من فضلِك .. أعد ضبط تصوراتِك الكونية !
وليس كرة! لا تستطيع أن تلومني ..
أنت طفل تنظر لأعلى فترى دائرة مضيئة، تتآكل وتكتمل مع الوقت كرغيف الخبز .. انظر كيف يتم تمثيل
الهلال في أفلام الكارتون وستعذرني.. لكنني أدركت لاحقًا أنه ليس كما أتصوره .. صرت عندما أنظر إلى القمر الآن أشعر بكرويته.. أراه كرة مضيئة معلقة بإعجاز في السماء.
ربما كروية القمر شيء واضح ستدركه آجلاً أو عاجلاً.. لكن هناك ظواهر ونظريات أخرى انتشر لها تصور خاطئ في أذهان الكثيرين – منهم من درس علوم مرتبطة بهذه الظواهر والنظريات – وذلك بسبب سوء فهم، أو سوء عرض وشرح للظاهرة أو النظرية .. حتى أن بعضها مازال يُدرَّس بالمفاهيم الخاطئة في مناهج العلوم في نظم التعليم في بلادنا العربية.
لذا دعنا نصحح ونعيد ضبط تصورات الكثيرين منا عن هذا الكون الذي نعيش فيه…
حركة الكواكب مع الشمس
لو قلت لك: تخيل حركة مجموعتنا الشمسية.. ما الصورة التي تكونت في ذهنك؟
لعلك تخيلت كرة صفراء متوهجة في المنتصف وهي الشمس، تدور حولها الكواكب في مدار دائري أو بيضاوي، حيث يكمل كل كوكب دورته بعودته إلى نفس النقطة التي بدأ منها بغض النظر عن نقطة البداية.
هذا تصور خاطئ ! الكواكب لا تعود أبدًا إلى نقطة كانت فيها في الفضاء في لحظة ما.. وذلك لأنها لا تدور في مدار مغلق من الأساس! تصورك لحركة المجموعة الشمسية يتجاهل حركة الشمس!
لو افترضنا أنك استطعت أن تخرج خارج المجموعة الشمسية إلى نقطة ثابتة في الفضاء، ونظرت من مكانك إلى حركة المجموعة الشمسية .. هل تعرف ماذا سترى؟! سترى الآتي:
555555555555555555555555
رائع، أليس كذلك ؟! الأرض وباقي الكواكب تتحرك في الفضاء في مسار حلزوني وليس دائري!
يمكن اعتباره دائري لو كنت تنظر إليه من على سطح الشمس، حيث يمكنك وقتها تجاهل حركة الشمس وتصبح حركة الكواكب “بالنسبة” لك دائرية في مسار مغلق.
قوة “الطرد المركزي” .. وهمية!
لا يوجد في الطبيعة ما يسمى بقوة الطرد المركزي .. كان هذا افتراض خاطئ قديم لمحاولة تفسير استمرار الأرض في دورانها حول الشمس دون أن تنجذب إليها ويتصادما؛ فتم افتراض أن هناك قوة طرد مركزية مضادة لقوة الجذب المركزية ومساوية لها، مما يجعل الأرض تستمر في دورانها دون أن تقترب من الشمس حتى التصادم.
إذا كانت هذه القوة وهمية وغير موجودة .. فما الذي يحافظ على استمرار الأرض في دورنها حول الشمس دون أن تنجذب وتصطدم بها ؟
إنه القصور الذاتي.. وحده!
نحن نعلم أن للأجسام قصوراً ذاتياً، حيث تميل الأجسام المتحركة إلى الاستمرار في الحركة في سرعة ثابتة وفي خط “مستقيم”، ولذلك ينزع الجسم المتحرك في مسار دائري إلى الخروج عن مساره عند كل نقطة ليتحرك بسرعة ثابتة وفي خط مستقيم، غير أن القوة التي تسحبه في اتجاه المركز – القوة الجاذبة المركزية – تجبره على الاستمرار في مساره الدائري .. وبالتالي فإن الدفع إلى الخارج لا توجد قوة تسببه، إنما هو ناتج عن القصور الذاتي للجسم المتحرك.
لذا، فإن تصورك لوجود ما يسمى بقوة الطرد المركزي غير صحيح.
لكن لعلك تتسائل عن كيف للقوة الجاذبة المركزية – الجاذبية – أن تجعل الجسم يتحرك في مسار دائري “بالنسبة” لمركز الجاذبية!
هذا يدفعنا لشرح تصور خاطيء أخر في عقول الكثير منا عن الجاذبية…
الجاذبية كما اكتشفها نيوتن وفهمها أينشتاين
أحد أهم أسباب التصورات الخاطئة -عند الكثيرين- عن جاذبية الأجسام، هو ظنهم أن قوة الجاذبية Gravity تشبه وتعمل مثل القوة المغناطيسية Magnetism لأن كلاهما يجذب الأجسام بعضها لبعض! وهذا غير صحيح بالمرة؛ فالجاذبية والمغناطيسية قوتان مختلفتان تمامًا في الطبيعية وكيفية العمل.
قوة الجذب المغناطيسية Magnetism
في الأساس هي ناتجة عن الإلكترونات داخل المادة المغناطيسية.. كل إلكترون هو عبارة عن مغناطيس متناهي الصغر بسبب شحنته. غير أن حركة الإلكترونات ونشاطها تختلف من مادة لأخرى، وفي معظم الأحيان قوة جذب الإلكترونات تلغي بعضها بعضاً نظراً لحركتها في اتجاهات متعاكسة.
تصبح المادة قادرة على الجذب في حالة كان معظم الإلكترونات لها نفس إتجاه الحركة، فيتولد عن ذلك مجال مغناطيسي يستطيع التأثير على إلكترونات جسم أخر ويجعلها تُعَدِّل من اتجاهاتها لتنجذب إليه. لكن قلة من المواد المعروفة للإنسان هي التي تتأثر بالمجال المغناطيسي بهذا الشكل .. أشهرها الحديد كما نعلم .. إن أردت مزيداً من التفاصيل عن كيفية عمل المغناطيس شاهد الفيديو التالي: “مدته 6 دقائق”
الجاذبية Gravity
وإن كان نيوتن قد اكتشف وجود الجاذبية، فهو حقًا لم يعرف كيف تعمل!
إن كانت المغناطيسية تجذب الأجسام التي تتأثر بالمجال المغناطيسي الناتج عن توحد اتجاه شحنة الإلكترونات بداخلها.. فما الذي يجعل الشمس تجذب الأرض، ويجعل الأرض تجذب القمر، ويجعل الأرض تجذب كل شيء على سطحها؟
أي جسم له كتلة، له قوة جاذبية Gravity.. ويتناسب مقدار جاذبيته طرديًا مع مقدار كتلته. فالكتلة هنا هي العامل الأساسي وليس نوع المادة. جسدك البشري مثلاً له كتلة وبالتالي له جاذبية، والتي يجذب بها الطائر الذي يطير فوقك كما أنه -الطائر- يجذبك إليه أيضًا! غير أن مقدار كتلتك وكتلته صغير جدًا جدًا على أن تلاحظ أي تأثير لقوى الجذب بينكما.
عندما أقول أن كتلتك صغيرة جدًا فأنا لا أقارنها بكتلة صديقك البدين أو كتلة ناطحة السحاب التي تعيش فيها.. تفاءل!.. بل أقارنها بكتلة الكواكب والنجوم!
يعتقد البعض أن أينشتاين لم يصبح مشهورًا سوى بعد تقديمه لنظرية النسبية العامة، وهذا غير صحيح! حيث لمع اسم أينشتاين في الأوساط العلمية بعد تقديمه التصور الصحيح لكيفية عمل الجاذبية بعد مرور أكتر من 200 عام على رحيل نيوتن دون أن يعرف أحد كيفية عمل الجاذبية، رغم صحة قوانين نيوتن التي وضعها حولها.
قرابة العشر سنوات من البحث استغرقها أينشتاين للوصول إلى ما وصل إليه حول الجاذبية. حيث قال أن كتلة الجسم تصنع انحناء في الفضاء المحيط بها curvature of space، وهذا الانحناء هو السبب الرئيسي في التأثير الذي نراه ونعرفه بالجاذبية.
والانحناء لا يحدث في الفضاء فقط، بل في الزمن كذلك! سنأتي لهذه النقطة لاحقًا.
هذا الانحناء في الفضاء هو ما يجبر الأجسام “المتحركة” أن تنجذب نحو الجسم الجاذب كالأرض أو الشمس. قد يصبح الشرح بالكلمات صعب هنا ليصلك التصور الصحيح .. لذا سنستعين بهذه التجربة الجميلة لأحد أساتذة الفيزياء وهو يشرح لبعض طلابه انحناء الفضاء وعلاقته بالجاذبية كما اكتشفه أينشتاين باستخدام أدوات بسيطة:
ولمزيد من التوضيح يمكن مشاهدة هذا المقطع – ثلاث دقائق ونصف – من الفيلم الوثائقي “نسيج الكون” | Fabric of the Cosmos
وحتى لا نقع في فخ تصحيح تصور خاطيء بآخر به نسبة خطأ، يجب علينا أن نلاحظ أن في كلا المقطعين تم تبسيط الفضاء في شكل مسطح ثنائي الأبعاد .. نحن نعرف أن الفضاء ثلاثي الأبعاد – على الأقل! – لذا فإن هذا الانحناء يحدث في كل الإتجاهات وليس الإتجاه الأفقي فقط .. الصورة التالية توضح انحناء الفضاء بشكل أكثر دقة.
لكن لعلك تتساءل .. أوليس الفضاء مجرد فـراغ ؟ كيف ينحني أساسًا؟!
هذا يدفعنا لإعادة ضبط تصور آخر في عقولنا عن الفضاء…
الفضاء الذي لا نفهمه
نيوتن تصور الفضاء space كمجرد فراغ ساكن. لا يُغير ولا يتغير، ولا يؤثر على الأحداث التي تحدث داخله.. وكل العلماء فعلوا وقتها! ومازال هذا هو تصور الكثير منا عن الفضاء حتى اليوم، رغم تغير هذه الفكرة عند العلماء من عشـرات السنيـن.
بالمناسبة، عندما نقول الفضاء – الفراغ – فنحن لا نتحدث عن الفضاء الخارجي الذي يحيط بكوكب الأرض فقط كما يتصور البعض من كثرة استخدام الكلمة في روايات وأفلام الخيال العلمي .. بل نقصد الفضاء في كل مكان حتى داخل الذرة نفسها !
هل تعرف أن معظم حجم الذرة مجرد فضاء! هناك فراغ كبير – نسبيا – بين نواة الذرة وبين الإلكترونات التي تدور حولها.
هل تعرف أنك لو أزلت الفراغ داخل كل ذرة من الخرسانة، والزجاج، والخشب… وكل المواد التي بُنيت بها ناطحة السحاب الشهيرة “الإمبايرستيت” فإن حجمها سيتقلص من حجم ناطحة السحاب المعروف إلى حجم حبة أرز !!
لكنها ستظل محتفظة بنفس الكتلة والوزن طبعًا، فلا تتصور أنك ستصبح قادرًا على حملها على إصبعك! هذه الصورة للتوضيح فقط!
الحقيقة أن طبيعة الفضاء هي إحدى أكبر الألغاز التي تواجه العلماء حتى اليوم. التجارب العلمية أثبتت بعض الصفات لهذا الفضاء وأهمها طبعًا صفة الانحناء والتمدد التي قدمها أينشتاين. جدير بالذكر أن أحد هذه التجارب استغرق إجراءها أكثر من أربعين سنة – من ناسا – منذ وقت اقتراحها حتى وقت تنفيذها !
التجربة تضمنت وضع 4 من أجهزة المِدوار “الجيروسكوب gyroscope” على قمر صناعي – والمعروف أن المدوار جهاز يحافظ على إتجاه محوره – وقد استغرقت التجربة وقت طويل لعمل مدوار حساس جدًا ونسبة الخطأ فيه أقل ما يمكن؛ ثم جعل هذه المداوير تشير إلى نجم معين بدقة، فإن انحرف المدوار عن اتجاهه فهذا دليل على وجود انحناء في الفضاء نفسه.. وقد حدث ذلك فعلاً، وكان الإنحراف بنفس القدر الذي توقعه أينشتاين!
لذا فالفضاء وإن كنا لا نعرف كلَ شيءٍ عنه، إلا أننا نعرف بعض صفاته وقد تم إثباتها بالتجارب العلمية.
وقد اعتبر أينشتاين أيضًا أن الفضاء والزمن ليسا منفصلين وكليهما ينحني ويتمدد وينكمش! ولا يمكن فهم الكون بدون الربط بينهما .. وأن أحدهما ليس له معنى بدون الآخر!
وتم تقديم مصطلح جديد في علوم الفيزياء وهو الزمكان space-time
أقترح عليك النظر إلى المصادر في آخر المقال ففيها مزيدٌ من التفاصيل عن هذه النقطة.
وهم الزمن
ما هو الزمن؟ هو ليس بمادة لها كتلة وحجم، ولا هو بطاقة معينة، كما أنه ليس نوعًا من الموجات يمكن قياس وجودها على أحد أجهزة الاستشعار.. حقًا ما هو الزمن؟!
يتصور معظمنا الزمن كسهم يتحرك دون توقف إلى الأمام في اتجاه واحد إلى الأبد.. حيث لا يعود إلى نقطة مر منها لأنها الماضي الذي “لم يعد موجودًا” ليعود إليه .. والنقطة التي فيها السهم الأن وهي الحاضر “الموجود” ونعيشه.. والنقطة التي لم يصل إليها السهم بعد وهي المستقبل الذي “لم يوجد بعد”.
في الواقع هذا التصور غير صحيح! الزمن في حد ذاته هو شيء غير موجود أساسًا! .. لكن طبعًا مجرد قول هذا لن يقنعك بأي شكل.. دعنا نحاول فهم ما نصفه نحن بأنه الزمن…
نحن نعتبر “اليوم” وحدة زمنية، أليس كذلك؟ ولكن ما هو “اليوم”؟!
اليوم هو ما نصف به حدث دوران الأرض حول نفسها دورة كاملة أمام الشمس .. إذن فاليوم الذي هو وحدة “زمنية” يصف في الواقع “حركة في الفضاء”! والساعة، والدقيقة هما مجرد قطع صغيرة من “اليوم”.
أول ما تستنتجه أن الوحدة الزمنية هذه نسبية بنسبية الحركة نفسها.. فكوكب المشتري مثلا يدور حول نفسه دورة كاملة أمام الشمس في ما يساوي 10 ساعات تقريبًا بالنسبة للأرض، وهذا بالرغم من أنه أكبر حجمًا لكنه يدور حول نفسه بسرعة كبيرة جداً مقارنة بالأرض؛ بينما على كوكب عطارد يستغرق اليوم الواحد ما يساوي 58 يوماً و15 ساعة على كوكب الأرض.
لماذا اليوم مختلف من كوكب لآخر؟ .. لأنه يصفُ حدثًا وتغيرًا مختلفًا من كوكبٍ إلى آخر.. فدوران الأرض حول نفسها حدثٌ مختلفٌ عن دوران عطارد أو المشتري حول نفسه.
معلومة جانبية.. دوران الأرض حول نفسها يستغرق بالظبط 23 ساعة و56 دقيقة و4 ثواني وليس 24 ساعة! .. وذلك بسبب دوران الأرض حول الشمس في نفس الوقت الذي تدور فيه حول نفسها ! “ستجد تفاصيل أكثر في المصادر أسفل المقال”
إذن فالزمن بدون حدثٍ متغيرٍ ليس له وجود ولا حتى معنى! تخيل أن كل شيء توقف عن التغير.. وأنا أعني حرفيًا “كل شيء”! من أول حركة المجرات والنجوم، مروراً بحركة الفيروسات والبكتيريا والإشارات العصبية داخل مخك، إلى حركة الإلكترونات والبروتونات داخل كل ذرة أوجدها رب الأكوان.. كل شيء، وأي شيء توقف تماماً عن الحركة والتغير.. ألا يمكن وقتها أن تعتبر أن الزمن قد توقف ؟! أو – إن شئت الدقة – فقل أن الزمن لم يعد موجوداً !
هل تعرف أن أي تغير في الكون إن قمت بتبسيطه إلى أبسط مكوناته ستجد أنه تغير في الحركة التي هي تغير في موضع الجسم في الفضاء! حتى التغيرات التي لا تبدو كذلك مثل تغير لون جناح الفراشة، أو تغير حالتك المزاجية! فهذه التغيرات ناتجة عن تفاعلات كيميائية والتي هي عبارة عن ذرات تتراكب وتندمج مع ذرات أخرى لتكون جزيئات مختلفة لها خواص مختلفة.. والهرمونات داخل جسمك ما هي إلا مواد كيميائية بشكل أو بآخر.. والتفاعلات الكيميائية ما هي إلا انتقال لذرات من مكان إلى مكان.
هنا يتضح معنى ما قاله أينشتاين بأن الزمن والفضاء لا ينفصلان.. وهنا أيضاً نستطيع أن نفهم ماذا يعني انحناء وتمدد الزمن مع الفضاء والذي ينتج عنه القدرة على السفر إلى المستقبل.. دعنا نوضح أكثر.
بناء على تصورنا التقليدي عن الزمن: المستقبل “لم يوجد بعد”.. فكيف تذهب إلى شيء لم يوجد بعد ؟! هذا مستحيل!
لكننا سبق وقلنا أن هذا التصور التقليدي غير صحيح.. قبل أن أشرح فكرة انحناء الزمن وتمدده التي هي مرتبطة بشدة بالسفر إلى المستقبل دعنا نؤكد أن السفر إلى المستقبل تم عمليًا، وليس مجرد شيئاً مثبتاً نظرياً فقط ويستحيل تحقيقه في الواقع!
في تجربة Hafele-Keating العملية المعتمدة على عدة ساعات ذرية.. وهي ساعات متناهية الدقة تستطيع قياس أجزاء من المليار من الثانية .. حيث تم معايرة الساعات معًا على الأرض، ثم وضع بعضها داخل طائرتين نفاتين انطلقتا بأقصى سرعة ممكنة لهما حول الأرض واحدة في اتجاه الشرق والأخرى في اتجاه الغرب، مع إبقاء بقية الساعات في المعمل على الأرض.
عندما عادت الطائرتان وتم مقارنة الساعات ببعضها البعض، كان هناك فرق واضح في الزمن بينها وبنفس القدر الذي تحدده معادلات أينشتاين!
صحيح أن الفرق كان مجرد أجزاء من المليار من الثانية .. لكنه فرق في الزمن بغض النظر عن قيمته.. أي أن الطائرة النفاثة عندما عادت إلى الأرض كانت بالفعل قد سافرت إلى المستقبل بضع أجزاء من المليار من الثانية!
قلنا أن الزمن “وحده” مجرد وهم، وأنه مرتبط بالأحداث والتغير في الحركة وليس شيئاً مطلقاً أو موجوداً مستقلاً بذاته. والسفر إلى المستقبل ما هو إلا تمدد الزمن بالنسبة لطرف وثباته أو انكماشه بالنسبة لطرف آخر .. بمعنى أنه لو مر عليك 10 سنوات على الأرض ومر علي 6 شهور في مركبتي الفضائية ثم عدت إلى الأرض فهذا يعني أنني سافرت تسع سنوات ونصف إلى المستقبل.
الفرق بين السفر إلى المستقبل بين الحقيقة وأفلام الخيال العلمي هو أنه في الحقيقة لو حدث وسافرت 30 عاماً إلى المستقبل فإنك لن تجد نسخة عجوز من نفسك هناك! .. عندما تركب آلة الزمن الخاصة بك وتسافر إلى المستقبل في خمس دقائق – بالنسبة لك – ستمر هذه الخمس دقائق كثلاثين عاماً بالنسبة لمن ودعتهم قبل السفر.. سيعودون إلى بيوتهم وينتظرون ثلاثون عاماً حتى تعود لهم مرة أخرى!
الماضي والحاضر والمستقبل ما هي إلا كلمات نستخدمها لوصف تغيرات وأحداث .. إن استطعت ادراك التغير قبل غيرك فأنت بالنسبة له ترى المستقبل وإن تأخرت في ادراك الحدث بعده فأنت في الماضي.
هل تعرف أنك تستطيع رؤية الماضي؟!
نعم عزيزي القاريء أنت تستطيع أن ترى الماضي.. ولا أتحدث هنا عن رؤية الماضي في صورة أو فيديو مسجل .. لا بالطبع .. بل في الواقع!
في كل مساء عندما تنظر إلى السماء تذكر أن كل هذه النجوم التي تراها بعينك لم تعد موجودة في هذا المكان الذي تراها فيه في هذه اللحظة.. فقد تحركت من مكانها وربما يكون بعضها قد انفجر منذ عشرات السنين! ومع ذلك أنت تستطيع أن تراها قبل أن تنفجر .. أي أنك تنظر إلى الماضي بعينيك في الحاضر! قل سبحان الله!
استعرضنا معًا بعض التصورات الخاطئة وصار المقال طويلاً، ومازال هناك الكثـير من التصورات والمفاهيم الخاطئة المنتشرة التي تحتاج إلى إعادة ضبط ولم يسعف الوقت للتطرق إليها.. بعضها للأسف مازال يُدَرَّس في كتب العلوم في مناهج التعليم في بلادنا.. أشياء مثل افتراض أن الأكسجين يصير عدمًا حال احتراقه في تجربة قياس حجم الأكسجين في الجو! ومثل حديث البعض عن نظرية مالتوس “الخاطئة” الخاصة بالكثافة السكانية على أنها حقيقة واقعة تعتمد على الرياضيات و”الرياضيات لا تخطيء”! حسنًا إن كانت الرياضيات لا تخطيء، فهذا لا يعني أن مالتوس نفسه لا يخطيء! وأمثلة أخرى كثيرة…
الكلمات المفتاحية :
عجائب الله في السموات
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: