نظرية الكسب عند الاشاعرة
نظرية الكسب
تمهيد:كما أن الله عز وجل واحد في ذاته وصفاته فهو واحد في أفعاله
لا شريك له...فليس فاعل في الكون ولا خالق في الكون إلا الله...فالله عز وجل خالق
كل شيء وحده
فإن علمت ذلك..فقد علمت أن أفعالك كلها من خير أو شر..من طاعة أو معصية هي من خلق الله لا من خلقك أنت...وهذا لا يعني أنك مجبور ومسير بل أنت مخير..فقد أودع الله
فيك إرادة تختار بها ما تشاء..ولا يلزم من الاختيار خلق الفعل...فالاختيار شرط الخلق..لا الخلق شرط الاختيار..فلا بد للخالق من اختيار..ولا يلزم من المختار خلق ما يختار
فالخلق هو الإيجاد بعد العدم..والله عز وجل هو موجد أفعالك التي علم بعلمه الأزلي أنك ستختارها..فأوجدها وقت ووفاق اختيارك
فلو أوجد غيرك الفعل..وأنت اخترته فقط لصح أن يقال أنك اخترت هذا الفعل وستسأل أنت وحدك عن نتائجه
مثل ذلك:لو دخل مريض في مرض السكر لمحل حلويات واختار قطعة حلوى
بسكر وأكلها فارتفع معه السكر بالدم فأضر بنفسه..فيسأل هو عن هذا الضرر الذي ألحقه
بنفسه ويذم..لا صانع قطعة الحلوى
وكذا لو اختار قطعة حلوى خاصة لمرضى السكر فأكلها فلم يتضرر به..لمدح هو على اختياره لا الصانع
وكذا لو اختار قطعة حلوى خاصة لمرضى السكر فأكلها فلم يتضرر به..لمدح هو على اختياره لا الصانع
وكذا أفعالنا فنحن نختارها والله يخلقها وقت ووفاق اختيارنا..فنمدح
ونذم على اختيارنا...وهذا ما يسمى بنظرية الكسب..والتي مصدرها القرآن الكريم
تأمل معي
الله تعالى قال في سورة البقرة(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، وفي سورة البقرة أيضا(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض)
لاحظ كيف نسب الله تعالى الكسب إلى الإنسان في الآية الأولى(لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، وقد رأيتَ كيف نسب الخلق إلى ذاته الجليلة في الآية الثانية (من طيبات ما كسبتم "ومما أخرجنا لكم من الأرض")..فالكسب في قوله (لها ما كسبت(خيرا) وعليها ما اكتسبت (شرا))..والخلق وإيجاد الفعل في قوله(ومما أخرجنا لكم من الأرض
الله تعالى قال في سورة البقرة(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، وفي سورة البقرة أيضا(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض)
لاحظ كيف نسب الله تعالى الكسب إلى الإنسان في الآية الأولى(لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، وقد رأيتَ كيف نسب الخلق إلى ذاته الجليلة في الآية الثانية (من طيبات ما كسبتم "ومما أخرجنا لكم من الأرض")..فالكسب في قوله (لها ما كسبت(خيرا) وعليها ما اكتسبت (شرا))..والخلق وإيجاد الفعل في قوله(ومما أخرجنا لكم من الأرض
قد علمت أن الكسب: هو الأمر الذي يختاره الإنسان بإرادته ويخلقه
الله تعالى له عندئذ
ومصدر نظرية الكسب مقدمتان يقينيتان عند أهل السنة والجماعة..هما
1- الله تعالى خالق كل شيء، فكل "موجود" فهو بخلق الله تعالى
2- الإنسان مختار مكلف مسؤول عن اختياره
ومصدر نظرية الكسب مقدمتان يقينيتان عند أهل السنة والجماعة..هما
1- الله تعالى خالق كل شيء، فكل "موجود" فهو بخلق الله تعالى
2- الإنسان مختار مكلف مسؤول عن اختياره
وعلى هاتين المقدمتين أورد المخالفون إيرادات..وهي
1-الإيراد الأول:إن كان الله خالق كل شيء..والشر مخلوق..فهذا يقتضي أن الله يتصف بالشر فهو شرير (والعياذ بالله)..فإما أن تصفوا الله بالشرير وإما أن تنفوا عنه خلق الشر..فيكون فعل الشر خلق فاعله لا الله..فيلزم ذلك أن الإنسان هو خالق أفعاله
1-الإيراد الأول:إن كان الله خالق كل شيء..والشر مخلوق..فهذا يقتضي أن الله يتصف بالشر فهو شرير (والعياذ بالله)..فإما أن تصفوا الله بالشرير وإما أن تنفوا عنه خلق الشر..فيكون فعل الشر خلق فاعله لا الله..فيلزم ذلك أن الإنسان هو خالق أفعاله
رد هذا الإيراد
أقول : بناء على مقدمتي أهل السنة والجماعة.. فإن العبد يختار الخير أو الشر، والله عز وجل يخلقه له، فيصير العبد خيرا(بتشديد الياء) أو شريرا وفاق اختياره
فالله تعالى خالق الخير والشر، فالذي ينسب إليه الخير أو الشر على سبيل الكسب إنما هو العبد، وأما الله تعالى فينسب إليه ذلك على سبيل الخلق والإيجاد..كالإيمان والكفر فإن الله يخلقهما والعبد يكسب أحدهما فيوصف العبد بالإيمان أو الكفر..ولا يوصف الله بذلك
أقول : بناء على مقدمتي أهل السنة والجماعة.. فإن العبد يختار الخير أو الشر، والله عز وجل يخلقه له، فيصير العبد خيرا(بتشديد الياء) أو شريرا وفاق اختياره
فالله تعالى خالق الخير والشر، فالذي ينسب إليه الخير أو الشر على سبيل الكسب إنما هو العبد، وأما الله تعالى فينسب إليه ذلك على سبيل الخلق والإيجاد..كالإيمان والكفر فإن الله يخلقهما والعبد يكسب أحدهما فيوصف العبد بالإيمان أو الكفر..ولا يوصف الله بذلك
إذ لا يلزم من خلق الشر أن يكون الله تعالى
شريرا لأن الشرير هو من يتصف بالشر، لا من يوجده، والإنسان هو الذي يتصف بالشر،
لاكتسابه له، وأما الله تعالى فهو خالقه، فلا يكتسب شيئا من أفعاله، لاستحالة
اتصافه تعالى بصفة حادثة...هذا كله على القول بأن الشر له حقيقة موجود
وأما على القول بأن الشر لا وجود له في الخارج أو في نفس الأمر بل إنما هو صفة اعتبارية منسوبة للعبد، فلا إشكال هنا مطلقا...فالاعتباري لا يوصف بالخلق أو عدمه
فبطل ذلك إيرادهم بأن خالق الشر هو من يتصف به
وأما على القول بأن الشر لا وجود له في الخارج أو في نفس الأمر بل إنما هو صفة اعتبارية منسوبة للعبد، فلا إشكال هنا مطلقا...فالاعتباري لا يوصف بالخلق أو عدمه
فبطل ذلك إيرادهم بأن خالق الشر هو من يتصف به
الإيراد الثاني على نظرية الكسب
قد يورد البعض على نظرية الكسب قوله تعالى (وما تشاؤون إلا أن يشاء
الله)
يقولون:إن الآية صريحة بأنه لا إرادة للعبد أمام إرادة الله..فيبطل بها نظرية الكسب..والإنسان إذا مجبر مسير
يقولون:إن الآية صريحة بأنه لا إرادة للعبد أمام إرادة الله..فيبطل بها نظرية الكسب..والإنسان إذا مجبر مسير
الجواب
أقول : نعم لا إرادة للعبد أمام إرادة الله...ولكن الله أراد أن يجعل للعبد إرادة يختار بها بين الخير والشر ليحاسب على أفعاله
فمعنى الآية أن الله عز وجل خلق في العبد اختيارا يختار به.. وما كان له ليتمتع في كيانه بإرادة يتجه بسرها إلى إي اختيار ما يشاء من تصرفات وأعمال، لو لم يشأ الله عز وجل أن يضع في كيانه هذا السر العظيم
وهذا الفهم لهذه الآية يوضحه قوله تعالى (إنا هديناه السبيل إما شاكرا أو كفورا) (وهديناه النجدين)
فلا مشيئة للعبد لولا أن شاء الله أن تكون له مشيئة (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله)
أقول : نعم لا إرادة للعبد أمام إرادة الله...ولكن الله أراد أن يجعل للعبد إرادة يختار بها بين الخير والشر ليحاسب على أفعاله
فمعنى الآية أن الله عز وجل خلق في العبد اختيارا يختار به.. وما كان له ليتمتع في كيانه بإرادة يتجه بسرها إلى إي اختيار ما يشاء من تصرفات وأعمال، لو لم يشأ الله عز وجل أن يضع في كيانه هذا السر العظيم
وهذا الفهم لهذه الآية يوضحه قوله تعالى (إنا هديناه السبيل إما شاكرا أو كفورا) (وهديناه النجدين)
فلا مشيئة للعبد لولا أن شاء الله أن تكون له مشيئة (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله)
فالكسب ليس خروجا عن مشيئة الله بل هو كما يعبر عنه أهل السنة:بأن
الله تعالى يخلق الفعل في العبد عند إرادة العبد (التي منحه الله إياها)الإتيان
بالفعل، ويخلق له كذلك القدرة المصاحبة لفعله، فقدرة العبد وفعله متلازمان وليس
الفعل موجودا بإيجاد قدرته، بل قدرته وفعله موجودان بإيجاد قدرة الله تعالى، وذلك
كله على حسب تعلق علم الله الأزلي
فلا إرادة ولا قدرة ولا فعل للعبد حقيقة..بل
هي بخلق الله وإرادته وقدرته وعلمه..وما للعبد إلا الاختيار الذي منحه الله إياه
فإما أن يكون به شاكرا وإما كفورا..يتبع
الكسب عند الأشاعرة هو ما يكون بقدرة محدثة في العبد
وهذا ما قرره الأشعري عن الكسب في"اللمع"ص40 :هو أن الفعل يقع من العبد بقوة محدثة(أي قدرة محدثة)
وقرر الأشاعرة أن هذه القدرة الحادثة ما هي إلا مقارنة المقدور لها، وليس العبد محدثا لأفعاله ولا موجودا له، فاعتبروا مجرد اقتران القدرة الحادثة بالمقدور بمثابة تأثيرها فيه وسموا ذلك كسبا
وهذا ما قرره الأشعري عن الكسب في"اللمع"ص40 :هو أن الفعل يقع من العبد بقوة محدثة(أي قدرة محدثة)
وقرر الأشاعرة أن هذه القدرة الحادثة ما هي إلا مقارنة المقدور لها، وليس العبد محدثا لأفعاله ولا موجودا له، فاعتبروا مجرد اقتران القدرة الحادثة بالمقدور بمثابة تأثيرها فيه وسموا ذلك كسبا
بمعنى أن الله يهب الإنسان قدرة عند مباشرته الفعل يحدث الله الفعل
عندها لا بها، فيكون الفعل الواقع من العبد بلا تأثير لها في وجود الفعل، لأن
الفعل يقع بقدرة الله وحدها..فالخلق والإيجاد والإبداع من الله تعالى، بمعنى أن
المفعول مخلوق لله تعالى إلا أن للعبد تدخلا فيه من جهة الاختيار والميول ومقارنة
الفعل لقدرته الحادثة التي لا تأثير لها، ويسمون ذلك كسبا
لذلك عرفوا القدرة الحادثة التي عنها الكسب بأنها:"عرض مقارن
للفعل، يخلقه الله سبحانه وتعالى عند قصد الاكتساب، بعد سلامة الآلات و
الأسباب" انظر:[هداية المريد لجوهرة التوحيد لبرهان الدين إبراهيم اللقاني..]
وقد ذكر الأشاعرة لهذا الكسب المقارن للفعل بالقدرة المحدثة ثلاثة
تفسيرات
1-أن الكسب هو متعلق القدرة الحادثة بالمقدور من غير تأثير.. وهو قول الأشعري
2-أن الكسب هو صفة للفعل كونه طاعة أو معصية يحصل بالقدرة الحادثة..وهو قول الباقلاني
3-أن الكسب هو تعلق القدرة القديمة والقدرة الحادثة بمقدور واحد فيقع بهما..كأن فعل العبد وقع بإعانة الله..وهو يعزى للأستاذ الأسفرايني
1-أن الكسب هو متعلق القدرة الحادثة بالمقدور من غير تأثير.. وهو قول الأشعري
2-أن الكسب هو صفة للفعل كونه طاعة أو معصية يحصل بالقدرة الحادثة..وهو قول الباقلاني
3-أن الكسب هو تعلق القدرة القديمة والقدرة الحادثة بمقدور واحد فيقع بهما..كأن فعل العبد وقع بإعانة الله..وهو يعزى للأستاذ الأسفرايني
يقول الرازي موضحا هذه التفسيرات للكسب في مفاتيح الغيب عند قوله
تعالى:﴿ تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون
في المسألة الخامسة: «الآية دالة على أن العبد مكتسب، وقد اختلف أهل السنة والمعتزلة في تفسير الكسب
أما أهل السنة فقد اتفقوا على أنه ليس معنى كون العبد مكتسباً دخول شيء من الأعراض بقدرته من العدم إلى الوجود
ثم بعد اتفاقهم على هذا الأصل ذكروا لهذا الكسب ثلاث تفسيرات
أحدها: وهو قول الأشعري رضي الله عنه...أن القدرة صفة متعلقة بالمقدور من غير تأثير القدرة في المقدور، بل القدرة والمقدور حصلا بخلق الله تعالى، كما أن العلم والمعلوم حصلا بخلق الله تعالى، لكن الشيء الذي حصل بخلق الله تعالى وهو متعلق القدرة الحادثة هو الكسب
وثانيها: أن ذات الفعل توجد بقدرة الله تعالى، ثم يحصل لذلك الفعل وصف كونه طاعة أو معصية، وهذه الصفة حاصلة بالقدرة الحادثة...وهو قول أبي بكر الباقلاني
وثالثها: أن القدرة الحادثة والقدرة القديمة إذا تعلقتا بمقدور واحد وقع المقدور بهما، وكأنه فعل العبد وقع بإعانة الله، فهذا هو الكسب..وهذا يعزى إلى أبي إسحاق الأسفرايني، لأنه يروى عنه أنه قال الكسب هوالفعل الواقع بالمعين....انتهى
في المسألة الخامسة: «الآية دالة على أن العبد مكتسب، وقد اختلف أهل السنة والمعتزلة في تفسير الكسب
أما أهل السنة فقد اتفقوا على أنه ليس معنى كون العبد مكتسباً دخول شيء من الأعراض بقدرته من العدم إلى الوجود
ثم بعد اتفاقهم على هذا الأصل ذكروا لهذا الكسب ثلاث تفسيرات
أحدها: وهو قول الأشعري رضي الله عنه...أن القدرة صفة متعلقة بالمقدور من غير تأثير القدرة في المقدور، بل القدرة والمقدور حصلا بخلق الله تعالى، كما أن العلم والمعلوم حصلا بخلق الله تعالى، لكن الشيء الذي حصل بخلق الله تعالى وهو متعلق القدرة الحادثة هو الكسب
وثانيها: أن ذات الفعل توجد بقدرة الله تعالى، ثم يحصل لذلك الفعل وصف كونه طاعة أو معصية، وهذه الصفة حاصلة بالقدرة الحادثة...وهو قول أبي بكر الباقلاني
وثالثها: أن القدرة الحادثة والقدرة القديمة إذا تعلقتا بمقدور واحد وقع المقدور بهما، وكأنه فعل العبد وقع بإعانة الله، فهذا هو الكسب..وهذا يعزى إلى أبي إسحاق الأسفرايني، لأنه يروى عنه أنه قال الكسب هوالفعل الواقع بالمعين....انتهى
أقول : ومن الأشاعرة من قال بأن القدرة
الحادثة مؤثرة..وذلك بأنها مع الداعي توجب
الكسب عند الماتريدية
مذهب الماتردية في الكسب أن العبد فاعل مختار بقدرته الحادثة..حيث
إن فعل العبد فعل له حقيقة ولكنه مخلوق للّه تعالى ومفعول للّه تعالى، ليس هو نفس
فعل الله، ففرق بين الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق...والى هذا المعنى أشار الشيخ
الطحاوي رحمه الله في عقيدته بقوله: (وأفعال العباد خلق الله وكسب من العباد، أثبت
للعباد فعلاً وكسباً، وأضاف الخلق للّه تعالى، والكسب هو الفعل الّذى يعود على
فاعله منه نفع أو ضرر كما قال تعالى: «لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت»)(شرح العقيدة
الطحاوية)
واستدل الماتردية على مذهبهم بنصوص من الكتاب العزيز لإثبات أنّ
أفعال الإنسان مخلوق لله تعالى، منها الآيات التالية
-قوله تعالى«وأسروا قولكم أو اجهروا به انه عليم بذات الصدور، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير» فإنّ الظاهر من الآية أن قول الإنسان وكلامه مخلوق له تعالى.
-ومنها قوله تعالى«ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله». فالآية داّلة على أنّ ما يبتغيه الإنسان فى النهار من آياته تعالى، و هذا رهن كونه فعلا له سبحانه.
-قوله تعالى«وأسروا قولكم أو اجهروا به انه عليم بذات الصدور، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير» فإنّ الظاهر من الآية أن قول الإنسان وكلامه مخلوق له تعالى.
-ومنها قوله تعالى«ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله». فالآية داّلة على أنّ ما يبتغيه الإنسان فى النهار من آياته تعالى، و هذا رهن كونه فعلا له سبحانه.
كما استدلوا بنصوص أخرى على كون الإنسان فاعلا لأفعاله و كاسبا
لها، منها الآيات
التالية
(وافعلو الخير) ...(اعملوا ما شئتم).. (يريهم الله اعمالهم حسرات)....(جزاء بما كانوا يعلمون)... (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)..وآيات آخر من هذا القبيل
(وافعلو الخير) ...(اعملوا ما شئتم).. (يريهم الله اعمالهم حسرات)....(جزاء بما كانوا يعلمون)... (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)..وآيات آخر من هذا القبيل
هذا مضافاً الى أن الأوامر والنواهي الإلهية وكذلك الوعد بالثواب
والوعيد بالعقاب دليل واضح على أن الإنسان فاعل لأفعاله ومكتسب إيّاها
أضف الى ذلك أن الإنسان يجد من صميم ذاته أن له اختيار الفعل
وتركه، وهذا لا ينافى نسبتها الى الله تعالى، إذا نسبتها الى الله من جهة الخلق،
ونسبتها إلى الإنسان من جهة الكسب، فالله خالق لأفعال الإنسان، وهو كاسب وفاعل
لها.. راجع كتاب التوحيد، ص 225
أقول :وممن وافق الماتردية
من الأشاعرة بأن القدرة الحادثة مؤثرة في إيجاد الفعل الإمام الجويني في قوله
الثاني في كتابه النظامية
قال الآمدي:(وذهب إمام الحرمين في بعض تصانيفه إلى تأثير القدرة
الحادثة في إيجاد الفعل، ولم يجعل للقدرة القديمة فيه تأثيرا إلا بواسطة إيجاد
القدرة الحادثة عليه).[غاية المرام في علم الكلام، لسيف الدين الآمدي، دار الكتب
العلمية، (ص: 181)
اقول :
اقول :
حاصل مذهب الأشاعرة في الكسب أن العبد مختار ولا أثر للقدرة
الحادثة في إيجاد الفعل بل يخلق الله الفعل مقارنا لاختيار العبد..والعقاب والثواب
على هذا الاختيار
وأما حاصل مذهب الماتردية في الكسب فهو أن العبد فاعل مختار..فقدرته الحادثة لها أثر في إيجاد الفعل..ولكن الله هو الخالق في الكل..ففرقوا بين خلق الله للفعل وبين إيجاد الفعل من العبد كما رأيت
ولكل وجهة هو موليها
وأما حاصل مذهب الماتردية في الكسب فهو أن العبد فاعل مختار..فقدرته الحادثة لها أثر في إيجاد الفعل..ولكن الله هو الخالق في الكل..ففرقوا بين خلق الله للفعل وبين إيجاد الفعل من العبد كما رأيت
ولكل وجهة هو موليها
أفعال العباد بين المعتزلة والماتردية
ذهب المعتزلة إلى أن الإنسان خالق لفعله بمعنى أنه يوجده بقدرته
وإرادته مستقلا بذلك عن القدرة والإرادة الإلهية
فالله سبحانه وتعالى لا يريد من العبد المعاصي ومع ذلك فهي تقع من العبد بإرادته وحده
فالله سبحانه وتعالى لا يريد من العبد المعاصي ومع ذلك فهي تقع من العبد بإرادته وحده
وقد انطلق المعتزلة في قولهم بخلق العبد أفعاله من أن الله سبحانه
وتعالى حكيم ولا يصح أن يفعل عبثا.. وخلقه للعالم بلا غرض ولا حكمة نوع من العبث
لا يجوز عليه لذلك لا بد أن يفعل الأصلح..وخلق المعاصي والشرور تنافي الحكمة
والأصلح
كما أن الإنسان إن لم يستطع من القيام بأفعاله مستقلا عن الله
سبحانه وتعالى لم يكن هناك للتكليف معنى على الإطلاق ويكون الفاعل على الحقيقة هو
الله سبحانه وتعالى ويكون ثوابه أو عقابه للعباد على شيء لم يفعلوه هم
اقول :
ويرد على قول المعتزلة هذا أمران
-أن يكون العبد شريكا لله في الخلق
-وأنه يحصل في ملك الله ما لا يريده وهو خلق المعاصي والشرور
ويرد على قول المعتزلة هذا أمران
-أن يكون العبد شريكا لله في الخلق
-وأنه يحصل في ملك الله ما لا يريده وهو خلق المعاصي والشرور
فوقعوا فيما هو أعظم مما فروا منه
فقد فروا من العبث في الخلق إلى الوقوع في نقص في صفة الخلق والإرادة..وهذا باطل حتما
فقد فروا من العبث في الخلق إلى الوقوع في نقص في صفة الخلق والإرادة..وهذا باطل حتما
أقول : وأما الفرق بين مذهب الماتردية والجويني من جهة وبين
المعتزلة من جهة أخرى..فيتجلى في أن الله هو الخالق لفعل الإنسان عند الماتردية
..والإنسان هو الفاعل لفعله على الحقيقة فهو يوجده في نفسه أي يتصف به بقدرته
مستقلا عن الله سبحانه وتعالى..ولكن هذه القدرة التي بها يفعل الإنسان فعله هي من
إيجاد الله سبحانه وتعالى فيه، فالله سبحانه وتعالى قد أعطاه تلك القدرة ليوقع بها
أفعاله
وفي الوقت نفسه فإن إرادة الإنسان التي وهبها الله له ليختار بها لا تخالف إرادته سبحانه وتعالى ولا يكون في هذا الكون إلا ما يشاؤه الله سبحانه وتعالى
وفي الوقت نفسه فإن إرادة الإنسان التي وهبها الله له ليختار بها لا تخالف إرادته سبحانه وتعالى ولا يكون في هذا الكون إلا ما يشاؤه الله سبحانه وتعالى
وقد ضرب الجويني مثلا لتوضيح ذلك فقال:(ونحن نضرب في ذلك مثلاً
شرعياً يستروح إليه الناظر في ذلك، فنقول: العبد لا يملك أن يتصرف في مال سيده،
ولو استبد بالتصرف فيه لم ينفذ تصرفه، فإذا أذن له في بيع ما له فباعه نفذ، والبيع
في التحقيق معزو إلى السيد، من حيث إن سببه إذنه، ولولا إذنه لم ينفذ التصرف، ولكن
العبد يؤمر بالتصرف، وينهى، ويوبخ على المخالفة، ويعاقب، فهذا والله الحق الذي لا
غطاء دونه، ولا مراء فيه لمن وعاه حق وعيه، ولا يكابر فيه».[العقيدة النظامية،
تحقيق زاهد الكوثري المكتبة الأزهرية1992م ص:44/48 بتصرف
نظرية الكسب
مثال تقريبي يوضح الفرق بين الأشاعرة والماتردية والمعتزلة في
أفعال العباد
قد علمت مما
مضى :
-أن الأشعري ليس له من أعماله إلا اختيارها والله عز وجل يخلقها مقارنا لاختيار العبد
-وأن الماتردي هو الفاعل لفعله والمختار له ..حيث إن الله تعالى يخلق هذا الفعل والعبد يختاره ويتصف به
-وأن المعتزلي هو يختار أفعاله ويخلقها ويتصف بها
-أن الأشعري ليس له من أعماله إلا اختيارها والله عز وجل يخلقها مقارنا لاختيار العبد
-وأن الماتردي هو الفاعل لفعله والمختار له ..حيث إن الله تعالى يخلق هذا الفعل والعبد يختاره ويتصف به
-وأن المعتزلي هو يختار أفعاله ويخلقها ويتصف بها
مثلهم كمثل ثلاثة دخلوا إلى خياط ليصنع كل واحد لنفسه ثوبا بإذن
الخياط...(الثوب هو فعل العبد)
-فأما الأول فقام وخاط ثوبه بيديه باستعمال المواد الأولية وآلات
الخياط..ثم لبسه بيديه
وهذا هو مثل المعتزلي الذي يخلق فعله بنفسه
وهذا هو مثل المعتزلي الذي يخلق فعله بنفسه
-وأما الثاني فطلب من الخياط أن يصنع له ثوبا بمواصفات معينة..فصنع
الخياط الثوب ثم أعطاه له فلبسه بيديه
وهذا هو مثل الماتردي الذي يختار فعله فيخلقه الله له..فيفعله الماتردي أي يتصف به
وهذا هو مثل الماتردي الذي يختار فعله فيخلقه الله له..فيفعله الماتردي أي يتصف به
-وأما الثالث فطلب من الخياط أن يصنع له ثوبا بمواصفات معينة..فصنع
الخياط الثوب ثم ألبسه للثالث من غير عمل منه
وهذا هو مثل الأشعري..الذي يختار فعله والله يخلقه له مقارنا لاختياره..انتهى
وهذا هو مثل الأشعري..الذي يختار فعله والله يخلقه له مقارنا لاختياره..انتهى
والله أعلى وأعلم
كتبه العبد الفقير عبدالناصر أحمد حدارة
الكلمات المفتاحية :
عقيدة الاشاعرة
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: