المدخل إلى المذهب الحنفي
المذهب الحنفى.
الحديث عن المذهب الحنفى يدور حول المحاور التالية:
1 - صاحب المذهب الامام أبى حنيفة النعمان .
2 - تكوين المذهب، وموطنه، وانتشاره .
3 - أصول المذهب ومنهجه .
4 - أعلام المذهب الحنفى .
5 - تدوين المذهب الحنفى .
أولا - ترجمة: الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان ومذهبه (1):
نسبه ومولده:
هو الإمام فقيه الملة، عالم العراق، أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى التيمى، الكوفى، مولى بنى تيم الله بن ثعلبة، يقال: إنه من أبناء الفرس، ولد سنة ثمانين فى حياة صغار الصحابة.
قال أحمه العجلى:
أبو حنيقة تيمى من رهط حمزة الزيات، كان خزازا يبع الخز.
وقال عمر بن حماد بن أبى حنيفة : أما زوطى فإنه من أهل كابل، وولد ثابتا على الإسلام وكان زوطى مملوكا لبنى تيم الله بن ثعلبة، فأعتقه، فولاؤه لهم، ثم لبنى قفل .
قال : وكان أبو حنيفة خزازا، ودكانه معورف فى دار عمر بن حريث وقال النضر بن محمد المروزى، عن يحيى بن النضر، قال : كان والد أبى حنيفة من «نسا» .
وروى سليمان بن الربيع، عن الحارث بن إدريس قال : أبو حنيفة أصله من «ترمذ»، وقال أبوعبد الرحمن المقرى : أبو حنيفة من أهل «بابل»، وروى أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول، عن أبيه، عن جده، قال : ثابت - والد أبى حنيفة - من أهل «الأنبار».
وصفه:
يقول تلميذه أبو يوسف: كان أبوحنيفة ربعة، من أحسن الناس صورة، وأبلغهم نطقا، وأعذبهم نغمة، وأبينهم عمًا فى نفسه.
وعن حماد بن أبى حنيفة، قال : كان أبى جميلا، تعلوه سمرة، حسن الهيئة كثير التعطر، هيوبا لايتكلم إلا جوابا، ولايخوض - رحمه الله - فيما لايعنيه .
وعن ابن المبارك قال : ما رأيت رجلا أوقر فى مجلسه، ولا أحسن سمتا وحلما من أبى حنيفة .
شيوخه ومن روى عنه.
شيوخه
أدرك الإمام الأعظم أنس بن مالك لما قدم عليهم بـ«الكوفة»، ولم يثبت له حرف عن أحد منهم، وروى عن عطاء بن أبى رباح - وهو أكبر شيخ له وأفضلهم على ما قال - وعن الشعبى، وعن طاوس، ولم يصح .
وعن جبلة بن سحيم، وعدى بن ثابت، وعكرمة، وفى لقيه نظر، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعمرو بن دينار، وأبى سفيان طلحة بن نافع، ونافع مولى ابن عمر، وقتادة، وقيس ابن مسلم، وعون بن عبد الله بن عتبة ، والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، ومحارب بن دثار، وعبد الله بن دينار، والحكم بن عتيبة، وعلقمة بن مرثد، وعلى بن الأقمر، وعبد العزيز بن رفيع، وعطية العوفى، وحماد بن سليمان، وبه تفقه، وزياد بن علاقة، وسلمة بن كهيل، وعاصم بن كليب، وسماك بن حرب، وعاصم بن بهدلة، وسعيد بن مسروق، وعبد الملك بن عمير، وأبى جعفر الباقر، وابن شهاب الزهرى، ومحمد بن المنكدر، وأبى إسحاق السبيعى، ومنصور بن المعتمر، ومسلم البطين، ويزيد بن صهيب الفقير، وأبى الزبير، وأبى حصين الأسدى، وعطاء بن السائب، وناصح المحلمى، وهشام بن عروة، وخلق سواهم، حتى إنه روى عن شيبان النحوى، وهو أصغر منه، وعن مالك بن أنس وهو كذلك .
من روى عنه
لقد عنى أبو حنيفة بطلب الآثار والحديث، وارتحل فى ذلك الأيام والليالى : وأما الفقه والتدقيق فى الرأى وغوامضه فإليه المنتهى، والناس عليه عيال فى ذلك .
حدث عن خلق كثير، ذكر منهم الشيخ أبو الحجاج - فى تهذيبه - هؤلاء على المعجم :
إبراهيم بن طهمان عالم «خراسان»، وأبيض بن الأغر بن الصباح المنقرى، وأسباط بن محمد، واسحاق الأزرق، وأسد بن عمرو البجلى، واسماعيل بن يحيى الصيرفى، وأيوب بن هانئ، والجارود بن يزيد النيسابورى، وجعفر بن عون، والحارث بن نبهان، وحيان بن على العنزى، والحارث بن زياد اللؤلؤى، والحسن بن فرات القزاز، والحسين بن الحسن بن عطية العوفى، وحفص بن عبد الرحمن القاضىي، وحكام بن سلم، وأبو مطيع الحكم بن عبد الله ، وابنه حماد بن أبى حنيفة، وحمزة الزيات، وهو من أقرانه .
وخارجة بن مصعب، وداود الطائى، وزفر بن الهذيل التميمى الفقيه، وزيد بن الحباب، وسابق الرقى، وسعد بن الصلت القاضى وسعيد بن أبى الجهم القابوسى، وسعيد بن سلام العطار، وسلم بن سالم البلخى، وسليمان بن عمرو النخعى، وسهل بن مزاحم، وشعيب بن إسحاق، والصباح بن محارب، والصلت بن الحجاج، وأبو عاصم النبيل، وعامر بن الفرات، وعائذ بن حبيب، وعباد بن العوام، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وأبو يحيى عبد الحميد الحمانى، وعبد الرزاق، وعبد العزيز بن خالد الترمذي، وعبد الكريم بن محمد الجرجانى، وعبد المجيد بن أبى رواد، وعبد الوارث التنورى، وعبد الله بن الزبير القرشى، وعبيد الله بن عمرو الرقى، وعبيد الله بن موسى، وعتاب بن محمد، وعلى بن ظبيان القاضى، وعلى بن عاصم، وعلى بن مسهر القاضى، وعمرو بن محمد العنقزى، وأبو قطن عمرو بن الهيثم، وعيسى بن يونس، وأبو نعيم، والفضل بن موسى، والقاسم بن الحكم العرنى، والقاسم بن معن، وقيس بن الربيع، ومحمد بن أبان العنبرى الكوفى، ومحمد بن بشر، ومحمد بن الحسن بن أتش، ومحمد بن الحسن الشيبانى، ومحمد بن خالد الوهبى، ومحمد بن عبد الله الأنصارى، ومحمد بن الفضل بن عطية، ومحمد بن القاسم الأسدى، ومحمد بن مسروق الكوفى، ومحمد بن يزيد الواسطى، ومروان بن سالم، ومصعب بن المقدام، والمعافى بن عمران، ومكى بن إبراهيم، ونصر بن عبد الكريم البلخى الصيقل، ونصر بن عبد الملك العتكى، وأبو غالب النضر بن عبد الله الأزدى، والنضر بن محمد المروزى، والنعمان بن عبد السلام الأصبهانى، ونوح بن دراج القاضى، ونوح بن أبى مريم الجامع، وهشيم ، وهوذة، وهياج بن بسطام، ووكيع، ويحيى بن أيوب المصرى، ويحيى بن نصر بن حاجب، ويحيى بن يمان، ويزيد بن زريع، ويزيد بن هارون، ويونس بن بكير، وأبو إسحاق الفزارى، وأبو حمزة السكرى، وأبو سعد الصاغانى، وأبو شهاب الحناط، وأبو مقاتل السمرقندى، والقاضى أبو يوسف .
ثناء العلماء عليه
قال محمد بن سعد العوفى : سمعت يحيى بن معين يقول : كان أبو حنيفة ثقة لايحدث بالحديث إلا بما يحفظه، ولا يحدث بما لايحفظ .
و قال صالح بن محمد : سمعت يحيي بن معين يقول : كان أبو حنيفة ثقة فى الحديث . قال محمد بن أيوب بن الضريس : حدثنا أحمد بن الصباح، سمعت الشافعى قال : قيل لمالك : هل رأيت أبا حنيفة؟ قال : نعم رأيت رجلا لو كلمك فى هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته، وعن أبى معاوية الضرير قال : حب أبى حنيفة من السنة .
وقال الفقيه أبو عبد الله الصيمرى : لم يقبل العهد بالقضاء، فضرب وحبس ومات فى السجن .
وروى حيان بن موسى المروزى ، قال : سئل ابن المبارك : مالك أفقه أو أبو حنيفة؟ قال : أبو حنيفة.
وقال : الخريبى : ما يقع فى أبى حنيفة إلا حاسد أو جاهل .
وقال يحى بن سعيد القطان : لا نكذب الله ما سمعا أحسن من رأى أبى حنيفة وقد أخذنا بأكثر أقواله .
وقال على بن عاصم : لو وزن علم الإمام أبى حنيفة بعلم أهل زمانه لرجح عليهم .
وقال حفص بن غياث : كلام أبى حنيفة فى الفقه أدق من الشعر، لايعيبه إلا جاهل .
وروى عن الأعمش أنه سئل عن مسألة فقال : إنما يحسن هذا النعمان بن ثابت الخزاز، وأظنه بورك له فى علمه .
وقال الشافعى : الناس فى الفقه عيال على أبى خيفة .
ولله در القائل :
وليس يصح فى الأذهان شىء ***** إذا احتاج النهار إلى دليل
وفاته:
توفى شهيدا فى سنة خمسين ومائة، وله سبعون سنة .
ثانيا : تكوين المذهب، وموطنه وانتشاره :
لما رحل عبد الله بن مسعود، والإمام علي إلى الكوفة واستقرا بها - أخذا على عاتقهما تعليم الناس أحكام الدين ومبادئه، وقد اتبع عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - سنن عمر بن الخطاب في شدة الميل إلى الرأي، والاحتياط الزائد فى الأخذ بالحديث، كما أن عليا كان واسع الأفق قوى الحجة ذا عقلية فذة قادرة على استنباط الأحكام.
وقد أدى ذلك إلى بروز نخبة من الفقهاء الأجلاء، اعتدوا بالرأى، من هؤلاء : شريح الكندى الذى مارس القضاء حقبة من الزمن، وعرف بميله الشديد إلى الأخذ بالرأى، ومن بعده جاء إبراهيم النخعى فقيه الرأى.
ورفع اللواء من بعدهما حماد بن سليمان، لكنه مزج بين الرأى والأثر، حيث تأثر بعامر بن شراحبيل الشعبى الذى كان يكره الرأى ويعتمد على الآثار، ولذا يعد الشعبى هو المغذى لمدرسة الرأى فى العراق بالأحاديث والآثار التى حفظها ورواها، وكان من تلاميذ حماد بن سليمان، الإمام أبو حنيفة الذى برز من بين أقرانه، وأخذ عن أستاذه المزج بين الرأى والأثر، وتعلم على يد غيره فى أثناء رحلاته إلى الحج.
وبعد موت أستاذه حماد آلت إليه زعامة مدرسة الرأى فى «العراق»، فالتف حوله الراغبون فى العلم، وبرز من يومه مذهب خاص فى الفقه، عرف بالمذهب الحنفى نسبة إلى أبى حنيفة رضي الله عنه (1).
وقد نما المذهب الحنفى وترعرع، واستوى على سوقه، ويرجع هذا النمو إلى أمور ثلاثة :
أولها : كثرة تلاميذ أبى حنيفة، وعنايتهم بنشر أرائه، وبيان الأسس التى قام عليها فقهه، فوافقوه وخالفوه، وبينوا الدليل فى الوفاق والخلاف، وفرعوا كذلك على مذهبه.
ثانيها : أنه جاء بعد تلاميذه طائفة عنيت باستباط علل الأحكام، وتطبيقها على ما يجد من الوقائع فى العصور، وأنهم بعد أن استبطوا علل الأحكام التى قامت عليها فروع المذاهب جمعوا المسائل المتجانسة فى قواعد عامة شاملة، فاجمع فى المذهب التفريع، ووضعت القواعد والنظريات العامة التى تجمع أشتاته وتوجه كلياته.
ثالثها : انتشاره فى مواطن كثيرة، وذلك لأنه كان مذهب الدولة العباسية، حتى إن الرشيد ولى أبا يوسف القضاء فى «بغداد»، وكان لا يعين القاضي في الأقاليم إلا إذا اعتنق المذهب العراقي - مذهب ابى حنيفه - (2).
وقد نشأ المذهب الحنفى أولا فى «العراق» وذاع وانتشر خارجها فى كل بلد كان للدولة العباسية فيه سلطان ، فكان فى «العراق» وبلاد «ما وراء النهر» والبلاد التى فتحت فى المشرق - المذهب الرسمى وكان مذهبا شعبيا، وان نازعه - فى بلاد «التركستان»، و«ما وراء النهر» المذهب الشافعى فى وسط الشعب (3).
قال العلامة ابن خلدون : إن مذهب أبى حنيفة تقلده أهل العراق ومسلمو الهند والصين وما وراء النهر وبلاد العجم، لأن تلاميذه كانوا بطانة خلفاء بنى العباس، فكثرت مخالطتهم لهم، ومناظرتهم مع فقهاء الشافعية، وحدثت مباحث فى الخلافيات جاءوا فيها بعلم مستطرف وأنظار غريبة، خصوصا عندما أسندت الخلافة إلى هارون الرشيد فقد ولى أبا يوسف صاحب أبى حنيفة القضاء، فلم يقلد قاضيا ببلاد العراق وخراسان والشام ومصر إلا من أشار به القاضى أبو يوسف، وهو لم يختر للقضاء إلا حنفيا، فلهذا اشتهر مذهب أبى خيفة فى هذه الأقطار.
وقال الحافظ ابن حزم : «مذهبان انتشرا بالرياسة والسلطان:
- مذهب أبى حنيفة، فإنه لما ولى أبو يوسف القضاء، كان القضاة من قبله من أقصى المشرق إلى عمل إفريقيا، فكان لايولى إلا أصحابه والمنتسبين إلى مذهبه،
- والثانى مذهب مالك، ثم ساق الكلام فى شأنه» اهـ.
وقد ساد المذهب الحنفى فى «الشام» على المستوى الرسمى والشعبى، حتى إذا جاء إلى «مصر» وجد فى وجهه مذهبين يتنازعان السلطان في الشعب المصرى : المذهب المالكى الذى يكثر تلاميذه بها ، والمذهب الشافعى الذى أقام مؤسسه الإمام الشافعى بها، ومع ذلك اسطاع أن يحتل المكانة العليا فى المستوى الرسمى، لكنه لم يتغلغل على المستوى الشعبى.
فلما جاءت الدولة الفاطمية أزالت كل المذاهب، وأحلت المذهب الشيعي الإمامى، حتى إذا حل الأيوبيون مصر، قووا المذهب الشافعى، ولما آل الأمر إلى المماليك، جعلوا مسائل القضاء قائمة على المذاهب الاربعة حتى جاء محمد على فأعاد للمذهب الحنفى صفته الرسمية ( 4).
وكذلك فقد كان المذهب الحنفى هو المذهب الرسمى للدولة فى البلاد التى كانت خاضعة لحكم الدولة العثمانية ( 5).
ولم يتجاوز المذهب الحنفي «مصر» إلى بلاد «المغرب» إلا في عهد أسد بن الفرات وكان ذلك زمنا قصيرا ثم عاد أدراجه، لأن المذهب المالكي انفرد بالنفوذ في «المغرب» و«الأندلس» ( 6).
ثالثا : أصول المذهب ومنهجه:
نقل عن أبى حنيفة أنه قال: آخذ بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإن لم أجد فى كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أخذت بقول أصحابه، صلى الله عليه وسلم، آخذ بقول من شئت منهم، وأدع من شئت منهم، لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر إلى إبراهيم أى : النخعى والشعبى وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن السيب - فهم اجتهدوا فأجتهد كما اجتهدوا.
هذا النص يدل على أنه يأخذ بكلام الله، ثم بسنة رسوله، ثم بأقوال الصحابة، ولايأخذ بأقوال التابعين، بل يجتهد.
وهذا الاجتهاد مبنى على عدة أمور، يكشف عنها ما جاء فى المناقب للمكى :
أن أحد معاصرى أبى حنيفة قال : كلام أبى حنيفة أخذ بالثقة، وفرار من القبح، والنظر فى معاملات الناس، وما استقاموا عليه، وصلح عليه أمورهم، يُمْضِى الأمور على القياس، فإذا قبح القياس يمضيها على الاستحسان ما دام يمضى له، فإذا لم يمض له رجع إلى ما يتعامل المسلمون به، وكان يوصل الحديث المعروف الذى أجمع عليه ، ثم يقيس عليه ما دام القياس سائغا، ثم يرجع إلى الاستحسان فأيهما كان أوفق رجع إليه، قال سهل : هذا علم أبى حنيفة، وهو علم العامة .
ويتضح لنا من خلال النصين :
أن منهج أبى حنيفة - الذى رسمه لنفسه وسار عليه أصحابه من بعده يقوم على أصول سبعة :
1 - كتاب الله عز وجل: وهو عمود الشريعة، وأساسها، واليه ترجع أحكامها، وهو مصدر المصادر فما من مصدر إلا ويرجع إليه فى أصل ثبوته .
2 - السنه النبويه: وهى الأصل الثانى للتشريع، فهى المفصلة لمجمل القرآن، المبينة له، المقيدة لمطلقه، وهى تبليغ النبى، صلى الله عليه وسلم، رسالة ربه، ومن لم يأخذ بها فإنه لا يقر بتبليغ النبى، صلى الله عليه وسلم، لرسالة ربه .
وقد تشدد الفقه الحنفى فى قبول السنة، والتحرى عنها وعن رواتها . فلم يقبلوا إلا الحديث المتواتر، الذى ترويه جماعة عن جماعة، يستحيل تواطؤها على الكذب، أو الحديث المشهور الذى اتفق فقهاء الأمصار على العمل به، أو رواه صحابى واحد أمام جمع منهم، ولم يخالف فيه أحدهم، إذ يعتبر سكوتهم إقرارا له ( 1).
يذكر الخطيب أن أبا حنيفة كان إذا وردت عليه مسألة فيها حديث صحيح اتبعه، وان كان عن الصحابة والتابعين (2).
3 - أقوال الصحابة: لأنهم هم الذين بلغوا الرسالة، وهم الذين عاينوا التنزيل، وهم الذين يعرفون المناسبات المختلفة للآيات والأحاديث، وهم الذين حملوا علم الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى الأخلاق من بعده .
وقد رجع فقهاء الحنفية إلى أقوال الصحابة وأفعالهم فإذا عرضت لهم مسألة ليس فيها حكم ظاهر من كتاب الله، أو سنة رسول الله الصحيحة، عرضوها على أقوال الصحابة وأفعالهم، فإن كانوا أجمعوا فيها على رأى أخذ الفقهاء الحنفية به، والا فلا.
ويكشف النص الوارد عن أبى حنيفة سابقا، أنه يأخذ بقول من شاء من الصحابة ويدع من شاء، ولكنه لايخرج فى نفس الوقت من قول الصحابى إلى غيره، وليست أقوال التابعين لها هذه المنزلة، لأنه فرض فى أقوال الصحابة أنها كانت بالتلقى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولم تكن بالاجتهاد المجرد، وأن بعض أقوالهم أو أكثرها مبنية على أقوال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ( 3).
4 - القياس: وقد أخذ أبو حنيفة وأعلام مذهبه بالقياس عند عدم وجود نص من كتاب الله، أو سنة رسول الله، أو قول صحابى أو فعله فى المسألة المعروضة .
والقياس معناه : إلحاق أمر غير منصوص حكمه بأمر آخر منصوص على حكمه، لعلة جامعة بينهما، فهو فى حقيقته حمل على النص بأن تتعرف الأسباب والأوصاف المناسبة للحكم الذى نص عليه، حتى إذا عرفت علته طبق الحكم فى كل موضوع تنطبق فيه العلة، ولقد سماه بعض العلماء تفسيرا للنصوص (4).
وقد توسع أبو حنيفة وأصحابه فى القياس أيما توسع، وافترضوا مسائل خيالية لاختباره، عرف ذلك بالفقه الافتراضي.
5 - الاستحسان: هو الدليل الذى اشتهر به الأحناف واعتبره الفقهاء ما عدا الشافعية، فقد رفضوه، وقال فيه الشافعى قولته المشهورة : «من استحسن فى الدين فقد شرع» فى حين أن المشرع هو الله وحده، ثم رسوله .
وقد عرف الكرخى - من علماء الأحناف - الاستحسان بقوله : «الاستحسان هو العدول فى مسألة عن مثل ما حكم به فى نظائرها إلى خلافه، لوجه أقوى» (5)، ويعرّفه السرخسى بأنه «قياس خفى قوى أثره» (6).
وقريب من هذا أن يقال : «إنه خروج عن القياس الظاهر الجلى إلى القياس الخفى»، أى إلى الذى خفيت علته، لأن القياس الظاهر تبين عدم صلاحيته فى بعض الجزئيات، فيبحث عن علة أخرى، أو لأن القياس الظاهر خالف نصا، والقياس أصلا يكون حينما لايوجد نص، أو لأن القياس خالف الإجماع أو العرف، فيترك ويؤخذ بهما .
وقد برع أبو حنيفة وأصحابه فى الاستحسان، كما برعوا فى القياس، وتوسعوا فيه، فاتسعت المسائل الفقهية، وكثرت المسائل المفترضة، فأثروا بذلك الفقه بالكثير من الأحكام التى مهدت الطريق لمن جاء بعدهم، ويسرت عليهم الفتوى، وقد كان تشدد الحنفية فى الحديث، وعدم قبولهم لخبر الواحد - وراء توسعهم فى الأخذ بالقياس والاستحسان .
6 - الإجماع : يعرفه بعضهم بأنه اتفاق مجتهدى الأمة فى عصر ما على حكم شرعى، وقد اتفق جمهور العلماء على حجيته واعتباره دليلا من أدلة الأحكام ، وقد أنكر بعضهم حجية الإجماع، إذ يرون أن الإجماع لايمكن تحققه، لأنه يتعذر معرفة كل هؤلاء المجتهدين المنتشرين فى قارات وأقطار مختلفة من العالم الإسلامى، ومنهم من ليس معروفا حتى يسأل عن رأيه فى المسألة التى يراد معرفة آراء المجتهدين فيها، وفى هذا ينقل ابن حزم عن أحمد بن حنبل : «وما يدعى الرجل فيه الإجماع هو الكذب، ومن ادعى الإجماع فهو كذاب» .
وقد استند جمهور العلماء إلى قوله تعالى : (وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) - النساء 115-، وقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، «لا تجتمع أمتى على ضلالة »، ودليل المنكرين للإجماع : قول الله تعالى : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) - النساء 59-، فالله جعل المرجع الكتاب والسنة، فلا يصح أن يكون الإجماع مرجعا شرعيا .
والإجماع عند القائلين بإمكانه وتحققه ووقوعه فعلا لا يكون إلا عن دليل يستند إليه، وقد يكون هذا الدليل هو القياس، لأن القول فى الدين من غير دليل أو أمارة خطأ.
وكان موقف الأحناف من الإجماع كرأى الجمهور تماما، حيث عملوا به .
7 - العرف : وهو أن يكون عمل المسلمين على أمر لم يرد فيه نص من القران أو السنة أو عمل الصحابة، فإنه يكون حجة .
والعرف قسمان : قسم صحيح وهو الذى لايخالف نصا، وقسم فاسد وهو الذى يخالف نصا، والعرف الفاسد لا يلتفت إليه، والعرف الصحيح حجة .
وقد توسع أبو حنيفة فى الأخذ بهذا الأصل، وذلك لأنه كان ذا خبرة بالتجارة ومعاملات الناس فعلم عادات الناس، وخبر أعرافهم، ولذلك حكم العرف فى كثير من المسائل الفقهية .
من أعلام المذهب الحنفي
تلمذ لأبى حنيفة كثير من راغبى العلم وطلابه، وبرز منهم البعض فاصطفاهم، وآخاهم، وشاركهم فى مناقشة بعض المسائل، ووضع الإجابة عليها، وكان لايرى بأسا فى مناقشتهم ومعارضتهم له، ولذا يعتبر تلاميذه قد شاركوه فى تأسيس المذهب ونشره، ومن ناحية أخرى، فقد تعلم على أيدى هؤلاء التلاميذ الكثير ممن كان له دور مؤثر فى نشر المذهب فى كل الأرجاء. واذا علمنا أن أبا حنيفة لم يؤلف كتابا، إلا رسائل صغيرة نسبت إليه : كرسالته «الفقه الأكبر»، و«رسالته إلى عثمان البتى»، و«رسالته فى الرد على القدرية»، وكلها رسائل فى علم الكلام والمواعظ - عرفنا الدور العظيم الذى قام به مريدو الإمام أبى حنيفة فى نشر المذهب الحنفى وتدوينه، ولذا يجدر بنا أن نذكر أبرز هؤلاء الأ علام، وهم كالتالى :
1 - أبو يوسف (1) يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصارى الكوفى البغدادى، أبو يوسف صاحب الإمام أبى حنيفة ومقدم تلاميذه، وأول من نشر مذهبه، كان فقيها، علامة من كبار حفاظ الحديث، ولد بـ «الكوفة» سنة ثلاث عشرة ومائة، وتفقه بالحديث والرواية ثم لزم أبا حنيفة فغلب عليه فقه أهل الرأى، وولى القضاء بـ «بغداد» أيام المهدى والهادى والرشيد، ومات فى خلافته، بـ «بغداد» سنة اثنتين وثمانين ومائة، وهو على القضاء، وهو أول من دعي : قاضي القضاة، ويقال له : قاضي قضاة الدنيا، فكان له تولية القضاء فى الشرق والغرب، وأول من وضع الكتب فى أصول الفقه على مذهب أبى حنيفة، وهو أول من غير زى العلماء بهذا الزى، وكان واسع العلم بالتفسير والحديث، والمغازى وأيام العرب، ولكن اشتهر بالفقه أكثر من سائر العلوم، لاشتغاله به مدة طويلة، وهو الذى نشر علم أبى حنيفة فى أقطار الأرض، ومن كتبه المشهورة : «الخراج» و«الآثار» وهو مسند أبى حنيفة و«النوادر» و«اختلاف الأمصار» و«أدب القاضى» و«الفرائض» و«الغصب» و«الاستبراء» و«الجوامع» و«الذبائح» و«الوصايا» و«البيوع» و«الأمالى» .
2 - محمد بن الحسن بن فرقد (2) أبو عبد الله، من موالى بنى شيبان، إمام الفقه والأصول، صاحب أبى حنيفة وتلميذه، وناشر مذهبه وعلمه، وهو أول من دون مذهب أبى حنيفة، وأصل والده من «دمشق» قدم «العراق» فولد محمد بـ «واسط» سنة واحد وثلاثين ومائة ونشأ بـ «الكوفة» وطلب الحديث، فسمع عن الثورى والأوزاعى ومسعر ومالك، وصحب أبا حنيفة وأخذ الفقه عنه ثم عن أبى يوسف وغلب عليه مذهبه، وعرف به وانتقل إلى «بغداد» فولاه الرشيد القضاء بـ «العراق» وأخذ عنه جمع غفير من أئمة الفقه والحديث، ومن أبرزهم الإمام أبو حفص الكبير البخارى والإمام أبو سليمان الجوزجانى، وله كتب كثيرة فى الفقه والأصول حتى قيل : إنه صنف تسعمائة وتسعين كتابا كلها فى العلوم الإسلامية، ومن أهم كتبه المسماة بظاهر الرواية والأصول، وهى : «المبسوط» أو «الأصل» و«الجامح الصغير» و«الجامع الكبير» و«السير الكبير» و«السير والصغير» و«الزيادات» وانما أُظْهر علم الإمام أبى حنيفة بتصانيفه، وإنّ جلالته ووثاقته مستفيضة مشهورة، وقد أثنى عليه كثير من العلماء والمؤوخين، فقال الإمام الشافعى رحمه الله : لو أشاء أن أقول نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلت، لفصاحته، وقال أيضا : أخذت عنه وقر بعير من علم وما رأيت رجلا سمينا أخف روحا منه. ونعته الخطيب البغدادى بإمام أهل الرأى. ولما خرج الرشيد إلى «خراسان» صحبة معه، فمات بالرى سنة تسع وثمانين ومائة هجرية.
3 - زفر بن الهذيل بن قيس (3) الكوفى أبو هذيل البصرى العنبرى من كبار أصحاب الإمام أبى حنيفة، وكان الإمام يفضله ويجله، وكان يقول: هو أقيس أصحابى. ولد سنة عشر ومائة، وكانت وفاته بـ «البصرة» سنة ثمان وخمسين ومائة، وعمره ثمان وأربعون سنة فقط، وكان ورعا زاهدا اشتغل أولا بالحديث، ثم غلب عليه الفقه والقياس، وعرض عليه القضاء فلم يقبل واختفى، وكان ثقة، وهو أحد الأئمة الأربعة فى المذهب الحنفى، ومن تأليفاته «المجرد فى الفروع» .
4 - الحسن بن زياد اللؤلؤى (4) : صاحب الإمام أبى حنيفة، قال يحيى بن آدم : ما رأيت أفقه من الحسن بن زياد، ولى القضاء ثم استعفى عنه .
وكان محبا للسنة واتباعها حتى لقد كان يكسو مماليكه كما يكسو نفسه، اتباعا لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، : ألبسوهم مما تلبسون، وكان يختلف إلى زفر وأبى يوسف فى الفقه .
قال الحسن : وكان أبو يوسف أوسع صدرا إلى التعليم من زفر، قال على بن صالح : كنا عند أبى يوسف فأقبل الحسن بن زياد، فقال أبو يوسف : بادروه فاسألوه، وإلا لم تقووا عليه، فأقبل الحسن بن زياد، فقال: السلام عليكم يا ابا يوسف، ما تقول، متصلا بالسلام؟ قال : فلقد رأيت أبا يوسف يلوى وجهه إلى هذا الجانب مرة، والى هذا الجانب مرة، من كثرة إدخالات الحسن عليه، ورجوعه من جواب إلى جواب .
قال: محمد بن سماعة : سمعت الحسن بن زياده يقول : كتبت عن ابن جريج اثنى عشر ألف حديث، كلها يحتاج إليها الفقهاء،
قال : السمعانى : كان عالما بروايات أبى حنيفة، وكان حسن الخلق، وقال : شمس الأئمة السرخسى : الحسن بن زياد هو المقدم فى السؤال والتفريع، توفى سنة أربع وماتتين .
وهؤلاء الأربعة هم أشهر أصحاب الإمام أبى حنيفة الذين أخذوا عنه العلم مباشرة، وقد كان له تلاميذ آخرون لم يبلغوا شهرة هؤلاء الأربعة، كما كان لتلاميذه أتباع وتلاميذ أيضا، وكان لكل منهم فضله فى القيام على بيان المذهب ونشره، وهكذا توالت الأجيال والأتباع، حتى وصل المذهب إلينا على ما نعرف الآن.
خامسا : تدوين المذهب الحنفي
قدمنا من قبل أنه لم يؤثر عن أبي حنيفة أنه ألف كتابا في الفقه، ولكن بالرغم من ذلك خُلِّد مذهبه مع الزمن، ولم يندثر كما اندثر كثير من المذاهب الأخرى، ويرجع الفضل في ذلك إلى تلاميذه وأتباعه، فبفضل الله ثم هؤلاء دونت الكتب التي حفظت آراء الإمام وأقواله، وأصول المذهب، وكثرت عليها التطبيقات والتفريعات لحوادث وقعت فعلا أو لأمور افتراضية فيما يأتي من الزمان .
وقد اضطلع الصاحبان أبو يوسف ومحمد بهذا الأمر الجليل، بيد أن محمد بن الحسن كان له قصب السبق فيه، فقد كان تدوينه أول تدوين فقهي جامع لأشتات نوع معين في الفقه، وهو صاحب الفضل في تدوين المذهب في مؤلفات وصلت إلينا، وتعتبر معينه وعموده الفقري، وليس بأيدي الأحناف من كتب الأولين إلا هذه الكتب، على أن صاحبه - أبا يوسف - هو أول من دون في المذهب.
ومن آثار أبى يوسف التي دون فيها آراء أبى حنيفة، وآراءه الخاصة - والتي اندثر غالبها - ما يلي :
1 - كتاب الآثار : وقد رواه يوسف، عن أبيه، عن أبى حنيفة، وبعد ذلك يتصل السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الصحابي، أو التابعي الذي يرتضى أبو حنيفة روايته، وهو يجمع مع ذلك طائفة كبيرة اختارها من فتاوى التابعين من فقهاء العراق.
2 - اختلاف ابن أبى ليلى : وهو كتاب جمع فيه مواضع الخلاف بين أبى حنيفة، والقاضي ابن أبى ليلى المتوفى 148هـ، وفيه انتصار لآراء أبى حنيفة، والذي روى الكتاب عن أبى يوسف هو صاحبه محمد بن الحسن.
3 - الرد على سير الأوزاعي : وهو كتاب بين فيه اختلاف الأوزاعي في العلاقات بين المسلمين وغيرهم في حال الحرب، وقد انتصر لآراء العراقيين.
4 - كتاب الخراج : وهو أعظم كتب أبى يوسف: وضع فيه أبو يوسف نظاما مقررا ثابتا لمالية الدولة الإسلامية، ذكر فيها ما خالف فيه أستاذه، وأوضح عن رأيه في دقة وأمانة، ودافع فيه عن آراء أستاذه أحيانا، وهى رسالة كتبها للرشيد.
بقى أن نذكر كتب الإمام محمد بن الحسن الشيبانى، وهى المراجع الأصلية الأولى للفقه الحنفي، التي وصلت إلينا - بحمد الله - كاملة. وأعظم هذه الكتب ستة، وهى :
المبسوط، والجامع الكبير، والجامع الصغير، وكتاب السير الكبير، وكتاب السير الصغير، وكتاب الزيادات.
وهذه الكتب الستة تسمى : ظاهر الرواية، وهى تؤخذ بما فيها، ولا يرجح عليها غيرها إلا بترجيح خاص.
وسميت بذلك، لأنها رويت عن محمد برواية ثقات، فهي ثابتة عنه، إما متواترة أو مشهورة عنه.
ولمحمد بن الحسن من غير هذه الكتب الستة كتب كثيرة، مثل:
الحجة على أهل المدينة، والرقيات والنوادر، والهارونيات، والجرجانيات،
وهذه الكتب لم ترو بالدرجة التي رويت بها الكتب الستة السابقة، فلم تصل إلينا برواية الثقات، فليس لها ما للأولى من الشهرة والقبول واطمئنان النفس، ولذلك سميت كتبا غير ظاهر الرواية.
وقد اعتمد المذهب الحنفى على كتب محمد بن الحسن.
ثم تلا هؤلاء التلاميذ الأفذاذ علماء آخرون، اعتنقوا المذهب وألفوا فيه ما بين اختصارات لكتب محمد بن الحسن وشروح لها، وجمع بينها، وزيادات عليها، وتآليف خاصة لهم .
نذكر من هذه الكتب : الكافى للحاكم الشهيد محمد بن محمد، وكتاب المنتقى للمؤلف نفسه، والمبسوط للسرخسى وهو شرح على الكافى، والنوازل، فى الفروع للمرقناى، ومختصر القدورى، لأبى الحسين أحمد وتحفة الفقهاء، للسمرقندى، وبدائع الصنائع فى ترتيب الشرائح، للكاسانى، والهداية شرح بداية المبتدي للمرغينانى، وغيرها.
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنفي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: