الفقه الحنبلي - الصلاة - التسليم - التراويح
(مسألة) (ومتى سجد بعد السلام جلس فتشهد ثم سلم) وجملة ذلك أنه متى سجد للسهو كبر للسجود والرفع منه سواء كان قبل السلام أو بعده، فان كان قبل السلام سلم عقيبه، وان كان بعده تشهد وسلم
سواء كان محله بعد السلام أو كان قبله فنسيه إلى ما بعده وبهذا قال ابن مسعود والنخعي وقتادة والحكم والثوري والاوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي في التشهد والتسليم، وقال أنس والحسن وعطاء ليس فيهما تشهد ولا تسليم.
وقال ابن سيرين وابن المنذر: فيهما تسليم بغير تشهد، وعن عطاء: ان شاء تشهد وإن شاء ترك ولنا على التكبير قول ابن بحينة: فلما قضى الصلاة سجد سجدتين كبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم.
وقول أبي هريرة: ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر.
وأما التسليم فقد ذكره عمران بن حصين في حديثه الذي رواه مسلم قال فيه: سجد سجدتي السهو ثم سلم
وفي حديث ابن مسعود: ثم سجد سجدتين ثم سلم وأما التشهد فروي عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن ولانه سجود له تسليم فكان له تشهد كسجود صلب الصلاة.
ويحتمل أن لا يجب التشهد لان ظاهر الحديثين الاولين أنه سلم من غير تشهد وهما أصح من هذه الرواية ولانه سجود مفرد أشبه سجود التلاوة (فصل) وإذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل لم تبطل صلاته، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي.
وعن أحمد ان خرج من المسجد أعاد الصلاة، وهو قول الحكم وابن شبرمة وقول مالك وابي
ثور في السجود قبل السلام ووجه الاول أنه جابر للعبادة بعدها فلم تبطل بتركه كجبرانات الحج (مسألة) (وان ترك السجود الواجب قبل السلام عمدا بطلت صلاته) لانه ترك واجبا في الصلاة
عمدا، وإن ترك المشروع بعد السلام لم تبطل لانه جبر للعبادة خارجا عنها فلم تبطل بتركه كجبرانات الحج وسواء كان محله بعد السلام أو كان قبله فنسيه فصار بعده.
وقد نقل عن أحمد ما يدل على بطلان الصلاة.
ونقل عنه التوقف فانه قال فيمن نسي سجود السهو: ان كان في سهو خفيف فأرجو أن لا يكون عليه.
قال الاثرم: قلت لابي عبد الله فان كان فيما سها فيه النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال هاه ولم يجب فبلغني عنه أنه يستحب أن يعيد، فإذا كان هذا في السهو ففي العمد أولى وهذا ظاهر المذهب (فصل) ويقول في سجود السهو ما يقول في سجود صلب الصلاة قياسا عليه والله أعلم (باب صلاة التطوع) (مسألة) قال (وهي أفضل تطوع البدن) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة " رواه ابن ماجه.
ولان فرضها آكد الفروض فتطوعها آكد التطوع
(مسألة) (وآكدها صلاة الكسوف والاستسقاء) لان النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بصلاة الكسوف في حديث ابن مسعود، فذكر الحديث إلى أن قال " فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم " متفق عليه وفي حديث عائشة من رواية أبي داود، أمر بمنبر فوضع له ووعد الناس يوما يخرجون فيه أي في الاستسقاء، وهذا يدل على الاعتناء بها والمحافظة عليها (مسألة) قال (ثم الوتر وليس بواجب، ووقته ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ركعتين ويوتر بركعة) الوتر سنة مؤكدة في المنصوص عنه قال أحمد: من ترك الوتر فهو رجل سوء، ولا ينبغي أن تقبل له شهادة، أراد بذلك المبالغة في تأكده ولم يرد الوجوب فانه قد صرح في رواية حنبل فقال: الوتر ليس بمنزلة الفرض، فان شاء قضى الوتر وان شاء لم يقضه.
وذلك لان البني صلى الله عليه وسلم كان يداوم عليه حضرا وسفرا، وروى أبو
أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الوتر حق فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فيلفعل " رواه أبو داود (فصل) واختلف أصحابنا في الوتر وركعتي الفجر فقال القاضي: ركعتا الفجر آكد لاختصاصها بعدد لا يزيد ولا ينقص، وقال غيره: الوتر آكد وهو أصح لانه مختلف في وجوبه وفيه من الاخبار ما لم يأت مثله في ركعتي الفجر، لكن ركعتي الفجر تليه في التأكد (فصل) وليس الوتر واجبا، وبهذا قال مالك والشافعي، وذهب أبو بكر إلى وجوبه وهو قول أبي حنيفة لما ذكرنا من حديث أبي أيوب ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة " وعن بريدة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا " رواه الامام أحمد، وعن خارجة بن حذافة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال " ان الله أمدكم بصلاة فهي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر فجعلها
لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر " رواه الامام أحمد وأبو داود، وعن أبي بصرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ان الله زادكم صلاة فصلوها مابين العشاء إلى صلاة الصبح " رواه الاثرم ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم للاعرابي حين سأله ما فرض الله عليه من الصلاة في اليوم والليلة قال " خمس صلوات " قال هل علي غيرها؟ قال " لا أن تطوع " فقال الاعرابي: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها ولا أنقص منها فقال " أفلح الرجل ان صدق " حديث صحيح، وروي أن رجلا من كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا من أهل الشام يدعى أبا محمد يقول: ان الوتر واجب قال: فرحت إلى عبادة بن الصامت فأخبرته فقال عبادة: كذب أبو محمد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " خمس صلوات كتبهن الله تعالى على العباد فمن جاء بهن لم يضيع من حقهن
شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة " رواه مسلم.
وعن علي رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحتم،
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر ثم قال " يا أهل القرآن أوتروا فان الله يحب الوتر " رواه أحمد، ولانه يجوز فعله على الراحلة من غير ضرورة فلم يكن واجبا كالسنن، فروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر على بعيره متفق عليه.
وفي لفظ: كان يسبح على الراحلة قبل أي وجه توجه ويوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة، رواه مسلم، وأحاديثهم قد تكلم فيها، ثم ان المراد بها تأكده وفضيلته وذلك حق وزيادة الصلاة يجوز أن تكون سنة.
والتوعد للمبالغة كقوله " من أكل من هاتين الشجرتين فلا يقربن مسجدنا " والله أعلم (فصل) ووقته ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر كذلك ذكره شيخنا في كتاب المغني وذكر
في الكافي أنه إلى صلاة الصبح لقول النبي صلى اله عليه وسلم " ان الله زادكم صلاة فصلوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح " رواه الامام أحمد في المسند.
ووجه الاول ما روي عن معاذ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " زادني ربي صلاة وهي الوتر ووقتهاما بين العشاء إلى طلوع الفجر " (1) رواه الامام أحمد: فان أوتر قبل العشاء لم يصح وتره، وهو قول مالك والشافعي ويعقوب ومحمد.
وقال الثوري وأبو حنيفة: ان صلاه قبل العشاء ناسيا لم يعد والاول أولى لما ذكرنا من الحديثين، ولانه صلاة قبل الوقت أشبه مالو صلاه نهارا، وان أخره حتى طلع الصبح احتمل أن يكون أداء لحديث أبي نصرة، وهو قول علي وابن مسعود رضي الله عنهما.
قال شيخنا: والصحيح أن يكون قضاء لحديث معاذ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا خشي أحدكم الصبح يصلي ركعة فأوترت له ما قد صلى " وقال " واجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " متفق عليه وقال " أوتروا قبل أن تصبحوا " رواه مسلم
__________
1) قد يقال المراد بصلاة الصبح فيما قبله فهو بمعنى طلوع الفجر فالروايتان بمعنى واحد وهو الذي يتفق مع سائر الاحاديث فيه
(فصل) والافضل فعله في آخر الليل لقول عائشة، من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى وتره إلى السحر، متفق عليه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من خاف أن لا يقوم
من آخر الليل فليوتر من أوله، ومن طمع أن يقوم آخر فليوتر آخر الليل، فان صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل " رواه مسلم.
وهذا صريح فإذا كان له تهجد جعل الوتر بعده لان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وقال " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " رواه مسلم.
فأما إن خاف أن لا يقوم آخر الليل استحب أن يوتر من أوله لما ذكرنا من الحديث، ولان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى به أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء وكلها أحاديث صحاح.
وروى أبو داود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لابي بكر " متى توتر؟ " قال: أوتر من أول الليل، وقال لعمر " متى توتر؟ " قال: آخر الليل، فقال لابي بكر " أخذ هذا بالحزم، وهذا بالقوة " وأي وقت أوتر من الليل بعد العشاء أجزأه بغير
خلاف.
وقد دلت عليه الاخبار (فصل) ومن أوتر أول الليل ثم قام للتهجد صلى مثنى مثنى ولم ينقض وتره، روي ذلك عن أبي بكر الصديق وعمر وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وأبي هريرة وعائشة، وبه قال طاوس والنخعي ومالك والاوزاعي وأبو ثور، قيل لاحمد: ولا ترى نقض الوتر؟ فقال " لا ثم قال وان ذهب إليه ذاهب فأرجو، قد فعله جماعة.
روي عن عمر وعلي وأسامة وأبي هريرة وابن مسعود وعثمان وسعيد وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال اسحاق، ومعناه إذا قام للتهجد يصلي ركعة شفع الوتر الاول ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر في آخر التهجد: ولعلهم ذهبوا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا وتران في ليلة " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح
(فصل) واقله ركعة لما ذكرنا من حديث أبي أيوب ولما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة " وروى ابن عمر وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الوتر ركعة من آخر الليل " رواهما مسلم، وأكثره احدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بركعة
لما روت عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل احدى عشر ركعة يوتر منها بواحدة، رواه مسلم وفي لفظ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر احدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة وذكر القاضي في المجردانه ان صلى احدى عشرة ركعة وما شاء منهن بسلام واحد أجزأه والاولى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم (مسألة) (وان أوتر بتسع سرد ثمانيا وجلس ولم يسلم ثم صلى التاسعة وتشهد وسلم، وكذلك
السبع وان أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن) وجملته أنه يجوز أن يوتر بواحدة وثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وقد ذكرنا دليل الواحد والاحدي عشرة وسنذكر الثلاث ان شاء الله تعالى.
قال الثوري واسحاق: الوتر ثلاث وخمس وسبع وتسع واحدى عشرة، وقال ابن عباس انما هي واحدة أو خمس أو سبع أو أكثر من ذلك يوتر بما شاء.
فظاهر قوله أنه لا بأس أن يوتر باكثر من إحدى عشرة ويدل عليه ما روى عبد الله بن قيس قال: قلت لعائشة بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت كان يوتر باربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر باقل من سبع ولا بأكثر من ثلاث عشرة.
رواه أبو داود، وهذا صريح في أنه يزيد على احدى عشرة (فصل) فان أوتر بتسع سرد ثمانيا ثم جلس فتشهد ولم يسلم ثم صلى التاسعة وتشهد وسلم ونحو هذا قال اسحاق، وذلك لما روى سعد بن هشام قال: قلت يعني لعائشة يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر
رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك أحدى عشرة ركعة يا بني فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنيعه في الاول، قال فانطلقت إلى ابن عباس فحدثته بحديثها فقال: صدقت رواه مسلم.
وحكم السبع حكم التسع لان في حديث عائشة من رواية أبي داود أوتر بسبع لم يجلس
إلا في السادسة والسابعة ولم يسلم إلا في السابعة.
وقال القاضي: لا يجلس في السبع إلا في آخرها كالخمس لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فتوضأ ثم صلى سبعا أو خمسا أوتر بهن لم يسلم الا في آخرهن، رواه مسلم وأبو داود، و ليس في هذا الحديث تصريح بأنه لم يجلس عقيب السادسة،
وحديث عائشة حجة عليه.
وان أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن، روي ذلك عن زيد بن ثابت لما روى عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شئ منها إلا في آخرها، متفق عليه (مسألة) (وأدنى الكمال ثلاث ركعات بتسليمتين) كذلك ذكره أبو الخطاب، وممن روى عنه أنه أوتر بثلاث عمر وعلي وأبي وأنس وابن مسعود وابن عباس وأبو أمامة وعمر بن عبد العزيز وبه قال أصحاب الرأي، وقد دل على ذلك حديث أبي أيوب.
وقال أبو موسى: ثلاث أحب إلى من واحدة، وخمس أحب إلي من ثلاث، وسبع أحب إلى من خمس، وتسع أحب إلي من سبع إذا ثبت ذلك فاختيار أبي عبد الله أن يفصل بن الواحدة والثنتين بالتسليم قال: وان أوتر بثلاث لم يسلم فيهن لم يضيق عليه عندي.
وممن كان يسلم من كل ركعتين ابن عمر حتى يأمر ببعض حاجته
وهو مذهب معاذ القارئ ومالك والشافعي واسحاق، وقال الاوزاعي: ان فصل فحسن، وان لم يفصل فحسن.
وقال أبو حنيفة: لا يفصل بسلام، واستدل بقول عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وقولها كان يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا.
وظاهر هذا أنه كان يصلي الثلاث بتسليم واحد ولنا ما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة، رواه مسلم.
وعن نافع عن ابن عمر أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوتر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " افصل بين الواحدة والثنتين بالتسليم " رواه الاثرم، وعن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين الشفع والوتر بتسليمة يسمعناها، رواه
الامام أحمد وهذا نص، فأما حديث عائشة فليس فيه تصريح بأنها بتسليم واحد.
فان صلى خلف امام يصلي الثلاث بتسليم تابعه لئلا يخالف امامه وهو قول مالك والله أعلم (مسألة) قال (يقرأ في الاولى بسبح، وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة بقل هو الله أحد) يستحب أن يقرأ في ركعات الوتر الثلاث بذلك، وبه قال الثوري واسحاق وأصحاب الرأي، وقال الشافعي: يقرأ في الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين، وروي نحوه عن أحمد وهو قول مالك في الوتر وقال في الشفع: لم يبلغني فيه شئ معلوم لما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الاولى بسبح اسم ربك الاعلى، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين، رواه ابن ماجه.
ولنا ما روى أبي بن كعب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الاعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، رواه أبو داود وابن ماجه.
وحديث عائشة في هذا لا يثبت يرويه يحيى بن أيوب وهو ضعيف، وقد أنكر أحمد ويحيى زيادة المعوذتين (مسألة) قال (ثم يقنت فيها بعد الركوع) القنوت مسنون في الركعة الاخيرة من الوتر في جميع السنة في المنصور عند أصحابنا وهو قول ابن مسعود وابراهيم وإسحاق وأصحاب الرأي، وعنه لا يقنت في إلا في النصف الاخير من رمضان، روي ذلك عن علي وأبي وهو قول مالك والشافعي اختاره الاثرم لما روي أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بهم عشرين ولا يقنت الا في النصف الثاني، رواه أبو داود.
وهذا كالاجماع.
وقال قتادة: يقنت في السنة كلها إلا في النصف الاول من رمضان لهذا الخبر.
والرواية الاولى هي المشهورة قال أحمد في رواية المروذي: كنت
أذهب إلى أنه في النصف من شهر رمضان ثم انى قنت هو دعاء وخير وذلك لما روى أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع.
وحديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره " اللهم
إني أعوذ برضاك من سخطك " الحديث، وكان للدوام، وفعل أبي يدل على أنه رآه، ونحن لا ننكر الاختلاف في هذا، ولانه وتر فيشرع فيه القنوت كالنصف الاخير (فصل) ويقنت بعد الركوع نص عليه أحمد، وروي نحو ذلك من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وبه قال الشافعي.
وقد قال أحمد: أنا أذهب إلى أنه بعد الركوع، وان قنت قبله فلا بأس ونحوه قال أيوب السختياني لما روى حميد قال: سئل أنس عن القنوت في صلاة الصبح فقال: كنا نقنت قبل الركوع وبعده، رواه ابن ماجه.
وقال مالك وأبو حنيفة: قبل الركوع، روي ذلك عن أبي وابن مسعود وأبي موسى والبراء وابن عباس وأنس وعمر بن عبد العزيز، لان في حديث
أبي ويقنت قبل الركوع.
وعن ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع ولنا ما روى أبو هريرة وأنس ان النبي صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع، رواه مسلم.
وحديث ابن مسعود يروية أبان بن أبي عياش وهو متروك الحديث.
وحديث أبي قد تكلم فيه أيضا وقبل: ذكر القنوت فيه غير صحيح والله أعلم (فصل) ويستحب أن يقول في قنوت الوتر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فروى الحسن بن علي قل: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر " اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فانك تقضي ولا يقضى عليك، وانه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت " رواه أبو داود والترمذي وقال هذا حديث حسن، ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت
شيئا أحسن من هذا.
وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " رواه الطيالسي.
وعن عمر رضي الله عنه أنه قنت في صلاة الفجر فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك، ونؤمن بك، ونتوكل
عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك ولا نكفرك، بسم الله الرحمن الرحيم " اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، واليك نسعى ونجفد، نرجوا رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق.
اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب.
وهاتان سورتان في مصحف أبي، وقال ابن سيرين: كتبهما أبي في مصحفه يعني إلى قوله بالكفار ملحق - نحفد نبادر وأصل الحفد مداركة الخطو والاسراع، والجد بكسر الجيم الحق لا اللعب، وملحق
بكسر الحاء لاحق.
هكذا روي هذا الحرف يقال لحقت القوم والحقتهم بمعنى واحد، ومن فتح الحاء أراد ان الله يحلقه إياه وهو معنى صحيح غير أن الرواية هي الاولى قال الخلال: سألت ثعلبا عن محلق وملحق فقال: العرب تقولهما معا (فصل) إذا أخذ الامام في القنوت أمن من خلفه لا نعلم فيه خلافا قال القاضي: وان دعا معه فلا بأس فان لم يسمع قنوت الامام دعا نص عليه.
ويرفع يديه في حال القنوت قال الاثرم: كان أبو عبد الله يرفع يديه في القنوت إلى صدره يروى ذلك عن ابن مسعود وعمر وابن عباس وهو قول اسحاق وأصحاب الرأي، وأنكره الاوزاعي ومالك ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك ولا تدع بظهورها، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك " رواه أبو داود وابن ماجه.
وروى السائب بن يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إذا دعا رفع يديه ومسح وجهه بيديه.
رواه أبو داود (مسألة) وهل يمسح وجهه بيديه؟ على روايتين (إحداهما) يمسح، وهو قول الحسن وهو الصحيح لما ذكرنا من الحديثين (والثانية) لا يستحب لانه دعاء في الصلاة فلم يمسح وجهه فيه كسائر دعائها (مسألة) (ولا يقنت في غير الوتر) وبه قال الثوري وأبو حنيفة، وروي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وابن مسعود وأبي يالدرداء.
وقال مالك والشافعي: يسن القنوت في صلاة الصبح في جميع الزمان لان أنسا قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا.
من المسند ولان
عمر كان يقنت في الصبح بمحضر من الصحابة وغيرهم ولنا ما روى مسلم في صحيحه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يذعو على حي من أحياة العرب ثم تركه، وروى أبو هريرة وابن مسعود نحوه مرفوعا.
وعن أبي مالك الاشجعي
قال: قلت لابي يا أبة انك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا بالكوفة نحو خمس سنين أكانوا يقنتون في الفجر؟ قال أي نبي محدث، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح ورواه أحمد وابن ماجه والنسائي والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت في صلاة الفجر إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم رواه سعيد، وروى سعيد أيضا عن هشيم عن عروة الهمداني عن الشعبي قال: لما قنت علي في صلاة الصبح أنكر ذلك لناس فقال علي: إنا إنما استنصرنا على عدونا.
هذا وحديث أنس يحتمل أنه أراد طول القيام فانه سمى قنوتا.
ويحتمل انه كان يقنت إذا دعا لقوم أو دعا على قوم ليكون موافقا لما ذكرنا من الحديثين قنوت عمر يحمل على أنه كان في أوقات النوازل فان أكثر الروايات عنه انه لم يكن يقنت، وعن سعيد بن جبير قال أشهد أني سمعت ابن عباس يقول ان القنوت في صلاة الفجر بدعة رواه الدارقطني
(مسألة) قال (الا أن ينزل بالمسلمين نازلة فللامام خاصة القنوت في صلاة الفجر) متى نزل بالمسلمين نازلة فللامام أن يقنت في صلاة الصبح في المنصوص عن أحمد في رواية الاثرم، وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن القنوت في الفجر فقال لو قنت أياما معلومة ثم ترك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وبه قال الثوري وأبو حنيفة لما ذكرنا من الحديث، وفعل علي حين قال انما استنصرنا على عدونا.
هذا ولا يقنت أحاد الناس وعنه يقنت رواها القاضي عن أحمد.
والمشهور في رءوس المسائل الاول.
ويقول في قنوته نحوا مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وقد روي عن عمر أنه كان يقول في القنوت اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، وأصلح دات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون
رسلك، ويقاتلون أولياءك، اللهم خالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد
عن القوم المجرمين، بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك " رواه أبو داود (فصل) ولا يقنت في غير الفجر والوتر، وقيل يقنت في صلوات الجهر كلها قياسا على الفجر وقال أبو الخطاب: يقنت في الفجر والمغرب لانهما صلاتهما جهر في طرفي النهار، وعنه يقنت في جميع الصلوات، وهو مذهب الشافعي.
والاول أولى لانه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه إلا في الفجر والوتر (فصل) قال أحمد: الاحاديث التي جاءت ان النبي صلى الله عليه وسلم وسلم أوتر بركعة كان قبلها صلاة متقدمة.
قيل له: أوتر في السفر بواحدة قال: يصلي قبلها ركعتين.
فقيل له رجل تنفل بعد عشاء الآخرة ثم تعشى ثم أراد أن يوتر يعجبك أن يركع ركعتين ثم يوتر؟ قال: نعم.
وسئل عمن
صلى من الليل ثم نام ولم يوتر فلا يعجبني أن يركع ركعتين ثم يسلم ثم يوتر.
وسئل عن رجل أصبح ولم يوتر قال: لا يوتر بركعة إلا أن يخاف طلوع الشمس.
قيل له: فإذا لحق مع الامام ركعة الوتر؟ قال: إن كان الامام يفصل بينهن بسلام أجزأته الركعة وإلا تبعه ويقضي ما مضى مثل ما صلى فإذا فرغ قام يقضي ولا يقنت.
قيل لابي عبد الله: رجل قام يتطوع ثم بدا له فجعل تلك الركعة وترا قال لا كيف يكون هذا قد قلب نيته؟ قيل له: أيبتدئ الوتر؟ قال نعم.
قال أبو عبد الله: إذا قنت قبل الركوع كبر ثم أخذ في القنوت، وقد روي عن عمر أنه كان إذا فرغ من القراءة كبر ثم قنت ثم كبر حين يركع.
وروي ذلك عن علي وابن مسعود والبراء وهو قول الثوري ولا نعلم فيه مخالفا (فصل) وإذا فرغ من وتره استحب أن يقول: سبحان الله الملك القدوس - ثلاثا - ويمد بها صوته في الثالثة لما روى عبد الرحمن بن أبزى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر (بسبح اسم ربك
الاعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد) وإذا أراد أن ينصرف من الوتر قال " سبحان
الملك القدوس " ثلاث مرات ثم يرفع صوته بها في الثالثة رواه الامام أحمد (مسألة) قال (ثم السنن الراتبة، وهي عشر ركعات، ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، وهما آكد، قال أبو الخطاب: وأربع قبل العصر) السنن الرواتب مع الفرائض عشر ركعات كما ذكر، وقال الشافعي: قبل الظهر أربعا لما روى عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، رواه مسلم قال أبو الخطاب: وأربع قبل العصر لما روى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رحم الله أمرأ صلى قبل العصر أربعا " رواه أبو داود.
وعن علي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم
يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن سمعه من المسلمين والمؤمنين رواه الامام أحمد والترمذي وقال حديث حسن ولنا ما روى ابن عمر قال: حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح.
وكانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين متفق عليه، وروى الترمذي مثل ذلك عن عائشة مرفوعا وقال هو حديث صحيح وقول النبي صلى الله عليه وسلم " رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا " ترغيب فيها ولم يجعلها من السنن الرواتب بدليل أن ابن عمر لم يحفظها من النبي صلى الله عليه وسلم.
وحديث عائشة قد اختلف فيه فروي عنها مثل رواية ابن عمر
(فصل) وآكدها ركعتا الفجر لقول عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شئ من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح، متفق عليه وقال " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم " صلوهما ولو طردتكم الخيل " رواه أبو داود، ويستحب تخفيفهما فان عائشة
قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخفف حتى إني لاقول هل قرأ فيهما بأم الكتاب متفق عليه.
ويستحب أن يقرأ فيهما وفي ركعتي المغرب (قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد) لما روى ابن مسعود قال: ما أحصي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل الفجر (بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد) رواه الترمذي وابن ماجه.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعتين قبل الفجر (بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد) قال الترمذي هو حديث حسن.
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في
ركعتي الفجر (قولوا آمنا بالله وما أنزل الينا) الآية التي في البقرة، وفي الآخرة منهما (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) رواه مسلم (فصل) ويستحب أن يضطجع بعد ركعتي الفجر على جنبه الايمن، وكان أبو موسى ورافع بن خديج وأنس يفعلونه، وأنكره ابن مسعود، واختلف فيه عن ابن عمر ولنا ما روت عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الايمن متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصلاة الصبح فليضطجع على جنبه الايمن " رواه الامام أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب.
وروي عن أحمد أنه ليس بسنة لان ابن مسعود أنكره، واتباع النبي صلى الله عليه وسلم أولى.
ويستحب فعل الركعتين قبل الفجر والركعتين
بعد المغرب وبعد العشاء في بيته لما ذكرنا من حديث ابن عمر قال أبو داود: ما رأيت أحمد ركعهما يعني ركعتي الفجر في المسجد قط إنما كان يخرج فيقعد في المسجد حتى تقام الصلاة، قال الاثرم سمعت أبا عبد الله يسئل عن الركعتين بعد الظهر أين يصليان؟ قال: في المسجد ثم قال: أما الركعتان قبل الفجر ففي بيته، وبعد المغرب ففي بيته، ثم قال ليس ههنا شئ آكد من الركعتين بعد المغرب
يعني فعلهما في بيت.
قيل له: فان كان منزل الرجل بعيدا؟ قال: لا أدري وذلك لما روى سعد ابن إسحاق عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد بني عبد الاشهل فصلى المغرب فرآهم يتطوعون بعدها فقال " هذه صلاة البيوت " رواه أبو داود، وعن رافع بن خديج قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عبد الاشهل فصلى بنا المغرب في مسجدنا ثم قال " اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم " رواه ابن ماجه
(فصل) وكل سنة قبل الصلاة فوقتها من دخول وقتها إلى فعل الصلاة، وكل سنة بعدها فوقتها من فعل الصلاة إلى خروج وقتها والله أعلم (مسألة) (ومن فاته شئ من هذه السنن سن له قضاؤه) وهذا اختيار ابن حامد لان النبي صلى الله عليه وسلم قضى بعضها فروي عنه عليه السلام أنه قضى ركعتي الفجر مع الفجر حين نام عنها وقضى الركعتين اللتين قبل الظهر بعد العصر وقسنا الباقي عليه.
وروى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من نام عن الوتر أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكر " رواه أبو داود والترمذي من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
قال أحمد: أحب أن يكون للرجل شئ من النوافل يحافظ عليه إذا فات قضاه.
وقال بعض أصحابنا: لا يقضى الا ركعتا الفجر إلى وقت الضحى وركعتا الظهر فان أحمد قال: ما أعرف وترا بعد الفجر، وركعتا الفجر تقضى إلى وقت الضحى.
وقال مالك: يقضي إلى وقت الزوال ولا يقضي بعده.
وقال النخعي وسعيد بن جبير والحسن: إذا طلعت الشمس فلا وتر.
والصحيح الاول لما ذكرنا من النص والمعنى (فصل) ويستحب المحافظة على أربع قبل الظهر وأربع بعدها لما روت أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار " قال الترمذي حديث صحيح، وروى أبو أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء " رواه أبو داود.
وعلى أربع قبل العصر لما ذكرنا
وعن علي رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأربعا قبل الظهر إذا زالت الشمس وركعتين بعدها، وأربعا قبل العصر يفصل بين كل ركعتين بالسلام على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين، رواه ابن ماجه، وعلى ست بعد المغرب لما روى أبو هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة " رواه الترمذي وقال لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي خثعم وضعفه البخاري.
وعلى أربع بعد العشاء، قالت عائشة: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء قط إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات، رواه أبو داود (فصل) واختلف في أربع ركعات منهما ركعتان قبل المغرب بعد الاذان، والظاهر عن أحمد جوازهما وعدم استحبابهما، قال الاثرم: قلت لابي عبد الله الركعتان قبل المغرب؟ قال: ما فعلته قط إلا مرة واحدة حين سمعت الحديث، وقال فيهما أحاديث جياد أو قال صحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين إلا أنه قال لمن شاء، فمن شاء صلى، وقال هذا شئ ينكره الناس وضحك كالمتعجب وقال هذا عندهم عظيم.
ووجه جوازهما ما روى أنس قال: كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب، قال المختار بن فلفل: فقلت له أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا، متفق عليه.
وقال أنس: كنا بالمدينة إذا أذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فصلوا ركعتين حتى ان الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليها.
رواه مسلم، وعن عبد الله المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صلوا قبل المغرب ركعتين " ثم قال " صلوا قبل المغرب ركعتين لمن شاء " خشية أن يتخذها الناس سنة، متفق عليه (الثاني) الركعتان بعد الوتر وظاهر كلام أحمد انه لا يستحب فعلهما مع الجواز.
قال الاثرم: سمعت أبا عبد الله يسئل عن الركعتين بعد الوتر فقال: أرجو ان فعله انسان أن لا يضيق عليه ولكن تكون وهو جالس كما جاء الحديث
قلت تفعله أنت؟ قال لا ما أفعله.
وعدهما أبو الحسن الآمدي من السنن الراتية.
قال شيخنا: والصحيح أنهما ليستا بسنة لان أكثر من وصف تهجد النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكرهما منهم ابن عباس
وزيد بن خالد وعائشة فيما رواه عنها عروة وعبد الله بن شقيق والقاسم واختلف فيه عن أبي سلمة وأكثر الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم على تركهما.
ووجه قول من قال بالاستحباب ما روى سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل تسع ركعات ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة، وقال أبو سلمة سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة يصلي ثماني ركعات ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع ثم يصلي ركعتين بين النداء والاقامة من صلاة الصبح.
رواهما مسلم وروى ذلك أبو أمامة أيضا (فصل) في صلوات معينة سوى ما ذكرنا (منها) صلاة التراويح، والضحى، وسجود التلاوة
والشكر، وسيأتي ذكرها ان شاء الله (ومنها تحية المسجد) فيستحب لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين قبل جلوسه لما روى أبو قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين " متفق عليه.
فان جلس قبل الصلاة سن له أن يقوم فيصلي لما روى جابر قال: جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال " يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما " رواهما مسلم (فصل) ويستحب أن يتطوع مثل تطوع النبي صلى الله عليه وسلم فان عليا رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تمهل حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة العصر من ههنا يعني من قبل المغرب قام فصلى ركعتين ثم تمهل حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة الظهر قام فصلي أربعا، وأربعا قبل
الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعدها، وأربعا قبل العصر يفصل بين كل ركعتين بالسلام على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين، فتلك ست عشرة ركعة تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، وقل من يداوم عليها، من المسند (فصل) ومنها صلاة الاستخارة فروى جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الامور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول " إذا هم أحدكم بالامر فيلركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم أني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فانك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم ان هذا الامر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمرى - أو قال - في عاجل أمري وآجله، فيسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الامر شر لي في ديني ومعيشتي وعاقبة أمري - أو قال - في
عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ورضني به، ويسمي حاجته " أخرجه البخاري، ورواه الترمذي وفيه " ثم رضني به " (فصل) ومنها صلاة الحاجة.
عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله تعالى، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل أثم، لا تدع لي ذنبا الا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضى إلا قضيتها يا أرحم الراحمين " رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث غريب (فصل) في صلاة التوبة عن علي رضي الله عنه قال: حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له " ثم قرأ (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم) إلى آخرها إلا أنه رواه أبو داود
والترمذي وقال حديث حسن غريب وفي اسناده قال لانه من رواية أبي الورقاء وهو يضعف في الحديث (فصل) فأما صلاة التسبيح فان أحمد قال ما يعجبني قيل له لم؟ قال ليس فيها شئ يصح ونفض يده كالمنكر ولم يرها مستحبة.
قال شيخنا: وإن فعلها انسان فلا بأس فان النوافل والفضائل لا يشترط صحة الحديث فيها، وقد رأى غير واحد من أهل العلم صلاة التسبيح منهم ابن المبارك، وذكروا الفضل فيها.
ووجهها ما روى أبو داود والترمذي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس ابن عبد المطلب " يا عباس يا عماه ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبوك ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره سره
وعلانيته، أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في الاربع ركعات، ان استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فان لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فان لم تفعل ففي كل شهر مرة، فان لم تفعل ففي كل سنة مرة، فان لم تفعل ففي عمرك مرة " رواه ابن خزيمة في صحيحة والطبراني في معجمه وفي آخره " فلو كانت ذنوبك مثل زبد البحر ورمل عالج غفر الله لك " (فصل) ويستحب لمن توضأ أن يصلي ركعتين عقيب الوضوء إذا كان في غير أوقات النهي
لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر " يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الاسلام فاني سمعت دق نعليك بين يدي في الجنة " فقال: ما عملت عملا أرجى عندي فاني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار الا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي، متفق عليه، واللفظ للبخاري، وعن بريدة قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالا فقال " يا بلال بم سبقتني إلى الجنة؟ ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك "
وذكر الحديث وفيه قال: وقال لبلال " بم سبقتني إلى الجنة؟ " قال: ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بهذا " ورواه الامام أحمد وهذا لفظه والترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب (فصل) وقد وصف عبد الله بن المبارك صلاة التسبيح فذكر أنه يقول قبل القراءة وبعد الاستفتاح
خمس عشرة مرة سبحان الله، والحمد لله، ولا إله الا الله، والله أكبر، ثم يقولها بعد القراءة عشرا، ويقولها في الركوع عشرا، وفي الرفع منه عشرا، وفي السجود عشرا، وفي الرفع منه عشرا، وفي السجدة الثانية عشرا، فتلك خمس وسبعون تسبيحة في كل ركعة، قال أبو وهب: وأخبرني عبد العزيز هو ابن أبي رزمة عن عبد الله قال: يبدأ في الركوع بسبحان ربي العظيم، وفي السجود بسبحان ربي الاعلى ثلاثا، ثم يسبح التسبيحات وعن أبي رزمة قال: قلت لعبد الله بن المبارك ان سها فيها أيسبح في سجدتي السهو عشرا عشرا؟ قالا لا انما هي ثلاثمائة تسبيحة رواه الترمذي (مسألة) (ثم التراويح وهي عشرون ركعة يقوم بها في رمضان في جماعة ويوتر بعدها في الجماعة) التراويح سنة مؤكدة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول " من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر
له ما تقدم من ذنبه " وعن عائشة: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ثم صلى في القابلة وكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال " قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج اليكم الا أني خشيت أن تفرض عليكم " وذلك في رمضان.
رواه مسلم، وعن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة فلم يقم بنا فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلت يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة، قال فقال " ان الرجل إذا صلى مع الامام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة " قال فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثه جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا
الفلاح قال قلت وما الفلاح؟ قال السحور ثم لم يقم بقية الشهر.
رواه الامام أحمد وأبو داود واللفظ له وابن ماجه والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وعن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا الناس يصلون في ناحية المسجد فقال " ما هؤلاء؟ " فقيل هؤلاء أناس ليس معهم قرآن وأبي بن كعب يصلي بهم، وهم يصلون بصلاته فقال " أصابوا ونعم ما صنعوا " رواه أبو داود وقال: يرويه مسلم بن خالد وهو ضعيف، حتى كان زمن عمر رضي الله عنه فجمع الناس على أبي بن كعب.
فروى عبد الرحمن بن عبد القادر قال: خرجت مع عمر ليلة في رمضان فإذا الناس متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال: نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل.
وكان الناس يقومون أوله، أخرجه البخاري
(فصل) وعددها عشرون ركعة وبه قال الثوري وابو حنيفة والشافعي، وقال مالك: ست وثلاثون، وزعم أنه الامر القديم وتعلق بفعل أهل المدينة، فان صالحا مولى التوأمة قال: أدركت الناس يقومون باحدى وأربعين ركعة يوترون منها بخمس ولنا أن عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرون ركعة.
وروى السائب بن يزيد نحوه، وروى مالك عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في زمن عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة، وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه أنه أمر رجلا يصلي بهم في رمضان عشرين ركعة، وهذا كالاجماع، وأما ما روى صالح فان صالحا ضعيف، ثم لا يدري من الناس الذين أخبر عنهم وليس ذلك بحجة، ثم لو ثبت ان أهل المدينة كلهم فعلوه لكان ما فعله عمر وعلي وأجمع عليه الصحابة في عصرهم أولى بالاتباع.
قال بعض أهل العلم
انما فعل هذا أهل المدينة لانهم أرادوا مساواة أهل مكة، فان أهل مكة يطوفون سبعا بين كل ترويحتين فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات واتباع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق وأولى (فصل) والافضل فعلها في الجماعة نص عليه في رواية يوسف بن موسى ويوتر بعدها في الجماعة لما ذكرنا من حديث يزيد بن رومان.
قال أحمد: كان جابر وعلي وعبد الله يصلونها في الجماعة، وبهذا قال المزني وابن عبد الحكم وجماعة من الحنفية.
وقال مالك والشافعي: قيام رمضان لمن قوي في البيت أحب الينا لما روى زيد بن ثابت قال: احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة بخصفة أو حصير فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيها قال: فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته، ثم جاءوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فلم يخرج إليهم فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا فقال لهم " ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب
عليكم فعليكم الصلاة في بيوتكم، فان خير صلاة المرء في بيته الا المكتوبة " رواه مسلم ولنا إجماع الصحابة على ذلك، وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أهله وأصحابه في حديث أبي ذر وقوله " ان الرجل إذا صلى مع الامام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة " وهذا خاص في قيام رمضان فيقدم على عموم ما احتجوا به وقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم ذلك معلل بخشية فرضه عليهم ولهذا ترك القيام بهم معللا بذلك أو خشية أن يتخدها الناس فرضا، وقد أمن هذا بعده (فصل) قال أحمد: يقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخف عليهم ولا يشق لا سيما في الليالي القصار وقال القاضي: لا يستحب النقصان من ختمة في الشهر ليسمع الناس جميع القرآن، ولا يزيد على ختمة كراهية المشقة على من خلفه، قال الشيخ رحمه الله والتقدير بحال الناس أولى، فانه لو اتفق جماعة يرضون بالتطويل ويختارونه كان أفضل كما جاء في حديث أبي ذر قال فقمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح - يعني السجور.
وعن السائب بن يزيد قال: كانوا يقومون على
عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة وكانوا يقومون بالمائتين، وكانوا
يتوكؤن على عصيهم في عهد عثمان رضي الله عنه من شدة القيام، رواه البيهقي.
وعن أبي عثمان النهدي قال: دعا عمر بن الخطاب بثلاثة قراء فاستقرأهم فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ للناس بثلاثين آية وأوسطهم أن يقرأ خمسا وعشرين آية، وأمر أبطأهم أن يقرأ عشرين آية، رواه البيهقي، وكان السلف يستعجلون خدمهم بالطعام مخافة طلوع الفجر (فصل) فان كان له تهجد جعل الوتر بعده لقول النبي صلى الله عليه وسلم " واجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " (مسألة) (فان أحب متابعة الامام فأوتر معه قام إذا سلم الامام فشفعها بأخرى) قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يعجبني أن يصلي مع الامام ويوتر معه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ان الرجل إذا قام مع الامام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته " قال وكان أحمد يقوم مع الناس ويوتر معهم
وأخبرني الذي كان يؤمه في شهر رمضان انه كان يصلي معهم التراويح كلها والوتر قال: وينتظرني بعد ذلك حتى أقوم ثم يقوم كأنه يذهب إلى حديث أبي ذر.
وإذا أوتر مع الامام شفعها بأخرى إذا سلم إمامه لقوله عليه السلام " لا وتران في ليلة " ويؤخر وتره إلى آخر الليل للحديث المذكور.
قال ابو داود: وسئل أحمد عن قوم صلوا في رمضان خمس تراويح لم يتروحوا بينها قال، لا بأس.
وسئل عمن أدرك من ترويحة ركعتين يصلي إليها ركعتين فلم ير ذلك، وقيل لاحمد: يؤخر القيام يعني في التراويح إلى آخر الليل؟ لا سنة المسلمين أحب إلي (فصل) ويجعل ختم القرآن في التراويح، نص عليه في رواية الفضل بن زياد قال: حتى يكون لنا دعاء بين اثنين قلت: كيف أصنع قال: إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع
وادع بنا ونحن في الصلاة وأطل القيام.
قلت بم أدعو؟ قال: بما شئت، قال حنبل: وسمعت أحمد يقول في ختم القرآن: إذا فرغت من قراءة قل أعوذ برب الناس فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع قلت إلى أي شئ تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة وسفيان بن عيينة يفعلونه، قال العباس بن عبد العظيم: أدركت الناس بالبصرة يفعلونه وبمكة، ويروي أهل المدينة في هذا شيئا وذكر عن عثمان بن عفان
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: