الفقه الحنبلي - البيوع - الاقالة - العرية
وأما الاقالة فهي فسخ للبيع فأشبهت الرد بالعيب، وكذلك لا يصح هبته ولا رهنه ولا دفعه أجرة وما أشبه ذلك ولا التصرفات المنعقدة إلى القبض لانه غير مقبوض
فلاسبيل إلى اقباضه
{ مسألة } (ويحصل القبض فيما بيع بالكيل والوزن بكيله ووزنه) وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة التخلية في ذلك قبض، وقد روي عن احمد رواية أخرى أن القبض في كل شئ بالتخلية مع التمييز لانه خلى بينه وبين المبيع من غير حائل فكان قبضا له كالعقار.
ولنا ماروى عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل " رواه البخاري وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من اشترى طعاما فلا يبيعه حتى يكتاله " رواه مسلم وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري رواه ابن ماجه وهذا فيما بيع كيلا
{ مسألة } (وفي الصبرة وما ينقل بالنقل) لان ابن عمر قال كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا الطعام جزافا أن لا يبيعوه في مكانه حتى يحولوه، وفي لفظ كنا نبتاع الطعام جزافا فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من مكانه الذي ابتعناه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه، وفي لفظ كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله رواهن مسلم وهذا يبين أن الكيل انما وجب فيما بيع بالكيل، وقد دل على ذلك ايضا قوله عليه الصلاة والسلام " إذا سميت الكيل فكل " { مسألة } (وفيما يتناول بالتناول وفيما عدا ذلك بالتخلية) وعنه أن قبض جميع الاشياء بالتخلية مع التمييز إذا كان البيع دراهم أو دنانير فقبضها باليد وإن كان ثيابا فقبضها نقلها وان كان حيوانا فقبضه بمشيه من مكانه وان كان ما لا ينقل ويحول فقبضه التخلية بينه وبين مشتريه لا حائل دونه ولان القبض مطلق في الشرع فيجب فيه الرجوع إلى العرف كالاحراز والتفرق والعادة في قبض هذه الاشياء ما ذكرناه (فصل) وأجرة الكيال والوزان في المكيل والموزون على البائع لان عليه تقبيض المبيع للمشتري والقبض لا يحصل الا بذلك فكان على البائع كما أن على بائع الثمرة سقيها وكذلك أجرة العداد في المعدودات وأما نقل المنقولات وما أشبهها فهو على المشتري لانه لا يتعلق به حق توفية نص عليه أحمد (فصل) ويصح القبض قبل نقد الثمن وبعده باختيار البائع وبغير اختياره لانه ليس للبائع حبس المبيع على قبض الثمن ولان التسليم من مقتضيات العقد فمتى وجد بعده وقع موقفه كقبض الثمن
{ مسألة } (والاقالة فسخ يجوز في المبيع قبل قبضه ولا يستحق بها شفعة ولايجوز إلا بمثل الثمن وعنه أنها بيع فلا يثبت.
فيها ذلك الا بمثل الثمن في أحد الوجهين اقالة النادم مستحبة لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أقال نادما بيعته أقاله الله عثرته يوم القيامة " رواه ابن ماجه وأبو داود ولم يقل أبو داود يوم القيامة، وهي فسخ في أصح الروايتين اختارها أبو بكر وهي مذهب الشافعي (والثانية) هي بيع وهي مذهب مالك لان المبيع عاد إلى البائع على الجهة
التي خرج عليها فكانت بيعا كالاول، وكونها بمثل الثمن لا يمنع من كونها بيعا كالتولية، وحكي عن أبي حنيفة أنها فسخ في حق المتعاقدين بيع في حق غيرهما فلا تثبت أحكام البيع في حقهما بل يجوز في المبيع قبل قبضه وفي السلم ويثبت حكم البيع في حق الشفيع فيجوز له أخذ الشقص الذي تقايلا فيه بالشفعة ولنا أن الاقالة هي الرفع والازالة يقال أقالك الله عثرتك أي أزالها فكانت فسخا للعقد الاول بدليل جواز الاقالة في السلم مع اجماعهم على أنه لا يجوز بيع المسلم فيه قلب قبضه، ولانها مقدرة بالثمن الاول ولو كانت بيعا لم تقدر به ولانه عاد إليه المبيع بلفظ لا ينعقد به البيع فكان فسخا كالرد بالعيب، ويدل على أبي حنيفة ما كان فسخا في حق المتعاقدين كان فسخا في حق غيرهما كالرد بالعيب والفسخ بالخيار ولان حقيقة الفسخ لا تختلف بالنسبة إلى شخص دون شخص والاصل اعتبار الحقائق، فان قلنا هي فسخ جازت قبل القبض وبعده وقال أبو بكر لابد من كيل ثان ويقوم الفسخ مقام البيع في إيجاب كيل ثان كقيام فسخ النكاح مقام الطلاق في العدة ولنا أنه فسخ للبيع فجاز قبل القبض كالرد بالعيب والتدليس والفسخ بالخيار أو لاختلاف المتبايعين وفارق العدة فانها اعتبرت للاستبراء والحاجة داعية إليه في كل فرقة بعد الدخول بخلاف مسئلتنا.
وان قلنا هي بيع لم يجز قبل القبض فيما يعتبر فيه القبض لان بيعه من بائعه قبل قبضه لا يجوز كما لا يجوز من غيره ولا يستحق بها الشفعة إن كانت فسخا لانها رفع للعقد وإزالة له وليست معاوضة فأشبهت سائر الفسوخ، ومن حلف لا يبيع فأقال لم يحنث، وان كانت بيعا استحقت الشفعة وحنث الحالف على ترك البيع بفعلها كالتولية.
والصحيح أنها لا تجوز الا بمثل الثمن سواء قلنا هي فسخ أو بيع لانها خصت بمثل الثمن كالتولية وفيه وجه آخر أنها تجوز باكثر من الثمن الاول وأقل منه كسائر البياعات فإذا
قلنا لا تجوز الا بمثل الثمن وأقال بأقل منه أو اكثر لم تصح الاقالة وكان الملك باقيا للمشتري، وبهذا قال الشافعي، وعن أبي حنيفة أنها تصح بالثمن الاول ويبطل الشرط لان لفظها اقتضى مثل الثمن والشرط ينافيه فيبطل ونفي الفسخ على مقتضاه كسائر الفسوخ، ولنا أنه شرط التفاضل فيما يعتبر فيه التماثل فيبطل كبيع درهم بدرهمين ولان القصد بالاقالة رد كل حق إلى صاحبه فإذا اشترط زيادة أو نقصا
أخرج العقد عن مقصوده فيبطل كما لو باعه بشرط أن لا يسلم إليه وفارق سائر الفسوخ لانه لا يعتبر فيه الرضى منهما بل يسأل به أحدهما فإذا شرط عليه شئ لم يلزمه لتمكنه من الفسخ بدونه وان شرط لنفسه شيئا لم يلزم أيضا لانه لا يستحق أكثر من الفسخ وفي مسئلتنا لا تجوز الاقالة الا برضاهما وانما رضي بها أحدهما مع الزيادة أو النقص فإذا أبطلنا شرطه فات رضاه فتبطل الاقالة لعدم رضاه بها { باب الربا والصرف } الربا في اللغة الزيادة قال الله تعالى (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) وقال (أن تكون أمة هي أربى من أمة) أي اكثر عددا.
وهو في الشرع الزيادة في أشياء مخصوصة وهو محرم بالكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقوله تعالى (وحرم الربا) وما عداها من الآيات، وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم " اجتنبوا السبع الموبقات " قيل يا رسول الله ما هي؟ قال " الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه متفق عليهما وأجمعت الامة على أن الربا محرم.
{ مسألة } (وهو نوعان ربا الفضل وربا النسيئة) وأجمعت الامة على تحريمهما وقد كان في ربا الفضل اختلاف بين الصحابة فحكي عن ابن عباس وأسامة بن زيد وزيد بن أرقم وابن الزبير انهم قالوا انما الربا في النسيئة لقوله عليه السلام " لاربا إلا في النسيئة " رواه البخاري والمشهور من ذلك قول ابن عباس ثم إنه رجع إلى قول الجماعة وروى ذلك الاثرم وقاله الترمذي وابن المنذر وروى سعيد باسناده عن أبي صالح قال صحبت ابن عباس حتى مات فوالله ما رجع عن الصرف، وعن سعيد بن جبير قال سألت ابن عباس قبل موته بعشرين ليلة عن الصرف فلم ير به بأسا وكان يأمر به، والصحيح قول الجمهور لما روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تبيعوا الذهب بالذهب الا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز " وعن أبي سعيد قال جاء
بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " من أين هذا يا بلال؟ " قال كان عندنا تمر ردئ فبعت صاعين بصاع ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أوه عين الربا عين الربا لا تفعل، ولكن ان أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به " متفق عليهما قال الترمذي: على حديث أبي سعيد العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا ربا إلا في النسيئة " محمول على الجنسين { مسألة } (فاما ربا الفضل فيحرم في الجنس الواحد من كل مكيل أو موزون، وان كان يسيرا
كتمرة بتمرتين وحبة بحبتين، وعنه لا يحرم الا في الجنس الواحد من الذهب والفضة وكل مطعوم وعنه لا يحرم إلا في ذلك إذا كان مكيلا أو موزونا) روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الربا أحاديث كثيرة من أتمها حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الذهب بالذهب مثلا بمثل والفضة بالفضة مثلا بمثل والتمر بالتمر مثلا بمثل والبر بالبر مثلا بمثل والملح بالملح مثلا بمثل والشعير بالشعير مثلا بمثل فمن زاد أو ازداد فقد أربى، بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد، وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد، وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم يدا بيد " رواه مسلم.
فهذه الاعيان الستة المنصوص عليها يثبت الربا فيها بالنص والاجماع، واختلف أهل العلم فيما سواها فحكي عن طاوس وقتادة أنهما قصرا الربا عليها، وبه قال داود ونفاة القياس وقالوا اما عداها على أصل الاباحة لقول الله تعالى (وأحل الله البيع) واتفق القائلون بالقياس على أن لربا فيها بعلة وانه يثبت في كل ما وجدت فيه علتها لان القياس دليل شرعي فيجب استخراج علة هذا الحكم واثباته حيث وجدت علته ولان قول الله تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) يقتضي تحريم كل زيادة إذ الربا في اللغة الزيادة إلا ما أجمعنا على تخصيصه وهذا يعارض ما ذكروه، ثم اتفق أهل العلم على أن ربا الفضل لا يجري إلا في الجنس الواحد إلا سعيد بن جبير فانه قال: كل شيئين يتقارب الانتفاع بهما لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والذرة والدخن لانها يتقارب نفعها فجرى مجرى نوعي الجنس، وهذا مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم " بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد وبيعوا التمر بالبر كيف شئتم " فلا يعول عليه واتفق المعللون على أن علة الذهب
والفضة واحدة وعلة الاعيان الاربعة واحدة، ثم اختلفوا في علة كل واحد منهما فروي عن أحمد في ذلك ثلاث روايات أشهرهن أن علة الربا في الذهب والفضة كونه موزون جنس، وعلة الاعيان الاربعة كونه مكيل جنس نقلها عن أحمد الجماعة ذكرها الخرقي وابن أبي موسى وأكثر الاصحاب وبه قال النخعي والزهري والثوري واسحاق وأصحاب الرأي، فعلى هذه الرواية يجري الربا في كل مكيل أو موزون بجنسه مطعوما كان أو غير مطعوم كالحبوب والاشنان والنورة والقطن والصوف والكتان والحناء والحديد والنحاس ونحو ذلك، ولا يجري في مطعوم لا يكال ولا يوزن كالمعدودات لما روى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين ولا الصاع بالصاعين فاني أخاف عليكم الرماء " وهو الربا فقام إليه رجل فقال: يارسول الله أرأيت الرجل يبيع الفرس بالافراس والنجيبة بالابل؟ فقال " لا بأس إذا كان يدا بيد " رواه أحمد في المسند عن ابن حبان عن أبيه عن ابن عمر، وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما وزن مثلا بمثل إذا كان نوعا واحدا " رواه الدار قطني، وعن عمار أنه قال: العبد خير من العبدين والثوب خير من الثوبين لما كان يدا بيد فلا بأس به انما الربا في النساء إلا ما كيل أو وزن، ولان قضيه البيع المساواة والمعتبر في تحقيقها الكيل والوزن والجنس فان الوزن أو الكيل يسوي بينهما صورة والجنس يسوي بينهما معنى فكانا علة ووجدنا الزيادة في الكيل محرمة دون الزيادة في الطعم بدليل بيع الثقيلة بالخفيفة فانه جائزا إذا تساويا
في الكيل (والرواية الثانية) أن العلة في الاثمان الثمنيه وفيما عداها كونه مطعوم جنس فيختص بالمطعومات ويخرج منه ما عداها.
قال أبو بكر روى ذلك عن أحمد جماعة، ونحو ذلك قول الشافعي فانه قال: العلة الطعم والجنس شرط والعلة في الذهب والفضة جوهرية الثمنية غالبا فيختص بالذهب والفضة لما روى معمر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام بالطعام الا مثلا بمثل رواه مسلم، ولان الطعم وصف شرف اذبه قوام الابدان، والثمنية وصف شرف إذ بها قوام الاموال فيقتضي التعليل بهما، ولانه لو كانت العلة في الاثمان الوزن لم يجز اسلامهما في الموزونات لان أحد وصفي علة الربا يكفي في تحريم النساء
(والرواية الثالثة) العلة فيما عدا الذهب والفضة كونه مطعوم جنس مكيلا أو موزونا فلا يجري الربا في مطعوم لا يكال ولا يوزن كالتفاح والرمان والبطيخ والجوز والبيض ولا فيما ليس بمطعوم كالزعفران والاشنان والحديد، ويروى ذلك عن سعيد بن المسيب وهو قديم قولي الشافعي لما روي عن سعيد ابن المسيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا ربا الا فيما كيل أو وزن مما يؤكل أو يشرب " أخرجه الدار قطني وقال الصحيح أنه من قول سعيد ومن رفعه فقد وهم، ولان لكل واحد من هذه الاوصاف أثرا والحكم مقرون بجيعها في المنصوص عليه فلا يجوز حذفه ولان الكيل الوزن الجنس لا يقتضي وجوب المماثلة وانما أثره في تحقيقها في العلة ما يقتضي ثبوت الحكم لاما تحقق شرطه، والطعم بمجرده لاتتحقق المماثلة به لعدم العيار الشرعي فيه، وإنما تجب المماثلة في المعيار الشرعي وهو الكيل والوزن ولهذا وجبت المساواة في المكيل كيلا وفي الموزون وزنا فوجب ان يكون الطعم معتبرا في المكيل
والموزون دون غيرهما، والاحاديث الواردة في هذا الباب يجب الجمع بينها وتقييد كل واحد منها بالآخر فنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام إلا مثلا بمثل يتقيد بما فيه معيار شرعي من كيل أو وزن، ونهيه عن بيع الصاع بالصاعين يتقيد بالمطعوم المنهي عن التفاضل فيه وهذا اختيار شيخنا، وقال مالك العلة القوت أو ما يصلح به القوت من جنس واحد من المدخرات، وقال ربيعة يجري الربا فيما تجب فيه الزكاة دون غيره.
وقال ابن سيرين في الجنس الواحد.
وهذا القول لا يصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم في بيع الفرس بالافراس والنجيبة بالابل " لا بأس إذا كان يدا بيد " وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع عبدا بعبدين رواه أبو داود والترمذي وقال: هو حديث صحيح، وقول مالك ينتقض بالحطب والادام يستصلح به القوت ولا ربا فيه عنده، وتعليل ربيعة ينعكس بالملح والعكس لازم عند اتحاد العلة.
فالحاصل ان ما اجتمع فيه الكيل والوزن والطعم من جنس واحد ففيه الربا رواية واحدة كالارز والدخن والذرة والقطنيات والدهن واللبن ونحوه، وهذا قول أكثر أهل العلم.
قال ابن المنذر هذا قول علماء الامصار في القديم والحديث، وما يعدم فيه الكيل والوزن والطعم واختلف جنسه فلا ربا فيه رواية واحدة، وهو قول أكثر أهل العلم وذلك كالتين النوى والقت والماء، والطين الارمني فانه يؤكل دواء فيكون
موزونا مأكولا فهو إذا من القسم الاول وما عداه انما يؤكل سفها فجرى مجرى الرمل والحصا.
وما وجد فيه الطعم وحده أو الكيل والوزن من جنس واحد ففيه روايتان، واختلف أهل العلم فيه.
والاولى ان شاء الله حله إذ ليس في تحريمه دليل موثوق به ولا معنى يقوى التمسك به وهي مع ضعفها يعارض
بعضها بعضا فوجب اطراحها والجمع بينها والرجوع إلى أصل الحل الذي يقتضيه الكتاب والسنة والاعتبار، ولا فرق في المطعومات بين ما يؤكل قوتا كالارز والذرة أو أدما كالقطنيات واللحم واللبن أو تفكها كالثمار أو تداويا كالا هليلج والسقمونيا فان الكل في باب الربا واحد (فصل) وقوله في كل مكيل أو موزون أي ما كان جنسه مكيلا أو موزونا وان لم يتأت فيه كيل ولا وزن اما لقلته كالحبة والحبتين والحفنة والحفنتين وما دون الارزة من الذهب والفضة أو لكثرته كالزبرة العظيمة فانه لا يجوز بيع بعضه ببعض الا مثلا بمثل ويحرم التفاضل فيه، وبهذا قال الثوري والشافعي واسحاق وابن المنذر، ورخص أبو حنيفة في بيع الحفنة بالحفنتين والحبة بالحبتين وسائر المكيل الذي لا يتأتى كيله ووافق في الموزون واحتج بأن العلة الكيل ولم يوجد في اليسير ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " التمر بالتمر مثلا بمثل والبر بالبر مثلا بمثل من زاد أو ازداد فقد أربى " ولان ما جرى الربا في كثيره جرى في قليله كالموزون ولا يجوز بيع تمرة بتمرة ولا حفنة بحفنة وهذا قول الثوري لان ما أصله الكيل لا تجري المماثلة في غيره (فصل) اما مالا وزن للصناعة فيه كمعمول الحديد والرصاص والنحاس والقطن والكتان والصوف والحرير فالمنصوص عن أحمد في الثياب والاكسية انه لا يجري فيه الربا فانه قال لا بأس بالثوب بالثوبين والكساء بالكساءين وهذا قول أكثر أهل العلم.
وقال لا يباع الفلس بالفلسين ولا السكين بالسكينين ولا الا برة بالابرتين اصله الوزن ونقل القاضي حكم احدى المسئلتين إلى الاخرى فجعل في
الجميع روايتين (احداهما) لا يجري في الجميع وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأكثر أهل العلم لانه ليس بموزون ولا مكيل وهذا هو الصحيح إذ لا معنى لثبوت الحكم مع انتفاء العلة وعدم النص والاجماع فيه
(والثانية) يجري الربا في الجميع اختارها ابن عقيل لان أصله الوزن فلا يخرج بالصناعة عنه كالخبز، وذكر ان اختار القاضي ان ما كان يقصد وزنه بعد عمله كالاسطال ففيه الربا والا فلا (فصل) ويجري الربا في لحم الطير وعن أبي يوسف لا يجري فيه لانه يباع بغير وزن.
ولنا أنه لحكم فأشبه سائر اللحمان وقوله لا يوزن قلنا هو من جنس ما يوزن ويقصد نقله وتختلف قيمته بثقله وخفته اشبه ما يباع من الخبز عدا (فصل) والجيد والردئ والتبر والمضروب والصحيح والمكسور سواء في جواز البيع مع التماثل وهذا قول اكثر العلماء منهم أبو حنيفة والشافعي، وحكي عن مالك جواز بيع المضروب بقيمته من جنسه وأنكر ذلك أصحابه، وحكى بعض أصحابنا عن أحمد رواية انه لا يجوز بيع الصحاح بالمكسرة لان للصناعة قيمة بدليل حالة الاتلاف فيصير كأنه ضم قيمة الصناعة إلى الذهب.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب مثلا بمثل والفضة بالفضة مثلا بمثل " وعن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الذهب بالذهب تبرها وعينها والفضة بالفضة تبرها وعينها " رواه أبو داود وروى مسلم عن أبي الاشعث ان معاوية أمر ببيع آنية من فضة في أعطيات الناس فبلغ عبادة فقدم فقال إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والملح بالملح الا سواء بسواء عينا
بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى " وروى الاثرم عن عطاء بن يسار أن معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها فقال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا الا مثلا بمثل ولانهما تساويا في الوزن فلا يؤثر اختلافهما في القيمة كالجيد بالردئ فأما ان قال لصائغ
اصنع لي خاتما وزنه درهم وأعطيك مثل زنته وأجرتك درهما فليس ذلك بيع درهم بدرهمين، وقال اصحابنا للصائغ أخذ الدرهمين أحدهما في مقابلة الخاتم والباقي أجرة له
(فصل) وكل ما حرم فيه ربا الفضل حرم فيه النساء بغير خلاف علمناه، ويحرم التفرق قبل القبض
لقول النبي صلى الله عليه وسلم " عينا بعين " وقوله " يدا بيد " ولان تحريم النساء آكد ولذلك جرى في
الجنسين المختلفين فإذا حرم التفاضل فالنساء أولى بالتحريم { مسألة } (ولا يباع ما أصله الكيل بشئ من جنسه وزنا ولا ما أصله الوزن كيلا) لا خلاف بين أهل العلم في وجوب المماثلة في بيع الاموال التي يحرم التفاضل فيها وأن المساواة المرعية هي المساواة في المكيل كيلا وفي الموزون وزنا، ومتى تحققت هذه المساواة لم يضر اختلافهما فيما سواها وان لم توجد لم يصح البيع وهذا قول أبي حنيفة والشافعي واكثر اهل العلم.
وقال مالك يجوز بيع بعض الموزونات ببعض جزافا.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب وزنا بوزن الفضة بالفضة وزنا بوزن والبر بالبر كيلا بكيل والشعير بالشعير كيلا بكيل " رواه الاثرم عن عبادة ورواه أبو داود وفي لفظ " البر بالبر مدا بمد والشعير بالشعير مدا بمد فمن زاد أو ازداد فقد اربى " فامر بالمساواة في الموزنات المذكورة في الوزن كما أمر بالمساواة في المكيلات بالكيل وما عدا الذهب والفضة من الموزونات مقيس عليهما ولانه جنس يجرى فيه الربا فلم يجز بيع بعضه ببعض جزافا كالمكيل ولان حقيقة الفضل مبطلة للبيع ولا يعلم عدم ذلك الا بالوزن فوجب ذلك كما في المكيل والاثمان إذا ثبت هذا فانه لا يجوز بيع المكيل بالمكيل وزنا ولا بيع الموزن بالموزن كيلا لان التماثل في
الكيل مشترط في المكيل وفي الوزن في الموزون وقد عدمت ولانه متى باع رطلا من المكيل برطل حصل في الرطل من الخفيف اكثر ما يحصل من الثقيل فيختلفان في الكيل وان لم يعلم الفضل لكن يجهل التساوي فلا يصح كما لو باع بعضه ببعض جزافا.
وكذلك إذا باع الموزون بالموزون بالكيل لا يتحقق التماثل في الوزن فلم يصح كما ذكرنا في المكيل (فصل) ولو باع بعضه ببعض جزافا أو كان جزافا من أحد الطرفين لم يجز قال ابن المنذر أجمع اهل العلم على ان ذلك لا يجوز إذا كنا من صنف واحد لما روى مسلم عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم
" الذهب بالذهب وزنا بوزن " إلى تمام الحديث دليل على انه لا يجوز بيعه الا كذلك ولان التماثل شرط والجهل به يبطل البيع الحقيقة التفاضل { مسألة } قال (فان اختلف الجنس جاز بيع بعضه ببعض كيلا ووزنا وجزافا) ما لا يشترط فيه التماثل كالجنسين وما لا ربا فيه يجوز بيع بعضه ببعض كيلا ووزنا وجزافا وهذا ظاهر كلام الخرقي وهو قول اكثر العلماء قال ابن المنذر اجمع اهل العلم على ان بيع الصبرة من الطعام بالصبرة لا ندري كم كيل هذه ولا كم كيل هذه من صنف واحد غير جائز ولا بأس به من صنفين استدلالا بقوله عليه السلام " فإذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم " وذهب بعض أصحابنا إلى منع بيع المكيل بالمكيل والموزون بالموزون جزافا، وقال أحمد في رواية محمد بن الحكم أكره
ذلك قال ابن أبي موسى: لاخير فيما يكال بما يكال جزافا، ولا فيما يوزن بما يوزن جزافا.
اتفقت الاجناس أو اختلفت ولا بأس ببيع المكيل بالموزون جزافا، وقال ذلك القاضي والشريف أبو جعفر قالوا لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام مجازفة وقياسا على الجنس الواحد ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد " ولانه يجوز التفاضل فيه فجاز جزافا كالمكيل بالموزون، يحققه أنه إذا كان حقيقة الفضل لا يمنع فاحتماله أولى أن لايمنع وحديثهم أراد به الجنس الواحد، ولهذا جاء في بعض ألفاظ: نهى أن تباع الصبرة لا يعلم مكيلها من التمر بالصبرة لا يعلم مكيلها من التمر.
ثم هو مخصوص بالمكيل بالموزون فنقيس عليه محل النزاع والقياس لا يصح لان الجنس الواحد يجب التماثل فيه فمنع من بيعه مجازفة لفوات المماثلة المشترطة وفي الجنسين لا يشترط التماثل ولا يمنع حقيقة التفاضل فاحتماله أولى (فصل) إذا قال بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة وهما من جنس واحد وقد علما كيلهما وتساويهما صح البيع لوجود التماثل المشترط، وان قال بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة مثلا بمثل فكيلتا فكانتا سواء صح البيع، وان زادت إحدهما فرضي صاحب الناقصة بها مع نقصها أو رضي صاحب الزائدة برد الفضل على صاحبه جاز وان امتنع فسخ البيع بينهما ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي
{ مسألة } (والجنس ماله اسم خاص يشتمل أنواعا كالذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح) الجنس الشامل لاشياء مختلفة بانواعها، والنوع الشامل لاشياء مختلفة بأشخاصها، وقد يكون النوع جنسا بالنسبة إلى ما تحته والجنس نوعا بالنسبة إلى ما فوقه.
والمراد ههنا الجنس الاخص والنوع الاخص فكل نوعين اجتمعا في اسم خاص فهما جنس كانواع التمر وأنواع الحنطة وأنواع الشعير فالتمور كلها جنس وان كثرت أنواعها كالبرني والعقلي وغيرهما ولك شيئين اتفقا في الجنس ثبت فيهما حكم الشرع بتحريم التفاضل، وان اختلفت الانواع لما ذكرنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم " التمر بالتمر مثلا بمثل " الحديث بتمامه فاعتبر المساواة في جنس التمر بالتمر والبر بالبر ثم قال: فإذا اختلفت هذه الاجناس فبيعوا كيف شئتم (فصل) واختلفت الرواية في البر والشعير فظاهر المذهب أنهما جنسان وهو قول الثوري
والشافعي وأصحاب الرأي وعنه أنهما جنس واحد " يروى ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن ابن الاسود بن عبد يغوث والحكم وحماد ومالك والليث لما روي عن معمر بن عبد الله أنه أرسل غلامه بصاع قمح فقال: بعه ثم اشتر به شعيرا، فذهب الغلام فأخذ صاعا وزيادة بعض صاع فلما جاء معمرا أخبره فقال معمرا: لم فعلت ذلك؟ انطلق فرده ولا تأخذن الامثلا بمثل فان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام بالطعام الا مثلا بمثل وكان طعامنا يومئذ الشعير.
قيل فانه ليس بمثله قال أني أخاف أن يضارع.
أخرجه مسلم ولان أحدهما يعتبر بالآخر فكانا كنوعي الجنس ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " بيعوا البر بالشعير كيف شئتم يدا بيد " وفي لفظ " لا بأس ببيع
البر بالشعير والشعير بالبر هما يدا بيد وأما نسيئة فلا - وفي لفظ - فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم " وهذا صريح لا يجوز تركه بغير معارض مثله وحديث معمر لابد فيه من اضمار الجنس بدليل سائر أجناس الطعام، ويحتمل أنه أراد الطعام المعهود عندهم وهو نسيئة فانه قال في الخبر وكان طعامنا
يومئذ الشعير ثم لو كان عاما لوجب تقديم الخاص الصريح عليه وفعل معمر وقوله لا يعارض به فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقياسهم منقوض بالذهب والفضة { مسألة } (وفروع الاجناس أجناس كالادقة والاخباز والادهان) إذا كان المشتركان في الاسم الخاص من جنسين فهما جنسان كالادقة والاخباز والخلول والادهان وعصير الاشياء المختلفة كلها أجناس مختلفة باختلاف أصولها، وحكي عن أحمد أن خل التمر وخل
العنب جنس وحكي أيضا عن مالك لان الاسم الخاص يجمعهما.
والصحيح الاول لانهما من جنسين مختلفين فكانا جنسين كدقيق الحنطة ودقيق الدخن وما ذكر للرواية الاخرى منقوض بسائر فروع الاصول التي ذكرناها، فكل فرع مبني على أصله فزيت الزيتون وزيت البطم وزيت الفجل أجناس ودهن السمك والشيرج والجوز واللوز والبزر أجناس، وعسل النحل وعسل القصب جنسان وتمر النخل وتمر الهند جنسان، وكل شيئين أصلهما واحد فهما جنس وان اختلفت مقاصدهما، فدهن الورد والبنفسج والزئبق والياسمين إذا كانت من دهن واحد فهي جنس واحد وهذا الصحيح من مذهب الشافعي، وله قول آخر لا يجري الربا فيها لانها تقصد للاكل، وقال أبو حنيفة هي أجناس لاختلاف
مقاصدها.
ولنا أنها كلها شيرج وانما طيبت بهذه الرياحين فنسبت إليها فلم تصر أجناسها كما لو طيب سائر أنواع الاجناس، وقولهم لا تقصد للاكل قلنا هي صالحة للاكل وانما تعد لما هو أعلى منه فلا تخرج عن كونها مأكولة بصلاحها لغيره، وقولهم انها أجناس لا يصح لانها من أصل واحد يشملها اسم واحد فكانت جنسا كأنواع التمر والحنطة (فصل) وقد يكون الجنس الواحد مشتملا على جنسين كالتمر يشتمل على النوى وغيره وهما جنسان واللبن يشتمل على المخيض والزبد وهما جنسان فما داما متصلين اتصال الخلقة فهما جنس واحد فإذا ميز احدهما من الآخر صارا جنسين حكمهما حكم الجنسين الاصلين
(فصل) واللحم أجناس باختلاف أصوله، وكذلك اللبن وعنه جنس واحد وعنه في اللحم أنه أربعة أجناس لحم الانعام ولحم الوحش ولحم الطير ولحم دواب الماء) اختلفت الرواية عن احمد رحمه الله في اللحم فروي عنه انه جنس واحد وهذا الذي ذكره الخرقي وهو قول أبي ثور وأحد قولي الشافعي وانكر القاضي أبو يعلى كون هذه رواية عن احمد، وقال الانعام والوحش والطير ودواب الماء اجناس يجوز التفاضل فيها رواية واحدة وانما في اللحم روايتان (احداهما) انه اربعة اجناس كما
ذكرناه وهو مذهب مالك الا أنه يحتمل أن الانعام والوحش جنس واحد فيكون عنده ثلاثة أصناف وروي عنه أنه اجناس باختلاف أصوله وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي وهي أصح لانها فروع أصول هي أجناس فكانت أجناسا كالادقة والاخباز وهذا اختيار ابن عقيل، وعنه في اللحم انه أربعة أجناس على ما ذكرناه، وهذا اختيار القاضي واحتج بأن لحم هذه الحيوانات تختلف المنفعة بها والقصد إلى أكلها فكانت أجناسا (قال شيخنا) وهذا ضعيف لان كونها أجناسا لا يوجب حصرها في أربعة
أجناس ولا نظير لهذا فيقاس عليه، والصحيح أنه أجناس باختلاف أصوله، ووجه قول الخرقي أنه اشترك في الاسم الواحد حال حدوث الربا فيه فكان جنسا واحدا كالطلع، والصحيح ما ذكرنا وما ذكره من الدليل منتقض بعسل النحل وعسل القصب وغير ذلك، فعلى هذا لحم الابل كله صنف بخاتيها وعرابها، والبقر عرابها وجواميسها صنف، والغنم ضأنها ومعزها جنس.
ويحتمل أن يكونا صنفين لان الله تعالى سماها في الازواج الثمانية فقال (ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين) ففرق بينهما كما فرق بين الابل والبقر فقال (ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين) والوحش أصناف بقرها
صنف وغنمها صنف وظباؤها صنف، وكل ماله اسم يخصه فهو صنف، والطير أصناف، كل ما انفرد باسم وصفة فهو صنف، فيجوز أن يباع لحم صنف لحم صنف آخر متفاضلا ومتماثلا ويباع بصفة متماثلا ومن جعلها صنفا واحدا لم يجز بيع لحم بلحم متماثلا
(فصل) وفي اللبن روايتان (إحداهما) هو جنس واحد لما ذكرنا في اللحم (والثانية) هو أجناس باختلاف أصوله كاللحم وهذا مذهب الشافعي، وقال مالك لبن الانعام كلها جنس واحد وقال ابن عقيل لبن البقر الاهلية والوحشية جنس واحد على الروايات كلها لان اسم البقر يشملها ولا يصح لان لحمهما جنسان فكان لبنهما جنسين كالابل والبقر، ويجوز بيع اللبن بغير جنسه متفاضلا وكيف شاء يدا بيد وبجنسه متماثلا كيلا، ولا فرق بين أن يكونا حليبين أو حامضين أو أحدهما حليبا والآخر حامضا لان تغير الصفة لايمنع جواز البيع كالجودة والرداءة، وان شيب أحدهما بماء أو غيره لم يجز بيعه بخالص لابمشوب من جنسه وسنذكر ذلك { مسألة } (واللحم والشحم والكبد أجناس) اللحم والشحم جنسان، والكبد جنس والطحال جنس والقلب جنس والمخ جنس ويجوز بيع جنس بجنس آخر متفاضلا، وقال القاضي لا يجوز بيع اللحم بالشحم وكره مالك ذلك الا ان يتماثلا وظاهر المذهب اباحة البيع فيهما متماثلا ومتفاضلا وهو قول أبي حنيفة والشافعي لانهما جنسان فجاز التفاضل
فيهما كالذهب والفضة، فان منع منه لكون اللحم لا يخلو من شحم لم يصح لان الشحم لا يظهر وإن كان فيه شئ فهو غير مقصود فلا يمنع البيع ولو منع ذلك لم يجز بيع لحم بلحم لاشتمال كل واحد منهما على ما ليس من جنسه ثم لا يصح هذا عند القاضي لان السمين الذي يكون مع اللحم عنده لحم فلا يتصور اشتمال اللحم على الشحم، وذكر القاضي أن الابيض الذي في ظاهر اللحم الاحمر هو والاحمر جنس واحد وان الالية والشحم جنسان، وظاهر كلام الخرقي أن كل ما هو أبيض في الحيوان يذوب بالاذابة ويصير دهنا فهو جنس واحد (قال شيخنا) وهو الصحيح ان شاء الله تعالى لقوله سبحانه (حرمنا
عليهم شحومهما الا ما حملت ظهورهما) فاستثنى ما حملت الظهور من الشحم، ولانه يشبه الشحم في لونه وذوبه ومقصده فكان شحما كالذي في البطن { مسألة } (ولايجوز بيع لحم بحيوان من جنسه وفي بيعه بغير جنسه وجهان)
لا يختلف المذهب أنه لا يجوز بيع اللحم بحيوان من جنسه وهو مذهب مالك والشافعي وقول الفقهاء السبعة وحكي عن مالك أنه لا يجوز بيع اللحم بحيوان معد للحم ويجوز بغيره، وقال أبو حنيفة يجوز مطلقا لانه باع مال الربا بما لاربا فيه أشبه بيع الحيوان بالدراهم أو بلحم من غير جنسه ولنا ما روي عن مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان، قال ابن عبد البر هذا احسن اسانيده، وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع حي بميت ذكره الامام أحمد، وروى ابن عباس أن جزورا نحرت فجاء رجل بعناق فقال أعطوني جزأ بهذا العناق قال أبو بكر لا يصلح هذا قال الشافعي لا أعلم مخالفا لابي بكر في ذلك.
وقال أبو الزناد كل من أدركت ينهى عن بيع اللحم بالحيوان ولان اللحم نوع فيه الربا بيع بأصله الذي فيه منه فلم يجز كبيع السمسم بالشيرج وهذا فارق ما قاسووا عليه، فما بيعه بحيوان من غير جنسه فظاهر كلام أحمد والخرقي أنه لا يجوز لما ذكرنا من الا حاديث واختار القاضي جوازه وللشافعي فيه قولان، واحتج من أجازه بان مال الربا بيع بغير أصله ولا جنسه فجاز كما لو باعه بالاثمان، والظاهر أن الاختلاف مبني على الاختلاف في اللحم، فان قلنا بانه جنس واحد لم يجز، وان قلنا أنه أجناس جاز بيعه بغير جنسه لما ذكرنا فان باعه بحيوان غير مأكول جاز في ظاهر قول أصحابنا وهو قول عامة الفقهاء { مسألة } (ولايجوز بيع حب بدقيقه ولا بسويقه في أصح الروايتين) لا يجوز بيع الحب بالدقيق في الصحيح من المذهب وهو قول سعيد بن المسيب والحسن والحكم وحماد ومكحول الثوري وأبي حنيفة وهو المشهور عن الشافعي وعن أحمد أنه جائز، وبه قال ربيعة ومالك وحكي عن النخعي وقتادة وابن شبرمة واسحاق وأبي ثور لان الدقيق نفس الحنطة وانما تكسرت اجزاؤها فجاز بيع بعضها ببعض كالحنطة المكسرة بالصحاح فعلى هذا انما يباع الحب وزنا لان اجزاءه قد تفرقت بالطحن وانتشرت فيأخذ من المكيال مكانا كبيرا والحب يأخذ مكانا صغيرا والوزن يسوي بينهما وبهذا قال اسحاق ولنا أن بيع الحب بالدقيق بيع مال الربا بجنسه متفاضلا فحرم كبيع مكيلة بمكيلتين وذلك لان الطحن قد فرق أجزاءه فيحصل في مكياله دون ما يحصل في مكيال الحب، وان لم يتحقق التفاضل فقد جهل
التماثل والجهل بالتماثل كالعمل بالتفاضل فيما يشترط التماثل فيه، ولذلك لم يجز بيع بعضه ببعض جزافا والتساوي في الوزن لا يلزم منه التساوي في الكيل، والحب والدقيق مكيلان لان الاصل الكيل ولم
يوجد ما ينقل عنه ثم لو ثبت أن الدقيق كان موزنا لم يتحقق التماثل لان المكيل لا يقدر بالوزن كما لا يقدر الموزون بالكيل (فصل) ولا يجوز بيع الحب بالسويق، وبه قال الشافعي وحكي عن مالك وأبي ثور جواز ذلك متماثلا ومتفاضلا.
ولنا أنه بيع الحب ببعض أجزائه متفاضلا فلم يجز كبيع مكوك حنطة بمكوكي دقيق ولا سبيل إلى التماثل لان النار قد اخذت من احدهما دون الآخر فأشبهت المقلية بالنيئة، فأما الخبز والهريسة والفالوذج والنشاء وأشباهها فلا يجوز بيعه بالحنطة، وقال اصحاب أبي حنيفة يجوز بناء على مسألة مد عجوة وسنذكر ذلك ان شاء الله تعالى، ويجوز بيع الحب بالدقيق من غير جنسه والخبز وغير ذلك لعدم اشتراط المماثلة بينهما، وقال ابن أبي موسى لا يجوز بيع سويق الشعير بالبر في رواية وذلك مبني على ان البر والشعير جنس واحد وقد ذكرناه { مسألة } (ولايجوز بيع أصله بعصيره ولا خالصه بمشوبه ولارطبه بيابسه ولانيئه بمطبوخه) لا يجوز بيع شئ من مال الربا بأصله الذي فيه منه كالسمسم بالشيرج الزيتون بزيت وسائر الادهان بأصولها والعصير بأصله كعصير العنب والرمان التفاح والسفرجل وقصب السكر لا يباع شئ منها بأصله وبه قال الشافعي وقال ابن المنذر وقال أبو ثور يجوز، وقال أبو حنيفة يجوز إذا علم أن ما في الاصل من الدهن والعصير أقل من المنفرد وان لم يجز، ولنا أنه مال بيع بأصله الذي هو منه فلم يجز كبيع اللحم بالحيوان وقد أثبتنا ذلك بالنص (فصل) ولايجوز بيع اللبن بالزبد ولا بالسمن ولا بشئ من فروعه كاللبأ والمخيض وسواء كان فيه من غيره أولا لانه مستخرج من اللبن فلم يجز بيعه بأصله الذي فيه منه كالسمسم بالشيرج وهذا مذهب الشافعي، وعن أحمد انه يجوز بيع اللبن بالزبد إذا كان الزبد المنفرد أكثر من الزبد الذي في اللبن وهذا يقتضي جواز بيعه به متفاضلا ومنع جوازه متماثلا، وقال القاضي وهذه الرواية لا تخرج على
المذهب لان الشيئين إذا دخلهما الربا لم يجز بيع احدهما بالآخر ومعه من غير جنسه كمد عجوة، والصحيح ان هذه الرواية دالة على جواز البيع في مسألة مد عجوة وكونها مخالفة لروايات أخر لا يمنع كونها رواية كسائر الروايات المخالفة لغيرها لكونها مخالفة لظاهر المذهب والحكم في السمن كالحكم في الزبد، وأما اللبن بالمخيض فلا يجوز نص عليه احمد ويتخرج الجواز كالتي قبلها، وأما اللبن باللبأ فان كان قبل أن تمسه النار جاز متماثلا لانه لبن بلبن؟ وان مسته النار لم يجز، وذكر القاضي وجها أنه يجوز وليس بصحيح لان النار عقدت أجزاء أحدهما وذهبت ببعض رطوبته فلم يجز بيعه بما لم تمسه النار كالخبز بالعجين المقلية بالنيئة وهذا مذهب الشافعي (فصل) ولا يجوز بيع الخالص بالمشوب كحنطة فيها شعير أو رواب بخالصة أو غير خالصة أو لبن مشوب بخالص أو مشوب أو اللبن بالكشك أو الكامخ، ويتخرج الجواز إذا كان اللبن أكثر من اللبن الذي في الكشك والكامخ بناء على مد عجوة، ولا يجوز بيع العسل في شمعه بمثله فان كان
الخلط يسيرا كحبات الشعير ويسير التراب والزوان الذي لا يظهر في الكيل لم يمنع لانه لا يخل بالتماثل ولا يجوز بيع التمر بالدبس والخل والناطف والقطارة لان بعضها معه من غير جنسه وبعضها مائع والتمر جامد، ولا يجوز بيع الناطف بعضه ببعض ولا بغيره من المصنوع من التمر لان معهما شيئا مقصودا من غير جنسهما فهو كمد عجوة والعنب كالتمر فيما ذكرناه (فصل) ولا يجوز بيع المشوب بالمشوب كالكشك والكامخ ولا يجوز بيع أحدهما بالآخر كمسألة مد عجوة ولا يجوز نيئه بمطبوخه كالخبز بالعجين والحنطة المقلية بالنيئة لانه لا يحصل التماثل لان النار ذهبت ببعض رطوبتها وهذا مذهب الشافعي (فصل) ولايجوز بيع نوع بنوع آخر إذا لم يكن فيه منه فيجوز بيع الزبد بالزبد والسمن بالمخيض في ظاهر المذهب متماثلا متفاضلا لانهما جنسان من اصل واحد اشبها اللحم والشحم، وممن اجاز بيع الزبد بالمخيض الثوري والشافعي واسحاق لان اللبن الذي في الزبد غير مقصود وهو يسير فلم يمنع كالملح في الشيرج، وبيع السمن بالمخيض أولى بالجواز لخلوه من اللبن المخيض، ولا يجوز بيع الزبد بالسمن
لان في الزبد لبنا يسيرا ولا شئ في السمن فيختل التماثل ولانه من الزبد فلم يجز بيعه كالزيتون بالزيت وهذا مذهب الشافعي، واختار القاضي جوازه لان اللبن الذي في الزبد غير مقصود فوجوده كعدمه ولهذا جاز بيع الزبد بالمخيض ولا يصح ذلك لان التماثل شرط وانفراد أحدهما بوجود اللبن فيه يخل بالتماثل فلم يجز البيع كتمر منزوع النوى بما نواه فيه ولان أحدهما ينفرد برطوبة لا توجد في الآخر أشبه الرطب بالتمر وكل رطب بيابس من جنسه، ولا يجوز بيع شئ من الزبد والسمن والمخيض بشئ من أنواع اللبن كالجبن واللبأ ونحوهما لان هذه الانواع لم ينزع منها شئ فهي كاللبن الذي فيه زبده فلم يجز بيعها به كبيع اللبن بها، وأما بيع الجبن بالاقط فلا يجوز بيع رطوبتهما أو رطوبة أحدهما كما لا يجوز بيع الرطب بالتمر، وان كانا يابسين احتمل المنع لان الجبن موزون والاقط مكيل فأشبه بيع الخبز بالدقيق، ويحتمل الجواز إذا تماثلا كبيع الجبن بالجبن (فصل) ولا يجوز بيع رطب بيابس كالرطب بالتمر والعنب بالزبيب والحنطة المبلولة أو الرطبة باليابسة والمقلية بالنيئة ونحو ذلك، وبه قال سعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب والليث ومالك والشافعي واسحاق وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة لا يجوز لانه اما أن يكونا جنسا فيجوز متماثلا لقول النبي صلى الله عليه وسلم " التمر بالتمر مثلا بمثل " أو يكونا جنسين فيجوز لقوله عليه السلام " لا تبيعوا التمر بالتمر فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد " ولنا قوله عليه السلام " لا تبيعوا التمر بالتمر " وفي لفظ نهى عن بيع التمر بالتمر ورخص في بيع العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا متفق عليهما، وعن سعد ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر قال " أينقص الرطب إذا يبس؟ " قالوا نعم.
فنهى عن ذلك رواه مالك وأبو داود والاثرم وابن ماجه، وفي رواية الاثرم قال " فلا اذن " نهي وعلل بأنه ينقص إذا يبس، وروى مالك عن
نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة، والمزابنة بيع الرطب بالتمر كيلا وبيع العنب بالزبيب كيلا ولانه جنس فيه الربا بيع بعضه ببعض على وجه ينفرد أحدهما بالنقصان فلم يجز كبيع المقلية بالنيئة، ولا يلزم الحديث بالعتيق لان التفاوت يسير.
قال الخطابي وقد تكلم بعض
الناس في اسناد حديث سعد بن أبي وقاص في بيع الرطب بالتمر، وقال زيد أبو عياش راويه ضعيف وليس الامر على ما توهمه وأبو عياش مولى بني زهرة معروف وقد ذكره مالك في الموطأ، وهو لا يروي عن متروك الحديث { مسألة } (يجوز بيع دقيقه بدقيقه إذا استويا في النعومة ومطبوخة بمطبوخه وخبزه بخبزه إذا استويا في النشاف وعصيره بعصيره ورطبه برطبه) يجوز بيع كل واحد من الدقيق والسويق بنوعه متساويا وبه قال أبو حنيفة والمشهور عن الشافعي المنع لانه يعتبر تساويهما حالة الكمال وهو حال كونهما حبا وقد فات ذلك لان أحد الدقيقين يكون من حنطة رزينة والآخر من خفيفة فيستويان دقيقا ولا يستويان حبا ولنا أنهما تساويا حال العقد على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقصان فجاز كبيع التمر بالتمر.
إذا ثبت هذا فانما يباع بعضه ببعض كيلا لان الحنطة مكيلة ولم يوجد في الدقيق والسويق ما ينقلهما عن ذلك ويشترط تساويهما في النعومة ذكره أصحابنا وهو قول أبي حنيفة لانهما إذا تفاوتا في النعومة تفاوتا في ثاني الحال فيصير كبيع الحب بالدقيق وزنا، وذكر القاضي أن الدقيق يباع بالدقيق وزنا ولاوجه له، وقد سلم في السويق أنه يباع بالكيل والدقيق مثله (فصل) ولا يجوز بيع الدقيق بالسويق وبه قال الشافعي وعنه الجواز لان كل واحد منهما أجزاء حنطة ليس معه غيره أشبه السويق بالسويق ولنا أن النار قد أخذت من السويق فلم يجز بيعه بالدقيق كالمقلية بالنيئة، وروي عن مالك وأبي يوسف ومحمد وأبي ثور جواز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا لانهما جنسان، ولنا أنهما أجزاء جنس واحد فأشبه بيع أحدهما بجنسه (فصل) ويجوز بيع مطبوخه بمطبوخه كاللبأ بمثله والجبن بالجبن والاقط بالاقط والسمن بالسمن متساويا ويعتبر التساوي بين الاقط والاقط بالكيل، ولا يباع ناشف من ذلك برطب كما لا يباع الرطب بالتمر ويباع الجبن بالجبن بالوزن لانه لا يمكن كيله أشبه الخبز، وكذلك الزبد والسمن ويتخرج أن يباع السمن بالكيل كالشيرج
(فصل) ويجوز بيع الخبز بالخبز وزنا وكذلك النشاء بنوعه إذا تساويا في النشافة والرطوبة ويعتبر التساوي في الوزن لانه يقدر به عادة ولا يمكن كيله، وقال مالك إذا تحرى المماثلة فلا بأس وان لم يوزن وبه قال الاوزاعي وأبو ثور وحكي عن أبي حنيفة لا بأس به قرصا بقرصين، وقال الشافعي لا يجوز بيع بعضه ببعض بحال الا أن ييبس ويدق دقا ناعما ويباع بالكيل ففيه قولان لانه مكيل،
ويجب التساوي فيه ولا يمكن كيله فتعذرت المساواة فيه ولان في كل واحد منهما من غير جنسه فلم يجز بيعه كالمغشوش من الذهب والفضة وغيرهما ولنا على وجوب التساوي أنه مطعوم موزون فحرم التفاضل بينهما كاللحم واللبن، ومتى وجب التساوي وجبت معرفة حقيقة التساوي في المعيار الشرعي كالحنطة بالحنطة والدقيق بالدقيق.
ولنا على الشافعي أن معظم نفعه في حال رطوبته فجاز بيعه به كاللبن باللبن ولا يمتنع أن يكون موزونا أصله مكيل كالادهان، ولا يجوز بيع الرطب باليابس لانفراد أحدهما بالنقص في ثاني الحال فأشبه الرطب بالتمر ولا يمنع زيادة أخذ النار من أحدهما أكثر من الآخر إذا لم يكثر لان ذلك يسير ولا يمكن التحرز منه أشبه بيع الحديثة بالعتيقة وما فيه من الملح والماء غير مقصود ويراد لمصلحته فهو كالملح في الشيرج فان يبس الخبز ودق وصار فتيتا بيع بمثله كيلا لانه أمكن كيله فرد إلى أصله.
وقال ابن عقيل فيه وجه أنه يباع الوزن لانه انتقل إليه (فصل) فاما ما فيه غيره من فروع الحنطة مما هو مقصود كالهريسة والخزيرة والفالوذج وخبز الا بازير والخشكنانج والسنبوسك ونحوه فلا يجوز بيع بعضه ببعض ولا بيع نوع بنوع آخر لان كل واحد منهما يشتمل على ما ليس من جنسه، وهو مقصود كاللحم في الهريسة والعسل في الفالوذج والماء والدهن في الخزيرة ويكثر التفاوت في ذلك فلا يتحقق التماثل فيه، وحكم سائر الحبوب حكم الحنطة فيما ذكرنا، ويجوز بيع الحنطة والمصنوع منها بغيرها من الحبوب والمصنوع منها لعدم اشتراط المماثلة بينهما (فصل) ويجوز بيع العصير بجنسه متماثلا ومتفاضلا بغير جنسه وكيف شاء لانهما جنسان ويعتبر التساوي فيهما بالكيل لانه يقدر به ويباع به عادة وهذا مذهب الشافعي وسواء كانا مطبوخين أو نيئين، وقال أصحاب
الشافعي: لا يجوز بيع المطبوخ بجنسه لان النار تعقد أجزاءهما فيختلف ويؤدي إلى التفاضل ولنا أنهما متساويان في الحال على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقص فأشبه النئ بالنئ، فأما بيع النئ بالمطبوخ من جنس واحد فلا يجوز لان أحدهما ينفرد بالنقص في ثاني الحال أشبه الرطب بالتمر، وقد ذكرناه وان باع عصير شئ من ذلك بثفله فان كان فيه بقية من المستخرج منه لم يجز بيعه به فلا يجوز بيع الشيرج بالكسب ولا الزيت بثفله الذي فيه بقية من الزيت الا على قولنا بجواز مد عجوة وان لم يبق فيه شئ من عصيره جاز بيعه به متفاضلا ومتماثلا لانهما جنسان (فصل) ويجوز بيع الرطب بالرطب والعنب بالعنب ونحوه من الرطب بمثله في قول الا كثرين ومنع منه الشافعي فيما يبس، فأما ما لا ييبس كالقثاء والخيار ونحوه فعلى قولين لانه لا يعلم تساويهما حالة الادخار فأشبه الرطب بالتمر، وذهب أبو حفص العكبري إلى هذا وقال ويحتمله كلام الخرقي لقوله في اللحم لا يجوز بيع بعضه ببعض رطبا قال شيخنا ومفهوم كلام الخرقي اباحته ههنا لانه قال: ولا يباع شئ من الرطب بيابس من جنسه مفهومه جواز الرطب بالرطب ولنا أن نهيه عليه السلام عن بيع التمر بالتمر يدل بمفهومه على اباحة بيع كل واحد منهما بمثله
ولانهما تساويا في الحال على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقصان فجاز كبيع اللبن باللبن والتمر بالتمر ولان قوله تعالى (وأحل الله البيع) عام خرج منه المنصوص عليه وهو بيع التمر بالتمر وليس هذا في معناه فيبقى على العموم، وقياسهم لا يصح فان التفاوت كثير وينفرد أحدهما بالنقصان بخلاف مسئلتنا، ولا بأس ببيع الحديث بالعتيق لان التفاوت فيه يسير ولا يمكن ضبطه فعفي عنه (فصل) ويجوز بيع القطارة والدبس والخل كل نوع بعضه ببعض متساويا قال أحمد في رواية مهنا في خل الدقل يجوز بيع بعضه ببعض متساويا لان الماء في كل واحد منهما غير مقصود وهو من مصلحته فلم يمنع جواز البيع كالخبز بالخبز والتمر بالتمر في كل واحد منهما نواه ولا يباع نوع بالآخر لان في كل واحد منهما من غير جنسه يقل ويكثر فيفضي إلى التفاضل، والعنب كالتمر إلا أنه لا يباع خل العنب بخل الزبيب لا نفراد أحدهما بما ليس من جنسه، ويجوز بيع خل الزبيب بعضه ببعض
كخل العنب وخل التمر (فصل) ويجوز بيع اللحم باللحم رطبا نص عليه، وقال الخرقي لا يجوز بيع بعضه ببعض إلا إذا تناهى جفافه وهذا مذهب الشافعي واختاره أبو حفص العكبري في شرحه، قال القاضي والمذهب جواز بيعه، ونص أحمد على جواز بيع الرطب بالرطب ينبه على اباحة بيع اللحم باللحم من حيث كان اللحم حال كماله ومعظم نفعه في حال رطوبته دون حال يبسه فجرى مجرى اللبن بخلاف الرطب فان حال كماله ومعظم نفعه في حال يبسه فإذا جاز فيه البيع ففي اللحم أولى، فأما بيع رطبه بيابسه ونيئه بمطبوخه فلا يجوز لانفراد أحدهما بالنقص في ثاني الحال فلم يجز كالرطب بالتمر، قال القاضي ولا يجوز بيع بعضه ببعض إلا منزوع العظام كما لا يجوز بيع العسل بمثله إلا بعد التصفية وهذا أحد الوجهين لاصحاب الشافعي، وكلام أحمد رحمه الله يقتضي الاباحة مطلقا فانه قال في رواية حنبل إذا صار إلى الوزن رطلا برطل مثلا بمثل فأطلق ولم يشترط شيئا ولان العظم تابع للحم بأصل الخلقة فأشبه النوى في التمر وفارق العسل في ان اختلاط الشمع به من فعل النحل لا من أصل الخلقة { مسألة } (ولا يجوز بيع المحاقلة وهو بيع الحب في سنبله بجنسه وفي بيعه بغير جنسه وجهان) وذلك لما روى البخاري عن أنس قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمحاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة.
والمحاضرة بيع الزرع الاخضر والمحاقلة بيع الزرع في الحقول بحب من جنسه، قال جابر: المحاقلة أن يبيع الزرع بمائة فرق حنطة، وقال الازهري الحقل الفراخ المزروع وفسره أبو سعيد باستكراء الارض بالحنطة ولانه بيع الحب بجنسه جزافا من أحد الجانبين فلم يجز كما لو كانا على الارض فأما بيعه بغير جنسه فان كان بدراهم أو دنانير جاز لان نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحب حتى يشتد يدل على جواز ذلك إذا اشتد وهذا أحد قولي الشافعي، وإن باعه بحب ففيه وجهان (أحدهما) يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم يدا بيد " (والثاني) لا يجوز لعموم الحديث المذكور { مسألة } (ولا يجوز بيع المزابنة وهو بيع الرطب في رءوس النخل بالتمر إلا في العرايا وهي
بيع الرطب في رءوس النخل خرصا بمثله من التمر كيلا فيما دون خمسة أوسق لمن به حاجة إلى
أكل الرطب ولا ثمن معه) لا يجوز بيع المزابنة لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة وهو بيع الرطب بالتمر متفق عليه.
وروى البخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة، فأما العرايا فيجوز في الجملة وهو قول أكثر أهل العلم منهم مالك في أهل المدينة والاوزاعي في أهل الشام والشافعي وإسحاق وابن المنذر، وقال أبو حنيفة لا يحل بيعها لما ذكرنا من الحديث ولانه بيع الرطب بالتمر من غير كيل في أحدهما فلم يجز كما لو كان على وجه الارض ولنا ما روى أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق متفق عليه، ورواه زيد بن ثابت وسهل بن أبي حثمة وغيرهما وحديثهم في سياقه إلا العرايا كذلك في المتفق عليه، وهذه زيادة يجب الاخذ بها ولو قدر التعارض وجب تقديم حديثنا بخصوصه جمعا بين الحديثين وعملا بكلا النصين.
قال ابن المنذر الذي نهى عن المزابنة هو الذي أرخص في العرايا وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى، والقياس لا يصار إليه مع النص مع أن في الحديث انه أرخص في العرايا، والرخصة استباحة المحظور مع وجود السبب الحاظر، فلو منع وجود السبب من الاستباحة لم يبق لنا رخصة بحال { فصل } وانما يجوز بشروط خمسة (أحدها) أن يكون فيما دون خمسة أوسق في ظاهر المذهب ولا خلاف في أنها لا تجوز في زيادة على خسمة أوسق وانها تجوز فيما نقص عن خمسة أوسق عند القائلين بجوازها.
فاما الخمسة الاوسق فظاهر المذهب أنه لا يجوز فيها وبه قال ابن المنذر والشافعي في أحد قوليه، وقال مالك والشافعي في قول يجوز ورواه اسماعيل بن سعيد عن أحمد لان في حديث زيد وسهل أنه أرخص في العرايا مطلقا ثم استثنى ما زاد على الخمسة وشك الراوي في الخمسة فبقي المشكوك فيه على أصل الاباحة ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة.
والمزابنة بيع الرطب بالتمر ثم أرخص في العرية فيما دون خمسة أوسق وشك في الخمسة فيبقى على العموم في التحريم ولان العرية رخصة بنيت على خلاف النص والقياس فيما دون الخمسة، والخمسة مشكوك فيها فلا تثبت إباحتها مع الشك، وروى ابن المنذر
باسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرية في الوسق والوسقين والثلاثة والاربعة والتخصيص بهذا يدل على أنه لا تجوز الزيادة في العدد عليه كما اتفقنا على أنه لا تجوز الزيادة على الخمسة لتخصيصه إياها بالذكر ولان خمسة الاوسق في حكم ما زاد عليها في وجوب الزكاة فيها دون ما نقص عنها فأما قولهم أرخص في العرية مطلقا فلم يثبت أن الرخصة المطلقة سابقة على الرخصة المقيدة ولا متأخرة عنها بل الرخصة واحدة رواها بعضهم مطلقة وبعضهم مقيدة فيجب حمل المطلق على المقيد ويصير القيد المذكور في أحد الحديثين كأنه مذكور في الآخر ولذلك يقيد فيما زاد على الخمسة اتفاقا
(فصل) ولا يجوز أن يشتري أكثر من خمسة أوسق فيما زاد على صفقة سواء اشتراها من واحد أو من جماعة، وقال الشافعي يجوز للانسان بيع جميع حائطه عرايا من رجل واحد ومن رجال في عقود متكررة لعموم حديث زيد ولان كل عقد جاز مرة جاز أن يتكرر كسائر البيوع، ولنا عموم النهي عن المزابنة استثنى منه العرية فيما دون خمسة أوسق فما زاد يبقى على العموم في التحريم ولان مالا يجوز عليه العقد مرة إذا كان نوعا واحدا لا يجوز في عقدين كالذي على وجه الارض وكالجمع بين الاختين.
(فصل) (كذا في الاصل وكان المناسب ان يذكر هذا الفصل عقيب الشرط الثاني ولا ندري ان كان هذا الوضع من المصنف أو من النساخ) ولا تعتبر حاجة البائع فلو باع رجل عرية من رجلين فيها أكثر من خمسة أوسق جاز وقال أبو بكر القاضي لا يجوز لما ذكرنا في المشتري ولنا أن المغلب في التجويز حاجة المشتري بدليل ما روى محمود بن لبيد قال قلت لزيد بن ثابت ما عراياكم هذه؟ فسمى رجالا محتاجين من الانصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بايديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه وعندهم فضول من التمر فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونه رطبا، وإذا كان سبب الرخصة حاجة المشتري لم تعتبر حاجة البائع إلى البيع فلا يتقيد في حقه بخمسة أوسق، ولا ننا لو اعتبرنا الحاجة من المشتري وحاجة البائع إلى البيع أفضى إلى أن لا يحصل الارفاق إذ لا يكاد يتفق وجود الحاجتين فتسقط الرخصة.
فان قلنا لا يجوز ذلك بطل العقد الثاني وان اشترى عريتين أو باعهما وفيهما أقل من خمسة أوسق جاز وجها واحدا
(الثاني) أن يكون مشتريها محتاجا إلى أكلها رطبا ولا يجوز بيعها لغني وهو أحد قولي الشافعي وله قول آخر أنها تباح مطلقا لكل أحد لان كل بيع جاز للمحتاج جاز للغني كسائر البيوع ولان حديث أبي هريرة وسهل مطلقان.
ولنا حديث زيد بن ثابت الذي ذكرناه وإذا خولف الاصل بشرط لم يجز مخالفته بدون ذلك الشرط ولا يلزم من اباحته للحاجة اباحته مع عدمها كالزكاة للمساكين فعلى هذا متى كان المشتري غير محتاج إلى اكل الرطب لم يجز شراؤها بالتمر، ولو باعها لواهبها تحرزا من دخول صاحب العرية حائطه كمذهب مالك أو لغيره لم يجز وقال ابن عقيل يباح ويحتمله كلام أحمد لان الحاجة وجدت من الجانبين فجاز كما لو كان المشتري محتاجا إلى أكلها ولنا حديث زيد الذي ذكرناه والرخصة لمعنى خاص لا تثبت مع عدمه ولان في حديث زيد وسهل يأكلها أهلها رطبا ولو جازت لتخليص المعري لما شرط ذلك (الثالث) أن لا يكون للمشتري نقد يشتري به للخبر المذكور (الرابع) أن يشتريها بخرصها من التمر ويجب أن يكون التمر الذي يشتري به معلوما بالكيل ولا يجوز جزافا لا نعلم خلافا في هذا عند من أباح بيع العرايا لما روى زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلا متفق عليه، ولمسلم أن تؤخذ بمثل خرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا، إذا ثبت ذلك فمعنى خرصها بمثلها من التمر أن ينظر الخارص إلى العرية فينظر كم يجئ منها تمرا فيشتريها المشتري بمثله تمرا، وبهذا قال الشافعي، ونقل حنبل عن أحمد أنه قال يخرصها رطبا ويعطي تمرا وهذا يحتمل الاول، ويحتمل أنه يشتريها بمثل الرطب الذي عليها لانه بيع
اشترطت المماثلة فيه فاعتبرت حال البيع كسائر البيوع ولان الاصل اعتبار المماثلة في الحال وأن لا يباع الرطب بالتمر خولف في الاصل في بيع الرطب بالتمر فبقي فيما عداه على قضية الدليل.
قال القاضي والاول أصح لانه ينبني على خرص الثمار في العشر والصحيح خرصه تمرا ولان المماثلة في بيع التمر بالتمر معتبرة حالة الادخار وبيع الرطب بمثله تمرا يفضي إلى فوات ذلك، فأما أن اشتراها بخرصها رطبا لم يجز وهذا أحد الوجوه لاصحاب الشافعي والثاني يجوز والثالث لا يجوز مع اتفاق النوع ويجوز مع اختلافه.
ووجه جوازه ماروى الجوزجاني عن أبي صالح عن الليث عن ابن شهاب عن سالم عن ابن
عمر عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو التمر ولم يرخص في غير ذلك، ولانه إذا جاز بيعها بالتمر مع اختصاص أحدهما بالنقص في ثاني الحال فلان يجوز مع عدم ذلك أولى ولنا ما روى مسلم باسناده عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا أن تؤخذ بمثل خرصها تمرا، وعن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر وقال " ذلك الربا تلك المزابنة " الا أنه أرخص في العرية النخلة أو النخلتين يأخذهما أهل البيت بخرصهما تمرا يأكلونها رطبا ولانه مبيع يجب فيه مثله تمرا فلم يجز بيعه بمثله رطبا كالتمر الجاف، ولان من له رطب فهو مستغن عن شراء الرطب بأكل ما عنده وبيع العرايا يشترط فيه حاجة المشتري على ما أسلفناه وحديث ابن يحيى شك في الرطب والتمر فلا يجوز العمل مع الشك سيما وهذه الاحاديث تثبته وتزيل الشك (الخامس) التقابض في المجلس وهو قول الشافعي ولا نعلم فيه مخالفا ولا نعلم فيه مخالفا لانه بيع تمر بتمر فاعتبر فيه شروطه إلا ما استثناه الشرع مما لم يمكن اعتباره في بيع العرايا، والقبض في كل واحد منهما على حسبه ففي التمر اكتياله وفي الثمر التخلية، وليس من شروطه حضور التمر عند النخيل بل لو تبايعا بعد معرفة التمر والثمرة ثم مضيا جميعا إلى النخيل فسلمه إلى مشتريه ثم مضيا إلى التمر فسلمه البائع أو تسلم التمر أولا ثم مضيا إلى النخل فسلمه جاز لان التفرق لم يحصل قبل القبض.
إذا ثبت هذا فان بيع العرية يقع على وجهين (أحدهما) أن يقول بعتك ثمرة هذه النخلة بكذا ويصفه الثاني أن يكيل من التمر بقدر خرصها ثم يقول بعتك هذا بهذا، أو بعتك ثمرة النخلة بهذا التمر ونحو هذا فان باعه بمعين فقبضه بنقله واخذه وان باعه بموصوف فقبضه بكيله
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: