الفقه الحنبلي - الفرائض 6

فاما ان شهد به عدلان أو شهدا أنه ولد على فراشه أو ان الميت أقر به ثبت النسب وشاركهم في الارث لانهما لو شهدا على غير موروثهما قبل فكذلك إذا شهدا عليه (مسألة) (وعلى المقر أن يدفع إليه فضل ما في يده عن ميراثه) إذا أقر بعض الورثة ولم يثبت نسبه لزم المقر أن يدفع إليه فضل ما في يده كمن خلف ولدين فأقر أحدهما بأخ فله ثلث ما في يده وان أقر بأخت دفع إليها خمس ما في يده عن ميراثه هذا قول مالك
والاوزاعي والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وشريك ويحيى بن آدم ووكيع واسحاق وأبي
عبيد وأبي ثور وأهل البصرة، وقال النخعي وحماد وأبو حنيفة وأصحابه يقاسمه ما في يده لانه يقول أنا وأنت سواء في ميراث أبينا وكأن ما أخذه المنكر تلف أو غصب فيستوي فيما بقي وقال الشافعي وداود لا يلزمه في الظاهر دفع شئ إليه، وهل يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى؟ على قولين أصحهما لا يلزمه لانه لا يرث من لا يثبت نسبه وإذا قلنا يلزمه ففي قدره وجهان ولنا على الشافعي أنه أقر بحق لمدعيه يمكن صدقه فيه ويد المقر عليه وهو متمكن من دفعه إليه فلزمه ذلك كما لو أقر له بمعين ولانه إذا علم أن هذا أخوه وله ثلث التركة وتيقن استحقاقه لها وفي يده بعضه وصاحبه يطلبه لزمه دفعه إليه وحرم عليه منعه مه كما في سائر المواضع، وعدم ثبوت نسبه في الظاهر لا يمنع وجوب دفعه إليه كما لو غصبه شيئا ولم يقم بينة بغصبه ولنا على أبى حنيفة أنه أقر له بالفاضل عن ميراثه فلم يلزمه أكثر مما أقر به كما لو أقر له بشئ معين ولانه حق تعلق بمحل مشترك باقرار أحد الشريكين فلم يلزمه أكثر من قسطه كما لو أقر أحد الشريكين بجناية على العبد ولان التركة بينهم اثلاثا فلا يستحق مما في يده الا الثلث كما لو ثبت نسبه ببينة، ولانه اقرار يتعلق بحصته وحصة أخيه فلا يلزمه أكثر مما يخصه كالاقرار بالوصية وكاقرار أحد الشريكين على مال الشركة بدين ولانه لو شهد معه أجنبي بالنسب ثبت ولو لزمه أكثر من حصته لم تقبل شهادته لانه يجربها نفعا إلى نفسه لكونه يسقط بعض ما يستحق عليه.
فعلى هذا إذا خلف اثنين فأقر أحدهما بأخ فللمقر له ثلث ما في يد المقر وهو سدس المال لانه يقول نحن ثلاثة لكل واحد منا
الثلث وفي يدى النصف ففضل في يدي لك السدس فيدفعه إليه وهو ثلث ما في يده وفي قول أبي حنيفة يدفع إليه نصف ما في يده وهو الربع، وان أقر باخت دفع إليها خمس ما في يده لانه يقول نحن اخوان واخت فلك الخمس من جميع المال وهو خمس ما في يدي وخمس ما في يد أخى فيدفع إليها خمس ما في يده وفي قولهم يدفع إليها ثلث ما في يده، وفارق ما إذا غصب بعض التركة وهما اثنان لان كل واحد منهما يستحق النصف من كل جزء من التركة وههنا يستحق الثلث فافترقا (فصل) إذا خلف ابنا واحدا فاقر بأخ من أبيه دفع إليه نصف ما في يده في قول الجميع فان أقر
بعده بآخر فاتفقا عليه دفعا إليه ثلث ما في أيدهما في قولهم جميعا، فان أنكر المقر به ثانيا المقر به أولا لم يثبت نسبه قال القاضي هذا مثل للعامة ادخلني اخرجك، وليس له أن يأخذ أكثر من ثلث ما في أيديهما لانه لم يقر بأكثر منه.
وقال الشافعي يلزم المقر أن يغرم له نصف التركة لانه أتلفه عليه باقراره الاول.
قال شيخنا ويحتمل أن لا يبطل نسب الاول لانه ثبت بقول من هو كل الورثة حال الاقرار وإن لم يصدق المقر به الاول بالثاني لم يثبت نسبه ويدفع إليه المقر ثلث ما بقي في يده لانه الفضل الذي في يده، ويحتمل ان يلزمه ثلث جميع المال لانه فوته عليه بدفع النصف إلى الاول وهو يقر أنه لا يستحق إلا الثلث، وسواء دفعه إليه بحكم حاكم أو بغير حكمه لان اقراره علة حكم الحال وسواء علم بالحال عند اقراره بالاول أو لم يعلم لان العمد والخطأ واحد في ضمان ما يتلف، وحكي نحو هذا من شريك ويحتمل أنه ان علم بالثاني حين اقر بالاول وعلم أنه إذا أقر به بعد الاول لا يقبل ضمن لانه فوت حق غيره بتفريطه وان لم يعلم لم يضمن لانه لا يجب عليه الاقرار بالاول إذا علمه ولا يحوجه إلى
حاكم ومن فعل الواجب فقد أحسن وليس بخائن فلا يضمن وقيل هذا قياس قول الشافعي، وقال أبو حنيفة إن كان الدفع بحكم حاكم دفع إلى الثاني نصف ما بقي في يده لان حكم الحاكم كالاخذ منه كرها وان دفعه بغير حاكم دفع إلى الثاني ثلث جميع المال لانه دفع إلى الاول ما ليس له تبرعا ولنا على الاول أنه أقر بما يجب عليه الاقرار به فلم يضمن ما تلف به كما لو قطع الامام يد السارق فسرى إلى نفسه وان أقر بعدهما بثالث فصدقاه ثبت نسبه وأخذ ربع ما في يد كل واحد منهم إذا كان مع كل واحد ثلث المال وإن كذباه لم يثبت نسبه وأخذ ربع ما في يد المقر به وفي ضمانه له ما زاد التفصيل في التي قبلها وعلى مثل قولنا قال ابن أبي ليلى وأهل المدينة وبعض أهل البصرة (مسألة) (فان لم يكن في يد المقر فضل فلا شئ للمقر به) لانه لم يقر له بشئ فإذا خلف أخا من أب وأخا من أم فأقرا بأخ من أبوين ثبت نسبه لان كل الورثة أقروا به وبأخذ جميع ما في يد الاخ من الاب لانه يسقطه في الميراث، وان أقر به الاخ من الاب وحده أخذ ما في يده لما ذكرنا ولم يثبت نسبه لان الذي أقر به لا يرث المال كله، وان أقر به الاخ من الام
وحده فلا شئ له لانه ليس في يده فضل يقر له به وكذا ان اقر بأخ آخر من امه لذلك فأما أن أقر بأخوين من أم فانه يدفع اليهما ثلث ما في يده لان في يده السدس فباقراره اعترف أنه لا يستحق من الميراث الا التسع فيبقى في يده نصف التسع وهو ثلث ما في يده، وقال أبو حنيفة في ثلاثة اخوة مفترقين إذا أقر الاخ من الام باخ من أم فله نصف ما في يده وان أقر بأخ من أبوين فللمقر به خمسة أسباع ما في يده وعلى قولنا لا يأخذ منه شيئا لانه لا فضل في يده
(مسألة) (وطريق العمل فيها أن تضرب مسألة الاقرار في مسألة الانكار وتدفع إلى المقر سهمه من مسأله الاقرار مضروبا في مسألة الانكار) وللمنكر سهمه من مسألة الانكار مضروب في مسألة الاقرار وما فضل فهو للمقر به فلو خلف ابنين فأقر أحدهما باخوين فصدقه أخوه في أحدهما ثبت نسب المتفق عليه فصاروا ثلاثة ثم تضرب مسألة الاقرار في مسألة الانكار تكن اثنى عشر للمنكر سهم من الانكار في الاقرار أربعة وللمقر سهم من الاقرار في الانكار ثلاثة وللمتفق عليه ان صدق المقر مثل سهمه وان أنكر مثل سهم المنكر وما فضل للمختلف فيه وهو سهمان في حال التصديق وسهم في حال الانكار، وقال أبو الخطاب لا يأخذ المتفق عليه من المنكر في حال التصديق الاربع ما في يده وصححها من ثمانية للمنكر ثلاثة وللمختلف فيه سهم ولكل واحد من الاخوين سهمان.
إذا خلف ابنين فأقر الاكبر باخوين فصدقه الاصغر في أحدهما ثبت نسب المتفق عليه فصاروا ثلاثة، فمسألة الانكار إذا من ثلاثة ومسألة الاقرار من أربعة فتضرب احداهما في الاخرى تكن اثني عشر للاصغر سهم من مسألة الانكار في مسألة الاقرار أربعة وللاكبر سهم من مسألة الاقرار في مسألة الانكار ثلاثة وللمتفق عليه ان أقر بصاحبه مثل سهم الاكبر، وإن أنكر مثل سهم الاصغر، وذكر أبو الخطاب أن المتفق عليه إن صدق بصحابة لم يأخذ من المنكر الاربع ما في يده لانه لا يدعي أكثر منه ويأخذ هو والمختلف فيه من الاكبر نصف ما في يده فتصح من ثمانية للمنكر ثلاثة أثمان وللمقر سهمان وللمتفق عليه سهمان وللاخر سهم وذكر ابن اللبان أن هذا قياس قول مالك والشافعي، وفي هذا نظر لان المنكر يقر أنه لا يستحق إلا الثلث وقد حضر
من يدعي الزيادة فوجب دفعها إليه ونظير هذا ما لو ادعى انسان دارا في يد رجل فأقر بها لغيره فقال المقر له إنما هي لهذا المدعي فانها تدفع إليه وقد رد الخبري على ابن اللبان هذا القول وقال على هذا يبقى مع المنكر ثلاثة أثمان وهو لا يدعي إلا الثلث وقد حضر من يدعي هذه الزيادة ولا منازع له فيها فيجب دفعها إليه، قال والصحيح أن يضم المتفق عليه السدس الذي يأخذه من المقر به فيضمه إلى النصف الذي هو بيد المقر بهما فيقتسمانه أثلاثا فتصح من تسعة، للمنكر ثلاثة، ولكل واحد من الاخوين سهمان، وهذا قول أبي يوسف إذا تصادقا.
قال شيخنا ولا يستقيم هذا على قول من لا يلزم المقر أكثر من الفضل عن ميراثه لان المقر بهما والمتفق عليه لا ينقص ميراثه عن الربع ولم يحصل له على هذا القول إلا التسعان وقيل يدفع الاكبر اليهما نصف ما في يده ويأخذ المتفق عليه من الاصغر ثلث ما في يده فيحصل للاصغر الثلث وللاكبر الربع، وللمتفق عليه السدس والثمن، وللمختلف فيه الثمن، وتصح من أربعة وعشرين: للاصغر ثمانية، وللمتفق عليه سبعة، وللاكبر ستة، وللمختلف فيه ثلاثة وفيها أقوال كثيرة سوى هذه والاول أصح إن شاء الله تعالى.
(مسألة) (وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل فتصادقا ثبت نسبهما فان تجاحدا فكذلك في أقوى الوجهين لان نسبهما ثبت باقرار من هو كل الورثة قبلهما وفي الآخر لا يثبت لان الاقرار بكل واحد منهما لم يصدر من كل الورثة ويدفع إلى كل واحد منهما ثلث ما في يده، فان صدق
صدق أحدهما بصاحبه وجحده الآخر ثبت نسب المتفق عليه وفي الآخر وجهان ويدفع إلى كل واحد منهما ثلث ما في يده، وإن كانا توأمين ثبت نسبهما ولم يلتفت إلى إنكار المنكر منهما سواء تجاحدا معا أو جحد أحدهما صاحبه لانا نعلم كذبهما فانهما لا يفترقان، ومتى أقر الوارث بأحدهما ثبت نسب الآخر وإن أقر بنسب صغيرين دفعة واحدة ثبت نسبهما على الوجه الذي يثبت به نسب
الكبيرين المتجاحدين، وهل يثبت على الوجه الآخر؟ فيه احتمالان (أحدهما) يثبت لانه اقر به كل الورثة حين الاقرار ولم يجحده أحد فهو كالمنفرد (والثاني) لا يثبت لان أحدهما وارث ولم يقر بالآخر فلم يتفق كل الورثة على الاقرار به فلم تعتبر موافقة الآخر كما لو كان صغيرين.
(مسألة) (فان أقر بأحدهما بعد الآخر أعطى الاول نصف ما في يده) بغير خلاف وثبت نسبه لانه اقر به كل الورثة ويقف ثبوت نسب الباقي على تصديقه لانه صار من الورثة، ويعطى الثاني ثلث ما بقي في يده لانه الفضل فانه يقول نحن ثلاثة (مسألة) (وإن أقر بعض الورثة بامرأة للميت لزمه من ارثها بقدر حصته) يعني يلزمه ما يفضل في يده لها عن حقه كما ذكرنا في الاقرار.
(مسائل) من هذا الباب إذا خلف ثلاثة بنين فأقر أحدهم بأخ وأخت فصدقه أحد أخويه في الاخ والآخر في الاخت لم يثبت نسبهما ويدفع المقر بالاخ إليه ربع ما في يده ويدفع المقر بهما
اليهما ثلث ما في يده ويدفع المقر بالاخت إليها سبع ما في يده، فأصل المسألة ثلاثة أسهم، سهم المقر يقسم بينهما وبينه على تسعة، له ستة ولهما ثلاثة، وسهم المقر بالاخ بينهما على أربعة له ثلاثة ولاخيه سهم، وسهم المقر بالاخت بينه وبينها على سبعة، له ستة ولها سهم وكلها متباينة فاضرب أربعة في سبعة في تسعة ثم في أصل المسألة تكن سبعمائة وستة وخمسون، للمقر بهما ستة في أربعة في سبعة مائة وثمانية وستون، وللمقر بالاخت ستة في أربعة في تسعة مائتان وستة عشر، وللمقر بالاخ ثلاثة في سبعة في تسعة مائة تسعة وثمانون، وللاخ المقر به سهمان في أربعة في سبعة ستة وخمسون وسهم في سبعة في تسعة ثلاثة وستون فيجتمع له مائة وتسعة عشر، وللاخت سهم في أربعة في سبعة ثمانية وعشرون، وسهم في أربعة في تسعة ستة وثلاثون، يجتمع لها أربعة وستون، ولا فرق بين تصادقهما وتجاحدهما لانه لا فضل في يد أحدهما على ميراثه، ولو كان في هذه المسألة ابن رابع لم يصدقه في واحد منهما كان أصل المسألة من أربعة أسهم: سهم على أحد عشر وسهم على تسعة وسهم على خمسة وسهم ينفرد به الجاحد فتصح المسألة من الف وتسعمائة وثمانين سهما وطريق العمل فيها كالتي قبلها.
(فصل) إذا خلف بنتا وأختا فأقرتا بصغيرة فقالت البنت هي أخت وقالت الاخت هي بنت فلها ثلث ما في يد الاخت لا غير.
وهذا قول أبن أبي ليلى ولمحمد بن الحسن واللؤلؤي ويحيى بن آدم تخبيط كثير يطول ذكره وإن خلف امرأة وبنتا وأختا فأقررن بصغيرة فقالت المرأة هي امرأة وقالت البنت هي بنت وقالت الاخت هي اخت فقال الخبري تعطى ثلث المال لانه أكثر ما يمكن أن يكون لها ويؤخذ من المقرات
على حسب اقرارهن وقد أقرت لها البنت بأربعة أسهم من أربعة وعشرين وأقرت لها الاخت بأربعة ونصف، وأقرت لها المرأة بسهم ونصف وذلك عشرة أسهم لها منها ثمانية وهي أربعة أخماسها فخذ لها من كل واحدة أربعة أخماس ما أقرت لها به واضرب المسألة في خمسة تكن مائة وعشرين ومنها تصح، فإذا بلغت الصغيرة فصدقت احداهن أخذت منها تمام ما أقرت لها به وردت على الباقيتين ما أخذته مما لا تستحقه، وهذا قول أبي حنيفة.
وقال ابن ليلى يؤخذ لها من كل واحدة ما أقرت لها به فإذا بلغت فصدقت احداهن أمكست ما أخذ لها منها وردت على الباقيتين الفضل الذي لا تستحقه عليها، وهذا القول أصوب إن شاء الله لان فيه احتياطا على حقها.
ثلاثة اخوة لاب ادعت امرأة أنها أخت الميت لابيه وأمه فصدقها الاكبر وقال الاوسط هي أخت لام وقال الاصغر هي أخت لاب فان الاكبر يدفع اليهما نصف ما في يده ويدفع إليها الاوسط سدس ما في يده ويدفع إليها الاصغر سبع ما في يده وتصح من مائة وستة وعشرين لان أصل مسئلتهم ثلاثة، فمسألة الاكبر من اثنين ومسألة الثاني من ستة والثالث من سبعة والاثنان تدخل في الستة فتضرب ستة في سبعة تكن اثنين وأربعين فهذا ما في يد كل واحد منهم فتأخذ من الاكبر نصفه أحدا وعشرين ومن الاوسط سدسه سبعة ومن الاصغر سبعه ستة صار لها أربعة وثلاثون وهذا قياس قول ابن أبى ليلى، وفي قول أبي حنيفة تأخذ سبع ما في يد الاصغر فيضم إلى نصف ما بيد أحدهما وتضيفه إلى ما بيد الآخر وتقاسم الاوسط على ثلاثة عشر له عشرة ولها ثلاثة فتضم الثلاثة إلى ما بيد
الاكبر وتقاسمه على ما بيده على أربعة لها ثلاثة وله سهم فاجعل ما في يد الاصغر أربعة عشر ليكون لسبعه نصف صحيح واضربها في ثلاثة عشر تكن مائة واثنين وثمانين فهذا ما بيد كل واحد منهم تأخذ من الاصغر سبعه وهو ستة وعشرون تضم إلى ما بيد كل واحد من اخوته ثلاثة عشر فيصير معه مائة وخمسة وتسعون وتأخذ من الاوسط منها ثلاثة من ثلاثة عشر وهي خمسة تضمها إلى ما بيده الاكبر يصر معه مائتان وأربعون فتأخذ ثلاثة أرباعها وهي مائة وثمانون ويبقى له ستون ويبقى للاوسط مائة وخمسون وللاصغر مائة وستة وخمسون وترجع بالاختصار إلى سدسها وهو أحد وتسعون (فصل) إذا خلف ابنا فأقر بأخ ثم جحده لم يقبل جحده ولزمه أن يدفع إليه نصف ما بيده، فان أقر بعد جحده بآخر احتمل ان لا يلزمه له شئ لانه لا فضل في يده عن ميراثه وهذا قول ابن ابي ليلى وان كان لم يدفع إلى الاول شيئا لزمه ان يدفع إليه نصف ما بيده ولا يلزمه للآخر شئ لما ذكرنا ويحتمل ان يلزمه دفع النصف الباقي كله إلى الثاني لانه فوته عليه وهو قول زفر وبعض البصريين ويحتمل ان يلزمه ثلث ما في يده للثاني لانه الفضل الذي في يده على تقدير كونهم ثلاثة فيصير كما لو اقر بالثاني من غير جحد الاول، وهذا احد الوجود لاصحاب الشافعي، وقال اهل العراق ان كان دفع إلى الاول بقضاء دفع إلى الثاني نصف ما بقي في يده وان كان دفعه بغير قضاء دفع إلى الثاني ثلث جميع المال، وان خلف ابنين فأقر احدهما باخ ثم جحده ثم اقر بآخر لم يلزمه للثاني شئ لانه لافضل في يده وعلى الاحتمال الثاني يدفع إليه نصف ما بقي في يده وعلى الاحتمال الثالث يلزمه دفع ما بقي في يده ولا يثبت نسب واحد منهما في هذه الصورة ويثبت نسب المقر به الاول في المسألة الاولى دون الثاني
(فصل) إذا مات رجل وخلف ابنين فمات احدهما وترك بنتا فاقر الباقي باخ له من ابيه ففي يده ثلاثة ارباع المال وهو يزعم ان له ربعا وسدسا فيفضل في يده ثلث يرده على المقر به فان اقرت به البنت وحدها ففي يدها الربع وهي تزعم ان لها السدس يفضل في يدها نصف السدس تدفعه إلى المقر له وهذا قول ابن ابي ليلى، وقال أبو حنيفة ان اقر الاخ دفع إليه نصف ما في يده وان أقرت البنت دفعت إليه خمسة اسباع ما في يدها لانها تزعم ان له ربعا وسدسا وذلك خمسة من اثنى عشر ولها السدس وهو سهمان
فيصير الجميع سبعة لها منها سهمان وله خمسة.
بنتان وعم ماتت احداهما وخلفت ابنا وبنتا فأقرت البنت بخالة ففريضة الانكار من تسعة وفريضة الاقرار من سبعة وعشرين لها منها سهمان وفي يدها ثلاثة فيدفع إليها سهما، وان اقر بها الابن دفع إليها سهمين، وان اقرت بها البنت الباقية دفعت إليها التسع وان اقر بها العم لم يدفع إليها شيئا، وان أقر الابن بخال له فمسألة الاقرار من اثني عشر له منها سهمان وهما السدس يفضل في يده نصف تسع، وان أقرت به اخته دفعت إليه ربع تسع، وان اقرت به البنت الباقية فلها الربع وفي يدها الثلث فتدفع إليه نصف السدس، وان اقر به العم دفع إليه جميع ما في يده.
ابنان مات احدهما عن بنت ثم اقر الباقي منهما بام لابيه ففريضة الانكار من اربعة للمقر منها ثلاثة ارباعها وفريضة الاقرار من اثنين وسبعين للمقر منهما اربعون يفضل في يده اربعة عشر سهما يدفعها إلى المرأة التى اقر بها وترجع بالاختصار إلى ستة وثلاثين للمقر منها عشرون وللبنت تسعة وللمقر لها سبعة، وان اقرت بها البنت فلها من فريضة الاقرار خمسة عشر سهما وفي يدها الربع وهو ثمانية عشر يفضل في يدها ثلاثة تدفعها إلى المقر لها، وان اقر الابن بزوجة لابيه وهي ام الميت الثاني فمسألة الاقرار من ستة وتسعين لها منها
ستة وخمسون وفي يده ثلاثة ارباع ففضل معه ستة عشر سهما يدفعها إلى المقر لها ويكون له ستة وخمسون ولها ستة عشر وللبنت أربعة وعشرون وترجع بالاختار إلى اثنى عشر لان سهامهم كلها تتفق بالاثمان فيكون للمقر سبعة وللمقر لها سهمان وللبنت ثلاثة، وما جاء من هذا الباب فهذا طريقه.
ابوان وابنتان اقتسموا التركة ثم أقروا ببنت للميت فقالت قد استوفيت نصيبي من تركة ابي فالفريضة في الاقرار من ثمانية عشر للابوين ستة ولكل بنت اربعة فاسقط منها نصيب البنت المقر بها يبقى اربعة عشر للابوين منها ستة وانما اخذا ثلث الاربعة عشر وذلك اربعة اسهم وثلثا سهم فيبقى لهما في يد البنتين سهم وثلث يأخذانها منهما فاضرب ثلاثة في اربعة عشر تكن اثنين واربعين فقد اخذ الابوان اربعة عشر وهما يستحقان ثمانية عشر يبقى لهما اربعة، يأخذانها منهما ويبقى للابنتين اربعة وعشرون، وان قالت قد استوفيت نصف نصيبي فاسقط سهمين من ثمانية عشر يبقى ستة عشر قد اخذا ثلثها خمسة وثلثا وبقي لهما ثلثا سهم فإذا ضربتها في ثلاثة كانت ثمانية واربعين قد اخذا منها ستة عشر يبقى لهما سهمان
(مسألة) (إذا قال مات أبي وانت اخي فقال هو ابي ولست بأخي لم يقبل انكاره لانه نسب الميت إليه بانه ابوه واقر بمشاركة المقر له في ميراثه بطريق الاخوة فلما انكر اخوته لم يثبت اقراره به وبقيت دعواه انه ابوه دونه غير مقبولة كما لو ادعى ذلك قبل الاقرار.
فاما ان قال مات ابوك وانا اخوك فقال لست بأخي فالمال للمقر له وذلك لانه بدأ بالاقرار بان هذا الميت ابوه فثبت ذلك له ثم ادعى مشاركته بعد ثبوت الابوة للاول فإذا انكر الاول اخوته لم تقبل دعوى هذا المقر (مسألة) (فان قال ماتت زوجتي وانت اخوها فقال لست بزوجها فهل يقبل انكاره؟ على وجهين)
وهذه المسألة تشبه الاولى من حيث انه نسب الميتة إليه بالزوجية في ابتداء اقراره كما نسب الابوة إليه في قوله مات ابي وتفارقها في ان الزوجية من شرطها الاشهاد، ويستحب الاعلان بها واشهارها فلا تكاد تخفى ويمكن اقامة البينة عليها بخلاف النسب فانه انما يشهد عليه بالاستفاضة غالبا (فصل) إذا اقر من اعيلت له المسألة بمن يزيل العول كزوج واختين اقرت احداهما باخ لها فاضرب مسألة الاقرار وهي ثمانية في مسألة الانكار وهي سبعة تكن ستة وخمسين للمنكرة من مسألة الانكار سهمان في مسألة الاقرار ستة عشر وللمقرة سهم من مسألة الاقرار في مسألة الانكار سبعة يبقى في يدها تسعة، فان انكر الزوج دفعتها إلى اخيها المقر به وتعطي الزوج ثلاثة من مسألة الانكار في مسألة الاقرار اربعة وعشرون، فان اقر الزوج به فهو يدعى تمام النصف أربعة والاخ يدعى أربعة عشر تكن ثمانية عشر والسهام المقر بها تسعة فإذا قسمتها على الثمانية عشر فللزوج منها سهمان وللاخ سبعة فان اقرت الاختات به وانكر الزوج دفع إلى كل اخت سبعة والى الاخ اربعة عشر يبقى اربعة يقران بها للزوج وهو ينكرها، ففي ذلك ثلاثة اوجه (احدها) ان تقر في يد من هي في يده لان اقراره بطل لعدم تصديق المقر له (والثاني) يصطلح عليها الزوج والاختان له نصفها ولهما نصفها لانها لا تخرج عنهم ولا شئ فيها للاخ لانه لا يحتمل ان يكون له فيها شئ بحال (الثالث) يؤخذ إلى بيت المال لانه مال لم يثبت له مالك، ومذهب ابي حنيفة في الصورة الاولى ان انكر الزوج اخذت المقرة سهميها من سبعة فقسمتها بين اخيها وبنتها على ثلاثة فتضرب ثلاثة في سبعة تكن احدى وعشرين لهما منها ستة لها سهمان ولاخيها اربعة
وان اقر الزوج ضم سهامه إلى سهمها تكن خمسة واقتسماها بينهم على سبعة للزوج اربعة وللاخ سهمان
وللاخت سهم واضرب سبعة في سبعة تكن تسعة واربعين ومنها تصح للمنكرة سهمان في سبعة اربعة عشر وللزوج اربعة في خمسة وللاخ سهمان في خمسة وللمقرة سهم في خمسة (مسألة) (فان كان معهم اختان من ام فمسألة الانكار من تسعة ومسألة الاقرار من اربعة وعشرين وهما يتفقان بالاثلاث إذا ضربت وفق احداهما في الاخرى تكن اثنين وسبعين للزوج من مسألة الانكار ثلاثة في وفق مسألة الاقرار اربعة وعشرون وللاختين من الام سهمان في ثمانية ستة عشر وللمنكرة كذلك وللمقرة سهم من مسألة الاقرار في وفق مسألة الانكار ثلاثة يبقى في يدها ثلاثة عشر للاخ منها ستة ضعف سهمها يبقى سبعة اسهم لا يدعيها احد ففيها الاوجه الثلاثة التى ذكرناها) (احدها) تقر في يد المقرة (والثاني) تؤخذ إلى بيت المال (والثالث) يقسم بين الزوج والمقرة والاختين من الام على حسب ما يحتمل انه لهم لان هذا المال لا يخرج عنهم فان المقرة ان كانت صادقة فهو للزوج والاختين من الام وإن كذبت فهو لها وإن كان لهم لا يخرج عنهم قسم بينهم على قدر الاحتمال كما قسمنا الميراث بين الخنثى ومن معه على ذلك.
فعلى هذا يكون للمقرة النصف وللزوج والاختين النصف بينهم على خمسة لان هذا في حال للمقرة وفي حال لهما فقسم بينهم نصفين ثم جعل نصف الزوج والاختين بينهم على خمسة لان له النصف ولهما الثلث وذلك خمسة من ستة فتقسم السبعة الاسهم بينهم على عشرة للمقرة خمسة وللزوج ثلاثة وللاختين سهمان، فإذا أردت تصحيح المسألة فاضرب المسألة وهي اثنان وسبعون في عشرة، ثم كل من له شئ من اثنين وسبعين مضروب في عشرة
ومن له شئ من عشرة مضروب في سبعة وان صدقها الزوج فهو يدعي اثني عشر تمام النصف والاخ يدعي ستة تكن ثمانية عشر والثلاثة عشر لا تنقسم عليها ولا توافقها فاضرب المسألة في ثمانية عشر تكن ألفا ومائتين وستة وتسعين ثم كل من له شئ من اثنين وسبعين مضروب في ثمانية عشر ومن له
شئ من ثمانية عشر مضروب في ثلاثة عشر فللزوج أربعة وعشرون في ثمانية عشر أربعمائة واثنان وثلاثون وللاختين من الام مائتان ثمانية وثمانون وللمنكر كذلك وللمقرة ثلاثة في ثمانية عشر أربعة وخمسون وللاخ ستة في ثلاثة عشر ثمانية وسبعون وللزوج اثنا عشر في ثلاثة عشر مائة وستة وخمسون وترجع بالاختصار إلى مائتين وستة عشر لان السهام كلها تتفق بالاسداس وعلى هذا تعمل ما ورد عليك من هذه المسائل إذا فهمتها إن شاء الله تعالى (فصل) امرأة وعم ووصى لرجل بثلث ماله فأقرت المرأة والعم أنه أخو الميت فصدقهما ثبت نسبه واخذ ميراثه وان أقرت المرأة وحدها فلم يصدقها المقر به لم يؤثر اقرارها شيئا وإن صدقها الاخ وحده فللمرأة الربع بكماله الا أن تجيز الوصية وللعم النصف ويبقى الربع يدفع إلى الوصي وان صدقها العم ولم يصدقها الوصي فله الثلث وللمرأة الربع والباقي يقر به العم لمن لا يدعيه ففيه الاوجه الثلاثة التي ذكرناها وإن أقربه العم وحده فصدقه الموصى له أخذ ميراثه وهو ثلاثة أرباع وللمرأة السدس ويبقى نصف السدس فيحتمل أن يكون لها لان الموصى له يعترف ببطلان الوصية أو وقوفها على إجازة
المرأة ولم تجزها ويحتمل الاوجه الثلاثة وإن لم يصدقه أخذ الثلث بالوصية وأخذت المرأة السدس بالميراث ويبقى النصف في الاوجه الثلاثة والله سبحانه وتعالى أعلم باب ميراث القاتل (كل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة يمنع القاتل ميراث المقتول سواء كان القتل عمدا أو خطأ بمباشرة أو سبب صغيرا كان القاتل أو كبيرا أو مجنونا) لا يرث قاتل العمد وقد أجمع عليه أهل العلم إلا ما حكي عن سعيد بن المسيب وابن جبير أنهما ورثاه وهو رأي الخوارج لان آية الميراث تتناوله بعمومها فيجب العمل بها ولا تعويل على هذا القول لشذوذه وقيام الدليل على خلافه فان عمر رضي الله عنه أعطى دية ابن قتادة المذحجي لاخيه دون أبيه وكان حذفه بسيف فقتله واشتهرت هذه القصة بين الصحابة فلم تنكر فكانت اجماعا وقال عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ليس لقاتل شئ " رواه مالك في موطئه والامام أحمد بسنده وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي
صلى الله عليه وسلم نحوه رواه ابن اللبان باسناده ورواهما ابن عبد البر في كتابه وروى ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتل قتيلا فانه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره وان كان والده أو ولده فليس لقاتل ميراث " رواه الامام أحمد باسناده ولان توريث القاتل يفضي إلى تكثير القتل لان الوارث ربما استعجل موت موروثه ليأخذ ماله كما فعل الاسرائيلي الذي قتل عمه فأنزل الله تعالى فيه قصة البقرة ويقال ما ورث قاتل بعد عاميل وهو اسم القتيل فأما القتل خطأ فذهب كثير من أهل العلم إلى أن القاتل لا يرث أيضا نص
عليه أحمد يروي ذلك عن عمر وعلي وزيد وابن مسعود وابن عباس وروي نحوه عن أبي بكر رضي الله عنهم وبه قال شريح وعروة وطاوس وجابر بن زيد والنخعي والثوري والشعبي وشريك والحسن ابن صالح ووكيع ويحيى بن آدم والشافعي وأصحاب الرأي وذهب قوم إلى أنه يرث من المال دون الدية روي ذلك عن سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب وعطاء والحسن ومجاهد والزهري ومكحول والاوزاعي وابن أبي ذئب وأبي ثور وابن المنذر وداود وروي نحوه عن علي لان ميراثه ثابت بالكتاب والسنة تخصص قاتل العمد بالاجماع فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه ولنا الاحاديث المذكورة ولان من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها كقاتل العمد والمخالف في الدين، والعمومات مخصصة بما ذكرناه فعلى هذا القتل المانع من الميراث هو القتل بغير حق كالعمد وشبه العمد والخطأ وما أجري مجراه كالقتل بالسبب وقتل الصبي والمجنون والنائم وكل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة.
(مسألة) (فأما ما لا يضمن بشئ من هذا القتل قصاصا أو حدا أو دفعا عن نفسه وقتل العادل الباغي والباغي العادل فلا يمنع وعنه لا يرث العادل الباغي ولا الباغي العادل فيخرج منه أن كل قاتل لا يرث) وجملة ذلك أن القتل المانع من الارث ما كان مضمونا على ما ذكرنا فأما ما ليس بمضمون فلا يمنع الميراث كالقتل قصاصا وحدا ودفعا عن نفسه وقتل العادل الباغي أو من قصد مصلحة موليه بماله فعله من سقي دواء أو بط خراج فمات أو من أمره انسان عاقل كبير ببط خراجه أو قطع سلعة منه فمات بذلك ورثه في ظاهر المذهب قال أحمد إذا قتل الباغي العادل في الحرب يرثه وعن أحمد أن العادل
إذا قتله الباغي في الحرب لا يرثه ونقل محمد بن الحكم عن أحمد في أربعة شهود شهدوا على أختهم بالزنا فرجمت فرجموا مع الناس يرثونها هم غير قتلة وعن أحمد رواية أخرى تدل على أن القتل يمنع الميراث بكل حال فانه قال في رواية ابنيه صالح و عبد الله لا يرث الباغي العادل ولا العادل الباغي وهذا يدل على أن القتل يمنع الميراث بكل حال وهو ظاهر مذهب الشافعي أخذا بظاهر الحديث ولانه قاتل فأشبه الصبي والمجنون وقال أبو حنيفة وصاحباه كل قتل لا يأثم فيه لا يمنع الميراث كقتل الصبي والمجنون والنائم والساقط على انسان من غير اختيار منه وسائق الدابة وقائدها وراكبها إذا قتلت بيدها أو فيها فانه يرثه لانه قتل غير متهم فيه ولا اثم فيه أشبه القتل في الحد ولنا على أبي حنيفة وأصحابه عموم الاخبار خصصنا منها القتل الذي لا يضمن ففي ما عداه تبقي على مقتضاها ولانه قتل مضمون فيمنع الميراث كالخطأ ولنا على الشافعي أنه فعل مأذون فيه فلم يمنع الميراث كما لو أطعمه أو سقاه باختياره فافصى إلى تلفه ولانه حرم الميراث في محل الوفاق كيلا يفضي إلى اتحاد القتل المحرم وزجرا عن اعدام النفس المعصومة وفي مسئلتنا حرمان الميراث يمنع إقامة الحدود الواجبة واستيفاء الحقوق المشروعة ولا يفضي إلى ايجاد قتل محرم فهو ضد ما ثبت في الاصل ولا يصح القياس على قتل الصبى والمجنون لانه قتل محرم وتفويت نفس معصومة والتوريث يفضي إليه بخلاف مسئلتنا إذا ثبت هذا فالمشارك في القتل في الميراث كالمنفرد لانه يلزمه من الضمان بحسبه فلو شهد على موروثه مع جماعة ظلما فقتل لم يرثه وان شهد بحق ورثه لانه غير مضمون
(فصل) أربعة اخوة قتل أكبرهم الثاني ثم قتل الثالث الاصغر سقط القصاص عن الاكبر لان ميراث الثاني صار للثالث والاصغر نصفين فلما قتل الثالث الاصغر لم يرثه وورثه الاكبر فرجع إليه نصف دم نفسه وميراث الاصغر جميعه فسقط عنه القصاص لميراثه بعض دم نفسه وله القصاص على الثالث ويرثه في ظاهر المذهب فان اقتص منه ورثه وورث أخوته الثلاثة ولو أن اثنين قتل أحدهما أحد أبويهما وهما زوجان ثم قتل الآخر أبا الآخر
سقط القصاص عن الاول ووجب على القاتل الثاني لان الاول لما قتل أباه ورث ماله ودمه أخوه وامه فلما قتل الثاني امه ورثها قاتل الاب فصار له من دم نفسه ثمنه فسقط القصاص عنه لذلك وله القصاص على الآخر فان قتله ورثه في ظاهر المذهب وان جرح أحدهما أباه والآخر امه وما نافي حال واحدة ولا وارث لهما سواهما فلكل واحد منهما مال الذي لم يقتله ولكل واحد منهما القصاص على صاحبه ولذلك لو قتل كل واحد منهما أحد الابوين ولم يكونا زوجين فلكل واحد منهما القصاص على اخيه الا أنه لا يمكن أحدهما الاستيفاء الا بابطال حق الآخر فيسقطان وان عفي أحدهما عن الاخر فللآخر قتل العافي ويرثه في الظاهر إن بادر أحدهما فقتل أخاه سقط القصاص عنه وورثه في الظاهر ويحتمل أن لا يرثه ويجب القصاص عليه لان القصاصين لما تساويا وتعذر الجمع بين استيفائهما سقط فلم يبق لهما حكم فيكون المستوفي منهما متعديا باستيفائه فلا يرث أخاه ويجب القصاص عليه بقتله وان أشكل كيفية موت الابوين وادعى كل واحد منهما أن قتيله أولهما موتا خرج في توريثهما ما ذكرنا في الغرقى من توريث كل واحد من الميتين من الآخر ثم يرث كل واحد منهما بعض دم نفسه فيسقط القصاص عنهما ومن لا يرى ذلك
فالجواب فيها كالتي قبلها ويحتمل أن يسقط القصاص بكل حال للشبهة والله أعلم ويكون لكل واحد منهما دية الآخر وماله باب ميراث المعتق بعضه لا يرث العبد ولا يورث سواء كان قنا أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد.
قال شيخنا لا أعلم خلافا في أن العبد لا يرث إلا ما روي عن ابن مسعود في رجل مات وترك أبا مملوكا يشترى من ماله ويعتق ويرث وقاله الحسن وحكي عن طاوس أن العبد يرث ويكون ما ورثه لسيده ككسبه وكما لو وصى له ولانه تصح الوصية له فيرث كالحمل ولنا أن فيه نقصا منع كونه موروثا فمنع كونه وارثا كالمرتد ويفارق الوصية فانها تصح لمولاه ولا ميراث له وقياسهم ينتقض بمختلفي الدين، وقول ابن مسعود لا يصح لان الاب رقيق حين موت ابنه فلم يرثه كسائر الاقارب وذلك لان الميراث صار لاهله بالموت فلم ينتقل عنهم إلى غيرهم وأجمعوا على
أن المملوك لا يورث لانه لا مال له فانه لا يملك، ومن قال أنه يملك بالتمليك فملكه ناقص غير مستقر يزول إلى سيده بزوال ملكه عن رقبته بدليل قوله عليه الصلاة والسلام " من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع " ولان السيد أحق بمنافعه واكتسابه في حياته فكذلك بعد مماته وممن روي عنه أن العبد لا يرث ولا يورث ولا يحجب علي وزيد والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، والاسير الذي عند الكفار يرث إذا علمت حياته في قول عامة الفقهاء الا سعيد بن المسيب فانه قال لا يرث لانه عبد ولا يصح لان الكفار لا يملكون الاحرار بالقهر وهو باق على حريته فيرث كالمطلق
(فصل) والمدبر وأم الولد كلفن لانه رقيق بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم باع مدبرا، وام الولد مملوكة يجوز لسيدها وطؤها بحكم الملك واجارتها وحكمها حكم الامة في جميع أحكامها الا فيما ينقل الملك فيها أو يراد له كالرهن فاما المكاتب فان لم يملك قدر ما عليه فهو عبد لا يرث ولا يورث، وان ملك قدر ما يؤدي ففيه روايتان (إحداهما) أنه عبد ما بقي عليه درهم لا يرث ولا يورث روي ذلك عن عمر وزيد بن ثابت وابن عمر وعائشة وأم سلمة وعمر بن عبد العزيز والشافعي وأبي ثور وعن ابن المسيب وشريح والزهري نحوه لما روى أبو داود باسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " المكاتب عبد ما بقى عليه درهم " وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ايما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها الا عشر أواق فهو عبد وأيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها الا عشرة دنانير فهو عبد " وعن محمد بن المنكدر وعبد الله مولى عفرة وعبد الله بن عبيدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعتاب بن أسيد " من كاتب مكاتبا فهو أحق به حتى يقضي كتابته " وقال القاضي وأبو الخطاب إذا أدى المكاتب ثلاثة أرباع كتابته وعجز عن الربع عتق لان ذلك يجب إيتاؤه للمكاتب فلا يجوز ابقاؤه على الرق لعجزه عما يجب ورده إليه (والرواية الثانية) أنه إذا ملك ما يؤدي صار حرا يرث ويورث فإذا مات له من يرثه ورث، وان مات فلسيده بقية كتابته والباقي لورثته لما روى أبو داود باسناده عن أم سلمة قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كان لاحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه " وروى الحكم عن علي وابن مسعود وشريح يعطى سيده من تركته ما بقي من كتابته فان فضل شئ كالورثة
المكاتب وروي نحوه عن الزهري وبه قال سعيد بن المسيب وابو سلمة بن عبد الرحمن والنخعي
والشعبي والحسن ومنصور ومالك وابو حنيفة الا أن مالكا جعل من كان معه في كتابته أحق ممن لم يكن معه فانه قال في مكاتب هلك وله أخ معه في الكتابة وله ابن قال ما فضل من كتابته لاخيه دون ابنه وجعله أبو حنيفة عبدا مادام حيا وان مات أدي من تركته باقي كتابته والباقي لورثته، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال على المنبر انكم مكاتبون مكاتبين فأيهم أدى النصف فلا رق عليه وعن علي إذا أدى النصف فهو حر وعن عروة نحوه وعن الحسن إذا أدى الشطر فهو غريم، وعن ابن مسعود وشريح مثله وعن ابن مسعود إذا أدى ثلثا أو ربعا فهو غريم وعن ابن عباس إذا كتب الصحيفة فهو غريم وعن علي قال: تجري العتاقة في المكاتب في أول نجم يعني يعتق منه بقدر ما أدى وعنه أنه قال يرث ويحجب ويعتق منه بقدر ما أدى، وروى حماد بن سلمة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أصحاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه، وفي رواية يؤدي المكاتب بقدر ما عتق منه دية الحر وقدر مارق منه دية العبد.
قال يحيى بن أبي كثير وكان علي رضي الله عنه ومروان بن الحكم يقولان ذلك وقد روي حديث ابن عباس عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا والحديث الذي روياه لقولنا أصح ولا نعلم أحدا من الفقهاء قال بهذا وما ذكرناه أولى إن شاء الله (مسألة) (فأما المعتق بعضه فما كسبه يجزئه الحر فهو لورثته ويرث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية) وجملة ذلك أن المعتق بعضه إذا اكتسب مالا ثم مات وخلفه فان كان قد كسبه يجزئه الحر مثل أن يكون قد هايأ سيده على منفعته فاكتسب في أيامه أو ورث شيئا فان الميراث انما يستحقه بجزئه
الحر أو كان قد قاسم سيده في حياته فتركته كلها لورثته لا حق لمالك باقيه فيها، وقال قوم جميع ما خلفه بينه وبين سيده قال ابن اللبان هذا غلط لان الشريك إذا أخذ حقه من كسبه لم يبق له حق في الباقي ولا سبيل له على ما كسبه بنصف الحر كما لو كان بين الشريكين فاقتسما كسبه لم يكن لاحدهما حق في
حصة الآخر، والعبد يخلف أحد الشريكين فيما عتق منه فأما ان لم يكن كسبه بجزئه الحر خاصة ولا اقتسما كسبه فلمالك باقيه من تركته بقدر ملكه فيه والباقى لورثته فان مات له من يرثه فانه يرث ويورث ويحجب على قدر ما فيه من الحرية هذا قول على وابن مسعود رضي الله عنهما وبه قال عثمان التيمي وحمزة الزيات وابن المبارك والمزني وأهل الظاهر، وقال زيد بن ثابت لا يرث ولا يورث واحكامه أحكام العبد وبه قال مالك والشافعي في القديم وجعلا ماله لمالك باقيه قال ابن اللبان هذا غلط لانه ليس لمالك باقيه على ما عتق منه ملك ولاولاء ولا هو ذو رحم قال ابن شريح يحتمل على قول الشافعي القديم أن يجعل في بيت المال لانه لا حق له فيما كسبه يجزئه الحر، وقال الشافعي في الجديد ما كسبه يجزئه الحر لورثته ولا يرث هو ممن مات شيئا وبه قال طاوس وعمرو بن دينار وأبو ثور وقال ابن عباس هو كالحر في جميع أحكامه في توريثه والارث منه وغيرهما وبه قال الحسن وجابر بن زيد والشعبي والنخعي والحكم وحماد وابن أبي ليلى والثوري وابو يوسف ومحمد واللؤلؤي ويحيى بن آدم وداود وقال أبو حنيفة ان كان الذي لم يعتق استسعى العبد فله من تركته سعاية وله نصف ولاية وإن كان غرم الشريك فولاؤه كله للذي أعتق بعضه
ولنا ما روى عبد الله بن احمد ثنا الرملي عن يزيد بن هارون عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العتيق بعتق بعضه " يرث ويورث على قدر ما عتق منه " ولانه يجب أن يثبت لكل بعض حكمه كما لو كان الآخر مثله وقياسا لاحدهما على الآخر إذا ثبت هذا فالتفريع على قولنا لان العمل على غيره واضح وكيفية توريثه أن يعطى من له فرض بقدر ما فيه من الحرية من فرضه وإن كان عصبة نظر ماله مع الحرية الكاملة فأعطي بقدر ما فيه منها فإذا خلف أما وبنتا نصفهما حر وأبا حرا فللبنت بنصف حريتها نصف ميراثها وهو الربع وللام مع حريتها ورق البنت الثلث والسدس مع حرية البنت فقد حجبتها بحريتها عن السدس فبنصف حريتها تحجبها عن نصفه يبقى لها الربع لو كانت حرة فلها بنصف حريتها نصفه وهو الثمن والباقي للاب وإن شئت نزلتهم أحوالا كتنزيل الخناثي فنقول إن كانتا حرتين فالمسألة من ستة للبنت ثلاثة وللام السدس سهم والباقي للاب، وإن
كانا رقيقين فالمال للاب، وإن كانت البنت وحدها حرة فلها النصف والمسألة من اثنين وإن كانت الام وحدها حرة فلها الثلث وهي من ثلاثة وكلها تدخل في الستة فتضربها في الاربعة الاحوال تكن أربعة وعشرين للبنت ستة وهي الربع لان لها النصف في حالين وللام الثمن وهو ثلاثة لان لها السدس في حال والثلث في حال والباقي للاب ويرجع بالاختصار إلى ثمانية.
(مسألة) (وإن كان عصبتان نصف كل واحد منهما حر كالاخوين فهل تكمل الحرية فيما؟ يحتمل وجهين، وإن كان أحدهما يحجب الآخر كابن وابن ابن فالصحيح أنها لا تكمل) إذا كان عصبتان لا يحجب أحدهما الآخر كابنين نصفهما حر ففيه وجهان (أحدهما) تكمل الحرية فيهما بان تضم الحرية من أحدهما إلى ما في الآخر منهما فان كمل منهما
واحد ورثا جميعا ميراث ابن حر لان نصفي شئ، شئ كامل، ثم يقسم ما ورثاه بينهما على قدر ما في كل واحد منهما فإذا كان ثلثا أحدهما وثلث الآخر كان ما ورثاه بينهما أثلاثا فان نقص ما فيهما من الحرية عن حر كامل ورثا بقدر ما فيهما وإن زاد على حر واحد وكان الحران فيهما سواء قسم ما يرثانه بينهما بالسوية، وإن اختلفا أعطي كل واحد منهما بقدر ما فيه قال الخبري قال الاكثرون هذا قياس قول علي رضي الله عنه (والوجه الثاني) لا تكمل الحرية فيهما لانها لو كملت لم يظهر للرق أثر وكانا في ميراثهما كالحرين وان كان أحدهما يحجب الآخر فقيل فيهما وجهان والصحيح أن الحرية لا تكمل ههنا لان الشئ لا يكمل بما يسقطه ولا يجمع بينه وبين ما ينافيه وورثهم بعضهم بالخطاب وتنزيل الاحوال وحجب بعضهم لبعض على مثال تنزيل الخناثى وهو قول أبي يوسف وقد ذكرناه.
(مسائل) ذلك (ابن نصفه حر له نصف المال فان كان معه ابن آخر نصفه حر فلهما المال في أحد الوجهين وفي الآخر لهما نصفه والباقي للعصبة أو لبيت المال ان لم يكن عصبة ويحتمل أن يكون لكل منهما ثلاثة أثمان المال لانهما لو كانا حرين لكان لكل واحد منهما النصف ولو كانا رقيقين لم يكن لهما شئ ولو كان الاكبر وحده حرا كان له المال ولا شئ للاصغر، ولو كان الاصغر وحده حرا
فكذلك، فلكل واحد منهما في الاحوال الاربعة مال ونصف فله ربع ذلك وهو ثلاثة أثمان فان كان معهما ابن آخر ثلثه حر فعلى الوجه الاول يقسم المال بينهم على ثمانية كما تقسم مسأله المباهلة وعلى الثاني يقسم النصف بينهم على ثمانية، وفيه وجه آخر يقسم الثلث بينهم أثلاثا ثم يقسم السدس بين
صاحبي النصفين نصفين وعلى تنزيل الاحوال يحتمل أن يكون لكل واحد ممن نصفه حر سدس المال وثمنه، ولمن ثلثه حر ثلثا ذلك وهو تسع المال ونصف سدسه لان لكل واحد المال في حال ونصفه في حالين وثلثه في حال فيكون له مالان وثلث في ثمانية أحوال فيعطيه ثمن ذلك وهو سدس وثمن ويعطى من ثلثيه، وهو تسع المال ونصف سدسه ابن حر وابن نصفه حر المال بينهما على ثلاثة على الوجه الاول وعلى الثاني النصف بينهما نصفان والباقي للحر فيكون للحر ثلاثة أرباع وللآخر الربع ولو نزلتهما بالاحوال أفضى إلى هذا لان للحر المال في حال والنصف في حال فلهما نصفهما وهو ثلاثة أرباع وللآخر نصفه في حال فله نصف ذلك وهو الربع ولو خاطبتهما لقلت للحر: لك المال، لو كان أخوك رقيقا ونصفه لو كان حرا فقد حجبك بحريته عن النصف فبنصفها يحجبك عن الربع يبقى لك ثلاثة أرباع، ويقال للآخر لك النصف لو كنت حرا فإذا كان نصفك حرا فلك نصفه وهو الربع ابن ثلثاه حر وابن ثلثه حر على الاول المال بينهما أثلاثا وعلى الثاني الثلث بينهما وللآخر ثلث فيكون له النصف وللآخر السدس وقيل الثلثان بينهما أثلاثا فانا بالخطاب نقول لمن ثلثاه حر لو كنت وحدك حرا كان لك المال، ولو كنتما حرين كان لك النصف فقد حجبك بحريته عن النصف فبثلثها يحجبك عن السدس يبقى لك خمسة أسداس لو كنت حرا فلك بثلثي حرية خمسة أتساع، ويقال للاخر يحجبك أخوك بثلثي حرية عن ثلثي النصف وهو الثلث يبقى لك الثلثان فله بثلث حريته ثلث ذلك وهو التسعان ويبقى التسعان لعصبته ان كان أو ذي رحم وإلا لبيت المال ابن حر وبنت نصفها حر للابن خمسة أسداس المال وللبنت سدسه في الخطاب والتنزيل جميعا ومن جمع الحرية أفضى قوله إلى أن له
أربعة أخماس المال ولها الخمس فان كانت البنت حر والابن نصفه حر وعصبة فللابن الثلث ولها ربع
وسدس ومن جمع الحرية فيهما جعل المال بينهما نصفين، ابن وبنت نصفهما حر وعصبة فمن جمع الحرية فثلاثة أرباع المال بينهما على ثلاثة وقال بعض البصريين النصف بينهما على ثلاثة ومن ورث بالتنزيل والاحوال قال للابن المال في حال وثلثاه في حال فله ربع ذلك ربع وسدس وللبنت نصف ذلك ثمن ونصف سدس والباقي للعصبة، وان شئت قلت ان قدرناهما حرين فهي من ثلاثة وان قدرنا البنت وحدها حرة فهي من اثنين وإن قدرنا الابن وحده حرا فالمال له وإن قدرناهما رقيقين فالمال للعصبة فتضرب الاثنين في ثلاثة تكن ستة ثم في أربعة أحوال تكن أربعة وعشرين فللابن المال في حال ستة وثلثاه في حال أربعة صار له عشرة وللبنت النصف في حال خمسة وللعصبة المال في حال ونصفه في حال تسعة فان لم تكن عصبة جعلت للبنت في حال حريتها المال كله بالفرض والرد فيكون لها مال وثلث فيجعل لها ربع ذلك وهو الثلث وإن كان معهما امرأة وأم حرتان كملت الحرية فيهما فحجبا الام إلى السدس والمرأة إلى الثمن لان كل واحد منهما لو انفرد لحجب نصف الحجب فإذا اجتمعا اجتمع الحجب ومن ورث بالاحوال والتنزيل قال للام السدس في ثلاثة أحوال والربع في حال فلها ربع ذلك وهو سدس وثلث ثمن وللمرأة الثمن في ثلاثة أحوال والربع في حال فلها ربع ذلك وهو الثمن وربع الثمن وللابن الباقي في حال وثلثاه في حال فله ربعه وللبنت ثلث الباقي في حال والنصف في حال فلها ربعه وإن لم يكن في المسألة عصبة فللبنت بالفرض والرد أحد وعشرون من اثنين وثلاثين مكان النصف وللام سبعة مكان سدس وتصح المسألة إذا لم يكن فيها رد بالبسط من مائتين
وثمانية وثمانين سهما للام منها ستون وللمرأة خمسة وأربعون وللابن خمسة وثلاثون وللبنت ثلاثة وخمسون والباقي للعصبة وقياس قول من جمع الحرية في الحجب أن يجمع الحرية في التوريث فيكون لهما ثلاثة أرباع الباقي وقال ابن اللبان لهما سبعة عشر من ثمانية وأربعين لانهما لو كانا حرين لكان لهما سبعة عشر من أربعة وعشرين فيكون لهما بنصف حريتهما نصف ذلك وهذا غلط لانه جعل حجب كل واحد منهما لصحابه بنصف حريته كحجبه اياه بجميعها ولو ضاع ذلك لكان لهما حال انفرادهما النصف بينهما من غير زيادة، ابن وأبوان نصف كل واحد منهما حر إن قدرناهم أحرارا فللابن الثلثان وإن
قدرناه حرا وحده فله المال وإن قدرنا معه أحد الابوين حرا فله خمسة أسداس فبجمع ذلك تجده ثلاثة أموال وثلثا فله ثمنها وهو ربع وسدس وللاب المال في حال وثلثاه في حال وسدساه في حالين فله ثمن ذلك ربع وللام الثلث في حالين والسدس في حالين فلها الثمن والباقي للعصبة وان عملتها بالبسط قلت ان قدرناهم احرارا فهي من ستة وان قدرنا الابن وحده حرا فهي من سهم وكذلك الاب وان قدرنا الام وحدها حرة وقدرناها مع حرية الاب فهي من ثلاثة وان قدرنا الابن مع الاب أو مع الام فهي من ستة وان قدرناهم رقيقا فالمال للعصبة وجميع المسائل تدخل في ستة فتضربها في الاحوال وهي ثمانية تكن ثمانية واربعين للابن المال في حال ستة وثلثاه في حال اربعة وخمسة اسداسه في حالين عشرة فذلك عشرون سهما من ثمانية واربعين وللاب المال في حال ستة وثلثاه في حال اربعة وسدساه في حالين
وذلك اثنا عشر وللام الثلث في حالين والسدس في حالين وذلك ستة وهي الثمن وان كان ثلث كل واحد منهما حرا زدت على الست نصفها تصر تسعة وتضربها في الثمانية تكن اثنين وسبعين فللابن عشرون من اثنين وسبعين وهي السدس والتسع وللاب اثنا عشر وهي السدس وللام ستة وهي نصف السدس ولم تتغير سهامهم وانما صارت منسوبة إلى اثنين وسبعين وان كان ربع كل واحد منهم حرا زدت على الستة مثلها وقيل فيما إذا كان نصف كل واحد منهم حرا للام الثمن وللاب الربع وللابن النصف ابن نصفه حر وام حرة للام الربع وللابن النصف وقيل له ثلاثة اثمان وهو نصف ما يبقى فان كان بدل الام اختا حرة فلها النصف وقيل لها نصف الباقي لان الابن يحجبها بنصفه عن نصف فرضها فان كان نصفها حرا فلها الثمن على هذا القول وعلى الاول لها الربع فان كان مع الابن اخت من أم أو أخ من أم فلكل واحد منهما نصف السدس وان كان معه عصبة حر فله الباقي كله (فصل) ابن نصفه حر وابن ابن حر المال بينهما نصفين في قول الجميع الا الثوري قال لابن الابن الربع لانه محجوب بنصف الابن عن الربع فان كان نصف الثاني حرا فله الربع وان كان معهما ابن ابن ابن نصفه حر فله الثمن وقيل للاعلى النصف وللثاني النصف لان فيهما حرية ابن وهذا قول ابي بكر وقال سفيان لا شئ للثاني والثالث لان ما فيهما من الحرية محجوب بحرية الابن فان كان معهم اخ
حر أو غيره من العصبات فله الباقي وان كان نصفه حرا فله نصف ما بقي الا على الوجهين الآخرين ابن نصفه حر وابن ابن ثلثه حر واخ ثلاثة ارباعه حر للابن النصف وللثاني ثلث الباقي وهو السدس وللاخ ثلاثة ارباع الباقي وهو الربع وعلى القول الآخر للابن النصف ولابن الابن الثلث والباقي للاخ ثلاثة اخوة مفترقين نصف كل واحد حر للاخ من الام نصف السدس وللاخ من الابوين نصف الباقي وللاخ من الاب نصف الباقي وتصح من ثمانية واربعين للاخ من الام اربعة وللاخ من الابوين اثنان وعشرون وللاخ من الاب احد عشر وعلى القول الآخر للاخ من الام نصف سدس وللاخ من الابوين النصف وللاخ من الاب ما بقي فان كان معهم بنت حرة فلها النصف ولا شئ للاخ من الام وللاخ من الابوين الربع وللاخ من الاب الثمن والباقى للعصبة وعلى القول الآخر الباقي للاخ من الابوين وحده فان كان نصف البنت حرا فلها الربع وللاخ من الام ربع السدس وللاخ من الابوين نصف الباقي وللاخ من الاب الباقي (فصل) بنت نصفها حر لها الربع والباقي للعصبة فان لم يكن عصبة فلها النصف بالفرض والرد والباقي لذي الرحم فان لم يكن فلبيت المال فان كان معها ام حرة فلها الربع لان البنت الحرة تحجبها عن السدس فنصفها يحجبها عن نصفه وان كان معها امرأة فلها الثمن ونصف الثمن وان كان معها اخ من ام فله نصف السدس فان كان معها بنت ابن فلها الثلث لانها لو كانت كلها رقيقة لكان لبنت
الابن النصف ولو كانت حرة لكان لها السدس فقد حجبتها حريتها عن الثلث فنصفها يحجبها عن السدس وكل من ذكرنا إذا كان نصفه حرا فله نصف ماله في الحرية فان كان ثلثه حرا فله ثلثه فان كان معها بنت اخرى حرة فلهما ربع المال وثلثه بينهما على ثلاثة عند من جمع الحرية فيهما لان لهما بحرية نصفا وبنصف حرية نصف كمال الثلثين وفي الخطاب والتنزيل للحرة ربع وسدس وللاخرى سدس لان نصف احداهما يحجب الاخرى الحرة عن نصف السدس فيبقي لها ربع وسدس والحرة تحجبها عن سدس كامل فيبقى لها سدس فان كان نصفهما رقيقا ومعهما عصبة فلهما ربع المال وسدسه بينهما
لانهما لو كانتا حرتين لكان لهما الثلثان ولو كانت الكبرى وحدها حرة كان لها النصف وكذلك الصغرى ولو كانتا امتين كان المال للعصبة فقد كان لهما مال وثلثان فلهما ربع ذلك وهو ربع وسدس.
وطريقهما بالبسط ان تقول لو كانتا حرتين فالمسألة من ثلاثة ولو كانت الكبرى وحدها حرة فهي من اثنين وكذلك إذا كانت الصغرى وحدها حرة وان كانتا امتين فهي من سهم فتضرب اثنين في ثلاثة تكن ستة ثم في الاحوال الاربعة تكن اربعة وعشرين للكبرى نصف المال في حال ثلاثة وثلثه في حال سهمان صار لها خمسة من اربعة وعشرين وللاخرى مثل ذلك وللعبصة
المال في حال والنصف في حالين والثلث في حال وذلك اربعة عشر سهما من اربعة وعشرين سهما ومن جمع الحرية فيهما جعل لهما النصف والباقي للعصبة فإذا لم تكن عصبة نزلتهما على تقدير الرد فيكون حكمهما حكم اثنين نصف كل واحد منهما حر على ما بيناه ثلاث بنات ابن متنازلات نصف كل واحدة حر وعصبة للاولى الربع وللثانية السدس لانها لو كانت حرة كان لها الثلث وللثالثة نصف السدس في قول البصريين لانك تقول للسفلى لو كانتا أمتين كان لك النصف ولو كانت احداهما حرة كان لك
السدس فنصفهما ثلث فتحجبك العليا عن ربع والثانية عن نصف سدس فيبقى لك سدس لو كنت حرة فإذا كان نصفك حرا كان لك نصفه، وفي التنزيل للثالثة نصف الثمن وثلثه وذلك لاننا لو نزلنا كل واحدة حرة وحدها كان لها النصف، فهذه ثلاثة أحوال من اثنين اثنين، ولو كن اماء كان المال للعصبة ولو كن أحرارا كان للاولى النصف وللثانية السدس والثلث للعصبة، ولو كانت الاولى والثانية حرتين فكذلك ولو كانت الثانية والثالثة حرتين فللثانية النصف وللثالثة السدس والثلث للعصبة فهذه أربعة أحوال من ستة ستة، والمسائل كلها تدخل فيها فتضربها في ثمانية أحوال تكن ثمانية وأربعين للعليا النصف في أربعة
أحوال اثنا عشر وهي الربع وللثانية النصف في حالين والسدس في حالين وهي ثمانية وذلك هو السدس
وللثالثة النصف في حال والسدس في حالين وهي خمسة وهي نصف الثمن وثلثه، وقال قوم تجمع الحرية فيهن فيكون منهن حرية ونصف لهن بها ثلث وربع للاولى والثانية ربعان وللثالثة نصف سدس فان كان معهن رابعة كان لها نصف سدس آخر.
ثلاث أخوات مفترقات نصف كل واحدة حر وأم حرة وعم للتي من قبل الابوين الربع وللتي من قبل الاب السدس وللتي من قبل الام نصف السدس وللام الثلث لانها لا تنحجب الا باثنين من الاخوة والاخوات ولم تكمل الحرية اثنتين وللعم ما بقي، وهكذا لو كانت أخت حرة وأخرى نصفها حر وأم حرة فللام الثلث لما ذكرناه قال الخبري للام
الربع وحجبها بالحر كما يحجب بنصف البنت، والفرق بينهما أن الحجب بالولد غير مقدر بل هو مطلق في الولد والجزء منه وفي الاخوة مقدر باثنين فلا يثبت بأقل منهما ولذلك لم يحجب بالواحد عن شئ أصلا وهذا قول ابن اللبان وحكى القول الاول عن الشعبي وقال هذا غلط، وفي الباب اختلاف كثير وفروع قلما تتفق وقل مسألة تجئ إلا ويمكن عملها بقياس ما ذكرنا (باب الولاء) الاصل فيه قوله تعالى (فان لم تعلموا آباءهم فاخوانهم في الدين ومواليكم) يعني الادعياء وقول النبي صلى الله عليه وسلم " انما الولاء لمن أعتق " متفق عليه وعن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وهبته وقال عليه السلام " لعن الله من تولى غير مواليه " قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وقال صلى الله عليه وسلم " مولى القوم منهم " حديث صحيح، وروى الخلال باسناده عن ابن أبي أوفي قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم " الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب (مسألة) (كل من أعتق عبدا أو عتق عليه برحم أو كتابة أو تدبير أو استيلاد أو وصية
بعقته فله عليه الولاء وعلى أولاده من زوجة معتقة أو من أمه وعلى معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقهم أبدا ما تناسلوا) أجمع أهل العلم على أن من أعتق عبدا أو عتق عليه ولم يعتقه سائبة ولا من زكاته أو نذره أو كفارته
أن له عليه الولاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الولاء لمن أعتق " متفق عليه (فصل) وان أعتق حربي حربيا فله عليه الولاء لان الولاء مشبه بالنسب والنسب ثابت بين أهل الحرب فكذلك الولاء وهذا قول عامة أهل العلم الا أهل العراق فانهم قالوا: العتق في دار الحرب والكتابة والتدبير لا يصح ولنا أن ملكهم ثابت بدليل قول الله تعالى (وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم) فنسبها إليهم فصح عتقهم كأهل الاسلام وإذا صح عتقهم ثبت الولاء لهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الولاء لمن أعتق " فان جاءنا المعتق مسلما فالولاء بحاله وان سبي مولى النعمة لم يرث مادام عبدا فان اعتق فعليه الولاء لمعتقه وله الولاء على عتيقه، وهل يثبت لمعتق السيد ولاء على معتقه؟ يحتمل أن يثبت لانه مولى مولاه ويحتمل أن لا يثبت لانه ما حصل منه انعام عليه ولا سبب لذلك، فان كان الذي اشتراه مولاه فأعتقه فكل واحد منهما مولى صاحبه يرثه بالولاء، وان أسره مولاه فأعتقه فكذلك فان أسره مولاه وأجنبي فأعتقاه فولاؤه بينهما نصفين فإذا مات بعده المعتق الاول فلشريكه نصف ماله لانه مولى النصف مولاه على أحد الاحتمالين والآخر لا شئ له لانه لم ينعم عليه، وان سبي المعتق فاشتراه رجل فأعتقه بطل
ولاء الاول وصار الولاء للثاني وهو قول مالك والشافعي وقيل الولاء بينهما واختاره ابن المنذر لانه ليس أحدهما أولى من الآخر وقيل الولاء للاول لانه أسبق ولنا أن السبي يبطل ملك الحربى الاول فالولاء التابع له أولى ولان الولاء بطل باسترقاقه فلم يعد باعتاقه وان أعتق ذمي عبدا كافرا فهرب إلى دار الحرب فاسترق فالحكم فيه كالحكم فيما إذا أعتقه الحربي سواء.
وان أعتق مسلم كافرا فهرب إلى دار الحرب ثم سباه المسلمون فذكر أبو بكر والقاضي أنه لا يجوز استرقاقه وهو قول الشافعي لان في استرقاقه ابطال ولاء المسلم المعصوم قال ابن اللبان ولان له أمانا بعتق المسلم إياه.
قال شيخنا والصحيح إن شاء الله جواز استرقاقه لانه كافر أصلي كتابي فجاز استرقاقه كمعتق الحربى وكغير المعتق، وقولهم في استرقاقه ابطال ولاء المسلم قلنا لا نسلم بل متى اعتق عاد الولاء للاول
وانما امتنع عمله في حال رقه لمانع وان سلمنا أن فيه ابطال ولائه ولكن ذلك غير ممتنع كما لو قتل بكفره فانه يبطل ولاؤه به فكذلك بالاسترقاق ولان القرابة يبطل عملها بالاسترقاق فكذلك وقول ابن اللبان له أمان لا يصح فانه لو كان له أمان لم يجز قتله ولا سبيه، فعلى هذا ان استرق احتمل أن يكون الولاء للثاني لان الحكمين إذا تنافيا كان الثابت هو الآخر منهما كالناسخ والمنسوخ واحتمل أن
يكون للاول لان ولاءه ثبت وهو معصوم فلا يزول بالاستيلاء كحقيقة الملك ويحتمل أنه بينهما وأيهما مات كان للثاني وان أعتق مسلم مسلما أو أعتقه ذمي فارتد ولحق بدار الحرب فسبي لم يجز استرقاقه وان اشتري فالشراء باطل ولا يقبل منه الا التوبة أو القتل
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: