الفقه الحنبلي - الفرائض 5
نص عليه أحمد وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وزيد في الصحيح عنه، وبه قال الثوري والنخعي وقتادة وابن أبي
ليلي وأبو حنيفة وأصحابه ويحيى بن آدم واسحاق وداود والشافعي في أحد قوليه واختاره بن اللبان.
وعن زيد أنه ورثه بأقوى القرابتين وهي التي لا تسقط بحال، وبه قال الحسن والزهري والاوزاعي ومالك والليث وحماد، وهو الصحيح عن الشافعي وعن عمر بن عبد العزيز ومكحول والشعبي القولان جميعا واحتجوا بأنهما قرابتان لا يورث بهما في الاسلام فلا يورث بهما في غيره كما لو أسقطت احداهما الاخرى.
ولنا أن الله تعالى فرض للام الثلث وللاخت النصف فإذا كانت الام أختا وجب اعطاؤها ما فرض الله تعالى لها في الاثنين كالشخصين ولانهما قرابتان ترث بكل واحدة منهما منفردة لا تحجب احداهما الاخرى ولا يرجح بها فترث بهما مجتمعتين كزوج هو ابن عم، أو ابن عم هو أخ لام ولذوي الارحام
المدلين بقرابتين وقياسهم فاسد لان القرابتين في الاصل تسقط احداهما الاخرى إذا كانا في شخصين فكذلك إذا كانا في شخص واحد وقولهم لا يورث بهما في الاسلام ممنوع فانه إذا وجد ذلك من وطئ شبهة في الاسلام ورث بهما ثم ان امتناع الارث بهما في الاسلام لعدم وجودهما فلو تصور وجودهما ورث بهما بدليل انه قد ورث بنظيرهما في ابن عم هو زوج أو اخ من ام قال ابن اللبان واعتبارهم عندي فاسد من قبل ان الجدة تكون اختا لاب فان ورثوها بكونها جدة لكون الابن يسقط الاخت دونها لزمهم توريثها لكونها اختا لكون الام تسقط الجدة دونها وخالفوا نص الكتاب في فرض
الاخت وورثوا الجدة التي لا نص للكتاب في فرضها وهو مختلف فيهم فمنهم من قال هو طعمة وليس بفرض مسمى ويلزمهم ان الميت إذا خلف امه وام ام هي اخت ان لا يؤتوها شيئا لان الجدودة محجوبة وهي اقوى القرابتين وجعلوا الاخوة تارة اقوى وتارة اضعف وان قالوا اقوى القرابتين الاخوة لان ميراثها اوفر لزمهم في ام هي اخت جعل الاخوة اقوى من جهة الامومة ويلزمهم في اسقاط مع الابن والاخ من الابوين ما لزم القائلين بتقديم الجدودة مع الام فان قالوا توريثها بالقرابتين يفضي الي حجب الام بنفسها إذا كانت اختا وللميت اخت اخرى قلنا وما المانع من هذا فان الله تعالى حجب الام بالاختين بقوله فان كان له اخوه فلامه السدس من غير تقييد بغيرها ثم هم حجبوها عن ميراث الاخت بنفسها فقد دخلوا فيما انكروه بل هو اعظم لانهم فروا من حجب التنقيص إلى حجب الاسقاط فاسقطوا الفرض الذي هو اوكد بالكلية محافظة على بعض الغرض الادنى وخالفوا مدلول اربعة نصوص من كتاب الله تعالى لانهم اعطوا الام الثلث وانما فرض الله تعالى لها مع الاختين السدس والثاني ان الله تعالى
انما فرض لكل واحدة من الاختين ثلثا فاعطوا احداهما النصف كاملا، والثالث ان الله تعالى فرض للاختين الثلثين وهاتان اختان فلم يجعلوا لهما الثلثين الرابع ان مقتضى الآية أن يكون لكل واحدة من الاختين الثلث وهذه اخت فلم يعطوها بكونها اخنا شيئا هذا كله معنى كلام ابن اللبان (فصل) والمسائل التي يجتمع فيها قرابتان ويصح الارث بهما ست احداهن في الذكور وهو عم هو اخ لام وخمس في الاناث وهي بنت هي اخت أو بنت ابن وام هي اخت وام ام هي اخت لاب وام اب هي اخت لام فمن ورثهم بأقوى القرابتين ورثهم بالبنوة والامومة دون الاخوة وبنوة الابن واختلفوا في الجدة إذا كانت اختا فمنهم من قال الجدودة اقوى لانها جهة ولادة لا تسقط بالولد ومنهم من قال الاخوة اقوى لانها اكثر ميراثا وقال ابن شريح وغيره هو الصحيح ومن ورث بأقوى القرابتين لم يحجب الام بأخوة نفسها الا ما حكاه سحنون عن مالك انه حجبها بذلك والصحيح عنه الاول ومن ورث بالقرابتين حجبها بذلك ومتي كانت البنت اختا والميت رجل فهي اخت لام ومتى كان امرأة فهي اخت لاب فان قيل ام هي اخت لام أو ام ام هي اخت لام أو ام أب هي اخت لاب فهو محال
(مسألة) إذا خلف امة وهي اخته من ابيه وعما فمن ورثها بقرابتين جعل لها الثلث بكونها أما والنصف بكونها أختا لاب والباقي للعم فان كان معها أخت أخرى لم ترث بكونها أما الا السدس لانها انحجبت بنفسها وبالاخت الاخرى ومن ورثها بأقوى القرابتين ورثها الثلث بكونها أما ولم يحجبها بنفسها (مسألة) (ولا يرثون بنكاح ذوات المحارم ولا بنكاح لا يقرون عليه، لو أسلموا) المجوس ومن جرى مجراهم ممن ينكح ذوات المحارم إذا أسلموا وتحاكموا الينا.
قال شيخنا لا نعلم خلافا
في أنهم لا يرثون بنكاح ذوات المحارم فأما غيره من الانكحة فكل نكاح اعتقدوا صحته وأقروا عليه بعد إسلامهم توارثوا به سواء وجد بشروطه المعتبرة في نكاح المسلمين أولا وما لا يقرون عليه بعد اسلامهم لا يتوارثون به والمجوس وغيرهم في هذا سواء فلو طلق الكافر امرأته ثم نكحها ثم أسلما لم يقرا عليه وان مات أحدهما لم يرثه الآخر وكذلك إن مات أحدهما قبل اسلامهما لم يتوارثا في قول الجميع وأصل الاختلاف في الميراث الاختلاف فيما يقران عليه ان أسلما أو تحاكما الينا ونذكر ذلك في نكاح الكفار إن شاء الله تعالى (فصل) وإذا مات ذمي لا وارث له كان ماله فيئا وكذلك ما فضل من ماله عن وارثه كمن ليس له وارث الا أحد الزوجين لانه مال ليس له مستحق معين فكان فيئا كمال الميت المسلم الذي هو كذلك مسائل من هذا الباب مجوسي تزوج ابنته فأولدها بنتا ثم مات عنهما فلهما الثلثان لانهما ابنتان ولا ترث الكبرى بالزوجية في قول الجميع فان ماتت الكبرى بعده فقد تركت بنتا هي أخت لاب فلها النصف بالبنوة والباقي بالاخوة وإن ماتت الصغرى أولا فقد تركت أما هي أخت لاب فلها النصف والثلث بالقرابتين ومن ورث بأقوى القرابتين لم يورثها بالاخوة شيئا في المسئلتين وقال بن شريح يحتمل قول الشافعي توريثها بالقرابتين في المسألة الاولى لانه لم يمنع توريث الشخص بفرض وتعصيب لتوريثه ابن العم إذا كان زوجا أو أخا لام وانما منع الارث بفرضين فان كان المجوسي أولدها بنتين ثم مات وماتت الكبرى بعده فقد تركت بنتين هما أختان لاب وان لم تمت الكبرى بل ماتت احدى الصغيرتين فقد تركت أختا لابوين وأما هي أخت لاب فلامها السدس بكونها أما والسدس بكونها أختا لاب
وانحجبت بنفسها وأختها عن السدس وللاخت النصف على القول الآخر لها الثلث بالامومة ولا شئ لها بالاخوة ولا تنحجب بها وللاخت النصف فقد استوى الحكم في القولين وان اختلف طريقهما وعلى ما حكاه سحنون لها السدس وتنحجب بنفسها وأختها وان أولدها المجوسي ابنا وبنتا ثم مات وماتت الصغرى بعده فقد خلفت أما هي أخت لاب وأخا لاب وأم فلامها السدس والباقي للاخ ولا شئ للام بالاخوة لان الاخ للابوين يحجبها وعلى القول الآخر للام الثلث كاملا إذا تزوج المجوسي أمه فأولدها بنتا ثم مات فلامه السدس ولابنته النصف ولا ترث أمه بالزوجية ولا ابنته بكونها أختا لام شيئا وإن ماتت الكبرى بعده فقد خلفت بنتا هي بنت ابن فلها الثلثان بالقرابتين وعلى القول الآخر لها النصف وإن ماتت الصغرى بعده فقد تركت أما هي أم أب فلها الثلث بالامومة لا غير على القولين جميعا وان تزوج ابنته فأولدها بنتا ثم تزوج الصغرى فأولدها بنتا ثم مات وماتت الكبرى بعده فقد تركت أختيها لابيها احداهما بنتها والاخرى بنت بنتها فلبنتها النصف والباقي بينهما وعلى القول الآخر لبنتها النصف والباقى للصغرى وإن ماتت الوسطى بعده فقد تركت أختيها إحداهما أمها والاخرى بنتها فلامها السدس ولبنتها النصف والباقي بينهما وعلى القول الآخر الباقي للعصبة وإن ماتت الصغرى بعد فقد خلفت أختيها إحداهما أمها والاخرى جدتها فلامها السدس والثلثان بينهما وقد انحجبت الام بنفسها وبأمها عن السدس وعلى القول الآخر من جعل الاخوة أقوى فللكبرى النصف وللوسطى الثلث والباقي للعصبة ومن جعل الجدودة أقوى لم يورث الكبرى شيئا لانها لا ترث بالاخوة لكونها ضعيفة ولا بالجدودة لكونها محجوبة بالامومة وإن ماتت الصغرى بعد الوسطى فقد خلفت جدة هي أخت لاب فلها الثلثان
بالقرابتين ومن ورث باحداهما فلها السدس عند قوم وعند ابن شريح ومن وافقه لها النصف وهي اختيار الخبري، مجوسي تزوج أمه فأولدها بنتا ثم تزوج بنته فأولدها ابنا ثم تزوج الابن جدته فأولدها بنتا ثم مات المجوسي ثم ماتت أمه فقد خلفت بنتا هي بنت ابن وبنتا أخرى هي بنت ابن ابن وخلفت ابن ابن هو زوجها فلابنتيها الثلثان والباقي بين الكبرى وابنها على ثلاثة وتصح من تسعة
للكبرى أربعة وللصغرى ثلاثة وللذكر سهمان وعلى القول الآخر الباقي للذكر وحده فان ماتت بعده بنته فان الكبرى جدتها أم أبيها وهي أختها من أمها فلها السدسان بالقرابتين وفي الثاني لها سدس باحداهما (فصل) وان وطئ مسلم بعض محارمه بشبهة أو اشتراها وهو لا يعرفها فوطئها وولدت له واتفق مثل هذه لانسان فالحكم فيها مثل هذا سواء (فصل) في التزويج في المرض والصحة، حكم النكاح في الصحة، والمرض سواء في صحة العقد وتوريث كل واحد منهما من صاحبه في قول الجمهور وبه قال أبو حنيفة والشافعي وقال مالك اي الزوجين كان مريضا مرضا مخوفا حال عقد النكاح فالنكاح فاسد لا يتوارثان به إلا أن يصيبها فيكون لها المسمى في ثلاثة مقدما على الوصية وعن الزهري ويحيى بن سعيد مثله واختلف أصحاب مالك في نكاح من لا يرث كالامة والذمية فقال بعضهم يصح لانه لا يتهم بقصد توريثها ومنهم من أبطله لجواز أن تكون وارثة وقال ربيعة وابن أبي ليلى الصداق والميراث من الثلث وقال الاوزاعي النكاح صحيح ولا ميراث بينهما وعن القاسم بن محمد والحسن ان قصد الاضرار بورثته فالنكاح باطل وإلا فهو صحيح
ولنا أنه عقد معاوضة يصح في الصحة فصح في المرض كالبيع ولانه نكاح صدر من أهله في في محله بشرطه فصح كحال الصحة وقد روينا أن عبد الرحمن بن أم الحكم تزوج في مرضه ثلاث نسوة أصدق كل واحدة الفا ليضيق بهن على امرأته ويشركنها في ميراثها فأجيز ذلك وإذا ثبت صحة النكاح ثبت الميراث بعموم الآية (فصل) ولا فرق في ميراث الزوجين بين ما قبل الدخول وبعده لعموم الآية ولان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق أن لها الميراث وكان زوجها مات عنها قبل الدخول بها ولم يكن فرض لها صداقا ولان النكاح صحيح ثابت فيورث به كما بعد الدخول (فصل) فأما النكاح الفاسد فلا يثبت به التوارث بين الزوجين لانه ليس بنكاح شرعي ومتى اشتبه من نكاحها فاسد بمن نكاحها صحيح فالمنصوص عن أحمد أنه قال فيمن تزوج أختين لا يدري أيهما تزوج أول؟ أنه يفرق بينهما وتوقف عن ان يقول في الصداق شيئا قال أبو بكر يتوجه
على قوله أن يقرع بينهما فعلى هذا الوجه يقرع بينهما في الميراث إذا مات عنهما وعن النخعي والشعبي ما يدل على أن الميراث يقسم بينهن على حسب الدعاوى والتنزيل كميراث الخناثى وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقال الشافعي يوقف المشكوك فيه من ذلك حتى يصطلحن عليه أو يتبين الامر فلو تزوج امرأة في عقد واربعا في عقد ثم مات وخلف أخا ولم يعلم أي العقدين سبق ففي قول أبي حنيفة كل واحدة تدعي مهرا كاملا ينكره الاخ فيعطي كل واحدة نصف مهر ويؤخذ ربع الباقي تدعيه الواحدة والاربع فيقسم نصفه للواحدة ونصفه للاربع وعند الشافعي أكثر ما يجب عليه أربعة مهور فيأخذ
ذلك يوقف منها مهر بين النساء الخمس ويبقى ثلاثة تدعي الواحدة ربعها ميراثا ويدعي الاخ ثلاثة أرباعها فيوقف منها ثلاثة أرباع مهر بين النساء الخمس وباقيها وهو مهران وربع بين الاربع والاخ ثم يؤخذ ربع ما بقي فيوقف بين النساء الخمس والباقى للاخ (فصل) فان تزوج امرأة في عقد واثنتين في عقد وثلاثا في عقد ولم يعلم السابق فالواحدة نكاحها صحيح فلها مهرها ويبقى الشك في الخمس، فعلى قول أهل العراق لهن مهران بيقين والثالث لهن في حال دون حال فيكون لهن نصفه ثم يقسم ذلك بينهن لكل واحدة نصف مهر ثم يؤخذ ربع الباقي لهن ميراثا فللواحدة ربعه يقينا وتدعي نصف سدسه فتعطى نصفه فيصير لها من الربع سدسه وثمنه وذلك سبعة من أربعة وعشرين والاثنتان يدعيان ثلثيه وهو ستة عشر سهما فيعطين نصفه وهو ثمانية أسهم والثلاث يدعين ثلاثة أرباعه وهو ثمانية عشر سهما فيعطين تسعه وهذا قول محمد بن الحسن، وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف تقسم السبعة بين الثلاث والاثنتين نصفين فيصير الربع من ثمانية وأربعين ثم تضرب الاثنين في الثلاث ثم في ثمانية واربعين تكن مائتين وثمانية وثمانين فهذا ربع المال، وعند الشافعي تعطى الواحدة مهرها ويوقف ثلاثة مهور مهران منها بين الخمس ومهر تدعي الواحدة والاثنتان ربعه ميراثا وتدعيه الثلاث مهرا وثلاثة أرباعه يدعيه الاخ ميراثا وتدعيه الثلاث مهرا ويؤخذ ربع ما بقي فيدفع ربعه إلى الواحدة ونصف سدسه بين الواحدة والثلاث موقوف وثلثاه بين الثلاث والاثنتين موقوف فان طلبت واحدة من الخمس شيئا من الميراث الموقوف لم يدفع إليها شئ وكذلك إن طلبه أحد الفريقين لا يدفع
إليه شئ وان طلب واحدة من الثلاث وواحدة من الاثنتين دفع اليهما ربع الميراث وان طلبه واحدة
من الاثنتين واثنتان من الثلاث أو الثلاث كلهن دفع اليهن ثلاثه وان عين الزوج المنكوحات أولا قبل تعيينه وثبت، وان وطئ واحدة منهن لم يكن ذلك تعيينا لها وهذا قول الشافعي، وللموطوءة الاقل من المسمى أو مهر المثل ويكون الفضل بينهما موقوفا وعلى قول أهل العراق يكون تعيينا، فإذا كانت الموطوءة من الاثنتين صح نكاحها وبطل نكاح الثلاث، وان كانت من الثلاث بطل نكاح الاثنتين وان وطئ واحدة من الاثنتين وواحدة من الثلاث صح نكاح الفريق المبدوء بوطئ واحدة منه وللموطوءة التي لم يصح نكاحها مهر مثلها، فان أشكل أيضا أخذ منه اليقين وهو مهران مسميان ومهر مثل ويبقى مهر مسمى تدعيه النسوة وينكره الاخ فيقسم بينهما فيحصل للنسوة مهر مثل ومسميان ونصف منها مهر مسمى ومهر مثل يقسم بين الموطوءتين نصفين ويبقى مسمى ونصف بين الثلاث الباقيات لكل واحدة نصف مسمى والميراث على ما تقدم، وعند الشافعي لا حكم للوطئ في التعيين وهل يقوم تعيين الوارث مقام تعيين الزوج فيه قولان فعلى قوله يؤخذ مسمى ومهر مثل للموطوءتين تعطى كل الاقل من المسمى أو مهر المثل ويقف الفضل بينهما ويبقى مسميان ونصف يقف أحدهما بين الثلاث اللاتي لم يوطأن وآخر بين الثلاث والاثنتين، والميراث على ما تقدم، وحكي عن الشعبي والنخعي فيمن له أربع نسوة أبت طلاق احداهن ثم نكح خامسة ومات ولم يدر أيتهن طلق فللخامسة ربع الميراث وللاربع ثلاثة أرباعه بينهن وهذا مذهب أبي حنيفة إذا كان نكاح الخامسة بعد انقضاء عدة المطلقة، ولو أنه قال بعد نكاح الخامسة احدى نسائي طالق ثم نكح سادسة ثم مات قبل ان يبين فللسادسة ربع الميراث وللخامسة ربع ثلاثة الارباع
الباقية وما بقى بين الاربع الاول ارباعا وفي قول الشافعي ما أشكل من ذلك موقوف على ما تقدم (باب ميراث المطلقة) (إذا طلقها في صحته أو مرض غير مخوف طلاقا بائنا قطع التوارث بينهما) وجملة ذلك أن الرجل إذا طلق امرأته في صحته طلاقا بائنا أو رجعيا فبانت بانقضاء عدتها
لم يتوارثا إجماعا لزوال الزوجية التي هي سبب الميراث وكذلك ان طلقها في مرض غير مخوف لان حكم الطلاق فيه حكم الطلاق في الصحة، فان طلقها في المرض المخوف فصح من مرضه ذلك ومات بعده لم ترثه في قول الجمهور وروي عن النخعي والشعبي والثوري وزفر أنها ترثه لانه طلاق في مرض مخوف قصد به الفرار من الميراث فلم يمنعه كما لو لم يصح ولنا أن هذه بائن بطلاق في غير مرض الموت فلم ترثه كالمطلقة في الصحة ولان حكم هذا المرض حكم الصحة في العطايا والعتاق والاقرار فكذلك في الطلاق وما ذكروه يبطل بما إذا قصد الفرار في الصحة (مسألة) (وان كان الطلاق رجعيا لم يقطعه مادامت في العدة) سواء كان في المرض أو الصحة بغير خلاف نعلمه روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم وذلك لان الرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ويملك امساكها بالرجعة بغير رضاها ولا ولى ولا شهود ولا صداق جديد
(مسألة) (وان طلقها في مرض الموت المخوف طلاقا لا يتهم فيه بأن سألته الطلاق أو علق طلاقها على فعل لها منه بد ففعلته أو علقه على شرط في الصحة فوجد في المرض أو طلق من لا يرث كالامة والذمية فعتقت وأسلمت فهو كطلاق الصحيح في أصح الروايتين) إذا سألته الطلاق في مرضه فأجابها فقال القاضي فيه روايتان (إحداهما) لا ترثه لانه ليس بفار (والثانية) ترثه لانه طلقها في مرضه وهو قول مالك، وكذلك الحكم إذا خالعها أو علق الطلاق على مشيئتها فشاءت أو على فعل من جهتها لها منه بد ففعلته أو خيرها فاختارت نفسها، والصحيح في هذا كله أنها لا ترثه لانه لا فرار منه وهذا قول أبي حنيفة والشافعي فان لم تعلم بتعليق طلاقها ففعلت ما علق عليه ورثته لانها معذورة فيه، ولو سألته طلقه فطلقها ثلاثا ورثته لانه أبانها بما لم تطلبه منه فان علق طلاقها على شرط في الصحة فوجد في المرض كقدوم زيد ومجئ زيد وصلاتها الفرض بانت ولم ترثه وذكر القاضي رواية أخرى أنها ترث وهو قول مالك لان الطلاق وقع في المرض والاول أصح (مسألة) (فان طلق الزوج المسلم امرأته الذمية أو الامة في المرض طلاقا بائنا ثم أسلمت الذمية
وعتقت الامة ثم مات في عدتهما لم يرثاه لانه لم يكن عند الطلاق فارا) وفيه رواية أخرى أنها ترث لانه طلاق في مرض الموت فورثته كغيرها هكذا ذكره شيخنا في الكتاب المشروح ولم يذكر في المغني والكافي هذه الرواية الاخيرة (فصل) فان قال لهما أنتما طالقتان غدا فعتقت الامة وأسلمت الذمية لم يرثاه لانه غير فار (مسألة) (وان قال سيد الامة أنت حرة غدا فطلقها اليوم وهو يعلم بقول السيد ورثته) لانه فار وان لم يعلم لم ترثه لعدم الفرار وبه قال أبو حنيفة والشافعي ولم أعلم فيه مخالفا
(فصل) إذا قال لامرأته في صحته إذا مرضت فأنت طالق فحكمه حكم طلاق المريض سواء وان أقر في مرضه أنه كان طلقها في صحته ثلاثا لم يقبل اقراره عليها وكان حكمه حكم طلاقه في مرضه وبه قال مالك وابو حنيفة ويقبل عند الشافعي ولنا أنه أقر بما يبطل به حق غيره فلم يقبل كما لو أقر بمالها (مسألة) (وان كان متهما بقصد حرمانها الميراث مثل أن طلقها ابتداء أو علقه على فعل لابد لها منه كالصلاة ونحوها ففعلته أو قال للامة أو ذمية إذا أسلمت أو عتقت فأنت طالق أو علم أن سيد الامة قال لها أنت حرة غدا فطلقها اليوم ورثته مادامت في العدة ولم يرثها) وجملته أنه إذا طلقها في المرض المخوف طلاقا بائنا ثم مات من مرضه ذلك في عدتها ورثته ولم يرثها ان ماتت يروى هذا عن علي وعمر وعثمان، وبه قال شريح وعروة والحسن والشعبي والنخعي والثوري وأبو حنيفة في أهل العراق ومالك في أهل المدينة وابن أبي ليلى وهو قول الشافعي القديم، وروي عن عبد الله بن الزبير لا ترث مبتوتة ويروى ذلك عن علي وعبد الرحمن بن عوف وهو قول الشافعي الجديد لانها بائن فلا ترث كالبائن في الصحة أو كما لو كان الطلاق باختيارها ولان أسباب الميراث محصورة في رحم ونكاح وولاء وليس لها شئ من هذه الاسباب ولنا أن عثمان رضي الله عنه ورث تماضر بنت الاصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف وكان طلقها في مرضه فبتها واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان اجماعا ولم يثبت عن علي وعبد الرحمن خلاف هذا بل قد روى عروة أن عمر قال لعبد الرحمن ان مت فلاورثتها منك قال قد علمت ذلك، وما روي عن ابن
الزبير ان صح فهو مسبوق بالاجماع ولانه قصد قصد فاسدا في الميراث فعورض بنقيض قصده كالقاتل القاصد استعجال الميراث يعاقب بحرمانه (مسألة) (وان علق طلاقها على فعل لابد لها منه كالصلاة المكتوبة والصيام الواجب ففعلته فحكمه حكم طلاقه ابتداء) في قول الجميع وكذلك لو علقه على كلامها لابويها ولاحدهما (مسألة) (وهل ترثه بعد العدة أو ترثه المطلقة قبل الدخول؟ على روايتين) المشهور عن أحمد رحمه الله أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج قال أبو بكر لا يختلف قول أبي عبد الله في المدخول بها أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج روي ذلك عن الحسن وهو قول البتي وحميد وابن أبي ليلى وبعض البصريين وأصحاب الحسن ومالك في أهل المدينة، وذكر عن أبي ابن كعب لما روى أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أباه طلق أمه وهو مريض فمات فورثته بعد انقضاء العدة ولان سبب توريثها فراره من ميراثها وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة، وفيه رواية أخرى أنها لا ترث بعد العدة وهذا قول عروة وأبي حنيفة وأصحابه وقول الشافعي القديم لانها تباح لزوج آخر فلم ترثه كما لو كان في الصحة ولان توريثها بعد العدة يفضي إلى توريث أكثر من أربع نسوة فلم يجز كما لو تزوجت، والمطلقة قبل الدخول في مرضه المخوف فيها روايتان كالتي انقضت عدتها إذا كانت كل واحدة منهما لا عدة لها (مسألة) (وان تزوجت في عدتها لم ترثه سواء كانت في الزوجية أو بانت من الزوج الثاني
هذا قول أكثر أهل العلم، وقال مالك في أهل المدينة ترثه لما ذكرنا للرواية الاولى في المسألة قبلها ولانها شخص يرث مع انتفاء الزوجية فورث معها كسائر الوارثين ولنا أن هذه وارثة من زوج فلا ترث زوجا سواء كسائر الزوجات ولان التوريث في حكم النكاح فلا يجوز اجتماعه مع نكاح آخر كالعدة ولانها فعلت باختيارها ما ينافي نكاح الاول فأشبه ما لو كان فسخ النكاح من قبلها وهكذا لو ارتدت في عدتها ولم تسلم أو فعلت ما ينافي نكاح الاول
(فصل) إذا طلق امرأته ثلاثا قبل الدخول في المرض فقال أبو بكر فيها أربع روايات (احداهن) لها الصداق كاملا والميراث وعليها العدة اختارها أبو بكر وهو قول الحسن وعطاء وأبي عبيد لان الميراث ثبت للمدخول بها لفراره منه وهذا فار، وإذا ثبت الميراث ثبت وجوب تكميل الصداق، قال شيخنا وينبغي أن تكون العدة عدة الوفاة لانا جعلناها في حكم من توفي عنها وهي زوجة ولان الطلاق لا يوجب عدة على غير المدخول بها (الثانية) لها الميراث والصداق ولا عدة عليها وهو قول عطاء لان العدة حق عليها فلا تجب بفراره (والثالثة) لها الميراث ونصف الصداق وعليها العدة وهذا قول مالك في رواية أبي عبيد عنه لان من ترث يجب أن تعتد ولا يكمل الصداق لقول الله تعالى (وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم فلا يجوز مخالفة ذلك (والرابعة) لا ترث ولا عدة عليها ولها نصف الصداق وهو قول جابر بن زيد والنخعي وأبي حنيفة والشافعي وأكثر أهل العلم قال أحمد قال جابر بن زيد لا ميراث لها ولا عدة عليها، وقال الحسن ترث قال أحمد اذهب إلى قول جابر لان الله سبحانه نص على تنصيف الصداق ونفي العدة عن المطلقة قبل الدخول بقوله سبحانه
(وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) ولا يجوز مخالفة نص الكتاب بالرأي والتحكم، وأما الميراث فانها ليست بزوجته ولا معتدة من نكاح أشبهت المطلقة في الصحة فان خلا بها وقال لم أطأها وصدقته فلها الميراث وعليها العدة للوفاة ويكمل لها الصداق لان الخلوة تكفي في ثبوت هذه الاحكام وهذا قول أبي حنيفة (فصل) ولو طلق المدخول بها طلاقا رجعيا ثم مرض في عدتها ومات بعد انقضائها لم ترثه لانه طلاق صحة فان طلقها واحدة في صحته وأبانها في مرضه ثم مات بعد انقضاء عدتها فحكمها حكم ما لو ابتدأ طلاقها في مرضه لانه فر من ميراثها وان طلقها واحدة في صحته وأخرى في مرضه ولم يبنها حتى بانت بانقضاء عدتها لم ترث لان طلاق المرض لم يقطع ميراثها ولم يؤثر في بينونتها (فصل) وإذا طلقها ثلاثا في مرضه فارتدت ثم أسلمت ثم مات في عدتها ففيه وجهان (أحدهما) ترثه
وهو قول مالك لانها مطلقة في المرض أشبه ما لو لم ترتد (والثاني) لا ترثه وهو قول أبي حنيفة والشافعي لانها فعلت ما ينافي النكاح أشبه ما لو تزوجت، ولو كان هو المرتد ثم أسلم ومات ورثته وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي لا ترثه ولنا أنها مطلقة في المرض لم تفعل ما ينافي نكاحها مات زوجها في عدتها أشبه ما لو لم ترتد ولو ارتد أحد الزوجين بعد الدخول ثم عاد إلى الاسلام قبل انقضاء العدة ورثه الآخر لان النكاح باق، وان
انقضت العدة قبل رجوعه انفسخ النكاح ولم يرث أحدهما الآخر، وان قلنا إن الفرقة تتعجل عند اختلاف الدين لم يرث أحدهما الآخر ويتخرج أن يرثه الآخر إذا كان ذلك في مرض موته لانه تحصل به البينونة أشبه الطلاق وهو قول مالك وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا ارتدت المرأة ثم ماتت في عدتها ورثها الزوج (فصل) فان علق طلاقها على فعل نفسه وفعله في المرض ورثته لانه أوقع الطلاق بها في المرض أشبه ما لو كان التعليق في المرض وإن قال في الصحة أنت طالق إن لم أضرب غلامي فلم يضربه حتى مات ورثته ولا يرثها إن ماتت وإن مات الغلام والزوج مريض طلقت وكان كتعليقه على مجئ زيد على ما ذكرنا وكذلك إن قال إن لم اوفك مهرك فأنت طالق فان ادعى أنه وفاها مهرها فأنكرته صدق الزوج في ثوريثه منها لان الاصل بقاء النكاح ولم يصدق في براءته منه لان الاصل بقاؤه في ذمته ولو قال لهافي الصحة أنت طالق إن لم اتزوج عليك فكذلك نص عليه أحمد وهو قول الحسن ولو قذف المريض أمرأته ثم لاعنها في مرضه فبانت منه ثم مات في مرضه ورثته وإن ماتت لم يرثها وإن قذفها في صحته ثم لاعنها في مرضه ثم مات فيه لم ترثه نص عليه أحمد وهو قول الشافعي واللؤلؤي وذكر القاضي رواية اخرى أنها ترث وهو قول أبي يوسف وإن آلى منها ثم صح ثم نكس في مرضه فبانت منه بالايلاء لم ترثه (مسألة) (وإن أكره الابن امرأة أبيه في مرض أبيه على ما يفسخ نكاحها لم يقطع ميراثها
إلا أن يكون له امرأة سواها إذا استكره الابن امرأة ابيه على ما يفسخ نكاحها من وطئ أو غيره في مرض أبيه فمات أبوه من مرضه ذلك ورثته ولم يرثها إن ماتت وهو قول أبي حنيفة وأصحابه فان طاوعته على ذلك لم ترث لانها مشاركة له فيما يفسخ نكاحها أشبه ما لو خالعته وسواء كان للميت بنون سوى هذا الابن أو لم يكن فان انتفت التهمة عنه بان لا يكون وارثا كالكافر والقاتل والرقيق أو كان ابنا من الرضاعة أو ابن ابن محجوب بابن الميت أو بأبوين وابنتين أو كان للميت امرأة اخرى تحوز ميراث الزوجات لم ترث لانتفاء التهمة ولو صار ابن الابن وارثا بعد ذلك لم ترث لانتفاء التهمة حال الوطئ ولو كان وارثا حين الوطئ فعاد محجوبا عن الميراث ورثت لوجود التهمة حين الوطئ ولو كان للمريض امرأتان فاستكره ابنه إحداهما لم ترث لانتفاء التهمة لكون ميراثها لا يرجع إليه وإن استكره الثانية بعدها ورثت الثانية لانه متهم في حقها ولو استكرههما معادفعة واحدة ورثتا معا وهذا كله قول أبي حنيفة وأصحابه وأما الشافعي فلا يرى فسخ النكاح بالوطئ الحرام وكذا الحكم فيما إذا وطئ المريض من ينفسخ نكاحه بوطئها كأم امرأته فان امرأته تبين منه وترثه إذا مات في مرضه وسواء طاوعته الموطوءة أو لا لان مطاوعتها ليس للمرأة فيه فعل يسقط به ميراثها فان كان زائل العقل حين الوطئ لم ترث امرأته منه شيئا لانه ليس له قصد صحيح فلا يكون فارا من ميراثها وكذلك لو وطئ بنت امرأته كرها لها وهو زائل العقل فان كان صبيا عاقلا ورثت لان له قصدا صحيحا وقال أبو حنيفة هو كالمجنون لان قوله لا عبرة به وللشافعي فيما إذا وطئ الصبي بنت امرأته وامها قولان أحدهما لا ينفسخ به نكاح امرأته لانه لا يحرم والثاني تبين امرأته فلا ترثه ولا يرثها وفي القبلة والمباشرة دون
الفرج روايتان إحداهما تنشر الحرمة وهو قول أبي حنيفة وأصحابه لانها مباشرة تحرم في غير النكاح والملك أشبهت الوط والثانية لا تنشره لانه ليس بسبب للبعضية فلا ينشر الحرمة كالنظرة والخلوة وخرج أصحابنا في النظر إلى الفرج والخلوة لشهوة وجها أنه ينشر الحرمة والصحيح انها لا تنشر (مسألة) (وإن فعلت المرأة في مرض موتها ما يفسخ نكاحها لم يسقط ميراث زوجها وذلك بان ترضع امرأة زوجها الصغيرة أو زوجها الصغير أو ارتدت فان زوجها يرثها ولا ترثه وبهذا قال أبو
حنيفة، وقال الشافعي لا يرثها ولنا انها أحد الزوجين فرمن ميراث الآخر فأشبه الرجل (فصل) وان اعتقت فاختارت نفسها أو كان الزوج عنينا فاجل سنة فلم يصبها حتى مرضت في آخر الحول فاختارت فرقته وفرق بينهما لم يتوارثا في قولهم أجمعين ذكره ابن اللبان في كتابه وذكر القاضي في المعتقة إذا اختارت نفسها في مرضها لم يرثها لان فسخ النكاح في هذين الموضعين لدفع الضرر لا للفرارمن الميراث وإن قبلت ابن زوجها بالشهوة خرج فيه وجهان أحدهما ينفسخ نكاحها ويرثها إذا كانت مريضة وماتت في عدتها وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه والثاني لا ينفسخ النكاح به وهو قول الشافعي ولو أن رجلا زوج ابنة أخيه صغيرة ثم بلغت ففسخت النكاح في مرضها لم يرثها الزوج بغير خلاف علمناه لان النكاح من أصله فاسد في صحيح المذهب وهو قول الشافعي وروي عن أحمد ما يدل على صحته ولها الخيار وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه لان الفسخ لازالة الضرر لا من اجل الفرار كما لو فسخت المعتقة نكاحها (مسألة) (وإن خلف زوجات نكاح بعضهن فاسد أقرع بينهن فمن أصابتها القرعة فلا ميراث لها)
قد ذكرنا أن النكاح الفاسد لا يثبت به التوارث بين الزوجين لانه ليس بنكاح شرعي فإذا اشتبه من نكاحها فاسد بمن نكاحها صحيح فقد روي عن أحمد ما يدل على أنه يقرع بينهما في الميراث إذا مات عنهما ذكره أبو بكر فمن خرجت لها القرعة فلا ميراث لها وكذلك لو طلق واحدة من نسائه وانسيها لانه اشتبه المستحق بغيره فوجب المصير إلى القرعة كما لو اعتق في مرضه عبيدا فلم يخرج من الثلث إلا أحدهم يروى ذلك عن علي رضي الله عنه وقد ذكرنا ذلك فيما قبل هذا الباب والاختلاف فيه والتفريع عليه (مسألة) (إذا طلق اربع نسوة في مرضه فانقضت عدتهن ثم تزوج أربعا سواهن فالميراث للزوجات وعنه أنه بين الثمان) وجملة ذلك أن المريض إذا طلق امرأته ثم نكح اخرى ثم مات لم يخل من حالين احدهما أن يموت في عدة المطلقة فترثاه جميعا وهذا قول أبي حنيفة وأهل العراق واحد قولي الشافعي والقول الآخر
لا ترث المبتوتة فيكون الميراث كله للثانية وقال مالك الميراث كله للمطلقة لان نكاح المريض عنده غير صحيح وذكره بعض أصحابنا وجها في المذهب لانها ترث منه ما كانت ترث قبل طلاقها وهو جميع الميراث فكذلك بعده وليس هذا صحيحا فانها انما ترث ما كانت ترث لو لم يطلقها ولو تزوج عليها ولم يطلقها لم ترث الا نصف ميراث الزوجات فكذلك إذا طلقها فعلى هذا لو تزوج ثلاثا في مرضه فليس للمطلقه الاربع ميراث لزوجات ولكل واحدة من الزوجات ربعه (الحال الثاني) أن يموت بعد انقضاء عدة المطلقة فيكون الميراث كله للزوجات في إحدي الروايتين وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وفي الرواية الاخرى الميراث للاربع كما لو مات في عدة المطلقة
وعند مالك الميراث كله للمطلقة فان كان له أربع نسوة فطلق إحداهن ثلاثا في مرضه ثم نكح اخرى في عدة المطلقة أو طلق امرأة واحدة ونكح اختها في عدتها ومات في عدتها فالنكاح باطل والميراث بين المطلقة وباقي الزوجات الاوائل وهذا قول أبي حنيفة ومالك وقال الشافعي النكاح صحيح والميراث للجديدة مع باقي المنكوحات دون المطلقة ويجئ على قوله القديم وجهان (أحدهما) أن يكون الميراث بين المطلقة وباقي الزوجات كقول الجمهور ولا شئ للمنكوحة (والثاني) أن يكون بينهن على خمسة لكل واحدة خمسة فان مات بعد انقضاء عدة المطلقة ففي ميراثها روايتان أحديهما لا ميراث لها فيكون الميراث لباقي الزوجات وهو قول أبي حنيفة وأهل العراق والثانية ترث معهن ولا شئ للمنكوحة وعند الشافعي الميراث للمنكوحات ولا شئ للمطلقة فان تزوج الخامسة بعد انقضاء عدة المطلقة صح نكاحها وهل ترث المطلقة؟ على روايتين (أحديهما) لا ترث وهو ظاهر كلام أحمد لانه قال يلزم من قال يصح النكاح في العدة أن يرث ثمان نسوة وأن ترثه أختان فيكون مسلم يرثه ثمان أو اختان وتوريث المطلقات بعد العدة يلزم من هذا أو حرمان الزوجات المنصوص على ميراثهن فيكون منكرا له غير قائل به فعلى هذا يكون الميراث للزوجات دون المطلقة والرواية الثانية ترث المطلقة فيخرج فيه وجهان (أحدهما) يكون الميراث بين الخمس، و (الثاني) يكون للمطلقة والمنكوحات الاوائل دون الجديدة لان المريض ممنوع من أن يحرمهن ميراثهن بالطلاق فكذلك يمنع من تنقيصهن منه.
قال شيخنا وكلا الوجهين بعيد، أما أحدهما فيرده نص الكتاب على توريث الزوجات فلا تجوز مخالفته بغير نص ولا إجماع ولا قياس على صورة مخصوصة من النص في معناه، وأما الاخر
فلان الله لم يبح نكاح أكثر من أربع ولا الجمع بين الاختين فلا يجوز أن يجتمعن في ميراثه بالزوجية وعلى هذا لو طلق أربعا في مرضه وانقضت عدتهن ونكح أربعا سواهن ثم مات من مرضه فعلى القول الاول وهو المختار يرثه المنكوحات خاصة، وعلى الثاني يكون فيه وجهان.
(أحدهما): أنه بين الثماني.
و (الثاني).
أن الميراث كله للمطلقات، وهو قول مالك لان نكاح المتجددات غير صحيح عنده، وإن صح من مرضه ثم تزوج أربعا في صحته ثم مات فالميراث لهن في قول الجمهور ولا شئ للمطلقات الا في قول مالك ومن وافقه وكذلك ان تزوجت المطلقات لم يرثن إلا في قول مالك ومن وافقه.
(فصل) ولو طلق أربعا بعد دخوله بهن في مرضه وقال قد أخبرني بانقضاء عدتهن وكذبنه فله أن ينكح أربعا سواهن إذا كان ذلك في مدة يمكن انقضاء العدة فيها ولا يقبل قوله عليهن في حرمان الميراث.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف واللؤلؤي إذا كان بعد أربعة أشهر وقال زفر لا يجوز له التزويج أيضا، والاول اصح لان هذا الحكم فيما بينه وبين الله تعالى لا حق لهن فيه فقبل قوله فيه فعلى هذا إن تزوج أربعا في عقد واحد ثم مات ورثه المطلقات دون المنكوحات إلا أن يمتن قبله فيكون الميراث للمنكوحات وإن أقررن بانقضاء عدتهن وقلنا لا ميراث لهن بعد انقضاء العدة فالميراث للمنكوحات أيضا، وإن مات منهن ثلاث فالميراث للباقية، وإن ماتت منهن واحدة ومن المنكوحات واحدة أو اثنتان أو مات من المطلقات اثنتان ومن المنكوحات واحدة فالميراث لباقي المطلقات وإن مات من المطلقات واحدة ومن المنكوحات ثلاثة أو من المطلقات اثنتان ومن المنكوحات اثنتان أو
من المطلقات ثلاث ومن المنكوحات واحدة فالميراث بين البواقي من المطلقات والنمكوحات معا لانه لو استأنف العقد على الباقيات من الجميع جاز وكان صحيحا فان تزوج المنكوحات في أربع عقود
فمات من المطلقات واحدة ورث مكانها الاولى من المنكوحات وإن مات اثنتان ورثت الاولى والثانية وإن مات ثلاث ورثت الاولى والثانية والثالثة من المنكوحات مع من بقي من المطلقات وهذا على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف واللؤلؤي فأما زفر فلا يرى صحة نكاح المنكوحات حتى يصدقه المطلقات، وأما الشافعي فيباح عنده التزويج في عدة المطلقات فعلى قوله إذا طلق أربعا ونكح أربعا في عقد أو عقود ثم مات من مرضه فالميراث للمنكوحات وعلى قوله القديم يخرج فيه وجهان: (احدهما) ان الميراث بين الثمان.
وعلى الثاني هو للمطلقات خاصة، وإن مات بعض المطلقات أو انقضت عدتهن فللمنكوحات ميراث الميتات وإن ماتت واحدة فللزوجات ربع ميراث النساء وإن مات اثنتان فللزوجات نصف الميراث، وان مات ثلاث فلهن ثلاثة أرباعه إن كان نكاحهن في عقد واحد وان كان في عقود متفرقة فإذا ماتت من المطلقات واحدة فميراثها للاولى من المنكوحات، وميراث الثانية للثانية وميراث الثالثة للثالثة (فصل) إذا قال الرجل لنسائه إحداكن طالق يعني واحدة بعينها طلقت وحدها ويرجع إلى تعيينه ويؤخذ بنفقهن كلهن إلى أن يعين، وإن كان الطلاق بائنا منع منهن إلى أن يعين فان قال أردت هذه طلقت وحدها وإن قال لم أرد هؤلاء الثلاث طلقت الرابعة فان عاد فقال أخطأت إنما أردت هذه طلقت الاخرى، وإن متن، أو احداهن، قبل أن يبين رجع إلى قوله فمن أقر بطلاقها حرمناه
ميراثها وأحلفناه لورثة من لم يعينها، وهذا قول الشافعي وإن لم يعين بذلك واحدة بعينها أو مات قبل التعيين أخرجت بالقرعة وكذلك إن طلق واحدة من نسائه بعينها وأنسيها فماتت أخرجت بالقرعة فمن تقع عليها القرعة فلا ميراث لها.
روي ذلك عن علي رضي الله عنه وهو قول أبي ثور، وروى عطاء عن ابن عباس أن رجلا سأله فقال إن لي ثلاث نسوة وإني طلقت إحداهن فبتت طلاقها فقال ابن عباس إن كنت نويت واحدة بعينها ثم أنسيتها فقد اشتركن في الطلاق وإن لم تكن واحدة بعينها طلق أيتهن شئت.
وقال الشافعي وأهل العراق يرجع إلى تعيينه في المسائل كلها فان وطئ احداهن كان تعيينا لها
بالنكاح في قول أهل العراق وبعض أصحاب الشافعي، وقول الشافعي لا يكون تعيينا فان مات قبل أن تتبين فالميراث بينهن كلهن في قول أهل العراق، وقال مالك يطلقن كلهن ولا ميراث لهن، وقال الشافعي يوقف ميراثهن وان كان الطلاق قبل الدخول دفع إلى كل واحدة نصف مهر ووقف الباقي من مهورهن، وقال داود يبطل حكم طلاقهن لموضع الجهالة ولكل واحدة مهر كامل والميراث بينهن وان متن قبله طلقت الاخيرة في قول أهل العراق وقال الشافعي يرجع إلى تعيينه على ما ذكرنا.
ولنا قول عمر رضي الله عنه ولا يعارضه قول ابن عباس لان ابن عباس يعتر ف لعلي بتقديم قوله فانه قال إذا ثبت لنا عن علي قول لم نعده إلى غيره وقال ما علمي إلى علم علي إلا كالقرارة إلى المتعنخر ولانه إزالة ملك عن الآدمي فتستعمل فيه القرعة عند الاشتباه كالعتق وقد ثبت هذا في العتق بخبر عمر ان بن حصين ولان الحقوق تساوت على وجه تعذر تعيين المستحق فيه من غير قرعة فينبغي أن تستعمل
فيه القرعة كالسفر والقسمة بين النساء، فاما قسم الميراث بين الجميع ففيه دفع إلى احداهن مالا تستحقه وتنقيص بعضهن حقا يقينا والوقف إلى غير غاية تضييع لحقوقهن وحرمان الجميع منع الحق عن صاحبه يقينا.
(فصل) ولو كان له امرأتان فطلق إحداهما ثم ماتت احداهما ثم مات أقرع بينهما فمن وقعت عليها قرعة الطلاق لم يرثها ان كانت الميتة ولم ترثه ان كانت الاخرى، وفي قول أهل العراق يرث الاولى ولا ترثه الاخرى، وللشافعي قولان أحدهما يرجع إلى تعيين الوارث فان قال طلق الميتة لم يرثها، وورثته الحية وان قال طلق الحية حلف على ذلك وأخذ ميراث الميتة ولم تورث الحية، والقول الثاني يوقف من مال الميتة ميراث الزوج ومن مال الزوج ميراث الحية، وان كان له امرأتان قد دخل باحداهما دون الاخرى فطلق احداهما لا بعينها فمن خرجت لها القرعة فلها حكم الطلاق وللاخرى حكم الزوجية.
وقال أهل العراق للمدخول بها ثلاثة أرباع الميراث إن مات في عدتها وللاخرى ربعه لان للمدخول بها نصفه بيقين والنصف الآخر يتداعيانه فيكون بينهما وفي قول الشافعي النصف للمدخول بها والباقي موقوف.
وإن كانتا مدخولا بهما فقال في مرضه أردت هذه ثم مات في عدتها لم يقبل قوله لان الاقرار بالطلاق في المرض كالطلاق فيه، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال زفر يقبل قوله والميراث للاخرى، وهو قياس قول الشافعي، ولو كان للمريض امرأة أخرى سوى هاتين فلها نصف الميراث وللاثنتين نصفه، وعند الشافعي يوقف نصفه.
(فصل) ولو كان له أربع نسوة فطلق احداهن غير معينة ثم نكح خامسة بعد انقضاء عدتها ثم مات ولم يبين فللخامسة ربع الميراث والمهر ويقرع بين الاربع، وقال أهل العراق لهن ثلاثة أرباع الميراث بينهن، وإن كن غير مدخول بهن فلهن ثلاثة مهور ونصف، وفي قول الشافعي يوقف ثلاثة أرباع الميراث ومهر ونصف بين الاربع فان جاءت واحدة تطلب ميراثها لم تعط شيئا، وإن طلبه اثنتان دفع اليهما ربع الميراث وإن طلبه ثلاث دفع اليهن نصفه وإن طلبه الاربع دفع اليهن، ولو قال بعد نكاح الخامسة احداكن طالق فعلى قولهم للخامسة ربع الميراث لانها شريكة ثلاث وباقيه بين الاربع كالاولى وللخامسة سبعة أثمان مهر لان الطلاق نقصها وثلثا معها نصف مهر ويبقى للاربع ثلاثة مهور وثمن بينهن في قول أهل العراق، فان تزوج بعد ذلك سادسة فلها ربع الميراث ومهر كامل وللخامسة ربع ما بقي وسبعة أثمان مهر وللاربع ربع ما بقي وثلاثة مهور وثمن ويكون الربع مقسوما على أربعة وستين، فان قال بعد ذلك احداكن طالق لم يختلف الميراث ولكن تختلف المهور فللسادسة سبعة اثمان مهر وللخامسة خمسة وعشرون جزءا من اثنين وثلاثين جزءا من مهر ويبقى للاربع مهران وسبعة وعشرون جزءا من مهر وعند الشافعي يوقف ربع الميراث بين الست وربع آخر بين الخمس وباقيه بين الاربع ويوقف نصف مهر بين الست ونصف بين الخمس ونصف بين الاربع ويدفع إلى كل واحدة نصيب (فصل) في الاشتراك في الطهر إذا وطئ رجلان امرأة في طهر واحد وطأ يلحق النسب من مثله فأتت بولد يمكن أن يكون منهما كأن يطأ الشريكان جاريتهما المشتركة أو يطأ الانسان جاريته ثم
يبيعها قبل أن يستبرئها فيطؤها المشتري قبل استبرائها، أو يطؤها رجلان بشبهة، أو يطلق رجل امرأته
فيتزوجها رجل في عدتها ويطؤها، أو يطأ إنسان جارية آخر أو امرأته بشبهة في الطهر الذي وطئها سيدها أو زوجها فيه ثم تأتي بولد يمكن أن يكون منهما فانه يرى القافة معهما وهذا قول عطاء ومالك والليث والاوزاعي والشافعي، فان ألحقته باحدهما لحق به وإن نفته عن أحدهما لحق الآخر، وسواء ادعياه أو لم يدعياه أو ادعاه أحدهما وأنكره الآخر، وإن ألحقته القافة بهما لحق بهما وكان ابنهما وهذا قول الاوزاعي والثوري وأبي ثور ورواه بعض أصحاب مالك عنه وعن مالك لا يرى ولد الحرة للقافة بل يكون لصاحب الفراش الصحيح دون الواطئ بشبهة، وقال الشافعي لا يلحق بأكثر من واحد وإن ألحقته القافة بأكثر من واحد كان بمنزلة ما لم يوجد قافة، ومتى لم يوجد قافة أو أشكل عليها أو اختلف القائفان في نسبه فقال أبو بكر يضيع نسبه ولا حكم لاختياره ويبقى على الجهالة أبدا وهو قول مالك وقال ابن حامد يترك حتى يبلغ فينتسب إلى أحدهما وهو قول الشافعي في الجديد وقال في القديم يترك حتى يميز وذلك لسبع أو ثمان فينتسب إلى أحدهما ونفقته عليهما إلى أن ينتسب إلى أحدهما فيرجع الآخر عليه بما أنفق، وإذا ادعى اللقيط اثنان أري القافة معهما وإن مات الولد المدعى في هذه المواضع قبل أن يرى القافة وله ولد أري ولده القافة مع المدعين ولو مات الرجلان أري القافة مع عصبتهما، فان ادعاه أكثر من اثنين فألحقته القافة بهم لحق ونص أحمد على أنه يلحق بثلاثة ومقتضى هذا أنه يلحق بهم وإن كثروا وقال القاضي لا يلحق بأكثر من ثلاثة وهو قول محمد بن الحسن وروي عن أبى ثور وأبي يوسف وقال ابن حامد لا يلحق بأكثر من اثنين وروي أيضا عن أبي يوسف
وقال أبو حنيفة وأصحابه وشريك ويحيى بن آدم لا حكم للقافة بل إذا سبق أحدهما بالدعوى فهو ابنه فان ادعياه معا فهو ابنهما وكذلك إن كثر الواطئون وادعوه معا فانه يكون لهم جميعا وروي أيضا عن علي رضي الله عنه أنه قضى في ذلك بالقرعة مع اليمين وبه قال ابن أبي ليلى واسحاق وعن أحمد نحوه إذا عدمت القافة وقد ذكرنا أكثر هذه المسائل مشروحة مدلولا عليها في باب اللقيط والغرض ههنا ذكر ميراث المدعي والتوريث منه وبيان مسائله (مسألة) (إذا ألحق باثنين فمات وترك أما حرة فلها الثلث والباقي لهما وإن كان لكل
واحد منهما ابن سواه أو لاحدهما ابنان فلامه السدس وإن مات أحد الابوين وله ابن آخر فماله بينهما نصفين فان مات الغلام بعد ذلك فلامه السدس والباقي للباقي من أبويه ولا شئ لاخوته لانهما محجوبان بالاب الباقي، فان مات الغلام وترك ابنا فللباقي من الابوين السدس والباقي لابنه وإن مات قبل أبويه وترك ابنا فلهما جميعا السدس والباقي لابنه، فان كان لكل واحد منهما أبوان ثم ماتا ثم مات الغلام وله جدة أم أم وابن فلام أمه نصف السدس ولامي المدعيين نصفه كأنهما جدة واحدة وللجدين السدس والباقي للابن فان لم يكن ابن فللجدين الثلث لانهما بمنزلة جد واحد والباقي للاخوين وعند أبي حنيفة الباقي كله للجدين لان الجد يسقط الاخوة، وإن كان المدعيان أخوين والمدعى جارية فماتا وخلفا أباها فلها من مال كل واحد نصفه والباقى للاب فان مات الاب بعد ذلك فلها النصف لانها بنت ابن وحكى الخبري عن أحمد وزفر وابن أبي زائدة أن لها الثلثين لانها بنت ابنته فلها ميراث بنتي ابن، وان كان المدعى ابنا فمات أبواه ولاحدهما بنت ثم مات أبوهما فميراثه بين الغلام
والبنت على ثلاثة وعلى القول الآخر على خمسة لان الغلام يضرب بنصيب ابني ابن، فان كان لكل واحد منهما بنت فللغلام من مال كل واحد منهما ثلثاه وله من مال جده نصفه وعلى القول الآخر له ثلثاه ولهما سدساه، وإن كان المدعيان رجلا وعمة والمدعى جارية فماتا وخلفا أبويهما ثم مات أبو الأصغر فلها النصف والباقى لابي العم لانه أبوه، وإذا مات أبو العم فلها النصف من ماله أيضا وعلى القول الآخر لها الثلثان لانها بنت ابن وبنت ابن ابن، وإن كان المدعى رجلا وابنة فمات الابن فلها نصف ماله وإذا مات الاب فلها النصف أيضا وعلى القول الآخر لها الثلثان، وقال أبو حنيفة إذا تداعى الاب وابنه قدم الاب ولم يكن للابن شئ وان مات الاب أولا فماله بين أبيه وبينهما على ثلاثة وتأخذ نصف مال الاصغر لكونها بنته والباقي لكونها اخته وفي كل ذلك إذا لم يثبت نسب المدعى وقف نصيبه ودفع إلى كل وارث اليقين ووقف الباقي حتى يثبت نسبه أو يصطلحوا.
(فصل) وإذا كان المدعون ثلاثة فمات أحدهم وترك ابنا والفا ثم مات الثاني وترك ابنا والفين ثم مات الثالث وترك ابنا وعشرين الفا ثم مات الغلام وترك أربعة آلاف وأما حرة وقد ألحقته القافة
بهم فقد ترك خمسة عشر الفا وخمسمائة فلامه سدسها والباقي بين اخوته الثلاثة اثلاثا، وإن كان موتهم قبل ثبوت نسبه دفع إلى الام ثلث تركته وهو الف وخمسمائة لان أدنى الاحوال أن يكون ابن صاحب الالف فيرث منه خمسمائة وقد كان وقف له من مال كل واحد من المدعيين نصف ماله فيرد إلى ابن صاحب الالف وابن صاحب الالفين ما وقف من مال أبويهما لانه إن لم يكن أخا لهما فذلك لهما من مال أبويهما وان كان أخا أحدهما فهو يستحق ذلك وأكثر منه بارثه منه ويرد على ابن الثالث تسعة
آلاف وثلث الف ويبقى ثلثا الف موقوفة بينه وبين الام لانه يحتمل أن يكون أخا فيكون قد مات عن أربعة عشر ألفا لامه ثلثها ويبقى من مال الابن ألفان وخمسمائة موقوفة يدعيها ابن صاحب الالف كلها ويدعي منها ابن صاحب الالفين الفين وثلثا فيكون ذلك موقوفا بينهما وبين الام وسدس الالف بين الام وابن صاحب الالف، فان ادعى اخوان ابنا ولهما أب فمات أحدهما وخلف بنتا ثم مات الآخر قبل ثبوت نسب المدعى وقف من مال الاول خمسة أتساعه منها تسعان بين الغلام والبنت وثلاثة أتساع بينه وبين الاب ويوقف من مال الثاني خمسة أسداس بينه وبين الاب، فان مات الاب بعدهما وخلف بنتا فلها نصف ماله ونصف ما ورثه عن ابنته والباقي بين الغلام وبنت الابن لانه ابن ابنه بيقين ويدفع إلى كل واحد منهم من الموقوف اليقين فنقدره مرة ابن صاحب البنت ومرة ابن الآخر وينظر ماله من كل واحد منهم في الحلين فيعطيه أقلهما، فللغلام في حال كل الموقوف من مال الثاني وخمس الموقوف من مال الاول وفي حال كل الموقوف من مال الاول وثلث الموقوف من مال الثاني فله أقلهما، ولبنت الميت الاول في حال النصف من مال أبيها وفي حال السدس من مال عمها.
ولبنت الاب في حال نصف الموقوف من مال الثاني وفي حال ثلاثة أعشار من مال الاول فيدفع إليها أقلهما ويبقى باقي التركة موقوفا بينهم حتى يصطلحوا عليه، ومن الناس من يقسمه بينهم على حسب الدعاوي.
فان اختلفت أجناس التركة ولم يصر بعضها قصاصا عن بعض قومت وعمل في قيمتها ما بينا في الدراهم ان تراضوا بذلك أو يبيع الحاكم عليهم ليصير الحق كله من جنس واحد لما فيه من الصلاح لهم ويوقف الفضل المشكوك فيه على الصلح
(فصل) ولو ادعى اثنان غلاما فألحقته القافة بهما، ثم مات أحدهما وترك الفا وعما وبنتا ثم مات الآخر وترك الفين وابن ابن ثم مات الغلام وترك ثلاثة آلاف وأما كان للبنت من تركة أبيها ثلثها وللغلام ثلثاها وتركة الثاني كلها له لانه ابنه فهو أحق من ابن الابن، ثم مات الغلام عن خمسة آلاف وثلثي الف فلامه ثلث ذلك ولاخته نصفه وباقيه لابن الابن لانه ابن أخيه ولا شئ للعم، وإن لم يثبت نسبه فلابنه الاول ثلث الالف ويوقف ثلثاها وجميع تركة الثاني، فإذا مات الغلام فلامه من تركته الف وتسعا الف لان أقل أحواله أن يكون ابن الاول فيكون قد مات عن ثلاثة آلاف وثلثي الف ويرد الموقوف من مال أبي البنت على البنت والعم فيصطلحان عليه لانه لهما اما عن صاحبهما أو الغلام ويرد الموقوف من مال الثاني إلى ابن ابنه لانه له اما عن جده واما عن عمه وتعطى الام من تركة الغلام الفا وتسعي الف لانها أقل مالها ويبقى الف وسبعة أتساع الف تدعي منها الام أربعة أتساع الف تمام ثلث خمسة آلاف ويدعي منها ابن الابن الفا وثلثا تمام ثلثي خمسة آلاف وتدعي البنت والعم جميع الباقي فيكون ذلك موقوفا بينهم حتى يصطلحوا، ولو كان المولود في يدي امرأتين وادعتاه معا أري القافة معهما فان ألحقته باحداهما لحق بها وورثها وورثته في احدى الروايات وان ألحقته بهما أو نفته عنهما لم يلحق بواحدة منهما وان قامت لكل واحدة منهما بينة تعارضتا ولم نسمع بينتيهما وبه قال أبو يوسف واللؤلؤي وقال أبوحينفة يثبت نسبه منهما ويرثاه ميراث أم واحدة كما يلحق برجلين ولنا أن احدى البينتين كاذبة يقينا فلم تسمع كما لو علمت ومن ضرورة ردها ردهما لعدم العلم بعينها ولان هذا محال فلم يثبت بينة ولا غيرها كما لو كان الولد أكبر منهما، ولو أن امرأة معها صبي ادعاه رجلان
كل واحد يزعم أنه ابنه منها وهي زوجته فكذبتهما لم يلحقهما وان صدقت أحدهما لحقه كما لو كان بالغا فادعياه فصدق أحدهما، ولو أن صبيا مع امرأة فقال زوجها هو ابني من غيرك فقالت بل هو ابني منك لحقهما جميعا وقد ذكرنا لحاق النسب في هذه المسائل والاختلاف فيه وانما ذكرناه ههنا لاجل الميراث لانه مبني عليه والله سبحانه وتعالى أعلم
(باب الاقرار بمشارك في الميراث) إذا أقر الورثة كلهم بوارث فصدقهم أو كان صغيرا أو مجنونا ثبت نسبه وارثه سواء كان الورثة جماعة أو واحدا ذكرا أو أنثى وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف وحكاه عن أبي حنيفة لان الوارث يقوم مقام الميت في ميراثه وديونه والديون التي عليه وبيناته ودعاويه والايمان التي له وعليه كذلك في النسب وقد روت عائشة أن سعد بن أبي وقاص اختصم هو وعبد بن زمعة في ابن أمة زمعة فقال سعد أصاني أخي عتبة إذا قدمت مكة ان أنظر الي ابن زمعة واقبضه فانه ابنه فقال عبد بن زمعة أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر " فقضى به لعبد بن زمعة وقال " احتجي منه يا سودة " والمشهور عن أبي حنيفة أنه لا يثبت إلا باقرار رجلين أو رجل وامرأتين وقال مالك لا يثبت الا باقرار اثنين لانه يحمل النسب على غيره فاعتبر فيه العدد كالشهادة، والمشهور عن أبي يوسف أنه لا يثبت النسب الا باثنين ذكرين كانا أو أنثيين عدلين أو غير عدلين.
ولنا أنه حق يثبت بالاقرار فلم يعتبر فيه العدد كالدين ولانه قول لا تعتبر فيه العدالة فلا يعتبر فيه العدد كاقرار الموروث واعتباره بالشهادة لا يصح لانه لا يعتبر فيه اللفظ ولا العدالة ويبطل بالاقرار بالدين
(فصل) في شروط الاقرار بالنسب لا يخلو اما أن يقر على نفسه خاصة أو عليه، على غيره فان أقر على نفسه مثل أن يقر بولد اعتبر في ثبوت نسبه أربعة شروط (أحدها) أن يكون المقر به مجهول النسب فان كان معروف النسب لم يصح لانه يقطع نسبه الثابت من غيره، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى غير أبيه (والثاني) أن لا ينازعه فيه منازع لانه إذا نازعه فيه غيره تعارضا فلم يكن الحاقه باحدهما أولى من الآخر (الثالث) أن يمكن صدقه بأن يكون المقر به يحتمل أن يولد لمثله (الرابع) أن يكون ممن لا قول له كالصغير والمجنون أو يصدق المقر ان كان ذا قول وهو المكلف فان كان غير مكلف لم يعتبر تصديقه فان كبر وعقل فأنكر لم يسمع انكاره لان نسبه ثبت وجرى مجرى من ادعى ملك عبد صغير في يدهه وثبت بذلك ملكه فلما كبر جحد ذلك، ولو طلب احلافه على ذلك لم يستحلف لان الاب لو
عاد فجحد النسب لم يقبل منه، وان اعترف انسان بأن هذا أبوه فهو كاعترافه بأنه ابنه.
فاما إن كان اقرار عليه وعلى غيره كاقراره بأخ اعتبر مع الشروط الاربعة شرط خامس وهو كون المقر جميع الورثة، فان كان المقر زوجا أو زوجة ولا وارث معهما لم يثبت النسب باقرارهما لان المقر لا يرث المال كله فان اعترف به الامام معه ثبت النسب لانه قائم مقام المسلمين في مشاركة الوارث وان كان الوارث أما أو بنتا أو أختا أو ذا فرض يرث جميع المال بالفرض والرد ثبت النسب بقوله كالابن لانه يرث المال كله وعند الشافعي لا يثبت بقوله نسب لانه لا يرى الرد ويجعل الباقي لبيت المال، ولهم فيما إذا وافق الامام في الاقرار وجهان وهذا من فروع الرد وقد ذكرناه، فان كانت بنت وأخت أو أخت وزوج ثبت النسب بقولهما لانهما يأخذان المال كله وإذا أقر بابن ابنه وابنه ميت اعتبرت فيه الشروط التي
تعتبر في الاقرار بالاخ وكذلك إن أقر بعم وهو ابن جده فعلى ما ذكرناه (فصل) وان كان أحد الولدين غير وارث لكونه رقيقا أو مخالفا لدين موروثه أو قاتلا فلا عبرة به ويثبت النسب بقول الآخر وحده لانه يجوز جميع الميراث ثم إن كان المقر به ير ث شارك المقر في الميراث وان لم يكن وارثا لوجود مانع فيه ثبت نسبه ولم يرث وسواء كان المقر مسلما أو كافرا (مسألة) (وسواء كان المقر به يحجب المقر أو لا يحجبه كاخ يقر بابن للميت أو ابن ابن يقر بابن للميت أو أخ من أب يقر بأخ من أبوين فانه يثبت نسبه بذلك ويرث ويسقط المقر) هذا اختيار ابن حامد والقاضي وابن شريح وقال أكثر أصحاب الشافعي يثبت نسب المقر به ولا يرث لان توريثه يفضي إلى اسقاط توريثه فسقطلانه لو ورث لخرج المقر عن كونه وارثا فيبطل اقراره ويسقط نسب المقر به وتوريثه فيؤدي توريثه إلى اسقاط توريثه فأثبتنا النسب دون الميراث ولنا أنه ابن ثابت النسب لم يوجد في حقه مانع من الارث فيدخل في عموم قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) أو فيرث كما لو ثبت نسبه ببينة ولان ثبوت النسب سبب للميراث فلا يجوز قطع حكمه عنه ولا توريث محجوب به مع وجوده وسلامته من الموانع، وما احتجوا به لا يصح لانا انما نعتبر كون المقر وارثا على تقدير عدم المقر به وخروجه عن الميراث
بالاقرار لا يمنع صحته بدليل أن الابن إذا أقر بأخ فانه يرث مع كونه يخرج باقرار عن أن يكون جميع الورثة.
فان قيل إنما يقبل اقراره إذا صدقه المقر به فصار اقرارا من جميع الورثة وإن كان المقر به طفلا أو مجنونا لم يعتبر قوله فقد أقر كل من يعتبر قوله، قلنا ومثله ههنا
فانه ان كان المقر به كبيرا فلابد من تصديقه فقد أقر به كل من يعتبر اقراره وان كان صغيرا غير معتبر القول لم يثبت النسب بقول الآخر كما لو كان اثنين أحدهما صغبر فأقر البالغ باخ آخر لم يقبل ولم يقولوا به ولا يعتبر موافقته كذا ههنا، ولانه لو كان في يد انسان عبد محكوم له بملكه فأقر به لغيره ثبت للمقر له، وان كان المقر يخرج بالاقرار عن كونه مالكا كذا ههنا
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: