عقيدة الاشاعرة : معرفة وجوده تعالى
معرفة وجوده تعالى وأول ما يستضاء به من الأنوار ويسلك من طريق الاعتبار ما أرشد إليه القرآن فليس بعد بيان الله سبحانه بيان وقد قال تعالى : { ألم نجعل الأرض
مهادا والجبال أوتادا وخلقناكم أزواجا وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا } وقال تعالى : { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون } . وقال تعالى : { ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا } . وقال تعالى : { أفرأيتم ما تمنون ءأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون } إلى قوله { للمقوين } فليس يخفى على من معه أدنى مسكة من عقل إذا تأمل بأدنى فكرة مضمون هذه الآيات وأدار نظره على عجائب خلق الله في الأرض والسماوات وبدائع فطرة الحيوان والنبات أن هذا الأمر العجيب والترتيب المحكم لا يستغني عن صانع يدبره وفاعل يحكمه ويقدره بل تكاد فطرة النفوس تشهد بكونها مقهورة تحت تسخيره ومصرفة بمقتضى تدبيره . ولذلك قال الله تعالى : { أفي الله شك فاطر السماوات والأرض } ولهذا بعث الأنبياء صلوات الله عليهم لدعوة الخلق إلى التوحيد ليقولوا " لا إله إلا الله " وما أمروا أن يقولوا لنا إله وللعالم إله . فإن ذلك كان مجبولا في فطرة عقولهم من مبدأ نشوهم وفي عنفوان شبابهم . ولذلك قال عز و جل { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } وقال تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم } فإذا في فطرة الإنسان وشواهد القرآن ما يغني عن إقامة البرهان . ولكنا على سبيل الاستظهار والافتداء بالعلماء النظار نقول : من بداءة العقول أن الحادث لا يستغني في حدوثه عن سبب يحدثه والعالم حادث فإذا لا يستغني في حدوثه عن سبب . أما قولنا " إن الحادث لا يستغني في حدوثه عن سبب " فجلى فإن كل حادث مختص بوقت يجوز في العقل تقدير تقديمه وتأخيره فاختصاصه بوقته دون ما قبله وما بعده يفتقر بالضرورة إلى المخصص وأما قولنا " العالم حادث " فبرهانه أن أجسام العالم لا تخلو عن الحركة والسكون وهما حادثان وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث . ففي هذا البرهان ثلاث دعاوى الأولى : قولنا " إن الأجسام لا تخلو عن الحركة والسكون " وهذه مدركة بالبديهة والاضطرار فلا يحتاج فيها إلى تأمل وافتكار فإن من عقل جسما لا ساكنا ولا متحركا كان لمتن الجهل راكبا وعن نهج العقل ناكبا
الثانية : قولنا " إنهما حادثان " ويدل على ذلك تعاقبهما ووجود البعض منهما بعد البعض وذلك مشاهد في جميع الأجسام وما شوهد منها وما لم يشاهد فما من ساكن إلا والعقل قاض بجواز حركته وما من متحرك إلا والعقل قاض بجواز سكونه فالطارئ منهما حادث لطرءانه والسابق حادث لعدمه لأنه لوثبت قدمه لاستحال عدمه - على ما سيأتي بيانه وبرهانه في إثبات بقاء الصانع تعالى وتقدس
الثالثة : قولنا " ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث " وبرهانه أنه لو لم يكن كذلك لكان قبل كل حادث حوادث لا أول لها ولو لم تنقض تلك الحوادث بجملتها لا تنتهي النوبة إلى وجود الحادث الحاضر في الحال وانقضاء ما لا نهاية له محال ولأنه لو كان للفلك دورات لا نهاية لها لكان لا يخلو عددها عن أن تكون شفعا أو وترا أو شفعا ووترا جميعا أو لا شفعا ولا وترا ومحال أن يكون شفعا ووترا جميعا أو لا شفعا ولا وترا . فإن ذلك جمع بين النفي والإثبات إذ في إثبات أحدهما نفي الآخر وفي نفي أحدهما إثبات الآخر . ومحال أن يكون شفعا لأن الشفع يصير وترا بزيادة واحد . وكيف يعوز ما لا نهاية له : واحد ؟ ومحال أن يكون وترا إذ الوتر يصير شفعا بواحد فكيف يعوزها واحد مع أنه لا نهاية لأعدادها . ومحال أن يكون لا شفعا ولا وترا إذ له نهاية . فتحصل من هذا أن العالم لا يخلو عن الحوادث وما لا يخلو عن الحوادث فهو إذن حادث . وإذا ثبت حدوثه كان افتقاره إلى المحدث من المدركات بالضرورة
مهادا والجبال أوتادا وخلقناكم أزواجا وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا } وقال تعالى : { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون } . وقال تعالى : { ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا } . وقال تعالى : { أفرأيتم ما تمنون ءأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون } إلى قوله { للمقوين } فليس يخفى على من معه أدنى مسكة من عقل إذا تأمل بأدنى فكرة مضمون هذه الآيات وأدار نظره على عجائب خلق الله في الأرض والسماوات وبدائع فطرة الحيوان والنبات أن هذا الأمر العجيب والترتيب المحكم لا يستغني عن صانع يدبره وفاعل يحكمه ويقدره بل تكاد فطرة النفوس تشهد بكونها مقهورة تحت تسخيره ومصرفة بمقتضى تدبيره . ولذلك قال الله تعالى : { أفي الله شك فاطر السماوات والأرض } ولهذا بعث الأنبياء صلوات الله عليهم لدعوة الخلق إلى التوحيد ليقولوا " لا إله إلا الله " وما أمروا أن يقولوا لنا إله وللعالم إله . فإن ذلك كان مجبولا في فطرة عقولهم من مبدأ نشوهم وفي عنفوان شبابهم . ولذلك قال عز و جل { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } وقال تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم } فإذا في فطرة الإنسان وشواهد القرآن ما يغني عن إقامة البرهان . ولكنا على سبيل الاستظهار والافتداء بالعلماء النظار نقول : من بداءة العقول أن الحادث لا يستغني في حدوثه عن سبب يحدثه والعالم حادث فإذا لا يستغني في حدوثه عن سبب . أما قولنا " إن الحادث لا يستغني في حدوثه عن سبب " فجلى فإن كل حادث مختص بوقت يجوز في العقل تقدير تقديمه وتأخيره فاختصاصه بوقته دون ما قبله وما بعده يفتقر بالضرورة إلى المخصص وأما قولنا " العالم حادث " فبرهانه أن أجسام العالم لا تخلو عن الحركة والسكون وهما حادثان وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث . ففي هذا البرهان ثلاث دعاوى الأولى : قولنا " إن الأجسام لا تخلو عن الحركة والسكون " وهذه مدركة بالبديهة والاضطرار فلا يحتاج فيها إلى تأمل وافتكار فإن من عقل جسما لا ساكنا ولا متحركا كان لمتن الجهل راكبا وعن نهج العقل ناكبا
الثانية : قولنا " إنهما حادثان " ويدل على ذلك تعاقبهما ووجود البعض منهما بعد البعض وذلك مشاهد في جميع الأجسام وما شوهد منها وما لم يشاهد فما من ساكن إلا والعقل قاض بجواز حركته وما من متحرك إلا والعقل قاض بجواز سكونه فالطارئ منهما حادث لطرءانه والسابق حادث لعدمه لأنه لوثبت قدمه لاستحال عدمه - على ما سيأتي بيانه وبرهانه في إثبات بقاء الصانع تعالى وتقدس
الثالثة : قولنا " ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث " وبرهانه أنه لو لم يكن كذلك لكان قبل كل حادث حوادث لا أول لها ولو لم تنقض تلك الحوادث بجملتها لا تنتهي النوبة إلى وجود الحادث الحاضر في الحال وانقضاء ما لا نهاية له محال ولأنه لو كان للفلك دورات لا نهاية لها لكان لا يخلو عددها عن أن تكون شفعا أو وترا أو شفعا ووترا جميعا أو لا شفعا ولا وترا ومحال أن يكون شفعا ووترا جميعا أو لا شفعا ولا وترا . فإن ذلك جمع بين النفي والإثبات إذ في إثبات أحدهما نفي الآخر وفي نفي أحدهما إثبات الآخر . ومحال أن يكون شفعا لأن الشفع يصير وترا بزيادة واحد . وكيف يعوز ما لا نهاية له : واحد ؟ ومحال أن يكون وترا إذ الوتر يصير شفعا بواحد فكيف يعوزها واحد مع أنه لا نهاية لأعدادها . ومحال أن يكون لا شفعا ولا وترا إذ له نهاية . فتحصل من هذا أن العالم لا يخلو عن الحوادث وما لا يخلو عن الحوادث فهو إذن حادث . وإذا ثبت حدوثه كان افتقاره إلى المحدث من المدركات بالضرورة
الكلمات المفتاحية :
عقيدة الاشاعرة
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: