كن له عبدا يكون لك ربا
بسم الله الرحمان الرحيم العظيم الكريم الحليم العليم
والصلاة والسلام على العبد المحض مولانا محمد الواصل الموصول وآله وصحبه الفحول
قال تعالى :
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي
الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ).
أشرنا في استرواح سابق في هذه الآية أنّ الملائكة هنا ما اعترضت على جعل سيّدنا آدم عليه السلام خليفة وإنّما استفسرت عن كيفية ذلك بعد أن ثبت لديها وجود المتضادات في هذا الخليفة من حيث كونه خليفة ومن حيث كونه يفسد في الأرض ويسفك الدماء .فلم تجتمع هذه الحوصلة عندهم , لأنّ ما كوشف به حين قول الله تعالى لهم ( إنّي جاعل في الأرض خليفة ) لم يكن فقط شهود الجانب الإفسادي في الأرض والإسفاكي للدماء ’ بل هم يعلمون علم يقين قرب هذا الخليفة من الله تعالى وأنّه سيكون عابدا لله تعالى وتائبا راجعا إليه , وإنّما وقع عندهم البحث في شأن الخلافة وأنّها أمر مصون لا يجوز فيه غير وصف الصفاء التام .
إنّما قالوا ذلك لما عاينوه من شدّة الإرتباط بين العبودية والخلافة في آن واحد , خلاف إبليس لعنه الله تعالى فهو لم يلاحظ ذلك الإرتباط , لهذا قال لما سئل عن سبب إبايته السجود ( أنا خير منه ) فأخرج ما كان مسرّا به في قلبه فأخرج الله تعالى أضغانه كما أخرجها للكافرين وهكذا كلّ متكبّر ..
فتوقّعت الملائكة هنا أنّ مهمّة الخلافة لا يستحقّها من يعصي الله تعالى فلا تكون في نظرهم إلاّ للعبد المحض الذي لا يخرج من عبوديته لربّه طرفة عين فجمعوا بين العصمة والخلافة لهذا تساءلوا عن كيفية الخلافة بدون عصمة للخليفة لذا قالوا جميعا ( ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك ) فهنا ما مدحوا أنفسهم في الحقيقة وإنّما عرضوا أنفسهم للخدمة فلا تهمّهم الخلافة بقدر ما يهمّهم الحفاظ على شؤونها من عبودية وأدب فيها لأنّهم عليهم السلام من جند الله لا يعصون الله ما أمرهم ..
فالأمر عندهم حين إخبار الله تعالى لهم بجعل هذا الخليفة في الأرض وأنّه آدم عليه السلام كأنّه أمر محتوم بما عاينوه من فعل هذا الخليفة من إفساد وسفك للدماء في الأرض. فأخبروا بما دلّ عليه كشفهم وهو علمهم الذي قالوا فيه ( ... إلاّ ما علّمتنا ) أي إلاّ ما أطلعتنا عليه في كشفنا من شأن هذا الخليفة , فما ذكروا من شأنه إلاّ الأمر المشين وهو المعصية لما عليه هم من كمال التنوير فطلبوا الكمال للخليفة لما تدلّ عليه حقائقهم من ذلك لهذا ما قال الله تعالى لهم إلاّ قوله تعالى بداية ( إنّي أعلم ما لا تعلمون ) أي من شأن هذا الخليفة الذي سيخرج في حلية الصفات الإلهية .
فلمّا عاينت الملائكة أمور سلبية في هذا الخليفة قالوا ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك ) من شدّة غيرتها على جناب التوحيد من جهة ومن جهة أخرى غيرتها على حرمات الله تعالى أن تنتهك ...
قال تعالى : ( وعلّم آدم الاسماء كلّها ثمّ عرضهم على الملائكة ) إذ لا بدّ من جواب على إستفسارهم ذلك وفق جنس ما به استفسروا لأنّهم عليهم السلام إستفسروا من منطلق ما علموه في كشفهم في أفعال هذا الخليفة ...
فإنّهم عليهم السلام ما قدحوا في الخليفة أو استنقصوه من حيث تركيبته العنصرية الذاتية بل ما ذكروا غير أفعاله من إفساد وسفك للدماء خلاف إبليس لعنه الله تعالى فما ذكر من الخليفة إلاّ ذاته الترابية فقال ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) .فما جال في نفس إبليس لعنه الله تعالى هنا أفعال من حيث الطاعة والمعصية أو عبودية بل ما نظر إلاّ إلى ظاهر الخلقة من حيث الطبيعة والحجم والاشكال وهذا نهاية الجهل .. لهذا طالب المشركون لما لا يكون الرسول الذي جاءهم ملكا أو ينزل معه ملك مع انه كان بشرا , بعد أن قالوا له معترضين ( ما أنت إلاّ بشر مثلنا ) .
ثمّ أبانت الملائكة عن هذه الحقيقة وهي أنّها كانت تستفسر بعد أن فتح لها باب الإستفسار في قولها لمّا قال الله تعالى لها ( أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) فقالت ( سبحانك ) أي أنّنا يا ربّنا لا نقدر على ذلك فلا علم لنا به ( سبحانك لا علم لنا ) أي فيما طلبته منّا ( إلاّ ما علّمتنا ) فيما استفسرنا فيه ثمّ قالت ( إنّك أنت العليم الحكيم ) أي في جعل هذا الخليفة في الأرض نهاية التسليم والمعرفة والأدب .
قلت :
العبودية للذات أي أنّ عبادة الله تعالى أمرها جمعي وهو قصد الذات الإلهية , بينما أمر الخلافة أمر صفاتي . ونحن نعلم جميعا أنّ الصفات لا تنفصل عن الذات فهي موصولة بها كما أنّها لا تتّصل بها لأنّها ليس عينها وهذا ما قال به المحققون من ساداتنا الاشاعرة أهل التحقيق رضي الله عنهم وهو مذهب أهل السنّة ...
فمن توجّه إلى الصفات دون الذات وقع في الشرك ولا بدّ , لأنّ البشر حينما يرون عبدا من عباد الله تعالى أظهره الله تعالى في عالم البقاء في حلية صفاته كما كان من شأن عيسى عليه السلام في إحيائه الموتى بإذن الله ظنّوا أنّه إله أو أنّه ابن الإله فعبدوه من دون الله تعالى ,لهذا قال الله تعالى لهم وللناس ( أإله مع الله ) ومن هنا قال أهل العرفان أنّ الله تعالى واحد في أفعاله واحد في صفاته واحد في ذاته ....
فأراد إبليس لعنه الله تعالى الخروج في ذاك الوصف لظنّه وإعتقاده أنّ من يخرج في وصف الخلافة يكون إلها فيستعبد الناس فما فرّق بين العبودية التي هي للذات وبين الخلافة التي هي للصفات .. فكانت غواية إبليس لعنه الله تعالى للبشر في عالم الصفات بينما كانت عداوة النفس للإنسان في عالم الذات لهذا كفر إبليس لعنه الله تعالى بينما أشركت النفس بربّها .
فما قال تعالى في إبليس لعنه الله تعالى أنّه أشرك بل قال ( وكان من الكافرين ) فانقسم أهل النار إلى ثلاثة اقسام : أهل كفر , أهل شرك , أهل نفاق.
فكان كفر وهو لإبليس لعنه الله تعالى , ثمّ كان شرك وهو للسامري لعنه الله تعالى , ثمّ كان نفاق وهو كثير وخاصّة في أمّة سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم .
وهذا لا يعني أنّ إبليس لعنه الله تعالى لا يأمر الناس بالشرك بل يأمرهم بذلك ويأمرهم أن يعبدوه لفهمه الخاطئ بسبب مرض قلبه بداية ..
فلمن مزج بين العبودية والخصوصية فقد إنتهج منهج إبليس لعنه الله تعالى ..
لذا رجعت الملائكة في قولها السابق إلى العبودية عند كلّ قول فقالت بداية ( ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك ) ثمّ قالت ( سبحانك لا علم لنا ) ثمّ ( فسجد الملائكة أجمعون ) نهاية العبودية ...
فالخلافة بالمعنى العام هي لبني آدم عليه السلام ولكن بالمعنى الخاص للعباد منهم وهم أهل الكتاب كالأنبياء والرسل فهم أهل الوصلة الدائمة بالله تعالى وهو الوسيلة إلى الله تعالى , فهم باب الله تعالى .
فانقسم أهل الله تعالى إلى قسمين :
أهل تربية وأهل تصريف والاصل للعبودية وهم أهل التربية ... فأهل التربية أصناف ولكن طريقهم واحد وهو الدلالة على الله تعالى وكذلك أهل التصريف فهم أصناف .. لهذا يحذّر أهل الله تعالى من الإيغال في تفسير مقامات أهل التصريف إلا بين أهله لما في ذلك من شبهات الشرك وهذه حقيقة .
فالأصل وهو الذي عليه المعوّل هو قول الله تعالى ( وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ) أي هذا أمر خارج عن دائرة الخلافة والأكوان إذ أنّه يجمعهم مع المكوّن سبحانه وتعالى .
فأنت قد خلقك سبحانه لتعبده فإذا شاء جعلك خليفة وإذا لم يشأ فهو على ما يشاء قدير, فهناك فرق بين الخلق والجعل فالخلق للعبودية والجعل للخصوصية فأنت قد خلقك يقينا ولكن ليس يقينا أن يجعلك .. فما خلق الله تعالى آدم للخلافة وإنّما خلقه للعبودية ثمّ جعله بعد أن إرتضاه للخلافة ...
فطريقة أهل التصوّف ليست للتصريف وللخصوصية بل هي للعبودية المحضة ( يريدون وجهه ) أمّا الذي ديدنه البحث عن المراتب والخصوصيات فالعبد الفقير أبشّره أنّه سيكون على نفس حالة إبليس لعنه الله تعالى فقم بأدب العبودية ثمّ إنّ الله تعالى يستعملك كيفما شاء سبحانه وقل كلّما إعترضك حائل ( سبحانك لا علم لنا إلاّ ما علمتنا إنّك أنت العليم الحكيم ) فهل تترك الله تعالى ثمّ تبحث عمّا سواه ؟؟؟ يا عجبا ..
لا عاش ما عاش فيها صاحيا ..
تحميل الموضوع ملف وورد :
والصلاة والسلام على العبد المحض مولانا محمد الواصل الموصول وآله وصحبه الفحول
قال تعالى :
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي
الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ).
أشرنا في استرواح سابق في هذه الآية أنّ الملائكة هنا ما اعترضت على جعل سيّدنا آدم عليه السلام خليفة وإنّما استفسرت عن كيفية ذلك بعد أن ثبت لديها وجود المتضادات في هذا الخليفة من حيث كونه خليفة ومن حيث كونه يفسد في الأرض ويسفك الدماء .فلم تجتمع هذه الحوصلة عندهم , لأنّ ما كوشف به حين قول الله تعالى لهم ( إنّي جاعل في الأرض خليفة ) لم يكن فقط شهود الجانب الإفسادي في الأرض والإسفاكي للدماء ’ بل هم يعلمون علم يقين قرب هذا الخليفة من الله تعالى وأنّه سيكون عابدا لله تعالى وتائبا راجعا إليه , وإنّما وقع عندهم البحث في شأن الخلافة وأنّها أمر مصون لا يجوز فيه غير وصف الصفاء التام .
إنّما قالوا ذلك لما عاينوه من شدّة الإرتباط بين العبودية والخلافة في آن واحد , خلاف إبليس لعنه الله تعالى فهو لم يلاحظ ذلك الإرتباط , لهذا قال لما سئل عن سبب إبايته السجود ( أنا خير منه ) فأخرج ما كان مسرّا به في قلبه فأخرج الله تعالى أضغانه كما أخرجها للكافرين وهكذا كلّ متكبّر ..
فتوقّعت الملائكة هنا أنّ مهمّة الخلافة لا يستحقّها من يعصي الله تعالى فلا تكون في نظرهم إلاّ للعبد المحض الذي لا يخرج من عبوديته لربّه طرفة عين فجمعوا بين العصمة والخلافة لهذا تساءلوا عن كيفية الخلافة بدون عصمة للخليفة لذا قالوا جميعا ( ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك ) فهنا ما مدحوا أنفسهم في الحقيقة وإنّما عرضوا أنفسهم للخدمة فلا تهمّهم الخلافة بقدر ما يهمّهم الحفاظ على شؤونها من عبودية وأدب فيها لأنّهم عليهم السلام من جند الله لا يعصون الله ما أمرهم ..
فالأمر عندهم حين إخبار الله تعالى لهم بجعل هذا الخليفة في الأرض وأنّه آدم عليه السلام كأنّه أمر محتوم بما عاينوه من فعل هذا الخليفة من إفساد وسفك للدماء في الأرض. فأخبروا بما دلّ عليه كشفهم وهو علمهم الذي قالوا فيه ( ... إلاّ ما علّمتنا ) أي إلاّ ما أطلعتنا عليه في كشفنا من شأن هذا الخليفة , فما ذكروا من شأنه إلاّ الأمر المشين وهو المعصية لما عليه هم من كمال التنوير فطلبوا الكمال للخليفة لما تدلّ عليه حقائقهم من ذلك لهذا ما قال الله تعالى لهم إلاّ قوله تعالى بداية ( إنّي أعلم ما لا تعلمون ) أي من شأن هذا الخليفة الذي سيخرج في حلية الصفات الإلهية .
فلمّا عاينت الملائكة أمور سلبية في هذا الخليفة قالوا ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك ) من شدّة غيرتها على جناب التوحيد من جهة ومن جهة أخرى غيرتها على حرمات الله تعالى أن تنتهك ...
قال تعالى : ( وعلّم آدم الاسماء كلّها ثمّ عرضهم على الملائكة ) إذ لا بدّ من جواب على إستفسارهم ذلك وفق جنس ما به استفسروا لأنّهم عليهم السلام إستفسروا من منطلق ما علموه في كشفهم في أفعال هذا الخليفة ...
فإنّهم عليهم السلام ما قدحوا في الخليفة أو استنقصوه من حيث تركيبته العنصرية الذاتية بل ما ذكروا غير أفعاله من إفساد وسفك للدماء خلاف إبليس لعنه الله تعالى فما ذكر من الخليفة إلاّ ذاته الترابية فقال ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) .فما جال في نفس إبليس لعنه الله تعالى هنا أفعال من حيث الطاعة والمعصية أو عبودية بل ما نظر إلاّ إلى ظاهر الخلقة من حيث الطبيعة والحجم والاشكال وهذا نهاية الجهل .. لهذا طالب المشركون لما لا يكون الرسول الذي جاءهم ملكا أو ينزل معه ملك مع انه كان بشرا , بعد أن قالوا له معترضين ( ما أنت إلاّ بشر مثلنا ) .
ثمّ أبانت الملائكة عن هذه الحقيقة وهي أنّها كانت تستفسر بعد أن فتح لها باب الإستفسار في قولها لمّا قال الله تعالى لها ( أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) فقالت ( سبحانك ) أي أنّنا يا ربّنا لا نقدر على ذلك فلا علم لنا به ( سبحانك لا علم لنا ) أي فيما طلبته منّا ( إلاّ ما علّمتنا ) فيما استفسرنا فيه ثمّ قالت ( إنّك أنت العليم الحكيم ) أي في جعل هذا الخليفة في الأرض نهاية التسليم والمعرفة والأدب .
قلت :
العبودية للذات أي أنّ عبادة الله تعالى أمرها جمعي وهو قصد الذات الإلهية , بينما أمر الخلافة أمر صفاتي . ونحن نعلم جميعا أنّ الصفات لا تنفصل عن الذات فهي موصولة بها كما أنّها لا تتّصل بها لأنّها ليس عينها وهذا ما قال به المحققون من ساداتنا الاشاعرة أهل التحقيق رضي الله عنهم وهو مذهب أهل السنّة ...
فمن توجّه إلى الصفات دون الذات وقع في الشرك ولا بدّ , لأنّ البشر حينما يرون عبدا من عباد الله تعالى أظهره الله تعالى في عالم البقاء في حلية صفاته كما كان من شأن عيسى عليه السلام في إحيائه الموتى بإذن الله ظنّوا أنّه إله أو أنّه ابن الإله فعبدوه من دون الله تعالى ,لهذا قال الله تعالى لهم وللناس ( أإله مع الله ) ومن هنا قال أهل العرفان أنّ الله تعالى واحد في أفعاله واحد في صفاته واحد في ذاته ....
فأراد إبليس لعنه الله تعالى الخروج في ذاك الوصف لظنّه وإعتقاده أنّ من يخرج في وصف الخلافة يكون إلها فيستعبد الناس فما فرّق بين العبودية التي هي للذات وبين الخلافة التي هي للصفات .. فكانت غواية إبليس لعنه الله تعالى للبشر في عالم الصفات بينما كانت عداوة النفس للإنسان في عالم الذات لهذا كفر إبليس لعنه الله تعالى بينما أشركت النفس بربّها .
فما قال تعالى في إبليس لعنه الله تعالى أنّه أشرك بل قال ( وكان من الكافرين ) فانقسم أهل النار إلى ثلاثة اقسام : أهل كفر , أهل شرك , أهل نفاق.
فكان كفر وهو لإبليس لعنه الله تعالى , ثمّ كان شرك وهو للسامري لعنه الله تعالى , ثمّ كان نفاق وهو كثير وخاصّة في أمّة سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم .
وهذا لا يعني أنّ إبليس لعنه الله تعالى لا يأمر الناس بالشرك بل يأمرهم بذلك ويأمرهم أن يعبدوه لفهمه الخاطئ بسبب مرض قلبه بداية ..
فلمن مزج بين العبودية والخصوصية فقد إنتهج منهج إبليس لعنه الله تعالى ..
لذا رجعت الملائكة في قولها السابق إلى العبودية عند كلّ قول فقالت بداية ( ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك ) ثمّ قالت ( سبحانك لا علم لنا ) ثمّ ( فسجد الملائكة أجمعون ) نهاية العبودية ...
فالخلافة بالمعنى العام هي لبني آدم عليه السلام ولكن بالمعنى الخاص للعباد منهم وهم أهل الكتاب كالأنبياء والرسل فهم أهل الوصلة الدائمة بالله تعالى وهو الوسيلة إلى الله تعالى , فهم باب الله تعالى .
فانقسم أهل الله تعالى إلى قسمين :
أهل تربية وأهل تصريف والاصل للعبودية وهم أهل التربية ... فأهل التربية أصناف ولكن طريقهم واحد وهو الدلالة على الله تعالى وكذلك أهل التصريف فهم أصناف .. لهذا يحذّر أهل الله تعالى من الإيغال في تفسير مقامات أهل التصريف إلا بين أهله لما في ذلك من شبهات الشرك وهذه حقيقة .
فالأصل وهو الذي عليه المعوّل هو قول الله تعالى ( وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ) أي هذا أمر خارج عن دائرة الخلافة والأكوان إذ أنّه يجمعهم مع المكوّن سبحانه وتعالى .
فأنت قد خلقك سبحانه لتعبده فإذا شاء جعلك خليفة وإذا لم يشأ فهو على ما يشاء قدير, فهناك فرق بين الخلق والجعل فالخلق للعبودية والجعل للخصوصية فأنت قد خلقك يقينا ولكن ليس يقينا أن يجعلك .. فما خلق الله تعالى آدم للخلافة وإنّما خلقه للعبودية ثمّ جعله بعد أن إرتضاه للخلافة ...
فطريقة أهل التصوّف ليست للتصريف وللخصوصية بل هي للعبودية المحضة ( يريدون وجهه ) أمّا الذي ديدنه البحث عن المراتب والخصوصيات فالعبد الفقير أبشّره أنّه سيكون على نفس حالة إبليس لعنه الله تعالى فقم بأدب العبودية ثمّ إنّ الله تعالى يستعملك كيفما شاء سبحانه وقل كلّما إعترضك حائل ( سبحانك لا علم لنا إلاّ ما علمتنا إنّك أنت العليم الحكيم ) فهل تترك الله تعالى ثمّ تبحث عمّا سواه ؟؟؟ يا عجبا ..
لا عاش ما عاش فيها صاحيا ..
تحميل الموضوع ملف وورد :
الكلمات المفتاحية :
العبودية
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: