الفقه الحنبلي - الطلاق
* (مسألة) * (إلا أن تكون قد تزوجت أو يكون بحكم حاكم لانها إذا تزوجت فقد تعلق بها
حق الزوج الثاني فلا يقبل قوله في فسخ نكاحه والقرعة من جهة الحاكم بالفرقة لا يمكن الزوج رفعها فتقع الفرقة بالزوجين)
قال أحمد في رواية الميموني إذا كان له أربع نسوة فطلق واحدة منهن ولم يدر أيتهن طلق ويقرع بينهن فان وقت القرعة على واحدة ثم ذكر فقال هذه ترجع إليه والتي ذكر أنها التي طلق يقع الطلاق عليها فان تزوجت فهذا شئ قد مر فان كان الحاكم أقرع بينهن فلا أحب أن ترجع إليه لان الحاكم في ذلك أكثر منه، وقال أبو بكر وابن حامد تطلق المرأتان ولا يرجع إليه واحدة منهما لان الثانية حرمت بقوله وترثه ان مات ولا يرثها ويجئ على قياس قولهما ان تلزمه نفقتها ولا يحل وطؤها والاولى بالقرعة (فصل) إذا قال هذه المطلقة قبل منه لما ذكرنا وان قال هذه المطلقة بل هذه طلقتا لانه أقر بطلاق الاولى فقبل اقراره بطلاق الثانية، ولم يقبل اضرابه عن اقراره بطلاق الاولى وكذلك لو كن ثلاثا فقال هذه بل هذه بل هذه طلقن كلهن، وان قال هذه أو هذه بل هذه طلقت الثالثة وإحدى الاولتين وان قال طلقت هذه بل هذه أو هذه طلقت الاولى وإحدى الآخريين، وان قال أنت طالق أو هذه أو هذه، فقال القاضي هي كذلك وذكر أنه قول الكسائي وقال محمد بن الحسن تطلق الثانية وبقى الشك في الاولى والثالثة، ووجه الاول أنه عطف الاولى على الثانية بغير شك ثم فصل بين الثانية والثالثة بحرف الشك فيكون الشك فيهما ولو قال طلقت هذه أو هذه طلقت الثالثة وكان الشك في الاولتين ويحتمل في هاتين المسئلتين أن يكون الشك في الجميع لانه في الاولى أتى بحرف الشك بعدهما فيعود اليهما وفي المسألة الثانية عطف الثالثة على الشك فعلى هذا إذا قال طلقت هذه أو هذه وهذه طولب بالبيان فان قال هي الثالثة طلقت وحدها وان قال لم أطلقها طلقت الاولتان وان لم يبين أقرع بين الاولتين والثالثة، قال القاضي في المجرد وهذا أصح، وان قال ليست الاولى طلقت الاخيرتان كما لو قال طلقت هذه أو هاتين وليس له الوطئ قبل التعيين فان فعل لم يكن تعيينا وان ماتت إحداهما لم يتعين الطلاق في الاخرى وقال أبو حنيفة يتعين الطلاق في الاخرى لانها ماتت قبل ثبوت طلاقها ولنا أن موت إحداهما أو وطأها لا ينفي احتمال كونها مطلقة فلم يكن تعيينا لغيرها مرضها وان قال طلقت هذه وهذه وهذه والظاهر أنه طلق اثنتين لا يدري أيهما الاولتان أم الآخرتان؟ كما لو
قال طلقت هاتين أو هاتين فان قال هما الاوليان تعين الطلاق فيهما وان لم يطلق الاولتين تعين الآخرتان وان قال انما أشك في طلاق الثانية والاخريين طلقت الاولى وبقي الشك في الثلاث ومتى فسر كلامه بشئ يحتمل قبل منه.
(فصل) فان مات بعضهن أو جميعهن أقرعنا بين الجميع خرجت القرعة لها لم نورثها وان مات بعضهن قبله وبعضهن بعده فخرجت القرعة لميتة قبله حرمناه ميراثها وان خرجت لميتة بعده حرمناها ميراثه والباقيات يرثهن ويرثنه، فان قال الزوج بعد موتها هذه التي طلقتها أو قال في غير المعينة هذه التي أردتها حرم ميراثها لانه يقر على نفسه ويرث الباقيات سواء صدقه ورثتهن أو كذبوه لان علم ذلك انما يعرف من جهته لان الاصل بقاء النكاح بينهما وهم يدعون طلاقه اياها والاصل عدمه وهل يستحلف في ذلك؟ فيه روايتان، فان قلنا يستحلف فنكل حرمناه ميراثها لنكوله ولم يرث الاخرى لاقراره بطلاقها فان مات فقال ورثته لاحداهن هذه المطلقة فأقرت أو أقر ورثتها بعد موتها حرمناها ميراثه وان أنكرت أو أنكر ورثتها بقياس ما ذكرناه ان القول قولها لانها تدعي بقاء نكاحها وهم يدعون زواله والاصل معها فلا يقبل قولهم عليها الا ببينة وإن شهد اثنان من ورثته أنه طلقها قبلت شهادتهما إذا لم يكونا ممن يتوفر عليهما ميراثها ولا على من لا تقبل شهادتهم له كأمهما وجدتهما لان ميراث إحدى الزوجات لا يرجع إلى ورثة الزوج وانما يتوفر على ضرائرها وان ادعت احدى الزوجات أنه طلقها طلاقا تبين به فأنكرها فالقول قوله وان مات لم ترثه لاقرارها بانها لا تستحق ميراثه فقبلنا قولها فيما عليها دون مالها وعليها العدة لانا لم نقبل قولها فيما عليهما وهذا التفريع فيما إذا كان الطلاق يبينها فان كان رجعيا ومات في عدتها أو ماتت ورث كل واحد منهما صاحبه (فصل) إذا كان له أربع نسوة فطلق إحداهن ثم نكح أخرى بعد قضاء عدتها ثم مات ولم يعلم أيتهن طلق؟ فللتي تزوجها ربع ميراث النسوة، نص عليه أحمد ولا خلاف فيه بين أهل العلم ثم يقرع بين الاربع فأيتهن خرجت قرعتها حرمت وورثت الباقيات، نص عليه أحمد أيضا وذهب الشعبي والنخعي وعطاء الخراساني وأبو حنيفة إلى أن الباقي بين الاربع وزعم أبو عبيد أنه قول أهل الحجاز
وأهل العراق جميعا، وقال الشافعي يوقف الباقي بينهن حتى يصطلحن، ووجه الاول ما تقدم وقد قال أحمد في رواية ابن منصور في رجل له أربع نسوة فطلق واحدة منهن ثلاثا وواحدة اثنتين وواحدة واحدة ومات على أثر ذلك ولا يدرى أيتهن طلق ثلاثا وأيتهن طلق اثنتين وايتهن واحدة يقرع بينهن
فالتي أبانها تخرج ولا ميراث لها هذا إذا مات في عدتهن وكان طلاقه في صحته فانه لا يحرم الميراث الا المطلقة ثلاثا والباقيات رجعيات يرثنه في العدة ويرثن ومن انقضت عدتها منهن لم ترثه ولم يرثها ولو كان طلاقه في مرضه الذي مات فيه لورثه الجميع في العدة وفيما بعدها قبل التزويج روايتان (فصل) إذا طلق واحدة لا بعينها أو بعينها فان نسبها فانقضت عدة الجميع فله نكاح خامسة قبل القرعة وخرج ابن حامد وجها في أنه لا يصح نكاح الخامسة لان المطلقة في حكم نسائه بالنسبة إلى وجوب الانفاق عليها وحرمة النكاح في حقها ولا يصح ما قاله لاننا علمنا أن منهن واحدة بائنا منه ليس في نكاحه ولا في عدة من نكاحه فكيف تكون زوجته وانما الانفاق عليها لاجل حبسها ومنعها من التزوج بغيره لاجل اشتباهها؟ ومتى علمنا بعينها إما بتعيينه أو بقرعة فعدتها من حين طلقها لا من حين عينها، وذكر أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي أن عدتها من حين التعيين وهذا فاسد فان الطلاق وقع حين ايقاعه وثبت حكمه في تحريم الوطئ وحرمان الميراث من الزوج وحرمانه منها قبل التعيين فكذلك العدة وانما التعيين يبين لما كان وقعا فان مات الزوج قبل التعيين فعلى الجميع عدة الوفاة في قول الشعبي والنخعي وعطاء الخراساني، قال أبو عبيد وهو قول أهل الحجاز والعراق، لان كل واحدة منهن يحتمل أنها باقية على النكاح والاصل بقاؤه فتلزمها عدته والصحيح أنه يلزم كل واحدة أطول الاجلين من عدة الوفاة وعدة الطلاق لكن عدة الطلاق من حين طلق وعدة الوفاة من حين موته لان كل واحدة منهن يحتمل أن تكون عليها عدة الوفاة ويحتمل أنها المطلقة فعليها عدة الطلاق فلا تبرأ يقينا الا بأطولهما وهذا في الطلاق البائن فأما الرجعية فعليها عدة الوفاة بكل حال لانها زوجة (فصل) إذا ادعت المرأة أن زوجها طلقها فأنكرها فالقول قوله لانه منكر ولان الاصل بقاء
النكاح فان كان لها بما ادعته بينة قبلت ولا يقبل فيه إلا عدلان، ونقل ابن منصور عن أحمد أنه سئل أتجوز شهادة رجل وامرأتين في الطلاق؟ قال: لا والله إنما كان كذلك لان الطلاق ليس بمال ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال في غالب الاحوال فلم يقبل فيه إلا عدلان كالحدود والقصاص فان عدمت البينة استحلف في أصح الروايتين نقلها أبو طالب عن أحمد لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ولكن اليمين على المدعي عليه - وقوله - اليمين على من أنكر " ولانه يصح من الزوج بذله فيستحلف فيه كالمهر، ونقل ابن منصور عنه لا يستحلف في الطلاق لانه لا يقضي فيه بالنكول فلا يستحلف فيه كالنكاح إذا ادعى
زوجيتها فأنكرته فان اختلفا في عدد الطلاق فالقول قوله لما ذكرنا، فعلى هذا إذا طلق ثلاثا وسمعت ذلك فأنكر أو ثبت ذلك عندها بقول عدلين لم يحل لها تمكينه من نفسها وعليها أن تفر منه ما استطاعت وتمتنع منه إذا أرادها وتفتدي منه إن قدرت ولا تزين له ولا تقر به وتهرب إن قدرت ولا تقيم معه وهذا قول أكثر أهل العلم قال جابر بن زيد وحماد بن أبي سليمان وابن سيرين تفر منه ما استطاعت وتفتدي منه بكل ما يكن وقال الثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف تفر منه وقال مالك لا تتزين له ولا تبدي له شيئا من شعرها ولا يصيبها إلا مكرهة، وروي عن الحسن والزهري والنخعي يستحلف ثم يكون الاثم عليه، والصحيح ما قاله الاولون لان هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الاجانب، وهكذا لو ادعى نكاح امرأة كذبا وأقام بذلك شاهدي زور فحكم له الحاكم بالزوجية أو لو تزوجها تزويجا باطلا فسلمت إليه بذلك فالحكم في هذا كالحكم في المطلقة ثلاثا (فصل) ولو طلقها ثلاثا ثم جحد طلاقها لم ترثه نص عليه أحمد وبه قال قتادة وأبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وابن المنذر وقال الحسن ترثه لانها في حكم الزوجات ظاهرا ولنا أنها تعلم أنها أجنبية فلم ترثه كسائر الاجنبيات وقال أحمد في رواية أبي طالب تهرب منه ولا تتزوج حتى يظهر طلاقها ويعلم ذلك يجئ فيدعيها فترد عليه وتعاقب، وإن مات ولم يقر بطلاقها لا ترثه لا تأخذ ما ليس لها تفر منه ولا تخرج من البلد ولكن تختفي في بلدها، قيل له فان بعض الناس قال تقتله هي بمنزلة من يدفع عن نفسه فلم يعجبه ذلك فمنعها من التزوج قبل ثبوت طلاقها لانها في ظاهر
الحكم زوجة هذا المطلق فإذا تزوجت غيره وجب عليها في ظاهر الحكم العقوبة والرد إلى الاول ويجتمع عليها زوجان هذا بظاهر الامر وذلك بباطنه ولم يأذن لها في الخروج من البلد لان ذلك يقوي التهمة في نشوزها ولا في قتله قصدا لان الدافع عن نفسه لا يقتل قصدا، فأما إن قصدت الدفع عن نفسها فآل إلى نفسه فلا اثم عليها ولا ضمان في الباطن فأما في الظاهر فانها تؤخذ بحكم القتل ما لم يثبت صدقها (فصل) قال أحمد إذا طلقها ثلاثا فشهد أربعة أنها وطئها أقيم عليه الحد إنما أوجبه لانها صارت بالطلاق أجنبية فهي كسائر الاجنبيات بل هي أشد تحريما لانها محرمة وطأ ونكاحا فان جحد طلاقها ووطئها ثم قامت البينة بطلاقه فلا حد عليه وبهذا قال الشعبي ومالك وأهل الحجاز والثوري والاوزاعي وربيعة والشافعي وأبو ثور وابن المنذر لان جحده لطلاقه يوهمنا أنه نسيه وذلك شبهة
في درء والحد عنه ولا سبيل لنا إلى علم معرفته بالطلاق حالة وطئه إلا باقراره بذلك فان قال وطئتها عالما بأنني كنت طلقتها ثلاثا كان إقرارا منه بالزنا فيعتبر فيه ما يعتبر في الاقرار بالزنا * (مسألة) * (وإن طار طائر فقال إن كان هذا غرابا ففلانة طالق وإن لم يكن غرابا ففلانة طالق فهي كالمنسية والحكم فيها على ما ذكرنا فيها لانها في معناها والخلاف فيها على ما ذكرنا * (مسألة) * (وإن قال إن كان الطائر غرابا ففلانة طالق وان كان حماما ففلانة طالق لم يحكم بحنثه في واحدة منهما) لانه متيقن للنكاح شاك في الحنث فلا يزول عن يقين النكاح بالشك لانه يحتمل أنه غيرهما (فصل) إذا رأى رجلان طائرا فحلف أحدهما بالطلاق أنه غراب وحلف الآخر أنه حمام فطار ولم يعلما حاله لم يحكم بحنث واحد منهما لان يقين النكاح ثابت ووقوع الطلاق مشكوك فيه فان ادعت امرأة أحدهما حنثه فيها فالقول قوله لان الاصل واليقين في جانبه (فصل) فان قال أحد الرجلين إن كان غرابا فامرأته طالق ثلاثا وقال الآخر إن لم يكن غرابا فامرأته طالق ثلاثا فطار ولم يعلما حاله فقد حنث أحدهما لا بعينه ولا يحكم به في حق واحد منهما بعينه بل يبقى في حقه أحكام النكاح من النفقة والكسوة والسكن لان كل واحد منهما يقين نكاح باق ووقوع طلاقه مشكوك فيه، فأما الوطئ فذكر القاضي أنه يحرم عليهما لان أحدهما حانث يقينا فامرأته محرمة
عليه وقد أشكل فحرم عليهما جميعا كما لو حنث في إحدى امرأتيه لا بعينها وقال أصحاب الرأي والشافعي لا يحرم على واحد منهما وطئ امرأته لانه محكوم ببقاء نكاحه عن إحدى زوجتيه قمنا انما تحقق حنثه في واحدة غير معينة وبالنظر إلى كل واحدة مفردة فيقين نكاحها باق وطلاقها مشكوك فيه لكن لما تحققنا أن إحداهما حرام ولم يمكن تمييزها حرمتا عليه جميعا وكذلك ههنا قد علمنا أن أحد هذين الرجلين قد طلقت امرأته وحرمت عليه وتعذر التمييز فيحرم الوطئ عليهما ويصير كما لو تنجس أحد الانائين لا بعينه فانه يحرم استعمال كل واحد منهما سواء كانا لرجل واحد أو لرجلين وقال مكحول يحمل الطلاق عليهما جميعا ومال إليه أبو عبيد فان ادعى كل واحدة منهما أنه علم الحال وأنه لم يحنث دين فيما بينه وبين الله تعالى ونحو هذا قال عطاء والشعبي والزهري والحارث العكلي والثوري والشافعي لان كل واحد منهما يمكن صدقه فيما ادعاه وإن اقر كل واحد منهما أنه الحانث
طلقت زوجتاهما على أنفسهما وإن أقر أحدهما حنث وحده فان ادعت امرأة أحدهما عليه الحنث فأنكر فالقول قوله وهل يحلف؟ على روايتين * (مسألة) * (فان قال أحدهما إن كان غرابا فعبدي حر وقال الآخر ان لم يكن غرابا فعبدي حر فطار ولم يعلما حاله لم يحكم بعتق واحد من العبدين) لان الاصل بقاء الرق فان اشترى أحدهما عبد الآخر بعد أن أنكر حنث نفسه عتق الذي اشتراه لان انكاره حنث نفسه اعتراف منه بحنث صاحبه واقرار منه بعتق الذي اشتراه، وإن اشترى من أقر بحريته عتق عليه، وإن لم يكن منه انكار ولا اعتراف فقد صار العبدان في يده أحدهما حر لا يعلم عينه فيرجع في تعيينه إلى القرعة وهو قول أبي الخطاب وقال القاضي يعتق الذي اشتراه في الموضعين لان تمسكه بعبده اعتراف منه برقه وحرية صاحبه وهذا مذهب الشافعي ولنا أنه لم يعترف لفظا ولا فعل ما يلزم منه الاعتراف فان الشرع سوغ له امساك عبده مع الجهل استنادا إلى الاصل فكيف يكون معترفا مع تصريحه بأنني لا أعلم الحر منهما؟ وإنما اكتفينا في ابقاء رق عبده باحتمال الحنث في حق صاحبه فإذا صار العبدان له وأحدهما حر لا بعينه صار كأنهما كانا له فأعتق
أحدهما وحده فيقرع بينهما حينئذ، فان كان الحالف واحدا فقال إن كان غرابا فعبدي حر وإن لم يكن غرابا فامتي حرة ولم يعلم حاله فانه يقرع بينهما فيعتق أحدهما، فان ادعى أحدهما أنه الذي أعتق أو ادعى كل واحد منهما ذلك فالقول قول السيد مع يمينه (فصل) فان قال إن كان غرابا فنساؤه طوالق وإن لم يكن غرابا فعبيده أحرار ولم يعلم حاله منه من التصرف في الملكين حتى يبين وعليه نفقة الجميع فان كان غرابا طلق نساؤه ورق عبيده فان ادعى العبيد أنه لم يكن غرابا ليعتقوا فالقول قول السيد وهل يحلف؟ يخرج على روايتين، وإن لم يكن غرابا عتق عبيده ولم تطلق النساء فان ادعين أنه كان غرابا ليطلقن فالقول قوله وفي تحليفه وجهان وكل موضع قلنا يستحلف فنكل قضي عليه بنكوله وإن قال لا أعلم ما الطائر فقياس المذهب أن يقرع بينهما فان وقعت القرعة على الغراب طلق النساء ورق العبيد وإن وقعت على العبيد عتقوا ولم تطلق النساء وهذا قول أبي ثور وقال أصحاب الشافعي إن وقعت القرعة على العبيد عتقوا وإن وقعت على النساء لم يطلقن ولم يعتق العبيد لان القرعة لها مدخل في العتق لكون النبي صلى الله عليه وسلم أقرع بين العبيد الستة ولا مدخل لها في الطلاق لانه لم ينقل مثل ذلك
فيه ولا يمكن قياسه على العتق لان الطلاق حل قيد النكاح والقرعة لا تدخل في النكاح والقرعة حل الملك، والقرعة تدخل في تمييز الاملاك قالوا ولا يقرع بينهم إلا بعد موته.
قال شيخنا ويمكن أن يقال على هذا إن ما لا يصلح للتعيين في حق الموروث لا يصح في حق الوارث كما لو كانت اليمين في زوجتين ولان الاماء محرمات على الموروث تحريما لا تزيله القرعة فلم يبحن للوارث بها كما لو تعين العتق فيهن.
* (مسألة) * (إذا قال لامرأته وأجنبية إحداكما طالق، أو قال لحماته ابنتك طالق أو قال سلمى طالق، واسم امرأته سلمى، طلقت امرأته) لانه لا يملك طلاق غيرها ولانه إزالة ملك أشبه ما لو باع ماله ومال غيره صح في ماله دون غيره فان قال أردت الاجنبية لم يصدق.
قال أحمد في رجل تزوج امرأة فقال لحماته ابنتك طالق وقال أردت ابنتك الاخرى التي ليست بزوجتي فلا يقبل منه.
وقال في رواية أبي داود في رجل له امرأتان اسماهما فاطمة ماتت إحداهما فقال فاطمة طالق ينوي الميتة فقال الميتة تطلق؟ قال أبو داود كأنه أراد في الرواية الاولى أن لا نصدقه في الحكم، وفي الثانية يدين.
وقال القاضي فيما إذا نظر إلى امرأته وأجنبية فقال إحداكما طالق وقال أردت الاجنبية فهل يقبل؟ على روايتين.
وقال الشافعي يقبل ههنا ولا يقبل فيما إذا قال سلمى طالق وقال أردت أجنبية اسمها سلمى لان سلمى لا يتناول الاجنبية بصريحه بل من جهة الدليل وقد عارضه دليل آخر وهو أن لا تطلق غير زوجته فصار اللفظ في زوجته أظهر فلم يقبل خلافه.
أما إذا قال إحداكما فانه تناول الاجنبية بصريحه، وقال أصحاب الرأي وأبو ثور يقبل في الجميع لانه فسر كلامه بما يحتمله.
ولنا أنه لا يحتمل غير امرأته على وجه صحيح فلم يقبل تفسيره به كما لو فسر كلامه بما لا يحتمله وكما لو قال سلمى طالق عند الشافعي، ولا يصح ما ذكروه من الفرق فان قوله إحداكما ليس بصريح في واحدة منهما بعينها وسلمى يتناول واحدة لا بعينها ثم تعينت الزوجة لكونها محلا للطلاق وخطاب غيرها به عبث كما لو قال إحداكما طالق ثم لو تناولها بصريحه لكن صرفه عنها دليل فصار ظاهرا في غيرها فان النبي صلى الله عليه وسلم لما قال للمتلاعنين " أحداكما كاذب " لم ينصرف إلا إلى الكاذب منهما وحده ولما قال حسان يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا سفيان * فشركما لخيركما الفداء * لم ينصرف شرهما الا إلى أبي سفيان وخيرهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحده وهذا في الحكم، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فيدين فيه فمتى علم من
نفسه أنه أراد الاجنبية لم تطلق زوجته لان اللفظ محتمل له وان كان غير مقيد، ولو كانت ثم قرينة دالة على إرادته الاجنبية مثل أن يدفع بيمينه ظلما أو يتخلص بها من مكروه قبل قوله في الحكم لوجود الدليل الصارف إليها وإن لم ينو زوجته ولا الاجنبية طلقت زوجته لانها محل الطلاق واللفظ يحتملها ويصلح لها ولم يصرفه عنها فوقع بها كما لو نواها * (مسألة) * (فان نادى امرأته فأجابته امرأة له أخرى فقال أنت طالق بظنها المناداة طلقت
في إحدى الروايتين) وهو قول النخعي وقتادة والاوزاعي وأصحاب الرأي واختاره ابن حامد لانه خاطبها بالطلاق وهي محل له فطلقت كما لو قصدها (والثانية) تطلق التي ناداها وحدها وهو قول الحسن والزهري وابي عبيد، قال أحمد في رواية مهنا في رجل له امرأتان فقال فلانة أنت طالق فالتفت فإذا هي غير التي حلف عليها قال: قال ابراهيم يطلقان والحسن يقول تطلق التي نوى، قيل له ما تقول أنت، قال تطلق التي نوى وذلك لانه لم يقصدها بالطلاق فلم تطلق كما لو أراد أن يقول أنه طاهر فسبق لسانه فقال أنت طالق، وقال أبو بكر لا يختلف كلام احمد أنها لا تطلق، وقال الشافعي تطلق المجيبة وحدها لانها مخاطبة بالطلاق فطلقت كما لو لم ينو غيرها ولا تطلق المنوية لانه لم يخاطبها بالطلاق ولم يعترف بطلاقها، وهذا يبطل بما لو علم أن المجيبة غيرها فان المنوية تطلق بارادتها بالطلاق ولو لا ذلك لم تطلق بالاعتراف به لان الاعتراف بما لا يوجب لا يوجب ولان التي لم تجب مقصودة بلفظ الطلاق فطلقت كما لو علم الحال، فان قال علمت أنها غيرها وأردت طلاق المناداة طلقتا معا في قولهم جميعا، وان قال أردت طلاق الثانية وحدها طلقت وحدها لقصده لها وخطابه * (مسألة) * (وإن لقي أجنبية ظنها زوجته فقال فلانة أنت طالق فإذا هي أجنبية طلقت زوجته) نص عليه احمد وقال الشافعي لا تطلق لانه خاطب بالطلاق غيرها فلم يقع كما لو علم أنها أجنبية فقال أنت طالق ولنا أنه قصد زوجته بلفظ الطلاق واحتمل أن لا تطلق لانه لم يخاطبها بالطلاق ولا ذكر اسمها معه وإن علمها أجنبية وأراد بالطلاق زوجته طلقت وإن لم يردها بالطلاق لم تطلق (فصل) وإن لقي امرأته فظنها أجنبية فقال أنت طالق أو تنحي يا مطلقة أو لقي أمته فظنها أجنبية فقال أنت حرة أو تنحي يا حرة فقال أبو بكر فيمن لقي امرأة فقال تنحي يا مطلقة أو يا حرة
وهو لا يعرفها فإذا هي زوجته أو أمته لا يقع بهما طلاق ولا حرية لانه لم يردهما بذلك فلم يقع بهما شئ
كسبق اللسان إلى ما لم يرده ويحتمل أن لا تعتق الامة لان عادة الناس مخاطبة من لا يعرفها بقوله يا حرة وتطلق الزوجة لعدم العادة في المخاطبة بقوله يا مطلقة * (كتاب الرجعة) * وهي ثابتة بالكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء - إلى قوله - وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا) والمراد به الرجعة عند جماعة العلماء وأهل التفسير، وقال تعالى (إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف) أي بالرجعة ومعناه إذا قاربن بلوغ أجلهن أي انقضاء عدتهن وأما السنة فروى ابن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال " مره فليراجعها " متفق عليه.
وروى أبو داود عن عمر قال: ان النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها، وأجمع أهل العلم على أن الحر إذا طلق الحرة دون الثلاث أو العبد إذا طلق واحدة أن لهما الرجعة في العدة ذكره ابن المنذر
* (مسألة) * (إذا طلق الحر امرأته بعد دخوله بها أقل من ثلاث أو العبد واحدة بغير عرض والامر يقتضي بينونتها فله رجعتها ما دامت في العدة رضيت أو كرهت لما ذكرنا) أجمع على ذلك أهل العلم وأجمعوا على انه لا رجعة له عليها بعد قضاء عدتها وقد ذكرنا ان الطلاق معتبر بالرجال فيكون له رجعتها ما لم يطلقها ثلاثا كالحرة وفيما إذا طلق الامة اثنتين خلاف ذكرناه فيما مضى، ولا يعتبر في الرجعة رضا المرأة في ذلك لقول الله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) أي في العدة فجعل الحق لهم، وقال سبحانه (فأمسكوهن بمعروف) فخاطب الازواج بالامر ولم يجعل لهن اختيارا، ولان الرجعة امساك للمرأة بحكم الزوجية فلم يعتبر رضاها في ذلك كالتي في صلب نكاحه وأجمع أهل العلم على هذا وللعبد بعد الواحدة ما للحر قبل الثلاث، وقد أجمع العلماء على ان للعبد رجعة امرأته بعد الطلقة الواحدة إذا وجدت شروطها، فإذا طلقها ثانية فلا رجعة له سواء كانت امرأته حرة
أو أمة لان طلاق العبد اثنتان وفي هذا خلاف ذكرناه فيما مضى * (مسألة) * (وألفاظ الرجعة راجعت امرأتي أو رجعتها أو ارتجعتها أو رددتها أو أمسكتها) لان هذه الالفاظ ورد بها الكتاب والسنة فالرد والامساك ورد بهما الكتاب بقوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) وقال (فامسكوهن بمعروف) يعني الرجعة، والرجعة وردت بها السنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم " مره فليراجعها " وقد اشتهر هذا الاسم فيها بين أهل العرف كاشتهار اسم الطلاق فيه فانهم
يسمونها رجعة والزوجة رجعية قال شيخنا) ويتخرج أن يكون لفظها هو الصريح وحده لاشتهاره دون غيره كقولنا في صريح الطلاق (فصل) والاحتياط أن يقول اشهدا علي أني قد راجعت زوجتي إلى نكاحي أو زوجيتي أو راجعتها لما وقع عليها من طلاقي * (مسألة) * (فان قال نكحتها أو تزوجتها فليس هو بصريح فيها وهل تحصل الرجعة به؟ فيه وجهان) (أحدهما) لا تحصل به لان هذا كناية والرجعة استباحة بضع مقصود فلا يحصل بالكناية كالنكاح (والثاني) تحصل به الرجعة أومأ إليه احمد واختاره ابن حامد لان الاجنبية تباح به فالرجعية أولى فعلى هذا يحتاج أن ينوي به الرجعة لان ما كان كناية تعتبر له النية ككنايات الطلاق (فصل) فان قال راجعتك لصحبة أو للاهانة وقال أردت أنني راجعتك لمحبتي إياك أو اهانة لك صحت الرجعة لانه أتى بالرجعة وبين سببها، وان قال أردت أنني كنت أهينك أو أحبك وقد رددتك بفرقي إلى ذلك فليس برجعة، وان أطلق ولم ينو شيئا صحت الرجعة ذكره القاضي لانه أتى بصريح الرجعة وضم إليه ما يحتمل أن يكون سببا ويحتمل غيره فلا يزول اللفظ عن مقتضاه بالشك وهذا مذهب الشافعي * (مسألة) * (وهل من شرطها الاشهاد؟ على روايتين)
وجملة ذلك أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي ولا صداق ولا رضى المرأة ولا علمها باجماع أهل العلم
لان حكم الرجعية حكم الزوجات لما نذكره والرجعية امساك لا واستبقاء لنكاحها ولهذا سمى الله تعالى الرجعة امساكا وتركها فراقا وسراحا فقال (فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) وفي رواية أخرى (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) وانما تشعث النكاح بالطلقة وانعقد لها سبب زواله فالرجعة تزيل شعثه وتقطع مضيه إلى البينونة فلم تحتج لذلك إلى ما يحتاج إليه ابتداء النكاح.
فأما الاشهاد ففيه روايتان (احداهما) يجب، وهذا أحد قولي الشافعي لان الله تعالى قال (فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم) فظاهر الامر الوجوب ولانه استباحة بضع مقصود فوجبت الشهادة فيه كالنكاح وعكسه البيع.
(والرواية الثانية) لا تجب الشهادة وهي اختيار أبي بكر وقول مالك وأبى حنيفة لانها لا تفتقر إلى قبول فلم تفتقر إلى شهادة كسائر حقوق الزوج ولان ما لا يشترط فيه الولى لا يشترط فيه الاشهاد كالبيع وهذه أولى إن شاء الله تعالى ويحمل الامر على الاستحباب ويؤكد ذلك أن الامر بالشهادة عقيب قوله (أو فارقوهن) فهو يرجع إلى أقرب المذكورين يقينا ولا تجب الشهادة فيه فكذلك ما قبله وهو قوله (فامسكوهن) بطريق الاولى ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب الاشهاد فان قلنا هو شرط فانه يعتبر وجوده
حال الرجعة فان ارتجع بغير اشهاد لم يصح لان المعتبر وجودها في الرجعة دون الاقرار بها إلا أن يقصد بذلك الاقرار الاتجاع فيصح * (مسألة) * (والرجعية زوجة يلحقها الطلاق والظهار والايلاء ولعانه ويرث أحدهما صاحبه ان مات بالاجماع وان خالعها صح خلعه) وقال الشافعي في أحد قوليه لا يصح لانه يراد للتحريم وهي محرمة.
ولنا أنها زوجة يصح طلاقها فصح خلعها كما قبل الطلاق وليس مقصود الخلع التحريم بل الخلاص من الزوج ونكاحه الذي هو سببه والنكاح باق ولا يأمن رجعته على أننا نمنع كونها محرمة.
* (مسألة) * (ويباح لزوجها وطؤها والحلوة والسفر بها ولها أن تتزين له وتتشرف له) قال القاضي هذا ظاهر المذهب.
قال أحمد في رواية أبي طالب لا تحتجب عنه، وفي رواية
أبي الحارث تتشرف له ما كانت في العدة فظاهر هذا أنها مباحة له له أن يسافر بها ويخلو بها ويطؤها وهذا مذهب أبي حنيفة لانها في حكم الزوجات فأبيحت له كما قبل الطلاق.
وعن احمد رحمه الله أنها ليست مباحة ولا تحصل الرجعة بوطئها وان أكرهها عليه فلها المهر إن لم يرتجعها بعده وهو ظاهر كلام الخرقي ومذهب الشافعي وحكي ذلك عن عطاء ومالك لانها مطلقة فكانت محرمة كما لو طلقها بعوض واحدة ولا حد عليه بالوطئ وإن قلنا انها محرمة لا ينبغي أن يلزمه مهر سواء
راجع أو لم يراجع لانه وطئ زوجته التي يلحقها طلاقه فلم يكن عليه مهر كسائر الزوجات ويفارق ما إدا وطئ الزوج بعد اسلام أحدهما في العدة حيث يجب المهر إذا لم يسلم الآخر في العدة لانه إذا لم يسلم تبينا أن الفرقة وقعت من حين اسلام الاول وهي فرقة فسخ تبين به من نكاحه فاشبهت التي أرضعت من ينفسخ نكاحها برضاعه وفي مسئلتنا لا تبين إلا بانقضاء العدة فافترقا وقال أبو الخطاب إذا أكرهها على الوطئ وجب عليه المهر عند من حرمها وهو الذي ذكره شيخنا في الكتاب المشروح وهو المنصوص عن الشافعي لانه وطئ حرمه الطلاق فوجب به المهر كوطئ المختلعة في عدتها والاول أولى لظهور الفرق بينهما فان البائن ليست زوجة له وهذه زوجة يلحقها طلاقه وقياس الزوجة على الاجنبية في الوطئ وأحكامه بعيدة.
(فصل) فإذا قلنا انها مباحة حصلت الرجعة وطئها سواء نوى الرجعة أو لم ينو، اختارها ابن حامد والقاضي وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس والزهري والثوري والازاعي وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي، قال بعضهم..ويشهد، وقال مالك واسحاق يكون رجعة إذا أراد به الرجعة لان هذه مدة تفضي إلى بينونة فترتفع بالوطئ كمدة الايلاء ولان الطلاق سبب الزوال الملك ومعه خيار فتصرف الملك بالوطئ يمنع عمله كوطئ البائع الامة المبيعة في مدة الخيار وكما ينقطع به التوكيل في طلاقها
* (مسألة) * (ولا تحصل بمباشرتها والنظر إلى فرجها والخلوة بها الشهرة)
نص عليه أحمد وخرجه ابن حامد على وجهين مبنيين على الروايتين في تحريم المصاهرة به أحدهما هو رجعة، وبه قال الثوري وأصحاب الرأي لانه استمتاع يباح بالزوجية فحصلت الرجعة به كالوطئ (والثاني) ليس برجعة لانه أمر لا يتعلق به إيجاب عدة ولا مهر فلا تحصل به الرجعة كالنظر فأما الخلوة بها فليست برجعة لانه ليس باستمتاع وهذا اختيار أبي الخطاب وحكي عن غيره من أصحابنا أن الرجعة تحصل به لانه معنى يحرم من الاجنبية ويحل من الزوجة فحصلت به الرجعة كالاستمتاع والصحيح أن الرجعة لا تحصل بها لانها لا تبطل خيار المشتري للامة كاللمس لغير شهوة فأما اللمس للشهوة والنظر كذلك ونحوه فليس برجعة لانه يجوز في غير الزوجة عند الحاجة فأشبهت الحديث معها (فصل) وان قلنا ليست مباحة لم تحصل الرجعة بوطئها ولا تحصل إلا بالقول، وهذا مذهب الخرقي لقوله والمراجعة أن يقول لرجلين من المسلمين اشهدا أني قد راجعت امرأتي، وهذا مذهب الشافعي لانها استباحة بضع مقصود وأمر بالاشهاد فيه فلم يحصل من القادر بغير قول كالنكاح ولان غير القول فعل من قادر على القول فلم تحصل به الرجعة كالاشارة من الناطق وهو رواية عن أحمد * (مسألة) * (ولا يصح تعليق الرجعة على شرط لانه استباحة فرج مقصود فأشبه النكاح) فلو قال راجتك ان شئت لم يصح لذلك ولو قال كلما طلقتك فقد راجعتك لم يصح أيضا لانه راجعها
قبل أن يملك الرجعة فأشبه الطلاق قبل النكاح وان قال ان قدم أبوك فقد راجعتك لم يصح لانه تعليق على شرط فان راجعها في الردة من أحدهما لم يصح، ذكره أبو الخطاب وهو صحيح مذهب الشافعي لانه استباحة بضع مقصود فلم يصح مع الردة كالنكاح ولان الرجعة تفرير للنكاح والردة تنافي ذلك فلم يصح اجتماعهما، وقال القاضي ان قلنا بتعجيل الفرقة بالردة لم تصح الرجعة لانها قد بانت بها وان قلنا لا تتعجل الفرقة فالرجعة موقوفة، فان أسلم المرتد منهما في العدة صحت الرجعة لانا تبينا أنه ارتجعها في نكاحه ولانه نوع امساك فلم تمنع منه الردة كما لو لم يطلق وان لم يسلم في العدة تبينا أن الفرقة وقعت قبل الرجعة وهذا قول المزني واختيار ابن حامد وهكذا ينبغي أن يكون فيما إذا راجعها بعد اسلام أحدهما
(فصل) قد ذكرنا أن من طلق طلاقا بغير عوض فله رجعة زوجته ما دامت في العدة إذا كان طلاق الحر أقل من ثلاث أو العبد واحدة فعلى هذا ان كانت حاملا باثنين فوضعت أحدهما فله مراجعتها ما لم تضع الثاني، هذا قول عامة العلماء إلا أنه حكي عن عكرمة أن العدة تنقضي بوضع الاول وما عليه سائر أهل العلم أصح فان العدة لا تنقضي إلا بوضع الحمل كله لقول الله تعالى (وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن) واسم الحمل متناول لكل ما في البطن فتبقى العدة مستمرة إلى حين وضع باقي الحمل فتبقى الرجعة ببقائها ولان العدة لو انقضت بوضع بعض الحمل لحل لها التزويج وهي
حامل من زوج آخر ولا قائل به، قال شيخنا وأظن أن قتادة ناظر عكرمة في هذا فقال عكرمة تنقضي عدتها بوضع أحد الولدين فقال له قتادة أيحل لها أن تتزوج؟ قال.
لا قال خصم العبد ولو خرج بعض الولد فارتجعها قبل أن تضع باقيه صح لانها لم تضع جميع حملها فصارت كمن ولدت أحد الولدين * (مسألة) * (وان طهرت من الحيضة الثالثة ولم تغتسل فهل له رجعتها؟ على روايتين) وجملة ذلك أنه إذا نقطع حيض المرأة المعتدة في المرة الثالثة ولما تغتسل فهل تنقضي عدتها بطهرها فيه روايتان ذكرهما ابن حامد [ إحداهما ] لا تنقضي حتى تغتسل ولزوجها رجعتها في ذلك، وهذا ظالم كلام الخرقي فانه قال في العدد فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة أبيحت للازواج وبه قال كثير من أصحابنا روي ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود وسعيد بن المسيب والثوري وأبي عبيد وروي نحوه عن أبى بكر الصديق وأبي موسى وعبادة وأبي الدرداء رضي الله عنهم وروي عن شريك له الرجعة وان فرطت في الغسل عشرين سنة لانه قول من سمينا من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعا ولان أكثر أحكام الحيض لا تزول إلا بالغسل فكذا هذا، والرواية الثانية أن العدة تنقضي بمجرد الطهر قبل الغسل وهو قول طاوس وسعيد بن جبير والاوزاعي واختاره أبو الخطاب لقول الله تعالى (والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء) والقرء الحيض وقد زالت فيزول التربص وفيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " وقرء الامة الحيضان "
وقال " دعي الصلاة أيام اقرائك " أي أيام حيضك ولان انقضاء العدة تتعلق به بينونتها من الزوج وحلها من غيره فلم يتعلق بفعل اختياري من جهة المرأة بغير تعليق الزوج كالطلاق وسائر العدد ولانها لو تركت الغسل اختيارا أو لجنون أو نحوه لم تحل فاما ان يقال بقول شريك إنها تبقى معتدة ولو بقيت عشرين سنة وذلك خلاف قول الله تعالى (ثلاثة قروء) فان عدتها تصير أكثر من مائتي قرء أو يقال تنقضي العدة قبل الغسل والله أعلم (فصل) إذا تزوجت الرجعية في عدتها وحملت من الزوج الثاني انقطعت عدة الاول بوطئ الثاني وهل يملك الزوج رجعتها في مدة الحمل؟ يحتمل وجهين (أولهما) أن له رجعتها لانها لم تنقض عدته فحكم نكاحه باق بأن يلحقها طلاقه وظهاره، وإنما انقطعت عدته لعارض فهو كما لو وطئت في صلب نكاحه فانها تحرم عليه ويبقى سائر أحكام الزوجية ولانه يملك ارتجاعها إذا عادت إلى عدته فملكه قبل ذلك كما لو ارتفع حيضها في أثناء عدتها (والوجه الثاني) ليس له رجعتها لانها ليست في عدته فإذا وضعت الحمل انقضت عدة الثاني وبنت على ما مضى من عدة الاول وله ارتجاعها حينئذ وجها واحدا ولو كانت في نفاسها لانها بعد الوضع تعود إلى عدة الاول وإن لم تحتسب به فكان له الرجعة فيه كما لو طلق حائضا فان له رجعتها في حيضها وإن كانت لا تعتد بها، وإن حملت حملا يمكن أن يكون منهما فعلى الوجه الذي لا يملك رجعتها في حملها
من الثاني إذا رجعها في هذا الحمل ثم بان أنه من الثاني لم يصح فان بان من الاول احتمل أن لا يصح لانه راجعها في عدتها منه واحتمل أن لا تصح لانه راجعها مع الشك في إباحة الرجعة والاول أصح فان الرجعة ليست بعبادة ببطلها الشك في صحتها وعلى أن العبادة تصح مع الشك فيما إذا نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها فصلى خمس صلوات فان كل صلاة يشك في أنها هل هي المنسية أو غيرها؟ لو شك في الحدث فتطهر ينوي رفع الحدث صحت طهارته وارتفع حدثه فههنا أولى فان راجعها بعد الوضع وبان الحمل من الثاني صحت رجعته وإن بان من الاول لم تصح لان العدة انقضت بوضعه * (مسألة) * (وإن انقضت عدتها ولم يرتجعها بانت ولا تحل إلا بنكاح جديد) لقول الله سبحانه
(وبعولتهن أحق بردهن) يريد الرجعة عند جماعة أهل التفسير في ذلك أي في العدة، وأجمع أهل العلم على أن المرأة إذا طلقها زوجها فلم يرتجعها حتى انقضت عدتها أنها تبين منه فلا تحل له إلا بنكاح جديد * (مسألة) * (وتعود على ما بقي من طلاقها سواء رجعت بعد نكاح زوج غيره أو قبله وعنه أنها إن رجعت بعد نكاح زوج غيره رجعت بطلاق ثلاث) وجملة ذلك أن المطلقة لا تخلو من أحد ثلاثة أحوال (أحدها) أن يطلقها دون الثلاث ثم تعود إليه برجعة أو نكاح جديد قبل زوج ثان فهذه تعود إليه على ما بقي من طلاقها بغير خلاف علمناه
(والثاني) أن يطلقها ثلاثا فتنكح زوجا غيره ويصيبها ثم تزوجها الاول فهذه تعود بطلاق ثلاث باجماع من أهل العلم حكاه ابن المنذر (الثالث) طلقها دون الثلاث فقضت عدتها ثم نكحت غيره ثم تزوجها الاول ففيها روايتان (أظهرهما) أنها تعود إليه على ما بقي من الثلاث وهو قول الاكثر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عمر وعلي وأبي ومعاذ وعمران بن حصين وأبو هريرة وزيد وعبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهم وبه قال سعيد بن المسيب وعبيدة والحسن ومالك والثوري وابن أبي ليلى والشافعي واسحاق وأبو عبيد وأبو ثور ومحمد بن الحسن وابن المنذر (والرواية الثانية) عن أحمد أنها ترجع إليه عن طلاق ثلاث وهو قول ابن عمر وابن عباس وعطاء والنخعي وشريح وأبي حنيفة وأبي يوسف لان وطئ الثاني يهدم الطلقات الثلاث فأولى أن يهدم ما دونها ولنا أن وط الثاني لا يحتاج إليه في الاحلال للزوج الاول فلا يغير حكم الطلاق كوطئ السيد ولانه تزويج قبل استيفاء الثلاث فأشبه ما لو رجعت إليه قبل وطئ الثاني وقولهم ان وطئ الثاني يثبت الحل لا يصح لوجهين (أحدهما) منع كونه مثبتا للحل أصلا وانما هو في الطلاق الثلاث غاية التحريم بدليل قوله تعالى (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) وحتى للغاية وإنما سمى النبي صلى الله عليه وسلم الزوج الذي قصد الحيلة محللا تجوزا بدليل أنه لبنه ومن أثبت حلالا لم يستحق لعنا (والثاني) أن
الحل إنما يثبت في محل فيه تحريم وهي المطلقة ثلاثا وههنا هي حلال له فلا يثبت فيها حل وقولهم انه
بهدم الطلاق قلنا بل هو غاية لتحريمه وما دون الثلاث لا تحريم فيها فلا يكون غاية له * (مسألة) * (وإن ارتجعها في عدتها وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم فاعتدت ثم تزوجت من أصابها ردت إليه ولا يطؤها حتى تنقضي عدتها في احدى الروايتين والاخرى هي زوجة الثاني) وجملة ذلك أن زوج الرجعية إذا راجعها من حيث لا تعلم صحت المراجعة لانها لا تفتقر إلى رضاها فلم تفتقر إلى علمها كطلاقها فإذا راجعها ولم تعلم فانقضت عدتها وتزوجت ثم جاء وادعى أنه كان راجعها قبل انقضاء عدتها وأقام البينة على ذلك ثبت أنها زوجته وأن نكاح الثاني فاسد لانه تزوج امرأة غيره وترد إلى الاول سواء دخل بها أو لم يدخل وهذا هو الصحيح وهو قول أكثر الفقهاء منهم الثوري والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي وروي ذلك عن علي رضي الله عنه.
وروي عن أبي عبد الله رحمه الله رواية ثانية ان دخل بها الثاني فهي امرأته ويبطل نكاح الاول روي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو قول مالك، وروي معناه عن سعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن القاسم ونافع لان كل واحد منهما عقد عليها وهي ممن يجوز العقد عليها في الظاهر ومع الثاني مزية الدخول فقدم بها ولنا أن الرجعة قد صحت وتزوجت وهي زوجة الاول فلم يصح نكاحها كما لو لم يطلقها، إذا ثبت هذا فان كان الثاني ما دخل بها فرق بينهما وردت إلى الاول ولا شئ على الثاني وان كان دخل بها فلها عليه مهر المثل لان هذا وطئ شبهة وتعتد ولا تحل للاول حتى تقضي عدتها منه فان كان أقام البينة
قبل دخول الثاني بها ردت إلى الاول بغير خلاف في المذهب وهي احدى الروايتين عن مالك، وأما ان تزوجها مع علمها بالرجعة أو علم أحدهما فالنكاح باطل بغير خلاف والوطئ محرم على من علم وحكمه حكم الزاني في الحد وغيره لانه وطئ امرأة غيره مع علمه (فصل) وان لم يكن للمدعي بينة بالرجعة فأنكره أحدهما لم يقبل قوله فان أنكراه جميعا فالنكاح صحيح في حقهما وان اعترفا له بالرجعة ثبتت والحكم فيه كالحكم فيما إذا قامت به البينة سواء في أنها ترد إليه، وان أقر له الزوج وحده فقد اعترف بفساد نكاحه فتبين منه وعليه المهر ان كان دخل بها أو نصفه ان كان لم يدخل بها لانه لا يصدق على المرأة في اسقاط حقها عنه ولا تسلم المرأة إلى المدعي
لانه لا يقبل قول الزوج الثاني عليها وانما يقبل في حقه ويكون القول قولها، وهل هو مع يمينها أولا؟ على وجهين.
قال شيخنا ولا تستحلف لانها لو أقرت لم يقبل اقرارها فإذا أنكرت لم تجب اليمين وفيه وجه آخر أنها تجب عليها، وان اعترفت المرأة وأنكر الزوج لم يقبل اعترافها على الزوج في فسخ نكاحه لان قولها انما يقبل على نفسها في حقها وهل يستحلف؟ يحتمل وجهين (أحدهما) لا يستحلف اختاره القاضي لانه دعوى في النكاح فلم يستحلف كما لو ادعى زوجية امرأة فأنكرته (والثاني) يستحلف قال القاضي وهو قول الخرقي لعموم قوله عليه السلام " ولكن اليمين على المدعى عليه " ولانه دعوى في حق آدمي فيستحلف فيه كالمال فان حلف فيمينه على نفي
العلم لانه على نفي فعل الغير فإذا زال نكاحه بطلاق أو فسخ أو موت رددت إلى الاول من غير عقد لان المنع من ردها انما كان لحق الثاني فإذا زال زال المنع وحكم بأنها زوجة الاول كما لو شهد بحرية عبد ثم اشتراه عتق عليه ولا يلزمها للاول مهر بحال، وذكر القاضي أن له عليها مهرا وهو قول بعض أصحاب الشافعي لانها أقرت أنها حالت بينه وبين بضعها بغير حق فاشبه شهود الطلاق إذا رجعوا ولنا أن ملكها استقر على المهر فلم يرجع به عليها كما لو ارتدت أو أسلمت أو قتلت نفسها فان ماتت الاول وهي في نكاح الثاني فينبغي أن ترثه لاقراره بزوجيتها واقرارها بذلك وان ماتت لم يرثها لانها لا تصدق في ابطال ميراث الزوج الثاني كما لم تصدق في ابطال نكاحه ويرثها الزوج الثاني لذلك وان مات الزوج الثاني لم ترثه لانها تنكر صحة نكاحه فتنكر ميراثه * (مسألة) * وإن ادعت المرأة انقضاء عدتها قبل قولها إذا كان ممكنا إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل الا ببينة) وجملة ذلك أن المرأة إذا ادعت انقضاء عدتها في وقت يمكن انقضاوها فيها قبل قولها لقول الله تعالى (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) قيل في التفسير هو الحيض والحمل ولو لا أن قولهن مقبول لم يحرجن بكتمانه، ولانه أمر تختص بمعروفته فكان القول قولها فيه كالنية من الانسان فيما تعبر فيه النية أو أمر لا يعرف إلا من جهتها قبل قولها فيه كما يجب على التابعي قبول خبر الصحابي عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأما ما تنقضي به العدة فهو ثلاثة أقسام: (الاول) أن تدعي انقضاء عدتها بالقروء وهو ينبني على الخلاف في اقل الطهر بين الحيضتين وعلي الخلاف في أقل الحيض وهل الاقراء الحيض أو الطهر، فان قلنا هي الحيض وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما، فأقل ما تنقضي به العدة تسعة وعشرون يوما ولحظة وذلك أن يطلقها مع آخر الطهر ثم تحيض بعده يوما وليلة ثم تطهر ثلاثة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر ثلاثة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر لحظة ليعرف بها انقطاع الحيض وان لم تكن هذه اللحظة من عدتها فلا بد منها لمعرفة انقطاع حيضتها ولو صادفتها رجعته لم تصح ومن اعتبر الغسل في انقضاء العدة فلا بد من وقت يمكن الغسل فيه بعد انقطاع الحيض، وإن قلنا القروء الحيض وأقل الطهر خمسة عشر يوما فأقل ما تنقضي به العدة ثلاثة وثلاثون يوما لحظة تزيد أربعة أيام في الطهرين، وإن قلنا القروء الاطهار وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما فان العدة تنقضي بثمانية وعشرين يوما ولحظتين وهو أن يطلقها في آخر لحظة من طهرها فتحتسب بها قزءا ثم تحتسب طهرين آخرين ستة وعشرين يوما وبينهما حيضتين يومين فإذا طعنت في الحيضة الثالثة لحظة انقضت عدتها وان قلنا الطهر خمسة عشر يوما زدنا على هذا أربعة أيام في الطهرين فيكون اثنين وثلاثين يوما لحظتين وهذا قول الشافعي، فان كانت أمة انقضت عدتها بخمسة عشر يوما ولحظة على الوجه الاول وتسعة عشر يوما ولحظة على الوجه الثاني وباربعة عشر يوما ولحظتين على الوجه الثالث وبستة عشر يوما ولحظتين على الوجه الرابع فمتى ادعت انقضاء عدتها بالقروء في أقل من هذا لم يقبل قولها عند أحد فيما أعلم لانه لا يحتمل صدقها
* (مسألة) * (فان ادعت انقضاء عدتها بالقروء في أقل من شهر لم يقبل الا بينة) لان شريحا قال إذا ادعت أنها حاضت ثلاث حيض في شهر وجاءت بينة من النساء العدول من بطانة أهلها ممن يرضى صدقه وعدله أنها رأت ما يحرم عليها الصلاة من الطمث وتغتسل عند كل قرء وتصلي فقد انقضت عدتها والا فهي كاذبة فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالون ومعناه بالرومية أصبت أو أحسنت فأخذ أحمد بقول على في الشهر فان ادعت ذلك في أكثر من شهر صدقها لانها أونمنت على ذلك وانما لم
يصدقها في الشهر لان حيضها ثلاث مرات فيه يندر جدا فرجع بينة ولا يندر فيما زاد على الشهر كندرته فيه، وقال الشافعي لا يقبل قولها في أقل من اثنين وثلاثين يوما ولحظتين لانه لا يتصور عنده في أقل من ذلك وقال أبو حنيفة لا يقبل في أقل من ستين يوما وقال صاحباه لا يقبل في أقل من تسعة وثلاثين يوما ولحظتين لان أقل الحيض عندهم ثلاثة ايام فثلاث حيض تسعة أيام وطهران ثلاثون، والخلاف في هذا مبني على أقل الحيض وأقل الطهر وفي القرء ما هو، ومما يدل عليه في الجملة قبول علي وشريح بينتها على انقضاء عدتها في شهر ولو لا تصوره لما قبلت عليه بينة ولا سمعت فيه دعوى، ولا يتصور الا بما قلنا، وأما إذا ادعت القضاء عدتها في أقل من ذلك لم تسمع دعواها ولا يصغى إلى بينتها لاننا نعلم كذبها فان بقيت على
دعواها حتى أتى عليها ما يمكن صدقها فيه نظرنا فان بقيت على دعواها المردودة لم يسمع قولها لانها تدعي محالا، وإن ادعت أنها انقضت عدتها في هذه المدة كلها أو فيما يمكن منها قبل قولها لانه أمكن صدقها، ولا فرق في ذلك بين الفاسقة والمرضية والمسلمة والكافرة لان ما يقبل فيه قول الانسان على نفسه لا يختلف باختلاف حاله كاخباره عن نيته فيما تعتبر فيه نيته.
(فصل) فان ادعت انقضاء عدتها بوضع الحمل فان ادعته لتمام لم يقبل قولها في أقل من ستة أشهر من حين امكان الوطئ بعد العقد (1) لان أقل سقط تنقضي به العدة ما أتى عليه ثمانون يوما لانه يكون نطفة أربعين يوما وعلقة مثل ذلك ثم يصير مضغة بعد الثمانين ولا تنقضي به العدة قبل ان يصير مضغة بحال، وهذا ظاهر قول الشافعي، فأما ان ادعت انقضاء عدتها بالشهور فلا يقبل قولها فيه لان الخلاف في ذلك ينبني على الاختلاف في الطلاق والقول قول الزوج فيه فيكون القول قوله فيما ينبني عليه إلا أن يدعي انقضاء عدتها ليسقط عن نفسه نفقتها مثل أن يقول طلقتك في شوال فتقول هي بل في ذي القعدة فالقول قولها لانه يدعي ما يسقط النفقة والاصل وجوبها فلا يقبل الا بينة، فان ادعت ذلك ولم يكن لها نفقة قبل قولها لانها تقر على نفسها بما هو أغلظ وإن انعكس الحال فقال طلقتك في ذي القعدة فلي رجعتك قالت بل طلقتني في شوال
__________
(1) قوله بعد العقد لانه لا يكمل في أقل من ذلك وان ادعت انها أسقطته لم يقبل قولها في أقل من ثمانين يوما من حين امكان الوطئ بعد عقد النكاح لها من المغني
فلا رجعة لك فالقول قوله لان الاصل بقاء نكاحه ولان القول قوله في اثبات الطلاق ونفيه فكذلك في وقته، إذا ثبت ذلك فكل موضع قلنا القول قولها فأنكرها الزوج فقال الخرقي عليها اليمين، وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد وقد أومأ إليه أحمد في رواية أبي طالب، وقال القاضي قياس المذهب ان لا يجب عليه يمين وقد أوما إليه أحمد أيضا فقال لا يمين في نكاح ولا طلاق وهو قول أبي حنيفة لان الرجعة لا يصح بذلها فلا تستحلف فيها كالحدود والاول أولى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " اليمين على المدعى عليه " ولانه حق آدمي يمكن صدق مدعيه فتجب اليمين فيه كالاموال فان نكلت عن اليمين فقال القاضي لا يقضى بالنكول لانه لا يصح بذله.
قال شيخنا ويحتمل أن يستحلف الزوج وله رجعتها على القول برد اليمين على المدعي لانه لما وجد النكول منها ظهر صدق الزوج وقوي جانبه واليمين تشرع في حق من قوي جانبه ولذلك شرعت في حق المدعي عليه لقوة جانبة باليد في العين وبالاصل في براءة الذمة في الدين وهو مذهب الشافعي (فصل) إذا ادعى الزوج في عدتها أنه كان راجعها أمس أو منذ شهر قبل قوله لانه لما ملك الرجعة ملك الاقرار بها كالطلاق وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم فان قال بعد انقضاء عدتها كنت راجعتك في عدتك فأنكرت فالقول قولها باجماعهم لانه ادعاها في زمن لا يملكها والاصل عدمها وحصول البينونة.
* (مسألة) * (إذا قالت انقضت عدتي فقال قد كنت راجعتك فالقول قولها) وجملة ذلك أنه إذا كان اخلافهما في زمن يمكن فيه انقضاء عدتها وبقاؤها فبدأت فقالت انقضت عدتي فقال قد كنت راجعتك فأنكرته فالقول قولها لان خبرها بانقضاء عدتها مقبول لامكانه فصارت دعواه للرجعة بعد الحكم بانقضاء عدتها فلم تقبل.
* (مسألة) * وان سبق فقال ارتجعتك فقالت قد انقضت عدتي قبل رجعتك فانكرها فالقول قوله) ذكره القاضي لما ذكرنا وهو أحد الوجوه لاصحاب الشافعي وظاهر كلام الخرقي أن قولها مقبول
سواء سبقها بالدعوى أو سبقته وهو وجه ثان لاصحاب الشافعي لان الظاهر البينونة والاصل عدم الرجعة فكان الظاهر معها ولان من قبل قوله سابقا كان كذلك مسبوقا كسائر من يقبل قوله ولهم وجه ثالث أن القول قول الزوج بكل حال لان المرأة تدعي ما يرفع النكاح وهو ينكره فكان القول قول من أنكره بخلاف ما قاسوا عليه.
* (مسألة) * (وان تداعيا معا قدم قولها) لان خبرها بانقضاء عدتها يكون بعد انقضائها فيكون قوله بعد العدة فلا يقبل وقيل يقدم من تقع
له القرعة ذكره أبو الخطاب احتمالا والصحيح الاول (فصل) فان اختلفا في الاصابة فقال قد أصبتك فلي رجعتك فانكرته أو قالت قد أصابني فلي المهر كاملا فالقول قول المنكر منهما لان الاصل معه فلا يزول الا بيقين وليس له رجعتها في الموضعين لانه إن أنكر الاصابة فهو يقر على نفسه بينونتها وأنه لا رجعة له عليها وان أنكرتها هي فالقول قولها ولا تستحق الا نصف المهر وان انكرها فالقول قوله هذا إذا كان المهر غير مقبوض فان كان اختلافهما بعد قبضها له وادعى اصابتها فانكرته لم يرجع عليها بشئ لانه يقر لها به ولا يدعيه وإن كان هو المنكر رجع عليها بنصفه وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي فان قيل فلم قبلتم قول المولي والعنين في الاصابة ولم تقبلوه ههنا؟ قلنا المولي والعنين يدعيان ما يبقى النكاح علي الصحة ويمنع فسخه والاصل صحة العقد وسلامته فكان قولهما موافقا للاصل فقبل وفي مسئلتنا قد وقع ما يرفع النكاح ويزيله وهو مار إلى بينونة وقد اختلفا فيما يرفع حكم الطلاق ويثبت له الرجعة والاصل عدم ذلك فكان قوله مخالفا للاصل فلم يقبل ولان المولي والعنين يدعيان الاصابة في موضع تحققت فيه الخلوة والتمكين من الوطئ لانه لو لم يوجد ذلك لما استحقتا الفسخ بعدم الوطئ فكان الاختلاف فيما يختص به وفي مسئلتنا لم تتحقق خلوة ولا تمكين لانه لو تحقق ذلك لوجب المهر كاملا فكان الاختلاف في امر ظاهر لا يختص به فلم يقبل فيه قول مدعيه الا ببينة وهل تشرع اليمين في حق من القول قوله؟ على وجهين
(فصل) والخلوة كالاصابة في اثبات الرجعة للزوج على المرأة التي خلا بها في ظاهر كلام الخرقي لقوله حكمها حكم الدخول في جميع امورها وهذا قول الشافعي القديم وقال أبو بكر لا رجعة له عليها الا ان يصيبها وبه قال أبو حنيفة وصاحباه والشافعي في الجديد لانها غير مصابة فلا يستحق وجعتها كالتي لم يخل بها ووجه الاول قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في أوحامهن - إلى قوله - وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) ولانها معتدة من طلاق لا عوض فيه ولم يستوف عدده فثبتت عليها الرجعة كالموطؤة ولانها معتدة يلحقها طلاقة فملك رجعتها كالتي أصابها وفارق التي لم يخل بها فانها بائن منه لا عدة لها ولا يلحقها طلاقه وانما تكون الرجعة تلمعتدة التي يلحقها طلاقه والخلاف في هذا مبني على وجوب العدة بالخلوة من غير إصابة ويذكر في موضعه ان شاء الله تعالى (فصل) فان ادعى زوج الامة بعد عدتها فأنكره وصدقه مولاها فالقول قولها نص عليه وبذلك قال أبو حنيفة ومالك وقال أبو يوسف ومحمد القول قول الزوج وهو أحق بها لان إقرار مولاها مقبول في نكاحها فقبل في رجعتها كالحرة إذا أقرت ولنا ان قولها في انقضاء عدتها مقبول فقبل انكارها للرجعة كالحرة ولانه اختلاف منهما فيما يثبت به النكاح فيكون المنازع هي دون سيدها كما لو اختلفا في الاصابة وإنما قبل قول السيد في النكاح لانه يملك انشاءه فملك الاقرار به بخلاف الرجعة وإن صدقته وكذبه مولاها لم يقبل إقرارها لان حق السيد تعلق بها
وحلت بانقضاء عدتها فلم يقبل قولها في إبطال حقه كما لو تزوجت ثم أقرت ان مطلقها كان راجعها ولا يلزم من قبول إنكارها قبول تصديقها كالتي تزوجت فانه يقبل انكارها ولا يقبل تصديقها إذا ثبت هذا فان مولاها إذا علم صدق الزوج لم يحل له وطؤها ولا تزويجها وإن علمت هي صدق الزوج في رجعتها فهي حرام على سيدها ولا يحل لها تمكينه من وطئها الا مكرهة كما قبل طلاقها (فصل) ولو قالت انقضت عدتي ثم قالت ما انقضت بعد فله رجعتها لانه أقرت بكذبها فيها يثبت له حقا عليها فقبل إقرارها ولو قال أخبرتني بانقضاء عدتها ثم راجعتها ثم أقرت بكذبها في انقضاء عدتها ثم أقرت بكذبها في انقضاء عدتها وأنكرت ما ذكر عنها وأقرت بان عدتها لم تنقض فالرجعة صحيحة لانه لم يقر
بانقضاء عدتها وإنما أخبر بخبرها عن ذلك وقد رجعت عن خبرها فقبل رجوعها لما ذكرناه (فصل) قال الشيخ رحمه الله وإن طلقها ثلاثا لم تحل له حتي تنكح زوجا غيره ويطؤها في القبل وأدنى ما يمكن من ذلك تغييب الحشفة في الفرج وإن لم ينزل) وجملة ذلك أن المرأة إذا لم يدخل بها تبينها تطليفة وتحرمها الثلاث من الحر والاثنتان من العبد وقد أجمع أهل العلم على ان غير المدخول بها تبين بطلقة واحدة ولا يستحق مطلقها رجعتها لان الرجعة انما تكون في العدة ولا عدة قبل الدخول لقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فمالكم عليهن من عدة تعتدونها) فبين سبحانه أنه لا عدة
عليها فتبين بمجرد طلاقها وتصير كالمدخول بها بعد انقضاء عدتها لا رجعة عليها ولا نفقة لها فان رغب فيها مطلقها فهو خاطب من الخطاب لا تحل له الا ان يتزوجها برضاها جديدا وترجع إليه بطلقتين فان طلقها اثنتين ثم تزوجها رجعت إليه بطلقة واحدة بغير خلاف ان لم تكن تزوجت غيره بغير خلاف فان طلقها ثلاثا بلفظ واحد حرمت عليه حتي تنكح زوجا غيره) في قول عامة أهل العلم وقد ذكرنا ذلك فيما مضى ولا خلاف بينهم في ان المطلقة ثلاثا بعد الدخول لا تحل حتى تنكح زوجا غيره لقول الله سبحانه (فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) وروت عائشة ان امرأة رفاعة القرظي جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت انها كانت عند رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطيقات فتزوجت بعده بعبد الرحمن ابن الزبير وانه والله ما معه الا مثل هذه الهدبة واخذت بهدبة من جلبابها فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحاكا وقال " تريدين ان ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " متفق عليه وفي إجماع أهل العلم على هذا غنية عن الاطالة فيه وجمهور العلماء على أنها لا تحل للزوج الاول حتي يطأها الثاني وطئا يوجد فيه التقاء الختانين إلا ان سعيد بن المسيب من بينهم قال إذا تزوجها تزويجا صحيحا لا يريد به اخلالا فلا بأس ان يتزوجها قال ابن المنذر ولا نعلم أحدا من أهل العلم قال بقول سعيد بن المسيب هذا الا الخوارج أخذوا بظاهر قوله سبحانه (حتى تنكح زوجا غيره) ومع تصريح النبي صلى الله عليه وسلم ببيان المراد من كتاب الله تعالى وأنها لا تحل للاول حتى يذوق الثاني عسيلتها وتذوق عسيلته لا يعرج
على شئ سواه ولا يسوغ لاحد المصير إلى غيره مع ما عليه جملة أهل العلم منهم على بن أبي طالب وابن عمر وابن عمرو وابن عباس وجابر وعائشة رضي الله عنهم وممن بعدهم مسروق والزهري ومالك وأهل المدينة والثوري وأصحاب الرأي والاوزاعي وأهل الشام والشافعي وأبو عبيد وغيرهم (فصل) ويشترط لحلها للاول ثلاثة شروط (أحدها) ان تنكح زوجا غيره فلو كانت امة فوطئها سيدها لم تحل لقول الله تعالى (حتى تنكح زوجا غيره) وهذا ليس بزوج (الشرط الثاني) ان يكون نكاحا صحيحا فلو كان فاسدا لم يحلها الوطئ فيه وبهذا قال الحسن والشعبي وحماد ومالك والثوري والاوزاعي واسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي والشافعي في الجديد وقال في القديم يحلها وهو قول الحكم وخرجه أبو الخطاب وجها في المذهب لانه زوج فيدخل في عموم النص ولان النبي صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له فسماه محللا مع فساد نكاحه ولنا قوله تعالى (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) واطلاق النكاح يقتضي الصحيح ولذلك لو حلف لا يتزوج فتزوج تزويجا فاسدا لم يحنث ولو حلف ليتزوجن لم يبر بالتزوج الفاسد ولان أكثر أحكام التزويج غير ثابتة فيه من الاحصان واللعان والظهار والايلاء والنفقة واشباه ذلك وأما تسميته محللا فلقصد التحليل فيما لا يحل ولو أحل حقيقة لما لعن ولا لعن المحلل له وإنما هذا كقول النبي
صلى الله عليه وسلم " ما آمن بالقرآن من استحل محارمه وقال الله تعالى (يحلونه عاما ويحرمونه عاما) ولانه وطئ في غير نكاح صحيح اشبه وطئ الشبهة وعلى هذا لو وطئها بشبهة لم تبح لانه في غير نكاح * (مسألة) * (ولو كانت امة فاشتراها مطلقها لم يحل له وطؤها في قول أكثر اهل العلم ويحتمل ان تحل) وقال بعض أصحاب الشافعي تحل له لان الطلاق يختص الزوجية فأثر في التحريم بها وقول الله عزوجل (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) صريح في تحريمها فلا نعول على ما خالفه ولان
الفرج لا يجوز ان يكون محرما مباحا فسقط هذا (الشرط الثالث) ان يطأها في الفرج لما ذكرنا من حديث عائشة فعلى هذا ان وطئها دون الفرج أو في الدبر لم يحلها لانه علق الحل على ذواق العسيلة ولا يحصل الا بالوطئ في الفرج وادناه تغييب الحشفة في الفرج وان لم ينزل لان أحكام الوطئ تتعلق بذواق العسيلة ولا يحصل من غير انتشار * (مسألة) * (فان كان مجبوبا قد بقي من ذكره قدر الحشفة فاولجه أحلها وإلا فلا) وان وطئها زوج مراهق أحلها في قولهم الا مالكا وأبا عبيد فانهما قالا لا يحلها ويروى ذلك عن الحسن لانه وطئ من غير بالغ فأشبه وطئ الصغير ولنا ظاهر النص وانه وطئ من زوج في نكاح صحيح فأشبه البالغ ويخالف الصغير فانه لا يمكن
الوطئ منه ولا تذاق عسيلته قال القاضي يشترط ان يكون له اثنتا عشرة سنة لان من دون ذلك لا يمكنه المجامعة ولا معنى لهذا فان الخلاف في المجامعة ومتى أمكنه الجماع فقد وجد منه المقصود فلا معنى لاعتبار سن ما ورد الشرع باعتبارها وتقدير بمجرد الرأي والتحكم *
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: