مصطلحات صوفية : البواده والهجوم و التلوين والتمكين
البواده مَا
يفاجأ قلبك من الغيب عَلَى سبيل الوهلة إِمَّا موجب فرح وإما موجب ترح والهجوم مَا
يرد عَلَى القلب بقوة الوقت من غَيْر تصنع منك ويختلف فِي الأنواع عَلَى حسب قوة
الوارد وضعفه فمنهم من تغيره
البواده وتصرفه الهواجم وَمِنْهُم من يَكُون فَوْقَ
مَا يفجؤه حالا وقوة أولئك سادت الوقت كَمَا قيل: لا تهتدي نوب الزَّمَان إليهم
وَلَهُمْ عَلَى الخطب الجليل لجام
لا تهتدي نوب الزَّمَان إليهم ..... وَلَهُمْ عَلَى الخطب الجليل لجامُ
التلوين
والتمكين
التلوين صفة أرباب الأحوال والتمكين صفة أهل الحقائق فَمَا دام العبد فِي الطريق
فَهُوَ صاحب تلوين لأنه يرتقي من حال إِلَى حال وينتقل من وصف إِلَى وصف ويخرج من
مرحل ويحصل فِي مربع فَإِذَا وصل تمكن وأنشدوا:
ما زلت أنزل
فِي ودادك منزلا ...
تتحير الألباب دُونَ نزوله
وصاحب
التلوين أبدا فِي الزيادة وصاحب التمكين وصل ثُمَّ اتصل وأمارة أَنَّهُ اتصل
أَنَّهُ بالكلية من كليته بطل.
وَقَالَ
بَعْض المشايخ انتهى سفر الطالبين إِلَى الظفر بنفوسهم فَإِذَا ظفروا بنفوسهم
فَقَدْ وصلوا.
قَالَ
الأستاذ رحمه اللَّه: يريد بِهِ انخناس أحكام البشرية واستيلاء سلطان الحقيقة
فَإِذَا دام للعبد هذه الحالة فَهُوَ صاحب تمكين كَانَ الشيخ أَبُو عَلِي الدقاق
رحمه اللَّه تَعَالَى يَقُول: كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام صاحب تلوين فرجع من
سماع الْكَلام واحتاج إِلَى ستر وجهه لأنه أثر فِيهِ الحال، ونبينا صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ صاحب تمكين فرجع كَمَا ذهب لأنه لَمْ يؤثر فِيهِ مَا شاهده
تلك الليلة وَكَانَ يتشهد عَلَى هَذَا بقصة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلام أَن النسوة
اللاتي رأين يُوسُف عَلَيْهِ السَّلام قطعن أيديهم لما ورد عليهن من شهود يُوسُف
عَلَيْهِ السَّلام عَلَى وجه الفجأة وامرأة
الْعَزِيز
كانت أتم فِي بلاء يُوسُف منهن ثُمَّ لَمْ تتغير عَلَيْهَا شعرة ذَلِكَ اليوم
لأنها كانت صاحبة تمكين فِي حَدِيث يُوسُف عَلَيْهِ السَّلام.
وَقَالَ
الأستاذ واعلم أَن التغير بِمَا يرد عَلَى العبد يَكُون لأحد أمرين: إِمَّا لقوة
الوارد أَوْ لضعف صاحبه والسكون من صاحبه لأحد أمرين: إِمَّا لقوته أَوْ لضعف
الوارد عَلَيْهِ.
سمعت
الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق رحمه اللَّه يَقُول: أصول الْقَوْم فِي جواز دوام
التمكين تتخرج عَلَى وجهين أحدهما لا سبيل إِلَيْهِ لأنه قَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو بقيتم عَلَى مَا كنتم عَلَيْهِ عندي لصافحتكم الملائكة
ولأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لي وقت لا يسعني فِيهِ غَيْر ربي
عَزَّ وَجَلَّ أخبر عَن وقت مخصوص قَالَ رحمه اللَّه تَعَالَى والوجه الثَّانِي
أَنَّهُ يصح دوام الأحوال، لأن أهل الحقائق ارتقوا عَن وصف التأثر بالطوارق والذي
فِي الْخَبَر أَنَّهُ قَالَ: لصافحتكم الملائكة فلم يعلق الأمر فِيهِ عَلَى أمر
مستحيل ومصافحة الملائكة دُونَ مَا أثبت لأهل البداية من قَوْله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بِمَا يصنع
وَمَا قَالَ
لي وقت قائما قَالَ عَلَى حسب فَهُم السامع وَفِي جَمِيع أحواله كَانَ قائما
بالحقيقة والأولى أَن يقال إِن العبد مَا دام فِي الترقي فصاحب تلوين يصح فِي نعته
الزيادة فِي الأحوال والنقصان منها فَإِذَا وصل إِلَى الحق بانخناس أحكام البشرية
مكنه الحق سبحانه فِي كُل نفس فلا حد لمقدوراته فَهُوَ فِي الزيادات متلون بَل ملون
وَفِي أصل حاله متمكن فأبدا يتمكن فِي حالة أعلى مِمَّا كَانَ فِيهَا قبله ثُمَّ
يرتقي عَنْهَا إِلَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ إذ لا غاية لمقدورات الحق سبحانه فِي كُل
جنس، فأما المصطلم عَن شاهده المستوفي إحساسه بالكلية فللبشرية لا محالة حد
فَإِذَا بطل عَن جملته ونفسه وحسه وَكَذَلِكَ عَنِ المكونات بأسرها ثُمَّ دامت
بِهِ هذه الغيبة فَهُوَ محو فلا تمكين لَهُ إذن ولا تلوين ولا مقام ولا حال وما
دام بِهَذَا الوصف فلا تشريف ولا تكليف اللَّهُمَّ إلا أَن يرد بِمَا يجري
عَلَيْهِ من غَيْر شَيْء منه فذلك متصرف فِي ظنون الخلق مصرف فِي التحقيق قَالَ
اللَّه تعالي: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ
الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 18] وبالله التوفيق
الكلمات المفتاحية :
مصطلحات صوفية
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: