الفقه الحنبلي - الطلاق
(مسألة) * (وان أشارت إليه احتمل وجهين) (أحدهما) لا تطلق لانه لم يوجد الكلام (والثاني) تطلق لانه يحصل به مقصود الكلام والاول أولى * (مسألة) * (وان كلمته سكران أو أصم بحيث يعلم أنها
تكلمه أو مجنونا يسمع كلامها حنث) لان السكران يكلم ويحنث وربما كان تكليمه في حال سكره أضر من تكليمه في صحوه ولان المجنون يسمع الكلام أيضا ويحنث وكذلك ان كلمت صبيا يسمع ويعلم أنه مكلم حنث فأما ان جنت هي وكلمته.
لم يحنث لان القلم مرفوع عنها ولم يبق لكلامها حكم وان كلمته سكرانة حنث لان حكمها حكم الصاحي وقيل لا يحنث لانه لا عقل لها * (مسألة) * (وان كلمته ميتا أو غائبا أو مغمى عليه أو نائما لم يحنث) وقال أبو بكر يحنث لقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها
ولنا أن التكليم فعل يتعدى إلى المكلم وقد قيل إنه مأخوذ من الكلم وهو الجرح لانه يؤثر فيه كتأثير الجرح ولا يكون ذلك الا باسماعه فأما تكليم النبي صلى الله عليه وسلم الموتى فمن معجزاته فانه قال " ما أنتم باسمع لما أقول منهم " ولم يثبت هذا لغيره وقول اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها حجة لنا فانهم قالوا ذلك استعبادا وسؤالا عما خفي عنهم سببه وحكمته حتى كشف لهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بامر مختص به فيبقى الامر فيمن سواه على النفي وان سلمت عليه حنث لانه كلام فان كان أحدهما اماما
والآخر مأموما لم يحنث بتسليم الصلاة لانه للخروج منها الا أن ينوي بتسليمه المأمومين فيكون حكمه كما لو سلم عليهم في غير الصلاة، ويحتمل أن لا يحنث بحال لان هذا لا يعد تكليما ولا يريده الحالف (فصل) فان حلف لا يكلم انسانا فكلم غيره وهو يسمع يقصد بذلك اسماعه كما لو قال إياك اعني واسمعي باجارة حنث نص عليه أحمد فقال إذا حلف لا يكلم فلانا فكلم انسانا وهو يسمع يريد بكلامه اياه المحلوف عليه حنث لانه قد أراد تكليمه، وروي عن أبي بكرة ما يدل على أنه لا يحنث فانه حلف أن لا يكلم أخاه زيادا فاراد زياد الحج فجاء أبو بكرة فدخل قصره وأخذ ابنه في حجره فقال ان أباك يريد الحج والدخول على زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا السبب وقد علم أنه غير صحيح ثم خرج ولم ير أنه كلمه والاول أصح لانه أسمعه كلامه يريده به فأشبه ما لو خاطبه به ولان مقصود تكليمه قد حصل باسماعه كلامه
(فصل) فان حلف لا يكلم امرأته فجامعها لم يحنث الا ان تكون نيته هجرانها قال أحمد في رجل قال لامرأته ان كلمتك خمسة أيام فأنت طالق إن له ان يجامعها ولا يكلمها فقال أي شئ كان به؟ وهذا يسوؤها أو يغبطها فان لم تكن له نية فله أن يجامعها ولا يكلمها وان حلف لا يقرأ كتاب فلان فقرأه في نفسه ولم يحرك شفتيه حنث لان هذا قراءة الكتب في عرف الناس فتنصرف يمينه إليه الا أن ينوي حقيقة القرآن قال أحمد إذا حلف لا قرأت لفلان كتابا ففتحه حتى استقصى آخره الا أنه لم يحرك شفتيه فان أراد أن يعلم ما فيه فقد علم ما فيه وقرأه * (مسألة) * (فان قال لامرأتيه ان كلمتما هذين الرجلين فأنتما طالقتان فكلمت كل واحدة منهما واحدا طلقتا ويحتمل ان لا يحنث حتى تكلما جميعا كل واحد منهما) هذه المسألة فيما وجهان (أحدهما) يحنث لان تكليمهما وجد منهما فحنث كما لو قال ان حضتما فأنتما طالقتان فحاضت كل واحدة حيضة وكذلك لو قال ان ركبتما دابتيكما فأنتما طالقتان فركبت كل واحدة دابتها (والثاني) لا يحنث حتى تكلم كل واحدة منهما الرجلين معا لانه علق طلاقهما بكلامهما لهما فلا تطلق واحدة بكلام الاخرى وحدها، وهذا أظهر الوجهين لاصحاب الشافعي وهو أولى انشاء الله إذا لم تكن له نية وهكذا ان قال
ان دخلتما هاتين الدارين فالحكم فيها كذلك لان الاصل بقاء النكاح قال شيخنا فيما لم تجر العادة بانفراد الواحدة به فاما ما جرت العادة بانفراد الواحدة فيه بالواحد كنحو ركبا دابتيهما ولبسا ثوبيهما وتقلدا سيفيهما
واعتقلا رمحيهما ودخلا بزوجتيهما وأشباه هذا فانه يحنث إذا وجد منهما منفردين وما لم تجر العادة فيه بذلك فهو على الوجهين فاما ان قال ان أكلتما هذين الرغيفين فأكلت كل واحدة منهما رغيفا فانه يحنث لانه يستحيل ان تأكل كل واحدة منهما الرغيفين بخلاف الرجلين والدارين * (مسألة) * (فان قال ان أمرتك فخالفتني فانت طالق) فنهاها فخالفته لم يحنث الا أن ينوي مطلق المخالفة اختاره أبو بكر وهو مذهب الشافعي لانها خالفت أمره لانهيه، وقال أبو الخطاب يحنث إذا لم يكن ممن يعرف حقيقة الامر والنهي إذا كان كذلك فانما يريد نفي المخالفة، ويحتمل أن تطلق بكل حال لان الامر بالشئ نهي عن ضده والنهي عنه أمر بضده فقد خالفت أمره وان قال لها ان نهيتني عن نفع أمي فأنت طالق فقالت له لا تعطها من مالي شيئا لم يحنث لان اعطاءها من مالها لا يجوز ولا يجوز النفع به فيكون هذا النفع محرما فلا تتناوله يمينه ويحتمل أن يحنث لانه نفع ولفظه عام فيدخل المحرم فيه.
(فصل) إذا قال أنت طالق ان كلمت زيدا ومحمد مع خالد لم تطلق حتى تلكم زيدا في حال كون محمد فيها مع خالد، وذكر القاضي أنه يحنث بكلام زيد فقط لان قوله ومحمد مع خالد استئناف كلام بدليل أنه مرفوع والصحيح الاول لانه متى أمكن جعل الكلام متصلا كان أولى من فصله والرفع لا ينفي كونه حالا فان الجملة من المبتدا والخبر تكون حالا كقوله (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون)
وقوله (الا استمعوه وهم يلعبون) وهذا كثير فلا يجوز قطعه عن الكلام الذي هو في سياقه مع امكان وصله به ولو قال ان كلمت زيدا ومحمد مع خالد لم تطلق حتى تكلم زيدا في حال كون محمد مع خالد فكذلك إذا تأخر قوله محمد مع خالد ولو قال أنت طالق ان كلمت زيدا وانا غائب لم تطلق حتى تكلمه في حال غيبته وكذلك لو قال أنت طالق ان كلمت زيدا وأنت راكبة أو هو راكب أو ومحمد راكب
لم تطلق حتى تكلمه في تلك الحال ولو قال أنت طالق ان كلمت زيدا ومحمد أخوه مريض لم تطلق حتى تكلمه وأخوه محمد مريض (فصل) وان قال ان كلمتني إلى ان يقدم زيد أو حتى يقدم زيد فانت طالق فكلمته قبل قدومه حنث لانه مد المنع إلى غاية هي قدوم زيد فلا يحنث بعدها فان قال أردت ان استدمت كلامي من الآن إلى أن يقدم زيد دين وهل يقبل في الحكم؟ يحتمل وجهين (فصل في تعليقه بالاذن) * (مسألة) * (إذا قال ان خرجت بغير اذني أو الا باذني أو حتى آذن لك فانت طالق ثم أذن لها فخرجت ثم خرجت بغير اذنه طلقت لخروجها بغير اذنه وعنه لا تطلق حتى ينوي الاذن في كل مرة) لان إن لا تقتضي التكرار فتتناول الخروج في المرة الاولى * (مسألة) * (وان أذن لها من حيث لا تعلم فخرجت طلقت)
لانها إذ لم تعلم فليس باذن لان الاذن هو الاعلام ولم يعلمها، ويحتمل أن لا تطلق لانه يقال اذن لها ولم تعلم.
* (مسألة) * (وإن قال ان خرجت إلى غير الحمام بغير اذني فانت طالق فخرجت إلى غير الحمام طلقت سواء عدلت إلى الحمام أو لم تعدل وان خرجت تريد الحمام وغيره ففيه وجهان (أحدهما) يحنت لانها خرجت إلى غير الحمام وانضم إليه غيره فحنث بما حلف عليه كما لو حلف لا يكلم زيدا وعمرا (والثاني) لا يحنث لانها ما خرجت إلى غير الحمام بل الخروج مشترك * (مسألة) * (وان خرجت تريد الحمام ثم عدلت إلى غيره) فقياس المذهب أنه يحنث لان ظاهر هذه اليمين المنع من غير الحمام فكيفما صارت إليه حنث كما لو خالفت لفظه، ويحتمل أن لا يحنث وهو قول الشافعي لانها لم تفعل ما حلف عليه وتناوله لفظه ونقل الفضل بن زياد عن أحمد أنه سئل إذا حلف بالطلاق أنه لا يخرج من بغداد الا لنزهة فخرج إلى النزهة
ثم مر إلى مكة فقال النزهة لا تكون إلى مكة فظاهر هذا أنه أحنثه ووجهه ما ذكرنا وقال في رجل حلف بالطلاق ان لا يأتي ارمينية الا باذن امرأته فقالت امرأته اذهب حيث شئت فقال لا حتى تقول الي أرمينية والصحيح أنه متى أذنت له اذنا عاما ما لم يحنث.
قال القاضي: وهذا من كلام احمد محمول
على أن هذا خرج مخرج العضب والكراهة ولو قالت هذا بطيب قبلها كان اذنا منها وله الخروج وان كان بلفظ عام.
* (مسألة) * (وان حلف لعامل ان لا يخرج الا باذنه فعزل فهل تنحل يمينه؟ على وجهين) وهذا مبني على ما إذا خلف يمينا عامة لسبب خاص هل تختص يمينه بسبب اليمين؟ على وجهين (أحدهما) أنها تختص به لان الظاهر أنه أراده فاختصت يمينه به كما لو نواه، فعلى هذا تنحل يمينه لانه انما حلف عليه لكونه عاملا له، وهذا قول أصحاب أبي حنيفة، وروي عن أحمد ما يدل على أن يمينه تحمل على العموم فقال فيمن قال لله علي أن لا أصيد في هذا النهر لظلم رآه فتغير حاله فقال النذر يوفى به وذلك لان اللفظ دليل الحكم فيجب اعتباره في الخصوص والعموم كما في لفظ الشارع ووجه الاول أن السبب الخاص يدل على قصد الخصوص ويقوم مقام النية عند عمومها لدلالته عليها فوجب أن يختص به اللفظ العام كالنية، وفارق لفظ الشارع فانه يريد بيان الاحكام ولا يختص بمحل السبب لكون الحاجة داعية إلى معرفة الحكم في غير محل السبب، فعلى هذا لو قامت امرأته لتخرج فقال ان خرجت فانت طالق فرجعت ثم خرجت بعد ذلك أو دعاه انسان إلى غدائه فقال امرأتي طالق ان تغديت ثم رجع فتغدى في منزله لم يحنث على الاول ويحنث على الثاني وان حلف
لعامل ان لا يخرج الا باذنه أو حلف بذلك على امرأته أو مملوكه فعزل العامل أو طلق المرأة أو باع المملوك أو حلف على وكيل فعزله خرج في ذلك كله وجهان (فصل في تعليقه بالمشيئة) إذا قال أنت طالق ان شئت أو إذا شئت أو متى شئت أو كلما شئت أو كيف شئت أو حيث شئت
أو أنى شئت لم تطلق حتى تقول قد شئت لان ما في القلب لا يعلم حتى يعبر عنه اللسان فيعلق الحكم بما ينطق به دون ما في القلب فلو شاءت بقلبها دون نطقها لم يقع به طلاق ولو قالت قد شئت بلسانها وهي كارهة وقع الطلاق اعتبارا بالنطق وكذلك ان علق الطلاق بمشيئة غيرها * (مسألة) * (ومتى وجدت المشيئة باللسان وقع الطلاق سواء كان على الفور أو التراخي) نص عليه أحمد في تعليق الطلاق بمشيئة فلان وفيما إذا قال أنت طالق حيث شئت أو أين شئت ونحو هذا قال الزهري وقتادة، وقال أبو حنيفة دون صاحبيه إذا قال أنت طالق كيف شئت تطلق في الحال طلقة رجعية لان هذا ليس بشرط انما هو صفة للطلاق الواقع بمشيئتها ولنا أنه أضاف الطلاق إلى مشيئتها فاشبه ما لو قال حيث شئت وقال الشافعي في جميع الحروف ان شئت في الحال والا فلا تطلق لان هذا تمليك للطلاق فكان على الفور كقوله اخاري
وقال أصحاب الرأي في ان كقوله وفي سائر الحروف كقولنا لان هذه الحروف صريحة في التراخي فحملت على مقتضاها بخلاف ان فانها لا تقتضي زمانا وانما هي لمجرد الشرط فتقيده بالفور يقتضيه وقال الحسن وعطاء في قوله انت طالق ان شئت انما ذلك ماداما في المجلس ولنا انه تعليق للطلاق على شرط فكان على التراخي كالعتق وفارق اختاري فانه ليس بشرط انما هو تخيبر فتقيد بالمجلس كخيار المجلس ويحتمل أن يفف على المجلس كالاختيار لانه تمليك للطلاق فكان على الفور كقوله اختاري، والصحيح الاول وقد ذكرنا الفرق بين الاصل والفرع فان قيد المشيئة بوقت ففال انت طالق ان شئت اليوم تقيد به فان خرج اليوم قبل مشيئتها لم تطلق وان علقه على مشيئة اثنين لم يقع حتى توجد مشيئتهما، وخرج القاضي وجها انه يقع بمشيئة احدهما كما يحنث بفعل بعض المحلوف عليه وقد بينا فساد هذا * (مسألة) * (وان قال انت طالق ان شئت فقالت قد شئت ان شئت فقال قد شئت لم تطلق) لانها لم تشأ فان المشيئة أمر حقيقي لا يصح تعليقها على شرط وكذلك ان قالت قد شئت ان طلعت الشمس نص أحمد على هذا وهو قول سائر أهل العلم منهم الشافعي واسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي
قال ابن المنذر اجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ان الرجل إذا قال لزوجته انت طالق ان شئت فقالت قد شئت ان شاء فلان انها قد ردت الامر ولا يلزمها الطلاق وان شاء فلان وذلك لانه لم يوجد منها مشيئة انما وجد منها تعليق مشيئتها بشرط وليس تعليق الشميئة بشرط مشيئة، وان علق الطلاق
على مشيئة اثنين فشاء أحدهما على الفور والآخر على التراخي وقع الطلاق لان المشيئة قد وجدت منهما جميعا * (مسألة) * (وان قال انت طالق ان شئت وشاء أبوك لم تطلق حتى يشاءا) لان الصفة مشيئتهما ولا تطلق بمشيئة احدهما لعدم وجود الشرط * (مسألة) * (وان قال انت طالق ان شاء زيد فمات أو جن أو خرس قبل المشيئة لم تطلق) لان شرط الطلاق لم يوجد وحكى عن أبى بكر انه يقع ولانه علقه على شرط فوقع في الحال كما لو قال انت طالق ان شاء الله وليس بصحيح لان الطلاق المعلق على شرط لا يقع إذا تعذر شرطه كالمعلق على دخول الدار، وان شاء وهو مجنون لم يقع طلاقه لانه لا حكم لكلامه وان شاء وهو منكران فالصحيح انه لا يقع لانه زائل العقل اشبه المجنون، وقال اصحابنا يخرج علي الروايتين في طلاقه، والفرق بينهما ان إيقاع طلاقه تغليظ عليه كيلا تكون المعصية سببا للتخفيف عنه وههنا انما يقع الطلاق بغير فلا يصح منه في حال زوال عقله، وان شاء وهو صبي طفل لم يقع كالمجنون وان كان يعقل الطلاق وقع لان له مشيئة ولذك صح اختياره لاحد أبويه وان كان أخرس فشاء بالاشارة وقع الطلاق لان اشارته تقوم مقام نطق الناطق ولذلك وقع طلاقه بها وان كان ناطقا حال التعليق فخرس ففيه وجهان (احدهما) يقع الطلاق بها لان طلاقه في نفسه يقع بها فكذلك طلاق من علقه بمشيئته (والثاني)
لا يقع بها لانه حال التعليق كان لا يقع الا بالنطق فلم يقع بغيره كما لو قال في التعليق ان نطق فلان بمشيئته فهي طالق * (مسألة) * (وان قال انت طالق الا ان يشا زيد فمات أو جن أو خرس طلقت في الحال)
لانه أوقع الطلاق وعلق عقبه بشرط ولم يوجد واما إذا خرس فشاء بالاشارة خرج فيه الوجهان اللذان ذكرناهما بناء على وقوع الطلاق باشارته إذا علقت على مشيئته * (مسألة) * (وان قال انت طالق واحدة الا ان يشاء زيد ثلاثا فشاء ثلاثا فقال أبو بكر تطلق ثلاثا في أحد الوجهين) لان السابق إلى الفهم من هذا الكلام ايقاع الثلاث إذا شاءها زيد كما لو قال له على درهم الا ان تقيم بينة بثلاثة وخذ درهما الا ان تريد أكثر منه ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا الا بيع الخيار " أي ان بيع الخيار يثبت الخيار فيه بعد تفرقهما والثاني لا تطلق وقال أصحاب الشافعي وأبي حنيفة لا تطلق إذا شاء ثلاثا لان الاستثناء من الاثبات نفي فتقديره انت طالق واحدة الا ان يشاء زيد ثلاثا فلا تطلقي ولانه لو لم يقل ثلاثا لما طلقت بمشيئه ثلاثا فكذلك إذا قال ثلاثا لانه انما ذكر الثلاث صفة لمشيئة زيد الرافعة لطلاق الواحدة فيصير كما لو قال انت طالق الا ان يكرر زيد مشيئته ثلاثا فاما ان لم يشأ زيد أو شاء أقل من ثلاث طلقت واحدة
* (مسألة) * (وان قال انت طالق ان شاء الله طلقت وان قال لامته انت حرة ان شاء الله عتقت وحكي عنه انه يقع العتق دون الطلاق) نص أحمد رحمه الله على وقوع الطلاق والعتق في رواية جماعة وقال ليس هما من الايمان وبهذا قال سعيد بن المسيب والحسن ومكحول وقتادة والزهري ومالك والليث والاوزاعي وأبو عبيد وعن أحمد ما يدل على ان الطلاق لا يقع ولا العتاق وهو قول طاوس والحكم وابي حنيفة والشافعي لانه علقه على مشيئة لم يعلم وجودها فلم يقع كما لو علقها على مشيئة زيد ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث " رواه الترمذي وقال حديث حسن ولنا ما روى أبو حمزة قال سمعت ابن عباس يقول إذا قال الرجل لامرأته انت طالق ان شاء الله فهي طالق رواه أبو حفص باسناده عن أبي بردة نحوه وروى ابن عمر وأبو سعيد قال كنا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزا في كل شئ الا في الطلاق والعتاق ذكره
ابو الخطاب وهذا نقل للاجماع فان قدرته انه قول بعضهم فقد انتشر ولم يعرف له مخالف فهو اجماع ولانه استثناء يرفع جملة الطلاق فلم يصح كقوله انت طالق ثلاثا الا ثلاثا ولانه انشاء حكم في محل فلم يرتفع بالمشيئة كالبيع والنكاح أو نقول ازالة ملك فلم يصح تعليقه على مشيئة الله كما لو قال ابرأتك
ان شاء الله أو تعليق على ما لا سبيل إلى علمه فاشبه تعليقه على المستحيلات، والحديث لا حجة لهم فيه فان الطلاق انشاء وليس بيمين حقيقة وان سمي بذلك فمجاز لا تترك الحقيقة من أجله، ثم ان الطلاق انما سمي يمينا إذا كان معلقا على شرط يمكن فعله وتركه ومجرد قوله انت طالق ليس بيمين حقيقة ولا مجازا فلم يكن الاستثناء بعد يمين، وقولهم علقه على مشيئة لا نعلم قلنا قد علمت مشيئة الله للطلاق بمباشرة الآدمي سببه قال قتادة قد شاء الله حين اذن ان تطلق ولو سلمنا انها لم تعلم لكن قد علقه على شرط يستحيل علمه فيكون كتعليقه على المستحيلات يلغو ويقع الطلاق في الحال، وحكي عن أحمد انه يقع العتق دون الطلاق وعلله أحمد رحمه الله بان العتق لله سبحانه والطلاق ليس هو لله ولا فيه قربة إليه ولانه لو قال لامته كل ولد تلدينه فهو حر فهذا تعليق للحرية على الملك وهو صحيح ولان من نذر العتق لزمه الوفاء به ومن نذر الطلاق لا يلزمه الوفاء به فكما افترقا في النذر جاز ان يفترقا في اليمين * (مسألة) * (وان قال انت طالق الا ان يشاء الله طلقت) ووافق أصحاب الشافعي على هذا في الصحيح من المذهب لانه أوقع الطلاق وعلق رفعه بمشيئة لم تعلم * (مسألة) * (وان قال ان لم يشأ الله أو ما لم يشأ الله فعلى وجهين) (احدهما) يقع في الحال لان وقوع طلاقها إذا لم يشأ الله محال فلغت هذه الصفة ووقع الطلاق (والثاني) لا يقع بناء على تعليق الطلاق على المحال مثل قوله انت طلق ان جمعت بيبن الضدين أو شربت الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه
(فصل) وان قال انت طالق لتدخلن الدار ان شاء الله لم تطلق دخلت أو لم تدخل لانها ان دخلت فقد فعلت المحلوف عليه وان لم تدخل علمنا ان الله لم يشأه لانه لو شاءه لوجد فان ما شاء الله
كان وكذلك ان قال انت طالق لا تدخلي الدار ان شاء الله لما ذكرنا وان أراد بالاستثناء والشرط رده إلى الطلاق دون الدخول خرج فيه من الخلاف ما ذكرنا في المنجز وان لم تعلم نيته فالظاهر رجوعه إلى الدخول ويحتمل ان يرجع إلى الطلاق * (مسألة) * (وان قال ان دخلت الدار فانت طالق ان شاء الله فدخلت فهل تطلق؟ على روايتين) (احدهما) يقع الطلاق بدخول الدار ولا ينفعه الاستثناء لان الطلاق والعتاق ليسا من الايمان ولما ذكرناه فيما إذا قال انت طالق ان شاء الله (والثانية) لا تطلق وهو قول أبي عبيد إذا علق الطلاق بشرط صار يمينا وحلفا فصح الاستثناء فيه لعموم قوله عليه السلام " من حلف على يمين فقال ان شاء الله لم يحنث " وفارق إذا لم يعلقه فانه ليس بيمين فلا يدخل في العموم * (مسألة) * (وان إن قال أنت طالق لرضى زيد أو مشيئته طلقت في الحال) لان معناه أنت طالق لكونه قد شاء ذلك أو رضيه كقوله هو حر لوجه الله أو لرضى الله فان قال أردت به الشرط دين قال القاضي ويقبل في الحكم لانه محتمل فان ذلك يستعمل للشرط كقوله أنت طالق للسنة وهذا أظهر الوجهين لاصحاب الشافعي والوجه الثاني لا يقبل لانه خلاف الظاهر
(فصل) فان قال أنت طالق إن أحببت أو أردت أو كرهت احتمل ان يتعلق الطلاق بقولها بلسانها قد احببت أو اردت أو كرهت لان هذه المعاني في القلب لا يمكن الاطلاع عليها الا من قبلها فيعلق الحكم بقولها كالمشيئة ويحتمل ان يتعلق الحكم بما في القلب من ذلك ويكون اللسان دليلا عليه فعلي هذا لو أقر الزوج بوجوده وقع طلاقه وإن لم تتلفظ به ولو قالت أنا أحب ذلك ثم قالت كنت كاذبة لم تطلق * (مسألة) * (وإن قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله في النار فأنت طالق أو قال إن كنت تحبينه بقلبك فقالت أنا أحبه) فقد توقف أحمد رحمه الله عنها وسئل فلم يجب فيها بشئ وفيها احتمالان (أحدهما) لا تطلق وهو قول أبي ثور لان المحبة في القلب ولا يوجد من أحد محبة ذلك وخبرها بحبها له كذب معلوم فلم يصح دليلا على ما في قلبها (والاحتمال الثاني) تطلق قاله القاضي وهو قول أصحاب الرأي لان ما في القلب
لا يوقف عليه الا من لفظها فاقتضى تعليق الحكم بلفظها به كاذبة كانت أو صادقة كالمشيئة ولا فرق بين قوله ان كنت تحبين ذلك وبين قوله ان كنت تحبينه بقلبك لان المحبة لا تكون إلا بالقلب.
قال شيخنا والاولى أنها لا تطلق إن كانت كاذبة، وهذا الاحتمال الاول والله أعلم
(فصل في مسائل متفرقة) إذا قال أنت طالق إذا رأيت الهلال طلقت إذا رئي في أول الشهر.
وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا تطلق حتى تراه لانه علق الطلاق على رؤية نفسه أشبه تعليقه على رؤية زيد ولنا أن الرؤية في عرف الشرع العلم به في أول الشهر بدليل قوله عليه الصلاة والسلام " إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا " والمراد به رؤية البعض وحصول العلم فانصرف لفظ الحالف إلى عرف الشرع كما إذا قال إذا صليت فأنت طالق فانه ينصرف إلى الطلاة الشرعية لا إلى الدعاء وفارق رؤية زيد فانه لم يثبت له عرف شرعي يخالف الحقيقة وكذلك لو لم يره أحد لكن ثبت الشهر بتمام العدد لانه قد علم طلوعه إلا أن ينوي حقيقة رؤيتها فلا تطلق حتى تراه ويقبل قوله في ذلك لانها رؤية حقيقة وتتعلق الرؤية برؤيته بعد الغروب فان رأت قبل ذلك لم تطلق لان هلال الشهر ما كان في أوله ولانا جعلنا رؤية الهلال عبارة عن دخول الشهر، ويحتمل أن تطلق برؤيته قبل الغروب لانه يسمى رؤية والحكم متعلق به في الشهر فان قال أردت إذا رأيته أنا بعينى فلم يره حتى أقمر لم تطلق لانه ليس بهلال، واختلف فيما يصير به قمرا فقيل بعد ثالثة وقيل إذا استدار وقيل إذا بهر ضوؤه (فصل) قال أحمد إذا قال لها انت طالق ليلة القدر يعتزلها إذا دخل العشر وقبل الشعر أهل
المدينة يرونها في السبع عشرة الا أن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشعرة الاواخر انما أمره باجتنابها في العشر لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتماس ليلة القدر في العشر الاواخر فيحتمل أن تكون أول ليلة منه ويمكن أو يكون هذا منه على سبيل الاحتياط ولا يتحقق حنثه إلى آخر ليلة من الشهر لاحتمال أن تكون هي تلك الليلة
* (مسألة) * (وان قال من بشرتني بقدوم أخي فهي طالق فأخبرته امرأتاه طلقت الاولى منهما الا أن تكون الثانية هي الصادقة وحدها فتطلق وحدها) انما طلقت الاولى وحدها لان التبشير خبر صدق تغير به بشرة الوجه من سرور أو غم وقد حصل بخبر الاولى واشترطنا صدقها لانه متى علم أنه كذب زال السرور فان كانت الثانية هي الصادقة طلقت وحدها لان السرور انما حصل بخبرها هذا إذا أخبرته احداهما بعد الاخرى، وان بشره بذلك اثنتان أو ثلاث أو أربع دفعة واحدة طلقن كلهن لان من تقع على الواحد فما زاد قال الله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) وقال (ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين) * (مسألة) * (وان قال من أخبرتني بقدومه فهي طالق) فكذلك عند القاضي تطلق المخبرة الاولى ان كانت صادقة وان كانت كاذبة احتمل أن لا تطلق
وهو ظاهر كلام القاضي لان الظاهر من حاله أنه أراد من أعلمتني ولا يحصل الا بالصدق ولذلك لو قال من بشرتني بقدومه فهي طالق لم تطلق الكاذبة وان كان السرور يحصل إذا جهل كذبها وان أخبرته أخرى طلقت في قول أبي الخطاب لانها مخبرة، ولم تطلق عند القاضي الثانية ولا الكاذبة كالبشارة سواء.
(فصل) إذا قال أول من يقوم منكن فهي طالق أو قال لعبيده أول من قام منكم فهو حر فقام الكل دفعة واحدة لم يقع طلاق ولا عتق لانه لا أول فيهم وان قام واحد أو واحدة ولم يقم بعد أحد احتمل وجهين (أحدهما) يقع الطلاق أو العتق لان الاول ما كان بعده شئ ولم يوجد.
فعلى هذا لا يحكم بوقوع ذلك ولا انتفائه حتى ييأس من قيام أحد منهم بعده فتنحل بيمينه، وان قام اثنان أو ثلاثة دفعة واحدة وقام بعدهم آخر وقع الطلاق والعتق بمن قام في الاول بوقوعه على القليل والكثير قال الله تعالى (ولا تكونوا أول كافر به) وحكي عن القاضي فيمن قال أول من يدخل من عبيدي فهو حر فدخل اثنتان دفعة واحدة ثم دخل بعدهم آخر: لم يعتق واحد منهم وهذا بعيد فانه قد دخل بعضهم بعد بعض ولا أول فيهم وهذا لا يستقيم الا أن يكون قال أول من يدخل منكم وحده ولم
يدخل بعد الثالث أحد فانه لو دخل بعد الثالث أحد عتق لكونه أول من دخل وحده وإذا لم يقل وجده فان لفظة الاول تتناول الجماعة كما ذكرنا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " أول من يدخله الجنة
فقراء المهاجرين " ولو قال آخر من يدخل منكن الدار فهي طالق فدخل بعضهن لم يحكم بطلاق واحدة منهن حتى ييئس من دخول غيرها بموته أو موتهن أو غير ذلك فيتبين وقوع الطلاق بآخرهن دخولا من حين دخلت وكذلك الحكم في العتق (فصل) إذا قال ان دخل داري أحد فامرأتي طالق فدخلها هو أو قال لانسان ان دخل دارك أحد فعبدي حر فدخلها صاحبها فقال القاضي لا يحنث لا قرينة حال المتكلم تدل على أنه انما حلف على غيره ويمنع من سواه فيخرج هو من العموم بالقرينة ويخرج المخاطب من اليمين أيضا ويحتمل الحنث اخذا بعموم اللفظ واعراضا عن السبب * (مسألة) * (وان حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا حنث في الطلاق والعتاق ولم يحنث في اليمين المكفرة في ظاهر المذهب) نقل ذلك عن احمد جماعة واختاره الخلال وصاحبه وهو قول أبي عبيد وعن احمد رواية اخرى انه لا يحنث في الطلاق والعتاق ايضا وهو قول عطاء وعمرو بن دينار وابن ابي نجيح واسحاق وابن المنذر وهو ظاهر مذهب الشافعي لقول الله تعالى (وليس عليكم جناع فيما اخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " ان الله تجاوز لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ولانه غير قاصد للمخالفة فلم يحنث كالنائم والمجنون ولانه احد طرفي اليمين فاعتبر فيه القصد كحالة الابتداء بها
وعن أحمد رواية ثالثة انه يحنث في الجميع وتلزمه الكفارة في اليمين المكفرة وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد والزهري وقتادة وربيعة ومالك (والقول الثاني) للشافعي لانه فعل ما حلف عليه قاصدا لفعله فلزمه الحنث كالذاكر وكما لو كانت اليمين بالطلاق والعتاق ووجه الاولى ان الكفارة انما تجب لرفع الاثم ولا اثم على الناسي ولما ذكرنا من الآية والخبر واما الطلاق والعتاق فهو معلق بشرط فيقع بوجود
شرطه من غير قصد كما لو قال انت طالق ان طلعت الشمس أو قدم الحاج ولان هذا يتعلق به حق آدمي فيعلق الحكم به مع النسيان كالاتلاف * (مسألة) * (وإن حلف لا يدخل على إنسان بيتا أو لا يكلمه أو لا يسلم عليه أو لا يفارقه حتى يقضيه حقه فدخل بيتا هو فيه ولم يعلم أو سلم على قوم هو فيهم ولم يعلم أو قضاه حقه ففارقه فخرج رديئا أو أحاله به ففارقه ظنا منه أنه قد برئ خرج على الروايتين في الناسي والجاهل فان في الناسي روايتين والجاهل مقيس عليه) لانه غير قاصد للمخالفة وقد سبق دليل ذلك، وكذلك إن حلف لا يكلم فلانا فسلم عليه يحسبه أجنبيا أو حلف لا يبيع لزيد ثوبا فوكل زيد من يدفعه إلى من يبيعه فدفعه إلى الحالف فباعه من غير علمه فهو كالناسي لانه غير قاصد للمخالة اشبه الناسي * (مسألة) * (وإن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه لم يحنث وعنه يحنث الا ان ينوي جميعه)
هذه الرواية ظاهر المذهب نص احمد على ذلك في رواية حنبل وصالح فيمن حلف على امرأته لا تدخل بيت أختها لم تطلق حتى تدخل كلها ألا ترى أن عوف بن مالك قال كلي أو بعضي لان الكل لا يكون بعضا والبعض لا يكون كلا وهذا اختيار أبي الخطاب ومذهب أبي حنيفة والشافعي لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج رأسه وهو معتكف إلى عائشة فترجله وهي حائض والمعتكف ممنوع من الخروج من المسجد والحائض ممنوعة من اللبث فيه وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابي بن كعب " اني لا أخرج من المسجد حتى أعلمك سورة " فلما أخرج رجله من المسجد علمه إياها ولان يمينه تعلقت بالجميع فلم تنحل بالبعض كالاثبات وعنه أنه يحنث إلا أن ينوى جميعه حكي ذلك عن مالك وهو اختيار الخرقي لان اليمين تقتضي المنع من تخلف فعل المخلوف عليه فاقتضت المنع من فعل شئ منه كالنهي ونظير الحلف على ترك الشئ قوله سبحانه (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم) وقوله (لا تدخلوا بيوت النبي) لا يكون النهي ممتثلا الا بترك الدخول كله فمتى أدخل بعضه لم يكن تاركا لما حلف عليه فكان مخالفا كالنهي عن الدخول والخلاف انما هو في اليمين المطلقة فأما ان نوى الجميع أو البعض فيمينه على ما نوى وكذلك ان اقترنت
به قرينة تقتضي أحد الامرين تعلقت يمينه به كمن حلف لا شربت هذا النهر أو هذه البركة تعلقت يمينه ببعضه وجها واحدا وفيه خلاف نذكره في موضعه بعد
* (مسألة) * (وان حلف ليفعلن شيئا أو ليدخل الدار، لم يبرأ إلا بفعل جميعه، والدخول إلى الدار بجملته).
لا يختلف المذهب في ذلك ولا نعلم بين أهل العلم فيه اختلافا لان اليمين تناولت فعل الجميع فلم يبرأ إلا بفعله كما لو أمره الله تعالى بفعل شئ لم يخرج من عهدة الامر إلا بفعل الجميع لان اليمين على فعل شئ اخبار بفعله في المستقبل مؤكد بالقسم والخبر بفعل شئ يقتضي فعله كله * (مسألة) * (وان حلف لا يدخل دارا فادخلها بعض جسده أو دخل طاق الباب أولا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه منه أو لا يشرب ماء هذا الكوز فشرب بعضه خرج على الروايتين فيمن فعل بعض المحلوف عليه، وقد ذكرناه قبل هذه المسألة * (مسألة) * (وان حلف لا يشرب ماء هذا النهر فشرب منه حنث وجها واحدا) لان فعل الجميع ممتنع فلا تنصرف يمينه إليه وكذلك ان قال والله لا آكل الخبز ولا أشرب الماء وما أشبهه مما علق على اسم جنس أو علقه على اسم جمع كالمسلمين والمشركين والفقراء والمساكين فانه يحنث بالبعض، وبهذا قال أبو حنيفة وسلمة وأصحاب الشافعي في اسم الجنس دون الجمع وموا؟ علقه على اسم جنس مضاف كقوله والله لا شربت ماء هذا النهر، أو قال والله لا شربت الماء وهو قول
أبي حنيفة وأحد الوجهين لاصحاب الشافعي والوجه الآخر لا يحنث لان لفظه يقتضي جميعه فلم يحنث بفعل بعضه كالادواة ولنا أنه لا يمكن شرب جميعه فتعلقت يمينه ببعضه كما لو حلف لا يكلم الناس فكلم بعضهم وبهذا فارق ماء الادواة فان نوى بيمينه فعل الجميع وكان في لفظه ما يتقضي ذلك لم يحنث إلا بفعل الجميع بلا خلاف فلو قال لا صمت يوما أو لا صليت صلاة أو لا أكلت رغيفا أو قال لزوجته ان حضت حيضة
فهذا وشبهة مما يدل على ارادة الجميع فوجب تعلق اليمين به (فصل) إذا حلف لا شربت من ماء الفرات فشرب من مائه حنث سواء كرع فيه أو اغترف منه ثم شربه وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة لا يحنث حتى يكرع فيه لان حقيقة ذلك الركع فلم يحنث بغيره كما لو حلف لا يشرب من هذا الانا فصب منه في غيره وشرب ولنا أن معنى يمينه أن لا يشرب من ماء الفرات لان الشرب يكون من مائها لا منها في العرف فحملت اليمين عليه كما لو حلف لا شربت من هذا البئر ولا أكلت من هذه الشجرة ولا شربت من هذه الشاة، ويفارق الكوز فان الشرب في العرف منه لانه آلة للشرب بخلاف النهر، وما ذكروه يبطل بالبئر والشاة والشجرة وقد سلموا أنه لو استسقى من البئر أو حلف لبن الشاء أو التقط من الشجرة فشرب وأكل أنه يحنث فكذا في مسئلتنا (فصل) وان حلف لا يشرب من ماء الفرات فشرب من نهر يأخذ منه حنث لانه من ماء الفرات وان حلف لا يشرب من الفرات فشرب من نهر يأخذ منه ففيه وجهان [ أحدهما ] يحنث لان معنى الشرب منه الشرب من مائة فحنث كما لو حلف لا شربت من مائه وهذا أحد الاحتمالين لاصحاب الشافعي (والثاني) لا يحنث، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه إلا أبا يوسف فان عنه رواية أنه يحنث
وإنما قلنا إنه لا يحنث لان ما أخذه النهر يضاف إلى ذلك النهر لا إلى الفرات وبزول باضافته إليه عن إضافته إلى الفرات فلا يحنث به كغير الفرات * (مسألة) * (وان حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد أو نسجه أو لا يأكل طعاما طبخه فلبس ثوبا نسجه هو وغيره أو اشتراه أو أكل طعاما طبخاه فعلى روايتين) [ إحداهما ] يحنث كما لو حلف أن لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوبا من غزلها وغزل غيرها (والثانية) لا يحنث وهو قول أبي حنيفة والشافعي لانه لم يلبس ثوبا كاملا، وكذلك ان حلف لا يلبس ثوبا نسجه زيد ولا يأكل من قدر طبخها ولا يدخل دارا اشتراها ولا يلبس ثوبا خاطه زيد ففعل ذلك
هو وغيره فلبس الثوب أو دخل الدار أو أكل الطعام ففي هذا كله من الخلاف ما ذكرنا فيمن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه، فأما ان حلف لا يلبس مما خاطه زيد فانه يحنث بلبس ثوب خاطاه جيمعا لانه لبس مما خاطه زيد بخلاف ما إذا قال ثوبا خاطه زيد، وان حلف لا يدخل دارا لزيد فدخل دارا له ولغيره خرج فيه وجهان بناء على ما ذكرنا * (مسألة) * (وان حلف لا يأكل طعاما اشتراه زيد فأكل طعاما اشتراه هو وغيره حنث إلا أن يكون أراد أن لا ينفرد أحدهما بالشراء) وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وقال الشافعي لا يحنث وذكر أبو الخطاب فيه احتمالين لان كل جزء لم ينفرد أحدهما بشرائه فلم يحنث كما لو حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد فلبس ثوبا اشتراه هو وغيره ولنا أن زيدا اشترى نصفه وهو طعام وقد أكله فأشبه ما لو اشتراه زيد وخلطه بما اشتراه عمرو فأكل الجميع، فأما الثوب فلا نسلمه وان سلمناه فالفرق بينهما أن نصف الثوب ليس بثوب ونصف الطعام طعام وقد أكله بعد أن اشتراه زيد، وان اشتري زيد نصفه مشاعا أو اشترى نصفه ثم اشترى آخر باقيه فأكل منه حنث والخلاف فيه على ما تقدم، فاما ان اشترى زيد نصفه معينا ثم خلطه بالنصف الآخر ثم أكل أكثر من النصف حنث وجها واحدا بغير خلاف لانه أكل مما اشتراه زيد يقينا
وان أكل نصفه أو أقل من نصفه ففيه وجهان [ أحدهما ] يحنث لانه يستحيل في العادة انفراد ما اشتراه زيد من غيره فيكون الحنث ظاهرا (والثاني) لا يحنث لان الاصل عدم الحنث ولم يتيقن وان أكل من طعام اشتراه زيد ثم باعه أو اشتراه لغيره حنث ويحتمل أن لا يحنث وكل وضع لا يحنث فحكمه حكم ما لو حلف لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فاكل منه واحدة على ما سنذكره ان شاء الله تعالى والله اعلم * (باب التأويل في الحلف) * ومعنى التأويل أن يريد بلفظه ما يخالف ظاهره فان كان الحالف ظالما لم ينفعه تأويله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " يمينك على ما يصدقك به صاحبك " وان لم يكن ظالما فله تأويله نحو أن يحلف أنه أخي
يريد بذلك أخره في الاسلام أو يعني بالسقف والبناء السماء وبالبساط والفراش الارض وبالاوتاد الجبال وباللباس الليل أو يقول ما رأيت فلانا أي ما ضربت رئته ولا ذكرته أي ما قطعت ذكره أو يقول جواري أحرار، يعني سفنه ونسائي طوالق يعني النساء الاقارب منه أو يقول ما كاتبت فلانا ولا عرفته ولا أعلمته ولا سأله حاجة ولا أكلت له دجاجة ولا فروجا ولا شربت له ماء ولا في بيتى فرش ولا حصير ولا بارية، ويعني بالمكاتبة مكاتبة الرقيق بالتعريف جعله عريفا وبالاعلام جعله أعلم الشفة والحاجة شجرة صغيرة والدجاجة الكبة من الغزل والفروج الدراعة والفرش صغار الابل والحصير الحبس والبارية السكين التي يبري بها، أو يقول والله ما أكلت من هذا شيئا ولا أخذت منه يعني الباقي بعد أخذه وأكله فهذا واشباهه مما يسبق إلى فهم السامع خلافه إذا عناه بيمينه فهو تأويل لانه خلاف الظاهر.
(فصل) ولا يخلو حال الحالف المتأول من ثلاثة أحوال [ أحدها ] أن يكون مظلوما مثل أن يستحلفه ظالم على شى لو صدقه لظلمه أو ظلم غيره أو نال
مسلما منه ضرر فهذا له تأويله، قال مهنا سألت أحمد عن رجل له امرأتان اسم كل واحدة منهما فاطمة فماتت واحدة منهما فحلف بطلاق فاطمة ونوى التي ماتت، قال ان كان المستحلف له ظالما فالنية نية صاحب الطلاق وان كان المطلق هو الظالم فالنية نية الذي استحلفه، وروى أبو داود باسناده عن سويد بن حنظلة قال خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فاخذه عدو له فتحرج القوم أن يحلفوا فحلفت أنه أخي فخلى سبيله فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال " أن كنت أصدقهم وأبرهم المسلم أخو المسلم " وقال النبي صلى الله عليه وسلم " ان في المعاريض لمندوحة عن الكذب " يعني سعة المعاريض التي يوهم بها السامع غير ما عناه، قال محمد بن سيرين الكلام أوسع من أن يكذب ظريف يعني لا يحتاج أن يكذب لكثرة المعاريض وخص الظريف بذلك يعني به الكيس الفطن فانه يفطن التأويل فلا حاجة به إلى الكذب (الوجه الثاني) أن يكون الحالف ظالما كالذي يستحلفه الحاكم على حق عنده فهذا تنصرف
يمينه إلى ظاهر الذي عناه المستحلف ولا ينفع الحالف تأويله، وبهذا قال الشافعي ولا نعلم فيه مخالفا فان أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يمينك على ما يصدقك به صاحبك " رواه مسلم ولانه لو ساغ التأويل لبطل المعنى المبتغى باليمين إذ مقصودها تخويف الحالف ليرتدع عن الجحود خوفا من عاقبة اليمين الكاذبة، فمتى ساغ التأويل له انتفى ذلك فصار التأويل وسيلة إلى جحد الحقوق، قال ابراهيم في رجل استحلفه السلطان على شئ بالطلاق فورى في يمينه إلى شئ أجزأ عنه وان كان ظالما لم يجز عنه التأويل.
(الحال الثالث) أن لا يكون ظالما ولا مظلوما فظاهر كلام أحمد أن له تأويله فانه روي أن مهنا كان عنده هو والمروذي وجماعة فجاء رجل يطلب المروذي ولم يرد المروذي ان يكلمه فوضع مهنا أصبعه في كفه، وقال ليس المروذي ههنا وما يصنع المروذى ههنا يريد ليس المروذى في كفه فلم ينكره أبو عبد الله.
وروي أن مهنا قال اني أريد الخروج يعني السفر إلى بلده وأحب ان تسمعني الجزء الفلاني فاسمعه اياه ثم رآه بعد ذلك فقال ألم تقل انك تريد الخروج فقال له مهنا قلت لك إني أريد الخروج الآن؟ فلم ينكر عليه، وهو مذهب الشافعي ولا نعلم في هذا خلافا أيضا، وروى سعيد عن جرير عن المغيرة قال كان إذا طلب انسان ابراهيم ولم يرد ابراهيم أن يلقاه خرجت إليه الخادم فقال اطلبوه في المسجد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول الا حقا ومزاحه أن يوهم السامع بكلامه غير ما عناه فقال لعجوز " لا يدخل الجنة عجوز " يعني أن الله ينشئهن عربا أترابا، وقال أنس ان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله احملني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " انا حاملوك على ولد ناقة " فقال وما أصنع بولد الناقة؟ قال " وهل تلد الابل الا النوق " رواه أبو داود وقال لامرأة وقد ذكرت له زوجها، هو الذي في عينه بياض " فقالت يا رسول الله انه لصحيح العين وأراد النبي صلى الله عليه وسلم البياض الذي حول الحدقة وقال لرجل احتضنه من ورائه " من يشتري العبد؟ فقال يا رسول الله تجدني إذا كاسدا قال " لكنك عند الله لست بكاسد " وهذا كله من التأويل والمعاريض، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حقا فقال " لا أقول الا حقا "
وروي عن شريح أنه خرج من عند ابن زيادة وقد حضره الموت فقيل له كيف تركت الامير؟ فقال تركته يأمر وينهى فلما مات قيل له كيف قلت ذلك؟ فقال تركته يأمر بالصبر وينهى عن البكاء والجزع، ويروى عن شقيق أن رجلا خطب امرأة وتحته أخرى فقالوا لا نزوجك حتى تطلق امرأتك فقال اشهدوا اني قد طلقت ثلاثا فزوجوه فقام على امرأته فقالوا قد طلقت ثلاثا قال ألم تعلموا أنه كان لي ثلاث نسوة فطلقتهن؟ قالوا بلى قال قد طلقت قالوا ما هذا أردنا فذكر ذلك شقق لعثمان فجعلها نيته، ويروى عن الشعبي أنه كان في مجلس فنظر إليه رجل ظن أنه طلب منه التعريف به والثناء عليه فقال الشعبي ان له بيتا وشرفا فقيل للشعبي بعد ما ذهب الرجل تعرفه؟ فقال لا ولكنه نظر
إلى قيل فكيف اثنيت عليه؟ قال شرفه اذناه وبيته الذي يسكنه، وروى أن رجلا أخذ على شراب فقيل له من أنت فقال: أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره * وإن نزلت يوما فسوف تعود ترى الناس أفواجا على باب داره * فمنهم قيام حولها وقعود فظنوه شريفا فخلوا سبيله ثم سألوا عنه فإذا هو ابن الباقلاني، وأخذ الخوارج رافضيا فقالوا تبرأ من عثمان علي فقال أنا من علي وعثمان برئ فهذا وشبهه هو التأويل الذي لا يعذر به الظالم ويسوغ لغيره مظلوما كان أو غير مظلوم لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك في المزاح من غير حاجة إليه * (مسألة) * (فإذا أكل تمرا فقال لتخبرني بعدد ما أكلت أو لتميزن نوى ما أكلت ولم تعلم فانها تعد له عددا يعلم أنه قد أتى على عدد ذلك) مثل أن يعلم ان عدد ذلك ما بين مائة إلى ألف فتعد ذلك كله وكذلك ان قال ان لم تخبريني بعدد حب هذه الرمانة ولا يحنث إذا كانت نيته ذلك، وان نوى الاخبار بكميته من غير نقص ولا زيادة لم يبرأ الا بذلك وان أطلق فقياس المذهب أنه لا يبرأ الا بذلك أيضا لان ظاهر حال الحالف ارادته فتنصرف يمينه إليه كالاسماء العرفية التي تنصرف اليمين عليها إلى مسماها عرفا دون مسماها حقيقة ولو أكلا تمرا فحلف لتميزن نوى ما أكلت فأفردت كل نواء وحدها فالحكم فيها كالتي قبلها
* (مسألة) * (وان حلف ليقعدن على بارية في بيته ولا يدخله بارية فانه يدخل قصبا فينسجه فيه فيجلس عليها في البيت فلا يحنث)
لانه قد قعد على بارية في بيته ولم يدخله بارية انما أدخله قصبا وليس هو بارية * (مسألة) * (وان حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه فلا يجد طعم الملح فانه يسلق به بيضا ويأكل منه ولا يحنث) لان الصفة وجدت * (مسألة) * (وان حلف لا يأكل بيضا ولا تفاحا وليأكلن مما في هذا الوعاء فوجد فيه بيضا وتفاحا فانه يعمل من البيض ناطفا ومن التفاح شرابا ويأكل منه لا يحنث) لان ذلك ليس ببيض ولا تفاح * (مسألة) * (وان كان على سلم فحلف لا نزلت اليك ولا صعدت إلى هذه ولا أقمت مكاني ساعة) يريد إذا كان له امرأتان إحداهما في الغرفة والاخرى أسفل (فلتنزل العليا ولتصعد السفلى ثم ينزل إن شاء أو يصعد فتنحل يمينه) لان الصفة لم توجد * (مسألة) * (وان حلف لا قمت عليه ولا نزلت منه ولا صعدت فيه فانه ينتقل إلى سلم آخر وتنحل يمينه) لانه لم يقم عليه ولا صعد فيه ولا نزل منه انما نزل أو صعد من غيره * (مسألة) * (وان حلف لا قمت في هذا الماء ولا خرجت منه وكان الماء جاريا لم يحنث) لان الماء المحلوف عليه جرى وصار في غيره فلم يحنث سواء أقام أو خرج لانه انما يقف في غيره أو يخرج منه، وهذا الذي ذكره القاضي في المجرد وهو مذهب الشافعي لان الايمان عندهم تبني على اللفظ لا على القصد وكذلك قالوا لا يحنث في هذه الايمان السابقة كلها، وقال القاضي في كتاب آخر: قياس المذهب أنه يحنث إلا أن ينوي عين الماء الذي هي فيه لان إطلاق يمينه يقتضي خروجها من النهر أو إقامتها فيه * (مسألة) * (فان كان الماء واقفا حمل منه مكرها) لئلا ينسب إليه فعل * (مسألة) * (وان استحلفه ظالم ما لفلان عندك وديعة وكانت عنده وديعة فانه يعني بما الذي ويبر في يمينه) لانه صادق * (مسألة) * (وان حلف عاملان ههنا وعنى موضعا معينا بر في يمينه)
لصدقه في ذلك.
وقد ذكرنا ما رواه مهنا انه كان هو والمروذي عند أحمد فجاء رجل يطلب المروذي ولم يرد المروذي أن يكلمه فوضع مهنا أصبعه في كفه وقال ليس المروذي ههنا، يريد ليس هو في كفه فلم ينكره أبو عبد الله * (مسألة) * ولو سرقت منه امرأته شيئا فحلف بالطلاق لتصدقني أسرقت مني شيئا أم لا وخانت
أن تصدقه فانها تقول سرقت منك ما سرقت منك، ولو استحلفه ظالم هل رأيت فلانا أو لا وكان قد رآه فانه يعني بما رأيته ما ضربت رئته * (مسألة) * (ولو حلف على امرأته لا سرقت مني شيئا فخانته في وديعته لم يحنث) لان الخيانة ليس بسرقة الا أن ينوي ذلك فيحنث (فصل) ولو قال ان كانت امرأتي في السوق فعبدي حر وان كان عبدي في السوق فامرأتي طالق وكانا جميعا في السوق فقيل يعتق العبد ولا تطلق المرأة لانه لما حنث في اليمين الاولى عتق العبد فلم يبق له في السوق عبد، ويحتمل أن يحنث بناء على قولنا فيمن حلف على معين تعلقت اليمين بعينه دون صفته كما لو قال ان كلمت عبدي سعدا فأنت طالق ثم أعتقه وكلمته طلقت فكذلك ههنا لان يمينه تعلقت بعبد معين وان لم يرد عبدا بعينه لم تطلق المرأة لانه لم يبق له عبد في السوق، ولو كان في فيها تمرة فقال أنت طالق ان أكلتها أو ألقيتها أو أمسكتها فأكلت بعضها وألقت بعضها لم يحنث إلا على قول من قال انه يحنث بفعل بعض المحلوف عليه وان نوى الجميع لم يحنث بحال (فصل) قال عبد الله بن احمد سألت أبي عن رجل قال لامرأته أنت طالق ان لم أجامعك اليوم وأنت طالق ان اغتسلت منك اليوم قال يصلي العصر ثم يجامعها فإذا غابت الشمس اغتسل ان لم يكن أراد بقوله اغتسلت منك المجامعة، وقال في رجل قال لامرأته أنت طالق ان لم أطأك في رمضان فسافر مسيرة أربعة أيام أو ثلاثة ثم وطئها فقال لا يعجبني لانها حيلة ولا تعجبني الحيلة في هذا ولا في غيره قال القاضي انما كره احمد هذا لان السفر الذي يبيح الفطر السفر المباح المقصود وهذا لا يقصد به غير حل اليمين، والصحيح أن هذا تنحل به اليمين ويباح به الفطر لانه سفر بعيد مباح لقصد صحيح
فان ارادة حل يمينه من المقاصد الصحيحة، وقد أبحنا لمن له طريقان قصيرة لا يقصر فيها وبعيدة أن يملك البعيدة ليقصر فيها الصلاة ويفطر مع أنه لا قصد له سوى الترخص فههنا أولى (باب الشك في الطلاق) إذا شك هل طلق أو لا لم تطلق) وجملة ذلك أن من شك في طلاقه لم يلزمه حكمه نص عليه احمد وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي لان النكاح ثابت بيقين فلا يزول بالشك، والاصل في هذا حديث عبد الله بن زيد عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يخيل إليه أنه يجد الشئ في الصلاة فقال " لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا " متفق عليه فأمره بالبناء على اليقين واطراح الشك ولانه شك طرأ على يقين فوجب اطراحه كما لو شك المتطهر في الحدث.
قال شيخنا والورع التزام الطلاق فان كان المشكوك فيه طلاقا رجعيا راجع امرأته إن كانت مدخولا بها أو جدد نكاحها ان كانت غير مدخول بها، وقد انقضت عدتها وان شك في طلاق ثلاث طلقها واحدة وتركها لانه إذا لم يطلقها فيقين نكاحه باق فلا تحل لغيره وحكي عن شريك أنه إذا شك في طلاقه طلقها واحدة ثم راجعها لتكون الرجعة عن طلقة فتكون صحيحة في الحكم وليس بشئ لان التلفظ بالرجعة ممكن مع الشك في الطلاق ولا يفتقر إلى ما تفتقر إليه العبادات من النية ولانه لو شك في طلقتين فطلق واحدة لصار شاكا في تحريمها عليه فلا تفيد الرجعة * (مسألة) * (وان شك في عدد الطلاق بنى على اليقين لما ذكرنا وقال الخرقي إذا طلق فلم يدر واحد ة طلق ام ثلاثا اعتزلها وعليه نفقتها ما دامت في العدة فان راجعها في العدة لزمته النفقة ولم يطأها حتى يتيقن كم الطلاق؟ لانه متيقن للتحريم شاك في التحليل) وجملة ذلك ان من طلق وشك في عدد الطلقات بنى على اليقين نص عليه أحمد في رواية ابن منصور في رجل لفظ بطلاق امرأته لا يدري واحدة ام ثلاثا فقال أما الواحدة فقد وجبت عليه وهي عنده حتى يستيقن وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي لان ما زاد على القدر الذي تيقنه طلاق مشكوك فيه فلم يلزمه كما
لو شك في أصل الطلاق إذا ثبت هذا فانه تبقى أحكامه احكام المطلق دون الثلاث من إباحة الرجعة وإذا رجع عادت إلى ما كانت عليه قبل الطلاق وقال الخرقي يحرم وطؤها ونحوه قول مالك الا انه حكي عنه انه يلزمه الاكثر من الطلاق المشكوك فيه وقولهما متيقن للتحريم لانه تيقن وجوده بالطلاق وشك في رفعه بالرجعة فلا يرتفع بالشك كما لو أصاب ثوبه نجاسة وشك في موضعها فانه لا يزول حكم النجاسة بغسل موضع من الثوب ولا يزول حتى يغسله جميعه وفارق لزوم النفقة فانها لا تزول بالطلقة الواحدة فهي باقية لانها كانت باقية وقد شككنا في زوالها وظاهر قول سائر اصحابنا انه إذا راجعها حلت له وهو قول أبي حنيفة والشافعي وهو ظاهر كلام أحمد في رواية ابن منصور لان التحريم المتعلق بما تيقنه يزول بالرجعة يقينا فان التحريم انواع (تحريم)
تزيله الرجعة (وتحريم) يزيله نكاح جديد (وتحريم) يزيله نكاح بعد زوج وإصابة ومن تيقن الادنى لا يثبت فيه حكم الاعلى كمن تيقن الحدث الاصغر لا يثبت فيه حكم الاكبر ويزول تحريم الصلاة بالطهارة الصغرى ويخالف الثوب فان غسل بعضه لا يرفع ما تيقنه من النجاسة فنظير مسئلتنا إذا تيقن نجاسة كم الثوب وشك في نجاسة سائره فان حكم النجاسة فيه يزول بغسل الكم وحده كذا ههنا ويمكن منع حصول التحريم ههنا ومنع تيقنه فان الرجعية مباحة لزوجها في ظاهر المذهب فما هو إذا متيقن للتحريم بل هو متيقن للاباحة شاك في التحريم وكذلك قال الخرقي فيمن حلف لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة منع من وطئ امرأته حتى يعلم انها ليست التي وقعت اليمين عليها ولا يتحقق حنثه حتى يأكل التمر كله وهذه المسألة لا تخلو من أحوال ثلاث (احدها) ان يتحقق أكل التمرة المحلوف عليها اما ان يعرفها بعينها أو صفتها أو يأكل التمر كله أو الجانب الذي وقعت فيه كله فيحنث بلا خلاف بين أهل العلم لانه أكل التمرة المحلوف عليها (الثاني) ان يتحقق انه لم يأكلها اما بان لا يأكل من التمر شيئا أو يأكل شيئا يعلم انه غيرها فلا يحنث أيضا بلا خلاف ولا يلزمه اجتناب زوجته (الثالث) أكل من التمر شيئا واحدة أو أكثر إلى ان لا يبقى منه الا واحدة ولم يدر أكلها
أولا فهذه مسألة الخرقي ولا يتحقق حنثه لان الباقية يحتمل انها المحلوف عليها ويقين النكاح ثابت فلا يزول بالشك وهذا قول الشافعي وأصحاب الراي فعلى هذا يكون حكم الزوجية باقيا في لزوم نفقتها وكسوتها ومسكنها وسائر أحكامها الا في الوطئ فان الخرقي قال يمنع من وطئها لانه شاك في حلها فحرمت عليه كما لو اشتبهت عليه امرأته بأجنبية وذكر أبو الخطاب أنها باقية على الحل وهو مذهب الشافعي لان الاصل الحل فلا يزول بالشك كسائر أحكام النكاح ولان النكاح باق حكمه فاثبت الحل كما لو شك هل طلق أولا؟ وان كانت يمينه ليأكلن هذه التمرة فلا يتحقق بره حتى يعلم انه أكلها * (مسألة) * (وان قال لامرأتيه احداكما طالق ينوي واحدة بعينها طلقت وحدها فان لم ينو اخرجت المطلقة بالقرعة) أما إذا نوى واحدة بعينها فانها تطلق وحدها لانه عينها بنيته فاشبه ما لو عينها بلفظه فان قال انما أردت فلانة قبل منه لان ما قاله محتمل ولا يعرف الا من جهته وأما إن لم ينو واحدة بعينها فانه تخرج بالقرعة نص عليه في رواية جماعة وبه قال الحسن وأبو ثور وقال قتادة ومالك يطلقن جميعا وقال
حماد بن أبي سليمان الثوري وأبو حنيفة والشافعي له ان يختار أيتهن شاء فيوقع عليها الطلاق لانه لا يمكن إيقاعه ابتداء وتعيينه فإذا أوقعه ولم يعينه ملك تعينه لانه استيفاء ما ملكه ولنا أن ما ذكرناه مروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهم ولا مخالف لهما من الصاحبة ولانه إزالة ملك بني على التغليب والسراية فتدخله القرعة كالعتق وقد ثبت الاصل بكون النبي صلى الله عليه وسلم أقرع بين العبيد الستة ولان الحق لواحد غير معين فوجب تعيينه بالقرعة كالحرية في العبيد إذا أعتقهم في مرضه ولم يخرج جميعهم من الثلث وكالسفر باحدى نسائه والبداية بأحداهن في القسم وكالشريكين إذا اقتسما ولانه طلق واحدة من نسائه لا يعلم عينها فلم يملك تعيينها باختياره كالمنسية وأما الدليل على أنهن لا يطلقن جميعا انه أضاف الطلاق إلى واحدة فلم يطلق الجميع كما لو عينها، قولهم إنه كان يملك الايقاع والتعيين قلنا ملكه للتعيين بالايقاع لا يلزم ان يملكه بعده كما لو طلق واحدة بعينها وأنسيها فان مات قبل القرعة والتعيين أقرع الورثة بينهن فمن وقعت عليها قرعة الطلاق فحكمها في الميراث حكم ما لو عينها
بالتطليق منهن وقال الشافعي يوقف الميراث المختص بهن حتى يصطلح من عليه لانه لا يعلم المستحق منهن ووجه قول الخرقي قول علي رضي الله عنه ولانهن قد تساوين ولا سبيل إلى التعيين فوجب المصير إلى القرعة كمن اعتق عبيدا في مرضه لا مال له سواهم وقد ثبت الحكم فيهم بالنص لان في توريث الجميع توريث من لا يستحق يقينا والوقف لا إلى غاية حرمان للمستحق يقينا والقرعة تسلم من هذين المحذورين ولها نظير في الشرع * (مسألة) * (فان قال لنسائه احداكن طالق غدا طلقت واحدة منهن إذا جاء الغد وأخرجت بالقرعة) فان مات قبل الغد ورثنه كلهن وإن ماتت إحداهن ورثها لانها ماتت قبل وقوع الطلاق فإذا جاء غد أقرع بين الميتة والاحياء فان وقعت القرعة على الميتة لم يطلق شئ من الاحياء وصارت كالمعينة بقوله أنت طالق غدا وقال القاضي قياس المذهب أن يتعين الطلاق في الاحياء فلو كانتا اثنتين فماتت احداهما طلقت كما لو قال لامرأته واجنبية إحداكما طالق وهو قول أبي حنيفة والفرق بينهما ظاهر فان الاجنبية ليست محلا للطلاق وقت قوله فلا ينصرف قوله إليها وهذه قد كانت محلا للطلاق فارادتها بالطلاق ممكنة وارادتها بالطلاق كارادة الاخرى وحدوث الموت بها لا يقتضي في حق الاخرى طلاقها فتبقى على ما كانت عليه والقول في تعليق العتق كالقول
في تعليق الطلاق فإذا جاء غد وقد باع بعض العبيد أقرع بينه وبين العبد الآخر فان وقعت على المبيع لم يعتق منه شئ وعلى قول القاضي ينبغي ان يتعين العتق في الباقين وكذلك ينبغي ان يكون مذهب أبي حنيفة والشافعي لان له تعيين العتق عندهم بقوله فبيع أحدهم صرف للعتق عنه فيتعين في الباقين فان باع نصف العبد اقرع بينه وبين الباقين فان وقعت قرعة العتق عليه عتق نصفه وسري إلى باقيه إن كان المعتق موسرا وإن كان معسرا لم يعتق الا نصفه (فصل) وإذا قال امرأتي طالق وأمتي حرة وله نساء واماء ونوى معينة انصرف إليها وإن نوى واحدة مبهمة فهي مبهمة فيهن وإن لم ينو شيئا فقال أبو الخطاب يطلق نساؤه كلهن ويعتق اماؤه لان الواحد المضاف يراد به الكل كقوله تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها - و - أحل لكم ليلة الصيام) ولان
ذلك يروى عن ابن عباس وقال الجماعة يقع على واحدة مبهمة وحكمه حكم ما لو قال احداكن طالق وإحداكن حرة لان لفظ الواحد لا يستعمل في الجمع الا مجازا والكلام يحمل على حقيقته ما لم يصرفه عنها دليل ولو تساوي الاحتمال لوجب قصره على الواحدة لانها اليقين فلا يثبت الحكم فيما زاد عليها بأمر مشكوك فيه وهذا أصح والله أعلم * (مسألة) * (وإن طلق واحدة وأنسيها فكذلك عند أصحابنا) أكثر أصحابنا على أنه إذا طلق امرأة من نسائه وأنسيها أنها تخرج بالقرعة فيثبت حكم الطلاق فيها تحل له الباقيات وقد روي إسماعيل بن سعيد عن أحمد ما يدل على أن القرعة لا تستعمل ههنا لمعرفة الحل وإنما تستعمل لمعرفة الميراث فانه قال سألت أحمد عن الرجل يطلق المرأة من نسائه ولا يعلم أيتهن طلق قال أكره ان أقول في الطلاق بالقرعة قلت أرأيت إن مات هذا؟ قال أقول بالقرعة وذلك لان القرعة تصير على المال وجماعة من روي عنه القرعة في المطلقة المنسية إنما هو في التوريث فأما في الحل فلا ينبغي ان يثبت بالقرعة وهذا قول أكثر أهل العلم فالكلام إذا في المسألة في شيئين (أحدهما) في استعمال القرعة في المنسية في التوريث (والثاني) في استعمالها فيها للحل أما الاول فوجهه ما روى عبد الله بن حميد قال قال سألت أبا جعفر عن رجل قدم من خراسان وله أربع نسوة قدم البصرة فطلق إحداهن ونكح ثم مات لا يدري الشهود أيتهن طلق؟ فقال قال علي رضي الله عنه أقرع بين الاربع وأنذر منهن واحدة واقسم بينهن الميراث ولان الحقوق إذا تساوت على وجه لا يمكن التمييز الا بالقرعة صح استعمالها لانها اشتبهت عليه زوجته بأجنبية فلم تحل له احداهما بالقرعة كما لو اشتبهت أجنبية لم يكن له عليها عقد ولان القرعة لا تزيل التحريم عن المطلقة ولا ترفع الطلاق عمن وقع عليه ولاحتمال كون المطلقة غير من وقعت عليها القرعة ولهذا لو
ذكر ان المطلقة غيرها حرمت عليه ولو ارتفع التحريم أو زال الطلاق لما عاد بالذكر فيجب بقاء التحريم بعد القرعة كما كان قبلها وقال الخرقي فيمن طلق امرأته فلم يدر واحدة طلق ام ثلاثا؟ ومن حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة لا تحل له امرأته حتى يعلم انها ليست التي وقعت اليمين عليها فحرمها مع ان الاصل بقاء النكاح ولم يعارضه يقين التحريم فههنا أولى وكذلك الحكم فيمن أوقع الطلاق على امرأة بعينها
ثم اشتبهت بغيرها مثل أن يرى امرأة مولية فيقول أنت طالق ولا يعلم عينها من نسائه فان جميع نسائه يحرمن عليه حتى يعلم المطلقة ويؤخذ بنفقة الجميع لانهن محبوسات عليه وان أقرع بينهن لم تفد القرعة شيئا ولا يحل لمن وقعت عليها القرعة التزويج لانها يجوز أن تكون غير المطلقة، وقال أصحابنا إذا اقرع بينهن فخرجت القرعة على إحداهن ثبت حكم الطلاق فيها فحل لها النكاح بعد قضاء عدتها وأبيح للزوج من سواها كما لو طلق واحدة غير معينة واحتجوا بما ذكرنا من حديث علي رضي الله عنه ولانها مطلقة لم تعلم بعينها فأشبه ما لو قال احداكن طالق ولم يرد واحدة بعينها ولانه إزالة أحد الملكين المبنيين على التغليب والسراية أشبه العتق، قال شيخنا والصحيح أن القرعة لا مدخل لها ههنا لما ذكرنا من الادلة وتحرمان عليه كما لو اشتبهت امرأته باجنبية، وفارق ما قاسوا عليه فان الحق لم يثبت لواحد بعينه فجعل الشرع القرعة معينة فانها تصلح للتعيين، وفي مسئلتنا الطلاق واقع على معينة لا محالة والقرعة لا ترفعه عنها ولا توقعه على غيرها ولا يؤمن وقوع القرع على غيرها واحتمال وقوع القرعة على غيرها كاحتمال وقوعها عليها بل هو أظهر من غيرها فانهن إذا كن أربعا فاحتمال وقوعه في واحدة منهن بعينها اندر من احتمال وقوعه في واحدة من ثلاث وكذلك لو اشتبهت أخته بأجنبية أو ميتة بمذكاة أو زوجته باجنبية أو حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت في تمر واشباه ذلك مما يطول ذكره لا تدخله قرعة فكذا ههنا وأما حديث علي فهو في الميراث لا في الحل وما نعلم بالقول بها في الحل من الصحابة قائلا.
* (مسألة) * (فعلى قول أصحابنا إن تبين أن المطلقة غير التي وقعت عليها القرعة بان يذكر ذلك تبين انها كانت محرمة عليه ويكون وقوع الطلاق من حين طلق لا من حين ذكر، وقوله في هذا مقبول لانه يقر على نفسه وترد إليه التي خرجت عليها القرعة لاننا ظهر لنا أنها غير مطلقة والقرعة ليس بطلاق صريح ولا كناية فان لم تكن تزوجت ردت إليه وقبل قوله في هذا لانه أمر من جهته لا يعرف الا من قبله
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: