الفقه الحنبلي - الضمان - الشفعة
كفها الا أن يكون الاول منهما صغيرا أو مريضا ونحوهما ويكون الثاني هو المتولي لتدبيرها فيكون
الضمان عليه فان كان مع الدابة قائد وسائق فالضمان عليهما لان كل واحد منهما لو انفرد ضمن فإذا اجتمعا ضمنا، وان كان معهما أو مع أحدهما راكب فالضمان عليهم جميعا في أحد الوجهين لذلك والثاني الضمان على الراكب لانه أقوى يدا وتصرفا، ويحتمل أن يكون على القائد لانه لاحكم للراكب معه (فصل) والجمل المقطور على الجمل الذي عليه راكب يضمن جنايته لانه في حكم القائد فاما الجمل المقطور على الجمل الثاني فينبغي أن لا يضمن جنايته إلا أن يكون له سائق لان الراكب الاول لا يمكنه حفظه عن الجناية، ولو كان مع الدابة ولدها لم يضمن جنايته لانه لا يمكنه حفظه وذكر ابن ابي موسى في الارشاد أنه يضمن قال لانه يمكنه ضبطه بالشد (مسألة) (ويضمن ما أفسدت من الزرع والشجر ليلا ولا يضمن ما أفسدت من ذلك نهارا) يعني إذا لم تكن يد أحد عليها وهذا قول مالك والشافعي وأكثر فقهاء الحجاز وقال الليث يضمن مالكها ما أفسدته ليلا ونهارا بأقل الامرين من قيمتها أو قدر ما أتلفته كالعبد إذا جنبى، وقال أبو حنيفة لا ضمان عليه بحال لقول النبي صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار) يعني هدراو لانها أفسدت وليست يده عليها فلم يضمن كالنهار أو كما لو أتلفت غير الزرع ولنا ما روى مالك عن الزهري عن حزام بن سعيد بن محيصة ان ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: على أهل الاموال حفظها بالنهار وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم.
قال ابن عبد البر ان كان هذا مرسلا فهو مشهور حدث به الائمة الثقاة وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول ولان العادة من أهل المواشي إرسالها في النهار للرعى وحفظها ليلا وعادة أهل الحوائط حفظها نهارا دون الليل فإذا ذهبت ليلا كان التفريط من أهلها بتركهم حفظها في وقت عادة الحفظ
وان تلفت نهارا كان التفريط من أهل الزرع فكان عليهم وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وقضى على كل إنسان بالحفظ في وقت عادته فصل) قال بعض اصحابنا انما يضمن مالكها ما اتلفته ليلا إذا فرط بارسالها ليلا أ نهارا اولم
يضمها بالليل أو ضمها بحيث يمكنها الخروج اما إذا ضمها فأخرجها غيره بغير إذنه أو فتح عليها بابها فالضمان على مخرجها أو فاتح بابها لانه المتلف قال القاضي هذه المسألة عندي محمولة على موضع فيه مزارع ومراعي اما القرى العامرة التي لامرعى على فيها الابين قراحين (1) كساقية وطريق وطرف زرع فليس لصاحبها ارسالها بغير حافظ عن الزرع فان فعل فعليه الضمان لتفريطه وهذا قول بعض اصحاب الشافعي.
(فصل) فان اتلفت البهيمة غير الزرع والشجر لم يضمن مالكها ما اتلفته ليلا كان أو نهارا ما لم تكن يده عليها، وحكي عن شريح انه قضى في شاة وقعت في غزل حائك ليلا بالضمان على صاحبها وقرأ (إذ نفشت فيه غنم القوم) قال والنفش لا يكون الا بالليل وعن الثوري يضمن وان كان نهارا لنفريطه بارسالها.
ولنا قول النبي صلى الله عليه (العجماء جرحها جبار) متفق عليه اي هدر واما الآية فالنفش هو الرعي بالليل وكان هذا في الحرث الذي تفسده البهائم بالرعي طبعا وتدعوها نفسها إلى اكله بخلاف غيره فلا يصح قياس غير عليه (فصل) إذا استعار بهيمة فاتلفت شيئا وهي في يد المستعير فضمانه عليه سواء كان المتلف لمالكها أو لغيره لان ضمانه يجب باليد واليد للمستعير، وإن كانت البهيمة في يد الراعي فأتلفت زرعا أو شجرا فالضمان على الراعي دون المالك لان اتلاف ذلك في النهار لا يضمن إلا بثبوت اليد عليها واليد للراعي دون المالك فضمن كالمستعير، وان كان الزرع للمالك وكان ليلا ضمن ايضا لان ضمان اليد اقوى بدليل انه يضمن في الليل والنهار جميعا (مسألة) (ومن صال عليه آدمي أو غيره فقتله دفعا عن نفسه لم يضمنه لانه قتله بالدفع الجائز فلم يجب ضمانه فان كان الصائل بهيمة فلم يمكنه دفعها إلا بقتلها جاز له قتلها اجماعا ولا يضمنها إذا كانت لغيره وهذا قول مالك والشافعي واسحاق وقال أبو حنيفة يضمنها لانه اتلف مال غيره لا حياء نفسه فضمنه كالمضطر إذا اكل طعام غيره وكذلك الخلاف في غير المكلف من الآدمين كالصبي والمجنون يجوز قتله ويضمنه لانه لا يملك إباحة نفسه ولذلك لو ارتد لم يقتل ولنا انه قتله بالدفع الجائز فلم يضمنه كالعبد ولانه حيوان جاز اتلافه فلم يضمنه كالآدمي المكلف ولانه
__________
(1) كذا في الاصل
قتله لدفع شره فاشبه وذلك أنه إذا قتله لدفع شره كان الصائل هو القاتل لنفسه فاشبه مالو نصب حربة في طريقه فقذف نفسه عليها فمات بها وفارق المضطر فان الطعام لم يلجئه إلى اتلافه ولم يصدر منه ما يزيل عصمته ولهذا لو قتله لصياله لم يضمنه ولو قتله ليأكله في المخمصة وجب عليه الضمان وغير المكلف كالمكلف في هذا وقولهم لا يملك إباحة نفسه قلنا: والمكلف لا يملك اباحة نفسه ولو قال أبحت دمي لم يبح مع أنه إذا صال فقد أبيح دمه بفعله فلم يضمنه كالمكلف (مسألة) (وان اصطدمت سفينتان فغرقتا ضمن كل واحد منهما سفينة الآخر وما فيها) إذا اصطدمت سفينتان متساويتان كاللتين في بحر أو ماء واقف فان كان القيمان مفرطين ضمن كل واحد منهما سفينة الآخر بما فيها من نفس ومال كالفارسين إذا تصادما وان لم يكونا مفرطين فلا ضمان عليهما، وقال الشافعي: يضمن في أحد الوجهين لانهما في أيديهما فضمنا كما لو اصطدما فارسان لغلبة الفرسين لهما ولنا أن الملاحين لا يسيران السفينتين بفعلهما ولا يمكنهما ضبطهما في الغالب ولا الاحتراز من ذلك فأشبه الصاعقة إذا نزلت فاحرقت سفينة ويخالف الفرسين فانه يمكن ضبطهما والاحتراز من طردهما وان كان أحدهما مفرطا وحده ضمن وحده، وان اختلفا في تفريط القيم ولا بينه فالقول قوله مع يمينه لان الاصل عدمه وهو أمين أشبه المودع وعند الشافعي أنهما إذا كانا مفرطين فعلى كل واحد من القيمين ضمان نصف سفينته ونصف سفينة صاحبه وقال مثل ذلك في الفارسين وسنذكره ان شاء الله تعالى والتفريط ان يكون قادرا على ضبطها أوردها عن الاخرى فلم يفعل أو أمكنه أن يعد لها إلى ناحية أخرى فلم يفعل أو لم يكمل آلتها من الرجال والحبال وغيرهما (مسألة) (وان كانت احداهما منحدرة فعلى صاحبها ضمان المصعدة إلا أن يكون عليه ريح فلم يقدر على ضبطها) متى كان قيم المنحدرة مفرطا فعليه ضمان المصعدة لانها تنحط عليها من علو فيكون ذلك سببا لغرقها فتزل المنحدرة بمنزلة السائر والمصعدة منزلة الواقف إذا اصطدما، وإن غرقتا جميعا فلا شئ على المصعد وعلى المنحدر قيمة المصعدة أو ارش ما تقصت ان لم تتلف كلها الا ان يكون التفريط من
المصعد بان يمكنه العدول بسفينته والمنحدر غير قادر ولا مفرط فيكون الضمان على المصعد، وان لم يكن من واحد منهما تفريط لكن هاجت ريح أو كان الماء شديد الجرية فلم يمكنه ضبطها فلا ضمان عليه لانه لايدخل في وسعه (ولا يكلف الله لفسا إلا وسعها) فان كانت إحدى السفينتين واقفة
والاخرى سائرة فلا شئ على الواقفة وعلى السائرة ضمان الوافقة إن كان القيم مفرطا، فلا ضمان عليه إذا لم يفرط على ما ذكرنا.
(فصل) فان خيف على السفينة الغرق فالقى بعض الركبان متاعه لتخف وتسلم من الغرق لم يضمنه أحد لانه أتلف متاع نفسه باختياره لصلاحه وصلاح غيره، وان القى متاع غيره بغير إذنه ضمنه وحده وان قال لغيره الق متاعك فقبل منه لم يضمنه لانه لم يلتزم ضمانه، وان قال القه وأنا ضامن له أو علي قيمته لزم ضمانه لانه أتلف ماله بعوض لمصحلة فوجب له العوض على من التزمه كما لو قال اعتق عبدك وعلي ثمنه.
وان قال القه وعلي وعلى ركاب السفينة ضمانه فالقاه ففيه وجهان (أحدهما) يلزمه ضمانه وحده ذكره أبو بكر وهو نص الشافعي لانه التزم ضمان جميعه فلزمه ما التزمه، وقال القاضي ان كان ضمان اشتراك مثل أن يقول نحن نضمن لك أوقال على كل واحد منا ضمان قسطه أو ربع متاعك لم يلزمه الا ما يخصه من الضمان وهذا قول بعض أصحاب الشافعي لانه لم يضمن إلا حصته وانما أخبر عن الباقين بالضمان فسكتوا وسكوتهم ليس بضمان، وان الترم ضمان الجميع وأخبر عن كل واحد منهم بمثل ذلك لزمه ضمان الكل لانه ضمن الكل، وان قال القه على أن أضمنه لكل أنا وركبان السفينة فقد أذنوا لي في ذلك فانكروا الاذن فهو ضامن للجميع وان قال القي متاعي وتضمنه؟ فقال نعم ضمنه له وان قال الق متاعك وعلي ضمان نصفه وعلى أخي ضمان ما بقي فالقاه فعليه ضمان النصف وحده ولا شئ على الآخر لانه لم يضمن والله أعلم.
(فصل) إذا خرق سفينة فغرقت بما فيها وكان عمدا وهو مما يغرقها غالبا ويهلك من فيها لكونهم في اللجة أو لعدم معرفتهم بالسياحة فعليه القصاص ان قتل من يجب القصاص بقتله وعليه ضمان السفينة بما قفيها من مال ونفس وان كان خطأ فعليه ضمان العبيد ودية الاحرار على عاقلته وان كان عمد خطأ
مثل ان اخذ السفينة ليصلح موضعا فقلع لوحا أو يصلح مسمارا فنقب موضعا فهو عمدا لخطأ ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي، والصحيح ان هذا خطأ محض لانه قصد فعلا مباحا فأفضى إلى التلف لما لم يرده فاشبه مالو رمى صيدا فاصاب آدميا فقتله ولكن ان قصد قلع اللوح في موضع الغالب أنه لا يتلفها فاتلفها فهو عمد الخطأ فيه ما فيه (مسألة) (وان كسر مزمارا أو طنبورا أو صليبا لم يضمنه) وقال الشافعي ان كان ذلك إذا فصل يصلح لنفع مباح وإذا كسر لم يصلح لزمه ما بين قيمته مفصلا ومكسورا لانه أتلف بالكسر ماله قيمه، وان كان لا يصلح لمنفعة مباحة لم يضمن، وقال أبو حنيفة يضمن.
ولنا أنه لا يحل بيعه فلم يضمنه كالميتة والدليل على أنه لا يحل بيعه قول النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام) متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام (بعثت بمحق القينات والمعازف) (مسألة) (وان كسر آنية ذهب أو فضة لم يضمنها) وحكى أبو الخطاب رواية أخرى عن احمد انه يضمن فان منها نقل عنه فيمن هشم على غيره ابريق فضه عليه قيمته يصوغه كما كان، فقيل له أليس قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذها فسكت، والصحيح أنه لا يضمن نص عليه في رواية المروذي فيمن كسر ابريق فضة لا ضمان عليه لانه أتلف ما ليس بمباح فلم يضمنه كالميتة، ورواية منها تدل على أنه رجع عن قوله ذلك لكونه سكت حين ذكرا لسائل النهي عن وليس في رواية منها أنه قال يصوغه ولا تحل صناعته فكيف تجب؟ (مسألة) (وان كسر اناء خمر لم يضمنه في أصح الروايتين) لما روي عن ابن عمر قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آنية بمدية وهي الشفرة فأتيته بها فارسل بها فارهفت ثم أعطانيها وقال (اغد علي بها) ففعلت فخرج باصحابه إلى اسواق المدينة وفيها زفاق الخمر قد جلبت من الشام فاخذ المدية مني فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته كلها وأمر اصحابه الذين
كانوا معه أن يمضوا معي ويعاونوني وامرني ان آتي الاسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر الاشققته رواه أحمد، وروي عن انس قال كنت اسقي ابا طلحة وابي بن كعب وابا عبيدة شرابا من فضيخ فأنانا آت فقال ان الخمر قد حرمت فقال ابو طلحة قم يا أنس إلى هذه الدنان فاكسرها وهذا يدل على سقوط حرمتها وإباحة اتلافها فلا يضمنها كسائر المباحات (والثانية) يضمنها إذا كان ينتفع بها في غيره لانها مال يمكن الانتفاع به ويحل بيعه فيضمنها كما لو لم يكن فيها خمرولان جعل الخمر فيها لا يفتضي سقوط ضمانها كالبيت الذي جعل مخزمنا للخمر (فصل) إذا غصب ارضا فحكمها في جواز دخول غيره إليها حكمها قبل الغصب فان كانت محوطة كالدار والبستان المحوط عليه لم يجز دخولها لغير مالكها الا باذنه لان ملك مالكها لم يزل عنها فلم يجز دخولها بغير اذنه كما لو كانت في يده.
قال احمد: في الضيعة تصير غيضة فيها سمك لا يصيد فيها احد إلا باذنهم، وان كانت صحراء جاز الدخول فيها ورعي حشيشها.
قال احمد: لا بأس برعي الكلا في الارض المغصوبة وذلك لان الكلا لا يملك بملك الارض ويتخرج في كل واحدة من الصورتين مثل حكم الاخرى قياسا لها عليها ونقل عنه المرذوي في دار طوابيقها غصب لا يدخل على والديه لان دخوله عليهما تصرف في الطوابيق المغصوبة ونقل عنه الفضل بن عبد الصمد
في رجل له إخوة في أرض غصب يزورهم ويراودهم على الخروج فان أجابوه وإلا لم يقم معهم ولا يدع زيارتهم يعني يزورهم يأتي باب دارهم ويتعرف أخبارهم ويسلم عليهم ويكلمهم ولا يدخل إليهم ونقل المرذوي عنه أكره المشي على العبارة التى بجري فيها الماء وذلك لان العبارة وضعت لعبور الماء لا للمشي عليها، قال أحمد لا يدفن في الارض المغصوبة لما في ذلك من التصرف في أرضهم بغير إذنهم وقال أحمد فيمن ابتاع طعاما من موضع غصب ثم علم رجع إلى الموضع الذي أخذه منه فرده وروي عنه أنه قال يطرحه يعني على من ابتاعه منه وذلك لان قعوده فيه حرام منهي عنه فكان البيع فيه محرما ولان الشراء ممن يقعد في الموضع المحرم يحملهم على العقود والبيع فيه وترك الشراء منهم يمنعهم القعود فقال لا يبتاع من الخانات التي في الطرق الا أن لا يجد غيره كان بمنزلة المضطر، وقال في السلطان إذا بنى
دارا وجمع الناس إليها أكره الشراء منها.
قال شيخنا وهذا على سيبل الورع ان شاء الله تعالى لما فيه من الاعانة على فعل المحرم والظاهر صحة البيع لانه إذا صحت الصلاة في الدار المغصوبة في رواية وهي عبادة فما ليس بعبادة أولى وقال فيمن غصب ضيعة وغصبت من الغاصب وأراد الثاني ردها جمع بينهما يعني بين مالكها والغاصب الاول وان مات بعضهم جمع ورثته انما قال هذا احتياطا خوف التبعة من الغاصب الاول لانه ربما طالب ربها فادعاها ملسكا باليد والا فالواجب ردها على مالكها وقد صرح بهذا في رواية عبد الله في رجل استودع رجلا الفا فجاء رجل إلى المستودع فقال ان فلانا غصبني الالف الذي استودعكه وصح ذلك عند المستودع فان لم يخف التبعة وهو أن يرجعوا به عليه دفعه إليه باب الشفعة وهي استحقاق الانسان انتزاع حصة شريكه من يد مشتريها وهي ثابتة بالسنة والاجماع أما السنة فما روى جابر قال قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة متفق عليه ولمسلم قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه فان شاء أخذ وان شاء ترك فان باع ولم يستأذنه فهو أحق به وللبخاري: انما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة، وأما الاجماع
فقال ابن المنذر أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط والمعنى في ذلك أن أحد الشريكين إذا أراد أن يبيع نصيبه وتمكن من بيعه لشريكه وتخليصه مما كان بصدده من توقع الخلاص والاستخلاص فالذي يقتضيه حسن العشرة أن يبيعه منه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه وتخليص شريكه من الضرر فإذا لم يفعل ذلك وباعه لاجنبي سلط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه.
قال شيخنا ولا نعلم أحدا خالف هذا الا الاصم فانه قال لا تثبت الشفعة فان في ذلك اضرارا بارباب الاملاك فان المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا اشتراه لم يبتعه ويتقاعد الشريك عن الشراء فيستضر المالك وهذا الذي ذكره ليس بشئ لمخالفته الاحاديث الصحيحة والاجماع المنعقد قبله، والجواب عما ذكره من وجهين (أحدهما) أنا نشاهد الشركاء يبيعون ولا يعدم من يشتري منهم غير شركائهم ولم يمنعهم
استحقاق الشفعة من الشراء (الثاني) أنه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة أن يقاسم فتسقط الشفعة، واشتقاقها من الشفع وهو الزوج فان الشفيع كان نصيبه منفردا في ملكه فبالشفعة يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به وقيل اشتقاقها من الزيادة لان الشفيع يزيد المبيع في ملكه (مسألة) ولا يحل الاحتيال على اسقاطها فان فعل لم يسقط نص عليه أحمد في رواية اسماعيل بن سعيد وقد سأله عن الحيلة في إبطال الشفعة فقال لا يجوز شئ من الحيل في ذلك ولا في ابطال حق مسلم
وبهذا قال أبو أيوب وأبو خيثمة وابن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني، وقال عبد الله بن عمر من يخدع الله يخدعه، ومعنى الحيلة أن يظهرو افي البيع شيئا لا يؤخذ بالشفعة معه ويتواطئون في الباطن على خلافه مثل أن يشتري شيئا يساوي عشرة دنانير بألف درهم ثم يقضيه عنها عشرة دنانير أو يشتريه بمائة دينار ويقضيه عنها مائة درهم أو يشترى البائع من المشتري عبدا قيمته مائة بألف في ذمته ثم يبيعه الشقص بالالف أو يشتري شقصا بألف ثم يبرئه البائع من تسعمائة أو يشتري جزءا من الشقص بمائة ثم يهب له البائع باقيه أو يهب الشقص للمشتري ويهب المشتري له الثمن أو يعقد البيع بثمن مجهول المقدار كحفنة قراضة أو جوهرة معينة أو سلعة غير موصوفة أو بمائة درهم ولؤلؤة وأشباء هذا فان وقع ذلك من غير تحيل سقطت الشفعة، وان تحيلا به على اسقاط الشفعة لم تسقط ويأخذ الشفيع الشقص في الصورة الاولى بعشرة دنانير أو قيمتها من الدراهم وفى الثانية بمائة درهم أو قيمتها ذهبا وفي الثالثة بقيمة العبد المبيع وفي الرابعة بالباقي بعد الابراء وفي الخامسة يأخذ الجزء المبيع من الشقص بقسطه من الثمن ويحتمل أن يأخذ الشقص كله بجميع الثمن لانه انما وهبه بقية الشقص عوضا عن الثمن الذي اشترى به جزءا من الشقص وفي السادسة يأخذ بالثمن الموهوب وفي سائر الصور المجهول ثمنها يأخذه بمثل الثمن أو قيمته ان لم يكن مثليا إذا كان الثمن موجودا فان لم يوجد دفع إليه قيمة الشقص لان الاغلب وقوع العقد على الاشياء بقيمتها وقال أصحاب الرأي والشافعي يجوز ذلك كله وتسقط به الشفعة لانه لم يأخذ بما وقع البيع به فلم يجز كما لو يكن حيلة
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (من أدخل فرسا بين فرسين ولا يأمن ان يسبق فليس بقماروان امن ان يسبق فهو قمار) رواه أبو داود وغيره فجعل ادخال الفرس المحل قمارا في الموضع الذي يقصد به اباحة اخراج كل واحد من المتسابقين جعلا مع عدم معنى المحال فيه وهو كونه بحال يحتمل ان يأخذ سبقهما وهذا يل على ابطال كل حيلة لم يقصد بها الااباحة المحرم مع عدم المعنى فيها فاستدل اصحابنا بما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لعن الله اليهود ان الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه) متفق عليه ولان الله تعالى ذم المخادعين له بقوله (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون) والحيل مخادعة وقد مسخ الله تعالى الذين اعتدوا في السبت قردة بحيلهم فانه روي عنهم انهم كانوا ينصبون شباكهم يوم الجمعة ومنهم من يحفر جبابا ويرسل الماء إليها يوم الجمعة فإذا جاءت الحيتان يوم السبت وقعت في الشباك والجباب فيدعوها إلى ليلة الاحد فيأخذونها ويقولون ما اصطدنا يوم السبت شيئا فمسخهم الله تعالى بحيلتهم وقال تعالى (فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين) قيل يعني به امة محمد صلى الله عليه وسلم أي ليتعظ بذلك امة محمد صلى الله عليه وسلم فيجتنبوا مثل فعل المعتدين ولان الحية خديعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل الخديعة لمسلم ولان الشفعة وجعت لدفع للضرر فلو سقطت بالتحيل للحق الضرر فلم تسقط كما لو اسقطها المشتري عنه بالوقف
والبيع، وفارق ما لم يقصد به التحيل لانه لا خداع فيه ولا قصد به ابطال حق والاعمال بالنيات، فان اختلفا هل وقع شئ من هذا حيلة أو لا فالقول قول المشتري مع يمينه لانه أعلم بنيته وحاله، إذا ثبت هذا فان الغرر في الصورتين الاوليين على المشتري لشرائه ما يساوي عشرة بمائة وما يساوي مائة درهم بمائة دينار وأشهد على نفسه ان عليه الفا فربما طالبه بها فلزمه في ظاهر الحكم، وفي الثالثة الغرر على البائع لانه اشترى عبدا يساوي مائة بألف، وفي الرابعة الغرر على المشتري لانه اشترى شقصا قيمته مائة بالف وكذلك في الخامسة لانه اشترى بعض الشقص بثمن جميعه، وفي السادسة على البادئ منهما بالهبة لانه قد لا يهب له الآخر شيئا فان خالف أحدهما ما تواطأ عليه فطالب صاحبه بما أظهره لزمه
في ظاهر الحكم لانه عقد البيع مع صاحبه بذلك مختارا فاما ما بينه وبين الله تعالى فلا يحل لمن غرصاحبه الاخذ بخلاف ما تواطأ عليه لان صاحبه إنما رضي بالعقد للتواطؤ فمع فواته لا يتحقق الرضى به (مسألة) (ولا تثبت إلا بشروط خمسة أحدها أن يكون مبيعا فلا شفعة فيما انتقل بغير عوض بحال) كالهبة بغير ثواب والصدقة والوصية والارث فلا شفعة فيه في قول الاكثرين منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحاب الرأي إلا أنه حكي عن مالك رواية أخرى ان الشفعة تجب في المنتقل بهبة أو صدقة ويأخذه الشفيع بقيمته وحكي عن ابن أبي ليلى لان الشفعة تثبت لازالة ضرر الشركة وهو موجود في الشركة كيفما كان ولان الضرر اللاحق بالمتهب دون ضرر المشتري لان اقدام المشتري على
شراء الشقص وبذل ماله دليل حاجته إليه فانتزاعه منه أعظم ضررا من أخذه ممن لم يوجد منه دليل الحاجة إليه ولنا أنه انتقل بغير عوض أشبه الميراث ولان محل الوفاق هو البيع والخبر ورد فيه وليس غيره في معناه لان الشفيع يأخذه ومن المشتري بمثل السبب الذي انتقل إليه به ولا يمكن هذا في غيره ولان الشفيع يأخذ الشقص بثمنه لا يقيمته وفي غيره يأخذه بقيمته فافترقا (مسألة) (ولا تجب فيما عوضه غير المال كالصداق وعوض الخلع والصلح عن دم العمد في أحد الوجهين) والمستقل بعوض على ضربين أحدهما ما عوضه المال كالبيع ففيه الشفعة بغير خلاف وكذلك كل ما جرى مجراه كالصلح بمعنى البيع والصلح عن الجناية الموجبة للمال والهبة والمشروط فيها ثواب معلوم لان ذلك بيع يثبت فيه أحكام البيع وهذا منها وبه يقول مالك والشافعي وأصحاب الرأي إلا أن أبا حنيفة وأصحابه قالوا لا تثبت الشفعة في الهبة المشروط فيها ثواب حتى يتقابضا لان الهبة لا تثبت إلا بالقبض فأشبهت البيع بشرط الخيار.
ولنا أنه تملكها بعوض هو مال فلم يفتقر إلى القبض في استحقاق الشفعة كالبيع ولا يصح ما قالوه من اعتبار لفظ الهبة لان العوض صرف اللفظ عن مقتضاه وجعله عبارة عن البيع خاصة عندهم فانه ينعقد بها النكاح الذي لا تصح الهبة فيه بالاتفاق (الضرب الثاني) ما انتقل بعوض غير المال نحو أن
يجعل الشقص مهرا أو عوضا في الخلع أوفي الصلح عن دم العمد فلا شقعة فيه في ظاهر كلام الخرقي لانه لم يتعرض في جميع مسائله لغير البيع اختاره أبو بكر وبه قال الحسن الشعبي وأبو ثور وأصحاب الرأي حكاه عنهم ابن المنذر واختاره، ووقال ابن حامد تجب فيه الشفعة وبه قال ابن شبرمة والحارث العكلي ومالك وابن أبي ليلى والشافعي لانه عقار مملوك بعقد معاوضة أشبه البيع.
ووجه الاول أنه مملوك بغير مال أشبه الموهوب والموروث ولانه يمتنع أخذه بمهر المثل لاننا لو أوجبنا مهر المثل لقومنا البضع على الاجانب وأضررنا بالشفيع لان مهر المثل يتفاوت مع المسمى لتسامح الناس فيه في العادة ويمتنع أخذه بالقيمة لانها ليست عوض الشقص فلا يجوز الاخذ بها كالموروث فيتعذر أخذه، وفارق البيع فانه أمكن الاخذ بعوضه، فان قلنا يؤخذ بالشفعة فطلق الزوج قبل الدخول بعد عفو الشفيع رجع بنصف ما أصدقها لانه موجود في يدها يصفته وان طلق بعد أخذ الشفيع رجع بنصف قيمته لان ملكها زال عنه فهو كما لو باعته وان طلق عقبل علم الشفيع ثم علم ففيه وجهان (أحدهما) يقدم حق الشفيع لانه ثبت بالنكاح السابق على الطلاق فهو أسبق (والثاني) حق الزوج مقدم لانه ثبت بالنص والاجماع والشفعة ههنا لانص فيها ولا اجماع.
فاما ان عفا الشفيع ثم طلق الزوج فرجع في نصف الشقص لم يستحق الشفيع الاخذ منه لانه عاد إلى المالك لزوال العقد فلم يستحق به الشفيع كالرد بالعيب وكذلك كل فسخ يرجع به الشقص إلى العاقد كرده بعيب أو مقايلة أو اختلاف المتبايعين أورده لغبن
وقد ذكرنا في الاقالة رواية أخرى أنها بيع فثبت فيها الشفعة وهو قول أبي حنيفة، فعلى هذا لو لم يعلم الشفيع حتى تقايلا فله أن يأخذ من أيهما شاء، وان عفا عن الشفعة في البيع ثقايلا فله الاخذ بها (فصل) فإذا جنى جنايتين عمدا وخطأ فصالحه منهما على شقص فالشفعة في نصف الشقص دون باقيه وبه قال أبو يوسف ومحمد وهذا على الرواية التي نقول فيها ان موجب العمد القصاص عينا وان قلنا موجبه أحد شيئين وجبت الشفعة في الجميع، وقال أبو حنيفة لا شفعة في الجميع لان الاخذ بها تبعيض للصفقة على المشتري
ولنا أن ما قابل الخطأ عوض عن مال فوجبت فيه الشفعة كما لو انفرد ولان الصفقة جمعت ما يجب فيه وما لا يجب فوجبت فيما يجب دون الآخر كما لو اشترى شقصا وسفيا، وبهذا الاصل يبطل ما ذكره قال شيخنا وقول أبي حنيفة أقيس لان في الشفعة تبعيض الشقص على المشتري وربما لا يبقى منه إلا مالا نفع فيه فأشبه مالو أراد أخذ بعضه مع عفو صاحبه بخلاف مسألة الشقص والسيف واما إذا قلنا ان الواجب أحد شيئين فباختياره الصلح سقط القصاص وتعينت الدية فكان الجميع عوضا عن مال.
(مسألة) (الثاني أن يكون شقصا مشاعا من عقار فيقسم فاما المقسوم المحدود فلا شفعة لمجاوره فيه)
وبه قال وعمر بن عبد العزيز وابن المسيب وسليمان بن يسار والزهري ويحيى الانصاري وأبو الزناد وربيعة ومالك والاوزاعي والشافعي واسحاق وأبو ثور وابن المنذر وقال ابن شبرمة والثوري وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي الشفعة بالشركة ثم بالشركة في الطريق ثم بالجواز، قال أبو حنيفة يقدم الشريك فان لم يكن وكان الطريق مشتركا كالدرب لا ينفذ تثبت الشفعة لجميع أهل الدرب الاقرب فالاقرب فان لم يأخذوا ثبتت للملاصق من درب آخر خاصة وقال العنبري وسوار تثبت بالشركة في الملك وبالشركة في الطريق واحتجوا بما روى أبو رافع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الجار أحق بصقبه) رواه البخاري وأبو داود وروي الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (جاز الدار أحق بالدار) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وروى الترمذي في حديث جابر (الجار احق بشفعته بداره ينتظر به إذا كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا) وقال حديث حسن ولانه إيصال ملك يدوم ويتأبد فثبتت الشفعة به كالشركة.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (الشفعة فيما لم يقسم فإذا وتعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) رواه البخاري وروى ابن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب أو عن أبي سلعة أو أو عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قسمت الارض وحدت فلا شفعة فيها) رواه
أبو داود ولان الشفعة تبتت في موضع الوفاق على خلاف الاصل لمعنى معدوم في محل النزاع
فلا تثبت فيه، وبيان انتفاء المعنى هو أن الشريك ربما دخل عليه شريك فيتأذى به فتدعوه الحاجة إلى مقاسمته أو يطلب الداخل المقاسمة فيدخل الضرر على الشريك بنقص قيمة ملكه وما يحتاج إلى إحداثه من المرافق، وهذا لا يوجد في المقسوم، فأما حديث أبي رافع فليس بصريح في الشفعة فان الصقب القرب يقال بالسين والصاد قال الشاعر * كوفيه نازح محلتها لا أمم دارها ولا صقب * فيحتمل أنه أراد باحسان جاره وصلته وعيادته ونحو ذلك، وخبرنا صحيح صريح فيقدم وبقية الاحاديث في أسانيدها مقال فحديث سمرة يرويه عن الحسن ولم يسمع منه إلا حديث العقيقة قاله أصحاب الحديث قال ابن المنذر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث جابر الذي رويناه وما عداه من الاحاديث فيها مقال، على أنه يحتمل أنه أراد بالجار الشريك فانه جار أيضا وتسمى الضرتان جارتين لا شتراكهما في الزوج، قال حمل بن مالك: كنت بين جارتين لي فضربت احداهما الاخرى بمسطح فقتلها وجنينها، وهذا يمكن في تأويل حديث أبي رافع أيضا.
إذا ثبت هذا فلا فرق بين كون الطريق مفردة أو مشتركة، قال أحمد في رواية ابن القاسم في رجل له أرض تشرب هي وأرض غيره من نهر واحد فلا شفعة له من أجل الشرب إذا وقعت الحدود فلا شفعة.
وقال في رواية أبي طالب وعبد الله ومثنى قيمن لا يرى الشفعة بالجوار وقدم إلى الحاكم فأنكر لم يحلف إنما هو اختيار وقد اختلف الناس فيه،
قال القاضي إنما قال هذا لان يمين المنكر ههنا على اقطع والبت ومسائل الاجتهاد مظنونة فلا يقطع ببطلان مذهب المخالف ويمكن أن يحمل كلام احمد ههنا على الورع لاعلى التحريم لانه لم يحكم ببطلان مذهب المخالف ويجور المشترى الامتناع به من تسليم المبيع فيما بينه وبنى الله تعالى (فصل) ولا تثبت الشفعة فيما لا تجب قسمته كالحمام الصغير والبئر والطرق الضيقة والرحى الصغيرة والعضادة والعراص الضيقة في إحدى الروايتين عن احمد وبه قال يحيي الانصاري وسعيد وربيعة
والشافعي.
والثانية فيها الشفعة وهو قول أبى حنيفة والثوري وابن شريح، وعن مالك كالروايتين لقوله صلى الله عليه وسلم (الشفعة فيما لم يقسم) وسائر النصوص العامة ولان الشفعة تثبت لازالة ضرر المشاركة، والضرر في هذا النوع أكثر لأنه يتأبد ضرره والاول ظاهر المذهب لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبة) والمقنبة الطريق الضيق، رواه أبو الخطاب في رءوس المسائل وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: لا شفعة في بئر ولا فحل، ولان إثبات الشفعة في هذا يضر بالبائع لانه لا يمكنه أن يتخلص من إثبات الشفعة في نصيبه بالقسمة وقد يمتنع المشتري لاجل الشفيع فيتضرر البائع وقد يمتنع البيع فتسقط الشفعة فيؤدي إثباتها إلى نفيها ويمكن أن يقال ان الشفعة إنما تثبت لدفع الضرر الذي يلحقه بالمقاسمة لما يحتاج إليه من احداث المرافق الخاصة ولا يوجد هذا فيما لا ينقسم، قولهم ان الضرر ههنا أكثر لتأبده قلنا إلا أن الضرر في محل الوفاق من
غير جنس هذا الضررو هو ضرر الحاجة إلى إحداث المرافق الخاصة فلا يمكن التعدية وفي الشفعة ههنا ضرر غير موجود في محل الوفاق وهو ما ذكرناه فتعذر الالحاق، فاما ما أمكن قسمته مما ذكرنا كالحمام الكبير الواسع بحيث إذا قسم لا يستضر بالقسمة وأمكن الانتفاع به حماما فان الشفعة تجب فيه وكذلك البئر والدور والعضائد متى أمكن أن يحصل من ذلك شيئان كالبئر يقسم بئرين يرتقى الماء منهما وجبت الشفعة أيضا لانه يمكن القسمة وهكذا الحرى إن كان لها حصن يمكن قسمته بحيث يحصل الحجران في أحد القسمين أو كان فيها أربعة أحجار دائرة يمكن أن يفرد كل واحد منهما بحجرين وجبت الشفعة وإن لم يكن إلا أن يحصل لكل واحد منهما مالا يتمكن به من ابقائها رحى لم تجب الشفعة فاما الطريق فان الدار إذا بيعت ولها طريق في شارع أو درب نافذ فلا شفعة في الدار ولا الطريق لانه لا شركة لاحد في ذلك وإن كان الطريق في درب غير نافذ ولا طريق، للدارسوى ذلك الطريق فلا شعفة أيضا لان اثبات ذلك يضر بالمشترى لان الدار تبقى بلا طريق، وان كان للدرب باب آخر يستطرق منه أو كان لها موضع يفتح منه باب لها إلى الطريق النافذ نظرنا في الطريق المبيع مع الدار فان كان ممرا لاتمكن قسمته فلا شفعة فيه وان كان يمكن قسمته وجبت الشفعة فيه لانه
أرض مشتركة تحتمل القسمة فوجبت فيما الشفعة كغير الطريق ويحتمل أن لا تجب الشفعة فيها بحال
لان الضرر يلحق المشتري بتحويل الطريق إلى مكان آخر مع ما في الاخذ بالشفعة من تفريق صفقته وأخذ بعض المبيع من العقار دون بعض فلم يجزكما لو كان الشريك في الطريق شريكا في الدار فأراد أخذ الطريق وحدها، والقول في دهليز الدار وصحنه كالقول في الطريق المملوك، وان كان نصيب المشتري من الطريق أكثر من حاجته فذكر القاضي ان الشفعة تجب في الزائد بكل حال لوجود المقتضي وعدم المانع، والصحيح انه لا شفعة فيه لان في ثبوتها تبعيض صفقة المشتري ولا يخلو من الضرر (مسألة) (ولا تجب فيما ليس بعقار كالشجر والحيوان والبناء المفرد في احدى الروايتين الا أن الغراس والبناء يؤخذ تبعا للارض ولا يؤخذ الزرع والثمرة تبعا في احد الوجهين) وجملة ذلك أن من شروط وجوب الشفعة أن يكون المبيع أرضا لانها التي تبقى على الدوام ويدوم ضررها وغيرها ينقسم قسمين (أحدهما) تثبت فيه الشفعة تبعا للارض وهو البناء والغراس يباع مع الارض فانه يؤخذ بالشفعة تبعا بغير خلاف في المذهب ولا نعرف فيه بين من أثبت الشفعة خلافا، وقد دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم وقضاؤه بالشفعة في كل شرك لم يقسم ربعة أو حائط وهذا يدخل فيه البناء والاشجار (القسم الثاني) مالا تثبت فيه الشفعة تبعا ولا مفردا وهو الزرع والثمرة الظاهرة ويباع مع الارض فلا يؤخذ بالشفعة مع الاصل وهو قول الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك يؤخذ بالشفعة مع أصوله، وقد ذكر أصحابنا وجها مثل قولهما لانه متصل بما فيه الشفعة فثبتت فيه الشفعة تبعا كالبناء والغراس
ولنا انه لا يدخل في البيع تبعا فلا يؤخذ بالشفعة كقماش الدار وعكسه البتاء والغراس، يحقق ذلك ان الشفعة بيع في الحقيقة لكن الشارع جعل له سلطان الاخذ بغير رضى المشتري، فان بيع الشجر وفيه ثمرة غير ظاهرة كالطلع غير المؤبر دخل في الشفعة لانها تبع في البيع فأشبهت الغراس في الارض فان بيع ذلك مفردا فلا شفعة فيه سواء كان ممن ينقل كالحيوان والثياب والسفن والحجارة والزرع
والثمار أولا ينقل كالبناء والغراس إذا بيع مفردا وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وروي عن الحسن والثوري والاوزاعي والعنبري وقتادة وربيعة واسحاق لا شفعة في المنقولات، واختلف فيه عن عطاء ومالك فقالا مرة كذلك ومرة قالا الشفعة في كل شئ حتى في الثوب، قال ابن أبي موسى وقد روي عن أبي عبد الله رواية أخرى ان الشفعة واجبة فيما لا ينقسم كالحجر والسيف والحيوان وما في معنى ذلك قال أبو الخطاب وعن احمد ان الشفعة تجب في البناء والغراس وان بيع منفردا وهو قول مالك لعموم قوله عليه السلام (الشفعة فيما لم يقسم) ولان الشفعة وجبت لدفع الضرر والضرر فيما لا ينقسم أبلغ منه فيما ينقسم وقد روى ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (الشفعة في كل شئ) ولنا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم (الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) لا يتناول الا ما ذكرناه وانما أراد مالا ينقسم من الارض لقوله (فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق)
ولان هذا مما لا ينافى ضرره على الدوام فلم تجب فيه الشفعة كصبرة الطعام وحديث ابن أبي مليكه مرسل ولم يرو في الكتب الموثوق بها والحكم في الغراف والدولاب والناعورة كالحكم في البناء، فأما ان بيعت الشجرة مع قرارها من الارض مفردة عما يتخلها من الارض فحكمها حكم مالا ينقسم من العقار فيه من الخلاف ما ذكرناه لانه مما لا ينقسم ويحتمل أن لا تجب الشفعة فيها بحال لان القرار تابع لها فإذا لم تجب الشفعة فيها مفرده لم تجب في تبعها وان بيعت حصة من علودار مشترك وكان السقف الذي تحته لصاحب السفل فلا شفعة في العلو لانه بناء مفردوان كان لصاحب العلو فكذلك لانه بناء مفرد لانه لا أرض له فهو كما لو لم يكن السقف له ويحتمل ثبوت الشفعة فيه لان له قرارا أشبه السفل (فصل) الشرط الثالث المطالبة بها على الفور ساعة يعلم نص عليه، وقال القاضي له طلبها في المجلس وان طال فان أخر الطلب سقطت شفعته) ظاهر المذهب ان حق الشفعة على الفور ان طالب بها ساعة يعلم بالبيع والابطلت نص عليه أحمد في رواية أبي طالب فقال الشفعة بالمواثبة ساعة يعلم وهو قول ابن شبرمة والبتي والاوزاعي وابي حنيفة والعنبري والشافعي في جديد قوله وعن أحمد رواية ثانية ان الشفعة على التراخي لا تسقط ما لم
يوجد منه ما يدل على الرضى بعفو أو مطالبة بقسمة ونحوه وهو قول مالك وقول الشافعي الا أن مالكا قال تنقطع بمضي سنة وعنه بمضي مدة يعلم انه تارك لها لان هذا الخيار لا ضرر في تراخيه فلم يسقط بالتأخير كحق القصاص، وبيان عدم الضرر ان النفع للمشتري باستغلال المبيع فان أحدث فيه عمارة من بناء أو غراس
فله قيمته وحكي عن ابن أبي ليلى والثوري ان الخيار مقدر بثلاثة أيام وهو أحد أقوال الشافعي لان الثلاث حدبها خيار الشرط فصلحت حدا لهذا الخيار ولنا ماروى ابن السلماني عن أبيه عن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الشفعة كحل العقال) رواه ابن ماجه وفي لفظ (الشفعة كنشطة العقال قيدت ثبت وان تركت فاللوم على من تركها) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ((الشفعة لمن واثبها) رواه الفقهاء في كتبهم ولانه خيار لدفع الضرر عن المال فكان على الفور كخيار الرد بالعيب لان اثباته على التراخي يضر المشتري لكونه لا يستقر ملكه على المبيع ويمنعه من التصرف بعمارة خشية أخذه منه ولا يندفع عنه الضرر بدفع قيمته لان خسارتها في الغالب أكثر من قيمتها مع تعب قبله وبدنه فيها، والتحديد بثلاثة أيام تحكم لا دليل عليه، والاصل المقيس عليه ممنوع ثم هو باطل بخيار الرد العيب.
إذا تقرر هذا فقال ابن حامد يتقدر الخيار بالمجلس وهو قول القاضي وبه قال أبو حنيفة فمتى طالب في مجلس العلم ثبتت الشفعة وان طال لان المجلس كله في حكم حالة العقد بدليل أن القبض فيه لما يشترط فيه القبض كالقبض حالة العقد، وظاهر كلام أحمد انه لا يتقدر بالمجلس بل متى طالب عقيب عمله والا بطلت شفعته وهو ظاهر كلام الخرقي وقول الشافعي في الجديد لما ذكرنا من الخبر والمعنى، وما ذكروه يبطل بخيار الرد بالعيب، فعلى هذا متى أخر المطالبة عن وقت العلم لغير عذر بطلت شفعته وان أخرها لعذر مثل أن أن لا يعلم أو يعلم ليلا فيؤخر إلى الصبح أو لشدة جوع أو عطش حتى يأكل ويشرب أو أخرها لطهارة أو اغلاق
باب أو ليخرج من الحمام أو ليؤذن ويقيم ويأتي بالصلاة وسنتها أو ليشهدها في جماعة يخاف فوتها لم تبطل شفعته لان العادة تقديم هذه الحوائج على غيرها فلا يكون الاشتغال بها رضى بترك الشفعة الا أن يكون المشتري حاضرا عنده في هذه الاحوال فيمكنه مطالبته من غير اشتغاله عن اشتغاله فان شفعته تبطل بتركه
المطالبة لان هذا لا يشغله عنها ولا تشغله المطالبة عنه فاما مع غيبته فلافان العادة تقديم هذه الاشياء فلم يلزمه تأخيرها كما لو أمكنه أن يسرع في مشيه ويحرك دابته فلم يفعل ومضى على حب عادته لم تسقط شفعته لانه طلب بحكم العادة، وإذا فرغ من حوائجه من مضى على حسب عادته إلى المشتري فاذالقيه بدأه بالسلام لان ذلك الشنة لان في الحديث (من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه ثم يطالب فان قال بعد السلام بارك الله لك في صفقة يمينك أو دعا له بالمغفرة ونحو ذلك لم تبطل شفعته لان ذلك يتصل بالسلام فهو من جملته والدعاء له بالبركة في الصفقة دعاء لنفسه لان الشقص يرجع إليه فلان يكون ذلك رضا فان اشتغل بكلام آخر أو سكت لغير حاجة بطلت شفعته لما قدمنا (مسألة) (الا أن يعلم وهو غائب فيشهد على الطلب ثم ان اخر الطلب بعد الاشهاد مع امكانه أو ترك الاشهاد أو لم يشهد لكن سار في طلبها فعلى وجهين) متى عليم الغائب بالبيع وقدر على الاشهاد على المطالبة فلم يفعل بطلت شفعته سواء قدر على التوكيل أو عجز عنه أو سار عقيب العلم أو أقام هذا ظاهر كلام أحمد في رواية أبي طالب وهو ظاهر قول الخرقي وهو وجه
للشافعي والوجه الآخر لا يحتاج إلى الاشهاد لانه إذا ثبت عذره فالظاهر انه ترك الشفعة لذلك فقبل قوله فيه ولنا انه قد يترك الطلب للعذر وقد يتركه لغير وقد يسير لطلب الشفعة ويسير لغيره وقد قدر على أن يبين ذلك بالاشهاد فإذا لم يفعل سقطت شفعته كتارك الطلب مع الحضور وقال القاضي ان سار عقيب علمه إلى البلد الذي فيه المشتري من غيره اشهاد احتمل ان لا تبطل شفعته لان ظاهر سيره انه للطلب وهو قل أصحاب الرأي والعنبري وقول للشافعي وقال أصحاب الرأي له من الاجل بعد العلم قدر السيرفان مضى الاجل قبل أن يطلب أو يبعث بطلت شفعته وقال العنبري له مسافة الطريق ذاهبا وجائيا لان عذره في ترك الطلب ظاهر لم يحتچ معه إلى الشهادة وقد ذكر نا وجه القول الاول (فصل) فان أخر الطلب بعد الاشهاد مع امكانه فظاهر كلام الخرقي ان الشفعة بحالها وقال القاضي تبطل.
إذا قدر على المسير وأخره وان لم يقدر على المسير وقدر على التوكيل في طلبها فلم يفعل بطلت أيضا لانه تارك للطلب بها مع قدرته عليه فسقطت كالحاضر أو كما لو لم يشهد وهذا مذهب الشافعي، الا أن لهم فيما إذا قدر على التوكيل
فلم يفعل وجهين (أحدهما) لا تبطل شفعته لان له غرضا في المطالبة بنفسه لكونه أقوم بذلك أو يخاف الضرر من جهة وكيله بان يقر عليه برشوة أو غير ذلك فيلزمه اقراره فكان معذورا ولنا أن عليه في السفر ضررا لالتزامه كلفته وقد يكون له حوائج وتجارة ينقطع عنها وتضيع بغيبته
والتوكيل ان كان بجعل لزمه غرم وان كان بغير جعل ففيه منة ويخاف الضرر من جهته فاكتفي بالاشهاد فاما ان ترك السفر لعجزه عنه أو لضرر يلحقه فيه لم تبطل شفعته وجها واحدا لانه معذور كمن لم يعلم (فصل) تجب الشفعة للغائب في قول الاكثرين منهم مالك والثوري والاوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وروي عن النخعي ليس للغائب شفعة وبه قال الحارث العكلي والبتي الا للغائب القريب لان اثباتها يضر بالمشتري ويمنع استقرار ملكه وتصرفه على حسب اختياره خوفا من أخذه فلم يثبت كما لا يثبت للحاضر على التراخي ولنا عموم قوله عليه السلام (الشفعة فيما لم يقسم) وسائر الاحاديث ولان الشفعة حق مالي وجد سببه بالنسبة إلى الغائب فيثبت له كالارث ولانه شريك لم يعلم بالبيع فتثبت له الشفعة عند علمه كالحاضر إذا كتم عنه البيع والغائب غيبة قريبة وضرر المشتري يندفع بايجاب الثمن له كما في الصور المذكورة.
إذا ثبت هذا ولم يعلم بالبيع إلا عند قدومه فله المطالبة وان طالت غيبته لانه خيار ثبت لازالة والضرر عن المال فتراخي الزمان قبل العلم به لا يسقطه كالرد بالعيب ومتى علم فحكمه في المطالبة حكم الحاضر في أنه ان طالب على الفور استحق والابطلت شفعته، وحكم المريض والمحبوس ومن لم يعلم بالبيع حكم الغائب لما ذكرنا (مسألة) (فان ترك الطلب والاشهاد لعجزه عنهما كالمريض والمحبوس ومن لا يجد من يشهده لم تبطل شفعته) أما إذا كان مرضه لا يمنع المطالبة كالصداع اليسير والالم القليل فهو كالصحيح، وان كان المرض
يمنع المطالبة كالحمى وأشباهها فهو كالغائب في الاشهاد والتوكيل، وأما المحبوس فان كان حبس ظلما أو بدين لا يمكنه أداؤه فهو كالمريض وان كان محبوسا بحق يلزمه أداؤه وهو قادر عليه فهو كالمطلق إن لم يبادر إلى المطالبة ولم يوكل بطلت شفعته
(فصل) فان عجز عن الاشهاد في سفره لم تبطل شفعته بغير خلاف لانه معذور في تركه فأشبه ما لو ترك الطلب لعذر أو لعدم العلم، ومتى قدر على الاشهاد فأخره كان كتأخير الطلب بالشفعة ان كان لعذر لم تسقط الشفعة وان كان لغير عذر سقطت لان الاشهاد قائم مقام الطلب ونائب عنه فيعتبر له ما يعتبر للطلب، ومن لم يقدر الاعلى اشهاد من لا تقبل شهادته كالمرأة والفاسق فترك الاشهاد لم تسقط شفعته بتركه لان قولهم غير مقبول فلم تزم شهادتهم كالا طفال والمجانين، وان لم يجد من يشهده الا من لا يقدم معه إلى موضع المطالبة قلم يشهد فالاولى أن شفعته لا تبطل لان اشهاده لا يفيد فأشبه اشهاد من لا تقبل شهادته، وان لم يجد الامستوري الحال فلم يشهدهما احتمل ان تبطل لان شهادتهما يمكن اثباتها بالتزكية فاشبها العدلين، ويحتمل أن لا تبطل لانه يحتاج في اثبات شهادتهما إلى كلفة كثيرة وقد لا يقدر على ذلك فلا تقبل شهادتهما فان أشهدهما لم تبطل شفعته سواء قبلت شهادتهما أو لم تقبل لانه لا يمكنه أكثر من ذلك فاشبه العاجز عن الاشهاد وكذلك ان لم يقدر إلا على اشهاد واحد فاشهده أو ترك اشهاده
(مسألة) (أو لاظهارهم زيادة في الثمن أو نقصا في المبيع أو ان المشتري غيره أو أخبره من لا يقبل خبره فلم يصدقه أو قال للمشتري بعني ما اشتريت أو صالحني سقطت شفعته) إذا أظهر المشتري أن الثمن أكثر مما وقع عليه العقد فترك الشفيع الشفعة لم تبطل بذلك وبه قال الشافعي وأصصحاب الرأي ومالك الا أنه قال بعد أن يحلف ما سلمت الشفعة الا لمكان الثمن الكثيرو قال ابن أبي ليلى لاشفعة له لانه سلم ورضي ولنا أنه تركها للعذر فانه لا يرضاه بالثمن الكثير ويرضاه بالقليل وقد يعجز عن الكثير فلم تسقط بذلك كما لو تركها لعدم العلم وكذلك ان ظهر أن المبيع سهام قليلة فبانت كثيرة لانه قد يرغب في الكثير دون القليل وكذلك ان كان بالعكس لانه قد يقدر على ثمن القليل دون الكثير أو انهما تبايعا بدنانير فبانت بدراهم أو بالعكس وبه قال الشافعي وزفر، وقال أبو حنيفة وصاحباه ان كان قيمتهما سواء سقطت الشفعة لانهما كالحنس الواحد
ولنا أنهما جنسان أشبها الثياب والحيوان ولانه قد يملك النقد الذى وقع به البيع دون ما أظهره فيتركه لعدم ملكه له وكذلك إن أظهر أنه اشتراه بنقد فبان أنه اشتراه بعرض أو بالعكس أو بنوع من العروض فبان أنه بغيره أو أظهر أنه اشتراه له فبان أن اشتراه لغيره أو بالعكس أو انه اشتراه لانسان فبان أنه اشتراه لغيره لانه قد يرضى بشركة إنسان دون غيره وقد يحابي أنسانا أو يخافه
فيترك لذلك وكذلك ان أظهر أنه اشترى الكل بثمن فبان أنه اشترى نصفه بنصفه أو أنه اشترى نصفه بثمن فبان أنه اشترى جميعه بضعفه أو أنه اشترى الشقص وحده فبان أنه اشتراه هو وغيره وأو بالعكس لم تسقط الشفعة في جميع ذلك لانه قد يكون له غرض فيما أبطنه دون ما أظهره فيترك لذلك فلم تسقط شفعته كما لو أظهر أنه اشتراه بثمن فبان أقل منه.
فأما ان أظهر أنه اشتراه بثمن فبان أنه اشتراه باكثر أو أنه اشترى الكل بثمن فبان أنه اشترى به بعضه سقطت شفعته لان الضرر فيما أبطنه أكثر فإذا لم يرض بالثمن القليل مع قلة ضرره فبالكثير أولى (فصل) فان أخبره بالبيع مخبر فصدقه ولم يطالب بالشفعة بطلت شفعته سواء كان المخبر ممن يقبل خبره أولا لان العلم قد يحصل بخبر من لا يقبل خبره لقرائن دالة على صدقه وان قال لم أصدقه وكان المخبر ممن يحكم بشهادته كرجلين عدلين بطلت شفعته لان قولهم حجة تثبت بها الحقوق، وان كان ممن لا يعمل بقوله كالفاسق والصبي لم تبطل وحكي عن أبي يوسف أنها تسقط لانه خبر يعمل به في الشرع في الاذن في دخول الدار وشبهه فسقطت كخبر العدل ولنا أنه خبر لا يقبل في الشرع اشبه قول الطفل والمجنون، وان أخبره رجل عدل أو مستور الحال سقطت شفعته، ويحتمل ان لا يستقط يروى هذا عن أبي حنيفة وزفر لان الواحد لا تقوم به البينة.
ولنا أنه خبر لا تعتبر فيه الشهادة فقبل من العدل كالرواية والفتيا وسائر الاخبار الدينية، وفارق الشهادة فانه يحتاط لها باللفظ والمجلس وحضور المدعى عليه وإنكاره ولان الشهادة يعارضها إنكار المنكر وتوجب الحق عليه بخلاف هذا الخبر، والمرأة كالرجل في ذلك والعبد كالحر وقال القاضي
هما كالفاسق والصبي وهذا مذهب الشافعي لان قولهما لا يثبت به حق ولنا ان هذا خبر وليس بشهادة فاستوى فيه الرجل والمرأة والعبد والحر كالرواية والاخبار الدينية والعبد من أهل الشهادة فيما عدا الحدود والقصاص وهذا مما عداهما فأشبه الحر (مسألة) (وان قال الشفيع للمشتري بعني ما اشتريت أو قاسمني بطلت شفعته) لانه يدل على رضاه يشرائه وتركه الشفعة وان قال صالحني على مال سقطت أيضا وهو قول أبي الخطاب وقال القاضي لا تسقط لانه لم يرض باسقاطها وإنما رضي بالمعاوضة ولم تثبت العاوضة فبقيت الشفعة ولنا أنه رضي بتركها وطلب عوضها فثبت الترك المرضي به ولم يثبت العوض كما لو قال بعني فلم يبيعه ولان ترك المطالبة بها كاف في سقوطها فمع طلب عوضها أولى ولا صحاب الشافعي وجهان كهذين فان صالحه عنه بعوض لم يصح وبه قال أبوحنية والشافعي وقال مالك يصح لانه عوض عن ازالة ملك فجاز كاخذ العوض عن تمليك المرأة أمرها
ولنا أنه خيار لا يسقط إلى فلم يجز أخذ العوض عنه كخيار الشرط وبه يبطل ما قاله وأما الخلع فهو عما ملكه بعوض وههنا بخلافه (فصل) وان لقيه الشفيع في غير بلده فلم يطالبه قال انما تركت المطالبة لا طالبه في البلد الذي فيه البيع أو المبيع أو لا آخذ الشقص في موضع الشفعة سقطت شفعته لان ذلك ليس بعذر في ترك المطالبة فانها لا تقف على تسليم الشقص ولا حضور البلد الذي هو فيه، وان قال نسيت فلم أذكر المطالبة أو نسيت البيع سقطت شفعته لانه خيار على الفور فإذا أخره نسيانا بطل كالرد بالعيب وكما لو أمكنت المعتقة زوجها من وطئها نسيانا ويحتمل ان لا تسقط المطالبة لانه تركها لعذر فأشبه مالو تركها لعدم علمه بها وإن تركها جهلا لاستحقاقه لها إذا كان مثله يجهل ذلك بطلت كالرد بالعيب ويحتمل ان لا تبطل كما إذا ادعت المعتقة الجهل بملك الفسخ (مسألة) (وان دل في البيع لم تبطل شفعته) لان ذلك لا يدل على الرضى باسقاطها بل لعله أراد البيع ليأخذ بالشفعة (مسألة) (وان توكل الشفيع في البيع لم تسقط شفعته بذلك سواء توكل للبائع أو للمشتري)
ذكره الشريف وأبو الخطاب وهو ظاهر مذهب الشافعي، وقال القاضي وبعض الشافعية إن كان وكيل البائع فلا شفعة له لانه تحلقه التهمة في البيع لكونه يقصد تقليل الثمن ليأخذ به بخلاف المشتري وقال
أصحاب الرأى لاشفعة لوكيل المشتري بناء على أصلهم ان الملك ينتقل إلى الوكيل فلا يستحق على نفسه ولنا انه وكيل فلا تسقط شفعته كالاجر ولا نسلم ان الملك ينتقل إلى الوكيل بل ينتقل إلى الموكل ثم لو انتقل إلى الوكيل لما ثبت في ملكه انما ينتقل في الحال إلى الموكل فلا يكون الاخذ من نفسه ولا الا ستحقاق عليها وأم التهمة فلا تؤثر لان الموكل وكله من علمه بثبوت شفعه راضيا بتصرفه فلم يؤثر كما لو وكله في الشراء من نفسه، وفعلى هذا لو قال لشريكه بع نصف نصبي مع نصف نصيبك ففعل ثبتت الشفعة لكل واحد منهما في المبيع من نصيب صاحبه وعند القاضي تثبت في نصيب الوكيل دون نصيب الموكل (مسألة) (وان جعل له الخيار فاختار امضاء البيع فهو على شفعته) إذا شرط للشفيع الخيار فاختار امضاء العقد أو ضمن العهدة للمشتري فالشفعة بحالها وبه قال الشافعي وقال أصحاب الرأي تسقط لان العقد تم به فأشبه البائع إذا باع بعض نصيب نفسه ولنا ان هذا سبب سبق وجوب الشفعة فلم تسقط به الشفعة كالاذن في البيع والعفو عن الشفعة قبل تمام البيع وما ذكروه لا يصح فان البيع لا يقف على الضمان ويبطل بما إذا كان المشتري شريكا فان البيع تم به وثبتت له الشفعة بقدر نصيبه (مسألة) (وان أسقط شفعته قبل البيع لم تسقط ويحتمل أن تسقط) ادا عفا الشفيع عن الشفعة قبل البيع فقال قد أذنت في البيع أو أسقطت شفعتي أو ما أشبه ذلك
لم تسقط وله المطالبة بها في ظاهر المذهب وبه قال مالك والشافعي والبتى وأصحاب الرأي، وعن أحمد ما يدل على ان الشفعة تسقط بذلك فان إسماعيل بن سعيد قال قلت لاحمد ما معني قول النبي صلى الله عليه وسلم (من كان بينه وبين أخيه ربعة فأراد بيعها فليعرضها عليه) وقد جاء في بعض الحديث (لا يحل له الا أن يعرضها عليه إذا كانت الشفعة ثابتة) فقال ما هو بيعيد من أن يكون على ذلك وأن لا تكون له شفعة وهذا قول
الحكم والثوري وابي خيثمة وطائفة من أهل الحديث، قال ابن المنذر وقد اختلف فيه عن أحمد فقال مرة تبطل شفعته وقال مرة لا تبطل، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (من كان له شركة في أرض ربعة أو حائط فلا يحل له أن يبيع حتى يستأدن شريكه فان شاء أخذ وان شاء ترك) ومحال أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم (وان شاء ترك) فلا يكون لتركه معنى ولان مفهوم قوله (فان باع ولم يؤذنه فهو أحق به) انه إذا باعه باذنه لاحق له ولان الشفعة ثبتت في موضع الاتفاق على خلاف الاصل لكونه يأخذ ملك المشترى بغير رضاه ويجبره على المعاوضة به لدخوله مع البائع في العقد الذى أساء فيه بادخاله الضرر على شريكه وتركه الاحسان إليه في عوضه عليه وهذا المعنى معدوم ههنا فانه قد عرضه عليه، وامتناعه من أخذه دليل على عدم الضرر في حقه ببيعه فان كان فيه ضرر فهو أدخله على نفسه فلا يستحق الشفعة كما لو أخر المطالبة بعد البيع.
ووجه الاول انه اسقاط حق قبل وجوبه فلم يصح كما لو ابرأه مما يجب له أو لو أسقطت المرأة صداقها قبل التزويج، وأما الخبر فيحتمل انه أراد العرض عليه ليبتاع ذلك ان أراد فتخف عليه المؤنة
ويكتفي أخذ المشترى الشقص لا اسقاط حقه من شفعته (مسألة) وان ترك الولي شفعة للصبي فيها حظ له لم تسقط وله الاخذ بها إذا كبر وان تركها لعدم الخط فيها سقطت ذكره ابن حامد وقال القاضي يحتمل أن لا تسقط) إذا بيع في شركة الصغير شقص ثبتت له الشفعة في قول عامة الفقهاء منهم الحسن وعطاء ومالك والاوزاعي والشافعي وسوار والعنبري واصحاب الرأي وقال ابن أبي ليلى لا شفعة له وروي ذلك عن النخعي والحارث العكلي لان الصبي لا يمكنه الاخذ ولا يمكن انتظاره حتى يبلغ لما فيه من الاضرار بالمشتري، وليس للولي الاخذ لان من لا يملك العفو لا يملك الاخذ كالاجنبي ولنا عموم الاحاديث ولانه خيار جعل لازالة الضرر عن المال فثبت في حق الصبي كخيار الرد بالعيب، قولهم لا يمكن الاخذ ممنوع فان الولي يأخذ بها كما يرد بالعيب، قولهم لا يمكنه العفو يبطل بالوكيل فيها وبالرد بالعيب فان ولي الصبى لا يمكنه العفو ويمكنه الرد ولان في الاخذ تحصيلا للملك للصبي ونظرا له وفي العفو تضييع وتفريط في حقه ولا يلزم من ملك ما فيه الحظ ملك ما فيه تضبيع ولان العفو
إسقاط لحقه والاخذ استيفاء له ولا يلزم من ملك الولي استيفاء حق المولى عليه ملك اسقاطه بدليل سائر حقوقه وديونه، فان لم يأخذ الولي انتظر بلوغ الصبي كما ينتظر قدوم الغائب، وبه يبطل ما ذكروه من الضرر في الانتظار.
إذا ثبت هذا فان الصغير إذا كبر فله الاخذ بها في ظاهر قول الخرقي سواء عفا
عنها الولي أولم يعف وسواء كان الخط في الاخذ بها أو في تركها وهو ظاهر كلام أحمد في رواية ابن منصور وهذا قول الاوزاعي وزفر ومحمد بن الحسن وحكاه بعض أصحاب الشافعي عنه لان المستحق للشفعة يملك الاخذ بها سواء كان له الحظ فيها أولم يمكن فلم تسقط بترك غيره كالغائب إذا ترك وكيله الاخذ بها، وقال ابن حامدا تركها المولى لحظ الصبي أو لانه ليس للصبي ما يأخذها به سقطت وهو ظاهر مذهب الشافعي لان الولي فعل ماله فعله فلم يجز للصبي نقضه كالرد العيب ولانه فعل ما للصبي فيه حظ فصح كالاخذ مع الحظ، وان تركها لغير ذلك لم تسقط، وقال أبو حنيفة تسقط بعفو الولي عنها في الحالين لان من ملك الاخذ بها ملك العفو عنها كالمالك، وخالفه صاحباه في هذا لانه اسقط حقا للمولي عليه ولا حظ له في اسقاطه فلم يصح كالابراء وخيار الرد بالعيب، ولا يصح قياس الولي على المالك لان للمالك التبرع والابراء وما لا حظ له فيه بخلاف الولي (فصل) فاما الولي فان كان للصبي حظ في الاخذ بها مثل أن يكون الشراء رخيصا أو بثمن المثل وللصبي ما يشتري به العقار لزم وليه الاخذ بالشفعة لان عليه الاحتياط له والاخذ بما فيه الحظ فإذا أخذ بها ثبت الملك للصبي ولم يملك نقضه بعد البلوغ في قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وقال الاوزاعي ليس للولي الاخذ بها لانه لا يملك العفو عنها ولا يملك الاخذ بها كالاجنبي وإنما يأخذ بها الصبي إذا كبر، وهذا لا يصح لانه خيار جعل لازالة الضرر عن المال فملكه الولي كالرد بالعيب
وقد ذكرنا فساد قياسه فيما مضى، فان تركها الولي مع الحظ للصبي الاخذ بها إذا كبر ولا يلزم الولي غرم لذلك لانه لم يفوت شيئا من ماله وإنما ترك تحصيل ماله الحظ فيه فأشبه مالو ترك شراء العقار له مع الخط في شرائه وان كان الحظ في تركها مثل أن يكون المشتري قد غبن أو كان
في الاحذ بها يحتاج إلى أن يستقرض ويرهن مال الصبي له الاخذ لانه لا يملك فعل مالا حظ للصبي فيه، وفان أخذ لم يصح في احدى الروايتين ويكون باقيا على ملك المشتري لانه اشترى له ما لا يملك شراءه فلم يصح كما لو اشترى بزيادة كثيرة على ثمن المثل أو اشترى معيبا يعلم عيبه، ولا يملك الولي المبيع لان الشفعة تؤخذ بحق الشركة ولا شركة للولي ولذلك لو أراد الاخذ لنفسه لم يصح فأشبه مالو تزوج لغيره بغير إذنه فانه يقع باطلا ولا يصح لواحد منهما كذا ههنا وهذا مذهب الشافعي (والثانية) يصح الاخذ للصبي لانه اشترى له ما يندفع عنه الضرر به فصح كما لو اشترى معيبا لا يعلم عيبه والحظ يختلف ويخفى فقد يكون له حظ في الاخذ باكثر من ثمن المثل لزيادة قيمة ملكه والشقص الذي يشتريه بزوال الشركة أو لان الضرر الذي يندفع باخذه كثير فلا يمكن اعتبار الحظ بنفسه لخفائه ولا بكثرة الثمن لما ذكرناه فسقط اعتباره وصح البيع (فصل) وإذا باع وصي الايتام فباع لاحدهم نصيبا في شركة الآخر فله الاخذ للآخر بالشفعة لانه
كالشراء له، وان كان الوصي شريكا لمن باع عليه فليس له الاخذ للتهمة في البيع ولانه بمنزلة من يشتري لنفسه من مال يتيمه، ولو باع الوصي نصيبه كان له الاخذ لليتيم بالشفعة مع الحظ لليتيم لان التهمة منتفية فانه لا يقدر على الزيادة في ثمنه لكون المشتري لا يوافقه ولان الثمن حاصل له من المشتري كحصوله من اليتيم بخلاف بيعه مال اليتيم فانه يمكنه تقليل الثمن ليأخذ الشقص به، فان رفع الامر إلى الحاكم فباع عليه فللوصي الاخذ حينئذ لعدم التهمة، فان كان مكان الوصي أب فباع شقص ولده فله الاخذ بالشفعة لان له أن يشتري من نفسه مال ولده لعدم التهمة، وان بيع شقص في شركة حمل لم يكن لوليه الاخذ له بالشفعة لانه لا يمكن تمليكه بغير الوصية فإذا ولد الحمل ثم كبر فله الاخذ بالشفعة كالصبي إذا كبر (فصل) وإذا عفا ولي الصبي عن شفعته التي له فيها حظ ثم أراد الاخذ بها فله ذلك في قياس المذهب لانها لم تسقط باسقاطه ولذلك ملك الصبي الاخذ بها إذا كبر ولو سقطت لم يملك الاخذ بها، ويحتمل أن لا يملك الاخذ بها لان ذلك يؤدي إلى ثبوت حق الشفعة على التراخي وذلك على خلاف الخبر والمعنى ويخالف أخذ الصبي بها إذا كبر لان الحق يتجدد له عند كبره فلا يملك تأخيره حينئذ وكذلك أخذ الغائب بها إذا اقدم، فاما ان تركها
لعدم الحظ فيها ثم أراد الا خذ بها والامر بحاله لم يملك ذلك كمالم يملكه ابتداء، وان صار فيها حظ أو كان معسرا عند البيع فأيسر بعد ذلك انبنى ذلك على سقوطها بذلك فان قلنالا تسقط وللصبي الاخذ بها إذا كبر فحكمها حكم ما فيه الحظ وان قلنا تسقط فليس له الاخذ بها بحال لانها قد سقطت مطلقا فهو كما لو عفا الكبير عن شفعته
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: