الفقه الحنبلي - الوقف

* (مسألة) * (ويملك صوفه ولبنه وثمرته ونفعه) لانه نماء ملكه ولا نعلم في ذلك خلافا * (مسألة) * (وليس له وطئ الجارية فان فعل فلا حد عليه ولا مهر)
لا يجوز للموقوف عليه وطئ الامة الموقوفة لانا لا نأمن حبلها فتنقص أو تتلف أو تخرج من الوقف بكونها أم ولد ولان ملكه ناقص فان وطئ فلا حد عليه للشبهة ولا مهر عليه لانه لو وجب لوجب له ولا يجب للانسان شئ على نفسه * (مسألة) * (وان ولدت فالولد حر) لانه من وطئ شبهه وعليه قيمته يوم الوضع يشترى بها عبد مكانه لانه فوت رقه وتصير آم ولد له لانه أحبلها بحر في ملكه فإذا مات عتقت وتجب قيمتها في تركته لانه أتلفها على من بعده من البطون فيشتري بها جارية تكون وقفا مكانها، وإن قلنا لا يملكها الموقوف عليه لم تصر أم ولد له بذلك لانها أجنبية * (مسألة) * (فان أعتقها لم ينفذ عتقه) لانه يتعلق به حق غيره ولان الوقف لازم فلا يمكن من إبطاله فان كان نصف العبد وقفا ونصفه طلقا فاعتق صاحب الطلق لم يسر عتقه إلى الوقف لانه إذا لم يعتق بالمباشرة فبالسراية أولى * (مسألة) * (وان وطئها أجنبي بشبهة فالولد حر)
لاعتقاده أنه يطأ في ملكه وإن كان الواطئ عبدا وعليه المهر لاهل الوقف لانه وطئ جاريتهم في غير ملك أشبه الامة المطلقة، وتجب قيمته لانه كان من سبيله أن يكون مملوكا فمنعه اعتقاد الحرية من الرق فوجبت قيمته يشتري بها عبدا يكون وقفا وتعتبر قيمته يوم تضعه حيا لانه لا يمكن تقويمه قبل ذلك وان وطئها مكرهة أو طاوعته فعليه الحد إذا انتفت الشبهة والمهر لاهل الوقف لانه وطئ جارية غيره ويكون ولدها وقفا معها لانه تبع لها * (مسألة) * (وان تلفت فعليه قيمتها يشترى بها مثلها) سواء أتلفها أجنبي أو الواقف كما لو أتلف غير الوقف، وان أتلفه الموقوف عليه فعليه قيمته أيضا يشترى بها مثله يقوم مقامه لانه لا يملك التصرف في رقبته انما له نفعه ويحتمل أن يملك الموقوف عليه قيمة الولد فيما إذا وطئها أجنبي بشبهة فأتت بولد ولا يلزمه قيمته ان أولدها لذلك * (مسألة) * (وله تزويج الامة وأخذ مهرها وولدها وقف معها ويحتمل أن يملكه)
يجوز للموقوف عليه تزويج الامة الموقوفة لانه عقد على منفعتها أشبه الاجارة ولان الموقوف عليه لا يملك استيفاء هذه المنفعة فلا يتضرر بتمليك غيره إياها والمهر للموقوف عليه لانه بدل نفعها أشبه الاجرة، ويحتمل أن لا يجوز تزويجها لانه عقد على منفعتها في العمر فيفضى إلى تفويت منفعتها في حق البطن الثاني، ولان النكاح يتعلق به حقوق من وجوب تمكين الزوج من استمتاعها ومبيتها عنده فتفوت خدمتها في الليل على البطن الثاني فان طلبت التزويج وجب تزويجها لانه حق لها طلبته فنعينت
الاجابة إليه وما فات من الحق به يفوت تبعا لابقائها حقها فلا يكون مانعا من تزويجها كغير الموقوفة إذا طلبت ذلك وإذا زوجها فولدت من الزوج فولدها وقف معها لان ولد كل ذات رحم حكمه حكمها كأم الولد والمكاتبة ويحتمل أن يملك الموقوف عليه ولدها لانه من نمائها * (مسألة) * (وان جنى الوقف خطأ فالارش على الموقوف عليه ويحتمل أن يكون في كسبه) إذا جنى الوقف جناية موجبة للمال لم يتعلق أرشها برقبته لانه لا يمكن بيعها ويجب أرشها على الموقوف عليه لانه ملكه تعذر تعلق أرشه برقبته فكان على مالكه كجناية أم الولد ولا يلزمه أكثر من قيمته كأم الولد، فان قلنا إن الوقف لا يملك فالارش في كسبه لانه تعذر تعلقه برقبته لكونها لا تباع وبالموقوف عليه لانه لا يملكه فكان في كسبه كالحر، ويحتمل أن يكون في بيت المال كارش جناية الحر المعسر.
قال شيخنا: وهذا احتمال ضعيف فان الجناية انما تكون في بيت المال في صورة تحملها العاقلة عند عدمها وجناية العبد لا تحملها العاقلة، وإن كان الوقف على المساكين فينبغي أن يكون الارض في كسبه لانه ليس له مستحق معين يمكن ايجاب الارش عليه ولا يمكن تعلقه برقبته فتعين في كسبه، ويحتمل أن يكون في بيت المال، وإن جني جناية توجب القصاص وجب سواء كانت على الموقوف عليه أو على
غيره، فان قتل بطل الوقف فيه وإن قطع كان باقيه وقفا كما لو تلف بفعل الله تعالى (فصل) وإن جني على الوقف جناية موجبة للمال وجب لان ماليته لم تبطل ولو بطلت ماليته لم يبطل ارش الجناية عليه فان الحر يجب ارش الجناية عليه فان قتل وجبت قيمته وليس للموقوف عليه
العفو عنها لانه لا يختص بها ويشترى مثل المجني عليه يكون وقفا، وقال بعض الشافعية يختص الموقوف عليه بالقيمة إن قلنا انه يملك الموقوف لانها بدل ملكه ولنا انه ملك لا يختص به فلم يختص ببدله كالعبد المشترك والمرهون، وبيان عدم الاختصاص ظاهر فانه يتعلق به حق البطن الثاني فلم يجز إبطاله ولا نعلم قدر ما يستحق هذا منه فيعفو عنه فلم يصح العفو عن شئ منه كما لو أتلف رجل رهنا أخذت منه قيمته فجعلت رهنا ولم يصح عفو واحد منهما عنه، وإن كانت الجناية عمدا محضا من مكافئ له فالظاهر انه لا يجب القصاص لانه محل لا يختص الموقوف عليه فلم يجز أن يقتص من قاتله كالعبد المشترك، وقال بعض أصحاب الشافعي يكون ذلك إلى الامام فان قطعت يد العبد أو بعض أطرافه فله استيفاء القصاص لانه حق لا يشاركه فيه غيره، وان كان القطع لا يوجب القصاص أو يوجبه فعفا عنه وجب نصف قيمته، فان أمكن أن يشترى بها عبد كامل وإلا اشتري شقص من عبد * (مسألة) * (وإذا وقف على ثلاثة ثم على المساكين فمن مات منهم رجع نصيبه إلى الاخرين فإذا ماتا رجع إلى المساكين) لانه جعله لهم مشروطا بانقراض الثلاثة فوجب اتباع شرطه في ذلك
كسائر شروطه وكما لو وقف على ولده ثم على المساكين فانه لا يصرف إلى المساكين شئ من الوقف إلا بعد انقراض الولد كذا ههنا * (فصل) * قال رضي الله عنه (ويرجع إلى شرط الواقف في قسمه على الموقوف عليهم في التقديم والتأخير والجمع والترتيب والتسوية والتفضيل واخراج من شاء بصفة وادخاله بصفة وفي الناظر فيه والايقاف عليه وسائر أحواله لانه ثبت بوقفه فوجب أن يتبع فيه شرطه ولان ابتداء الوقف مفوض إليه فكذلك تفضيله وترتيبه، وكذلك إن شرط إخراج بعضهم بصفة ورده بصفة مثل أن يقول من تزوج منهم فله ومن فرق فلا شئ له أو عكس ذلك أو من حفظ القرآن فله ومن نسيه فلا شئ له، أو من اشتغل بالعلم فله ومن تركه فلا شئ له أو من كان على مذهب كذا فله ومن خرج منه فلا شئ له، وكذلك إن وقف علي أولاده على ان للانثى سهما وللذكر سهمين أو على حسب ميراثهم أو بالعكس أو على
ان للكبير ضعف ما للصغير أو للفقير ضعف ما للغني أو عكس ذلك أو عين بالتفضيل واحدا معينا أو ولده أو ما أشبه هذا فهو على ما قال لما ذكرنا فكل هذا صحيح وهو على ما شرط، وقد روى هشام بن عروة ان الزبير جعل دوره صدقة على بنيه لا تباع ولا توهب وان للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها فان استغنت بزوج فلا حق لها في الوقف وليس هذا تعليقا للوقف بصفة بل وقف مطلق والاستحقاق له بصفة وكل هذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافا
* (مسألة) * (فان لم يشرط ناظرا فالنظر للموقوف عليه وقيل للحاكم ينفق عليه من غلته) النظر في الموقف لمن شرطه الواقف لان عمر رضي الله عنه جعل وقفه إلى حفصة تليه ما عاشت ثم يليه ذو الرأي من أهلها، ولان مصرف الوقف يتبع فيه شرط الواقف فكذلك النظر فان جعل النظر لنفسه جاز وإن جعله إلى غيره صح، فان لم يجعله إلى أحد أو جعله لانسان فمات فالنظر للموقوف عليه لانه ملكه يختص بنفعه فكان نظره إليه كملكه المطلق، ويحتمل أن ينظر فيه الحاكم اختاره ابن أبي موسى قال شيخنا ويحتمل أن يكون ذلك مبنيا على ان الملك فيه هل ينتقل إلى الموقوف عليه أو إلى الله تعالى فان قلنا هو للموقوف عليه فالنظر له فيه لانه يملك عينه ونفعه، وإن قلنا هو لله تعالى فالحاكم يتولاه ويصرفه إلى مصارفه لانه مال الله فكان النظر فيه إلى حاكم المسلمين كالوقف على المساكين.
فأما الوقف على المساكين والمساجد ونحوها أو على من لا يمكن حصرهم واستيعابهم فالنظر فيه إلى الحاكم لانه ليس له مالك معين ينظر فيه وللحاكم أن يستنيب فيه لان الحاكم لا يمكنه تولى النظر بنفسه (فصل) ومتى كان النظر للموقوف عليه إما بجعل الواقف النظر له أو لكونه أحق بذلك عند عدم ناظر سواه أو كان واحدا مكلفا رشيدا فهو أحق بذلك رجلا كان أو امرأة عدلا أو فاسقا لانه ينظر لنفسه فكان له ذلك في هذه الاحوال كملكه المطلق ويحتمل أن يضم إلى الفاسق أمين حفظا لاصل الوقف عن البيع والتضييع، وان كان الوقف لجماعة رشيدين فالنظر للجميع لكل انسان في حصته
فان كان الموقوف عليه صغيرا أو مجنونا أو سفيها قام وليه في النظر مقامه كملكه المطلق، وان كان النظر
لغير الموقوف عليه بتولية الواقف أو الحاكم أو لبعض الموقوف عليهم لم يجز أن يكون إلا أمينا فان لم يكن أمينا لم تصح ولايته إن كانت من الحاكم وأزيلت يده، وإن ولاه الواقف وهو فاسق أو كان عدلا ففسق ضم إليه أمين لحفظ الوقف ولم تزل يده لانه أمكن الجمع بين الحقين، ويحتمل أن لا تصح تولية الفاسق وينعزل إذا فسق لانها ولاية على حق غيره فنافاها الفسق كما لو ولاه الحاكم وكما لو لم يكن حفظ الوقف منه مع بقاء ولايته فان يده تزال لان مراعاة حفظ الوقف أهم من ابقاء ولاية الفاسق عليه (فصل) ونفقة الوقف من حيث شرط الواقف لانه لما اتبع شرطه في مصرفه وجب اتباعه في نفقته فان لم يكن شرطه فمن غلته لان الوقف اقتضى تحبيس أصله وتسبيل نفعه ولا يحصل ذلك إلا بالانفاق عليه فهو من ضرورته، وكذك عمارة الوقف قياسا على نفقته فان تعطلت منافع الحيوان الموقوف فنفقته على الموقوف عليه لانه ملكه ويحتمل وجوبها في بيت المال ويجوز بيعه على ما نذكره * (مسألة) * (وان وقف على ولده ثم على المساكين فهو لولده الذكور والاناث والحبالى بالسوية) وكذلك إن قال وقفت على أولادي أو على ولد فلان لانه شرك بينهم وإطلاق التشريك يقتضي التسوية كما لو أقر لهم بشئ وكولد الام في الميراث حين شرك الله تعالى بينهم فيه فقال (فهم شركاء في الثلث) تساووا فيه ولم يفضل بعضهم على بعض وليس كذك في ميراث ولد الابوين وولد الاب
فان الله تعالى قال (فان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين) ولا نعلم في هذا خلافا * (مسألة) * (ولا يدخل فيه ولد البنات وهل يدخل فيه ولد البنين؟ على روايتين) اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في ذلك فروي عنه ما يدل عى انه يكون وفقا على أولاده وأولاد بنيه الذكور والاناث ما لم تكن قرينة تصرفه عن ذلك دون أولاد البنات.
قال المروذي: قلت لابي عبد الله ما تقول في رجل وقف ضيعة على ولده فمات الاولاد وتركوا النسوة حوامل؟ فقال كل ما كان من أولاد الذكور بنات كن أو بنين فالضيعة موقوفة عليهم وما كان من أولاد البنات فليس لهم فيه شئ لانهم من رجل آخر، ووجه ذلك ان الله تعالى لما قال (يوصيكم الله في أولادكم) دخل فيه ولد البنين وإن سفلوا، ولما قال (ولابويه لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد) تناول ولد البنين
فالمطلق من كلام الآدمي إذا خلا عن قرينه ينبغي أن يحمل على المطلق من كلام الله تعالى ويفسر بما يفسر به ولان ولد الولد ولد بدليل قوله تعالى (يا بني آدم، ويا بني اسرائيل) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " ارموا يا بني اسماعيل فان أباكم كان راميا " وقال " نحن بنو النضر بن كنانة " ولانه لو وقف على ولد فلان وهم قبيلة دخل فيه ولد البنين فكذلك إذا لم يكونوا قبيلة (والرواية الثانية) لا يدخل فيه ولد الولد بحال وسواء في ذلك ولد البنين وولد البنات اختاره القاضي وأصحابه لان الولد حقيقة وعرفا انما هو ولده لصلبه وانما سمي ولد الولد ولدا مجازا ولهذا يصح نفيه فيقال ما هذا ولدي
انما هو ولد ولدي.
فأما ولد البنات فلا يدخلون بغير خلاف لانهم لم يدخلوا في قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم) قال الشاعر: بنونا بنو أبنائنا وبناتنا * بنوهن أبناء الرجال الاباعد (فصل) فان قال على ولد ولدي لصلبي فهو آكد في اختصاصه بالولد دون ولد الولد، وإن قال على ولدي وولد ولدى ثم على المساكين دخل فيه البطن الاول والثاني ولم يدخل فيه البطن الثالث وإن قال على ولدي وولد ولدي ولد ولد ولدي دخل فيه ثلاثة بطون دون من بعدهم، وموضع الخلاف المطلق، فأما مع وجود دلالة تصرف إلى أحد المحملين فانه يصرف إليه بغير خلاف، مثل أن يقول على ولد فلان وهم قبيلة ليس فيهم ولد من صلبه أو قال ويفضل الولد الاكبر أو الافضل أو الاعلم على غيرهم أو قال فإذا خلت الارض من عقبي عاد إلى المساكين أو قال على ولد ولدي غير ولد البنات أو غير ولد فلان أو قال يفضل البطن الاعلى على الثاني أو قال الاعلى فالاعلى وأشباه ذلك فهذا يصرف لفظه إلى جميع نسله وعقبته، فان اقترنت به قرينة تقتضي تخصيص أولاده لصلبه بالوقف مثل أن يقول على ولدي لصلبي أو الذين يلونني ونحو هذا فانه يختص بالبطن الاول دون غيرهم، وإذا قلنا بتعميمهم اما بالقرينة واما لقولنا ان المطلق يقتضي التعميم ولم يكن في لفظه ما يقتضي تشريكا ولا ترتيبا احتمل ان يكون بين الجميع على التشريك لانهم دخلوا في اللفظ دخولا واحدا فوجب أن يشتركوا
فيه كما لو أقر لهم بدين، ويحتمل أن يكون على الترتيب على حسب الترتيب في الميراث، وهذا ظاهر كلام أحمد لقوله فيمن وقف على ولد علي بن اسماعيل ولم يقل ان مات ولد علي بن اسماعيل دفع إلى ولد ولده فمات ولد علي بن اسماعيل وترك ولدا فقال ان مات ولد علي بن اسماعيل: دفع إلى ولده أيضا لان هذا من ولد علي بن اسماعيل فجعله لولد من مات من ولد على بن اسماعيل عند موت أبيه وذلك لان ولد البنين لما دخلوا في قول الله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) لم يستحق ولد البنين شيئا مع وجود آبائهم واستحقوا عند فقدهم كذا ههنا فأما ان وصى لولد فلان وهم قبيلة فلا ترتيب ويستحق الاعلى والاسفل على كل حال (فصل) وان رتب فقال وقفت هذا على ولدي وولد ولدي ما تناسلوا وتعاقبوا الاعلى فالاعلى والاقرب فالاقرب أو الاول فالاول أو البطن الاول ثم البطن الثاني أو على أولادي ثم على أولاد أولادي أو على اولادي فإذا انقرضوا فعلى أولاد أولادي فعلى هذا الترتيب لا يستحق البطن الثاني شيئا حتي ينقرض البطن الاول كله ومتى بقي واحد من البطن الاول كان الجميع له لان الوقف ثبت بقوله فيتبع مقتضى كلامه وان قال على أولادي وأولادهم ما تعاقبوا وتناسلوا على أنه من مات منهم عن ولد كان ما كان جاريا عليه جاريا على ولده كان دليلا على الترتيب لانه لو اقتضى التشريك لا اقتضى
التسوية ولو جعلنا لولد الولد سهما مثل سهم أبيه ثم دفعنا إليه سهم أبيه صار له سهمان ولغيره سهم وهذا ينافي التسوية ولانه يفضي إلى تفضيل ولد الابن على الابن والظاهر من إرادة الواقف خلاف هذا فإذا ثبت الترتيب فانه يترتب بين كل والد وولده وإذا مات عن ولد انتقل إلى ولد سهمه سواء بقي من البطن الاول أحد أو لم يبق (فصل) وان رتب بعضهم دون بعض فقال وقفت على ولدي وولد ولدي ثم على أولادهم أو على أولادي ثم على أولاد أولادي وأولادهم ما تناسلوا وتعاقبوا أو قال على أولادي وأولاد أولادي ثم على أولادهم وأولاد اولادهم ما تناسلوا فهو على ما قال من شرك بينهم بالواو المقتضية للجمع والتشريك ويرتب من رتبه بحرف الترتيب ففي المسألة الاولى يشترك الولد وولد الولد فإذا انقرضوا صار لمن
بعدهم وفي الثانية يختص به الولد فإذا انقرضوا صار مشتركا بين من بعدهما وفي الثالثة يشترك فيه البطنان الاولان دون غيرهم فإذا انقرضوا اشترك فيه من بعدهم (فصل) فان قال وقفت على اولادي ثم على أولاد أولادي على أنه من مات من أولادي عن ولد فنصيبه لولده أو فنصيبه لاخوته أو لولد ولده أو لولد أخيه أو لاخواته أو لولد اخواته فهو على ما شرطه، وان قال: ومن مات منهم عن ولد فنصيبه لولده ومن مات منهم عن غير ولد فنصيبه لاهل الوقف وكان له ثلاثة بنين فمات أحدهم عن ابنين انتقل نصيبه اليهما ثم مات الثاني عن
غير ولد فنصيبه لاخيه وابني أخيه بالتسوية لانهم أهل الوقف فان مات أحد ابني الابن عن غير ولد انتقل نصيبه إلى أخيه وعمه لانهما أهل الوقف، ولو مات أحد البنين الثلاثة عن غير ولد وخلف اخويه وابني أخ له فنصيبه لاخويه دون ابني أخيه لانهما ليسا من أهل الوقف ما دام أبوهما حيا فادا مات أبوهما صار نصيبه لهما فإذا مات الثالث كان نصيبه لابني أخيه بالتسوية ان لم يخلف ولدا فان خلف ابنا واحدا فله نصيب أبيه وهو النصف ولابني عمه النصف بينهما نصفين، وان قال: من مات منهم عن غير ولد كان ما كان جاريا عليه جاريا على من هو في درجته وكان الوقف مرتبا بطنا بعد بطن كان نصيب الميت عن غير ولد لاهل البطن الذي هو منه وان كان مشتركا بين البطون كلها احتمل أن يكون نصيبه بين جميع أهل الوقف لانهم في استحقاق الوقف سواء فكانوا في درجته من هذه الجهة ولاننا لو صرفنا نصيبه إلى بعضهم أفضى إلى تفضيل بعضهم على بعض والتشريك يقتضي التسوية فعلى هذا يكون وجود هذا الشرط كعدمه لانه لو سكت عنه كان الحكم كذلك ويحتمل أن يعود نصيبه إلى سائر البطن الذي هو منه لانهم في درجته في القرب إلى الحد الذي يجمعهم ويستوي في ذلك اخوته وبنو عمه وبنو عم أبيه لانهم سواء في القرب ولاننا لو شركنا بين أهل الوقف كلهم في نصيبه لم يكن في هذا الشرط فائدة والظاهر أنه قصد سببا يفيد فعلى هذا إن لم يكن في درجته أحد بطل هذا الشرط وكان الحكم فيه كما لو لم يذكره وان كان الوقف على البطن الاول على أنه من مات منهم عن ولد انتقل نصيبه إلى ولده ومن مات عن غير ولد انتقل نصيبه إلى من في درجته ففيه ثلاثة اوجه:
(أحدهما) أن يكون نصيبه بين أهل الوقف كلهم يتساوون فيه سواء كانوا من بطن واحد أو من بطون وسواء تساوت انصباؤهم في الوقف أو اختلفت لما ذكرنا من قبل (والثاني) أن يكون لاهل بطنه سواء كانوا من أهل الوقف أو لم يكونوا مثل أن يكون البطن الاول ثلاثة فمات أحدهم عن ابن ثم مات الثاني عن ابنين فمات أحد الابنين وترك أخاه وابن عمه وعمه وابنا لعمه الحي فكيون نصيبه بين أخيه وابني عمه (والثالث) أن يكون لاهل بطنه من اهل الوقف فيكون على هذا لاخيه وابن عمه الذي مات أبوه، فان كان في درجته في النسب من ليس من أهل الاستحقاق بحال كرجل له أربعة بنين وقف على ثلاثة منهم على هذا الوجه المذكور وترك الرابع فمات أحد الثلاثة عن غير ولد لم يكن للرابع فيه شئ لانه ليس من أهل الاستحقاق فأشبه ابن عمهم (فصل) وإن وقف على بنيه وهم ثلاثة على ان من مات من فلان وفلان وأولادهم عن ولد فنصيبه لولده وإن مات فلان فنصيبه لاهل الوقف فهو على ما شرط، وكذلك إن كان بنون وبنات فقال: من مات من الذكور فنصيبه لولده، ومن مات من البنات فنصيبها لاهل الوقف فهو على ما قال، وإن قال على أولادي على أن يصرف إلى البنات منه ألف والباقي للبنين لم يستحق البنون شيئا حتى يستوفي البنات الالف لانه جعل للبنات مسمى وجعل للبنين الفاضل عنه والحكم فيه على ما قال لانه
جعل البنات كذوي الفروض وجعل البنين كالعصبات الذين لا يستحقون إلا ما فضل عن ذوي الفروض (فصل) فان كان له ثلاثة بنين فقال وقفت على ولدي فلان وفلان وعلى ولد ولدي كان الوقف على الابنين المسمين وعلى أولادهما وأولاد الثالث ولا شئ للثالث، وقال القاضي يدخل الثالث في الوقف وذكر أن أحمد قال في رجل قال: وقفت هذه الضيعة على ولدي فلان وفلان وعلى ولد ولدي وله ولد غير هؤلاء قال يشتركون في الوقف واحتج القاضي بأن قوله ولدي يستغرق الجنس فيعم الجميع وقوله فلان وفلان تأكيد لبعضهم ولا يوجب اخراج بقيتهم كالعطف في قوله (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال)
ولنا انه أبدل بعض الولد من اللفظ المتناول للجميع فاختض بالبعض المبدل كما لو قال على ولدي فلان وذلك لان بدل البعض يوجب اختصاص الحكم به كقول الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) لما خص المستطيع بالذكر اختص الوجوب به، ولو قال ضربت زيدا رأسه أو رأيت زيدا وجهه اختص الضرب بالرأس والرؤية بالوجه، ومنه قول القائل: طرحت الثياب بعضها فوق بعض، فان الفوقية تختص بالبعض مع عموم اللفظ الاول كذا ههنا وفارق العطف فان عطف الخاص على العام يقتضي تأكيده لا تخصيصه وكلام أحمد: هم شركاء يحتمل أن يعود إلى أولاد أولاده أي يشترك أولاد الموقوف عليهما وأولاد غيرهم لعموم لفظ الواقف فيهم ويتعين حمل كلامه عليه لقيام
الدليل عليه، ولو قال على ولدي فلان وفلان ثم على المساكين خرج فيه من الخلاف مثل ما ذكرنا قال شيخنا ويحتمل أن يدخل في الوقف ولد ولده لاننا قد ذكرنا من قبل ان ظاهر كلام أحمد أن قوله وقفت على ولد ولدي يتناول نسله وعاقبته كلها (فصل) ومن وقف على أولاده أو أولاد غيره وله حمل لم يستحق شيئا قبل انفصاله لانه لم تثبت له أحكام الدنيا قبل انفصاله، وقال أحمد في رواية جعفر بن محمد فيمن وقف نخلا على قوم ما توالدوا ثم ولد مولود: فان كانت النخل قد أبرت فليس له فيه شئ وهي للاول، وإن لم تكن قد أبرت فهو مفهم، وانما قال ذلك لانها قبل التأبير تتبع الاصل في البيع وهذا الموجود يستحق نصيبه من الاصل فتتبعه حصته من الثمرة كما لو اشترى ذلك النصيب من الاصل وبعد التأبير لا تتبع الاصل ويستحقها من كان له الاصل فكانت للاول لان الاصل كان كله له فاستحق ثمرته كما لو باع هذا النصيب منها ولم يستحق المولود منها شيئا كالمشتري وهكذا الحكم في سائر الثمر الظاهر على الشجر لا يستحق المولود منها شيئا ويستحق مما ظهر بعد ولادته، وان كان الوقف أرضا فيها زرع يستحقه البائع فهو للاول، وان كان مما يستحقه المشتري فللمولود حصته منه لان المولود يتجدد استحقاقه للاصل كتجدد ملك المشتري فيه * (مسألة) * (وان وقف على عقبه أو ولد ولده أو ذريته أو نسله دخل فيه ولد البنين بغير خلاف علمناه)
وأما ولد البنات فقال الخرقي لا يدخلون فيه وقد قال أحمد فيمن وقف على ولده: ما كان من ولد البنات فليس لهم فيه شئ فهذا النص يحتمل أن يعدى إلى هذه المسألة ويحتمل أن يكون مقصودا فيمن وقف على ولده ولم يذكر ولد ولده وممن قال لا يدخل ولد البنات في الوقف الذي على أولاده وأولاد أولاده مالك ومحمد بن الحسن، وكذلك إذا قال على ذريته ونسله وروي عن أحمد أنهم يدخلون في الوصية وذهب إليه بعض أصحابنا وهذا مثله وقال أبو بكر وابن حامد يدخل فيه ولد البنات وهو مذهب الشافعي وأبي يوسف لان البنات أولاده فأولادهن أولاد أولاده حقيقة فيجب أن يدخلوا في اللفظ لتناوله لهم بدليل قوله تعالى (ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان) إلى قوله (وعيسى) وهو ولد بنته فجعله من ذريته ولذلك ذكر الله تعالى قصة ابراهيم وعيسى وموسى واسماعيل وادريس ثم قال (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية ابراهيم واسرائيل) وعيسى معهم ولما قال الله تعالى (وحلائل أبنائكم) دخل في التحريم حلائل أبناء البنات وقال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن " ان ابني هذا سيد " ووجه الرواية الاولى أنهم لم يدخلوا في قول الله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم) ولانه لو وقف على ولد فلان وقد صاروا قبيلة دخل فيه ولد البنين دون ولد البنات وكذلك قبل أن يصيروا قبيلة لان ولد البنات منسوبون إلى آبائهم دون أمهاتهم قال الشاعر بنونا بنو أبنائنا وبناتنا * بنوهن أبناء الرجال الاباعد
وقولهم انهم أولاده أولاده حقيقة قلنا لانهم ينتسبون إلى الواقف عرفا وكذلك لو قال أولاد أولادي المنتسبين الي لم يدخلوا في الوقف ولان ولد الهاشمية من غير الهاشمي ليس بهاشمي ولا ينتسب إلى أبيها وأما عيسى عليه السلام فلم يكن له نسب ينسب إليه فنسب إلى الله وقول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن " ان ابني هذا سيد مجاز بالاتفاق " بدليل قول الله تعالى (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله) والقول بأنهم يدخلون يصح وأقوى دليلا لانهم أولاد أولاده حقيقة فأما قياسهم على ما إذا كانوا قبيلة فيفارق ما إذا وقف على ولد فلان وليسوا قبيلة لانه لو وقف على بني فلان وهم قبيلة دخل فيه البنات بخلاف ما إذا وقف على بني انسان حي أو ميت وليسوا قبيلة وقياسهم على
ما إذا قال وقفت على ولد ولدي المنتسبين إلي لا يصح لانهم خرجوا من الوقف لكونهم لا ينتسبون وباقي الادلة ضعيفة جدا * (مسألة) * (فان قال على ولد ولدي لصلبي أو المنتسبين إلي لم يدخل ولد البنات) والخلاف إنما هو إذا لم يوجد ما يدل على تعيين أحد الامرين فأما إن وجد ما يصرف اللفظ إلى أحدهما انصرف إليه فلو قال على أولادي وأولاد أولادي على أن لولد البنات سهما ولولد البنين سهمين أو قال فإذا خلت الارض ممن يرجع نسبه إلي من قبل أب أو أم كان للمساكين أو كان البطن الاول من أولاده الموقوف عليهم كلهم بنات ونحو هذا ما يدل على ارادة ولد البنات بالوقف دخلوا في الوقف وان قال على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين أو غير ذوي الارحام أو نحو ذلك لم يدخل
فيه ولد البنات وان قال على ولدي فلان وفلانة وفلانة وأولادهم دخل فيه ولد البنات وكذلك ان قال على أن من مات منهم عن ولد فنصيبه لولده وان قال الهاشمي وقفت على أولادي وأولاد أولادي الهاشمين لم يدخل في الوقف من أولاد بناته من كان غير هاشمي فأما من كان هاشميا من غير أولاد بنيه فهل يدخلون؟ على وجهين (أولهما) أنهم يدخلون لانه اجتمع فيهم الصفتان جميعا كونهم من أولاد أولاده وكونهم هاشميين (والثاني) لا يدخلون لانهم لم يدخلوا في مطلق أولاد أولاده فأشبه ما لو لم يقل الهاشمين وان قال على أولادي وأولاد أولادي ممن ينتسب إلى قبيلتي فكذلك (فصل) والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده على حسب قسمة الله تعالى الميراث بينهم للذكر مثل حظ الانثيين وقال القاضي المستحب التسوية بين الذكر والانثى لان القصد القربة على وجه الدوام وقد استووا في القرابة ولنا أنه إيصال للمال إليهم فينبغي أن يكون بينهم على حسب الميراث كالعطية ولان الذكر في مظنة الحاجة أكثر من الانثى لان كل واحد منهما في العادة يتزوج ويكون له الولد فالذكر تجب عليه نفقة امرأته وأولاده والمرأة ينفق عليها زوجها ولا تلزمها نفقة أولادها وقد فضل الله تعالى االذكر على الانثى في الميراث على وفق هذا المعنى فيصح تعليله به ويتعدى إلى الوقف والعطايا والصلات وما ذكره
القاضي لا أصل له وهو ملغي بالميراث والعطية وإن خالف فسوى بين الذكر والانثى أو فضلها عليه أو فضل بعض البنين أو بعض البنات على بعض أو خص بعضهم بالوقف دون بعض فقال احمد في رواية محمد بن الحكم ان كان على طريق الاثرة فأكرهه، وإن كان على أن بعضهم له عيال وبه حاجة يعني فلا بأس به.
ووجه ذلك أن الزبير خص المردودة من بناته دون المستغنية منهن بصدقته وعلى قياس قول احمد لو خص المشتغلين بالعلم من أولاده بوقفه تحريضا لهم على طلبه، أو ذا الدين دون الفساق أو المريض أو من له فضيلة من أجل فضيلته فلا بأس وقد دل على ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه نحل عائشة جذاذ عشرين وسقا دون بسائر ولده وحديث عمر أنه كتب (بسم الله الرحمن الرحيم) هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث ان ثمغا وصرمة بن الاكوع لعبد الذي فيه والمائة سهم التي بخيبر ورقيقه الذي فيه الذي أطعمه محمد صلى الله عليه وسلم بالواد تليه حفصة ما عاشت ثم يليه ذو الرأي من أهلها أن لا يباع ولا يشترى ينفقه حيث رأى من السائل والمحروم وذوي القربى لا حرج على من وليه إن أكل أو آكل أو اشترى رقيقا منه رواه أبو داود فيه دليل على تخصيص حفصة دون اخوتها وأخواتها * (مسألة) * (وان وقف على بنيه أو بني فلان فهو للذكور خاصة دون الاناثي والخناثي عند المجهور) وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وقال الحسن واسحق وأبو ثور هو للذكر والانثي جميعا لانه لو وقف على
بني فلان أو أوصى لهم وهم قبيلة دخل فيه الذكر والانثى وقال الثوري ان كانوا ذكورا وإناثا فهو بينهم وإن كن بنات لا ذكر معهن فلا شئ لهن لانه متى اجتمع الذكور والاناث غلب لفظ التذكير ودخل فيه الاناث كلفظ المسلمين ولنا أن لفظ البنين يختص الذكور قال الله تعالى (أصطفى البنات على البنين) وقال تعالى (أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين؟) وقال تعالى (زين الله للناس حب الشهوات من النساء والبنين) وقال تعالى (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) وقد أخبر أنهم لا يشتهون البنات فقال (ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم
ما يشتهون) وانما دخلوا في الاسم إذا صاروا قبيلة لان الاسم نقل فيهم عن الحقيقة إلى العرف ولهذا تقول المرأة انا من بني فلان إذا انتسبت إلى القبيلة ولا تقول ذلك إذا انتسبت إلى ابيها، فاما ان رقف على بناته أو وصى لهن دخل فيه البنات دون غيرهن ولا يدخل فيهن الخنثى المشكل لانه لا يعلم كونه انثى لا نعلم في ذلك خلافا * (مسألة) * الا ان يكونوا قبيلة فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهم أما إذا وقف على بنى فلان أو ولد فلان وهم قبيلة كبني هاشم وتميم فانه يدخل فيه الذكر والانثى والخنثي ويدخل ولد الرجل معه ولا يدخل فيه ولد بناتهم من غيرهم لان اسم القبيلة يشتمل ذكرها وانثاها قال الله تعالى (يا بني آدم - ولقد كرمنا بني آدم) يريد الجميع وروي ان جواري بني النجار ولمن نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار ويقال امرأة من بنى هاشم ولا يدخل ولد البنات فيهم لانهم لا ينتسبون إلى القبيلة.
* (مسألة) * (وان وقف على قرابته أو قرابة فلان فهو للذكر والانثى من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجاوز بني هاشم بسهم ذوي القربى) وجملة ذلك ان الرجل إذا وقف على قرابته أو قرابة فلان صرف الوقف إلى الذكر والانثى من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه ويستوي فيه الذكر والانثى ولا ينصرف إلى من هو أبعد منهم شئ لان الله تعالى لما قال (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى) يعني قربى النبي صلى الله عليه وسلم أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أولاده وأولاد عبد المطلب وأولاد هاشم ذكرهم وأنثاهم ولم يعط من هو أبعد منهم كبني عبد شمس وبني نوفل شيئا الا أنه أعطى بني المطلب بن عبد مناف وعلل عطيتهم بانهم لم يفارقوا بني هاشم في جاهلية ولا إسلام ولم يعط قرابة أمه وهم بنو زهرة شيئا ولم يعط منهم الا مسلما فحمل مطلق كلام الوقف على ما حمل عليه المطلق من كلام الله تعالى وفسر بما فسر به ويسوي بين قريبهم وبعيدهم وذكرهم وأنثاهم لان اللفظ يشملهم وبين الكبير والصغير والغني والفقير لذلك ولا يدخل فيه الكفار لانهم لم يدخلوا في المستحق من قربى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا اختيار الخرقي وقد نقل عبد الله وصالح عن أبيهما رواية أخرى أنه يصرف إلى قرابة أمه ان كان يصلهم في
حياته كاخوته من أمه وأخواله وخالاته، وان كان لا يصلهم في حياته لم يعطوا شيئا لان صلته إياهم في حياته قرينة دالة على ارادتهم بصلته هذه
وعنه رواية ثالثة أنه يجاوز بها أربعة آباء ذكرها ابن أبي موسى في الارشاد وهي تدل على أن لفطه لا يتقيد بالقيد الذي ذكرناه فعلى هذا يعطي كل من يعرف بقرابته من قبل أبيه وأمه الذين ينتسبون إلى الاب الادنى، وهذا مذهب الشافعي لانهم قرابة فيتناولهم الاسم ويدخلون في عمومه واعطاء النبي صلى الله عليه وسلم بعض قرابته تخصيصا لا يمنع من العمل بالعموم في غير هذا الموضع وقال أبو حنيفة قرابته كل ذي رحم محرم فيعطي من أدناهم اثنان فصاعدا فإذا كان له عم وخالان أعطى عمه النصف وخاليه النصف.
هكذا روي عنه فيما إذا أوصى لقرابته.
وقال قتادة: للاعمام الثلثان وللاخوال الثلث وهو قول الحسن، قال ويزاد الاقرب بعض الزيادة، وقال مالك يقسم على الاقرب فالاقرب بالاجتهاد ولنا أن هذا له عرف في الشرع وهو ما ذكرناه فيجب حمله عليه وتقديمه على العرف اللغوي كالوضوء والصلاة والصوم والحج ولا وجه لتخصيصه بذي الرحم المحرم فان اسم القرابة يقع على غيرهم عرفا وشرعا وقد يحرم على الرجل ربيبته وأمهات نسائه ولا قرابة لهم وتحل له ابنة عمه وخاله وهن من أقاربه وما ذكروه من التفضيل لا يقتضيه اللفظ ولا يدل عليه دليل فالمصير إليه تحكم.
فأما ان كان في لفظه ما يدل على ارادة قرابة أمه كقوله وتفضل قرابتي من جهة أبي على قرابتي من جهة أمي أو قوله إلا ابن خالتي فلانا أو نحو ذلك أو قرينة تخرج بعضهم عمل بما دلت عليه القرينة لانها تصرف اللفظ عن ظاهره إلى غيره
* (مسألة) * (وأهل بيته بمنزلة قرابته وقال الخرقى بعطى من قبل أبيه وأمه) المنصوص عن احمد رحمه الله ان أهل بيته بمنزلة قرابته فانه قال في رواية عبد الله إذا أوصى بثلث ماله لاهل بيته فهو بمثابة قوله لقرابتي، وحكاه ابن المنذر عن أحمد وقال أحمد قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تحل الصدقة لي ولاهل
بيتي " فجعل سهم ذوي القربى لهم عوضا عن الصدقة التي حرمت عليهم فكان ذوي القربى الذين سماهم الله تعالى هم اهل بيته الذين حرمت عليهم الصدقة وذكر حديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أذكركم الله في اهل بيتي " قال قلنا من أهل بيته نساؤه؟ قال لا أصله وعشيرته الذين حرمت عليهم الصدقة بعده آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قال القاضي قال ثعلب أهل البيت عند العرب آباء الرجل واولادهم كالاجداد والاعمام وأولادهم ويستوي فيه الذكور والاناث وذكر القاضي أن اولاد الرجل لا يدخلون في اسم القرابة والا أهل بيته وليس هذا بشئ فان ولد النبي صلى الله عليه وسلم من اهل بيته واقاربه الذين حرموا الصدقة وأعطوا من سهم ذي القربى وهم أقرب أقاربه فكيف لا يكونون من أقاربه؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة وولديها وزوجها " اللهم هؤلاء اهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " ولو وقف على أقارب رجل أو وصى لاقاربه دخل فيه وولده بغير خلاف علمناه والخرقي قد عدهم في القربة بقوله لا يجاوز به اربعة لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجاوز بني هاشم بسهم ذوي
القربى فجعل؟؟؟؟؟ الاب الرابع ولا يكون رابعا الا ان يعد النبي صلى الله عليه وسلم ابا لان هاشما انما هو رابع النبي صلى الله عليه وسلم ووجه قول الخرقى ان امه من اهل بيته فكذلك اقاربها من اولادها وابويها واخوتها واخواتها * (مسألة) * (وقومه ونسباؤه كقرابته لان قوم الرجل قبيلته وهم نسباؤه) قال الشاعر: فقلت لها أما رفيقي فقومه تميم * وأما أسرتي فيمان وقال أبو بكر هو بمثابة أهل بيته لان أهل بيته أقاربه وأقاربه قومه ونسباؤه وقال القاضي إذا قال لرحمي أو لارحامي أو لنسبائي أو لمناسبي صرف إلى قرابته من قبل أبيه وأمه ويتعدى ولد الاب الخامس فعلى هذا يصرف إلى كل من يرث بفرض أو تعصيب أو بالرحم في حال من الاحوال قال شيخنا وقول أبي بكر في المناسبين أولى من قول القاضي لان ذلك في العرف على من كان من العشيرة التي ينتسبان إليها وإذا كان كل واحد منهما ينتسب إلى قبيلة غير قبيلة صاحبه
فليس بمناسب له.
(فصل) وآله مثل قرابته فان في بعض الفاظ حديث زيد بن أرقم من آل رسول صلى الله عليه وسلم؟ قال أصله وعشيرته الذين حرموا الصدقة بعده آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل والاصل في آل أهل فقلبت الهاء همزة كما قالو هرقت الماء وارقته ومدت لئلا يحتمع همزتان
* (مسألة) * (والعترة هم العشيرة الادنون في عرف الناس وولده الذكور والاناث وإن سفلوا فسره ابن قتيبة وقد توقف أحمد في ذلك وقال ثعلب وابن الاعرابي العترة الاولاد وأولاد الاولاد ولم يدخلا في ذلك العشيرة والاول أصح وأشهر في عرف الناس ووجه الاول قول أبي بكر رضي الله عنه في محفل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيضته التي تفقأت عنه فلم ينكره أحد وهم أهل اللسان فلا يعول على ما خالفه * (مسألة) * (وذوو رحمه كل قرابة له من جهة الآباء والامهات) قال القاضي ينصرف إلى قرابته من جهة أبيه وأمه ويتعدى ولد الاب الخامس وقد ذكرنا ذلك في مسألة القوم والنسباء * (مسألة) * (والايامى والعزاب من لا زوج له من الرجال والنساء) ذكره أصحابنا قال شيخنا ويحتمل أن يختص اسم الايامى النساء اللاتي لا أزواج لمن قال الله تعالى (وأنكحوا الايامى منكم) وفي الحديث " أعوذ بالله من بوار الايم " ووجه الاول ما روى سعيد بن المسيب أنه قال: آمت حفصة بنت عمر من زوجها وآم عثمان من رقية قال الشاعر: فان تنكحي انكح وان تتأيمي * وان كنت أفتى منك أنايم وقول شيخنا أولى لان العرف يختص النساء بهذا الاسم والحكم للاسم العرفي ولان قول النبي
صلى الله عليه وسلم " أعوذ بالله من بوار الايم " انما أراد به النساء وأما العزاب فهم الذين لا أزواج لهم من الرجال
والنساء يقال رجل عزب وامرأة عزبة قاله ثعلب وانما سمي عزبا لانفراده ويحتمل أن يختص الايامى بالنساء والعزاب بالرجال ولذلك يقال امرأة أيم بغير هاء ولا يقال أيمة ولو كان الرجل مشاركا لها لقيل أيم وأيمة مثل قائم وقائمة ولان العرف ان العزب يختص بالرجل * (مسألة) * (فأما الارامل فهن النساء اللاتي فارقهن ازواجهن بموت أو غيره قال أحمد في رواية حرب وقد سئل عن رجل وصى لارامل بني فلان فقال قد اختلف الناس فيها فقال قوم للرجال والنساء والذي يعرف من كلام الناس أن الارامل النساء وقال الشعبي واسحق هو للرجال والنساء وانشد هذي الارامل قد قضيت حاجتها * فمن لحاجة هذا الارمل الذكر؟ وقال آخر أحب أن اصطاد ضبا سحبلا * رعى الربيع والشتاء أرملا ووجه الاول أن المعروف من كلام الناس أنه للنساء فلا يحمل اللفظ الا عليه ولان الارامل جمع أرملة فلا يكون جمعا للذكر لان ما يختلف لفظ الذكر والانثى في واحده يختلف في جمعه وقد أنكر ابن الانباري على قائل القول الاول وخطأه فيه والشعر الذي احتج به حجة عليه فانه لو كان لفظ
الارامل يشمل الذكر والانثى لقال حاجتهم إذ لا خلاف بين أهل اللسان في أن اللفظ متى كان للذكر والانثى ثم رد عليه ضمير غلب فيه لفظ التذكير وضميره فلما رد الضمير على الاناث علم أنه موضع لهن على الانفراد وسمي نفسه أرملا تجوزا وتشبيها بهن ولذلك وصف نفسه بانه ذكر وكذلك الشعر الآخر ويدل على ارادة المجاز أن اللفظ عند اطلاقه لا يفهم منه الا النساء ولا يسمى به في العرف غيرهن وهذا دليل على أنه لم يوضع لغيرهن، ثم لو ثبت أنه في الحقيقة للنساء والرجال لكن أهل العرف قد خصوا به النساء وتركت الحقيقة حتى صارت مهجورة لا تفهم من لفظ المتكلم ولا يتعلق بها حكم كسائر الالفاظ العرفية (فصل) وان وقف على اخواته فهو للاناث خاصة وان وقف على اخوته دخل فيه الذكر والانثى جميعا لان الله تعالى قال (وان كانوا اخوة رجالا ونساء) وقال (فان كان له اخوة فلامه السدس) واجمع العلماء على حجبها بالذكر والانثى وان قال لعمومته فالظاهر أنه مثل الاخوة لا يشمل الذكر
والانثى لانهم اخوة أبيه وان قال لبني اخوته أو لبنى عمه فهو للذكور دون الاناث إذا لم يكونوا قبيلة والفرق بينهما أن الاخوة والعمومة ليس لهما لفظ موضوع يشمل الذكر والانثى سوى هذا اللفظ وبنو الاخوة والعم لهم لفظ يشمل الجميع وهو لفظ الاولاد فإذا عدل عن اللفظ العام إلى لفظ البنين دل على ارادة الذكور ولان لفظ العمومة اشبه بلفظ الاخوة ولفظ بني الاخوة والعم يشبه بني فلان وقد دللنا عليهما والحكم في تناول اللفظ للبعيد من العمومة وبني العم والاخوة حكم ما ذكرنا في ولد الولد مع القرينة وعدمها في المسائل المتقدمة
* (مسألة) * (وان وقف على أهل قريته أو قرابته لم يدخل فيهم من يخالف دينه وفيه وجه آخر أن المسلم يدخل فيه وان كان الواقف كافرا) وجملة ذلك أن الانسان إذا وقف على اهل قريته أو قرابته أو اتى بلفظ عام يدحل فيه المسلمون والكفار والواقف مسلم فهو للمسلمين خاصة ولا شي للكفار وقال الشافعي يدخل فيه الكفار، لان اللفظ يتناولهم بعمومه ولنا أن الله تعالى قال (يوصيكم الله في أولادكم) فلم يدخل فيه الكفار إذا كان الميت مسلما وإذا لم يدخلوا في لفظ القرآن مع عمومه لم يدخلوا في لفظ الواقف ولان ظاهر حاله لا يريد الكفار لما بينه وبينهم من عداوة الدين وعدم الوصلة المانع من الميراث ووجوب النفقة ولذلك خرجوا من عموم اللفظ في الاولاد والاخوة والازواج وسائر الالفاظ العامة في الميراث فكذا ههنا، فان صرح بهم دخلوا لان إخراجهم بترك به صريح انقال وهو أقوى من قرينة الحال، وان وقف عليهم وأهل القرية كلهم كفار أو وقف على قرابته وكلهم كفار دخلوا لانه لا يمكن تخصيصهم إذ في اخراجهم رفع اللفظ بالكلية، فان كان فيها مسلم واحد والباقي كفار دخلوا أيضا لان اخراجهم ههنا بالتخصيص بعيد وفيه مخالفة الظاهر من وجهين (أحدهما) مخالفة لفظ العموم (والثاني) حمل اللفظ الدال على الجمع على المفرد، وإن كان الاكثر كفارا فهو للمسين في ظاهر كلام الخرقي لانه أمكن حمل اللفظ عليهم وصرفه إليهم والتخصيص يصح وإن كان باخراج الاكثر ويحتمل أن يدخل الكفار في الوصية لان التخصيص في مثل هذا بعيد فان تخصيص الصورة النادرة قريب وتخصيص الاكثر بعيد يحتاج إلى دليل قوي
والحكم في سائر الفاظ العموم كالاخوة والاعمام وبني عمه واليتامى والمساكين كالحكم في أهل قريته فاما إن كان الواقف كافرا فانه يتناول أهل دينه لان لفظه يتناولهم والقرينة تدل على ارادتهم فأشبه وقف المسلم يتناول أهل دينه، وهل يدخل فيه المسلمون؟ ينظر فان وجدت قرينة دالة على دخولهم مثل أن لا يكون في القرية الا مسلمون دخلوا وكذلك ان لم يكن فيها الا كافر واحد وباقي أهلها مسلمون وان انتفت القرائن ففي دخولهم وجهان (أحدهما) لا يدخلون كما لو لم يدخل الكفار في وقف المسلم (والثاني) يدخلون لان عموم اللفظ يتناولهم وهم أحق بوصيته من غيرهم فلا يصرف اللفظ عن مقتضاه ومن هو أحق بحكمه إلى غيره، فان كان في القرية كافر من غير أهل دين الواقف لم يدخل لان قرينة، الحال تخرجه ولم يوجد فيه ما وجد في المسلم من الاولى فبقي خارجا بحاله ويحتمل أن لا يخرج بناء على توريث.
الكفار بعضهم من بعض مع اختلاف دينهم * (مسألة) * (وان وقف على مواليه وله موال من فوق وموال من أسفل تناول جميعهم، وقال ابن حامد يختص الموالي من فوق) إذا وقف على مواليه وله موال من فوق حسب وهم معتقوه اختص الوقف بهم لان الاسم يتناولهم وقد تعينوا بوجودهم دون غيرهم، وان لم يكن له الاموال من أسفل فهو لهم لذلك وان
اجتمعوا فهو لهم جميعا يستوون فيه لان الاسم يشملهم جميعا، وقال اصحاب الرأي الوصية باطلة لانها لغير معين وقال أبو ثور يقرع بينهما لان احدهما ليس باولى من الآخر وقال ابن القاسم هو للموالي من اسفل، ولاصحاب الشافعي أربعة اوجه كقولنا وكقول أصحاب الرأي (والثالث) هو للموالي من فوق لانهم اقوى لكونهم عصبته ويرثونه بخلاف عتقائه وهو قول ابن حامد (والرابع) يقف الامر حتى يصطلحوا ولنا ان الاسم يتناول الجميع فدخلوا فيه كما لو وقف على اخوته وقولهم انها لغير معين غير صحيح فان التعميم يحصل مع التعين ولذلك لو حلف لا كلمت مولاي حنث بكلام أيهم كان وقولهم ان المولى من فوق اقوى قلنا مع شمول الاسم لهم يدخل فيه الاقوى والاضعف كاخوته ولا يدخل فيه ولد العم
ولا المساكين ولا الحليف ولا غير من ذكرنا لان الاسم ان تناولهم حقيقة لم يتناولهم عرفا والاسماء العرفية تقدم على الحقيقة ولا يستحق مولى الله مع وجود مواليه وقال زفر يستحق ولنا ان مولى الله ليس بمولى له حقيقة إذا كان له مولى سواه فان لم يكن له مولى فقال الشريف ابو جعفر إذا وصى لمواليه وليس له مولى فهو لمولى الله وقال أبو يوسف ومحمد لا شئ له لانه ليس بمولى، واحتج الشريف بان الاسم يتناولهم مجازا فإذا تعذرت الحقيقة وجب صرف الاسم إلى المجاز والعمل به تصحيحا لكلام المكلف عند إمكان تصحيحه ولان الظاهر ارادته المجاز لكونه محملا صحيحا وإرادة الصحيح أغلب من إرادة الفاسد فان كان له موالى أب حين الوقف ثم انقرض مواليه
لم يكن الموالى الاب على مقتضى ما ذكرناه لان الاسم يتناول غيرهم فلا يعود إليهم إلا بعقد ولم يوجد ولا يشبه هذا قوله أوصيت لاقرب الناس إلي وله ابن وابن ابن فمات الابن حيث يستحق ابن الابن وان كان لا يستحق في حياة الابن شيئا لان الوصية ههنا الموصوف وجدت الصفة في ابن الابن كوجودها في الابن حقيقة، وفي المولى يقع الاسم على مولى نفسه حقيقة وعلى مولى الله مجازا فمع وجودهما جميعا لا يحمل اللفظ إلا على الحقيقة وهذه الصفة لا توجد في مولى الله * (مسألة) * (وان وقف على جماعة يمكن حصرهم واستيعابهم وجب تعميمهم والتسوية بينهم) لان اللفظ يقتضي ذلك، وقد أمكن الوفاء به فوجب العمل بمقضاه كقوله سبحانه (فهم شركاء في الثلث) فانه يجب تعميم الاخوة من الام والتسوية بينهم، ولان اللفظ يقتضي التسوية أشبه ما لو أقر لهم * (مسألة) * (فان لم يمكن حصرهم كالمساكين والقبيلة الكثيرة كبني هاشم وبني تميم صح الوقف عليهم) وكذلك يصح الوقف على المسلمين كلهم وعلى أهل اقليم ومدينة كالشام ودمشق، ويجوز للرجل أن يقف على عشريته وأهل مدينته، وقال الشافعي في أحد قوليه لا يصح الوقف على من لا يمكن استيعابهم وحصرهم في غير المساكين ونحوهم لانه تصرف في حق الآدمي فلم يصح مع الجهالة كما لو قال وقفت على قوم ولنا أن من صح الوقف عليهم إذا كانوا محصورين صح، وان لم يحصوا كالفقراء وقياسهم
يبطل بالوقف على المساكين
(فصل) ولا يجب تعميمهم إجماعا لانه غير ممكن ويجوز تفضيل بعضهم على بعض لان من جاز حرمانه جاز تفضيل غيره عليه ويجوز الاقتصار على واحد منهم ويحتمل أن لا يجرئه أقل من ثلاثة وهو مذهب الشافعي ووجه القول قد ذكر في الزكاة والاول ظاهر المذهب (فصل) فان كان الوقف في ابتدائه على من يمكن استيعابه فصار مما لا يمكن استيعابه كرجل وقف على ولده وولد ولده وعقبه ونسله فصاروا قبيلة كثيرة تخرج عن الحصر مثل وقف علي رضي الله عنه على ولده ونسله فانه يجب تعمم من أمكن منهم والتسوية بينهم لان التعميم كان واجبا وكذلك التسوية فإذا تعذر وجب منه ما أمكن كالواجب الذي يعجز عن بعضه، ولان الواقف ههنا أراد التعميم والتسوية لامكانه وصلاح لفظه لذلك فيجب العمل بما أمكن بخلاف ما إذا كانوا حال الوقف ممن لا يمكن ذلك فيهم * (مسألة) * (ولا يعطى كل واحد أكثر من القدر الذي يعطى من الزكاة يعني إذا كان الوقف على صنف من أصناف الزكاة) وجملة ذلك أن من وقف على سبيل الله أو ابن السبيل أو الرقاب أو الغارمين - فهم الذين يستحقون السهم من الصدقات - لا يدخل معهم غيرهم لان المطلق من كلام الآدميين يحمل على المعهود
في الشرع فينظر من كان يستحق السهم من الصدقات فالوقف مصروف إليه وقد مضى شرح ذلك في الزكاة فان وقف على الاصناف الثمانية الذين يأخذون الصدقات صرف إليهم ويعطى كل واحد منهم من الوقف مثل القدر الذي يعطى من الزكاة لا يزاد عليه وقد ذكرنا ذلك، وقد اختلف في العقد الذي يحصل به الغنى فقال احمد في رواية علي بن سعيد في الرجل يعطى من الوقف خمسين درهما فقال إن كان الواقف ذكر في كتابة المساكين فهو مثل الزكاة وإن كان متطوعا أعطى من شاء وكيف شاء فقد نص على الحاقه بالزكاة فيكون الخلاف فيه كالخلاف في الزكاة، واختار أبو الخطاب وابن عقيل زيادة
المسكين على خمسين درهما لان لفظ أحمد لا تقييد فيه.
قال أبو الخطاب وفي المسألة وجهان وجههما ما سبق (فصل) فان وقف على الاصناف كلها أو على صنفين أو أكثر فهل يجوز الاقتصار على صنف واحد أو يجب إعطاء بعض كل صنف؟ فيه وجهان بناء على الزكاة * (مسألة) * (والوصية كالوقف في هذا التفصيل لان مبناها على لفظ الموصي أشبهت الوقف) (فصل) والوقف عقد لازم لا يجوز فسخه باقالة ولا غيرها ويلزم بمجرد القول لانه تبرع يمنع البيع والهبة والميراث فلزم بمجرده كالعتق وعنه لا يلزم إلا بالقبض وإخراج الوقف عن يده اختاره ابن أبي موسى كالهبة والصحيح الاول وقد ذكرناه، وذهب أبو حنيفة إلى أن الوقف لا يلزم بمجرده وللواقف الرجوع فيه إلا أن يوصي به بعد موته فيلزم أو يحكم بلزومه حاكم وحكاه بعضهم عن علي
وابن مسعود وابن عباس وخالف أبا حنيفة صاحباه فقالا كقول سائر أهل العلم واحتج بعضهم بما روي أن عبد الله بن زيد صاحب الاذان جعل حائطه صدقة وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبواه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا يا رسول الله لم يكن لنا عيش إلا هذا الحائط فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ماتا فورثهما رواه المحاملي في أماليه ولانه إخراج ماله على وجه القربة من ملكه فلا يلزم بمجرد القول كالصدقة، قلنا هذا القول يخالف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة رضي الله عنهم فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر في وقفه " لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث " قال الترمذي العمل على هذا الحديث عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، لا نعلم بين المتقدمين منهم في ذلك اختلافا، قال الحميدي تصدق أبو بكر بداره على ولده وعمر بزيعه عند المروة على ولده وعثمان برومة وتصدق علي بأرضه بينبع وتصدق الزبير بداره بمكة وداره بمصر وأمواله بالمدينة على ولده وتصدق سعد بداره بالمدينة وداره بمصر على ولده، وعمرو بن العاص بالوهط وداره بمكة على ولده وحكيم ابن حزام بدره بمكة والمدينة على ولده فذلك كله إلى اليوم، وقال جابر لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له مقدرة إلا وقف وهذا اجماع منهم فان الذي قدر على الوقف منهم وقف واشتهر ذلك فلم ينكره أحد فكان ذلك اجماعا ولانه ازالة ملك يلزم بالوصية فإذا نجزه في حال الحياة لزم من غير
حكم كالعتق، وحديث عبد الله بن زيد ان ثبت فليس فيه ذكر الوقف، والظاهر أنه جعله صدقة غير
موقوف استناب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى والديه أحق الناس بصرفها اليهما ولهذا لم يردها إليه انما دفعها اليهما ويحتمل أن الحائط كان لهما وكان هو يتصرف فيه بحكم النيابة عنهما فتصرف بهذا التصرف بغير اذنها فلم ينفذاه وأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فرده اليهما والقياس على الصدقة لا يصح لانها تلزم في الحياة بغير حكم حاكم وانما يفتقر إلى القبض والوقف لا يفتقر إليه فافترقا * (مسألة) * (ولا يجوز بيعه الا أن تتعطل منافعه فيباع ويصرف ثمنه في مثله وكذلك الفرس الحبيس إذا لم يصلح للغزو بيع واشتري بثمنه ما يصلح للجهاد وكذلك المسجد إذا لم ينتفع به في موضعه وعنه لا تباع المساجد لكن تنقل آلتها إلى مسجد آخر) وجملة ذلك أنه لا يجوز بيع الوقف ولا هبته لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر " غير أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث " فان تعطلت منافعه بالكلية كدار انهدمت أو أرض خربت وعادت مواتا لا يمكن عمارتها أو مسجد انتقل أهل القرية عنه وصار في موضع لا يصلى فيه أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه فان أمكن بيع بعضه ليعمر به بقيته جاز بيع البعض وان لم يمكن الانتفاع بشئ منه بيع جميعه قال أحمد في رواية أبي داود إذا كان في المسجد خشبتان لهما قيمة جاز بيعهما وصرف ثمنهما عليه وقال في رواية صالح يحول المسجد خوفا من اللصوص وإذا كان موضعه قذرا قال القاضي يعني إذا كان ذلك يمنع الصلاة فيه ونص على جواز بيع عرصته في رواية عبد الله وتكون الشهادة في ذلك على الامام.
قال أبو بكر وقد روى على بن سعيد أن المساجد لا تباع وانما تنقل آلتها قال وبالقول الاول أقول لاجماعهم على بيع الفرس الحبيس يعني الموقوفة على الغزو إذا كبرت فلم تصلح للغزو وأمكن الانتفاع بها في شئ آخر مثل أن تدور في الرحا أو يحمل عليها تراب أو تكون الرغبة في نتاجها أو حصانا يتخذ للطراق فانه يجوز بيعها ويشتري بثمنها ما يصلح للغزو نص عليه أحمد وقال محمد بن الحسن إذا خرب المسجد
والوقف عاد إلى ملك واقفه لان الوقف انما هو تسبيل المنفعة فإذا زالت منفعته زال حق الموقوف
عليه منه فزال ملكه عنه وقال مالك والشافعي لا يجوز بيع شئ من ذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث " ولان ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه لا يجوز مع تعطلها كالمعتق والمسجد أشبه الاشياء بالمعتق ولنا ما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد لما بلغه أنه قد نقب بيت المال الذي بالكوفة أن انقل المسجد الذي بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد فانه لن يزال في المسجد مصل وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان اجماعا ولان فيما ذكرناه استبقاء للوقف بمعناه عند تعذر ابقائه بصورته فوجب ذلك كما لو استولد الجارية الموقوفة أو قبلها أو قبلها غيره قال ابن عقيل الوقف مؤبد فإذا لم يمكن تأبيده على وجه تخصيصه استبقينا الغرض وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى وايصال الابدال جرى مجرى الاعيان وجمودنا على العين مع تعطلها تضييع للغرض ويقرب هذا من الهدي إذا عطب فانه يذبح في الحال وان كان يختص بالموضع، فلما تعذر تحصيل الغرض بالكلية استوفي منه ما أمكن وترك مراعاة المحل الخاص عند تعذره لان مراعاته مع تعذره تفضي إلى فوات الانتفاع به بالكلية وهكذا الوقف المعطل المنافع.
ولنا على محمد بن الحسن انه إزالة ملك على وجه القربة فلا يعود إلى مالكه باخنلاله وذهاب منافعه كالعتق * (مسألة) * (ويجوز بيع بعض آلته وصرفها في عمارته) كما يجوز بيع الفرس الحبيس عند تعذر الانتفاع به وصرف ثمنه فيما يقوم مقامه ولانه إذا جاز بيع الجميع عند الحاجة إلى بيعه فبيع بعضه مع بقاء البعض أولى.
(فصل) وإذا بيع الوقف فأي شئ اشترى بثمنه مما يرد على أهل الوقف جاز، وإن كان من غير جنسه في ظاهر كلام الخرقي لكن تكون المنفعة مصروفة إلى المصلحة التي كانت الاولى تصرف
فيها لانه لا يجوز تغيير المصرف مع امكان المحافظة عليه كما لا يجوز تغيير الوقف بالبيع مع إمكان الانتفاع به (فصل) فان لم يكف ثمن الفرس الحبيس لشراء فرس أخرى أعين به في شراء حبيس يكون بعض الثمن نص عليه أحمد لان المقصود استيفاء منفعة الوقف الممكن استيفاؤها وصيانتها عن الضياع
ولا سبيل إلى ذلك إلا بهذه الطريق (فصل) فان لم تتعطل منفعة الوقف بالكلية لكن قلت وكان غيره أنفع منه وأكثر ردا على أهل الوقف لم يجز بيعه لان الاصل تحريم البيع وانما أبيح للضرورة صيانة لمقصود الوقف عن الضياع مع إمكان تحصيله ومع الانتفاع ما يضيع المقصود وإن قل اللهم إلا أن يبلغ في قلة النفع إلى حد لا يعد نفعا فيكون وجوده كالعدم (فصل) قال أحمد في رواية أبي داود في مسجد أراد أهله رفعه من الارض ويجعل تحته سقاية وحوانيت فامتنع بعضهم من ذلك ينظر الي قول أكثرهم واختلف أصحابنا في تأويل كلام أحمد فذهب ابن حامد إلى ان هذا مسجد أراد أهله انشاءه ابتداءا واختلفوا كيف يعمل، وسماه مسجدا قبل بنائه تجوزا لان مآله إليه، أما بعد بنائه لا يجوز جعله سقاية ولا حوانيت وذهب القاضي إلى ظاهر اللفظ وهو انه كان مسجدا فأراد أهله رفعه وجعل ما تحته سقاية لحاجتهم إلى ذلك والاول أصح وأولى، وان خالف الظاهر فان المسجد لا يجوز نقله وإبداله وبيع ساحته وجعلها سقاية وحوانيت إلا عند تعذر الانتفاع به والحاجة إلى سقاية وحوانيت لا تعطل نفع المسجد فلا يجوز صرفه في ذلك ولو جاز جعل أسفل المسجد سقاية وحوانيت لهذه الحاجة لجاز تخريب المسجد وجعله سقاية وحوانيت ويجعل بدله مسجدا في موضع آخر، وقال أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه في مسجد ليس بحصين من الكلاب وله منارة فرخص في نقضها وبناء حائط المسجد بها للمصلحة * (مسألة) * (وما فضل من حصره وزيته عن حاجته جاز صرفه إلى مسجد آخر والصدقة به على فقراء المسلمين) وكذلك إن فضل من قصبه أو شئ من نقضه، قال أحمد في مسجد يبنى فيبقى من خشبه أو قصبه أو شئ من نقضه قال يعان به في مسجد آخر أو كما قال، وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن بواري المسجد إذا فضل منه الشئ أو الخشبة قال يتصدق به، وأرى أنه قد احتج بكسوة البيت إذا تخرقت
تصدق بها، وقال في موضع آخر قد كان شيبة يتصدق بخلقان الكعبة.
وروى الخلال باسناده عن علقمة عن أمه ان شيبة بن عثمان الحجبي جاء إلى عائشة رضي الله عنها فقال يا أم المؤمنين ان ثياب الكعبة تكثر عليها فننزعها فنحفر لها آبارا فندفنها فيها حتى لا تلبسها الحائض والجنب قالت عائشة بئس ما ضعت ولم تصب ان ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين.
فقال فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فتباع فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة، وهذه قضية مثلها ينتشر ولم تنكر فتكون إجماعا ولانه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع * (مسألة) * (ولا يجوز غرس شجرة في المسجد) نص عليه أحمد فقال إن كانت غرست النخلة بعد أن صار مسجدا فهذه غرست بغير حق فلا أحب الاكل منها، ولو قلعها الامام لجاز، وذلك لان المسجد لم يبن لهذا انما بنى لذكر الله والصلاة وقواءة القرآن ولان الشجرة تؤذي المسجد وتمنع المصلين من الصلاة في موضعها ويسقط ورقها في المسجد وثمرها ويسقط عليها الطير وتبول في المسجد وربما اجتمع الصبيان في المسجد من أجلها ورموها بالحجارة ليسقط ثمرها * (مسألة) * (فان كانت مغروسة جاز الاكل منها) يعني إذا كانت الشجرة في أرض فجعلها صاحبها مسجدا والشجرة فيها فلا بأس، قال أحمد في موضع لا بأس يعني أن يبيعها من الجيران، وقال في رواية أبي طالب في النفقة لا تباع وتجعل للمسلمين وأهل الدرب يأكلونها وذلك والله أعلم، لان صاحب الارض لما جعلها مسجدا والشجرة فيها فقد وقف الارض والشجرة معا ولم يعين مصرفها فصارت كالوقف المطلق الذي لم يعين له مصرف.
وقد ذكرنا انه للمساكين في بعض الروايات.
فأما إن قال صاحبها هذه وقف على المسجد فينبغي أن تباع ثمرتها وتصرف إليه كما لو وقفها على المسجد وهي في غيره.
وقال أبو الخطاب عندي ان السجد إذا احتاج إلى ثمن ثمرة الشجرة بيعت وصرفت في عمارته، وقال أحمد يأكلها الجيران محمول على انهم يعمرونه فان استعنى المسجد عنها فلا بأس بالاكل منها والله سبحانه وتعالى أعلم
باب الهبة والعطية وهي تمليك في الحياة بغير عوض، الهبة والعطية والهبة والصدقا معانيهما متقاربة وهي تمليك في الحياة بغير عوض، واسم الهبة والعطية شامل لجميعها، فأما الصدقة والهدية فهما متتغايران وإن دخلا في مسمى الهبة والعطية فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وقال في اللحم الذي تصدق به على بربرة " هو عليها صدقة ولنا هدية " فالظاهر ان من أعطى شيئا ينوي به التقرب إلى الله تعالى للمحتاج فهو صدقة، ومن دفع إلى انسان شيئا للتقرب إليه والمحبة له فهو هدية وجميع ذلك مندوب إليه فان النبي صلى الله عليه وسلم قال " تهادوا تحابوا " وأما الصدقة فما ورد في فضلها كثير، وقد قال الله تعالى (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتؤها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيأتكم *
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: