أحوالهم عِنْدَ الخروج من الدنيا
قَالَ
اللَّه تَعَالَى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ} [النحل:
32] يَعْنِي: طيبة نفوسهم ببذلهم مهجهم لا يثقل عَلَيْهِم رجوعهم إِلَى مولاهم.
أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ , قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو
الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ ,
قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَضْرُ بْنُ أَبَانٍ الْهَاشِمِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو هَدِيَّةَ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيُعَالِجَ كَرْبَ الْمَوْتِ
وَسَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَإِنَّ مَفَاصِلَهُ لَيُسَلِّمُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ
تَقُولُ عَلَيْكَ السَّلامُ تُفَارِقَنِي وَأُفَارِقُكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
أَخْبَرَنَا
الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَضْرُ بْنُ أَبَانٍ الْهَاشِمِيُّ
, قَالَ: حَدَّثَنَا سَوَّارٌ , قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ , عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ
أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ
وَهُوَ فِي الْمَوْتِ , فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: أَرْجُو اللَّهَ
تَعَالَى وَأَخَافُ ذُنُوبِي.
فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شَيْئَانِ لا يَجْتَمِعَانِ
فِي قَلْبِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا
يَرْجُو وَأَمَّنَهُ مِمَّا يَخَافُ.
قَالَ
الأستاذ: واعلم أَن أحوالهم فِي حال النزع مختلفة فبعضهم الغالب عَلَيْهِ الهيبة
وبعضهم الغالب عَلَيْهِ الرجاء وَمِنْهُم من كشف لَهُ فِي تلك الحالة مَا أوجب
لَهُ السكون وجميل الثقة حكى أَبُو مُحَمَّد الجريري قَالَ: كنت عِنْدَ الجنيد فِي
حال نزعه وَكَانَ يَوْم الجمعة ويوم نيروز وَهُوَ يقرأ الْقُرْآن فختم فَقُلْتُ:
فِي هذه الحالة يا أبا القاسم فَقَالَ: ومن أولى بِذَلِكَ منى وَهُوَ ذا تطوى
صحيفتي.
سمعت أبا
حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا نصر السراج يَقُول: بلغني عَن أَبِي مُحَمَّد
الهروي أَنَّهُ قَالَ: مكثت عِنْدَ الشبلي الليلة الَّتِي مَات فِيهَا فكان يَقُول
طول ليلته هذين البيتين:
كُل بَيْت
أَنْتَ ساكنه ... غَيْر
محتاج إِلَى السرج
وجهك
المأمول حجتنا ... يَوْم
يَأْتِي النَّاس بالحجج
وحكى عَن
عَبْد اللَّهِ بْن منازل أَنَّهُ قَالَ: إِن حمدون القصار أوصى إِلَى أَصْحَابه
أَن لا يتركوه فِي حال الْمَوْت بَيْنَ النسوان وقيل لبشر الحافي وَقَد احتضر كأنك
يا أبا نصر تحب الحياة , فَقَالَ: القدوم عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ شديد وقيل:
كَانَ سُفْيَان الثَّوْرِي إِذَا قَالَ لَهُ بَعْض أَصْحَابه إِذَا سافر تأمر بشغل
يَقُول: إِن وجدت الْمَوْت فاشتره لي فلما قربت وفاته كَانَ يَقُول كُنَّا نتمناه
فَإِذَا هُوَ شديد.
وقيل: لما
حضرت الْحَسَن بْن عَلِي بْن أَبِي طَالِب الوفاة بكى، فقيل لَهُ مَا يبكيك؟
فَقَالَ: أقدم عَلَى سيد لَمْ أره، وَأَمَّا حضرت بلالا الوفاة , قَالَت امرأته.
: واحزناه،
فَقَالَ: بَل واطرباه غدا نلقى الأحبة، محمدا وحزبه.
وقيل: فتح
عَبْد اللَّهِ بْن الْمُبَارَكِ عينيه عِنْدَ الوفاة وضحك وَقَالَ لمثل هَذَا
فليعمل العاملون، وقيل: كَانَ مكحول الشامي الغالب عَلَيْهِ الحزن فدخلوا عَلَيْهِ
فِي مرض موته وَهُوَ يضحك فقيل لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: وَلَمْ لا أضحك وَقَدْ
دنا فراق من كنت أحذره، وسرعة القدوم عَلَى من كنت أرجوه وآمله.
وَقَالَ
رويم: حضرت وفاة أَبِي سَعِيد الخراز وَهُوَ يَقُول فِي آخر نَفْسه: حنين قلوب
العارفين إِلَى الذكر وتذكارهم وقت المناجاة للسر أديرت كؤوس للمنايا عَلَيْهِم
فأغفو عَنِ الدنيا كإغفاء ذي السكر همومهم جوالة بمعسكر بِهِ أهل ود اللَّه
كالأنجم الزهر فأجسامهم فِي الأَرْض قتلى بحبه وأرواحهم فِي الحجب نَحْو العلا
تسرى فَمَا عرسوا إلا بقرب حبيبهم وَمَا عرجوا عَن مس بؤس ولا ضر
وقيل للجنيد
إِن أبا سَعِيد الخراز كَانَ كثير التواجد عِنْدَ الْمَوْت فَقَالَ: لَمْ يكن
بعجيب أَن تطير روحه اشتياقا.
وَقَالَ
بَعْضهم: وَقَدْ قربت وفاته: يا غلام اشدد كتافي وعفر خدي ثُمَّ قَالَ: دنا الرحيل
ولا براءة لي من ذنب، ولا عذر أعتذر بِهِ، ولا قوة أنتصر بِهَا، أَنْتَ لي أَنْتَ
لي ثُمَّ صاح صيحة وَمَاتَ فسمعوا صوتا استكان العبد لمولاه فقبله، وقيل لذي النون
الْمِصْرِي عِنْدَ موته: مَا تشتهى؟ قَالَ: أَن أعرف قبل موتى بلحظة، وقيل: لبعضهم
وَهُوَ فِي النزع قل اللَّه فَقَالَ: إِلَى مَتَى تَقُولُونَ قل: اللَّه وأنا
محترق بالله تَعَالَى، وَقَالَ بَعْضهم: كنت عِنْدَ ممشاد الدينوري فقدم فَقِير
وَقَالَ: سلام عليكم، فردوا عَلَيْهِ السَّلام فَقَالَ: هل هاهنا موضع نظيف يمكن
الإِنْسَان أَن يموت فِيهِ.
قَالَ:
فأشاروا عَلَيْهِ بمكان وَكَانَ ثُمَّ عين ماء فجدد الفقير الوضوء وركع مَا شاء
اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ومضى إِلَى المكان الَّذِي أشاروا إِلَيْهِ ومد رجليه
وَمَاتَ.
سمعت الشيخ
أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول كَانَ أَبُو الْعَبَّاس الدينوري يتكلم يوما
فِي مجلسه فصاحت امْرَأَة تواجدا فَقَالَ: لَهَا موتى فقامت المرأة فلما بلغت بَاب
الدار التفتت إِلَيْهِ وَقَالَتْ قَدْ مت ووقعت ميتة، وَقَالَ بَعْضهم: كنت عِنْدَ
ممشاد الدينوري عِنْدَ وفاته فقيل لَهُ: كَيْفَ تجد العلة فَقَالَ: سلوا العلة عنى
كَيْفَ تجدني فقيل: قل: لا اللَّه إلا اللَّه فحول وجهه إِلَى الجدار وَقَالَ
أفنيت كلى بكلك هَذَا جزاء من يحبك، وقيل: لأبي مُحَمَّد الديبلي وَقَدْ حضرته
الوفاة قل لا اللَّه إلا اللَّه فَقَالَ: هَذَا شَيْء قَدْ عرفناه وَبِهِ نفنى،
ثُمَّ أنشأ يَقُول: تسربل ثوب التيه لما هويته وصد وَلَمْ يرض بأن أك عبده وقيل
للشبلي عِنْدَ وفاته: قل: لا اللَّه إلا اللَّه، فَقَالَ: قَالَ سلطان حبه أنا لا
أقبل الرشا فسلوه بحقه لَمْ بقتلى تحرشا
سمعت
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الصوفي يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ
التميمي يَقُول: سمعت أَحْمَد بْن عَطَاء يَقُول: سمعت بَعْض الفقراء يَقُول: لما
مَات يَحْيَي الإصطخري جلسنا حوله، فَقَالَ: لَهُ رجل منا قل: أشهد أَن لا اللَّه
إلا اللَّه فجلس مستويا ثُمَّ أخذ بيد واحد منا وَقَالَ لَهُ: قل أشهد أَن لا
اللَّه إلا اللَّه ثُمَّ أخذ بيد آخر حَتَّى عرض الشهادة عَلَى جَمِيع الحاضرين
ثُمَّ مَات.
ويحكى عَن
فاطمة أخت أَبِي عَلِي الروذباري أَنَّهَا قَالَتْ: لما قرب أخي أَبِي عَلِي
الروذباري وَكَانَ رأسه فِي حجري فتح عينيه وَقَالَ: هذه أبواب السماء قَدْ فتحت،
وَهَذَهِ الجنان قَدْ زينت، وَهَذَا قائل يَقُول لي: يا أبا عَلِيّ قَدْ بلغناك
الرتبة القصوى وإن لَمْ تردها، ثُمَّ أنشأ يَقُول: وحقك لا نظرت إِلَى سواكا بعين
مودة حَتَّى أراكا أراك معذبي بفتور لحظ وبالخد المورد من جناكا ثُمَّ قَالَ: يا
فاطمة الأَوَّل ظاهر وَالثَّانِي فِيهِ إشكال.
سمعت بَعْض
الفقراء يَقُول: لما قربت وفاة أَحْمَد بْن نصر رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ
لَهُ واحد: قل: أشهد أَن لا اللَّه إلا اللَّه فنظر إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: لا
تترك الحرمة بالفارسية بي حرمتي مكن.
وَقَالَ
بَعْضهم: رأيت فقيرا يجود بنفسه غريبا والذباب عَلَى وجهه فجلست أذب الذباب عَن
وجهه ففتح عينيه وَقَالَ من هَذَا؟ أنا منذ كَذَا سنة فِي طلب وقت يصفو لي فلم يتفق
إلا الآن جئت أَنْتَ توقع نفسك فِيهِ مر عافاك اللَّه تَعَالَى.
وَقَالَ
أَبُو عمران الإصطخري: رأيت أبا تراب فِي البادية قائما ميتا لا يمسكه شَيْء.
سمعت أبا
حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا نصر السراج يَقُول: كَانَ سبب وفاة أَبِي
الْحُسَيْن النوري أَنَّهُ سمع هَذَا الْبَيْت: لا زلت أنزل من ودادك منزلا تتحير
الألباب عِنْدَ نزوله.
فتواجد
النوري وهام فِي الصحراء فوقع فِي أجمة قصب وَقَدْ قطعت وبقى أصولها مثل
السيوف فكان
يمشى عَلَيْهَا ويعيد الْبَيْت إِلَى الغداة والدم يسيل من رجليه ثُمَّ وقع مثل
السكران فتورمت قدماه وَمَاتَ.
وحكى
أَنَّهُ قيل لَهُ عِنْدَ النزع: قل: لا اللَّه إلا اللَّه فَقَالَ: أليس إِلَيْهِ
أعود.
وقيل: مرض
إِبْرَاهِيم الخواص فِي الْمَسْجِد الجامع بالري وكانت بِهِ علة الإسهال فكان
إِذَا قام مجلسا يدخل الماء ويتوضأ فدخل الماء مرة فخرجت روحه.
سمعت منصورا
المغربي يَقُول: دَخَلَ عَلَيْهِ ويسف بْن الْحُسَيْن عائدا لَهُ بَعْد مَا أتى
عَلَيْهِ أَيَّام لَمْ يعده وَلَمْ يتعهده فلما رآه قَالَ للخواص أتشتهي شَيْئًا؟
قَالَ نعم قطعة كبد مشوي قَالَ الأستاذ أَبُو القاسم: لعل الإشارة فِيهِ أَنَّهُ
أراد أشتهي قلبا يرق لفقير وكبدا تشتوي وتحترق لغريب لأنه كالمستجفي ليوسف بْن
الْحُسَيْن حيث لَمْ يتعهده.
وقيل: كَانَ
سبب موت ابْن عَطَاء أَنَّهُ أدخل عَلَى الوزير فكلمه الوزير بكلام غليظ فَقَالَ
لَهُ ابْن عَطَاء: اهدأ يا رجل فأمر فضرب بخفه عَلَى رأسه فمات منه.
سمعت مُحَمَّد
بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الصوفي يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي التميمي
يَقُول: سمعت أبا بَكْر الدقي يَقُول: كُنَّا عِنْدَ أَبِي بَكْر الزقاق بالغداة
فَقَالَ: إلهي كم تبقيني هاهنا فَمَا بلغ الغداة الأولى حَتَّى مَات.
وحكى عَن
أَبِي عَلِيّ الروذباري أَنَّهُ قَالَ: رأيت فِي البادية حدثا فلما رآني قَالَ:
أما يكفيه أَن شغفني بحبه حَتَّى علني ثُمَّ رأيته يجود بروحه فَقُلْتُ لَهُ: قل:
لا اللَّه إلا اللَّه فأنشأ يَقُول: أيا من لَيْسَ لي عَنْهُ وإن عذبني بد ويا من
نال من قلبي منالا مَا لَهُ حد وقيل للجنيد: قل: لا إله إلا اللَّه , فَقَالَ: مَا
نسيته فأذكره , وَقَالَ: حاضر فِي القلب يعمره لست أنساه فأذكره فَهُوَ مولاي
ومعتمدي ونصيبي منه أوفره سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الصوفي يَقُول:
سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي التميمي يَقُول:
سألت
جَعْفَر بْن نصير بكران الدينوري وَكَانَ يخدم الشبلي مَا الَّذِي رأيت منه؟
فَقَالَ: قَالَ لي عَلَى درهم مظلمة وَقَدْ تصدقت عَن صاحبه بألوف فَمَا عَلَى
قلبي شغل أَعْظَم منه ثُمَّ قَالَ: وضئني للصلاة ففعلت فنسيت تخليل لحيته وَقَدْ
أمسك عَلَى لسانه فقبض عَلَى يدي وأدخلها فِي لحيته ثُمَّ مَات فبكى جَعْفَر
وَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي رجل لَمْ يفته حَتَّى فِي آخر عمره أدب من آداب
الشريعة.
سمعت عَبْد
اللَّهِ بْن يُوسُفَ الأَصْبَهَانِي يَقُول: سمعت أبا الْحَسَن بْن عَبْد اللَّهِ
الطرسوسي يَقُول: سمعت علوشا الدينوري يَقُول: سمعت المزين الكبير يَقُول: كنت
بمكة حرسها اللَّه تَعَالَى فوقع بي انزعاج فخرجت أريد المدية، فلما وصلت إِلَى
بئر ميمونة إِذَا أنا بشاب مطروح فعدلت إِلَيْهِ وَهُوَ ينزع فَقُلْتُ لَهُ: قل:
لا اللَّه إلا اللَّه ففتح عينيه وأنشأ يَقُول: أنا إِن مت فالهوى حشو قلبي وبداء
الهوى تموت الكرام فشهق شهقة ثُمَّ مَات فغسلته وكفنته وصليت عَلَيْهِ فلما فرغت
من دفنه سكن مَا كَانَ بي من إرادة السفر فرجعت إِلَى مَكَّة حرسها اللَّه
تَعَالَى.
وقيل:
لبعضهم: أتحب الْمَوْت؟ فَقَالَ: القدوم عَلَى من يرجى خيره خير من البقاء مَعَ من
لا يؤمن شره.
وحكى عَنِ
الجنيد أَنَّهُ قَالَ: كنت عِنْدَ أستاذي ابْن الكرنبي وَهُوَ يجود بنفسه فنظرت
إِلَى السماء فَقَالَ: بَعْد ثُمَّ نظرت إِلَى الأَرْض فَقَالَ: بَعْد يَعْنِي:
أَنَّهُ أقرب إليك من أَن تنظر إِلَى السماء أَوْ إِلَى الأَرْض بَل هُوَ وراء
المكان سمعت أبا حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا نصر الطوسي يَقُول: سمعت بَعْض
أَصْحَابنا يَقُول قَالَ أَبُو يَزِيد عِنْدَ موته: مَا ذكرتك إلا عَن غفلة ولا
قبضتني إلا عَلَى فترة.
سمعت أبا
حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا نصر السراج يَقُول: سمعت الوجيهي يَقُول: سمعت
أبا عَلِي الروذباري يَقُول: دخلت مصر فرأيت النَّاس مجتمعين فَقَالُوا كُنَّا فِي
جنازة فنى سمع قائلا يَقُول: كبرت همة عَبْد طمعت فِي أَن تراكا فشهق شهقة وَمَاتَ
منذ ثلاثين سنة تعرض عَلَى الْجَنَّة بِمَا فِيهَا فَمَا أعرتها طرفي , وَقَالُوا
لَهُ عِنْدَ النزع: كَيْفَ تجد قلبك؟ فَقَالَ:
وقيل:
دَخَلَ جَمَاعَة عَلَى ممشاد الدينوري فِي مرضه فَقَالُوا: مَا فعل اللَّه بك
وَمَا صنع؟ فَقَالَ: منذ ثلاثين سنة تعرض عَلِي الْجَنَّة بِمَا فِيهَا فَمَا
أعرتها طرفي، وَقَالُوا لَهُ عِنْدَ النزع: كَيْفَ تجد قلبك؟ فَقَالَ: منذ ثلاثين
سنة فقدت قلبي.
سمعت
مُحَمَّد بْن أَحْمَد الصوفي يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي التميمي
يَقُول: قَالَ الوجيهي: كَانَ سبب موت ابْن بنان أَنَّهُ ورد عَلَى قلبه شَيْء
فهام عَلَى وجهه فلحقوه فِي وسط متاهة بَنِي إسرائيل فِي الرمل ففتح عينيه وَقَالَ
ارتع فهذا مرتع الأحباب وخرجت روحه.
وَقَالَ
أَبُو يعقوب النهرجوري: كنت بمكة حرسها اللَّه تَعَالَى فجاءني فَقِير مَعَهُ
دِينَار فَقَالَ: إِذَا كَانَ غدا فأنا أموت فأصلح لي بنصف هَذَا قبرا والنصف
الثَّانِي لجهازي فَقُلْتُ فِي نفسي: دوخل الشاب فَإِنَّهُ قَدْ أصابهم فاقة
الحجاز فلما كَانَ الغد جاء ودخل الطواف ثُمَّ مضى وامتد عَلَى الأَرْض فَقُلْتُ:
هوذا يتماوت فذهبت إِلَيْهِ فحركته فَإِذَا هُوَ ميت فدفنته كَمَا أمر.
وقيل: لما
تغيرت الحال عَلَى أَبِي عُثْمَان الحيرى مزق ابنه أَبُو بَكْر قميصا ففتح أَبُو
عُثْمَان عينيه وَقَالَ: يا بَنِي إِن خلاف السنة فِي الظاهر من رياء فِي الباطن.
وقيل:
دَخَلَ ابْن عَطَاء عَلَى الجنيد وَهُوَ يجود بنفسه فسلم فأبطأ فِي الجواب ثُمَّ
رد وَقَالَ اعذرني فلقد كنت فِي وردى ثُمَّ مَات، وحكى أَبُو عَلَى الروذباري
قَالَ: دم عَلَيْنَا فَقِير فمات فدفنته وكشفت عَن وجهه لأضعه فِي التراب ليرحم
اللَّه عَزَّ وَجَلَّ غربته ففتح عينيه وَقَالَ يا أبا عَلِيّ أتذللني بَيْنَ يدي
من دللني فَقُلْتُ: يا سيدي أحياة بَعْد موت فَقَالَ لي: بلى أنا حي وكل محب
لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حي لا يضرنك غدا بجاهي يا روزباري.
ويحكى عَنِ
ابْن سهل الأصفهاني , أَنَّهُ قَالَ: أترون أنى أموت كَمَا يموت النَّاس مرض
وعيادة إِنَّمَا أدعى فيقال: يا عَلِي فأجيب فكان يمشي يوما فَقَالَ: لبيك وَمَاتَ
سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الصوفي يَقُول: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ بْن خفيف
يَقُول: سمعت أبا الْحَسَن المزين قَالَ: لما عرض أَبُو يعقوب النهرجوري مرض وفاته
قُلْت: لَهُ وَهُوَ فِي
النزع قل لا
اللَّه إلا اللَّه فتبسم إلي وَقَالَ: إياي تعنى؟ وعزة من لا يذوق الْمَوْت مَا
بيني وبينه إلا حجاب العزة وانطفأ من ساعته , فكان المزين يأخذ بلحيته وَيَقُول:
حجام مثلي يلقن أولياء اللَّه تَعَالَى الشهادة واخجلتاه منه، وَكَانَ يبكى إِذَا
ذكر هذه الحكاية.
وَقَالَ
أَبُو الْحُسَيْن المالكي: كنت اصحب خيرا النساج سنين كثيرة فَقَالَ لي: قبل موته
بثمانية أَيَّام أنا أموت يَوْم الخميس وقت المغرب وأدفن يَوْم الجمعة قبل الصلاة
وستنسى هَذَا فلا تنس قَالَ أَبُو الْحُسَيْن: فأنسيته إِلَى يَوْم الجمعة فلقيني
من أخبرني بموته فخرجت لأحضر جنازته فوجدت النَّاس راجعين يقولون: يدفن بَعْد
الصلاة فلم أنصرف وحضرت فوجدت الجنازة قَدْ أخرجت قبل الصلاة كَمَا قَالَ فسألت من
حضر وفاته فَقَالَ: إنه غشي عَلَيْهِ ثُمَّ أفاق ثُمَّ التفت إِلَى ناحية الْبَيْت
وَقَالَ: قف عافاك اللَّه فإنما أَنْتَ عَبْد مأمور وأنا عَبْد مأمور الَّذِي أمرت
بِهِ لا يفوتك والذي أمرت بِهِ يفوتني فدعا بماء فجدد وضوءه وصلى ثُمَّ تمدد وغمض
عينيه فرؤي فِي المنام بَعْد موته فقيل لَهُ: كَيْفَ حالك؟ فَقَالَ: لا تسل لكني
تخلصت عَن دنياكم الوضرة.
وذكر أَبُو
الْحُسَيْن الحمصي مصنف كتاب بهجة الأسرار أَنَّهُ لما مَات سهل بْن عَبْد اللَّهِ
انكب النَّاس عَلَى جنازته وَكَانَ فِي البلد يهودي نيف عَلَى السبعين فسمع الضجة
فخرج لينظر مَا كَانَ فلما نظر إِلَى الجنازة صاح وَقَالَ: أترون مَا أرى
فَقَالُوا: لا إيش ترى؟ فَقَالَ: أرى أقواما ينزلون من السماء يتمسحون بالجنازة
ثُمَّ إنه تشهد وأسلم وحسن إسلامه.
سمعت الشيخ
أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمى يَقُول: سمعت مَنْصُور بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول:
سمعت أبا جَعْفَر بْن قَيْس بمصر يَقُول: سمعت أبا سَعِيد الخراز يَقُول: كنت بمكة
حرسها اللَّه تَعَالَى فجزت يوما بباب بَنِي شيبة فرأيت شابا حسن الوجه ميتا فنظرت
فِي وجهه فتبسم فِي وجهي وَقَالَ لي: يا أبا سَعِيد أما علمت أَن الأحباء أحياء
وإن مَاتُوا وإنما ينقلون من دار إِلَى دار وسمعته يَقُول: سمعت أبا بَكْر الرازي
يَقُول: سمعت الجريري يَقُول: بلغني أَنَّهُ قيل لذي النون الْمِصْرِي عِنْدَ
النزع أوصنا , فَقَالَ: لا تشغلوني فإني متعجب من محاسن لطفه.
وسمعته
يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الرازي يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان الحيرى
يَقُول سئل أَبُو حفص فِي حال وفاته مَا الَّذِي تعظنا بِهِ فَقَالَ: لست أقوى
عَلَى القول ثُمَّ رأى من نَفْسه قوة فَقُلْتُ لَهُ: قل حَتَّى أحكي عَنْك
فَقَالَ: موعظتي الانكسار بكل القلب عَلَى التقصير.
الكلمات المفتاحية :
التربية و السلوك
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: