الفقه الحنبلي - صلاة العيد - الكسوف

الناس لانهم تفرقوا على ان العيد في الغد فلا يجتمعون إلا إلى الغد، ولا كذلك ها هنا لانه يحتاج إلى اجتماع الجماعة ولان صلاة الامام هي الواجبة التي يعتبر لها شروط العيد ومكانه، فاعتبر لها العيد بخلاف هذا * (مسألة) * (ويسن تقديم الاضحى وتأخير الفطر والاكل في الفطر قبل الصلاة والامساك في الاضحى حتى يصلي) يستحب تقديم الاضحى ليتسع وقت التضحية لان التضحية لا تجوز إلا بعد الصلاة وتأخير الفطر ليتسع وقت اخراج صدقة الفطر لان السنة اخراجها يوم العيد قبل الصلاة وهذا مذهب الشافعي ولا أعلم فيه خلافا.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم " أن أخر صلاة الفطر وعجل الاضحى وذكر الناس " الحديث مرسل رواه الشافعي (فصل) ويستحب الاكل في الفطر قبل الصلاة وأن لا يأكل في الاضحى حتى يصلي، روي ذلك عن علي وابن عباس وهو قول مالك والشافعي ولا نعلم فيه خلافا لما روى أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات وقال مرجأ بن رجاء حدثنى عبيد الله قال حدثني أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ويأكلهن وترار رواه البخاري، وعن بريدة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الاضحى حتى يصلي رواه الامام أحمد والترمذي وهذا لفظه ورواه الاثرم ولفظ روايته حتى يضحي.
ويستحب أن يفطر على تمرات ويأكلهن وترا لما ذكرنا من الحديث، وأما في الاضحى فان كان له أضحية استحب أن يفطر على شئ منها.
قال أحمد والاضحى لا يأكل فيه حتى يرجع إذا كان له ذبح لان النبي صلى الله عليه وسلم
أكل من ذبيحته، وروى الدار قطني حديث بريدة وفيه وكان لا يأكل يوم النحر حتى يرجع فيأكل
من أضحتيه وإذا لم يكن له ذبح لم يبال أن يأكل * (مسألة) * (ويستحب الغسل والتبكير إليها بعد الصبح ماشيا على أحسن هيئة إلا المعكتف يخرج في ثياب اعتكافه أو إماما يتأخر إلى وقت الصلاة) يستحب الغسل للعيد وكان ابن عمر يغتسل يوم الفطر رواه مالك في الموطأ، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال علقمة وعروة وعطاء والنخعي والشعبي ومالك والشافعي وابن المنذر لما روى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم الاضحى رواه ابن ماجه إلا أنه من رواية جنادة بن مغلس وهو ضعيف، وروى أيضا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع " إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك " علل بكونه عيدا ولانه يوم يشرع فيه الاجتماع للصلاة فاستحب الغسل فيه كيوم الجمعة، وان توضأ أجزأه لانه إذا أجزأ في الجمعة مع الامر بالغسل لها فها هنا أولى، ووقت الغسل بعد طلوع الفجر في ظاهر كلام الخرقي.
قال الآمدي ان اغتسل قبل الفجر لم يصب سنة لاغتسال، وقال ابن عقيل المنصوص عن أحمد انه قبل الفجر وبعده ولان زمن العيد أضيق من وقت الجمعة فلو وقف على طلوع الفجر ربما فات ولان المقصود منه التنظيف وذلك يحصل بالغسل في الليل القربة من الصلاة، والاولى أن يكون بعد الفجر ليخرج من الخلاف ولانه أبلغ في النظافة لقربه من الصلاة والغسل لها غير واجب.
قال ابن عقيل ويتخرج وجوبه بناء على غسل الجمعة لانها في معناها (فصل) ويستحب التبكير إلى العيد بعد صلاة الصبح والدنو من الامام ليحصل له أجر التبكير وانتظار الصلاة ويحصل له فضل الدنو من الامام من غير تخطي رقاب الناس ولا أذى أحد.
قال عطاء بن السائب كان عبد الرحمن بن أبي ليلي وعبد الله بن مغفل يصليان الفجر يوم العيد وعليهما
ثيابهما ثم يتدافعان إلى الجبانة أحدهما يكبر والآخر يهلل، فأما الامام فانه يتأخر إلى وقت الصلاة لما روى أبو سعيد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والاضحى إلى المصلى فأول شئ يبدأ به الصلاة رواه مسلم، قال مالك مضت السنة أن يخرج الامام من منزله قدر ما يبلغ
المصلى وقد حلت الصلاة، وروي عن ابن عمر انه كان لا يخرج حتى تطلع الشمس، ويستحب أن يخرج ماشيا وعليه السكينة والوقار كما ذكرنا في الجمعة وهذا قول عمر بن عبد العزيز والنخعي والثوري والشافعي وغيرهم لما روي ان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يركب في عيد ولا جنازة، وروى ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرج إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا رواه ابن ماجة، وإن كان بعيدا فلا بأس أن يركب نص عليه أحمد لما روي ان عمر بن عبد العزيز قال على المنبر يوم الجمعة ان الفطر غدا فامشوا إلى مصلاكم فان ذلك كان يفعل، ومن كان من أهل القرى فليركب فإذا جاء إلى المدينة فليمش إلى الصلاة.
رواه سعيد (فصل) ويستحب أن يتطيب ويتسوك ويلبس أحسن ثيابه كما ذكرنا في الجمعة لما ذكرنا من الحديث، وروى ابن عبد البر باسناده عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتم ويلبس
برده الاحمر في العيدين والجمعة.
وعن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس في العيدين برد حبرة وباسناده عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته وعيده " والامام بذلك أحق لانه المنظور إليه من بينهم إلا
أن المعتكف يستحب له الخروج في ثياب اعتكافه ليبقى عليه أثر العبادة والنسك.
قال أحمد في رواية المروذي: طاوس كان يأمر بزينة الثياب.
وعطاء قال هو يوم تخشع واستحسنهما جميعا
(فصل) ويستحب أن يكون في خروجه مظهرا للتكبير يرفع به صوته.
قال أحمد يكبر جهرا إذا خرج من بيته حتى يأتي المصلى، وروى ذلك عن علي وابن عمر وأبي أمامة وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول عمر بن عبد العزيز وفعله ابن أبي ليلي والنخعي وسعيد بن جبير وهو قول الحكم وحماد ومالك وإسحق وابن المنذر.
وقال أبو حنيفة يكبر يوم الاضحى ولا يكبر يوم الفطر لان ابن عباس سمع التكبير يوم الفطر فقال ما شأن الناس؟ فقيل يكبرون.
فقال أمجانين الناس؟
ولنا انه فعل من سمينا من الصحابة وقولهم، فأما ابن عباس فكان يقول يكبرون مع الامام ولا يكبرون وحدهم وهذا خلاف مذهبهم، إذا ثبت هذا فانه يكبر حتى يأتي المصلى لقول أبي جميلة رأيت عليا رضي الله عنه خرج يوم العيد فلم يزل يكبر حتى انتهى إلى الجبانة.
قال الاثرم قيل
لابي عبد الله في الجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى أو حتى يخرج الامام؟ قال حتى يأتي المصلى.
وقال القاضي فيه رواية أخرى حتى يخرج الامام (فصل) ولا بأس بخروج النساء يوم العيد إلى المصلى.
وقال ابن حامد يستحب ذلك، وروي عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهما انهما قالا حق على كل ذات نطاق أن تخرج إلى العيدين، وكان ابن عمر يخرج من استطاع من أهله إلى العيدين، وروت أم عطية قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والاضحى والعواتق ذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين.
قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال " لتلبسها أختها من جلبابها " متفق عليه وهذا لفظ رواية مسلم.
وقال القاضي ظاهر كلام أحمد أن ذلك جائز غير مستحب، وكرهه النخعي ويحيى الانصاري وقالا لا يعرف خروج المرأة في العيدين عندنا، وكرهه سفيان وابن المبارك، ورخص أهل الرأي للمرأة الكبيرة وكرهوه للشابة لما في خروجهن من الفتنة.
وقول عائشة رضي الله عنها لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني اسرائيل ولنا ما ذكرنا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أحق أن تتبع، وقول عائشة مختص بمن أحدثت دون غيرها، ولا شك في ان تلك يكره لها الخروج وانما يستحب لهن الخروج غير متطيبات ولا يلبسن ثوب شهرة ولا زينة ويخرجن في ثياب البذلة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " وليخرجن تفلات " ولا يخالطن الرجال بل يكن ناحية منهم * (مسألة) * (وإذا غدا من طريق رجع في أخرى)
الرجوع في غير الطريق التي غدا منها سنة وبه قال مالك والشافعي لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
قال أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره.
قال الترمذي هذا حديث حسن، قال بعض أهل العلم انما فعل هذا قصدا لسلوك الابعد في الذهاب ليكثر ثوابه وخطواته إلى الصلاة ويعود في الاقصر لانه أسهل، وقيل كان يحب أن يشهد له الطريقان، وقيل كان يحب المساواة بين أهل الطريقين في التبرك بمروره بهم وسرورهم برؤيته وينتفعون بمسئلته، وقيل لتحصل الصدقة ممن صحبه على أهل الطريقين من الفقراء، وقيل ليشترك الطريقان بوطئه عليهما.
وفي الجملة الاقتداء به سنة لاحتمال بقاء المعنى الذي فعله لاجله ولانه قد يفعل الشئ لمعنى ويبقى في حق غيره سنة مع زوال المعنى كالرمل والاضطباع في طواف القدوم فعله هو وأصحابه لاظهار الجلد للكفار وهي سنة.
قال عمر رضي الله عنه فيم الرملان الآن ولمن نبدي مناكبنا وقد نفى الله المشركين؟ ثم قال مع ذلك لا ندع شيئا فعلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
* (مسألة) * (وهل من شرطها الاستيطان وإذن الامام والعدد المشروط للجمعة؟ على روايتين) يشترط لوجوب صلاة العيد ما يشترط لوجوب صلاة الجمعة من الاستيطان لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها في سفره ولا خلفاؤه، وكذلك العدد المشترط لصلاة الجمعة لانها صلاة عيد فأشبهت الجمعة، وفي اشتراط اذن الامام روايتان أصحهما انه لا يشترط كما قلنا في الجمعة، ولا يشترط شئ من ذلك لصحتها لان انسا كان إذا لم يشهد العيد مع الامام جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فصلى بهم ركعتين يكبر فيهما ولانها في حق من انتفت فيه شروط الوجوب تطوع فلم يشترط لها ذلك كسائر التطوع.
وقد ذكر شيخنا ها هنا روايتين وكذلك ذكره أبو الخطاب.
وقال القاضي كلام أحمد يقتضي أن في اشتراط ذلك روايتين: إحداهما لا يقام العيد إلا حيث تقام الجمعة وهذا مذهب أبي حنيفة إلا انه لا يرى ذلك إلا في المصر لقوله لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع.
والثانية يصليها المنفرد والمسافر والعبد والنساء وهذا قول الحسن والشافعي لما ذكرنا إلا ان الامام إذا خطب مرة ثم أرادوا أن يصلوا لم يخطبوا ثانيا وصلوا بلا خطبة كيلا يؤدي إلى تفريق الكلمة.
وهذا التفصيل الذي ذكرناه أولى ما قيل به ان شاء الله تعالى (فصل) قال ابن عقيل إذا قلنا من شرطها العدد وكانت قرية إلى جانب قرية أو مصر يصلى فيه العيد لزمهم السعي إلى العيد سواء كانوا بحيث يسمعون النداء أم لا لان الجمعة انما لم يلزم اتيانها مع عدم السماع لتكررها بخلاف العيد فانه لا يتكرر فلا يشق اتيانه * (مسألة) * (وتسن في الصحراء وتكره في الجامع إلا من عذر) السنة أن يصلى العيد في المصلى أمر بذلك علي رضي الله عنه واستحسنه الاوزاعي وأصحاب
الرأي وهو قول ابن المنذر، وحكي عن الشافعي ان كان مسجد البلد واسعا فالصلاة فيه أولى لانه خير البقاع وأطهرها ولذلك يصلي أهل مكة في المسجد الحرام ولنا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده وكذلك الخلفاء الراشدون بعده ولا يترك النبي صلى الله عليه وسلم الافضل مع قربه، ويتكلف فعل المفضول مع بعده، ولا يشرع لامته ترك الفضائل ولانا قد أمرنا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص ولان هذا اجماع فان الناس في كل عصر يخرجون إلى المصلى فيصلون فيه العيدين مع سعة المسجد وضيقه ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى العيد بمسجده إلا من عذر مع شرف مسجده، وروينا عن علي رضي الله عنه انه قيل له قد اجتمع في المسجد ضعفاء الناس وعميانهم فلو صليت بهم في المسجد؟ فقال أخالف السنة إذا، ولكن أخرج إلى المصلى وأستخلف من يصلي بهم في المسجد أربعا، وصلاة النفل في البيت أفضل منها مع شرفه، ويستحب للامام إذا خرج أن يستخلف في المسجد من يصلي بضعفة الناس في الجامع لان عليا رضي الله عنه استخلف أبا مسعود البدري يصلي بضعفة الناس في المسجد رواه سعيد، وهل يصلي المستخلف ركعتين أم أربعا على روايتين: إحداهما يصلي أربعا لما ذكرنا من قول علي، والثانية يصلى ركعتين وروي انه صلى أربعا فان كان عذر من مطر أو نحوه صلى في المسجد لما روى أبو هريرة قال أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد.
رواه أبو داود
(فصل) ولا يشرع لها أذان ولا اقامة ولا نعلم في هذا خلافا إلا انه روي عن ابن الزبير انه
أذن وأقام، وقيل أول من أذن في العيدين ابن زياد، وهذا يدل على انعقاد الاجماع قبله انه لا يسن ذلك وبه يقول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وقد روى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيدين بغير أذان ولا اقامة وعن جابر مثله متفق عليهما، وعن عطاء قال أخبرني جابر ان لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الامام ولا بعد ما يخرج الامام ولا اقامة ولا نداء ولا شئ، لا نداء يومئذ ولا اقامة رواه مسلم، وقال بعض أصحابنا ينادى لها الصلاة جامعة وهو قول الشافعي والسنة أحق أن تتبع * (مسألة) * (ويبدأ بالصلاة فيصلي ركعتين) وجملة ذلك انه يبدأ في العيد بالصلاة قبل الخطبة لا نعلم في ذلك خلافا إلا ما روي عن بني أمية وقيل انه يروى عن عثمان وابن الزبير انهما فعلا ذلك ولا يصح عنهما، وخلاف بني أمية مسبوق بالاجماع فلا يعتد به ولانه مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ولخلفائه الراشدين فان ابن عمر قال ان النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كانوا يصلون العيدين
قبل الخطبة.
متفق عليه، وقد أنكر على بني أمية فعلهم وعد منكرا وبدعة فروي طارق بن شهاب قال قدم مروان الخطبة قبل الصلاة فقام رجل فقال خالفت السنة كانت الخطبة بعد الصلاة، فقال ترك ذلك يا أبا فلان: فقام أبو سعيد فقال أما هذا المتكلم فقد قضى ما عليه قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فلينكره بلسانه فمن لم يستطع فلينكره بقلبه وذلك أضعف الايمان " رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق، ورواه مسلم بمعناه.
فعلى هذا من خطب قبل الصلاة فهو كمن لم يخطب لانه خطب في غير محل الخطبة أشبه ما لو خطب في الجمعة بعد الصلاة (فصل) ولا خلاف بين أهل العلم أن صلاة العيد ركعتان وذلك المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه فعل ذلك وفعله الائمة بعده وقد قال عمر رضي الله عنه: صلاة العيد ركعتان تمام غير قصر
على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى
* (مسألة) * (يكبر في الاولى بعد الاستفتاح وقبل التعوذ ستا وفي الثانية بعد القيام من السجود خمسا) السنة أن يستفتح بعد تكبيرة الاحرام ثم يكبر تكبيرات العيد ثم يتعوذ ثم يقرأ.
هذا المشهور في المذهب ومذهب الشافعي، وعن الامام أحمد ان الاستفتاح بعد التكبيرات اختارها الخلال وصاحبه وهو قول الاوزاعي لان الاستفتاح يلي الاستعاذة.
قال أبو يوسف يتعوذ قبل التكبير لئلا يفصل بين الاستفتاح والاستعاذة ولنا ان الاستفتاح يشرع لافتتاح الصلاة فكان في أولها كسائر الصلوات والاستعاذة شرعت للقراءة فهي تابعة لها فتكون عند الابتداء بها لقول الله تعالى (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) وانما جمع بينهما في سائر الصلوات لان القراءة تلي الاستفتاح من غير فاصل فلزم أن يليه ما يكون في أولها بخلاف مسئلتنا وأيما فعل كان جائزا (فصل) وعدد التكبيرات في الركعة الاولى ست تكبيرات غير تكبيرة الاحرام، وفي الثانية خمس سوى تكبيرة القيام نص عليه أحمد فقال يكبر في الاولى سبعا مع تكبيرة الاحرام ولا يعتد بتكبيرة الركوع لان بينهما قراءة ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات ولا يعتد بتكبيرة النهوض ثم يقرأ في الثانية ثم يكبر ويركع وروي ذلك عن فقهاء المدينة السبعة وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك والمزني، وروي عن أبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وابن عمر ويحيى الانصاري قالوا يكبر في الاولى سبعا وفي الثانية خمسا وبه قال الشافعي وأسحق إلا انهم قالوا يكبر سبعا في الاولى سوى تكبيرة الاحرام لقول عائشة رضي الله عنها وعن أبيها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين اثنتى عشرة تكبيرة سوى تكبيرة الافتتاح رواه الدارقطني، وروي عن ابن عباس وأنس والمغيرة بن شعبة وسعيد بن المسيب والنخعي يكبر سبعا.
وقال أبو حنيفة والثوري في الاولى
والثانية ثلاث ثلاث لما روى أبو موسى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر تكبيره على الجنازة
ويوالى بين القراءتين رواه أبو داود، وروى أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى وحذيفة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الاضحى والفطر؟ فقال أبو موسى كان يكبر أربعا تكبيره على الجنازة.
فقال حذيفة صدق ولنا ما روى كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين في الاولى سبعا قبل القراءة وفي الثانية خمسا قبل القراءة رواه الاثرم وابن ماجه والترمذي وقال هو حديث حسن وهو أحسن حديث في الباب، وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والاضحى في الاولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمسا سوى تكبيرتي الركوع رواه أبو داود.
قال ابن عبد البر قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة حسان انه كبر في العيد سبعا في الاولى وخمسا في الثانية من حديث عبد الله بن عمرو وابن عمر وجابر وعائشة وأبي واقد وعمرو بن عوف ولم يرو عنه من وجه قوي ولا ضعيف خلاف هذا وهو أولى ما عمل به وحديث عائشة المعروف عنها كما رويناه وحديثهم انما رواه الدارقطني من رواية ابن لهيعة، وحديث أبي موسى ضعيف يرويه أبو عائشة جليس لابي هريرة وهو غير معروف والله أعلم * (مسألة) * (ويرفع يديه مع كل تكبيرة) يستحب أن يرفع يديه في حال تكبيره كرفعهما مع تكبيرة الاحرام وبه قال عطاء والاوزاعي وأبو حنيفة والشافعي.
وقال مالك والثوري لا يرفعهما فيما عدا تكبيرة الاحرام لانها تكبيرات في أثناء الصلاة أشبهت تكبيرات الركوع
ولنا ما روي ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير.
قال أحمد أما أنا فأرى أن هذا الحديث يدخل فيه هذا كله.
وروي عن ابن عمر انه كان يرفع يديه في كل تكبيرة في الجنازة وفي العيد رواه الاثرم ولم يعرف له مخالف في الصحابة.
فأما تكبيرات الركوع قلنا فيها منع، وإن سلم فلان هذه يقع طرفاها في حال القيام فهي بمنزلة تكبيرة الافتتاح والله أعلم * (مسألة) * (ويقول الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله
على محمد النبي وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وإن أحب قال غير ذلك) وجملة ذلك انه متى فرغ من الاستفتاح في صلاة العيد حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم فعل ذلك بين كل تكبيرتين وإن قال ما ذكرها هنا فحسن لكونه يجمع ذلك كله، وإن قال غيره نحو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أو ما شاء من الذكر فجائز وبهذا قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة ومالك والاوزاعي يكبر متواليا لا ذكر بينه لانه لو كان بينه ذكر مشروع
لنقل كما نقل التكبير ولانه ذكر من جنس مسنون فكان متواليا كالتسبيح في الركوع والسجود ولنا ما روى علقمة ان عبد الله بن مسعود وحذيفة وأبا موسى خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوما فقال لهم إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟ فقال عبد الله تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تقرأ ثم تكبر وتركع ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تركع.
فقال حذيفة وأبو موسى صدق أبو عبد الرحمن رواه الاثرم، ولانها تكبيرات حال القيام فاستحب أن يتخللها ذكر كتكبيرات الجنازة وتفارق التسبيح فانه ذكر يخفى ولا يظهر بخلاف التكبير، وقياسهم ينتقض بتكبيرات الجنازة.
قال القاضي يقف بين كل تكبيرتين بقدر آية متوسطة وهذا قول الشافعي * (مسألة) * (ثم يقرأ بعد الفاتحة في الاولى بسبح وفي الثانية بالغاشية ويجهر بالقراءة) لا خلاف بين أهل العلم في انه يشرع أن يقرأ في كل ركعة من صلاة العيد بفاتحة الكتاب وسورة وانه يسن الجهر في القراءة فيما نعلم إلا انه روي عن علي انه كان إذا قرأ في العيدين أسمع من يليه ولم يجهر ذلك الجهر.
وقال ابن المنذر أكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة، وفي أخبار من أخبر بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم فيها دليل على انه كان يجهر ولانها صلاة عيد أشبهت الجمعة.
ويستحب أن يقرأ في الاولى بسبح اسم ربك الاعلى وفي الثانية بالغاشية نص عليه أحمد لان
النعمان بن بشير قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الاعلى
وهل أتاك حديث الغاشية وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ بهما رواه مسلم.
وقال الشافعي يقرأ بقاف واقتربت وحكاه ابن أبي موسى عن أحمد لما روي أن عمر سأل أبا واقد الليثي ماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ به في الفطر والاضحى؟ فقال كان يقرأ بقاف والقرآن المجيد واقتربت الساعة وانشق القمر رواه مسلم.
قال أبو حنيفة ليس فيه شئ مؤقت وحكاه ابن عقيل رواية عن أحمد، وكان ابن مسعود يقرأ بالفاتحة وسورة من المفصل ومهما قرأ به كان حسنا إلا أن ما ذكرناه أحسن لانه كان مذهبا لعمر رضي الله عنه وعمل به ولانه قد رواه مع النعمان ابن عباس وسمرة ولان في (سبح) الحث عل الصلاة وزكاة الفطر على ما قاله سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز في تفسير قوله تعالى (قد أفلح من تزكى) فاختصت الفضيلة به كاختصاص الجمعة بسورتها * (مسألة) * (وتكون بعد التكبير في الركعتين وعنه يوالي بين القراءتين) المشهور عن أحمد رحمه الله أن القراءة تكون بعد التكبير في الركعتين روي ذلك عن أبي هريرة والفقهاء السبعة وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك والشافعي والليث، وروى عن أحمد انه يوالي بين القراءتين ومعناه انه يكبر في الاولى قبل القراءة وفي الثانية بعدها اختارها أبو بكر وروي ذلك عن ابن مسعود وحذيفة وأبي موسى وأبي مسعود البدري والحسن وابن سيرين والثوري وهو قول أصحاب الرأي لما ذكرنا من حديث ابن مسعود، وعن أبي موسى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر تكبيره على الجنازة ويوالي بين القراءتين رواه أبو داود ولنا ما روت عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين سبعا وخمسا قبل القراءة رواه أحمد في المسند.
وعن عبد الله بن عمر قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم " التكبير في الفطر
سبع في الاولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما رواه أبو داود والاثرم ورواه ابن ماجه عن سعد مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، وحديث أبي موسى ضعيف قاله الخطابي وليس
في رواية أبي داود انه والى بين القراءتين * (مسألة) * (فإذا سلم خطب خطبتين يجلس بينهما يفتتح الاولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبع يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة ويبين لهم ما يخرجون، ويرغبهم في الاضحية في الاضحى ويبين لهم حكم الاضحية) الخطبتان مشروعتان بعد صلاة العيد ويستحب الجلوس بينهما لما روى جابر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ثم قعد قعدة ثم قام رواه ابن ماجه ويكونان بعد الصلاة وقد ذكرنا ذلك وصفتها كصفة خطبتي الجمعة قياسا عليهما إلا أنه يستفتح الاولى بتسع تكبيرات متواليات، والثانية بسبع متواليات.
قال القاضي وإن جعل بينهما تهليلا أو ذكرا فحسن
لما روى سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله قال يكبر الامام يوم العيد على المنبر قبل أن يخطب بتسع تكبيرات ثم يخطب وفي الثانية بسبع تكبيرات، وروى عنه انه قال هو من السنة ذكره البغوي.
ويستحب أن يكثر التكبير في اضعاف خطبته لما روى سعد مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى الله عليه وسلم كان يكثر التكبير في خطبة العيدين بين اضعاف الخطبة رواه ابن ماجه (1) وإذا كبر في أثناء الخطبة كبر الناس بتكبيره.
وقد روي عن أبي موسى انه كان يكبر يوم العيد على المنبر ثلاثين أو أربعين تكبيرة، ويستحب أن يجلس إذا صعد المنبر قبل الخطبة ليستريح كالجمعة وقيل لا يجلس لان الجلوس في الجمعة للاذان ولا أذان ها هنا (فصل) فان كان فطرا يحثهم على الصدقة ويبين لهم وجوب صدقة الفطر وثوابها وقدر المخرج وجنسه وعلى من تجب ووقتها، وإن كان أضحى ذكر لهم الاضحية وفضلها وتأكد استحبابها وما يجزي منها وما لا يجزي ووقت الذبح وصفة تفريقها وما يقول عند ذبحها ليعملوا بذلك.
وقد روى أبو سعيد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الاضحى ويوم الفطر فيبدأ بالصلاة فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم فان كان له حاجة ببعث ذكره للناس أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها كان يقول " تصدقوا تصدقوا " وكان أكثر من يتصدق النساء
متفق عليه واللفظ لمسلم.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وقد أصاب سنة المسلمين "
__________
" 1 " هو ضعيف ولفظه محرف وصوابه كما في المغني أعلاه
* (مسألة) * (والتكبيرات الزوائد والذكر بينهما والخطبتان سنة) لا تبطل بتركه الصلاة عمدا ولا سهوا بغير خلاف علمناه، فان نسي التكبير حتى شرع في القراءة لم يعد إليه، ذكره ابن عقيل وهو أحد قولي الشافعي لانه سنة فلم يعد إليه بعد الشروع في القراءة كالاستفتاح.
وقال القاضي فيه وجه آخر أنه يعود إليه وهو قول مالك وأبي ثور والقول الثاني للشافعي لانه ذكره في محله فيأتي به كما قبل الشروع في القراءة لان محله القيام وقد ذكره فيه.
فعلى هذا يقطع القراءة ويكبر ثم يستأنفها لانه قطعها متعمدا بذكر طويل، وإن كان المنسي يسيرا احتمل أن يبنى لانه يسير أشبه ما لو قطعها بقول أمين، واحتمل أن يبتدئ لان محل التكبير قبل القراءة ومحل القراءة بعد التكبير، فان ذكر التكبير بعد القراءة فأتى به لم يعد القراءة لانها وقعت موقعها، وإن لم يذكره حتى ركع سقط وجها واحدا لفوات محله، وكذلك المسبوق إذا أدرك الركوع لم يكبر فيه.
وقال أبو حنيفة يكبر فيه لانه بمنزلة القيام بدليل ادراك الركعة به ولنا انه ذكر مسنون حال القيام فلم يأت به في الركوع كالاستفتاح وقراءة السورة والقنوت عنده وانما أدرك الركعة بادراكه لانه أدرك معظمها ولم يفته إلا القيام وقد حصل منه ما يجزي في تكبيرة الاحرام.
وأما المسبوق إذا أدرك الامام بعد تكبيره فقال ابن عقيل يكبر لانه أدرك محله، ويحتمل ألا يكبر لانه مأمور بالانصات لقراءة الامام.
فعلى هذا ان كان يسمع أنصت وإن كان بعيدا كبر (فصل) وإذا شك في عدد الركعات بنى على اليقين فان كبر ثم شك هل نوى تكبيرة الاحرام
أو لا ابتدأ الصلاة هو والمأمومون لان الاصل عدم النية إلا أن يكون وسواسا فلا يلتفت إليه (فصل) والخطبتان سنة لا يجب حضورها ولا استماعها لما روى عبد الله بن السائب قال شهدت
مع رسول الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال " إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب " رواه أبو داود وقال هو مرسل ورواه ابن ماجه والنسائي.
قال شيخنا وانما أخرت الخطبة عن الصلاة والله أعلم لانها لما لم تكن واجبة جعلت في وقت يتمكن من أراد تركها من تركها بخلاف خطبة الجمعة.
وذكر ابن عقيل في وجوب الانصات لها روايتين: احداهما يجب كالجمعة والثاني لا يجب لان الخطبة غير واجبة فلم يجب الانصات لها كسائر السنن والاذكار والاستماع لها أفضل وقد روي عن الحسن وابن سيرين انهما كرها الكلام يوم العيد والامام يخطب.
وقال ابراهيم يخطب الامام يوم العيد قدر ما يرجع النساء إلى بيوتهن، وهذا يدل على أنه لا يستحب لهن الجلوس لاستماع الخطبة لئلا يختلطن بالرجال، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم في موعظته النساء بعد فراغه من خطبته دليل على انهن لم ينصرفن، وسنته صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع (فصل) ويستحب أن يخطب قائما لما روى جابر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ثم قعد ثم قام رواه ابن ماجه، وإن خطب قاعدا فلا بأس لانها غير واجبة أشبهت صلاة النافلة، وإن خطب على راحلته فحسن لما روى سلمة بن نبيط عن أبيه انه حج فقال
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على بعيره رواه ابن ماجه.
وعن أبي جميلة قال رأيت عليا عليه السلام صلى يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب على دابته، ورأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب على راحلته رواه سعيد * (مسألة) * (ولا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها في موضع الصلاة) يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها في موضع الصلاة للامام والمأموم سواء كان في المصلى أو المسجد وهو مذهب ابن عباس وابن عمر، وروي عن علي وابن مسعود وحذيفة وبريدة وسلمة بن الاكوع وجابر وابن أبي أوفى وبه قال شريح وعبد الله بن مغفل ومسروق والضحاك والقاسم والشعبي قال الزهري لم أسمع أحدا من علمائنا يذكر ان أحدا من سلف هذه الامة كان يصلي قبل تلك ولا بعدها يعني صلاة العيد.
وقال ما صلى قبل العيد بدري ونهى عنه أبو مسعود البدري.
وروي أن
عليا رضي الله عنه رأى قوما يصلون قبل العيد فقال ما كان هذا يفعل على عهد رسول الله عليه وسلم.
قال أحمد: أهل المدينة لا يتطوعون قبلها ويتطوعون بعدها وهذا قول علقمة والاسود ومجاهد والنخعي والثوري وأصحاب الرأي، وقال مالك كقولنا في المصلى وله في المسجد روايتان: احداهما يتطوع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين " وقال
الشافعي يكره ذلك للامام لانه يستحب له التشاغل عن الصلاة ولا يكره للمأموم لانه وقت لم ينه عن الصلاة فيه أشبه ما بعد الزوال ولنا ما روى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما متفق عليه ولانه اجماع كما حكاه الزهري وغيره ولانه وقت نهى الامام عن التنفل فيه فكره للمأموم كسائر أوقات النهى وكما قبل الصلاة عند أبي حنيفة وكما لو كان في المصلى عند مالك والحديث الذي ذكره مالك مخصوص بما ذكرنا من المعنى.
وقال الاثرم قلت لاحمد قال سليمان بن حرب انما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التطوع لانه كان إماما، قال أحمد فالذين رووا هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتطوعوا، ثم قال: ابن عمر وابن عباس هما روياه وأخذا به يشير والله أعلم إلى أن عمل راوي الحديث به تفسير له وتفسيره يقدم على تفسير غيره ولو كانت الكراهة للامام كيلا يشتغل عن الصلاة لاختصت بما قبل الصلاة إذ لم يبق بعدها ما يشتغل به، وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في صلاة العيد سبعا وخمسا ويقول: " لا صلاة قبلها ولا بعدها " رواه ابن بطة باسناده (فصل) قيل لاحمد فان كان لرجل صلاة في ذلك الوقت قال أخاف أن يقتدى به.
قال ابن
عقيل كره أحمد أن يتعمد لقضاء صلاة وقال أخاف أن يقتدوا به (فصل) وانما يكره التنفل في موضع الصلاة فأما في غيره فلا بأس به، وكذلك لو خرج منه ثم عاد إليه بعد الصلاة.
قال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول روي عن ابن عمر وابن عباس أن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها ورأيته يصلي بعدها ركعات في البيت وربما صلاها في الطريق يدخل بعض المساجد.
وروي عن أبي سعيد قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا فإذا دخل إلى منزله صلى ركعتين رواه ابن ماجه * (مسألة) * (ومن كبر قبل سلام الامام صلى ما فاته على صفته) لانه أدرك بعض الصلاة التي ليست مبدلة من أربع فقضاها على صفتها كسائر الصلوات، وإن أدرك معه ركعة وقلنا ما يقضيه المسبوق أول صلاته كبر في الذي يقضيه سبعا، وان قلنا أخر صلاته كبر خمسا على ما ذكرنا من الاختلاف من قبل (فصل) فان أدركه في الخطبة فان كان في المسجد فقال شيخنا يصلي تحية المسجد لانها إذا صليت في خطبة الجمعة مع وجوب الانصات لها ففي خطبة العيد أولى، ولا يكون حكمه في ترك التحية
حكم من أدرك العيد.
وقال القاضى يجلس ويستمع الخطبة ولا يصلي لما ذكرنا من الادلة قبل ولان صلاة العيد تفارق صلاة الجمعة لان التطوع قبلها وبعدها مكروه بخلاف صلاة الجمعة، وان لم يكن في المسجد جلس فاستمع ولم يصل لئلا يشتغل عن استماع الخطبة ثم ان أحب قضاء صلاة العيد قضاها على ما نذكره * (مسألة) * (وإن فاتته الصلاة استحب أن يقضيها على صفتها وعنه يقضيها أربعا وعنه انه مخير بين ركعتين وأربع) وجملة ذلك انه لا يجب قضاء صلاة العيد على من فاتته لانها فرض كفاية وقد قام بها من حصلت به الكفاية وان أحب قضاءها استحب له أن يقضيها على صفتها نقل ذلك عن أحمد اسماعيل بن سعيد واختاره الجوزجاني وهو قول النخعي ومالك والشافعي وأبي ثور لما روي عن أنس انه كان إذا لم يشهد العيد مع الامام بالبصرة جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلي بهم ركعتين يكبر فيهما ولانها قضاء صلاة فكانت على صفتها كسائر الصلوات وهو مخير إن شاء صلاها في جماعة كما ذكرنا عن أنس وان شاء صلاها وحده وعنه انه يقضيها أربعا اما بسلام واحد أو بسلامين وهو قول الثوري لما روي عن عبد الله بن مسعود انه قال من فاته العيد فليصل أربعا.
وروي عن علي انه
قال ان أمرت رجلا أن يصلي بضعفة الناس أمرته أن يصلي أربعا رواهما سعيد ولانه قضاء صلاة عيد فكانت أربعا كقضاء الجمعة، وعنه انه مخير بين ركعتين وأربع وهذا قول الاوزاعي لانها صلاة تطوع أشبهت صلاة الضحى * (مسألة) * (ويستحب التكبير في ليلتي العيدين)
يستحب اظهار التكبير في ليلتى العيدين في المساجد والطرق والاسواق والمسافر والمقيم فيه سوءا لقوله تعالى (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) قال بعض أهل العلم لتكملوا عدة رمضان ولتكبروا الله عند كماله على ما هداكم، ويستحب رفع الصوت به وانما استحب ذلك لما فيه من اظهار شعائر الاسلام وتذكير الغير، وكان ابن عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الاسواق حتى ترتج منى تكبيرا.
قال أحمد كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعا.
والتكبير في الفطر آكد لورود النص فيه وليس التكبير واجبا.
وقال داود هو واجب في الفطر لظاهر الآية ولنا انه يكبر في عيد فلم يكن واجبا كتكبير الاضحى، والآية ليس فيها أمر انما أخبر الله تعالى عن ارادته فقال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) إلى قوله (ولتكبروا الله على ما هداكم) ويستحب أن يكبر في طريق العيد ويجهر بالتكبير.
قال ابن أبي موسى يكبر الناس في خروجهم من منازلهم لصلاتي العيدين جهرا حتي يأتي الامام المصلى فيكبر الناس بتكبير الامام في خطبته وينصتون فيما سوى ذلك.
وقد روى سعيد باسناده عن ابن عمر انه كان إذا خرج من بيته إلى العيد كبر حتى يأتي المصلى، وروي عن سعيد بن جبير وابن أبى ليلى.
قال القاضي التكبير في الفطر مطلق غير مقيد على ظاهر كلامه يعني لا يختص بادبار الصلوات وهو ظاهر كلام الخرقي لان قوله تعالى (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) غير مختص بوقت.
وقال أبو الخطاب يكبر من غروب الشمس من ليلة الفطر إلى خروج الامام إلى الصلاة في احدى الروايتين وهو قول الشافعي، وفي الاخرى إلى فراغ الامام من الصلاة * (مسألة) * (وفي الاضحى يكبر عقيب كل فريضة في جماعة وعنه يكبر، وإن كان وحده من
صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق) وجملة ذلك ان التكبير في الاضحى مطلق ومقيد فالمطلق التكبير في جميع الاوقات من أول العشر إلى آخر أيام التشريق لقوله تعالى (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) وقال (واذكروا الله في أيام معددودات) فالايام المعلومات أيام العشر والمعدودات أيام التشريق قاله ابن عباس.
قال البخاري كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما وروي أن ابن عمر كان يكبر بمنى في تلك الايام خلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الايام جميعا ويكبر في قبته حتى ترتج منى تكبيرا (فصل) وأما المقيد فهو التكبير في ادبار الصلوات ولا خلاف بين العلماء في مشروعية التكبير في عيد النحر وانما اختلفوا في مدتة فذهب أحمد رحمه الله إلى انه من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق وهو قول عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم واليه ذهب الثوري وابن عيينة وأبو يوسف ومحمد وهو قول للشافعي.
وعن ابن مسعود انه كان يكبر من غداة عرفة إلى العصر من يوم النحر واليه ذهب النخعي وعلقمة وأبو حنيفة لقوله تعالى (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) وهي أيام العشر، وأجمعنا على انه لا يكبر قبل عرفة فلم يبق إلا يوم عرفة ويوم النحر.
وعن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز ان التكبير من صلاة الظهر يوم النحر إلى الفجر من
آخر أيام التشريق وبه قال مالك والشافعي في المشهور عنه لان الناس تبع للحاج يقطعون التلبية مع أول حصاة ويكبرون مع الرمي وانما يرمون يوم النحر، وأول صلاة بعد ذلك الظهر وآخر صلاة بمنى الفجر من اليوم الثالث من أيام التشريق ولنا ما روى جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه فيقول " على مكانكم " ويقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد " فيكبر من غداة عرفة إلى العصر من آخر ايام التشريق.
وعن علي وعمار ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق رواهما الدارقطني
إلا انهما من رواية عمر بن شمر عن جابر الجعفي وقد ضعفا ولانه قول عمر وعلي وابن عباس رواه سعيد عنهم.
قيل لاحمد بأي حديث تذهب إلى التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال لاجماع عمر وعلي وابن عباس ولان الله تعالى قال (واذكروا الله في أيام معدودات) وهي أيام التشريق فيتعين الذكر في جميعها، وأما قوله تعالى (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) فمحول على ذكر الله على الهدايا والاضاحي عند رؤيتها فانه مستحب في جميع العشر وهو أولى من تفسيرهم لانهم لم يعملوا به في كل العشر ولا في أكثره، ولو صح تفسيرهم فقد أمر الله بالذكر في أيام معدودات وهى أيام التشريق فيعمل به أيضا، وأما المحرم فانما لم يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة
لاشتغاله عنها بالتلبية كما ذكروا، وغيره يبتدئ من غداة يوم عرفة لعدم المنافع، وقولهم ان الناس في هذا تبع للحاج مجرد دعوى بغير دليل وقولهم ان آخر صلاة يصلونها بمنى الفجر من آخر أيام التشريق ممنوع لان الرمي انما يكون بعد الزوال (فصل) والتكبير المقيد انما يكون عقيب الصلوات المكتوبات في الجماعات في المشهور عن أحمد.
قال الاثرم قلت لابي عبد الله اذهب إلى فعل ابن عمر انه كان يكبر إذا صلى وحده؟ قال نعم.
وقال ابن مسعود انما التكبير على من صلى في جماعة وهذا مذهب الثوري وأبي حنيفة وعنه رواية أخرى انه يكبر عقيب الفرائض وإن كان وحده وهذا مذهب مالك لانه ذكر مستحب للمسبوق فاستحب للمنفرد كالسلام.
قال الشافعي يكبر عقيب كل صلاة فريضة كانت أو نافلة منفردا أو في جماعة قياسا على الفرض في الجماعة.
ولنا انه قول ابن مسعود وفعل ابن عمر ولا مخالف لهما في الصحابة فكان اجماعا (فصل) فأما المحرم فانه يبتدئ التكبير من صلاة الظهر يوم النحر لانه يكون مشغولا بالتلبية قبل ذلك وأول صلاة بعد قطع التلبية الظهر (فصل) والمسافرون كالمقيمين فيما ذكرنا لعموم النص.
وحكم النساء حكم الرجال في انهن يكبرن في الجماعة وفي الانفراد روايتان.
وقال البخاري كان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان
وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد، وينبغي أن يخفضن أصواتهن حتى لا يسمعهن الرجال، وعن أحمد انهن لا يكبرن لانه ذكر يشرع فيه رفع الصوت فلم يشرع في حقهن كالاذان (فصل) والمسبوق ببعض الصلاة يكبر إذا فرغ من قضاء ما فاته نص عليه أحمد وبه قال أكثر أهل العلم.
وقال الحسن يكبر ثم يقضي لانه ذكر شرع في آخر الصلاة فيأتي به المسبوق قبل القضاء كالتشهد.
وعن مجاهد ومكحول يكبر ثم يقضي ثم يكبر لذلك ولنا انه ذكر مشروع بعد الصلاة فلم يأت به في أثناء الصلاة كالتسليمة الثانية والدعاء بعدها وان كان على المصلي سجود سهو بعد السلام سجد ثم كبر وبه قال الثوري والشافعي وإسحق وأصحاب الرأي لانه سجود مشروع للصلاة فكان التكبير بعده وبعد تشهده كسجود صلبها (فصل) وإذا فاتته صلاة من أيام التشريق أو من غيرها فقضاها فيها فحكمها حكم المؤداة في التكبير لانها مفروضة في أيام التشريق، وان فاتته في أيام التشريق فقضاها في غيرها لم يكبر لان التكبير مقيد بالوقت فلم يفعل في غيره كالتلبية، ويكبر مستقبل القبلة.
قال أبو بكر وعليه العمل وحكاه أحمد عن ابراهيم لانه ذكر مختص بالصلاة أشبه الاذان والاقامة، ويحتمل أن يكبر كيفما شاء لما روى جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم فقال " الله أكبر الله أكبر " * (مسألة) * (وإن نسي التكبير قضاه ما لم يحدث أو يخرج من المسجد لانه مختص بالصلاة) أشبه سجود السهو، فعلى هذا إن ذكره في المسجد بعد أن قام عاد إلى مكانه فجلس واستقبل القبلة فكبر وقال الشافعي يكبر ماشيا.
قال شيخنا وهو أقيس لانه ذكر مشروع بعد الصلاة أشبه سائر الذكر، فان ذكره بعد خروجه من المسجد لم يكبر لما ذكرنا وهو قول أصحاب الرأي، ويحتمل أن يكبر لانه ذكر بعد الصلاة فاستحب وإن خرج كالدعاء والذكر المشروع بعد الصلاة وإن نسيه حتى أحدث فقال أصحابنا لا يكبر سواء أحدث عامدا أو ساهيا لان الحدث يقطع الصلاة عمده وسهوه، وبالغ ابن عقيل فقال إن تركه حتى تكلم لم يكبر
قال الشيخ والاولى ان شاء الله أنه يكبر لان ذلك ذكر منفرد بعد سلام الامام فلا يشترط له الطهارة كسائر الذكر ولان اشتراط الطهارة إما بنص أو معناه ولم يوجد، وإن نسيه الامام كبر المأموم وهذا قول الثوري لانه ذكر يتبع الصلاة أشبه سائر الذكر * (مسألة) * (وفي التكبير عقيب العيد وجهان) أحدهما يكبر اختاره أبو بكر.
وقال القاضي: هو ظاهر كلام أحمد لانها صلاة مفروضة في جماعة
فأشبهت الفجر.
والثاني لا يسن قاله أبو الخطاب لانها ليست من الصلوات الخمس أشبهت النوافل والاول أولى لان هذه الصلاة أخص بالعيد فكانت أحق بتكبيره * (مسألة) * (وصفة التكبير شفعا الله أكبر الله أكبر لا إله الا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) وهذا قول عمر وعلي وابن مسعود وبه قال الثوري وأبو حنيفة وإسحق وابن المبارك إلا انه زاد، على ما هدانا لقوله تعالى (ولتكبروا الله على ما هداكم) وقال مالك والشافعي يقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثا لان جابرا صلى في أيام التشريق فلما فرغ من صلاته قال الله أكبر الله أكبر الله أكبر رواه ابن ماجه وهذا لا يقوله إلا توقيفا ولان التكبير شعار العيد فكان وترا كتكبير الصلاة والخطبة
ولنا خبر جابر المذكور وهو نص في كيفية التكبير وانه قول الخليفتين الراشدين وقول ابن مسعود وقول جابر لا يسمع مع قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقدم على قول أحد ممن ذكرنا فكيف قدموه على قول الجميع مع تقدمهم عليه في الفضل والعلم وكثرتهم ولانه تكبير خارج الصلاة فكان شفعا كتكبير الاذان وقولهم ان جابرا لا يفعله إلا توقيفا لا يصح لوجوه أحدها انه قد روى خلاف قوله فكيف يترك ما صرح به لاحتمال وجود ضده، والثاني انه إن كان قول توقيفا فقول من ذكرنا توقيف وهو مقدم
على قوله بما بينا، والثالث أن هذا ليس مذهبا لهم، الرابع ان قول الصحابي انما يحمل على التوقيف
إذا خالف الاصول وذكر الله تعالى لا يخالف الاصل لاسيما إذا كان وترا (فصل) ولا بأس أن يقول للرجل في يوم العيد تقبل الله منا ومنك.
قال حرب سألت أحمد عن قول الناس في العيدين تقبل الله منا ومنكم؟ قال لا بأس به يرويه أهل الشام عن أبي أمامة قيل وواثلة بن الاسقع؟ قال نعم.
وذكر ابن عقيل في ذلك أحاديث منها ان محمد بن زياد قال كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك، وقال اسناد حديث أبي أمامة اسناد جيد.
قال مالك لم نزل نعرف هذا بالمدينة، وروي عن أحمد انه قال لا ابتدئ به أحدا وان قاله أحد رددت عليه (فصل) ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالامصار ذكره القاضي.
وقال الاثرم سألت أبا عبد الله
عن التعريف بالامصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة؟ قال أرجو ألا يكون به بأس قد فعله غير
واحد، وروى الاثرم عن الحسن قال: أول من عرف بالبصرة ابن عباس رحمه الله.
وقال أحمد أول
من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث، وقال أحمد لا بأس به انما هو دعاء وذكر الله.
وقال
الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة، قيل له فتفعله أنت؟ قال أما أنا فلا، وروي عن يحيى بن معين انه حضر مع الناس عشية عرفة
(فصل) ويستحب الاجتهاد في عمل الخير أيام العشر من الذكر والصيام والصدقة وسائر أعمال
البر لما روى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما العمل في أيام أفضل منها في
هذه " يعني أيام العشر.
قالوا ولا الجهاد؟ قال " ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم
يرجع بشئ " رواه البخاري.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من أيام
أعظم عند الله تعالى ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الايام العشر فاكثروا فيهن من التهليل
والتكبير والتحميد " رواه الامام أحمد.
.
.
.
* (باب صلاة الكسوف) * الكسوف والخسوف شئ واحد وكلاهما قد وردت به الاخبار القرآن بلفظ الخسوف * (مسألة) * (وإذا كسفت الشمس أو القمر فزع الناس إلى الصلاة جماعه وفرادى باذن الامام (1) وغير إذنه) صلاة الكسوف سنة مؤكدة لان النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في مشروعيتها لكسوف الشمس.
فأما خسوف القمر فأكثر أهل العلم على انها مشروعة له فعلها ابن عباس وبه قال عطاء والحسن والنخعي والشافعي وإسحق، وقال مالك ليس لكسوف القمر سنة وحكى عنه ابن عبد البر.
وعن أبي حنيفة انهما قالا يصلي الناس لخسوف القمر وحدانا ركعتين ركعتين ولا يصلون جماعة لان في خروجهم إليها مشقة
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا " متفق عليه.
فأمر بالصلاة لهما أمرا واحدا.
وعن ابن عباس انه صلى بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين وقال انما صليت لاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، ولانه أحد الكسوفين فأشبه كسوف الشمس، ويسن فعلها جماعة وفرادى وبه قال مالك والشافعي.
وحكي عن الثوري انه قال إن صلاها الامام فصلوها معه وإلا فلا.
__________
(1) يعني الامام الاعظم وهو السلطان
ولنا قوله صلى الله عليه وسلم " فإذا رأيتموها فصلوا " ولانها نافلة فجازت في الانفراد كسائر النوافل، وفعلها في الجماعة أفضل لان النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في جماعة.
والسنة أن يصليها في المسجد لان النبي صلى الله عليه وسلم فعلها فيه لقول عائشة: خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد فصف الناس وراءه رواه.
البخاري، ولان وقت الكسوف يضيق فلو خرج إلى المصلى احتمل التجلي قبل فعلها، ويشرع في الحضر والسفر باذن الامام وغير إذنه.
وقال أبو بكر هي كصلاة العيد، فيها روايتان ولنا عموم قوله عليه السلام " فإذا رأيتموها فصلوا " ولانها نافلة أشبهت سائر النوافل.
وتشرع في حق النساء لان عائشة وأسماء صلتا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البخاري، ويسن أن ينادى لها الصلاة جامعة لما روى عبد الله بن عمرو قال لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله علية وسلم نودي بالصلاة جامعة متفق عليه.
ولا يسن لها أذان ولا اقامة لان النبي صلى الله عليه وسلم صلاها بغير أذان ولا اقامة ولانها من غير الصلوات الخمس أشبهت سائر النوافل * (مسألة) * (ثم يصلي ركعتين يقرأ في الاولى بعد الفاتحة سورة طويلة ويجهر بالقراءة ثم يركع ركوعا طويلا ثم يرفع فيسمع ويحمد ويقرأ الفاتحة وسورة ويطيل وهو دون القيام الاول ثم يركع
ويطيل وهو دون الركوع الاول ثم يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين ثم يقوم إلى الثانية فيفعل مثل
ذلك ثم يتشهد ويسلم) المستحب في صلاة الكسوف أن يصلي ركعتين يكبر تكبيرة الاحرام ثم يستفتح ويستعيذ ويقرأ الفاتحة وسورة البقرة أو قدرها، ثم يركع فيسبح قدر مائة آية ثم يرفع فيقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم يقرأ الفاتحة وآل عمران أو قدرها ثم يركع فيسبح نحوا من سبعين آية ثم يرفع فيسمع ويحمد ثم يسجد سجدتين فيطيل السجود نحوا من الركوع ثم يقوم إلى الثانية فيقرأ الفاتحة وسورة النساء أو نحوها ثم يركع فيسبح نحوا من خمسين آية ثم يرفع ويسمع ويحمد ويقرأ الفاتحة وسورة المائدة ثم يركع فيطيل دون الذي قبله ثم يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين ثم يتشهد ويسلم ويجهر بالقراءة ليلا كان أو نهارا، وليس هذا التقدير في القراءة منقولا عن الامام أحمد رحمه الله تعالى ولكن قد نقل عنه ان الاولى أطول من الثانية وجاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة متفق عليه.
وفي حديث لعائشة حزرت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت انه قرأ في الركعة الاولى سورة البقرة وفي الثانية سورة آل عمران وبهذا قال مالك والشافعي إلا انهما قالا لا يطيل السجود حكاه ابن المنذر عنهما لان ذلك لم ينقل وقالا: لا يجهر في كسوف الشمس
ويجهر في كسوف القمر ووافقهم أبو حنيفة لقول عائشة حزرت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو جهر بالقراءة لم يحتج إلى الحزر، وكذلك قال ابن عباس قام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ولانها صلاة نهار فلم يجهر فيها كالظهر.
وفي حديث سمرة قال فلم أسمع له صوتا.
قال الترمذي هذا حديث صحيح.
وقال أبو حنيفة يصلي ركعتين كصلاة التطوع لما روى النعمان بن بشير قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فكان يصلي ركعتين حتى انجلت الشمس رواه أحمد، وروى قبيصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " فإذا رأيتموها فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة " ولنا على انه يطيل السجود أن في حديث عائشة ثم رفع ثم سجد سجودا طويلا ثم قام قياما طويلا وهو
دون القيام الاول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الاول ثم سجد سجودا طويلا وهو دون السجود الاول.
رواه البخاري.
وفي حديث عبد الله بن عمرو في صفة صلاة الكسوف ثم سجد فلم يكد يرفع رواه أبو داود.
وترك ذكره في حديث لا يمنع مشروعيته إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه: وأما الجهر فروي عن علي رضي الله عنه انه فعله وهو مذهب أبي يوسف وإسحق وابن المنذر لما روت عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الكسوف متفق عليه.
وعنها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف وجهر فيها.
قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح ولانها
نافلة شرعت لها الجماعة فكان من سنتها الجهر كصلاة الاستسقاء.
فأما قول عائشة حزرت قراءته ففي اسناده مقال لانه من رواية ابن إسحق، ويحتمل أن تكون سمعت صوته ولم تفهم للبعد أو قرأ من غير أول القرآن بقدر البقرة، ثم حديثنا صحيح صريح فكيف يعارض بمثل هذا، وحديث سمرة محمول على انه لم يسمع لبعده فان في حديثه ما يدل على هذا، وهو انه قال دفعته إلى المسجد وهو بازر يعني وهو مغتص بالزحام.
ثم إن هذا نفي يحتمل أمورا كثيرة فكيف يترك لاجله الحديث الصحيح وقياسهم منتقض بما ذكرنا من القياس والدليل على صفة الصلاة التي ذكرناها ما روت عائشة قالت: خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام وكبر وصف الناس وراءه فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة ثم كبر فركع ركوعا طويلا ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم قام فاقترأ قراءة طويلة وهي أدنى من القراءة الاولى ثم كبر فركع ركوعا طويلا وهو أدنى من الركوع الاول ثم قال سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد، ثم سجد ثم فعل في الركعة الاخرى مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات وانجلت الشمس قبل
أن ينصرف.
وعن ابن عباس مثل ذلك وفيه انه قام في الاولى قياما طويلا نحوا من سورة البقرة متفق عليهما.
فأما أحاديهم فغير معمول بها باتفاقنا فانهم قالوا يصلي ركعتين، وحديث النعمان فيه انه
يصلي ركعتين، وحديث قبيصة مرسل وحديث النعمان يحتمل انه صلى ركعتين في كل ركعة ركوعين لان فيه جمعا بين الاحاديث ولو قدر التعارض كانت أحاديثنا أولى لصحتها وشهرتها واشتمالها على الزيادة والزيادة من الثقة مقبولة (فصل) ومهما قرأ به جاز سواء كانت القراءة طويلة أو قصيرة لما روت عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات في أربع سجدات وقرأ في الاولى بالعنكبوت والروم وفي الثانية بيس أخرجه الدارقطني (فصل) وقال أصحابنا لا خطبة لصلاة الكسوف ولم يبلغنا عن أحمد رحمه الله في ذلك شئ.
وهذا مذهب مالك وأصحاب الرأي، وقال إسحق وابن المنذر يخطب الامام بعد الصلاة، قال الشافعي يخطب كخطبتي الجمعة لان في حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم انصرف وقد
انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال " ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله عزوجل لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا " ثم قال " يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " متفق عليه ولنا ان في هذا الخبر ما يدل على ان الخطبة لا تشرع لها لانه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالصلاة والدعاء والتكبير والصدقة ولم يأمرهم بخطبة، ولو كانت سنة لامرهم بها وانما خطب النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة ليعلمهم حكمها، وهذا مختص به ليس في الخبر ما يدل على انه خطب خطبتى الجمعة، واستحب ذكر الله تعالى والدعاء والتكبير والاستغفار والصدقة والعتق والتقرب إلى الله تعالى بما استطاع للخبر المذكور، وفي خبر أبي موسى فافزعوا إلى ذكر الله تعالى ودعائه واستغفاره وروي عن أسماء انها قالت إنا كنا لنؤمر بالعتق في الكسوف * (مسألة) * (فان تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة، وان تجلى قبلها أو غابت الشمس كاسفة أو طلعت والقمر خاسف لم تصل) وقت صلاة الكسوف من حين الكسوف إلى حين التجلى، فان فاتت لم تقض لانه قد روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة حتى تتجلى " فجعل الانجلاء غاية للصلاة ولان الصلاة انما سنت رغبة إلى الله في ردها فإذا حصل ذلك حصل مقصود الصلاة وان تجلت وهو في الصلاة أتمها خفيفة لان المقصود التجلى وقد حصل، وان استترت الشمس والقمر بالسحاب وهما منكسفان صلى لان الاصل بقاء الكسوف، وان تجلى السحاب عن بعضها فرأوه صافيا صلوا ولان الباقي لا يعلم حاله، وان غابت الشمس كاسفة أو طلعت على القمر وهو خاسف لم يصل لانه قد ذهب وقت الانتفاع بنورهما، وان غاب القمر ليلا فقال القاضي يصلي لانه لم يذهب وقت الانتفاع بنوره، ويحتمل أن لا يصلي لان ما يصلى له قد غاب أشبه ما لو غابت الشمس، فان لم يصل حتى طلع الفجر الثاني ولم يغب أو ابتدأ الخسف بعد طلوع الفجر وغاب قبل طلوع الشمس ففيه احتمالان ذكرهما القاضي: احدهما لا يصلي لان القمر آية الليل وقد ذهب الليل أشبه إذا طلعت الشمس، والثاني يصلي لان الانتفاع بنوره باق أشبه ما قبل الفجر، وان فرغ من الصلاة والكسوف قائم لم يصل صلاة أخرى واشتغل بالذكر والدعاء لان الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لم يزد على ركعتين (فصل) وإذا اجتمع مع الكسوف صلاة أخرى كالجمعة والعيد أو الوتر أو صلاة مكتوبة بدأ بأخوفهما فوتا، فان خيف فوتهما بدأ بالواجبة، فان لم يكن فيهما واجبة بدأ بالكسوف لتأكده، ولهذا تسن
له الجماعة ولان الوتر يقضى وصلاة الكسوف لا تقضى: فان اجتمعت التراويح والكسوف ففيه وجهان عند أصحابنا.
وقال شيخنا الصحيح أن الصلوات الواجبة التي تصلى في الجماعة تقدم على الكسوف بكل حال لان تقديم الكسوف عليها يفضي إلى المشقة لالزام الحاضرين بفعلها مع كونها ليست واجبة عليهم وانتظارهم الصلاة الواجبة مع ان فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخفيف الصلاة الواجبة لئلا يشق على المأمومين، فتأخير هذه الصلاة الطويلة الشاقة مع ان غيرها واجبة أولى، وإن اجتمعت مع التراويح قدمت التراويح لذلك، وإن اجتمعت
مع الوتر في أول وقت الوتر قدمت لان الوتر لا يفوت، وان خيف فوات الوتر قدم لانه يسير يمكن فعله وادراك وقت الكسوف، وان لم يبق إلا قدر الوتر فلا حاجة إلى التلبس بصلاة الكسوف لانها تقع في وقت النهى، فان اجتمعت مع صلاة الجنازة قدمت الجنازة وجها واحدا لان الميت يخاف عليه والله أعلم (فصل) إذا أدرك المأموم الامام في الركوع الثاني احتمل أن تفوته الركعة قاله القاضي لانه فاته من الركعة ركوع أشبه ما لو فاته الركوع من غير هذه الصلاة، وأحتمل أن تصح له الركعة لانه يجوز أن يصلي هذه الصلاة بركوع واحد فاجتزئ به في حق المسبوق، وهذا الخلاف على الرواية التي تقول يركع ركوعين.
فأما على الرواية التي يركع أكثر من ركوعين فانه يكون مدركا للركعة إذا فاته ركوع واحد لادراكه معظم الركعة حكاه ابن عقيل * (مسألة) * (وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع فلا بأس)
تجوز صلاة الكسوف على كل صفة رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قلنا في صلاة الخوف والاولى عند أبي عبد الله الصلاة على الصفة التي ذكرنا فانه قال روي عن ابن عباس وعائشة في صلاة الكسوف أربع ركعات وأربع سجدات، وأما علي فيقول ست ركعات وأربع سجدات نذهب إلى قول ابن عباس وعائشة.
وروي عن ابن عباس انه صلى ست ركعات وأربع سجدات، وعن حذيفة وهو قول إسحق وابن المنذر لانه قد روي عن عائشة وابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى ست ركعات وأربع سجدات أخرجه مسلم.
وروي عنه انه صلى الله عليه وسلم صلى أربع ركعات وسجدتين في كل ركعة رواه مسلم.
قال ابن المنذر روينا عن علي وابن عباس انهما صليا هذه الصلاة، وحكى عن إسحق انه قال وجه الجمع بين هذه الاحاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم انما كان يزيد في الركوع إذا لم ير الشمس قد انجلت فإذا انجلت سجد.
فمن ها هنا صارت زيادة الركعات.
قال شيخنا ولا يجاوز أربع ركعات في كل ركعة لانه لم يأتنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك قلت وقد روى أبي بن كعب قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم فقرأ سورة من الطوال وركع خمس ركعات وسجد سجدتين ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها رواه أبو داود.
فعلى هذا لا بأس أن يأتي في كل ركعة بخمس ركوعات لهذا الحديث ولا يزيد عليها لما ذكرنا
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: