الفقه الحنبلي - الاقرار
(مسألة) (وان قال له من مالي أو في مالي أو في ميراثي من أبي الف أو نصف داري هذه وفسره بالهبة وقال
بدالي من تقبيضه قبل) إذا قال له في مالي أو من مالي الف وفسره بدين أو وديعة أو وصية قبل وقال بعضن أصحاب الشافعي لا يقبل اقراره وليس هو لغيره.
ولنا أنه أقر بألف فقبل كما لو قال له في مالي ويجوز ان يضيف إليه مال بعضه لغيره ويجوز أن
يضيف مال غيره إليه لاختصاص له به بأن يكون عليه يد أو ولاية قال الله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي يجعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم) وقال سبحانه في النساء (ولا تخرجوهن من بيوتهن) وقال لازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقرن في بيوتكن) فلا يبطل اقراره مع احتمال صحته فان قال أردت هبة قبل منه لانه محتمل، وان امتنع من تقبيضها لم يجبر عليه لان الهبة فيها لا تلزم قبل القبض وكذلك يخرج إذا قال له نصف داري هذه أوله من داري نصفها، وقد نقل عن أحمد ما يدل على روايتين قال في رواية منها فيمن قال نصف عبدي هذا لفلان لم يجز الا ان يقول وهبته وان قال نصف مالي هذا لفلان لا أعرف هذا، ونقل ابن منصور إذا قال فرسي هذه لفلان فاقراره جائز فظاهر هذا صحة الاقرار فان قال له في هذا المال نصفه فاقراره جائز وان قال له في هذا المال نصفه أو له
نصف هذه الدار فهو اقرار صحيح وان قال له في هذا المال الف صح، وان قال في ميراثي من أبي الف وقال أردت هبة قبل منه لانه إذا أضاف الميراث إلى أبيه فمقتضاه ما خلفه فيتقضي وجوب المقربه فيه وإذا أضاف الميراث إلى نفسه فمعناه ما ورثته وانتقل إلي فلا تحمل الا على الوجوب وإذا أضاف إليه جزءا فالظاهر أنه جعل له جزءا في ماله (مسألة) (وان قال له في ميراث أبي الف فهو دين على التركة) لان لفظه يقتضي ذلك (مسألة) (وان قال نصف هذه الدار فهو مقر بنصفها) لما ذكرنا (مسألة) (وان قال له هذه ادار عارية ثبت لها حكم العارية) لا قراره بذلك (مسألة) (وان أقر انه وهب أو رهن أو قبض أو اقر بقبض ثمن أو غيره ثم أنكر وقال ما قبضت ولا اقبضت وسأل اخلاف خصمه فهل تلزمه اليمين؟ على وجهين) وذكر شيخنا في كتاب المغني روايتين (احداهما) لا يستحلف وهو قول أبي حنيفة ومحمد لان دعواه تكذيب لا قراره فلا تسمع كما لو أقر المضارب أنه ربح الفاثم قال غلطت ولان الاقرار أقوى من البينة، ولو شهدت البينة ثم قال احلفوه لي مع بينة لم يستحلف كذاههنا (والثانية) يستحلف وهو قول الشافعي وأبي يوسف لان العادة جارية في الاقرار بالقبض قبله فيحتمل صحة ما قاله فينبغي أن يستحلف
خصمه لنفي الاحتمال ويفارق الاقرار البينة من وجهين
(أحدهما) ان العادة جارية بالاقرار بالقبض قبله ولم تجر العادة بالشهادة على القبض قبلها لانها تكون شهادة زور (والثاني) انكاره مع الشهادة طعن في البينة وتكذيب لها وفي الاقرار بخلافه ولم يذكر القاضي في المجرد غير هذا الوجه، وكذلك ان أقر أنه اقترض منه الفا وقبضها أو قال له علي الف ثم قال ما كنت قبضتها وانها أقررت لاقبضها فالحكم كذلك ولانه يمكن أن يكون قد أقر بذلك بناء على قول وكيله وظنه والهشادة لا تجوز الا على اليقين (مسألة) (وان باع شيئا ثم اقر ان المبيع لغيره لم يقبل قوله على المشتري) لانه يقر على غيره ولا ينفسخ البيع لذلك وتلزمه غرامته للمقر له لانه ق فوته عليه بالبيع وكذلك ان وهبه أو أعتقه ثم أقر به.
(مسألة) (وان قال لم يكن ملكي ثم ملكته بعد لم يقبل قوله) لان الاصل ان الانسان انما يتصرف فيما له التصرف فيه الا ان يقيم بينة فيقبل ذلك فان كان قد أقر أنه ملكه أو قال قبضت ثمن ملكي أو نحوه لم تسمع بينته أيضا لانها تشهد بخلاف ما أقربه (فصل) إذا قال له هذه الدارهبة أو سكنى أو عارية كان اقرارا بما أبدل به كلامه ولم يكن إقرارا بالدار لانه رفع بآخر كلامه بعض ما دخل في أوله فصح كما لو أقر بجملة واستثنى بعضها وذكر القاضي في هذا وجها أنه لا يصح لانه استثناء من غير الجنس وليس هذا استثناء انما هو بدل الاشتمال وهو ان يبدل من الشئ
بعض ما يشتمل عليه ذلك الشئ كقوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه) فانه أبدل القتال من الشهر المشتمل عليه، وقال تعالى اخبارا من فتى موسى عليه السلام أنه قال (وما انسانية الا الشيطان ان اذكره) أي انساني ذكره وان قال له هذه الدار ثلثها أو ربعها صح ويكون مقرا بالجزء الذي أبدله وهذا بدل البعض وليس ذلك استثناء ومنه قوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) ولكنه في معنى الاستثناء في كونه يخرج من الكلام بعض ما دخل فيه لولاه
ويفارقه في أنه يجوز أن يخرج أكثر من النصف وانه يجوز ابدال الشئ من غيره إذا كان مشتملا عليه ألا ترى ان الله تعالى ابدل المستطيع للحج من الناس وهو أقل من نصفهم وأبدل القتال من الشهر الحرام وهو غيره؟ ومتى قال له هذه الدار سكنى أو عارية ثبت فيها حكم ذلك وله أن يسكنه اياها وان يعود فيما أعاره والله أعلم (فصل) إذا قال بعتك جاريتي هذه قال بل زوجتنيها فلا يخلو إما أن يكون اختلافهما قبل نقده الثمن أو بعده وقبل الاستيلاد أو بعده فان كان بعد اعتراف البائع بقبض الثمن فهو مقربها لمدعي الزوجية لانه يدعي عليه شيئا والزوج ينكرانها ملكه ويدعي حلها بالزوجية فيثبت الحل لاتفاقهما عليه ولا ترد إلى البائع لاتفاقهما أنه لا يستحق أخذها وإن كان قبل قبض الثمن وبعد الاستيلاد فالبائع يقرأنها صارت ام ولدولدها حروانه لا مهر لها ويدعي الثمن والمشتري ينكر ذلك كله فيحكم بحرية الولد لاقرار من ينسب
إليه ملكه بحريته ولا ولاء عليه لاعترافه بانه حر الأصل، ولا ترد الامة إلى البائع لاعترافه بانها ام ولد لا يجوز نقل الملك فيها ويحلف المشتري انه ما اشتراها ويسقط عنه الثمن الاقدر المهر فانه يجب لاتفاقهما على وجوبه وان اختلف في سببه، وهذا قول بعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهم يتحالفان ولا يجب مهر ولا ثمن وهو قول القاضي الا انه لا يجعل على البائع يمينا لانه لا يرى اليمين في انكار النكاح، ونفقة الولد على ابيه لانه حر ونفقة الامة على زوجها لانه اما زوج واما سيد وكلاهما سبب لوجوب النفقة وقال القاضي نفقتها في كسبها فان كان فيه فضل فهي موقوفة لاننا ازلنا عنها ملك السيد واثبتنا لها حكم الاستيلاد فان ماتت وتركت مالا فللبائع قدر ثمنها لانه إما ان يكون صادقا فهو يستحق على المشتري ثمنها وتركتها للمشتري والمشتري مقر للبائع بها فيأخذ منها قدر ما يدعيه وان كان كاذبا فهي ملكه وتركتها كلها له فيأخذ منها قدر ما يدعيه وبقيته موقوفة، وان ماتت بعد الوطئ فقد ماتت حرة وميراثها لولدها وورثتها فان لم يكن لها وارث فميراثها موقوف لان أحدالا يدعيه وليس للسيد أن يأخذ منه قدر الثمن لانه يدعي الثمن على الواطئ وميراثها ليس له لانه قد مات قبلها وان كان اختلافهما قبل الاستيلاد فقال شيخنا عندي أنها تقبر في يد الزوج لاتفاقهما على حلها له واستحقاقه امساكها وإنما
اختلفا في السبب ولا ترد إلى السيد لاتفاقهما على تحريهما عليه وللبائع أقل الامرين من الثمن أو المهر لاتفاقهما على استحقاقه لذلك والامر في الباطن على ذلك فان السيد ان كان صادقا فالامة حلال
لزوجها بالبيع وان كان كاذبا فهي حلال له بالزوجية والقدر الذي اتفقا عليه ان كان السيد صادقا فهو يستحقه ثمنا وإن كان كاذبا فهو يستحقه مهرا وقال القاضي يحلف الزوج أنه ما اشتراها لانه منكر ويسقط عنه الثمن ولا يحتاج السيد إلى اليمين على نفي الزوجية لانه لا يستحلف فيه وعند الشافعي يتحالفان معا ويسقط الثمن عن الزوج لان البيع ما ثبت ولا يجب المهر لان السيد لا يدعيه وترد الجارية إلى سيدها وفي كيفية رجوعها وجهان (أحدهما) ترجع إليه فيملكها ظاهرا وباطنا كما يرجع البائع في السلعة عند فلس المشتري بالثمن لان الثمن ههنا قد تعذر فيحتاج السيد أن يقول فسخت البيع وتعود إليه ملكا (والثاني) يرجع إليه في الظاهر دون الباطن لان المشتري امتنع من آداء الثمن مع امكانه فعلى هذا يبيعها الحاكم ويوفيه ثمنها فان كان وفق حقه أو دونه أخذه وان زاد فالزيادة لا يديعها أحد، ولان المشتري يقر بها للبائع والبائع لا يدعي أكثر من الثمن الاول فهل تقر في يد المشتري أو ترجع إلى بيت المال؟ يحتمل وجهين، وان رجع البائع فقال صدق خصمي ما بعته اياها بل زوجته لم يقبل في اسقاط حرية الولد ولا في استرجاعها ان صارت أم ولد وقبل في اسقاط الثمن واستحقاق ميراثها وميراث ولدها وان رجع الزوج ثبتت الحرية ووجب عليه الثمن (فصل) ولو أقر رجل بحرية عبد ثم اشتراه أو شهد رجلان بحرية عبد لغيرهما ثم اشتراه أحدهما من سيده عتق في الحال لاعترافه بان الذي اشتراه حر ويكون البيع صحيحا بالنسبة إلى البائع لانه
محكوم له برقه وفي حق المشتري استفاذا فإذا صار في يديه حكم بحريته لاقراره السابق ويصير كما لو شهد رجلان على رجل أنه طلق زوجته ثلاثا فرد الحاكم شهادتهما فدفعا إلى الزوج عوضا ليخلعها صح وكان في حقه خلعا صحيحا وفي حقهما استخلاصا، ويكون ولاؤه موقوفا لان أحدا لا يدعيه فان البائع يقول ما أعتقته والمشتري يقول ما أعتقه الا البائع وأنا استخلصته فان مات وخلف مالا فرجع
أحدهما عن قوله فالمال له لان احدا لا يدعيه سواه لان الراجع ان كان البائع فقال فقال المشتري كنت اعتقته فالولاء له ويلزمه رد الثمن إلى المشتري لاقراره ببطلان البيع وان كان الراجع المشتري قبل في المال لان أحدا لا يدعيه سواه ولا يقبل قوله في نفي الحرية لانها حق لغيره وان رجعا معا فيحتمل أن يوقف حتى يصطلحا عليه لانه لاحدهما ولا نعرف عينه ويحتمل أن من هو في يده يأخذه ويحلف لانه منكر وان لم يرجع واحد منهما ففيه وجهان (أحدهما) يقر في يد من هو في يده فان لم يكن في يد أحدهما فهو لبيت المال لان أحدا لا يدعيه ويحتمل ان يكون لبيت المال على كل حال (فصل) ولو أقر لرجل بعبد أو غيره ثم جاء به وقال هذا الذي اقررت لك به قال بل هو غيره لم يلزمه تسلميه إلى المقر له لانه لا يدعيه ويحلف المقر انه ليس له عنده عبد سواه فان رجع المقر له فادعاه لزمه دفعه إليه لانه لا منازع له فيه وان قال المقر له صدقت والذي اقررت به آخر لي عندك لزمه تسليم هذا ويحلف على نفى الآخر
(فصل) قال الشيخ رحمه الله (وإذا قال غصبت هذا العبد من زيد لابل من عمرو أو غصبته من زيد وملكه لعمرو لزمه دفعه إلى زيد ويغرم قيمته لعمرو إذا قال غصبت هذا العبد من زيد لابل من عمر وحكم به لزيد ولزمه تسليمه إليه ويغرم لعمرو وبهذا قال أبو حنيفة وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال في الآخر لا يضمن لعمرو شيئا ولنا أنه أقر بالغصب الموجب للضمان والرد إلى المغصوب منه ثم لم يرد ما أقر بعضه فلزمه ضمانه كما لو تلف بفعل الله تعالى قال احمد في رواية ابن منصور في رجل قال لرجل استودعتك هذا الثوب قال صدقت ثم قال استودعنيه رجل آخر فالثوب للاول ويغرم قيمته للآخر ولا فرق بين أن يكون اقراره بكلام متصل أو منفصل.
(مسألة) (وان قال ملكه لعمرو وغصبته من زيد فهي كالمسألة التي قبلها) ولا فرق بين التقديم والتأخير والمتصل والمنفصل وقيل يلزمه دفعه إلى عمرو يغرمه لزيد لانه لما أقربه لعمرو أولا لم يقبل اقراره باليد لزيد قال شيخنا وهذا وجه حسن ولاصحاب الشافعي
وجهان كهذين، ولو قال هذا الالف دفعه الي زيد وهي لعمرو أو قال هو لعمرو ودفعه الي زيد فكذلك على ما مضى من القول فيه (مسألة) (وان قال غصبته من أحدهما أو هو لاحدهما صح الاقرار)
لانه يصح بالمجهول فصح للمجهول ثم يطبالب بالبيان فان عين احدهما دفع إليه ويحلف للآخران ادعاه ولا يغرم له شيئا لانه لم يقر له بشئ، وان قال لا أعرف عينه فصدقاه نزع من يده وكانا خصمين فيه وان كذباه فعليه اليمين انه لا يعلم وينزع من يده فان كان لاحدهما بينة حكم له بها وان لم تكن بينة أقرعنا بينهما فمن قرع صاحبه حلف وسلمت إليه، وان بين الغاصب بعد ذلك مالكها قبل منه كما لو بينه ابتداء ويحتمل أنه إذا ادعى كل واحد أنه المغصوب منه توجهت عليه اليمين لكل واحد منهما انه لم يغصبه فان حلف لاحدهما لزمه دفعها إلى الآخر لان ذلك يجري مجرى تعيينه وان نكل عن اليمين لهما جميعا فسلمت إلى احدهما بقرعة أو غيرها لزمه غرمها للآخر لانه نكل عن يمين توجهت عليه فقضي عليه كما لو ادعاها وحده (فصل) وان كان في يده عبدان فقال احد هذين لزيد طولب بالبيان فاذاعين أحدهما فصدقه زيد اخذه وان قال هذا لي والعبد الآخر فعليه اليمين في الذي ينكره وان قال زيد انما لي العبد الاخر فالقول قول المقر مع يمينه في العبد الذي ينكره ولا يدفع إلى زيد العبد الذي يقر به له ولكن يقر في يد المقر لانه لم يصح اقراره به في أحد الوجهين، وفي الآخر ينزع من يده لاعترافه انه لا تملكه ويكون في بيت المال لانه لامالك له معروف فأشبه ميراث من لا يعلم وارثه، فان ابى التعيين فعينه المقر له وقال هذا عبدي طولب بالجواب وان انكر حلف وكان بمنزلة تعيينه للآخر وان نكل عن اليمين
قضي عليه وان أقر له فهو كتعيينه (فصل) إذا قال هذه الدار لزيد لابل لعمرو أو ادعى زيد على ميت شيئا معينا من تركته فصدقه ابنه ثم ادعاه عمرو فصدقه حكم به لزيد ووجب عليه غرامته لعمرو، وسنذكر ذلك
فيما بعد ان شاء الله تعالى (مسألة) (وان أقر بألف في وقتين لزمه الف واحد) وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يلزمه الفان كما لو قال له علي الف والف لا فربق بين أن يكون في وقت واحد أو أوقات أو مجلس واحد أو مجالس ولنا أنه يجوز ان يكون قد كرر الخبر عن الاول كما كرر الله الخبر عن ارساله نوحا وهودا وصالحا وشعيبا وابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ولم يكن المذكور في قصة غير المذكور في الاخرى كذا ههنا لانه يجوز ان يكون المطلق هو الموصف اطلقه في حال ووصفه في حال وان وصفه بصفة واحدة في المرتين كان تأكيدا لما ذكرنا (مسألة) (وان أقر بألف من ثمن عبد ثم اقر بألف من ثمن فرس أو قرض لزمه الفان) وكذلك ان قال الف درهم سود والف درهم بيض لان الصفة اختلفت فهما متغايران (مسألة) (وان ادعى رجلان دار في يد غيرهما شركة بينهما بالسوية فأقر لاحدهما بنفصها فالمقر به بينهما نصفان.
وجملة ذلك انهما إذا ادعيا أنهما ملكاها بسبب يوجب الاشتراك مثل ان يقولا ورثناها وابتعناها معا فأقر المدعى عليه بنفصها فذلك لهما جميعا لانهما اعترفا أن الدار لهما مشاعة فإذا غصب غاصب نصفها كان منهما والباقي بينهما و ان لم يكونا ادعيا شيئا يقتضي الاشتراك بل ادعى كل وحد منهما فأقر لاحدهما بما ادعاه لم يشاركه الآخر وكان على خصومته لانهما لم يعترفا بالاشتراك، فان اقر لاحدهما بالكل وكان المقر له يعترف للآخر بالنصف سلمه إليه وكذلك ان كان قد تقدم اقراره بالنصف وجب تسليمه إليه لان الذي هي في يده قد اعترف له بها فصار بمنزلته فثبتت لمن يقر له وان لم يكن اعترف للآخر وادعى جميعها أو ادعى أكثر من النصف فهو له، فان قيل فكيف يملك جميعها ولم يدع الا نصفها؟ قلنا ليس من شرط صحة الاقرار تقدم الدعوى بل متى اقر بشئ لانسان فصدقه المقر له ثبت وقد وجد التصديق ههنا في النصف الذي لم يسبق دعواه، ويجوز ان يكون اقتصر
على دعوى النصف لان له حجة به ولا النصف الآخر قد اعترف له به فادعى النصف الذي لم يعترف له به.
فان لم يصدقه في اقراره بالنصف الذي لم يدعه ولم يعترف به الآخر ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) يبطل الاقرار لانه اقر لمن لا يدعيه (الثاني) ينزعه الحاكم حتى يثبت لمدعيه ويؤجره ويحفظ أجرته لما لكه (والثالث) يدفع إلى مدعيه لعدم التنازع فيه ومذهب الشافعي في هذا الفصل على نحو ما ذكرنا
(مسألة) (وان قال في مرض موته هذا الالف لقطة فتصدقوا به لزم الورثة الصدقة بثلثه) قال أبو الخطاب إذا لم يكن له مال غيره لانه جميع ماله والامر بالصدقة وصية بجميع المال فلا يلزم منه إلا الثلث وحكي عن القاضي أنه يلزمهم الصدقة بجميعه لان أمره بالصدقة به يدل على تعديه فيه على وجه يلزمهم الصدقة بجميعه فيكون ذلك اقرارا منه لغير وارث فيجب امتثاله (فصل) قال الشيخ رحمه الله (إذا مات رجل وخلف مائة فادعاها رجل فادعاها رجل فأقر ابنه له بها ثم ادعاها آخر فأقر له فهي للاول ويغرمها للثاني) وجملة ذلك أنه إذا ادعى زيد على ميت شيئا معينا من تركته فصدقه ابنه ثم ادعاه عمرو فصدقه أو قال هذه الدار لزيد لابل لعمرو حكم بها لزيد وعليه غرامتها لعمرو وهذا أحد قولي الشافعي وقال في الاخر لا يغرم لعمرو شيئا وهو قول أبي حنيفة لانه أقر له بما وجب عليه الاقرار به وإنما منعه الحكم من قبوله وذلك لا يوجب الضمان ولنا أنه حال بين عمرو وبين ملكه الذي أقر له به باقراره لغيره فلزمه غرمه كما لو شهد رجلان على آخر باعتاق عبده ثم رجعا عن الشهادة أو كما لو رمى به في البحر ثم أقربه (مسألة) (وان أقربها لهما معا فهي بينهما) لتساويهما في الدعوى والاقرار لهما
(مسألة) (وان أقر لاحدهما وحده فهي له ويحلف للآخر أنه لا يعلم أنها له وان نكل فقضي عليه بالنكول) لان النكول كالاقرار ولو أقر لزمه الغرم فكذلك إذا نكل عن اليمين
(مسألة) (وان ادعى رجل على الميت مائة دينا فأقر له ثم ادعى آخر مثل ذلك فأقر له فان كان في مجلس واحد فهي بينهما وان كان في مجلسين فهي للاول ولا شئ للثاني) وجملة ذلك ان الميت إذا خلف وارثا وتركة فأقر الوارث لرجل بدين على الميت يستغرق الميراث فقد أقر بتعلق دينه بجميع التركة واستحقاقه لها فإذا أقر بعد ذلك لآخر وكان في المجلس صح الاقرار واشتركا في التركة لان التركة حالة المجلس كحالة واحدة بدليل صحة القبض بها فيما يعتبر القبض فيه وامكان الفسخ فيه ولحقوق الزيادة في العقد فكذلك في الاقرار، وان كان في مجلس آخر لم يقبل اقراره لانه يقر بحق على غيره فانه يقر بما يقتضي مشاركة الاول في التركة وينقص حقه منها ولا يقبل اقرار الانسان على غيره وقال الشافعي يقبل اقراره ويشتركان فيها لان الوارث يقوم مقام الموروث ولو أقر الموروث لهما لقبل فكذلك الوارث ولان منعه من الاقرار يفضي إلى إسقاط حق الغرماء لانه قد لا يتفق حضورهم في مجلس واحد فيبطل حقه بتعيينه ولان من قبل اقراره اولا قبل اقراره ثانيا إذا لم تتغير حاله كالموروث.
ولنا أنه اقرار بما يتعلق بمحل تعلق به حق غيره تعلقا يمنع تصرفه فيه على وجه يضربه فلم يقبل كاقرار الراهن بجناية على الرهن أو الجاني، وأما الموروث فان أقرفي صحته صح لان الدين لا يتعلق بماله وان أقر في مرضه لم يحاص المقر له غرماء الصحة لذلك، وان أقر في مرضه لغيرم يستغرق تركته دينه ثم أقر لآخر في مجلس آخر فاقرق بينهما ان اقراره الاول لم يمنعه التصرف في ماله ولا أن يعلق به دينا آخر بأن يستدين دينا آخر فلم يمنع ذلك تعليق الدين بتركته بالاقرار بخلاف الوارث فانه لا يملك أن يتعلق بالتركة دينا آخر بفعله فلا يملكه بقوله ولا يملك التصرف في التركة ما لم يلتزم قضاء الدين (مسألة) (وان خلف ابنين ومائتين فادعى رجل مائة دينا على الميت فصدقه أحد الابنين وأنكر الآخر لزم المقر نصفها) لانه مقر على أبيه بدين ولا يلزمه أكثر من نصف دين أبيه ولانه يقر على نفسه وأخيه فلا يقبل اقراره على أخيه ويقبل على نفسه وفي ذلك اختلاف ذكرناه في أواخر كتاب الاقرار
(مسألة) (الا أن يكون عدلا فيحلف الغريم مع شهادته ويأخذ مائة وتكون المائة الباقية بين الابنين) وانما لزم المقر نصف المائة لانه يرث نصف التركة فيلزمه نصف الدين لانه يقدر ميراثه ولو لزمه جميع الدين لم تقبل شهادته على أحد لكونه يدفع عن نفسه ضررا ولانه يرث نصف التركة فلزمه نصف الدين كما لو ثبت ببينة أو باقرار الميت
(مسألة) (وان خلف ابنين وعبدين متساوي القيمة لا يملك غيرهما فقال أحد الابنين أبي أعتق هذا وقال الآخر بل أعتق هذا عتق من كل واحد ثلثه وصار لكل ابن سدس العبد الذي أقر بعتقه ونصف الآخر، وان قال أحدهما أبي أعتق هذا وقال الآخر أبي أعتق أحدهما لا أدري من هو منهما أقرع بينهما فان وقعت على من اعترف الابن بعتقه عتق ثلثاه ان لم يجيزا عتقه كاملا وان وقعت على الآخر كان حكمه كما لو عين العتق في العبد سواء).
هذه المسألة محمولة على أن العتق كان في مرض الموت الخوف أو بالوصية لانه لو أعتقه في صحته عتق كله ولم يقف على اجازة الورثة، فإذا اعترفا أنه عتق أحدهما في مرضه لم يخل من أربعه أحوال (أحدها) أن يعينا العتق في أحدهما فيعتق منه ثلثاه لان ذلك ثلث جميع ماله الا أن يجيزا عتق جميعه فيعتق (الثاني) أن يعين كل منهما العتق في واحد غير الذي عينه أخوه فيعتق من كل واحد ثلثه لان كل واحد منهما حقه نصف العبدين فيقبل قوله في عتق حقه من الذي عينه وهو ثلثا النصف الذي له وذلك الثلث ولا نه يعترف بحرية ثلثيه فيقبل قوله في حقه منهما وهو الثلث ويبقى الرق في ثلثه فله النصف وهو السدس ونصف العبد الذي ينكر عتقه (الثالث) ان يقول أحدهما أبي أعتق هذا ويقول الآخر أبي أعتق أحدهما لا أدري من منهما فتقوم القرعة مقام تعيين الذي لم يعين فان وقعت على الذي عينه أخوه عتق ثلثاه كما لو عيناه بقولهما وإن
وقعت على الآخر كما لو عين كل واحد منهما عبدا يكون لكل واحد منهما سدس العبد الذي عينه ونصف العبد الذي ينكر عتقه ويصير ثلث كل واحد من العبدين حرا (الرابع) أن يقولا أعتق
أحدهما ولا ندري من منهما فانه يقرع بين العبدين فمن وقت له القرعة عتق ثلثاه ان لم يجيزا عتق جميعه وكان الآخر رقيقا (فصل) فان رجع الابن الذي جهل عين العتق فقال قد عرفته قبل القرعة فهو كما لو عينه ابتداء من غير جهل وإذا كان بعد القرعة فوافقها تعيينه لم يتغير الحكم وان خالفها عتق من الذي عينه ثلثه بتعيينه فان عين الذي عينه أخوه عتق ثلثاه وان عين الآخر عتق منه ثلثه وهل يبطل العتق في الذي عتق بالقرعة على وجهين (باب الاقرار بالمجمل) (إذا قال له علي شئ أو كذا قيل له فسر فان أبي حبس حتى يفسر فان مات أخذ وارثه بمثل ذلك ان خلف الميت شيئا يقضى منه وإلا فلا) وجملة ذلك أنه إذا قال لفلان علي شئ أو كذا صح اقراره ولزمه تفسيره بغير خلاف، ويفارق
الدعوى حيث لا تصح بالمجهول لكون الدعوى له والاقرار عليه فلزمه ما عليه مع الجهالة دون ماله ولان المدعي إذا لم يصحح دعواه فله داع إلى تحريرها والمقر لا داعي له إلى التحرير ولا يمكن رجوعه عن اقراره فيضيع حق المقر له فألزمناه إياه مع الجهالة فان امتنع من تفسيره حبس حتى يفسر وقال القاضي يجعل ناكلا يؤمر المقر له بالبيان فان بين شيئا فصدقه المقر ثبت وان كذبه وامتنع من البيان قيل له ان بينت وإلا جعلناك ناكلا وقضينا عليك وهذا قول الشافعي إلا أنهم قالوا ان بنت وإلا أحلفنا المقر له على ما يدعيه وأو جبناه عليك فان فعل وإلا أحلفنا المقر له واوجبناه على المقر، ووجه الاول أنه ممتنع من حق عليه فحبس به كما لوعينه وامتنع من أدائه، ومع ذلك فمتى عينه المدعي وادعاه فنكل المقر فهو على ما ذكروه فان مات من عليه الحق أخذ وارثه بمثل ذلك لان الحق ثبت على موروثهم فتعلق بتركته وقد صارت إلى الورثة فلزمهم ما لزم موروثهم كما لو كان الحق معينا، وان لم يخلف الميت تركة.
فلا شئ لى الورثة لانهم ليس عليهم وفاء دين الميت إذا لم يخلف تركة كما لا يلزمهم في حياته، وذكر صاحب المحرر رواية ان الوارث ان صدق موروثه في اقراره أخذ به وإلا فلا والصحيح الاول قال
وعندي ان أبى الوارث أن يفسر وقال لاعلم لي بذلك حلف ولزمه من التركة ما يقع عليه الاسم فيما إذا وصى لفلان بشئ ويحتمل أن يكون حكم المقر كذلك إذا حلف أن لا يعلم كالوارث (مسألة) (وان فسره بحق شفعة أو مال قبل وان قل وان فسره بمال كقشر جوزة أو ميتة أو
خمر لم يقبل وان فسره بكلب أو حد قذف فعلى وجهين) متى فسر المقر اقراره بما يتمول عادة قبل تفسيره ويثبت الا أن يكذبه المقر له ويدعي جنسا آخر أولا يدعي شيئا فيبطل اقراره، وان فسره بمالا يتمول عادة كقشر جوزة أو قشر باذنجانة لم يقبل تفسيره لان اقراره اعترف بحق عليه ثابت في ذمته وهذا لا يثبت في الذمة وكذلك ان فسره بما ليس بمال في الشرع كالخمر والميتة، وان فسره بكلب لا يجوز اقتناؤه فكذلك، وان فسره بكلب يجوز اقتناؤه أو جلد ميتة غير مدبوغ ففيه وجهان (أحدهما) يقبل لانه شئ يجب رده وتسليمه إليه فالايجاب يتناوله (والثاني) لا يقبل لان الاقرار إخبار عما يجب ضمانه وهذا لا يجب ضمانه، وان فسره بحبة حنطة أو شعير ونحوها لم يقبل لانه هذا لا يتمول عادة على انفراده، وان فسره بحد قذف قبل لانه حق يجب عليه وفيه وجه آخر أنه لا يقبل لانه لا يؤول إلى مال والاول أصح لان ما يثبت في الذمة يصح ان يقال هو علي ويصح تفسيره بحق شفعة لانه حق واجب ويؤول إلى المال وان فسره برد السلام أو تشميت العاطس ونحوه لم يقبل لانه يسقط بفواته ولا يثبت في الذمة وهذا الاقرار يدل على ثبوت الحق في الذمة ويحتمل أن يقبل تفسيره إذا أراد حقا علي رد سلامه إذا سلم وتشميته إذا عطس لما روي في الخبر (للمسلم على المسلم ثلاثون حقا يرد سلامه ويشمت عطسته ويجب دعوته) (مسألة) (وان قال غصبت منه شيئا ثم فسره بنفسه أو ولده لم يقبل) لان الغصب لا يثبت عليه
وان أراد أني حبستك وسجنتك قبل ذكره في المحرر وان فسره بما ليس بمال مما ينتفع به قبل لان الغصب يشتمل عليه كالكلب وجلد الميتة لانه قد يقهره عليه، وان فسره بمالا نفع فيه أو مالا يباح الانتفاع به لم يقبل لان أخذ ذلك ليس بغصب وهذا الذي ذكرناه في هذا الباب أكثره مذهب
الشافعي وحكي عن أبي حنيفة أنه لا يقبل تفسير اقراره بغير المكيل والموزن لان غيرهما لا يثبت في الذمة بنفسه.
ولنا أنه مملوك يدخل تحت العقد فجازأن يفسر به الشئ في الاقرار كالمكيل والموزون ولانه يثبت في الذمة في الجملة فصح التفسير به كالمكيل ولا عبرة بسبب ثبوته في الاخبار به والاخبار عنه (فصل) تقبل الشهادة على الاقرار بالمجهول لان الاقرار به صحيح وما كان صحيحا في نفسه صحت الشهادة به كالمعلوم (مسألة) (وان قال له علي مال عظيم أو خطير أو كثير أو جليل قبل تفسيره بالكثير والقليل) كما لو قال له على مال ولم يصفه وهذا قول الشافعي وحكي عن أبي حنيفة لا يقبل تفسيره باقل من عشرة لان يقطع به السارق ويكون صداقا عنده وعنه لا يقبل أقل من مائتي درهم وبه قال صاحباه لانه الذي تجب فيه الزكاة وقال بعض أصحاب مالك كقولهم في المال ومنهم من قال يزيد على ذلك أقل زيادة منهم من قال قدر الدية وقال الليث بن سعد اثنان وسبعون لان الله سبحانه وتعالى قال
(لقد نصر كم الله في مواطن كثيرة) وكانت غزواته وسراياه اثنتين وسبعين قالوا ولان الحبة لا تسمى مالا عظيما ولا كثيرا ولنا أن العظيم والكثير لاحد له في الشرع ولا اللغة ولا العرف ويختلف الناس فيه فمنهم من يستعظم القليل ومنهم من يستعظم الكثير ومنهم من يحتقر الكثير فلم يلبث في ذلك حد يرجع في تفسيره إليه ولانه ما من مال الا وهو عظيم كثير بالنسبه إلى ما دونه ويحتمل أنه أراد عظيما لفقر نفسه ودناءتها واما ما ذكروه فليس فيه تحديد الكثير وكون ما ذكروه كثيرا لايمنع الكثرة فيما دونه وقد قال الله تعالى (واذكروا الله كثيرا) فلم ينصرف إلى ذلك وقال تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة فلم يحمل على ذلك والحكم فيما إذا قال عظيم جدا أو عظيم كما لو لم يقله لما قررناه (فصل) وان اقر بمال قبل تفسيره بالقليل والكثير كالمسألة قبل هذا وبهذا قال الشافعي وقال ابو حنيفة لا يقبل تفسيره بغير المال الزكوي لقول الله سبحانه (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم
وتزكيهم بها) وقوله (وفي اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) وحكي بعض اصحاب مالك عنه ثلاثة اوجه الاول كقولنا والثاني لا يقبل الافي اول نصاب من نصب الزكاة من نوع اموالهم والثالث ما يقطع به السارق ويصح مهرا لقول الله تعالى (لن تبتغوا بأموالكم)
ولنا ان غير ما ذكروه يقع عليه اسم المال حقيقة وعرفا ويتمول عادة فيقبل تفسيره به كالذي وافقوا عليه واما آية الزكاة فقد دخلها التخصيص وقوله تعالى (في أموالهم حق) لم يرد بها الزكاة لانها نزلت بمكة قبل قرض الزكاة فلا حجة لهم فيها ثم يرد قوله تعالى (ان تبتغوا بأموالكم) والترويج جائز بأي نوع كان من المال وبما دون النصاب (مسألة) (وان قال له علي دراهم كثيرة قبل تفسيره بثلاثة فصاعدا) اما إذا قال له علي دراهم لزمه ثلاثة لانها اقل الجمع، وان قال له دراهم كثيرة أو وافرة أو عظيمة لزمته ثلاثة ايضا وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يقبل تفسيره بأقل من عشرة لانها أقل جمع الكثرة وقال ابو يوسف لا يقبل اقل من مائتين لان بها يحصل الغنى وتجب الزكاة ولنا أن الكثرة والعظمة لا حد لها شرعا ولا لغة ولاعرفا وتختلف بالاوصاف وأحوال الناس فالثلاثة اكثر مما دونها وأقل مما فوقها ومن الناس من يستعظم اليسير ومنهم من لا يستعظم الكثير ويحتمل أن المقر أراد كثيرة بالنسبة إلى ما دونها أو كبيرة في نفسه فلا تجب الزدياة بالاحتمال (مسألة) (وان قال له علي كذا درهم أو كذا وكذا درهم أو كذا كذا درهم بالرفع لزمه درهم) لان تقديره شئ هو درهم وان قال بالخفض لزمه بعض درهم لان كذا يحتمل أن يكون جزءا
مضافا إلى درهم ويرجع في تفسيره إليه إذا فسره بذلك لانه محتمل (مسألة) (وان قال كذا درهما بالنصب لزمه درهم) ويكون منصوبا على التمييز (مسألة) (وان قال كذا وكذا درهما بالنصب فقال ابن حامد والقاضي يلزمه درهم) لان الدرهم الواحد يجوز أن يكون تفسيرا لشيئين كل واحد بعض درهم (وقال أبو الحسن التميمي يلزمه درهمان) لانه
ذكر جملتين فسرهما بدرهم فيعود التفسير إلى كل واحدة منهما (كقوله عشرون درهما) إذا قال كذا ففيه ثلاث مسائل (أحدها) أن يقول كذا بغير تكرير ولا عطف (الثانية) أن يكرر بغير عطف (الثالثة) أن يعطف فيقول كذا وكذا: فأما الاولى فإذا قال له علي كذا درهم لم يخل من أربعة أحوال (أحدها) ان يقول له علي كذا درهم بالرفع فيلزمه درهم وتقديره شئ هو درهم فجعل الدرهم بدلامن كذا (الثاني) ان يقول درهم بالجر فيلزمه جزء درهم يرجع في تفسيره إليه والتقدير جزء درهم أو يعض درهم ويكون كذا كناية عنه (الثالث) أن يقول درهما بالنصف فيلزمه درهم ويكون منصوبا على التفسير وهو التمييز وقال بعض النحويين هو منصوب على القطع كانه قطع ما ابتدأ به وأقر بدرهم وهذا على قول الكوفيين (الرابع) أن يذكره بالوقف فيقبل تفسيره بجزء درهم أيضا لانه يجوز أن يكون أسقط حركة
الجر للوقف وهذا مذهب الشافعي وقال القاضي يلزمه درهم في الحالات كلها وهو قول بعض أصحاب الشافعي.
ولنا ان كذا اسم مبهم فصح تفسيره بجزء درهم في حال الجر والوقف (المسألة الثانية) (إذا قال كذا كذا بغير عطف فالحكم فيها كالحكم في كذا بغير تكرير سواء) لا يتغير ولا يقتضي تكريره الزيادة كأنه قال شئ مشئ ولانه إذا قاله بالجر احتمل أن يكون قد أضاف جزءا إلى جزء ثم أضاف الجزء الاخير إلى الدرهم فقال نصف سبع درهم وهكذا لو قال كذا كذا لانه يحتمل أن يرد ثلث خمس تسع درهم ونحوه (المسألة الثالثة) (إذا عطف فقال كذاوكذا درهم بالرفع لزمه درهم واحد) لانه ذكر شيئين ثم أبدل منهما درهما فصار كأنه قال هما درهم، وان قال درهما بالنصب ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) يلزمه درهم واحد وهو قول أبي عبد الله بن حامد والقاضي لان كذا يحتمل أقل من درهم فإذا عطف عليه مثله ثم فسرهما بدرهم واحد جاز وكان كلاما صحيحا وهذا يحكي قولا للشافعي (الثاني) يلزمه درهمان وهو اختيار أبي الحسن التميمي لانه ذكر جملتين فإذا فسر ذلك بدرهم عاد التفسير إلى كل واحد كقوله عشرون درهما يعود النفسير إلى العشرين كذا ههنا وهذا يحكي قولا ثابنا للشافعي (الثالث) يلزمه أكثر من درهم ولعله
ذهب إلى ان الدرهم تفسير للجملة التي تليه فيلزمه بها درهم والاولى باقية على ابهامها فيرجع في تفسيرها إليه وهذا يشبه قول التميمي، وقال محمد بن الحسن إذا قال كذا درهما لزمه عشرون درهما لانه أقل
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: