الفقه الحنبلي - اللقطة

وأبو حنيفة وقيل نحوه قول الشافعي وقيل على قوله يعتق ولا يرث وقيل شراؤه مفسوخ وقال أبو يوسف ومحمد يرث الاب سدس التركة وخمسمائة يحتسب بها من رقبته ويسعى في نصف قيمته ولا وصية له فان اشترى ابنه بألف لا يملك غيره ومات وخلف أباه عتق كله بالشراء في الوجه الاول وفي الثاني يعتق ثلثه بالوصية وثلثاه على جده عند الموت وولاؤه بينهما أثلاثا، وبهذا قال مالك وقول الشافعي فية على ما ذكرنا في مسألة الاب، وقال أبو حنيفة يعتق ثلثه بالوصية ويسعى في قيمة ثلثيه للاب ولا يرث، وقال أبو يوسف ومحمد يرث خمسة أسداسه ويسعى في قيمة سدسه فان ترك الفين سواه عتق كله وورث خمسة أسداس الالفين وللاب السدس، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد للاب سدس التركة خمسمائة وباقيها للابن يعتق منها ويأخذ الفا وخمسمائة وان خرج مالا يخرج المبيع من ثلثه فعلى الوجه الاول يعتق كله ويرث منه كأنه حر الاصل على الوجه الثاني يعتق منه بقدر ثلث التركه ويرث بقدر ما فيه من الحرية فان لم يخلف المشتري الا اخا حرا ولم يترك مالا عتق من رأس المال على الوجه الاول ويعتق ثلثه على الثاني ويرث الاخ ثلثيه ثم يعتق عليه وقال أبو حنيفة يعتق ثلثه ويسعى لعمه في قيمة ثلثيه وقال أبو يوسف ومحمد يعتق كله ولا سعاية وان خلف الفين سواه عتق وورث الالفين ولا شئ للاخ في الاقوال الا فيما قيل على قول الشافعي انه يعتق ولا يرث وقيل شراؤه باطل فان اشترى ابنه بألف لا يملك غيره وقيمته ثلثا الالف وخلف ابنا آخر فعلى الوجه الاول يعتق من رأس المال ويستقر ملك البائع على قدر قيمته من الثمن وله ثلث الباقي لان المشتري حاباه ولم يبق من التركه سواه فيكون له ثلثه وهي تسع الف ويرد التسعين فتكون بين الاثنين، وعلى الوجه الثاني يعتق ثلثه ويرث اخوه ثلثيه ويعتق عليه وللبائع ثلث المحاباة ويرد ثلثيها فيكون ميراثا، وقال أبو حنيفة الثلث للبائع ويسعى المشتري في قيمته لاخيه وقال أبو يوسف ومحمد يسعى في نصف رقبتة ويرث نصفها وقال الشافعي المحاباة مقدمة لتقدمها ويرث الابن الحر اخاه فيملكه وقيل يفسخ البيع في ثلثيه ويعتق ثلثه ولا تقدم المحاباة لان في تقديمها تقرير ملك الاب على ولده وقيل يفسخ البيع في جميعه فان كانت قيمته ثلاثة آلاف فعلى الوجه الاول يعتق من رأس المال وتنفذ
المحاباة في ثلث الباقي وهو تسعا الالف ويرد البائع أربعة اتساع الالف فتكون بين الابنين وعلى الوجه الآخر يحتمل وجهين (أحدهما) يقدم العتق على المحاباة فيعتق جميعه ويرد البائع ثلثي الالف فيكون بينهما (والثاني) يعتق ثلثه ويكون للبائع تسعا ألف ويرد أربعة أتساعها كما قلنا في الوجه الاول، وقال أبو حنيفة للبائع بالمحاباة الثلث ويرد الثلث ويسعى الابن في قيمته لاخيه في قول أبى يوسف ومحمد يرد البائع ثلث الالف فيكون ذلك مع المشتري للابن الحر وقيل غير ذلك وان اشتراه بألف لا يملك غيره وقيمته ثلاثة آلاف فمن أعتقه من رأس المال جعله حرا ومن جعل ذلك وصية أعتق ثلثه بالشراء ويعتق باقيه على أخيه إلا في قول الشافعي ومن وافقه فان الحر يملك بقية أخيه فيملك من رقبته قدر ثلثي الثمن وذلك تسعا رقبته لانه يجعل ثمنه من الثلث دون قيمته وقيل يفسخ البيع في ثلثيه وقيل في جميعه، وقال أبو حنيفة يسعى لاخيه في قيمة ثلثيه وقال أبو يوسف ومحمد يسعى له في نصف قيمته فان ترك الفين سواه عتق كله لان التركة هي الثمن مع الالفين والثمن يخرج من الثلث فيعتق ويرث نصف الالفين وهو قول للشافعي وقيل يعتق ولا يرث وعند أبي حنيفة وأصحابه التركة قيمته مع الالفين وذلك خمسة آلاف فعلى قول أبي حنيفة يعتق منه قدر ثلث ذلك وهو الف وثلثا الف ويسعى لاخيه في الف وثلث ألف وفى قول صاحبيه يعتق منه نصف ذلك وهو خمسة أسداسه ويسعى لاخيه في خمسمائة والالفان لاخيه في قولهم جميعا (فصل) ولو اشترى المريض ابني عم له بالف لا يملك غيره وقيمة كل واحد منهما الف فاعتق احدهما ثم وهبه اخاه ثم مات وخلفهما وخلف مولاه فان قياس قول القاضي ان شاء الله انه يعتق ثلثا المعتق الا ان يجيز المولى عتق جميعه ثم يرث بثلثيه ثلثي بقية التركة فيعتق منه ثمانية اتساعه يبقى تسعة وثلث اخيه للمولى ويحتمل ان يعتق كله ويرت اخاه فيعتقان جميعا لانه يصير بالاعتاق وارثا لثلثي التركة
فتنفذ اجازته في اعتاق باقيه فتكمل له الحرية ثم يكمل له الميراث وفي قياس قول ابي الخطاب يعتق ثلثاه ولا يرث لانه لو ورث لكان اعتاقه وصية له فيبطل اعتاقه ثم يبطل ارثه فيؤدي توريثه إلى ابطال توريثه وهذا قول الشافعي ويبقى ثلثه وابن العم الآخر للمولى وقال أبو حنيفة يعتق ثلثا المعتق ويسعى
في قيمة ثلثه ولا يرث، وقال أبو يوسف ومحمد يعتق كله ويعتق عليه أخوه بالهبة ويكون أحق بالميراث من المولى فان كان للميت مال سواهما أخذا ذلك المال بالميراث ويغرم المعتق لاخيه الموهوب نصف قيمة نفسه ونصف قيمة أخيه لان عتق الاول وصية ولا وصية لوارث وقد صار وارثا مع أخيه فورث نصف قيمة رقبته ونصف قيمة أخيه وورث أخوه الباقي وكان أخوه الموهوب له هبة من المريض له فيعتق بقرابته له ولم يعتق من المريض فلم يكن عتقه وصية بل استهلكها بالعتق الذي جرى فيها فيغرم الاول نصف قيمته ونصف قيمة أخيه لاخيه وأما قول أبي حنيفة فان كان الميت لم يدع وارثا غيرهما عتق وغرم الاول لاخيه نصف قيمة أخيه ولم يغرم له نصف قيمة نفسه لانه إذا لم يدع وارثا جازت وصيته لانهما لا يرثان ولا يعتقان حتى تجوز وصية الاول لانه متى بقيت عليه سعاية لم يرث واحد منهما ولم يعتق فلابد من ان تنفذ للمعتق وصية ليصير حرا فيعتق أخوه بعتقه وقد جازت له الوصية في جميع رقبته لان الميت إذا لم يدع وارثا جازت وصيته بجميع ماله ويرثان جميعا ويرجع الثاني على الاول بنصف قيمته لانه يقول قد صرت أنا وانت وارثين فلا تأخذ من الميراث شيئا دوني وقد كانت رقبتي لك وصية فعتقت من قبلك فاضمن لي نصف رقبتي فان كان معسرا أو هناك مال غيرهما أخذ الثاني نصفه ثم اخذ من النصف الثاني نصف قيمة نفسه وكان ما بقي ميراثا لاخيه الاول * (مسألة) * (ولو اعتق امته وتزوجها في مرضه فنقل المروذي عن احمد انها ترث اختاره القاضي، وقال الشافعي لا ترث لان ترويثها يفضي إلى ابطال عتقها لانه وصية وابطال عتقها يبطل توريثها.
ولنا أن العتق في هذه الحال وصية بما لا يلحقه الفسخ فيجب تصحيحه للوارث كالعفو عن العمد في مرضه فانه لا يسقط ميراثه ولا تبطل الوصية
* (مسألة) * (ولو أعتقها وقيمتها مائة ثم تزوجها وأصدقها مائتين لا مال له سواهما وهما مهر مثلها ثم مات صح العتق ولم تستحق الصداق لئلا يفضي إلى بطلان عتقها ثم يبطل صداقها وقال القاضي تستحق المائتين وتعتق) لان العتق وصية لها وهي غير وارثة والصداق استحقته بعقد المعاوضة وهي تنفذ من
رأس المال فهو كما لو تزوج أجنبية وأصدقها المائتين وقال أصحاب الشافعي يسقط مهرها ولا ترث لكونها لا تخرج من الثلث وسقوط العتق في بعضها يبطل مهرها ويسقط نكاحها فأسقطنا المهر والميراث وأنفذنا العتق والنكاح قال شيخنا وهذا أولى من القول بصحة العتق والصداق جميعا لانه يفضي إلى القول بصحة العتق في مرض الموت من جميع المال ولا خلاف في فساد ذلك ولو أصدق المائتين أجنبية صح وبطل العتق في ثلثي الامة لان الخروج من الثلث معتبر بحالة الموت وحالة الموت لم يبق له مال وهكذا لو تلفت المائتان قبل موته لم ينفذ من عتق الامة الا الثلث وإذا بطل بعض عتقها بذهاب المائتين إلى غيرها فأولى أن يبطل بذهابها إليها وبطلان عتقها يبطل نكاحها فالقول بسقوط المهر وحده أولى * (مسألة) * (وان تبرع بالثلث ثم اشترى أباه من الثلثين وله ابن فعلى قول من قال: ليس الشراء بوصية يعتق الاب وينفذ من التبرع قدر ثلث المال حال الموت وما بقي فللاب سدسه وباقيه للابن وعلى قول القاضي ومن جعله وصية لا يعتق الاب لان تبرع المريض انما ينفذ في الثلث ويقدم الاول فالال وإذا قدم التبرع لم يبق من الثلث شئ ويرثه الابن فيعتق عليه ولا يرث لانه انما عتق بعد الموت وان وهب له أبوه عتق وورث لان الهبة ليست بوصية وكذلك ان ورثه وان اشترى أباه ثم أعتقه لم يعتق على قول القاضي لانه إذا لم يعتق بالملك وهو أقوى من الاعتاق بالقول بدليل نفوذه في حق الصبي والمجنون فاولى أن لا ينفذ بالقول والله سبحانه وتعالى أعلم فصول في تصرف المريض (فصل) إذا أعتق أمة لا يملك غيرها ثم تزوجها فالنكاح صحيح في الظاهر فإذا مات ولم يملك شيئا آخر تبين أن نكاحها باطل ويسقط مهرها ان كان لم يدخل بها وهذا قول أبي حنيفة والشافعي ويعتق منها ثلثها ويرق ثلثاها فان كان قد دخل بها ومهرها نصف قيمتها عتق منها ثلاثة أسباعها ويرق أربعة أسباعها وحساب ذلك أن تقول عتق منها شئ ولها بصداقها نصف شئ وللورثة شيئان فيجمع
ذلك فيكون ثلاثة أشياء ونصفا نبسطها فتكون سبعة لها منها ثلاثة ولهم أربعة ولا شئ للميت سواها
فنجعل لنفسها منها ثلاثة اسباعها يكون حرا والباقي للورثة وان أحب لورثة أن يدفعوا إليها حصتها من مهرها وهو سبعاه ويعق منها سبعاها ويسترقوا خمسة أسباعها فلهم ذلك وهذا مذهب الشافعي وقال أبو حنيفة يحسب مهرها من قيمتها ولها ثلث الباقي ويسعي فيما بقي وهو ثلث قيمتها فان كان يملك مع الجارية قدر نصف قيمتها ولم يدخل بها عتق منها نصفها ورق نصفها لان نصفها هو ثلث المال وان دخل بها عتق منها ثلاثة أسباعها ولها ثلاثة أسباع مهرها وانما قل العتق فيها لانها لما أخذت ثلاثة أسباع مهرها نقص المال به فيعتق منها ثلث الباقي وهو ثلاثة أسباعها وطريق حسابها أن تقول عتق منها شئ ولها بمهرها نصف شئ وللورثة شيئان يعدل ذلك الجارية ونصف قيمتها فالشئ سبعاها وسبعا نصف قيمتها وهو ثلاثة أسباعها وهو الذي عتق منها ويأخذ نصف ذلك من المال بمهرها وهو ثلاثة أسباعه فان كان يملك معها مثل قيمتها ولم يدخل بها عتق ثلثاها ورق ثلثها وبطل نكاحها وان كان دخل بها عتق أربعة أسباعها ولها أربعة أسباع مهرها ويبقى للورثة ثلاثة أسباعها وخمسة أسباع قيمتها وهو يعدل مثلي ما عتق منها وحسابها أن تجعل السبعة الاشياء معادلة لها ولقيمتها فيعتق منها بقدر سبعي الجميع وهو أربعة أسباعها وتستحق سبع الجميع بمهرها وهو أربعة أسباع مهرها فان كان يملك معها مثلي قيمتها عتقت كلها وصح نكاحها لانها تخرج من الثلث ان أسقطت مهرها وان أبت أن تسقطه لم ينفذ عتقها وبطل نكاحها فان كان لم يدخل بها فينبغي أن يقضي بعتقها ونكاحها ولا مهر لها لان ايجابه يفضي إلى اسقاطه واسقاط عتقها ونكاحها فاسقاطه وحده اولى وان كان دخل بها عملنا فيها على ما تقدم فيعتق ستة أسباعها ولها ستة أسباع مهرها ويبطل عتق سبعها ونكاحها ولو أعتقها ولم يتزوجها ووطئها كان العمل فيها في هذه المواضع كما لو تزوجها وهذا مذهب الشافعي وذكر القاضي في هذه المسألة التي قبل الاخيرة ما يقتضى صحة نكاحها وعتقها مع وجوب مهرها فيما إذا عتق في مرضه أمة قيمتها مائة وأصدقها مائتين لا مال له سواهما وهو مهر مثلها وهو مذكور في هذا الباب وقال أبو حنيفة فيما إذا ترك مثلي قيمتها وكان مهرها نصف قيمتها تعطي مهرها وثلث الباقي يحسب ذلك من قيمتها وهو نصفها وثلثها فيعتق ذلك وتسعى في سدسها الباقي ويبطل نكاحها فان خلف أربعة أمثال قيمتها صح عتقها ونكاحها وصداقها في قول الجميع لان ذك يخرج من الثلث وترث من الباقي في قول أصحابنا وهو
قول أبي حنيفة وقال الشافعي لا ترث وهو مقتضى قول الخرقي لانها لو ورثت لكان عتقها وصية لوارث واعتبار الوصية بالموت (فصل) ولو أن امرأة مريضة أعتقت عبدا قيمته عشرة وتزوجها بعشرة في ذمته ثم ماتت وخلفت مائة اقتضي قول أصحابنا أن تضم العشرة التي في ذمته إلى المائة فيكون ذلك هو التركة وترث نصف ذلك ويبقى للورثة خسمة وخمسون وهذا مذهب أبي حنيفة وقال صاحباه يحسب عليه قيمته أيضا ويضم إلى التركة ويبقى للورثة ستون وقال الشافعي لا ترث شيئا وعليه أداء العشرة التي في ذمته لئلا يكون اعتاقه وصية لوارث وهذا مقتضى قول الخرقي ان شاء الله تعالى (فصل) فأما ان أعتق أمته في صحته ثم تزوجها في مرضه صح وورثته بغير خلاف علمناه فأما ان أعتقها في مرضه ثم تزوجها وكانت تخرج من ثلثه عتقت وورثت في اختيار أصحابنا وقول أبي حنيفة ونقله المروذي عن أحمد كما لو كان عتقها في صحته وقال الشافعي لا ترث وقد ذكرناه
باب اللقطة وهي المال الضائع من ربه يلتقطه غيره قال الخليل بن احمد اللقطة بفتح القاف اسم للملتقط لان ما جاه على فعلة فهو اسم لفاعل كالصحلة والصرعة، واللقطة بسكون القاف المال الملقوط مثل الصحلة الذي يصحل منه والهزأة الذي يهزأ به، وقال الاصمعي وابن الاعرابي والفراء هي بفتح القاف اسم المال المقوط أيضا والاصل فيها ما روى زيد بن خالد الجهنى قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق فقال " اعرف وكاها وعفاصها ثم عرفها سنة فان لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فان جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه " وسأله عن ضالة الابل فقال " مالك ولها دعها فان معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها " وسأله عن الشاة فقال " خذها فانا هي لك أو لاخيك أو للذئب " متفق عليه الوكاء الخيط الذي يشد به المال في الخرقة، والعفاص الوعاء الذي هي فيه من خرقة أو قرطاس أو غيره، قاله أبو عبيد والاصل في العفاص أنه الجلد الذي يلبسه
رأس القارورة، وقوله " معها حذاءها " يعني خفها لانه لقوته وصلابته يجري مجرى الحذاء وسقاؤها بطنها تأخذ فيه ماء كثيرا فيبقى معها يمنعها العطش والضالة، اسم للحيوان خاصة دون سائر اللقطة والجمع ضوال ويقال لها ايضا الهوامي والهوامل.
* (مسألة) * (وتنقسم ثلاثة أقسام (أحدها): مالا تتبعه الهمة كالسوط والشع والرغيف فيملكه بأخذه بلا تعريف) لما روى جابر قال رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل فينتفع به رواه أبو داود وكذلك التمرة والكسرة والخرقة ومالا خطر له يجرز الانتفاع به من غير تعريف لان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على واجد التمرة حيث أكلها بل قال له " لو لم تأتها لاتتك " ورأى النبي صلى الله عليه وسلم تمرة فقال " لو لا اني أخشى أن تكون من الصدقة لاكلتها " ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة اليسير والانتفاع به روي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وعائشة وبه قال عطاء وجابر بن زيد وطاووس والنخعي ويحيي بن أبي كثير ومالك والشافعي وأصحاب الرأي قال شيخنا وليس عن احمد تحديد اليسير الذي يباح، وروى عن احمد أبو بكر بن صدقة إذا أخذ درهما عرفه سنة وقال في رواية عبد الله ما كان نحو التمرة والكسرة والخرقة ومالا خطر له فلا بأس، ونحو ذلك قول الشافعي وذكر القاضي ذلك في كتاب الخلاف ويحتمل أن لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق وهو ربع دينار عند مالك وعشرة دراهم عند أبي حنيفة لان ما دون ذلك تافه فلا يجب تعريفه كالكسرة والتمرة بدليل قول عائشة رضي الله عنها كانوا لا يقطعون في الشئ
التافه وروي عن علي رضي الله عنه أنه وجد دينارا فتصرف فيه، وروى الجوزجاني عن سلمى بنت كعب قالت وجدت خاتما من ذهب في طريق مكة فسألت عائشة عنه فقالت تمتعي به، ورخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحبل في حديث جابر وقد تكون قيمته دراهم، وعن سويد بن غفلة قال خرجت مع سلمان بن ربيعة وزيدان بن صوحان حتى إذا كنا بالعذيب التقطت سوطا فقال لي
ألقه فأبيت فلما قدمنا المدينة أتيت أبي بن كعب فذكرت ذلك له فقال أصبت قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وللشافعية ثلاثة أوجه كالمذاهب الثلاثة ولنا على ابطال تحديده بما ذكره عموم حديث زيد بن خالد في كل لقطة فيجب ابقاؤه على عمومه الا ما خرج منه لدليل ولم يرد بما ذكروه نص ولا هو في معني ما ورد به النص ولان التحديد لا يعلم بالقياس وانما يؤخذ من نص أو اجماع وليس فيما ذكروه نص ولا اجماع فاما حديث على فهو ضعيف رواه أبو داود وقال طرقه كلها مضطربة ثم هو مخالف لمذهبهم ولسائر المذاهب فتعين حمله على وجه من الوجوه غير اللقطة اما لكونه مضطرا إليه أو غير ذلك وحديث عائشة قضية في عين لا يدرى كم قدر الخاتم؟ ثم هو قول صحابي وهم لا يرون ذلك حجة وسائر الاحاديث ليس فيها تقدير لكن يباح ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ورخص فيه من السوط والعصا والحبل وما قيمته كقيمة ذلك (فصل) والذي يجوز التقاطه والانتفاع به من غير تعريف كالكسرة والتمرة والعصا ونحو ذلك
إذا التقطه انسان وانتفع به وتلف فلا ضمان فيه ذكره صاحب المستوعب وكذلك ما قيمته كقيمة ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم رخص فيه ولم يذكر عليه ضمانا ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وكذلك يخرج في السوط والحبل وشبهه المذكور في حديث جابر وقدره الشيخ ابو الفرج بما دون القيراط ولا يصح تحديده لما ذكرناه وذكره القاضي انه لا يجب تعريف الدافق * (القسم الثاني) * (الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالابل والبقر والخيل والبغال والظباء والطير والفهود ونحوها لا يجوز التقاطها) كل حيوان يقوى على الامتناع من صغار السباع وورود الماء لا يجوز التقاطه سواء كان لكبر جثته كالابل والخيل أو لطيرانه كالطيور كلها أو لعدوه كالظباء أو أنيابه كالكلاب والفهود قال عمر رضي الله عنه من أخذ الضالة فهو ضال أي مخطئ وبهذا قال الشافعي وابو عبيد، وقال مالك والليث في ضالة الابل من وجدها في الصحراء لا يقر بها ورواه المزني عن الشافعي وكان الزهري يقول من وجد بدنة فليعرفها فان لم يجد صاحبها فلينحرها قبل ان تنقضي الايام الثلاثة وقال أبو حنيفة يباح التقاطها لانها لقطة اشبهت الغنم
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عنها " مالك ولها دعها فان معها حذاءها وسقاءها ترد الما وتأكل الشجر حتى يجدها ربها وسئل صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول الله انا نجد هوامي الابل فقال " ضالة المسلم حرق النار " وعن جرير بن عبد الله انه امر بطرد بقرة لحقت ببقره حتى توارت وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
" لا يؤرى الضالة لا ضال " رواه ابودواد بمعناه وقياسهم يعارض صريح النص وكيف يجوز ترك نص النبي صلى الله عليه وسلم وصريح قوله بقياس نصه في موضع آخر؟ على ان الابل تفارق الغنم لضعفها وقلة صبرها عن الماء والخوف عليها من الذئب (فصل) فان كانت الصيود مستوحشة إذا تركت رجعت إلى الصحراء وعجز عنها صاحبها جاز التقاطها لان تركها اضيع لها من سائر الاموال والمقصود حفظها لصاحبها لا حفظها؟ ي نفسها ولو كان المقصود حفظها في نفسها لما جاز التقاط الاثمان فان الدنيار دينار حيث كان (فصل) والبقر كالابل نص عليه احمد وهو قول الشافعي وابي عبيد وحكي عن مالك ان البقرة كالشاة ولنا خبر جرير فانه طرد البقرة ولم يأخذها ولانها تمتنع من صغار السباع وتجزئ في الاضحية عن سبعة فاشبهت الابل، وكذلك الحكم في الخيل والبغال، فاما الحمر فجعلها اصحابنا من هذا الفسم الذى لا يجوز التقاطة لكبر اجسامها فاشبهت الخيل والبغال، قال شيخنا والاولى الحاقها بالشاة لان النبي صلى الله عليه وسلم علل الابل بان معها سقاءها يريد شدة صبرها عن الماء لكثرة ما توعي في بطونها منه وقوتها على وروده وفي اباحته ضالة الغنم بانها معرضة لاخذ الذئب اياها بقوله " هي لك أو لاخيك أو للذئب " والحمر مساوية للشاة في علتها فانها لا تمتنع من الذئب وتفارق الابل في علتها لكونها لا صبر لها عن الماء ولهذا يضرب المثل بقلة صبرها عن الماء فيقال ما بقى من مدته الا ظمأ حمار والحاق الشئ بما ساواه في علة الحكم وفارقه في الصورة اولى من الحاقه بما قاربه في الصورة وفارقه في العلة
(فصل) فأما غير الحيوان فما كان منه ينحفظ بنفسه كأحجار الطواحين والكبير من الخشب وقدور النحاس فهو كالابل في تحريم اخذه بل اولى منه لان الابل معرضة للتلف في الجملة بالاسد وبالجوع
والعطش وغير ذلك وهذه بخلاف ذلك ولان هذه لا تكاد تضيع عن صاحبها ولا تبرح من مكانها بخلاف الحيوان فإذا حرم اخذ الحيوان فهذه اولى (فصل) فان اخذ الحيوان الذى لا يجوز أخذه على سبيل الالتقاط ضمنه اماما كان أو غيره لانه اخذ ملك غيره بغير اذنه ولا اذن الشارع له فهو كالغاصب، فان رده إلى موضعه لم يبرأ من الضمان وبهذا قال الشافعي وقال مالك يبرأ لان عمر رضى الله عنه قال ارسله إلى الموضع الذى اصبته فيه وجرير طرد البقرة التي لحقت ببقره ولنا ان ما لزمه ضمانه لا يزول عنه الا برده إلى صاحبه أو نائبه كالمسروق والمغصوب واما حديث جرير فانه لم يأخذ البقرة انما لحقت بالبقر فطردها فاشبه ما لو دخلت داره فاخرجها واما عمر فهو كان الامام فأمره بردها إلى مكانها كاخذها، فعلى هذا متى لم يأخذها بحيث نثبت يده عليها لا يلزمه ضمانها سواء طردها أو لم يطردها فان دفعها إلى نائب الامام زال عنه الضمان لان له نظرا في ضوال الناس بدليل ان له اخذها فكان نائبا عن اصحابها فيها
(فصل) وللامام أو نائبه أخذ الضالة ليحفظها لصاحبها لان عمر رضي الله عنه حمى موضعا يقال له النقيع لخيل المجاهدين والضوال ولان للامام نظرا في حفظ مال الغائب وفي أخذ هذه حفظ لها عن الهلاك ولا يلزمه تعريفها لان عمر رضي الله عنه لم يكن يعرف الضوال ولانه إذا عرف ذلك فمن كانت له ضالة فانه يجئ إلى موضع الضوال فإذا عرف ضالته أقام البينة عليها وأخذها، ولا يكتفى فيها بالصفة لانها ظاهرة بين الناس فيعرف صفاتها من رآها من غير أهلها فلم تكن الصفة دليلا على ملكه لها ولان الضالة كانت ظاهرة للناس حين كانت في يد مالكها فلا يختص هو بمعرفة صفاتها دون غيرها فلم يكن ذلك دليلا ويمكنه اقامة البينة عليها لظهورها للناس ومعرفة خلطائه وجيرانه تملكه إياها (فصل) وإن أخذها غير الامام أو نائبه ليحفظها لصاحبها لم يجز له ذلك ولزمه ضمانها لانه لا ولاية له على صاحبها، وهذا ظاهر مذهب الشافعي ولاصحابه وجه أن له أخذها لحفظها كالامام أو نائبه ولا يصح القياس على الامام لان له ولاية وهذا لا ولاية له، فان وجدها في موضع يخاف
عليها به كأرض مسبعة يغلب على الظن أن الاسد يفترسها إن تركت به أو قريبا من دار الحرب يخاف عليها من أهلها أو بموضع يستحل أهله أموال المسلمين أو في برية لا ماء بها ولا مرعى فالاولى جواز أخذها للحفظ ولا ضمان على آخذها لان فيه انقاذها من الهلاك فأشبه تخليصها من غرق أو
حريق وإذا أخذها سلمها إلى نائب الامام وبرئ من ضمانها ولا يملكها بالتعريف لان الشرع لم يرد بذلك فيها.
(فصل) ويسم الامام ما يحصل عنده من الضوال بانها ضالة ويشهد عليها ثم إن كان له حمى ترعى فيه تركها فيه إن رأى ذلك وان رأى المصلحة في بيعها أو لم يكن له حمى باعها بعد أن يحليها ويحفظ صفاتها ويحفظ ثمنها لصاحبها فان ذلك أحفظ لها لان تركها يفضي إلى أن تأكل جميع ثمنها (فصل) ومن ترك دابة بمهلكة فأخذها انسان فأطعمها وسقاها وخلصها ملكها وبه قال الليث والحسن بن صالح واسحاق الا أن يكون تركها لترجع إليه أو ضلت منه وقال مالك هي لمالكها ويغرم ما انفق عليها وقال الشافعي وابن المنذر هي لمالكها والآخر متبرع بالنفقة لا يرجع بشئ لانه ملك غيره فلم يملكه بغير عوض من غير رضاه كما لو كانت في غير مهلكة ولا يملك الرجوع بما أنفق لانه أنفق على مال غيره بغير اذنه فلم يرجع به كما لو بنى داره.
ولنا ما روى الشعبى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من وجد دابة قد عجز عنها أهلها فسيبوها فأخذها فأحياها فهى له، قال عبد الله بن عبد الرحمن فقلت - يعني للشعبي - من حدثك بهذا؟ قال غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود، وفي لفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " من ترك دابة بمهلكة فأحياها رجل فهى لمن أحياها " ولان في الحكم بملكها إحياؤها وانقاذها من
الهلاك ومحافظة على حرمة الحيوان وفي القول بانها لا تملك تضييع لذلك كله من غير مصلحة تحصل ولانه نبذ رغبة عنه وعجز عن أخذه فملكه آخذه كالساقط من السبيل وسائر ما ينتبذه الناس رغبة عنه، فأما ان ترك متاعا فخلصه انسان لم يملكه لانه لا حرمة له في نفسه ولا يخشى عليه التلف كالخشية
على الحيوان فان الحيوان يموت إذا لم يطعم ويسقى وتأكله السباع والمتاع يبقى حتى يرجع إليه صاحبه وان كان المتروك عبدا لم يأخذه لان العبد في العادة يمكنه التخلص إلى الاماكن التي يعيش بها بخلاف البهيمة، وله أخذ العبد والمتاع ليخلصه لصاحبه وله أجر مثله في تخليص المتاع نص عليه، وكذلك العبد على قياسه، قال القاضي يحب أن يحمل قوله في وجوب الاجر على أنه جعل له ذلك أو أمره به فاما ان لم يجعل له شيئا فلا شئ له لانه عمل في مال غيره بغير جعل فلم يستحق شيئا كالملتقط وهذا خلاف ظاهر كلام أحمد فانه لو جعل له جعلا لاستحقه ولم يجعل له أجر المثل، ويفارق هذا الملتقط فانه لم يخلص اللقطة من الهلاك، ولو تركها أمكن أن يرجع صاحبها فيطلبها في مكانها فيجدها وههنا ان لم بخ؟ جه هذا ضاع وهلك ولم يرجع إليه صاحبه ففي جعل الاجر فيه حفظ الامول من الهلاك من غيره مضرة فجاز كالجعل في الآبق ولان اللفطة جعل فيها الشاع ما يحث على أخذها وهو ملكها ان لم يج؟؟ صا؟؟ ها فاكتفي به عن الاجر فينبغي أن يشرع في هذا ما يحث على تخليصه يطريق الاولى وليس إلا الاجر كرد الآبق
(فصل) فاما ما لقاه ركاب البحر فيه خوفا من الغرق فلم أعلم لاصحابنا فيه قولا سوى عموم قولهم الذي ذكرناه ويحتمل أن يملك هذا من أخذه وهو قول الليث وبه قال الحسن فيما أخرجه، قال وما نضب عنه الماء فهو لاهله، وقال ابن المنذر يرده على أصحابه ولا شئ له ويقتضيه قول الشافعي والقاضي لما تقدم في الفصل قبله ويقتضي قول الامام أبي عبد الله ان لمن أنقذه أجر مثله لما ذكرنا، قال شيخنا ووجه ما ذكرنا من الاحتمال ان هذا مال ألقاه أصحابه فيما يتلف ببقائه فيه اختيارا منهم فملكه من أخذه كالذي القوة رغبة عنه، ولان فيما ذكروه تحقيقا لاتلافه فلم يجز كمباشرته بالاتلاف، فاما ان انكسرت السفينة فأخرجه قوم فقال مالك يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ولا شئ للذين أصابوه وهذا قول الشافعي وابن المنذر والقاضي.
وعلى قياس نص أحمد يكون لمستخرجه ههنا أجر المثل لان ذلك وسيلة إلى تخليصه وحفظه لصاحبه وصيانته عن الغرق فان الغواص إذا علم أنه يدفع إليه الاجر بادر إلى التخليص ليخلصه، وان علم أنه يؤخذ منه بغير شئ لم يخاطر بنفسه في استخراجه فينبغي أن يقضى
له بالاجر كجعل رد الآبق (فصل) ذكر القاضي فيما إذا التقط عبدا صغيرا أو جارية ان قياس المذهب أنه لا يملك بالتعريف وقال الشافعي يملك العبد دون الجارية ولان التمليك بالتعريف عنده افتراض والجارية عنده لا تملك بالقرض.
قال شيخنا وهذه المسألة فيما نظر فان اللفيط محكوم بحريته، وإن كان ممن يعبر عن نفسه
فأقر بأنه مملوك لم يقبل اقراره لان الطفل لا قول له ولو اعتبر قوله في ذلك لاعتبر في تعريفه لسيده * (الثالث) * سائر الاموال كالاثمان والمتاع والغنم والفصلان والعجاجيل وإلا فلا فيجوز التقاطها لمن بقصد تعريفها وتملكها بعده لحديث زيد بن خالد في لقطة الذهب والورق وقوله في الشاة " خذها فانما هي لك أو لاخيك أو للذئب " ثبت في الذهب والفضة وقسنا عليه المتاع وقسنا على الشاة كل حيوان لا يمتنع بنفسه من صغار السباع وهي الثعلب وابن آوى والذئب وولد الاسد ونحوها ومنه الدجاج والاوز ونحوها يجوز التقاطها، وروي عن أحمد رواية أخرى ليس لغير الامام التقاطها يعني الشاة ونحوها من الحيوان، وقال الليث بن سعد لا اختار أن يقر بها إلا أن يحرزها لصاحبها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يؤوي الضالة إلا ضال " ولانه حيوان أشبه الابل ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الشاة " خذها فانما هي لك أو لاخيك أو للذئب " متفق عليه ولانه يخشى عليه التلف والضياع أشبه لقطه غير الحيوان وحديثنا أخص من حديثهم فنخصه به ولو قدر التعارض قدم حديثنا لانه أصح ولا يصح قياسه على الابل فان النبي صلى الله عليه وسلم علل منع التقاطها بأن معها حذاءها وسقاءها وهذا معدوم في الغنم، ثم قد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما في خبر واحد فلا يجوز الجمع بين ما فرق الشارع بينهما ولا قياس ما أمن بالتقاطه على ما منع منه (فصل) ولا فرق بين أن يجدها بمصر أو مهلكة وقال مالك وابو عبيد وابن المنذر في الشاة
وجد في الصحراء اذبحها وكلها وفي المصر ضمها حتى يجدها صاحبها لان النبي صلى الله عليه وسلم قال " هي لك أو لاخيك أو للذئب " ولا يكون الذئب في المصر
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأخذها ولم يفرق ولم يستقصل ولو افترق الحال لاستفصل ولانها لقطة فاستوى فيها المصري وغيره كسائر اللقطات، وقولهم لا يكون الذئب في المصر قلنا كونها للذئب في الصحراء لا يمنع كونها لغيره في المصر، ومتى عرفها حولا ملكها، وذكر القاضي وابو الخطاب عن أحمد رواية أنه لا يملكها ولعلها الرواية التي منع من التقاطها فيها ولنا قوله عليه السلام " هي لك " أضافها إليه بلام التمليك ولان التقاطها مباح فملكت بالتعريف كالاثمان، وقد حكاه ابن المنذر اجماعا * (مسألة) * (فمن لا يأمن نفسه عليها ليس له أخذها فان أخذها لزمه ضمانها ولا يملكها وان عرفها) إذا التقط لقطة عازما على تملكها بغير تعريف فقد فعل محرما ولا يحل له أخذها بهذه النية فان أخذها لزمه ضمانها سواء تلفت بتفريط أو بغير تفريط، ولا يملكها وان عرفها لانه أخذ مال غيره على وجه ليس له أخذه فهو كالغاصب نص عليه أحمد، ويحتمل أن يملكها لان ملكها بالتعريف والالتقاط وقد وجدا فيملكها بذلك كالاصطياد والاحتشاش إذا دخل ملك غيره بغير اذنه فاصطاد أو احتش
منه ملك الصيد والحشيش وان كان دخوله محرما كذا ههنا، ولان عموم النص يتناول هذا الملتقط فيثبت حكمه فيه ولانا لو اعتبرنا نية لتعريف وقت الالتقاط لافترق الحال بين العدل والفاسق والصبي والسفيه لان الغالب على هؤلاء الالتقاط للتمليك لا للتعريف * (مسألة) * (ومن أمن نفسه عليها وقوي على تعريفها فله أخذها) لما ذكرنا والافضل تركها قاله أحمد روي معنى ذلك عن ابن عباس وابن عمر وبه قال جابر بن زيد والربيع بن خثم وعطاء، وقال أبو الخطاب إذا وجدها بمضيعة وأمن نفسه عليها فالافضل أخذها وهذا قول للشافعي وعنه أنه يجب أخذها لقول الله تعالى (والمؤمنون بعضهم أولياء بعض) وإذا كان وليه وجب عليه حفظ ماله كولي اليتيم، وممن رأى أخذها سعيد بن المسيب والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأخذها أبي بن كعب وسويد بن غفلة وقال مالك ان كان شيئا له بال يأخذه أحب إلي ويعرفه ولان فيه حفظ مال المسلم عليه فكان أولى من تضييعه كتخليصه من الغرق
ولنا قول ابن عمر وابن عباس ولا يعرف لهما مخالف في الصحابة ولانه يعرض نفسه لاكل الحرام وتضييع الواجب من تعريفها وأداء الامانة فيها فكان تركه أولى وأسلم كولاية مال اليتيم وما ذكروه يبطل بالضوال فانه لا يجوز أخذها مع ما ذكروه وكذلك ولاية مال الايتام * (مسألة) * (ومتى أخذها ثم ردها إلى موضعها ضمنها)
روي ذلك عن طاوس وبه قال الشافعي، وقال مالك لا ضمان عليه لانه روي عن عمر أنه قال لرجل وجد بعيرا أرسله حيث وجدته رواه الاثرم ولما روي عن جرير بن عبد الله أنه رأى في بقره بقرة قد لحقت بها فأمر بها فطردت حتى توارت ولنا أنها امانة حصلت في يده لزمه حفظها وتركها تضييعها فأما حديث عمر فهو في الضالة التي لا يحل أخذها، فإذا أخذه احتمل ان له رده إلى مكانه ولا ضمان عليه لهذا الآثار ولانه كان واجبا عليه تركه في مكانه ابتداء فكان له ذلك بعد اخذه ويحتمل ان لا يبرأ من ضمانه برده لانه دخل في ضمانه فلم يبرأ برده إلى مكانه كالمسروق وما يجوز التقاطه، فعلى هذا لا يبرأ الا برده إلى الامام أو نائبه وأما عمر فهو كان الامام فإذا أمر برده فهو كأخذه منه وحديث جرير لا حجة فيه لانه لم يأخذ البقرة ولا اخذها غلامه إنما لحقت بالبقر من غير فعله ولا اختياره ولذلك يلزمه ضمانها إذا فرط فيها لانها امانة فهي كالوديعة.
(فصل) فان ضاعت اللقطة من ملتقطها في حول التعريف بغير تفريط فلا ضمان عليه لانها أمانة في يده فهي كالوديعة، فان التقطها آخر فعلم أنها ضاعت من الاول فعليه ردها إليه لانه قد ثبت له حق التمول وولاية التعريف والحفظ فلا يزول بالضياع فان لم يعلم الثاني بالحال حتى عرفها حولا ملكها لان سبب الملك وجد منه من غير عدوان فثبت الملك به كالاول ولا يملك الاول انتزاعها منه لان الملك
مقدم على حق التملك فإذا جاء صاحبها أخذها من الثاني وليس له مطالبة الاول لانه لم يفرط، وان علم الثاني بالاول فردها إليه فأبى اخذها وقال عرفها انت فعرفها ملكها أيضا لان الاول ترك حقه
فسقط، وإن قال عرفها ويكون ملكها لي ففعل فهو نائبه في التعريف ويملكها الاول لانه وكله في التعريف فصح كما لو كانت في يد الاول، وإن قال عرفها وتكون بيننا ففعل صح أيضا وكانت بينهما لانه أسقط حقه من نصفها ووكله في الباقي، وإن قصد الثاني بالتعريف تملكها لنفسه دون الاول احتمل وحيهن (أحدهما) يملكها الثاني لان سبب الملك وجد منه فملكها كما لو أذن له الاول في تعريفها لنفسه (والثاني) لا يملكها لان ولاية التعريف للاول أشبه ما لو غصبها من الملتقط غاصب فعرفها وكذلك الحكم إذا علم الثاني بالاول فعرفها ولم يعلمه بهاء ويشبه هذا من تحجر مواتا إذا سبقه غيره إلى ما حجره فأحياه بغير إذنه، فأما إن غصبها غاصب من الملتقط فعرفها لم يملكها وجها واحدا لانه تعدى بأخذها ولم يوجد منه سبب تملكها فان الالتقاط من جملة السبب ولم يوجد منه، ويفارق هذا إذا التقطها ثان فانه وجد منه الالتقاط والتعريف (فصل) ومن اصطاد سمكة من البحر فوجد فيها درة أو عنبرة أو شيئا مما يكون في البحر فهو للصياد لان ذلك يكون في البحر، قال الله تعالى (وتستخرجون حلية تلبسونها) ولان الاصل عدم ملكها لغيره، فان باعها الصياد ولم يعلم فوجده المشتري في بطنها فهو للصياد نص عليه أحمد لانه إذا لم
يعلم به فما باعه ولا رضي بزوال ملكه عنه فأشبه من باع دارا له مال مدفون فيها، فان وجد دراهم أو دنانير فهي لقطة لان ذلك لا يخلق في البحر ولا يكون إلا للآدمي فكان لقطة كما لو وجده في البحر وكذلك الحكم في الدرة والعنبرة إذا كان فيها أثر لآدمي كالمثقوبة والمتصلة بذهب أو فضة أو غيرهما أو كانت العنبرة تفاحة ونحو ذلك مما لا يخلق عليه في البحر تكون لقطة لانها لم تقع في البحر حتى تثبت اليد عليها فهي كالدينار فمنى وجدها الصياد فعليه تعريفها لانه ملتقطها، وإن وجدها المشتري فالتعريف عليه لانه واجدها ولا حاجة إلى البداية بالبائع فانه لا يحتمل أن تكون المسكة ابتلعت ذلك بعد اصطيادها وملك الصياد لها فاستوى هو وغيره، فأما إن اشترى شاة ووجد في بطنها درة أو عنبرة أو دنانير أو دراهم فهو لقطة يعرفها ويبدأ بالبائع لانه يحتمل أن تكون ابتلعتها من ملكه فيبدا به كقولنا فيمن اشترى دارا فوجد فيها مالا مدفونا، وإن اصطاد السمكة من غير البحر كالنهر
والعين فحكمها حكم الشاة في أن ما وجد في بطنها من ذلك فهو لقطة لان ذلك لا يكون إلا في البحر عادة، ويحتمل ان النهر إذا كان متصلا بالبحر فهو كما لو صادها منه لانها قد تبتلع ذلك في البحر ثم تخرج إلى النهر وإن لم يكن متصلا به فهو لقطة ويحتمل أن يكون للصياد لقول الله تعالى (ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها) (فصل) وإن وجد عنبرة على الساحل فهي له لانه يمكن ان البحر ألقاها والاصل عدم الملك
فيها فكانت مباحة لآخذها كالصيد، وقد روى سعيد عن اسماعيل بن عياش عن معاوية بن عمرو الصدري قال ألقى بحر عدن عنبرة مثل البعير فأخذها ناس بعدن فكتب إلى عمر بن عبد العزيز فكتب الينا أن خذوا منها الخمس وادفعوا إليهم سائرها وإن باعوكموها فاشتروها فأردنا أن نزنها فلم نجد ميزانا يخرجها فقطعناها ثنتين ووزناها فوجدناها ستمائة رطل فأخذنا خمسها ودفعنا سائرها إليهم ثم اشتريناها بخمسة آلاف دينار وبعثنا بها إلى عمر فلم يلبث إلا قليلا حتى باعها بثلاثة وثلاثين ألف دينار (فصل) وإن صاد غزالا فوجده مخضوبا أو في عنقه خرزا أو في أذنه قرط ونحو ذلك مما يدل على ثبوت اليد عليه فهو لقطة لان ذلك يدل على انه كان مملوكا، قال أحمد فيمن ألقى شبكة في البحر فوقعت فيها سمكة فجذبت الشبكة فمرت بها في البحر فصادها رجل فان السمكة له والشبكة يعرفها ويدفعها إلى صاحبها فجعل الشبكة لقطة لانها مملوكة لآدمي والسمكة لمن صادها لانها كانت مباحة ولم يملكها صاحب الشبكة لكون شبكته لم تثبتها فبقيت على الاباحة، وهكذا لو نصب فخا أو شركا فوقع فيه صيد من صيود البر فأخذه وذهب به فصاده آخر فهو لمن صاده ويرد الآلة إلى صاحبها فان لم يعرف صاحبها فهي لقطة، وقال أحمد في رجل انتهى إلى شرك فيه حمار وحش أو ظبي قد شارف الموت فخلصه وذبحه فهو لصاحب الحبالة وما كان من الصيد في الحبالة فهو لمن نصبها، وإن كان بازيا أو
صقرا أو عقابا وسئل عن بازي أو صقر أو كلب معلم أو فهد ذهب عن صاحبه فدعاه فلم يجبه ومر في الارض حتى أتى لذلك أيام فأتى قرية فسقط على حائط فدعاه رجل فأجابه قال يرده على صاحبه،
قيل له فان دعاه فلم يجبه فنصب له شركا فصاده به؟ قال يرده على صاحبه فجعله لصاحبه لانه قد ملكه أفلم يزل ملكه عنه بذهابه، والسمكة في الشبكة لم يكن ملكها ولا حازها، وكذلك جعل ما وقع في الحبالة من الصقر والعقاب لصاحب الحبالة ولم يجعله ههنا لمن وقع في شركه لان هذا فيما علم انه قد كان مملوكا لانسان فذهب وانما يعلم هذا بالخبر أو بوجود ما يدل على الملك فيه كوجود السير في رجله أو آثار التعليم مثل استجابته للذي يدعوه ونحو ذلك فان لم يوجد ما يدل على انه مملوك فهو لمن صاده ولان الاصل إباحته وعدم الملك فيه (فصل) ومن أخذت ثيابه في الحمام ووجد بدلها أو أخذ مداسه وترك له بدله لم يملكه بذلك قال أحمد فيمن سرقت ثيابه ووجد غيرها لم يأخذها فان أخذها عرفها سنة ثم تصدق بها انما قال ذلك لان آخذ الثياب لم يقع بينه وبين مالكها معاوضة تقتضي زوال ملكه عن ثيابه فإذا أخذها قد أخذ مال غيره ولا يعرف صاحبه فيعرفه ويتصدق به كالصدقة باللقطة، قال شيخنا ويحتمل أن ينظر في هذا فان كانت ثم قرينة تدل على السرقة بأن تكون ثيابه أو مداسه خيرا من المتروك له وكانت مما لا يشتبه على الآخذ بثيابه ومداسه فلا حاجة إلى التعريف لان التعريف انما جعل على المال الضائع من ربه ليعلم به ويأخذه، وتارك هذا عالم به راض ببذله عوضا عما أخذه ولا يعترف انه له فلا يحصل من
تعريفه فائدة فإذا ليس بمنصوص عليه ولا هو في معنى المنصوص، وفيما يصنع به ثلاثة أوجه (أحدها) يتصدق بها على ما ذكرنا (والثاني) انه يباح له أخذها لان صاحبها في الظاهر تركها له بادلا إياها عوضا عما أخذه فصار كالمبيح له أخذها بلسانه فصار كمن قهر إنسانا على أخذ ثوبه ودفع إليه درهما (والثالث) يرفعها إلى الحاكم ليبيعها ويدفع إليه ثمنها عوضا عن ماله، والوجه الثاني أقرب إلى الرفق بالناس لان فيه نفعا لمن سرقت ثيابه بحصول عوض عنها ونفعا للسارق بالتخفيف عنه من الاثم وحفظا لهذه الثياب المتروكة من الضياع، وقد أباح بعض أهل العلم فيمن له على انسان حق من دين أو غصب أن ياخذ من ماله بقدر حقه إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك فههنا مع رضا من عليه الحق بأخذه أولى، وان كانت ثم قرينة دالة على أن الآخذ للثياب انما أخذها ظنا منه انها ثيابه مثل أن تكون
المتروكة مثل المأخوذة أو خيرا منها وهي مما تشتبه بها فينبغي أن يعرفها ههنا لان صاحبها لم يتركها عمدا فهي بمنزلة الضائعة، والظاهر أنه إذا علم بها أخذها ورد ما كان أخذه فتصير كاللقطة في المعنى، وبعد التعريف إذا لم تعرف ففيها الاوجه الثلاثة المذكورة لا أننا إذا قلنا يأخذها أو يبيعها الحاكم ويدفع إليه ثمنها فانما يأخذ بقدر قيمة ثيابه من غير زيادة لان الزائد فاضل عما يستحقه ولم يرض صاحبها بتركها عوضا عما أخذه فانه لم يأخذ غيرها اختيارا منه لتركها ولا رضي بالمعارضة بها وإذا قلنا إنه يدفعها إلى الحاكم ليبيعها ويدفع إليه ثمنها فله أن يشتريها بثمن في ذمته ويسقط عنه من ثمنها ما قابل ثيابه ويتصدق بالباقي
(فصل) نقل الفضل ابن زياد عن احمد إذا تنازع صاحب الدار والساكن في دفن في الدار فقال كل منهما انا دفنته يبين كل واحد منهما ما الذي دفن فكل من اصاب الوصف فهو له وذلك لان ما يوجد من الدفن في الارض مما عليه علامة المسلمين فهو لقطة واللقطة تستحق بوصفها ولان المصيب للوصف في الظاهر هو من كان ذلك في يده فكان احق به كما لو تنازعه اجنبيان فوصفه احدهما (فصل) ومن وجد لقطة في دار الحرب فكان في جيش فقال احمد يعرفها سنة في دار الاسلام ثم يطرحها في المقسم انما عرفها في دار الاسلام لان اموال اهل الحرب مباحة ويجوز ان تكون لمسلم وقد لا يمكنه المقام في دار الحرب لتعريفها ومعناه والله اعلم انه يتم التعريف في دار الاسلام فاما ابتداء التعريف فيكون الجيش الذي هو فيه لانه يحتمل ان تكون لاحدهم فإذا قفل اتم التعريف في دار الاسلام فأما ان دخل دارهم بأمان فينبغي ان يعرفها في دارهم لان اموالهم محرمة عليه فإذا لم تعرف ملكها كما يملكها في دار الاسلام وان كان في الجيش طرحها في المقسم بعد التعريف لانه وصل إليها بقوة الجيش فأشبهت مباحات دار الحرب إذا اخذ منها شيئا فان دخل إليهم متلصصا فوجد لقطة عرفها في دار الاسلام لان اموالهم مباحة له ثم يكون حكمها حكم غنيمته ويحتمل ان تكون غنيمة له لا تحتاج إلى تعريف لان الظاهر انما اموالهم واموالهم غنيمة والله اعلم
* (مسألة) * وهي على ثلاثة اضرب (حيوان) فيخير بين أكله في الحال وعليه قيمته وبين بيعه وحفظ ثمنه وبين تركه والانفاق عليه من ماله وهل يرجع به؟ على وجهين وجملة ذلك ان ملتقط الشاة وما كان مثلها مما يباح أكله يتخير ملتقطها بين ثلاثة اشياء (احدها) اكلها في الحال وبه قال مالك وابو حنيفة والشافعي وغيرهم قال ابن عبد البر اجمعوا على ان ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له اكلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " هي لك أو لاخيك أو للذئب " جعلها له في الحال وسوي بينه وبين الذئب والذئب لا يؤخر أكلها ولان في أكلها في الحال اغناء عن الانفاق عليها وحراسته لماليتها على صاحبها إذا جاء فانه يأخذ قيمتها بكمالها وفي ابقائها تضييع للمال بالانفاق عليها والغرامة في علفها فكان اكلها اولى وإذا اراد اكلها حفظ صفتها فمتى جاء صاحبها غرمها له في قول عامة أهل العلم وقال مالك كلها ولا غرم عليك لصاحبها ولا تعريف لها القول رسول الله صلى الله عليه وسلم " هي لك " ولم يوجب فيها تعريفا ولا غرما ولانه سوى بينه وبين الذئب والذئب لا يعرف ولا يغرم قال ابن عبد البر لم يوافق مالكا احد من العلماء على قوله وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله ابن عمر " ورد على أخيك ضالته " دليل على ان الشاة على ملك صاحبها ولانها لقطة لها قيمة وتتبعها النفس فتجب غرامتها لصاحبها إذا جاء كغيرها ولانها ملك لصاحبها فلم يجز تملكها عليه بغير عوض من غير رضاه كما لو كانت بين البنيان ولانها عين يجب ردها مع بقائها فوجب غرمها إذا أتلفها كلقطة الذهب وكون النبي صلى الله عليه وسلم قال " هي لك " لا يمنع وجوب غرامتها فانه قد اذن في لقطة
الذهب والورق بعد تعريفها في اكلها وانفاقها وقال " هي كسائر مالك " ثم اجمعنا علي وجوب غرامتها كذلك الشاة ولا فرق في اباحة اكلها بين وجدانها في الصحراء أو في المصر وقال مالك وابو عبيد وابن المنذر واصحاب الشافعي ليس له أكلها في المصر لانه يمكن بيعها بخلاف الصحراء ولنا أن ما جاز أكله في الصحراء جاز في المصر كسائر المأكولات ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال هي لك ولم يستفصل ولان أكلها مطل بما ذكرنا من الاستغناء عن الانفاق عليها وهذا في المصر أشد منه في الصحراء (الثاني) تركها والانفاق عليها من ماله ولا يتملكها فان تركها ولم ينفق عليها ضمنها لانه فرط فيها وان أنفق عليها متبرعا لم يرجع على صاحبها فان أنفق بنية الرجوع علي صاحبها واشهد على ذلك
رجع عليه بما أنفق في إحدى الروايتن نص عليه احمد في رواية المروذي في طيرة أفرخت عند قوم فقضى أن الفراخ لصاحب الطيرة ويرجع بالعلف إذا لم يكن متطوعا وقضى عمر بن عبد العزيز فيمن وجد ضالة فأنفق عليها فجاء ربها فانه يغرم له ما أنفق وذلك أنه أنفق على اللقطة لحفظها فكان من مال صاحبها كمؤنة تجفيف الرطب والعنب، (والثانية) لا يرجع بشئ وهو قول الشعبي والشافعي ولم يعجب الشعبي قضاء عمر بن عبد العزيز لانه أنفق على مال غيره بغير اذنه فلم يرجع به كما لو بنى داره ويفارق العنب والرطب فانه قد يكون تجفيفه والانفاق عليه أحظ لصاحبه لان النفقة عليه لا تتكرر والحيوان يتكرر الانفاق عليه فربما استغرق ثمنه فكان بيعه واكله احظ فلذلك لم يرجع
المنفق عليها بما انفق (الثالث) بيعها وحفظ ثمنها لصاحبها وله ان يتولى ذلك بنفسه وقال بعض اصحاب الشافعي يبيعها باذن الامام ولنا انه إذا جاز له اكلها من غير اذن فبيعها اولى ولم يذكر اصحابنا لها تعريفا في هذه المواضع وهو قول مالك لقول النبي صلى الله عليه وسلم " خذها فانما هي لك أو لاخيك أو للذئب " ولم يأمر بتعريفها كما أمر في لقطة الذهب والورق ولنا انها لقطة لها خطر فوجب تعريفها كالمطعوم الكثير وانما ترك ذكر تعريفها لانه ذكرها بعد بيان التعريف فيما سواها فاستغني بذلك عن ذكره فيها ولا يلزم من جواز التصرف فيها في الحول سقوط تعريفها كالمطعوم وإذا أراد بيعها أو أكلها لزمه حفظ صفتها لحديث زيد بن خالد وسنذكره ان شاء الله (فصل) وإذا اكلها ثبتت قيمتها في ذمته ولا يلزمه عزلها لعدم الفائدة فيه فانها لا تنقل من الذمة في المال المعزول ولو عزل شيئا ثم افلس كان صاحب اللقطة اسوة الغرماء ولم يختص بالمال المعزول فأما ان باعها وحفظ ثمنها وجاء صاحبها اخذه ولم يشاركه فيه احد من الغرماء لانه عين ماله ولا شئ للمفلس فيه فهو كالوديعة * (مسألة) * (الثاني) ما يخشى فساده فيخير بين بيعه وأكله ان كان مما لا يمكن تجفيفه كالفاكهة التي لا تجفف والطبيخ والبطيخ والخضروات فهو مخير بين اكله وبيعه وحفظ ثمنه ولا يجوز ابقاؤه لانه يتلف
فان تركه حتي تلف ضمنه لانه فرط في حفظه فهو كالوديعة فان أكله ثبتت القيمة في ذمته على ما ذكرنا في الشاة وهذا ظاهر مذهب الشافعي وله ان يتولى بيعه بنفسه وقال اصحاب الشافعي ليس له بيعه الا باذن الحاكم فان عجز عنه جاز البيع بنفسه لانه حال ضرورة فأما مع القدرة على استئذانه فلا يجوز من غير اذنه لانه مال معصوم لا ولاية عليه فلم يجز لغير الحاكم بيعه كغير الملتقط ولنا انه مال ابيح للملتقط اكله فأبيح له بيعه كماله ومتي اراد بيعه أو أكله حفظ صفاته ثم عرفه عاما على ما نذكره فان تلف الثمن قبل تملكه من غير تفريط أو نقص أو تلفت العين أو نقصت من غير تفريط فلا ضمان عليه وان تلف أو نقص بتفريطه أو تلفت اللقطة بتفريطه فعليه ضمانه وكذلك ان تلف بعد تملكه أو نقص وان كان مما يمكن تجفيفه كالعنب والرطب فينظر ما فيه الحظ لمالكه فان كان في التجفيف فعله ولم يكن له الا ذلك لانه مال غيره فلزمه ما فيه الحظ لصاحبه كولي اليتيم * (مسألة) * (وغرامة التجفيف منه وله بيع بعضه في ذلك) لانه موضع حاجة فان انفق من ماله رجع به لان النفقة ههنا لا تكرر بخلاف نفقة الحيوان فانها تكرر فربما استوعبت قيمته فلا يكون لصاحبها حظ في امساكها الا باسقاط النفقه وان كان الحظ في بيعه باعه وحفظ ثمنه كالطعام الرطب فان تعذر بيعه ولم يمكن تجفيفه تعين اكله كالطبيخ وإن كان اكله انفع لصاحبه فله اكله ايضا قال شيخنا ويقتضي قول اصحابنا ان العروض لا تملك بالتعريف وان هذا كله لا يجوز له اكله لكن يخير بين
الصدقة به وبين بيعه وقد قال احمد فيمن وجد في منزله طعاما لا يعرفه: يعرفه ما لم يخش فساده فان خشي فساده تصدق به فان جاء صاحبه غرمه وكذلك قال مالك واصحاب الرأي في لقطة ما لا يبقى سنة يتصدق به وقال الثوري يبيعه ويتصدق بثمه ولنا على جواز اكله قول النبي صلى الله عليه وسلم في ضالة الغنم " خذها فانما هي لك أو لاخيك أو للذئب " وهذا تجويز للاكل فإذا جاز أكل ما هو محفوظ بنفسه فما يفسد ببقائه اولى وعن احمد انه يبيع اليسير ويرفع الكثير إلى الحاكم لان الكثير مال لغيره لم يأذن له في بيعه فيكون امره إلى الحاكم واما اليسير فتدخله
المسامحة ويشق رفعه إلى السلطان وربما تضيع عند السلطان * (مسألة) * (الثالث) سائر المال فيلزمه حفظه ويعرف الجميع بالنداء عليه في مجامع الناس كالاسواق وابواب المساجد في اوقات الصلوات حولا كاملا من ضاع منه شئ أو نفقة واجرة المتادي عليه) وجملة ذلك ان في التعريف فصولا ستة في وجوبه وقدره وزمانه ومكانه ومن يتولاه وكيفيته اما وجوبه فهو واجب على كل ملتقط سواء اراد تملكها أو حفظها لصاحبها الا في اليسير الذي لا تتبعه النفس وقد ذكرناه وقال الشافعي لا يجب على من اراد حفظها لصاحبها ولنا ان النبي صلى الله عليه وسلم امر به زيد بن خالد وأبي بن كعب ولم يفرق ولان حفظها لصاحبها انما فائدته ايصالها إليه وطريقه التعريف اما بقاؤها في يد الملتقط من غير وصولها إلى صاحبها فهو وهلاكها سيان ولان امساكها
من غير تعريف تضييع لها عن صاحبها فلم يجز كردها الي موضعها أو القائها في غيره ولانه لو لم يجب التعريف لما جاز الالتقاط لان بقاءها في مكانها إذا اقرب إلى وصولها إلى صاحبها اما ان يطلبها في الموضع الذي ضاعت منه فيجدها واما بان يأخذها من يعرفها واخذ لها يفوت الامرين فيحرم فلما جاز الالتقاط لزم وجوب التعريف كيلا يحصل هذا الضرر ولان التعريف واجب على من اراد تملكها وكذلك من اراد حفظها فان التملك غير واجب فلا تجب الوسيلة إليه فيلزم ان يكون الوجوب في المحل المتفق عليه لصيانتها عن الضياع عن صاحبها وهذا موجود في محل النزاع (الفصل) الثاني في قدر التعريف وذلك سنة روي ذلك عن عمر وعلى وابن عباس وبه قال سعيد بن المسيب والشعبي ومالك والشافعي واصحاب الراي وروي عن عمر رواية اخري يعرفها ثلاثة اشهر وعنه ثلاثة اعوام لان ابي ابن كعب روي ان النبي صلى الله عليه وسلم امره بتعريف مائة الدنيار ثلاثة اعوام وقال ابو ايوب الهاشمي ما دون الخمسين درهما يعرفها ثلاثة ايام إلى سبعة ايام وقال الحسن بن صالح ما دون عشرة دراهم يعرفها ثلاثة ايام وقال الثوري في الدرهم يعرفه اربعة ايام وقال اسحق ما دون الدنيار يعرفه جمعة أو نحوها وروي ابو اسحق الجوزجاني باسناده عن يعلى بن امية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من التقط درهما أو حبلا أو شبه ذلك فليعرفه ثلاثة ايام فان كان فوق ذلك فليعرفه سبعة ايام
ولنا حديث زيد بن خالد الصحيح فان النبي صلى الله عليه وسلم امره بعام واحد ولان السنة لا تتأخر عنها
القوافل ويمضي فيها الزمان الذي تقصد فيه البلاد من الحر والبرد والاعتدال فصلحت قدرا كمدة اجل العنين فاما حديث ابي فقد قال الراوي لا ادري ثلاثة اعوام أو عام واحد قال أبو داود شك الراوي في ذلك وحديث يعلى لم يقل به قائل على وجهه وحديث زيد وابي أصح منه وأولى إذا ثبت هذا فانه يجب ان تكون هذه السنة تلي الالتقاط وتكون متوالية لان النبي صلى الله عليه وسلم امر بتعريفها حين سئل عنها والامر يقتضي الفور ولان القصد بالتعريف وصول الخبر إلى صاحبها وذلك يحصل بالتعريف عقيب ضياعها متواليا لان صاحبها في الغالب انما يطلبها عقيب ضياعها فيجب تخصيص التعريف به (الفصل الثالث) في زمانه وهو النهار دون الليل لان النهار مجمع الناس وملتقاهم بخلاف الليل ويكون ذلك في اليوم الذي وجدها والاسبوع لان الطلب فيه اكثر ولا يجب فيما بعد ذلك متواليا وقد روي الجوزجاني باسناده عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني قال نزلنا مناخ ركب فوجدت خرقة فيها قريب من مائة دينار فجئت بها إلى عمر فقال عرفها ثلاثة ايام على باب المسجد ثم امسكها حتى قرن السنة ولا يقدمن ركب الا انشدتها وقلت الذهب بطريق الشام ثم شأنك بها (الفصل الرابع) في مكانه وهو الاسواق وابواب المساجد والجوامع في الوقت الذي يجتمعون فيه كادبار الصلوات في المساجد وكذلك في مجامع الناس لان المقصود اشاعة ذكرها واظهارها ليظهر عليها صاحبها فيجب تحري مجامع الناس ولا ينشدها في المسجد ولان المسجد لم يبن لهذا وروى
أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " من سمع رجلا ينشد ضالته في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فان المساجد لم تبن لهذا " وامر عمر واجد اللقطة بتعريفها على باب المسجد (الفصل الخامس) في كيفية تعريفها فيذكر جنسها لا غير فيقول من ضاع منه ذهب أو فضة أو أو دراهم أو دنانير أو ثياب ونحو ذلك لقول عمر رضي الله عنه لواجد الذهب قل الذهب بطريق الشام ولا تصفها لانه لو وصفها لعلم صفتها من يسمعها فلا تبقى صفتها دليلا على ملكها لمشاركة من يسمعه للمالك
في ذلك ولانه لا يأمن ان يدعيها من سمع صفتها ويذكر صفتها التي يجب دفعها به فيأخذها فتفوت على مالكها (الفصل السادس) فيمن يتولى تعريفها وللملتقط تولي ذلك بنفسه وان يستنيب فيه فان وجد متبرعا بذلك والا استأجر والاجرة على الملتقط وبهذا قال الشافعي واصحاب الرأي واختار ابو الخطاب انه ان قصد حفظها لمالكها دون تملكها رجع بالاجرة عليه وكذلك قال ابن عقيل فيما لا يملك بالتعريف لانه من مؤنة ايصالها إلى مالكها فكان على مالكها كمؤنه تجفيفها واجرة مخزنها ولنا ان هذا اجر واجب على المعرف ولانه لو وليه بنفسه لم يكن له اجر على صاحبها فكذلك
إذا استأجر عليه ولانه سبب لملكها فكان على الملتقط كما لو قصد تملكها، وقال مالك ان اعطى منها شيئا لمن عرفها فلا غرم عليه كما لو دفع منها شيئا لمن حفظها وقد ذكرنا الدليل على ذلك (فصل) إذا أخر التعريف عن الحول الاول مع امكانه اثم لان النبي صلى الله عليه وسلم امر به فيه والامر يقتضي الوجوب وقال في حديث عياض ابن حمار " لا تكتم ولا تغيب " ولان ذلك وسيلة إلى ان لا يعرف صاحبها لان الظاهر انه بعد الحول يسلو عنها وييأس فيترك طلبها ويسقط التعريف بتأخيره عن الحول الاول في المنصوص عن احمد لان حكمة التعريف لا تحصل بعده فان تركه في بعض الحول عرف بقيته ويتخرج ان لا يسقط التعريف بتأخيره لانه واجب فلا يسقط بتأخيره عن وقته كالعبادات وسائر الواجبات ولان التعريف في الحول الثاني يحصل به المقصود على نعت من القصور فيجب الاتيان به لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا امرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " فعلى هذا إذا أخر التعريف بعض الحول اتى بالتعريف في بقيته واتمه من الحول الثاني وعلى كلا القولين لا يملكها بالتعريف فيما عد الحول الاول لان شرط الملك التعريف فيه ولم يوجد ولذلك لو ترك التعريف في بعض الحول الاول لا يملكها بالتعريف بعده لان الشرط لم يكمل وعدم بعض الشرط كعدم جميعه كما لو اختل بعض الطهارة في الصلاة فأما إن ترك التعريف في الحول الاول لعجزه عنه كالمريض والمحبوس أو لنسيان ونحوه ففيه وجهان (احدهما) حكمه
حكم من تركه لغير عذر لان تعريفه في الحول الاول سبب الملك والحكم ينتفي لانتقا سببه سواء
انتفي لعذر أو لغيره والثاني يملكها بالتعريف في الحول الثاني لانه لم يؤخره عن وقت امكانه اشبه تعريفها في الحول الاول * (مسألة) * فان لم تعرف دخلت في ملكه بعد الحول حكما كالميراث نص عليه احمد في رواية الجماعة وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله والا كانت كسائر ماله وعند ابي الخطاب لا تدخل ملكه حتي يختار واختلف اصحاب الشافعي فقال بعضهم كقولنا وقال قوم يملكها بالنية ومنهم من قال يملكها بتموله اخترت ملكها ومنهم من قال لا يملكها الا بقوله والتصرف فيها لان هذا تملك بعوض فلم يحصل الا باختيار التملك كالقرض ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " فان جاء صاحبها والا فهي كسائر مالك " وقوله " فاستنفقها " ولو وقف ملكها على تملكها لبينه له ولم يجوز له التصرف قبله وفي لفظ " كلها " وهذه الالفاظ كلها تدل على ما قلنا ولان الالتقاط والتعريف سبب للتملك فإذا ثم وجب أن يثبت به الملك حكما كالاحياء والاصطياد ولانه سبب يملك به فلم يقف الملك بعده على قوله ولا اختياره كسائر الاسباب وذلك لان المكلف ليس إليه
الا مباشرة الاسباب فإذا انى بها ثيت الحكم قهرا وجبرا من الله عزوجل غير موقوف على اختيار المكلف فأما الاقتراض فهو السبب في نفسه فلم يثبت الملك بدونه فعلى هذا لو التقطها اثنان فعرفاها حولا ملكاها جميعا فان قلنا يقف الملك على الاختيار فاختار احدهما دون الآخر ملك المختار نصفها وحده (فصل) فان رأياها معا فأخذها أحدهما وحده أو رآها أحدهما فأعمل بها صاحبه فأخذها فهي لآخذها لان استحقاقها بالاخذ لا بالرؤية كالاصطياد وان قال أحدهما لصاحبه هاتها فأخذها لنفسه فهي له دون الآمر وان أخذها الآمر فهي له كما لو وكله في الاصطياد له (فصل) ومتى عرف اللقطة حولا فلم تعرف ملكها غنيا كان أو فقيرا روي ذلك عن عمرو ابن مسعود وعائشة رضي الله عنهم وبه قال عطاء والشافعي واسحق وابن المنذر وروي عن علي وابن عباس والشعبي والنخعي وطاوس وعكرمة نحو ذلك، وقال مالك والحسن بن صالح والثوري وأصحاب الرأى: يتصدق بها فإذا جاء صاحبها خير بين الاجر والغرم لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن اللقطة فقال
" عرفها حولا " وروي ثلاثة أحوال " فان جاء ربها والا تصدق بها فإذا جاء ربها فرضي بالاجر والا غرمها " ولانها مال لمعصوم لم يرض بزوال ملكه عنها ولا يوجد منه سبب يقتضي ذلك فلم يزل ملكه عنه كغيرها قالوا وليس له أن يتملكها الا أن أبا حنيفة قال له ذلك ان كان فقيرا من غير ذوي القربى
لما روي عياض بن حمار المجاشعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من وجد لقطة فليشهد عليها ذا عدل أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب فان وجد صاحبها فليردها عليه والا فهي مال الله يؤتيه من يشاء " رواه النسائي قالوا وما يضاف إلى الله تعالى انما يتملكه من يستحق الصدقة ونقل حنبل عن أحمد مثل هذا القول فأنكره الخلال وقال ليس هذا مذهبا لاحمد ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد " فان لم تعرف فاستنفقها " وفي لفظ " وإلا فهي كسائر مالك " وفي لفظ " ثم كلها " وفي لفظ " فانتفع بها " وفي لفظ " فشأنك بها " في حديث أبي بن كعب وفي لفظ " فاستمتع بها " وهو حديث صحيح ولان من ملك بالقرض ملك اللقطة كالفقير ومن جاز له الالتقاط ملك به بعد التعريف كالفقير وحديثهم عن أبي هريرة لم يثبت ولا نقل في كتاب يعتمد عليه ولا به ودعواهم في حديث عياض أن ما يضاف إلى الله تعالى لا يتملكه الا من يستحق الص؟؟؟؟؟
لها وبطلانها ظاهر فان الاشياء كلها تضاف إلى الله تعالى خلقا وملكا قال الله تعالى (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * (مسألة) * (وعن أحمد لا يملك الا الاثمان وهو ظاهر المذهب وهل له الصدقة بغيرها؟ على روايتين) كلما جاز التقاطه ملك بالتعريف عند تمامه أثمانا كان أو غيرها وهو ظاهر كلام الخرقي ونقل ذلك عن أحمد فروى عنه محمد بن الحكم في الصياد يقع في شبكته الكيس أو النحاس يعرفه سنة فان جاء صاحبها وإلا فهو كسائر ماله وهذا نص في النحاس وقال ابن أبي موسى هل حكم العروض في التعريف وجواز التصرف بعد ذلك حكم الاثمان؟ على روايتين أظهرهما أنها كالاثمان قال شيخنا ولا أعلم بين أكثر أهل العلم فرقا بين الاثمان والعروض في ذلك وقال أكثر أصحابنا لا تملك العروض
بالتعريف قال القاضي نص عليه أحمد في رواية الجماعة واختلفوا فيما يصنع بها فقال أبو بكر وابن عقيل يعرفها أبدا وقال القاضي هو بالخيار بين أن يقيم على تعريفها حتى يجئ صاحبها وبين دفعها إلى الحاكم ليري رأيه فيها وهل له بيعها بعد الحول والصدقة بها؟ على روايتين (احداهما) يجوز كما تجوز الصدقة بالغصوب التي لا يعرف أربابها (والثانية) لا يجوز لانه يحتمل أن يظهر صاحبها فيأخذها وقال الخلال كل من روى عن أحمد روى عنه أنه يعرفه سنة ويتصدق به والذي روي عنه أنه يعرفها أبدا
قول قديم رجع عنه واحتجوا بانه قد روي عن ابن عمر وابن عباس وابن مسعود مثل قولهم ولانها لقطة لا تملك في الحرم فلا تملك في غيره كالابل ولان الخبر ورد في الاثمان وغيرها لا يساويها لعدم الغرض المتعلق بعينها فمثلها لا يقوم مقامها من كل وجه ولنا عموم الاحاديث في اللقطة فان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة فقال " عرفها سنة " ثم قال في آخره " فشأنك بها - أو - فانتفع بها " وفي حديث عياض بن حمار " من وجد لقطة " وهو لفظ عام وقد روى الجوزجاني والاثرم في كتابيهما ثنا أبو نعيم ثنا هشام بن سعد قال حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف ترى في متاع يوجد في الطريق المعتاد أو في قرية مسكونة؟ قال " عرفه سنة فان جاء صاحبه والا فشأنك به " ورويا ان سفيان بن عبد الله وجد عيبة فأتى بها عمر بن الخطاب فقال عرفها سنة فان عرفت والا فهي لك زاد الجوزجاني فلم تعرف فلقيه بها العام فذكرها له فقال عمر هي لك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك ورواه النسائي وهذا نص في غير الاثمان وروى الجوزجاني باسناده عن الحر بن الصباح قال كنت عند ابن عمر بمكة إذ جاءه رجل فقال اني وجدت هذا البرد وقد نشدته وعرفته فلم يعرفه أحد وهذا يوم التروية يوم
يتفرق الناس فقال ان شئت قومته قيمة عدل ولبسته وكنت له ضامنا متى جاء صاحبه دفعت إليه ثمنه وان لم يجئ له طالب فهو لك ان شئت ولان ما جاز التقاطه ملك بالتعريف كالاثمان وما حكوه عن الصحابة ان صح فقد حكينا عن عمر وابنه خلافه وقولهم انها لقطة لا تملك في الحرم ممنوع ثم هو
منقوض بالاثمان وقياسها على الابل لا يصح لان معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يأتيها ربها ولا يوجد ذلك في غيرها ولان الابل لا يجوز التقاطها فلا تملك وههنا يجوز التقاطها فملك به كالاثمان وقولهم ان النص خاص في الاثمان قلنا بل هو عام في كل لقطة فيجب العمل بعمومه وان ورد فيها نص خاص فقد روي خبر عام فيعمل بها ثم قد رويناه في العوض فيجب العمل به كما وجب العمل بالخاص في الاثمان ثم لو اختص الخبر بالاثمان لوجب أن يقاس عليها ما في معناها كسائر النصوص التي عقل في معناها ووجد غيرها وههنا قد وجد المعنى فيجب قياسه على المنصوص عليه بل المعنى ههنا أكد فيثبت الحكم فيه بطريق البينة، بيانه أن الاثمان لا تتلف بمضي الزمان عليها وانتظار صاحبها بها أبدا والعروض تتلف بذلك ففي النداء عليها دائما هلاكها وضياع ماليتها على صاحبها وملتقطها وسائر الناس وفي إباحة الانتفاع بها وملكها بعد التعريف حفظ لماليتها علي صاحبا بدفع
قيمتها إليه ونفع لغيره فيجب ذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ولما فيه من المصلحة والحفظ لمال المسلم عليه ولان في اثبات الملك حثا على التقاطها وحفظها وتعريفها لكونه وسيلة إلى الملك المقصود للآدمي وفي نفي ملكها تضييع لها لما في التقاطها من الخطر والمشقة والكلف من غير نفع يصل إليه فيؤدي إلى أن لا يلتقطها أحد فتضيع وما ذكره في الفرق ملغي في الشاة فقد ثبت الملك فيها مع هذا الفرق ثم يمكننا أن نقيس على الشاة فلا يحصل هذا الفرق بين الفرع والاصل ثم نقلب دليلهم فنقول لقطة لا تملك في الحرم فما أبيح التقاطه منها ملك إذا كان في الحل وما لا يباح لا يملك كالابل
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: