الفقه الحنبلي - الشفعة -

وأما المكاتب فله الاخذ والترك وليس لسيده الاعتراض عليه لان التصرف يقع له دون سيده، وكذلك المأذون له في التجارة من العبيد له الاخذ بالشفعة لانه مأذون له في الشراء وان عفاعنها لم ينفذ عفوه لان الملك للسيد ولم يأذن في ابطال حقوقه، فان أسقطها السيد سقطت ولم يكن للعبد أن يأخذ لان للسيد الحجر عليه ولان الحق قد أسقطه مستحقه فسقط باسقاطه (فصل) (الشرط الرابع) أن يأخذ جميع المبيع فان طلب أخذ البعض سقطت شفعته وبه قال محمد بن الحسن وبعض أصحاب الشافعي وقال أبو يوسف لا تسقط لان طلبه لبعضها طلب لجميعها لكونه لا يتبعض ولا يجوز أخذ بعضها
ولنا انه تارك لطلب بعضها فتسقط ويسقط باقيها لانها لاتتبعض، ولا يصح ما ذكره فان طلب بعضها ليس بطلب جميعها ومالا يتبعض لا يثبت حتي يثت السبب في جميعه كالنكاح بخلاف السقوط فان الجميع يسقط بوجود السبب في بعضه كالطلاق (فصل) فان أخذ الشقص بثمن مغصوب ففيه وجهان (أحدهما) لا تسقط شفعته لانه بالعقد استحق الشقص
بمثل ثمنه في الذمة فإذا عينه فيمالا يملكه سقط التعيين وبقي الاستحقاق في الذمة أشبه مالو أخر الثمن أو ما لو اشترى شيأ آخر ونقد فيه ثمنا مغصوبا (والثاني) يسقط لان أخذه للشقص بمالا يصح أخذه به ترك له واعراض عنه فسقطت الشفعة كما لو ترك الطلب بها (مسألة) (وان كانا شفيعين فالشفعة بينهما على قدر ملكهما وعنه على عدد الرؤوس) ظاهر المذهب ان الشقص المشفوع إذا اخذه الشفعاء قسم بينهم على قدر أملاكهم اختاره ابو بكر وروي ذلك عن الحسن وابن سيرين وعطاء وبه قال مالك وسوار والعنبري واسحاق وابو عبيد وهو احد قولي الشافعي، وعن أحمد رواية ثانية انه يقسم بينهم على عدد الرؤوس اختارها ابن عقيل وروي ذلك عن النخعي والشعبي وهو قول ابن أبي ليلى وابن شبرمة والثوري وأصحاب الرأي لان كل واحد منهم لو انفرد لا يستحق الجميع فإذا اجتمعوا تساووا كالبنين في الميراث وكالمعتقين في سراية العتق ولنا انه حق يستفاد بسبب الملك فكان على قدر الاملاك كالغلة ودليلهم ينتقض بالابن والاب أو
الجد وبالفرسان والرجالة في الغنيمة وباصحاب الديون والوصايا إذا نقص ماله عن دين احدهم أو الثلث عن وصية أحدهم، وأما الاعتاق فلنا فيه منع وان سلم فلانه اتلاف والاتلاف يستوي فيه القليل والكثير كالنجاسة تلقى في مائع، واما البنون فانهم تساووا في السبب وهو النبوة فتساووا في الارث بها فنظيره في مسئلتنا تساوي الشفعاء في سهامهم، فإذا كانت دار بين ثلاثة لاحدهم النصف وللآخر الثلث وللآخر السدس فباع أحدهم فعلى هذا ينظر مخرج سهام الشركاء كلهم فيأخذ منهم سهام الشفعاء فإذا علمت عدتها قسمت السهم المشفوع عليها ويصير العقار بين الشفعاء على تلك العدة كما يفعل في مسائل الرد ففي هذه المسألة مخرج سهام الشركاء ستة فإذا باع صاحب النصف فسهام الشفعاء ثلاثة لصاحب الثلث سهمان وللآخر سهم فالشفعة بينهم على ثلاثة ويصير العقر بينهم أثلاثا لصاحب الثلث ثلثاه وللآخر ثلثه وان باع صاحب الثلث كانت بين الآخرين أرباعا لصاحب النصف ثلاثة أرباعها وللآخر ربعها وان باع صاحب السدس كانت بين الآخرين أخماسا لصاحب النصف ثلاثة أخماسه وللآخر خمساه هذا على ظاهر المذهب، وعلى الرواية الثانية ينقسم الشقص المشفوع بين الاخرين نصفين فإذا باع صاحب
النصف قسم النصف بين الاخرين لكل واحد الربع فيصير لصاحب الثلث ثلث وربع وللاخر ربع وسدس وإن باع صاحب الثلث صار لصاحب النصف الثلثان وللاخر الثلث وان باع صاحب السدس فلصاحب النصف ثلث وربع ولصاحب الثلث ربع وسدس
(مسألة) (فان ترك أحدهما شفعته لم يكن للآخر الا أن يأخذ الكل أو يترك) وجملة ذلك أنه إذا كان الشقص بين شفعاء فترك بعضهم فليس للباقين إلا أخذ الجميع أو ترك الجميع قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على هذا وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأى لان في أخذ البعض اضرارا بالمشتري بتبعيض الصفقة عليه ولا يزال الضرر بالضرر، ولان الشفعة انما تثبت على خلاف الاصل دفعا لضرر الشريك الداخل خوفا من سوء المشاركة ومؤنة القسمة فإذا أخذ بعض الشقص لم يندفع عنه الضرر فلم يتحقق المعنى المجوز لمخالفة الاصل فلا تثبت، وإن وهب بعض الشركاء نصيبه من الشفعة لبعض الشركاء أو لغيره لم يصح لان ذلك عفو وليس بهبة فلم يصح لغير من هو عليه كالعفو عن القصاص (فصل) فان كان الشفعاء غائبين لم تسقط الشفعة لموضع العذر فإذا قدم أحدهم فليس له الا أن يأخذ الكل أو يترك لانا لا نعلم اليوم مطالبا سواه ولان في أخذ البعض تبعيضا لصفقة المشتري فلم يجز ذلك كما لو لم يكن معه غيره، ولا يجوز تأخير حقه إلى أن يقدم شركاؤه لان في التأخير ضررا بالمشتري فإذا أخذ الجميع ثم حضر آخر قاسمه ان شاء أو عفا فيبقى للاول لان المطالبة إنما وجدت منهما فان قاسمه ثم حضر الثالث قاسمهما ان أحب أو عفافيبقى للاولين، فان نما الشقص في يد الاول نماء منفصلا لم يشاركه فيه واحد منهما لانه انفصل في ملكه أشبه مالو انفصل في يد المشتري قبل الاخذ بالشفعة
وكذلك إذا أخذ الثاني فنما في يده منفصلا لم يشاركه الثالث فيه، فان خرج الشقص مستحقا فالعهدة على المشتري يرجع الثلاثة عليه ولا يرجع أحدهم على الآخر فان الاخذ وإن كان من الاول فهو بمنزلة النائب عن المشتري في الدفع اليهما والنائب عنهما في دفع الثمن إليه لان الشفعة مستحقة
عليه لهم هذا ظاهر مذهب الشافعي، وان امتنع الاول من المطالبة حتى يحضر صاحباه أو قال آخذ قدر حقي ففيه وجهان (أحدهما) يبطل حقه لانه قدر على أخذ الكل وتركه فأشبه المفرد (والثاني) لا تبطل لانه تركه لعذر وهو خوف قدوم الغائب فينزعه منه والترك لعذر لا يسقط الشفعة بدليل ما لو أظهر المشتري ثمنا كثيرا فترك لذلك فبان خلافه، وان ترك الاول شفعته توفرت الشفعة على صاحبيه وإذا قدم الاول منهما فله أخذ الجميع على ما ذكرنا في الاول، فان أخذ الاول بها ثم رد ما أخذه بعيب فكذلك وبهذا قال الشافعي وحكي عن محمد بن الحسن أنها لا تتوفر عليهما وليس لهما أخذ نصيب الاول لانه لم يعف وانما رد نصيبه بالعيب فأشبه مالو رجع إلى المشتري ببيع أو هبة ولنا أن الشفيع فسخ ملكه ورجع إلى المشترى بالسبب الاول فكان لشريكه أخذه كما لو عفا ويفارق عوده بسبب آخر لانه عاد غير الملك الاول الذي تعلقت به الشفعة (فصل) وإذا حضر الثاني بعد أخذ الاول فأخذ نصف الشقص منه واقتسما ثم قدم الثالث وطالب بالشفعة وأخذ بها بطلت القسمة لان هذا الثالث إذا أخذ بالشفعة فهو كانه مشارك حال القسمة لثبوت
حقه، ولهذا لو باع المشتري ثم قدم الشفيع كان له ابطال البيع، فان قيل وكيف تصح القسمة وشريكهما الثالث غائب؟ قلنا يحتمل أن يكون وكل في القسمة قبل البيع أو قبل عمله به أو يكون الشريكان رفعا ذلك إلى الحاكم وطالباه بالقسمة عن الغائب فقاسمهما وبقي الغائب على شفعته، فان قيل وكيف تصح مقاسمتهما للشقص وحق الثالث ثابت فيه؟ قلنا ثبوت حق الشفعة لايمنع التصرف لانه لا يصح بيعه وهبته وغيرهما ويملك الفسع ابطاله كذا ههنا.
إذا ثبت هذا فان الثالث إذا قدم فوجد أحد شريكيه غائبا أخذ من الحاضر ثلث ما في يده لانه قدر ما يستحقه ثم ان حكم له القاضي على الغائب أخذ ثلث ما في يده أيضا وان لم يقض انتظر الغائب حتى يقدم لان موضع عذر (فصل) إذا أخذ الاول الشقص كله بالشفعه فقدم الثاني فقال لا آخذ منك نصفه بل اقتصر على قذر نصيبي وهو الثلث فله ذلك لانه اقتصر على بعض حقه وليس فيه ببعض الصفقة على المشتري فجاز كترك الكل، فإذا قدم الثالث فله أن يأخذ من الثاني ثلث ما في يده فيضيفه إلى ما في يد الاول
ويقسمانه نصفين فتصح قسمة الشقص من ثمانية عشر سهما لان الثالث أخذ حقه من الثاني ثلث الثلث ومخرجه تسعة فيضمه إلى الثلثين وهي ستة صارت سبعة ثم قسما السبعة نصفين لا تنقسم فاضرب اثنين في تسعة يكن ثمانية عشر للثاني أربعة ولكل واحد من شريكيه سبعة، وإنما كان كذلك لان الثاني ترك سدسا كان له أخذه وحقه منه ثلثاه وهو السبع فيوفر ذلك على شريكيه في الشفعة، فللاول والثالث أن يقولا نحن سواء في الاستحقاق ولم يترك واحد منا شيئا من حقه فنجمع ما معنا فنقسمه فيكون على ما ذكرنا، وان قال الثاني أنا آخذ الربع فله ذلك لما ذكرنا في التي قبلها، فإذا قدم الثالث أخذ منه
نصف سدس وهو ثلث في يده فضمنه إلى ثلاثه الارباع وهي تسعة يصير الجميع عشرة فيقسمانها لكل واحد منهما خمسة وللثاني سهمان وتصح من اثنى عشر (مسألة) (وان كان المشتري شريكا فالشفعة بينه وبين الآخر) وللآخر الاخذ بقدر نصيبه وبه قال أبو حنيفة والشافعي وحكي عن الحسن والشعبي والبتي لا شفعة للآخر لانها تثبت لدفع ضرر الشريك الداخل وهذا شركته متقدمة فلا ضرر في شرائه، وحكى ابن الصباغ عنهم أن الشفعة كلها لغير المشتري ولا شئ للمشتري فيها لانها تستحق عليه فلا يستحقها على نفسه ولنا أنهما تساويا في الشركة فتساويا في الشفعة كما لو اشترى أجنبي بل المشتري أولى لانه قد ملك الشقص المشفوع من غير نظر إلى المشتري وقد حصل شراؤه والثاني لا يصح أيضا لا نالا نقول أنه يأخذ من نفسه بالشفعة وإنما يمنع الشريك أن يأخذ قدر حقه بالشفعة فيبقى على ملكه ثم لا يمتنع أن يستحق الانسان على نفسه لاجل تعلق حق الغير به ألا ترى ان العبد المرهون إذا جنى على عبد آخر لسيده ثبت للسيد على عبده أرش الجناية لاجل تعلق حق المرتهن ولو لم يكن رهنا ما تعلق به، إذا ثبت هذا فان لشريك المشتري أخذ بقدر نصيبه لا غير أو العفو (مسألة) (وان ترك المشتري شفعته ليوجب الكل على شريكه لم يكن له ذلك) إذا قال المشتري قد أسقطت شفعتي فخذ الكل أو اترك لم يلزمه ذلك ولم يصح اسقاط المشتري
لان ملكه استقر على قدر حقه فجرى مجرى الشفيعين إذا أخذا بالشفعة ثم عفاأحدهما عن حقه ولذلك لو حضر أحد الشفيعين فأخذ جميع الشقص بالشفعة ثم حضر الآخر فله أخذ النصف من ذلك فان قال الاول خذ الكل أودع فاني قد اسقطت شفعتي لم يكن له ذلك، فان قيل هذا تبعيض للصفقة على المشتري قلنا هذا تبعيض اقتضاه دخوله في العقد فصار كالرضى منه به كما قلنا في الشفيع الحاضر إذا أخذ جميع الشقص وكما لو اشترى شقصا وسيفا (مسألة) (وإذا كانت دار بين اثنين فباع أحدهما نصيبه لاجنبي صفقتين ثم علم الشريك فله أن يأخذ بالبيعين وله أن يأخذ باحدهما، فان أخذ بالثاني شاركه المشتري في شفعته في أحد الوجهين وإن أخذ بالاول لم يشاركه وإن أخذ بهما جميعا لم يشاركه في شفعة الاول، وهل يشاركه في شفعة الثاني؟ على وجهين) وجملة ذلك ان الشريك إذا باع بعض الشقص لاجنبي ثم باعه باقيه في صفقة أخرى ثم على الشفيع فله أخذ المبيع الاول والثاني وله أخذ أحدهما، فان أخذ الاول لم يشاركه في شفعته أحد، وإن أخذ بالثاني فهل يشاركه المشتري في شفعته بنصيبه الاول؟ فيه ثلاثة أوجه (أحدها) يشاركه فيها وهو مذهب أبى حنيفة وبعض أصحاب الشافعي لانه شريك في وقت البيع الثاني بملكه الذي اشتراه أولا (والثاني) لا يشاركه لان ملكه على الاول لم يستقر لكون الشفيع يملك أخذه (والثالث) ان عفا الشفيع عن
الاول شاركه في الثاني وان أخذ بهما جميعا لم يشاركه وهذا مذهب الشافعي لانه إذا عفا عنه استقر ملكه بخلاف ما إذا أخذ، فان قلنا يشاركه في الشفعة ففي قدر ما يستحق وجهان أحدهما ثلثه والثاني نصفه بناء على الروايتين في قسم الشفعة على قدر الاملاك أو عدد الرؤوس فإذا قلنا يشاركه فعفا له عن الاول صار له ثلث العقار في أحد الوجهين وفي الآخر ثلاثة أثمانه وباقيه لشريكه وان لم يعف عن الاول فله نصف سدسه في أحد الوجهين وفي الآخر ثمنه والباقي لشريكه، وان باعه الشريك الشقص في ثلاث صفقات متساوية فحكمه حكم مالو باعه لثلاثة أنفس على ما نذكره ويستحق ما يستحقون وللشفيع ههنا مثل ماله مع الثلاثة والله أعلم
(فصل) وان كانت دار بين ثلاثة فوكل أحدهم شريكه في بيع نصيبه مع نصيبه فباعهما لرجل واحد فلشريكهما الشفعة فيهما، وهل له أخذ أحذ النصيبين دون الآخر؟ فيه وجهان (أحدهما) له ذلك لان المالك اثنان فيما بيعان فكان له أخذ نصيب أحدهما كما لو توليا العقد (والثاني) ليس له ذلك لان الصفقة واحدة وفي أخذ أحدهما تبعيض الصفقة على المشتري فلم يجز كما لو كانا لرجل واحد، وان وكل رجل رجلا في شراء نصف نصيب أحد الشركاء فاشترى الشقص كله لنفسه ولموكله فلشريكه أخذ نصيب احدهما لانهما مشتريان أشبه مالو وليا العقد، والفرق بين هذه الصورة
والتي قبلها ان أخذ أحد النصيبين لا يفضي إلى تبعيض الصفقة على المشتري ولانه قد يرضى شركة أحد المشتريين دون الآخر بخلاف التى قبلها فان المشتري واحد (مسألة) (وان اشترى اثنان حق واحد فللشفيع أخذ حق أحدهما) وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة في احدى الروايتين عنه وقال في الاخرى يجوز له ذلك بعد القبض ولايجوز قبله لانه قبل القبض يبعض صفقة البائع ولنا أنهما مشتريان فجاز للشفيع أخذ نصيب أحدهما كما بعد القبض وما ذكروه ممنوع على أن المشتري الاخر يأخذ نصيبه فلا يكون تبعيضا فان باع اثنان من اثنين فهي أربعة عقود وللشفيع أخذ الكل أو ما شاء منها (فصل) وإذا باع شقصا لثلاثة دفعة واحدة فلشريكه أن يأخذ من الثلاثة وله أن يأخذ بمن أحدهم وله أن يأخذ من اثنين دون الثالث لان كل عقد منها منفرد فلا يتوقف الاخذ به على الاخذ بما في العقد الاخر كما لو كانت متفرقة وإذا أخذ نصيب أحدهم لم يكن اللاخرين مشاركته في الشفعة لان ملكهما لم يسبق ملك من أخذ نصيبه ولا يستحق الشفعة الا بملك سابق، فأما ان باع نصيبه لثلاثة في ثلاثة عقود متفرقة ثم على الشفيع فله أيضا أن يأخذ الثلاثة وله ان يأخذ ما شاء منها فان أخذ نصيب الاول لم يكن للآخرين مشاركته في شفعته لانهما لم يكن لهما ملك حين بيعه وان أخذ
نصيب الثاني وحده لم يملك الثالث مشاركته لذلك ويشاركه الاول في شفعته لان ملكه سابق لشراء الثاني فهو شريك في استحقاقها حال شرائه ويحتمل ان لا يشاركه لان ملكه حال شراء الثاني يستحق اخذه بالشفعة فلا يكون سببا في استحقاقها، وان اخذ من الثالث وعفا عن الاولين ففي مشاركتهما له وجهان، وان اخذ من الثلاثة ففيه وجهان (احدهما) لا يشاركه واحد منهم لان املاكهم قد استحقاقها بالشفعة فلا يستحق عليه بها شفعة (والثاني) يشاركه الثاني في شفعة الثالث وهو قول ابي حنيفة وبعض اصحاب الشافعي لانه كان مالكا ملكا صحيحا شراء الثالث ولذلك استحق مشاركته إذا عفا عن شفعته فكذلك اذالم يعف لا انما استحق الشفعة بالملك الذي صار به شريكا لا بالعفو عنه ولذلك قلنا في الشفيع إذا لم يعلم بالشفعة حتى باع نصيبه ان له اخذ نصيب المشترى الاول وللمشتري الاول اخذ نصيب المشتري الثاني، وعلى هذا يشاركه الاول في شفعة الثاني والثالث جميعا.
قعلى هذا إذا كانت دار بين اثنين نصفين فباع احدهما نصيبه لثلاثة في ثلاثة عقود في كل عقد سدسا فللشفيع السدس الاول وثلاثة ارباع الثاني وثلاثة أخماس الثالث وللمشترى الاول ربع السدس الثاني وخمس الثالث وللمشترى
الثاني خمس الثالث فتصح المسألة من مائة وعشرين سهما للشفيع الاول مائة وسبعة أسهم وللثاني تسعة وللثالث أربعة، وان قلنا إن الشفعة على عدد الرؤوس فللمشتري الاول نصف السدس الثاني وثلث الثالث وللثاني ثلث الثالث وهو نصف التسع فتصح من ستة وثلاثين فلشفيع تسعة وعشرون وللثاني خمسة وللثالث سهمان (فصل) دار بين أربعة أرباعا باع ثلاثة منهم في عقود متفرقة ولم يعلم شريكهم ولا بعضهم ببعض فلذي لم يبع الشفعة في الجميع، وهل يستحق البائع الثاني والثالث الشفعة فيما باعه البائع الاول؟ على وجهين، وكذلك هل يستحق الثالث الشفعة فيما باعه الاول والثاني؟ على وجهين وهل يستحق مشتري الربع الاول الشفعة فيما باعه الثاني والثالث؟ أو هل يستحق الثاني شفعة الثالث على ثلاثة أوجه (أحدها) يستحقان لانهما مالكان حال البيع (والثاني) لا حق لهما لان ملكهما متزلزل يستحق أخذه بالشفعة فلا تثبت به (و الثالث) ان عفا عنهما أخذ وإلا فلا فإذا قلنا يشترك الجميع فللذى لم يبع ثلث كل ربع لان
له شريكين فصار له الربع مضموما إلى ملكه فكمل له النصف للبائع الثالث والمشتري الاول الثلث لكل واحد منهما سدس لانه شريك في شفعة مبيعين وللبائع الثاني والمشتري الثاني السدس لكل واحد منهما نصفه لانه شريك في شفعة بيع واحد وتصح من اثنى عشر (مسألة) (وان اشترى واحد حق اثنين أو اشترى شقصين من دارين صفقة واحدة فللشفيع
أخذا احدهما على أصح الوجهين) إذا اشترى رجل من رجلين شقصا صفقة واحدة فللشفيع أخذ نصيب أحدهما دون الآخر وبه قال الشافعي وحكي عن القاضي أنه لا يملك ذلك وهو قول أبي حنيفة ومالك لئلا تتبعض صفقة المشتري ولنا أن عقد الاثنين مع واحد عقدان لانه مشترمن كل واحد منهما ملكه بثمن مفرد فكان للشفيع أخذه كما لو أفرده بعقد وبهذا ينفصل عما ذكروه، وأما إذا باع شقصين من أرضين صفقة واحدة لرجل واحد وكان الشريك في أحدهما غير الشريك في الآخر فلهما أن ياخذا ويقسما الثمن على قدر القيمتين، وان أخذ أحدهما دون الآخر جازو يأخذ الشقص الذي في شركته بحصته من الثمن، ويتخرج أن لا شفعة له لان فيه تبعيض الصفقة على المشتري وذلك ضرر به وليس له أخذهما معا لان أحدهما لا شركة له فيه ولا هو تابع لما فيه الشفعة فجرى مجرى الشقص والسيف على ما نذكره، وان كان الشريك فيهما واحدا فله أخذهما وتركهما لانه شريك فيهما وله أخذ أحدهما دون الآخر وهو منصوص الشافعي، وفيه وجه آخر أنه لا يملك ذلك، ومتى اختاره سقطت الشفعة فيهما لانه أمكنه أخذ المبيع كله فلم يملك أخذ بعضنه كما لو كان شقصا واحدا ذكره أبو الخطاب وبعض الشافعية ولنا أنه يستحق كل واحد منهما بسبب غير الآخر فجرى مجرى الشريكين ولانه لو جرى مجرى
الشقص الواحد لوجب إذا كانا شريكين فترك أحدهما شفعته أن يكون للآخر أخذ الكل والامر بخلافه (مسألة) (وان باع شقفصا وسيفا فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن ويحتمل أن لا يجوز) إذا باع شقصا مشفوا ومعه مالا شفعة فيه كالسيف والثوب في عقد واحد ثبتت الشفعة في الشقص
بحصته من الثمن دون ما معه فيقوم كل واحد منهما ويقسم الثمن على قدر قيمتهما فما يخص الشقص بأخذ به الشفيع وبه قال أبو حنيفة والشافعي، ويحتمل أن لا يجب لئلا تتبعض شفعة المشتري وفي ذلك اضرار به أشبه مالو أراد أخذ بعض الشقص وقال مالك تثبت الشفعة فيهما لذلك ولنا أن السيف لا شفعة فيه ولا هو تابع لما فيه الشفعة فلم يؤخذ بالشفعة كما لو أفرده والضرر اللاحق بالمشتري هو ألحقه بنفسه لجمعه في العقد بين ما تثبت فيه الشفعة وما لا تثبت ولان في الاخذ بالكل اضرارا بالمشتري أيضا لانه ربما كان غرضه في ابقاء السيف له ففي أخذه منه اضرار به من غير سبب يقتضيه (مسألة) (وان تلف بعض المبيع فله أخذ الباقي بحصته من الثمن وقال ابن حامد ان كان تلفه بفعل الله تعالى فليس له أخذه الا بجميع الثمن) إذا تلف الشقص أو بعضه في يد المشتري فهو من ضمانه لانه ملكه تلف في يده، فان أراد
الشغيغ الاخذ إذا تلف بعضه أخذ الموجود بحصته من الثمن سواء كان التلف بفعل الله تعلى أو بفعل آدمي وسواء تلف باختيار المشتري كنقضه البناء أو بغير اختياره مثل أن انهدم، ثم ان كانت الابعاض موجودة أخذها مع العرصة بالحصة وان كانت معدومة اخذ العوض وما بقي من البناء، وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية ابن القاسم وهو قول الثوري والعنبري وأبي يوسف وقول للشافعي، وقال ابن حامد ان كان التلف بعفل آدمي كما ذكرنا وان كان بفعل الله تعالى كانهدام البناء بنفسه أو حريق أو غرق فليس للشغيع أخذ الباقي الا بكل الثمن أو يترك وهو قول أبي حنيفة وقول للشافعي لانه متى كان النقص بفعل آدمي رجع بدله إلى المشتري فلا يتضرر ومتى كان بغير ذلك لم يرجع إليه شئ فيكون الاخذ منه اضرارا به والضرر لا يزال بالضرر.
ولنا انه تعذر علي الشفيع اخذ الجميع وقدر على اخذ البعض فكان له بالحصة كما لو تلف بفعل سواء وكما لو كان له شفيع آخر، أو نقول أخذ بعض ما دخل معه في العقد فاخذه بالحصة كما لو كان معه سيف، وأما الضرر فانما حصل بالتلف ولا صنع للشفيع فيه والذي يأخذه الشفيع يؤدي ثمنه فلا يتضرر المشتري بأخذه وانما قلنا يأخذ الابعاض وان كانت منفصلة لان استحقاقه
كان حال عقد البيع وفي تلك الحال كان متصلا اتصالا ليس مآله إلى الانفصال وانفصاله بعد ذلك لا يسقط حق الشفعة، ويفارق الثمرة غير المؤبرة إذا أبرت فان مآلها إلى الانفصال والظهور فإذا ظهر فقد انفصلت فلم تدخل في الشفعة، وان نقصت القيمة مع بقاء صورة المبيع مثل ان انشق الحائط واستهدم
البناء وشعث الشجر وبارت الارض فليس له إلا أن يأخذ بجميع الثمن أو يترك لان هذه المعاني لا يقابلها الثمن بخلاف الاعيان، ولهذا لو بنى المشتري أعطاه الشفيع قيمة بنائه، ولو زاد المبيع زيادة متصلة دخلت في الشفعة.
(فصل) (الشرط الخامس أن يكون للشفيع ملك سابق) لان الشفعة انما ثبتت للشريك لدفع الضرر عنه وإذا لم يكن له ملك سابق فلا ضرر عليه فلا تثبت له الشفعة (مسألة) (فان اشترى اثنان دارا صفقة واحدة فلا شفعة لاحدهما على صاحبه) لانه لا مزية لاحدهما على صاحبه لتساويهما.
(مسألة) (فان ادعى كل واحد منهما السبق فتحالفا أو تعارضت بينتا هما فلا شفعة لهما) إذا كانت دار بين رجلين فادعى كل واحد منهما على صاحبه أنه يستحق ما في يده بالشفعة سئلا متى ملكتماها؟ فان قالا ملكناها دفعة واحدة فلا شفعة لاحدهما على الآخر لان الشفعة إنما ثبتت بملك سابق في ملك متجدد بعده وان قال كل واحد منهما ملكي سابق ولاحدهما بينة بما ادعاه قضي له وان كان لكل واحدم منهما بينة قدم اسبقهما تاريخا فان شهدت بينة كل واحد منهما بسبق ملكه وتجدد ملك صاحبه تعارضتا، وان لم يكن لواحد منهما بينة سمعنا دعوى السابق وسألنا خصمه فان أنكر فالقول
قوله مع يمينه فان حلف سقطت دعوى الاول ثم نسمع دعوى الثاني على الاول فان أنكر وحلف سقطت دعواهما جميعا وان ادعى الاول فنكل الثاني عن اليمين قضينا عليه ولم نسمع دعواه لان خصمه قد استحق ملكه وان حلف الثاني ونكل الاول قضينا عليه (مسألة) (ولا شفعة بشركة الوقف في أحد الوجهين)
ذكره القاضيان ابن أبي موسى وأبو يعلى وهو ظاهر مذهب الشافعي لانه لا يؤخذ بالشفعة فلا تجب به كالمجاور وما لا ينقسم ولاننا إن قلنا هو غير مملوك فالموقوف عليه غير مالك وان قلنا هو مملوك فملكه غير تام لانه لا يبيح اباحة التصرف في الرقبة فلا يملك به ملكا تاما، وقال أبو الخطاب ان قلنا هو مملوك وجبت به الشفعة لانه مملوك بيع في شركته شقص فوجبت به الشفعة كالطلق ولان الضرر يندفع عنه بالشفعة فوجبت فيه كوجوبها في الطلق وإنما لم يستحق بالشفعة لان الاخذ بها بيع وهو مما لا يجوز بيعه (فصل) وان تصرف المشتري في المبيع قبل الطلب بوقف أو هبة سقطت الشفعة نص عليه في رواية علي بن سعيد وبكر بن محمد وحكي ذلك عن الماسرجسي في الوقف لان الشفعة انما تثبت في المملوك وقد خرج بهذا عن كونه مملوكا قال ابن أبي موسى من اشترى دارا فجعلها مسجدا فقد استهلكها
ولا شفعة فيها ولان في الشفعة ههنا إضرارا بالموهوب له والموقوف عليه لان ملكه يزول عنه بغير عوض ويزال الضرر بالضرر بخلاف البيع فانه إذا فسخ البيع الثاني رجع المشترى الثاني بالثمن الذي أخذ منه فلا يلحقه ضرر، ولان ثبوت الشفعة ههنا يوجب رد العوض إلى غير المالك وسلبه عن المالك وفي ذلك ضرر فيكون منفيا، وقال أبو بكر للشفيع فسخ ذلك وأخذه بالثمن الذى وقع به البيع وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأى لان الشفيع يملك فسخ البيع الثاني والثالث مع امكان الاخذ بهما فلان يملك فسخ عقد لا يمكنه الاخذ به أولى، ولان حق الشفيع أسبق وجنبته أقوى فلم يملك المشتري تصرفا يبطل حقه ولا يمتنع أن يبطل الوقف لاجل حق الغير كما لو وقف المريض املاكه وعليه دين فانه إذا مات رد الوقف إلى الغرماء والورثة فيما زاد على ثلثه بل لهم ابطال العتق والوقف أولى، فإذا قلنا بثبوت الشفعة أخذ الشفيع الشقص ممن هو في يده ويفسخ عقده ويدفع الثمن إلى المشترى وحكي عن مالك أنه يكون للموهوب له لانه يأخذ ملكه.
ولنا أن الشفيع يبطل الهبة ويأخذ الشقص بحكم العقد الاول ولو لم يكن وهب كان الثمن له فكذلك بعد الهبة المفسوخة
(مسألة) (وان باع فله الاخذ بأى البيعين شاء فان أخذ بالاول رجع الثاني على الاول) إذا تصرف المشترى في المبيع قبل أخذ الشفيع أو قبل علمه صح تصرفه لانه ملكه وصح قبضه
له ولم يبق الا أن الشفيع ملك أن يتملكه عليه وذلك لا يمنع من تصرفه كما لو كان أحد العوضين في البيع معينا لم يمنع التصرف في الآخر، والموهوب له يجوز له التصرف في الهبة وان كان الواصب ممن له الرجوع فيه مفتى تصرف فيه تصرفا تجب به الشفعة كالبيع فللشفيع الخيار ان شاء فسخ البيع الثاني وأخذه بالبيع الاول بثمنه لان الشفعة وجبت له قبل تصرف المشتري وان شاء أمضى تصرفه وأخذ بالشفعة من المشتري الثاني لانه شفيع في العقدين فكان له الاخذ بأيهما شاء، وان تبايع ذلك ثلاثة فله ان يأخذ بالبيع الاول وينفسخ العقدان الاخران وله أن يأخذه بالثاني وينفسخ الثالث وحده وله ان يأخذه بالثلث ولا ينفسخ شئ من العقود، فإذا أخذه من الثالث دفع إليه الثمن الذي اشترى به ورجع الثالث عليه بما أعطاه لانه قد انفسخ عقده وأخذ الشقص منه فرجع بثمنه على الثاني لانه أخذه منه وان أخذ بالبيع الاول دفع إلى المشتري الاول الثمن الذي اشترى به وانفسخ عقد الآخرين ورجع الثالث على الثاني بما أعطاه والثاني على الاول بما أعطاه، فان كان الاول اشتراه بعشرة ثم اشتراه الثاني بعشرين ثم اشتراه الثالث بثلاثين فاخذه بالبيع الاول دفع إلى الاول عشرة وأخذ الاول من الثاني عشرين وأخذ الثالث من الثاني ثلاثين لان الشقص انما يؤخذ من الثالث لكونه في يده وقد انفسخ عقده فيرجع بثمنه الذي ورثه ولا نعلم في هذا خلافا، وبه يقول مالك والشافعي والعنبري وأصحاب الرأي وما كان في معنى البيع مما تجب به الشفعة فهو كالبيع على ما ذكرنا وان كان مما لا تجب به الشفعة فو كالهبة والوقف على ما ذكرنا من الخلاف فيه والله أعلم
(مسألة) (وإن فسخ العقد بعيب أو إقالة أو تحالف فللشفيع أخذه ويأخذه في التحالف بما حلف عليه البائع) إذا رد المشتري الشقص بعيب أو قايل البائع فللشفيع فسخ الاقالة والرد والاخذ بالشفعة لان
حقه سابق عليهما ولا يمكنه الاخذ معهما فان تحالفها على الثمن وفسخا البيع فللشفيع أن يأخذ الشقص بما حلف على البائع لان البائع مقر بالبيع الثمن الذى حلف عليه ومقر للشفيع باستحقاق الشفعة بذلك فإذا بطل حق المشتري بانكاره لم يبطل حق الشفيع بذلك وله أن يبطل فسخهما ويأخذه لان حقه أسبق (فصل) وان اشترى شقصا بعبد ثم وجد بائع الشقص بالعبد عيبا فله رد العبد واسترجاع الشقص ويقدم على حق الشفيع لان في تقديم حق الشفيع إضرارا بالبائع باسقاط حقه من الفسخ الذى استحقه والشفعه ثبتت لازالة الضرر فلا تثبت على وجه يحصل به الضرر فان الضرر لا يزال بالضرر وقال أصحاب الشافعي يقدم حق الشفيع في أحد الوجهين لان حقه أسبق فوجب تقديمه كما لو وجد المشتري بالشقص عيبا فرده ولنا أن في الشفعة ابطال حق البائع وحقه أسبق لانه استند إلى وجود العيب وهو موجود حال البيع والشفعة ثبتت بالبيع فكان حق البائع سابقا وفي الشفعة ابطاله فلم تثبت، وينارق ما إذا كان
الشقص معيبا فان حق المشتري إنما هو في استرجاع الثمن قد تحصل له من الشفيع فلا فائدة في الرد وفي مسئلتنا حق البائع في استرجاع الشقص ولا يحتمل ذلك مع الاخذ بالشعفة فافترقا، فان لم يرد البائع العبد المعيب حتى أخذ الشفيع كان له رد العبد ولم يملك استرجاع المبيع لان الشفيع ملكب بالاخذ فلم يملك البائع إبطال ملكه كما لو باعه المشتري لاجني فان الشفعة بيع في الحقيقة ولكن يرجع بقيمة الشقص لانه بمنزلة التالف والمشتري قد أخذ من الشفيع قيمة العبد فهل يتراجعان؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يتراجعان لان الشفيع أخذ بالثمن الذي وقع عليه العقد وهو قيمة العبد صحيحا لاعيب فيه بدليل أن البائع إذا علم بالعيب ملك رده ويحتمل أن يأخذه بقيمته معيبا لانه إنما أعطى عبدا معيبا فلا يأخذ قيمة غير ما أعطى (والثاني) يتراجعان لان الشفيع إنما يأخذ بالثمن الذي استقر عليه العقد والذي استقر عليه العقد قيمة الشقص فإذا قلنا يتراجعان فأيهما كان ما دفعه أكثر رجع بالفضل على صاحبه، وان لم يرد البائع العبدو لكن أخذ أرشه لم يرجع المشتري على الشفيع بشئ
لانه إنما دفع إليه قيمة العبد غير معيب وان أدى قيمته معيبا رجع المشتري عليه بما أدى من أرشه وان عفا عنه ولم يأخذ أرشا لم يرجع الشفيع عليه بشئ لان البيع لازم من جهة المشتري لا يملك فسخه فاشبه مالو حط عنه بعض الثمن بعد لزوم العقد، وان عاد الشقص إلى المشتري ببيع أو هبة أو ارث أو غيره فليس للشفيع أخذه بالبيع الاول لان ملك المشتري زال عنه وانقطع حقه منه وانتقل حقه إلى
القيمة فإذا أخذها لم يبق له حق بخلاف مالو غصب شيئا لم يقدر على رده فادى قيمته ثم قدر عليه فانه يرده لان ملك المغصوب منه لم يزل عنه (فصل) ولو كان ثمن الشقص مكيلا أو موزونا فتلف قبل قبضه بطل البيع وبطلت الشفعة لانه تعذر التسليم فتعذر امضاء العقد فلم تثبت الشفعة كما لو فسخ البيع في مدة الخيار بخلاف الاقالة والرد بالعيب وان كان الشفيع قد أخذ الشقص فهو كما لو أخذه في المسألة التي قبلها لان لمشتري النقص التصرف فيه قبل نقبيض ثمنه فأشبه مالو اشتراه منه أجنبي (فصل) فان اشترى شقصا بعبد أو ثمن معين فخرج مستحقا فالبيع باطل ولا شفعة فيه لانها إنما تثبت في عقد ينقل الملك إلى المشتري وهو العقد الصحيح فاما الباطل فوجوده كعدمه فان كان الشفيع قد أخذ بالشفعة لزمه رد ما أخذ على البائع ولا يثبت ذلك إلا ببينة أو اقرارا من الشفيع والمتبايعين وان أقر المتبايعان وأنكر الشفيع لم يقبل قولهما عليه وله الاخذ بالشفعة ويرد العبد إلى صاحبه ويرجع البائع على المشتري بقيمة الشقص وان أقر الشفيع أو المشتري دون البائع لم تثبت الشفعة ويجب على المشتري رد قيمة العبد على صاحبه ويبقى الشقص معه يزعم أنه للبائع والبائع ينكره ويدعي عليه وجوب رد العبد والمشتري ينكره فيشتري الشقص منه ويتبار آن، وان أقر الشفيع والبائع وأنكر المشتري وجب على البائع رد العبد لعى صاحبه ولم تثبت الشفعة ولم يملك البائع مطالبة المشتري بشئ لان البيع صحيح في الظاهر وقد أدى ثمنه الذي هو ملكه في الظاهر، ان أقر الشفيع وحده
لم تثبت الشفعة ولا يثبت شئ من أحكام البطلان في حق المتبايعين، فاما ان اشترى الشقص بثمن في
في الذمة ثم نقد الثمن فبان مستحقا كانت الشفعة واجبة لان البيع صحيح، فان تعذر قبض الثمن من المشتري لاعسار أو غيره فللبائع فسخ البيع ويقدم حق الشفيع لان بالاخذ بها يحصل للمشتري ما يؤديه ثمنا فتزول عسرته ويحصل الجمع بين الحقين فكان أولى (فصل) وإذا وجبت الشفعة وقضى القاضي بها والشقص في يد البائع ودفع الثمن إلى المشتري فقال البائع للثفيع أقلني فأقاله لم تصح الاقالة لانها تصح بين المتبايعين وليس بين الشفيع والبائع بيع وإنما هو مشتر من المشتري فان باعه إياه صح لان العقار يجوز التصرف فيه قبل قبضه (مسألة) (وان أجره المشتري أخذه الشفيع وله الاجرة من يوم أخذه) لانه صار ملكه بأخذه.
(مسألة) (وان استغله المشتري فالغلة له) لانها نماء ملكه (مسألة) (وان أخذه الشفيع وفيه زرع أو ثمرة ظاهرة فهي للمشتري مبقاة إلى الحصاد والجذاذ) إذا زرع المشتري الارض فللشفيع الاخذ بالشفعة ويبقى زرع المشتري إلى الحصاد لان ضرره لا يتباقى ولا أجرة عليه لانه زرعه في ملكه ولان الشفيع اشترى الارض وفيها زرع للبائع فكان له مبقى إلى الحصاد بلا أجرة كغير المشفوع وإن كان في الشجر ثمر ظاهر أثمر في ملك المشتري فهو له مبقى إلى الجذاذ كالزرع
(فصل) وإذا نمى المبيع في يد المشتري لم يخل من حالين أحدهما) ان يكون نماء منتصلا كالشجر إذا كبر أو ثمرة غير ظاهرة فان الشفيع يأخذه بزيادته لانها زيادة غير متميزة فتبعت الاصل كما لو رد بعيب أو خيار أو إقالة، فان قيل فلم لا يرجع الزوج في نصفه زائدا إذا طلق قبل الدخول؟ قلنا لان الزوج يقدر على الرجوع بالسيمة إذا فاته الرجوع في العين وفي مسئلتنا إذا لم يرجع في الشقص سقط حقه من الشفعة فلم يسقط حقه من الاصل لاجل ما حدث من البائع وإذا أخذ الاصل تبعه نماؤه المتصل كما ذكرنا في الفسوخ كلها (الحال الثاني) أن تكون الزيادة مننفصلة كالغلة والاجرة والطلع المؤبرو الثمرة الظاهرة فهي للمشتري لانها حدثت في ملكه وتكون مبقاة في رءوس النخل إلى الجذاذ لان أخذ الشفيع من يشتري شراء ثان فيكون حكمه حكم مالو اشترى برضاه وان اشتراه وفيه
طلع غيره مؤبر فأبرأ ثم أخذه الشفيع أخذ الاصل دون الثمرة ويأخذ الارض والنخيل بحصتهما من الثمن كما لو كما لو كان المبيع شقصا (مسألة) وان قاسم المشترى وكيل الشفيع أو قاسم الشفيع لكونه أظهر له زيادة في الثمن أو نحوه وغرس أو بنى فللشفيع أن يدفع إليه قيمة الغراس والبناء ويملكه أو يقلعه ويضمن النقص فان اختار الشفيع أخذه واختار المشتري قلعه فله ذلك إذا لم يكن فيه ضرر بالقلع) وجملة ذلك أنه يتصور بناء المشترى وغرسه في الشقص المشفوع على وجه مباح في مسائل (منها)
أن يظهر المشتري أنه اشتراه بأكثر من ثمنه أو أنه وهب له أو غير ذلك مما يمنع الشفيع من الاخذ بها فيتركها ويقاسمه ثم يبني المشترى ويغرس فيه (ومنها) أن يكون غائبا فيقاسمه وكيله أو صغيرا فيقاسمه وليه أو نحو ذلك ثم يقدم الغائب أو يبلغ الصبي فيأخذ بالشفعة، وكذلك ان كان غائبا أو صغيرا فطالب المشتري الحاكم بالقسمة فقاسم ثم قدم الغائب وبلغ الصبي فيأخذ بالشفعة بعد غرس المشتري وبنائه فان للمشترى قلع غرسه وبنائه ان اختار ذلك لانه ملكه فإذا قلعه فلليس عليه تسوية الحفر ولا نقص الارض ذكره القاضي وهو قول الشافعي لانه غرس وبنى في ملكه وما حدث من النقص انما حدث في ملكه وذلك مما لا يقابله ثمن، وظاهر كلام الخرقي أن عليه ضمان النقص الحاصل بالقلع لانه اشترط في قلع الغرس والبناء عدم الضرر وذلك لانه نقص دخل على ملك غيره لاجل تخليص ملكه فلزمه ضمانه كما لو كسر مجبرء غيره لا خراج ديناره منها، قولهم ان النقص حصل في ملكه ليس كذلك فان النقص الحاصل بالقلع إنما حصل في ملك الشفيع فاما نقص الارض الحاصل بالغرس والبناء فلا يضمنه لما ذكروه، فان لم يختر المشترى القلع فللشفيع الخيار بين ثلاثة أشياء: ترك الشفعة وبين دفع قيمة الغراس والبناء فيملكه مع الارض وبين قلع الغراس والبناء وبضمن له ما نقص بالقلع.
وبهذا قال الشعبي والاوزاعي وابن أبي ليلى ومالك والليث والشافعي والبتي وسوار واسحاق، وقال حماد بن أبي سليمان والثوري وأصحاب الرأي يكلف المشتري القلع ولا شئ له لانه بنى فيما استحق عليه أخذه فأشبه الغاصب ولانه بنى في حق غيره بغير إذنه فأشبه مالو كانت مستحقة
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا اضرار) ولا يزول الضرر عنهما إلا بذلك ولانه بنى في ملكه الذي ملك بيعه فلم يكلف قلعه مع الاضرار كما لو لم يكن مشفوعا، وفارق ما قاسوا عليه فانه بنى في غير ملكه، ولانه عرق ظالم وليس لعرق ظالم حق.
إذا ثبت هذا فانه لا يمكن إيجاب قيمته مستحقا للبقاء في الارض لانه لا يستحق ذلك، ولا قيمته مقلوعا لانه لو وجبت قيمته مقلوعا لوجب قلعه ولم يضمن شيئا ولانه قد يكون مما لا قيمة له إذا قلعه، ولم يذكر أضحابنا كيفية وجوب القيمة فالظاهر ان الارض تقوم مغروسة مبنية ثم تقوم خالية منها فيكون ما بينهما قيمة الغرس والبناء فيدفعه الشفيع إلى المشتري إن أحب أو ما نقص مننه ان اختار القلع لان ذلك هو الذي زاد بالغرس والبناء، ويحتمل أن يقوم والبناء مستحق للترك بالاجرة أو لاخذه بالقيمة إذا امتنعا من قلعه، فان كان للغرس وقت يقلع فيه فيكون له قيمة وان قلع قبله لم يكن له قيمة أو تكون قيمته قليلة فاختار الشفيع قلعه قبل وقته فله ذلك لانه يضمن النقص فينجبر به ضرر المشتري سواء كثر النقص أو قل ويعود ضرر كثرة النقص على الشفيع وقد رضي بتحمله، وان غرس أو بنى مع الشفيع أو وكيله في المشاع ثم أخذه الشفيع فالحكم في أخذ نصيبه من ذلك كالحكم في أخذ جميعه بعد المقاسمة (مسألة) (فان باع الشفيع ملكه قبل العلم لم تسقط شفعته في أحد الوجهين وللمشتري الشفعة فيما باعه الشفيع في أصح الوجهين)
وجملة ذلك ان الشفيع إذا باع ملكه عالما بالحال سقطت شفعته لانه لم يبق له ملك يستحق به، ولانه الشفعة تثبت لازالة الضرر الحاصل بالشركة، وقد زال ذلك بييعه، وان باع بعضه ففيه وجهان (أحدهما) تسقط أيضا لانها استحقت بجميعه، وإذا باع بعضه سقط ما تعلق بذلك من الشفعة فسقط باقيها لانها لا تتبعض فيسقط جميعها بسقوط بعضها كالرق والنكاح وكما لو عفا عن بعضها (والثاني) لا تسقط لانه قد بقي من نصيبه ما يستحق به الشفعة في جميع المبيع لو انفرد، وفكذلك إذا بقي، وللمشتري الاول الشفعة على الثاني في المسألة الاولى، وفي الثانية إذا قلنا بسقوط شفعة البائع الاول
لانه شريك في المبيع، وان قلنا لا تسقط شفعة البائع فله أخذ الشقص من المشتري الاول، وهل للمشتري الاول شفعة على المشتري الثاني؟ فيه وجهان (أحدهما) له الشفعة لانه شريك فان الملك ثابت له يملك التصرف فيه بجميع التصرفات ويستحق نماء وفوائده، واستحقاق الشفعة به من فوائده (والثاني) لا شفعة له لان ملكه يؤخذ بها فلا تؤخد الشفعة به ولان ملكه متزلزل ضعيف فلا يستحق الشفعة به لضعفه، قاغل شيخنا والاول أقيس فان استحقاق أخذه منه لا يمنع أن يستحق به الشفعة كالصداق قبل الدخول والشقص الموهوب للولي.
فعلى هذا للمشتري الاول الشفعة على المشتري الثاني سواء أخذ منه المبيع بالشفعة أو لم يؤخذ، وللبائع الثاني إذا باع بعض الشقص الاخذ من المشتري الاول في أحد الوجهين، فاما ان باع الشفيع ملكه قبل علمه بالبيع الاول فقال القاضي تسقط شفعته
أيضا لما ذكرناه وهو مذهب الشافعي ولانه زال السبب الذي يستحق به الشفعة وهو الملك الذي يخاف الضرر بسببه فصار كمن اشترى معيبا لا يعلم عيبه حتى زال أو حتى باعه.
فعلى هذا حكمه حكم مالو باع مع علمه سواء فيما إذا باع جميعه أو بعضه، وقال أبو الخطاب لا تسقط شفعته لانها ثبتت له ولم يوجد منه رضى بتركها ولا ما يدل على إسقاطها والاصل بقاؤها بخلاف ما إذا علم فان بيعه دليل على رضاه بتركها.
فعلى هذا للبائع الثاني أخذ الشقص من المشتري الاول فان عفا عنه فللمشتري الاول أخذ الشقص من المشتري الثاني، وان أخذ منه فهل للمشتري الاول الاخذ من الثاني؟ على وجهين (أولاهما ان له الاخذ لان ملكه كان ثابتا حال البيع ولم يوجد منه ما يمنع ذلك (مسألة) (وان مات بطلت شفعته إلا أن يموت بعد طلبها فتكون لوارثه) وجملة ذلك ان الشفيع إذا مات قبل الاخذ بالشفعة فان كان قبل الطلب بها سقطت ولا تنقل إلى الورثة، قال احمد الموت يبطل به ثلاثة أشياء الشفعة والحد إذا مات المقذوف والخيار إذا مات الذي اشترط الخيار، لم يكن للورثة هذه الثلاثة أيضا إنما هي بالطلب فإذا لم يطلب فليس تجب الا أن يشهد أني على حقي من كذا وكذا وأني قد طلبته فان مات بعده كان لوارثه الطلب به، وروي سقوط الشفعة بالموت عن الحسن وابن سيرين والشعي والنخعي وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي
وقال مالك والشافعي والعنبري يورث، قال أبو الخطاب ويتخرج لنا مثل ذلك لانه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال فيورث كخيار الرد بالعيب
ولنا انه حق فسخ ثبت لا لفوات جزء فلم يورث كالرجوع في الهبة ولانه نوع خيار جعل للتمليك أشبه خيار القبول فاما خيار الرد بالعيب فانه لا ستدارك جزء فات من المبيع (فصل) فان مات بعد طلب الشفعة انتقل حق المطالبة بالشفعة إلى الورثة قولا واحدا ذكره أبو الخطاب، وقد ذكرنا نص أحمد عليه لان الحق يتقرر بالطلب ولذلك لا يسقط بتأخير الحق بعده وقبله يسقط، وقال القاضي يصير الشقص ملكا للشفيع بنفس المطالبة والاول أصح فانه لو صار ملكا للشفيع لم يصح العفو عن الشفعة بعد طلبها كما لا يصح العفو عنها بعد الاخذ بها.
فإذا ثبت هذا فان الحق ينتقل إلى جميع الورثة على قدر إرثهم لانه حق مالي موروث فينتقل إلى الجميع كسائر الحقوق المالية وسواء قلنا الشفعة على قدر الاملاك أو على عدد الرؤوس لان هذا ينتقل إليهم من موروثهم فان ترك بعض الورثة حقه توفر الحق على باقي الورثة ولم يكن لهم إلا أن يأخذوا الكل أو يتركوا كالشفعاء إذا عفا بعضهم عن شفعته لانا لو جوزنا أخذ بعض الشقص لتشقص المبيع وتبعضت الصفقة على المشتري وهذا ضرر في حقه (فصل) وان أشهد الشفيع على مطالبته بها للعذر ثم مات لم تبطل وللورثة المطالبة بها نص عليه احمد لان الاشهاد على الطلب عند العجز عنه يقوم مقامه فلم تسقط الشفعة بالموت بعده كنفس الطلب
(فصل) وإذا بيع شقص له شفيعان فعفاعنها أحدهما وطالب بها الآخر ثم مات الطالب فورثه العافي فله أخذ الشقص بها لانه وارث لشفيع مطالب بالشفعة فملك الاخذ بها كالاجنبي وكذلك لو قذف رجل أمهما وهي ميتة فعفا أحدهما وطلب الآخر ثم مات الطالب فورثه العافي ثبت له استيفاؤه بالنيابة عن أخيه الميت إذا قلنا بوجوب الحد بقذفها
(فصل) ولو مات مفلس وله شقص فباع شريكه كان لورثته الشفعة وهذا مذهب الشافعي، و قال أبو حنيفة لا شفعة لهم لان الحق النتقل إلى الغرماء ولنا انه بيع في شركة ما خلفه موروثهم شقص فكان لهم المطالبة بشفعته كغير المفلس، ولا نسلم أن التركة انتقلت إلى الغرماء بل هي للورثة بدليل انها لو نمت أو زاد ثمنا لحسب على الغرماء في قضاء ديونهم، وانما تعلق حقهم به فلم يمنع ذلك من الشفعة كما لو كان لرجل شقص مرهون فباع شريكه فانه يستحق الشقعة به، ولو كانت للميت دار فبيع بعضها في قضاء دينه لم يكن للورثة شفعة لان البيع يقع لهم فلا يستحقون الشفعة على أنفسهم ولو كان الورث شريكا للمورث فباع نصيب الموروث في دينه فلا شفعة أيضا لانه نصيب الموروث انتقل بموته إلى الوارث فإذا بيع فقد بيع ملكه فلا يستحق الشفعة على نفسه (فصل) ولو اشترى شقصا مشفوعا ووصى به ثم مات فللشفيع أخذه بالشفعة لان حقه أسبق
من حق الموصى له فإذا أخذه دفع الثمن إلى الورثة وبطلت الوصية لان الموصى به ذهب فبطلت الوصية به كما لو تلف، ولا يستحق الموصى له بدله لانه لم يوص له الا بالشقص، وقد فات بأخذه، ولو وصى رجل لانسان بتقص ثم مات فبيع في شركته شقص قبل قبول الموصى له فالشفعة للورثة في الصحيح لان الموصى به لا يصير للموصى له الا بعد القبول ولم يوجد فيكون باقيا على ملك الورثة، ويحتمل أن يكون للموصى له إذا قلنا ان الملك ينقل إليه بمجرد الموت فإذا قبل الوصية استحق المطالبة لاننا تبينا ان الملك كان له فكان المبيع في شركته، ولا يستحق المطالبة قبل القبول لانا لا نعلم ان الملك له قبل القبول لانا لا نعلم ان الملك له قبل القبول وانما يتبين ذلك بقبوله فان قبل تبينا انه كانله وان رد تبينا انه كان للورثة ولا يستحق الورثة المطالبة ايضا لذلك ويحتمل ان لهم المطالبة لان الاصل عدم القبول وبقاء الحق لهم، ويفارق الموصى له من وجهين (احدهما) ان الاصل عدم القبول منه (والثاني) انه يمكنه ان يقبل ثم يطالب بخلاف الوارث فانه لا سبيل له إلى فعل ما يعلم به ثبوت الملك له أو لغيره فإذا طالبوا ثم قبل الوصي الوصية كانت الشفعة له ويفتقر إلى الطلب منه لان الطلب الاول يتبين نه من غير المستحق، وان قلنا بالرواية الاولى
فطالب الورثة بالشفعة فلهم الاخذ بها وإذا قبل الوصي اخذ الشقص الموصى به دون الشقص المشفوع لان الشقص الموصى به انما انتقل إليه بعد الاخذ بشفعته فأشبه ما لو اخذ بها الموصى في حياته، وان لم يطالبوا بالشفعة حتى قبل الموصى له فلا شفعة له لان البيع وقع قبل ثبوت الملك له وحصول شركته وفي ثبوتها للورثة وجهان بناء على مالو باع الشفيع نصيبه قبل علمه ببيع شريكه
(فصل) ولو اشتري رجل شقصا ثم ارتد فقتل أو مات فللشفيع اخذه بالشقعة لانها وجبت بالشراء وانتقاله إلى المسلمين بقتله أو موته لا يمنع الشفعة كما لو مات على الاسلام فورثه ورثته أو صار ماله لبيت المال لعدم ورثته والمطالب بالشفعة وكيل بيت المال (فصل) وإذا اشترى المرتد شقصا فتصرفه موقوف فان قتل على ردته أو مات عليها تبينا ان شراءه باطل ولا شفعة فيه وان اسلم تبينا صحته وثبوت الشفعة فيه، وقال ابو بكر تصرفه غير صحيح في الحالين لان ملكه يزول بردنه فإذا اسلم عاد إليه تمليكا مستأنفا، وقال الشافعي وابو يوسف تصرفه صحيح في الحالين وتجب الشفعة فيه، ومبنى الشفعة ههنا على صحة تصرف المرتد ويذكر في غير هذا الموضع، وان بيع شقص في شركة المرتد وكان المشتري كافرا فأخذه بالشفعة انبنى على ذلك ايضا لان اخذ بالشفعة شراء للشقص من المشترى فاشبه شراءه لغيره، فان ارتد الشفيع المسلم وقتل بالردة أو مات عليها انتقل ماله إلى المسلمين، فان كان طالب بالشفعة انتقلت ايضا إلى المسلمين ينظر فيها الامام أو نائبه وان قتل أو مات قبل طلبها بطلت شفعته كما لو مات على اسلامه، ولو مات الشفيع المسلم ولم يحلف وارثا سوى بيت المال انتقل نصيبه إلى المسلمين ان مات بعد الطلب والافلا (فصل) قال رحمه الله (ويأخذ الشفيع بالثمن الذي وقع عليه العقد فان عجز عنه أو عن بعضه سقطت شفعته) وجملة ذلك ان الشفيع يأخذ الشقص من المشترى بالثمن الذى استقر عليه العقد لما روى في
حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (هو أحق به بالثمن) رواه الجوزجاني في كتابه ولان الشفيع انما استحق الشقص بالبيع فكان مستحقا له بالثمن كالمشترى فان قيل ان الشفيع استحق اخذه بغير رضا مالكه
فينبغي ان يأخذ بقيمته كالمضطر يأخذ طعام غيره، قلنا المضطر استحق اخذه بسبب حاجة خاصة فكان المرجع في بدله إلى قيمته والشفيع استحقه لا جل البيع ولهذا لو انتقل بهبة أو ميراث لم يستحق الشفعة وإذا استحق ذلك بالبيع وجب ان يكون بالعوض الثابت بالبيع.
إذا ثبت هذا فاننا نتظر في الثمن فان كان دراهم أو دنانير أعطاه الشفيع مثله (فصل) ولا يأخذ بالشفعة من لا يقدر على الثمن لان في أخذه بدون دفع الثمن اضرارا بالمشتري ولا يزال الضرر بالضرر، فان أحضر رهنا أو ضمينا لم يلزم المشتري قبوله لان عليه ضررا في تأخير الثمن فلم يلزم المشتري ذلك كما لو أراد تأخير ثمن حال، وإن بذل عوضا عن الثمن لم يلزمه قبوله لانها معاوضة فلم يجبر عليها، وإذا أخذ بالشفعة لم يلزم المشتري تسليم الشقص حتى يقبض الثمن فان كان موجودا سلمه وإن تعذر في الحال فقال أحمد في رواية حرب ينظر الشفيع يوما أو يومين بقدر ما يرى الحاكم فإذا كان أكثر فلا وهذا قول مالك، وقال ابن شبرمة وأصحاب الشافعي نيظر ثلاثا لانها آخر حد القلة فان أحضر الثمن والافسخ عليه، وقال أبو حنيفة وأصحاب لا يأخذ بالشفعة ولا
يقتضي القاضي بها حتى يحضر الثمن لان الشفيع يأخذ الشقص بغير احتيار المشتري فلا يستحق ذلك الا باحضار عوضه كتسليم المبيع ولنا انه تملك للمبيع بعوض فلا يفف على احضار العوض كالبيع، واما التسليم في البيع فالتسليم في الشفعة مثله وكون الاخذ بغير اختيار المشتري يدل على قوته فلا يمنع من اعتباره في الصحة، ومتى أجلناه مدة فأحضر الثمن فيها والافسخ الحاكم الاخذ ورده إلى المشتري، وكذا لو هرب لشفيع بعد الاخذ قال شيخنا والاولى ان للمشتري الفسخ من غير حاكم لانه فات شرط الاخذ ولانه تعذر على البائع الوصول إلى الثمن فملك الفسخ كغير من أخذت الشفعة منه، وكما لو أفلس الشفيع والشفعة لا تقف على حكم الحاكم فلا يقف فسخ الاخذ بها على الحاكم كفسخ غيرها من البيوع وكالرد بالعيب ولان وقف ذلك على الحاكم يفضي إلى الضرر بالمشترى لانه قد يتعذر عليه اثبات ما يدعيه وقد يصعب عليه حضور مجلس الحاكم لبعده أو غير ذلك فلا يشرع فيها ما يفضي إلى الضرر، ولانه لو وقف الامر على الحاكم لم يملك
الاخذ الابعد احضار الثمن لئلا يفضي إلى هذا الضرر، وان أفلس الشفيع خير المشترى بين الفسخ وبين أن يضرب مع الغرماء بالثمن كالبائع إذا أفلس المشترى (مسألة) (وما يزاد في ثمن أو يحط منه في مدة الخيار يلحق به وما بعد ذلك لا يلحق به) قد ذكرنا ان الشفيع انما يستحق الشقص بالثمن الذى استقر عليه العقد فلو تبايعا بقدر ثم غيراه
في زمن الخيار بزيادة أو نقص ثبت ذلك التغيير في حق الشفيع لان حق الشفيع انما يثبت إذا تم العقد وانما يستحق بالثمن الذى هو ثابت حال استحقاقه ولان زمن الخيار بمنزلة حالة العقد والتعيير يلحق بالعقد فيه لانهما على اختيارهما فيه كما لو كانا في حال العقد، فاما إذا انقضى الخيار وانبرم العقد فزادا أو نقصا لم يلحق بالعقد لان الزيادة بعده هبة تعتبر لها شروط الهبة والنقص ابراء مبتدأ، ولا يثبت ذلك في حق الشفيع وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة يثبت النقص في حق الشفيع دون الزيادة وان كانا عنده ملحقان بالعقد لان الزيادة تضر بالشفيع فلم يملكاها بخلاف النقص، وقال مالك ان بقي ما يكون ثمنا أخذ به وان حظ الاكثر أخذه بجميع الثمن الاول.
ولنا ان ذلك يعتبر بعد استقرار العبد فلم يثبت في حق الشفيع كالزيادة ولان الشفيع استحق الاخذ بالثمن الاول قبل التغيير فلم يؤثر التغيير بعد ذلك فيه كالزيادة وما ذكروه من العذدر لا يصح لان ذلك لو لحق العقد لزم الشفيع وان أضر به كالزيادة في مدة الخيار ولانه حط بعد لزوم العقد فاشبه حط الجميع أو الاكثر عند مالك (مسألة) (وان كان مؤجلا أخذه الشفيع بالاجل ان كان مليئا والا أقام كفيلا مليئا وأخذه به) وبهذا قال مالك وعبد الملك وإسحاق، وقال الثوري لا يأخذها إلا بالنقد حالا، وقال أبو حنيفة لا يأخذ الا بثمن حال أو ينتظر مضي الاجل ثم يأخذ، وعن الشافعي كمذهبنا ومذهب أبي حنيفة
لانه لا يمكنه أخذه بالمؤجل لانه يقضي إلى أن يلزم المشتري قبول ذمة الشفيع والذمم لا تتماثل وانما يأخذ بمثله ولا يلزمه أن يأخذ بمثله حالا لئلا يلزمه أكثر مما يلزم المشتري ولا بسلعة
بمثل الثمن إلى الاجل لانه انما يأخذه بمثل الثمن أو القيمة والسلعة ليست واحدا منهما فلم يبق إلا التخيير ولنا ان الشفيع تابع للمشتري في قدر الثمن وصفته والتأجيل من صفاته ولان في الحلول زيادة على التأجيل فلم يلزم الشفيع كزيادة القدر، وما ذكروه من اختلاف الذمم فانا لا نوجبها حتى توجد الملاءة في الشفيع أو في الضامن بحيث ينحفظ المال فلا يضر اختلافهما فيها وراء ذلك، كما لو اشترى الشقص بسلعة وجبت قيمتها ولا يضر اختلافهما، ومتى أخذه الشفيع بالاجل فمات الشفيع أو المشتري وقننا يحل الدين بالموت حل الدين على الميت منهما دون صاحبه لان سبب حلوله الموت فاختص بمن وجد في حقه (مسألة) (وإن كان الثمن عرضا أعطاه مثله ان كان ذا مثل والا أعطاه قيمته) أما إذا كان من المثليات كالحبوب والادهان فهو كالاثمان قياسا عليها فيعطيه الشفيع مثلها مثلها هكذا ذكره أصحابنا وهو قول أصحاب الرأي وأصحاب الشافعي لان هذا مثل من طريق الصورة والقيمة فكان أولى من الممائل في إحداهما ولان الواجب بذل الثمن فكان مثله كبدل العرض والمتلف وان كان
مما لا مثل له كالثياب والحيوان فان الشفيع يستحق الشقس بقيمة الثمن وهذا قول: أكثر أهل العلم وبه يقول أصحاب الرأي والشافعي وحكي عن الحسن وسوار أن الشفعة لا تجب ههنا لانها تجب بمثل الثمن وهذا لا مثل له فتعذر الاخذ فلم يجب كما لو جهل الثمن ولنا أنه أحد نوعي الثمن فجاز أن تثبت به الشفعة في المبيع كالمثلى وما ذكروه لا يصح لان الثمل يكون من طريق الصورة ومن طريق القيمة كبدل المتلف (فصل) وإن كان الثمن تجب قيمته فانها تعتبر وقت البيع لانه وقت الاستحقاق والاعتبار بعد ذلك بالزايدة والنقص في القيمة، وان كان فيه خيار اعتبرت القيمة حين انقضاء الخيار واستقرار العقد لانه حين استحقاق الشفعة وبه قال الشافعي، وحكي عن مالك أنه يأخذه بقيمته يوم المحاكمة وليس بصحيح لان وقت الاستحقاق وقت العقد وما زاد بعد ذلك حصل في ملك البائع فلا يكون للمشتري وما نقص فمن
مال البائع فلا ينقص حق المشترى (مسألة) (وان اختلفا في قدر الثمن فالقول قول المشترى الا أن تكون للشفيع بينة) اذ اختلف الشفيع والمشترى في الثمن فقال المشترى اشتريته بمائة فقال الشفيع بل بخمسين فاقول قول المشترى لانه العاقد فهو أعرف بالثمن ولان الشقص ملكه فلا ينزع عنه بالدعوى بغير بينة وبهذا قال الشافعي، قان قيل فهلا قلتم القول قول الشفيع لانه غارم ومنكر للزيادة فهو كالغاصب
والمتلف والضامن نصيب شريكه إذا أعتق؟ قلنا الشفيع ليس بغارم لانه لا شئ عليه وانما يريد أن يملك الشقص بثمنه بخلاف الغاصب والمتلف والمعتق، فاما ان كان للشفيع بينة حكم له بها وكذلك ان كان للمشترى بينة حكم بها واستغنى عن يمينه ويثبت ذلك بشاهد ويمين وشهادة رجل وامرأتين، ولا تقبل شهادة البائع لانه إذا شهد للشفيع كان متهما لانه يطلب تقليل الثمن خوفا من الدرك عليه، فان أقام كل واحد منهما بينة احتمل تعارضهما لانهما يتنازعان فيما وقع عليه العقد فيصيران كمن لابينة لهما، وذكر الشريف أن بينة الشفيع تقدم لانها خارجة ويقتضيه قول الخرقى لان بينة الخارج عنده تقدم على بينة الداخل والشفيع خارج وهو قول أبي حنيفة وقال صاحباه تقدم بنية المشتري لانها ترجح بقول المشترى فانه مقدم على قول الشفيع، ويخالف الخارج والداخل لان بينة الداخل يجوز أن تكون مستندة إلى يده وفي مسئلتنا البينة تشهد على نفس العقد كشهادة بينة الشفيع ولنا أنهما بينتان تعارضتا فقدمت بينة من لا يقبل قوله عند عدمها كالداخل والخارج ويحتمل أن يقرع بينهما لانهما يتنازعان في العقد ولا يدلهما عليه فصار كالمتنازعين عينا في يد غيرهما (فصل) فان قال المشتري لا أعلم قدر الثمن فالقول قوله لان ما يدعيه ممكن يجوز أن يكون اشتراه جزافا أو بثمن نسي قدره ويحلف فإذا حلف سقطت الشفعة لانها لا تستحق بغير بدل
ولا يمكن أن يدفع إليه مالا يدعيه فان ادعى أنك فعلت ذلك تحليلا على اسقاط الشفعة حلف على نفي ذلك
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: