خبر الواحد 2
وقال: وسأل عمر بن الخطّاب من عنده علمٌ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الجنين، فأخبره حمل بن مالكٍ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قضى فيه بغرّةٍ، فقال عمر بن الخطّاب: إن كدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا، أو قال: لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغير هذا، في كلّ هذا دليلٌ على أنّه يقبل خبر الواحد إذا كان صادقًا عند من أخبر، ولو جاز لأحدٍ ردّ هذا بحالٍ جاز لعمر بن الخطّاب أن يقول
للضّحّاك: أنت رجلٌ من أهل نجدٍ، ولحمل بن مالكٍ أنت رجلٌ من
أهل تهامة، لم تريا رسول اللّه ولم تصحباه إلّا قليلًا، ولم أزل معه ومن معي من المهاجرين والأنصار فكيف عزب هذا عن جماعتنا وعلمته أنت، وأنت واحدٌ يمكن فيك أن تغلط وتنسى، بل رأى الحقّ اتّباعه، والرّجوع عن رأيه في ترك توريث المرأة من دية زوجها، وقضى في الجنين بما أعلم من حضر أنّه لو لم يسمع عن النّبيّ فيه شيئًا قضى فيه بغيره، كأنّه يرى إن كان الجنين حيًّا ففيه مائةٌ من الإبل، وإن كان ميّتًا فلا شيء فيه، ولكن كان اللّه تعبّده والخلق بما شاء على لسان نبيّه فلم يكن له ولا لأحدٍ إدخال لم ولا كيف ولا شيئًا من الرّأي على الخبر عن رسول اللّه، ولا ردّه على من يعرفه بالصّدق في نفسه وإن كان واحدًا. وقبل عمر بن الخطّاب خبر عبد الرّحمن بن عوفٍ في أخذ الجزية من المجوس، ولم يقل: لو كانوا أهل كتابٍ كان لنا أن نأكل ذبائحهم وننكح نساءهم، وإن لم يكونوا أهل كتابٍ لم يكن لنا أن نأخذ الجزية منهم، وقبل خبر عبد الرّحمن بن عوفٍ في الطّاعون ورجع بالنّاس عن خبره، وذلك أنّه يعرف صدق عبد الرّحمن، ولا يجوز له عنده ولا عندنا خلاف خبر الصّادق عن رسول اللّه،
فإن قال قائلٌ: فقد طلب عمر بن الخطّاب من مخبرٍ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مخبرًا آخر غيره معه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قيل له: إنّ قبول عمر لخبر واحدٍ على الانفراد يدلّ على أنّه لا يجوز عليه أن يطلب مع مخبرٍ مخبرًا غيره إلّا استظهارًا أنّ الحجّة تقوم عنده بواحدٍ مرّةً ولا تقوم أخرى. وقد يستظهر الحاكم فيسأل الرّجل قد شهد له عنده الشّاهدان العدلان زيادة شهودٍ، فإن لم يفعل قبل الشّاهدين، وإن فعل كان أحبّ إليه، أو أن يكون عمر جهل المخبر وهو إن شاء اللّه لا يقبل خبر من جهله، وكذلك نحن لا نقبل خبر من جهلناه، وكذلك لا نقبل خبر من لم نعرفه بالصّدق وعمل الخير. وأخبرت الفريعة بنت مالكٍ عثمان بن عفّان: أنّ النّبيّ عليه السّلام أمرها أن تمكث في بيتها وهي متوفًّى عنها حتّى يبلغ الكتاب أجله، فاتّبعه وقضى به، وكان ابن عمر يخابر الأرض بالثّلث والرّبع لا يرى بذلك بأسًا، فأخبره رافعٌ أنّ النّبيّ نهى عنها، فترك ذلك بخبر رافعٍ، وكان زيد بن ثابتٍ سمع النّبيّ يقول: «لا يصدرنّ أحدٌ من الحاجّ حتّى يطوف بالبيت» يعني طواف الوداع بعد طواف الزّيارة، فخالفه ابن عبّاسٍ، وقال: تصدر الحائض دون غيرها، فأنكر ذلك زيدٌ على ابن عبّاسٍ، فقال ابن عبّاسٍ: سل أمّ سلمة، فسألها، فأخبرته أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أرخص للحائض في أن تصدر ولا تطوف، فرجع إلى ابن عبّاسٍ، فقال: وجدت الأمر كما قلت.
وأخبر أبو الدّرداء معاوية أنّ النّبيّ عليه السّلام نهى عن بيعٍ باعه معاوية، فقال معاوية: ما أرى بهذا بأسًا، فقال أبو الدّرداء: من يعذرني من معاوية أخبره عن رسول اللّه، ويخبرني عن رأيه، لا أساكنه بأرضٍ، فخرج أبو الدّرداء من ولاية معاوية ولم يره يسعه مساكنته إذ لم يقبل منه خبره عن النّبيّ، ولو لم تكن الحجّة تقوم عليه عند أبي الدّرداء بخبره ما كان رأى أنّ مساكنته عليه ضيّقةٌ. ولم أعلم أحدًا من التّابعين أخبر عنه إلّا قبل خبر واحدٍ، وأفتى به وانتهى إليه، فابن المسيّب يقبل خبر أبي هريرة وحده، وأبي سعيدٍ وحده عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويجعله سنّةً، وعروة يصنع ذلك في عائشة ثمّ يصنع ذلك في يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، وفي حديث يحيى بن عبد الرّحمن عن أبيه، عن عمر، وعبد الرّحمن بن عبدٍ القارئ، عن عمر عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويثبت كلّ ذلك سنّةً، وصنع ذلك القاسم وسالمٌ وجميع التّابعين بالمدينة، وعطاءٌ وطاوسٌ ومجاهدٌ بمكّة فقبلوا الخبر عن جابرٍ وحده عن النّبيّ عليه السّلام، وعن ابن عبّاسٍ وحده عن النّبيّ وثبتوه سنّةً، وصنع ذلك الشّعبيّ، فقبل خبر عروة بن مضرّسٍ عن النّبيّ وثبته سنّةً، وكذلك قبل خبر غيره، وصنع ذلك إبراهيم النّخعيّ فقبل خبر علقمة عن عبد اللّه عن النّبيّ وثبته سنّةً، وكذلك خبر غيره، وصنع ذلك الحسن وابن سيرين فيمن لقيا، لا أعلم أحدًا منهم إلّا وقد روي هذا عنه فيما لو ذكرت بعضه لطال
حدّثنا الرّبيع، قال: أخبرنا الشّافعيّ، قال: أنبأنا سفيان عن عمرو بن دينارٍ عن سالم بن عبد اللّه بن عمر أنّ عمر بن الخطّاب «نهى عن الطّيب قبل زيارة البيت وبعد الجمرة» ، قال سالمٌ: فقالت عائشة: " طيّبت رسول اللّه بيديّ لإحرامه قبل أن يحرم، ولحلّه قبل أن يطوف بالبيت، وسنّة رسول اللّه أحقّ،
قال الشّافعيّ: «فترك سالمٌ قول جدّه عمر في إمامته، وقبل خبر عائشة وحدها، وأعلم من حدّثه أنّ خبرها وحدها سنّةٌ، وأنّ سنّة رسول اللّه أحقّ، وذلك الّذي يجب عليه» . وصنع ذلك الّذين بعد التّابعين المتقدّمين مثل ابن شهابٍ، ويحيى بن سعيدٍ، وعمرو بن دينارٍ وغيرهم، والّذين لقيناهم كلّهم يثبت خبر واحدٍ عن واحدٍ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويجعله سنّةً حمد من تبعها، وعاب من خالفها.
للضّحّاك: أنت رجلٌ من أهل نجدٍ، ولحمل بن مالكٍ أنت رجلٌ من
أهل تهامة، لم تريا رسول اللّه ولم تصحباه إلّا قليلًا، ولم أزل معه ومن معي من المهاجرين والأنصار فكيف عزب هذا عن جماعتنا وعلمته أنت، وأنت واحدٌ يمكن فيك أن تغلط وتنسى، بل رأى الحقّ اتّباعه، والرّجوع عن رأيه في ترك توريث المرأة من دية زوجها، وقضى في الجنين بما أعلم من حضر أنّه لو لم يسمع عن النّبيّ فيه شيئًا قضى فيه بغيره، كأنّه يرى إن كان الجنين حيًّا ففيه مائةٌ من الإبل، وإن كان ميّتًا فلا شيء فيه، ولكن كان اللّه تعبّده والخلق بما شاء على لسان نبيّه فلم يكن له ولا لأحدٍ إدخال لم ولا كيف ولا شيئًا من الرّأي على الخبر عن رسول اللّه، ولا ردّه على من يعرفه بالصّدق في نفسه وإن كان واحدًا. وقبل عمر بن الخطّاب خبر عبد الرّحمن بن عوفٍ في أخذ الجزية من المجوس، ولم يقل: لو كانوا أهل كتابٍ كان لنا أن نأكل ذبائحهم وننكح نساءهم، وإن لم يكونوا أهل كتابٍ لم يكن لنا أن نأخذ الجزية منهم، وقبل خبر عبد الرّحمن بن عوفٍ في الطّاعون ورجع بالنّاس عن خبره، وذلك أنّه يعرف صدق عبد الرّحمن، ولا يجوز له عنده ولا عندنا خلاف خبر الصّادق عن رسول اللّه،
فإن قال قائلٌ: فقد طلب عمر بن الخطّاب من مخبرٍ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مخبرًا آخر غيره معه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قيل له: إنّ قبول عمر لخبر واحدٍ على الانفراد يدلّ على أنّه لا يجوز عليه أن يطلب مع مخبرٍ مخبرًا غيره إلّا استظهارًا أنّ الحجّة تقوم عنده بواحدٍ مرّةً ولا تقوم أخرى. وقد يستظهر الحاكم فيسأل الرّجل قد شهد له عنده الشّاهدان العدلان زيادة شهودٍ، فإن لم يفعل قبل الشّاهدين، وإن فعل كان أحبّ إليه، أو أن يكون عمر جهل المخبر وهو إن شاء اللّه لا يقبل خبر من جهله، وكذلك نحن لا نقبل خبر من جهلناه، وكذلك لا نقبل خبر من لم نعرفه بالصّدق وعمل الخير. وأخبرت الفريعة بنت مالكٍ عثمان بن عفّان: أنّ النّبيّ عليه السّلام أمرها أن تمكث في بيتها وهي متوفًّى عنها حتّى يبلغ الكتاب أجله، فاتّبعه وقضى به، وكان ابن عمر يخابر الأرض بالثّلث والرّبع لا يرى بذلك بأسًا، فأخبره رافعٌ أنّ النّبيّ نهى عنها، فترك ذلك بخبر رافعٍ، وكان زيد بن ثابتٍ سمع النّبيّ يقول: «لا يصدرنّ أحدٌ من الحاجّ حتّى يطوف بالبيت» يعني طواف الوداع بعد طواف الزّيارة، فخالفه ابن عبّاسٍ، وقال: تصدر الحائض دون غيرها، فأنكر ذلك زيدٌ على ابن عبّاسٍ، فقال ابن عبّاسٍ: سل أمّ سلمة، فسألها، فأخبرته أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أرخص للحائض في أن تصدر ولا تطوف، فرجع إلى ابن عبّاسٍ، فقال: وجدت الأمر كما قلت.
وأخبر أبو الدّرداء معاوية أنّ النّبيّ عليه السّلام نهى عن بيعٍ باعه معاوية، فقال معاوية: ما أرى بهذا بأسًا، فقال أبو الدّرداء: من يعذرني من معاوية أخبره عن رسول اللّه، ويخبرني عن رأيه، لا أساكنه بأرضٍ، فخرج أبو الدّرداء من ولاية معاوية ولم يره يسعه مساكنته إذ لم يقبل منه خبره عن النّبيّ، ولو لم تكن الحجّة تقوم عليه عند أبي الدّرداء بخبره ما كان رأى أنّ مساكنته عليه ضيّقةٌ. ولم أعلم أحدًا من التّابعين أخبر عنه إلّا قبل خبر واحدٍ، وأفتى به وانتهى إليه، فابن المسيّب يقبل خبر أبي هريرة وحده، وأبي سعيدٍ وحده عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويجعله سنّةً، وعروة يصنع ذلك في عائشة ثمّ يصنع ذلك في يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، وفي حديث يحيى بن عبد الرّحمن عن أبيه، عن عمر، وعبد الرّحمن بن عبدٍ القارئ، عن عمر عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويثبت كلّ ذلك سنّةً، وصنع ذلك القاسم وسالمٌ وجميع التّابعين بالمدينة، وعطاءٌ وطاوسٌ ومجاهدٌ بمكّة فقبلوا الخبر عن جابرٍ وحده عن النّبيّ عليه السّلام، وعن ابن عبّاسٍ وحده عن النّبيّ وثبتوه سنّةً، وصنع ذلك الشّعبيّ، فقبل خبر عروة بن مضرّسٍ عن النّبيّ وثبته سنّةً، وكذلك قبل خبر غيره، وصنع ذلك إبراهيم النّخعيّ فقبل خبر علقمة عن عبد اللّه عن النّبيّ وثبته سنّةً، وكذلك خبر غيره، وصنع ذلك الحسن وابن سيرين فيمن لقيا، لا أعلم أحدًا منهم إلّا وقد روي هذا عنه فيما لو ذكرت بعضه لطال
حدّثنا الرّبيع، قال: أخبرنا الشّافعيّ، قال: أنبأنا سفيان عن عمرو بن دينارٍ عن سالم بن عبد اللّه بن عمر أنّ عمر بن الخطّاب «نهى عن الطّيب قبل زيارة البيت وبعد الجمرة» ، قال سالمٌ: فقالت عائشة: " طيّبت رسول اللّه بيديّ لإحرامه قبل أن يحرم، ولحلّه قبل أن يطوف بالبيت، وسنّة رسول اللّه أحقّ،
قال الشّافعيّ: «فترك سالمٌ قول جدّه عمر في إمامته، وقبل خبر عائشة وحدها، وأعلم من حدّثه أنّ خبرها وحدها سنّةٌ، وأنّ سنّة رسول اللّه أحقّ، وذلك الّذي يجب عليه» . وصنع ذلك الّذين بعد التّابعين المتقدّمين مثل ابن شهابٍ، ويحيى بن سعيدٍ، وعمرو بن دينارٍ وغيرهم، والّذين لقيناهم كلّهم يثبت خبر واحدٍ عن واحدٍ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويجعله سنّةً حمد من تبعها، وعاب من خالفها.
الكلمات المفتاحية :
اعجاز الحديث النبوي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: