الفقه الحنبلي - الزنى - السرقة
(مسألة) (وقذف غير المحصن يوجب التعزير فإذا قذف مشركا أو عبدا أو مسلما له دون عشر سنين أو مسلمة لها دون تسع أو من ليس بعفيف فعليه التعزير)
لانه لما انتفى وجوب الحد عن القاذف
وجب التأديب ردعا له عن أعراض المعصومين وكفا له عن أذاهم (فصل) ويجب الحد على قاذف الخصي والمجبوب والمريض المدنف والرتقاء والقرناء.
وقال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لا حد على قاذف مجبوب.
قال ابن المنذر وكذلك الرتقاء.
وقال الحسن لا حد على قاذف الخصي لان العار منتف على المقذوف بدون الحد للمسلم بكذب القاذف، والحد انما يجب لنفي العار ولنا عموم قوله تعالى (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) والرتقاء داخلة في عموم الآية ولانه قاذف محصنا فيلزمه الحد كالقاذف للقادر على الوطئ ولان إمكان الوطئ أمر خفي لا يعلمه كثير من الناس فلا ينتفي العار عند من لم يعلمه بدون الحد فيجب كقذف المريض (فصل) ويجب الحد على القاذف في غير دار الاسلام وبهذا قال الشافعي.
وقال اصحاب الرأي لا حد عليه لانه في دار لا حد على أهلها.
ولنا عموم الآية ولانه مسلم مكلف حر قذف محصنا فأشبه من في دار الاسلام (فصل) ويشترط لاقامة الحد على القاذف شرطان (أحدهما) مطالبة المقذوف لانه حق له فلا يستوفى قبل طلبه كسائر حقوقه (الثاني) ان لا يأتي ببينة لقول الله تعالى (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) الآية ولذلك يشترط عدم إقرار المقذوف لانه في معنى البينة.
وان كان القادف زوجا اعتبر شرط آخر وهو امتناعه من اللعان، ولا نعلم في هذا كله خلافا ويعتبر استدامة
الطلب إلى إقامة الحد فلو طلب ثم عفا عن الحد سقط وبهذا قال الشافعي وأبو ثور، وقال الحسن وأصحاب الرأي لا يسقط بعفوه لانه حد فلم يسقط بالعفو كسائر الحدود ولنا انه حد لا يستوفى إلا بعد مطالبة الآدمي باستيفائه فسقط بعفوه كالقصاص.
وفارق سائر الحدود فانه لا يعتبر في إقامتها الطلب باستيفائها، فأما حد السرقة فانما يعتبر فيه المطالبة بالمسروق لا استيفاء الحد ولانهم قالوا تصح دعواه ويستحلف فيه ويحكم الحاكم فيه بعلمه ولا يقبل رجوعه بعد الاعتراف فدل على انه حق لآدمي (فصل) وإذا قلنا بوجوب الحد بقذف من لم يبلغ لم تجز إقامته حتى يبلغ ويطالب به بعد بلوغه
لان مطالبته قبل البلوغ لا توجب الحد لعدم اعتبار كلامه وليس لوليه المطالبة عنه لانه حق شرع للتشفي فلم يقم غيره مقامه في استيفائه كالقصاص فإذا بلغ وطالب اقيم حينئذ، ولو قذف غائبا لم يقم عليه الحد حتى يقدم ويطالب الا ان يثبت انه طالب في غيبته، ويحتمل أن لا تجوز إقامته في غيبته بحال لانه يحتمل ان يعفو بعد المطالبة فيكون ذلك شبهة في درء الحد لكونه يندرئ بالشبهات، ولو جن المقذوف بعد قذفه وقبل طلبه لم تجز إقامته حتى يفيق ويطالب وكذلك إن اغمي عليه فان كان قد طالب به قبل جنونه وإغمائه جازت إقامته كما لو وكل في استيفاء القصاص ثم جن أو أغمي عليه قبل استيفائه (فصل) وإذا قذف ولده لم يجب عليه الحد وان نزل سواء كان القاذف رجلا أو امرأة وبهذا
قال الحسن وعطاء والشافعي وأصحاب الرأي، وقال عمر بن عبد العزيز ومالك وأبو ثور وابن المنذر عليه الحد لعموم الآية ولانه حد فلا تمنع من وجوبه قرابة الولادة كالزنا ولنا انه عقوبة تجب حقا لآدمي فلا تجب للولد على الوالد كالقصاص أو نقول انه حق لا يستوفى الا بالمطالبة باستيفائه فأشبه القصاص ولان الحد يدرأ بالشبهات فلا يجب للابن على ابيه كالقصاص ولان الابوة معنى يسقط القصاص فمنعت الحد كالكفر وبهذا خص عموم الآية، ثم ما ذكروه ينتقض بالسرقة فان الاب لا يقطع بالسرقة من مال ابنه، والفرق بين القذف والزنا ان حد الزنا خالص لحق الله تعالى لا حق للآدمي فيه وحد القذف حق لآدمي فلا يثبت للابن على ابيه كالقصاص وعلى انه لو زنى بجارية ابنه لم يجب عليه حد إذا ثبت هذا فانه لو قذف ام ابنه وهي أجنبية منه فماتت قبل استيفائه لم يكن لابنه المطالبة لان ما منع ثبوته ابتداء أسقطه طارئا كالقصاص فان كان لها ابن آخر من غيره كان له استيفاؤه إذا ماتت بعد المطالبة به لان الحد يملك بعض الورثة استيفاءه كله بخلاف القصاص وأما قذف سائر الاقارب فيوجب الحد على القاذف في قولهم جميعا (مسألة) (وإن قال زنيت وأنت صغيرة وفسره بصغر عن تسع لم يحد والا خرج على روايتين) أما إذا فسره بصغر عن تسع سنين فانه لا يحد فانه لا يجب بقذفها الحد على ما ذكرنا وكذلك
ان قذف صغيرا له دون عشر سنين وإن لم يفسره بذلك وفسره بما زاد عليه خرج على الروايتين في اشتراط البلوغ فان قلنا هو شرط في الاحصان لم يحد وعليه التعزير وإن قلنا ليس بشرط لزمه الحد كالبالغ لانه قذف محصنا (فصل) فان اختلف القاذف والمقذوف فقال القاذف كنت صغيرا حين قذفتك وقال المقذوف كنت كبيرا فذكر القاضي أن القول قول القاذف لان الاصل الصغر وبراءة الذمة من الحد فان أقام كل واحد منهما بينة بدعواه وكانتا مطلقتين أو مؤرختين تاريخين مختلفين فهما قذفان موجب أحدهما التعزير والآخر الحد وان ثبنتا تاريخا واحدا وقالت احداهما وهو صغير وقالت الاخرى وهو كبير تعارضتا وسقطتا وكذلك لو كان تاريخ بينة المقذوف قبل تاريخ بينة القاذف (مسألة) وإن قال لحرة مسلمة زنيت وأنت نصرانية أو أمة ولم تكن كذلك فعليه الحد) إذا قال زنيت إذ كنت مشركا أو إذ كنت رقيقا فقال المقذوف ما كنت رقيقا ولا مشركا نظرنا فان ثبت أنه كان مشركا أو رقيقا فهي كالتي قبلها وان ثبت أنه لم يكن كذلك فعليه الحد لانه يعلم كذبه في وصفه بذلك، وإن لم يثبت واحد منهما وجب عليه الحد في احدى الروايتين، لان الاصل عدم الشرك والرق ولان الاصل الحرية واسلام اهل دار الاسلام (والثانية) لا يجب لان الاصل براءة ذمته، وأما إذا قال زنيت وانت مشرك فقال المقذوف اردت قذفي بالزنا والشرك معا وقال القاذف بل أردت قذفك بالزنا إذ
كنت مشركا فقال أبو الخطاب القول قول القاذف وهو قول بعض الشافعية لان الخلاف في نيته وهو أعلم بها، وقوله وانت مشرك مبتدأ وخبر وهو حال لقوله زنيت كقوله تعالى (الا استموه وهم يلعبون) وقال القاضي: يجب الحد وهو قول بعض الشافعية لان قول زنيت خطاب في الحال والظاهر أنه أراد زناه في الحال وهكذا ان قال زنيت وانت عبد، فأما إن قال زنيت وقال اردت انه زنى وهو مشرك فقال الخرقي جيب عليه الحد، وكذلك ان كان عبدا لانه قذفه في حال كونه حرا مسلما محصنا وكذلك يقتضي وجوب الحد عليه لعموم الآية ووجود المعنى، فإذا ادعى ما يسقط
الحد عنه لم يقبل منه كما لو قذف كبيرا ثم قال اردت انه زنى وهو صغير، فأما إن قال زنيت في شركك أو وأنت مشرك ففيه وجهان (احدهما) لا حد عليه وهو قول الزهري وأبي ثور واصحاب الرأي، وعن احمد رواية أخرى وعن مالك أنه يحد وهو قول الثوري لان القذف وجد في حال كونه محصنا.
ووجه الاول أنه أضاف القذف إلى حال ناقصة أشبه مالو قذفه في حال الشرك ولانه قذفه بما لا يوجب الحد على المقذوف أشبه مالو قذفه بالوطئ دون الفرج، وهكذا الحكم لو قذف من كان رقيقا، فان قال زنيت وأنت صبي أو صغير سئل عن الصغر فان فسره بما لا يجامع مثله ففيها الوجهان، وإن فسره بصغر يجامع في مثله خرج على الروايتين في اشتراط البلوغ للاحصان (فصل) وان قذف مجهولا وادعى انه رقيق أو مشرك وقال المقذوف بل أنا حر مسلم
فالقول قوله، وقال ابو بكر القول قول القاذف في الرق لان الاصل براءة ذمته من الحد وهو يدرأ بالشبهات وما ادعاه محتمل فيكون شبهة وعن الشافعي كالوجهين ولنا أن الاصل الحرية وهو الظاهر فلم يلتفت إلى ما خالفه كما لو فسر صريح القذف بما يحيله (مسألة) (ومن قذف محصنا فزال احصانه قبل اقامة الحد عليه لم يسقط الحد عن القاذف) وبهذا قال الثوري وابو ثور والمزني وداود، وقال ابو حنيفة ومالك والشافعي لاحد عليه لان الشروط تجب استدامتها إلى حال اقامة الحد بدليل انه لو ارتد أو جن لم يقم الحد لان وجود الزنا يقوي قول القاذف ويدل على تقدم الفسق منه فأشبه الشهادة إذا طرأ الفسق بعد أدائها قبل الحكم بها ولنا ان الحد قد وجب وتم بشروطه فلم يسقط بزوال شرط الوجوب كما لو زنى بأمة ثم اشتراها أو سرق عينا فنقصت قيمتها أو ملكها أو كما لو جن المقذوف بعد المطالبة، وقولهم ان الشروط تعتبر استدامتها قلنا الشروط ههنا للوجوب فيعتبر وجودها إلى حين الوجوب وقد وجب الحد بدليل انه ملك المطالبة به وتبطل الاصول التي ذكروها بالاصول التي قسنا عليها، وأما إذا جن من وجب له الحد فلا يسقط الحد وانما يتأخر استيفاؤه لتعذر المطالبة فأشبه مالو غاب من له الحد، فان ارتد من وجب له
الحد لم يملك المطالبة لان حقوقه واملاكه تزول أو تكون موقوفة، وفارق الشهادة فان العدالة شرط للحكم بها فيعتبر وجودها إلى حين الحكم بها بخلاف مسئلتنا فان العفة شرط للوجوب فلا تعتبر الا إلى حين الوجوب (فصل) ولو وجب الحد على ذمي أو مرتد ملحق بدار الحرب ثم عاد لم يسقط عنه وقال ابو حنيفة يسقط ولنا انه حد وجب فلم يسقط بدخول دار الحرب كما لو كان مسلما دخل بأمان (فصل) ويحد من قذف ابن الملاعنة نص عليه احمد، وهو قول ابن عمر وابن عباس والحسن
والشعيي وطاوس ومجاهد ومالك والشافعي وجمهور العلماء ولا نعلم فيه خلافا، وقد روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الملاعنة أن ترمى ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد رواه ابو داود ولان حضانتها لم تسقط باللعان ولا يثبت الزنا به ولذلك لم يلزمها به حد، ومن قذف ابن الملاعنة فقال هو ولد زنا فعليه الحد للخبر والمعنى، وكذلك ان قال هو من الذي رميت به، فاما ان قال ليس هو ابن فلان يعني الملاعن وأراد أنه منفي عنه شرعا فلا حد عليه لانه صادق (فصل) فاما ان ثبت زناه ببينة أو اقرار أو حد للزنا فلا حد على قاذفه لانه صادق ولان احصان المقذوف قد زال بالزنا.
ولو قال لمن زنى في شركه أو من كان مجوسيا تزوج بذات محرم بعد أن أسلم يا زاني فلا حد عليه إذا فسره بذلك وقال مالك عليه الحد لانه قذف مسلما لم يثبت زناه في اسلامه ولنا انه قذف من ثبت زناه اشبه ما لو ثبت زناه في الاسلام لانه صادق ومقتضى كلام الخرقي وجوب الحد عليه لقوله ومن قذف من كان مشركا وقال اردت أنه زنى وهو مشرك لم يلتفت إلى قوله وحد.
(فصل) قال الشيخ رحمه الله (والقذف محرم ما ذكرنا من الآية والخبر والاجماع إلا في موضعين (أحدهما) ان يرى امرأته تزني في طهر لم يصبها فيه فيعتزلها وتأتي بولد يمكن أن يكون من الزاني فيجب عليه قذفها ونفيه لان ذلك يجري مجرى اليقين في ان الولد من الزاني لكونها أتت به لستة أشهر من حين الوطئ فإذا لم ينفه لحقه الولد وورثه وورث اقاربه وورثوا منه ونظر إلى بناته وأخواته وليس ذلك بجائز فيجب نفيه لازالة ذلك، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ايما امرأة ادخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شئ ولن يدخلها جنته، وأيما رجل جحد ولده
وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الاولين والآخرين) رواه أبو داود وقوله (وهو ينظر إليه) يعني يراه منه فكما حرم على المرأة ان تدخل على قوم من ليس منهم فالرجل مثلها وكذا لو أقرت بالزنا ووقع في نفسه صدقها فهو كما لو رآها
(الثاني) ان لا تأتي بولد يجب نفيه مثل ان يراها تزني ولا تأتي بولد يلحقه نسبه أو يكون ثم ولد لكن لا يعلم أنه من الزنا أو استفاض زناها في الناس أو أخبره ثقة ورأي رجلا يعرف بالفجور يدخل عليها فيباح قذفها لانه يغلب على ظنه فجورها ولا يجب لانه يمكنه مفارقتها وقد روى علقمة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ارأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فتكلم جلدتموه أو قتل قتلتموه أو سكت سكت على غيظ فذكر أنه يتكلم أو يسكت فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم والسكوت ههنا اولى ان شاء الله تعالى لانه استر ولان قذفها يلزم منه ان يحلف احدهما كاذبا أو يقر فيفتضح) (مسألة) (وان أتت بولد يخالف لونه لونهما لم يبح نفيه بذلك وقال أبو الخطاب ظاهر كلامه اباحته) إذا اتت بولد يخالف لونه لونهما ويشبه رجلا غير والديه لم يبح نفيه بذلك لما روى أبو هريرة قال جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان امرأتي جاءت بولد اسود يعرض بنفيه - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (هل لك من ابل قال نعم قال - فما الوانها؟ - قال - حمر قال - هل فيها من اورق؟ قال ان فيها لورقا قال - فاني (فانى) أتاها ذلك؟ قال عسى ان يكون نزعه عرق قال - وهذا عسى ان يكون نزعه عرق) قال ولم يرخص له في الانتفاء منه متفق عليه ولان الناس كلهم من آدم وحواء والوانهم وخلقهم مختلفة ولولا مخالفتهم شبه والديهم لكانوا على صفة واحدة ولان دلالة الشبه ضعيفة ودلالة ولادته على الفراش قوية فلا يجوز ترك القوي لمعارضة الضعيف ولذلك لما تنازع سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في ابن وليدة زمعة ورأى النبي صلى الله عليه وسلم شبها بينا بعتبة الحق الولد بالفراش وترك الشبه وهذا اختيار أبي عبد الله بن حامد وأحد الوجهين لاصحاب الشافعي وذكر القاضي وأبو الخطاب ان ظاهر كلام أحمد جواز نفيه وهو الوجه الثاني لاصحاب الشافعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث اللعان (ان جاءت به اورق جعدا جماليا خدلج الساقين سابغ الاليتين فهو للذي رميت به) فاتت به على النعت المكروه فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لولا الايمان لكان
لي ولها شأن) فجعل الشبه دليلا على نفيه عنه والصحيح الاول وهذا الحديث انما يدل على نفيه
عنه مع ما تقدم من لعانه ونفيه اياه عن نفسه فجعل الشبه مرجحا لقوله دليلا على تصديقه وما تقدم من الاحاديث يدل على عدم استقلال الشبه بالنفي، ولان هذا كان في موضع زال الفراش وانقطع نسب الولد عن صاحبه فلا يثبت مع بقاء الفراش المقتضي لحوق النسب بصاحبه وان كان يعزل عن امرأته لم يبح له نفيه لما روى أبو سعيد أنه قال يا رسول الله انا نصيب النساء ونحب الاثمان افنعزل عنهن؟ فقال (ان الله إذا قضى خلق نسمة خلقها) ولانه قد يسبق من الماء ما لا يحس به فيعلق) (فصل) ولا يجوز قذفها بخبر من لا يوثق بخبره لانه غير مأمون على الكذب عليها ولا برؤيته رجلا خارجا من عندها من غير ان يستفيض زناها لانه يجوز ان يكون دخل سارقا أو هاربا أو لحاجة أو لغرض فاسد فلم تمكنه ولا لاستفاضة ذلك في الناس من غير قرينة تدل على صدقهم لاحتمال ان يكون اعداؤها اشاعوا ذلك عنها، وفيه وجه أنه يجوز لان الاستفاضة أقوى من خبر الثقة (فصل) قال رحمه الله والفاظ القذف تنقسم إلى صريح وكناية فالصريح قوله يا زاني يا عاهر زنى فرجك مما لا يحتمل غير القذف فلا يقبل قوله بما يحيله لانه صريح فيه فاشبه التصريح بالطلاق (مسألة) (وان قال يا لوطي أو يا معفوج فهو صريح في المنصوص عن أحمد وعليه الحد) إذا قذفه بعمل قوم لوط اما فاعلا أو مفعولا به فعليه حد القذف وبه قال الحسن والنخعي والزهري ومالك وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وقال عطاء وقتادة وأبو حنيفة لا حد عليه لانه قذف بما لا يوجب الحد عنده، وعندنا هو موجب للحد وقد بيناه فيما مضى وكذلك لو قذف امراة أنها وطئت في دبرها أو قذف رجلا بوطئ امرأة في دبرها فعليه الحد عندنا وعند أبي حنيفة لا حد عليه، ومبني الخلاف ههنا على الخلاف في وجوب حد الزنى على فاعل ذلك وقد تقدم الكلام فيه، فان قذف رجلا باتيان بهيمة انبنى ذلك على وجوب الحد على فاعله فمن اوجب عليه الحد اوجب حد القذف على قاذفه ومن لا فلا، وكل مالا يجب الحد بفعله لا يجب الحد على القاذف به كما لو قذف انسانا بالمباشرة فيما دون الفرج أو بالوطئ بالشبهة أو قذف امرأة بالمساحقة أو بالوطئ مستكرهة
لم يجب الحد على القاذف لانه رماه بما لا يوجب الحد فاشبه مالو قذفه باللمس والنظر وكذلك لو قال
يا كافر يا فاسق يا سارق يا منافق يا فاجر يا خبيث يا اعور يا اقطع يا اعمى يا مقعد يا ابن الزمن الاعمى الاعرج فلاحد في ذلك كله لانه قذفه بما لا يوجب الحد فهو كما لو قال يا كاذب يانمام ولا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم ولكنه يعزر لسب الناس وأذاهم فاشبه مالو قذف من لا يوجب قذفه الحد (مسألة) (فان قال اردت بقولي يا لوطي أنك تعمل عمل قوم لوط فقال الخرقي لا حد عليه وهو بعيد) اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في ذلك فروى عنه جماعة أنه يجب عليه الحد بقوله يا لوطي ولا يسمع تفسيره بما يحيل القذف وهو اختيار أبي بكر ونحوه قال الزهري ومالك (والثانية) لا حد عليه نقلها المروذي ونحو هذا قال الحسن والنخعي، قال الحسن إذا قال نويت ان دينه دين لوط فلا حد عليه، وان قال اردت أنه يعمل عمل قوم لوط فعليه الحد.
ووجه ذلك أنه فسر كلامه بما لا يوجب الحد فلم يجب عليه حد كما لو فسره به متصلا بكلامه.
وعن احمد رواية ثالثة أنه إذا كان في غضبه قال انه لاهل ان يقام عليه الحد لان قرينة الغضب تبدل على ارادة القذف بخلاف حال الرضاء والصحيح في المذهب الرواية الاولى لان هذه الكلمة لا يفهم منها إلا القذف بعمل قوم لوط فكانت صريحة فيه كقوله يا زاني ولان قوم لوط لم يبق منهم أحد فلا يحتمل ان ينسب إليهم (مسألة) (فان قال اردت أنك تعمل عمل قوم لوط غير اتيان الرجال احتمل وجهين) نحو ان يقول اردت أنك على دين لوط أو أنك تحب الصبيان وتقبلهم أو تنظر إليهم أو انك تتخلق باخلاق قوم لوط في انديتهم غير اتيان الفاحشة أو انك تنهى عن الفاحشة كنهي لوط عنها ونحو ذلك خرج في ذلك كله وجهان بناء على الروايتين المنصوصتين في المسألة المذكورة لان هذا في معناه (فصل) وان قال يا معفوج فالمنصوص عن أحمد ان عليه الحد وكلام الخرقي يقتضي انه يرجع إلى تفسيره فان فسره بغير الفاحشة مثل ان قال اردت يا مفلوج أو مصابا دون الفرج ونحو ذلك فلا حد عليه لانه فسره بما لا حد فيه، وان فسره بعمل قوم لوط فعليه الحد كما لو صرح به ووجه القولين ما تقدم في التي قبلها
(مسألة) (وإن قال لست بولد فلان فقد قذف امه) إذا نفى رجلا عن أبيه فعليه الحد لانه قذف امه نص عليه احمد الا أنه يسأل عما اراد فان فسره بالقذف فهو قاذف وان كان منفيا باللعان ثم استلحقه أبوه فهو قذف أيضا نص عليه، وان لم يكن استلحقه فلا حد لان النبي صلى الله عليه وسلم نفى الولد المنفي باللعان عن أبيه الا أن يفسره بان امه زنت فيكون قاذفا وان لم يكن كذلك فهو قذف في الظاهر للام لانه لا يكون لغير أبيه الا بزنى امه ويحتمل ان لا يكون قذفا لانه يجوز أن يريد أنك لا تشبهه في كرمه وأخلاقه وكذلك ان نفاه عن قبيلته، وبهذا قال النخعي وإسحاق وبه قال أبو حنيفة والثوري وحماد إذا نفاه عن امه وكانت امه مسلمة حرة، وان كانت ذمية أو رقيقة فلا حد عليه لان القذف لها ووجه الاول ما روى الاشعث بن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول (لا اوتى برجل يقول ان كنانة ليست من قريش الا جلدته) وعن ابن مسعود أنه قال لا جلد الا في اثنين رجل قذف محصنة أو نفى رجلا عن أبيه وهذا لا يقوله الا توقيفا فاما ان نفاه عن امه فلا حد عليه لانه لم يقذف احدا بالزنى، وكذلك إن قال إن لم تفعل كذا فلست بابن فلان لان القذف لا يتعلق بالشرط قال شيخنا والقياس يقتضي ان لا يجب الحد بنفي الرجل عن قبيلته لان ذلك لا يتعين فيه الرمي بالزنا فاشبه مالو قال للاعجمي إنك عربي (مسألة) (وإن قال لست بولدي فعلى وجهين) (احدهما) أنه يكون قذفا لها لانه إذا لم يكن ولده كان لغيره فأشبه مالو قال لاجنبي لست بولد فلان فانه يكون قذفا لامه كذا ههنا (والثاني) لا يكون قاذفا قاله القاضي لان للرجل أن يغلظ لولده في القول والفعل (مسألة) (وإن قال أنت أزنى الناس أو أزنى من فلانة فهو قاذف له لانه أضاف إليه الزنا بصفة المبالغة وهذا قول أبي بكر
وأما الثاني ففيه وجهان (احدهما) يكون قاذفا له اختاره القاضي لانه أضاف الزنا اليهما وجعل أحدهما فيه ابلغ من الآخر فان لفظة أفعل التفضيل تقتضي اشتراك المذكورين في أصل الفعل وتفضيل أحدهما على الآخر فيه كقوله أجود من حاتم
(والثاني) يكون قاذفا للمخاطب خاصة لان لفظه أفعل تستعمل للمنفرد بالفعل كقوله تعالى (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى؟) وقال تعالى (فأي الفريقين أحق بالامن؟) وقال لوط (بناتي هن أطهر لكم) اي من أدبار الرجال ولا طهارة فيهم وقال الشافعي وأصحاب الرأي ليس بقذف للاول ولا للثاني إلا أن يريد به القذف وهو قول ابن حامد ولنا أن موضوع اللفظ يقتضي ما ذكرنا فحمل عليه كما لو قال أنت زان (مسألة) (وإن قال لرجل يا زانية أو لامرأة يازان أو قال زنت يداك ورجلاك فهو صريح في القذف في قول أبي بكر وليس بصريح عند ابن حامد) أما إذا قال لرجل يا زانية أو لامرأة يازان فاختار ابو بكر انه صريح في قذفهما وهو مذهب الشافعي واختار ابن حامد انه ليس بقذف الا ان يفسره به وهو قول ابي حنيفة لانه يحتمل انه يريد بقوله يا زانية أي يا علامة في الزنا كما يقال للعالم علامة وللكثير الرواية راوية ولكثير الحفظ حفظة ولنا ان ما كان قذفا لاحد الجنسين كان قذفا للآخر كقوله زنيت بفتح التاء وبكسرها لهما جميعا ولان هذا اللفظ خطاب لهما واشارة اليهما بلفظ الزنا وذلك يغني عن التمييز بتاء التأنيث وحذفها وكذلك لو قال للمرأة يا شخصا زانيا وللرجل يانسمة زانية كان قاذفا، وقولهم انه يريد بذلك انه علامة في الزنا لا يصح فان ما كان اسما للفعل إذا دخلته الهاء كانت للمبالغة كقولهم حفظة وراوية للمبالغة في الرواية كذلك همزة ولمزة وصرعة ولان كثيرا من الناس يذكر المؤنث ويؤنث المذكر ولا يخرج بذلك عن كون المخاطب به مرادا بما يراد باللفظ الصحيح، وان قال زنت يداك أو رجلاك لم يكن قاذفا في ظاهر المذهب وهو قول ابن حامد لان زنا هذه الاعضاء لا يوجب الحد بدليل
قول النبي صلى الله عليه وسلم (العينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي) ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه وفيه وجه آخر انه يكون قذفا لانه اضاف الزنى إلى عضو منه فأشبه مالو اضافه إلى الفرج والاولى ان يرجع إلى تفسيره (مسألة) (وإن قال زنأت في الجبل مهموزا فهو صريح عند ابي بكر، وقال ابن حامد
ان كان يعرف العربية فليس بصريح) إذا قال زنات في الجبل بالهمز فهو صريح عند ابي بكر وابي الخطاب لان عامة الناس لا يفهمون من ذلك إلا القذف فكان قذفا كما لو قال زنيت وقال ابن حامد ان كان عاميا فهو قذف لانه لا يريد به إلا القذف وإن كان من اهل العربية لم يكن قذفا لان معناه في العربية طلعت كقول الشاعر * وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل * فالظاهر انه يريد موضوعه ولاصحاب الشافعي في كونه قذفا وجهان، وإن قال زنأت ولم يقل في الجبل فالحكم كالتي قبلها، وقال الشافعي ومحمد بن الحسن ليس بقذف، قال الشافعي ويستحلف على ذلك ولنا انه إذا كان عاميا لا يعرف موضوعه في اللغة تعين مراده في القذف ولم يفهم منه سواه فوجب ان يكون قذفا كما لو فسره بالقذف أو لحن لحنا غير هذا (فصل) إذا قال لرجل زنيت بفلانة كان قذفا لهما وقد نقل عن ابي عبد الله انه سئل عن رجل قال لرجل يا ناكح أمه ما عليه؟ قال إن كانت أمه حية فعليه للرجل حد ولامه حد، وقال مهنا: سألت أبا عبد الله إذا قال الرجل للرجل يا زاني ابن الزاني؟ قال: عليه حدان قلت أبلغك في هذا
شئ؟ قال مكحول قال فيه حدان، وإن أقر انسان أنه زنى بامرأة فهو قاذف لها سواء لزمه حد الزنا باقراره أو لم يلزمه، وبهذا قال ابن المنذر وأبو ثور ونسبه مذهبا للشافعي، وقال أبو حنيفة لا يلزمه حد القذف لانه يتصور منه الزنا بغير زناها لاحتمال أن تكون مكرهة أو موطوءة بشبهة ولنا ما روى ابن عباس أن رجلا من بكر بن ليث أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر أنه زنى بامرأة أربع مرات فجلده النبي صلى الله عليه وسلم مائة وكان بكرا ثم سأله البينة على المرأة فقال كذب والله يا رسول الله فجلده حد الفرية ثمانين، والاحتمال الذي ذكره لا ينافي الحد بدليل ما لو قال يا نايك أمه فانه يلزمه الحد مع احتمال أن يكون فعل ذلك بشبهة، وقد روي عن أبي هريرة أنه جلد رجلا قال لرجل ذلك ويتخرج لنا مثل قول أبي حنيفة بناء على ما إذا قال لامرأته يا زانية فقالت بك زنيت، فان أصحابنا قالوا لا حد عليها في قولها: بك زنيت، لاحتمال وجود الزنا به مع كونه واطئا بشبهة ولا يجب الحد عليه لتصديقها
إياه وقال الشافعي عليه الحد دونها وليس هذا باقرار صحيح ولنا أنها صدقته فلم يلزمه حد كما لو قال يا زانية أنت أزنى مني فقال أبو بكر هي كالتي قبلها في سقوط الحد ويلزمها له ههنا حد القذف بخلاف التي قبلها فانها أضافت الزنا إليه، وفي التي قبلها أضافته إلى نفسها.
(مسألة) (والكنايات نحو قوله لامرأته قد فضحته وغطيت أو نكست رأسه وجعلت له قرونا وعلقت عليه أولادا من غيره وأفسدت فراشه أو يقول لمن يخاصمه يا حلال ابن الحلال ما يعرفك الناس بالزنا يا عفيفة أو يا فاجرة يا قحبة يا خبيثة أو يقول لعربي يا نبطي يا فارسي يا رومي، أو يسمع رجلا يقذف رجلا فيقول صدقت أو اخبرني فلان انك زنيت وكذبه الآخر فهذا كناية ان فسره بما يحتمله غير القذف قبل قوله في أحد الوجهين وفي الآخر هذا كله صريح)
ظاهر كلام الخرقي أن الحد لا يجب على القاذف إلا باللفظ الصريح الذي لا يحتمل غير القذف وهو أن يقول يا زاني أو ينطق باللفظ الحقيقي في الجماع، فأما ما عداه من الالفاظ فيرجع فيه إلى تفسيره كما ذكر في قوله يا لوطي يا معفوج، فلو قال لرجل يا مخنث ولامرأة يا قحبة وفسره بما ليس بقذف نحو أن يريد بالمخنث أن فيه طباع التأنيث والتشبه بالنساء ويا قحبة أنها تستعد لذلك فلا حد عليه وكذلك إذا قال يا فاجرة يا خبيثة.
وحكي أبو الخطاب في هذا رواية أخرى أنه كله صريح يجب به الحد، والصحيح الاول.
قال احمد في رواية حنبل: لا ارى الحد إلا على من صرح بالقذف والشتيمة، وقال ابن المنذر الحد على من نصب الحد نصبا ولانه قول يحتمل غير الزنا فلم يكن صريحا في القذف كقوله: يا فاسق، وكذلك إذا قال أردت بالنبطي نبطي اللسان أو فارسي الطبع أو رومي الخلقة فانه لا حد عليه، وعنه فيمن قال يا فارسي أنه يحد لانه جعله لغير أبيه، والاول اصح لانه يحتمل ما ذكرناه فلا يكون قذفا وكذلك إن قال افسدت عليه فراشه اي خرقت فراشه أو اتلفته، وفي قوله علقت عليه اولادا من غيره أي التقطت ولدا وذكرت انه ولده فان فسر شيئا من ذلك بالزنا فلا شك في كونه قذفا.
ومن
صور التعريض أن يقول لزوجة الآخر قد فضحته وغطيت أو نكست رأسه وجعلت له قرونا وعلقت عليه اولادا من غيره وأفسدت فراشه فذكر ابو الخطاب في جميع ذلك روايتين، وذكر أبو بكر عبد العزيز أن أبا عبد الله رجع عن القول بوجوب الحد في التعريض (فصل) واختلفت الرواية عن احمد رحمه الله في التعريض بالقذف مثل ان يقول لمن يخاصمه ما أنت بزان ما يعرفك الناس بالزنا يا حلال ابن الحلال ويقول ما انا بزان ولا امي بزانية فروى عنه حنبل انه لا حد عليه وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار ابي بكر وبه قال عطاء وعمروبن دينار وقتادة والثوري والشافعي وابو ثور
واصحاب الرأي وابن المنذر لما روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل ان امرأتي ولدت غلاما اسود يعرض بنفيه فلم يلزمه بذلك حد ولاغيره، وقد فرق الله تعالى بين التعريض بالخطبة والتصريح بها فأباح التعريض وحرم التصريح وكذلك في القذف ولان كل كلام يحتمل معنيين لم يكن قذفا كقوله يا فاسق.
وروى الاثرم وغيره ان عليه الحد روي ذلك عن عمر رضي الله عنه وبه قال اسحاق لان عمر حين شاورهم في الذي قال لصاحبه ما أبى بزان ولا أمي بزانية فقالوا قد مدح أباه وأمه فقال عمر قد عرض بصاحبه فجلده الحد وروى الاثرم أن عثمان جلد رجلا قال لآخر يا ابن سافة (1) الوذر يعرض له بزنا امه والوذر قدر اللحم يعرض بكمر الرجال ولان الكناية مع القرينة الصارفة إلى أحد محتملاتها كالتصريح الذي لا يحتمل إلا ذلك المعنى ولذلك وقع الطلاق بها، فأما ان لم يكن في حال الخصومة ولا وجدت قرينة تصرف إلى القذف فلا شك في أنه لا يكون قذفا (فصل) فأما ان قال لرجل يا ديوث يا كشحان فقال أحمد يعزر قال ابراهيم الحربي الديوث الذي يدخل الرجال على امرأته وقال ثعلب القرطبان الذي يرضى ان يدخل الرجال على نسائه وقال القرنان والكشحان لم ارهما في كلام العرب ومعناه عند العامة مثل معنى الديوث أو قريبا منه فعلى القاذف به التعزيز على قياس قوله في الديوث لانه قذفه بما لا حد فيه وقال خالد بن يزيد عن أبيه في الرجل يقول للرجل يا قرنان إذا كان له أخوات أو بنات في الاسلام ضرب الحد يعني أنه قاذف لهن وقال خالد عن أبيه القرنان عند العامة من له بنات والكشحان من له أخوات يعني والله أعلم إذا كان يدخل الرجال عليهن
والقواد عند العامة السمسار في الزنا، والقذف بذلك كله يوجب التعزير لانه قذف بما لا يوجب الحد (مسألة) (أو يسمع رجلا يقذف فيقول صدقت أو أخبرني فلان أنك زنيت وكذبه
الآخر فهو كناية إذا فسره بما يحتمله غير القذف قبل في قوله في احد الوجهين وفي الآخر صريح) إذا سمع رجلا يقذف فقال صدقت فالمصدق قاذف في أحد الوجهين لان تصديقه ينصرف إلى ما قاله، بدليل ما لو قال لي عليك الف فقال صدقت كان اقرارا بها، ولو قال اعطني ثوبي هذا قال صدقت كان اقرارا، وفيه وجه آخر لا يكون قاذفا وهو قول زفر لانه يحتمل أن يكون أراد تصديقه في غير القذف، ولو قال اخبرني فلان انك زنيت لم يكن قاذفا سواء صدقه المخبر عنه أو كذبه وبه قال الشافعي وابو ثور واصحاب الرأي، وفيه وجه آخر انه يكون قاذفا إذا كذبه الآخر وذكره ابو الخطاب وبه قال عطاء ومالك ونحوه عن الزهري لانه اخبر بزناه ولنا انه انما اخبر انه مقذوف فلم يكن قذفا كما لو شهد على رجل انه قذف رجلا (مسألة) (وان قذف اهل بلد أو جماعة لا يتصور الزنا من جميعهم عزر ولم يحد) لانه لا عار على المقذوف بذلك للقطع بكذب القاذف ويعزر على ما اتى به من المعصية والزور فهو كما لو سبهم بغير القذف (مسألة) (وإن قال لامرأته يا زانية قالت بك زنيت لم تكن قاذفة) لانها صدقته فيما قال فلم يجب عليه حد كما لو قالت صدقت، ولا يجب عليها حد القذف لانه يمكن الزنا منها به من غير أن يكون زانيا بأن يكون قد وطئها بشبهة ولا يجب عليها حد الزنا لانها لم تقر أربع مرات (مسألة) (وإن قال لرجل اقذفني فقذفه فهل يحد أو يعزر؟ على وجهين) وهذا مبني على الاختلاف في حد القذف إن قلنا هو حق لله تعالى وجب عليه ولم يسقط بالاذن فيه كالزنا، وإن قلنا هو حق لآدمي لم يجب عليه الحد كما لو أذن في اتلاف ماله ويعزر لانه فعل محرما لا حد فيه.
(مسألة) (وإذا قذفت المرأة لم يكن لولدها المطالبة إذا كانت الام في الحياة، وان قذفت وهي ميتة مسلمة كانت أو كافرة حرة أو أمة حد القاذف إذا طالب الابن وكان حرا مسلما ذكره الخرقي وقال أبو بكر لا يجب الحد بقذف ميتة) أما إذا قذفت وهي في الحياة فليس لولدها المطالبة لان الحق لها فلا يطالب به غيرها ولا يقوم غيرها مقامها سواء كان محجورا عليها أو غير محجور عليها لانه حق ثبت للتشفي فلا يقوم فيه غير المستحق مقامه كالقصاص، وتعتبر حصانتها لان الحق لها فتعتبر حصانتها كما لو لم يكن لها ولد، وأما ان قذفت وهي ميتة فان لولدها المطالبة لانه قدح في نسبه لانه بقذف أمه ينسبه إلى أنه من زنا ولا يستحق ذلك بطريق الارث فلذلك تعتبر الحصانة فيه ولا تعتبر الحصانة في أمه لان القذف له، وقال أبو بكر: لا يجب الحد بقذف ميتة بحال وهو قول أصحاب الرأي لانه قذف لمن لا تصح منه المطالبة فأشبه قذف المجنون، وقال الشافعي ان كان الميت محصنا فلوليه المطالبة وينقسم بانقسام الميراث، وان لم يكن محصنا فلا حد على قاذفه لانه ليس بمحصن فلا يجب الحد بقذفه كما لو كان حيا، وأكثر أهل العلم لا يرون الحد على من لم يقذف محصنا حيا ولا ميتا لانه إذا لم يحد بقذف غير المحصن إذا كان حيا فلان لا يحد بقذفه بعد موته أولى ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في ابن الملاعنة (من رمى ولدها فعليه الحد) يعني من رماه بأنه ولد زنا، وإذا وجب بقذف ابن الملاعنة بذلك فبقذف غيره أولى، ولان أصحاب الرأي أوجبوا الحد على من نفى رجلا عن أبيه إذا كان أبواه حرين مسلمين وان كانا ميتين والحد انما وجب للولد لان الحد لا يورث عندهم، فأما ان قذفت أمه بعد موتها وهو مشرك أو عبد فلا حد عليه في ظاهر
كلام الخرقي سواء كانت الام حرة مسلمة أو لم تكن، وقال أبو ثور وأصحاب الرأي إذا قال لكافر أو عبد لست لابيك وأبواه حران مسلمان فعليه الحد، وان قال لعبد أمه حرة وأبوه عبد لست لابيك فعليه الحد، وان كان العبد للقاذف عند أبي ثور، وقال أصحاب الرأي يستقبح أن يحد المولى لعبده
واحتجوا بأن هذا قذف لامه فيعتبر احصانها دون احصانه لانها لو كانت حية كان القذف لها فكذلك إذا كانت ميتة ولان معنى هذا ان أمك زنت فأتت بك من الزنا وإذا كان الزنا منسوبا إليها كانت هي المقذوفة دون ولدها ولنا ما ذكرناه ولانه لو كان القذف لها لم يجب الحد لان الكافر لا يرث المسلم والعبد لا يرث الحر ولانهم لا يوجبون الحد بقذف ميتة بحال فثبت ان القذف له فيعتبر احصانه دون احصانها (فصل) فان قذفت جدته فقياس قول الخرقي أنه كقذف امه ان كانت حية فالحق لها وتعتبر حصانتها وليس لغيرها المطالبة عنها، وان كانت ميتة فله المطالبة إذا كان محصنا لان ذلك قدح في نسبه، فأما ان قذف أباه أو جده أو أحدا من أقاربه غير أمهاته بعد موته لم يجب الحد بقذفه في ظاهر كلام الخرقي لانه انما وجب الحد بقذف أمه حقا له لنفي نسبه لا حقا للميت ولهذا لم يعتبر احصان المقذوفة واعتبر احصان الولد وإذا كان المقذوف من غير أمهاته لم يتضمن نفي نسبه فلم يجب الحد وهذا قول أبي بكر وأصحاب الرأي، وقال الشافعي ان كان الميت محصنا فلوليه المطالبة به وينقسم انقسام الميراث لانه قذف محصنا فيجب الحد على قاذفه كالحي ولنا أنه قذف من لا يتصور منه المطالبة فلم يجب الحد بقذفه كالمجنون أو نقول قذف من لا يجب الحد له فلم يجب كقذف غير المحصن وفارق قذف الحي فان الحد يجب له (مسألة) (وان مات المقذوف سقط الحد عن القاذف) إذا كان قبل المطالبة بالحد ولم يجب، وان مات بعد المطالبة قام وارثه مقامه ولانه حق له
يجب بالمطالبة أشبه رجوع الاب فيما وهب ولده وكالشفعة تسقط بموت الشفيع قبل المطالبة دون ما بعدها (مسألة) (وان قذف ام النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلما كان أو كافرا) يعني ان حده القتل ولا تقبل توبته نص عليه أحمد، وحكي أبو الخطاب رواية أخرى أن توبته تقبل، وبه قال ابو حنيفة والشافعي مسلما كان أو كافرا لان هذا منه ردة والمرتد يستتاب وتصح توبته.
ولنا أن هذا حد قذف فلا يسقط بالتوبة كقذف غير أم النبي صلى الله عليه وسلم ولانه لو قبلت توبته وسقط حده لكان أخف حكما من قذف آحاد الناس لان قذف غيره لا يسقط بالتوبة ولابد من إقامته واختلفت الرواية فيما إذا كان القاذف كافرا فأسلم فروي انه لا يسقط باسلامه لانه حد قذف فلم يسقط بالاسلام كقذف غيرها، وروي أنه يسقط لانه لو سب الله سبحانه وتعالى في كفره ثم أسلم سقط عنه القتل فسب نبيه أولى ولان الاسلام يجب ما قبله والخلاف في سقوط القتل عنه، فأما توبته فيما بينه وبين الله تعالى فمقبولة فان الله تعالى يقبل التوبة من الذنوب كلها والحكم في قذف النبي صلى الله عليه وسلم كالحكم في قذف امه لان قذف امه إنما أوجب القتل لكونه قذفا للنبي صلى الله عليه وسلم وقدحا في نسبه.
(فصل) وقذف النبي صلى الله عليه وسلم وقذف امه ردة عن الاسلام وخروج عن الملة وكذلك سبه بغير القذف إلا أن سبه بغير القذف يسقط بالاسلام لان سب الله سبحانه وتعالى يسقط بالاسلام فسب النبي صلى الله عليه وسلم أولى وقد جاء في الاثر ان الله تعالى يقول (شتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني أما شتمه إياي فقوله اني اتخذت ولدا وانا لم ألد ولم أولد) ولا خلاف في أن اسلام النصراني القائل لهذا القول يصح.
(مسألة) (ومن قذف الجماعة بكلمة واحدة فحد واحد إذا طالبوا أو واحد منهم وعنه ان طالبوا متفرقين حد لكل واحد حدا) أما إذا قذف الجماعة بكلمة واحدة فالمشهور في المذهب أنه لا يلزمه الا حد واحد إذا طالبوا أو واحد منهم، وبهذا قال طاوس والزهري والشعبي والنخعي وقتادة وحماد ومالك والثوري وأبو حنيفة وصاحباه وابن ابي ليلى واسحاق وعنه رواية ثانية أنه يحد لكل واحد حدا كاملا وبه قال الحسن وأبو ثور وابن المنذر، وللشافعي قولان كالروايتين، ووجه هذا أنه قذف كل واحد منهم فلزمه له حد كامل كما لو قذفهم بكلمات.
ولنا قول الله تعالى (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة)
لم يفرق بين قذف واحد أو جماعة ولان الذين شهدوا على المغيرة قذفوا امرأة فلم يحدهم عمر الا حدا واحدا، ولانه قذف واحد فلم يجب الا حد واحد كما لو قذف واحدا ولان الحد انما وجب بادخال المعرة على المقذوف بقذفه وبحد واحد يظهر كذب هذا القاذف وتزول المعرة فوجب ان يكتفي به بخلاف مااذا قذف كل واحد قذفا مفردا فان كذبه في قذف لا يلزم منه كذبه في الآخر ولا تزول المعرة عن أحد المقذوفين بحده الآخر.
إذا ثبت هذا فانهم ان طلبوا جملة حد لهم وان طلبه واحد أقيم الحد لان الحق ثابت لهم على سبيل البدل فأيهم طالب به استوفي وسقط فلم يكن لغيره الطلب به كحق المرأة على أوليائها في تزويجها إذا قام به واحد سقط عن الباقين وان أسقطه احدهم فلغيره المطالبة به واستيفاؤه لان المعرة لم تزل عنه بعفو صاحبه وليس للعافي الطلب به لانه قد اسقط حقه منه وعن احمد رواية ثالثة انهم ان طلبوه دفعة واحدة فحد واحد وكذلك ان طلبوه واحدا بعد
واحد الا انه ان لم يقم حتى طلبه الكل فحد واحد وان طلبه فأقيم له ثم طلبه آخر اقيم له وكذلك جميعهم وهذا قول عروة لانهم إذا اجتمعوا على طلبه وقع استيفاؤه لجميعهم فإذا طلبه واحد منهم كان استيفاؤه له وحده فلم يسقط حق الباقين بغير استيفائهم ولا اسقاطهم.
(مسألة) (وان قذفهم بكلمات حد لكل واحد حدا).
وبهذا قال عطاء والشعبي وقتادة وابن ابي ليلى وابو حنيفة والشافعي وقال حماد ومالك لا يجب الا حد واحد لانها جناية توجب حدا فإذا تكررت كفى حد واحد كما لو سرق من جماعة أو زنى بنساء أو شرب أنواعا من المسكر ولنا انها حقوق لآدميين فلم تتداخل كالديون والقصاص وفارق ما قاسوا عليه فانه حق الله تعالى (فصل) إذا قال لرجل يا ابن الزانيين فهو قاذف لما بكلمة واحدة، فان كانا ميتين ثبت الحق لولدهما ولم يجب إلا حد واحد وجها واحدا، وان قال يا زاني ابن الزاني فهو قذف لهما بكلمتين فان كان أبوه حيا فلكل واحد منهما حد وان كان ميتا فالظاهر في المذهب انه لا يجب الحد بقذفه وان قال يا زاني ابن الزانية وكانت أمة (أمه) في الحياة فكل واحد حد، وان كانت ميتة فالقذفان جميعا له، وان قال زنيت
بفلانة فهو قذف لهما بكلمة واحدة وكذلك إذا قال يا ناكح امه ويخرج فيها الروايات الثلاث (مسألة) (وان حد للقذف فأعاده لم يعد عليه الحد اما إذا قذف رجل مرات ولم يحد فحد واحد رواية واحدة سواء قذفه بزنا واحد أو بزنيات، وان قذفه فحد ثم أعاد قذفه وكان قذفه بذلك الزنا الذي حد من أجله لم يعد عليه الحد في قول عامة أهل العلم وحكي عن ابن القسم انه اوجب حدا ثانيا وهذا يخالف إجماع الصحابة فان ابا بكرة لما حد بقذف المغيرة أعاد قذفه فلم يروا عليه حدا ثانيا فروى الاثرم باسناده عن ظبيان بن عمارة قال شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة نفر انه زنى
فبلغ ذلك عمر فكبر عليه وقال شاط ثلاثة أرباع المغيرة بن شعبة وجاء زياد فقال ما عندك؟ فلم يثبت فأمر بهم فجلدوا وقال شهود زور فقال أبو بكرة اليس ترضى ان اتاك رجل عدل يشهد برجمه؟ قال نعم والذي نفسي بيده قال أبو بكرة وأنا أشهد انه زان فأراد أن يعيد عليه الجلد فقال علي يا أمير المؤمنين انك ان اعدت عليه الجلد اوجبت عليه الرجم وفي حديث آخر فلا يعاد في فرية جلد مرتين قال الاثرم قلت لابي عبد الله قول علي ان جلدته فارجم صاحبك قال كأنه جعل شهادته شهادة رجلين قال أبو عبد الله وكنت انا أفسره على هذا حتى رأيته في الحديث فأعجبني ثم قال يقول إذا
جلدته ثانية فكأنك جعلته شاهدا آخر، فأما ان حد له ثم قذفه بزنا ثان نظرت فان قذفه بعد طول الفصل فحد ثان لانه لا يسقط حرمة المقذوف بالنسبة إلى القاذف ابدا بحيث يتمكن من قذفه بكل حال، وان قذفه عقيب حده ففيه روايتان.
(احداهما) يحد ايضا لانه قذف لم يظهر كذبه فيه بحد فيلزمه فيه حد كما لو طال الفصل ولان
سائر اسباب الحد إذا تكررت بعد ان حد للاول ثبت للثاني حكمه كالزنا والسرقة وغيرهما من الاسباب (والثانية) لا يحد لانه قد حد له مرة فلم يحد له بالقذف عقيبه كما لو قذفه بالزنا الاول (فصل) إذا قال من رماني فهو ابن الزانية فرماه رجل فلا حد عليه في قول احد من اهل العلم
وكذلك ان اختلف رجلان في شئ فقال احدهما الكاذب هو ابن الزانية فلا حد عليه، نص عليه احمد لانه لم يعين احدا بالقذف وكذلك ما اشبه هذا.
(فصل) إذا ادعى على رجل انه قذفه فأنكر لم يستحلف وبه قال الشعبي وحماد والثوري
وأصحاب الرأي وعن احمد انه يستحلف حكاها ابن المنذر وهو قول الزهري ومالك والشافعي واسحاق وابي ثور وابن المنذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم ولكن اليمين على المدعى عليه ولانه حق لآدمي فيستحلف فيه كالدين ووجه الاول انه حد فلا يستحلف فيه كالزنا والسرقة فان نكل عن اليمين لم يقم عليه الحد لان الحد يدرأ بالشبهات فلا يقضى فيه بالنكول كسائر الحدود.
باب القطع في السرقة الاصل فيه الكتاب والسنة والاجماع، اما الكتاب فقول الله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما) واما السنة فروت عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (تقطع اليد في ربع دينار) فصاعدا وقال النبي صلى الله عليه وسلم (انما هلك من كان قبلكم بانهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه) متفق عليه في أخبار سوى هذه نذكرها ان شاء الله تعالى في مواضعها، وأجمع المسلمون على وجوب قطع السارق في الجملة (مسألة) (ولا يجب إلا بسبعة شروط) (أحدها) السرقة وهي أخذ المال على وجه الاختفاء ومنه استراق السمع ومسارقة النظر إذا كان يستخفي بذلك (مسألة) ولا قطع على منتهب ولا مختلس ولا غاصب ولا خائن ولا جاحد وديعة ولا عارية وعنه يقطع جاحد العارية) لا يقطع مختطف ولا مختلس عند أحد علمناه غير إياس بن معاوية قال اقطع المختلس ولانه يستخفي باخذه فيكون سارقا، وأهل الفقه والفتوى من علماء الامصار على خلافه وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ليس على الخائن ولا المختلس قطع) وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس على
المنتهب قطع) وعنه صلى الله عليه وسلم انه قال (ليس على الخائن والمختلس قطع) رواهما أبو داود وقال لم يسمعهما ابن جريج من أبي الزبير ولان الواجب قطع السارق وهذا غير سارق ولان الاختلاس نوع من الخطف والنهب، انما استخفى في ابتداء اختلاسه بخلاف السارق (فصل) ولا يقطع جاحد الوديعة ولا غيرها من الامانات لا نعلم فيه خلافا فاما جاحد العارية فقد اختلف عن أحمد رحمه الله فيه فعنه أنه يقطع وهو قول إسحاق لما روت عائشة قالت كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها فأتى اهلها اسامة فكلموه فكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم (الا اراك تكلمني في حد من حدود الله؟) ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال (انما هلك من كان من قبلكم بانه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها) قالت فقطع يدها، قال أحمد لا اعرف شيئا يدفعه متفق عليه وعن أحمد رواية ثانية أنه لا قطع عليه وهو قول الخرقي وأبي إسحاق بن شاقلا وأبي الخطاب وسائر الفقهاء وهو الصحيح ان شاء الله تعالى لقول رسول صلى الله عليه وسلم (لا قطع على الخائن) ولان الواجب قطع السارق والخائن ليس بسارق فاشبه جاحد الوديعة فاما المرأة التي كانت تستعير المتاع فانما قطعت لسرقتها لا لجحدها: الا تسمع قوله (ذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه) وقوله (والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها) وفي بعض الفاظ
رواة هذه القصة عن عائشة ان قريشا أهمهم شأن المخزومية التي سرقت وذكر القصة رواه البخاري وفي حديث أنها سرقت قطيفة فروى الاثرم باسناده عن مسعود بن الاسود قال لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اعظمنا ذلك وكانت امرأة من قريش فجئنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا نحن نفديها باربعين اوقية فقال (تطهر خير لها) فلما سمعنا لين كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم اتينا اسامة فقلنا كلم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث بنحو سياق حديث عائشة وهذا ظاهر في ان القصة واحدة وانها سرقت فقطعت لسرقتها وانما عرفتها عائشة بجحدها للعارية لكونها مشهورة بذلك ولا يلزم
ان يكون ذلك سببا كما لو عرفتها بصفة من صفاتها، وفيما ذكرناه جمع بين الاحاديث وموافقة لظاهر الاحاديث والقياس وفقهاء الامصار فيكون اولى (مسألة) (ويقطع الطرار وهو الذي يبط الجيب وغيره ويأخذ منه وعنه لا يقطع) قال احمد الطرار سرا يقطع وان اختلس لم يقطع، ومعنى الطرار الذي يسرق من جيب الرجل أو كمه أو صفنه وسواء بط ما أخذ منه المسروق أو قطع الصفن فأخذه أو ادخل يده في الجيب فاخذ ما فيه فان عليه القطع، وروي عن احمد في الذي يأخذ من جيب الرجل وكمه لاقطع عليه وفي ذلك روايتان (إحداهما) يقطع لانه سرق من حرز (والثانية) لا يقطع كالمختلس
(فصل) الثاني ان يكون المسروق مالا محترما سواء كان مما يسرع إليه الفساد كالفاكهة والبطيخ اولا وسواء كان ثمينا كالمتاع والذهب أو غير ثمين كالخشب والقصب وكذلك يقطع بسرقة الاحجار والصيد والنورة والجص والزرنيخ والتوابل والفخار والزجاج وغيره وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور، وقال أبو حنيفة لا قطع على سارق الطعام الرطب الذي يتسارع إليه الفساد كالفواكه والطبائخ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا قطع في ثمر ولا كثر) رواه أبو داود ولان هذا معرض للهلاك اشبه ما لم يحرز، ولا قطع فيما كان أصله مباحا في دار الاسلام كالصيود والخشب الا في الساج والابنوس والصندل والقنا والمعمول من الخشب فانه يقطع به وما عدا هذا لا يقطع به لانه يوجد كثيرا مباحا في دار الاسلام فاشبه التراب، ولا قطع في القرون وان كانت معمولة لان الصنعة لا تكون غالبة عليها بل القيمة لها بخلاف معمول الخشب ولا قطع عنده في التوابل والنورة والجص والزرنيخ والملح والحجارة واللبن والزجاج والفخار وقال الثوري ما يفسد في يومه كالثريد واللحم لا قطع فيه ولنا عموم قوله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما) وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق فذكر الحديث ثم قال (ومن سرق منه شيئا بعد ان يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن ففيه القطع) رواه أبو داود وغيره وروي ان عثمان رضي الله عنه أتي برجل قد سرق اترجة فأمر بها عثمان فاقيمت فبلغت قيمتها ربع دينار فأمر به عثمان فقطع رواه
سعيد ولان هذا مال يتمول عادة ويرغب فيه فيقطع سارقه إذا اجتمعت الشروط كالمجفف ولان ما وجب القطع في معموله وجب فيه قبل العمل كالذهب والفضة، وحديثهم اراد به الثمر المعلق بدليل حديثنا فانه مفسر له وتشبيهه بغير المحرز لا يصح لان غير المحرز مضيع وهذا محفوظ ولهذا افترق سائر الاموال بالحرز وعدمه، وقولهم يوجد مباحا في دار الاسلام ينتقض بالذهب والفضة والحديد والنحاس وسائر المعادن (مسألة) (ويقطع بسرقة العبد الصغير في قول عامة أهل العلم) قال ابن المنذر أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم منهم الحسن ومالك والثوري والشافعي وابو ثور واصحاب الرأي، والصغير الذي يقطع بسرقته هو الذي لا يميز فان كان كبيرا لم يقطع سارقه الا ان يكون نائما أو مجنونا أو اعجميا لا يميز بين سيده وغيره في الطاعة فيقطع سارقه، وقال ابو يوسف لا يقطع سارق العبد وان كان صغيرا لان من لا يقطع بسرقته كبيرا لا يقطع بسرقته صغيرا كالحر ولنا انه سرق مالا مملوكا تبلغ قيمته نصابا فوجب القطع عليه كسائر الحيوانات وفارق الحر فانه ليس بمال ولا مملوك وفارق الكبير لانه لا يسرق وانما يخدع بشئ فان كان المسروق في حال نومه أو جنونه ام ولد ففي قطع سارقها وجهان (أحدهما) لا يقطع لانها لا يحل بيعها ولا نقل الملك
فيها فاشبهت الحرة (والثاني) يقطع لانها مملوكة تضمن بالقيمة فاشبهت القن وحكم المدبر حكم القن لانه يجوز بيعه ويضمن بقيمته، فاما المكاتب فلا يقطع سارقه لان ملك سيده ليس بتام عليه لكونه لا يملك منافعه ولا استخدامه ولا اخذ ارش الجناية عليه ولو جنى السيد عليه لزمه له الارش ولو استوفى منافعه كرها لزمه عوضها ولو حبسه لزمه اجرة مدة حبسه أو انظاره مقدار تلك المدة، ولا يجب القطع لاجل ملك المكاتب في نفسه لان الانسان لا يملك نفسه فاشبه الحر فاما ان سرق مال المكاتب فعليه القطع لان ملك المكاتب ثابت في مال نفسه الا ان يكون السارق سيده فلا قطع عليه لان له في ماله حقا وشبهة تدرأ الحد ولذلك لو وطئ جاريته لم يحد
(مسألة) (ولا يقطع بسرقة حر وان كان صغيرا وعنه انه يقطع بسرقة الصغير) ظاهر المذهب انه لا يقطع بسرقة الحر الصغير وبهذا قال الثوري والشافعي واصحاب الرأي وابن المنذر وعن احمد رواية ثانية انه يقطع بسرقة الصغير وذكرها ابو الخطاب وهو قول الحسن والشعبي ومالك وإسحاق لانه غير مميز اشبه العبد ولنا انه ليس بمال فلا يقطع بسرقته كالكبير النائم (مسألة) (فان كان عليه حلي أو ثياب تبلغ نصابا لم يقطع وبه قال ابو حنيفة واكثر اصحاب الشافعي) وفيه وجه آخر انه يقطع حكاه ابو الخطاب وبه قال ابو يوسف وابن المنذر لظاهر الكتاب ولانه سرق نصابا من المال فأشبه مالو سرقه منفردا
ولنا انه تابع لما لا قطع في سرقته فأشبه ثياب الكبير ولان يد الصبي على ما عليه بدليل أن ما يوجد مع اللقيط يكون له وهكذا لو كان الكبير نائما على متاع فسرقه وثيابه لم يقطع لان يده عليه (فصل) وإن سرق ماء فلا قطع فيه قاله ابو بكر وابو إسحاق بن شاقلا لانه لا يتمول عادة ولا نعلم فيه خلافا فان سرق كلا أو ملحا فقال ابو بكر لاقطع عليه لانه مما ورد الشرع باشتراك الناس فيه فأشبه المال، وقال ابو اسحاق عليه القطع لانه يتمول عادة فأشبه التبن والشعير، واما الثلج فقال القاضي هو كالماء لانه ماء جامد فأشبه الجليد قال شيخنا والاشبه انه كالملح لانه يتمول عادة فأشبه الملح المنعقد من الماء، واما التراب فان كان مما تقل الرغبات فيه كالمعد للتطيين والبناء فلا قطع فيه لانه لا يتمول وإن كان مما له قيمة كثيرة كالطين الارمني الذي يعد للدواء أو المعد للغسل به أو الصبغ كالمغرة احتمل وجهين (احدهما) لا قطع فيه لانه من جنس ما لا يتمول اشبه الماء (والثاني) فيه القطع لانه يتمول عادة ويحمل إلى البلدان للتجارة فيه فأشبه العود الهندي ولا يقطع بسرقة السرجين لانه إن كان نجسا فلا قيمة له وإن كان طاهرا فلا يتمول عادة ولا تكثر الرغبات فيه اشبه التراب الذي للبناء وما عمل من التراب كاللبن والفخار ففيه القطع لانه يتمول عادة
(مسألة) (ولا يقطع بسرقة مصحف وعند ابي الخطاب يقطع)
قال ابو بكر والقاضي لا قطع فيه وهو قول ابي حنيفة لان المقصود منه ما فيه من كلام الله تعالى وهو مما لا يجوز اخذ العوض عنه، واختار ابو الخطاب وجوب قطعه، وقال هو ظاهر كلام احمد فانه سئل عمن سرق كتابا فيه علم لينظر فيه فقال كلما بلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع، وهذا قول مالك والشافعي وابي ثور وابن المنذر لعموم الآية في كل سارق ولانه متقوم تبلغ قيمته نصابا فوجب القطع بسرقته ككتب الفقه (مسألة) (ويقطع بسرقة سائر كتب العلم) ولا نعلم فيه خلافا بين اصحابنا في القطع بسرقة كتب الفقه والحديث وسائر العلوم الشرعية لعموم الادلة (فصل) فان قلنا لا يقطع بسرقة المصحف وكان عليه حلية تبلغ نصابا خرج فيه وجهان (احدهما) لا يقطع وهو قياس قول ابي اسحاق بن شاقلا ومذهب ابي حنيفة لان الحلي تابع لما لا يقطع بسرقته فأشبهت ثياب الحر (والثاني) يقطع وهو قول القاضي لانه سرق نصابا من الحلي فأشبه مالو سرقه منفردا واصل هذين الوجهين من سرق صبيا عليه حلي (فصل) وإن سرق عينا موقوفة وجب القطع لانها مملوكة للموقوف عليه ويحتمل أن لا يقطع بناء على الوجه الذي يقول إن الموقوف لا يملكه الموقوف عليه، فعلى هذا إن كان وقفا غير معين لم يقطع بسرقته.
(مسألة) (ولا يقطع بسرقة آلة لهو ولا محرم كالخمر) لا يقطع بسرقة آلة لهو كالطنبور والمزمار والشبابة وإن بلغت قيمته مفصلا نصابا وبهذا قال أبو حنيفة، وقال أصحاب الشافعي إن كانت قيمته بعد زوال تأليفه نصابا ففيه القطع وإلا فلا لانه سرق ما قيمته نصابا لاشبهة له فيه من حرز مثله وهو من أهل القطع فوجب قطعه كما لو كان ذهبا مكسورا
ولنا انه آلة للمعصية بالاجماع فلم يقطع بسرقته كالخمر ولان له حقا في أخذها لكسرها فكان ذلك شبهه مانعة من القطع كاستحقاقه مال ولده فان كانت عليه حلية تبلغ نصابا فلا قطع فيه أيضا في قياس قول أبي بكر لانه متصل بما لا قطع فيه أشبه الخشب والاوتار وقال القاضي فيه القطع وهو مذهب الشافعي لانه سرق نصابا من حرزه أشبه المنفرد (فصل) ولا يقطع بسرقة محرم كالخمر والخنزير والميتة ونحوها سواء سرقه من مسلم أو كافر وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وحكي عن عطاء أن سارق خمر الذمي يقطع وإن كان مسلما لانه مال لهم أشبه مالو سرق دراهمهم ولنا أنها عين محرمة فلا يقطع بسرقتها كالخنزير ولان ما لا يقطع بسرقته من المسلم لا يقطع بسرقته من الذمي كالميتة والدم، وما ذكروه ينتقص بالخنزير ولا اعتبار به فان الاعتبار بحكم الاسلام وهو يجري عليهم دون أحكامهم (مسألة) (وإن سرق آنية فيها الخمر أو صليبا أو صنم ذهب لم يقطع وعند أبي الخطاب يقطع)
إذا سرق إناء فيه خمر يقطع وهو مذهب الشافعي كما لو سرقه ولا شئ فيه، وقال غيره من أصحابنا لا يقطع لانه متصل بما لا قطع فيه فأشبه مالو سرق شيئا مشتركا بينه وبين غيره بحيث تبلغ قيمته بالشركة نصابا وقال ابن شاقلا لو سرق اداوة فيها ماء لم يقطع لاتصالها بما لا قطع فيه ووجه الاول أنه سرق نصابا من حرز لا شبهة له فيه أشبه مالو سرقه فارغا، وإن سرق صليبا أو صنما من ذهب أو فضة يبلغ نصابا متصلا فقال القاضي لا قطع فيه وهو قول أبي حنيفة، وقال ابو الخطاب يقطع سارقه وهو مذهب الشافعي، ووجه الوجهين ما تقدم فيما إذا سرق آلة لهو محلاة والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها ان التي قبلها له كسره بحيث لا يبقى له قيمة تبلغ نصابا وههنا لو كسر الذهب والفضة بكل وجه لم تنقص قيمته عن النصاب ولان الذهب والفضة جوهرهما غالب على الصنعة المحرمة فكانت الصناعة فيها مغمورة بالنسبة إلى قيمة جوهرهما وغيرهما بخلافهما فتكون الصناعة غالبة عليه فيكون تابعا للصناعة المحرمة فأشبه الاوتار
(فصل) ولو سرق اناء من ذهب أو فضة قيمته نصابا إذا كان منكسرا فعليه القطع لانه غير مجمع على تحريمه وقيمته بدون الصناعة المختلف فيها نصاب وان سرق اناء معدا لحمل الخمر ووضعه فيه ففيه القطع لان الاناء لا تحريم فيه وإنما يحرم عليه نيته وقصده فأشبه مالو سرق سكينا معدة لذبح
الخنازير أو سيفا يعد لقطع الطريق ولو سرق منديلا في طرفه دينار مشدود يعلم به فعليه القطع وإن لم يعلم به فلا قطع فيه لانه لم يقصد سرقته فأشبه مالو تعلق بثوبه، وقال الشافعي يقطع لانه سرق نصابا فأشبه مالو سرق ما لا يعلم أن قيمته نصاب والفرق بينهما أنه علم بالمسروق ههنا وقصد سرقته بخلاف الدينار فانه لم يرده ولم يقصد أخذه فلا يؤاخذ به بايجاب الحد عليه (فصل) الثالث أن يسرق نصابا وهو ثلاثة دراهم أو قيمة ذلك من الذهب والعروض، وعنه أنه ثلاثة دراهم أو ربع دينار أو ما يبلغ قيمة أحدهما من غيرهما وعنه لا تقوم العروض إلا بالدراهم فلا يجب القطع بسرقة دون النصاب في قول الفقهاء كلهم إلا الحسن وداود وابن بنت الشافعي والخوارج فانهم قالوا يقطع في القليل والكثير لعموم الآية ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده ويسرق البيضة فتقطع يده) متفق عليه ولانه سارق من حرز فتقطع يده كسارق الكبير ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا) متفق عليه واجماع الصحابة على ما سنذكره وهذا يخص عموم الآية، والحبل يحتمل أن يساوي ذلك، وكذلك البيضة يحتمل أن يراد بها البيضة السلاح وهي تساوي ذلك، واختلفت الرواية عن احمد رحمه الله في قدر النصاب الذي
يجب القطع بسرقته فروى عنه أبو إسحاق الجوزجاني أنه ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الورق أو ما قيمته ثلاثة دراهم من غيرهما وهذا قول مالك واسحاق وروى عنه الاثرم أنه إن سرق من غير الذهب والفضة ما قيمته ربع دينار أو ثلاثة دراهم قطع وعنه أن الاصل الورق ويقوم الذهب به فان نقص ربع دينار عن ثلاثة دراهم لم يقطع سارقه وهذا يحكى عن الليث وأبي ثور وقالت عائشة لا قطع
الا في ربع دينار فصاعدا، وروي هذا عن عمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم، وبه قال الفقهاء السبعة وعمر بن عبد العزيز والاوزاعي والشافعي وابن المنذر لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا قطع الا في ربع دينار فصاعدا) وقال عثمان البتي تقطع اليد في درهم فما فوقه وعن أبي هريرة وأبي سعيد ان اليد تقطع في اربعة دراهم فصاعدا، وعن عمر رضي الله عنه ان الخمس لا تقطع الا في الخمس وبه قال سليمان بن يسار وابن ابي ليلى وابن شبرمة.
وروي ذلك عن الحسن قال انس رضي الله عنه قطع ابو بكر في مجن قيمته خمس دراهم رواه الجوزجاني باسناده وقال عطاء وابو حنيفة واصحابه لا تقطع اليد الا في دينار أو عشرة دراهم لما روى الحجاج ابن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (لا قطع الا في عشرة دراهم) وروى ابن عباس قال قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يد رجل في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم وعن النخعي لا تقطع اليد الا في اربعين درهما
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: