معرفة الاسماء والكنى والالقاب
معرفة الاسماء والكنى والالقاب كتب الأسماء والكنى كثيرة، منها: كتاب علي بن المديني، وكتاب مسلم، وكتاب النسائي، وكتاب الحاكم الكبير، أبي أحمد الحافظ. ولابن عبد البر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة.
والمراد بهذه الترجمة بيان أسماء ذوي الكنى. والمصنف في ذلك يبوب كتابه على الكنى مبينا أسماء أصحابها.
وهذا فن مطلوب، لم يزل أهل العلم بالحديث يعنون به ويتحفظونه ويتطارحونه فيما بيهم ويتنقصون من جهلة. وقد ابتكرت فيه تقسيما حسنا، فأقول:
أصحاب الكنى فيها على ضروب:
أحدها: الذين سموا بالكنى، فأسماؤهم كناهم، لا أسماء لهم غيرها وينقسم هؤلاء إلى قسمين:
أحدهما: من له كنية أخرى سوى الكنية التي هي اسمه، فصار كأن للكنية كنية، وذلك طريف عجيب.
وهذا: كأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، أحد فقهاء المدينة السبعة. وكان يقال له راهب قريش اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن. وكذلك: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، يقال: إن اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد.
ولا نظير لهذين في ذلك، قاله الخطيب.
وقد قيل: إنه لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه.
الثاني من هؤلاء: من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه.
مثاله: أبو بلال الأشعري، الراوي عن شريك وغيره، روي عنه أنه قال: ليس لي اسم، اسمي وكنيتي واحد.
وهكذا أبو حصين بن يحيى بن سليمان الرازي، بفتح الحاء. روى عنه جماعة منهم أبو حاتم الرازي، وسأله: هل لك اسم ؟ فقال: لا، اسمي وكنيتي واحد.
الضرب الثاني: الذين عرفوا بكناهم، ولم يوقف على أسمائهم ولا على حالهم فيها، هل هي كناهم أو غيرها.
مثاله من الصحابة: أبو أناس - بالنون - الكناني، ويقال: الدُئلي من رهط أبي الأسود الدُئلي، ويقال فيه: الدؤلي، بالضم والهمزة، مفتوحة في النسب عند بعض أهل العربية، ومكسورة عند بعضهم على الشذوذ فيه.
وأبو مويهبة، مولى رسول الله - .
وأبو شيبة الخدري، الذي مات في حصار القسطنطينية ودفن هناك مكانه.
ومن غير الصحابة: أبو الأبيض، الراوي عن أنس بن مالك، أبو بكر بن نافع، مولى ابن عمر، روى عنه مالك وغيره.
أبو النَّجيب، مولى عبد الله بن عمرو بن العاص، بالنون المفتوحة في أوله، وقيل: بالتاء المضمومة، اثنتين من فوق.
أبو الحرب بن أبي الأسود الدئلي.
أبو حَرِيز الموقفي، والموقف محلة بمصر. روى عنه ابن وهب وغيره، والله أعلم.
الضرب الثالث: الذين لقبوا بالكنى، ولهم غير ذلك كنى وأسماء.
مثاله: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يلقب بأبي تراب، ويكنى أبا الحسن.
أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، كنيته أبو عبد الرحمن، وأبو الزناد لقب. وذكر الحافظ أبو الفضل الفلكي فيما بلغنا عنه: أنه كان يغضب من أبي الزناد، وكان عالما مفتنا.
أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، كنيته أبو عبد الرحمن، وأبو الرجال لَقَب لُقِّب به لأنه كان له عشرة أولاد كلهم رجال.
أبو تُميلة - بتاء مضمومة مثناة من فوق - يحيى بن واضح الأنصاري المروزي، يكنى أبا محمد، وأبو تميلة لقب. وثَّقه يحيى بن معين وغيره، وأنكر أبو حاتم الرازي على البخاري إدخاله إياه في كتاب الضعفاء.
أبو الآذان الحافظ عمر بن إبراهيم، يكنى أبا بكر، وأبو الآذان لقب لقب به، لأنه كان كبير الأذنين.
أبو الشيخ الأصبهاني عبد الله بن محمد الحافظ، كنيته أبو محمد، وأبو الشيخ لقب.
أبو حازم العبدُوي الحافظ، عمر بن أحمد كنيته أبو حفص، وأبو حازم لقب، وإنما استفدناه من كتاب الفلكي في الألقاب، والله أعلم.
الضرب الرابع: من له كنيتان أو أكثر.
مثال ذلك عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، كانت له كنيتان: أبو خالد، وأبو الوليد.
عبد الله بن عمر بن حفص العمري، أخو عبيد الله، روي أنه كان يكنى أبا القاسم، فتركها واكتنى أبا عبد الرحمن.
وكان لشيخنا منصور بن أبي المعالي النيسابوري، حفيد الفراوي، ثلاث كنى: أبو بكر، وأبو الفتح، وأبو القاسم، والله أعلم.
الضرب الخامس: من اختلف في كنيته، فذكر له على الاختلاف كنيتان أو أكثر، واسمه معروف. ولعبد الله بن عطاء الإبراهيمي الهروي - من المتأخرين - فيه مختصر.
مثاله: أسامة بن زيد، حِبُّ رسول الله قيل: كنيته أبو زيد. وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو خارجة.
أُبيّ بن كعب، أبو المنذر، وقيل: أبو الطفيل.
قبيصة بن ذويب أبو إسحاق، وقيل: أبو سعيد.
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق،أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو محمد.
سليمان بن بلال المدني، أبو بلال، وقيل: أبو محمد.
وفي بعض من ذكر في هذا القسم من هو في نفس الأمر ملتحق بالضرب الذي قبله، والله أعلم.
الضرب السادس: من عُرفت كنيته واختلف في اسمه.
مثاله من الصحابة أبو بَصرة الغفاري، على لفظ البصرة البلدة، قيل: اسمه جميل بن بصرة، بالجيم، وقيل حُميل، بالحاء المهملة المضمومة، وهو الأصح.
أبو جُحَيفة السُّوائي، قيل: اسمه وهب بن عبد الله، وقيل: وهب الله بن عبد الله.
أبو هريرة الدوسي، اختلف في اسمه واسم أبيه اختلاف كثير جدا، لم يختلف مثله في اسم أحد في الجاهلية والإسلام. وذكر ابن عبد البر: أن فيه نحو عشرين قولة في اسمه واسم أبيه، وأنه لكثرة الاضطراب لم يصح عنده في اسمه شيء يعتمد عليه، إلا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن إليه القلب في اسمه في الإسلام. وُذكر عن محمد بن إسحاق: أن اسمه عبد الرحمن بن صخر. قال: وعلى هذا اعتمدت طائفة ألفت في الأسماء والكنى.
قال وقال أبو أحمد الحاكم: أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر.
ومن غير الصحابة: أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، أكثرهم على أن اسمه عامر، وعن ابن معين: أن اسمه الحارث.
أبو بكر بن عياش، راوي قراءة عاصم، اختلف في اسمه على أحد عشر قولا، قال ابن عبد البر: إن صح له اسم فهو شعبة لا غير، وهو الذي صححه أبو زرعة. قال ابن عبد البر: وقيل: اسمه كنيته، وهذا أصح إن شاء الله لأنه روي عنه أنه قال: ما لي اسم غير أبي بكر، والله أعلم.
السابع: من اختلف في كنيته واسمه معا، وذلك قليل.
مثاله: سفينة مولى رسول الله قيل: اسمه عمير، وقيل: صالح، وقيل: مهران، وكنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: أبوالبَختري، والله أعلم.
الثامن: من لم يختلف في كنيته واسمه، وعرفا جميعا واشتهرا.
ومن أمثلته: أئمة المذاهب ذوو أبي عبد الله، مالك، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت، في خلق كثير.
التاسع: من اشتهر بكنيته دون اسمه، واسمه مع ذلك غير مجهول عند أهل العلم بالحديث. ولابن عبد البر تصنيف مليح فيمن بعد الصحابة منهم.
مثاله: أبو إدريس الخولاني، اسمه عايذ الله بن عبد الله. أبو إسحاق السبيعي، اسمه عمرو بن عبد الله.
أبو الأشعث الصنعاني، من صنعاء دمشق، اسمه شراحيل بن آده، بهمزة ممدودة بعدها دال مهملة مفتوحة مخففة، ومنهم من شددَّ الدال ولم يمد.
أبو الضحى مسلم بن صبيح، بضم الصاد المهملة.
أبو حازم الأعرج الزاهد، الراوي عن سهل بن سعد وغيره، اسمه سلمة بن دينار ومن لايحصى، والله أعلم.
معرفة كني المعروفين بالأسماء دون الكنى
وهذا من وجه ضد النوع الذي قبله.
ومن شأنه أن يبوَّب على الأسماء، ثم كناها، بخلاف ذاك. ومن وجه آخر: يصلح لأن يجعل قسما من أقسام ذاك، من حيث كونه قسما من أقسام أصحاب الكنى.
وقل من أفرده بالتصنيف، وبلغنا أن لأبي حاتم بن حبان البستي فيه كتابا،
ولنجمع في التمثيل جماعات في كنية واحدة تقريبا على الضابط.
فممن يكنى بأبي محمد من هذا القبيل من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: طلحة بن عبيد الله التيمي، عبد الرحمن بن عوف الزهري، الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، ثابت بن قيس بن الشماس، عبد الله بن زيد صاحب الأذان، الأنصاريان، كعب بن عُجْرَة، الأشعث بن قيس، معقل بن سنان الأشجعي، عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عبد الله بن بجيفة، عبد الله بن عمرو بن العاص، عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، جبير بن مطعم، الفضل بن العباس بن عبد المطلب، حويطب بن عبد العزى، محمود بن الربيع، عبد الله بن ثعلبة بن صُغير.
وممن يكنى منهم بأبي عبد الله: الزبير بن العوام، الحسين بن علي بن أبي طالب، سلمان الفارسي، عامر بن ربيعة العدوي، حذيفة بن اليمان، كعب بن مالك، رافع بن خديج، عمارة بن حزم، النعمان بن بشير، جابر بن عبد الله، عثمان بن حنيف، حارثة بن النعمان. وهؤلاء السبعة أنصاريون، ثوبان مولى رسول الله المغيرة بن شعبة، شُرَحْبيل بن حسنة، عمرو بن العاص، محمد بن عبد الله بن جحش، معقل بن يسار، وعمرو بن عامر المزنيان.
وممن يكنى منهم بأبي عبد الرحمن: عبد الله ابن مسعود، معاذ بن جبل، زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب، عبد الله بن عمر بن الخطاب، محمد بن مسلمة الأنصاري، عُويم بن ساعدة، على وزن نعيم. زيد بن خالد الجهني، بلال بن الحارث المزني، معاوية بن أبي سفيان، الحارث بن هشام المخزومي، المِسْور بن مَخرمَة.
وفي بعض من ذكرناه من قبل في كنيته غير ما ذكرناه، والله أعلم.
معرفة ألقاب المحدثين ومن يذكر معهم
وفيها كثرة، ومن لا يعرفها يوشك أن يظنها أسامي، وأن يجعل من ذكر باسمه في موضع وبلقبه في موضع شخصين، كما اتفق لكثير ممّن ألفَّ.
وممن صنفها أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ، ثم أبو الفضل بن الفلكي الحافظ.
وهي تنقسم إلى: ما يجوز التعريف به، وهو ما لا يكرهه الملقب. وإلى: ما لا يجوز، وهو ما يكرهه الملقب. وهذا أنموذج منها مختار:
روينا عن عبد الغني بن سعيد الحافظ أنه قال: رجلان جليلان، لزمهما لقبان قبيحان: معاوية بن عبد الكريم الضال، وإنما ضلَّ في طريق مكة. وعبد الله بن محمد الضعيف، وإنما كان ضعيفا في جسمه لا في حديثه.
قلت: وثالث، وهو عارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي، وكان عبدا صالحا بعيدا من الغرامة.
والضعيف هو الطَرسوسي أبو محمد، سمع أبا معاوية الضرير وغيره، كتب عنه أبو حاتم الرازي. وزعم أبو حاتم بن حبان: أنه قيل له الضعيف لإتقانه وضبطه.
غُنْدَر لقب محمد بن جعفر البصري أبي بكر، وسببه: ما روينا أن ابن جريج قدم البصرة، فحدثهم بحديث عن الحسن البصري، فأنكروه عليه وشغبوا، وأكثر محمد بن جعفر من الشغب عليه، فقال له: اسكت يا غُنْدر. وأهل الحجاز يسمون المشغِّب غندرا.
ثم كان بعده غنادرة، كل منهم يلقب بغندر:
منهم: محمد بن جعفر الرازي أبو الحسين غندر، روى عن أبي حاتم الرازي وغيره.
ومنهم: محمد بن جعفر أبو بكر البغدادي غندر، الحافظ الجوال، حدث عنه أبو نعيم الحافظ وغيره.
ومنهم: محمد بن جعفر بن دُرّان البغدادي أبو الطيب، روى عن أبي خليفة الجمحي وغيره.
وآخرون لقبوا بذلك، ممن ليس بمحمد بن جعفر.
غُنْجَار، لقب عيسى بن موسى التيمي أبي أحمد البخاري، متقدم، حدث عن مالك والثوري وغيرهما، لقب بغنجار لحمرة وجنتيه.
وغُنْجَار آخر متأخر، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد البخاري الحافظ، صاحب تاريخ بخارى، مات سنة ثنتي عشرة وأربعمائة، والله أعلم.
صاعقة، هو أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم الحافظ، روى عنه البخاري وغيره. قال أبو علي الحافظ إنما لقب صاعقة لحفظه وشدة مذاكرته ومطالباته.
شباب، لقب خليفة بن خياط العصفري، صاحب التاريخ، سمع غندرا وغيره.
زُنَيج بالنون والجيم، لقب أبي غسان محمد بن عمرو الأصبهاني الرازي، روى عنه مسلم وغيره.
رُسْتَهْ، لقب عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني.
سُنَيد، لقب الحسين بن داود المِصيصي، صحاب التفسير، روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم الحافظان وغيرهما.
بندار، لقب محمد بن بشار البصري، روى عنه البخاري ومسلم والناس. قال ابن الفلكي: إنما لقب بهذا لأنه كان بندار الحديث.
قيصر، لقب أبي النضر هاشم بن القاسم المعروف، روى عنه أحمد بن حنبل وغيره.
الأخفش: لقب جماعة منهم أحمد بن عمران البصري النحوي، متقدم، روى عن زيد بن الحُباب وغيره، وله غريب الموطأ.
وفي النحويين أخافش ثلاثة مشهورون: أكبرهم: أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد، وهو الذي ذكره سيبويه في كتابه. والثاني: سعيد بن مسْعَدة أبو الحسن، الذي يروى عنه كتاب سيبويه، وهو صاحبه. والثالث: أبو الحسن علي بن سليمان، صاحب أبوي العباس النحويين: أحمد بن يحيى الملقب بثعلب، ومحمد بن يزيد الملقب بالُمبرِّد.
مربَّع، بفتح الباء المشددة، هو محمد بن إبراهيم الحافظ البغدادي.
جَزرة، لقب صالح بن محمد البغدادي الحافظ لقب بذلك من أجل أنه سمع من بعض الشيوخ ما روي عن عبد الله بن بُسر: أنه كان يرقي بخَرزة. فصحفها وقال: جزرة، بالجيم، فذهبت عليه، وكان ظريفا له نوادر تحكى.
عبيد العِجلُ، لقب أبي عبد الله الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي الحافظ.
كيلَجة، هو محمد بن صالح البغدادي الحافظ.
ما غمه، بلفظ النفي لفعل الغم، هو لقب علان بن عبد الصمد، وهو علي بن الحسين بن عبد الصمد الحافظ، ويجمع فيه بين اللقبين، فيقال علان ما غمه.
وهؤلاء البغداديون الخمسة، روينا أن يحيى بن معين هو لقبهم، وهم من كبار أصحابه وحفاظ الحديث.
سَجَّادة المشهور، هو الحسن بن حماد، سمع وكيعا وغيره.
مُشكَدانه، ومعناه بالفارسية حبة المسك، أو وعاء المسك، لقب عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان.
مطيَّن، بفتح الياء، لقب أبي جعفر الحضرمي، خاطبهما بذلك أبو نعيم الفضل بن دكين فلقبها بهما.
عبدان، لقب لجماعة، أكبرهم عبد الله بن عثمان المروزي، صاحب بن المبارك وراويته. روينا عن محمد بن طاهر المقدسي: أنه إنما قيل له عبدان، لأن كنيته أبو عبد الرحمن، واسمه عبد الله، فاجتمع في كنيته واسمه العبدان. وهذا لا يصح، بل ذلك من تغيير العامة للأسامي وكسرهم لها في زمان صِغَر المسمى أو نحو ذلك، كما قالوا في عليّ علان، وفي أحمد بن يوسف السلمي وغيره حمدان، وفي وهب بن بقية الواسطي وهبان، والله أعلم.
والمراد بهذه الترجمة بيان أسماء ذوي الكنى. والمصنف في ذلك يبوب كتابه على الكنى مبينا أسماء أصحابها.
وهذا فن مطلوب، لم يزل أهل العلم بالحديث يعنون به ويتحفظونه ويتطارحونه فيما بيهم ويتنقصون من جهلة. وقد ابتكرت فيه تقسيما حسنا، فأقول:
أصحاب الكنى فيها على ضروب:
أحدها: الذين سموا بالكنى، فأسماؤهم كناهم، لا أسماء لهم غيرها وينقسم هؤلاء إلى قسمين:
أحدهما: من له كنية أخرى سوى الكنية التي هي اسمه، فصار كأن للكنية كنية، وذلك طريف عجيب.
وهذا: كأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، أحد فقهاء المدينة السبعة. وكان يقال له راهب قريش اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن. وكذلك: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، يقال: إن اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد.
ولا نظير لهذين في ذلك، قاله الخطيب.
وقد قيل: إنه لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه.
الثاني من هؤلاء: من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه.
مثاله: أبو بلال الأشعري، الراوي عن شريك وغيره، روي عنه أنه قال: ليس لي اسم، اسمي وكنيتي واحد.
وهكذا أبو حصين بن يحيى بن سليمان الرازي، بفتح الحاء. روى عنه جماعة منهم أبو حاتم الرازي، وسأله: هل لك اسم ؟ فقال: لا، اسمي وكنيتي واحد.
الضرب الثاني: الذين عرفوا بكناهم، ولم يوقف على أسمائهم ولا على حالهم فيها، هل هي كناهم أو غيرها.
مثاله من الصحابة: أبو أناس - بالنون - الكناني، ويقال: الدُئلي من رهط أبي الأسود الدُئلي، ويقال فيه: الدؤلي، بالضم والهمزة، مفتوحة في النسب عند بعض أهل العربية، ومكسورة عند بعضهم على الشذوذ فيه.
وأبو مويهبة، مولى رسول الله - .
وأبو شيبة الخدري، الذي مات في حصار القسطنطينية ودفن هناك مكانه.
ومن غير الصحابة: أبو الأبيض، الراوي عن أنس بن مالك، أبو بكر بن نافع، مولى ابن عمر، روى عنه مالك وغيره.
أبو النَّجيب، مولى عبد الله بن عمرو بن العاص، بالنون المفتوحة في أوله، وقيل: بالتاء المضمومة، اثنتين من فوق.
أبو الحرب بن أبي الأسود الدئلي.
أبو حَرِيز الموقفي، والموقف محلة بمصر. روى عنه ابن وهب وغيره، والله أعلم.
الضرب الثالث: الذين لقبوا بالكنى، ولهم غير ذلك كنى وأسماء.
مثاله: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يلقب بأبي تراب، ويكنى أبا الحسن.
أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، كنيته أبو عبد الرحمن، وأبو الزناد لقب. وذكر الحافظ أبو الفضل الفلكي فيما بلغنا عنه: أنه كان يغضب من أبي الزناد، وكان عالما مفتنا.
أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، كنيته أبو عبد الرحمن، وأبو الرجال لَقَب لُقِّب به لأنه كان له عشرة أولاد كلهم رجال.
أبو تُميلة - بتاء مضمومة مثناة من فوق - يحيى بن واضح الأنصاري المروزي، يكنى أبا محمد، وأبو تميلة لقب. وثَّقه يحيى بن معين وغيره، وأنكر أبو حاتم الرازي على البخاري إدخاله إياه في كتاب الضعفاء.
أبو الآذان الحافظ عمر بن إبراهيم، يكنى أبا بكر، وأبو الآذان لقب لقب به، لأنه كان كبير الأذنين.
أبو الشيخ الأصبهاني عبد الله بن محمد الحافظ، كنيته أبو محمد، وأبو الشيخ لقب.
أبو حازم العبدُوي الحافظ، عمر بن أحمد كنيته أبو حفص، وأبو حازم لقب، وإنما استفدناه من كتاب الفلكي في الألقاب، والله أعلم.
الضرب الرابع: من له كنيتان أو أكثر.
مثال ذلك عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، كانت له كنيتان: أبو خالد، وأبو الوليد.
عبد الله بن عمر بن حفص العمري، أخو عبيد الله، روي أنه كان يكنى أبا القاسم، فتركها واكتنى أبا عبد الرحمن.
وكان لشيخنا منصور بن أبي المعالي النيسابوري، حفيد الفراوي، ثلاث كنى: أبو بكر، وأبو الفتح، وأبو القاسم، والله أعلم.
الضرب الخامس: من اختلف في كنيته، فذكر له على الاختلاف كنيتان أو أكثر، واسمه معروف. ولعبد الله بن عطاء الإبراهيمي الهروي - من المتأخرين - فيه مختصر.
مثاله: أسامة بن زيد، حِبُّ رسول الله قيل: كنيته أبو زيد. وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو خارجة.
أُبيّ بن كعب، أبو المنذر، وقيل: أبو الطفيل.
قبيصة بن ذويب أبو إسحاق، وقيل: أبو سعيد.
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق،أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو محمد.
سليمان بن بلال المدني، أبو بلال، وقيل: أبو محمد.
وفي بعض من ذكر في هذا القسم من هو في نفس الأمر ملتحق بالضرب الذي قبله، والله أعلم.
الضرب السادس: من عُرفت كنيته واختلف في اسمه.
مثاله من الصحابة أبو بَصرة الغفاري، على لفظ البصرة البلدة، قيل: اسمه جميل بن بصرة، بالجيم، وقيل حُميل، بالحاء المهملة المضمومة، وهو الأصح.
أبو جُحَيفة السُّوائي، قيل: اسمه وهب بن عبد الله، وقيل: وهب الله بن عبد الله.
أبو هريرة الدوسي، اختلف في اسمه واسم أبيه اختلاف كثير جدا، لم يختلف مثله في اسم أحد في الجاهلية والإسلام. وذكر ابن عبد البر: أن فيه نحو عشرين قولة في اسمه واسم أبيه، وأنه لكثرة الاضطراب لم يصح عنده في اسمه شيء يعتمد عليه، إلا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن إليه القلب في اسمه في الإسلام. وُذكر عن محمد بن إسحاق: أن اسمه عبد الرحمن بن صخر. قال: وعلى هذا اعتمدت طائفة ألفت في الأسماء والكنى.
قال وقال أبو أحمد الحاكم: أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر.
ومن غير الصحابة: أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، أكثرهم على أن اسمه عامر، وعن ابن معين: أن اسمه الحارث.
أبو بكر بن عياش، راوي قراءة عاصم، اختلف في اسمه على أحد عشر قولا، قال ابن عبد البر: إن صح له اسم فهو شعبة لا غير، وهو الذي صححه أبو زرعة. قال ابن عبد البر: وقيل: اسمه كنيته، وهذا أصح إن شاء الله لأنه روي عنه أنه قال: ما لي اسم غير أبي بكر، والله أعلم.
السابع: من اختلف في كنيته واسمه معا، وذلك قليل.
مثاله: سفينة مولى رسول الله قيل: اسمه عمير، وقيل: صالح، وقيل: مهران، وكنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: أبوالبَختري، والله أعلم.
الثامن: من لم يختلف في كنيته واسمه، وعرفا جميعا واشتهرا.
ومن أمثلته: أئمة المذاهب ذوو أبي عبد الله، مالك، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت، في خلق كثير.
التاسع: من اشتهر بكنيته دون اسمه، واسمه مع ذلك غير مجهول عند أهل العلم بالحديث. ولابن عبد البر تصنيف مليح فيمن بعد الصحابة منهم.
مثاله: أبو إدريس الخولاني، اسمه عايذ الله بن عبد الله. أبو إسحاق السبيعي، اسمه عمرو بن عبد الله.
أبو الأشعث الصنعاني، من صنعاء دمشق، اسمه شراحيل بن آده، بهمزة ممدودة بعدها دال مهملة مفتوحة مخففة، ومنهم من شددَّ الدال ولم يمد.
أبو الضحى مسلم بن صبيح، بضم الصاد المهملة.
أبو حازم الأعرج الزاهد، الراوي عن سهل بن سعد وغيره، اسمه سلمة بن دينار ومن لايحصى، والله أعلم.
معرفة كني المعروفين بالأسماء دون الكنى
وهذا من وجه ضد النوع الذي قبله.
ومن شأنه أن يبوَّب على الأسماء، ثم كناها، بخلاف ذاك. ومن وجه آخر: يصلح لأن يجعل قسما من أقسام ذاك، من حيث كونه قسما من أقسام أصحاب الكنى.
وقل من أفرده بالتصنيف، وبلغنا أن لأبي حاتم بن حبان البستي فيه كتابا،
ولنجمع في التمثيل جماعات في كنية واحدة تقريبا على الضابط.
فممن يكنى بأبي محمد من هذا القبيل من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: طلحة بن عبيد الله التيمي، عبد الرحمن بن عوف الزهري، الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، ثابت بن قيس بن الشماس، عبد الله بن زيد صاحب الأذان، الأنصاريان، كعب بن عُجْرَة، الأشعث بن قيس، معقل بن سنان الأشجعي، عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عبد الله بن بجيفة، عبد الله بن عمرو بن العاص، عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، جبير بن مطعم، الفضل بن العباس بن عبد المطلب، حويطب بن عبد العزى، محمود بن الربيع، عبد الله بن ثعلبة بن صُغير.
وممن يكنى منهم بأبي عبد الله: الزبير بن العوام، الحسين بن علي بن أبي طالب، سلمان الفارسي، عامر بن ربيعة العدوي، حذيفة بن اليمان، كعب بن مالك، رافع بن خديج، عمارة بن حزم، النعمان بن بشير، جابر بن عبد الله، عثمان بن حنيف، حارثة بن النعمان. وهؤلاء السبعة أنصاريون، ثوبان مولى رسول الله المغيرة بن شعبة، شُرَحْبيل بن حسنة، عمرو بن العاص، محمد بن عبد الله بن جحش، معقل بن يسار، وعمرو بن عامر المزنيان.
وممن يكنى منهم بأبي عبد الرحمن: عبد الله ابن مسعود، معاذ بن جبل، زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب، عبد الله بن عمر بن الخطاب، محمد بن مسلمة الأنصاري، عُويم بن ساعدة، على وزن نعيم. زيد بن خالد الجهني، بلال بن الحارث المزني، معاوية بن أبي سفيان، الحارث بن هشام المخزومي، المِسْور بن مَخرمَة.
وفي بعض من ذكرناه من قبل في كنيته غير ما ذكرناه، والله أعلم.
معرفة ألقاب المحدثين ومن يذكر معهم
وفيها كثرة، ومن لا يعرفها يوشك أن يظنها أسامي، وأن يجعل من ذكر باسمه في موضع وبلقبه في موضع شخصين، كما اتفق لكثير ممّن ألفَّ.
وممن صنفها أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ، ثم أبو الفضل بن الفلكي الحافظ.
وهي تنقسم إلى: ما يجوز التعريف به، وهو ما لا يكرهه الملقب. وإلى: ما لا يجوز، وهو ما يكرهه الملقب. وهذا أنموذج منها مختار:
روينا عن عبد الغني بن سعيد الحافظ أنه قال: رجلان جليلان، لزمهما لقبان قبيحان: معاوية بن عبد الكريم الضال، وإنما ضلَّ في طريق مكة. وعبد الله بن محمد الضعيف، وإنما كان ضعيفا في جسمه لا في حديثه.
قلت: وثالث، وهو عارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي، وكان عبدا صالحا بعيدا من الغرامة.
والضعيف هو الطَرسوسي أبو محمد، سمع أبا معاوية الضرير وغيره، كتب عنه أبو حاتم الرازي. وزعم أبو حاتم بن حبان: أنه قيل له الضعيف لإتقانه وضبطه.
غُنْدَر لقب محمد بن جعفر البصري أبي بكر، وسببه: ما روينا أن ابن جريج قدم البصرة، فحدثهم بحديث عن الحسن البصري، فأنكروه عليه وشغبوا، وأكثر محمد بن جعفر من الشغب عليه، فقال له: اسكت يا غُنْدر. وأهل الحجاز يسمون المشغِّب غندرا.
ثم كان بعده غنادرة، كل منهم يلقب بغندر:
منهم: محمد بن جعفر الرازي أبو الحسين غندر، روى عن أبي حاتم الرازي وغيره.
ومنهم: محمد بن جعفر أبو بكر البغدادي غندر، الحافظ الجوال، حدث عنه أبو نعيم الحافظ وغيره.
ومنهم: محمد بن جعفر بن دُرّان البغدادي أبو الطيب، روى عن أبي خليفة الجمحي وغيره.
وآخرون لقبوا بذلك، ممن ليس بمحمد بن جعفر.
غُنْجَار، لقب عيسى بن موسى التيمي أبي أحمد البخاري، متقدم، حدث عن مالك والثوري وغيرهما، لقب بغنجار لحمرة وجنتيه.
وغُنْجَار آخر متأخر، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد البخاري الحافظ، صاحب تاريخ بخارى، مات سنة ثنتي عشرة وأربعمائة، والله أعلم.
صاعقة، هو أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم الحافظ، روى عنه البخاري وغيره. قال أبو علي الحافظ إنما لقب صاعقة لحفظه وشدة مذاكرته ومطالباته.
شباب، لقب خليفة بن خياط العصفري، صاحب التاريخ، سمع غندرا وغيره.
زُنَيج بالنون والجيم، لقب أبي غسان محمد بن عمرو الأصبهاني الرازي، روى عنه مسلم وغيره.
رُسْتَهْ، لقب عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني.
سُنَيد، لقب الحسين بن داود المِصيصي، صحاب التفسير، روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم الحافظان وغيرهما.
بندار، لقب محمد بن بشار البصري، روى عنه البخاري ومسلم والناس. قال ابن الفلكي: إنما لقب بهذا لأنه كان بندار الحديث.
قيصر، لقب أبي النضر هاشم بن القاسم المعروف، روى عنه أحمد بن حنبل وغيره.
الأخفش: لقب جماعة منهم أحمد بن عمران البصري النحوي، متقدم، روى عن زيد بن الحُباب وغيره، وله غريب الموطأ.
وفي النحويين أخافش ثلاثة مشهورون: أكبرهم: أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد، وهو الذي ذكره سيبويه في كتابه. والثاني: سعيد بن مسْعَدة أبو الحسن، الذي يروى عنه كتاب سيبويه، وهو صاحبه. والثالث: أبو الحسن علي بن سليمان، صاحب أبوي العباس النحويين: أحمد بن يحيى الملقب بثعلب، ومحمد بن يزيد الملقب بالُمبرِّد.
مربَّع، بفتح الباء المشددة، هو محمد بن إبراهيم الحافظ البغدادي.
جَزرة، لقب صالح بن محمد البغدادي الحافظ لقب بذلك من أجل أنه سمع من بعض الشيوخ ما روي عن عبد الله بن بُسر: أنه كان يرقي بخَرزة. فصحفها وقال: جزرة، بالجيم، فذهبت عليه، وكان ظريفا له نوادر تحكى.
عبيد العِجلُ، لقب أبي عبد الله الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي الحافظ.
كيلَجة، هو محمد بن صالح البغدادي الحافظ.
ما غمه، بلفظ النفي لفعل الغم، هو لقب علان بن عبد الصمد، وهو علي بن الحسين بن عبد الصمد الحافظ، ويجمع فيه بين اللقبين، فيقال علان ما غمه.
وهؤلاء البغداديون الخمسة، روينا أن يحيى بن معين هو لقبهم، وهم من كبار أصحابه وحفاظ الحديث.
سَجَّادة المشهور، هو الحسن بن حماد، سمع وكيعا وغيره.
مُشكَدانه، ومعناه بالفارسية حبة المسك، أو وعاء المسك، لقب عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان.
مطيَّن، بفتح الياء، لقب أبي جعفر الحضرمي، خاطبهما بذلك أبو نعيم الفضل بن دكين فلقبها بهما.
عبدان، لقب لجماعة، أكبرهم عبد الله بن عثمان المروزي، صاحب بن المبارك وراويته. روينا عن محمد بن طاهر المقدسي: أنه إنما قيل له عبدان، لأن كنيته أبو عبد الرحمن، واسمه عبد الله، فاجتمع في كنيته واسمه العبدان. وهذا لا يصح، بل ذلك من تغيير العامة للأسامي وكسرهم لها في زمان صِغَر المسمى أو نحو ذلك، كما قالوا في عليّ علان، وفي أحمد بن يوسف السلمي وغيره حمدان، وفي وهب بن بقية الواسطي وهبان، والله أعلم.
الكلمات المفتاحية :
اعجاز الحديث النبوي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: