الشافعية فقه - الكفالة والضمان ج 31
الكفالة
والضمان
الكفَالة
تعريفها:
هي – في اللغة – الالتزام والضم ، ومنه قوله تعالى :"وكفّلها زكريا" "آل عمران:37": أي ضمّها إليه
والتزم برعايتها.
وقوله صلى الله عليه وسلم : "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بالسبّابة والوسطى وفرّج بينهما شيئاً. (اخرجه البخاري في الطلاق، باب: اللعان، رقم 4998).
وكافل اليتيم: هو الذي يضمّه إليه ويلتزم رعايته والنفقة عليه.
الكفَالة
تعريفها:
هي – في اللغة – الالتزام والضم ، ومنه قوله تعالى :"وكفّلها زكريا" "آل عمران:37": أي ضمّها إليه
والتزم برعايتها.
وقوله صلى الله عليه وسلم : "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بالسبّابة والوسطى وفرّج بينهما شيئاً. (اخرجه البخاري في الطلاق، باب: اللعان، رقم 4998).
وكافل اليتيم: هو الذي يضمّه إليه ويلتزم رعايته والنفقة عليه.
وشرعاً: هي
التزام حقّ ثابت في ذمة غيره، أو إحضار مَن عليه حق لغيره أو عين مضمونة.
أي هي عقد يلتزم فيه العاقد – وهو المسمى الكفيل أو الضامن – حقاً ثابتاً لشخص في ذمة غيره، بحيث إذا لم يؤدِّه مَن عليه الحق أدّاه ذلك الملتزم. أو أن يلتزم أن يحضر الشخص الذي عليه الحق إلى مجلس القضاء أو إلى صاحب الحق. أو أن يلتزم لشخص أن يحضر له عيناً – هي حقّ له – من يد غيره التي هي في يده مضمونة عليه، كأن تكون مغصوبة.
مشروعيتها:
هي مشروعة ، وربما كانت مندوبة ، إذا كان القائم بها واثقاً بنفسه، ويأمن من أن يناله ضرر بسببها ، وقد دلّ على مشروعيتها نصوص كثيرة ، منها:
ما رواه سلمة بن الأكْوَع رضى الله عنه قال: كناً جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتى بجنازة ، فقالوا: صلِّ عليها فقال: "هل عليه دَيْن؟" قالوا: لا، قال: "فهل ترك شيئاً؟" قالوا : لا ، فصلى عليه، ثم أتى بجنازة أُخرى ، فقالوا :يا رسول الله صلِّ عليها ، قال " هل عليه دين ؟ " قيل : نعم ، قال : " فهل ترك شيئاً ؟ " . قالوا : ثلاثة دنانير ، فصلى عليها . ثم أُتي بالثالثة ، فقالوا صلِّ عليها ، قال" هل ترك شيئاً ؟" قالوا : لا قال " فهل عليه دين ؟ " قالوا : ثلاثة دنانير ، قال " صلّوا على صاحبكم " قال أبو قتادة : صلِّ عليه يا رسول الله وعلىَّ دينُه فصلى عليه . (البخاري : الحوالات، باب: ان احال دين الميت على رجل جاز، رقم: 2168)
ومنها : انه صلى الله عليه وسلم تحمّل عن رجل عشرة دنانير . (اخرجه الحاكم).
وسيأتي معنا مزيد من النصوص خلال فقرات البحث.
ويُستأنس لمشروعيتها أيضاً بقوله تعالى – على لسان يوسف عليه السلام: "ولمَن جاء به حِمْلُ بعير وأنا به زعيم" (يوسف:72). قال ابن عباس رضى الله عنهما : الزعيم: الكفيل.
وقلنا يستأنس ولم نقل يُستدل ، لأن هذا وارد في شرع مَن قبلنا ، والصحيح أن شرع مَن قبلنا ليس بشرع لنا.
أي هي عقد يلتزم فيه العاقد – وهو المسمى الكفيل أو الضامن – حقاً ثابتاً لشخص في ذمة غيره، بحيث إذا لم يؤدِّه مَن عليه الحق أدّاه ذلك الملتزم. أو أن يلتزم أن يحضر الشخص الذي عليه الحق إلى مجلس القضاء أو إلى صاحب الحق. أو أن يلتزم لشخص أن يحضر له عيناً – هي حقّ له – من يد غيره التي هي في يده مضمونة عليه، كأن تكون مغصوبة.
مشروعيتها:
هي مشروعة ، وربما كانت مندوبة ، إذا كان القائم بها واثقاً بنفسه، ويأمن من أن يناله ضرر بسببها ، وقد دلّ على مشروعيتها نصوص كثيرة ، منها:
ما رواه سلمة بن الأكْوَع رضى الله عنه قال: كناً جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتى بجنازة ، فقالوا: صلِّ عليها فقال: "هل عليه دَيْن؟" قالوا: لا، قال: "فهل ترك شيئاً؟" قالوا : لا ، فصلى عليه، ثم أتى بجنازة أُخرى ، فقالوا :يا رسول الله صلِّ عليها ، قال " هل عليه دين ؟ " قيل : نعم ، قال : " فهل ترك شيئاً ؟ " . قالوا : ثلاثة دنانير ، فصلى عليها . ثم أُتي بالثالثة ، فقالوا صلِّ عليها ، قال" هل ترك شيئاً ؟" قالوا : لا قال " فهل عليه دين ؟ " قالوا : ثلاثة دنانير ، قال " صلّوا على صاحبكم " قال أبو قتادة : صلِّ عليه يا رسول الله وعلىَّ دينُه فصلى عليه . (البخاري : الحوالات، باب: ان احال دين الميت على رجل جاز، رقم: 2168)
ومنها : انه صلى الله عليه وسلم تحمّل عن رجل عشرة دنانير . (اخرجه الحاكم).
وسيأتي معنا مزيد من النصوص خلال فقرات البحث.
ويُستأنس لمشروعيتها أيضاً بقوله تعالى – على لسان يوسف عليه السلام: "ولمَن جاء به حِمْلُ بعير وأنا به زعيم" (يوسف:72). قال ابن عباس رضى الله عنهما : الزعيم: الكفيل.
وقلنا يستأنس ولم نقل يُستدل ، لأن هذا وارد في شرع مَن قبلنا ، والصحيح أن شرع مَن قبلنا ليس بشرع لنا.
وهذا الذي
دلتّ عليه النصوص موضع إجماع المسلمين في كل الأزمان والعصور.
حكمة مشروعيتها:
هي التيسير على المسلمين وتحقيق التعاون فيما بينهم، فقد يشتري إنسان سلعة هو في حاجة إليها، ولا يجد الثمن ، ولا يطئمن البائع إليه فلا يرضى بإنظاره به ، ولا يتيسر له رهن يضعه به ، وقد لا يرضى البائع بالرهن ، فيحتاج في هذه الحالة الى كفيل ، وقد يستقرض مالاً هو في حاجة إليه، ويطلب المقرض كفيلاً، وقد يقع في جناية يعاقب عليها، وهو بعيد عن بلده ، وعليه حقوق وتَبِعات يضطر الى أجَلٍ للقيام بها، فيحتاج الى مَن يكفله حتى يذهب ويعود. وقد يضطر إنسان إلى استعارة عين، ولا يرضى صاحبها بإعارتها له إلا بكفيل يضمن له ردّها سالمة. وقد تكون في يده عين مغصوبة ، يحتاج إلى أجل لإحضارها، فيأبى صاحبها أن يفلته إلا بكفيل، وهكذا، فالمصلحة في تشريع الكفالة واضحة، والحاجة إليها أكيدة، وشرع الله تعالى إنما جاء لرعاية مصالح العباد، وتخليصهم من الحرج.
قال الله تعالى: "يريدُ الله بكُمُ اليُسْر ولا يريد بكُمُ العُسْر" (البقرة:185) وقال: "ما جَعَلَ عليكم في الدَّيْن من حَرَج" (الحج:78).
وقال صلى الله عليه وسلم : "إن الدَّيْن يُسَر" وقال: "يسّروا ولا تعسّروا".
(اخرجهما البخاري: في الايمان ، باب : الدين يسر، رقم : 39، وفي العلم ، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم.. ، رقم: 69).
أنواع الكفالة:
الكفالة نوعان:
فهي إما أن يتكفل بدَيْن ثبت في ذمّة إنسان، يلتزم الكفيل اداءه اذا لم يؤدِّه مَن هو عليه في أجله، وتسمى : الكفالة بالدَّيْن، كما تسمى : الضمان.
وإما أن يتكفّل باحضار مَن لزمه حق ، من دَيْن أو غيره كقصاص مثلاً، دون أن يتكفّل بأداء الدَّيْن، وتسمى: كفالة بالنفس.
أركان الكفالة
حكمة مشروعيتها:
هي التيسير على المسلمين وتحقيق التعاون فيما بينهم، فقد يشتري إنسان سلعة هو في حاجة إليها، ولا يجد الثمن ، ولا يطئمن البائع إليه فلا يرضى بإنظاره به ، ولا يتيسر له رهن يضعه به ، وقد لا يرضى البائع بالرهن ، فيحتاج في هذه الحالة الى كفيل ، وقد يستقرض مالاً هو في حاجة إليه، ويطلب المقرض كفيلاً، وقد يقع في جناية يعاقب عليها، وهو بعيد عن بلده ، وعليه حقوق وتَبِعات يضطر الى أجَلٍ للقيام بها، فيحتاج الى مَن يكفله حتى يذهب ويعود. وقد يضطر إنسان إلى استعارة عين، ولا يرضى صاحبها بإعارتها له إلا بكفيل يضمن له ردّها سالمة. وقد تكون في يده عين مغصوبة ، يحتاج إلى أجل لإحضارها، فيأبى صاحبها أن يفلته إلا بكفيل، وهكذا، فالمصلحة في تشريع الكفالة واضحة، والحاجة إليها أكيدة، وشرع الله تعالى إنما جاء لرعاية مصالح العباد، وتخليصهم من الحرج.
قال الله تعالى: "يريدُ الله بكُمُ اليُسْر ولا يريد بكُمُ العُسْر" (البقرة:185) وقال: "ما جَعَلَ عليكم في الدَّيْن من حَرَج" (الحج:78).
وقال صلى الله عليه وسلم : "إن الدَّيْن يُسَر" وقال: "يسّروا ولا تعسّروا".
(اخرجهما البخاري: في الايمان ، باب : الدين يسر، رقم : 39، وفي العلم ، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم.. ، رقم: 69).
أنواع الكفالة:
الكفالة نوعان:
فهي إما أن يتكفل بدَيْن ثبت في ذمّة إنسان، يلتزم الكفيل اداءه اذا لم يؤدِّه مَن هو عليه في أجله، وتسمى : الكفالة بالدَّيْن، كما تسمى : الضمان.
وإما أن يتكفّل باحضار مَن لزمه حق ، من دَيْن أو غيره كقصاص مثلاً، دون أن يتكفّل بأداء الدَّيْن، وتسمى: كفالة بالنفس.
أركان الكفالة
للكفالة أركان
خمسة، سواء أكانت كفالة مال أم كفالة نفس، وهي: الكفيل ، والمكفول له ، والمكفول
عنه، والمكفول به، والصيغة، ولكلٍّ منها شروط نبيِّنها فيما يلي إن شاء الله
تعالى.
الركن الأول: الكفيل:
وهو الضامن الذي يلتزم بأداء الحق المضمون، أو إحضار الشخص المكفول ويشترط فيه:
أن يكون اهلاً للتبرّع ، بأن يكون عاقلاً بالغاً رشيداً، لأن الكفالة تبّرع ، فيشترط أن يكون الكفيل أهلاً له، فلا تصحّ كفالة المجنون ولا الصبي، لأنهما ليسا من أهل التبرّع ، ولا سلطان لهما على أنفسهما ومالهما، فلا سلطان لهما على غيرهما من باب أولى ، وكذلك لا تصحّ الكفالة بالمال ممّن كان محجوراً عليه بسفه، لأنه تصرّف مالي، وهو محجور عليه في التصرفات المالية، لأنه لا يحسنها.
ويتفرّع على ذلك: انه مَن كان مريضاً مرضاً يخاف معه موته ليس له ان يكفل الا في حدود ثلث ما يملك ، لانه محجور عليه التصرفات المالية التي هي من قبيل التبرّع في أكثر من ثلث ماله، أما في حدود الثلث فجائز.
الركن الثاني: المكفول له:
وهو مستحق الحق ، الذي يلتزم الكفيل بما التزم به حفظاً لحقه، ويشترط أن يكون معروفاً لدى الضامن معرفة عينية ، أي أن يعرف شخصه ، فلا يكفي أن يعرف نسبه مثلاً ، واشتُرطت معرفته لأنه هو صاحب الحق الذي سيُطالب الكفيل به، والناس يتفاوتون في المطالبة بحقوقهم شدَّة ويُسراً ، فلا بدّ لمن يلتزم بالأداء أن يعرف مَن سيطالبه وكذلك إذا كان مجهولاً لا يتحقق ما شرعت له الكفالة ، وهو التوثّق لصاحب الحق. واكتفى بمعرفة شخصه لأن الظاهر غالباً عنوان الباطن.
ويُشترط معرفة وكيله إن كان له وكيل، لأن الغالب في الناس أن يوكّل مَن هو اشدّ منه في المطالبة ، ولهذا تغنى معرفة الوكيل عن معرفة الأصيل.
الركن الأول: الكفيل:
وهو الضامن الذي يلتزم بأداء الحق المضمون، أو إحضار الشخص المكفول ويشترط فيه:
أن يكون اهلاً للتبرّع ، بأن يكون عاقلاً بالغاً رشيداً، لأن الكفالة تبّرع ، فيشترط أن يكون الكفيل أهلاً له، فلا تصحّ كفالة المجنون ولا الصبي، لأنهما ليسا من أهل التبرّع ، ولا سلطان لهما على أنفسهما ومالهما، فلا سلطان لهما على غيرهما من باب أولى ، وكذلك لا تصحّ الكفالة بالمال ممّن كان محجوراً عليه بسفه، لأنه تصرّف مالي، وهو محجور عليه في التصرفات المالية، لأنه لا يحسنها.
ويتفرّع على ذلك: انه مَن كان مريضاً مرضاً يخاف معه موته ليس له ان يكفل الا في حدود ثلث ما يملك ، لانه محجور عليه التصرفات المالية التي هي من قبيل التبرّع في أكثر من ثلث ماله، أما في حدود الثلث فجائز.
الركن الثاني: المكفول له:
وهو مستحق الحق ، الذي يلتزم الكفيل بما التزم به حفظاً لحقه، ويشترط أن يكون معروفاً لدى الضامن معرفة عينية ، أي أن يعرف شخصه ، فلا يكفي أن يعرف نسبه مثلاً ، واشتُرطت معرفته لأنه هو صاحب الحق الذي سيُطالب الكفيل به، والناس يتفاوتون في المطالبة بحقوقهم شدَّة ويُسراً ، فلا بدّ لمن يلتزم بالأداء أن يعرف مَن سيطالبه وكذلك إذا كان مجهولاً لا يتحقق ما شرعت له الكفالة ، وهو التوثّق لصاحب الحق. واكتفى بمعرفة شخصه لأن الظاهر غالباً عنوان الباطن.
ويُشترط معرفة وكيله إن كان له وكيل، لأن الغالب في الناس أن يوكّل مَن هو اشدّ منه في المطالبة ، ولهذا تغنى معرفة الوكيل عن معرفة الأصيل.
ولا يُشترط
حضور المكفول له ، كما لا يُشترط قبوله الكفالة أو رضاه بها، لأنها التزام وضمان
لصالحه لا يرتب عليه شيئاً، ودليله حديث أبي قتادة رضى الله عنه، إذ لم يتعرّض فيه
إلى المكفول له ، وقيل: يشترط رضاه دون التلفّظ بقبوله.
الركن الثالث: المكفول عنه:
وهو المطالَب بالحق من قِبَل المكفول له، ويعبَّر عنه أحياناً بالأصيل مقابل الكفيل، ويشترط فيه أن يكون ثَبَت في ذمته حقٌّ مِنْ دَيْن أو نحوه ، مما يصحّ ضمانه.
ولا يشترط رضا المضمون عنه في المال قولاً واحداً، لأن قضاء دَيْن غيره بغير إذنه جائز ، فالتزامه جائز من باب أولى ، ولذا صحّ الضمان عن الميت وإن ولم يخلف وفاءً وكذلك ضمانه عنه معروف ، والمعروف يُصنع مع مَن يعرفه ومَن لا يعرفه ، وسواء أكان اهلاً له أم لا. ولا تشترط معرفته في الأصح ، لأنه ليس هناك معاملة بين الكفيل والمكفول عنه.
الركن الرابع: المكفول به:
وهو الحق الذي وقع عليه الضمان والكفالة من دَيْن أو غيره، ويشترط فيه:
أن يكون حقاً ثابتاً حال العقد، فلا يصحّ ضمان ما لم يثبت ، سواء أجرى سبب وجوبه كنفقة الزوجة المستقبلة، أم لم يجر كضمان ما سيقرضه لفلان، لأن الضمان وثيقة بالحق فلا يتقدم عليه ، كالشهادة.
ويكفي في ثبوت الحق اعتراف الضامن به وإن لم يثبت على المضمون شئ. فلو قال : لزيد على عمرو مائة دينار وأنا ضامن لها، فأنكر عمر الدَّيْن، فلزيد مطالبة الضامن به.
وقيل: يصحّ ضمان ما سيجب ، كما لو قال: أقْرِضه مائة وأنا ضامنها، ففعل، صحّ ذلك ، لأن الحاجة ماسّة إليه.
ولا يصحّ ضمان النفقة المستقبلة عن القريب ونحوه قولاً واحداً، لأن سبيلها البرّ والإحسان ، لا الدَّيْن.
الركن الثالث: المكفول عنه:
وهو المطالَب بالحق من قِبَل المكفول له، ويعبَّر عنه أحياناً بالأصيل مقابل الكفيل، ويشترط فيه أن يكون ثَبَت في ذمته حقٌّ مِنْ دَيْن أو نحوه ، مما يصحّ ضمانه.
ولا يشترط رضا المضمون عنه في المال قولاً واحداً، لأن قضاء دَيْن غيره بغير إذنه جائز ، فالتزامه جائز من باب أولى ، ولذا صحّ الضمان عن الميت وإن ولم يخلف وفاءً وكذلك ضمانه عنه معروف ، والمعروف يُصنع مع مَن يعرفه ومَن لا يعرفه ، وسواء أكان اهلاً له أم لا. ولا تشترط معرفته في الأصح ، لأنه ليس هناك معاملة بين الكفيل والمكفول عنه.
الركن الرابع: المكفول به:
وهو الحق الذي وقع عليه الضمان والكفالة من دَيْن أو غيره، ويشترط فيه:
أن يكون حقاً ثابتاً حال العقد، فلا يصحّ ضمان ما لم يثبت ، سواء أجرى سبب وجوبه كنفقة الزوجة المستقبلة، أم لم يجر كضمان ما سيقرضه لفلان، لأن الضمان وثيقة بالحق فلا يتقدم عليه ، كالشهادة.
ويكفي في ثبوت الحق اعتراف الضامن به وإن لم يثبت على المضمون شئ. فلو قال : لزيد على عمرو مائة دينار وأنا ضامن لها، فأنكر عمر الدَّيْن، فلزيد مطالبة الضامن به.
وقيل: يصحّ ضمان ما سيجب ، كما لو قال: أقْرِضه مائة وأنا ضامنها، ففعل، صحّ ذلك ، لأن الحاجة ماسّة إليه.
ولا يصحّ ضمان النفقة المستقبلة عن القريب ونحوه قولاً واحداً، لأن سبيلها البرّ والإحسان ، لا الدَّيْن.
ويستثنى من
هذا ضمان الدَّرَك، وهو أن يلتزم لمن يشتري سلعة أن يردّ له ثمنها، إن خرجت السلعة
معيبة أو ناقصة أو مستحقة ، أي مغصوبة أو مسروقة أو ضائعة ، ووجدها صاحبها، فإنه
يقيم البيِّنة عليها ويأخذها ، لأنه احقّ بها. ففي هذه الحالة يعود المشتري على
الضامن بثمنها. وإنما صحّ هذا الضمان – وهو ضمان لدَيْن لم يثبت، لأنه يثبت عند
استحقاق المبيع من يد المشتري – لأن الحاجة تدعو إليه ، وخاصة عند التعامل مع
الغريب الذي يخشى ان يكون ما يبيعه مستحقا لأحد، ولا يظفر به عند الاستحقاق ونحوه،
فاحتيج الى الضمان ليتوثق المشتري لما يدفعه من ثمن.
ويشترط أن يكون هذا الضمان بعد قبض البائع الثمن، لأن الضامن يضمن ما دخل في يد البائع، والثمن لا يدخل في ضمانه الا بقبضه.
ان يكون لازما: سواء أكان مستقراً كثمن البيع بعد القبض وانتهاء مدة الخيار، والمَهْر بعد الدخول، ام غير مستقر كثمن المبيع قبل القبض والمهر قبل الدخول.
ويصحّ أيضا ضمان ما هو آيل الى اللزوم ، أي ما يلزم بنفسه ولا يتوقف لزومه على شئ، كالثمن في مدة الخيار ، فإنه يلزم بنفسه بانتهاء مدة الخيار، فيصح ضمانه وان لم يلزم بعد.
والمراد باللازم والآيل الى اللزوم ما لا يملك فسخه بلا سبب كالأمثلة السابقة، فلو كان الدين غير لازم ولا آيل الى اللزوم، بأن كان يستطيع من هو عليه فسخه بدون سبب كجعل الجعالة – وهو ان يلتزم دفع مال معين لمن يأتي له بضالته – فهو يملك الرجوع عن ذلك قبل ان يأتيه احد بها، فهو دين غير لازم ولا آيل الى اللزوم، فلا يصحّ ضمانه، لأنه لا يثبت الا بعد الفراغ من العمل، كما علمت في باب الجعالة.
أن يكون معلوماً للضامن، جنساً وقدراً وصفة، فالجنس كأن يكون دراهم أو دنانير أو غيرهما، والقدر كألف أو أكثر أو أقل، والصفة كجيد أو ردئ فيما لو كان يوصف بذلك، وأن يعلم عينه إذا كان ضمان عين كالمغصوب.
ويشترط أن يكون هذا الضمان بعد قبض البائع الثمن، لأن الضامن يضمن ما دخل في يد البائع، والثمن لا يدخل في ضمانه الا بقبضه.
ان يكون لازما: سواء أكان مستقراً كثمن البيع بعد القبض وانتهاء مدة الخيار، والمَهْر بعد الدخول، ام غير مستقر كثمن المبيع قبل القبض والمهر قبل الدخول.
ويصحّ أيضا ضمان ما هو آيل الى اللزوم ، أي ما يلزم بنفسه ولا يتوقف لزومه على شئ، كالثمن في مدة الخيار ، فإنه يلزم بنفسه بانتهاء مدة الخيار، فيصح ضمانه وان لم يلزم بعد.
والمراد باللازم والآيل الى اللزوم ما لا يملك فسخه بلا سبب كالأمثلة السابقة، فلو كان الدين غير لازم ولا آيل الى اللزوم، بأن كان يستطيع من هو عليه فسخه بدون سبب كجعل الجعالة – وهو ان يلتزم دفع مال معين لمن يأتي له بضالته – فهو يملك الرجوع عن ذلك قبل ان يأتيه احد بها، فهو دين غير لازم ولا آيل الى اللزوم، فلا يصحّ ضمانه، لأنه لا يثبت الا بعد الفراغ من العمل، كما علمت في باب الجعالة.
أن يكون معلوماً للضامن، جنساً وقدراً وصفة، فالجنس كأن يكون دراهم أو دنانير أو غيرهما، والقدر كألف أو أكثر أو أقل، والصفة كجيد أو ردئ فيما لو كان يوصف بذلك، وأن يعلم عينه إذا كان ضمان عين كالمغصوب.
وإنما اشترط
العلم به لأنه إثبات مال في الذمة لآدمي بعقد، كالثمن في البيع والأجرة في الإجارة
، فلا بدّ من العلم به، أو تعيينه إن كان عيناً، وقد دلّ على هذا ما جاء في حديث
أبي قتادة رضى الله عنه حيث بيّن الدَّيْن وأنه ثلاثة دنانير.
وعليه فلا يصحّ ضمان المجهول، كضمنت مالك عليه من دين، أو أحد الدَّيْنين ، أو أحد المغصوبَيْن ، وهكذا.
أن يكون الحق المضمون قابلاً للتبرّع به، أي أن يكون قابلاً للانتقال لغير مَن هو له بغير عوض، كالحقوق التي ذكرت أمثلة فيما مضى، فلو كان غير قابل لذلك فلا يصحّ الضمان به، كحق الشفعة مثلاً، فهو حق للشفيع ، أي للشريك الذي يملك حصة مع البائع، فإذا باع شريكه حصته لغيره كان له الحق ان يأخذها بالثمن ، ولكن ليس له أن ينقل هذا الحق لغيره، فلا يصح الضمان به.
الركن الخامس: الصيغة:
وهي الإيجاب من الضامن الكفيل، والقبول من المكفول له.
ويكفي في تحقيق الكفالة إيجاب الكفيل الضامن، ولا يشترط فيها قبول المكفول له ولا رضاه، كما مرّ معنا عند الكلام عن المكفول له.
ويشترط فيها:
أن تكون بلفظ يدلّ على الالتزام ، صريحاً كان أم كناية:
فمن الصريح أن يقول : ضمنت دَيْنك على فلان، أو تحملته ، أو تكفّلت به، أو تكفلت ببدن فلان ، أو أنا كفيل أو ضامن بإحضار فلان ونحو ذلك.
ومن الكناية أن يقول: خلِّ عن فلان والدين الذي لك عليه هو عليَّ، ونحو ذلك.
فإن كان اللفظ لا يدل على الالتزام فلا تصحّ الكفالة ، كما لو قال: أؤدي المال الذي على فلان، أو: أحضر فلاناً ، ونحو ذلك. فإن مثل هذه الصيغة لا يدل على الالتزام ولا يشعر به، فهو وعد لا يلزم الوفاء به، إلا إن صحبه قرينة تصرفه إلى ذلك، كما إذا رأى صاحب الحق يريد حبس المدين، فقال: أنا أؤدي المال الذي عليه، فهذا قرينة على أنه يريد الضمان، فكأنه يقول: أنا ضامن له ، فدعه ولا تتعرض له.
وعليه فلا يصحّ ضمان المجهول، كضمنت مالك عليه من دين، أو أحد الدَّيْنين ، أو أحد المغصوبَيْن ، وهكذا.
أن يكون الحق المضمون قابلاً للتبرّع به، أي أن يكون قابلاً للانتقال لغير مَن هو له بغير عوض، كالحقوق التي ذكرت أمثلة فيما مضى، فلو كان غير قابل لذلك فلا يصحّ الضمان به، كحق الشفعة مثلاً، فهو حق للشفيع ، أي للشريك الذي يملك حصة مع البائع، فإذا باع شريكه حصته لغيره كان له الحق ان يأخذها بالثمن ، ولكن ليس له أن ينقل هذا الحق لغيره، فلا يصح الضمان به.
الركن الخامس: الصيغة:
وهي الإيجاب من الضامن الكفيل، والقبول من المكفول له.
ويكفي في تحقيق الكفالة إيجاب الكفيل الضامن، ولا يشترط فيها قبول المكفول له ولا رضاه، كما مرّ معنا عند الكلام عن المكفول له.
ويشترط فيها:
أن تكون بلفظ يدلّ على الالتزام ، صريحاً كان أم كناية:
فمن الصريح أن يقول : ضمنت دَيْنك على فلان، أو تحملته ، أو تكفّلت به، أو تكفلت ببدن فلان ، أو أنا كفيل أو ضامن بإحضار فلان ونحو ذلك.
ومن الكناية أن يقول: خلِّ عن فلان والدين الذي لك عليه هو عليَّ، ونحو ذلك.
فإن كان اللفظ لا يدل على الالتزام فلا تصحّ الكفالة ، كما لو قال: أؤدي المال الذي على فلان، أو: أحضر فلاناً ، ونحو ذلك. فإن مثل هذه الصيغة لا يدل على الالتزام ولا يشعر به، فهو وعد لا يلزم الوفاء به، إلا إن صحبه قرينة تصرفه إلى ذلك، كما إذا رأى صاحب الحق يريد حبس المدين، فقال: أنا أؤدي المال الذي عليه، فهذا قرينة على أنه يريد الضمان، فكأنه يقول: أنا ضامن له ، فدعه ولا تتعرض له.
ويقوم مقام
اللفظ من الناطق ما يدل عليه من كتابة الأخرس أو إشارته المفهمة والمعهودة.
التنجيز في العقد، أي عدم التعليق على الشرط، سوءا أكانت كفالة مال أم كفالة بدن، فالأصح أنه لو قال: إن قَدِمَ زيد فأنا كفيل لك بما على فلان، لم يصحّ الضمان ، وكذلك لو قال: إن فعلت كذا تكفّلت لك بإحضار فلان ، لم تصحّ الكفالة ، لأن الكفالة عقد ، والعقود لا تقبل التعليق.
عدم التوقيت في كفالة المال قولاً واحداً، لأن المقصود منه الأداء، فلا يصحّ تأقيته، وكذلك كفالة البدن على الأصح، لأن المقصود الإحضار ايضاً.
فلو نجز الكفالة وشرط تأخير إحضار المكفول إلى أجل معين جاز ، كما لو قال: ضمنت إحضاره ، ولكن أحضره بعد شهر مثلا، لأنه التزم بعمل في الذمة، فصار كالإجارة على عمل ، يجوز حالاًّ ومؤجلاً.
وكذلك يصحّ ان يضمن الدَّيْن الحال على ان يؤدّيه بعد أجل معلوم ، لأن الضامن متبرع، وقد لا يكون متيسراً له الأداء حالاً، والحاجة داعية إلى الضمان، فيكون على حسب ما التزمه ، ويثبت الأجل في حق الضامن وحده، بمعنى ان المكفول له ليس له حق مطالبته الآن، وأما المكفول عنه – وهو الأصيل – فلا يثبت الأجل في حقه، ويبقى لصاحب الحق ان يطالبه بالوفاء الآن.
دل على ذلك: ما رواه ابن عباس رضى الله عنهما: إن رجلاً لزم غريماً له بعشرة دنانير على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : ما عندي شئ اعطيكه ، فقال: والله لا افارقك حتى تقضيني او تأتيني بحميل، فجره الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "كم تستنظره؟" قال: شهرا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فان احمل له". فجاءه في الوقت الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من اين اصبت هذا؟". قال : من معدن. قال: "لا خير فيها" وقضاها عنه. (اخرجه ابن ماجه في الصدقات. باب : الكفالة ، رقم : 2406).
التنجيز في العقد، أي عدم التعليق على الشرط، سوءا أكانت كفالة مال أم كفالة بدن، فالأصح أنه لو قال: إن قَدِمَ زيد فأنا كفيل لك بما على فلان، لم يصحّ الضمان ، وكذلك لو قال: إن فعلت كذا تكفّلت لك بإحضار فلان ، لم تصحّ الكفالة ، لأن الكفالة عقد ، والعقود لا تقبل التعليق.
عدم التوقيت في كفالة المال قولاً واحداً، لأن المقصود منه الأداء، فلا يصحّ تأقيته، وكذلك كفالة البدن على الأصح، لأن المقصود الإحضار ايضاً.
فلو نجز الكفالة وشرط تأخير إحضار المكفول إلى أجل معين جاز ، كما لو قال: ضمنت إحضاره ، ولكن أحضره بعد شهر مثلا، لأنه التزم بعمل في الذمة، فصار كالإجارة على عمل ، يجوز حالاًّ ومؤجلاً.
وكذلك يصحّ ان يضمن الدَّيْن الحال على ان يؤدّيه بعد أجل معلوم ، لأن الضامن متبرع، وقد لا يكون متيسراً له الأداء حالاً، والحاجة داعية إلى الضمان، فيكون على حسب ما التزمه ، ويثبت الأجل في حق الضامن وحده، بمعنى ان المكفول له ليس له حق مطالبته الآن، وأما المكفول عنه – وهو الأصيل – فلا يثبت الأجل في حقه، ويبقى لصاحب الحق ان يطالبه بالوفاء الآن.
دل على ذلك: ما رواه ابن عباس رضى الله عنهما: إن رجلاً لزم غريماً له بعشرة دنانير على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : ما عندي شئ اعطيكه ، فقال: والله لا افارقك حتى تقضيني او تأتيني بحميل، فجره الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "كم تستنظره؟" قال: شهرا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فان احمل له". فجاءه في الوقت الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من اين اصبت هذا؟". قال : من معدن. قال: "لا خير فيها" وقضاها عنه. (اخرجه ابن ماجه في الصدقات. باب : الكفالة ، رقم : 2406).
وكذلك له أن
يضمن الدَّيْن المؤجل حالا، لأنه تبرع بالتزام التعجيل ، فصحّ ذلك منه، ولكن لا
يلزمه التعجيل على الأصح، بل يثبت في حقه الأجل تبعاً للأصيل الذي عليه الدَّيْن.
وإذا قضاه حالاً لا يرجع بما قضاه على الأصيل قبل حلول الأجل ، لأن تعجيله تبرع به ، لا يسقط حق الأصيل في الأجل.
أحكام الكفالة بالنفس
********************
علمنا أن الكفالة بالنفس نوع من الكفالة ، وهي أن يلتزم الكفيل إحضار المكفول إلى المكفول له.
كما علمنا أنها مشروعة ، لأنها تدخل في عموم الأدلة التي تدل على مشروعية الكفالة، ويؤيد ذلك ما جاء في خصوصها من آثار عن الصحابة رضى الله عنهم، منها:
ما رواه أبو اسحاق السَّبيعي عن حارثة بن مضرب قال: صلّيت مع عبدالله بن مسعود رضى الله عنه الغداة، فلما سلّم قام رجل فحمد الله وأثنى عليه، وقال : أما بعد، فوالله لقد بتّ البارحة وما في نفسي على أحد إِحْنَة، وإني كنت استطرقت رجلاً من بني حنيفة، مسجد عبدالله بن النواحة، فسمعت مؤذّنهم يشهد ان لا اله الا الله وان مسيلمة رسول الله ، فكذبت سمعي ، وكففت فرسي حتى سمعت أهل المسجد قد تواطؤوا على ذلك، فقال عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: علىَّ بعبد الله بن النواحة، فحضر وأعترف ، فقال له عبدالله بن مسعود: أين ما تقرأ من القرآن؟! قال: كنت أتقيكم به، فقال له: تُبْ. فأبى ، فأمر به فأُخرج الى السوق فجُزَّ رأسه . ثم شاور أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في بقية القوم، فقال عديّ بن حاتم رضى الله عنه: ثؤلول كفر، قد أطلع رأسه ، فاحسمه، وقال جرير بن عبدالله والأشعث بن قيس رضى الله عنهما: استتبهم ، فإن تابوا كفلهم عشائرهم ، فاستتابهم فتابوا ، وكفلهم عشائرهم. (اخرجه البيهقي في كتاب المرتد، باب: من قال في المرتد يستتاب مكانه فإن تاب والا قتل: 8/206. وذكر البخاري جزءا منه تعليقا في صحيحه: الكفالة ، باب: الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها).
وإذا قضاه حالاً لا يرجع بما قضاه على الأصيل قبل حلول الأجل ، لأن تعجيله تبرع به ، لا يسقط حق الأصيل في الأجل.
أحكام الكفالة بالنفس
********************
علمنا أن الكفالة بالنفس نوع من الكفالة ، وهي أن يلتزم الكفيل إحضار المكفول إلى المكفول له.
كما علمنا أنها مشروعة ، لأنها تدخل في عموم الأدلة التي تدل على مشروعية الكفالة، ويؤيد ذلك ما جاء في خصوصها من آثار عن الصحابة رضى الله عنهم، منها:
ما رواه أبو اسحاق السَّبيعي عن حارثة بن مضرب قال: صلّيت مع عبدالله بن مسعود رضى الله عنه الغداة، فلما سلّم قام رجل فحمد الله وأثنى عليه، وقال : أما بعد، فوالله لقد بتّ البارحة وما في نفسي على أحد إِحْنَة، وإني كنت استطرقت رجلاً من بني حنيفة، مسجد عبدالله بن النواحة، فسمعت مؤذّنهم يشهد ان لا اله الا الله وان مسيلمة رسول الله ، فكذبت سمعي ، وكففت فرسي حتى سمعت أهل المسجد قد تواطؤوا على ذلك، فقال عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: علىَّ بعبد الله بن النواحة، فحضر وأعترف ، فقال له عبدالله بن مسعود: أين ما تقرأ من القرآن؟! قال: كنت أتقيكم به، فقال له: تُبْ. فأبى ، فأمر به فأُخرج الى السوق فجُزَّ رأسه . ثم شاور أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في بقية القوم، فقال عديّ بن حاتم رضى الله عنه: ثؤلول كفر، قد أطلع رأسه ، فاحسمه، وقال جرير بن عبدالله والأشعث بن قيس رضى الله عنهما: استتبهم ، فإن تابوا كفلهم عشائرهم ، فاستتابهم فتابوا ، وكفلهم عشائرهم. (اخرجه البيهقي في كتاب المرتد، باب: من قال في المرتد يستتاب مكانه فإن تاب والا قتل: 8/206. وذكر البخاري جزءا منه تعليقا في صحيحه: الكفالة ، باب: الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها).
[إحنة : حقد
او بغض. استطرقت : أتيتُ ليلاً. بغلس : الغلس ظلمة آخر الليل. كففت فرسي: منعته عن
الجري. تواطؤوا : توافقوا واجتمعوا في قولهم. فجز : فقطع . ثؤلول كفر : الثؤلول هو
ما يخرج على الجلد من حَبّات زائدة عنه، فشبّه به لشذوذه وخروجه عن الاستقامة.
أطلع رأسه: أظهر كفره. فاحسمه: فاقطعه واقطع به دابر الشرّ].
وقد يستأنس لها بقوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (لن ارسله معكم حتى تُؤُْتوني مَوْثقاً مِنَ الله لتأتُينَّي به) (يوسف : 66).
والكفالة بالبدن قد تكون كفالة ببدن مَن عليه مال، وقد تكون كفالة ببدن مَن عليه عقوبة.
أما كفالة بدن مَن عليه مال: فهي صحيحة مطلقاً إذا كانت تكفّلاً بإحضار مَنْ عليه مال، سواء أعلم بمقدار المال ام لا، لأنه تكفّل بالبدن ولم يتكفل بالمال، ولهذا لا يُطالَب بالمال، وإنما يطالب بإحضار المكفول، وإنما يشترط أن يكون المال الذي في ذمّة المكفول مما يصحّ ضمانه على ما علمت عند الكلام عن المكفول به.
واما كفالة بدن مَن عليه عقوبة: فيُنظر:
فإن كانت العقوبة حقاً لآدمي، كقصاص وحدّ قذف – فإنهما حق للآدمي، لأن القصاص بدل النفس وحدّ القذف لدفع العار عنه – فإنها صحيحة ، لأنها كفالة بحق لازم، فأشبهت الكفالة بالمال.
وإن كانت العقوبة حقاً لله تعالى، كحدّ الخمر والسرقة والزنا، فلا تصحّ ، لأن الحدود مبناها على الدرء – أي الدفع – والإسقاط، طالما أنها حقوق لله تعالى، فالمطلوب منّا سترها والسعي في دفعها ما أمكن، وقطع الوسائل المؤدية إليها، والكفالة بها إظهار لها وسعي في تأكيدها وتوسيعها فلا تصحّ.
أحكام أُخرى تتعلق بالكفالة بالبدن ، منها:
1= مكان تسليم المكفول ووقته: فإذا شرط الكفيل وقتاً معيناً لتسليم المكفول لزمه احضاره فيه اذا طالب المكفول له بإحضاره ، وفاء بما التزمه، فإذا احضره فقد وفى ما عليه، وان لم يحضره حبسه الحاكم لامتناعه عن إيفاء ما استحق عليه.
وقد يستأنس لها بقوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (لن ارسله معكم حتى تُؤُْتوني مَوْثقاً مِنَ الله لتأتُينَّي به) (يوسف : 66).
والكفالة بالبدن قد تكون كفالة ببدن مَن عليه مال، وقد تكون كفالة ببدن مَن عليه عقوبة.
أما كفالة بدن مَن عليه مال: فهي صحيحة مطلقاً إذا كانت تكفّلاً بإحضار مَنْ عليه مال، سواء أعلم بمقدار المال ام لا، لأنه تكفّل بالبدن ولم يتكفل بالمال، ولهذا لا يُطالَب بالمال، وإنما يطالب بإحضار المكفول، وإنما يشترط أن يكون المال الذي في ذمّة المكفول مما يصحّ ضمانه على ما علمت عند الكلام عن المكفول به.
واما كفالة بدن مَن عليه عقوبة: فيُنظر:
فإن كانت العقوبة حقاً لآدمي، كقصاص وحدّ قذف – فإنهما حق للآدمي، لأن القصاص بدل النفس وحدّ القذف لدفع العار عنه – فإنها صحيحة ، لأنها كفالة بحق لازم، فأشبهت الكفالة بالمال.
وإن كانت العقوبة حقاً لله تعالى، كحدّ الخمر والسرقة والزنا، فلا تصحّ ، لأن الحدود مبناها على الدرء – أي الدفع – والإسقاط، طالما أنها حقوق لله تعالى، فالمطلوب منّا سترها والسعي في دفعها ما أمكن، وقطع الوسائل المؤدية إليها، والكفالة بها إظهار لها وسعي في تأكيدها وتوسيعها فلا تصحّ.
أحكام أُخرى تتعلق بالكفالة بالبدن ، منها:
1= مكان تسليم المكفول ووقته: فإذا شرط الكفيل وقتاً معيناً لتسليم المكفول لزمه احضاره فيه اذا طالب المكفول له بإحضاره ، وفاء بما التزمه، فإذا احضره فقد وفى ما عليه، وان لم يحضره حبسه الحاكم لامتناعه عن إيفاء ما استحق عليه.
فإن غاب
المكفول – وجهل الكفيل مكانه – لم يلزمه إحضاره ، لعذره في ذلك، ويقبل قوله في
دعوى جهالة مكانه بيمينه.
وإن علم مكانه لزمه إحضاره ، إن أمِنَ على نفسه في الطريق وغلبت السلامة، ويُمهل مدة الذهاب والإياب حسب العادة والإمكان.
فإن مضت المدة التي أمهله إياها ولم يحضر المكفول حبسه ايضاً إلا إذا أدّى ما على المكفول من الدَّيْن، لأنه مقصِّر في تسليم ما وجب عليه تسليمه وهو المكفول.
وإذا حبسه استمر بحبسه إلى أن يتعذر إحضار الغائب، بموت أو جهل بموضعه أو بإقامته عند مَن يحميه ويمنعه من أن يصل إليه أحد.
وإذا أدى الدين حتى لا يُحبس ، ثم جاء الغائب المكفول ، كان له استرداد ما أدّاه إن كان باقياً على حاله، أو بدله إن كان قد استهلك ، لأنه ليس متبرعاً بأدائه ، هذا من حيث الزمان.
وأما من حيث مكان التسليم: فإن كان الكفيل قد عَيَّن مكاناً لتسليم المكفول تعيّن إن كان صالحاً للتسليم ، تبعاً لشرطه ، فإن لم يكن صالحا لذلك، أو كان له مؤونة حُمل على اقرب مكان اليه، ويشترط في هذا إذن المكفول، فإن لم يأذن فسدت، وإذا لم يعيّن مكاناً للتسليم فمكانه مكان الكفالة إن كان صالحاً لذلك، وإن لم يكن صالحاً تعيَّن أقرب مكان لمكان الكفالة يصلح لهذا.
2= يبرأ الكفيل إذا سلم المكفول في مكان التسليم على ما علمت ، ويُشترط أن لا يكون هناك حائل يمنع المكفول له من الوصول الى حقه، لقيام الكفيل بما التزمه، فإذا سلّمه في موضع التسليم، وكان هناك حائل يمنعه من الوصول الى حقه، كذى منعة يمنعه منه ، فلا يبرأ الكفيل، لعدم حصول المقصود بتسليمه.
وإن علم مكانه لزمه إحضاره ، إن أمِنَ على نفسه في الطريق وغلبت السلامة، ويُمهل مدة الذهاب والإياب حسب العادة والإمكان.
فإن مضت المدة التي أمهله إياها ولم يحضر المكفول حبسه ايضاً إلا إذا أدّى ما على المكفول من الدَّيْن، لأنه مقصِّر في تسليم ما وجب عليه تسليمه وهو المكفول.
وإذا حبسه استمر بحبسه إلى أن يتعذر إحضار الغائب، بموت أو جهل بموضعه أو بإقامته عند مَن يحميه ويمنعه من أن يصل إليه أحد.
وإذا أدى الدين حتى لا يُحبس ، ثم جاء الغائب المكفول ، كان له استرداد ما أدّاه إن كان باقياً على حاله، أو بدله إن كان قد استهلك ، لأنه ليس متبرعاً بأدائه ، هذا من حيث الزمان.
وأما من حيث مكان التسليم: فإن كان الكفيل قد عَيَّن مكاناً لتسليم المكفول تعيّن إن كان صالحاً للتسليم ، تبعاً لشرطه ، فإن لم يكن صالحا لذلك، أو كان له مؤونة حُمل على اقرب مكان اليه، ويشترط في هذا إذن المكفول، فإن لم يأذن فسدت، وإذا لم يعيّن مكاناً للتسليم فمكانه مكان الكفالة إن كان صالحاً لذلك، وإن لم يكن صالحاً تعيَّن أقرب مكان لمكان الكفالة يصلح لهذا.
2= يبرأ الكفيل إذا سلم المكفول في مكان التسليم على ما علمت ، ويُشترط أن لا يكون هناك حائل يمنع المكفول له من الوصول الى حقه، لقيام الكفيل بما التزمه، فإذا سلّمه في موضع التسليم، وكان هناك حائل يمنعه من الوصول الى حقه، كذى منعة يمنعه منه ، فلا يبرأ الكفيل، لعدم حصول المقصود بتسليمه.
فإذا سلّمه في
غير مكان التسليم ، ولم يرضَ المكفول له ان يتسلمه ، فلا يجبر على استلامه اذا
امتنع لغرض، كأن يكون له في مكان التسليم بيِّنة أو مَن يعينه على الوصول إلى حقه
فإن لم يكن له غرض في امتناعه أجبره الحاكم على استلامه ، فإن أبى استلمه عنه، فإن
فقد الحاكم اشهد الكفيل على تسليمه له ، وبرئ.
وكما يبرأ الكفيل إذا سلم المكفول بالشروط السابقة يبرأ أيضاً إذا سلم المكفول نفسه، فإن أبى استلامه أجبر على ذلك على ما سبق من تفصيل في تسليم الكفيل له. ولا يكفي مجرد حضور المكفول ، بل لا بدّ من أن يقول: سّلمت نفسي عن فلان.
3= ويبرأ الكفيل فيما إذا مات المكفول ودُفن، أو توارى ولم يعرف محله، ولا يُطالب بما عليه من حق ، لأنه التزم إحضار المكفول، ولم يضمن ما عليه من حقوق.
4= لو شرط في الكفالة بالنفس: أنه إن عجز الكفيل عن إحضار المكفول ضمن ما عليه من الحق بطلت الكفالة على الاصح . لأنه شرط ينافي مقتضى الكفالة بالنفس، لأن مقتضاها عدم الغرم بالمال، لأنها ليست ضماناً بالمال.
5= يبرأ الكفيل من المطالبة بإحضار المكفول اذا أبرأه المكفول له من ذلك، لأنه ملتزم بإحضره لحق المكفول له، وقد تنازل عن حقه، فلا مطالبة.
6= يشترط في الكفالة بالنفس رضا المكفول على الأصح، لأن الكفيل فيها لا يغرم المال عند العجز، فلا فائدة لها إذن إلا احضار المكفول ولا يلزمه الحضور مع الكفيل إذا لم يكن راضياً بكفالته له.
والأصح أنه لا يشترط رضا المكفول له، لأنها وثيقة له فتصحّ من غير رضاه كالشهادة ، وكذلك هي التزام حق له من غير عوض يدفعه ، فلا يعتبر رضاه فيها.
أحكام الكفالة بالمال
*=*=*=*=*=*=
الكفالة بالمال هي ما يسمى بالضمان ، وهي: أن يلتزم إنسان أداء ما في ذمة من مال إذا لم يؤدّه المدين. وهي أحد نوعي الكفالة كما سبق.
وكما يبرأ الكفيل إذا سلم المكفول بالشروط السابقة يبرأ أيضاً إذا سلم المكفول نفسه، فإن أبى استلامه أجبر على ذلك على ما سبق من تفصيل في تسليم الكفيل له. ولا يكفي مجرد حضور المكفول ، بل لا بدّ من أن يقول: سّلمت نفسي عن فلان.
3= ويبرأ الكفيل فيما إذا مات المكفول ودُفن، أو توارى ولم يعرف محله، ولا يُطالب بما عليه من حق ، لأنه التزم إحضار المكفول، ولم يضمن ما عليه من حقوق.
4= لو شرط في الكفالة بالنفس: أنه إن عجز الكفيل عن إحضار المكفول ضمن ما عليه من الحق بطلت الكفالة على الاصح . لأنه شرط ينافي مقتضى الكفالة بالنفس، لأن مقتضاها عدم الغرم بالمال، لأنها ليست ضماناً بالمال.
5= يبرأ الكفيل من المطالبة بإحضار المكفول اذا أبرأه المكفول له من ذلك، لأنه ملتزم بإحضره لحق المكفول له، وقد تنازل عن حقه، فلا مطالبة.
6= يشترط في الكفالة بالنفس رضا المكفول على الأصح، لأن الكفيل فيها لا يغرم المال عند العجز، فلا فائدة لها إذن إلا احضار المكفول ولا يلزمه الحضور مع الكفيل إذا لم يكن راضياً بكفالته له.
والأصح أنه لا يشترط رضا المكفول له، لأنها وثيقة له فتصحّ من غير رضاه كالشهادة ، وكذلك هي التزام حق له من غير عوض يدفعه ، فلا يعتبر رضاه فيها.
أحكام الكفالة بالمال
*=*=*=*=*=*=
الكفالة بالمال هي ما يسمى بالضمان ، وهي: أن يلتزم إنسان أداء ما في ذمة من مال إذا لم يؤدّه المدين. وهي أحد نوعي الكفالة كما سبق.
وهي مشروعة
كما علمنا، لما ذكرنا من الأدلة عند الكلام عن مشروعية الكفالة العامة، فيدخل فيها
الضمان دخولاً أولياً، وقد أجمع المسلمون في كل العصور على مشروعيتها.
ولقد علمت الصيغة التي تنعقد بها هذه الكفالة، كما علمت أركانها وشروطها فيما سبق، وإليك الآن بعض أحكامها:
مطالبة الكفيل والمكفول عنه:
إذا ضمن شخص ما في ذمة غيره ثبت لصاحب هذا الدَّيْن حق مطالبته به، ولا يعني ذلك براءة ذمة المدين الأصيل المكفول عنه، بل لصاحب الحق مطالبته أيضاً، لأن ذمته هي المشغولة بالدَّيْن أصلاً، وانضم إليها انشغال ذمة الضامن به ، ولأن الضمان وثيقة للدَّيْن كالرهن والصك، فلا يتحول من ذمّة المدين الى الوثيقة إذا وجدت.
ولهذا لو شرط في عقد الضمان أن يبرأ الأصيل من الدين لم يصحّ الضمان، لأن الضمان توثيق للدَّيْن ، وهذا الشرط ينافيه، لأن التوثيق يحصل بضمّ ذمّة أُخرى إلى ذمّة الأصيل ، لا ببراءتها.
وقد دلّ على هذا ما جاء في حديث أبي قتادة رضى الله عنه: فتحملهما أبو قتادة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بيوم: "ما فعل الديناران؟" قال: إنما مات امس، ثم أعاد عليه بالغد، قال: قد قضيته. قال: "الآن بردت عليه جلده". (اخرجه احمد في مسنده: 3/330 من حديث جابر رضى الله عنه).
ولقد علمت الصيغة التي تنعقد بها هذه الكفالة، كما علمت أركانها وشروطها فيما سبق، وإليك الآن بعض أحكامها:
مطالبة الكفيل والمكفول عنه:
إذا ضمن شخص ما في ذمة غيره ثبت لصاحب هذا الدَّيْن حق مطالبته به، ولا يعني ذلك براءة ذمة المدين الأصيل المكفول عنه، بل لصاحب الحق مطالبته أيضاً، لأن ذمته هي المشغولة بالدَّيْن أصلاً، وانضم إليها انشغال ذمة الضامن به ، ولأن الضمان وثيقة للدَّيْن كالرهن والصك، فلا يتحول من ذمّة المدين الى الوثيقة إذا وجدت.
ولهذا لو شرط في عقد الضمان أن يبرأ الأصيل من الدين لم يصحّ الضمان، لأن الضمان توثيق للدَّيْن ، وهذا الشرط ينافيه، لأن التوثيق يحصل بضمّ ذمّة أُخرى إلى ذمّة الأصيل ، لا ببراءتها.
وقد دلّ على هذا ما جاء في حديث أبي قتادة رضى الله عنه: فتحملهما أبو قتادة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بيوم: "ما فعل الديناران؟" قال: إنما مات امس، ثم أعاد عليه بالغد، قال: قد قضيته. قال: "الآن بردت عليه جلده". (اخرجه احمد في مسنده: 3/330 من حديث جابر رضى الله عنه).
فقوله :
"الآن بردت عليه جلده" يدل على ان الدَّيْن لم يتحوّل عن المدين ولم
تبرأ منه ذمته بمجرد الضمان، ولو كان كذلك لبردت عليه جلده من حين الضمان. وإذا لم
تبرأ ذمة المدين الأصيل من الدين فلصاحبه مطالبته به، كما يطالب الضامن لأنه التزم
ذلك، فإذا حضر الكفيل الضامن والأصيل المضمون عنه، وكلاهما موسر ، فلصاحب الدَّيْن
أن يطلبه ويأخذه من أيّهما شاء، لأن الأصيل الدَّيْن ثابت في ذمته أصلاً، وأما
الكفيل : فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الزعيم غارم" . والزعيم
هو الكفيل ، فيغرم الدين ويطالب به اذا لم يؤدّه المدين: (الحديث اخرجه الترمذي في
البيوع، باب: ما جاء في ان العارية مؤداة، رقم:1265 وغيره).
براءة الكفيل ببراءة الأصيل:
إذا أبرأ صاحب الحق المدين الأصيل من الدَّيْن برئ الضامن من المطالبة به ، لأنه تبع للأصيل ، وضمانه توثيق للدَّيْن، فإذا سقط الدَّيْن بالإبراء فقد سقطت الوثيقة.
وأما إذا أبرأ صاحب الحق الكفيل من ضمانه، أو من الدَّيْن والمطالبة به، فإنه لا تبرأ بذلك ذمة المدين الأصيل ، وإنما تبرأ ذمة الضاضمن وحده. لأن إبراء الكفيل إسقاط لوثيقة الدين من غير قبض له، فلا يسقط الدَّيْن بإسقاط الوثيقة ، كتمزيق الصك وفسخ الرهن.
ويتعلق بهذا ما إذا ضمن الضامن ضامن آخر، وهو ضمان صحيح، لأن الدين المضمون لازم وثابت في ذمته ، فصحّ ضمانه ، وعليه : يعتبر الدين ثابتاً في ذمم ثلاثة: الأصيل والضامن الأول والضامن الثاني، ولصاحب الحق أن يطالب أيّهم شاء.
فإذا أبرأ الاصيل برئت ذمم الجميع ، وإذا أبرأ الضامن الأول برئت ذمة الضامن الثاني أيضاً معها ولم تبرأ ذمة الأصيل، وإذا أبرأ الضامن الثاني برئ وحده ، ولم تبرأ ذمة الضامن الأول ولا ذمّة الأصيل.
مطالبة الكفيل الاصيل بتخليصه:
إذا طالب الدائنُ صاحب الحق الكفيلَ بالدَّيْن ، فهل للكفيل أن يطالب الأصيل المكفول بأداء الدين ، ليخلصه من المطالبة ؟ يُنظر:
براءة الكفيل ببراءة الأصيل:
إذا أبرأ صاحب الحق المدين الأصيل من الدَّيْن برئ الضامن من المطالبة به ، لأنه تبع للأصيل ، وضمانه توثيق للدَّيْن، فإذا سقط الدَّيْن بالإبراء فقد سقطت الوثيقة.
وأما إذا أبرأ صاحب الحق الكفيل من ضمانه، أو من الدَّيْن والمطالبة به، فإنه لا تبرأ بذلك ذمة المدين الأصيل ، وإنما تبرأ ذمة الضاضمن وحده. لأن إبراء الكفيل إسقاط لوثيقة الدين من غير قبض له، فلا يسقط الدَّيْن بإسقاط الوثيقة ، كتمزيق الصك وفسخ الرهن.
ويتعلق بهذا ما إذا ضمن الضامن ضامن آخر، وهو ضمان صحيح، لأن الدين المضمون لازم وثابت في ذمته ، فصحّ ضمانه ، وعليه : يعتبر الدين ثابتاً في ذمم ثلاثة: الأصيل والضامن الأول والضامن الثاني، ولصاحب الحق أن يطالب أيّهم شاء.
فإذا أبرأ الاصيل برئت ذمم الجميع ، وإذا أبرأ الضامن الأول برئت ذمة الضامن الثاني أيضاً معها ولم تبرأ ذمة الأصيل، وإذا أبرأ الضامن الثاني برئ وحده ، ولم تبرأ ذمة الضامن الأول ولا ذمّة الأصيل.
مطالبة الكفيل الاصيل بتخليصه:
إذا طالب الدائنُ صاحب الحق الكفيلَ بالدَّيْن ، فهل للكفيل أن يطالب الأصيل المكفول بأداء الدين ، ليخلصه من المطالبة ؟ يُنظر:
فإن كان
الضمان بإذن الاصيل المضمون عنه كان للكفيل الحق في أن يطالبه بتخليصه من المطالبة
بأداء الدَّيْن، لأنه لزمته المطالبة والأداء عنه بإذنه وأمره ، فكان له حق
مطالبته بتبرئة ذمته.
وإن كان الضمان بغير إذن الأصيل لم يكن للضامن الكفيل حق مطالبته بذلك ، لأنه لم يلتزم ما غرِّم به بإذنه، فلا يلزمه تبرئته وتخليصه منه.
هذا إذا طالب صاحب الحق الكفيل بالدَّيْن ، فأما إذا لم يطالبه به: فالأصح أنه ليس له مطالبة الاصيل بتخليصه من التزاه طالما أنه لم يطالب بذلك.
حلول الدَّيْن المؤجل بالموت:
إذا مات الكفيل أو المكفول عنه حلّ الدَّيْن المؤجّل في حقه، وبقى الأجل في حق الطرف الثاني، لأن الموت مبطل للأجل ، وقد وجد في حق أحدهما ولم يوجد في حق الآخر، والأجل منفعة له فلا يبطل في حق.
فإن كان المتوفّي هو الأصيل: فللضامن الكفيل أن يطالب صاحب الدَّيْن بأخذ الدَّيْن من تَرِكَته قبل أن يقتسمها الورثة ، أو إبرائه من الكفالة ، لأن التَرِكَة قد تذهب إلى أن يحين الأجل ، فيغرّم هو.
وإن كان الميت هو الكفيل، وأخذ صاحب الدَّيْن دينه من تَركَته، فليس لورثته الرجوع على المكفول عنه قبل حلول أجل الدَّيْن، لأن الأجل باقٍ في حقه.
رجوع الكفيل على المكفول بما أدى عنه:
إذا أدّى المكفول عنه الدَّيْن برئت ذمته منه، كما تبرأ ذمة الكفيل، لأن ذمته شُغلت وثيقة بحق صاحب الدَّيْن ، فانتهت الوثيقة بقبض الحق.
وكذلك تبرأ ذمتهما من حق المكفول له صاحب الدَّيْن إذا قضاه الكفيل، لأن صاحب الحق قد استوفاه من الوثيقة وهو الكفيل، فبرئت ذمة مَن عليه الحق وهو الأصيل ، وتبرأ ذمة الكفيل تبعاً له ، كما علمت.
وفي هذه الحالة : هل يرجع الكفيل على الاصيل بماأداه عنه ام لا؟ يُنظر:
أ- فإن كان الضمان والأداء بإذن المضمون عنه رجع الكفيل عليه، لأنه ضمن وغرم بإذنه.
وإن كان الضمان بغير إذن الأصيل لم يكن للضامن الكفيل حق مطالبته بذلك ، لأنه لم يلتزم ما غرِّم به بإذنه، فلا يلزمه تبرئته وتخليصه منه.
هذا إذا طالب صاحب الحق الكفيل بالدَّيْن ، فأما إذا لم يطالبه به: فالأصح أنه ليس له مطالبة الاصيل بتخليصه من التزاه طالما أنه لم يطالب بذلك.
حلول الدَّيْن المؤجل بالموت:
إذا مات الكفيل أو المكفول عنه حلّ الدَّيْن المؤجّل في حقه، وبقى الأجل في حق الطرف الثاني، لأن الموت مبطل للأجل ، وقد وجد في حق أحدهما ولم يوجد في حق الآخر، والأجل منفعة له فلا يبطل في حق.
فإن كان المتوفّي هو الأصيل: فللضامن الكفيل أن يطالب صاحب الدَّيْن بأخذ الدَّيْن من تَرِكَته قبل أن يقتسمها الورثة ، أو إبرائه من الكفالة ، لأن التَرِكَة قد تذهب إلى أن يحين الأجل ، فيغرّم هو.
وإن كان الميت هو الكفيل، وأخذ صاحب الدَّيْن دينه من تَركَته، فليس لورثته الرجوع على المكفول عنه قبل حلول أجل الدَّيْن، لأن الأجل باقٍ في حقه.
رجوع الكفيل على المكفول بما أدى عنه:
إذا أدّى المكفول عنه الدَّيْن برئت ذمته منه، كما تبرأ ذمة الكفيل، لأن ذمته شُغلت وثيقة بحق صاحب الدَّيْن ، فانتهت الوثيقة بقبض الحق.
وكذلك تبرأ ذمتهما من حق المكفول له صاحب الدَّيْن إذا قضاه الكفيل، لأن صاحب الحق قد استوفاه من الوثيقة وهو الكفيل، فبرئت ذمة مَن عليه الحق وهو الأصيل ، وتبرأ ذمة الكفيل تبعاً له ، كما علمت.
وفي هذه الحالة : هل يرجع الكفيل على الاصيل بماأداه عنه ام لا؟ يُنظر:
أ- فإن كان الضمان والأداء بإذن المضمون عنه رجع الكفيل عليه، لأنه ضمن وغرم بإذنه.
ب- وإن كان
الضمان بإذن من المضمون عنه ، والأداء بغير إذنه: فالأصح – ايضاً – أنه يرجع عليه
بما أدّاه عنه ، لأن الضمان سبب الأداء ، وقد أذن فيه.
ج- وإن كان الضمان والأداء بغير إذن المضمون عنه لم يرجع الكفيل عليه بشئ مما أدّاه عنه، لأنه قضى دَيْن غيره بغير إذنه، فهو متبرِّع ، والمتبرِّع لا يرجع مبما تبرّع به.
د- وإن كان الضمان بغير إذن من المضمون عنه، وكان الأداء بإذن منه: فالأصح أنه لا يرجع الكفيل على الأصيل بما أدّى عنه، لأن سبب وجوب الأداء هو الضمان، وهو لم يأذن فيه ، فكان في معنى المتبرّع بوفاء دَيْن غيره.
وفي حال الرجوع على المكفول عنه، فبماذا يرجع عليه؟
لا شك أنه لو أدى عنه الدَّيْن الذي كان في ذمته بنفس صفته فإنه يرجع به عليه، لأنه هو الذي برئت به ذمّة المكفول عنه ، وهو الذي غرمه الكفيل في نفس الوقت.
وإذا أدّى عنه غير ما ثبت في ذمته: فالأصح أنه يرجع عليه بما أدّاه إذا كان أقل من الدَّيْن، لأنه هو الذي غرمه وبذله، فإن كان أكثر من الدَّيْن رجع بمقدار الدَّيْن، لأنه هو الذي كان ثابتاً في ذمة الأصيل، وبرئت منه بالأداء عنه ، فلو كان له في ذمته ألف صحيحة مثلاً، فأدى عنها ألفاً معيبة ، رجع بالمعيبة ،ولو صالح عن الألف بخمسمائة رجع بخمسمائة فقط.
ولو صالح عن الألف بسلعة تساوي ثمانمائة رجع بها أيضاً.
ولو كان الشئ الذي صالح عليه يساوي الفاً ومائة – مثلاً – رجع بالألف وحده.
دعوى الضامن قضاء الدَّيْن:
إذا ادّعى الكفيل الضامن قضاء الدَّيْن عن الأصيل ، فإما أن يقرّ بذلك المكفول له أو ينكر ذلك:
ج- وإن كان الضمان والأداء بغير إذن المضمون عنه لم يرجع الكفيل عليه بشئ مما أدّاه عنه، لأنه قضى دَيْن غيره بغير إذنه، فهو متبرِّع ، والمتبرِّع لا يرجع مبما تبرّع به.
د- وإن كان الضمان بغير إذن من المضمون عنه، وكان الأداء بإذن منه: فالأصح أنه لا يرجع الكفيل على الأصيل بما أدّى عنه، لأن سبب وجوب الأداء هو الضمان، وهو لم يأذن فيه ، فكان في معنى المتبرّع بوفاء دَيْن غيره.
وفي حال الرجوع على المكفول عنه، فبماذا يرجع عليه؟
لا شك أنه لو أدى عنه الدَّيْن الذي كان في ذمته بنفس صفته فإنه يرجع به عليه، لأنه هو الذي برئت به ذمّة المكفول عنه ، وهو الذي غرمه الكفيل في نفس الوقت.
وإذا أدّى عنه غير ما ثبت في ذمته: فالأصح أنه يرجع عليه بما أدّاه إذا كان أقل من الدَّيْن، لأنه هو الذي غرمه وبذله، فإن كان أكثر من الدَّيْن رجع بمقدار الدَّيْن، لأنه هو الذي كان ثابتاً في ذمة الأصيل، وبرئت منه بالأداء عنه ، فلو كان له في ذمته ألف صحيحة مثلاً، فأدى عنها ألفاً معيبة ، رجع بالمعيبة ،ولو صالح عن الألف بخمسمائة رجع بخمسمائة فقط.
ولو صالح عن الألف بسلعة تساوي ثمانمائة رجع بها أيضاً.
ولو كان الشئ الذي صالح عليه يساوي الفاً ومائة – مثلاً – رجع بالألف وحده.
دعوى الضامن قضاء الدَّيْن:
إذا ادّعى الكفيل الضامن قضاء الدَّيْن عن الأصيل ، فإما أن يقرّ بذلك المكفول له أو ينكر ذلك:
فإن أقرّ
المكفول له بذلك رجع الضامن بما أدّاه على الأصيل المكفول عنه، لتبرئته لذمته
وسقوط المطالبة عنه بإقرار صاحب الحق ، ولو أنكر المضمون عنه ذلك لم يُلتفت إلى
إنكاره ، لأن ما في ذمته حق للمضمون له ، فإذا اعترف بالقبض من الضامن فقد اعترف
بأن الحق الذي كان له قد صار حقاً للضامن، فيقبل إقراره لكونه في حق نفسه.
وإن أنكر المكفول له ذلك ينظر:
فإن كان للضامن بيّنة على الأداء قضى بها، ورجع على المضمون عنه بما أدّاه.
وإن لم يكن له بيِّنة على الأداء فالقول قول المكفول له بيمينه، لأنه منكر للقبض، والأصل عدمه، والكفيل مقصِّر بترك الإشهاد ، فإذا حلف كان له أن يطالب مَن شاء من الضامن أو الأصيل، لأن حقه ثابت في ذمّتهما ، فإذا طالب الكفيل وقضاه الدَّيْن يُنظر:
فإن كان قضاه في غَيْبة المكفول عنه: فلا رجوع له على الأصيل قولاً واحداً إنْ كذّبه في دعواه ، لأنه منكر للأداء ، والأصل عدمه، وكذلك إنْ صدّقه، فلا رجوع له عليه في الأصح، لأنه لم ينتفع بأدائه عنه، ولم تسقط المطالبة ، فلا رجوع عليه طالما أنه لم يُبرئ ذمته، لأنه هو المقصّر في عدم إشهاده على القضاء.
وإن كان قضاءه في حضور المكفول عنه رجع عليه في الأصح، وإن كان قضاء الكفيل لم يبرئ ذمته من الدَّيْن ولم يسقط المطالبة عنه، لأنه في هذه الحالة هو المقصِّر في ترك التحفّظ لحقه وطلب الإشهاد على الدفع ، فكان عليه ان يحتاط لنفسه ، فهو المقصّر إذن دون الضامن.
ضمان الأعيان
إذا ضمن شخص لآخر ان يردّ له العين التي يملكها من يد غيره، يُنظر:
فإن كانت العين أمانة في يد مَن هي بيده – كالوديعة – لم يصح ضمانها ، لأنها إذا لم يجب ضمانها على من هي عنده فمن باب أولى أن لا يجب ضمانها على غيره الذي يضمنها.
وإن كانت العين مضمونة على مَن هي في يده – كالعين المغصوبة، والمستعارة ، والمقبوضة على سوم الشراء ، والمبيع قبل قبض المشتري له من البائع – صحّ ضمانها.
وإن أنكر المكفول له ذلك ينظر:
فإن كان للضامن بيّنة على الأداء قضى بها، ورجع على المضمون عنه بما أدّاه.
وإن لم يكن له بيِّنة على الأداء فالقول قول المكفول له بيمينه، لأنه منكر للقبض، والأصل عدمه، والكفيل مقصِّر بترك الإشهاد ، فإذا حلف كان له أن يطالب مَن شاء من الضامن أو الأصيل، لأن حقه ثابت في ذمّتهما ، فإذا طالب الكفيل وقضاه الدَّيْن يُنظر:
فإن كان قضاه في غَيْبة المكفول عنه: فلا رجوع له على الأصيل قولاً واحداً إنْ كذّبه في دعواه ، لأنه منكر للأداء ، والأصل عدمه، وكذلك إنْ صدّقه، فلا رجوع له عليه في الأصح، لأنه لم ينتفع بأدائه عنه، ولم تسقط المطالبة ، فلا رجوع عليه طالما أنه لم يُبرئ ذمته، لأنه هو المقصّر في عدم إشهاده على القضاء.
وإن كان قضاءه في حضور المكفول عنه رجع عليه في الأصح، وإن كان قضاء الكفيل لم يبرئ ذمته من الدَّيْن ولم يسقط المطالبة عنه، لأنه في هذه الحالة هو المقصِّر في ترك التحفّظ لحقه وطلب الإشهاد على الدفع ، فكان عليه ان يحتاط لنفسه ، فهو المقصّر إذن دون الضامن.
ضمان الأعيان
إذا ضمن شخص لآخر ان يردّ له العين التي يملكها من يد غيره، يُنظر:
فإن كانت العين أمانة في يد مَن هي بيده – كالوديعة – لم يصح ضمانها ، لأنها إذا لم يجب ضمانها على من هي عنده فمن باب أولى أن لا يجب ضمانها على غيره الذي يضمنها.
وإن كانت العين مضمونة على مَن هي في يده – كالعين المغصوبة، والمستعارة ، والمقبوضة على سوم الشراء ، والمبيع قبل قبض المشتري له من البائع – صحّ ضمانها.
ويشترط في هذا
الضمان: أن يأذنه فيه مَن كانت العين تحت يده، أو أن يكون الضامن قادراً على
انتزاع العين منه.
فإذا صحّ الضمان: برئت ذمة الضامن بردّ العين للمضمون له.
وإن ضمن أن يردّ القيمة إن تلفت العين لم يصحّ الضمان، لأنه ضمان لدَيْن لم يثبت ، وقد علمت أن من شرط صحة الضمان أن يكون المضمون ديناً ثابتاً، وقيمة العين لا تثبت إلا بهلاك العين، فإذا ضمنها والعين قائمة لم يصحّ، لأنها لم تثبت بعد، فكان ضماناً لدَيْن لم يثبت ، فلم يصح.
الباب العاشر
الوكَالَة
الوكَالَة
تعريفها:
الوكالة – في اللغة – بفتح الواو وكسرها ، وتطلق على معانٍ ، منها:
الحفظ، ومن ذلك قوله تعالى : "حسبُنا الله ونعم الوكيل" (آل عمران:173) : أي الحافظ.
التفويض، ومنه قوله تعالى : (وتوكّل على الله) (الأنفال :61) أي فوِّض أمرك إليه.
وفي اصطلاح الفقهاء: هي تفويض شخص ما له فعله ، مما يقبل النيابة ، إلى غيره، بصيغ ، ليفعله في حياته.
أي ان يفوّض المرء غيره بالقيام بتصرّف يملك هذا المفَوِّض القيام به بنفسه، ليقوم به عنه في حال حياته، أي حياة المفوِّض ، على أن يكون هذا الفعل تصحّ النيابة فيه، وسيتضح معنا التعريف على وجهه الكامل من خلال الكلام عن أركان الوكالة وشروطها وأحكامها.
مشروعية الوكالة:
الوكالة مشروعة ، وقد ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنّة وحصل على ذلك الإجماع:
أما الكتاب : فقوله تعالى : (وإن خِفْتُم شِقاقَ بينهما فابعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها) (النساء :35) أي إذا حصل نزاع بين الزوجين واشتدّ ، ولم يتوافقا ، فيُعيِّن حَكَمان يكونان وكيلين عنهما ينظران في الأمر ، وهذا النص وإن كان خاصاً بشأن الزوجين – فهو عام في مشروعية الوكالة.
ويُستأنس لهذا أيضاً بقوله تعالى: "فأبعثوا أحَدَكُم بِوَرِقِكُم هذه إلى المدينة فلينظر أيُّها أزكى طعاماً فليأتِكُمْ برزقٍ منه" "الكهف:19" : فبعثُ واحد من الجماعة توكيل له منهم.
فإذا صحّ الضمان: برئت ذمة الضامن بردّ العين للمضمون له.
وإن ضمن أن يردّ القيمة إن تلفت العين لم يصحّ الضمان، لأنه ضمان لدَيْن لم يثبت ، وقد علمت أن من شرط صحة الضمان أن يكون المضمون ديناً ثابتاً، وقيمة العين لا تثبت إلا بهلاك العين، فإذا ضمنها والعين قائمة لم يصحّ، لأنها لم تثبت بعد، فكان ضماناً لدَيْن لم يثبت ، فلم يصح.
الباب العاشر
الوكَالَة
الوكَالَة
تعريفها:
الوكالة – في اللغة – بفتح الواو وكسرها ، وتطلق على معانٍ ، منها:
الحفظ، ومن ذلك قوله تعالى : "حسبُنا الله ونعم الوكيل" (آل عمران:173) : أي الحافظ.
التفويض، ومنه قوله تعالى : (وتوكّل على الله) (الأنفال :61) أي فوِّض أمرك إليه.
وفي اصطلاح الفقهاء: هي تفويض شخص ما له فعله ، مما يقبل النيابة ، إلى غيره، بصيغ ، ليفعله في حياته.
أي ان يفوّض المرء غيره بالقيام بتصرّف يملك هذا المفَوِّض القيام به بنفسه، ليقوم به عنه في حال حياته، أي حياة المفوِّض ، على أن يكون هذا الفعل تصحّ النيابة فيه، وسيتضح معنا التعريف على وجهه الكامل من خلال الكلام عن أركان الوكالة وشروطها وأحكامها.
مشروعية الوكالة:
الوكالة مشروعة ، وقد ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنّة وحصل على ذلك الإجماع:
أما الكتاب : فقوله تعالى : (وإن خِفْتُم شِقاقَ بينهما فابعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها) (النساء :35) أي إذا حصل نزاع بين الزوجين واشتدّ ، ولم يتوافقا ، فيُعيِّن حَكَمان يكونان وكيلين عنهما ينظران في الأمر ، وهذا النص وإن كان خاصاً بشأن الزوجين – فهو عام في مشروعية الوكالة.
ويُستأنس لهذا أيضاً بقوله تعالى: "فأبعثوا أحَدَكُم بِوَرِقِكُم هذه إلى المدينة فلينظر أيُّها أزكى طعاماً فليأتِكُمْ برزقٍ منه" "الكهف:19" : فبعثُ واحد من الجماعة توكيل له منهم.
[بِورِقِكم :
هي الفضة المصكوكة. أزكى : أطيب وأمتع. برزق : بطعام ونحوه].
وكذلك قوله تعالى: "اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه ابي يأت بصيرا" (يوسف : 93) فقد وكلهم بالذهاب بالقميص والقائه على وجه ابيه.
وقلنا : يستأنس بهاتين الآيتين لأنهما واردتان في القرآن حكاية عن شرع من قبلنا ، وقد تكرر منا القول : ان شرع من قبلنا ليس بشرع لنا.
وأما السنّة: فأحاديث كثيرة، منها:
ما رواه أصحاب السِّيَر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكّل عمرو بن أُمية الضمري رضى الله عنه في قبول نكاح أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضى الله عنهما.
ما رواه رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالاً ، وبنى بها حلالا، وكنت السفير بينهما. (اخرجه الترمذي في ابواب الحج، باب: ما جاء في كراهية تزويج المحرم، رقم:841).
[حللاً : أي غير محرم بحج أو عمرة، بنى بها: أي دخل. السفير : هو الذي يقوم بالاصلاح وتحقيق الوفاق بين اثنين ونحوهما].
وما رواه عروة البارقي رضى الله عنه قال: دفع إلىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً لأشتري له شاة، فاشتريت له شاتين ، فبعت إحداهما بدينار، وجئت بالشاة والدينار الى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر له ما كان من أمره ، فقال له : "بارك الله لك في صفقة يمينك". (أخرجه البخاري في المناقب ، باب: سؤال المشركين ان يُريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية..، رقم: 3443. والترمذي في أبواب البيوع، باب: حدثنا ابو كريب ، رقم:1258).
وسيأي مزيد من الأحاديث خلال البحث.
وهذا الذي دلتّ عليه الآيات والأحاديث هو موضع إجماع علماء الأمة في كل عصر من العصور.
حكمة تشريع الوكالة:
إن الله تعالى خلق الناس متفاوتين في المواهب والقدرات ، وفتح لهم أبوب الرزق ، ويسّر لكلٍّ منهم سبيلاً أو أكثر من سبل الكسب والمعاش.
وكذلك قوله تعالى: "اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه ابي يأت بصيرا" (يوسف : 93) فقد وكلهم بالذهاب بالقميص والقائه على وجه ابيه.
وقلنا : يستأنس بهاتين الآيتين لأنهما واردتان في القرآن حكاية عن شرع من قبلنا ، وقد تكرر منا القول : ان شرع من قبلنا ليس بشرع لنا.
وأما السنّة: فأحاديث كثيرة، منها:
ما رواه أصحاب السِّيَر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكّل عمرو بن أُمية الضمري رضى الله عنه في قبول نكاح أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضى الله عنهما.
ما رواه رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالاً ، وبنى بها حلالا، وكنت السفير بينهما. (اخرجه الترمذي في ابواب الحج، باب: ما جاء في كراهية تزويج المحرم، رقم:841).
[حللاً : أي غير محرم بحج أو عمرة، بنى بها: أي دخل. السفير : هو الذي يقوم بالاصلاح وتحقيق الوفاق بين اثنين ونحوهما].
وما رواه عروة البارقي رضى الله عنه قال: دفع إلىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً لأشتري له شاة، فاشتريت له شاتين ، فبعت إحداهما بدينار، وجئت بالشاة والدينار الى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر له ما كان من أمره ، فقال له : "بارك الله لك في صفقة يمينك". (أخرجه البخاري في المناقب ، باب: سؤال المشركين ان يُريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية..، رقم: 3443. والترمذي في أبواب البيوع، باب: حدثنا ابو كريب ، رقم:1258).
وسيأي مزيد من الأحاديث خلال البحث.
وهذا الذي دلتّ عليه الآيات والأحاديث هو موضع إجماع علماء الأمة في كل عصر من العصور.
حكمة تشريع الوكالة:
إن الله تعالى خلق الناس متفاوتين في المواهب والقدرات ، وفتح لهم أبوب الرزق ، ويسّر لكلٍّ منهم سبيلاً أو أكثر من سبل الكسب والمعاش.
فمن الناس مَن
أوتي القدرة والكفاءة التي تجعله على استعداد لأن يباشر جميع أعماله بنفسه ، إلا
أنه قد تتوالى عليه الشواغل وتتزاحم عليه الأعمال ، فيضطر إلى مساعدة الآخرين
والاستعانة بهم.
ومن الناس مَن لم يؤتَ من القدرة والكفاءة ما يؤهله للقيام بأعمال قد يكون و بأمسِّ الحاجة إليها.
وقد تكون لديه القدرة والكفاءة ، ولكن تنقصه الخبرة في عمل من الأعمال أو مصلحة من المصالح.
ومنهم مَن يكون صاحب حق ، ولكنه لم يؤتَ من الحجة واللسن، والفصاحة والبيان، ما يجعله قادراً على أن يظهر حقه ويدافع عن نفسه، وقد يكون خصمه الحن منه في حجته ، فيقلب باطله حقاً.
من اجل ذلك كله كانت الحجة ماسة لكثير من الناس ان يعتمد على غيره، ويستفيد من خبراته في بعض اعماله ، قليلة كانت ام كثيرة ، فكانت المصلحة في تشريع الوكالة ، سدا للحاجة وتيسيرا للمعاملة ، ورفعا للحرج الذي جاء شرع الله تعالى برفعه اذ قال: "ما جعل عليكم في الدين من حرج" (الحج : 78).
حكمها:
قلنا: إن الوكالة جائزة ومشروعة ، والأصل فيها الإباحة.
وقد تكون مندوبة : إن كانت إعانة على مندوب.
وقد تكون مكروهة : إن كان فيها إعانة على مكروه.
وقد تكون حراما: إن كان فيها إعانة على أمر محرم.
وقد تكون واجبة : إن توقف عليها دفع ضرر عن الموكل ، كما إذا وكله بشراء طعام مضطر إليه، وهو عاجز عن شرائه.
أركان الوكالة
للوكالة أركان أربعة، هي : الموكِّل والوكيل وصيغة العقد، والموكِّل فيه.
الركن الأول: الموكِّل:
وهو الذي يستعين بغيره، ليقوم ببعض التصرفات نيابة عنه. ويُشترط فيه: صحة مباشرته للتصرّف الذي وكل فيه بملك أو ولاية.
أي أن يكون له شرعاً حق التصرّف فيما أذن لغيره أن يقوم به، ويعتبر الشرع تصرّفه صحيحاً ويبني عليه آثاره وأحكامه.
ومن الناس مَن لم يؤتَ من القدرة والكفاءة ما يؤهله للقيام بأعمال قد يكون و بأمسِّ الحاجة إليها.
وقد تكون لديه القدرة والكفاءة ، ولكن تنقصه الخبرة في عمل من الأعمال أو مصلحة من المصالح.
ومنهم مَن يكون صاحب حق ، ولكنه لم يؤتَ من الحجة واللسن، والفصاحة والبيان، ما يجعله قادراً على أن يظهر حقه ويدافع عن نفسه، وقد يكون خصمه الحن منه في حجته ، فيقلب باطله حقاً.
من اجل ذلك كله كانت الحجة ماسة لكثير من الناس ان يعتمد على غيره، ويستفيد من خبراته في بعض اعماله ، قليلة كانت ام كثيرة ، فكانت المصلحة في تشريع الوكالة ، سدا للحاجة وتيسيرا للمعاملة ، ورفعا للحرج الذي جاء شرع الله تعالى برفعه اذ قال: "ما جعل عليكم في الدين من حرج" (الحج : 78).
حكمها:
قلنا: إن الوكالة جائزة ومشروعة ، والأصل فيها الإباحة.
وقد تكون مندوبة : إن كانت إعانة على مندوب.
وقد تكون مكروهة : إن كان فيها إعانة على مكروه.
وقد تكون حراما: إن كان فيها إعانة على أمر محرم.
وقد تكون واجبة : إن توقف عليها دفع ضرر عن الموكل ، كما إذا وكله بشراء طعام مضطر إليه، وهو عاجز عن شرائه.
أركان الوكالة
للوكالة أركان أربعة، هي : الموكِّل والوكيل وصيغة العقد، والموكِّل فيه.
الركن الأول: الموكِّل:
وهو الذي يستعين بغيره، ليقوم ببعض التصرفات نيابة عنه. ويُشترط فيه: صحة مباشرته للتصرّف الذي وكل فيه بملك أو ولاية.
أي أن يكون له شرعاً حق التصرّف فيما أذن لغيره أن يقوم به، ويعتبر الشرع تصرّفه صحيحاً ويبني عليه آثاره وأحكامه.
فإذا كان لا
تصحّ مباشرته لما أذن بالتصرّف فيه لم يصحّ توكيله، لأنه الأصل ، وإذا كان الأصل
غير قادر على التصرّف ، فنائبه غير قادر عليه من باب أولى.
فلمالك المال أن يوكِّل في التصرّف فيه، إذا كان بالغاً عاقلاً نافذ التصرف، أي غير محجور عليه ، لأنه يتصرّف في ملكه.
وكذلك لولىّ المال – كالأب والجدّ والوصي – أن يوكل غيره ليتصرف بمال من تحته ولايته، لأنه يملك هو مباشرة ذلك بسبب الولاية.
وللرجل البالغ العاقل أن يوكل أحداً في تزويجه ، لأنه يملك مباشرة ذلك بنفسه.
ولوليّ البكر العدل أن يوكِّل في نكاح ابنته أو غيرها ممّن تحت ولايته ، لأنه يصحّ منه مباشرة ذلك بنفسه.
وعليه :
فلا يصحّ توكيل الصبي أو المجنون أو المغمى عليه مطلقاً، لأنهم لا تصحّ منهم مباشرة التصرفات شرعاً.
ولا يصحّ توكيل المحجور عليه لسفه في تصرّف مالي، لأنه لا يملك مباشرته.
ولا يصحّ للأب الفاسق أن يوكل في تزويج ابنته، لأنه لا يملك مباشرة ذلك بنفسه ، وكذلك غيره من الأولياء.
والمرأة لا يصحّ منها أن تباشر عقد زواجها بنفسها، فكذلك لا يصحّ توكيلها فيه.
والمحرم بحج أو عمرة لا يجوز له أن يعقد زواج لنفسه، فكذلك لا يصحّ أن يوكِّل مَن يعقد له ذلك حال إحرامه، فلو وكّله ليعقد له بعد الإحرام صحّ.
ويستثنى من هذا الشرط:
الأعمى، فإنه لا يصحّ أن يباشر البيع والشراء ونحوهما مما يتوقف على الرؤية كما علمت، ويصح أن يوكّل في ذلك للضرورة، لأنه لو لم يصحّ توكيله فيها – والحال أنه لا تصحّ مباشرته لها – لكان في ذلك حرج عليه شديد.
الركن الثاني: الوكيل:
وهو الذي يقوم بالتصرّف نيابة عن غيره ، بإذن منه وتوكيل.
فلمالك المال أن يوكِّل في التصرّف فيه، إذا كان بالغاً عاقلاً نافذ التصرف، أي غير محجور عليه ، لأنه يتصرّف في ملكه.
وكذلك لولىّ المال – كالأب والجدّ والوصي – أن يوكل غيره ليتصرف بمال من تحته ولايته، لأنه يملك هو مباشرة ذلك بسبب الولاية.
وللرجل البالغ العاقل أن يوكل أحداً في تزويجه ، لأنه يملك مباشرة ذلك بنفسه.
ولوليّ البكر العدل أن يوكِّل في نكاح ابنته أو غيرها ممّن تحت ولايته ، لأنه يصحّ منه مباشرة ذلك بنفسه.
وعليه :
فلا يصحّ توكيل الصبي أو المجنون أو المغمى عليه مطلقاً، لأنهم لا تصحّ منهم مباشرة التصرفات شرعاً.
ولا يصحّ توكيل المحجور عليه لسفه في تصرّف مالي، لأنه لا يملك مباشرته.
ولا يصحّ للأب الفاسق أن يوكل في تزويج ابنته، لأنه لا يملك مباشرة ذلك بنفسه ، وكذلك غيره من الأولياء.
والمرأة لا يصحّ منها أن تباشر عقد زواجها بنفسها، فكذلك لا يصحّ توكيلها فيه.
والمحرم بحج أو عمرة لا يجوز له أن يعقد زواج لنفسه، فكذلك لا يصحّ أن يوكِّل مَن يعقد له ذلك حال إحرامه، فلو وكّله ليعقد له بعد الإحرام صحّ.
ويستثنى من هذا الشرط:
الأعمى، فإنه لا يصحّ أن يباشر البيع والشراء ونحوهما مما يتوقف على الرؤية كما علمت، ويصح أن يوكّل في ذلك للضرورة، لأنه لو لم يصحّ توكيله فيها – والحال أنه لا تصحّ مباشرته لها – لكان في ذلك حرج عليه شديد.
الركن الثاني: الوكيل:
وهو الذي يقوم بالتصرّف نيابة عن غيره ، بإذن منه وتوكيل.
ويشترط فيه
ايضاً: أن تصحّ مباشره للتصرّف المأذون فيه لنفسه: فإذا كان التصرّف الموكِّل فيه
لا يصحّ أن يباشره لنفسه لم يصحّ توكيله فيه، لأن تصرّف الإنسان لنفسه أقوى من
تصرفه لغيره، لأنه يتصرّف لنفسه بطريق الأصالة ، ويتصرف لغيره بطريق النيابة،
والأصالة أقوى من النيابة ، فإذا كان غير قادر على التصرّف بالأقوى، فهو غير قادر
عليه بالأضعف من باب أولى.
وبناءاً عليه:
فلا تصحّ الوكالة للصبي والمجنون والمغمى عليه، لعدم صحة مباشرتهم التصرفات كما علمت ، ويصحّ توكيل الصبي المميِّز في حج تطوع وذبح أُضحية وتفرقة زكاة، لأن هذه التصرفات تصحّ منه لنفسه.
والسفيه، لا يكون وكيلاً في التصرفات المالية.
والأعمى ، لا يصحّ أن يكون وكيلاً في تصرّف تتوقف صحته على الرؤية.
والمحرم بحج أو عمرة لا يصح أن يوكِّل في عقد نكاح، وكذلك المرأة ، لأنهما لا تصحّ منهما مباشرة ذلك لأنفسهما.
ويستثنى من هذا: توكيل الصبي المميز المأمون في الإذن بدخول الدار وإيصال هدية ونحوها على الصحيح، لتسامح السلف في ذلك، فيعتمد قوله فيها.
وكذلك يعتمد قوله في إخباره بدعوة صاحب الوليمة ، والفاسق وغير المسلم في هذا كالصبي، قال النووي رحمه الله تعالى: لا أعلم في جواز اعتمادهما خلافاً.
ويُشترط في الوكيل أيضاً: أن يكون معيّناً ، فلو قال لاثنين : وكّلت أحدكما ببيع داري ، لم يصح، وكذلك لو قال : وكّلت ببيع داري كلّ من أراد بيعها.
ويشترط في الوكيل أيضاً أن يكون عدلاً ، إذا كان وكيلاً عن القاضي ، أو كان وكيلاً عن الولىَّ في بيع مال مَن كان تحت ولايته.
الركن الثالث: صيغة عقد الوكالة:
وهي الإيجاب والقبول، ويشترط فيها شرطان ، وهما:
أن يكون من الموكِّل لفظ يدل على رضاه بالتوكيل ، صراحة أو كناية ، لأن المكلَّف ممنوع من التصرّف في حق غيره الا برضاه.
فالصريح: كقوله: وكّلتك ببيع داري، أو فوّضت إليك أمر بيعه.
وبناءاً عليه:
فلا تصحّ الوكالة للصبي والمجنون والمغمى عليه، لعدم صحة مباشرتهم التصرفات كما علمت ، ويصحّ توكيل الصبي المميِّز في حج تطوع وذبح أُضحية وتفرقة زكاة، لأن هذه التصرفات تصحّ منه لنفسه.
والسفيه، لا يكون وكيلاً في التصرفات المالية.
والأعمى ، لا يصحّ أن يكون وكيلاً في تصرّف تتوقف صحته على الرؤية.
والمحرم بحج أو عمرة لا يصح أن يوكِّل في عقد نكاح، وكذلك المرأة ، لأنهما لا تصحّ منهما مباشرة ذلك لأنفسهما.
ويستثنى من هذا: توكيل الصبي المميز المأمون في الإذن بدخول الدار وإيصال هدية ونحوها على الصحيح، لتسامح السلف في ذلك، فيعتمد قوله فيها.
وكذلك يعتمد قوله في إخباره بدعوة صاحب الوليمة ، والفاسق وغير المسلم في هذا كالصبي، قال النووي رحمه الله تعالى: لا أعلم في جواز اعتمادهما خلافاً.
ويُشترط في الوكيل أيضاً: أن يكون معيّناً ، فلو قال لاثنين : وكّلت أحدكما ببيع داري ، لم يصح، وكذلك لو قال : وكّلت ببيع داري كلّ من أراد بيعها.
ويشترط في الوكيل أيضاً أن يكون عدلاً ، إذا كان وكيلاً عن القاضي ، أو كان وكيلاً عن الولىَّ في بيع مال مَن كان تحت ولايته.
الركن الثالث: صيغة عقد الوكالة:
وهي الإيجاب والقبول، ويشترط فيها شرطان ، وهما:
أن يكون من الموكِّل لفظ يدل على رضاه بالتوكيل ، صراحة أو كناية ، لأن المكلَّف ممنوع من التصرّف في حق غيره الا برضاه.
فالصريح: كقوله: وكّلتك ببيع داري، أو فوّضت إليك أمر بيعه.
والكناية :
كقوله : أقمتك مقامي في ببيعه، أو أنبتك.
وينوب في الوكالة الكتابة والرسالة مناب النطق.
ويكفي من الوكيل ما يدل على القبول ، ولا يشترط فيه اللفظ ، بل يكفي الفعل، لأن التوكل إباحة للتصرّف ورفع للحجر الذي كان قبلها، فأشبه إباحة الطعام للضيف ، فلا يشترط فيها القبول لفظاً.
عدم تعليقها بشرط على الأصح ، كأن يقول : إن جاء زيد من سفره فأنت وكيلي بكذا، أو : إذا جاء شهر رمضان فقد وكّلتك بكذا، وذلك لأن في التعليق جهالة فاحشة، فلا تصحّ الوكالة معه.
فإذا تصرّف الوكيل في هذه الحالة عند وجود الشرط صحّ تصرّفه ، لوجود الإذن في التصرّف .
ولا مانع من تعليق التصرّف إذا كانت الوكالة منجزة ، كما إذا قال له: وكّلتك في بيع داري ، على أن تبيعه عند قدوم فلان ، أو إذا جاء شهر كذا.
وكذلك لا مانع من تقييدها بوقت ، كأن يقول له: أنت وكيلي لمدة شهر، فتصحّ الوكالة ، وتنتهي بانتهاء الشهر ، وليس للوكيل أن يتصرف بعده.
الركن الرابع: الموكَّل فيه:
وهو التصرف الذي يقوم به الوكيل نيابة عن الموكِّل.
ويشترط فيه شروط هي:
أن يكون حق التصرف فيه ثابتاً للموكل عند التوكيل ، كما لو وكّله ببيع ما يملكه عند التوكيل ، أو وكّله بما لا ولاية عليه كتأجير دار الصبي الذي تحت ولايته، والتي يملكها الصبي عند عقد الوكالة، فإن الولي يملك التصرّف في ذلك. وعليه : فلا يصحّ أن يوكّل بالتصرّف فيما لا يملكه، أو فيما سيملكه ، كما لو وكّل ببيع دار صديقه – مثلاً – وهو لا يملكها ، أو وكّل ببيع دار زيد التي سيشتريها منه، أو وكّل بطلاق فلانة التي سيتزوجها ، فإن الوكالة غير صحيحة في ذلك كله، لأنه لا يحقّ له ان يباشر ذلك بنفسه حين التوكيل ، فكيف يستنيب غيره فيه.
وينوب في الوكالة الكتابة والرسالة مناب النطق.
ويكفي من الوكيل ما يدل على القبول ، ولا يشترط فيه اللفظ ، بل يكفي الفعل، لأن التوكل إباحة للتصرّف ورفع للحجر الذي كان قبلها، فأشبه إباحة الطعام للضيف ، فلا يشترط فيها القبول لفظاً.
عدم تعليقها بشرط على الأصح ، كأن يقول : إن جاء زيد من سفره فأنت وكيلي بكذا، أو : إذا جاء شهر رمضان فقد وكّلتك بكذا، وذلك لأن في التعليق جهالة فاحشة، فلا تصحّ الوكالة معه.
فإذا تصرّف الوكيل في هذه الحالة عند وجود الشرط صحّ تصرّفه ، لوجود الإذن في التصرّف .
ولا مانع من تعليق التصرّف إذا كانت الوكالة منجزة ، كما إذا قال له: وكّلتك في بيع داري ، على أن تبيعه عند قدوم فلان ، أو إذا جاء شهر كذا.
وكذلك لا مانع من تقييدها بوقت ، كأن يقول له: أنت وكيلي لمدة شهر، فتصحّ الوكالة ، وتنتهي بانتهاء الشهر ، وليس للوكيل أن يتصرف بعده.
الركن الرابع: الموكَّل فيه:
وهو التصرف الذي يقوم به الوكيل نيابة عن الموكِّل.
ويشترط فيه شروط هي:
أن يكون حق التصرف فيه ثابتاً للموكل عند التوكيل ، كما لو وكّله ببيع ما يملكه عند التوكيل ، أو وكّله بما لا ولاية عليه كتأجير دار الصبي الذي تحت ولايته، والتي يملكها الصبي عند عقد الوكالة، فإن الولي يملك التصرّف في ذلك. وعليه : فلا يصحّ أن يوكّل بالتصرّف فيما لا يملكه، أو فيما سيملكه ، كما لو وكّل ببيع دار صديقه – مثلاً – وهو لا يملكها ، أو وكّل ببيع دار زيد التي سيشتريها منه، أو وكّل بطلاق فلانة التي سيتزوجها ، فإن الوكالة غير صحيحة في ذلك كله، لأنه لا يحقّ له ان يباشر ذلك بنفسه حين التوكيل ، فكيف يستنيب غيره فيه.
أما لو وكّله
في التصرّف فيما سيملكه بعد التوكيل تبعاً لما يملكه حال التوكيل: فإن الوكالة
صحيحة، كما لو وكّله ببيع ما ستثمره أشجاره ، فيصحّ ذلك ، لأنه يملك الأصل وهي
الأشجار ، وكذلك لو وكّله ببيع ما عنده من أثواب وما سيشتريه أيضاً منها، صحّ
توكيله في بيع ما لم يملكه عند التوكيل تبعاً لما كان يملكه . ولو وكّله ببيع
متاع، وأن يشتري له بثمنه شيئاً ، صحّ التوكيل بالشراء على الأشْهَرِ.
أن يكون الموكِّل فيه معلوماً ولو من بعض الوجوه، فإن الضرر بذلك يقلّ والجهالة ترتفع نوعاً ما. ولا يشترط العلم به من كل الوجوه ، لصعوبة ذلك، ولأن الوكالة شرعت للحاجة ، وذلك يقتضي المسامحة فيها.
فلو قال: وكّلتك في بيع أموالي، واستيفاء ديوني، واسترداد ودائعي – مثلاً – صحّ ذلك، وإن جهل الأموال ، والديون ومَن هي عليه، والودائع ومَن هي عنده، لأن الضرر فيها قليل ، والموكِّل فيه صار معلوماً من بعض الوجوه.
وأما لو قال : وكّلتك في كل قليل وكثير من أُموري ، أو فوّضت إليك كل شئ ، أو أنت وكيلي فتصرف كيف شئت ، لم يصحّ التوكيل ، لكثرة الضرر، وجهالة الموكِّل فيه من كل وجه.
وعليه فلا يصحّ ما يسمى اليوم بالوكالة العامة، وإن أضرارها ظاهرة، حيث يتصرف الوكيل احياناً في أشياء لا يرغب الموكّل تصرفه فيها.
وكذلك لو قال: وكّلتك ببيع بعض مالي، دون أن يعيّن هذا البعض، لكثرة الجهالة وفحش الغرر.
أن يكون الموكِّل فيه قابلاً للنيابة ، فلا يصحّ التوكيل فيما لا يقبل النيابة، ولذا لا تصح الوكالة في العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصوم، لأن حكمة تشريعها الابتلاء والاختبار بمجاهدة النفس، وذلك لا يحصل بفعل غير المكلف بها.
ويصح التوكيل في العبادات التي تشترط القدرة البدنية لأدائها لا لوجوبها كالحج والعمرة ، عند العجز عن القيام بها.
أن يكون الموكِّل فيه معلوماً ولو من بعض الوجوه، فإن الضرر بذلك يقلّ والجهالة ترتفع نوعاً ما. ولا يشترط العلم به من كل الوجوه ، لصعوبة ذلك، ولأن الوكالة شرعت للحاجة ، وذلك يقتضي المسامحة فيها.
فلو قال: وكّلتك في بيع أموالي، واستيفاء ديوني، واسترداد ودائعي – مثلاً – صحّ ذلك، وإن جهل الأموال ، والديون ومَن هي عليه، والودائع ومَن هي عنده، لأن الضرر فيها قليل ، والموكِّل فيه صار معلوماً من بعض الوجوه.
وأما لو قال : وكّلتك في كل قليل وكثير من أُموري ، أو فوّضت إليك كل شئ ، أو أنت وكيلي فتصرف كيف شئت ، لم يصحّ التوكيل ، لكثرة الضرر، وجهالة الموكِّل فيه من كل وجه.
وعليه فلا يصحّ ما يسمى اليوم بالوكالة العامة، وإن أضرارها ظاهرة، حيث يتصرف الوكيل احياناً في أشياء لا يرغب الموكّل تصرفه فيها.
وكذلك لو قال: وكّلتك ببيع بعض مالي، دون أن يعيّن هذا البعض، لكثرة الجهالة وفحش الغرر.
أن يكون الموكِّل فيه قابلاً للنيابة ، فلا يصحّ التوكيل فيما لا يقبل النيابة، ولذا لا تصح الوكالة في العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصوم، لأن حكمة تشريعها الابتلاء والاختبار بمجاهدة النفس، وذلك لا يحصل بفعل غير المكلف بها.
ويصح التوكيل في العبادات التي تشترط القدرة البدنية لأدائها لا لوجوبها كالحج والعمرة ، عند العجز عن القيام بها.
وكذلك يصحّ
التوكيل فيما هو من تمام العبادات المالية والإعانة عليها، كتوزيع الزكاة على
مستحقّيها ، وتفرقة مال منذور أو كفّارة وكذلك ذبح الأضحية والهَدْى وشاة الوليمة
ونحو ذلك.
ونفصّل القول هنا فيما يصحّ التوكيل فيه وما لا يصحّ فنقول:
الوكالة يمكن أن تكون في حق من حقوق العباد، ويمكن أن تكون في حق من حقوق الله تعالى.
الوكالة في حقوق الله تعالى:
وحقّ الله تعالى: هو ما شرع حكمه للمصلحة العامة لا لمصلحة فرد معين، فهو من النظام العام الذي يتعلق به حقّ كل فرد من الناس ، ولذلك نسب لرب الناس جمعيهم ، لعظم خطره وشموله نفعه ، وسمى حق الله تعالى لأنه هو المستحق له وحده، فلا يملك أحد من الناس إسقاطه.
ومن حقوق الله تعالى العبادات المحضة، وقد علمنا انه لا يصحّ التوكيل فيها.
ومنها العقوبات الكاملة وهي الحدود، والوكالة فيها:
إما في إثباتها وإما في استيفائها.
فإذا كانت الوكالة في إثباتها فلا تصحّ ، لأن مبنى الحدود على الدرء، أي إن الشارع يرجّح فيه جانب الدفع والإسقاط، فيسقطها لأقل شبهةٍ، والتوكيل في إثباتها يخالف ذلك لأنه يوصل إلى إيجابها وتنفيذها.
وإذا كانت في استيفاء الحدود فهي جائزة وصحيحة، لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وكّل في رجم مَن ثبت زناه، وجلد مَن ثبت شربه المسكر. (انظر البخاري : الوكالة ، باب: الوكالة في الحدود).
الوكالة في حقوق العباد:
حقوق العباد هي كل ما يتعلق بأفرادهم على أنهم أفراد لا جماعة ، كالبيع والشراء والزواج والطلاق والشركة والصلح ونحو ذلك.
فمثل هذه الحقوق تصحّ الوكالة فيها باتفاق العلماء ، وقد مرّ معنا عند الكلام عن مشروعية الوكالة أدلة ذلك.
ومن هذه الحقوق الخصومة في إثبات هذه الحقوق ، والوكالة فيها جائزة أيضاً.
ودليل ذلك:
ونفصّل القول هنا فيما يصحّ التوكيل فيه وما لا يصحّ فنقول:
الوكالة يمكن أن تكون في حق من حقوق العباد، ويمكن أن تكون في حق من حقوق الله تعالى.
الوكالة في حقوق الله تعالى:
وحقّ الله تعالى: هو ما شرع حكمه للمصلحة العامة لا لمصلحة فرد معين، فهو من النظام العام الذي يتعلق به حقّ كل فرد من الناس ، ولذلك نسب لرب الناس جمعيهم ، لعظم خطره وشموله نفعه ، وسمى حق الله تعالى لأنه هو المستحق له وحده، فلا يملك أحد من الناس إسقاطه.
ومن حقوق الله تعالى العبادات المحضة، وقد علمنا انه لا يصحّ التوكيل فيها.
ومنها العقوبات الكاملة وهي الحدود، والوكالة فيها:
إما في إثباتها وإما في استيفائها.
فإذا كانت الوكالة في إثباتها فلا تصحّ ، لأن مبنى الحدود على الدرء، أي إن الشارع يرجّح فيه جانب الدفع والإسقاط، فيسقطها لأقل شبهةٍ، والتوكيل في إثباتها يخالف ذلك لأنه يوصل إلى إيجابها وتنفيذها.
وإذا كانت في استيفاء الحدود فهي جائزة وصحيحة، لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وكّل في رجم مَن ثبت زناه، وجلد مَن ثبت شربه المسكر. (انظر البخاري : الوكالة ، باب: الوكالة في الحدود).
الوكالة في حقوق العباد:
حقوق العباد هي كل ما يتعلق بأفرادهم على أنهم أفراد لا جماعة ، كالبيع والشراء والزواج والطلاق والشركة والصلح ونحو ذلك.
فمثل هذه الحقوق تصحّ الوكالة فيها باتفاق العلماء ، وقد مرّ معنا عند الكلام عن مشروعية الوكالة أدلة ذلك.
ومن هذه الحقوق الخصومة في إثبات هذه الحقوق ، والوكالة فيها جائزة أيضاً.
ودليل ذلك:
أن علياً رضى
الله عنه وكّل عقيلاً عند أبي بكر – رضى الله عنهما – وقال: ما قضى له فلي ، وما
قضى عليه فعليّ ، ووكّل عند عثمان رضى الله عنه عبدالله بن جعفر رضى الله عنهما،
وقال: إن للخصومة قُحَماً وإن الشيطان ليحضرها ، وإني لأكره أن أحضرها. (البيهقي :
الوكالة ، باب: التوكيل في الخصومات.. : 6/81)
[قحماً : جمع قُحْمة ، وهي الأمر الشاقّ الذي لا يكاد يحتمل ، وقحم الخصومات ما يحمل الإنسان على ما يكرهه].
الوكالة في القصاص:
تصحّ الوكالة في إثبات القصاص واستيفائه ، لأن الغالب فيه حق العبد، وهم أولياء المقتول، ولذا يملكون إسقاطه ، كما يملكون استبداله بالدية.
الوكالة في الشهادة والأيْمان والنذور:
لا تصحّ الوكالة في الشهادة، كأن يقول له: وكّلتك أن تشهد عنّي بكذا، لأن حكمها متعلّق بعلم الشاهد، لأنها إخبار عما رآه أو سمعه، وهذا غير حاصل للوكيل، فتعلقت الشهادة بعين الشاهد ، فلا تقبل التوكيل، فإن وكّل فيها كان الوكيل شاهداً على الشهادة.
وكذلك لا تصحّ الوكالة في النذور والأيمان ، كأن يقول: وكّلتك أن تحلف عنّي أو تنذر عنّي ، لأن فيها تعظيم الله تعالى ، فأشبهت العبادة المحضة، وتعلقت بعين الحالف والناذر.
الوكالة في الإيلاء واللعان والقسامة والظهار:
وكذلك لا تصحّ الوكالة في الإيلاء واللعان والقسامة، لأنها أيمان ، وقيل: إن اللعان شهادة ، وكلٌّ من الشهادة والأيمان لا تصحّ فيه الوكالة.
والأصح أن الوكالة لا تصحّ في الظهار ، لأن الغالب فيه معنى اليمين ، لتعلّقه بألفاظ وخصائص كاليمين.
وقيل: تصحّ الوكالة فيه، لأنه ملحق بالطلاق ، لأن الغاية فيه تحريم الاستمتاع بزوجته، وهذا ما يثبت بالطلاق ، وصورته أن يقول: أنتِ على موكِّلي كظهر أُمه، أو جعلتُ موكِّلي مظاهراً منك.
الوكالة في الإقرار:
[قحماً : جمع قُحْمة ، وهي الأمر الشاقّ الذي لا يكاد يحتمل ، وقحم الخصومات ما يحمل الإنسان على ما يكرهه].
الوكالة في القصاص:
تصحّ الوكالة في إثبات القصاص واستيفائه ، لأن الغالب فيه حق العبد، وهم أولياء المقتول، ولذا يملكون إسقاطه ، كما يملكون استبداله بالدية.
الوكالة في الشهادة والأيْمان والنذور:
لا تصحّ الوكالة في الشهادة، كأن يقول له: وكّلتك أن تشهد عنّي بكذا، لأن حكمها متعلّق بعلم الشاهد، لأنها إخبار عما رآه أو سمعه، وهذا غير حاصل للوكيل، فتعلقت الشهادة بعين الشاهد ، فلا تقبل التوكيل، فإن وكّل فيها كان الوكيل شاهداً على الشهادة.
وكذلك لا تصحّ الوكالة في النذور والأيمان ، كأن يقول: وكّلتك أن تحلف عنّي أو تنذر عنّي ، لأن فيها تعظيم الله تعالى ، فأشبهت العبادة المحضة، وتعلقت بعين الحالف والناذر.
الوكالة في الإيلاء واللعان والقسامة والظهار:
وكذلك لا تصحّ الوكالة في الإيلاء واللعان والقسامة، لأنها أيمان ، وقيل: إن اللعان شهادة ، وكلٌّ من الشهادة والأيمان لا تصحّ فيه الوكالة.
والأصح أن الوكالة لا تصحّ في الظهار ، لأن الغالب فيه معنى اليمين ، لتعلّقه بألفاظ وخصائص كاليمين.
وقيل: تصحّ الوكالة فيه، لأنه ملحق بالطلاق ، لأن الغاية فيه تحريم الاستمتاع بزوجته، وهذا ما يثبت بالطلاق ، وصورته أن يقول: أنتِ على موكِّلي كظهر أُمه، أو جعلتُ موكِّلي مظاهراً منك.
الوكالة في الإقرار:
وذلك بأن يقول
له: وكّلتك لتقرّ عنّي لفلان بألف دينار له علىَّ ، ونحو ذلك. فالأصح أن الوكالة
في ذلك غير صحيحة ، ولو أقرّ عنه لا يلزمه ما أقرّ به عليه ، لأن الإقرار إخبار عن
إثبات حق – كالشهادة – فل يقبل التوكيل.
الوكالة في تملّك المباحات كالاصطياد والاحتطاب:
فلو وكّله أن يحتطب له أو أن يصطاد له: فالأصح صحة الوكالة ، وأن ما يجمعه الوكيل من الحطب أو يمسك به من الصيد، بنيّة الموكّل ، يكون ملكاً للموكّل، لأن تملّك المباحات أحد أسباب الملْك ، فأشبه الشراء ونحوه، فصحّت الوكالة به.
الوكالة في المحرّم:
وذلك بأن يوكِّله في غصب شئ أو سرقته، أو فعل جناية ،فإن الوكالة غير صحيحة، وإن فعل الوكيل شيئاً من ذلك كان هو الضامن والإثم عليه، لأن حكم المحرّمات مختصٌّ بمرتكبها، ولأن الشارع قصد بالامتناع عنها كل شخص بعينه.
حدود تصرفات الوكيل
إذا وقعت الوكالة مستوفية لأركانها وشروطها ثبت للوكيل حق التصرّف فيما وكّل فيه، ولكن ما هي حدود هذا التصرّف؟ هذا ما سنبيِّنه فيما يلي بحسب موضوع الوكالة التي أسندت إليه.
الوكالة في الخصومة:
وهي توكيل بالدعوى والمرافعة أمام القضاء وهي المشهور في أيامنا بعمل المحاماة ، فإذا وُكِّل المحامي وغيره بالخصومة فهو يملك أن يتصرف بكل ما يتعلق بإثبات الحق لموكِّله أو دفعه عنه إذا كان خصمه يدّعيه.
وهل يملك الإقرار بالحق على موكِّله؟
والجواب: هو أنه لا يملك ذلك ، لأنه وكيل في المنازعة والإقرار بخلاف ذلك لأنه مسالمة، فلا يتناوله التوكيل بالخصومة ، فلا يملكه الوكيل.
وإذا أثبت الوكيل بالخصومة بالمال الحق لموكِّله وقُضى له به، فهل يملك قبضه؟
الوكالة في تملّك المباحات كالاصطياد والاحتطاب:
فلو وكّله أن يحتطب له أو أن يصطاد له: فالأصح صحة الوكالة ، وأن ما يجمعه الوكيل من الحطب أو يمسك به من الصيد، بنيّة الموكّل ، يكون ملكاً للموكّل، لأن تملّك المباحات أحد أسباب الملْك ، فأشبه الشراء ونحوه، فصحّت الوكالة به.
الوكالة في المحرّم:
وذلك بأن يوكِّله في غصب شئ أو سرقته، أو فعل جناية ،فإن الوكالة غير صحيحة، وإن فعل الوكيل شيئاً من ذلك كان هو الضامن والإثم عليه، لأن حكم المحرّمات مختصٌّ بمرتكبها، ولأن الشارع قصد بالامتناع عنها كل شخص بعينه.
حدود تصرفات الوكيل
إذا وقعت الوكالة مستوفية لأركانها وشروطها ثبت للوكيل حق التصرّف فيما وكّل فيه، ولكن ما هي حدود هذا التصرّف؟ هذا ما سنبيِّنه فيما يلي بحسب موضوع الوكالة التي أسندت إليه.
الوكالة في الخصومة:
وهي توكيل بالدعوى والمرافعة أمام القضاء وهي المشهور في أيامنا بعمل المحاماة ، فإذا وُكِّل المحامي وغيره بالخصومة فهو يملك أن يتصرف بكل ما يتعلق بإثبات الحق لموكِّله أو دفعه عنه إذا كان خصمه يدّعيه.
وهل يملك الإقرار بالحق على موكِّله؟
والجواب: هو أنه لا يملك ذلك ، لأنه وكيل في المنازعة والإقرار بخلاف ذلك لأنه مسالمة، فلا يتناوله التوكيل بالخصومة ، فلا يملكه الوكيل.
وإذا أثبت الوكيل بالخصومة بالمال الحق لموكِّله وقُضى له به، فهل يملك قبضه؟
والجواب: أنه
لا يملك ذلك ، لأن الإذن في إثبات الحق ليس إذناً في قبضه ، لا من جهة النطق ولا
من جهة العُرْف ، إذ ليس في العُرْف أن مَن يرضاه لتثبيت الحق يرضاه لقبضه، بل
الغالب أن يختار لتثبيت الحق ألدّ الناس خصومة. وأكثرهم حيلة ودهاءً ، وقد يكون
أقل الناس دِيناً وحياءً، بينما يختار للقبض مَن هو أوفى الناس أمانة وأكثرهم
ورعاً، فمَن يصلح للخصومة قد لا يصلح للقبض، وتوكيله بالخصومة لا يدلّ على الرضا
به للقبض.
الوكيل بالقبض:
إذا وكّل إنسان آخر بقبض حق له من فلان ، فأنكر فلان أن للموكّل عليه حقاً، فهل يملك الوكيل بالقبض المخاصمة في إثبات ذلك الحق الذي يدّعيه الموكّل؟ فيه وجهان:
أحدهما: يملك ذلك لأنه بالمخاصمة يتوصل إلى إثبات الحق وقبضه، فيكون الإذن بالقبض إذناً في المخاصمة.
والثاني: أنه لا يملك المخاصمة في تثبيت الحق ، لأن الإذن في القبض ليس إذناً في التثبيت ، لا لفظاً ولا عُرْفاً ، ومَن يرضاه في قبض حقه قد لا يرضاه في تثبيته ، لأنه يختار للقبض مَن كان ذا أمانة ودين وورع ، وقد يكون أقل الناس حيلة وأضعفهم حج ومخاصمة ، وعليه لو رافع في الأمر إلى القضاء ، وقضي على موكِّله ، فلا يمضي عليه هذا القضاء، ولعلّ هذا الوجه هو الارجح ، والله تعالى أعلم.
الوكيل بالبيع والشراء:
الوكالة بالبيع:
إذا وكّله ببيع شئ له ، فلا يخلوا من أن تكون هذه الوكالة مطلقة أو مقيّدة ، ولكلٍّ منهما حكم يتعلق بها:
الوكالة المطلقة بالبيع:
وهي أن يوكّلَه ببيبع شئ دون أيّ تقييد ، ففي هذه الحالة يتقيد الوكيل بما يلي:
لا يبيع بغير نقد البلد، لأن العُرْف يقيده به عند الإطلاق ، فإن كان فيه نقدان يتعامل بهما أهله باع بالغالب منهما، فإن استويا في التعامل باع بأنفعهما للموكِّل ، وإن استويا بالنفع باع بأيّهما شاء.
الوكيل بالقبض:
إذا وكّل إنسان آخر بقبض حق له من فلان ، فأنكر فلان أن للموكّل عليه حقاً، فهل يملك الوكيل بالقبض المخاصمة في إثبات ذلك الحق الذي يدّعيه الموكّل؟ فيه وجهان:
أحدهما: يملك ذلك لأنه بالمخاصمة يتوصل إلى إثبات الحق وقبضه، فيكون الإذن بالقبض إذناً في المخاصمة.
والثاني: أنه لا يملك المخاصمة في تثبيت الحق ، لأن الإذن في القبض ليس إذناً في التثبيت ، لا لفظاً ولا عُرْفاً ، ومَن يرضاه في قبض حقه قد لا يرضاه في تثبيته ، لأنه يختار للقبض مَن كان ذا أمانة ودين وورع ، وقد يكون أقل الناس حيلة وأضعفهم حج ومخاصمة ، وعليه لو رافع في الأمر إلى القضاء ، وقضي على موكِّله ، فلا يمضي عليه هذا القضاء، ولعلّ هذا الوجه هو الارجح ، والله تعالى أعلم.
الوكيل بالبيع والشراء:
الوكالة بالبيع:
إذا وكّله ببيع شئ له ، فلا يخلوا من أن تكون هذه الوكالة مطلقة أو مقيّدة ، ولكلٍّ منهما حكم يتعلق بها:
الوكالة المطلقة بالبيع:
وهي أن يوكّلَه ببيبع شئ دون أيّ تقييد ، ففي هذه الحالة يتقيد الوكيل بما يلي:
لا يبيع بغير نقد البلد، لأن العُرْف يقيده به عند الإطلاق ، فإن كان فيه نقدان يتعامل بهما أهله باع بالغالب منهما، فإن استويا في التعامل باع بأنفعهما للموكِّل ، وإن استويا بالنفع باع بأيّهما شاء.
لا يبيع
بالنسيئة أي بتأجيل الثمن إلى زمن معين ، وإن كان البيع بأكثر من ثمن مثله حالاًّ،
لأن مقتضى الإطلاق الحلول، إذ هو المعتاد في البيع غالباً.
فلو وكّله ليبيع مؤجلاً: فإن قدّر له أجَلاً معيناً جاز أن يبيع إلى ذلك الأجل ولا يزيد عليه، فإن نقص عنه أو باع حالاًّ صحّ البيع ، فإن كان في التعجيل ضرر على الموكِّل- كنقص ثمن أو خوف على الثمن ونحو ذلك – لم يصحّ.
وإن أطلق الأجل صحّ التوكيل على الأصح، وحمل الأجل على المتعارف في مثله، فإن لم يكن فيه عُرْف راعي الأنفع للموكل.
ولا يبيع بغبن فاحش ، وهو ما لا يُحتمل غالباً، وضبطوه بما يخرج عن تقدير المقدِّرين ، كأن يقدِّره المقدِّرون بما بين السبعة والعشرة مثلاً، فيبيعه بخمسة أو ستة.
فإذا خالف أحد هذه القيود الثلاثة وباع لم يصحّ بيعه على الأصح ، وإذا سلم المبيع للمشتري كان ضامناً له ، لأنه تعدّى في تصرفه ، فإن كان المبيع موجوداً استردّه ، وإلا غرَّم الموكِّل قيمته من شاء من الوكل أو المشتري ، ويستقر الضمان على المشتري ، أي هو الذي يغرم القيمة في النهاية ، ويعود على الوكيل بالثمن إن كان قد دفعه إليه.
الوكالة المقيدة بالبيع:
وذلك بأن يوكِّله ببيع شئ يملكه ، ويقيده بشخص أو زمن أو مكان أو ثمن.
فإن قيّده بشخص ، كأن قال : بِعْ هذا لفلان ، تعيّن عليه البيع له ، لأن تخصيصه قد يكون لغرض يقصده، كأن يكون ماله أبعد عن الشبهة ، فإن دلّت قرينة على أن مراده الربح، وأنه لا غرض له في التعيين إلا ذلك، جاز بيعه لغير ذلك الشخص الذي عيّنه.
وإن قيّده بزمن ، كأن قال: بِعْه يوم الجمعة مثلاً، تعيّن هذا ، ولم يجز أن يبيع قبله ولا بعده ، لأنه قد يُؤثر البيع في زمان لحاجة خاصة فيه، ولا يؤثره في غيره .
وإن قيّده بمكان، كسوق كذا، يُنظر:
فإن كان له في التعيين غرض صحيح، كأن يكون الثمن فيه أكثر، أو النقد فيه أجود، لم يجز البيع في غيره ، لأنه لا يجوز تفويت غرضه عليه.
فلو وكّله ليبيع مؤجلاً: فإن قدّر له أجَلاً معيناً جاز أن يبيع إلى ذلك الأجل ولا يزيد عليه، فإن نقص عنه أو باع حالاًّ صحّ البيع ، فإن كان في التعجيل ضرر على الموكِّل- كنقص ثمن أو خوف على الثمن ونحو ذلك – لم يصحّ.
وإن أطلق الأجل صحّ التوكيل على الأصح، وحمل الأجل على المتعارف في مثله، فإن لم يكن فيه عُرْف راعي الأنفع للموكل.
ولا يبيع بغبن فاحش ، وهو ما لا يُحتمل غالباً، وضبطوه بما يخرج عن تقدير المقدِّرين ، كأن يقدِّره المقدِّرون بما بين السبعة والعشرة مثلاً، فيبيعه بخمسة أو ستة.
فإذا خالف أحد هذه القيود الثلاثة وباع لم يصحّ بيعه على الأصح ، وإذا سلم المبيع للمشتري كان ضامناً له ، لأنه تعدّى في تصرفه ، فإن كان المبيع موجوداً استردّه ، وإلا غرَّم الموكِّل قيمته من شاء من الوكل أو المشتري ، ويستقر الضمان على المشتري ، أي هو الذي يغرم القيمة في النهاية ، ويعود على الوكيل بالثمن إن كان قد دفعه إليه.
الوكالة المقيدة بالبيع:
وذلك بأن يوكِّله ببيع شئ يملكه ، ويقيده بشخص أو زمن أو مكان أو ثمن.
فإن قيّده بشخص ، كأن قال : بِعْ هذا لفلان ، تعيّن عليه البيع له ، لأن تخصيصه قد يكون لغرض يقصده، كأن يكون ماله أبعد عن الشبهة ، فإن دلّت قرينة على أن مراده الربح، وأنه لا غرض له في التعيين إلا ذلك، جاز بيعه لغير ذلك الشخص الذي عيّنه.
وإن قيّده بزمن ، كأن قال: بِعْه يوم الجمعة مثلاً، تعيّن هذا ، ولم يجز أن يبيع قبله ولا بعده ، لأنه قد يُؤثر البيع في زمان لحاجة خاصة فيه، ولا يؤثره في غيره .
وإن قيّده بمكان، كسوق كذا، يُنظر:
فإن كان له في التعيين غرض صحيح، كأن يكون الثمن فيه أكثر، أو النقد فيه أجود، لم يجز البيع في غيره ، لأنه لا يجوز تفويت غرضه عليه.
وإن لم يكن في
التعيين غرض صحيح ، كأن يكون الثمن فيه وفي غيره واحداً، فالراجح أن له البيع فيه
وفي غيره، لأن مقصوده يتحقق في أيّ مكان، فكان الإذن بالبيع بمكان إذناً بالبيع في
غيره.
وإن قيده بثمن، كأن قال له: بِعْ بمائة مثلاً، فليس له أن يبيع بأقل منها، ولو كان ثمن المثل أو كان النقص قليلاً، لأنه مخالف للإذن.
والأصح أنَ له أن يبيع بأكثر منها ، لأن المفهوم من ذلك عُرْفاً هو عدم النقص، بل لا يجوز له أن يبيع بالمائة إن وجد مَن يرغب شراءه بأكثر منها ، لانه مأمور بالأنفع للموكِّل ، حتى لو وجد الراغب بالزيادة زمن الخيار لزمه الفسخ، وإذا لم يفسخه هو انفسخ بنفسه.
فإذا صرّح له بالمنع من البيع بزيادة عمّا قيده به ، كأن قال له : بِعْه بمائة ، ولا تَبعْ بأكثر من ذلك، لم يصحّ بيعه بزيادة ، لأنه لا عبرة للدلالة مع التصريح، فقد أبطل النطق دلالة العُرْف.
البيع لمن يتهم فيه بالمحاباة:
الوكيل بالبيع لا يصحّ أن يشتري الموكَّل ببيعه لنفسه كما لا يصحّ أن يشتريه لولده الصغير ولا لكل مَن هو في حَجْره وتحت ولايته ، لأن العُرْف في مثل هذا أن يبيع الوكيل لغيره ، لا لنفسه ، وبيعه لولده الصغير ومن في حجره كبيعه لنفسه ، فلم يصحّ ذلك كله، حتى ولو أذن له فيه الموكَّل، لتعارض أغراض البائع والمشتري ، فالمشتري يرغب السلعة بأرخص الأثمان ، ووكيل البائع عليه ان يحصل لموكله اغلاها واعلاها، وهنا المشتري والبائع واحد، فلا تتحقق اغراض البيع.
واما غير هؤلاء – ممّن يتهم في محاباتهم من ذوي قرباه – فلا مانع من بيعهم، فيبيع لزوجته واخوته ونحوهم، لأن العاقد ليس واحدا ، فالأغراض غير متنافية.
والاصح انه يبيع لأبيه وسائر أصوله، كما أنه يبيع لابنه البالغ وسائر فروعه المستقلِّين عنه، طالما أنه يبيعهم بالثمن الذي لو باع به لأجنبي لصحّ ، فتنتفي التهمة ويصحّ البيع، كما لو باع لصديق له، ليس بينه وبينه قرابة.
التوكيل ببيع فاسد:
وإن قيده بثمن، كأن قال له: بِعْ بمائة مثلاً، فليس له أن يبيع بأقل منها، ولو كان ثمن المثل أو كان النقص قليلاً، لأنه مخالف للإذن.
والأصح أنَ له أن يبيع بأكثر منها ، لأن المفهوم من ذلك عُرْفاً هو عدم النقص، بل لا يجوز له أن يبيع بالمائة إن وجد مَن يرغب شراءه بأكثر منها ، لانه مأمور بالأنفع للموكِّل ، حتى لو وجد الراغب بالزيادة زمن الخيار لزمه الفسخ، وإذا لم يفسخه هو انفسخ بنفسه.
فإذا صرّح له بالمنع من البيع بزيادة عمّا قيده به ، كأن قال له : بِعْه بمائة ، ولا تَبعْ بأكثر من ذلك، لم يصحّ بيعه بزيادة ، لأنه لا عبرة للدلالة مع التصريح، فقد أبطل النطق دلالة العُرْف.
البيع لمن يتهم فيه بالمحاباة:
الوكيل بالبيع لا يصحّ أن يشتري الموكَّل ببيعه لنفسه كما لا يصحّ أن يشتريه لولده الصغير ولا لكل مَن هو في حَجْره وتحت ولايته ، لأن العُرْف في مثل هذا أن يبيع الوكيل لغيره ، لا لنفسه ، وبيعه لولده الصغير ومن في حجره كبيعه لنفسه ، فلم يصحّ ذلك كله، حتى ولو أذن له فيه الموكَّل، لتعارض أغراض البائع والمشتري ، فالمشتري يرغب السلعة بأرخص الأثمان ، ووكيل البائع عليه ان يحصل لموكله اغلاها واعلاها، وهنا المشتري والبائع واحد، فلا تتحقق اغراض البيع.
واما غير هؤلاء – ممّن يتهم في محاباتهم من ذوي قرباه – فلا مانع من بيعهم، فيبيع لزوجته واخوته ونحوهم، لأن العاقد ليس واحدا ، فالأغراض غير متنافية.
والاصح انه يبيع لأبيه وسائر أصوله، كما أنه يبيع لابنه البالغ وسائر فروعه المستقلِّين عنه، طالما أنه يبيعهم بالثمن الذي لو باع به لأجنبي لصحّ ، فتنتفي التهمة ويصحّ البيع، كما لو باع لصديق له، ليس بينه وبينه قرابة.
التوكيل ببيع فاسد:
وهل يملك أن يبيعه بعقد صحيح؟ والجواب: لا يملك ذلك، لأن الموكّل لم يأذن فيه.
الوكالة بالشراء:
الوكالة المطلقة بالشراء:
وذلك بأن يوكِّله بشراء شئ موصوف أو معين دون أن يقيده بنوع أو ثمن، كأن يقول: وكّلتك أن تشتري لي سيارة ، فهنا يتقيد الوكيل بما يلي:
لا يشتري معيباً، لأن الإطلاق يقتضي الوصف بالسلامة من العيب ، فإن اشترى ما فيه عيب يُنظر:
فإن كان الوكيل يعلم العيب:
وقع الشراء له ولم يقع للموكل ، حتى ولو كان المشتري يساوي الثمن الذي اشترى به مع العيب على الأصح، لأنه لم يأذن له بشراء المعيب، فهو مقصِّر بشرائه ، وقد لا يتمكن الموكّل من ردّه لهروب البائع فيتضرر بذلك، ولا سيما حين يكون لا يساوي الثمن.
وإن كان الوكيل لا يعلم العيب:
فإن كان المشتري يساوي الثمن مع العيب وقع الشراء للموكِّل ، إذ لا ضرر عليه، لأنه يملك الاختيار بين إمساكه - ولا خسارة عندها لأنه يساوي الثمن – وأن يردّه على البائع ، والوكيل غير مقصّر بهذا ، لأنه جهل العيب ، ولم يشتره بأكثر من ثمن مثله.
وكذلك الحال أن كان المشتري لا يساوي الثمن مع العيب في الأصح، كما لو اشتراه الموكّل بنفسه جاهلاًنظ للعيب.
وفي هذه الحالة:
يكون للموكّل وحده خيار الرد بالعيب إن اشتُرى بعين ماله، لأنه هو المتضرِّر بذلك ، فإن رضى به فليس للوكيل حق ردّه، لأن العقد لا يمكن أن يقع له ، فلا يتضرر به.
الكلمات المفتاحية :
الفقه الشافعي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: