد – كما ستعلم – وخيار الشرط في العقد بمنع تحقّق ذلك ، لأن شرط الخيار يمنع ثبوت الملْك للمسلَم إليه في الثمن ، فيكون قبضه صورة ، ويؤدي ذلك إلى افتراق العاقدين قبل تمام العقد ، وذلك لا يجوز ، فيكون العقد الذي شرط فيه الخيار باطلاً .
أما خيار المجلس : فإنه يثبت في عقد السلم ، لأنه ينقضي بالتفرّق ، فيكون تفرّق العاقدين عن تمام العقد ، فلا تعارض بين خيار المجلس وشروط عقد السلم .
3- الركن الثالث : رأس المال :
وهو الثمن الذي يدفعه المشتري سلفاً إلى البائع ، ويشترط فيه :
أ – أن يكون
معلوماً للعاقدين قدراً وصفة ، بأن يكون – مثلاً – ألف دينارٍ أو ألفي درهم ، وإذا
كان الثمن مما يُباع بالكيل أو الوزن ، كأن يكون حنطة أو سكراً ونحو ذلك ، يشترط
بيان قدره كيلاً ووزناً ، كألف مدّ أو ألف رطل ، وكذلك يشترط عندها بيان صفته من
حيث الجودة والرداءة .
فإن كان مشاهداً ، كأن يسلفه كومة من الحنطة في سلعة ما ، أو هذه الدراهم ، اشترط بيان القدر ، ويستغنى عن ذكر الصفة والجنس والنوع ، لأن المشاهدة تنوب مناب ذلك في البيان .
ب – تسليم رأس المال من رب المال في مجلس العقد وقبض المسلَم إليه له ، وذلك قبل تفرق أبدانهما ، لأن التسليم هو أصل معنى السلم ، فإذا لم يوجد ذلك لم يوجد العقد ، ولأنه يصير في معنى بيع الدين بالدَّيْن ، وهو منهي عنه كما علمت .
ويشترط فيه القبض الحقيقي ، فلو أحال برأس مال السلم ليقبضه المسلم إليه لم يصح ، لأن الحوالة ليست بقبض .
4- الركن الرابع : المسلم فيه :
وهو الشيء المبيع محل العقد ، الذي تعهّد البائع بتأديته إلى المشتري ، مقابل رأس مال السلم المدفوع سلفاً . ويشترط فيه :
أ – أن يكون مما يمكن ضبطه بالوصف ، الذي تختلف به الأغراض ، بحيث تنتفي الجهالة عنه ، ولا يبقى إمكان للاختلاف بين أفراد جنسه إلا بتفاوت يسير يتساهل الناس به عادة .
ودليل ذلك : ما رواه عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : إنّا كنّا نُسْلف على عهد رسول الله ( وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الحنطة والشعير والزبيب والتَّمْر ( أخرجه البخاري في المسلم ، باب : السلم إلى مَن ليس عنده أصل ، رقم : 2128 ) .
وهذه الأصناف كلها مما يمكن ضبطه .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في السلم في الكرابيس : إذا كان ذَرْعاً معلوماً إلى أجلِ معلوم فلا بَأْسَ .
والكرابيس : ثياب تتخذ من القطن الأبيض ، فهي مما يضبط بالوصف
فإن كان مشاهداً ، كأن يسلفه كومة من الحنطة في سلعة ما ، أو هذه الدراهم ، اشترط بيان القدر ، ويستغنى عن ذكر الصفة والجنس والنوع ، لأن المشاهدة تنوب مناب ذلك في البيان .
ب – تسليم رأس المال من رب المال في مجلس العقد وقبض المسلَم إليه له ، وذلك قبل تفرق أبدانهما ، لأن التسليم هو أصل معنى السلم ، فإذا لم يوجد ذلك لم يوجد العقد ، ولأنه يصير في معنى بيع الدين بالدَّيْن ، وهو منهي عنه كما علمت .
ويشترط فيه القبض الحقيقي ، فلو أحال برأس مال السلم ليقبضه المسلم إليه لم يصح ، لأن الحوالة ليست بقبض .
4- الركن الرابع : المسلم فيه :
وهو الشيء المبيع محل العقد ، الذي تعهّد البائع بتأديته إلى المشتري ، مقابل رأس مال السلم المدفوع سلفاً . ويشترط فيه :
أ – أن يكون مما يمكن ضبطه بالوصف ، الذي تختلف به الأغراض ، بحيث تنتفي الجهالة عنه ، ولا يبقى إمكان للاختلاف بين أفراد جنسه إلا بتفاوت يسير يتساهل الناس به عادة .
ودليل ذلك : ما رواه عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : إنّا كنّا نُسْلف على عهد رسول الله ( وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الحنطة والشعير والزبيب والتَّمْر ( أخرجه البخاري في المسلم ، باب : السلم إلى مَن ليس عنده أصل ، رقم : 2128 ) .
وهذه الأصناف كلها مما يمكن ضبطه .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في السلم في الكرابيس : إذا كان ذَرْعاً معلوماً إلى أجلِ معلوم فلا بَأْسَ .
والكرابيس : ثياب تتخذ من القطن الأبيض ، فهي مما يضبط بالوصف
وعن أبي النضر
رضي الله عنه قال : سئل عمر رضي الله عنه عن السلم في السّرَق ، قال : لا بأس .
والسّرَقة : الشقة من الحرير ، وهو مما يمكن ضبطه .
ويقاس على هذه الأشياء المذكورة غيرها مما لم يذكر ، سواء أكان موجوداً قديماً أم وجد الآن أو يوجد في المستقبل ، طالما أنه في معناها ، أي مما يمكن ضبطه بالوصف ، ولو لم يكن مثلياً .
فإذا كان لا يمكن ضبطه بالوصف فلا يجوز السلم فيه ولا يصح ، لأنه عقد على ما فيه جهالة فاحشة تؤدي إلى النزاع . ويذكر الفقهاء هنا أمثلة كالجلود ، فإنها تختلف رقّة وثخونة ، وتلك أغراض مقصودة . وكالجواهر النفيسة ، فإن قيمتها تختلف باختلاف صفائها ، وذلك مما لا يمكن ضبطه . ويلحق بهذا في أيامنا كل ما كان في معناه لدى التجار .
ويدخل في مالا ينضبط ولا يصح السلم فيه : كل ما أثَّرت فيه النار شيّاً أو قلياً أو طبخاً ، لأن تأثير النار فيه مختلف ، فلا يمكن ضبطه .
أما ما أثرت فيه النار للتمييز ، كالسمن ليميز منه اللبن ، والعسل ليميز منه الشمع ، فإنه يصح السلم فيه ، لضعف تأثير النار فيه في هذه الحالة .
ب – أن يكون معلوم الجنس والنوع والقدر والصفة للمتعاقدين ، أما الجنس كأن يكون قمحاً أو شعيراً . والنوع كأن يكون بلدياً أو جلباً ( أي مستورداً من بلد معين ) . والقدر كألف صاع إن كان مكيلاً ، أو بالوزن كان موزوناً ، أو بالعدد إن كان معدوداً ، أو بالذَّرْع – أي بالقياس – إن كان مذروعاً . والصفة كأن يذكر لونه أو نقشه أو شكله ، ورقته أو ثخونته ، وغير ذلك من الأوصاف التي تختلف بها الأغراض ، كما ذكرنا .
... ودليل ذلك قوله ( : ( مَن أسلفَ فلسْلفْ في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ ) ويقاس على القدر غيره من الأمور التي تحدد العلم بالمبيع .
ج – أن لا يكون مختلطاً من أجناس مختلفة ، كعلف مخلوط من شعير وغيره مثلاً ، أو طيب مخلوط من مسك وعنبر وغيرهما ، ونسبة كل جنس في الخليط مجهولة .
ويقاس على هذه الأشياء المذكورة غيرها مما لم يذكر ، سواء أكان موجوداً قديماً أم وجد الآن أو يوجد في المستقبل ، طالما أنه في معناها ، أي مما يمكن ضبطه بالوصف ، ولو لم يكن مثلياً .
فإذا كان لا يمكن ضبطه بالوصف فلا يجوز السلم فيه ولا يصح ، لأنه عقد على ما فيه جهالة فاحشة تؤدي إلى النزاع . ويذكر الفقهاء هنا أمثلة كالجلود ، فإنها تختلف رقّة وثخونة ، وتلك أغراض مقصودة . وكالجواهر النفيسة ، فإن قيمتها تختلف باختلاف صفائها ، وذلك مما لا يمكن ضبطه . ويلحق بهذا في أيامنا كل ما كان في معناه لدى التجار .
ويدخل في مالا ينضبط ولا يصح السلم فيه : كل ما أثَّرت فيه النار شيّاً أو قلياً أو طبخاً ، لأن تأثير النار فيه مختلف ، فلا يمكن ضبطه .
أما ما أثرت فيه النار للتمييز ، كالسمن ليميز منه اللبن ، والعسل ليميز منه الشمع ، فإنه يصح السلم فيه ، لضعف تأثير النار فيه في هذه الحالة .
ب – أن يكون معلوم الجنس والنوع والقدر والصفة للمتعاقدين ، أما الجنس كأن يكون قمحاً أو شعيراً . والنوع كأن يكون بلدياً أو جلباً ( أي مستورداً من بلد معين ) . والقدر كألف صاع إن كان مكيلاً ، أو بالوزن كان موزوناً ، أو بالعدد إن كان معدوداً ، أو بالذَّرْع – أي بالقياس – إن كان مذروعاً . والصفة كأن يذكر لونه أو نقشه أو شكله ، ورقته أو ثخونته ، وغير ذلك من الأوصاف التي تختلف بها الأغراض ، كما ذكرنا .
... ودليل ذلك قوله ( : ( مَن أسلفَ فلسْلفْ في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ ) ويقاس على القدر غيره من الأمور التي تحدد العلم بالمبيع .
ج – أن لا يكون مختلطاً من أجناس مختلفة ، كعلف مخلوط من شعير وغيره مثلاً ، أو طيب مخلوط من مسك وعنبر وغيرهما ، ونسبة كل جنس في الخليط مجهولة .
... فإن عُلمت
مقادير الأجناس المختلطة ، ونسبة كل جنس في الخليط ، وأمكن ضبطها بالوصف ، صحّ
السلم فيها ، كثياب مصنوعة من صوف وقطن – مثلاً – ونسبة كلّ من الصوف والقطن محددة
معلومة .
وكذلك يصحّ السلم في الجنس الذي اختلط به غيره إذا كان خلطه فيه لمصلحته وحفظه ، كالجبن – مثلاً – يخالط اللبن فيه الملح والأنفحة ، وهي لمصلحته ، فيجوز السلم فيه .
د – أن يكون المسلم فيه ديناً ، أي شيئاً موصوفاً في الذمّة غير معين ، كأن يسلمه ألف دينار – مثلاً - في مائة ثوب مضبوط بالوصف . فإذا قال أسلمتك ألف دينار بهذه الأثواب المائة ، وهي موجودة معينة ، لم يصح السلم ، لأن السلم شُرع لبيع شئ موصوف في الذمة ، ولفظه يدل على هذا المعنى . لأن ينعقد بيعاً ، لأن لفظ السلم يقتضي أن يكون المبيع ديناً ، ولفظ هذه الأثواب يقتضي أن يكون المبيع عيناً ، فصار تناقض بين اللفظين ، فلم يصح العقد .
هـ - أن يكون مقدوراً على تسليمه ، من حيث الأجل والنوع ، بأن يغلب على الظن وجود نوعه عندما يحين وقت استحقاقه ، ولو بالنقل من بلد إلى آخر ، إذا كان من المعتاد نقله منه للبيع ونحوه . فلو أسلم فيما ينقطع وجوده غالباً وقت حلول الأجل ، كعنب في الشتاء أو رطب ونحو ذلك ، لم يصح السلم . وكذلك لو أسلم فيما يندر وجوده من حيث نوعه ، كبطيخ بحجم معين ، أو من موضع معين يقلّ فيه إنتاجه لصغر البلد مثلاً ، لأن الغالب عدم القدرة على تسليم ذلك ، فربما جاءت آفة أو طرأ حادث على إنتاج ذلك البلد ، فيفقد .
ولو أسلم فيما يغلب وجوده ، فلم يتوفر عند حلول وقت الاستحقاق ، لم ينفسخ العقد ، بل يخيَّر المسلم صاحب المال : بين أن ينتظر حتى يتوفر المسلم فيه ، وبين أن يفسخ العقد ويسترد رأس المال الذي دفعه دون زيادة أو نقصان .
وكذلك يصحّ السلم في الجنس الذي اختلط به غيره إذا كان خلطه فيه لمصلحته وحفظه ، كالجبن – مثلاً – يخالط اللبن فيه الملح والأنفحة ، وهي لمصلحته ، فيجوز السلم فيه .
د – أن يكون المسلم فيه ديناً ، أي شيئاً موصوفاً في الذمّة غير معين ، كأن يسلمه ألف دينار – مثلاً - في مائة ثوب مضبوط بالوصف . فإذا قال أسلمتك ألف دينار بهذه الأثواب المائة ، وهي موجودة معينة ، لم يصح السلم ، لأن السلم شُرع لبيع شئ موصوف في الذمة ، ولفظه يدل على هذا المعنى . لأن ينعقد بيعاً ، لأن لفظ السلم يقتضي أن يكون المبيع ديناً ، ولفظ هذه الأثواب يقتضي أن يكون المبيع عيناً ، فصار تناقض بين اللفظين ، فلم يصح العقد .
هـ - أن يكون مقدوراً على تسليمه ، من حيث الأجل والنوع ، بأن يغلب على الظن وجود نوعه عندما يحين وقت استحقاقه ، ولو بالنقل من بلد إلى آخر ، إذا كان من المعتاد نقله منه للبيع ونحوه . فلو أسلم فيما ينقطع وجوده غالباً وقت حلول الأجل ، كعنب في الشتاء أو رطب ونحو ذلك ، لم يصح السلم . وكذلك لو أسلم فيما يندر وجوده من حيث نوعه ، كبطيخ بحجم معين ، أو من موضع معين يقلّ فيه إنتاجه لصغر البلد مثلاً ، لأن الغالب عدم القدرة على تسليم ذلك ، فربما جاءت آفة أو طرأ حادث على إنتاج ذلك البلد ، فيفقد .
ولو أسلم فيما يغلب وجوده ، فلم يتوفر عند حلول وقت الاستحقاق ، لم ينفسخ العقد ، بل يخيَّر المسلم صاحب المال : بين أن ينتظر حتى يتوفر المسلم فيه ، وبين أن يفسخ العقد ويسترد رأس المال الذي دفعه دون زيادة أو نقصان .
وينبغي
الانتباه هنا إلى أنه لا يجوز أن يُسْتَبْدَل المسلم فيه بغيره ، كأن يستبدل البر
مثلاً بسمن ، أو يستبدل الثياب بحديد ، أو نحو ذلك . بل يفسخ عقد السلم أولاً إذا
لم يرغب بالانتظار ، وبعدها : إما أن يسترد رأس المال فيشتري به ما شاء من المسلم
إليه أو غيره . أو أن يبقى رأس المال في ذمته ، والمسلم إليه له الخيار أن يبيعه
به ما يشاء من سلع عنده ، أو يردّه إليه .
وكذلك ينبغي الانتباه هنا إلى أنه ليس للمسلم رب المال : أن يبيع المسلم فيه إلى أحد قبل أن يقبضه ، على خلاف ما يفعل الكثير من التجار اليوم ، حيث إنهم يبيعون السلع المستوردة قبل وصولها واستلامها . وطريق تصحيح ذلك أن يبيعوها سلماً بالشروط التي سبقت ، وعندها يكون البائع ملزماً بتسليم المبيع المسلم فيه حسب الشروط ، سواء من تلك البضاعة المستوردة أم من غيرها ، وله أن يسلمها من غيرها إذا وافقت الشروط المتفق عليها ، ولو سلمت بضاعته واستلمها .
و – تعيين الأجل الذي يجب عنده تسليمه ، وأن يكون الأجل محدداً معلوماً ، كأن يقول : أسلمتك ألف درهم في عشرة أثواب صفتها كذا ، على أن تسلمني إياها بعد شهر من تاريخ العقد ، أو أول شهر كذا . فإن لم يذكر أجلاً ، أو ذكر أجلاً غير محدد ، كأن يقول : إلى قدوم فلان من سفره ، أو إلى الحصاد مثلاً ، لم يصح ، لأن الأجل مجهول ، فلا يُدرى متى يقدم فلان ، والحصاد يستمر مدة ، فيقع الخلاف والنزاع في الوقت المقصود
ودليل ذلك قوله ( : ( إلى أجل معلوم ) .
وكذلك ينبغي الانتباه هنا إلى أنه ليس للمسلم رب المال : أن يبيع المسلم فيه إلى أحد قبل أن يقبضه ، على خلاف ما يفعل الكثير من التجار اليوم ، حيث إنهم يبيعون السلع المستوردة قبل وصولها واستلامها . وطريق تصحيح ذلك أن يبيعوها سلماً بالشروط التي سبقت ، وعندها يكون البائع ملزماً بتسليم المبيع المسلم فيه حسب الشروط ، سواء من تلك البضاعة المستوردة أم من غيرها ، وله أن يسلمها من غيرها إذا وافقت الشروط المتفق عليها ، ولو سلمت بضاعته واستلمها .
و – تعيين الأجل الذي يجب عنده تسليمه ، وأن يكون الأجل محدداً معلوماً ، كأن يقول : أسلمتك ألف درهم في عشرة أثواب صفتها كذا ، على أن تسلمني إياها بعد شهر من تاريخ العقد ، أو أول شهر كذا . فإن لم يذكر أجلاً ، أو ذكر أجلاً غير محدد ، كأن يقول : إلى قدوم فلان من سفره ، أو إلى الحصاد مثلاً ، لم يصح ، لأن الأجل مجهول ، فلا يُدرى متى يقدم فلان ، والحصاد يستمر مدة ، فيقع الخلاف والنزاع في الوقت المقصود
ودليل ذلك قوله ( : ( إلى أجل معلوم ) .
وينبغي
التنبيه هنا إلى أنه : لو أحضر المسلم إليه المسلم فيه قبل الأجل المسمى أجبر
المسلم رب المال على قبوله ، إن لم يكن له نفقة وكلفة خلال المدة الباقية ، ولم
يكن للمسلم غرض مقصود معتبر شرعاً بالأجل المعين أو بالامتناع من قبوله . فإن كان
له مؤنة كحيوان مثلاً ، أو كان له غرض صحيح ، كأن يكون اشتراه لمناسبة معينة ، أو
كان المجيء به في وقت نهب مثلاً ، كان له أن يمتنع ، ولا يجبر على قبوله . ومثل
ذلك ما لو كان يحتاج إلى تخزين ليباع في موسمه ، ولا مستودع عنده .
ز – أن يعيّن موضع تسليمه ، إذا كان الموضع الذي جرى فيه العقد لا يصلح لذلك ، أو كان يصلح للتسليم ولكن لنقل المسلم فيه إليه كلفة ونفقة . فإذا كان الموضع صالحاً للتسليم ولا كلفة لنقله إليه : كان هو موضع التسليم ، إذا لم يُنصّ في العقد على موضع آخر له ، فإن اتفق على موضع معين غيره صالح للتسليم تعين ذلك . ويرجع في هذا إلى العرف عند الاختلاف .
عقد الاستصناع
هو أن يطلب إنسان ممّن له صنعة : أن يصنع له شيئاً مما له علاقة بصنعته على وجه مخصوص ، وتكون مادة الصنعة من الصانع .
وهو عقد ينتشر انتشاراً واسعاً في هذا الزمن ، مما يجعلنا في حاجة أن نبيّن حكم هذا العقد . وقبل بيان حكمه نذكر أمثلة عليه :
أن يطلب من حذَّاء أن يصنع له حذاء أو أحذية ، والجلد وما يحتاج إليه من الصانع لا من المستصنع .
يدخل في هذا اليوم عمل النجّارين ، حيث يطلب صاحب بناء أو نحوه من النجّار أن يصنع له نجارة معينة ، من خشب أو ألمنيوم ، والمادة من الصانع ، وقد يدخل فيها الزجاج وغيره من أقفال ومفاتيح ومغاليق .
ويدخل في هذا صنع الأثاث المنزلي من مفروشات وغيرها ، حيث يتفق المستصنع مع الصانع على صنع غرفة نوم مثلاً ، أو مقاعد ، وما يتركب منه المصنوع كله من الصانع ، حسب نموذج معين يطلع المستصنع عليه ويحصل الاتفاق .
إلى غير ذلك من أسئلة في معنى ما ذكرنا .
ز – أن يعيّن موضع تسليمه ، إذا كان الموضع الذي جرى فيه العقد لا يصلح لذلك ، أو كان يصلح للتسليم ولكن لنقل المسلم فيه إليه كلفة ونفقة . فإذا كان الموضع صالحاً للتسليم ولا كلفة لنقله إليه : كان هو موضع التسليم ، إذا لم يُنصّ في العقد على موضع آخر له ، فإن اتفق على موضع معين غيره صالح للتسليم تعين ذلك . ويرجع في هذا إلى العرف عند الاختلاف .
عقد الاستصناع
هو أن يطلب إنسان ممّن له صنعة : أن يصنع له شيئاً مما له علاقة بصنعته على وجه مخصوص ، وتكون مادة الصنعة من الصانع .
وهو عقد ينتشر انتشاراً واسعاً في هذا الزمن ، مما يجعلنا في حاجة أن نبيّن حكم هذا العقد . وقبل بيان حكمه نذكر أمثلة عليه :
أن يطلب من حذَّاء أن يصنع له حذاء أو أحذية ، والجلد وما يحتاج إليه من الصانع لا من المستصنع .
يدخل في هذا اليوم عمل النجّارين ، حيث يطلب صاحب بناء أو نحوه من النجّار أن يصنع له نجارة معينة ، من خشب أو ألمنيوم ، والمادة من الصانع ، وقد يدخل فيها الزجاج وغيره من أقفال ومفاتيح ومغاليق .
ويدخل في هذا صنع الأثاث المنزلي من مفروشات وغيرها ، حيث يتفق المستصنع مع الصانع على صنع غرفة نوم مثلاً ، أو مقاعد ، وما يتركب منه المصنوع كله من الصانع ، حسب نموذج معين يطلع المستصنع عليه ويحصل الاتفاق .
إلى غير ذلك من أسئلة في معنى ما ذكرنا .
إن هذا العقد
موضع اختلاف لدى الفقهاء ، ونستطيع أن نقول :
إذا انطبقت عليه شروط عقد السلم التي مرّ ذكرها : من ضبطه بالوصف ، وضبط ما يدخل فيه من مواد ، ومن تحديد الأجل لتسليمه ، وتسليم ثمنه في مجلس العقد ، إلى غير ذلك من شروط ، استطعنا أن نحكم بصحته على أنه عقد سلم ، وإن جرى بلفظ البيع ، لأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني ، لا للألفاظ والمباني .
وإذا لم تنطبق عليه شروط السلم السابقة الذكر ، وهذا هو الغالب في تعامل الناس بهذا العقد ، فإن أكثر المستصنعين يدفعون للصانع قسطاً من الثمن عند التعاقد ، وقد لا يدفعون شيئاً بالكلية ، ثم يؤدون باقي الثمن أقساطاً ، أو عند الانتهاء من الصنعة ، وربما بقي للصانع شيء من الثمن يتقاضاه فيما بعد ، هذا هو الغالب في تعامل الناس ، وعليه فلا يعتبر هذا سَلماً ، وبالتالي فهو غير صحيح عند الشافعية رحمهم الله تعالى .
وقد قال بصحة هذا التعاقد السادة الحنفية رحمهم الله تعالى فيما جرى به العرف وِتعامَل الناس به ، لحاجة الناس إليه . شريطة أن يبيّن في العقد ما يزيل عن المستصنَع الجهالة المفضية إلى التنازع بين المتعاقدين ، كأن تذكر مادة الصنع ومصدرها ، وصفتها وقدرها ، وما إلى ذلك .
هذا ولا نرى مانعاً من الأخذ برأي السادة الحنفية رحمهم الله تعالى ، والحكم بصحة هذا التعامل ، تيسيراً على الناس ، إذ أن الحاجة ماسّة إليه ، والناس يتعاملونه – كما ذكرنا – في أكثر صناعاتهم ، وكل من الأئمة والفقهاء يسعى وراء الحق ، ويلتمس المصلحة لعباد الله تعالى على ما يرضي الله عزّ وجل ، ويوافق سنّة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ، والله تعالى أعلم .
بيع المنازل على الخارطة
ونرى أنه يدخل في هذا الموضوع بيع الشقق على الخارطة :
إذا انطبقت عليه شروط عقد السلم التي مرّ ذكرها : من ضبطه بالوصف ، وضبط ما يدخل فيه من مواد ، ومن تحديد الأجل لتسليمه ، وتسليم ثمنه في مجلس العقد ، إلى غير ذلك من شروط ، استطعنا أن نحكم بصحته على أنه عقد سلم ، وإن جرى بلفظ البيع ، لأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني ، لا للألفاظ والمباني .
وإذا لم تنطبق عليه شروط السلم السابقة الذكر ، وهذا هو الغالب في تعامل الناس بهذا العقد ، فإن أكثر المستصنعين يدفعون للصانع قسطاً من الثمن عند التعاقد ، وقد لا يدفعون شيئاً بالكلية ، ثم يؤدون باقي الثمن أقساطاً ، أو عند الانتهاء من الصنعة ، وربما بقي للصانع شيء من الثمن يتقاضاه فيما بعد ، هذا هو الغالب في تعامل الناس ، وعليه فلا يعتبر هذا سَلماً ، وبالتالي فهو غير صحيح عند الشافعية رحمهم الله تعالى .
وقد قال بصحة هذا التعاقد السادة الحنفية رحمهم الله تعالى فيما جرى به العرف وِتعامَل الناس به ، لحاجة الناس إليه . شريطة أن يبيّن في العقد ما يزيل عن المستصنَع الجهالة المفضية إلى التنازع بين المتعاقدين ، كأن تذكر مادة الصنع ومصدرها ، وصفتها وقدرها ، وما إلى ذلك .
هذا ولا نرى مانعاً من الأخذ برأي السادة الحنفية رحمهم الله تعالى ، والحكم بصحة هذا التعامل ، تيسيراً على الناس ، إذ أن الحاجة ماسّة إليه ، والناس يتعاملونه – كما ذكرنا – في أكثر صناعاتهم ، وكل من الأئمة والفقهاء يسعى وراء الحق ، ويلتمس المصلحة لعباد الله تعالى على ما يرضي الله عزّ وجل ، ويوافق سنّة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ، والله تعالى أعلم .
بيع المنازل على الخارطة
ونرى أنه يدخل في هذا الموضوع بيع الشقق على الخارطة :
فإنها إذا
كانت منضبطة الأوصاف ، معلومة المقادير الداخلة في الصنع للمتعاقدين، كالإسمنت
والحديد ونحو ذلك ، وسلم الثمن كله في مجلس العقد ، صحّ العقد والبيع من باب السلم
.
وإذا لم تنطبق شروط السلم على العقد – وهذا هو الغالب في تعامل الناس ، إذ أننا لا نجد مَن يدفع الثمن كله عند التعاقد ، ولا يعرف أحد عنده أيضاً ما يدخل في البناء من مواد الصنع – كان ذلك عقد استصناع ، واعتبر العقد صحيحاً ، طالما أن الناس يتعاملون بهذا ، شريطة أن توضّح مواصفات البناء عند التعاقد بحيث لا تبقى جهالة تؤدي إلى النزاع ، أن لا يكون في ذلك شيء من الشروط الباطلة والفاسدة التي لا توافق شرع الله تعالى ، وقد تعود على العقد بالبطلان .
الباب الثالث
الرّبا
الربا
تعريف الربا :
في اللغة : هو مصدر : ربا يربو ، إذا زاد ونما ، فهو بمعنى الفضل والزيادة والنماء ، ومنه : قوله تعالى : { َتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ }الحج5 أي تحركت وارتفعت وزادت عمّا كانت عليه قبل نزول الماء .
وقوله تعالى : { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ }النحل92 أي أكثر عدداً وقوة .
وقوله تعالى : {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ }الروم39 أي وكل ما تعطونه لأكلة الربا من زيادة على رؤوس أموالهم ، لتزيد أموالهم وتنمو بها ، فإن الله تعالى يمحقه ولا يبارك فيه .
وفي اصطلاح الفقهاء : عقد على عوض مخصوص ، غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد ، أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما .
والمراد بالعوض المخصوص : الأموال الربوية التي سيأتي بيانها .
وغير معلوم التماثل : كأن يكون أحد العوضين متفاضلاً مع العوض الآخر أو مجهول التساوي معه .
ومعيار الشرع هو : الكيل في المكيلات ، والوزن في الموزونات .
وإذا لم تنطبق شروط السلم على العقد – وهذا هو الغالب في تعامل الناس ، إذ أننا لا نجد مَن يدفع الثمن كله عند التعاقد ، ولا يعرف أحد عنده أيضاً ما يدخل في البناء من مواد الصنع – كان ذلك عقد استصناع ، واعتبر العقد صحيحاً ، طالما أن الناس يتعاملون بهذا ، شريطة أن توضّح مواصفات البناء عند التعاقد بحيث لا تبقى جهالة تؤدي إلى النزاع ، أن لا يكون في ذلك شيء من الشروط الباطلة والفاسدة التي لا توافق شرع الله تعالى ، وقد تعود على العقد بالبطلان .
الباب الثالث
الرّبا
الربا
تعريف الربا :
في اللغة : هو مصدر : ربا يربو ، إذا زاد ونما ، فهو بمعنى الفضل والزيادة والنماء ، ومنه : قوله تعالى : { َتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ }الحج5 أي تحركت وارتفعت وزادت عمّا كانت عليه قبل نزول الماء .
وقوله تعالى : { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ }النحل92 أي أكثر عدداً وقوة .
وقوله تعالى : {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ }الروم39 أي وكل ما تعطونه لأكلة الربا من زيادة على رؤوس أموالهم ، لتزيد أموالهم وتنمو بها ، فإن الله تعالى يمحقه ولا يبارك فيه .
وفي اصطلاح الفقهاء : عقد على عوض مخصوص ، غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد ، أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما .
والمراد بالعوض المخصوص : الأموال الربوية التي سيأتي بيانها .
وغير معلوم التماثل : كأن يكون أحد العوضين متفاضلاً مع العوض الآخر أو مجهول التساوي معه .
ومعيار الشرع هو : الكيل في المكيلات ، والوزن في الموزونات .
والتقييد
بحالة العقد احتراز عمّا لو علم التماثل بين البلدين بعد العقد . كما لو باعه كومة
من قمح بكومة أخرى ، ولا يعلم قدرهما ، فهو عقد ربوي ، تنطبق عليه أحكام الربا
الآتية ، حتى ولو كيلت الكومتان بعد العقد وخرجتا متماثلتين ، لأن التماثل كان
مجهولاً حالة العقد .
والمراد بالتأخير في البدلين أو أحدهما : عدم التقابض في المجلس بين المتعاقدين ، أو اشتراط الأجل في العقد .
الأموال التي يجري فيها الربا :
يجري الربا في الأموال الستة التالية ، وهي :
الذهب ، والفضة ، والقمح ، والشعير ، والتمر ، والملح . وذلك لورود النص صريحاً فيها .
روى البخاري ومسلم وغيرهما : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء " وفي رواية : " الورق بالذهب ربا إلا هاء وهاء " البخاري في البيوع ، باب : ما يذكر في بيع الطعام والحكرة(1) ، رقم : 2027 ومسلم في المساقاة ، باب : الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً ، رقم : 1586 ) .
[ هاء وهاء : اسم فعل بمعنى خذ ، والمراد : أن يعطي كل من المتعاقدين ما في يده من العوض ، ويحصل التقايض في المجلس . البر : الحنطة . الورق : الفضة ] .
وقد جاء النص على هذه الأشياء ، بالإضافة إلى الملح ، في أحاديث كثيرة ستأتي معنا خلال البحث .
وكما يجري الربا في تلك الأموال الستة يجري في غيرها ، وذلك أن الحكم فيها معلّل ، فُيقاس عليها كل مالٍ توجد فيه العلة المعتبرة في تحقق وصف الربا .
علة الربا :
المراد بعلة الربا الوصف الذي إذا وجد في المال كان مالاً ربوياً ، وإذا وجد نفسه في العوضين كانت المعاملة ربوية .
__________
(1) الحكرة : حبس السلع عن البيع ، كالاحتكار .
والمراد بالتأخير في البدلين أو أحدهما : عدم التقابض في المجلس بين المتعاقدين ، أو اشتراط الأجل في العقد .
الأموال التي يجري فيها الربا :
يجري الربا في الأموال الستة التالية ، وهي :
الذهب ، والفضة ، والقمح ، والشعير ، والتمر ، والملح . وذلك لورود النص صريحاً فيها .
روى البخاري ومسلم وغيرهما : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء " وفي رواية : " الورق بالذهب ربا إلا هاء وهاء " البخاري في البيوع ، باب : ما يذكر في بيع الطعام والحكرة(1) ، رقم : 2027 ومسلم في المساقاة ، باب : الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً ، رقم : 1586 ) .
[ هاء وهاء : اسم فعل بمعنى خذ ، والمراد : أن يعطي كل من المتعاقدين ما في يده من العوض ، ويحصل التقايض في المجلس . البر : الحنطة . الورق : الفضة ] .
وقد جاء النص على هذه الأشياء ، بالإضافة إلى الملح ، في أحاديث كثيرة ستأتي معنا خلال البحث .
وكما يجري الربا في تلك الأموال الستة يجري في غيرها ، وذلك أن الحكم فيها معلّل ، فُيقاس عليها كل مالٍ توجد فيه العلة المعتبرة في تحقق وصف الربا .
علة الربا :
المراد بعلة الربا الوصف الذي إذا وجد في المال كان مالاً ربوياً ، وإذا وجد نفسه في العوضين كانت المعاملة ربوية .
__________
(1) الحكرة : حبس السلع عن البيع ، كالاحتكار .
وهذا الوصف
غير منصوص عليه فيما ورد من نصوص في الباب ، وإنما استنتجه الفقهاء من تلك النصوص
فقالوا :
إن الأشياء المنصوص عليها في الأحاديث إما أثمان كالذهب والفضة، وإما مطعومات للآدميين كالبر والشعير والتمر والملح . وعليه : فالعلة المعتبرة في كون المال ربوياً هي الثمنية أو الطعم ، دون النظر إلى الكيل أو الوزن . فكأن الشّارع قال : ما كان ثمناً أو مطعوماً فلا يُباع بجنسه إلا بشروط .
وإذا ثبت هذا :
فكلّ ما يجري التعامل به من الأثمان ، ويقوم مقام الذهب والفضة ، كالعملات الرائجة الآن ، يُعتبر مالاً ربوياً ويجري فيه الربا إلحاقاً بالذهب والفضة . وكل مطعوم يطعمه الآدميون غالباً فهو مال ربوي يجري فيه الربا ، سواء أكان يُتناول قُوتاً كالأرز والذرة إلحاقاً بالبر والشعير ، أو تفكّهاً كالزبيب والتين ونحوهما إلحاقاً بالتمر، أو تداوياً وإصلاحاً للغذاء أو البدن كالزنجبيل والمصطكي ونحوهما إلحاقاً بالملح .
... وكل ما ليس بثمن أو مطعوم للآدميين من الأشياء فليس بمال ربوي . ومن ذلك سائر المعادن غير الذهب والفضة ، والأقمشة وغيرها ، وما كان في الغالب قوتاً لغير الآدميين . فلا يعتبر التعامل في كل ذلك تعاملاً ربوياً .
... ولا فرق في كل ما سبق بين أن يكون مقدراً بكيل أو وزن أو غير ذلك .
أنواع الربا وحكم كلّ منها :
حين يبحث الفقهاء في التعامل الربوي يبحثون – غالباً – في بيع الأموال الربوية التي مرّ ذكرها بعضها ببعض : من حيث زيادة أحد البدلين على الآخر، ومن حيث وجود الأجل في التعامل وعدمه ، كما يعلم من تعريفهم السابق للربا . وبناء على ذلك يقسمون الربا إلى أنواع :
ربا الفضل : أي الزيادة ، وهو بيع المال الربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضين . كأن يبيعه مُدّ قمح بمُدَّيْن منه ، أو : مائة غرام من ذهب بمائة وعشرة منه ، أو أقل أو أكثر .
... ومعنى الربا في هذا النوع – وهو الزيادة – ظاهر وواضح .
إن الأشياء المنصوص عليها في الأحاديث إما أثمان كالذهب والفضة، وإما مطعومات للآدميين كالبر والشعير والتمر والملح . وعليه : فالعلة المعتبرة في كون المال ربوياً هي الثمنية أو الطعم ، دون النظر إلى الكيل أو الوزن . فكأن الشّارع قال : ما كان ثمناً أو مطعوماً فلا يُباع بجنسه إلا بشروط .
وإذا ثبت هذا :
فكلّ ما يجري التعامل به من الأثمان ، ويقوم مقام الذهب والفضة ، كالعملات الرائجة الآن ، يُعتبر مالاً ربوياً ويجري فيه الربا إلحاقاً بالذهب والفضة . وكل مطعوم يطعمه الآدميون غالباً فهو مال ربوي يجري فيه الربا ، سواء أكان يُتناول قُوتاً كالأرز والذرة إلحاقاً بالبر والشعير ، أو تفكّهاً كالزبيب والتين ونحوهما إلحاقاً بالتمر، أو تداوياً وإصلاحاً للغذاء أو البدن كالزنجبيل والمصطكي ونحوهما إلحاقاً بالملح .
... وكل ما ليس بثمن أو مطعوم للآدميين من الأشياء فليس بمال ربوي . ومن ذلك سائر المعادن غير الذهب والفضة ، والأقمشة وغيرها ، وما كان في الغالب قوتاً لغير الآدميين . فلا يعتبر التعامل في كل ذلك تعاملاً ربوياً .
... ولا فرق في كل ما سبق بين أن يكون مقدراً بكيل أو وزن أو غير ذلك .
أنواع الربا وحكم كلّ منها :
حين يبحث الفقهاء في التعامل الربوي يبحثون – غالباً – في بيع الأموال الربوية التي مرّ ذكرها بعضها ببعض : من حيث زيادة أحد البدلين على الآخر، ومن حيث وجود الأجل في التعامل وعدمه ، كما يعلم من تعريفهم السابق للربا . وبناء على ذلك يقسمون الربا إلى أنواع :
ربا الفضل : أي الزيادة ، وهو بيع المال الربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضين . كأن يبيعه مُدّ قمح بمُدَّيْن منه ، أو : مائة غرام من ذهب بمائة وعشرة منه ، أو أقل أو أكثر .
... ومعنى الربا في هذا النوع – وهو الزيادة – ظاهر وواضح .
... وهذا
النوع من التعامل محرم وممنوع ، للنهي عنه في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- .
... روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تبيُعوا الذهبَ بالذهب إلاّ مثلاً بمثلِ ، ولا تُشفُّوا بعضَها على بعضٍ . ولا تبيعوا الورِق بالوَرِق إلا مثلاً بمثل ، ولا تُشفُّوا بعضها على بعض " ( أخرجه البخاري في البيوع ، باب : بيع الفضة بالفضة ، رقم : 2068 . ومسلم في المساقاة ، باب : الربا ، رقم:1584)
[ الورق : الفضة . لا تشفوا : لا تفضلوا ، والشف يطلق على الزيادة والنقصان ، فهو من الأضداد ] .
وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الذهبُ بالذهب والفضَّة بالفضة ، والبُرُّ بالبُر والشعيرُ بالشعير ، والملحُ بالملح : مثلاً بمثلٍ يداً بيدٍ ، فمن زادَ أو استزاد فقد أرْبى ، الآخذ والمطعِى فيه سواءٌ " . وروى مثله عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ( انظر: صحيح مسلم : كتاب المساقاة ، باب : الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً ) .
ولا عبرة في هذا لجودة النوع أو رداءته ، لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تشفوا بعضَها على بعض " . ولما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاء بلال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمر بُرْنيّ ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من أين هذا ؟ " قال بلال رضي الله عنه : كان عندنا تمر رديء ، فبعت منه صاعين بصاع لنُطْعم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك "أوَّه أوَّه ، عيُن الربا عين الربا لا تَفْعَلْ " ( البخاري في الوكالة ، باب : إذا باع الوكيل شيئاً فاسداً فبيعه مردود ، رقم : 2188 . ومسلم في المساقاة باب : بيع الطعام مثلاً بمثل ، رقم : 1594 ) .
... روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تبيُعوا الذهبَ بالذهب إلاّ مثلاً بمثلِ ، ولا تُشفُّوا بعضَها على بعضٍ . ولا تبيعوا الورِق بالوَرِق إلا مثلاً بمثل ، ولا تُشفُّوا بعضها على بعض " ( أخرجه البخاري في البيوع ، باب : بيع الفضة بالفضة ، رقم : 2068 . ومسلم في المساقاة ، باب : الربا ، رقم:1584)
[ الورق : الفضة . لا تشفوا : لا تفضلوا ، والشف يطلق على الزيادة والنقصان ، فهو من الأضداد ] .
وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الذهبُ بالذهب والفضَّة بالفضة ، والبُرُّ بالبُر والشعيرُ بالشعير ، والملحُ بالملح : مثلاً بمثلٍ يداً بيدٍ ، فمن زادَ أو استزاد فقد أرْبى ، الآخذ والمطعِى فيه سواءٌ " . وروى مثله عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ( انظر: صحيح مسلم : كتاب المساقاة ، باب : الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً ) .
ولا عبرة في هذا لجودة النوع أو رداءته ، لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تشفوا بعضَها على بعض " . ولما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاء بلال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمر بُرْنيّ ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من أين هذا ؟ " قال بلال رضي الله عنه : كان عندنا تمر رديء ، فبعت منه صاعين بصاع لنُطْعم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك "أوَّه أوَّه ، عيُن الربا عين الربا لا تَفْعَلْ " ( البخاري في الوكالة ، باب : إذا باع الوكيل شيئاً فاسداً فبيعه مردود ، رقم : 2188 . ومسلم في المساقاة باب : بيع الطعام مثلاً بمثل ، رقم : 1594 ) .
[ بُرْني :
نوع من التمر هو أجود . أوّه : كلمة توجّع وتحزّن . عين الربا : أي هذا حقيقة
الربا الممنوع ] .
وكذلك لا عبرة للصنعة في هذا ، فلو باعه ذهباً مصوغاً بسبائك وجب التماثل في الوزن بين البدلين ، وامتنع أن يكون أحدهما أنقص من الآخر ، لما دلّ عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " ولا تبيعوا الوَرقَ بالوَرِقِ إلا مثلاً بمثل " فإن الورق يتناول الفضة المضروبة وغير المضروبة " وضربها صنعة لها .
ربا النساء : أي التأخير ، وهو بيع المال الربوي بمال ربوي آخر فيه نفس العلة إلى أجل . ولا فرق في هذا بين أن يكون المالان من جنس واحد أم من جنسين مختلفين ، وسواء أكانا متفاضلين أم متساويين .
ومثال ذلك : أن يبيعه مُدّ حنطة بمدّ حنطة – أو بمدّ شعير أو بمدّين إلى شهر . أو يبيعه عشر غرامات من الذهب بعشر غرامات من الذهب أو الفضة أو أكثر أو أقل ، إلى يوم مثلاً أو أكثر .
وهذا التعامل أيضاً محرم وممنوع ، لوجود معنى الربا فيه حقيقة ، وإن لم يكن ظاهراً ، فإن للحلول فضلاً على الأجل ، فيكون في ذلك زيادة في أحد العوضين ، وهو المدفوع حالاً .
وقد دل على هذا المنع قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي سعيد رضي الله عنه السابق : " ولا تبيعُوا منها غائباً بنَاجز " .
والغائب هو المؤجل والناجز هو الحاضر ، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر : " مثلاً بمثل ، يداً بيد " وجاء أيضاً في حديث عباده رضي الله عنه: " فإذا اختلفتْ هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتُم ، إذا كان يدً بيدٍ ".
[ ومعنى قوله : " يداً بيد " أي مقابضة ، بحيث يسلم كلِّ من المتعاقدين البدل الذي في يده في مجلس العقد ، وهذا يستلزم الحلول غالباً ] .
ربا اليد : وهو أن يبيع المال الربوي بآخر فيه نفس العلة ، دون أن يشترط في ذلك أجل بنفس العقد ، ولكن يحصل التأخير في قبض البدلين أو أحدهما عن مجلس العقد بالفعل .
وكذلك لا عبرة للصنعة في هذا ، فلو باعه ذهباً مصوغاً بسبائك وجب التماثل في الوزن بين البدلين ، وامتنع أن يكون أحدهما أنقص من الآخر ، لما دلّ عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " ولا تبيعوا الوَرقَ بالوَرِقِ إلا مثلاً بمثل " فإن الورق يتناول الفضة المضروبة وغير المضروبة " وضربها صنعة لها .
ربا النساء : أي التأخير ، وهو بيع المال الربوي بمال ربوي آخر فيه نفس العلة إلى أجل . ولا فرق في هذا بين أن يكون المالان من جنس واحد أم من جنسين مختلفين ، وسواء أكانا متفاضلين أم متساويين .
ومثال ذلك : أن يبيعه مُدّ حنطة بمدّ حنطة – أو بمدّ شعير أو بمدّين إلى شهر . أو يبيعه عشر غرامات من الذهب بعشر غرامات من الذهب أو الفضة أو أكثر أو أقل ، إلى يوم مثلاً أو أكثر .
وهذا التعامل أيضاً محرم وممنوع ، لوجود معنى الربا فيه حقيقة ، وإن لم يكن ظاهراً ، فإن للحلول فضلاً على الأجل ، فيكون في ذلك زيادة في أحد العوضين ، وهو المدفوع حالاً .
وقد دل على هذا المنع قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي سعيد رضي الله عنه السابق : " ولا تبيعُوا منها غائباً بنَاجز " .
والغائب هو المؤجل والناجز هو الحاضر ، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر : " مثلاً بمثل ، يداً بيد " وجاء أيضاً في حديث عباده رضي الله عنه: " فإذا اختلفتْ هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتُم ، إذا كان يدً بيدٍ ".
[ ومعنى قوله : " يداً بيد " أي مقابضة ، بحيث يسلم كلِّ من المتعاقدين البدل الذي في يده في مجلس العقد ، وهذا يستلزم الحلول غالباً ] .
ربا اليد : وهو أن يبيع المال الربوي بآخر فيه نفس العلة ، دون أن يشترط في ذلك أجل بنفس العقد ، ولكن يحصل التأخير في قبض البدلين أو أحدهما عن مجلس العقد بالفعل .
ودليل هذا :
ما جاء في حديث عمر رضي الله عنه السابق : " إلا هاءَ وهاءَ " أي خذ وخذ
، وهذا يعني وجوب التقابض فعلاً في المجلس .
ما يعتبر جنساً واحداً وما لا يعتبر :
وضع الفقهاء قاعدة لمعرفة ما هو جنس واحد ، وما ليس بجنس واحد ، فقالوا : كل شيئين اتفقا في الاسم الخاص من أصل الخلقة فهما جنس واحد ، وكل شيئين اختلفا في الاسم من أصل الخلقة فهما جنسان .
والمراد بالاسم الخاص ما يميز الشيء عن الاسم العام المشترك ، فكلمة تمر اسم خاص ، يميز نوعاً من الفاكهة والثمر عن غيره ، مما يشاركه في الاسم العام ، وهو فاكهة أو ثمر
والمراد بأصل الخلقة هيئته التي خلق عليها ، فلا يكفي الاتفاق بالاسم بعد الصنعة أو التحويل .
فالذهب بأنواعه جنس واحد ، وكذلك الفضة .
والتمر بأنواعه جنس واحد ، وكذلك الزبيب .
والحنطة بأنواعها جنس واحد ، وكذلك الشعير .
وكل ماله رطب ويابس ، كالعنب والزبيب والرُّطَب والتمر ، فرطبه ويابسه جنس واحد .
وما تفرغ عن أصل يعتبر مع أصله جنساً واحداً ، فالحنطة ودقيقها والمجروش منها – كالبرغل – كلها جنس واحد .
ولحوم الحيوانات أجناس مختلفة : فالضأن جنس والمعز منه ، والبقر جنس والجواميس منه ، ولحوم الإبل كلها جنس واحد .
ولا فرق بين أن يكون اللحم أحمر أم أبيض ، فهما جنس واحد ، ويدخل فيه ما خالطه من دهن أو لاصقه ، كدهن الظهور والجوانب والصدر .
وأما الشحم الذي يكون في البطن فهو جنس آخر غير اللحم ، وكذلك الآلية ، فهي جنس غير الشحم واللحم ، وكذلك سنام البعير جنس مستقل .
وكذلك الأحشاء – كالكبد والطحال والكرش – فهي أجناس مختلفة فيما بينها ، ومختلفة عمّا سبق من اللحم والشحم والآلية .
... - وفروع الأصول المختلفة الأجناس أجناس مختلفة كأُصولها :
فدقيق الحنطة جنس ، ودقيق الشعير جنس آخر .
وخلّ العنب جنس ، وخل التمر جنس آخر .
وكذلك الأدهان التي تُعدّ للأكل أو الدواء ، فهي أجناس كأُصولها المأخوذة منها .
ما يعتبر جنساً واحداً وما لا يعتبر :
وضع الفقهاء قاعدة لمعرفة ما هو جنس واحد ، وما ليس بجنس واحد ، فقالوا : كل شيئين اتفقا في الاسم الخاص من أصل الخلقة فهما جنس واحد ، وكل شيئين اختلفا في الاسم من أصل الخلقة فهما جنسان .
والمراد بالاسم الخاص ما يميز الشيء عن الاسم العام المشترك ، فكلمة تمر اسم خاص ، يميز نوعاً من الفاكهة والثمر عن غيره ، مما يشاركه في الاسم العام ، وهو فاكهة أو ثمر
والمراد بأصل الخلقة هيئته التي خلق عليها ، فلا يكفي الاتفاق بالاسم بعد الصنعة أو التحويل .
فالذهب بأنواعه جنس واحد ، وكذلك الفضة .
والتمر بأنواعه جنس واحد ، وكذلك الزبيب .
والحنطة بأنواعها جنس واحد ، وكذلك الشعير .
وكل ماله رطب ويابس ، كالعنب والزبيب والرُّطَب والتمر ، فرطبه ويابسه جنس واحد .
وما تفرغ عن أصل يعتبر مع أصله جنساً واحداً ، فالحنطة ودقيقها والمجروش منها – كالبرغل – كلها جنس واحد .
ولحوم الحيوانات أجناس مختلفة : فالضأن جنس والمعز منه ، والبقر جنس والجواميس منه ، ولحوم الإبل كلها جنس واحد .
ولا فرق بين أن يكون اللحم أحمر أم أبيض ، فهما جنس واحد ، ويدخل فيه ما خالطه من دهن أو لاصقه ، كدهن الظهور والجوانب والصدر .
وأما الشحم الذي يكون في البطن فهو جنس آخر غير اللحم ، وكذلك الآلية ، فهي جنس غير الشحم واللحم ، وكذلك سنام البعير جنس مستقل .
وكذلك الأحشاء – كالكبد والطحال والكرش – فهي أجناس مختلفة فيما بينها ، ومختلفة عمّا سبق من اللحم والشحم والآلية .
... - وفروع الأصول المختلفة الأجناس أجناس مختلفة كأُصولها :
فدقيق الحنطة جنس ، ودقيق الشعير جنس آخر .
وخلّ العنب جنس ، وخل التمر جنس آخر .
وكذلك الأدهان التي تُعدّ للأكل أو الدواء ، فهي أجناس كأُصولها المأخوذة منها .
وكذلك الألبان
أجناس مختلفة : فلبن الضأن والمعز جنس واحد ، ولبن البقر والجاموس جنس واحد ،
وألبان الإبل جنس واحد .
وبيض الطيور أجناس مختلفة حسب أُصولها .
تبايع الأموال الربوية وشروط صحته :
إن الأموال الربوية التي ذكرناها – وبيّنّا علّتها ومعيارها ، وصنفنا أجناسها – كثيراً ما يحتاج الناس إلى التعامل بها وتبادلها فيما بينهم عن طريق معاوضة بعضها ببعض . وشرع الله عزّ وجل إنما جاء بالتيسير ورفع الحرج عن المكلفين ، قال تعالى { يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }البقرة185 وقال : { جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }الحج78 ولذلك شرع الله تعالى للناس أن يتبايعوا هذه الأموال ويتعاوضوها بشروط ، إذا توفرت صحّ تعاملهم وجاز بيعهم ، إذ من شأن تلك الشروط أن تخرج التعامل عن معنى الربا المحرم ، الذي يوقع المتعاقدين في الإثم .
وهذه الشروط نستنتجها من خلال ما سبق من الكلام عن علّة الربا وأنواع الربا ، ونلخصها مرتّبة فيما يلي :
عند اتحاد الجنس :
إذا بيع مال ربوي بجنسه – وواضح في هذه الحالة أن العلة فيهما واحدة – كحنطة بحنطة ، وسكر بسكر ، وفضة بفضة ، اشترط في هذا البيع ثلاثة شروط ليخرج عن كونه عقداً ربوياً ، وهي :
أ – المماثلة في البدلين : كيلاً في المكيلات كمدّ بمدّ ولتر بلتر ، ووزناً في الموزونات كرطل برطل ، وكيلو غرام ، وعدداً في العدديات ، كخمسة بخمسة ونحو ذلك .
ب – أن يكون العقد حالاً : وذلك بأن لا يذكر في العقد أي اجل لتسليم أحد البدلين ، مهما قصر ذلك الأجل .
جـ - التقابض : بأن يقبض كلُّ من المتعاقدين البدل من الآخر قبل أن يتفرقا بأبدانهما من مجلس العقد .
وهذه الشروط الثلاثة مأخوذة :
من قوله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث السابقة " مثلاً بمثل " فقد دلّ على جواز بيع الربوي بجنسه عند المماثلة ، وعدم جوازه عند عدمها .
وبيض الطيور أجناس مختلفة حسب أُصولها .
تبايع الأموال الربوية وشروط صحته :
إن الأموال الربوية التي ذكرناها – وبيّنّا علّتها ومعيارها ، وصنفنا أجناسها – كثيراً ما يحتاج الناس إلى التعامل بها وتبادلها فيما بينهم عن طريق معاوضة بعضها ببعض . وشرع الله عزّ وجل إنما جاء بالتيسير ورفع الحرج عن المكلفين ، قال تعالى { يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }البقرة185 وقال : { جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }الحج78 ولذلك شرع الله تعالى للناس أن يتبايعوا هذه الأموال ويتعاوضوها بشروط ، إذا توفرت صحّ تعاملهم وجاز بيعهم ، إذ من شأن تلك الشروط أن تخرج التعامل عن معنى الربا المحرم ، الذي يوقع المتعاقدين في الإثم .
وهذه الشروط نستنتجها من خلال ما سبق من الكلام عن علّة الربا وأنواع الربا ، ونلخصها مرتّبة فيما يلي :
عند اتحاد الجنس :
إذا بيع مال ربوي بجنسه – وواضح في هذه الحالة أن العلة فيهما واحدة – كحنطة بحنطة ، وسكر بسكر ، وفضة بفضة ، اشترط في هذا البيع ثلاثة شروط ليخرج عن كونه عقداً ربوياً ، وهي :
أ – المماثلة في البدلين : كيلاً في المكيلات كمدّ بمدّ ولتر بلتر ، ووزناً في الموزونات كرطل برطل ، وكيلو غرام ، وعدداً في العدديات ، كخمسة بخمسة ونحو ذلك .
ب – أن يكون العقد حالاً : وذلك بأن لا يذكر في العقد أي اجل لتسليم أحد البدلين ، مهما قصر ذلك الأجل .
جـ - التقابض : بأن يقبض كلُّ من المتعاقدين البدل من الآخر قبل أن يتفرقا بأبدانهما من مجلس العقد .
وهذه الشروط الثلاثة مأخوذة :
من قوله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث السابقة " مثلاً بمثل " فقد دلّ على جواز بيع الربوي بجنسه عند المماثلة ، وعدم جوازه عند عدمها .
ومن قوله -
صلى الله عليه وسلم - " يداً بيد " وقوله : " هاءَ وهاءَ "
فقد دلاّ على صحة البيع عند التقابض والحلول ، وعدم صحته عند التأجيل ، أو عدم
التقابض .
عند اختلاف الجنس واتحاد العلة :
إذا بيع مال ربوي بمال ربوي آخر من غير جنسه ، ولكن العلة فيهما واحدة – كما إذا كانا ثمنين أو مطعومين – اشترط لصحة البيع وخروجه عن معنى الربا شرطان :
أ – أن يكون العقد حالاً ، كما مر في اتحاد الجنس .
ب – أن يجري التقابض في مجلس العقد .
ولا يشترط التماثل بين البدلين في هذه الحالة ، بل يجوز أن يبيعه مدّ حنطة بمدّيْ شعير ، وغراماً من ذهب بخمسة من فضة ، ويصحّ العقد وتترتب عليه آثاره ، إذا لم يكن فيه أجل ، وحصل التقابض على ما علمت
ودل على هذا : ما جاء في حديث عباده رضي الله عنه السابق : "فإذا اختلفتْ هذه الأصنافُ فبيعُوا كيف شئتُم ، إذا كان يداً بيد " .
والمراد بالأصناف أجناس الأموال الربوية المذكورة من الأحاديث وما يلحق بها . والمراد باختلاف كون الثمن في البيع من غير جنس المبيع .
ومعنى قوله " فبيعوا كيف شئتم " أي جاز لكم أن تتبايعوا هذه الأموال عند الاختلاف دون شرط التماثل بين البدلين ] .
عند اختلاف العلة :
علمنا أن العلة في اعتبار المال ربوياً عند الفقهاء كونه ثمناً أو مطعوماً ، وعليه : فلا يتصور اختلاف العلة في البدلين في العقد الربوي إلا أن يكون أحدهما من الأثمان والآخر مطعوماً ، وفي هذه الحالة فلا يشترط لصحة البيع وجواز التعاقد أي شرط من الشروط السابقة ، فيصحّ بيع عشرين مددّاً من القمح بعشر غرامات من الذهب مثلاً ، حصل التقابض أو لم يحصل ، اشترط الأجل أو لم يشترط .
عند اختلاف الجنس واتحاد العلة :
إذا بيع مال ربوي بمال ربوي آخر من غير جنسه ، ولكن العلة فيهما واحدة – كما إذا كانا ثمنين أو مطعومين – اشترط لصحة البيع وخروجه عن معنى الربا شرطان :
أ – أن يكون العقد حالاً ، كما مر في اتحاد الجنس .
ب – أن يجري التقابض في مجلس العقد .
ولا يشترط التماثل بين البدلين في هذه الحالة ، بل يجوز أن يبيعه مدّ حنطة بمدّيْ شعير ، وغراماً من ذهب بخمسة من فضة ، ويصحّ العقد وتترتب عليه آثاره ، إذا لم يكن فيه أجل ، وحصل التقابض على ما علمت
ودل على هذا : ما جاء في حديث عباده رضي الله عنه السابق : "فإذا اختلفتْ هذه الأصنافُ فبيعُوا كيف شئتُم ، إذا كان يداً بيد " .
والمراد بالأصناف أجناس الأموال الربوية المذكورة من الأحاديث وما يلحق بها . والمراد باختلاف كون الثمن في البيع من غير جنس المبيع .
ومعنى قوله " فبيعوا كيف شئتم " أي جاز لكم أن تتبايعوا هذه الأموال عند الاختلاف دون شرط التماثل بين البدلين ] .
عند اختلاف العلة :
علمنا أن العلة في اعتبار المال ربوياً عند الفقهاء كونه ثمناً أو مطعوماً ، وعليه : فلا يتصور اختلاف العلة في البدلين في العقد الربوي إلا أن يكون أحدهما من الأثمان والآخر مطعوماً ، وفي هذه الحالة فلا يشترط لصحة البيع وجواز التعاقد أي شرط من الشروط السابقة ، فيصحّ بيع عشرين مددّاً من القمح بعشر غرامات من الذهب مثلاً ، حصل التقابض أو لم يحصل ، اشترط الأجل أو لم يشترط .
ودليل هذا :
ما رواه البخاري ومسلم : عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما : أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلاً على خيبر ، فجاء بتمر جنيب ، فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - : " أكل تمر خيبر هكذا؟ " فقال : لا والله
يا رسول الله ، إنّا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة . فقال
النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ، ثم اتبع
بالدراهم جنيباً " ( البخاري في الوكالة ، باب : الوكالة في الصرف والميزان ،
رقم:2180 ومسلم في المساقاة ، باب : بيع الطعام مثلاً بمثل ، رقم 1593 ) .
[ والجنب : التمر الجيد ، والجمع التمر الرديء أو المختلط ] .
فقد دلّ هذا الحديث على جواز البيع مطلقاً حين يكون أحد البدلين من الأثمان ، والبدل الثاني من غيرها ، سواء أكان مطعوماً أم غير مطعوم .
عند المبادلة بمال غير ربوي :
إذا بيع مال ربوي بمال آخر غير ربوي صحّ البيع مطلقاً ، بدون أيّ شرط من شروط جواز التعامل الربوي ، فلا يشترط تماثل ولا حلول ولا تقابض ، لأن العقد خرج عن كونه عقداً ربوياً طالما أن أحد البدلين مال غير ربوي .
فإذا بيع الطعام على اختلاف أنواعه بغير طعام ، كثوب مثلاً ، جاز مطلقاً ، كما لو كان أحد البدلين ثمناً كما علمت . فالبيع جائز وصحيح سواء أكان البدلان متماثلين أم متفاضلين ، وسواء أكان البيع حالاً أم مؤجلاً ، وسواء أكان البدلان من جنس واحد أم من جنسين مختلفين .
المماثلة : تحقّقها واعتباره وما يمنع منها :
قد علمت أنه إذا بيع مال ربوي بآخر من جنسه اشترط تحقق المماثلة بين البدلين حتى يصحّ البيع ويخرج عن معنى الربا ، إلى جانب الشروط الأخرى التى مّرت بك .
والذي نريد بيانه الآن هو : ما تتحقق به هذه المماثلة ، ومتى تعتبر؟ وما الذي يمنع من تحققها ؟
أ – ما تتحقق به المماثلة :
[ والجنب : التمر الجيد ، والجمع التمر الرديء أو المختلط ] .
فقد دلّ هذا الحديث على جواز البيع مطلقاً حين يكون أحد البدلين من الأثمان ، والبدل الثاني من غيرها ، سواء أكان مطعوماً أم غير مطعوم .
عند المبادلة بمال غير ربوي :
إذا بيع مال ربوي بمال آخر غير ربوي صحّ البيع مطلقاً ، بدون أيّ شرط من شروط جواز التعامل الربوي ، فلا يشترط تماثل ولا حلول ولا تقابض ، لأن العقد خرج عن كونه عقداً ربوياً طالما أن أحد البدلين مال غير ربوي .
فإذا بيع الطعام على اختلاف أنواعه بغير طعام ، كثوب مثلاً ، جاز مطلقاً ، كما لو كان أحد البدلين ثمناً كما علمت . فالبيع جائز وصحيح سواء أكان البدلان متماثلين أم متفاضلين ، وسواء أكان البيع حالاً أم مؤجلاً ، وسواء أكان البدلان من جنس واحد أم من جنسين مختلفين .
المماثلة : تحقّقها واعتباره وما يمنع منها :
قد علمت أنه إذا بيع مال ربوي بآخر من جنسه اشترط تحقق المماثلة بين البدلين حتى يصحّ البيع ويخرج عن معنى الربا ، إلى جانب الشروط الأخرى التى مّرت بك .
والذي نريد بيانه الآن هو : ما تتحقق به هذه المماثلة ، ومتى تعتبر؟ وما الذي يمنع من تحققها ؟
أ – ما تتحقق به المماثلة :
حتى تتحقق
المماثلة بين البدلين لابدّ من كونهما متساويين في القدر المعتبر شرعاً لكل مال من
الأموال الربوية . والمعتبر في هذا : الكيل في المكيلات وإن تفاوت الوزن ، والوزن
في الموزونات وإن تفاوت كيلها . فما يُباع بالكيل لا يصحّ بيعه بجنسه إلا بما
يماثله كيلاً ، فإذا بيع بما يساويه وزناً لم يجز . وما يُباع بالوزن لا يُباع
بجنسه إلا بما يساويه وزناً ، فإذا بيع بما يساويه كيلاً لم يجز .
فالمماثلة تتحقق إذن : في المكيل كيلاً ، وفي الموزون وزناً .
والعبرة في كون المال مما يكال أو يوزن هو :
غالب عادة أهل الحجاز – مكة والمدينة – في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لأن الغالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطّلع على ذلك واقرّه ، ولما رواه أبو داود والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الوزْنُ وزْنُ أهل مكة ، والمكيال مكْيَالُ أهل المدينة " ( أبو داود : البيوع والإجارات ، باب : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " المكيالُ مكَيالُ المدينة " رقم : 3340 . والنسائي : البيوع ، باب : الرجحان في الوزن : 7/284 ) .
فما نقل فيه عرف لأهل الحجاز في ذلك الوقت فالمعتبر فيه عرفهم ، وإن أحدث الناس خلافه في بلدانهم .
وما لم يكن في عه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - كالبن مثلاً – أو كان وجُهل حاله ، ينظر :
فإن كان مما لا يمكن كيله ، بأن كانت حبّاته كباراً تتجافى عن جوانب المكيال ، أو تترك فرجاً فيما بينها ، كالسفرجل والرمان والباذنجان ، فالمعتبر فيه الوزن .
وإن كان مما يمكن كيله ، ففيه وجهان :
الوجه الأول : يعتبر بأشبه الأشياء به في الحجاز .
الوجه الثاني : يعتبر فيه عرف بلد البيع وعادتهم . وهذا هو الأرجح.
فالمماثلة تتحقق إذن : في المكيل كيلاً ، وفي الموزون وزناً .
والعبرة في كون المال مما يكال أو يوزن هو :
غالب عادة أهل الحجاز – مكة والمدينة – في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لأن الغالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطّلع على ذلك واقرّه ، ولما رواه أبو داود والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الوزْنُ وزْنُ أهل مكة ، والمكيال مكْيَالُ أهل المدينة " ( أبو داود : البيوع والإجارات ، باب : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " المكيالُ مكَيالُ المدينة " رقم : 3340 . والنسائي : البيوع ، باب : الرجحان في الوزن : 7/284 ) .
فما نقل فيه عرف لأهل الحجاز في ذلك الوقت فالمعتبر فيه عرفهم ، وإن أحدث الناس خلافه في بلدانهم .
وما لم يكن في عه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - كالبن مثلاً – أو كان وجُهل حاله ، ينظر :
فإن كان مما لا يمكن كيله ، بأن كانت حبّاته كباراً تتجافى عن جوانب المكيال ، أو تترك فرجاً فيما بينها ، كالسفرجل والرمان والباذنجان ، فالمعتبر فيه الوزن .
وإن كان مما يمكن كيله ، ففيه وجهان :
الوجه الأول : يعتبر بأشبه الأشياء به في الحجاز .
الوجه الثاني : يعتبر فيه عرف بلد البيع وعادتهم . وهذا هو الأرجح.
قال أبو يوسف
رحمه الله تعالى من الحنفية : المعتبر في كون الشيء مكيلاً أو موزوناً هو العرف
مطلقاً ، فما تعارف الناس في بلد البيع بيعه كيلاً فهو مكيل ، وما تعارف الناس
بيعه وزناً فهو موزون .
وقال : إن النص ورد جرياً على العرف ، وإنما نصّ الشارع على كيل بعض الأشياء ووزن بعضها لأن العرف كان جارياً بذلك ، ولو كان العرف جارياً على خلافة لورد النص على خلافه .
ورجح بعض المتأخرين من الحنفية العمل بهذا القول ، ولعله أقرب إلى التيسير على الناس وإخراجهم من الإثم وإلا حُكم على تعاملهم في أكثر البلدان بالفساد والبطلان ، ووصفوا بالفسوق والعصيان . ولذا لا نرى مانعاً من العمل به ، والله تعالى أعلم .
ب – متى تعتبر المماثلة :
1- إذا كان المبيع الربوي مما يختلف كيلاً أو وزناً من حال إلى حال ، وله وقت رطوبة ووقت جفاف ، فالمماثلة فيه تعتبر وقت الجفاف الذي هو حال الكمال في نضجه :
فلا يباع الحب بعضه ببعض إلا بعد أن ييبس ويشتد ، ويشترط فيه تنقيته من قشره ، حتى تتحقق المماثلة .
ولا يباع الرُّطَب حتى يصبح تمراً ، فلا يباع الرطب بالرطب ولا الرطب بالتمر .
ولا يباع العنب بالعنب ولا العنب بالزبيب ، إذ الكمال فيه أن يصبح زبيباً.
وكذلك لا يباع أي جنس من الفاكهة – كالتين والمشمش – بشيء من جنسه حتى ييبس ، فلا يباع منه رطب برطب ، ولا رطب بيابس .
وقال : إن النص ورد جرياً على العرف ، وإنما نصّ الشارع على كيل بعض الأشياء ووزن بعضها لأن العرف كان جارياً بذلك ، ولو كان العرف جارياً على خلافة لورد النص على خلافه .
ورجح بعض المتأخرين من الحنفية العمل بهذا القول ، ولعله أقرب إلى التيسير على الناس وإخراجهم من الإثم وإلا حُكم على تعاملهم في أكثر البلدان بالفساد والبطلان ، ووصفوا بالفسوق والعصيان . ولذا لا نرى مانعاً من العمل به ، والله تعالى أعلم .
ب – متى تعتبر المماثلة :
1- إذا كان المبيع الربوي مما يختلف كيلاً أو وزناً من حال إلى حال ، وله وقت رطوبة ووقت جفاف ، فالمماثلة فيه تعتبر وقت الجفاف الذي هو حال الكمال في نضجه :
فلا يباع الحب بعضه ببعض إلا بعد أن ييبس ويشتد ، ويشترط فيه تنقيته من قشره ، حتى تتحقق المماثلة .
ولا يباع الرُّطَب حتى يصبح تمراً ، فلا يباع الرطب بالرطب ولا الرطب بالتمر .
ولا يباع العنب بالعنب ولا العنب بالزبيب ، إذ الكمال فيه أن يصبح زبيباً.
وكذلك لا يباع أي جنس من الفاكهة – كالتين والمشمش – بشيء من جنسه حتى ييبس ، فلا يباع منه رطب برطب ، ولا رطب بيابس .
والعمدة في
هذا ما رواه الترمذي : عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يُسْأل عن اشتراء التمر بالرُّطَب ، فقال لمن حوله : "
أيَنْقُصُ الرَّطَب إذا يبس ؟ " قالوا : نعم ، فنهى عن ذلك . قال الترمذي :
هذا حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أهل العلم . ( سنن الترمذي : البيوع ، باب
: ما جاء في كراهية بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها ، رقم : 1225 وأخرجه أبو داود في
البيوع والإجارات ، باب : في التمر بالتمر ، رقم 3359 . والنسائي في البيوع ، باب
: اشتراء التمر بالرطب : 7/268 . وابن ماجه في التجارات ، باب : بيع الرطب بالتمر
، رقم : 2264 . والموطأ في البيوع باب : ما يكره من بيع التمر : 2/624).
2- وإذا كان المكيل أو الموزون من الأموال الربوية مما جفاف له ، كالقثاء ، والعنب الذي لا يتزبب ، والرطب الذي لا يتتمر ، والزيتون ، فإنه تكفي مماثلته رطباً ، ويباع وزناً وإن كان مما يُكال .
3- ولا يكفي تماثل ما يتخذ من الحب ، كالدقيق والبرغل والنشاء ونحوها ، فلا يباع شيء منها بمثله من جنسه ولا بالحب الذي اتخذ منه ، لخروجها عن حالة الكمال ، وعدم إمكان العلم بالمماثلة في هذه الحالة ، لاختلافها في النعومة والخشونة ، وهي مكيلة ، فما يتركه بعضاً من فراغ في الكيل يختلف عمّا يتركه الآخر .
... أما إذا بيع شيء منها بغير جنسه ، كأن يُباع دقيق الحنطة بدقيق الشعير ونحو ذلك متماثلاً أو متفاضلاً فلا مانع ، لاختلاف الجنس ، ولكن يُشترط الحلول التقابض كما علمت .
4- وتعتبر المماثلة في حبوب الأدهان – كالسمسم - حال كونها حبّاً ، وحال كونها دهناً ، ولكن لا يُباع حبها بدهنها ، لعدم تحقق المماثلة .
5- وتتحقق المماثلة في العنب زبيباً ، كما تتحقق فيه خلاً أو عصيراً على الأصح وكذلك الرطب : تتحقق فيه المماثلة تمراً أو خلاًَّ أو عصيراً .
2- وإذا كان المكيل أو الموزون من الأموال الربوية مما جفاف له ، كالقثاء ، والعنب الذي لا يتزبب ، والرطب الذي لا يتتمر ، والزيتون ، فإنه تكفي مماثلته رطباً ، ويباع وزناً وإن كان مما يُكال .
3- ولا يكفي تماثل ما يتخذ من الحب ، كالدقيق والبرغل والنشاء ونحوها ، فلا يباع شيء منها بمثله من جنسه ولا بالحب الذي اتخذ منه ، لخروجها عن حالة الكمال ، وعدم إمكان العلم بالمماثلة في هذه الحالة ، لاختلافها في النعومة والخشونة ، وهي مكيلة ، فما يتركه بعضاً من فراغ في الكيل يختلف عمّا يتركه الآخر .
... أما إذا بيع شيء منها بغير جنسه ، كأن يُباع دقيق الحنطة بدقيق الشعير ونحو ذلك متماثلاً أو متفاضلاً فلا مانع ، لاختلاف الجنس ، ولكن يُشترط الحلول التقابض كما علمت .
4- وتعتبر المماثلة في حبوب الأدهان – كالسمسم - حال كونها حبّاً ، وحال كونها دهناً ، ولكن لا يُباع حبها بدهنها ، لعدم تحقق المماثلة .
5- وتتحقق المماثلة في العنب زبيباً ، كما تتحقق فيه خلاً أو عصيراً على الأصح وكذلك الرطب : تتحقق فيه المماثلة تمراً أو خلاًَّ أو عصيراً .
6- وتتحقق
المماثلة في اللبن : لبناً خالصاً – أي غير مشوب بماء أو غيره – فيُباع الحليب
بالحليب ولكن بعد سكون رغوته ، وكذلك يباع الرائب بمثله وبالحليب .
كما تتحقق المماثلة فيه سمناً خالصاً مصفّى بشمس أو نار ، فيجوز بيع بعضه ببعض .
ولا تكفي المماثلة في أحواله الأخرى كأن يكون جبناً أو أقطاً أو زبداً ، لأنها لا تخلو في هذه الأحوال عن مخالطة غيرها ، فالجبن يخالطه الإنفحة ، والأقط يخالطه الملح ، والزبد لا يخلو من قليل من المخيض ، فلا تتحقق فيها المماثلة ، وعليه : فلا يباع بعض كلَّ منها بعض ، ولا يباع بعضها ببعض ، ولا يباع الزبد بالسمن ، كما لا يباع اللبن بما يتخذ منه كالسمن وغيره .
ج – ما يمنع من المماثلة :
يمنع من المماثلة بين المتجانسين :
تأثير النار : فإذا أثّرت النار على مال ربوي ، شَياً أو قلْياً أو طبخاً ، كاللبن المغلي واللحم المشوي والحمص المُحَمَّص ، فلا يباع شيء منه بمثله من جنسه ، لامتناع تحقّق المماثلة فيه ، لأن تأثير النار لا غاية له ولا حدّ ، فيختلف من شيء إلى شيء فلا تتحقق المماثلة .
ولا يضر تأثير تمييز : كتمييز العسل من الشمع ، والسمن من اللبن ، والذهب والفضة مما خالطهما من غش .
المخالطة : فإذا خالط المال الربوي شيء آخر من غير جنسه ، سواء أكان المخالط ربوياً أم غير ربوي ، امتنع تحقق المماثلة فيه ، لعدم التحقّق من نسبة الخليط وبالتالي لا يُباع شيء منه بآخر من جنسه ، سواء كان مخالطاً أم لا .
... ولذلك لم تعتبر المماثلة في الجبن والأقط كما علمت .
المماثلة تحقيقاً لا ظناً وتخميناً :
علمنا أنه إذا بيع المال الربوي بمال ربوي من جنسه اشترطت المماثلة بالكيل أو الوزن بين البدلين ، حتى يصحّ البيع .
وهذه المماثلة لا بدّ من وجودها تحقيقاً ويقيناً حين العقد ، بأن يكال كلُّ من البدلين أو يوزن قبل التعاقد ، أو يكون قدر كلِّ منهما معلوماً للمتعاقدين .
كما تتحقق المماثلة فيه سمناً خالصاً مصفّى بشمس أو نار ، فيجوز بيع بعضه ببعض .
ولا تكفي المماثلة في أحواله الأخرى كأن يكون جبناً أو أقطاً أو زبداً ، لأنها لا تخلو في هذه الأحوال عن مخالطة غيرها ، فالجبن يخالطه الإنفحة ، والأقط يخالطه الملح ، والزبد لا يخلو من قليل من المخيض ، فلا تتحقق فيها المماثلة ، وعليه : فلا يباع بعض كلَّ منها بعض ، ولا يباع بعضها ببعض ، ولا يباع الزبد بالسمن ، كما لا يباع اللبن بما يتخذ منه كالسمن وغيره .
ج – ما يمنع من المماثلة :
يمنع من المماثلة بين المتجانسين :
تأثير النار : فإذا أثّرت النار على مال ربوي ، شَياً أو قلْياً أو طبخاً ، كاللبن المغلي واللحم المشوي والحمص المُحَمَّص ، فلا يباع شيء منه بمثله من جنسه ، لامتناع تحقّق المماثلة فيه ، لأن تأثير النار لا غاية له ولا حدّ ، فيختلف من شيء إلى شيء فلا تتحقق المماثلة .
ولا يضر تأثير تمييز : كتمييز العسل من الشمع ، والسمن من اللبن ، والذهب والفضة مما خالطهما من غش .
المخالطة : فإذا خالط المال الربوي شيء آخر من غير جنسه ، سواء أكان المخالط ربوياً أم غير ربوي ، امتنع تحقق المماثلة فيه ، لعدم التحقّق من نسبة الخليط وبالتالي لا يُباع شيء منه بآخر من جنسه ، سواء كان مخالطاً أم لا .
... ولذلك لم تعتبر المماثلة في الجبن والأقط كما علمت .
المماثلة تحقيقاً لا ظناً وتخميناً :
علمنا أنه إذا بيع المال الربوي بمال ربوي من جنسه اشترطت المماثلة بالكيل أو الوزن بين البدلين ، حتى يصحّ البيع .
وهذه المماثلة لا بدّ من وجودها تحقيقاً ويقيناً حين العقد ، بأن يكال كلُّ من البدلين أو يوزن قبل التعاقد ، أو يكون قدر كلِّ منهما معلوماً للمتعاقدين .
فلا تكفي
المماثلة ظناً وتخميناً ، كان يبيعه صبرة حنطة مجازفة ، أي بدون كيل أو وزن ، على
تقدير أنهما متساويتان . أو يبيعه مائة صاع من حنطة بصبرة منها تساويها تقديراً ،
فهذا البيع في الحالين ممنوع ، لاحتمال التفاضل بين البدلين ، وشرط صحة البيع في
الربويات عند اتحاد الجنس : الخلو عن احتمال التفاضل ، لأن احتمال التفاضل مثل
تحققه .
ويدل لهذا المنع حديث جابر رضي الله عنه قال " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الصُّبْرََة من التَّمْر ، لا يعلم مكيلَتُها ، بالكيل المسمَّى من التمر" . ( أخرجه مسلم في البيوع ، باب : تحريم بيع صبرة التمر المجهولة القدر بتمر ، رقم 1530 ) . [ والصبرة هي الكومة ] .
ويشهد لهذا أيضاً قول ابن مسعود رضي الله عنه : ما اجتمع الحلال والحرام في شيء إلا وقد غلب الحرام . أي إذا توارد أمران على شيء : أحدهما يقتضى حله والآخر يقتضي حرمته ، قدم ما يقتضي حرمته ومنع منه ، احتياطاً في الدين وبُعداً عن الوقوع في الشبهات . وهنا احتمال عدم التفاضل يقتضي حلّ بيع الصبرة بغيرها ، واحتمال التفاضل يقتضي المنع من ذلك ، فقدّم المنع .
المزابنة والمحا قلة :
ومما لا يخلو عن احتمال التفاضل في بيع الربويات : المحاقلة والمزابنة .
والمحاقلة : أن يبيع الحب في سنبله بما يساويه خرصاً ، أي تقديراً وتخميناً لكيله أو وزنه .
والمزابنة : أن يبيع الرُّطَب على رؤوس الشجر بما يساويه خرصاً من التمر المجذوذ ، أي المقطوع والمقطوف . ومثل الرطب والتمر العنب والزبيب .
فكلُّ من المحاقلة والمزابنة ممنوع شرعاً ، لعدم الجزم بتساوي البدلين ، أو عدم تحقّق المماثلة يقيناً .
ويدل لهذا المنع حديث جابر رضي الله عنه قال " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الصُّبْرََة من التَّمْر ، لا يعلم مكيلَتُها ، بالكيل المسمَّى من التمر" . ( أخرجه مسلم في البيوع ، باب : تحريم بيع صبرة التمر المجهولة القدر بتمر ، رقم 1530 ) . [ والصبرة هي الكومة ] .
ويشهد لهذا أيضاً قول ابن مسعود رضي الله عنه : ما اجتمع الحلال والحرام في شيء إلا وقد غلب الحرام . أي إذا توارد أمران على شيء : أحدهما يقتضى حله والآخر يقتضي حرمته ، قدم ما يقتضي حرمته ومنع منه ، احتياطاً في الدين وبُعداً عن الوقوع في الشبهات . وهنا احتمال عدم التفاضل يقتضي حلّ بيع الصبرة بغيرها ، واحتمال التفاضل يقتضي المنع من ذلك ، فقدّم المنع .
المزابنة والمحا قلة :
ومما لا يخلو عن احتمال التفاضل في بيع الربويات : المحاقلة والمزابنة .
والمحاقلة : أن يبيع الحب في سنبله بما يساويه خرصاً ، أي تقديراً وتخميناً لكيله أو وزنه .
والمزابنة : أن يبيع الرُّطَب على رؤوس الشجر بما يساويه خرصاً من التمر المجذوذ ، أي المقطوع والمقطوف . ومثل الرطب والتمر العنب والزبيب .
فكلُّ من المحاقلة والمزابنة ممنوع شرعاً ، لعدم الجزم بتساوي البدلين ، أو عدم تحقّق المماثلة يقيناً .
وقد ثبت النهي
عن ذلك في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن
عمر رضي الله عنهما قال " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة
: أن يبيع ثمرَ حائطه : إن كان نخلاً بتمر كيلاً ، وإن كان كرماً : أن يبيعه بزبيب
كيلاً ، أو كان الزرع بالطعام كيلاً ، رقم : 2091 ومسلم في البيوع ، باب : تحريم
بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا ، رقم :1542 ) .
[ حائطه : بستانه . كرماً : الكرم شجر العنب ] .
العرايا :
العرايا – في اللغة – جمع عريه ، وهي الشجرة التي يفردها مالكها للأكل ، سمِّيت بذلك لأنها عريت عن حكم جميع البستان .
وفي الشرع : أن يبيع الرطب على النخل بخرصه تمراً ، أو العنب بخرصه زبيباً ، فيما دون خمسة أوسق ، أي ما يساوي سبعمائة كيلوغرام تقريباً .
وذلك أنه لمّا ورد النهي عن بيع التمر رطباً بما يساويه من جنسه يابساً ، وكان في الناس مَن يرغب أن يأكل الرطب أو العنب من على الشجر ، وليس لديه نخيل أو كرم ، رخص الشّرع فيما ذكر ، تلبية لحاجة الناس وتخفيفاً عليهم وتيسيراً .
وقد جاء في مشروعية ذلك أحاديث كثيرة منها :
ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن أبي حَثْمة رضي الله عنه ، " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثمر بالتمر ، ورخص في العرية أنْ تُبَاع بخَرْصها ، يأكلها أهلها رطباً " .
[ أهلها : الذين اشتروها ]
وما رواه البخاري ومسلم – أيضاً – عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العَرَايا ، في خمسة أوْسقٍ ، أو دون خمسة أوسق " .
[ حائطه : بستانه . كرماً : الكرم شجر العنب ] .
العرايا :
العرايا – في اللغة – جمع عريه ، وهي الشجرة التي يفردها مالكها للأكل ، سمِّيت بذلك لأنها عريت عن حكم جميع البستان .
وفي الشرع : أن يبيع الرطب على النخل بخرصه تمراً ، أو العنب بخرصه زبيباً ، فيما دون خمسة أوسق ، أي ما يساوي سبعمائة كيلوغرام تقريباً .
وذلك أنه لمّا ورد النهي عن بيع التمر رطباً بما يساويه من جنسه يابساً ، وكان في الناس مَن يرغب أن يأكل الرطب أو العنب من على الشجر ، وليس لديه نخيل أو كرم ، رخص الشّرع فيما ذكر ، تلبية لحاجة الناس وتخفيفاً عليهم وتيسيراً .
وقد جاء في مشروعية ذلك أحاديث كثيرة منها :
ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن أبي حَثْمة رضي الله عنه ، " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثمر بالتمر ، ورخص في العرية أنْ تُبَاع بخَرْصها ، يأكلها أهلها رطباً " .
[ أهلها : الذين اشتروها ]
وما رواه البخاري ومسلم – أيضاً – عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العَرَايا ، في خمسة أوْسقٍ ، أو دون خمسة أوسق " .
وكذلك ما
روياه عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة رضي الله عنهما : " أن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة : بيع الثمر بالتمر ، إلا أصحاب العرايا ،
فإنه أذن لهم " ( البخاري : البيوع ، باب : بيع الثمر على رؤوس النخل .. ،
رقم : 2078 ، 2079 ، والمساقاة ، باب : الرجل يكون له ممر أو يشرب .. ، رقم : 2254
. ومسلم : البيوع ، باب : تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا ، 1540 ، 1541 )
.
والأحاديث كما ترى رخّصت بثمر النخيل رُطَباً وتمراً ، وقيس به ثمر الكرم : العنب والزبيب ، بجامع أن كلاَّ منهما مال زكوي يمكن خرصه ويُدّخر يابسه .
بيع اللحم باللحم ، وبيع اللحم بالحيوان ، والحيوان بالحيوان :
بيع اللحم باللحم :
مرّ معنا أن اللحوم أجناس حسب أصولها ، وأنها من الأموال الربوية ، فيجوز بيع بعضها ببعض بشرط التماثل والحلول والتقابض – على ما مرّ- إن كانت من جنس واحد . فإن اختلف الجنس ، كلحم ضأن بلحم بقر مثلاً ، جاز التفاضل واشترط الحلول والتقابض .
ونريد أن نعرف هنا حكم بيع الحيوان بالحيوان ، وحكم بيع اللحم بالحيوان :
بيع الحيوان بالحيوان :
من خلال ما سبق من كلام نعلم أن الحيوان ليس بمال ربوي لأنه غير مطعوم على حاله وهيئته ، وواضح أنه ليس من جنس الأثمان .
وعليه : فيجوز بيع الحيوان بالحيوان متفاضلاً ، سواء أكانا من نوع واحد أم من نوعين ، فيجوز بيع شاة بشاتين ، وبيع شاة ببعير ، وبيع بعير بثلاث شياه ، وهكذا . ولا فرق بين أن يكون يصلح للركوب والحمل ، والأكل والنتاج ، أم للأكل خاصة .
وكذلك يجوز بيعه حالاً ومؤجلاً ، حصل التقابض في مجلس العقد أم لم يحصل ، سواء أكان البدلان من جنس واحد أم من جنسين مختلفين .
والأحاديث كما ترى رخّصت بثمر النخيل رُطَباً وتمراً ، وقيس به ثمر الكرم : العنب والزبيب ، بجامع أن كلاَّ منهما مال زكوي يمكن خرصه ويُدّخر يابسه .
بيع اللحم باللحم ، وبيع اللحم بالحيوان ، والحيوان بالحيوان :
بيع اللحم باللحم :
مرّ معنا أن اللحوم أجناس حسب أصولها ، وأنها من الأموال الربوية ، فيجوز بيع بعضها ببعض بشرط التماثل والحلول والتقابض – على ما مرّ- إن كانت من جنس واحد . فإن اختلف الجنس ، كلحم ضأن بلحم بقر مثلاً ، جاز التفاضل واشترط الحلول والتقابض .
ونريد أن نعرف هنا حكم بيع الحيوان بالحيوان ، وحكم بيع اللحم بالحيوان :
بيع الحيوان بالحيوان :
من خلال ما سبق من كلام نعلم أن الحيوان ليس بمال ربوي لأنه غير مطعوم على حاله وهيئته ، وواضح أنه ليس من جنس الأثمان .
وعليه : فيجوز بيع الحيوان بالحيوان متفاضلاً ، سواء أكانا من نوع واحد أم من نوعين ، فيجوز بيع شاة بشاتين ، وبيع شاة ببعير ، وبيع بعير بثلاث شياه ، وهكذا . ولا فرق بين أن يكون يصلح للركوب والحمل ، والأكل والنتاج ، أم للأكل خاصة .
وكذلك يجوز بيعه حالاً ومؤجلاً ، حصل التقابض في مجلس العقد أم لم يحصل ، سواء أكان البدلان من جنس واحد أم من جنسين مختلفين .
ودليل ذلك :
ما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : " أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - أمره أن يجهز جيشاً ، فنفدت الإبل ، فأمره أن يأخذ في قِلاَصِ
الصدقة ، فكان يأخذ البعير بالبعيرَيْن إلى إبل الصدقة " ( أخرجه أبو داود في
البيوع والإجارات ، باب : في الرخصة في ذلكَ ، بعد باب : في الحيوان بالحيوان
نسيئة ، رقم : 3357 ) .
قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع ( 9/454 ) : حديث ابن عمرو بن العاص رواه أبو داود وسكت عنه ، فيقتضي أنه عنده حسن كما سبق تقريره ، وإن كان في إسناده نظر ، لكن قال البيهقي : له شاهد صحيح ، فذكره بإسناده الصحيح .
بيع اللحم بالحيوان :
لا يجوز بيع اللحم بالحيوان مطلقاً لا نقداً ولا نسيئة ، وسواء أكان اللحم من جنس الحيوان أم من غير جنسه ، وسواء أكان الحيوان مأكول اللحم – كشاة بلحم بقر – أم غير مأكول اللحم – كلحم بقر بحمار – فلا يجوز مطلقاً .
ومثل اللحم ما في معناه : كالشحم والألية والكبد والقلب والكلية والطحال ، وكذلك جميع أجزائه المأكولة .
وأجازوا بيع الحيوان بالجلد بعد دبغه ، لخروجه عن كونه لحماً أو ما في معناه . أما قبل الدبغ فلا يجوز أيضاً ، لأنه يُعتبر لحماً .
وعمدتهم في هذا المنع :
حديث سمرة رضي الله عنه : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الشَّاة باللحم " (رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، رواته عن آخرهم أئمة حفّاظ ثقات انظر : المستدرك : البيوع ، باب : النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الشاة باللحم : 2/35 ) .
وما رواه مالك في الموطأ مرسلاً : عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان باللحم " ( الموطأ : البيوع ، باب : بيع الحيوان باللحم : 2/655 )
حكم التعامل الربوي من حيث ما يترتب عليه :
قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع ( 9/454 ) : حديث ابن عمرو بن العاص رواه أبو داود وسكت عنه ، فيقتضي أنه عنده حسن كما سبق تقريره ، وإن كان في إسناده نظر ، لكن قال البيهقي : له شاهد صحيح ، فذكره بإسناده الصحيح .
بيع اللحم بالحيوان :
لا يجوز بيع اللحم بالحيوان مطلقاً لا نقداً ولا نسيئة ، وسواء أكان اللحم من جنس الحيوان أم من غير جنسه ، وسواء أكان الحيوان مأكول اللحم – كشاة بلحم بقر – أم غير مأكول اللحم – كلحم بقر بحمار – فلا يجوز مطلقاً .
ومثل اللحم ما في معناه : كالشحم والألية والكبد والقلب والكلية والطحال ، وكذلك جميع أجزائه المأكولة .
وأجازوا بيع الحيوان بالجلد بعد دبغه ، لخروجه عن كونه لحماً أو ما في معناه . أما قبل الدبغ فلا يجوز أيضاً ، لأنه يُعتبر لحماً .
وعمدتهم في هذا المنع :
حديث سمرة رضي الله عنه : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الشَّاة باللحم " (رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، رواته عن آخرهم أئمة حفّاظ ثقات انظر : المستدرك : البيوع ، باب : النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الشاة باللحم : 2/35 ) .
وما رواه مالك في الموطأ مرسلاً : عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان باللحم " ( الموطأ : البيوع ، باب : بيع الحيوان باللحم : 2/655 )
حكم التعامل الربوي من حيث ما يترتب عليه :
إذا بيع المال
الربوي بمال ربوي آخر ، ولم تتوفر الشروط التي تخرج هذا العقد عن معنى الربا
وتصححه ، كما إذا اتحد الجنس وكان التفاضل وهو ربا الفضل ، أو اختلف الجنس واتحدت
العلة وكان التأخير وهو ربا النساء ، فما حكم هذا العقد ؟
قال الفقهاء : إنه عقد باطل ، فلا يترتب عليه أي أثر ، وكأنه لم يكن ، وذلك أن الربا في المعاوضات مبطل لها .
ومعنى ذلك أن على المتعاقدين أن يترادَّا البدلين ، فيسترد كل منهما ما دفعه للآخر ، ثم يعودان إلى التعاقد من جديد ، بعد أن تتوفر شروط صحة العقد الربوي على ما سبق ، وإلا وقعا في الإثم واستحقا العقاب الأليم من الله عزّ وجل ، وكان كسبهما حراماً خبيثاً .
ربا القرض
هو أن يستدين إنسان من آخر مقداراً من المال إلى أجل ، على أن يردّه له مع زيادة معينة ، أو يعطيه أقساطاً معينة كفائدة وربح ، إلى حين استرداد ذلك المال .
وهذا النوع من التعامل هو الذي جاءت نصوص الشريعة أولاً وبالذات لإبطاله ومنعه .
قال الفقهاء : إنه عقد باطل ، فلا يترتب عليه أي أثر ، وكأنه لم يكن ، وذلك أن الربا في المعاوضات مبطل لها .
ومعنى ذلك أن على المتعاقدين أن يترادَّا البدلين ، فيسترد كل منهما ما دفعه للآخر ، ثم يعودان إلى التعاقد من جديد ، بعد أن تتوفر شروط صحة العقد الربوي على ما سبق ، وإلا وقعا في الإثم واستحقا العقاب الأليم من الله عزّ وجل ، وكان كسبهما حراماً خبيثاً .
ربا القرض
هو أن يستدين إنسان من آخر مقداراً من المال إلى أجل ، على أن يردّه له مع زيادة معينة ، أو يعطيه أقساطاً معينة كفائدة وربح ، إلى حين استرداد ذلك المال .
وهذا النوع من التعامل هو الذي جاءت نصوص الشريعة أولاً وبالذات لإبطاله ومنعه .
فالربا الذي
كان أهل الجاهلية يتعاطونه فيما بينهم لا يختلف عن هذا التعامل في قليل ولا كثير ،
ولذا رغب فريق من الناس في تلبيس الأمر – كما يرغب الكثيرون في ذلك هذه الأيام
فقالوا : الربا وسيلة من وسائل الربح ، لا فرق بينه وبين البيع في ذلك ، فجاء
القرآن يؤنبهم على هذا التلبيس ويصفهم بالخبال وشيء من الجنون على هذا الفهم
السقيم والقول الأثيم وذلك القياس مع الفارق ، وتوعّدهم على ذلك بأليم العقاب
والخلود في النار فقال الله تعالى : {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ
يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ
الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا
وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن
رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ
فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة275
وهكذا قررت الآية بصراحة ووضوح حرمة الربا مطلقاً ، ولم تفرق بين قليل منه أو كثير وحرضت على الانتهاء عنه وتوعدت على العودة إليه . وهي في مضمونها تقرر الفارق الكبير بينه وبين البيع ، وحسبه أنه الفارق بين الحلال والحرام .
وهكذا قررت الآية بصراحة ووضوح حرمة الربا مطلقاً ، ولم تفرق بين قليل منه أو كثير وحرضت على الانتهاء عنه وتوعدت على العودة إليه . وهي في مضمونها تقرر الفارق الكبير بينه وبين البيع ، وحسبه أنه الفارق بين الحلال والحرام .
ثم توجهت
الآيات إلى أولئكم الذين صدقوا بإيمانهم ، وكان لكلمة التقوى أثر في نفوسهم ،
فأمرتهم بترك الربا على الإطلاق دون مواربة أو تعنّت ، وجعلت ذلك شرطاً لصحة
الإيمان ودليلاً عليه ، وتوعّدت على الإصرار على التعامل بالربا بما لم تتوعّد به
على فعل منكر من المنكرات . ثم أرشدت إلى التعامل الأمثل والسلوك الأفضل إلى تشييد
صرح التعاون والحب والودّ في المجتمعات ، فقال سبحانه وتعالى : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن
كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . َإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ
وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ
تُظْلَمُونَ . وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن
تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ( البقرة : 278- 280 ) .
قال الإمام ابن كثير في تفسيره
( يقول تعالى – آمراً عباده المؤمنين بتقواه ، ناهياً لهم عمّا يقرّبهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه – فقال : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } أي خافوه وراقبوه فيما تفعلون { وذَرُوا ما بقى من الربا } أي اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس الأموال بعد هذا الإنذار { إن كنتم مؤمنينَ } أي بما شرع الله لكم من تحليل البيع وتحريم الربا وغير ذلك .
( يقول تعالى – آمراً عباده المؤمنين بتقواه ، ناهياً لهم عمّا يقرّبهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه – فقال : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } أي خافوه وراقبوه فيما تفعلون { وذَرُوا ما بقى من الربا } أي اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس الأموال بعد هذا الإنذار { إن كنتم مؤمنينَ } أي بما شرع الله لكم من تحليل البيع وتحريم الربا وغير ذلك .
... وقد ذكر
زيد بن أسلم وابن جريج ومقاتل بن حيان والسدي : أن هذا السياق نزل في بني عمرو بن
عمير من ثقيف ، وبني المغيرة من بني مخزوم ، كان بينهم رباً في الجاهلية ، فلما
جاء الإسلام ودخلوا فيه طلبت ثقيف أن تأخذه منهم ، فتشاوروا ، وقالت بنو المغيرة :
لا نؤدي الربا في الإسلام . فكتب في ذلك عتّاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ، فنزلت هذه الآية ، فكتب بها رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - إليه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا
بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . َإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ
فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ } فقالوا : نتوب إلى الله ونذر ما
بقي من الربا ، فتركوه كلهم .
... وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، لمن استمر على تعاطي الربا بعد الإنذار . قال ابن جريج : قال ابن عباس : { فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ } أي : استيقنوا بحرب من الله ورسوله . وتقدم من رواية ربيعه بن كلثوم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : يقال يوم القيامة لآكل الربا : خذ سلاحك للحرب : ثم قرأ : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ } .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ } : فمن كان مقيماً على الربا لا ينزع فحقُ على إمام المسلمين أن يستتيبه ، فإن نزع وإلا ضرب عنقه .
وقال قتادة : أوعدهم الله بالقتل كما تسمعون ، وجعلهم بهرجاً(1) أينما أتوا ، فإياكم وما خالط هذه البيوع من الربا ، فإن الله قد أوسع الحلال وأطابه ، فلا تلجئنكم إلى معصيته فاقة . رواه ابن أبي حاتم .
وقال الربيع بن أنس : أوعد الله آكل الربا بالقتل . رواه ابن جرير انتهى كلام ابن كثير .
__________
(1) - البهرج : الرديء من الشيء ، والباطل المزيف ، والمباح غير المحمي .
... وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، لمن استمر على تعاطي الربا بعد الإنذار . قال ابن جريج : قال ابن عباس : { فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ } أي : استيقنوا بحرب من الله ورسوله . وتقدم من رواية ربيعه بن كلثوم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : يقال يوم القيامة لآكل الربا : خذ سلاحك للحرب : ثم قرأ : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ } .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ } : فمن كان مقيماً على الربا لا ينزع فحقُ على إمام المسلمين أن يستتيبه ، فإن نزع وإلا ضرب عنقه .
وقال قتادة : أوعدهم الله بالقتل كما تسمعون ، وجعلهم بهرجاً(1) أينما أتوا ، فإياكم وما خالط هذه البيوع من الربا ، فإن الله قد أوسع الحلال وأطابه ، فلا تلجئنكم إلى معصيته فاقة . رواه ابن أبي حاتم .
وقال الربيع بن أنس : أوعد الله آكل الربا بالقتل . رواه ابن جرير انتهى كلام ابن كثير .
__________
(1) - البهرج : الرديء من الشيء ، والباطل المزيف ، والمباح غير المحمي .
والآية ناطقة بذلك نطقاً قاطعاً حاسماً يفهمه كلُّ من له سمع يدرك وعقل يعي ، فقد نادى القرآن داعية الامتثال ، ومهد بالأمر بالتقوى ثم قال { َذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا } وكلمة { ما } هذه عند مَن يفهم اللغة العربية تشمل كل ربا مهما كان قليلاً ، ولو كان درهماً لمليون درهم . وكذلك يعلم أهل لغة القرآن أن قوله تعالى { فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ } لم يبح شيئاً زائداً عن رأسمال الدائن مهما كان قليلاً ، لأنه لم يجعل له شيئاً سوى رأسماله . هذا وقد زاد النص القرآني هذا المعنى تقريراً وتأكيداً فقال : { لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ } قال المفسرون : لا تظلمون بأخذ زيادة على رأس المال ، ولا تُظلمون بنقص شيء من رؤوس الأموال ، بل لكم ما دفعتم من غير زيادة عليه ولا نقص منه .
ولقد انطوت الآية على مواعظ في ترك الربا تلين لها الصم الصِّلاب ، فوجهت الخطاب بـ { يا أيها الذين آمنوا } ثم بقوله { اتقوا الله } ثم بقوله { إن كنتم مؤمنين } وختمت الزجر عن الربا ببيان أعظم العقوبات وأخطرها لمن أصرّ على الربا ، ذلك أن عليه أن يأذن بحرب من الله ورسوله .
وإلى جانب هذه النصوص القرآنية وما صرّحت به ، وما دلت عليه : فقد تضافرت نصوص السنّة على تأكيد ما جاء في القرآن من حرمة الربا ، وأنه من أفظع الذنوب وأكبر الآثام ، التي تؤدي بفاعلها إلى الهلاك والدمار ، وتنذر المجتمع الذي تتفشى فيه بالاضمحلال والضياع .
الكلمات المفتاحية :
الفقه الشافعي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: