مقام الرضا
مقام الرضا |
الرضا مقام شريف إن رضا الله عز وجل أكرم وأقدم من رضاهم عنه، والرضا هو باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وهو أن يكون قلب العبد ساكناً تحت حكم الله عزّ وجلّ.
يتضح لنا من تلك الآيات أن الرضا في بداية الأمر يكون من
جانب الله تعالى، فهو الذي خلق البشر، وهو الذي يرضى عنهم، فهو الغني بذاته والبشر هم الذين في حاجة إليه الله تعالى، فالإنسان عندما يريد أن يكسب رضا أحد أفراد البشر فإنه يقوم باستمالته بشتى السبل حتى ينال رضاه، فما بالك عندما يكون الذي يراد كسب رضاه هو الله سبحانه وتعالى المُنزَّة عن كل شبيه.
وسئل الجنيد عن الرضا فقال: الرضا هو رفع الاختيار.
وسئل القتاد عن الرضا كذلك فقال: سكون القلب بُمرَّ القضاء.
وسئل ذو النون المصري فقال: إن الرضا هو سرور القلب بُمرَّ القضاء.
وقال ابن عطاء الله: الرضا نظر القلب إلى قديم اختيار الله تعالى للعبد لأنه يعلم أنه اختار له الأفضل، فيرضى به ويترك السخط.
الرضا بها المعنى هو الإذعان التامّ لإرادة الحق سبحانه وتعالى فيقبل الإنسان بكل ما يأتي إليه بإطمئنان، وإذاً يكون مذعناً لإرادة الله وراضياً بحكم اختياره، والراضي هو من لا يعترض على تقدير الله سبحانه وتعالى، يقولون: إن الرضا هو عدم تمنَّي المؤمن أو العبد فوق طاقته، ولكن الرضا لا يعني القبول بالمعاصي، ولا يعني عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أن ما وقع من منكر هو قضاء الله وقدره.
وهناك أقوال كثيرة في الرضا، فقال بعضهم: الرضا هو استقبال الأحكام بالفرح، وقال بعض آخر: إنّه ترك التسخُط، وقال ذو النون: ثلاثة من أعلام الرضا، ترك الاختيار قبل القضاء، وفقدان المرارة بعد القضاء، وهيجان الحب في حشو البلا.
وقيل: إنّه ارتفاع الجزع في أي حكم كان، وقيل الرضا ثلاثة أقسام: رضا العوام، وهو رضاً بما قسمه الله وأعطاه، ورضا الخواص، وهو رضا بما قدَّره وقضاه، ورضا خواص الخواص، وهو رضا به بدلاً عن كل ما سواه.
إذاً من كل ما سبق، الرضا رضا بكل ما قضى الله وقدّر، وهو قبول حكم الله أو أمره أو نهيه أو قدّره .
إنهم لا يؤمنون حتى يحكُموا الرسول صلى الله عليه و سلم وحتى يرتفع الحرج من حكمهم ويسلموا لحكمه تسليماً، وهذه حقيقة الرضا بحكمه، فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان، والرضا بالقدر كالصائب التي يبتلى بها عباده، وفي الآثار الإلهية "ومن لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي فليتخذ رباً سواي"، ولكن الإنسان لا يرضى بالذنوب والآثام، فإنه لم يقم دليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع على جواز الرضا في كل قضاء فضلاً عن وجوبه واستحبابه، فأين أمر الله عباده أو رسوله أن يرضوا بكل ما قضاه وقدّره ؟
ينبغي أن نرضى بقضاء الله الذي خلقه وأمرنا أن نرضى به، ولا نرضى بما نهانا أن نرضى به.
الكلمات المفتاحية :
احوال الصوفية
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: