القول النفيس في معاني التلبيس
بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه من أهمّ المواضيع التي يجب ان يعلمها العبد المسلم في سيره إلى الله تعالى مسألة ( التلبيس ) في دين الله تعالى فإنّها من أخطر
المسائل التي يجب على المسلم أن يتفطّن لها , وقد جرّب من جرّب في معالجة نفسه والناس فما وُجِدَ شيءٌ يعسر حلّه أو علاجه أكثر من داء التلبيس حتّى أنّ الإمام ابن الجوزي رحمه الله قيل فيه لمّا ألّف كتابه ( تلبيس إبليس ) بل إبليس هو الذي لبّس عليه فيه وهذا حقّ . إنّ لبس في اللغة معناها ستر ومنه اللباس , فهي لفظة مشتركة لها عدّة معان منها في إستعمالها المعنوي ( التلبيس ) لبَّس أي خلط ومعناه الذي أجمع عليه المفسّرون هو : ( خلط الحقّ بالباطل ) هذا بداية. الأمر الثاني : أنّ التلبيس صناعة يهودية وعمل صهيوني بالأساس فمجاله في الحقيقة : مرض نفسي عنوانه : الإستكبار والنفور من الحقّ والرنوّ إلى طلب الرئاسة واستعباد الناس وتوجيههم بحسب هوى النفس ومشتهياتها , فعالم التلبيس الرنوّ إلى الإستكبار في الأرض وحكم رقاب الناس فعالمه مادّي ظاهري , فهو مذهب شيطاني في الحقيقة مجاله في أعلى مراتبه ( السحر ) فإنّ السحر وعلومه أعلى مرتبة في التدليس والتلبيس وفي هذا الوصف يخرج في آخر الزمان المسيخ الدجّال فيلبّس على النّاس أحواله فيتّبعونه , إذ أنّ الحرب والمعركة بين إبليس وجماعته من طرف وبين أهل الله وجماعتهم في الطرف المضاد ساحتها هي العوام من الناس فالمعركة تدور عليهم. وقد نبّهنا الله تعالى إلى قول إبليس ( لأغوينّهم أجمعين ) فما ذكر إلاّ الغواية بالتحديد فما قال لأقتلنّهم أو لأجوّعنّهم أو لأعطّشنّهم أو ...إلخ بل قال ( لأغوينّهم ) فعلمنا أنّ الغواية لا تكون إلاّ بالتلبيس لذا كان إسمه إبليسا لأنّ الأمر من جنسه رغم أنّ الله تعالى أبلسه لعنا وطردا وغضبا. في عموم وخصوص التلبيس أنّ أمرهما فيه واحد وهي القاعدة الشاملة ( خلط الحقّ بالباطل ) ومثال التلبيس في عالمنا المحسوس من واقع ضرب الأمثال لتقريب المعنى البسيط للقارئ : عبارة أنّك مثلا تأخذ كيلو من السكر الأبيض المطحون فتخلطه مع كيلو من القهوة المطحونة خلطا جيّدا ثمّ تقول مثلا لمن حولك : هذه قهوة أنظروا فينظرون فلا يرون إلاّ القهوة لأنّها لبست جميع السكّر المخلوط معها فهذا مثال للتلبيس , فيصعب كثيرا حقيقة التمييز بينهما بعد ذلك فضلا عن الفصل بينهما أو إقناع الغير بهذا الخلط والتلبيس , وإنّه ما هناك من شيء يحيّر أهل الله أكثر من حيرتهم وعجزهم عند رؤية التلبيس. فهم يرونه عيانا فيعرفون أنّه تلبيس بين الحقّ والباطل لكنّهم قد يعجزون كثيرا عن اقناع من لبّس عليه الأمر لأنّ علم ذلك الملبّس عليه بات جهلا مركّبا ضروريا لا مجال في الكثير من الأحيان لمناقشته أو التفكير في التنازل عنه أو عن بعضه وخاصّة متى إشرأبّت النفس ذلك التلبيس فرويت به. فيقول هنا القائل : ( اللهم افتح أعين بصائر من لبّس عليه ) إذ أنّ التلبيس لا يعرفه على وجهه التام إلاّ من تنوّرت بصيرته تنويرا تامّا وهو ما يقصده الأولياء في سيرهم وسلوكهم بقولهم ( التنوير الذاتي ) فإنّه لا يعرج روحيا بأحد من خلق الله تعالى إلاّ بعد أن يتنوّر تنويرا ذاتيا كاملا فلا يدخل داخل لحضرة الله تعالى وفيه رائحة من روائح إبليس. إبليس لا يمكنه أن يفعل أي فعل مع أيّ فرد من العباد إلاّ عندما يجد مساعدة نفس ذلك الإنسان له فإنّه متى شمّ إبليس من نفس الإنسان رائحة إستعدادها للمساعدة وأنّها جاهزة ولو بكمّ قليل فهو يستدرجها بتلبيسه وتزيينه شيئا فشيئا حتّى تضحى جندا من جنوده بل وتدافع عنه بولاء لا مثيل له وهذا ما تشاهده اليوم في عالم الظاهر. مثلا في جنود وبطانات الحكّام بالولاء الأعمى لهم في التحريف والكذب والتلبيس على الناس مع الخدعة والسرقة , فهم رجال إبليس الأوفياء , وإنّ من يمثّل اليوم أفعال إبليس هم جنوده من الإنس قبل الجنّ ويتمثّلون في الماسونية العالمية فهي تعبد الشيطان من غير واسطة فتسجد له في محافلها كلّ يوم بعد أن يحضر لديهم جماعة إبليس حضورا بيّنا لا ريب فيه . وكذلك الصهيونية العالمية وهم أخطر جنود إبليس على الإطلاق إلاّ أنّ مشربهم دموي فهم أهل حروب و دمار شامل لأنّ مذهبهم القوّة ولا شيء غير القوّة العمياء فلا رحمة عندهم أبدا ولا شيء من الشفقة, قلوبهم أقسى من الحديد ومن الحجر وقد توعّد الله تعالى هذه الفرقة خاصّة (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) بنفس مشربهم وهي القوّة الشديدة ولا شيء غيرها وهذا آت لا ريب فيه فإبليس يعلم هذا ولكن جنوده لا يعلمون فلبّس عليهم الحقيقة لأنّ غرضه غواية الجميع في مختلف المراتب. وبما أنّ الصلاح حضرته حضرة عبودية التي لا تستقيم إلاّ بالخلافة الربّانية مجال الحكم والعدل سارع إبليس إلى المزاحمة دوما على الرئاسة والحكم لأنّ هذا أمر يخوّله السيطرة على رقاب الناس واستعبادهم فإنّ إبليس لا يخيفه شيء أكثر من الخلافة فإنّ المجتمع وقتئذ يخرج عن سيطرته حتّى أنّ الشاة ترعى والذئب يحرسها ليس كما الآن الجار يخاف من جاره والمسلم يخشى أخاه المسلم فلا ثقة بينهما فعمل على هذه الأمور كي يأخذها قوى الشرّ من جنوده , فهاته القوى تمثّل حقيقة قوى الشرّ في المنظومة البشرية والمجتمع الإنساني ( هذا ليس موضوعنا ) وإنّما هي عناوين عامّة معروفة لدى الجميع. وإنّما غرضنا أن نشرح معاني التلبيسات الإبليسية في الحقل الديني شرحا مستفيضا بأدلّته من الكتاب والسنّة , فسنذكر تلبيسه على مستوى العقول ومستوى القلوب , وما هي حضرات تلبيساته ومددها فإنّ خبث الشيطان كبير , الذي يقابله في الجهة الأخرى الذكاء الذي عرفت به الأنبياء والأولياء , فقوى الشرّ ليست ذكيّة , ولكنّها خبيثة , أمّا الذكيّ فهو الذي لا يخدعه الخبيث , كما قال عمر رضي الله عنه ( لست بالخبّ ولا الخبّ يخدعني). فهو معنى الذكاء المحمدي الذي كلّه نور وكما ورد في رواية الجنيد لمّا أراد إبليس أن يخدعه في رؤياه لمّا قال له في حقّ جماعة من الصوفية بأنّه يئس من غوايتهم وضلالتهم فلمّا قدم عليهم الجنيد ليخبرهم برؤياه وقول إبليس له التفتوا إليه وقالوا قبل أن ينطق بحرف : ( لا يخدعنّك إبليس يا جنيد ) أنظر وتمعّن في هذه القصّة جيّدا جيّدا كي تعلم الطريقة التي اتّخذها إبليس إلى الدخول على أؤلائك النفر من الأولياء ولكنّهم كانوا فطناء يعرفون مداخله ... يتبع إن شاء الله تعالى حتّى نشرح معاني التلبيس الإبليسي في مختلف مراحل السير وأيضا تلبيسه على العلماءوالفقهاء خاصّة
حقيقة التلبيس خلط الحقّ بالباطل لاظهار الحقّ في صورة الباطل وظهور الباطل في صورة الحقّ , لأنّ فطرة الإنسان في أصلها تميل إلى إتّباع الحقّ فلا بدّ في هذه الحالة من إظهار الباطل في صورة الحقّ لذا يقرن به في التلبيس فيلبسه أي يخالطه , فخلاصته العامّة العريضة إخفاء روح ومعاني الحقّ بأي طريق ممكن لأنّه في هذه الحالة يفسد توجّه النفوس إلى شهواتها ومراميها , وهذا لا يكون إلاّ متى لبّس بقليل من الحقّ في ظاهره فهو من باب الخديعة والكذب على النّاس. فأكثر الوسائل اليوم التي تعمل هذا التلبيس هي وسائل الإعلام بمختلفها التي هي دجّال هذا الزمان وخاصّة ( الشاشة الصغيرة ) فهي العين الواحدة التي يبثّ من خلالها المسيخ الدجّال تدجيله , وقد سمّى أحد كبار العارفين بالله تعالى جهاز التلفاز بأنّه ( عين المسيخ الدجّال ) فاعتماد تدجيل هذا الزمان على الصورة المفبركة خاصّة ثمّ الكلام المصاحب للصورة فمثلا على هذا قبل الدخول في الموضوع : رجل في أمريكا كان يترصّد بعض ضحاياه فيقتلها فلمّا مسكته الشرطة قدّمت وسائل الإعلام الغربية الخبر تحت هذا العنوان : ( القبض على القاتل الذي إعتنق الإسلام منذ سنوات اليوم في مكان كذا وكذا ) فوجه هذا التلبيس أنّهم يريدون إظهار أنّ من يعتنق الإسلام يصبح مجرما قاتلا إرهابيا , فهذا تلبيس الخبر في العالم الغربي اليوم عن طريق الإعلام العالمي الذي يمسكه اليهود اليوم بقبضة من حديد فهو أعظم سلاح اليوم على وجه الأرض فمن مسك الإعلام مسك الحكم لذا في الإنقلابات أوّل ما يسيطر المنقلبون يسيطرون على مباني الإذاعة والتلفزة , وكذلك في الكثير من الدول كان الدشّ محضورا , وإلى اليوم في بعض الدول الكثير من مواقع الإنترنت محجوبة , وفي الكثير من الدول تمّ حجب بعض القنوات الفضائية , فهي حرب إعلام اليوم فمسكت قوى الشرّ اليوم ثلاثة أشياء : منابع المال ( الرأسمالية ) القوّة العسكرية , والإعلام. فالإعلام هو السبب الرئيسي في بثّ الفتن في العالم والفوضى فيجب الحذر منه كثيرا فإنّ الشعوب اليوم باتت مبرمجة مثل ( الكمبيوتر ) ومخدّرة تخديرا تامّا , فكلّ هذا صناعة إعلامية بمختلف وسائلها , فمن مسك الإعلام مسك الحكم لأنّه منبر الخطاب سواء بالحقيقة أو بالباطل. الإعلام اليوم هو أكبر وأعظم سلاح بيد إبليس فهو منبره الأكبر في بثّ ضلالته وتسطير دولته التي سيحكمها المسيخ الدجّال , من مسك بوق الإعلام جنّد جنوده من الناس من أهل الأرض , وسوف لن أدخل كثيرا في هذا الأمر فإنّ له أهله من الساسة والمفكّرين وأصحاب الأموال الطائلة فهم أدرى به. إسكات صوت الحقّ كان ولا يزال غاية هوى النفس وإبليس , فالنفس في خصوص صعوبة الحقّ عليها في نقدها ذاتيا لذا جعل لها الدين سياسة تقبل بها الحقّ شيئا فشيئا لأنّها مثل البهيمة يجب أن تركبها لا أن تركبك كما ورد في الآية : ( قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها ). أمّا إبليس فلا سياسة معه أصلا بل العداوة ولا شيء غيرها كما ورد في الآية الكريمة : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ) فهذا الفرق بين الشيطان وبين النفس , النفس للسياسة حتّى تستقيم وإلاّ هلك الإنسان لأنّها نفسه , أمّا الشيطان فهو للعداوة وإلاّ أهلك الإنسان : (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوّي وعدوكم أولياء ) فمن لم يسوس نفسه لم يعرف ربّه فهو أبعد الناس عن عالم المعاني والأنوار. فمتى عرفت نفسك عرفت الناس والعالم بل عرفت ربّك سبحانه , أمّا من لم يأخذ في معاداة الشيطان فهو بعيد من أهل الولاية فلا يكون وليّا لله تعالى أبدا لأنّ ولاية للشيطان تخرجك من ولاية الله ورسوله والذين آمنوا , فمتى عرفت حقيقة : النفس والشيطان عرفت ما بعدهما فتكون محاربا للنفس والشيطان في غيرك وقتها لا في نفسك بعد أن خلصت وتطهّرت (عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ).
المسائل التي يجب على المسلم أن يتفطّن لها , وقد جرّب من جرّب في معالجة نفسه والناس فما وُجِدَ شيءٌ يعسر حلّه أو علاجه أكثر من داء التلبيس حتّى أنّ الإمام ابن الجوزي رحمه الله قيل فيه لمّا ألّف كتابه ( تلبيس إبليس ) بل إبليس هو الذي لبّس عليه فيه وهذا حقّ . إنّ لبس في اللغة معناها ستر ومنه اللباس , فهي لفظة مشتركة لها عدّة معان منها في إستعمالها المعنوي ( التلبيس ) لبَّس أي خلط ومعناه الذي أجمع عليه المفسّرون هو : ( خلط الحقّ بالباطل ) هذا بداية. الأمر الثاني : أنّ التلبيس صناعة يهودية وعمل صهيوني بالأساس فمجاله في الحقيقة : مرض نفسي عنوانه : الإستكبار والنفور من الحقّ والرنوّ إلى طلب الرئاسة واستعباد الناس وتوجيههم بحسب هوى النفس ومشتهياتها , فعالم التلبيس الرنوّ إلى الإستكبار في الأرض وحكم رقاب الناس فعالمه مادّي ظاهري , فهو مذهب شيطاني في الحقيقة مجاله في أعلى مراتبه ( السحر ) فإنّ السحر وعلومه أعلى مرتبة في التدليس والتلبيس وفي هذا الوصف يخرج في آخر الزمان المسيخ الدجّال فيلبّس على النّاس أحواله فيتّبعونه , إذ أنّ الحرب والمعركة بين إبليس وجماعته من طرف وبين أهل الله وجماعتهم في الطرف المضاد ساحتها هي العوام من الناس فالمعركة تدور عليهم. وقد نبّهنا الله تعالى إلى قول إبليس ( لأغوينّهم أجمعين ) فما ذكر إلاّ الغواية بالتحديد فما قال لأقتلنّهم أو لأجوّعنّهم أو لأعطّشنّهم أو ...إلخ بل قال ( لأغوينّهم ) فعلمنا أنّ الغواية لا تكون إلاّ بالتلبيس لذا كان إسمه إبليسا لأنّ الأمر من جنسه رغم أنّ الله تعالى أبلسه لعنا وطردا وغضبا. في عموم وخصوص التلبيس أنّ أمرهما فيه واحد وهي القاعدة الشاملة ( خلط الحقّ بالباطل ) ومثال التلبيس في عالمنا المحسوس من واقع ضرب الأمثال لتقريب المعنى البسيط للقارئ : عبارة أنّك مثلا تأخذ كيلو من السكر الأبيض المطحون فتخلطه مع كيلو من القهوة المطحونة خلطا جيّدا ثمّ تقول مثلا لمن حولك : هذه قهوة أنظروا فينظرون فلا يرون إلاّ القهوة لأنّها لبست جميع السكّر المخلوط معها فهذا مثال للتلبيس , فيصعب كثيرا حقيقة التمييز بينهما بعد ذلك فضلا عن الفصل بينهما أو إقناع الغير بهذا الخلط والتلبيس , وإنّه ما هناك من شيء يحيّر أهل الله أكثر من حيرتهم وعجزهم عند رؤية التلبيس. فهم يرونه عيانا فيعرفون أنّه تلبيس بين الحقّ والباطل لكنّهم قد يعجزون كثيرا عن اقناع من لبّس عليه الأمر لأنّ علم ذلك الملبّس عليه بات جهلا مركّبا ضروريا لا مجال في الكثير من الأحيان لمناقشته أو التفكير في التنازل عنه أو عن بعضه وخاصّة متى إشرأبّت النفس ذلك التلبيس فرويت به. فيقول هنا القائل : ( اللهم افتح أعين بصائر من لبّس عليه ) إذ أنّ التلبيس لا يعرفه على وجهه التام إلاّ من تنوّرت بصيرته تنويرا تامّا وهو ما يقصده الأولياء في سيرهم وسلوكهم بقولهم ( التنوير الذاتي ) فإنّه لا يعرج روحيا بأحد من خلق الله تعالى إلاّ بعد أن يتنوّر تنويرا ذاتيا كاملا فلا يدخل داخل لحضرة الله تعالى وفيه رائحة من روائح إبليس. إبليس لا يمكنه أن يفعل أي فعل مع أيّ فرد من العباد إلاّ عندما يجد مساعدة نفس ذلك الإنسان له فإنّه متى شمّ إبليس من نفس الإنسان رائحة إستعدادها للمساعدة وأنّها جاهزة ولو بكمّ قليل فهو يستدرجها بتلبيسه وتزيينه شيئا فشيئا حتّى تضحى جندا من جنوده بل وتدافع عنه بولاء لا مثيل له وهذا ما تشاهده اليوم في عالم الظاهر. مثلا في جنود وبطانات الحكّام بالولاء الأعمى لهم في التحريف والكذب والتلبيس على الناس مع الخدعة والسرقة , فهم رجال إبليس الأوفياء , وإنّ من يمثّل اليوم أفعال إبليس هم جنوده من الإنس قبل الجنّ ويتمثّلون في الماسونية العالمية فهي تعبد الشيطان من غير واسطة فتسجد له في محافلها كلّ يوم بعد أن يحضر لديهم جماعة إبليس حضورا بيّنا لا ريب فيه . وكذلك الصهيونية العالمية وهم أخطر جنود إبليس على الإطلاق إلاّ أنّ مشربهم دموي فهم أهل حروب و دمار شامل لأنّ مذهبهم القوّة ولا شيء غير القوّة العمياء فلا رحمة عندهم أبدا ولا شيء من الشفقة, قلوبهم أقسى من الحديد ومن الحجر وقد توعّد الله تعالى هذه الفرقة خاصّة (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) بنفس مشربهم وهي القوّة الشديدة ولا شيء غيرها وهذا آت لا ريب فيه فإبليس يعلم هذا ولكن جنوده لا يعلمون فلبّس عليهم الحقيقة لأنّ غرضه غواية الجميع في مختلف المراتب. وبما أنّ الصلاح حضرته حضرة عبودية التي لا تستقيم إلاّ بالخلافة الربّانية مجال الحكم والعدل سارع إبليس إلى المزاحمة دوما على الرئاسة والحكم لأنّ هذا أمر يخوّله السيطرة على رقاب الناس واستعبادهم فإنّ إبليس لا يخيفه شيء أكثر من الخلافة فإنّ المجتمع وقتئذ يخرج عن سيطرته حتّى أنّ الشاة ترعى والذئب يحرسها ليس كما الآن الجار يخاف من جاره والمسلم يخشى أخاه المسلم فلا ثقة بينهما فعمل على هذه الأمور كي يأخذها قوى الشرّ من جنوده , فهاته القوى تمثّل حقيقة قوى الشرّ في المنظومة البشرية والمجتمع الإنساني ( هذا ليس موضوعنا ) وإنّما هي عناوين عامّة معروفة لدى الجميع. وإنّما غرضنا أن نشرح معاني التلبيسات الإبليسية في الحقل الديني شرحا مستفيضا بأدلّته من الكتاب والسنّة , فسنذكر تلبيسه على مستوى العقول ومستوى القلوب , وما هي حضرات تلبيساته ومددها فإنّ خبث الشيطان كبير , الذي يقابله في الجهة الأخرى الذكاء الذي عرفت به الأنبياء والأولياء , فقوى الشرّ ليست ذكيّة , ولكنّها خبيثة , أمّا الذكيّ فهو الذي لا يخدعه الخبيث , كما قال عمر رضي الله عنه ( لست بالخبّ ولا الخبّ يخدعني). فهو معنى الذكاء المحمدي الذي كلّه نور وكما ورد في رواية الجنيد لمّا أراد إبليس أن يخدعه في رؤياه لمّا قال له في حقّ جماعة من الصوفية بأنّه يئس من غوايتهم وضلالتهم فلمّا قدم عليهم الجنيد ليخبرهم برؤياه وقول إبليس له التفتوا إليه وقالوا قبل أن ينطق بحرف : ( لا يخدعنّك إبليس يا جنيد ) أنظر وتمعّن في هذه القصّة جيّدا جيّدا كي تعلم الطريقة التي اتّخذها إبليس إلى الدخول على أؤلائك النفر من الأولياء ولكنّهم كانوا فطناء يعرفون مداخله ... يتبع إن شاء الله تعالى حتّى نشرح معاني التلبيس الإبليسي في مختلف مراحل السير وأيضا تلبيسه على العلماءوالفقهاء خاصّة
حقيقة التلبيس خلط الحقّ بالباطل لاظهار الحقّ في صورة الباطل وظهور الباطل في صورة الحقّ , لأنّ فطرة الإنسان في أصلها تميل إلى إتّباع الحقّ فلا بدّ في هذه الحالة من إظهار الباطل في صورة الحقّ لذا يقرن به في التلبيس فيلبسه أي يخالطه , فخلاصته العامّة العريضة إخفاء روح ومعاني الحقّ بأي طريق ممكن لأنّه في هذه الحالة يفسد توجّه النفوس إلى شهواتها ومراميها , وهذا لا يكون إلاّ متى لبّس بقليل من الحقّ في ظاهره فهو من باب الخديعة والكذب على النّاس. فأكثر الوسائل اليوم التي تعمل هذا التلبيس هي وسائل الإعلام بمختلفها التي هي دجّال هذا الزمان وخاصّة ( الشاشة الصغيرة ) فهي العين الواحدة التي يبثّ من خلالها المسيخ الدجّال تدجيله , وقد سمّى أحد كبار العارفين بالله تعالى جهاز التلفاز بأنّه ( عين المسيخ الدجّال ) فاعتماد تدجيل هذا الزمان على الصورة المفبركة خاصّة ثمّ الكلام المصاحب للصورة فمثلا على هذا قبل الدخول في الموضوع : رجل في أمريكا كان يترصّد بعض ضحاياه فيقتلها فلمّا مسكته الشرطة قدّمت وسائل الإعلام الغربية الخبر تحت هذا العنوان : ( القبض على القاتل الذي إعتنق الإسلام منذ سنوات اليوم في مكان كذا وكذا ) فوجه هذا التلبيس أنّهم يريدون إظهار أنّ من يعتنق الإسلام يصبح مجرما قاتلا إرهابيا , فهذا تلبيس الخبر في العالم الغربي اليوم عن طريق الإعلام العالمي الذي يمسكه اليهود اليوم بقبضة من حديد فهو أعظم سلاح اليوم على وجه الأرض فمن مسك الإعلام مسك الحكم لذا في الإنقلابات أوّل ما يسيطر المنقلبون يسيطرون على مباني الإذاعة والتلفزة , وكذلك في الكثير من الدول كان الدشّ محضورا , وإلى اليوم في بعض الدول الكثير من مواقع الإنترنت محجوبة , وفي الكثير من الدول تمّ حجب بعض القنوات الفضائية , فهي حرب إعلام اليوم فمسكت قوى الشرّ اليوم ثلاثة أشياء : منابع المال ( الرأسمالية ) القوّة العسكرية , والإعلام. فالإعلام هو السبب الرئيسي في بثّ الفتن في العالم والفوضى فيجب الحذر منه كثيرا فإنّ الشعوب اليوم باتت مبرمجة مثل ( الكمبيوتر ) ومخدّرة تخديرا تامّا , فكلّ هذا صناعة إعلامية بمختلف وسائلها , فمن مسك الإعلام مسك الحكم لأنّه منبر الخطاب سواء بالحقيقة أو بالباطل. الإعلام اليوم هو أكبر وأعظم سلاح بيد إبليس فهو منبره الأكبر في بثّ ضلالته وتسطير دولته التي سيحكمها المسيخ الدجّال , من مسك بوق الإعلام جنّد جنوده من الناس من أهل الأرض , وسوف لن أدخل كثيرا في هذا الأمر فإنّ له أهله من الساسة والمفكّرين وأصحاب الأموال الطائلة فهم أدرى به. إسكات صوت الحقّ كان ولا يزال غاية هوى النفس وإبليس , فالنفس في خصوص صعوبة الحقّ عليها في نقدها ذاتيا لذا جعل لها الدين سياسة تقبل بها الحقّ شيئا فشيئا لأنّها مثل البهيمة يجب أن تركبها لا أن تركبك كما ورد في الآية : ( قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها ). أمّا إبليس فلا سياسة معه أصلا بل العداوة ولا شيء غيرها كما ورد في الآية الكريمة : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ) فهذا الفرق بين الشيطان وبين النفس , النفس للسياسة حتّى تستقيم وإلاّ هلك الإنسان لأنّها نفسه , أمّا الشيطان فهو للعداوة وإلاّ أهلك الإنسان : (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوّي وعدوكم أولياء ) فمن لم يسوس نفسه لم يعرف ربّه فهو أبعد الناس عن عالم المعاني والأنوار. فمتى عرفت نفسك عرفت الناس والعالم بل عرفت ربّك سبحانه , أمّا من لم يأخذ في معاداة الشيطان فهو بعيد من أهل الولاية فلا يكون وليّا لله تعالى أبدا لأنّ ولاية للشيطان تخرجك من ولاية الله ورسوله والذين آمنوا , فمتى عرفت حقيقة : النفس والشيطان عرفت ما بعدهما فتكون محاربا للنفس والشيطان في غيرك وقتها لا في نفسك بعد أن خلصت وتطهّرت (عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ).
الكلمات المفتاحية :
التربية و السلوك
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: