الفقه الحنبلي - الظهار
* (مسألة) * (الا الحيض فانه يحتسب عليه بمدته وفي النفاس وجهان) قد ذكرنا ان المانع إذا كان من جهتها لا يحتسب عليه الا الحيض فانه يحتسب عليه ولا يمنع ضرب المدة إذا كان موجودا وقت الايلاء لانه لو منع لم يمكن ضرب المدة لان الحيض في
الغالب لا يخلو منه شهر فيؤدي ذلك إلى اسقاط حكم الايلاء وان طرأ الحيض لم تقع المدة لما ذكرنا والنفاس مثل الحيض
في أحد الوجهين لان أحكامه أحكام الحيض (والثاني) هو كسائر الاعذار التي من جهتها لانه نادر غير معتاد فاشبه سائر الاعذار فأما ان جنت وهربت من يده انقطعت المدة وان بقيت في يده وأمكنه وطؤها احتسب عليه بها فان قيل فهذه الاسباب منها ما لا صنع لها فيه فلا ينبغي ان يقطع المدة كالحيض قلنا إذا كان المنع لمعني فيها فلا فرق بين كونه بفعلها أو بغير فعلها كما ان البائع إذا تعذر عليه تسليم المعقود عليه لم تتوجه له المطالبة بعوضه سواء كان لعذر أو لغير عذر وان آلى في الردة لم تضرب له المدة الا من حين رجوح المرتد منهما إلى الاسلام فان طرأت الردة في أثناء المدة انقطعت لان النكاح قد تشعث وحرم الوطئ فان عاد إلى الاسلام استؤنفت المدة سواء كانت الردة منهما أو من أحدهما وكذلك ان اسلم احد الزوجين الكافرين أو خالعها ثم تزوجها * (مسألة) * (وان طلقها في أثناء المدة انقطعت) لانها صارت ممنوعة بغير اليمين قانقطعت المدة كما لو كان الطلاق بائنا سواء بانت بفسخ أو طلاق ثلاث أو بخلع أو بانقضاء عدتها من الطلاق الرجعي لانها صارت أجنبية منه ولم يبق شئ من أحكام نكاحها فان عاد فتزوجها عاد حكم الايلاء من حين تزوجها وكذلك ان كان الطلاق رجعيا فراجعها استؤنفت المدة كما لو كان الطلاق بلائنا فتزوجها فان كان الباقي من مدة يمينه أربعة أشهر فما دون لم يثبت حكم الايلاء لان مدة التربص أربعة أشهر وان كان أكثر من أربعة أشهر تربص أربعة أشهر ثم وقف لها فاما ان يفئ أو يطلق فان لم يطلق طلق عليه الحاكم وهذا قول مالك وقال أبو حنيفة ان كان الطلاق أقل من ثلاث ثم تركها حتى انقضت عدتها ثم نكحها عاد الايلاء وان استوفي عدد الطلاق لم يعد الايلاء
لان حكم النكاح الاول زال بالكلية ولهذا ترجع إليه في طلاق ثلاث فصار ايلاؤه في النكاح الاول كايلائه من أجنبية وقال أصحاب الشافعي يحصل من أقواله ثلاثة أقاويل قولان كالمذهبين وقول ثالث لا يعود حكم الايلاء بحال وهو قول ابن المنذر لانها صارت بحال لو آلى منها لم يصح ايلاؤه فبطل حكم الايلاء منهما كالمطلقة ثلاثا ولنا انه ممتنع من وطئ امرأته بيمين في حال نكاحها فثبت له حكم الايلاء كما لو لم يطلق وفارق الايلاء من الاجنبية فانه لا يقصد باليمين عليها الاضرار بها بخلاف مسئلتنا (فصل) فان آلى من امرأته الامة ثم اشتراها ثم اعتقها وتزوجها عاد الايلاء ولو كان المولي عبدا فاشترته امرأته ثم اعتقته وتزوجته عاد الايلاء ولو بانت الزوجة بردة أو اسلام من أحدهما أؤ غيره ثم تزوجها تزويجا جديدا عاد الايلاء وتستأنف المدة في جميع ذلك سواء عادت إليه بعد زوج ثان أو قبله لان اليمين كانت منه في حال الزوجية فبقي حكمها ما وجدت الزوجية وهكذا لو قال لزوجته ان دخلت الدار والله لا جامعتك ثم طلقها ثم نكحت غيره ثم تزوجها عاد حكم الايلاء لان الصفة المعقودة في حال الزوجية لا تنحل بزوال الزوجية فان دخلت الدار في حال البينونة ثم عاد فتزوجها لم يثبت حكم الايلاء في حقه لان الصفة وجدت في حال كونها اجنبية ولا ينعقد الايلاء بالحف على الاجنبية بخلاف ما إذا دخلت وهي امرأته * (مسألة) * (وان انقضت المدة وبها عذر يمنع الوطئ لم تملك طلب الفيئة) لان الوطئ ممتنع من جهتها فلم يكن لها مطالبته بما تمنعه منه ولان المطالبة مع الاستحقاق وهي
لا تستحق الوطئ في هذه الاحوال وليس لها المطالبة بالطلاق لانه انما يستحق عند امتناعه ولم يجب عليه شئ ولكن تتأخر المطالبة إلى حال زوال العذر وان لم يكن العذر قاطعا للمدة كالحيض أو كان العذر حدث بعد انقضاء المدة * (مسألة) * (وان كان العذر به وهو مما يعجز به عن الوطئ من مرض أو حبس بغير حق أو غيره لزمه ان يفئ بلسانه)
فيقول متى قدرت جامعتك أو نحو هذا وممن قال يفئ بلسانه إذا كان ذا عذر ابن مسعود وجابر بن زيد والنخعي والحسن والزهري والاوزاعي وعكرمة وأبو عبيد وأصحاب الرأي وقال سعيد بن جبير لا يكون الفيئ الا الجماع في حال العذر وغيره وقال أبو ثور إذا لم يقدر لم يوقف حتى يصح أو يصل ان كان غائبا ولا تلزمه الفيئة بلسانه لان الضرر ترك الوطئ ولا يزول بالقول وقال بعض الشافعية يحتاج ان يقول قد ندمت على ما فعلت وان قدرت وطئت ولنا ان القصد بالفيئة ترك ما قصد بنفس الاضرار وقد ترك قصد الاضرار بما أتي به من الاعتذار والقول مع العذر يقوم مقام فعل القادر بدليل ان اشهاد الشفيع على الطلب بالشفعة عند العجز عن طلبها يقوم مقام طلبها عند الحضور في اثباتها ولا يحتاج ان يقول ندمت لان الغرض ان يظهر رجوعه من المقام علي اليمين وقد حصل بظهور عزمه عليه وحكى أبو الخطاب عن القاضي ان فيئة المعذور ان يقول فئت اليك وهو قول الثوري وأبي عبيد وأصحاب الرأي والذي ذكر القاضي في المجرد مثل ما ذكر الخرقي وهو أحسن لان وعده بالفعل عند القدرة عليه دليل على ترك قصد الاضرار وفيه نوع من الاعتذار وإخبار
بازالته الضرر عند امكانه ولا يحصل بقوله فئت اليك شئ من هذا فأما العاجز لجب أو شلل ففيئته ان يقول لو قدرت لجامعتها لان ذلك يزيل ما حصل بايلائه والاحرام كالمرض في ظاهر قول الخرقي وكذلك على قياسه الاعتكاف المنذور والظهار ومتي قدر على الفيئة وهي الجماع طولب به لانه تأخر للعذر فإذا زال العذر طولب به كالدين الحال فان لم يفعل أمر بالطلاق وهذا قول كل من يقول يوقف المولي لان الله تعالى قال (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) فإذا امتنع من أداء الواجب عليه فقد امتنع من الامساك بالمعروف فيؤمر بالتسريح بالاحسان فان كان قد فاء بلسانه في حال العذر ثم قدر على الوطئ امر به فان فعل والا أمر بالطلاق وهذا قول الشافعي وقال أبو بكر إذا فاء بلسانه لم يطالب بالفيئة مرة أخرى وخرج من الايلاء وهو قول الحسن وعكرمة والاوزاعي لانه فاء مرة فخرج من الايلاء ولم تلزم فيئة ثانية كما لو فاء بالوطئ وقال أبو حنيفة تستأنف له مدة الايلاء لانه وفاها حقها بما أمكنه من الفيئة فلا يطالب الا بعد استئناف مدة الايلاء كما لو طلقها ولنا أنه أخر حقها لعجزه عنه فإذا قدر عليه لزمه ان يوفيها إياه كالدين على المعسر إذا قدر
عليه وما ذكره فليس بحقها ولا يزال الضرر عنها وانما وعدها بالوفاء فلزمها الصبر عليه وانظاره كالغريم المعسر.
(فصل) وليس على من فاء بلسانه كفارة ولا حنث لانه لم يفعل المحلوف عليه وإنما وعد بفعله فهو كمن عليه دين حلف أن لا يوفيه ثم أعسر به فقال متى قدرت وفيته * (مسألة) * (وإن كان مظاهرا فقال أمهلوني حتى أطلب رقبة أعتقها عن ظهاري أمهل ثلاثة أيام ذكر شيخنا أن الظهار كالمرض في قياس قول الخرقي.
وكذلك الاعتكاف المنذور، وقد ذكر أصحابنا أن المظاهر لا يمهل ويؤمر بالطلاق فيخرج من هذا أن كل عذر من فعله يمنع الوطئ لا يمهل من أجله وهو مذهب الشافعي لان الامتناع بسبب منه فلا يسقط حكما واجبا فعلى هذا لا يؤمر بالوطئ لانه محرم عليه ولكن يؤمر بالطلاق ووجه القول الاول أنه عاجز من الوطئ بامر لا يمكنه الخروج منه فاشبه المريض.
فأما المظاهر فيقال له إما أن تكفر وتفئ واما أن تطلق فان قال أمهلوني حتى أطلب رقبة أو أطعم فان علم أنه قادر على التكفير في الحال وانما يقصد المدافعة والتأخير لم يمهل لان الحق حال عليه وانما يمهل للحاجة وان لم يعلم أمهل ثلاثة أيام فانها قريبة ولا يزاد على ذلك وان كان فرضه الصيام فطلب الامهال ليصوم شهرين متتابعين لم يمهل لانه كثير ويتخرج أن يفئ بلسانه فيئة المعذور ويمهل حتى يصوم كقولنا في المحرم فان وطئها فقد عصى وانحل إيلاؤه ولها منعه لانه وطئ محرم عليهما، وقال القاضي: يلزمها التمكين، وان امتنعت سقط حقها في الوطئ وقد بذله لها ومتى وطئها فقد وفاها حقها والتحريم عليه دونها.
ولنا انه وطئ حرام فلا يلزم التمكين منه كالوطئ في الحيض والنفاس وهذا ينقض دليله ولا نسلم أن التحريم عليه دونها فان الوطئ متى حرم على احدهما حرم على الآخر لكونه فعلا واحدا
ولو جاز اختصاص أحدهما بالتحريم لاختصت المرأة بتحريم الوطئ في الحيض والنفاس واحرامها
وصيامها لاختصاصها بسببه (فصل) وان انقضت المدة وهو محبوس بحق يمكنه أداؤه طولب بالفيئة لانه قادر عليها باداء ما عليه فان لم يفعل أمر بالطلاق وان كان عاجزا عن أدائه أو حبس ظلما أمر بفيئة المعذور وان انقضت وهو غائب والطريق آمن فلها أو توكل من يطالبه بالمسير إليها أو حملها إليه فان لم يفعل أخذ بالطلاق وان كان الطريق مخوفا أوله عذر يمنعه فاء فيئة المعذور (فصل) فان كان مغلوبا على عقله بجنون أو اغماء لم يطالب لانه لا يصلح للخطاب ولا يصح منه الجواب وتتأخر المطالبة إلى حال القدرة وزوال العذر ثم يطالب حينئذ * (مسألة) * وان قال أمهلوني حتى أقضي صلاتي أو أتغدى فاني جائع أو حتى ينهضم الطعام أو أنام فاني ناعس أمهل بقدر ذلك) لانه عذر ولا يمهل أكثر من قدر الحاجة كالدين الحال وكذلك ان قال أمهلوني حتى أفطر من صومي أمهل لذلك وان قال أمهلوني حتى أرجع إلى بيتي أمهل لان العادة فعل ذلك في بيته (فصل) فان كانت المرأة صغيرة أو مجنونة فليس لهما المطالبة لان قولهما غير معتبر وليس لوليهما المطالبة لان هذا طريقه الشهوة فلا يقوم غيرهما مقامهما فيه فان كانتا ممن لا يمكن وطؤهما لم يحتسب عليه بالمدة لان المنع من جهتهما وإن كان وطؤهما ممكنا فأفاقت المجنونة أو بلغت الصغيرة قبل انقضاء المدة تمت المدة ثم لهما المطالبة وان كان ذلك بعد انقضاء المدة فلهما المطالبة يومئذ لان الحق لهما
ثابت وانما تأخر لعدم امكان المطالبة، وقال الشافعي لا تضرب المدة في الصغيرة حتى تبلغ وقال أبو حنيفة تضرب المدة سواء أمكن الوطئ أو لم يمكن فان لم يمكن الوطئ فاء بلسانه والا بانت بانقضاء المدة وكذلك الحكم عنده في الناشز والرتقاء والقرناء والتي غابت في المدة لان هذا إيلاء صحيح فوجب أن تتعقبه المدة كالتي يمكنه جماعها ولنا أن حقها من الوطئ يسقط بتعذر جماعها فوجب أن تسقط المدة المضروبة له كما يسقط أجل الدين بسقوطه، وأما التي أمكنه جماعها فتضرب له المدة في حقها لانه إيلاء صحيح ممن يمكنه جماعها
فتضرب له المدة كالبالغة ومتى قصد الاضرار بهما بترك الوطئ اثم ويستحب ان يقال له اتق الله فاما أن تفئ واما أن تطلق فان الله تعالى قال (وعاشروهن بالمعروف) * (مسألة) * فان لم يبق له عذر طلبت الفيئة وهي الجماع وليس في هذا اختلاف قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من اهل العلم على أن الفئ الجماع كذلك قال ابن عباس، وروي ذلك عن علي وابن مسعود، وبه قال عطاء والشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والثوري والاوزاعي والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي إذا لم يكن عذر وأصل الفئ الرجوع إلى فعل ما تركه.
* (مسألة) * (فإذا جامع انحلت يمينه وعليه كفارتها) في قول أكثر أهل العلم منهم زيد وابن عباس وبه قال ابن سيرين والثوري والنخعي وقتادة ومالك وأهل المدينة وأبو عبيد وأصحاب الرأي وابن
المنذر وهو ظاهر مذهب الشافعي وله قول آخر لا كفارة عليه وهو قول الحسن وقال النخعي كانوا يقولون ذلك لان الله تعالى قال (فان فاءوا فان الله غفور رحيم) قال قتادة هذا خالف الناس يعني قول الحسن ولنا قول الله تعالى (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين - إلى قوله - ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) وقال سبحانه (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا حلفت على يمينه فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك " متفق عليه ولانه حالف حانث في يمينه فقبلت منه الكفارة كما لو حلف على ترك فريضة ثم فعلها، والمغفرة لا تنافي الكفارة فان الله تعالى قد غفر لرسوله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وقد كان يقول " اني والله لا أحلف علي يمين فأرى غيرها خيرا منها الا اتيت الذي هو خير وتحللتها " متفق عليه * (مسألة) * (وادنى ما يكفى من ذلك تغييب الحشفة في الفرج) لان احكام الوطئ تتعلق به فان وطئ في الدبر أو دون الفرج لم تحصل الفيئة به لانه ليس بمحلوف عليه ولا يزول الضرر بفعله (فصل) فان وطئها ناسيا ليمينه فهل يحنث؟ على روايتين فان قلنا يحنث انحل إيلاؤه وان قلنا لا يحنث فهل ينحل إيلاؤه؟ على وجهين قياسا على المجنون، وكذلك يخرج فيما إذا آلى من زوجته ثم وجدها
في فراشه فظنها الاخرى فوطئها لانه جاهل بها والجاهل كالناسي في الحنث وكذلك ان ظنها أجنبية فبانت زوجته وان استدخلت ذكره وهو نائم لم يحنث لانه لم يفعل ما حلف عليه، ولان القلم مرفوع عنه وهل يخرج من حكم الايلاء؟ يحتمل وجهين (احدهما) يخرج لان المرأة وصلت إلى حقها فأشبه ما لو وطئ (الثاني)
لا يخرج من حكم الايلاء لانه ما وفاها حقها وهو باق على الامتناع من الوطئ بحكم اليمين فكان موليا كما لو لم تفعل به ذلك والحكم فيما إذا وطئ وهو نائم كذلك لانه لا يحنث به * (مسألة) * (وان وطئها في الفرج وطأ محرما مثل أن يطأ في الحيض أو النفاس أو الاحرام أو صيام فرض من أحدهما أو مظاهرا فقد فاء إليها) لان يمينه انحلت فزال حكمها وزال عنها الضرر وهذا مذهب الشافعي وقال أبو بكر قياس المذهب أن لا يخرج من الايلاء لانه وطئ لا يؤمر به في الفيئة فلم يخرج به من الفيئة كالوطئ في الدبر، والذي ذكره لا يصح لان يمينه انحلت ولم يبق ممتنعا من الوطئ بحكم اليمين فلم يبق الايلاء كما لو كفر يمينه أو كما لو وطئها مريضة، وقد نص أحمد فيمن حلف ثم كفر يمينه أنه لا يبقى موليا لعدم حكم اليمين مع أنه ما وفاها حقها فلان يزول بحنثه فيها أولى، وقد ذكر القاضي في المحرم والمظاهر أنهما إذا وطئا فقد وفياها حقها، وفارق الوطئ في الدبر فانه لا يحنث به وليس بمحل للوطئ بخلاف مسئلتنا (فصل) فان كان الايلاء بتعليق عتق أو طلاق وقع بنفس الوطئ لانه معلق بصفة وقد وجدت وان كان على نذر عتق أو صوم أو صلاة أو حج أو غير ذلك من الطاعات أو المباحات فهو مخير بين الوفاء به وبين التكفير لانه نذر لجاج أو غضب وهذا حكمه، فان علق طلاقها الثلاث بوطئها لم يؤمر بالفيئة وأمر بالطلاق لان الوطئ غير ممكن لكونها تبين منه بايلاج الحشفة فيصير مستمتعا بأجنبية وهذا قول بعض أصحاب الشافعي وأكثرهم قال تجوز الفيئة لان النزع ترك للوطئ وترك الوطئ ليس بوطئ وقد ذكر القاضي ان كلام احمد يقتضي روايتين كهذين الوجهين، قال شيخنا واللائق بمذهب أحمد تحريمه لوجوه ثلاثة: (أحدها) ان آخر الوطئ يحصل في أجنبية كما ذكرناه فان النزع يتلذذ به كما يلتذ بالايجلاج فيكون في
حكم الوطئ ولذلك قلنا فيمن طلع عليه الفجر وهو مجامع فنزع أنه يفطر، والتحريم ههنا اولى لان الفطر بالوطئ ويمكن منع كون النزع وطأ والمحرم ههنا الاستمتاع والنزع استمتاع فكان محرما ولان لمسها على وجه التلذذ محرم فمس الفرج بالفرج اولى بالتحريم، فان قيل فهذا انما يحصل ضرورة ترك الوطئ المحرم قلنا فإذا لم يمكن الوطئ إلا بفعل محرم حرم ضرورة ترك الحرام كما لو اختلط لحم الخنزير بلحم مباح لا يمكنه أكله إلا بأكل لحم الخنزير حرم، ولو اشتبهت ميتة بمذكاة أو امرأته باجنبية حرم الكل (والوجه الثاني) أنه بالوطئ يحصل الطلاق بعد الاصابة وهو طلاق بدعة فكما يحرم إيقاعه بلسانه يحرم بتحقيق سببه (الثالث) أنه يقع به طلاق البدعة من وجه آخر وهو جمع الثلاث فان وطئ فعليه النزع حين يولج الحشفة ولا يزيد على ذلك ولا يلبث ولا يتحرك عند النزع لانها أجنبية فان فعل ذلك فلا حد ولا مهر لانه تارك للوطئ وان لبث أو تمم الايلاج فلا حد عليه لتمكن الشبهة منه لكونه وطأ في زوجته، وفي المهر وجهان (أحدهما) يلزمه لانه حصل منه وطئ محرم في محل غير مملوك فاوجب المهر كما لو أولج بعد النزع (والثاني) لا يجب لانه تابع الايلاج في محل مملوك فكان تابعا له في سقوط المهر، وان نزع ثم أولج وكانا جاهلين بالتحريم فلا حد عليهما وعليه المهر لها ويلحقه النسب، وان كانا عالمين بالتحريم فعليهما الحد لانه ايلاج في أجنبية بغير شبهة فأشبه ما لو طلقها ثلاثا ثم وطئها ولا مهر لها لانها مطاوعة على الزنا ولا يلحقه النسب لان من زنا لا شبهة فيه، وذكر القاضي وجها أنه لا حد عليهما لان هذا يخفى على كثير من الناس وهو وجه لاصحاب الشافعي، والصحيح الاول لان الكلام في العالمين وليس هو في مظنه الخفاء لان أكثر
المسلمين يعلمون أن الطلاق الثلاث محرم للمرأة، وان كان أحدهما عالما والآخر جاهلا نظرت فان كان هو العالم فلها المهر وعليه الحد ولا يلحقه النسب لانه زان محدود وان كانت هي العالمة دونه فعليها الحد وحدها ولا مهر لها ويلحقه النسب لان وطأه وطئ شبهة (فصل) فان قال ان وطئتك فانت علي كظهر أمي فقال أحمد لا يقربها حتى يكفر وهذا نص في تحريمها قبل التكفير وهو دليل على تحريم الوطئ في المسألة التي قبلها بطريق التنبيه لان المطلقة ثلاثا
أعظم تحريما من المظاهر منها فإذا وطئ ههنا فقد صار مظاهرا من زوجته وزال حكم الايلاء ويحتمل ان أحمد أراد إذا وطئها مرة فلا يطؤها اخرى حتى يكفر لكونه صار بالوطئ مظاهرا إذ لا يصح تقديم الكفارة على الظهار لانه سببها ولا يجوز تقديم الحكم على سببه، ولو كفر قبل الظهار لم يجزئه وقد روى اسحاق قال قلت لاحمد فيمن قال لزوجته أنت علي كظهر أمي ان قربتك إلى سنة فقال ان جاءت تطلب فليس له ان يعضلها بعد مضي الاربعة الاشهر فيقال له إما ان تفئ وإما ان تطلق فان وطئها فقد وجب عليه كفارة وان أبى وأرادت مفارقته طلقها الحاكم عليه فينبغي ان تحمل الرواية الاولى على الوطئ بعد الوطئ الذى صار به مظاهرا لما ذكرناه فتكون الروايتان متفقتين والله أعلم (فصل) وان انقضت المدة وادعى أنه عاجز عن الوطئ فان كان قد وطئها مرة لم تسمع دعواه الفيئة كما لا تسمع دعواها عليه ويؤخذ بالفيئة أو بالطلاق كغيره وان لم يكن وطئها ولم تكن حاله معروفة فقال القاضي تسمع دعواه ويقبل قوله لان العنة من العيوب التي لا يقف عليها غيره وهذا ظاهر نص
الشافعي ولها ان تسأل الحاكم فيضرب له مدة العنة بعد ان يفئ فيئة المعذور، وفيه وجه آخر أنه لا يقبل قوله لانه متهم في دعوى ما يسقط عنه حقا توجه عليه الطلب به والاصل سلامته منه، وان اعترفت أنه قد أصابها مرة وأنكر ذلك لم يكن لها المطالبة بضرب مدة العنة لاعترافها بعدم عنته والقول قوله في عدم الاصابة * (مسألة) * (وان لم يفئ واعفته المرأة سقط حقها ويحتمل ان لا يسقط ولها المطالبة بعد) إذا عفت المرأة عن المطالبة بالفيئة بعد وجوبها فقال بعض أصحابنا يسقط حقها وليس لها المطالبة قال القاضي هذا قياس المذهب لانها رضيت باسقاط حقها من الفسخ فسقط حقها منه كامرأة العنين إذا رضيت بعنته ويحتمل ان لا يسقط حقها ولها المطالبة متى شاءت وهذا مذهب الشافعي لانها ثبتت لدفع الضرر بترك ما يتجدد مع الاحوال فكان لها الرجوع كما لو أعسر بالنفقة فعفت عن المطالبة بالفسخ ثم طالبت، وفارق الفسخ للعنة فانه فسخ لعيبه فمتى رضيت بالعيب سقط حقها كما لو عفا المشتري عن عيب المبيع، فاما ان سكتت عن المطالبة ثم طالبت بعد فلها ذلك وجها واحدا لانها حقها يثبت على التراخي فلم يسقط
بتأخر المطالبة كاستحقاق النفقة * (مسألة) * (وان لم تعفه أمر بالطلاق ان طلبت ذلك) لقول الله سبحانه (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فان فاءوا فان الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فان الله سميع عليم) وقال تعالى (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) فإذا امتنع من اداء الواحب فقد امتنع من الامساك بالمعروف فيؤمر بالتسريح باحسان
* (مسألة) * (فان طلق واحدة فله رجعتها وعنه أنها تكون بائنة) وجملة ذلك ان الطلاق الواجب على المولي رجعي سواء أوقعه بنفسه أو طلق الحاكم عليه وبهذا قال الشافعي قال الاثرم قلت لابي عبد الله في الولي فان طلقها قال تكون واحدة وهو أحق بها وعن أحمد رواية أخرى ان فرقة الحاكم تكون بائنا ذكر أبو بكر الروايتين جميعا وقال القاضي المنصوص عن أحمد في فرقة الحاكم أنها تكون بائنا فان في رواية الاثرم وقد سئل إذا طلق عليه السلطان أتكون واحدة؟ فقال إذا طلق فهي واحدة وهو أحق بها، فأما تفريق السلطان فليس فيه رجعة، وقال أبو ثور طلاق المولي بائن سواء طلق هو أو طلق عليه الحاكم لانها فرقة لدفع الضرر فكانت بائنا كفرقة العنة ولانها لو كانت رجعية لم يندفع الضرر، وقال أبو حنيفة يقع الطلاق بانقضاء المدة بائنا، ووجه الاول أنه طلاق صادق مدخولا بها من غير عوض ولا استيفاء عدد فكان رجعيا كالطلاق في غير الايلاء، ويفارق فرقة العنة لانها فسخ لعيب وهذه طلقة ولانه لو أبيح له ارتجاعها لم يندفع عنها الضرر وهذه يندفع عنها الضرر فهذه إذا ارتجعها ضربت له مدة أخرى ولان العنين قد يئس من وطئه فلا فائدة في رجعته وهذا غير عاجز ورجعته دليل على رغبته فيها وإقلاعه عن الاضرار بها فافترقا * (مسألة) * (فان لم يطلق حبس وضيق عليه حتى يطلق في إحدى الروايتين والاخرى يطلق الحاكم عليه) إذا امتنع المولي من الفيئة بعد التربص أو امتنع المعذور من الفيئة بلسانه أو امتنع من الوطئ بعد زوال عذره أمر بالطلاق فان طلق وقع طلاقه الذي أوقعه واحدة كانت أو أكثر وليس للحاكم إجباره
على أكثر من طلقة لانه يحصل الوفاء لحقها بها فانها تفضي إلى البينونة والتخلص من ضرره، وان امتنع من الطلاق طلق الحاكم عليه وبه قال مالك، وعن أحمد رواية أخرى ليس للحاكم الطلاق عليه لان ما خير الزوج فيه بين أمرين لم يقم الحاكم مقامه فيه كالاختيار لبعض الزوجات في حق من أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة أو أختان، فعلى هذا يحبسه أو يضيق عليه حتى يفئ أو يطلق وللشافعي قولان كالروايتين ووجه الرواية الاخرى ان ما دخلته النيابة وتعين مستحقه وامتنع من هو عليه قام الحاكم مقامه فيه كقضاء الدين وفارق الاختيار فانه ما تعين مستحقه وهذا أصح في المذهب وهو اختيار الخرقي وليس للحاكم ان يأمره بالطلاق ولا يطلق عليه إلا ان تطلب المرأة ذلك لانه حق لها وإنما الحاكم يستوفي لها الحق فلا يكون إلا عند طلبها * (مسألة) * (فان طلق واحدة فهو كطلاق المولي) يعني إذا طلق الحاكم واحدة فهل هي رجعية أو بائنة؟ على روايتين لانه قام مقامه وناب عنه فكان حكمه حكم المولي وان طلق الحاكم ثلاثا أو فسخ جاز لان المولي إذا امتنع من الفيئة والطلاق قام الحاكم مقامه فملك من الطلاق ما يملكه المولي واليه الخيرة فيه وإن شاء طلق واحدة وان شاء اثنتين وان شاء ثلاثا وان شاء فسخ قال القاضي هذا ظاهر كلام أحمد وقال الشافعي ليس له إلا واحدة لان ايفاء الحق يحصل بها فلم يملك زيادة عليها كما لم يملك الزيادة على وفاء الدين في حق الممتنع ولنا ان الحاكم قائم مقامه فملك من الطلاق ما يملكه كما لو وكله في ذلك وليس ذلك زيادة على حقها فان حقها الفرقة غير أنها تتنوع وقد يرى الحاكم المصلحة في تحريمها عليه ومنعه رجعتها لعلمه بسوء قصده وحصول المصلحة ببعده قال أبو عبد الله إذا قال فرقت بينكما فانما هو فسخ وإذا قال طلقت واحد فهي واحدة وإذا قال طلقت ثلاثا فهي ثلاث * (مسألة) * (وان ادعى ان المدة ما انقضت وادعت مضيها فالقول قوله في أنها لم تمض مع يمينه) وانما كان كذلك لان الاختلاف في مضي المدة ينبني على الخلاف في وقت يمينه فانهما لو اتفقا
على وقت اليمين حسب من ذلك الوقت فعلم هل انقضت المدة أو لا وزال الخلاف، أما إذا اختلفا في
وقت اليمين فقال حلفت في غرة رمضان وقالت بل حلفت في غرة شعبان فالقول قوله لانه يصدر من جهته وهو أعلم به فكان القول قوله فيه كما لو اختلفا في أصل الايلاء، ولان الاصل عدم الحلف في غرة شعبان فكان قوله في نفيه موافقا للاصل ويكون ذلك مع يمينه في قول الخرقي وهو مذهب الشافعي وقال أبو بكر لا يمين عليه قال القاضي وهو أصح لانه اختلاف في أحكام النكاح فلم تشرع فيه اليمين كما لو ادعى زوجية امرأة فانكرته، والاول أولى لقول النبي صلى الله عليه وسلم اليمين على المدعى عليه ولانه حق لآدمي يجوز بذله فيستحلف فيه كالديون * (مسألة) * (فان ادعى انه وطئها فأنكرته وكانت ثيبا فالقول قوله مع يمينه) اختاره الخرقي وهو مذهب الشافعي لان الاصل بقاء النكاح والمرأة تدعي رفعه وهو يدعي ما يوافق الاصل فكان القول قوله كما لو ادعى الوطئ في العنة ولان هذا أمر خفي ولا يعلم الا من جهته فقبل قوله فيه كقول المرأة في حيضها وتلزمه اليمين لان ما تدعيه المرأة محتمل فوجب نفيه باليمين ونص أحمد في رواية الاثرم على انه لا يلزمه يمين لانه لا يقضى فيه بالنكول وهذا اختيار أبي بكر فأما ان كانت بكرا واختلفا في الاصابة وادعت انها عذراء أريت النساء الثقات فان شهدن بثيوبتها فالقول قوله وان شهدن ببكارتها فالقول قولها لانه لو وطئها زالت بكارتها، وظاهر كلام الخرقي انه لا يمين ههنا لانه قال في باب العنين فان شهدن بما قالت أجل سنة ولم يذكر يمينه وهذا قول أبي بكر لان البينة تشهد لها فلا تجب اليمين معها وقيل تجب عليها اليمين لاحتمال ان تكون العذرة عادت بعد زوالها وان لم يشهد بها احد فالقول قوله كما لو كانت ثيبا وهل يحلف؟ على وجهين مضي توجيههما
(كتاب الظهار) الظهار مشتق من الظهر وانما خصوا الظهر بذلك من بين سائر الاعضاء لان كل مركوب يسمى ظهرا لحصول الركوب على ظهره في الاغلب فشبهوا الزوجة بذلك وهو محرم لقول الله تعالى وانهم ليقولون منكرا من القول وزورا ومعناه ان الزوجة ليست كالام في التحريم قال الله تعالى (ما هن امهاتهم - وقال سبحانه - وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن امهاتهم) والاصل في الظهار الكتاب والسنة والاجماع
أما الكتاب فقوله تعالى (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن امهاتهم) والآية التى بعدها وأما السنة فروى أبو داود باسناده عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت تظاهر مني اوس بن الصامت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم اشكوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه ويقول " اتق الله فانه ابن عمك " فما برحت حتى نزل القرآن (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) فقال - يعتق رقبة - فقلت لا يجد فقال - يصوم شهرين متتابعين - فقلت يا رسول الله انه شيخ كبير ما به من صيام قال - فليطعم ستين مسكينا - قلت ما عنده من شئ يتصدق قال " فاني سأعينه بعرق من تمر - فقلت يا رسول الله فاني سأعينه بعرق آخر قال - قد احسنت اذهبي فاطعمي عنه ستين مسكينا وارجعي إلى ابن عمك - قال الاصمي العرق بفتح العين والراء هو ماسف من خوص كالزنبيل الكبير وروي أيضا باسناده عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر البياضي قال كنت أصيب من النساء
ما لا يصيب غيري فلما دخل شهر رمضان خفت ان أصيب من امرأتي شيئا يتتايع حتى أصبح فظاهرت منها حتي ينسلخ شهر رمضان فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شئ فلم البث ان نزوت عليها فلم أصبحت خرجت إلى قومي فاخبرتهم الخبر وقلت امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لا والله فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاخبرتبه الخبر فقال " انت بذاك يا سلمة؟ " فقلت أنا بذاك يا رسول الله وانا صابر لحكم الله فاحكم في ما أراد الله قال حرر رقبة قلت والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيري وضربت صفحة رقبتي قال " فصم شهرين متتابعين " قلت وهل أصبت الا من الصيام؟ قال " فاطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا " قلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين مالنا طعام قال - فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها اليك - قال - فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل انت وعيالك بقيتها " فرجعت الي قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول صلى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي وقد أمر لي بصدقتكم * (مسألة) * (والظهار ان يشبه امرأته أو عضوا منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد أو بها أو بعضو منها قيقول انت علي كظهر امي أو كيد اختي أو كوجه حماتي أو يقوم ظهرك أو يدك علي كظهر
أمي أو كيد اختي أو خالتي من نسب أو رضاع فمتى شبه امرأته بظهر من تحرم عليه على التأبيد فيقول انت علي كظهر أمي فهذا ظهار اجماعا) قال ابن المنذر اجمع أهل العلم على ان تصريح الظهار ان يقول انت علي كظهر امي وفي حديث خويلة امرأة اوس بن الصامت انه قال لها انت علي كظهر أمي فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالكفارة (الضرب الثاني) أن يشبهها بظهر من تحرم عليه من ذوي رحمه كجدته وعمته وخالته واخته فهذا ظهار في قول أكثر أهل العلم منهم الحسن وعطاء وجابر بن زيد والشعبي والنخعي والزهري والثوري والاوزاعي ومالك واسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وهو جديد قولي الشافعي وقال في القديم لا يكون الظهار الا بام وجدة لانها أم أيضا لان اللفظ الذي ورد به القرآن مختص بالام فإذا عدل عنه لم يتعلق به ما أوجبه الله تعالى فيه ولنا أنهن محرمات بالقرابة فأشبهن الام واما الآية فقد قال فيها (وانهم ليقولون منكرا من القول وزورا) وهذا موجود في مسئلتنا فجرى مجراه وتعليق الحكم بالام لا يمنع الحكم في غيرها إذا كانت مثلها.
(الثالث) أن يشبهها بظهر من تحرم عليه على التأبيد سوى الاقارب كالامهات المرضعات والاخوات
من الرضاعة وحلائل الاباء والابناء وأمهات النساء والربائب اللاتي دخل بأمهن فهو ظهار أيضا والخلاف فيها كالتي قبلها ووجه المذهبين ما تقدم ويزيد في الامهات المرضعات في دخولها في عموم الامهات وسائرهن في معناها فيثبت فيهن حكمها (فصل) وان قال أنت عندي أو مني أو معي كظهر أمي كان ظهارا بمنزلة علي لان هذه الالفاظ في معناه وان قال جملتك أو بدنك أو جسمك أو ذاتك أو ذلك على كظهر أمي كان ظهارا لانه أشار إليها فهو كقوله أنت وان قال أنت كظهر أمي كان ظهارا لانه اتى بما يقتضي تحريمها عليه فانصرف الحكم إليه كما لو قال أنت طالق وقال بعض الشافعية ليس بظهار لانه ليس فيه ما يدل على ان ذلك في حقه
وليس بصحيح فانها إذا كانت كظهر أمه فظهر أمه محرم عليه، واما إذا شبه عضوا من امرأته بظهر أمه أو عضوا من اعضائها فهو مظاهر فلو قال فرجك أو ظهرك أو رأسك أو جلدك كظهر امي أو بدنها أو رأسها أو يدها فهو مظاهر، وبهذا قال مالك وهو نص الشافعي وعن احمد رواية اخرى انه ليس بمظاهر حتى يشبه جملة امرأته لانه لو حلف بالله لا يمس عضوا منها لا يسري إلى غيره فكذلك المظاهرة ولان هذا ليس بمنصوص عليه ولا هو في معنى المنصوص لان تشبيهه بجملتها تشبيه بمحل الاستمتاع بما يتأكد تحريمه وفيه تحريم لجملتها فيكون آكد وقال أبو حنيفة ان شبهها بما يحرم النظر إليه من الام كالفرج والفخذ ونحوهما فهو مظاهر وإن
لم يحرم النظر إليه كالرأس والوجه لم يكن مظاهرا لانه شبهها بعضو من أمه فكان مظاهرا كما لو شبهها بظهرها وفارق الزوجة فانه لو شبهها بظهرها لم يكن مظاهرا والنظر ان لم يحرم فان التلذذ يحرم وهو المستفاد بعقد النكاح (فصل) فان قال كشعر أمي أو سنها أو ظفرها أو شبه شيئا من ذلك من امرأته بأمه أو بعضو من أعظائها لم يكن مظاهرا لانها ليست من أعضاء الام الثابتة ولا يقع الطلاق باضافته إليها فكذلك الظهار وكذلك ان قال بروح أمي فان الروح لان توصف بالتحريم ولا هي محل للاستمتاع وكذلك الريق والعرق والدم فان قال وجهي من وجهك حرام فليس بظهار نص عليه أحمد وقال هذا شئ يقوله الناس ليس شيئا وذلك لان هذا يستعمل كثيرا في غير الظهار ولا يؤدي معنى الظهار فلم يكن ظهارا كما لو قال لا أكلمك.
(فصل) فان قال أنا مظاهر أو علي الظهار أو علي الحرام أو الحرام لي لازم ولا نية له لم يلزمه شئ لانه ليس بصريح في الظهار وإن نوى به الظهار أو اقترنت به قرينة تدل على إرادة الظهار مثل أن يعلقه على شرط مثل أن يقول علي الحرام إن كلمتك احتمل أن يكون ظهارا لانه أحد نوعي التحريم للزوجة فصح بالكناية مع البينة كالطلاق ويحتمل أن لا يثبت الظهار به لان الشرع انما ورد به بصريح لفظه، وهذا ليس بصريح فيه ولانه يمين موجبة للكفارة فلم يثبت حكمه بغير الصريح كاليمين بالله تعالى.
(فصل) يكره أن يسمي الرجل امرأته بمن تحرم عليه كأمه وأخته وبنته لما روى أبو داود باسناده عن أبي تميم الهجيمي أن رجلا قال لامرأته يا أخته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أختك هي؟ " فكره ذلك ونهى عنه ولانه لفظ يشبه لفظ الظهار ولا تحرم بهذا ولا يثبت حكم الظهار لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل له حرمت عليك ولان هذا اللفظ ليس بصريح في الظهار ولا نواه به فلا يثبت التحريم وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن ابراهيم عليه السلام أرسل إليه جبار فسأله عنها يعني عن سارة فقال انها أختي ولم يعد ذلك ظهارا * (مسألة) * (وإن قال أنت علي كأمي كان مظاهرا فان قال أردت كأمي في الكرامة أو نحوه دين وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين) إذا قال أنت علي كأمي أو مثل أمي ونوى الظهار فهو ظهار في قول عامة العلماء منهم أبو حنيفة وصاحباه والشافعي واسحاق وان أطلق فقال أبو بكر هو صريح في الظهار وهو قول مالك ومحمد ابن الحسن.
وقال ابن أبي موسى فيه روايتان أظهرهما أنه ليس بظهار حتي ينويه وهذا قول أبي حنيفة والشافعي لان هذا يستعمل في الكرامة أكثر مما يستعمل في التحريم فلم ينصرف إليه بغير نية
ككنايات الطلاق.
(والثانية) هو ظهار لانه شبه امرأته بجملة أمه فكان مشبها لها بظهرها فيثبت الظهار كما لو شبهها به منفردا قال شيخنا والذي يصح عندي في قياس المذهب أنه ان وجدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يخرجه مخرج الحلف فيقول إن فعلت كذا فأنت علي مثل أمي أو قال ذلك حال الخصومة والغضب فهو ظهار لانه إذا أخرجه مخرج الحلف فالحلف يراد للامتناع من شئ أو الحث عليه وانما يحصل ذلك بتحريمها عليه ولان كونها مثل أمه في صفتها وكرامتها لا يتعلق بشرط فيدل على أنه إنما أراد الظهار ووقوع ذلك في حال الخصومة والغضب دليل على أنه أراد به ما يتعلق بأدائها ويوجب اجتنابها وهو الظهار وإن عدم ذلك فليس بظهار لانه محتمل لغيره احتمالا كثيرا فلا يتعين الظهار فيه
بغير دليل ونحوه قول أبي ثور فأما إن قال أردت كأمي في الكرامة ونحو ذلك فانه يدين لان ما قاله محتمل ويقبل في الحكم في أصح الروايتين.
اختاره شيخنا لانه لما احتمل الظهار وغيره ترجح عدم الظهار بدعوى الارادة، (والثانية) لا يقبل لانه لما قال أنت علي كأمي اقتضي أن يكون عليه فيها تحريم فأشبه ما لو قال أنت علي كظهر أمي
* (مسألة) * (وإن قال أنت كأمي أو مثل أمي ولم يقل علي ولا عندي فان نوى به الظهار كان ظهارا لانه يحتمله) قال شيخنا وحكمه كما إذا قال أنت علي كأمي أو قال أنت أمي أو امرأتي أمي إن نواه أو كان مع الدليل الصارف له إلى الظهار فهو ظهار وإلا فلا.
وذكر أبو الخطاب فيها روايتين مثل قوله: أنت علي كأمي والاولى أن هذا ليس بظهار إذا أطلق لانه ليس صريح في الظهار لكونه غير اللفظ المستعمل فيه فلا يكون ظهارا بغير نية كما لو قال أنت كبيرة مثل أمي ولانه يحتمل التشبيه في التحريم وغيره فلا يجوز أن يتعين التحريم بغير نية فأما إن قال أمي امرأتي أو مثل امرأتي لم يكن ظهارا لانه تشبيه لامه وصف لها وليس بوصف لامرأته * (مسألة) * (وإن قال أنت علي كظهر أبي ففيه روايتان) (احداهما) هو ظهار لانه شبهها بظهر من يحرم عليه على التأبيد أشبه الام وكذلك إن شبهها بظهر غيره من الرجال أو قال أنت على كظهر البهيمة أو أنت علي كالميته والدم قال الميموني قلت لاحمد إن ظاهر من ظهر الرجل قال فظهر الرجل حرام يكون ظهارا وبهذا قال ابن القاسم صاحب مالك فيما إذا قال أنت علي كظهر أبي وروي ذلك عن جابر بن زيد
والرواية الثانية ليس بظهار وهو قول أكثر العلماء لانه تشبيه بما ليس بمحل للاستمتاع أشبه ما لو قال أنت علي كمال زيد وهل فيه كفارة؟ على روايتين (إحدهما) فيه كفارة لانه نوع تحريم أشبه ما لو حرم ماله (والثانية) ليس فيه شئ نقل ابن القاسم عن أحمد فيمن شبه امرأته بظهر الرجل لا يكون ظهارا ولم
ار يلزمه فيه شئ وذلك لانه تشبيه لامرأته بما ليس بمحل للاستمتاع أشبه التشبيه بمال غيره وان قال انا عليك كظهر أمي أو حرام ونوى به الظهار فهل هو ظهار؟ على وجهين ذكره في المحرر * (مسألة) * (وان قال أنت علي كظهر أجنبية أو أخت زوجتى أو عمتها أو خالتها فعلى روايتين) إذا شبه امرأته بظهر من تحرم عليه تحريما مؤقتا كاخت امرأته أو عمتها أو الاجنبية فعن أحمد فيه روايتان (إحداهما) أنه ظهار اختاره الخرقي وهو قول أصحاب مالك (والثانية) ليس بظهار وهو مذهب الشافعي لانها غير محرمة على التأبيد فلا يكون التشبيه بها ظهارا كالحيض والمحرمة من نسائه، ووجه الرواية الاولى أنه شبهها بمحرمة فأشبه ما لو شبهها بالام ولان مجرد قوله أنت علي حرام إذا نوى به الظهار ظهار، والتشبيه بالمحرمة تحريم فكان ظهارا، فأما الحائض فيباح الاستمتاع بها في غير الفرج والمحرمة يحل النظر إليها ولمسها لغير شهوة وليس في وطئ واحدة منهما حد بخلاف مسئلتنا، واختار أبو بكر ان الظهار لا يكون إلا من ذوات المحارم من النساء قال فبهذا أقول * (مسألة) * (وان قال أنت علي كظهر البهيمة لم يكن مظاهرا) لانه ليس بمحل للاستمتاع وفيه وجه آخر أنه يكون مظاهرا كما لو شبهها بظهر أبيه
* (مسألة) * (وان قال أنت علي حرام فهو ظهار إلا ان ينوي طلاقا أو يمينا فهل يكون ظهارا أو ما نواه؟ على روايتين) إذا نوى به الظهار فهو ظهار في قول عامتهم وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وإن نوى به الطلاق فقد ذكرناه في باب صريح الطلاق وكنايته، وان أطلق ففيه روايتان (إحداهما) أنه ظهار ذكره الخرقي ونص عليه أحمد في رواية جماعة من أصحابه وحكاه ابراهيم الحربي عن عثمان وابن عباس وأبي قلابة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران والبتي أنهم قالوا الحرام ظهار، وروي عن أحمد ما يدل على ان التحريم يمين وروي عن ابن عباس أنه قال التحريم يمين في كتاب الله عزوجل قال الله عزوجل (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك؟ - ثم قال - قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) وأكثر الفقهاء على ان التحريم إذ لم ينو به الظهار فليس بظهار وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي للآية المذكورة ولان التحريم يتنوع منه ما هو
بظهار وبطلاق وبحيض وإحرام وصيام فلا يكون التحريم صريحا في واحد منها ولا ينصرف إليه بغير نية كما لا ينصرف إلى تحريم الطلاق، ووجه الاولى أنه تحريم أوقعه في امرأته فكان باطلاقه ظهارا كتشبيهها بظهر أمه، قولهم ان التحريم يتنوع قلنا إلا ان تلك الانواع منتفية ولا يحصل بقوله منها إلا الطلاق وهذا أولى منه لان الطلاق تبين به المرأة وهذا يحرمها مع بقاء الزوجية فكان أدنى التحريمين فكان أولى، فأما ان قال ذلك لمحرمة عليه بحيض أو نحوه ونوى الظهار فهو ظهار وان قصد أنها محرمة عليه بذلك فليس بظهار لانه يحتمل الخبر عن حالها ويحتمل إنشاء التحريم فيها بالظهار فلا يتعين أحدهما بغير تعيين
(فصل) فان قال الحل علي حرام أو ما أحل الله علي حرام أو ما أنقلب إليه حرام وله امرأة فهو مظاهر نص عليه أحمد في الصور الثلاث وذلك لانه لفظه يقتضي العموم فيتناول المرأة بعمومه وان صرح بتحريم المرأة أو نواها فهو آكد قال أحمد فيمن قال ما أحل الله علي حرام من أهل ومال: عليه كفارة الظهار هو يمين ويجزئه كفارة واحدة في ظاهر كلام أحمد هذا، واختار ابن عقيل أنه يلزمه كفارتان للظهار ولتحريم المال لان التحريم يتناولهما وكل واحد منهما لو انفرد أوجب كفارة فكذلك إذا اجتمعا.
ولنا أنها يمين واحدة فلا توجب كفارتين كما لو تظاهر من امرأتين أو حرم من ماله شيئين وما ذكره منتقض بهذا وفي قول أحمد هو يمين اشارة إلى التعليل بما ذكرناه لان اليمين الواحدة لا توجب أكثر من كفارة واحدة، فان نوى بقوله ما أحل الله علي حرام وغيره من لفظات العموم المال لم يلزمه الا كفارة اليمين لان اللفظ العام يجوز استعماله في الخاص، وعلى الرواية الاخرى التي تقول إن الحرام باطلاقه ليس بظهار لا يكون ههنا مظاهرا إلا ان ينوي الظهار (فصل) وان قال أنت علي كظهر أمي حرام فهو صريح في الظهار لا ينصرف إلى غيره سواء نوى الطلاق أو لم ينوه وليس فيه اختلاف بحمد الله لانه صرح بالظهار وبينه بقوله حرام وان قال أنت علي حرام كظهر أمي أو كأمي فكذلك وبه قال أبو حنيفة وهو احد قولي الشافعي، والقول الثاني إذا نوى الطلاق فهو طلاق وهو قول أبي يوسف ومحمد الا ان أبا يوسف قال لا أقبل قوله في
نفي الظهار، ووجه قولهم ان قوله انت علي حرام إذا نوى به الطلاق فهو طلاق، وزيادة قوله كظهر أمي بعد ذلك لا تنفي الطلاق كما لو قال قال أنت طالق كظهر أمي
ولنا انه أتى بصريح الظهار فلم يكن طلاقا كالتي قبلها، وقولهم ان التحريم مع نية الطلاق طلاق لا نسلمه وان سلمناه لكنه فسر لفظه ههنا بصريح الظهار بقوله فكان العمل بصريح القول أولى من العمل بالنية (فصل) وان قال انت طالق كظهر أمي طلقت وسقط قوله كظهر أمي لانه أتى بصريح الطلاق أولا وجعل قوله كظهر أمي صفة له فان نوى بقوله كظهر أمي تأكيدا للطلاق لم يكن ظهارا كما لو أطلق وإن نوى به الظهار وكان الطلاق بائنا فهو كالظهار من الاجنبية لانه أتى به بعد بينونتها بالطلاق وان كان رجعيا كان ظهارا صحيحا ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي لانه أتى بلفظ الظهار في زمن هي زوجة، وان نوى بقوله أنت طالق الظهار لم يكن ظهارا لانه نوى الظهار بصريح الطلاق وان قال أنت علي كظهر أمي طالق وقع الظهار والطلاق معا سواء كان الطلاق بائنا أو رجعيا لان الظهار سبق الطلاق.
(فصل) وان قال أنت علي حرام ونوى الطلاق والظهار معا كان ظهارا ولم يكن طلاقا لان اللفظ الواحد لا يكون ظهارا وطلاقا، والظهار أولى بهذا اللفظ فينصرف إليه، وقال بعض أصحاب الشافعي يقال له اختر أيهما شئت وقال بعضهم إن قال أردت الطلاق والظهار كان طلاقا لانه بدأ به وان قال أردت الظهار والطلاق كان ظهارا لانه بدأ به فيكون ذلك اختيارا له ويلزمه ما بدأ به ولنا أنه أتى بلفظ الحرام ينوي به الظهار فكانت ظهارا كما لو انفرد الظهار بنيته ولا يكون طلاقا لانه زاحمت نيته نية الظهار وتعذر الجمع والظهار أولى بهذه اللفظة لان معناهما واحد وهو التحريم فيجب ان يغلب ما هو الاولى.
أما الطلاق فان معناه الاطلاق وهو حل قيد النكاح وانما التحريم حكم
له في بعض أحواله وقد ينفك عنه فان الرجعية مطلقة مباحة، وأما التخبير فلا يصح لان هذه اللفظة
قد ثبت حكمها حين لفظ بها لكونه أهلا والمحل قابلا ولهذا لو حكمنا بأنه طلاق لكانت عدتها من حين أوقع الطلاق وليس إليه رفع حكم ثبت في المحل باختياره وابداله بارادته، والقول الآخر مبني على أن له الاختيار وهو فاسد على ما ذكرنا ثم ان الاعتبار بجميع لفظه لا بما بدأ به ولذلك لو قال طلقت هذه أو هذه لم يلزمه طلاق الاولى * (فصل) * قال الشيخ رضي الله عنه (ويصح من كل زوج يصح طلاقه مسلما كان أو ذميا) كل زوج صح طلاقه صح ظهاره وهو البالغ العاقل مسلما كان أو كافرا حرا أو عبدا قال أبو بكر وظهار السكران مبني على طلاقه قال القاضي وكذلك ظهار الصبي مبني علي طلاقه، قال شيخنا والاقوى عندي أنه لا يصح من الصبي ظهار ولا إيلاء لانها يمين موجبة للكفارة فلم تنعقد يمينه كاليمين بالله تعالى ولان الكفارة وجبت لما فيه من قول المنكر والزور وذلك مرفوع عن الصبي لكون القلم مرفوعا عنه فأما ظهار العبد فهو صحيح، وقيل لا يصح ظهاره لان الله تعالى قال (فتحرير رقبة) والعبد لا يملك الرقاب.
ولنا عموم الآية ولانه مكلف يصح طلاقه فصح ظهاره كالحر وأما إيجاب الرقبة فانما هو على من يجدها ولا ينفي الظهار في حق من لم يجدها كالمعسر فرضه الصيام، ويصح ظهار الذمي وبه قال الشافعي وقال مالك وأبو حنيفة لا يصح لان الكفارة لا تصح منه وهي الرافعة للتحريم فلا يصح منه التحريم ودليل أن الكفارة لا تصح منه أنها تفتقر إلى النية فلا تصح منه كسائر العبادات ولنا أن من صح طلاقه صح ظهاره كالمسلم فاما ما ذكروه فيبطل بكفارة الصيد إذا قتله في الحرم
وكذلك الحد يقام عليه ولا نسلم أن التكفير لا يصح منه فانه يصح منه العتق وإنما لا يصح منه الصيام فلا تمتنع صحة الظهار بامتناع بعض أنواع الكفارة كما في حق العبد، والنية إنما تعتبر لتعيين الفعل للكفارة فلا يمتنع ذلك في حق الكافر كالنية في كنايات الطلاق ومن يخنق في الاحيان يصح ظهاره في إفاقته كما يصح طلاقه فيه (فصل) ومن لا يصح طلاقه لا يصح ظهاره كالطفل والزائل العقل بجنون أو اغماء أو نوم أو غيره
وبه قال الشافعي وأبو ثور واصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا ولا يصح ظهار المكره، وبه قال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وقال أبو يوسف يصح ظهاره، والخلاف في ذلك مبني على الخلاف في صحة طلاقه وقد مضى ذكره.
* (مسألة) * (ويصح من كل زوجة كبيرة كانت أو صغيرة مسلمة أو ذمية ممكن وطؤها أو غير ممكن) وبه قال مالك والشافعي وقال أبو ثور لا يصح الظهار ممن لا يمكن وطؤها لان الظهار لتحريم وطئها وهو ممتنع منه بغير اليمين.
ولنا عموم الآية ولانها زوجة يصح طلاقها فصح الظهار منها كغيرها * (مسألة) * فان ظاهر من أمته أو أم ولده لم يصح وعليه كفارة يمين ويحتمل أن تلزمه كفارة الظهار وممن روي عنه انه لا يصح الظهار منهما ابن عمر وعبد الله بن عمرو وسعيد بن المسيب ومجاهد والشعبي وربيعة والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وروي عن الحسن وعكرمة والنخعي وعمرو بن دينار وسليمان بن يسار والزهري وقتادة والحكم والثوري ومالك في الظهار من الامة كفارة تامة لانها مباحة
له فصح الظهار منها كالزوجة وعن الحسن والاوزاعي ان كان يطؤها فهو ظهار وإلا فلا لانه إذا لم يطأها فهو كتحريم ماله، وقال عطاء عليه نصف كفارة حرة لان الامة على النصف من الحرة في كثير من احكامها وهذا من احكامها فيكون على النصف ولنا قوله تعالى (والذين يظاهرون من نسائهم) فخصهن به ولانه لفظ تعلق به تحريم الزوجة فلا تحرم به الامة كالطلاق، ولان الظهار كان طلاقا في الجاهلية فنقل حكمه وبقي محله قال أحمد قال أبو قلابة وقتادة ان الظهار كان طلاقا في الجاهلية ويلزمه كفارة يمين لانه تحريم لمباح من ماله فكانت فيه كفارة يمين كتحريم سائر ماله، قال نافع حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته فأمره الله ان يكفر يمينه وعن أحمد عليه كفارة ظهار لانه أتى بالمنكر من القول والزور وكما لو قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي قال أبو بكر لا يتوجه هذا على مذهب لانه لو كانت عليه كفارة ظهار كان ظهارا ويحتمل ان لا يلزمه شئ قاله أبو الخطاب بناء على قوله في المرأة إذا قالت لزوجها أنت علي كظهر ابي لا يلزمها شئ فان قال لامته أنت علي حرام فعليه كفارة يمين لقول الله تعالى (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله
لك؟ - إلى قوله - قد فرض الله لكم تحله أيمانكم) نزلت في تحريم النبي صلى الله عليه وسلم لجاريته في قول بعضهم ويخرج على الرواية الاخرى أن يلزمه كفارة ظهار لان التحريم ظهار والاول هو الصحيح إن شاء الله تعالى.
* (مسألة) * (وان قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي لم تكن مظاهرة) وجملة ذلك ان المراة إذا قالت لزوجها انت علي كظهر أبي أو قالت إن تزوجت فلانا فهو علي
كظهر أبي فليس ذلك بظهار قال القاضي لا تكون مظاهرة رواية واحدة وهو قول أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي واسحاق وأبو ثور واصحاب الرأي وقال الزهري والاوزاعي هو ظهار روي ذلك عن الحسن والنخعي الا أن النخعي قال إذا قالت ذلك بعدما تزوجت فليس بشئ، ولعلهم يحتجون بانها أحد الزوجين ظاهر من الآخر فكان مظاهرا كالرجل ولنا قول الله تعالى (والذين يظاهرون من نسائهم) فخصهم بذلك ولانه قول يوجب تحريما في الزوجة يملك الزوج رفعه فاختص به الرجل كالطلاق، ولان الحل في المرأة حق الرجل فلم تملك المرأة إزالته كسائر حقوقه.
إذا ثبت ذلك فاختلف عن احمد في الكفارة فنقل عنه جماعة عليها كفارة الظهار لما روى الاثرم باسناده عن ابراهيم أن عائشة بنت طلحة قالت إن تزوجت مصعب بن الزبير فهو علي كظهر ابى فسألت أهل المدينة فرأوا ان عليها الكفارة وروى علي بن مسهر عن الشيباني قال كنت جالسا في المسجد أنا وعبد الله بن المغفل المري فجاء رجل حتى جلس الينا فسألته من انت فقال أنا مولى لعائشة بنت طلحة اعتقتني عن ظهارها خطبها مصعب بن الزبير فقالت هو علي كظهر أبي ان تزوجته ثم رغبت فيه بعد فاستفتت اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ كثير فأمروها ان تعتق رقبة وتتزوجه فتزوجته واعتقتني، وروى سعيد هذين الخبرين مختصرين ولانها زوج اتى بالمنكر من القول والزور فلزمه كفارة الظهار كالآخر ولان الواجب كفارة يمين فاستوى فيها الزوجان كاليمين بالله تعالى والرواية الثانية عليها كفارة يمين قال احمد قد ذهب عطاء مذهبا حسنا جعله بمنزلة من حرم على نفسه شيئا كالطعام وما اشبه
وهذا أقيس على مذهب احمد واشبه باصوله لانه ليس بظهار ومجرد القول من المنكر والزور لا يوجب كفارة الظهار بدليل سائر الكذب والظهار قبل العود والظهار من امته وام ولده ولانه تحريم لا يثبت التحريم في المحل فلم يوجب كفارة الظهار كتحريم سائر الحلال ولانه ظهار من غير امرأته فأشبه الظهار من امته وما روي عن عائشة بنت طلحة في عتق الرقبة فيجوز ان يكون اعتاقها تكفيرا ليمينها فان عتق الرقبة أحد خصال كفارة اليمين ويتعين وحمله على هذا لكون الموجود منها ليس بظهار وكلام احمد في رواية الاثرم لا يقتضي وجوب كفارة الظهار وانما قال الاحوط أن يكفر وكذا قال ابن المنذر ولا شك أن الاحوط التكفير باغلظ الكفارات ليخرج من الخلاف وعن أحمد رواية ثالثة لا شئ عليها وهو قول مالك والشافعي واسحاق وأبي ثور لانه قول منكر وزور وليس بظهار فلم يوجب كفارة كالسب والقذف وإذا قلنا بوجوب الكفارة عليها فلا تجب عليها حتى يطأها وهي مطاوعة فان طلقها أو مات أحدهما قبل وطئها أو أكرهها على الوطئ فلا كفارة عليها لانها يمين فلم تجب كفارتها قبل الحنث فيها كسائر الايمان ويجوز تقديمها لذلك * (مسألة) * (وعليها تمكين زوجها من وطئها قبل التكفير) لانه حق له عليها فلا يسقط بيمينها ولانه ليس بظهار وانما هو تحريم للحلال فلا يثبت تحريمها كما لو حرم طعامه وقيل ظاهر كلام أبي بكر انها لا تمكنه قبل التكفير الحاقا بالرجل وليس بجيد لان الرجل ظهاره صحيح وظهار المرأة غير صحيح ولان حل الوطئ حق للرجل فملك رفعه وهو حق عليها فلا تملك ازالته
* (مسألة) * وان قال لاجنبية أنت علي كظهر أمي لم يطأها ان تزوجها حتى يكفر) الظهار من الاجنبية صحيح سواء قال ذلك لامرأة بعينها أو قال كل النساء علي كظهر امي وسواء اوقعه مطلقا أو علقه على التزويج فقال كل امرأة تزوجها فهي علي كظهر امي ومتى تزوج التي ظاهر منها لم يطأها حتي يكفر يروى نحو ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبه قال سعيد بن المسيب
وعروة وعطاء والحسن ومالك واسحاق، ويحتمل ان لا يثبت حكم الظهار قبل التزويج وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي، وروي ذلك عن ابن عباس لقول الله تعالى (والذين يظاهرون من نسائهم) والاجنبية ليس من نسائه ولان الظهار يمين ورد الشرع بحكمها مقيدا بنسائه فلم يثبت حكمها في الاجنبية كالايلاء فان الله تعالى قال (والذين يظاهرون من نسائهم - كما قال - للذين يؤلون من نسائهم) ولانها ليست بزوجة فلم يصح الظهار منها كأمته ولانه حرم محرمة فلم يلزمه شئ كما لو قال أنت حرام ولانه نوع تحريم فلم يتقدم النكاح كالطلاق ولنا ما روى الامام احمد باسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله انه قال في رجل قال ان تزوجت فلانة فهي علي كظهر امي فتزوجها قال عليه كفارة الظهار ولانها يمين مكفرة فصح انعقادها قبل النكاح كاليمين بالله تعالى واما الآية فان التخصيص خرج مخرج الغالب فان الغالب ان الانسان انما يظاهر من نسائه فلا يوجب تخصيص الحكم بهن كما ان تخصيص الرببية التي في حجره بالذكر لم يوجب اختصاصها بالتحريم وأما الايلاء فانما اختص حكمه بنسائه لكونه يقصد الاضرار بهن دون غيرهن والكفارة ههنا وجبت لقول المنكر والزور فلا يختص ذلك بنسائه ويفارق الظهار الطلاق من وجهين
(أحدهما) ان الطلاق حل قيد النكاح ولا يمكن حله قبل عقده والظهار تحريم للوطئ فيجوز تقديمه على العقد الحيض (الثاني) ان الطلاق يرفع العقد فلم يجز ان يسبقه وهذا لا يرفعه وانما تعلق الاباحة على شرط فجاز تقديمه واما الظهار من الامة فقد انعقد يمينا وجبت به الكفارة ولم تجب كفارة الظهار لانها ليست امرأة له حال التكفير بخلاف مسئلتنا (فصل) إذا قال كل أمرأة أتزوجها فهي علي كظهر أمي وقلنا بصحة الظهار من الاجنبية ثم تزوج نساء وأراد العود فعليه كفارة واحدة سواء تزوجهن في عقد أو في عقود متفرقة نص عليه أحمد وهو قول عروة وإسحاق لانها يمين واحدة فكفارتها واحدة كما لو ظاهر من أربع نسائه بكلمة واحدة وعنه ان لكل عقد كفارة فلو تزوج اثنتين في عقد وأراد العود فعليه كفارة واحدة ثم إذا تزوج أخرى
وأراد العود فعليه كفارة أخرى وروي ذلك عن إسحاق لان المرأة الثالثة وجد العقد عليها الذي يثبت به الظهار وأراد العود إليها بعد التفكير عن الاولتين فكانت لها عليه كفارة كما لو ظاهر منها ابتداء فان قال لاجنبية أنت علي كظهر أي وقال أردت أنها مثلها في التحريم في الحال دين في ذلك وهل يقبل في الحكم؟ يحتمل وجهين (أحدهما) لا يقبل لانه صريح للظهار فلا يقبل صرفه إلى غيره (والثاني) يقبل لانها حرام عليه كما ان أمه عليه حرام * (مسألة) * (وان قال لاجنبية أنت علي حرام وأراد في تلك الحال لم يكن عليه شئ لانه صادق وان أراد في كل حال لم يطأها إن تزوجها حتى يكفر)
أما إذا أراد تحريهما في الحال أو أطلق فلا شئ عليه لذلك وان أراد تحريمها في كل حال فهو ظهار لان لفظة الحرام إذا أريد بها الظهار ظهار في الزوجة فكذلك في الاجنبية وصار كقوله أنت علي كظهر أمي * (مسألة) * (ويصح الظهار معجلا ومعلقا بشرط ومطلقا وموقتا نحو ان يقول أنت علي كظهر أمي في شهر رمضان وان دخلت الدار فمتى انقضى الوقت زال الظهار وان أصابها فيه وجبت الكفارة عليه) أما الظهار المطلق فهو ان يقول أنت علي كظهر أمي وقد سبق ذكره ويصح موقتا مثل ان يقول أنت علي كظهر أمي شهرا أو حتى ينسلخ شهر رمضان فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلت بلا كفارة ولا يكون عائدا إلا بالوطئ في المدة وهذا قول ابن عباس وعطاء وقتادة والثوري وإسحاق وابي ثور واحد قولي الشافعي وقال في الآخر لا يكون ظهارا وبه قال ابن أبي ليلى والليث لان الشرع ورد بلفظ الظهار مطلقا وهذا لم يطلق فأشبه ما لو شبهها بمن تحرم عليه في وقت دون وقت وقال طاوس إذا ظاهر في وقت فعليه الكفارة وان بر وقال مالك يسقط التأقيت ويكون مظاهرا مطلقا لان هذا لفظ يوجب تحريم الزوجة فإذا وقته لم يتوقت ولنا حديث سلمة بن صخر وقوله تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصابها في الشهر فأمره بالكفارة ولم يغير عليه تقييده ولانه منع نفسه منها بيمين لها كفارة فصح
مؤقتا كالايلاء وفارق الطلاق فانه يزيل الملك وهذا يقع تحريما يرفعه التكفير فجاز تأقيته ولا يصح قول من أوجب الكفارة وان بر لان الله تعالى إنما أوجب الكفارة على الذين يعودون لما قالوا ومن بر وترك العود في الوقت الذي ظاهر فيه فلم يعد لما قال فلا تجب عليه كفارة وفارق التشبيه بمن لا تحرم عليه على التأبيد لان تحريمها غير كامل وهذه حرمها في هذه المدة تحريما مشبها بتحريم ظهر أمه على أنا نمنع الحكم فيها إذا ثبت هذا فانه لا يكون عائدا إلا بالوطئ في المدة وهذا المنصوص عن الشافعي وقال بعض أصحابه ان لم يطلقها عقيب الظهار فهو عائد عليه الكفارة وقال أبو عبيد إذا أجمع على غشيانها في الوقت لزمته الكفارة وإلا فلا لان العود العزم على الوطئ ولنا حديث سلمة بن صخر وأنه لم يوجب عليه الكفارة إلا بالوطئ ولانها يمين لم يحنث فيها فلا يلزمه كفارتها كاليمين بالله تعالى ولان المظاهر في وقت عازم على إمساك زوجته في ذلك الوقت فمن أوجب عليه الكفارة كان قوله كقول طاوس فلا معنى لقوله يصح الظهار مؤقتا لعدم تأثير التأقيت (فصل) ويصح تعليق الظهار بالشروط نحو ان يقول الرجل ان دخلت الدار فانت علي كظهر أمي أو ان شاء زيد فانت على كظهر أمي فمتى شاء زيد أو دخلت الدار صار مظاهرا وإلا فلا وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي لانه يمين فجاز تعليقه على شرط كالايلاء ولان أصل الظهار أنه كان طلاقا والطلاق يصح تعليقه بالشرط فكذلك الظهار ولانه قول تحرم به الزوجة فصح تعليقه على شرط كالطلاق ولو قال لامرأته ان تظاهرت من امرأتي الاخرى فانت علي كظهر أمي ثم تظاهر من الاخرى صار مظاهرا منهما جميعا وان قال ان تظاهرت من فلانة الاجنبية فانت علي كظهر أمي ثم قال للاجنبية
أنت علي كظهر أمي صار مظاهرا من امرأته عند من يرى الظهار من الاجنبية ومن لا فلا وقد ذكرنا ذلك (فصل) وان قال أنت علي كظهر أمي ان شاء الله لم ينعقد ظهاره نص عليه أحمد فقال إذا قال لامرأته عليه كظهر أمه ان شاء الله فليس عليه شئ هي يمين وقال ابن عقيل هو مظاهر ذكره في المحرر وإذا قال ما أحل الله علي حرام إن شاء الله وله أهل هي يمين ليس عليه شئ وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب
الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم وذلك لانها يمين مكفرة فصح الاستثناء فيها كاليمين بالله تعالى أو كتحريم ماله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " من حلف على يمين فقال ان شاء الله فلا حنث عليه " رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب وفي لفظ " من حلف فاستثنى فان شاء فعل وان شاء رجع غير حنث " رواه أبو داود والنسائي وان قال أنت علي حرام والله لا اكلمك ان شاء الله عاد الاستثناء اليهما في أحد الوجهين لان الاستثناء إذا تعقب جملا عاد إلى جميعها إلا ان ينوي الاستثناء في بعضها فيعود إليه وحده وان قال انت علي حرام إذا شاء الله أو إلا ما شاء الله أو إلى ان يشاء الله أو ما شاء الله فكله استثناء يرفع حكم الظهار ولان الشرط إذا تقدم يجاب بالفاء وان قال ان شاء الله أنت حرام فهو استثناء لان الفاء مقدرة وان قال ان شاء الله فانت حرام صح أيضا والفاء زائدة وان قال أنت حرام ان شاء الله وشاء زيد فشاء زيد لم يكن مظاهرا إلا أنه علقه على مشيئتين فلا يحصل باحديهما قال رضي الله عنه
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: