مقام الزهد
مقام الزهد:
وهو المقام الثالث من المقامات التي تأثر بها الصوفية الذين يزنون تصوفهم بالكتاب والسنة، وهو مقام الزهد.
والزهد كما عرفه الغزالي هو عزوف النفس عن الدنيا، وانزواؤها عنها طوعاً مع القدرة عليها والرغبة في الآخرة .
ويقول الطوسي( ) في هذا المقام: "هو أول قدم القاصدين إلى الله عز وجل والمنقطعين إلى الله تعالى، والراضين عن الله، والمتوكلين على الله تعالى، فمن لم يحكم أساسه في الزهد لن يصبح له شيء مما بعده، ولأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، والزهد في الدنيا رأس كل خير وطاعة".
ويقسم لنا الطوسي الزهاد إلى ثلاث طبقات: فمنهم المبتدئون، وهم الذين خلت أيديهم. من الأملاك، وخلت قلوبهم مما خلت منه أيديهم وسئل السري السقطي (رحمه الله) عن الزهد فقال، "أن يخلو قلبه مما خلت منه يداه"، وفرقة منهم متحققون في الزهد، وهم الذين تركوا حظوظ النفس من جميع ما في الدنيا، لأن الزهد من الراحة والثناء والمحمدة، واتخاذ الجاه عند الناس.
والفرقة الثالثة هم الذين علموا أنه لو كانت الدنيا كلها ملكاً حلالاً لا يحاسبون عليها في الآخرة، ولا ينقص ذلك مما لهم عند الله شيئاً، ثم زهدوا فيها لله عز وجل لكان بزهدهم في شئ منذ خلقها الله تعالى ما نظر إليها، ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضه ما سقى الكافر منها شربة من ماء، فعند ذلك زهدوا في زهدهم، وتابوا من زهدهم فهذه الفرقة تزهد في الزهد .
ولكن لي سؤال خفيف في هذا السياق، وهو أن هذا الزهد يعني أن الدنيا لا شئ. فهل صحيح فعلاً أن الدنيا لا قيمة لها بحيث يجب الانقطاع عنها كلياً؟ والمعروف أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يزهد في الدنيا، ولكن هل كان زهده بالمعنى نفسه؟
فحياة النبي صلى الله عليه و سلم قبل نزول الوحي كانت تنطوي على الزهد والتقشف والانقطاع والتأمل كما هو حاصل عندما كان يتعبد في غار حراء قبل شهر رمضان، والاشتغال بذكر الله والبعد عن مناجاه الخلق.
يقول السهروردي في كتابه: (عوارف المعارف)، قال يحيى بن معاذ رحمه الله: الوحدة الصديقين، ومن الناس من ينبعث في باطنه داعية الخلوة وتنجذب النفس إلى ذلك، وهذا أتم وأكمل وأدل على كلام الاستعداد، وقد روي من حال الرسول ما يدل على ذلك.
أما عن حياته صلى الله عليه و سلم بعد نزول الوحي فكانت أيضاً متصفة بالزهد والتقلل من المأكل والمشرب، وحافلة بالمعاني الروحية، وقد كان زهد النبي صلى الله عليه و سلم زهداً اختيارياً. يقول الدكتور محمد حسنين هيكل في كتابه (حياة محمد)، لم يكن هذا الزهد ولا هذه الرغبة عن الدنيا تقشفاً، ولا كان في فرائض الدين .
وفي الأثر "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وأعمل لآخرتك كأنك تموت غداً".
وليس من شك في أن النبي كان المثل الأعلى للمسلمين جميعاً بما فيهم الصوفية .
ودعا النبي إلى الزهد فقال "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس".
وقال كذلك: "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً فقهه في الدين، وزهده في الدنيا، وبصره بعيوبه".
وعرف النبي صلى الله عليه و سلم بحسن عشرة الناس، وقد وصفه علي بن أبي طالب في هذه الناحية، فقال: "كان أوسع الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة (لين الخلق) وأكرمهم عشرة، وكان يمازح أصحابه، ويخالطهم ويحادثهم، ويلاطف الأطفال الصغار، ويجيب دعوة من دعاه، ويعود المرضى.
ومن هذا الحديث نستخلص أن الرسول صلى الله عليه و سلم في زهده لم يكن مبتعداً عن أصحابه، ولا عن الدنيا وما تحويه من اهتمامات أخرى، أي بمعنى أن الزهد عنده ليس هو انقطاع كامل عن الدنيا والبعد عن المجتمع، والنبي صلى الله عليه و سلم لم يكن ينقطع كليةً عن الدنيا، فقد كان يجتمع بالناس، وبأسرهم ولكنه على الرغم من هذا كان يزهد ويتقشف، وهو الذي أوتى مفاتيح الدنيا، يزهد بالقدر الذي يتيح له أن يتفكر في الله وفي عبادته، والتأمل في ذاته وصفاته. ويؤثر عن النبي صلى الله عليه و سلم بالإضافة إلى ما ذكر، أقوال كثيرة حافلة بالمعاني التي استنبطها الصوفية فيما بعد وطوروها في شكل نظريات ذوقية قائمة على أساس المعاناة والخبرة المباشرة.
والزهد كما ذكره الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين)، هو رأس المنجيات، ومن أشرف المقامات، ويختلف الزهد عن الفقر، فإذا أنزوت الدنيا عن العبد سمي ذلك فقراً، وإذا أنزوى العبد عن الدنيا سمى زهداً والخلق السليم يتوجب الطمع حيناً والزهد حيناً آخر.
وهو المقام الثالث من المقامات التي تأثر بها الصوفية الذين يزنون تصوفهم بالكتاب والسنة، وهو مقام الزهد.
والزهد كما عرفه الغزالي هو عزوف النفس عن الدنيا، وانزواؤها عنها طوعاً مع القدرة عليها والرغبة في الآخرة .
ويقول الطوسي( ) في هذا المقام: "هو أول قدم القاصدين إلى الله عز وجل والمنقطعين إلى الله تعالى، والراضين عن الله، والمتوكلين على الله تعالى، فمن لم يحكم أساسه في الزهد لن يصبح له شيء مما بعده، ولأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، والزهد في الدنيا رأس كل خير وطاعة".
ويقسم لنا الطوسي الزهاد إلى ثلاث طبقات: فمنهم المبتدئون، وهم الذين خلت أيديهم. من الأملاك، وخلت قلوبهم مما خلت منه أيديهم وسئل السري السقطي (رحمه الله) عن الزهد فقال، "أن يخلو قلبه مما خلت منه يداه"، وفرقة منهم متحققون في الزهد، وهم الذين تركوا حظوظ النفس من جميع ما في الدنيا، لأن الزهد من الراحة والثناء والمحمدة، واتخاذ الجاه عند الناس.
والفرقة الثالثة هم الذين علموا أنه لو كانت الدنيا كلها ملكاً حلالاً لا يحاسبون عليها في الآخرة، ولا ينقص ذلك مما لهم عند الله شيئاً، ثم زهدوا فيها لله عز وجل لكان بزهدهم في شئ منذ خلقها الله تعالى ما نظر إليها، ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضه ما سقى الكافر منها شربة من ماء، فعند ذلك زهدوا في زهدهم، وتابوا من زهدهم فهذه الفرقة تزهد في الزهد .
ولكن لي سؤال خفيف في هذا السياق، وهو أن هذا الزهد يعني أن الدنيا لا شئ. فهل صحيح فعلاً أن الدنيا لا قيمة لها بحيث يجب الانقطاع عنها كلياً؟ والمعروف أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يزهد في الدنيا، ولكن هل كان زهده بالمعنى نفسه؟
فحياة النبي صلى الله عليه و سلم قبل نزول الوحي كانت تنطوي على الزهد والتقشف والانقطاع والتأمل كما هو حاصل عندما كان يتعبد في غار حراء قبل شهر رمضان، والاشتغال بذكر الله والبعد عن مناجاه الخلق.
يقول السهروردي في كتابه: (عوارف المعارف)، قال يحيى بن معاذ رحمه الله: الوحدة الصديقين، ومن الناس من ينبعث في باطنه داعية الخلوة وتنجذب النفس إلى ذلك، وهذا أتم وأكمل وأدل على كلام الاستعداد، وقد روي من حال الرسول ما يدل على ذلك.
أما عن حياته صلى الله عليه و سلم بعد نزول الوحي فكانت أيضاً متصفة بالزهد والتقلل من المأكل والمشرب، وحافلة بالمعاني الروحية، وقد كان زهد النبي صلى الله عليه و سلم زهداً اختيارياً. يقول الدكتور محمد حسنين هيكل في كتابه (حياة محمد)، لم يكن هذا الزهد ولا هذه الرغبة عن الدنيا تقشفاً، ولا كان في فرائض الدين .
وفي الأثر "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وأعمل لآخرتك كأنك تموت غداً".
وليس من شك في أن النبي كان المثل الأعلى للمسلمين جميعاً بما فيهم الصوفية .
ودعا النبي إلى الزهد فقال "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس".
وقال كذلك: "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً فقهه في الدين، وزهده في الدنيا، وبصره بعيوبه".
وعرف النبي صلى الله عليه و سلم بحسن عشرة الناس، وقد وصفه علي بن أبي طالب في هذه الناحية، فقال: "كان أوسع الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة (لين الخلق) وأكرمهم عشرة، وكان يمازح أصحابه، ويخالطهم ويحادثهم، ويلاطف الأطفال الصغار، ويجيب دعوة من دعاه، ويعود المرضى.
ومن هذا الحديث نستخلص أن الرسول صلى الله عليه و سلم في زهده لم يكن مبتعداً عن أصحابه، ولا عن الدنيا وما تحويه من اهتمامات أخرى، أي بمعنى أن الزهد عنده ليس هو انقطاع كامل عن الدنيا والبعد عن المجتمع، والنبي صلى الله عليه و سلم لم يكن ينقطع كليةً عن الدنيا، فقد كان يجتمع بالناس، وبأسرهم ولكنه على الرغم من هذا كان يزهد ويتقشف، وهو الذي أوتى مفاتيح الدنيا، يزهد بالقدر الذي يتيح له أن يتفكر في الله وفي عبادته، والتأمل في ذاته وصفاته. ويؤثر عن النبي صلى الله عليه و سلم بالإضافة إلى ما ذكر، أقوال كثيرة حافلة بالمعاني التي استنبطها الصوفية فيما بعد وطوروها في شكل نظريات ذوقية قائمة على أساس المعاناة والخبرة المباشرة.
والزهد كما ذكره الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين)، هو رأس المنجيات، ومن أشرف المقامات، ويختلف الزهد عن الفقر، فإذا أنزوت الدنيا عن العبد سمي ذلك فقراً، وإذا أنزوى العبد عن الدنيا سمى زهداً والخلق السليم يتوجب الطمع حيناً والزهد حيناً آخر.
الكلمات المفتاحية :
احوال الصوفية
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: