محاسن التعريف في علوم التصريف 4
بسم الله الرحمن الرحيم
كان إخبار الله تعالى ملائكته بشأن هذا الخليفة عليه مدار ما حصل بعده من حصول السجود منهم وإبايته من طرف
إبليس فكان هذا الإخبار أصل إبتلاء الأكوان فلولا الإخبار لما عرفت المنازل ولا رُتِّبت المراتب .
لتعلم تعلّق علم الله تعالى بترتيب المراتب ليظهر بديع جمال العلم في حقائق هذا الخليفة وما يناط به من تصريف في مقام الخلافة , وسنذكر إن شاء الله تعالى تفصيل هذا المقام في الخلافة متى فرغنا من مقدّماته وإنّما غرضنا تحديدا ذكر حقائق العبودية في هذا المقام .
وبذلك يفهم معنى قولهم ( أظهر الربوبية في مظاهر العبودية ) فنشرحه إن شاء الله تعالى بما يليق بعبودية الله تعالى , وأنّ الربّ حقّ لا يكلّف كما ذكر الشيخ الأكبر ذلك وأنّ العبد ميّت فهو المكلَّف بفتح اللام فلا معبود بحقّ إلاّ الله تعالى فكلّ من سواه عبد له , فإنّ مدار العلوم على التجلّي فمن قال به أثبت عالم البقاء ومن نسيه عصى كما نسي آدم من قبل فعصى فنزل إلى أرض العبودية قهرا ثمّ تاب الله عليه واجتبى .
فللأرض التوبة وللسماء الإجتباء لذا نصّب آدم خليفة في الملأ الأعلى أمّا عبوديته فكانت في عالم الأرض وهي الخلافة الحقيقية لتعلم دقائق تلك الخلافة وأنّها ما وضعت وجُعلت إلاّ لتحقيق مقام العبودية بكماله وتمامه لذا تعلّقت التوبة التي هي باب الدخول إلى حضرة الله تعالى بعالم الأرض ما دام كوكبها سائرا في أتّجاهه يوم خلق الله تعالى السماوات والأرض قبل انعكاس دورانها فيختلّ الزمان الذي أخبر به عليه الصلاة والسلام لمّا أعاد الأشهر أو الشهر الحرام إلى دورته الحقيقية.
ثمّ نذكر إن شاء الله تعالى ابتلاء هذا الخليفة فما أعظمه من ابتلاء لعظمة الإجتباء ثمّ نفصّل بحول الله مراتب قول الملائكة بخصوص ذكرها الإفساد وأنّها لا تريد بذلك الأنبياء عليهم السلام ولكن تريد غيرهم الذين هم الأولياء فكان قولها هذا عجبا في الولاية ثمّ في مراتب دنيا قد تريد ذرّية آدم جميعا مع تفصيل جميع مراتب ذلك , لأنّ مقام الولاية هو الأصل حتّى عند الأنبياء لذا وردت العبودية في الذكر من غير ذكر خصوصيات المراتب في قوله تعالى ( وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ) .
فذكّرهم بالأصل الذي قال فيه ترجمان القرآن أنّها المعرفة التي هي في حقيقتها ذكر الولاية فكان من أسمائه تعالى الوليّ وما كان في أسمائه تعالى النبيّ وكان من أسمائه تعالى المؤمن وما كان من أسمائه تعالى الكافر هذا لتعلم قدر ما علّمك الله تعالى فتفصّل المراتب لأنّه يقول ( وكلّ شيء فصّلناه تفصيلا ) وقوله ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) فلا نقول بشفوف مراتب الأولياء على مراتب الأنبياء ولكن نقول شفوف مراتب ولاية الأنبياء على ولاية غيرهم من الأولياء لأنّ هذا هو الأصل في التوحيد .
فإنّ الذي يجمعنا بالأنبياء هي مراتب ولايتهم وإنّما قال في الحديث ( العلماء ورثة الأنبياء ) لأنّ لفظة العلم تستوجب النبوّة فلا يكون ميراثا علميّا إلاّ بوجود النبوّة التي هي الميزان العلمي الخصوصي , بخلاف المعرفة فميزانها ميزان ولاية ومن هنا ترى ما تراه من قول كبار السادة ( خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله ) فهو للولاية وليس للنبوّة فحاشا النبوّة أن يقترب من حقيقتها إلاّ نبيّ أمّا الولاية فهي للمعرفة التي كلّها أهوال فخاضها الأنبياء في وصف نبوّتهم فكانوا معصومين أمّا غيرهم فليس لهم تلك العصمة.
فخافوا ووجلوا لأنّ مقام الولاية مقام عظيم كلّه وجل فهو مقام شطح غالبا ما يكون هكذا وأعني بالشطح كفي قوله تعالى ( لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ) فلولا شطحهم وأعني بالشطح في هذا المقام حالهم الذي لا يتكلّفونه فهو مظهرهم لأنّهم جنود الصفات كما كان الأنبياء جنود الذات لما صدر منهم هذا التخويف .
رغم أنّهم لو اطّلعوا على كهف رسول الله صلى الله عليه وسلّم لاحترقوا وليس فقط يخافوا فكيف لو اطّلعوا عليه وكذلك قول موسى للخضر عليهما السلام ( ولا ترهقني من أمري عسرا ) فنسب فعل الإرهاق إلى الخضر وأنّ الأولياء الذين هم على مشرب موسى يحصل لهم الإرهاق متى اجتمعوا بمن كان على مشرب الخضر وهذا من العلوم التي تعطي فهم أحوال الصحابة رضوان الله عليهم وما حصل بينهم فإنّ السلامة مع وجود الأنبياء أمّا الأولياء فلا جزم دائما بالسلامة معهم فكم من وليّ أهلك وليّا وكم من وليّ أهلك أتباعه.
فكان أثر هذا الإخبار ما حكاه الله تعالى في قرآنه وما تراه من بعث الرسل والأنبياء ووجود الأولياء و ما في أخبار أهل الجنّة وأهل النار ويوم القيامة ...إلخ وسنفصّل إن شاء الله تعالى قول إبليس لعنه الله تعالى ( فانظرني إلى يوم يبعثون ) كيف أوقف البعث علينا لتعلم جلالة قدرنا فنسي نفسه لعنه الله ويا ليته نسيها حينما طلب منه السجود وذلك لأنّه فني في طلب مقام الخلافة فلا متّسع فيه لغيره ولو على حساب عبوديته .
وأعني ولو على حساب وجود ربّه وخالقه لذا أدّعى الألوهية في الأرض في صور ومظاهر منها فرعون والدجال والنمرود وهذا ما أراد أن يلبسه لأتباع الأنبياء كأتباع عيسى وعزير وكذلك أتباع علي بن أبي طالب وأتباع المشائخ العارفين رغم أنّه يبعث أيضا مع ذرّيته في نفس اليوم معنا .
ثمّ نذكر مناط استجابة الله تعالى لسؤال إبليس لتعلم أنّه لا مجاز في الحقائق وإنّما المجاز يقع في عالم المثال والصور لا في العلم الذي لا يتبدّل ولا يتغيّر فمن نظر إلى السابقة كان مشربه العبودية والتسليم ومن نظر إلى اللاحقة مثل الملائكة التي تساءلت عن هذا الإفساد وسفك الدماء كان مشربها فهم التخصيص ولا يكون السؤال إلاّ بالصفاء والأدب واستيفاء شروط المقامات وكمال الأحوال فتكون العلوم مستزادة لذا استزادت الملائكة في علومها وتقدّمت في عبوديتها فسجدت لآدم فعرفت معنى إلهي جديد في تجلّي جديد جامع ...والمعاني هنا تطول كثيرا.
هذا لأعلمك بجلالة المقام يا إنسان وأنّك العالم الأصغر وفيك انطوى العالم الأكبر وأنّك العبد الإلهي الذي تشرئبّ إليه الأعناق فمن ملك نفسه ملّكه الله تعالى الوجود أمّا من غلبته نفسه فسيكون مثل إبليس حاله يتيه في الكون مع طول العمر كما تاه بنو إسرائيل من قبل ...
تحميل الموضوع ملف وورد :
كان إخبار الله تعالى ملائكته بشأن هذا الخليفة عليه مدار ما حصل بعده من حصول السجود منهم وإبايته من طرف
إبليس فكان هذا الإخبار أصل إبتلاء الأكوان فلولا الإخبار لما عرفت المنازل ولا رُتِّبت المراتب .
لتعلم تعلّق علم الله تعالى بترتيب المراتب ليظهر بديع جمال العلم في حقائق هذا الخليفة وما يناط به من تصريف في مقام الخلافة , وسنذكر إن شاء الله تعالى تفصيل هذا المقام في الخلافة متى فرغنا من مقدّماته وإنّما غرضنا تحديدا ذكر حقائق العبودية في هذا المقام .
وبذلك يفهم معنى قولهم ( أظهر الربوبية في مظاهر العبودية ) فنشرحه إن شاء الله تعالى بما يليق بعبودية الله تعالى , وأنّ الربّ حقّ لا يكلّف كما ذكر الشيخ الأكبر ذلك وأنّ العبد ميّت فهو المكلَّف بفتح اللام فلا معبود بحقّ إلاّ الله تعالى فكلّ من سواه عبد له , فإنّ مدار العلوم على التجلّي فمن قال به أثبت عالم البقاء ومن نسيه عصى كما نسي آدم من قبل فعصى فنزل إلى أرض العبودية قهرا ثمّ تاب الله عليه واجتبى .
فللأرض التوبة وللسماء الإجتباء لذا نصّب آدم خليفة في الملأ الأعلى أمّا عبوديته فكانت في عالم الأرض وهي الخلافة الحقيقية لتعلم دقائق تلك الخلافة وأنّها ما وضعت وجُعلت إلاّ لتحقيق مقام العبودية بكماله وتمامه لذا تعلّقت التوبة التي هي باب الدخول إلى حضرة الله تعالى بعالم الأرض ما دام كوكبها سائرا في أتّجاهه يوم خلق الله تعالى السماوات والأرض قبل انعكاس دورانها فيختلّ الزمان الذي أخبر به عليه الصلاة والسلام لمّا أعاد الأشهر أو الشهر الحرام إلى دورته الحقيقية.
ثمّ نذكر إن شاء الله تعالى ابتلاء هذا الخليفة فما أعظمه من ابتلاء لعظمة الإجتباء ثمّ نفصّل بحول الله مراتب قول الملائكة بخصوص ذكرها الإفساد وأنّها لا تريد بذلك الأنبياء عليهم السلام ولكن تريد غيرهم الذين هم الأولياء فكان قولها هذا عجبا في الولاية ثمّ في مراتب دنيا قد تريد ذرّية آدم جميعا مع تفصيل جميع مراتب ذلك , لأنّ مقام الولاية هو الأصل حتّى عند الأنبياء لذا وردت العبودية في الذكر من غير ذكر خصوصيات المراتب في قوله تعالى ( وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ) .
فذكّرهم بالأصل الذي قال فيه ترجمان القرآن أنّها المعرفة التي هي في حقيقتها ذكر الولاية فكان من أسمائه تعالى الوليّ وما كان في أسمائه تعالى النبيّ وكان من أسمائه تعالى المؤمن وما كان من أسمائه تعالى الكافر هذا لتعلم قدر ما علّمك الله تعالى فتفصّل المراتب لأنّه يقول ( وكلّ شيء فصّلناه تفصيلا ) وقوله ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) فلا نقول بشفوف مراتب الأولياء على مراتب الأنبياء ولكن نقول شفوف مراتب ولاية الأنبياء على ولاية غيرهم من الأولياء لأنّ هذا هو الأصل في التوحيد .
فإنّ الذي يجمعنا بالأنبياء هي مراتب ولايتهم وإنّما قال في الحديث ( العلماء ورثة الأنبياء ) لأنّ لفظة العلم تستوجب النبوّة فلا يكون ميراثا علميّا إلاّ بوجود النبوّة التي هي الميزان العلمي الخصوصي , بخلاف المعرفة فميزانها ميزان ولاية ومن هنا ترى ما تراه من قول كبار السادة ( خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله ) فهو للولاية وليس للنبوّة فحاشا النبوّة أن يقترب من حقيقتها إلاّ نبيّ أمّا الولاية فهي للمعرفة التي كلّها أهوال فخاضها الأنبياء في وصف نبوّتهم فكانوا معصومين أمّا غيرهم فليس لهم تلك العصمة.
فخافوا ووجلوا لأنّ مقام الولاية مقام عظيم كلّه وجل فهو مقام شطح غالبا ما يكون هكذا وأعني بالشطح كفي قوله تعالى ( لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ) فلولا شطحهم وأعني بالشطح في هذا المقام حالهم الذي لا يتكلّفونه فهو مظهرهم لأنّهم جنود الصفات كما كان الأنبياء جنود الذات لما صدر منهم هذا التخويف .
رغم أنّهم لو اطّلعوا على كهف رسول الله صلى الله عليه وسلّم لاحترقوا وليس فقط يخافوا فكيف لو اطّلعوا عليه وكذلك قول موسى للخضر عليهما السلام ( ولا ترهقني من أمري عسرا ) فنسب فعل الإرهاق إلى الخضر وأنّ الأولياء الذين هم على مشرب موسى يحصل لهم الإرهاق متى اجتمعوا بمن كان على مشرب الخضر وهذا من العلوم التي تعطي فهم أحوال الصحابة رضوان الله عليهم وما حصل بينهم فإنّ السلامة مع وجود الأنبياء أمّا الأولياء فلا جزم دائما بالسلامة معهم فكم من وليّ أهلك وليّا وكم من وليّ أهلك أتباعه.
فكان أثر هذا الإخبار ما حكاه الله تعالى في قرآنه وما تراه من بعث الرسل والأنبياء ووجود الأولياء و ما في أخبار أهل الجنّة وأهل النار ويوم القيامة ...إلخ وسنفصّل إن شاء الله تعالى قول إبليس لعنه الله تعالى ( فانظرني إلى يوم يبعثون ) كيف أوقف البعث علينا لتعلم جلالة قدرنا فنسي نفسه لعنه الله ويا ليته نسيها حينما طلب منه السجود وذلك لأنّه فني في طلب مقام الخلافة فلا متّسع فيه لغيره ولو على حساب عبوديته .
وأعني ولو على حساب وجود ربّه وخالقه لذا أدّعى الألوهية في الأرض في صور ومظاهر منها فرعون والدجال والنمرود وهذا ما أراد أن يلبسه لأتباع الأنبياء كأتباع عيسى وعزير وكذلك أتباع علي بن أبي طالب وأتباع المشائخ العارفين رغم أنّه يبعث أيضا مع ذرّيته في نفس اليوم معنا .
ثمّ نذكر مناط استجابة الله تعالى لسؤال إبليس لتعلم أنّه لا مجاز في الحقائق وإنّما المجاز يقع في عالم المثال والصور لا في العلم الذي لا يتبدّل ولا يتغيّر فمن نظر إلى السابقة كان مشربه العبودية والتسليم ومن نظر إلى اللاحقة مثل الملائكة التي تساءلت عن هذا الإفساد وسفك الدماء كان مشربها فهم التخصيص ولا يكون السؤال إلاّ بالصفاء والأدب واستيفاء شروط المقامات وكمال الأحوال فتكون العلوم مستزادة لذا استزادت الملائكة في علومها وتقدّمت في عبوديتها فسجدت لآدم فعرفت معنى إلهي جديد في تجلّي جديد جامع ...والمعاني هنا تطول كثيرا.
هذا لأعلمك بجلالة المقام يا إنسان وأنّك العالم الأصغر وفيك انطوى العالم الأكبر وأنّك العبد الإلهي الذي تشرئبّ إليه الأعناق فمن ملك نفسه ملّكه الله تعالى الوجود أمّا من غلبته نفسه فسيكون مثل إبليس حاله يتيه في الكون مع طول العمر كما تاه بنو إسرائيل من قبل ...
تحميل الموضوع ملف وورد :
الكلمات المفتاحية :
العبودية
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: