امراض النفس : الحسد
قَالَ
اللَّه تَعَالَى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ {1} مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}
[الفلق: 1-2] , ثُمَّ قَالَ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5] فختم
السورة الَّتِي جعلها عوذة بذكر الحسد.
أَخْبَرَنَا
أَبُو الْحَسَنِ الأَهْوَازِيُّ , قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ
الْبَصْرِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ , قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَي بْنُ مَخْلَدٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ , عَنِ
الْحَارِثِ بْنِ شِهَابٍ , عَنْ مَعْبَدٍ , عَنْ أَبِي قِلابَةَ , عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ , قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ:
ثَلاثٌ هُنَّ أَصْلُ كُلِّ خَطِيئَةٍ فَاتَّقُوهُنَّ وَاحْذَرُوهُنَّ , إِيَّاكُمْ
وَالْكِبْرَ فَإِنَّ إِبْلِيسَ حَمَلَهُ الْكِبْرُ عَلَى أَنْ لا يَسْجُدَ لآدَمَ
, وَإِيَّاكُمْ وَالْحِرْصَ فَإِنَّ آدَمَ حَمَلَهُ الْحِرْصُ عَلَى أَنْ أَكَلَ
مِنَ الشَّجَرَةِ , وَإِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ فَإِنَّ ابْنَيْ آدَمَ إِنَّمَا
قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ حَسَدًا "
وَقَالَ
بَعْضهم: الحاسد جاحد لأنه لا يرضى بقضاء الْوَاحِد , وقيل: الحسود لا يسود وقيل:
فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ
مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] قيل مَا بطن الحسد وَفِي بَعْض الكتب الحاسد
عدو نعمتي وقيل: أثر الحسد يتبين فيك قبل أَن يتبين فِي عدوك , وَقَالَ الأصمعي:
رأيت أعرابيا أتي عَلَيْهِ مائة وعشرون سنة , قُلْت لَهُ: مَا أطول عمرك؟ فَقَالَ:
تركت الحسد فبقيت , وَقَالَ ابْن المبارك: الحمد لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يجعل فِي
قلب أميري مَا جعل فِي قلب حاسدي
وَفِي بَعْض
الآثار: إِن فِي السماء الخامسة ملكا يمر بِهِ عمل عَبْد وَلَهُ ضوء كضوء الشَّمْس
, فَيَقُول: قف فأنا ملك الحسد أضرب بِهِ وجه صاحبه فَإِنَّهُ حاسد وَقَالَ
مُعَاوِيَة كُل إِنْسَان أقدر عَلَى أَن أرضيه إلا الحاسد فَإِنَّهُ لا يرضيه إلا
زوال النعمة ويقال الحاسد ظَالِم غشوم لا يبقى ولا يذر , وَقَالَ عُمَر بْن عَبْد
الْعَزِيز: مَا رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد غم دائم ونفس متتابع وقيل: من
علامات الحاسد أَن يتملق إِذَا شهدت ويغتاب إِذَا غاب ويشمت بالمصيبة إِذَا نزلت ,
وَقَالَ مُعَاوِيَة: ليست فِي خلال الشر خلة أعدل من الحسد تقتل الحاسد قبل
المحسود وقيل: أوحى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِلَى سُلَيْمَان بْن دَاوُد عليهما
السَّلام أوصيك بسبعة أشياء: لا تغتابن صَالِح عبادي , ولا تحسدن أحدا من عبادي ,
فَقَالَ سُلَيْمَان: يا رب حسبي وقيل: رأى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام رجلا عِنْدَ
العرش , فغبط , فَقَالَ: مَا صفته؟ فقيل: كَانَ لا يحسد النَّاس عَلَى مَا آتاهم
اللَّه من فضله: وقيل: الحاسد إِذَا رأى نعمة بهت , وإذا رأى عشرة شمت , وقيل:
إِذَا أردت أَن تسلم من الحاسد فلبس عَلَيْهِ أمرك وقيل: الحاسد مغتاط عَلَى من لا
ذنب لَهُ بخيل بِمَا لا يملكه وقيل: إياك أَن تتعنى فِي مودة من يحسدك , فَإِنَّهُ
لا يقبل إحسانك
وقيل: إِذَا
أراد اللَّه تَعَالَى أَن يسلط عَلَى عَبْد عدوا لا يرحمه سلط عَلَيْهِ حاسدوه
وأنشدوا:
وحسبك من
حادث بامرئ ... ترى حاسديه
لَهُ راحمينا
وأنشدوا:
كُل العداوة
قَدْ ترجي إماتتها ... إلا
عداوة من عداك من حسد
وَقَالَ
ابْن المعتز:
قل للحسود
إِذَا تنفس طعنة ... يا
ظالما وكأنه مظلوم
وأنشدوا:
وإذا أراد
اللَّه نشر فضيلة ... طويت
أتاح لَهَا لسان حسود
ومن الأخلاق
المذمومة للنفس اعتياد الغيبة.
الكلمات المفتاحية :
التربية و السلوك
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: