امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ
لمحة في قوله :
وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ يوسف30
لقد صدر عن النسوة خبر وتقييم:
فأما الخبر فهو قولهن: امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ
قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً..
وأما التقييم -أو التعليق -فهو قولهن : إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ.
قال الحلبي في المصون:
(و « في المدينة » يجوز تعلُّقه بمحذوفٍ صفةً لنسوة وهو الظاهر ، و ب « قال » وليس بظاهر .)
ونحن نفضل أن يتعلق الجار والمجرور بالقول لا بالنسوة...فعلى الثاني لا يستفاد شيء كثير من كون النسوة حضريات وليس بدويات ولكن على الأول تكون الآية قد وجهت الانتباه إلى معنى الإشاعة وسريان خبر المرأة ..فالنسوة لم يقلن ذلك في مجالس مغلقة خاصة بل "في المدينة" على الانفتاح والعموم.
امرأة العزيز قرأت إخبار النسوة على أنه مكر:
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ
وهي قراءة ذكية جدا لأن الخبر شحنته النسوة فعلا بكل مكر..فأنت واجد خلف كل كلمة صنفا منه..وتتحد الأصناف عند غاية واحدة هي سد أبواب الاعتذار كلها ،وحرمان المرأة من "الظروف المخففة" جميعها، توطئة لإنزال أقصى وأقسى العقوبات ...
"امرأة العزيز"
الجملة الاسمية تستهدف بيان الوضع الاجتماعي للمرأة أولا، ليحمل عليها الفعل المشين ثانيا فيتحقق بذلك مقصد التشنيع..
فكأن المتلقي يستحضر ،أولا ، صورة "امرأة العزيز" بكل ما توحي بها الصورة من أرستوقراطية وعلو، ثم تسقط هذه الصورة بعدها في مستنقع الفضيحة والعار:
"تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ "
فيكون للسقطة دوي متناسب مع مسافة السقوط!
هذا مكر أول.!
"امرأة ..."
هي "امرأة" متزوجة وهذا الوضع الاجتماعي والقانوني يثقل من وقع جريمة المرأة..
هذا مكر ثان!!
"... العزيز..."
المرأة ليست ذا بعل فقط...بل إن بعلها من علية القوم فتكون المرأة قد ورطت زوجها اجتماعيا وسياسيا...فضلا عن إشباع رغبات المتتبعين للفضائح خاصة تلك التي تتسرب من خلل الأسوار الاستقراطية.
هذا مكر ثالث!!!
"...تُرَاوِدُ..."
المرأة بهذا الفعل تكون قد انسلخت عن الجبلة :
فقد طبع نوع المرأة على الحياء ، ومن ثم لا يليق بها أن تكون طالبة للذكر..وإنما يليق بها أن تكون مطلوبة ممعنة في الدلال...هذه المرأة إذن لم تكتف بالاساءة إلى طبقتها بل هي عار على نوعها..
وهذا مكر رابع!!!!
وجاءت صيغة المضارع"...تُرَاوِدُ..." لتحقيق مزيد من التوريط :فالأمر لم يكن منها نزوة عابرة ضعفت أمامها للحظة –وخلق الانسان ضعيفا- ولكن الأمر منها كان متجددا وقتا بعد وقت أي "إصرارا مع سبق الترصد"
وهذا مكر خامس!!!!!
"...فَتَاهَا..."
تراود من؟
-فتاها!
حضيض ليس دونه حضيض!!
وهذا مكر سادس!!!!!!
تحميل الموضوع ملف وورد :
الكلمات المفتاحية :
حدائق القرأن
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: