الشافعية فقه - الشفعة - المساقاة - الاعارة ج 28
الشفعة – بضم
الشين وسكون الفاء – هي في اللغة: من الشفع بمعنى الضم.
وفي اصطلاح الفقهاء: حق تملك قهري ، يثبت للشريك القديم على الحادث، فيما ملك بعِوض، بما ملك
به ، لدفع الضرر.
فالشفعة حق اثبته الشرع، يتملك به الشريك الأول ما باعه شريكه لغيره، كما اذا كان اثنان شريكين في دار، فباع احدهما حصته لغير شريكه ، فلشريكه الحق ان يأخذ هذه الحصة من المشتري – الذي صار شريكا جديدا له – بغير رضاه، بمثل الثمن الذي دفعه وهذا خلاف الاصل الثابت في التملك شرعا: ان يكون برضا المالك.
وسمى هذا الحق شفعة لأن الشريك يضم به نصيب شريكه الى نصيبه .
مشروعيتها:
الشفعة جائزة ومشروعة، دل على مشروعيتها احاديث كثيرة ، منها:
ما رواه جابر بن عبدالله الانصاري رضى الله عنه قال: قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة . (اخرجه البخاري: اول كتاب الشفعة، باب: الشفعة في ما لم يقسم.. ، رقم: 2138، ومسلم: المساقاة، باب: الشفعة، رقم : 1608).
[ومعنى وقعت الحدود: صارت الأرض مقسومة وحددت الأقسام. صرفت الطرق: ميزت وبينت].
وسيأتي خلال البحث احاديث في هذا المعنى.
وما دل عليه الحديث اجمع على العمل به علماء المسلمين في كل عصر .
حكمة المشروعية:
وفي اصطلاح الفقهاء: حق تملك قهري ، يثبت للشريك القديم على الحادث، فيما ملك بعِوض، بما ملك
به ، لدفع الضرر.
فالشفعة حق اثبته الشرع، يتملك به الشريك الأول ما باعه شريكه لغيره، كما اذا كان اثنان شريكين في دار، فباع احدهما حصته لغير شريكه ، فلشريكه الحق ان يأخذ هذه الحصة من المشتري – الذي صار شريكا جديدا له – بغير رضاه، بمثل الثمن الذي دفعه وهذا خلاف الاصل الثابت في التملك شرعا: ان يكون برضا المالك.
وسمى هذا الحق شفعة لأن الشريك يضم به نصيب شريكه الى نصيبه .
مشروعيتها:
الشفعة جائزة ومشروعة، دل على مشروعيتها احاديث كثيرة ، منها:
ما رواه جابر بن عبدالله الانصاري رضى الله عنه قال: قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة . (اخرجه البخاري: اول كتاب الشفعة، باب: الشفعة في ما لم يقسم.. ، رقم: 2138، ومسلم: المساقاة، باب: الشفعة، رقم : 1608).
[ومعنى وقعت الحدود: صارت الأرض مقسومة وحددت الأقسام. صرفت الطرق: ميزت وبينت].
وسيأتي خلال البحث احاديث في هذا المعنى.
وما دل عليه الحديث اجمع على العمل به علماء المسلمين في كل عصر .
حكمة المشروعية:
ان التشريع
الاسلامي يهدف الى تحقيق مصالح الناس بجلب النفع له ودفع الضرر عنهم، والمرء قد
يكون على وفاق وتعاون مع من كان يشاركه في دار او ارض، وقد يحتاج احد الشريكين الى
بيع نصيبه ويكون في ذلك تحقيق مصلحته، فلا يحول الشرع بينه وبين ذلك، وانما يحوط
تصرفه وتحقيق نفعه بما لا يضر بشريكه، وانما يصون مصلحته ايضا ويحميه من الضرر
الذي قد يلحق به ، من جراء البيع الى اجنبي عن الشركاء، فقد يبادر هذا الشريك
الجديد الى طلب القسمة ، او يكون منه سوء خلق ومعاملة، فيضطرهم الى ذلك اوطلبه
فينال شركاءه بذلك ضرر احداث مرافق جديدة ونحو ذلك ، ويكلفهم اعباء القسمة ونفقتها
، فيحل محل الوئام الشقاق والنزاع بين الجيران، وتفوت المصالح ويكثر الضرر بين
الأنام.
ولذا وجه شرع الله عز وجل هذا الراغب ببيع نصيبه ان يعرض هذا اولا على شركائه ، فإن رغبوا بشرائه كانوا هم اولى واحق، فإن لم يرغبوا بذلك كان له الحق ان يبيعه لمن يشاء.
فعن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له شريك في ربعة او نخل فليس له ان يبيع حتى يؤذن حتى يؤذن شريكه، فإن رضى اخذ وإن كره ترك". (اخرجه مسلم في المساقاة، باب: الشفعة، رقم : 1608).
وعن عمرو بن الشريد رضى الله عنه قال: وقفت على سعد بن ابي وقاص – رضى الله عنه – فجاء المسور بن مخرمة – رضى الله عنه – فوضع يده على احدى منكبي اذ جاء ابو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم – رضي الله عنه – فقال: يا سعد، ابتع مني بيتي في دارك، فقال سعد : والله لا ازيدك على اربعة الاف منجمة او مقطعة.
فقال ابو رافع: لقد اعطيت بها خمسمائة دينار، ولوا اني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الجار أحق بسبقه" ما اعطيتكها بأربعة آلاف ، وأنا اعطي بها خمسمائة دينار. فأعطاها إياه. (البخاري: الشفعة، باب: عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع، رقم:2139).
ولذا وجه شرع الله عز وجل هذا الراغب ببيع نصيبه ان يعرض هذا اولا على شركائه ، فإن رغبوا بشرائه كانوا هم اولى واحق، فإن لم يرغبوا بذلك كان له الحق ان يبيعه لمن يشاء.
فعن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له شريك في ربعة او نخل فليس له ان يبيع حتى يؤذن حتى يؤذن شريكه، فإن رضى اخذ وإن كره ترك". (اخرجه مسلم في المساقاة، باب: الشفعة، رقم : 1608).
وعن عمرو بن الشريد رضى الله عنه قال: وقفت على سعد بن ابي وقاص – رضى الله عنه – فجاء المسور بن مخرمة – رضى الله عنه – فوضع يده على احدى منكبي اذ جاء ابو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم – رضي الله عنه – فقال: يا سعد، ابتع مني بيتي في دارك، فقال سعد : والله لا ازيدك على اربعة الاف منجمة او مقطعة.
فقال ابو رافع: لقد اعطيت بها خمسمائة دينار، ولوا اني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الجار أحق بسبقه" ما اعطيتكها بأربعة آلاف ، وأنا اعطي بها خمسمائة دينار. فأعطاها إياه. (البخاري: الشفعة، باب: عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع، رقم:2139).
[منجمة :
مؤجلة ومفرقة تعطى جزءا بعد جزء. اربعة آلاف : أي درهم، وكانت تساوي اربعمائة
دينار. بسبقه : ما قرب من داره].
وهكذا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسم الطريق واضحا لحفظ الود والوئام بين الناس، ويوجه الى أمثل خلق في التعامل، ونجد اصحابه – رضوان الله تعالى عليهم اجمعين – يلتزمون هديه فلا يحيدون عنه ، ولو كان في ذلك خسارة مادية ظاهرة ، فيأبون إلا ان يقولوا: سمعنا واطعنا.
فإذا ما خالف المرء ما وجه اليه ، ولم ينظر في مصلحة غيره ولم يبادر الى استشارة شركائه، فباع الى اجنبي عنهم، بادر الشرع لدفع ما قد يكون من خطر وما قد يقع من ضرر، فانتقل من التوجيه الى التشريع، فجعل الحق لهؤلاء الشركاء: ان يتملكوا حصة شريكهم رغما عن المالك الجديد لها، بمثل ما قامت عليه من ثمن. وبهذا تحقق مصالح الجميع ، وتلبي حاجات الناس، ويندفع الضرر عنهم، وتتلاشى اسباب البغضاء والشحناء، ويكون المسلمون مثل الجسد الواحد في الوئام والوفاق وكالبنيان في التماسك والتعاون والإحسان.
أركان الشفعة:
للشفعة اركان نبينها فيما يلي:
الشفيع (أي الذي له حق الشفعة):
علمنا من حكمة التشريع ان الشفعة شرعت لدفع الضرر المتوقع، وهذا المعنى قد يكون في الشريك، وقد يكون في غيره كالجار الملاصق مثلا، ولكن الشرع خصه في الشريك الذي لم يقاسم، وهو الذي يشترك مع غيره في الأصل وملحقاته، كأن يكون شريكا في الدار – مثلا – ومرافقها وطريقها، او في الأرض وحق شربها وحظائرها ونحو ذلك، كما صرح به الحديث: "في كل ما لم يقسم".
وصاحب الحق هذا يسمى : الشفيع.
وهكذا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسم الطريق واضحا لحفظ الود والوئام بين الناس، ويوجه الى أمثل خلق في التعامل، ونجد اصحابه – رضوان الله تعالى عليهم اجمعين – يلتزمون هديه فلا يحيدون عنه ، ولو كان في ذلك خسارة مادية ظاهرة ، فيأبون إلا ان يقولوا: سمعنا واطعنا.
فإذا ما خالف المرء ما وجه اليه ، ولم ينظر في مصلحة غيره ولم يبادر الى استشارة شركائه، فباع الى اجنبي عنهم، بادر الشرع لدفع ما قد يكون من خطر وما قد يقع من ضرر، فانتقل من التوجيه الى التشريع، فجعل الحق لهؤلاء الشركاء: ان يتملكوا حصة شريكهم رغما عن المالك الجديد لها، بمثل ما قامت عليه من ثمن. وبهذا تحقق مصالح الجميع ، وتلبي حاجات الناس، ويندفع الضرر عنهم، وتتلاشى اسباب البغضاء والشحناء، ويكون المسلمون مثل الجسد الواحد في الوئام والوفاق وكالبنيان في التماسك والتعاون والإحسان.
أركان الشفعة:
للشفعة اركان نبينها فيما يلي:
الشفيع (أي الذي له حق الشفعة):
علمنا من حكمة التشريع ان الشفعة شرعت لدفع الضرر المتوقع، وهذا المعنى قد يكون في الشريك، وقد يكون في غيره كالجار الملاصق مثلا، ولكن الشرع خصه في الشريك الذي لم يقاسم، وهو الذي يشترك مع غيره في الأصل وملحقاته، كأن يكون شريكا في الدار – مثلا – ومرافقها وطريقها، او في الأرض وحق شربها وحظائرها ونحو ذلك، كما صرح به الحديث: "في كل ما لم يقسم".
وصاحب الحق هذا يسمى : الشفيع.
فإذا قسمت
الدار او الأرض، واصبح كل من الشركاء مستقلا بنصيبه، فباع احدهم ما يملكه لأجنبي،
أي غير واحد من الشركاء السابقين، فليس لهم ان يأخذوا هذا النصيب بحق الشفعة، حتى
ولو كانت المرافق – كالممر وحق الشرب ونحو ذلك – مشتركة، لما جاء في الحديث:
"فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" وهؤلاء المستقلون بحصصهم ،
والمشتركون بالمرافق ، يسمى كل منهم بالشريك المخالط.
واذا لم تثبت الشفعة للشريك المخالط فلا تثبت للجار الملاصق وغيره من باب أولى. ولم تثبت الشفعة لغير الشريك الذي لم يقاسم – مع ان المعنى الذي شرعت من اجله، وهو دفع الضرر المتوقع، قد يوجد في غيره – لأنها شرعت كما علمت على خلاف الأصل، اذ الأصل ان لا يتملك احد شيئا قهرا عمن ملكه، وقد علمت ان الشفيع يتملك الحصة قهرا عن المشترى الذي ملكها بالشراء من الشريك القديم الشفيع.
والمراد بالأصل هنا: المعنى الذي يراعيه التشريع في غالب احكامه ، وهو الذي يسميه العلماء: علة الحكم ، وقد يطلقون عليه كلمة : القياس.
والقاعدة في التشريع الاسلامي: ان كل ما ثبت على خلاف الأصل يقتصر فيه على ما ورد بالنص، ولا يلحق به غيره، وقد يعبرون عن هذا بقولهم : ما ثبت على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس. وقد ورد النص الصحيح الصريح هنا بثبوت الشفعة للشريك الذي لم يقاسم ، فلا يلحق به غيره من شريك مقاسم اوجار ولا يقاس عليه. وما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم : "الجار احق بسبقه" ليس صريحا في ثبوت حق الشفعة، انما هو من باب الحث على تحصيل النفع للجار وانه اولى بالإحسان من غيره. على ان كلمة الجار عامة في اللغة، فتشمل الشريك وغيره. والأولى تفسيرها في الحديث بالشريك الذي ذكرناه ، لأن ابا رافع رضى الله عنه اورده بهذا المعنى حين طلب من شريكه ان يشتري بيتيه – أي غرفتيه – اللتين في داره، وواضح ان الدار لم تكن مقسومة ، والله تعالى اعلم.
تزاحم الشفعاء:
واذا لم تثبت الشفعة للشريك المخالط فلا تثبت للجار الملاصق وغيره من باب أولى. ولم تثبت الشفعة لغير الشريك الذي لم يقاسم – مع ان المعنى الذي شرعت من اجله، وهو دفع الضرر المتوقع، قد يوجد في غيره – لأنها شرعت كما علمت على خلاف الأصل، اذ الأصل ان لا يتملك احد شيئا قهرا عمن ملكه، وقد علمت ان الشفيع يتملك الحصة قهرا عن المشترى الذي ملكها بالشراء من الشريك القديم الشفيع.
والمراد بالأصل هنا: المعنى الذي يراعيه التشريع في غالب احكامه ، وهو الذي يسميه العلماء: علة الحكم ، وقد يطلقون عليه كلمة : القياس.
والقاعدة في التشريع الاسلامي: ان كل ما ثبت على خلاف الأصل يقتصر فيه على ما ورد بالنص، ولا يلحق به غيره، وقد يعبرون عن هذا بقولهم : ما ثبت على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس. وقد ورد النص الصحيح الصريح هنا بثبوت الشفعة للشريك الذي لم يقاسم ، فلا يلحق به غيره من شريك مقاسم اوجار ولا يقاس عليه. وما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم : "الجار احق بسبقه" ليس صريحا في ثبوت حق الشفعة، انما هو من باب الحث على تحصيل النفع للجار وانه اولى بالإحسان من غيره. على ان كلمة الجار عامة في اللغة، فتشمل الشريك وغيره. والأولى تفسيرها في الحديث بالشريك الذي ذكرناه ، لأن ابا رافع رضى الله عنه اورده بهذا المعنى حين طلب من شريكه ان يشتري بيتيه – أي غرفتيه – اللتين في داره، وواضح ان الدار لم تكن مقسومة ، والله تعالى اعلم.
تزاحم الشفعاء:
علمنا ان
الشفيع هو الشريك، فقد يكون للشريك البائع حصته اكثر من شريك، فيكون اصحاب الحق في
الشفعة متعددين ، وقد تكون حصصهم متساوية – كما لو كانوا يملكون الدار المبيعة
اثلاثا مثلا – وقد تكون متفاوتة ، كما لو كان احدهم يملك الربع والثاني الربع
والثالث النصف مثلا ، فاذا باع احدهم حصته، وليكن صاحب الربع مثلا، واراد شركاؤه
جميعا اخذ نصيبه بالشفعة، فهل يأخذونه بالسوية حسب عددهم، ام ان كلا منهم يأخذ
بنسبة حصته؟
والجواب: ان كلا منهم يأخذ بنسبة حصته، فمن كان له الربع يأخذ ثلث الحصة، ومن كان له النصف يأخذ ثلثيها، لأن سبب الاستحقاق هو الملك وهم متفاوتون فيه ، فيتفاوتون في الاستحقاق.
تجزئة الشفعة:
حق الشفعة من الأمور التي لا تتجزأ، فالشفيع: اما ان يأخذ نصيب شريكه المباع جميعه ، واما ان يتركه.
فاذا كان هناك اكثر من شفيع – كما سبق – ولم يرد بعضهم الأخذ بالشفعة، واسقط حقه: فالأصح ان باقي الشفعاء – او الشفيع الآخر – يخير بين اخذ الجميع او ترك الجميع، كما لو كان شفيع واحد، وليس لمن لم يسقط حقه ان يأخذ بقدر حصته. وذلك لكي لا تفرق الصفقة وتبعض على المشتري، فيناله بذلك ضرر، لأن مصلحته قد تكون في الجميع ، ولا يتحق غرضه في البعض.
غيبة بعض الشفعاء:
اذا كان احد الشفعاء او بعضهم غائبا كان للحاضرين طلب الشفعة والأخذ بها، وتقسم بينهم على قدر حصصهم كما علمنا ، لأن الغائب في حكم من اسقط حقه ، فلم يبق للحاضرين مزاحم، فلهم ان يأخذوا الكل ، وليس لهم الاقتصار على قدر حصصهم كما علمنا ، اذ من المحتمل ان لا يأخذ الغائب حصته اذا حضر فتتفرق الصفقة على المشتري:
فإذا اخذ الحاضرون الكل ثم حضر الغائب، كان له الحق ان يطالب بنصيبه ، وقاسم الشركاء فيما اخذوا بنسبة ما كان يملك.
والجواب: ان كلا منهم يأخذ بنسبة حصته، فمن كان له الربع يأخذ ثلث الحصة، ومن كان له النصف يأخذ ثلثيها، لأن سبب الاستحقاق هو الملك وهم متفاوتون فيه ، فيتفاوتون في الاستحقاق.
تجزئة الشفعة:
حق الشفعة من الأمور التي لا تتجزأ، فالشفيع: اما ان يأخذ نصيب شريكه المباع جميعه ، واما ان يتركه.
فاذا كان هناك اكثر من شفيع – كما سبق – ولم يرد بعضهم الأخذ بالشفعة، واسقط حقه: فالأصح ان باقي الشفعاء – او الشفيع الآخر – يخير بين اخذ الجميع او ترك الجميع، كما لو كان شفيع واحد، وليس لمن لم يسقط حقه ان يأخذ بقدر حصته. وذلك لكي لا تفرق الصفقة وتبعض على المشتري، فيناله بذلك ضرر، لأن مصلحته قد تكون في الجميع ، ولا يتحق غرضه في البعض.
غيبة بعض الشفعاء:
اذا كان احد الشفعاء او بعضهم غائبا كان للحاضرين طلب الشفعة والأخذ بها، وتقسم بينهم على قدر حصصهم كما علمنا ، لأن الغائب في حكم من اسقط حقه ، فلم يبق للحاضرين مزاحم، فلهم ان يأخذوا الكل ، وليس لهم الاقتصار على قدر حصصهم كما علمنا ، اذ من المحتمل ان لا يأخذ الغائب حصته اذا حضر فتتفرق الصفقة على المشتري:
فإذا اخذ الحاضرون الكل ثم حضر الغائب، كان له الحق ان يطالب بنصيبه ، وقاسم الشركاء فيما اخذوا بنسبة ما كان يملك.
والأصح: ان
لمن حضر من الشفعاء ان يؤخر الأخذ بالشفعة حتى يحضر الغائب، وذلك لأنه قد يكون له
غرض ظاهر في هذا ، فقد يكون غير قادر على اخذ الجميع، او لا يرغب ان يأخذ ما قد
يؤخذ منه اذا حضر الغائب.
المشفوع عليه:
وهو الذي انتقل اليه ملك نصيب الشريك القديم، والذي هو محل الشفعة.
ويشترط ان يكون انتقل الملك اليه بعوض: وقد يكون هذا العوض مالا ، كما اذا انتقل الملك اليه بالشراء، او بالصلح عن جناية موجبة للمال، كما اذا صالحه من الدية التي تثبتت عليه على نصف العقار الذي يملكه ، فلشريك المصالح ان يأخذ هذا الشِّقص بالشفعة.
وقد يكون العوض غير مال، كما اذا جعل نصيبه من العقار مهراً، او جعلته بدل الخُلع ، ونحو ذلك، فللشريك ايضا اخذ هذا النصيب ممن انتقل اليه بالشفعة . وذلك لأنه مملوك بعقد معاوضة فأشبه البيع.
ويأخذ الشفيع هذا الشقص بالثمن الذي ملك به اذا كانا مثليا، وبقيمته يوم البيع ان كان قيميا كثوب مثلا ، وبمهر المثل في النكاح والخلع يوم النكاح ويوم الخلع سواء أنقص عن قيمة النصيب او زاد.
فإذا انتقل الملك الى الشريك الجديد بغير عوض لم يكن للشريك القديم ان يأخذ الشقص بالشفعة، وذلك كما انتقل الملك اليه بهبة بغير عوض، او صدقة، او وصية، او انتقل اليه بواسطة الإرث، ونحو ذلك.
المشفوع فيه:
وهو الشئ الذي يريد الشفيع ان يتملكه بالشفعة.
ويشترط فيه ان يكون غير منقول، كالدور والأراضي ونحوها، ولا تثبت في المنقول كالحيوان والأمتعة ونحو ذلك.
ودليل هذا:
ما رواه جابر رضى الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشفعة في كل شِرْك: في ارض او ربع او حائط.." (اخرجه مسلم في المساقاة، باب : الشفعة، رقم: 1608).
[شرك: شئ مشترك. ربع: دار . حائط: بستان]
المشفوع عليه:
وهو الذي انتقل اليه ملك نصيب الشريك القديم، والذي هو محل الشفعة.
ويشترط ان يكون انتقل الملك اليه بعوض: وقد يكون هذا العوض مالا ، كما اذا انتقل الملك اليه بالشراء، او بالصلح عن جناية موجبة للمال، كما اذا صالحه من الدية التي تثبتت عليه على نصف العقار الذي يملكه ، فلشريك المصالح ان يأخذ هذا الشِّقص بالشفعة.
وقد يكون العوض غير مال، كما اذا جعل نصيبه من العقار مهراً، او جعلته بدل الخُلع ، ونحو ذلك، فللشريك ايضا اخذ هذا النصيب ممن انتقل اليه بالشفعة . وذلك لأنه مملوك بعقد معاوضة فأشبه البيع.
ويأخذ الشفيع هذا الشقص بالثمن الذي ملك به اذا كانا مثليا، وبقيمته يوم البيع ان كان قيميا كثوب مثلا ، وبمهر المثل في النكاح والخلع يوم النكاح ويوم الخلع سواء أنقص عن قيمة النصيب او زاد.
فإذا انتقل الملك الى الشريك الجديد بغير عوض لم يكن للشريك القديم ان يأخذ الشقص بالشفعة، وذلك كما انتقل الملك اليه بهبة بغير عوض، او صدقة، او وصية، او انتقل اليه بواسطة الإرث، ونحو ذلك.
المشفوع فيه:
وهو الشئ الذي يريد الشفيع ان يتملكه بالشفعة.
ويشترط فيه ان يكون غير منقول، كالدور والأراضي ونحوها، ولا تثبت في المنقول كالحيوان والأمتعة ونحو ذلك.
ودليل هذا:
ما رواه جابر رضى الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشفعة في كل شِرْك: في ارض او ربع او حائط.." (اخرجه مسلم في المساقاة، باب : الشفعة، رقم: 1608).
[شرك: شئ مشترك. ربع: دار . حائط: بستان]
ان الأخذ
بالشفعة ثبت بالنص على خلاف القياس في العقار، فلا يلحق به غيره ولا يُقاس عليه ما
ليس في معناه ، لأن الشفعة شرعت لدفع ضرر سوء الجِوار على الدوام، وما ينقل ويحول
لا يدوم الضرر فيه.
ويلحق بالعقار البناء والشجر اذا بيعا مع الأرض تبعا للأرض.
ويشترط في العقار ونحوه حتى تثبت فيه الشفعة: ان يكون قابلا للقسمة.
والعقار القابل للقسمة هو الذي إذا قسم كان قسم منه صالحا لتحقيق المنفعة المقصودة منه، فإذا ابطلت القسمة منفعته كان غير قابل للقسمة، وبالتالي لا يثبت فيه حق الشفعة، وذلك كحمام صغير وطاحون صغيرة ونحو ذلك.
ودليل ذلك:
انه صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. وهذا يدل على ان الشفعة فيما يمكن ان يقسم ما دام لم يقسم.
وكذلك: الشفعة انما ثبتت لدفع ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق، وذلك لا يوجد الا فيما يقبل القسمة.
وقيل: تثبت الشفعة في العقار ونحوه فيما لم يقسم، ولو كان غير قابل للقسمة، لعموم قوله: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم، ولأن الشفعة شُرعت لإزالة ضرر المشاركة ، وهذا المعنى في الذي لا يقسم آكد، لأن الضرر فيه يتأبد عند ذلك.
شروط الأخذ بالشفعة:
علمت اركان الشفعة وما يشترط في كل ركن منها، ونذكر لك الآن بعض الشروط الأخرى التي لابد منها حتى يثبت حق الأخذ بالشفعة، وهي:
ان يزول مِلْك الشريك الأول عن المشفوع فيه ويزول حقه فيه، فلو باع الشريك حصته لغير شريكه ، وشرط لنفسه الخيار ، فلا تثبت الشفعة مدة الخيار، وكذلك لو شرط الخيار للبائع والمشتري، لأن المبيع لم يخرج من ملك البائع في هذه المدة، فإذا انتهت المدة ولم يختر فسخ البيع فقد تم البيع وثبتت الشفعة.
اما لو شرط الخيار للمشتري وحده فإن الشفيع له ان يأخذ الشقص بالشفعة فور عقد البيع، لأن البيع قد خرج من ملك الشريك الأول بمجرد العقد وعدم شرط الخيار لنفسه.
ويلحق بالعقار البناء والشجر اذا بيعا مع الأرض تبعا للأرض.
ويشترط في العقار ونحوه حتى تثبت فيه الشفعة: ان يكون قابلا للقسمة.
والعقار القابل للقسمة هو الذي إذا قسم كان قسم منه صالحا لتحقيق المنفعة المقصودة منه، فإذا ابطلت القسمة منفعته كان غير قابل للقسمة، وبالتالي لا يثبت فيه حق الشفعة، وذلك كحمام صغير وطاحون صغيرة ونحو ذلك.
ودليل ذلك:
انه صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. وهذا يدل على ان الشفعة فيما يمكن ان يقسم ما دام لم يقسم.
وكذلك: الشفعة انما ثبتت لدفع ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق، وذلك لا يوجد الا فيما يقبل القسمة.
وقيل: تثبت الشفعة في العقار ونحوه فيما لم يقسم، ولو كان غير قابل للقسمة، لعموم قوله: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم، ولأن الشفعة شُرعت لإزالة ضرر المشاركة ، وهذا المعنى في الذي لا يقسم آكد، لأن الضرر فيه يتأبد عند ذلك.
شروط الأخذ بالشفعة:
علمت اركان الشفعة وما يشترط في كل ركن منها، ونذكر لك الآن بعض الشروط الأخرى التي لابد منها حتى يثبت حق الأخذ بالشفعة، وهي:
ان يزول مِلْك الشريك الأول عن المشفوع فيه ويزول حقه فيه، فلو باع الشريك حصته لغير شريكه ، وشرط لنفسه الخيار ، فلا تثبت الشفعة مدة الخيار، وكذلك لو شرط الخيار للبائع والمشتري، لأن المبيع لم يخرج من ملك البائع في هذه المدة، فإذا انتهت المدة ولم يختر فسخ البيع فقد تم البيع وثبتت الشفعة.
اما لو شرط الخيار للمشتري وحده فإن الشفيع له ان يأخذ الشقص بالشفعة فور عقد البيع، لأن البيع قد خرج من ملك الشريك الأول بمجرد العقد وعدم شرط الخيار لنفسه.
وكذلك لا يثبت
الأخذ بالشفعة اذا تبين فساد عقد التمليك وبطلانه، لأن ملك البائع ايضا لم يزل عن
البيع.
ان يكون الشفيع مالكا لما يشفع به عند عقد تمليك الشريك الجديد، وان يستمر ملْكه ذلك الى ان يقضي له بالشفعة على الأصح.
فلو اخرج الشفيع الشقص عن ملكه ببيع او هبة او نحو ذلك، قبل ان يقضي له بالشفعة، بطل حقه، سواء اكان عالما بهذا ام جاهلا وسواء اطالب بالشفعة ام لم يطالب، لزوال سبب الأخذ بالشفعة وهو الشركة.
وفي هذه الحالة لو طالب الشريك الجديد – وهو المتملك من الشفيع – ان يأخذ هو بالشفعة ما كان للشفيع ان يأخذه ، فليس له ذلك، لأنه لم يكن مالكا لما يشفع به عند عقد التمليك الأول.
ويستثنى من هذا: ما اذا مات الشفيع قبل القضاء له بالشفعة، فإن لوارثه ان يأخذ بها، مع انه لم يكن مالكا لما يشفع به عند البيع ونحوه، لأن الشفعة من الحقوق التي تورث وسواء اكان ذلك قبل طلب المورث الشفيع للشفعة ام بعدها.
ان لا يظهر من الشفيع ما يدل على اعراضه عن الأخذ بالشفعة، وذلك بأن يعلن رضاه بتمليك الشريك الجديد، او يكون منه ما يدل على عدم رغبته بالشفعة من قول او فعل او سكوت، كأن يحصل عقد البيع امامه، فيقوم ويغادر المجلس دون ان يطالب بالشفعة، او يبلغه خبر التمليك فلا يطالب بالشفعة زمنا طويلا من غير عذر ففي هذه الحالات ليس له ان يعود ويطالب بالشفعة.
إلا ان هناك حالات له ان يطالب فيها بالشفعة رغم ظهور الاعراض منه ، وهي:
أ- ان لا يُخبر بحقيقة العوض الذي حصل به التمليك، كما لو اخبر انه مائة الف مثلا ، فأعرض عن الطلب ثم تبين له بعد ذلك انه تسعون مثلا، لأن اعراضه اولا لم يكن عن رضا منه، وانما لارتفاع العوض فلم يكن اعراضه دليل الرضا بالشريك الجديد.
ان يكون الشفيع مالكا لما يشفع به عند عقد تمليك الشريك الجديد، وان يستمر ملْكه ذلك الى ان يقضي له بالشفعة على الأصح.
فلو اخرج الشفيع الشقص عن ملكه ببيع او هبة او نحو ذلك، قبل ان يقضي له بالشفعة، بطل حقه، سواء اكان عالما بهذا ام جاهلا وسواء اطالب بالشفعة ام لم يطالب، لزوال سبب الأخذ بالشفعة وهو الشركة.
وفي هذه الحالة لو طالب الشريك الجديد – وهو المتملك من الشفيع – ان يأخذ هو بالشفعة ما كان للشفيع ان يأخذه ، فليس له ذلك، لأنه لم يكن مالكا لما يشفع به عند عقد التمليك الأول.
ويستثنى من هذا: ما اذا مات الشفيع قبل القضاء له بالشفعة، فإن لوارثه ان يأخذ بها، مع انه لم يكن مالكا لما يشفع به عند البيع ونحوه، لأن الشفعة من الحقوق التي تورث وسواء اكان ذلك قبل طلب المورث الشفيع للشفعة ام بعدها.
ان لا يظهر من الشفيع ما يدل على اعراضه عن الأخذ بالشفعة، وذلك بأن يعلن رضاه بتمليك الشريك الجديد، او يكون منه ما يدل على عدم رغبته بالشفعة من قول او فعل او سكوت، كأن يحصل عقد البيع امامه، فيقوم ويغادر المجلس دون ان يطالب بالشفعة، او يبلغه خبر التمليك فلا يطالب بالشفعة زمنا طويلا من غير عذر ففي هذه الحالات ليس له ان يعود ويطالب بالشفعة.
إلا ان هناك حالات له ان يطالب فيها بالشفعة رغم ظهور الاعراض منه ، وهي:
أ- ان لا يُخبر بحقيقة العوض الذي حصل به التمليك، كما لو اخبر انه مائة الف مثلا ، فأعرض عن الطلب ثم تبين له بعد ذلك انه تسعون مثلا، لأن اعراضه اولا لم يكن عن رضا منه، وانما لارتفاع العوض فلم يكن اعراضه دليل الرضا بالشريك الجديد.
ب- ان يخبر ان
المشتري فلان، فلا يطالب بالشفعة، ثم يتبين له انه غير، فله ان يطالب بها، لأنه قد
يرغب في مشاركة انسان ولا يرغب بمشاركة آخر، ولهذا لم يطلب اولا، ولم يكن ذلك
بتقصير منه.
ج- ان يخبر بأن العوض معجل ، ثم يتبين له انه مؤجل، فله ان يطالب بالشفعة ولو ظهر منه إعراض اولا، اذ قد يقدر على اخذ الشقص بمؤجل، ولا يقدر على اخذه بمعجل.
د- ان لا يخبر بقدر المبيع حقيقة، كما لو اخبر ان المبيع نصف الشقص فتبين انه جميعه، او ان المبيع الشقص كله فتبين انه جزء منه ، فإذا ظهر منه الإعراض اولا حق له ان يطالب بعد تبين الحقيقة، لأنه قد يرغب بتملك قدر معين ولا يرغب بتملك قدر غيره.
ان يبادر الشفيع الى الطلب بالشفعة بحسب الإمكان، وذلك ان حق الشفعة حق فوري، لأنه ثبت على خلاف القياس كما علمت، فهو حق ضعيف وقد جاء في الحديث: "الشفعة كحل العقال" (اخرجه ابن ماجه في الشفعة، باب: طلب الشفعة، رقم: 2500).
ومعناه : انها تفوت ان لم يبادر الى طلبها، كما ان البعير يشرد فورا اذا حل عقاله ، أي رباطه ، ولذا يجب على الشفيع المبادرة الى الطلب بها عند علمه بانتقال الملك من شريكه الى غيره حسب العادة وقدر الإمكان، فلو علم ليلا كان له تأخير ذلك الى النهار، وان كان مريضا او غائبا عن البلد فليوكل بذلك او ليشهد على طلبه، فإن قصر فيما هو قادر عليه سقط حقه على الأظهر.
ولا يشترط لثبوت الحق حكم حاكم ولا حضور المشتري ولا رضاه، واحضار الثمن، وانما يشترط طلبها بلفظ يدل على الأخذ بها، كتملكت او اخذت بالشفعة.
ويشترط تسليم العوض الى المشتري، او رضاه بأن يكون في ذمة الشفيع، واذا لم يحصل هذا وقضى له القاضي بالشفعة ملك بها في الأصح.
أحكام الشفعة:
سقوط حق الشفعة:
ج- ان يخبر بأن العوض معجل ، ثم يتبين له انه مؤجل، فله ان يطالب بالشفعة ولو ظهر منه إعراض اولا، اذ قد يقدر على اخذ الشقص بمؤجل، ولا يقدر على اخذه بمعجل.
د- ان لا يخبر بقدر المبيع حقيقة، كما لو اخبر ان المبيع نصف الشقص فتبين انه جميعه، او ان المبيع الشقص كله فتبين انه جزء منه ، فإذا ظهر منه الإعراض اولا حق له ان يطالب بعد تبين الحقيقة، لأنه قد يرغب بتملك قدر معين ولا يرغب بتملك قدر غيره.
ان يبادر الشفيع الى الطلب بالشفعة بحسب الإمكان، وذلك ان حق الشفعة حق فوري، لأنه ثبت على خلاف القياس كما علمت، فهو حق ضعيف وقد جاء في الحديث: "الشفعة كحل العقال" (اخرجه ابن ماجه في الشفعة، باب: طلب الشفعة، رقم: 2500).
ومعناه : انها تفوت ان لم يبادر الى طلبها، كما ان البعير يشرد فورا اذا حل عقاله ، أي رباطه ، ولذا يجب على الشفيع المبادرة الى الطلب بها عند علمه بانتقال الملك من شريكه الى غيره حسب العادة وقدر الإمكان، فلو علم ليلا كان له تأخير ذلك الى النهار، وان كان مريضا او غائبا عن البلد فليوكل بذلك او ليشهد على طلبه، فإن قصر فيما هو قادر عليه سقط حقه على الأظهر.
ولا يشترط لثبوت الحق حكم حاكم ولا حضور المشتري ولا رضاه، واحضار الثمن، وانما يشترط طلبها بلفظ يدل على الأخذ بها، كتملكت او اخذت بالشفعة.
ويشترط تسليم العوض الى المشتري، او رضاه بأن يكون في ذمة الشفيع، واذا لم يحصل هذا وقضى له القاضي بالشفعة ملك بها في الأصح.
أحكام الشفعة:
سقوط حق الشفعة:
علمنا أن حق
الشُفعة حق ضعيف، ولذا يتعرض للسقوط بأقل الأسباب، ومن هذه الأسباب ما علم مما مر:
كالإعراض عن الطلب بها، وكذلك عدم المبادرة اليها، وخروج الشقص عن ملكه قبل الحكم
بها، ونحو ذلك.
ومن ذلك ايضا: الصلح عن الشفعة على عوض، كما لو صالح الشفيع المشتري على شئ من مال ليترك له الشقص الذي اشتراه، فإن الصلح باطل، ولا يستحق شيئا من العوض، وبالتالي سقط حقه في الشفعة.
تصرف المشتري في المشفوع فيه:
على من اشترى شقصا من عقار او دار ان يتريث في التصرف فيما اشتراه، حتى يتبين له موقف الشفيع من حيث المطالبة بالشفعة او التنازل عنها ، لأن حق الشفيع متقدم على حقه، واستقرار ملكه فيما اشتراه متوقف على اسقاط الشفيع حقه في الشفعة.
فإذا تصرف المشتري قبل طلب الشفيع او تبين الحال كان تصرفه صحيحا ونافذا، لأنه يتصرف في ملكه وان لم يلزم ويستقر. ولكن هل يبطل تصرفه ذلك حق الشفيع؟
والجواب: ان ذلك لا يبطل حقه، بل للشفيع ان ينقض كل تصرف لا شفعة فيه لو وجد ابتداء، كالهبة والوقف والاجارة، وان يأخذ الشقص بالشُفعة، لأن حقه سابق على هذه التصرفات ، فلا يبطل بها.
واما اذا كان التصرف الجديد مما تثبت به الشُفعة ايضا ، كالبيع مثلا ونحوه من التمليك بعوض، كان له الخيار: بين ان يأخذ الشقص بالشُفعة بناء على التصرف الجديد، وبين ان ينقضه ويأخذ بالحق الثابت له اولا.
وفائدة هذا التخيير: ان العوض قد يكون في أحدهما اقل او ايسر في جنسه عليه، فيختار ما فيه مصلحته.
ولو تصرف المشتري في الشقص تصرفا يزيد فيه او ينقص منه:
كما لو زرع الأرض او غرس فيها او بنى ، كان للشفيع ان يكلفه قلع ما فعل وتسوية الأرض، لأنه متعد في فعله ، وله ان يأخذ الغراس او البناء بقيمته مقلوعا.
ومن ذلك ايضا: الصلح عن الشفعة على عوض، كما لو صالح الشفيع المشتري على شئ من مال ليترك له الشقص الذي اشتراه، فإن الصلح باطل، ولا يستحق شيئا من العوض، وبالتالي سقط حقه في الشفعة.
تصرف المشتري في المشفوع فيه:
على من اشترى شقصا من عقار او دار ان يتريث في التصرف فيما اشتراه، حتى يتبين له موقف الشفيع من حيث المطالبة بالشفعة او التنازل عنها ، لأن حق الشفيع متقدم على حقه، واستقرار ملكه فيما اشتراه متوقف على اسقاط الشفيع حقه في الشفعة.
فإذا تصرف المشتري قبل طلب الشفيع او تبين الحال كان تصرفه صحيحا ونافذا، لأنه يتصرف في ملكه وان لم يلزم ويستقر. ولكن هل يبطل تصرفه ذلك حق الشفيع؟
والجواب: ان ذلك لا يبطل حقه، بل للشفيع ان ينقض كل تصرف لا شفعة فيه لو وجد ابتداء، كالهبة والوقف والاجارة، وان يأخذ الشقص بالشُفعة، لأن حقه سابق على هذه التصرفات ، فلا يبطل بها.
واما اذا كان التصرف الجديد مما تثبت به الشُفعة ايضا ، كالبيع مثلا ونحوه من التمليك بعوض، كان له الخيار: بين ان يأخذ الشقص بالشُفعة بناء على التصرف الجديد، وبين ان ينقضه ويأخذ بالحق الثابت له اولا.
وفائدة هذا التخيير: ان العوض قد يكون في أحدهما اقل او ايسر في جنسه عليه، فيختار ما فيه مصلحته.
ولو تصرف المشتري في الشقص تصرفا يزيد فيه او ينقص منه:
كما لو زرع الأرض او غرس فيها او بنى ، كان للشفيع ان يكلفه قلع ما فعل وتسوية الأرض، لأنه متعد في فعله ، وله ان يأخذ الغراس او البناء بقيمته مقلوعا.
ولو كان في
الأرض بناء او شجر، فهدم البناء او قطع الشجر، فللشفيع اخذ الشقص بما يخصه من
الثمن ، بعد نقص قيمة البناء او الشجر يوم العقد ، لأنهما – وان كانا تابعين للأرض
– صارا مقابلين بشئ من الثمن لأنه قصد اتلافهما.
وكذلك الحال لو تلف بعض الأرض بغرق أوانهيار، فإنه يسقط من الثمن ما يقابل القسم التالف منها، لأنه بعض الأصل.
اما لو تلف البناء او الشجر بغير صنع احد: كان للشفيع ان يأخذ الأرض بكل الثمن او يدعها، ولا يسقط شئ من الثمن ، لأن البناء والشجر تابع للأرض، ويدخلان معها في البيع ولو لم يذكر في العقد، فلا يقابلهما شئ من الثمن بخصوصهما.
نقص الثمن على المشتري او الزيادة فيه:
إذ حط البائع بعض الثمن عن المشتري او زاد فيه، وأراد الشفيع الأخذ بالشفعة، فهل يستفيد من هذا النقص او تلزمه تلك الزيادة؟ والجواب:
اذا كانت الزيادة او النقص بعد لزوم البيع واستقراره، كما اذا كان البيع باتا لا خيار فيه، وتفرق العاقدان من المجلس، او كان ذلك بعد انتهاء مدة الخيار ان كان مشروطا، لم يلحق ذلك الشفيع ، لأن نقص الثمن في هذه الحال يكون بمثابة هبة من البائع للمشتري، والزيادة فيه بمثابة هبة من المشتري للبائع، ولا صلة لهذا بالثمن لأن العقد قد تم قبل ذلك.
واذا كانت الزيادة او النقص قبل لزوم البيع واستقراره ، كما لو كانت في مجلس العقد وقبل التفرق، او كانت في مدة الخيار ان كان مشروطا، لحق ذلك الشفيع، فينحط عنه من الثمن ما حطه البائع، كما يلزمه ما زاد فيه المشتري، لأن ذلك يعتبر لاحقا للعقد وجزءا منه، طالما انه وقع قبل لزوم العقد واستقراره.
أخذ ما بيع مؤجلا:
اذا باع الشريك نصيبه بثمن الى اجل، وطلب الشفيع ان يأخذ بالشفعة، فهل يستفيد من تأجيل الثمن؟ والجواب:
وكذلك الحال لو تلف بعض الأرض بغرق أوانهيار، فإنه يسقط من الثمن ما يقابل القسم التالف منها، لأنه بعض الأصل.
اما لو تلف البناء او الشجر بغير صنع احد: كان للشفيع ان يأخذ الأرض بكل الثمن او يدعها، ولا يسقط شئ من الثمن ، لأن البناء والشجر تابع للأرض، ويدخلان معها في البيع ولو لم يذكر في العقد، فلا يقابلهما شئ من الثمن بخصوصهما.
نقص الثمن على المشتري او الزيادة فيه:
إذ حط البائع بعض الثمن عن المشتري او زاد فيه، وأراد الشفيع الأخذ بالشفعة، فهل يستفيد من هذا النقص او تلزمه تلك الزيادة؟ والجواب:
اذا كانت الزيادة او النقص بعد لزوم البيع واستقراره، كما اذا كان البيع باتا لا خيار فيه، وتفرق العاقدان من المجلس، او كان ذلك بعد انتهاء مدة الخيار ان كان مشروطا، لم يلحق ذلك الشفيع ، لأن نقص الثمن في هذه الحال يكون بمثابة هبة من البائع للمشتري، والزيادة فيه بمثابة هبة من المشتري للبائع، ولا صلة لهذا بالثمن لأن العقد قد تم قبل ذلك.
واذا كانت الزيادة او النقص قبل لزوم البيع واستقراره ، كما لو كانت في مجلس العقد وقبل التفرق، او كانت في مدة الخيار ان كان مشروطا، لحق ذلك الشفيع، فينحط عنه من الثمن ما حطه البائع، كما يلزمه ما زاد فيه المشتري، لأن ذلك يعتبر لاحقا للعقد وجزءا منه، طالما انه وقع قبل لزوم العقد واستقراره.
أخذ ما بيع مؤجلا:
اذا باع الشريك نصيبه بثمن الى اجل، وطلب الشفيع ان يأخذ بالشفعة، فهل يستفيد من تأجيل الثمن؟ والجواب:
ان الشفيع في
هذه الحالة يخير: بين ان يأخذ بالشفعة في الحال ويعجل الثمن ، وبين ان يؤجل الأخذ
بالشفعة الى حلول الاجل، فإذا حل الأجل، دفع الثمن وأخذ المبيع، ولا يسقط حقه بهذا
التأخير لأنه معذور به، لأننا لو ألزمناه الأخذ في الحال مع تعجيل الثمن كان في
ذلك إضرار به، لأن الأجل غالبا ما يقابل بقسط من الثمن، فما بيع مؤجلا يغلب ان
يكون ثمنه اكثر مما بيع حالا. ولو اجزنا له ان يأخذ الشقص المبيع في الحال بالثمن
المؤجل كان في ذلك إضرار وقد لا يرضى المشتري – الذي سيدفع هو الثمن للبائع، ويأخذ
الثمن من الشفيع – قد لا يرضى ان يبيعه الى اجل باختياره، فإذا الزمناه بذلك
اضررنا به ، فكان في تخييره على ما ذكر دفع للضرر عن الجانبين.
ولو رضى المشتري ان ياخذ الشفيع الشفعة في الحال، وان يؤجل الثمن الى وقت حلوله، فأبى الشفيع الا ان يؤجل الأخذ الى وقت الحلول، بطل حقه في الشفعة على الأصح.
اختلاف المشتري والشفيع:
قد يختلف الشفيع والمشتري في قدر الثمن، فيقول الشفيع: اشتريته بألف مثلا، ويقول المشتري: اشتريته بألف ومائة ، ولا بينة على ذلك، يصدق المشتري بيمينه، لأنه اعلم بما باشره من الشراء وما دفعه من الثمن، ولأن الشفيع يدعي عليه الاستحقاق بالأقل وهو ينكر ذلك، والقول دائما قول المنكر بيمينه، فإذا نكل المشتري في اليمين – أي امتنع من الحلف – حلف الشفيع على مدعاه، واخذ الشقص بما حلف عليه.
واذا اختلفا في البيع اصلا، فأنكر المشتري الشراء والشفيع يدعيه، فيصدق المشتري بيمينه، لأن الأصل عدم الشراء، إلا اذا اعترف الشريك القديم بالبيع.
وكذلك الحال لو انكر المشتري كون الشفيع الطالب شريكا، فيحلف على نفي العلم بشركته، لأن الأصل عدمها والقول قول من يتمسك بالأصل.
**********
الباب الثاني
المساقاة والمزارعة والمخابرة
المسَاقَاة
تعريفها:
هي – في اللغة – مأخوذة من السَّقْي.
ولو رضى المشتري ان ياخذ الشفيع الشفعة في الحال، وان يؤجل الثمن الى وقت حلوله، فأبى الشفيع الا ان يؤجل الأخذ الى وقت الحلول، بطل حقه في الشفعة على الأصح.
اختلاف المشتري والشفيع:
قد يختلف الشفيع والمشتري في قدر الثمن، فيقول الشفيع: اشتريته بألف مثلا، ويقول المشتري: اشتريته بألف ومائة ، ولا بينة على ذلك، يصدق المشتري بيمينه، لأنه اعلم بما باشره من الشراء وما دفعه من الثمن، ولأن الشفيع يدعي عليه الاستحقاق بالأقل وهو ينكر ذلك، والقول دائما قول المنكر بيمينه، فإذا نكل المشتري في اليمين – أي امتنع من الحلف – حلف الشفيع على مدعاه، واخذ الشقص بما حلف عليه.
واذا اختلفا في البيع اصلا، فأنكر المشتري الشراء والشفيع يدعيه، فيصدق المشتري بيمينه، لأن الأصل عدم الشراء، إلا اذا اعترف الشريك القديم بالبيع.
وكذلك الحال لو انكر المشتري كون الشفيع الطالب شريكا، فيحلف على نفي العلم بشركته، لأن الأصل عدمها والقول قول من يتمسك بالأصل.
**********
الباب الثاني
المساقاة والمزارعة والمخابرة
المسَاقَاة
تعريفها:
هي – في اللغة – مأخوذة من السَّقْي.
وشرعا: هي ان
يتعاقد صاحب الشجر مع غيره، على ان يقوم بإصلاحه وتعهده وما يحتاج إليه من عمل،
ويأخذ جزءا معينا مما يخرج منه من ثمر.
وسميت مساقاة: لأن هذا العمل يحتاج الى السقي بالماء ونضحه ونقله أكثر من غيره، فهو أكثر الأعمال مشقة على العامل، وأنفعها للمتعاقد من اجله وهو الشجر.
وتسمى معاملة ، وتسميتها مساقاة أولى، لما ذكر.
مشروعيتها:
المساقاة مشروعة وجائزة ، وقد دل على مشروعيتها:
السنّة: ومن ذلك ما رواه عبدالله بن عمر رضى الله عنهما: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر او زرع، وفي رواية: عامل اهل خيبر.. (اخرجه البخاري: المزارعة، باب: المزارعة بالشطر ونحوه، رقم: 2203، ومسلم : المساقاة، باب: المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع، رقم: 1551).
إجماع الصحابة رضى الله عنهم ، فقد استمروا على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافة ابي بكر وعمر رضى الله عنهما، ولم ينكر ذلك احد منهم. (انظر البخاري ومسلم الموضع المذكور قبل).
حكمة مشروعيتها:
وسميت مساقاة: لأن هذا العمل يحتاج الى السقي بالماء ونضحه ونقله أكثر من غيره، فهو أكثر الأعمال مشقة على العامل، وأنفعها للمتعاقد من اجله وهو الشجر.
وتسمى معاملة ، وتسميتها مساقاة أولى، لما ذكر.
مشروعيتها:
المساقاة مشروعة وجائزة ، وقد دل على مشروعيتها:
السنّة: ومن ذلك ما رواه عبدالله بن عمر رضى الله عنهما: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر او زرع، وفي رواية: عامل اهل خيبر.. (اخرجه البخاري: المزارعة، باب: المزارعة بالشطر ونحوه، رقم: 2203، ومسلم : المساقاة، باب: المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع، رقم: 1551).
إجماع الصحابة رضى الله عنهم ، فقد استمروا على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافة ابي بكر وعمر رضى الله عنهما، ولم ينكر ذلك احد منهم. (انظر البخاري ومسلم الموضع المذكور قبل).
حكمة مشروعيتها:
إن الحكمة من
مشروعية المساقاة هي تلبية الحاجة الداعية الى ذلك، والتيسير على الناس في تحقيق
مصالحهم المشتركة من غير ضرر ولا ضرار، فقد يكون للرجل الأرض والشجر ولا قدرة له
على تعهدها والانتفاع بها، ويكون غيره لا ارض له ولا شجر، ولديه القدرة البدنية
والخبرة العملية لإصلاح الشجر واستثماره . وفي استئجار من يقوم بالعمل احتمال ضرر
بالغ بالمالك، فقد يهمل الأجير العمل، فلا يخرج شئ من الثمر، او يخرج قليل منه لا
يقابل الأجر الذي غرمه المالك، وربما غرمه فور التعاقد على العمل. فبهذا العقد
ينشط العامل ويندفع للعمل، فربما كان الثمر كثيرا، فينتفع هو مقابل جهده، وينتفع
المالك من ثمرة ملكه دون ان يقع عليه ضرر، فتتحقق مصلحة الطرفين ، بل مصلحة
المجتمع بالانتفاع برزق الله عز وجل ، الذي يكون ثمرة الكسب والعمل والبذل، مع
الصدق والأمانة والحفظ.
أركانها:
للمساقاة أركان ستة: مالك، وعامل، وصيغة ،ومورد، وعمل، وثمر، ولكل منها شروط، وسنبينها مع شروطها بعون الله تعالى.
1- المالك:
ويشترط فيه أن يكون كامل الأهلية، إن قام بالتعاقد لنفسه، فإن كان المالك غير اهل للتعاقد – كالصبي والمجنون والمحجور عليه لسفه – ودعت الحاجة والمصلحة الى هذا التعاقد ، قام بالتعاقد من له ولاية على المالك ، او من له ولاية على المِلْك كأن كان المالك غير معين – كمال بيت المال والوقف – قام بذلك ناظر الوقف والحاكم او نائبه.
2- العامل:
ويشترط فيه ما يشترط في المالك من الأهلية ، فلا تصح اذا كان صبيا او مجنونا.
3- الصيغة:
لابد في المساقاة من ايجاب وقبول ، فالإيجاب قد يكون بلفظ صريح: كأن يقول ساقيتك على هذا النخيل – مثلا – بكذا من الثمرة، وبلفظ الكناية : كقوله سلمت اليك هذا الشجر لتتعهده بكذا، او اعمل على هذا الشجر بكذا، ونحو ذلك من الألفاظ التي يتعارفها الناس في هذا التعاقد، فإذا قبل العامل بلفظ يدل على رضاه بما اوجبه المالك صحت المساقاة.
أركانها:
للمساقاة أركان ستة: مالك، وعامل، وصيغة ،ومورد، وعمل، وثمر، ولكل منها شروط، وسنبينها مع شروطها بعون الله تعالى.
1- المالك:
ويشترط فيه أن يكون كامل الأهلية، إن قام بالتعاقد لنفسه، فإن كان المالك غير اهل للتعاقد – كالصبي والمجنون والمحجور عليه لسفه – ودعت الحاجة والمصلحة الى هذا التعاقد ، قام بالتعاقد من له ولاية على المالك ، او من له ولاية على المِلْك كأن كان المالك غير معين – كمال بيت المال والوقف – قام بذلك ناظر الوقف والحاكم او نائبه.
2- العامل:
ويشترط فيه ما يشترط في المالك من الأهلية ، فلا تصح اذا كان صبيا او مجنونا.
3- الصيغة:
لابد في المساقاة من ايجاب وقبول ، فالإيجاب قد يكون بلفظ صريح: كأن يقول ساقيتك على هذا النخيل – مثلا – بكذا من الثمرة، وبلفظ الكناية : كقوله سلمت اليك هذا الشجر لتتعهده بكذا، او اعمل على هذا الشجر بكذا، ونحو ذلك من الألفاظ التي يتعارفها الناس في هذا التعاقد، فإذا قبل العامل بلفظ يدل على رضاه بما اوجبه المالك صحت المساقاة.
ولا تنعقد
بلفظ الإجارة على الأصح، فلو قال: استأجرتك لتقوم بتعهدها بكذا من ثمرتها، لم
تنعقد مساقاة، لأن لفظ الإجارة صريح في عقد آخر، ولم تنعقد إجارة لجهالة الأجرة في
هذه الحالة.
ولا بد لصحة الانعقاد من القبول على ما ذكرنا، وان يكون لفظا متصلا بالإيجاب عرفا، وتقوم الإشارة والكتابة من الأخرس مقام اللفظ.
4- موردها:
أي ما ترد عليه صيغة المساقاة، وما يصح ان يحصل التعاقد على اصلاحه وتعهده من الشجر، وهو شجر النخيل والعنب.
وذلك لأن النص قد ورد في النخيل صراحة، فقد جاء في رواية من حديث ابن عمر رضى الله عنهما: "دفع الى اهل خيبر نخلها وارضها..".
وقيس شجر العنب على النخيل لأنه في معناه، لأن ثمر كل منهما تجب فيه الزكاة باتفاق الفقهاء، ويتأتي فيه الخرص – أي تقدير ما يكون في رطبه من يابس – ولكل منهما رطب ويابس يدخر ويقتات به ، فالنخيل يؤكل ثمره رُطبا ويصير تمرا، وشجر العنب يؤكل ثمره عنبا كما يصبح زبيبا.
واختار بعض أئمة المذهب ومرجحيه صحة ورودها على جميع الاشجار المثمرة ، قياسا على النخيل والعنب ، ولعموم قوله "من ثمر..".
ولعل هذا الذي اختاره هو الأرجح والأوفق لحكمة التشريع، من رعاية المصالح والتيسير على الناس، ولاسيما في هذه الأزمان التي كثر فيها تنوع الاشجار المثمرة، فصارت الحاجة ملحة لصحة المساقاة في كل شجر، ولعل سبب ورود النص على النخيل انه كان الأكثر والغالب في بلاد العرب ولاسيما الحجاز، وخصوصا خيبر، يدل على هذا اختلاف روايات الحديث، وان الأكثر منها لم يذكر فيه النخيل، والله تعالى اعلم.
وصحتها في كل الأشجار المثمرة هو قول الشافعي رحمه الله تعالى القديم، ومذهب اكثر الفقهاء غير الشافعية
5- العمل :
وهو ما يقوم به العامل من جهد لرعاية الشجر واصلاحه.
وعلى العامل ان يقوم بكل عمل يحتاج اليه لصلاح الثمر واستزادته،مما يتكرر كل سنة:
ولا بد لصحة الانعقاد من القبول على ما ذكرنا، وان يكون لفظا متصلا بالإيجاب عرفا، وتقوم الإشارة والكتابة من الأخرس مقام اللفظ.
4- موردها:
أي ما ترد عليه صيغة المساقاة، وما يصح ان يحصل التعاقد على اصلاحه وتعهده من الشجر، وهو شجر النخيل والعنب.
وذلك لأن النص قد ورد في النخيل صراحة، فقد جاء في رواية من حديث ابن عمر رضى الله عنهما: "دفع الى اهل خيبر نخلها وارضها..".
وقيس شجر العنب على النخيل لأنه في معناه، لأن ثمر كل منهما تجب فيه الزكاة باتفاق الفقهاء، ويتأتي فيه الخرص – أي تقدير ما يكون في رطبه من يابس – ولكل منهما رطب ويابس يدخر ويقتات به ، فالنخيل يؤكل ثمره رُطبا ويصير تمرا، وشجر العنب يؤكل ثمره عنبا كما يصبح زبيبا.
واختار بعض أئمة المذهب ومرجحيه صحة ورودها على جميع الاشجار المثمرة ، قياسا على النخيل والعنب ، ولعموم قوله "من ثمر..".
ولعل هذا الذي اختاره هو الأرجح والأوفق لحكمة التشريع، من رعاية المصالح والتيسير على الناس، ولاسيما في هذه الأزمان التي كثر فيها تنوع الاشجار المثمرة، فصارت الحاجة ملحة لصحة المساقاة في كل شجر، ولعل سبب ورود النص على النخيل انه كان الأكثر والغالب في بلاد العرب ولاسيما الحجاز، وخصوصا خيبر، يدل على هذا اختلاف روايات الحديث، وان الأكثر منها لم يذكر فيه النخيل، والله تعالى اعلم.
وصحتها في كل الأشجار المثمرة هو قول الشافعي رحمه الله تعالى القديم، ومذهب اكثر الفقهاء غير الشافعية
5- العمل :
وهو ما يقوم به العامل من جهد لرعاية الشجر واصلاحه.
وعلى العامل ان يقوم بكل عمل يحتاج اليه لصلاح الثمر واستزادته،مما يتكرر كل سنة:
فعليه السقي
وما يتعلق به: من اصلاح طرق الماء، وفتح رأس الساقية وسدها عند السقي، وتنقية مجرى
الماء من طين وعشب ونحوه، واصلاح الحفر حول اصول الشجر ليستقر فيها الماء.
وعليه تلقيح الأشجار ونحوه.
وكذلك إزالة قضبان مضرّة وتنحية اعشاب وحشائش قد تؤثر على الشجر.
وعليه – ايضا – تعريش ما جرت العادة بتعريشه من الأشجار في تلك البقاع، ووضع حشائش ونحوها على الثمار لصيانتها من الشمس، حسب العادة والحاجة.
والأصح أن عليه حفظ الثمر وصيانته من السرّاق، وكذلك عليه حفظه من الحشرات بالرش بالمبيدات ونحو ذلك، كما ان عليه قطعه وتجفيفه إن كان مما يجفف ، كثمر النخيل والعنب والتين.
فإن عجز عن بعض هذه الأعمال – لكثرة الشجر مثلا او كبر البستان – استعان عليها ، وكانت نفقتها عليه.
وليس عليه ان يقوم بأي عمل يقصد به حفظ الشجر، ولا يتكرر كل سنة.
فليس عليه بناء حيطان ، ولا حفر نهر جديد او بئر، ولا نصب باب، ولا ادوات حراثة، ولا ما يستخرج به الماء كمحرّك ، ونحو ذلك، بل ذلك كله ونفقاته على المالك.
ولو شرط المالك على العامل القيام بما ليس عليه لم تصحّ المساقاة، وكذلك لو شرط العامل على المالك القيام بما هو من واجب العامل.
ويشترط في صحة المساقاة:
ان ينفرد العامل بالعمل وباليد، أي في التخلية بينه وبين المعقود عليه وان يسلم اليه، ليتمكن من العمل متى شاء. فلو شرط بقاء البستان في يد المالك، او اشتراكهما في اليد لم تصح المساقاة، ولو شرط المالك وجود اجير له، ليقوم عنه بما يترتب عليه ويخصه من اعمال، صحّ.
كما يشترط معرفة قدر العمل إجمالا، وذلك بذكر مدة تثمر فيها الأشجار المعقود عليها غالبا وتبقى صالحة للاستغلال.
فلا تصحّ مطلقة عن المدة ، أو مقيدة بزمن لا تثمر فيه تلك الأشجار غالباً ، لخلوّها عن العوض بالنسبة للعامل ، ولا مقّيدة بزمن لا تبقي فيه الأشجار صالحة للأستغلال .
وعليه تلقيح الأشجار ونحوه.
وكذلك إزالة قضبان مضرّة وتنحية اعشاب وحشائش قد تؤثر على الشجر.
وعليه – ايضا – تعريش ما جرت العادة بتعريشه من الأشجار في تلك البقاع، ووضع حشائش ونحوها على الثمار لصيانتها من الشمس، حسب العادة والحاجة.
والأصح أن عليه حفظ الثمر وصيانته من السرّاق، وكذلك عليه حفظه من الحشرات بالرش بالمبيدات ونحو ذلك، كما ان عليه قطعه وتجفيفه إن كان مما يجفف ، كثمر النخيل والعنب والتين.
فإن عجز عن بعض هذه الأعمال – لكثرة الشجر مثلا او كبر البستان – استعان عليها ، وكانت نفقتها عليه.
وليس عليه ان يقوم بأي عمل يقصد به حفظ الشجر، ولا يتكرر كل سنة.
فليس عليه بناء حيطان ، ولا حفر نهر جديد او بئر، ولا نصب باب، ولا ادوات حراثة، ولا ما يستخرج به الماء كمحرّك ، ونحو ذلك، بل ذلك كله ونفقاته على المالك.
ولو شرط المالك على العامل القيام بما ليس عليه لم تصحّ المساقاة، وكذلك لو شرط العامل على المالك القيام بما هو من واجب العامل.
ويشترط في صحة المساقاة:
ان ينفرد العامل بالعمل وباليد، أي في التخلية بينه وبين المعقود عليه وان يسلم اليه، ليتمكن من العمل متى شاء. فلو شرط بقاء البستان في يد المالك، او اشتراكهما في اليد لم تصح المساقاة، ولو شرط المالك وجود اجير له، ليقوم عنه بما يترتب عليه ويخصه من اعمال، صحّ.
كما يشترط معرفة قدر العمل إجمالا، وذلك بذكر مدة تثمر فيها الأشجار المعقود عليها غالبا وتبقى صالحة للاستغلال.
فلا تصحّ مطلقة عن المدة ، أو مقيدة بزمن لا تثمر فيه تلك الأشجار غالباً ، لخلوّها عن العوض بالنسبة للعامل ، ولا مقّيدة بزمن لا تبقي فيه الأشجار صالحة للأستغلال .
ولا يصح
توقيتها بإدراك الثمر على الأصح، لجهالة المدة، لأن إدراكه قد يتقدم وقد يتأخر.
6- الثمرة:
أي ثمرة الأشجار التي ورد عقد المساقاة على تعهدها، ويشترط في هذا:
أن تكون مختصّة بهما، أي المالك والعامل، فلا يجوز ان يشترط جزء منها لغيرهما، فلو شرط شئ من ذلك فسد عقد المساقاة.
ان يشتركا في الثمر، فلو شرط ان كون الثمر كله لواحد منهما كانت مساقاة فاسدة.
ان يكون نصيب كل منهما معلوما بالجزئية، كربع وثلث ونصف ونحو ذلك، فلو قال: على ان الثمر بيننا ، كان مناصفة، فلو شرط لواحد منهما نصيب معين – كألف صاع مثلا، أو الف رطل من الثمرة – لم يصح، لأنه ربما ما أثمرت ذلك ، او لم تثمر غيره، فيخلو العاقد الثاني عن العوض، ومثل هذا لو شرط لواحد منهما قدر معين من النقد.
ويثبت حق العامل في الثمرة بظهورها ، فإذا اطلعت قبل انقضاء المدة – أي ظهر اول حملها ولو لم يظهر تماما – ثبت حقه فيها.
ويصح عقد المساقاة قبل ان يكون الثمر بالكلية، كما تصح بعد وجوده وظهوره – لكن قبل بدء صلاحه – على الأظهر ، لبقاء اكثر العمل.
وصف عقد المساقاة:
عقد المساقاة عقد لازم من العاقدين، فإذا وجدت اركانه بشروطها أصبح كل منهما ملزما بتنفيذه وليس له فسخه والرجوع عنه الا برضا العاقد الآخر، سواء أكان ذلك قبل العمل ام بعده، لأن العمل المعقود عليه يكون في أعيان قائمة بحالها، فيلزمه إتمام أعمالها ولو تلفت الثمرة كلها بآفة ونحوها.
ووجه لزومها مراعاة مصلحة العاقدين:
اذ لو كان للعامل فسخها قبل تمام العمل لتضرّر المالك بفوات الثمرة او بعضها، لعدم تمكن المالك من إتمامه، لكونه لا يحسنه او لا يتفرغ له.
ولو كان للمالك فسخها لتضرر العامل بفوات نصيبه من الثمرة ، لأن الغالب ان يكون أكثر من اجرة مثله.
حكم المساقاة الفاسدة:
6- الثمرة:
أي ثمرة الأشجار التي ورد عقد المساقاة على تعهدها، ويشترط في هذا:
أن تكون مختصّة بهما، أي المالك والعامل، فلا يجوز ان يشترط جزء منها لغيرهما، فلو شرط شئ من ذلك فسد عقد المساقاة.
ان يشتركا في الثمر، فلو شرط ان كون الثمر كله لواحد منهما كانت مساقاة فاسدة.
ان يكون نصيب كل منهما معلوما بالجزئية، كربع وثلث ونصف ونحو ذلك، فلو قال: على ان الثمر بيننا ، كان مناصفة، فلو شرط لواحد منهما نصيب معين – كألف صاع مثلا، أو الف رطل من الثمرة – لم يصح، لأنه ربما ما أثمرت ذلك ، او لم تثمر غيره، فيخلو العاقد الثاني عن العوض، ومثل هذا لو شرط لواحد منهما قدر معين من النقد.
ويثبت حق العامل في الثمرة بظهورها ، فإذا اطلعت قبل انقضاء المدة – أي ظهر اول حملها ولو لم يظهر تماما – ثبت حقه فيها.
ويصح عقد المساقاة قبل ان يكون الثمر بالكلية، كما تصح بعد وجوده وظهوره – لكن قبل بدء صلاحه – على الأظهر ، لبقاء اكثر العمل.
وصف عقد المساقاة:
عقد المساقاة عقد لازم من العاقدين، فإذا وجدت اركانه بشروطها أصبح كل منهما ملزما بتنفيذه وليس له فسخه والرجوع عنه الا برضا العاقد الآخر، سواء أكان ذلك قبل العمل ام بعده، لأن العمل المعقود عليه يكون في أعيان قائمة بحالها، فيلزمه إتمام أعمالها ولو تلفت الثمرة كلها بآفة ونحوها.
ووجه لزومها مراعاة مصلحة العاقدين:
اذ لو كان للعامل فسخها قبل تمام العمل لتضرّر المالك بفوات الثمرة او بعضها، لعدم تمكن المالك من إتمامه، لكونه لا يحسنه او لا يتفرغ له.
ولو كان للمالك فسخها لتضرر العامل بفوات نصيبه من الثمرة ، لأن الغالب ان يكون أكثر من اجرة مثله.
حكم المساقاة الفاسدة:
كل ما سبق من
أحكام يترتب على المساقاة الصحيحة، وهي التي استوفت اركانها بكامل شروطها. فإذا
اختل ركن من الأركان او شرط من الشروط كانت المساقاة فاسدة، كما بينا ذلك في
مواضعه، وذلك في كل موضع قلنا فيه: لا تصلح المساقاة: كأن شرط على احدهما ما ليس
من عمله، او يكون نصيبه مجهولا او غير معلوم بالجزئية، او كان موردها شجرا غير
مثمر، ونحو ذلك.
فإذا تبين فساد المساقاة: كان الثمر لصاحب الشجر، لأن نماء ملكه، وكان للعامل اجرة مثله لمثل عمله الذي قام به ، لأنه بذلك منفعته على ان تقابل بعوض ، ولم يكن متبرع بعمله.
يد العامل:
يد العامل يد أمانة، فإن ادعى هلاك شئ تحت يده – من شجر او ثمر او غير ذلك – بغير تقصير منه ولا تعد ، كان القول قوله، فيصدق بيمينه . وكذلك فيما اذا ادعى المالك خيانته وانكر هو، فإنه يصدق بيمينه، لأن المالك قد ائتمنه، والقول دائما قول المؤتمن بيمينه.
انتهاء المساقاة:
تنتهي المساقاة اذا انتهت المدة المتعاقد عليها، اذا كان الثمر قد نضج وقطف. فإذا انتهت المدة وكان الثمر قد ظهر طله – أي بدء وجوده – فقد تعلق به حل العامل كما علمت ، فتستمر المساقاة حتى ينضج ويقطف، وعلى العامل ان يستمر بالعمل حتى يتمه.
ولا تنتهي الماساقة بموت احدهما: فإذا مات المالك استمر العامل بعمله وأخذ حصته عند تمام العمل.
واذا مات العامل كان للوارث ان يتم العمل بنفسه، وعلى المالك ان يمكنه من ذلك اذا كان ثقة عارفا بالعمل ، وان كان لم يكن كذلك استأجر المالك بإذن الحاكم من يقوم بالعمل من تركة العامل. ولا يجبر الوارث على العمل، بل له ان يتمه من تركة الوارث او من ماله.
فإذا تبين فساد المساقاة: كان الثمر لصاحب الشجر، لأن نماء ملكه، وكان للعامل اجرة مثله لمثل عمله الذي قام به ، لأنه بذلك منفعته على ان تقابل بعوض ، ولم يكن متبرع بعمله.
يد العامل:
يد العامل يد أمانة، فإن ادعى هلاك شئ تحت يده – من شجر او ثمر او غير ذلك – بغير تقصير منه ولا تعد ، كان القول قوله، فيصدق بيمينه . وكذلك فيما اذا ادعى المالك خيانته وانكر هو، فإنه يصدق بيمينه، لأن المالك قد ائتمنه، والقول دائما قول المؤتمن بيمينه.
انتهاء المساقاة:
تنتهي المساقاة اذا انتهت المدة المتعاقد عليها، اذا كان الثمر قد نضج وقطف. فإذا انتهت المدة وكان الثمر قد ظهر طله – أي بدء وجوده – فقد تعلق به حل العامل كما علمت ، فتستمر المساقاة حتى ينضج ويقطف، وعلى العامل ان يستمر بالعمل حتى يتمه.
ولا تنتهي الماساقة بموت احدهما: فإذا مات المالك استمر العامل بعمله وأخذ حصته عند تمام العمل.
واذا مات العامل كان للوارث ان يتم العمل بنفسه، وعلى المالك ان يمكنه من ذلك اذا كان ثقة عارفا بالعمل ، وان كان لم يكن كذلك استأجر المالك بإذن الحاكم من يقوم بالعمل من تركة العامل. ولا يجبر الوارث على العمل، بل له ان يتمه من تركة الوارث او من ماله.
ويجبر على
اتمام العمل، اذا ترك العامل تركة ، لأنه حق قد وجب عليه، فيلزم أداؤه من التكرة
كغيره من الحقوق. فإذا لم يترك العامل تركة لم يجبر الوارث على اتمام العمل لا
بنفسه ولا من ماله. ولا يقترض على العامل. بل للمالك ان يفسخ المساقاة لتعذر
استيفاء المعقود عليه وهو العمل، ويستحق ورثة العامل اجرة المثل لما مضى ان لم يظهر
الثمر، وان ظهرت الثمرة كان للورثة قيمة نصيب العامل على تلك الحالة، والله تعالى
أعلم.
ولا تنتهي المساقاة بخيانة العامل، اذا ثبتت بإقراره او ببينة ونحو ذلك، وانما يضم اليه مشرف ليمتنع عن الخيانة، ولا ترفع يده عن العمل لأنه واجب عليه، ويمكن استيفاؤه منه بهذا. وتكون اجرة المشرف عليه لأنها استحقت بسببه.
فإذا لم يتحفظ عن الخيانة رغم وجود المشرف ازيلت يده بالكلية، واستؤجر عليه من ماله من يقوم بالعمل ويتمه، لتعذر الاستيفاء منه مع لزومه له.
وكذلك الحال فيما لو هرب العامل – او حبس او مرض- قبل تمام العمل والفراغ منه، فلا تنفسخ المساقاة، بل يستأجر عليه الحاكم من يقوم بالعمل ويتمه، الا اذا تبرع عنه المالك وغيره، فيبقى استحقاقه فيما اتفق عليه من نصيب من الثمر.
وفي حال عدم التمكن من الرجوع الى الحاكم – او عدم استجابته لذلك – يستأجر المالك من يقوم بالعمل، ويشهد في ذلك على ما ينفقه من اجله، وانه ينفق ليرجع على العامل، فإذا اشهد كان له الرجوع على العامل بما انفق ، والا كان متبرعا.
واذا لم يجد الحاكم ولا المالك من يقوم بالعمل عن العامل – ولم يشأ المالك التبرع عنه – كان للمالك ان يفسخ المساقاة، لتعذر استيفاء المعقود عليه وهو العمل. وكان للعامل اجرة مثل ما سبق من عمله ان لم تظهر الثمرة، وقيمة نصيبه على تلك الحالة ان كانت قد ظهرت.
اختلاف العامل والمالك:
ولا تنتهي المساقاة بخيانة العامل، اذا ثبتت بإقراره او ببينة ونحو ذلك، وانما يضم اليه مشرف ليمتنع عن الخيانة، ولا ترفع يده عن العمل لأنه واجب عليه، ويمكن استيفاؤه منه بهذا. وتكون اجرة المشرف عليه لأنها استحقت بسببه.
فإذا لم يتحفظ عن الخيانة رغم وجود المشرف ازيلت يده بالكلية، واستؤجر عليه من ماله من يقوم بالعمل ويتمه، لتعذر الاستيفاء منه مع لزومه له.
وكذلك الحال فيما لو هرب العامل – او حبس او مرض- قبل تمام العمل والفراغ منه، فلا تنفسخ المساقاة، بل يستأجر عليه الحاكم من يقوم بالعمل ويتمه، الا اذا تبرع عنه المالك وغيره، فيبقى استحقاقه فيما اتفق عليه من نصيب من الثمر.
وفي حال عدم التمكن من الرجوع الى الحاكم – او عدم استجابته لذلك – يستأجر المالك من يقوم بالعمل، ويشهد في ذلك على ما ينفقه من اجله، وانه ينفق ليرجع على العامل، فإذا اشهد كان له الرجوع على العامل بما انفق ، والا كان متبرعا.
واذا لم يجد الحاكم ولا المالك من يقوم بالعمل عن العامل – ولم يشأ المالك التبرع عنه – كان للمالك ان يفسخ المساقاة، لتعذر استيفاء المعقود عليه وهو العمل. وكان للعامل اجرة مثل ما سبق من عمله ان لم تظهر الثمرة، وقيمة نصيبه على تلك الحالة ان كانت قد ظهرت.
اختلاف العامل والمالك:
اذا اختلف
العامل وصاحب الشجر في العوض المشروط، فقال المالك: شرطت لك ثلث الثمرة، وقال
العامل: شرطت لي نصفها، يحلف كل منهما على اثبات دعواه ونفي دعوى خصمه، لأن كلا
منهما منكر لدعوى الآخر، فإذا تحالفا انفسخ عقد المساقاة ،وكان الثمر كله للمالك،
وللعامل اجرة مثله.
************
المزارعة والمخابرة
تعريفهما:
المزارعة – في اللغة – على وزن مفاعلة من الزرع.
وهي في الاصطلاح: ان يتعاقد مالك الأرض مع غيره ليقوم بزراعة الأرض وتعهد الزرع ويكون الخارج بينهما حسب الاتفاق، والبذر على المالك.
والمخابرة – في اللغة – من الخبار ، وهو الارض اللينة، ومن قولهم خبرت الأرض اذا شققتها للزراعة، واصطلاحا : هي مثل المزارعة، وانما البذار فيها على العامل.
مشروعيتهما :
وكل من المزارعة والمخابرة باطلة اذا كانت هي المقصودة بالعقد، كأن كانت الأرض لا شجر فيها ، او كان فيها شجر وجرى التعاقد على زراعة الأرض دون المساقاة على الشجر.
ودليل بطلانهما: حديث رافع بن خديج رضى الله عنه قال: كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى، فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن امر كان لنا نافعا، وطواعية الله ورسوله انفع لنا، نهانا ان نحاقل بالأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى، وامر رب الأرض ان يَزرعها اويُزرعها، وكره كراءها وما سوى ذلك . (البخاري: المزارعة، باب: ما كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يواسي بعضهم بعضا في الزراعة والثمرة. مسلم : البيوع، باب: كراء الأرض بالطعام).
[نحاقل: من الحقل وهي الأرض التي لا شجر بها. الطعام: القمح ونحوه. المسمى : المعين والمحدّد قدره].
************
المزارعة والمخابرة
تعريفهما:
المزارعة – في اللغة – على وزن مفاعلة من الزرع.
وهي في الاصطلاح: ان يتعاقد مالك الأرض مع غيره ليقوم بزراعة الأرض وتعهد الزرع ويكون الخارج بينهما حسب الاتفاق، والبذر على المالك.
والمخابرة – في اللغة – من الخبار ، وهو الارض اللينة، ومن قولهم خبرت الأرض اذا شققتها للزراعة، واصطلاحا : هي مثل المزارعة، وانما البذار فيها على العامل.
مشروعيتهما :
وكل من المزارعة والمخابرة باطلة اذا كانت هي المقصودة بالعقد، كأن كانت الأرض لا شجر فيها ، او كان فيها شجر وجرى التعاقد على زراعة الأرض دون المساقاة على الشجر.
ودليل بطلانهما: حديث رافع بن خديج رضى الله عنه قال: كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى، فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن امر كان لنا نافعا، وطواعية الله ورسوله انفع لنا، نهانا ان نحاقل بالأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى، وامر رب الأرض ان يَزرعها اويُزرعها، وكره كراءها وما سوى ذلك . (البخاري: المزارعة، باب: ما كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يواسي بعضهم بعضا في الزراعة والثمرة. مسلم : البيوع، باب: كراء الأرض بالطعام).
[نحاقل: من الحقل وهي الأرض التي لا شجر بها. الطعام: القمح ونحوه. المسمى : المعين والمحدّد قدره].
وروى جابر رضى
الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة (البخاري: المساقاة،
باب: الرجل يكون له ممر او شرب في حائط او في نخل، رقم: 2252. ومسلم في البيوع،
باب: النهي عن المحاقلة والمزابنة، رقم: 1536).
جواز المزارعة تبعا للمساقاة:
إذا كان بين الأشجار ارض لا شجر فيها صحّت المزارعة عليها مع التعاقد على مساقاة الشجر تبعا، لما جاء في حديث ابن عمر رضى الله عنهما: انه صلى الله عليه وسلم دفع ارض خيبر الى اهلها بشطر ما يخرج من ثمر او زرع.
ويشترط في هذا :
اتحاد العامل، أي أن يكون من تعاقد معه المالك على مساقاة الشجر هو الذي تعاقد معه على مزارعة الأرض.
ان يعسر إفراد الشجر بالسقي ونحوه عن الأرض، فإذا كان هذا ممكنا لم تصح المزارعة.
أن لا تكن اصلاً مقصوداً في التعاقد، وذلك بأن يحصل التعاقد على المساقاة والمزارعة معا، فلو تعاقدا على المساقاة، ثم تعاقدا على المزارعة ، لم تصح، لأن تعدد القصد ينفي التبعية.
ولذا يشترط – في الأصح – ان لا تقدّم المزارعة في العقد على المساقاة، فلو قال: زارعتك على هذه الأرض وساقيتك على هذا الشجر، لم يصح، لأن، المزارعة يجب ان تكون تبعا، والتبع لا يكون متقدما على متبوعه.
ولا فرق – في الأصح – بين ان تكون الأرض بين الأشجار قليلة او كثيرة، لأن السبب عسر إفرادها بالتعهد، فالحاجة الى جوازها تبعا لا تختلف بين القليل والكثير.
ولا يشترط ايضا ان يكون الجزء المخصص لكل منهما متساويا في المزارعة والمساقاة، بل يمكن ان يختلف، فيكون في المساقاة – مثلاً – شطرين ، وفي المزارعة اثلاثاً: لأن المزارعة – وان كانت تابعة – فهي في حكم عقد مستقل.
المخابرة باطلة مطلقا:
جواز المزارعة تبعا للمساقاة:
إذا كان بين الأشجار ارض لا شجر فيها صحّت المزارعة عليها مع التعاقد على مساقاة الشجر تبعا، لما جاء في حديث ابن عمر رضى الله عنهما: انه صلى الله عليه وسلم دفع ارض خيبر الى اهلها بشطر ما يخرج من ثمر او زرع.
ويشترط في هذا :
اتحاد العامل، أي أن يكون من تعاقد معه المالك على مساقاة الشجر هو الذي تعاقد معه على مزارعة الأرض.
ان يعسر إفراد الشجر بالسقي ونحوه عن الأرض، فإذا كان هذا ممكنا لم تصح المزارعة.
أن لا تكن اصلاً مقصوداً في التعاقد، وذلك بأن يحصل التعاقد على المساقاة والمزارعة معا، فلو تعاقدا على المساقاة، ثم تعاقدا على المزارعة ، لم تصح، لأن تعدد القصد ينفي التبعية.
ولذا يشترط – في الأصح – ان لا تقدّم المزارعة في العقد على المساقاة، فلو قال: زارعتك على هذه الأرض وساقيتك على هذا الشجر، لم يصح، لأن، المزارعة يجب ان تكون تبعا، والتبع لا يكون متقدما على متبوعه.
ولا فرق – في الأصح – بين ان تكون الأرض بين الأشجار قليلة او كثيرة، لأن السبب عسر إفرادها بالتعهد، فالحاجة الى جوازها تبعا لا تختلف بين القليل والكثير.
ولا يشترط ايضا ان يكون الجزء المخصص لكل منهما متساويا في المزارعة والمساقاة، بل يمكن ان يختلف، فيكون في المساقاة – مثلاً – شطرين ، وفي المزارعة اثلاثاً: لأن المزارعة – وان كانت تابعة – فهي في حكم عقد مستقل.
المخابرة باطلة مطلقا:
هذا ولا تصح
المخابرة مطلقا ولو كانت تبعا للمساقاة، لأنها لم يرد بها الشرع، بخلاف المزارعة ،
بالاضافة الى ان المزارعة في معنى المساقة، لأن كلا منهما ليس فيها على العامل الا
العمل، بينما في المخابرة عليه البذر إلى جانب العمل.
حكم المخابرة والمزارعة الفاسدة:
علمنا ان المخابرة فاسدة مطلقا، وكذلك المزارعة اذا لم تتحقق شروط صحتها، فإذا تعاقد صاحب الأرض مع العامل مزارعة او مخابرة ، وقام العامل بالعمل وسلّم الزرع:
فإن كانت مزارعة: كان الحاصل ملكا لصاحب الأرض، لأنه نماء ملكه وهو البذار الذي بذله في ارضه. وعليه للعامل اجرة مثل عمله ودوابه وآلاته ان كانت منه.
وان كانت مخابرة: كان الحاصل للعامل، لأن البذر منه ، والغلّة تبع للبذر. وعليه لصاحب الأرض او مستحقها اجرة مثلها.
فإن كان البذار منهما: كان الحاصل بينهما، بنسبة ما لكل منهما من البذر. ويرجع كل منهما على الآخر بأجرة ما صرفه من المنافع على حصته فلو كان البذر مناصفة منهما: رجع صاحب الأرض بنصف اجر مثلها على العامل، ورجع العامل على صاحب الأرض بنصف اجر مثل عمله، وهكذا.
طريقة حلّ المحصول في المزارعة والمخابرة مشتركاً بين المالك والعامل:
لما كان شرع الله تعالى يسراً لا عسر فيه ولا حرج، والحكمة من احكامه ضمان الحقوق وإبعاد الناس عن الضرر والمنازعة وما الى ذلك، جهد الفقهاء في ان يجدوا مخرجا للناس، حين توقعهم ظواهر النصوص في شئ من الحرج، ولا سيما عندما يؤمن الضرر وتنتفي الجهالة وتصان الحقوق، حرصاً على هيبة الشرع وإبقاء الناس تحت سلطان احكامه، مع تحقيق مصالحهم وتيسير امورهم، طالما ان ذلك ممكن ولو بوجه من الوجوه.
حكم المخابرة والمزارعة الفاسدة:
علمنا ان المخابرة فاسدة مطلقا، وكذلك المزارعة اذا لم تتحقق شروط صحتها، فإذا تعاقد صاحب الأرض مع العامل مزارعة او مخابرة ، وقام العامل بالعمل وسلّم الزرع:
فإن كانت مزارعة: كان الحاصل ملكا لصاحب الأرض، لأنه نماء ملكه وهو البذار الذي بذله في ارضه. وعليه للعامل اجرة مثل عمله ودوابه وآلاته ان كانت منه.
وان كانت مخابرة: كان الحاصل للعامل، لأن البذر منه ، والغلّة تبع للبذر. وعليه لصاحب الأرض او مستحقها اجرة مثلها.
فإن كان البذار منهما: كان الحاصل بينهما، بنسبة ما لكل منهما من البذر. ويرجع كل منهما على الآخر بأجرة ما صرفه من المنافع على حصته فلو كان البذر مناصفة منهما: رجع صاحب الأرض بنصف اجر مثلها على العامل، ورجع العامل على صاحب الأرض بنصف اجر مثل عمله، وهكذا.
طريقة حلّ المحصول في المزارعة والمخابرة مشتركاً بين المالك والعامل:
لما كان شرع الله تعالى يسراً لا عسر فيه ولا حرج، والحكمة من احكامه ضمان الحقوق وإبعاد الناس عن الضرر والمنازعة وما الى ذلك، جهد الفقهاء في ان يجدوا مخرجا للناس، حين توقعهم ظواهر النصوص في شئ من الحرج، ولا سيما عندما يؤمن الضرر وتنتفي الجهالة وتصان الحقوق، حرصاً على هيبة الشرع وإبقاء الناس تحت سلطان احكامه، مع تحقيق مصالحهم وتيسير امورهم، طالما ان ذلك ممكن ولو بوجه من الوجوه.
وتحقيقاً لهذا
المعنى وجد الفقهاء طريقة لتحقيق ما في المزارعة والمخابرة من مصلحة في بعض
الأحيان، إذ قد توجد الأرض لدى من لا يُحسن استخدامها او لا يستطيع الاستفادة
منها، ويفقدها من لديه الخبرة على استخراج ما أودعه الله تعالى فيها من خيرات، وفي
نفس الوقت ليس لديه المال ليستأجرها ويستثمرها.
وذلك: بأن يستأجر المالك العامل بجزء معلوم من البذر وشائع فيه ، أي كربعه او نصفه دون تمييز له، ليزرع له النصف الآخر في الأرض، ويعيره – في نفس الوقت – جزءا شائعاً من الأرض بقدر ما استأجره به من البذر، وهكذا يقوم العامل بالعمل في الأرض، ويكون الحاصل بينهما بنسبة ما ملك كل منهما من البذر.
او يستأجره بنصف البذر شائعاً – مثلا – ونصف منفعة الأرض كذلك، ليزرع له النصف الآخر من البذر في النصف الآخر من الأرض.
وهكذا يشتركان في الغلة، ولا يكون لأحدهما أُجرة على الآخر، لأن العامل يستحق من منفعة الأرض بقدر نصيبه من الزرع، والمالك يستحق من منفعة العامل بقدر نصيبه من الزرع ايضا.
وهذا اذا كان البذر من المالك.
فإذا كان البذر من العامل: استأجر من المالك جزءا معينا شائعا من الأرض كنصفها – مثلا – بنصف شائع من البذر وبعمله في النصف الآخر منها. او يستأجر نصفها بنصف البذر، ويتبرع له بالعمل بنصفها الآخر.
وهكذا ايضا يملك كل منهما من الغلة بنسبة ما ملك من البذر ومنفعة الأرض، ولا يكون لأحدهما اجر على الآخر.
هذا على أن كثيراً من الفقهاء غير الشافعية – رحمة الله تعالى على الجميع – قالوا بجواز المزارعة استقلالاً ، بدليل معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر، واعتبروا المخابرة في معنى المزارعة، لأن كلاًّ منهما وارد على منفعة ، فإذا كن البذر من صاحب الأرض فالمنفعة عمل العامل، وإن كان البذر من العامل فالمنفعة هي منفعة الأرض.
الباب الثالث
العَاريَّة
العارية
تعريفها:
وذلك: بأن يستأجر المالك العامل بجزء معلوم من البذر وشائع فيه ، أي كربعه او نصفه دون تمييز له، ليزرع له النصف الآخر في الأرض، ويعيره – في نفس الوقت – جزءا شائعاً من الأرض بقدر ما استأجره به من البذر، وهكذا يقوم العامل بالعمل في الأرض، ويكون الحاصل بينهما بنسبة ما ملك كل منهما من البذر.
او يستأجره بنصف البذر شائعاً – مثلا – ونصف منفعة الأرض كذلك، ليزرع له النصف الآخر من البذر في النصف الآخر من الأرض.
وهكذا يشتركان في الغلة، ولا يكون لأحدهما أُجرة على الآخر، لأن العامل يستحق من منفعة الأرض بقدر نصيبه من الزرع، والمالك يستحق من منفعة العامل بقدر نصيبه من الزرع ايضا.
وهذا اذا كان البذر من المالك.
فإذا كان البذر من العامل: استأجر من المالك جزءا معينا شائعا من الأرض كنصفها – مثلا – بنصف شائع من البذر وبعمله في النصف الآخر منها. او يستأجر نصفها بنصف البذر، ويتبرع له بالعمل بنصفها الآخر.
وهكذا ايضا يملك كل منهما من الغلة بنسبة ما ملك من البذر ومنفعة الأرض، ولا يكون لأحدهما اجر على الآخر.
هذا على أن كثيراً من الفقهاء غير الشافعية – رحمة الله تعالى على الجميع – قالوا بجواز المزارعة استقلالاً ، بدليل معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر، واعتبروا المخابرة في معنى المزارعة، لأن كلاًّ منهما وارد على منفعة ، فإذا كن البذر من صاحب الأرض فالمنفعة عمل العامل، وإن كان البذر من العامل فالمنفعة هي منفعة الأرض.
الباب الثالث
العَاريَّة
العارية
تعريفها:
العاريّة –
بتشديد الياء أفصح من تخفيفها – وهي في اللغة : اسم لما يعطيه الرجل لغيره لينتفع
به ثم يرده عليه، كما تطلق على العقد الذي يتضمن هذا. مشتقة من التعاور وهو
التداول وانتقال الشئ من يد الى يد.
وهي في الاصطلاح الشرعي: إباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه.
فعقد العاريَّة يتضمن اباحة الانتفاع للمستعير، فهو لا يملك المنفعة وانما يباح له ان ينتفع بالعين، أي الشئ المستعار على ما سيأتي ، ولذا لا يملك ان يؤجر العين المستعارة لأحد، كما لا يملك ان يعيرها لغيره.
وإنما تصحّ اعارة ما يحلّ الانتفاع به، فلا تصحّ اعارة خنزير او آلات لهو، كما لا تصح اعارة مصحف لحائض ونفساء، لأنه لا يجوز لهما مسّه والقراءة فيه.
والإعارة تكون في الأعيان التي لا تستهلك بالاستعمال، كما سيأتي بيانه عند الكلام عن أركان العارية، فإذا كانت تستهلك بالاستعمال – كالصابون مثلا – فلا تصح اعارتها.
مشروعيتها:
الإعارة مشروعة، وقد دلّ على مشروعيتها نصوص من الكتاب والسنّة، وانعقد على ذلك الإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: "فويل للمصلّين . الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون" "الماعون: 4-6".
فقد ذكر الله تعالى ان منع الماعون من صفات المكذب بيوم الدين والمهدَّد بالويل – وهو العذاب والهلاك – يوم القيامة، فدلّ ذلك على انّ بذل الماعون امر مشروع ومطلوب . وجمهور المفسرين على ان المراد بالماعون ما يستعيره الجيران بعضهم من بعض، كالدلو والإبرة والقِدْر ونحو ذلك، ويلحق به كل ما في معناه.
وأما السنّة :- فما رواه انس رضى الله عنه، ان النبي صلى الله عليه وسلم استعار فرساً من ابي طلحة فركبه. (اخرجه البخاري في الهبة، باب: من استعار من الناس الفرس، رقم: 2484. ومسلم في الفضائل ، باب : في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب ، رقم: 2307).
وهي في الاصطلاح الشرعي: إباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه.
فعقد العاريَّة يتضمن اباحة الانتفاع للمستعير، فهو لا يملك المنفعة وانما يباح له ان ينتفع بالعين، أي الشئ المستعار على ما سيأتي ، ولذا لا يملك ان يؤجر العين المستعارة لأحد، كما لا يملك ان يعيرها لغيره.
وإنما تصحّ اعارة ما يحلّ الانتفاع به، فلا تصحّ اعارة خنزير او آلات لهو، كما لا تصح اعارة مصحف لحائض ونفساء، لأنه لا يجوز لهما مسّه والقراءة فيه.
والإعارة تكون في الأعيان التي لا تستهلك بالاستعمال، كما سيأتي بيانه عند الكلام عن أركان العارية، فإذا كانت تستهلك بالاستعمال – كالصابون مثلا – فلا تصح اعارتها.
مشروعيتها:
الإعارة مشروعة، وقد دلّ على مشروعيتها نصوص من الكتاب والسنّة، وانعقد على ذلك الإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: "فويل للمصلّين . الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون" "الماعون: 4-6".
فقد ذكر الله تعالى ان منع الماعون من صفات المكذب بيوم الدين والمهدَّد بالويل – وهو العذاب والهلاك – يوم القيامة، فدلّ ذلك على انّ بذل الماعون امر مشروع ومطلوب . وجمهور المفسرين على ان المراد بالماعون ما يستعيره الجيران بعضهم من بعض، كالدلو والإبرة والقِدْر ونحو ذلك، ويلحق به كل ما في معناه.
وأما السنّة :- فما رواه انس رضى الله عنه، ان النبي صلى الله عليه وسلم استعار فرساً من ابي طلحة فركبه. (اخرجه البخاري في الهبة، باب: من استعار من الناس الفرس، رقم: 2484. ومسلم في الفضائل ، باب : في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب ، رقم: 2307).
- وما رواه
جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن
كانت له ارض فليهبها أو ليُعرْها" (اخرجه مسلم في البيوع، باب: كراء الأرض،
رقم:1536).
وسيأتي معنا احاديث أُخرى خلال البحث، فيها دلالة على مشروعية العاريَّة مع بيان احكامها.
وما دلّ عليه القرآن والسنّة من مشروعية الإعارة عامة: انعقد عليه اجماع علماء المسلمين في كل العصور.
حكمة مشروعيتها:
إن حكمة التشريع في العاريّة هي تحقيق التعاون الذي ندب الله تعالى المسلمين اليه اذ قال: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (المائدة : 2) . فكثير من الناس لا يتمكن من اقتناء كل ما يحتاج اليه من متاع او ملبس او مسكن او عقار: إما لقلة ذات يده، او لفقدانه في الأسواق، أو ندرة وجوده، او لكثرة مشاغل بعض الناس التي تنسيهم بعض حاجاتهم ، وعندها قد يجد المرء نفسه في ساعة من ليل او نهار في حاجة ماسة لأن يطرق باب جيرانه، فيطلب منهم استعارة بعض الأشياء، او يتوجه بالطلب الى صديقه في سفر او حضر ان يستعين ببعض متاعه لقضاء حاجته، ولا سيما اولئك الكثيرات من ربّات البيوت، اللواتي قد يكون رجالهنّ في سفر، او غائبين عن البيت لانهماكهم في العمل، والمرأة مضطرة لأن تهيئ الطعام او تقوم بشؤون الأولاد، فتحتاج الى اشياء كثيرة لا تتمكن من تهيئتها بنفسها، فلا بد من ان تستعين بمتاع من يساكنها في دارها او يجاورها . ولما كان الاسلام دين التيسير والتعاون – كما ذكرنا – يسّر على الناس وشرع لهم ان ينتفع بعضهم بأمتعة بعض، بإذن منه ورضا، جلبا للمصلحة ودفعا للمضرة ، ورفعا للحرج ، وحفظا من الارهاق والعنت ، كي تسود الألفة والمودة، ويكون الله عز وجل في عون الجميع ، طالما ان كلا منهم يسعى ان يكون في عون غيره، مستجيبين لتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ يقول: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه".
وسيأتي معنا احاديث أُخرى خلال البحث، فيها دلالة على مشروعية العاريَّة مع بيان احكامها.
وما دلّ عليه القرآن والسنّة من مشروعية الإعارة عامة: انعقد عليه اجماع علماء المسلمين في كل العصور.
حكمة مشروعيتها:
إن حكمة التشريع في العاريّة هي تحقيق التعاون الذي ندب الله تعالى المسلمين اليه اذ قال: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (المائدة : 2) . فكثير من الناس لا يتمكن من اقتناء كل ما يحتاج اليه من متاع او ملبس او مسكن او عقار: إما لقلة ذات يده، او لفقدانه في الأسواق، أو ندرة وجوده، او لكثرة مشاغل بعض الناس التي تنسيهم بعض حاجاتهم ، وعندها قد يجد المرء نفسه في ساعة من ليل او نهار في حاجة ماسة لأن يطرق باب جيرانه، فيطلب منهم استعارة بعض الأشياء، او يتوجه بالطلب الى صديقه في سفر او حضر ان يستعين ببعض متاعه لقضاء حاجته، ولا سيما اولئك الكثيرات من ربّات البيوت، اللواتي قد يكون رجالهنّ في سفر، او غائبين عن البيت لانهماكهم في العمل، والمرأة مضطرة لأن تهيئ الطعام او تقوم بشؤون الأولاد، فتحتاج الى اشياء كثيرة لا تتمكن من تهيئتها بنفسها، فلا بد من ان تستعين بمتاع من يساكنها في دارها او يجاورها . ولما كان الاسلام دين التيسير والتعاون – كما ذكرنا – يسّر على الناس وشرع لهم ان ينتفع بعضهم بأمتعة بعض، بإذن منه ورضا، جلبا للمصلحة ودفعا للمضرة ، ورفعا للحرج ، وحفظا من الارهاق والعنت ، كي تسود الألفة والمودة، ويكون الله عز وجل في عون الجميع ، طالما ان كلا منهم يسعى ان يكون في عون غيره، مستجيبين لتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ يقول: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه".
وبهذا يحمون
أنفسهم من العقاب والعتاب، في يوم عصيب لا ينفع المرء فيه الإ ما قدّم من احسان في
هذه الدار، ورعاية للحقوق واداء للواجب. روى جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من صاحب ابل ولا بقر ولا غنم لا
يؤدي حقها، الا أُقعد لها يوم القيامة بقاعٍ قَرْقَرٍ، تطؤه ذات الظِّلْفَّ
بظِلْفها ، وتنَطحُهُ ذات القرن بقرنها، ليس فيها يومئذً جمّاء ولا مكسورة
القرن". قلنا : يا رسول الله ، وما حقّها؟ قال: "اطراقُ فحلها، واعارة
دلوها، ومنيحتُها، وحلبها على الماء، وحملٌ عليها في سبيل الله" .(اخرجه مسلم
في الزكاة، باب : اثم مانع الزكاة، رقم: 988).
[قاع قرقر : ارض مستوية. تطؤه : تدوسه. الظلف: ما يكون في نهاية القدم من البقر والغنم ونحوها، جماء: لا قرن لها. اطراق فحلها : اعارة الذكر منها لينزو على اناثها. منيحتها: المنيحة هي الشاة او البقرة او الناقة، يعطيها مالكها لغيره لينتفع بلبنها ونحوه زمانا، ثم يردها لمالكها].
حكم العاريَّة:
العاريَّة مستحبة ومندوب اليها، لما سبق من أدلة في بيان مشروعيتها وحكمة التشريع، وقد كانت واجبة في اول التشريع، للتهديد الشديد لمانعها كما علمت، ولكن هذا الوجوب نسخ بالإجماع، وبقى الحكم على الاستحباب، وهذا هو الاصل في حكمها الآن.
وقد تصبح واجبة ، اذا توقف عليها انقاذ حياة انسان معصوم، أي غير حربي، كإعارة ثوب لدفع حرٍّ او بردٍّ شديدين مهلِكَيْن، واعارة حبل لإنقاذ غريق، واعارة ضماد لعصب جرح بليغ ونحو ذلك.
ومن الواجب اعارة ما فيه حفظ مال محترم ايضا، كإعارة سكّين لذبح حيوان مأكول اللحم يخشى موته اذا لم يذبح، لأن عدم ذبحه إضاعة مال، وهو منهي عنه شرعا.
وقد تكون العاريَّة محرمة، كإعارة آلة قاتلة لمن غلب على ظنه انه سيقتل بها ، وكإعارة مصحف لحائض او نفساء كما علمت.
وقد تكون مكروهة ، كما لو كان فيها مساعدة على مكروه.
أركان عقد الإعارة
[قاع قرقر : ارض مستوية. تطؤه : تدوسه. الظلف: ما يكون في نهاية القدم من البقر والغنم ونحوها، جماء: لا قرن لها. اطراق فحلها : اعارة الذكر منها لينزو على اناثها. منيحتها: المنيحة هي الشاة او البقرة او الناقة، يعطيها مالكها لغيره لينتفع بلبنها ونحوه زمانا، ثم يردها لمالكها].
حكم العاريَّة:
العاريَّة مستحبة ومندوب اليها، لما سبق من أدلة في بيان مشروعيتها وحكمة التشريع، وقد كانت واجبة في اول التشريع، للتهديد الشديد لمانعها كما علمت، ولكن هذا الوجوب نسخ بالإجماع، وبقى الحكم على الاستحباب، وهذا هو الاصل في حكمها الآن.
وقد تصبح واجبة ، اذا توقف عليها انقاذ حياة انسان معصوم، أي غير حربي، كإعارة ثوب لدفع حرٍّ او بردٍّ شديدين مهلِكَيْن، واعارة حبل لإنقاذ غريق، واعارة ضماد لعصب جرح بليغ ونحو ذلك.
ومن الواجب اعارة ما فيه حفظ مال محترم ايضا، كإعارة سكّين لذبح حيوان مأكول اللحم يخشى موته اذا لم يذبح، لأن عدم ذبحه إضاعة مال، وهو منهي عنه شرعا.
وقد تكون العاريَّة محرمة، كإعارة آلة قاتلة لمن غلب على ظنه انه سيقتل بها ، وكإعارة مصحف لحائض او نفساء كما علمت.
وقد تكون مكروهة ، كما لو كان فيها مساعدة على مكروه.
أركان عقد الإعارة
للإعارة أركان
اربعة، وهي: المُعير، والمستعير، والصيغة، والشئ المستعار، ولكلٍّ منها شروط،
واليك بيانها:
1- المعير:
وهو الذي يبيح لغيره الانتفاع بالعين التي في حوزته ، ويشترط فيه:
أ- أن يكون مالكاً للمنفعة في العين المُعارة، سواء أكان يملك العين ام لا يملكها، كالمستأجر – مثلا- والموصى له او الموقوفة عليه، فكل منهم له ان يعير العين المستأجر لها او الموصي له بمنفعتها او الموقوفة عليه ، لأنه يملك منفعتها، والإعارة ترد على المنفعة لا على العين، ولذا ليس للمستعير ان يعير العين التي استعارها ، لأنه لا يملك منفعتها، وانما ابيح له الانتفاع بها.
ب- أن يكون ممن يصح تبرعه، فلا تصح الإعارة من الصبي ولا من المجنون، كما لا تصحّ من المحجور عليه بسفه أو فلس اذا كانت المنفعة تقابل بعوَض، وذلك لأن الإعارة تبّرع بالمنفعة، وهؤلاء ليسوا من اهل التبرع.
ج- أن يكون مختاراً ، فلا تصحّ الإعارة من مُكرَه عليها، لأن المنفعة المبذولة مال، لأنها تقابل بعوض، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحلّ مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس" (اخرجه الدارقطني في البيوع، الحديث: 91).
2- المستعير:
وهو الذي أُبيح له الانتفاع بالعين المُعارة ، ويشترط فيه شرطان:
أ – ان يكون أهلا للتبرع عليه بعقد، أي تصحّ عبارته شرعا ويعتدّ بها وهو البالغ العاقل، فلا تصحّ الإعارة لصبي او مجنون، لأن كلاٍّ منهما لا يعتبر قوله شرعا، فإذا احتيج الى اعارتهما تولى ذلك عنهما وليُّهما.
ب- ان يكون معيّناً، فلو قال لإثنين: أعرتُ احدكما كتابي، او قال لجماعة: اعرت احدكم كتابي، لم تصحّ الإعارة ، لأن المستعير غير معين.
3- صيغة عقد العاريَّة:
1- المعير:
وهو الذي يبيح لغيره الانتفاع بالعين التي في حوزته ، ويشترط فيه:
أ- أن يكون مالكاً للمنفعة في العين المُعارة، سواء أكان يملك العين ام لا يملكها، كالمستأجر – مثلا- والموصى له او الموقوفة عليه، فكل منهم له ان يعير العين المستأجر لها او الموصي له بمنفعتها او الموقوفة عليه ، لأنه يملك منفعتها، والإعارة ترد على المنفعة لا على العين، ولذا ليس للمستعير ان يعير العين التي استعارها ، لأنه لا يملك منفعتها، وانما ابيح له الانتفاع بها.
ب- أن يكون ممن يصح تبرعه، فلا تصح الإعارة من الصبي ولا من المجنون، كما لا تصحّ من المحجور عليه بسفه أو فلس اذا كانت المنفعة تقابل بعوَض، وذلك لأن الإعارة تبّرع بالمنفعة، وهؤلاء ليسوا من اهل التبرع.
ج- أن يكون مختاراً ، فلا تصحّ الإعارة من مُكرَه عليها، لأن المنفعة المبذولة مال، لأنها تقابل بعوض، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحلّ مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس" (اخرجه الدارقطني في البيوع، الحديث: 91).
2- المستعير:
وهو الذي أُبيح له الانتفاع بالعين المُعارة ، ويشترط فيه شرطان:
أ – ان يكون أهلا للتبرع عليه بعقد، أي تصحّ عبارته شرعا ويعتدّ بها وهو البالغ العاقل، فلا تصحّ الإعارة لصبي او مجنون، لأن كلاٍّ منهما لا يعتبر قوله شرعا، فإذا احتيج الى اعارتهما تولى ذلك عنهما وليُّهما.
ب- ان يكون معيّناً، فلو قال لإثنين: أعرتُ احدكما كتابي، او قال لجماعة: اعرت احدكم كتابي، لم تصحّ الإعارة ، لأن المستعير غير معين.
3- صيغة عقد العاريَّة:
وهي العبارة
التي تدل على هذا العقد من الإيجاب والقبول، ولا يُشترط اللفظ من المعير
والمستعير، بل يكفي اللفظ من أحدهما والفعل من الآخر، بما يدل على إذن مالك
المنفعة بإباحتها لغيره، فلو قال المالك: خذ هذا الكتاب واقرأ به، او: اعرتك هذا
الكتاب، فاستلمه المستعير ، صحّت الإعارة ، وكذلك لو قال المستعير: اعرني كذا ،
فسلّمه اليه المالك ، صحّ العقد.
ولابد فيها من اللفظ من احد المتعاقدين، فلو اخذ المستعير المتاع دون كلام ، وسكت المعير، لم تصح الإعارة ، ولم يترتب عليها إباحة الانتفاع للمتسعير.
ولا يشترط التتابع بين طرفي الصيغة، فلو قال: اعرني كذا، ودفعه اليه بعد زمن ، صح ذلك، ما لم يوجد ما يدل على الرجوع من المعير او الرد من المستعير.
وتصح الإعارة مطلقة عن الوقت والشرط، كما تصح معلقة على شرط ومقيدة بوقت، كما لو قال له: اعرتك داري هذه لتسكنها سنة، او ان خرج منها فلان الذي يسكنها، وذلك لأن الاعارة ليست بعقد تمليك حتى لا تقبل التعليق والتوقيت، وانما هي اباحة انتفاع كما علمت.
4- المستعار:
وهو العين التي تُباح منفعتها للمتسعير ، ويشترط فيها:
أ - ان تكون منفعتها ملْكاً للمُعير كما علمت، فلا تصحّ اعارة المستعير لغير.
ب- ان تكون يمكن الانتفاع بها، فلا تصحّ اعارة ثياب لا تقي من حرٍّ ولا برد او لا تستر عورة، كما لا تصح اعارة دابّة مريضة مرضاً مزمناً للركوب ، وكذلك سيارة لا محرّك فيها، لأن عقد العاريَّة يرد على المنفعة ، ولا منفعة في مثل ذلك، فيكون عقدا على غير معقود عليه.
... ولا يشترط وجود النفع عند العقد على الصحيح، فلو اعاره مهرا صغيرا للركوب صح ذلك، ان كانت الاعارة مطلقة ، او مقيدة بزمن يمكن ان يصبح المهر فيه صالحا للركوب. وكذلك لو اعاره ثوبا غير صالح للبس ولكن يمكن اصلاحه، ونحو ذلك.
ولابد فيها من اللفظ من احد المتعاقدين، فلو اخذ المستعير المتاع دون كلام ، وسكت المعير، لم تصح الإعارة ، ولم يترتب عليها إباحة الانتفاع للمتسعير.
ولا يشترط التتابع بين طرفي الصيغة، فلو قال: اعرني كذا، ودفعه اليه بعد زمن ، صح ذلك، ما لم يوجد ما يدل على الرجوع من المعير او الرد من المستعير.
وتصح الإعارة مطلقة عن الوقت والشرط، كما تصح معلقة على شرط ومقيدة بوقت، كما لو قال له: اعرتك داري هذه لتسكنها سنة، او ان خرج منها فلان الذي يسكنها، وذلك لأن الاعارة ليست بعقد تمليك حتى لا تقبل التعليق والتوقيت، وانما هي اباحة انتفاع كما علمت.
4- المستعار:
وهو العين التي تُباح منفعتها للمتسعير ، ويشترط فيها:
أ - ان تكون منفعتها ملْكاً للمُعير كما علمت، فلا تصحّ اعارة المستعير لغير.
ب- ان تكون يمكن الانتفاع بها، فلا تصحّ اعارة ثياب لا تقي من حرٍّ ولا برد او لا تستر عورة، كما لا تصح اعارة دابّة مريضة مرضاً مزمناً للركوب ، وكذلك سيارة لا محرّك فيها، لأن عقد العاريَّة يرد على المنفعة ، ولا منفعة في مثل ذلك، فيكون عقدا على غير معقود عليه.
... ولا يشترط وجود النفع عند العقد على الصحيح، فلو اعاره مهرا صغيرا للركوب صح ذلك، ان كانت الاعارة مطلقة ، او مقيدة بزمن يمكن ان يصبح المهر فيه صالحا للركوب. وكذلك لو اعاره ثوبا غير صالح للبس ولكن يمكن اصلاحه، ونحو ذلك.
ج- ان يكون
الانتفاع بها مباحا شرعا، فلا تصح اعارة آلات اللهو، ولا اعارة حلي لامرأة تتزين
به امام الأجانب، ولا اناء ليصنع فيه خمر، او سكين ليذبح بها خنزير للأكل ، او
سلاح لمن يعتدي به على معصوم الدم، ونحو ذلك، لأن، مثل هذا الانتفاع حرام وممنوع
شرعاً.
د- ان يكون الانتفاع بها لا ينقص عينها، كالثياب والدور والأواني ونحو ذلك. فإذا كان الانتفاع بها ينقصها لم تصح اعارتها، وعليه : فلا اعارة لشمعة ليستضاء بها، او صابون للتنظيف ونحو ذلك، لأن الانتفاع بها يكون باستهلاكها وتلف عينها شيئا فشيئا.
أحكام تتعلق بالعاريَّة
حدود الانتفاع بالعين المستعارة:
للمستعير ان ينتفع بالعين المستعارة ضمن الحدود التي أذن فيها المالك، لرضاه بهذا، وليس له ان ينتفع بغير ما اذن به، لأنه لم يرض بذلك، الا اذا كان اقل تأثيرا على العين من الذي اذن به، فإن اطلق الاذن بالانتفاع، بأن اعاره مطلقا دون التقييد بوجه من وجوه الانتفاع، كان له ان ينتفع من العين بما ينتفع بها عادة، وان نهاه عن الانتفاع بوجه من الوجوه امتنع عليه ذلك الوجه، ولو كان اقل تأثيرا على العين، وذلك كله لأن المعير مالك للمنفعة ومتبرع بها، فله تحديد وجه الانتفاع بما شاء، وعليه:
فلو اعاره ارضا لينتفع بها، جاز له ان يبني فيها وأن يغرس شجراً أو يزرع زرعا، لأنه اطلق الإذن بالانتفاع ، فلو قال: اعرتك هذه الأرض، دون ان يقول لتنتفع بها، فالصحيح ان الإعارة غير صحيحة.
وان أعاره للبناء او الغراس جاز له ان يزرع، لأن الزرع اقل ضررا من الغراس او البناء، فرضاه بالأشد دليل رضاه بالأقل، الا ان نهاه عن ذلك فليس له فعله.
وإن أعاره للزرع فليس له ان يبني او يغرس، لأن البناء والغراس كل منهما اكثر ضررا على الأرض من الزرع، ورضاه بالأقل لا يدل على رضاه بالأشد.
د- ان يكون الانتفاع بها لا ينقص عينها، كالثياب والدور والأواني ونحو ذلك. فإذا كان الانتفاع بها ينقصها لم تصح اعارتها، وعليه : فلا اعارة لشمعة ليستضاء بها، او صابون للتنظيف ونحو ذلك، لأن الانتفاع بها يكون باستهلاكها وتلف عينها شيئا فشيئا.
أحكام تتعلق بالعاريَّة
حدود الانتفاع بالعين المستعارة:
للمستعير ان ينتفع بالعين المستعارة ضمن الحدود التي أذن فيها المالك، لرضاه بهذا، وليس له ان ينتفع بغير ما اذن به، لأنه لم يرض بذلك، الا اذا كان اقل تأثيرا على العين من الذي اذن به، فإن اطلق الاذن بالانتفاع، بأن اعاره مطلقا دون التقييد بوجه من وجوه الانتفاع، كان له ان ينتفع من العين بما ينتفع بها عادة، وان نهاه عن الانتفاع بوجه من الوجوه امتنع عليه ذلك الوجه، ولو كان اقل تأثيرا على العين، وذلك كله لأن المعير مالك للمنفعة ومتبرع بها، فله تحديد وجه الانتفاع بما شاء، وعليه:
فلو اعاره ارضا لينتفع بها، جاز له ان يبني فيها وأن يغرس شجراً أو يزرع زرعا، لأنه اطلق الإذن بالانتفاع ، فلو قال: اعرتك هذه الأرض، دون ان يقول لتنتفع بها، فالصحيح ان الإعارة غير صحيحة.
وان أعاره للبناء او الغراس جاز له ان يزرع، لأن الزرع اقل ضررا من الغراس او البناء، فرضاه بالأشد دليل رضاه بالأقل، الا ان نهاه عن ذلك فليس له فعله.
وإن أعاره للزرع فليس له ان يبني او يغرس، لأن البناء والغراس كل منهما اكثر ضررا على الأرض من الزرع، ورضاه بالأقل لا يدل على رضاه بالأشد.
وان اعاره
للزراعة مطلقا زرع ما شاء ، فإن اعاره لزراعة نوع معين كان له زرعه وزرع ما هو
مثله او اقل منه تأثيرا ، وليس له زراعة ما هو اشد منه ضررا على الأرض.
وهكذا القول في كل عين مستعارة:
فلو استعار سيارة للركوب فليس له ان يستعملها لحمل الأمتعة مثلا، وان استعارها لحمل امتعة خفيفة – كخشب مثلا ونحوه – فليس له ان يحمل فيها اشياء ثقيلة كحديد او اسمنت ونحو ذلك.
وللمستعير ان يستوفي المنفعة او بمن ينوب منابه – كوكيله مثلا – لأن الانتفاع يعود عليه ويرجع اليه، شريطة ان يكون مثله او دونه في استيفاء المنفعة من حيث التأثير على العين المستعارة، فلو استعار دراجة وأراد ان يركب عليها أجيره أو وكيله للقيام بعمله لمصلحته ، كان له ذلك، الا اذا كان يزيد عنه في وزنه وثقله، وهكذا.
يد المستعير على العيد المستعارة:
إن يد المستعير على العين المستعارة يد ضمان، فإذا قبض المستعير العين المستعارة دخلت في ضمانه، ومعنى هذا ان المستعير العين المستعارة إذا تلفت، سواء أتعدى باستعمالها أم لم يتعدّ، وقصّر في حفظها ام لم يقصّر، لأنه قبض مال غيره لمصلحة نفسه.
وقد دلّ على ذلك حديث أُمية بن صفوان بن أُمية عن ابيه صفوان رضى الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه دروعاً يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟ فقال صلى الله عليه وسلم : "لا، بل عاريَّة مضمونة" (اخرجه ابو داود في البيوع والإجارات، باب: في تضمين العارية، رقم: 3562).
ويضمن المستعير العين المستعارة بقيمتها يوم تلفها، اذا تلفت وذهبت ولو بآفة سماوية، ولا يضمن ما بَلِيَ منها او نقص من قيمتها بسبب الاستعمال المأذون فيه، فإذا استعملها في غير ما أذن له به، فنقصت ، فإنه يضمن.
وكذلك يضمن ما نقص منها بسبب الاستعمال ان استعملها فيما لا تستعمل فيه عادة، كأن استعمل الدار او النجارة، او استعمل اوعية الطعام لنقل الرمل او الحجارة.
وهكذا القول في كل عين مستعارة:
فلو استعار سيارة للركوب فليس له ان يستعملها لحمل الأمتعة مثلا، وان استعارها لحمل امتعة خفيفة – كخشب مثلا ونحوه – فليس له ان يحمل فيها اشياء ثقيلة كحديد او اسمنت ونحو ذلك.
وللمستعير ان يستوفي المنفعة او بمن ينوب منابه – كوكيله مثلا – لأن الانتفاع يعود عليه ويرجع اليه، شريطة ان يكون مثله او دونه في استيفاء المنفعة من حيث التأثير على العين المستعارة، فلو استعار دراجة وأراد ان يركب عليها أجيره أو وكيله للقيام بعمله لمصلحته ، كان له ذلك، الا اذا كان يزيد عنه في وزنه وثقله، وهكذا.
يد المستعير على العيد المستعارة:
إن يد المستعير على العين المستعارة يد ضمان، فإذا قبض المستعير العين المستعارة دخلت في ضمانه، ومعنى هذا ان المستعير العين المستعارة إذا تلفت، سواء أتعدى باستعمالها أم لم يتعدّ، وقصّر في حفظها ام لم يقصّر، لأنه قبض مال غيره لمصلحة نفسه.
وقد دلّ على ذلك حديث أُمية بن صفوان بن أُمية عن ابيه صفوان رضى الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه دروعاً يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟ فقال صلى الله عليه وسلم : "لا، بل عاريَّة مضمونة" (اخرجه ابو داود في البيوع والإجارات، باب: في تضمين العارية، رقم: 3562).
ويضمن المستعير العين المستعارة بقيمتها يوم تلفها، اذا تلفت وذهبت ولو بآفة سماوية، ولا يضمن ما بَلِيَ منها او نقص من قيمتها بسبب الاستعمال المأذون فيه، فإذا استعملها في غير ما أذن له به، فنقصت ، فإنه يضمن.
وكذلك يضمن ما نقص منها بسبب الاستعمال ان استعملها فيما لا تستعمل فيه عادة، كأن استعمل الدار او النجارة، او استعمل اوعية الطعام لنقل الرمل او الحجارة.
ويضمنها ايضا
اذا استعملها بعد رجوع المُعير بالاعارة وطلبه ردّ العين المستعارة ، حتى ولو
استعملها فيما هو مألوف في استعمالها، او ما اذن له المعير سابقا باستعمالها فيه،
لأنه استعمال غير مأذون فيه، وكذلك الحال لو كانت العارية مؤقتة واستعملها بعد
انتهاء المدة.
شرط الضمان فيما لا ضمان فيه، وعدم الضمان فيما فيه الضمان: علمنا أنه لا ضمان فيما تلف او نقص من عين العارية بالاستعمال المأذون فيه، وكذلك تضمن العارية اذا تلفت بغير الاستعمال المأذون فيه مطلقا، فلو شرط في العقد خلاف هذا كان الشرط لاغيا لا يلزم الوفاء به، ويبقى عقد العارية صحيحا كما لو يشرط فيه هذا الشرط، وقيل: تفسد الإعارة أيضا.
نفقة المستعار ومؤونة رده:
إذا كان للمستعار نفقة – كما لو كان دابة فتحتاج الى علف ، او مسكنا فيحتاج الى ترميم – فهذه النفقة على مالك العين، سواء أكان المعير هو المالك للعين أم المستأجر لها، لأن النفقة تبع للملك، والإعارة تبرع بالمنفعة من مالكها لينتفع بها المستعير، فلا يجب عليه في مقابلها شئ.
فإذا انتهت الاعارة او فسخت، ووجب على المستعير رد العين المستعارة الى المعير، وكان لردها عليه مؤونة ونفقة، كأجرة دابة او سيارة نقل مثلا، كان ذلك على المستعير، لأن الرد واجب عليه، إذ انه قبض العين لمنفعة نفسه، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والرد الواجب عليه لا يتم الا بالنفقة ، فهي واجبة عليه.
وقد دل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : "على اليد ما أخذت حتى تؤديه".
وجاء في رواية من حديث صفوان بن امية رضى الله عنه: انه صلى الله عليه وسلم قال له: "عاريّة مؤدّاة". (الترمذي: البيوع، باب: ما جاء في أن العارية مؤداة، ابو داود: البيوع، باب: ما جاء ان العارية مؤداة. ابن ماجة: الصدقات ، باب : العارية).
شرط الضمان فيما لا ضمان فيه، وعدم الضمان فيما فيه الضمان: علمنا أنه لا ضمان فيما تلف او نقص من عين العارية بالاستعمال المأذون فيه، وكذلك تضمن العارية اذا تلفت بغير الاستعمال المأذون فيه مطلقا، فلو شرط في العقد خلاف هذا كان الشرط لاغيا لا يلزم الوفاء به، ويبقى عقد العارية صحيحا كما لو يشرط فيه هذا الشرط، وقيل: تفسد الإعارة أيضا.
نفقة المستعار ومؤونة رده:
إذا كان للمستعار نفقة – كما لو كان دابة فتحتاج الى علف ، او مسكنا فيحتاج الى ترميم – فهذه النفقة على مالك العين، سواء أكان المعير هو المالك للعين أم المستأجر لها، لأن النفقة تبع للملك، والإعارة تبرع بالمنفعة من مالكها لينتفع بها المستعير، فلا يجب عليه في مقابلها شئ.
فإذا انتهت الاعارة او فسخت، ووجب على المستعير رد العين المستعارة الى المعير، وكان لردها عليه مؤونة ونفقة، كأجرة دابة او سيارة نقل مثلا، كان ذلك على المستعير، لأن الرد واجب عليه، إذ انه قبض العين لمنفعة نفسه، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والرد الواجب عليه لا يتم الا بالنفقة ، فهي واجبة عليه.
وقد دل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : "على اليد ما أخذت حتى تؤديه".
وجاء في رواية من حديث صفوان بن امية رضى الله عنه: انه صلى الله عليه وسلم قال له: "عاريّة مؤدّاة". (الترمذي: البيوع، باب: ما جاء في أن العارية مؤداة، ابو داود: البيوع، باب: ما جاء ان العارية مؤداة. ابن ماجة: الصدقات ، باب : العارية).
وهذا اذا رد
العين المستعارة الى المعير نفسه، فإذا استعار من مستأجر ، ورد العارية الى المالك
المؤجر، فالمؤونة حينئذ على المالك ، لأن المستعير يقوم في هذا مقام المستأجر في
رد العين المستأجرة الى المؤجر، ومؤونة الرد في الإجارة على المالك لا على
المستأجر.
الرجوع بالعاريّة وردّها:
عقد العاريَّة عقد جائز من الطرفين، أي يحقّ لكِّل من المعير والمستعير فسخه متى شاء ولو بغير علم الآخر ولا رضاه، فيحق للمعير ان يرجع بالعارية ويسترد العين المستعارة متى شاء، حتى ولو كانت الإعارة مؤقتة بوقت لم ينته بعد. وكذلك يحق للمستعير ان يردها ايضا متى شاء. ولا يلزم أي منهما باستمرار الإعارة، لأنها مبرة من المعير وارتفاق من المستعير، فلا يناسبها الإلزام لأي منهما.
ويستثنى من ذلك ما اذا استعار ارضاً لدفن ميت ، فليس لأحدهما فسخ الإعارة في الأرض المدفون فيها، فلا يحق للمعير استرداد الأرض ولا للمستعير ردها، حتى يبلى المدفون ويندرس أثره، بأن يصير ترابا ولا يبقى منه شئ ظاهر. وذلك لأن الدفن كان بإذن. وفي النبش هتك حرمة الإنسان ، ولا يلزمه اجرة على أي حال في هذا.
وكذلك يستثنى ما إذا أذن المعير في شغل المستعار بشئ يتضرر المستعير بالرجوع فيه، كما لو اعاره سفينة لنقل بضاعة وطالبه بها في لجّة البحر، او أعارة سيارة لذلك وطالبه بها في موضع لا يستطيع فيه تحصيل غيرها، كالصحراء مثلا، ففي هذه الأحوال لا يلزم المستعير رد العين المستعارة، وله ان يستمر بالانتفاع بها حتى يتمكن من ردها بغير ضرر، ولكن يلزمه في هذا وامثاله اجرة المثل من حين الطلب الى حين الرد.
الرجوع بالأرض المعارة واستردادها:
إعارة الأرض إما أن تكون للبناء والغراس، وإما أن تكون للزراعة:
فإن اعاره للبناء او الغراس: ثم رجع المعير عن الإعارة بعد البناء او الغراس، يُنظر:
الرجوع بالعاريّة وردّها:
عقد العاريَّة عقد جائز من الطرفين، أي يحقّ لكِّل من المعير والمستعير فسخه متى شاء ولو بغير علم الآخر ولا رضاه، فيحق للمعير ان يرجع بالعارية ويسترد العين المستعارة متى شاء، حتى ولو كانت الإعارة مؤقتة بوقت لم ينته بعد. وكذلك يحق للمستعير ان يردها ايضا متى شاء. ولا يلزم أي منهما باستمرار الإعارة، لأنها مبرة من المعير وارتفاق من المستعير، فلا يناسبها الإلزام لأي منهما.
ويستثنى من ذلك ما اذا استعار ارضاً لدفن ميت ، فليس لأحدهما فسخ الإعارة في الأرض المدفون فيها، فلا يحق للمعير استرداد الأرض ولا للمستعير ردها، حتى يبلى المدفون ويندرس أثره، بأن يصير ترابا ولا يبقى منه شئ ظاهر. وذلك لأن الدفن كان بإذن. وفي النبش هتك حرمة الإنسان ، ولا يلزمه اجرة على أي حال في هذا.
وكذلك يستثنى ما إذا أذن المعير في شغل المستعار بشئ يتضرر المستعير بالرجوع فيه، كما لو اعاره سفينة لنقل بضاعة وطالبه بها في لجّة البحر، او أعارة سيارة لذلك وطالبه بها في موضع لا يستطيع فيه تحصيل غيرها، كالصحراء مثلا، ففي هذه الأحوال لا يلزم المستعير رد العين المستعارة، وله ان يستمر بالانتفاع بها حتى يتمكن من ردها بغير ضرر، ولكن يلزمه في هذا وامثاله اجرة المثل من حين الطلب الى حين الرد.
الرجوع بالأرض المعارة واستردادها:
إعارة الأرض إما أن تكون للبناء والغراس، وإما أن تكون للزراعة:
فإن اعاره للبناء او الغراس: ثم رجع المعير عن الإعارة بعد البناء او الغراس، يُنظر:
فإن كان
المعير قد شرط على المستعير ان يقلع ما بناه او غرسه عند الرجوع بالإعارة وجب عليه
ذلك عملا بالشرط، لقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم". فإن
امتنع من ذلك قلعه المعير.
وان كان شرط عليه تسوية الأرض بعد القلع لزمه ذلك في الحالين، وان لم يشرطه فلا يلزمه.
وان كان المعير لم يشترط على المستعير القلع يُخَيّر المستعير بين القلع وعدمه:
فإن اختار القلع قلع، ولا يستحق شيئا اذا نقصت قيمة البناء او الغراس بالقلع، لأنه ملكه وقد رضى بنقصانه حين اختار قلعه، ويلزمه تسوية الأرض على الأصح، ليصبح ما استعاره كما كان عليه حين أخذه، ليرده كما اخذه. وانما لزمته التسوية لأنه قلع باختياره ، ولو امتنع من القلع لم يجبر عليه.
وان لم يختر المستعير القلع: فالمعير مخير بين امور ثلاثة ، وهي:
ان يبقى البناء او الغراس ويأخذ اجرة المثل.
ان يقلع الغراس او يهدم البناء، ويضمن للمستعير ما ينقص من قيمة ذلك ما بين حاله قائما وحاله مقلوعا، كما انه يلزم بأجرة القلع او الهدم.
ان يتملّك البناء او الغراس بقيمته مستحق القلع، ولا بدّ ان يكون ذلك بعقد مشتمل على إيجاب وقبول.
وانما كان التخيير للمعير لأنه هو المُحسن ، ولأنه هو مالك الأرض التي هي الأصل ، فإن اختار واحدة منها اجبر المستعير عليها.
وان لم يختر المعير واحدة منها: فالأصح ان القاضي يعرض عنهما حتى يصطلحها او يختار امعير، وقيل : ان الحاكم يبيع الأرض وما فيها، ويقسم الثمن بينهما بنسبة قيمة ما لكل منهما، فصلا للخصومة.
وان كان شرط عليه تسوية الأرض بعد القلع لزمه ذلك في الحالين، وان لم يشرطه فلا يلزمه.
وان كان المعير لم يشترط على المستعير القلع يُخَيّر المستعير بين القلع وعدمه:
فإن اختار القلع قلع، ولا يستحق شيئا اذا نقصت قيمة البناء او الغراس بالقلع، لأنه ملكه وقد رضى بنقصانه حين اختار قلعه، ويلزمه تسوية الأرض على الأصح، ليصبح ما استعاره كما كان عليه حين أخذه، ليرده كما اخذه. وانما لزمته التسوية لأنه قلع باختياره ، ولو امتنع من القلع لم يجبر عليه.
وان لم يختر المستعير القلع: فالمعير مخير بين امور ثلاثة ، وهي:
ان يبقى البناء او الغراس ويأخذ اجرة المثل.
ان يقلع الغراس او يهدم البناء، ويضمن للمستعير ما ينقص من قيمة ذلك ما بين حاله قائما وحاله مقلوعا، كما انه يلزم بأجرة القلع او الهدم.
ان يتملّك البناء او الغراس بقيمته مستحق القلع، ولا بدّ ان يكون ذلك بعقد مشتمل على إيجاب وقبول.
وانما كان التخيير للمعير لأنه هو المُحسن ، ولأنه هو مالك الأرض التي هي الأصل ، فإن اختار واحدة منها اجبر المستعير عليها.
وان لم يختر المعير واحدة منها: فالأصح ان القاضي يعرض عنهما حتى يصطلحها او يختار امعير، وقيل : ان الحاكم يبيع الأرض وما فيها، ويقسم الثمن بينهما بنسبة قيمة ما لكل منهما، فصلا للخصومة.
ولا فرق في كل
ما سبق: بين ان تكون الإعارة مطلقة او مقيدة بوقت على الأصح ، الا انه في الاعارة
المطلقة : اذا بنى او غرس ثم قلع فليس له ان يبني او يغرس الا بإذن جديد، فإن فعل
ذلك بلا اذن كان للمعير ان يجبره على القلع وتسوية الأرض مطلقا، والله تعالى أعلم،
واما في الإعارة المؤقتة: فله ان يبني او يغرس مرة بعد اخرى، طالما ان المدة لم
تنته ولم يرجع المعير في الإعارة ،وعند الرجوع تطبق الأحكام المذكورة اولا.
وإن اعاره للزراعة: ثم رجع المعير عن الإعارة قبل ان يدرك الزرع: فالصحيح ان للمستعير ان يبقيه الى ان يدرك ان كان ينقص قيمته بالقلع قبله ، لأنه مال محترم، وله امد يدرك فيه بالعادة فينتظر، وللمعير اجرة المثل في هذه الحال على الصحيح.
ولا فرق في هذا بين ان تكون الإعارة مطلقة او مقيدة بمدة، الا انه في حال التقييد بمدة: اذا لم يدرك الزرع قبل انتهائها، لتقصير المستعير: كأن يتأخر بالزراعة ، او يكون هناك مانع منها من ثلج او سيل ونحو ذلك، ثم يزرع في الأرض بعد زوال المانع ما لا يدرك غابا في المدة المتبقية، او يزرع غير ما استعار من اجله مما يبطئ اكثر منه ، ففي هذه الحالات: للمعير ان يجبر المستعير على قلع الزرع وتسوية الأرض، وان نقص بسبب ذلك، لأنه متعد وظالم بفعله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس لعرق ظالم حق" (اخرجه ابو داود في الخراج والامارة والفئ ، باب: في احياء الموات، رقم: 3073، والترمذي في الأحكام ، باب: احياء ارض الموات، رقم: 1378).
كيفية رد العين المستعارة:
يكون رد العين المستعارة الى المعير بحسب الشئ المستعار عرفا وعادة: فالأشياء المنقولة لابد من نقلها وتسليمها للمعير، ولاسيما اذا كانت نفيسة، فيختلف التسليم باختلاف نفاستها، كالجواهر والمعادن الثمينة، فربما اشترط تسليمها ليد المعير بنفسه، وربما اكتفى بردها الى منزله وتسليمها الى من ينوب منابه في قبضها، كالأوعية ونحوها.
وإن اعاره للزراعة: ثم رجع المعير عن الإعارة قبل ان يدرك الزرع: فالصحيح ان للمستعير ان يبقيه الى ان يدرك ان كان ينقص قيمته بالقلع قبله ، لأنه مال محترم، وله امد يدرك فيه بالعادة فينتظر، وللمعير اجرة المثل في هذه الحال على الصحيح.
ولا فرق في هذا بين ان تكون الإعارة مطلقة او مقيدة بمدة، الا انه في حال التقييد بمدة: اذا لم يدرك الزرع قبل انتهائها، لتقصير المستعير: كأن يتأخر بالزراعة ، او يكون هناك مانع منها من ثلج او سيل ونحو ذلك، ثم يزرع في الأرض بعد زوال المانع ما لا يدرك غابا في المدة المتبقية، او يزرع غير ما استعار من اجله مما يبطئ اكثر منه ، ففي هذه الحالات: للمعير ان يجبر المستعير على قلع الزرع وتسوية الأرض، وان نقص بسبب ذلك، لأنه متعد وظالم بفعله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس لعرق ظالم حق" (اخرجه ابو داود في الخراج والامارة والفئ ، باب: في احياء الموات، رقم: 3073، والترمذي في الأحكام ، باب: احياء ارض الموات، رقم: 1378).
كيفية رد العين المستعارة:
يكون رد العين المستعارة الى المعير بحسب الشئ المستعار عرفا وعادة: فالأشياء المنقولة لابد من نقلها وتسليمها للمعير، ولاسيما اذا كانت نفيسة، فيختلف التسليم باختلاف نفاستها، كالجواهر والمعادن الثمينة، فربما اشترط تسليمها ليد المعير بنفسه، وربما اكتفى بردها الى منزله وتسليمها الى من ينوب منابه في قبضها، كالأوعية ونحوها.
الكلمات المفتاحية :
الفقه الشافعي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: