الفقه الحنبلي - النكاح
(مسألة) (ولا يلي مسلم نكاح كافرة الا سيد الامة وولي سيدها أو السلطان لقول الله تعالى (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) ولان مختلفي الدين لا يرث أحدهما الآخر
ولا يعقل عنه فلم يل عليه كما لو كان أحدهما رقيقا فأما سيد الامة الكافرة فله تزويجها الكافر لكونها لا تحل للمسلمين وكذلك سيد الامة الكافرة يلي تزويجها لكافر لانها ولاية بالملك فلم يمنعها كون سيد الامة الكافرة مسلما كسائر الولايات ولان هذه تحتاج إلى التزويج ولا ولي لها غير سيدها.
فأما السلطان فله الولاية على من لاولي لها من أهل الذمة لان ولايته عامة على أهل دار الاسلام وهذه من أهل الدار فثبتت له الولاية عليها كالمسلمة وتثبت الولاية للكافر على أهل دينه على حسب ما ذكرنا في المسلمين وتعتبر فهم الشروط المعتبرة في المسلمين (مسألة) (ويلي الذمي نكاح موليته الذمية من الذمي لقوله تعالى (والذين كفروا بعضهم
أولياء بعض (وهل يليه من مسلم؟ على وجهين) (أحدهما) يليه ذكره أبو الخطاب وهو قول أبي حنيفة لانه وليها فصح تزويجه لها كما لو زوجها كافرا ولانها امرأة لها ولي مناسب فلم يجز أن يليها غيره كما لو تزوجها ذمي (والثاني) لا يزوجها الا الحاكم قاله القاضي لان أحمد قال: لا يعقد يهودي ولا نصراني عقد نكاح لمسلم ولا مسلمة ووجهه أنه عقد يفتقر إلى شهادة مسلمين فلم يصح بولاية كافر كنكاح المسلمين والاول أصح والشاهدان يرادان لاثبات النكاح عند الحاكم بخلاف الولاية (مسألة) (وإذا زوج الابعد من غير عذر للاقرب أو زوج الاجنبي لم يصح وعنه يصح ويقف علي إجازة الولي) الكلام في هذه المسألة في فصلين (أحدهما) أنه إذا زوج الا بعد مع حضور الاقرب واجابته إلى تزويجها من غير اذنه لم يصح وبهذا قال الشافعي وقال مالك يصح لان هذا ولي فصح أن يزوجها باذنها كالاقرب ولنا أن هذا مستحق بالتعصيب فلم يثبت للابعد مع وجود الاقرب كالميراث وبهذا فارق القريب البعيد
(الفصل الثاني) أن هذا العقد يقع فاسدا على الاجازة ولا يصير بالاجازة صحيحا وكذلك الحكم إذا زوج الاجنبي أو زوجت المرأة المعتبر اذنها بغير اذنها أو تزوج العبد بغير إذن سيده فالنكاح في هذا كله باطل في أصح الروايتين نص عليه أحمد في مواضع وهو قول الشافعي وأبي عبيد وأبى ثور وعن أحمد رواية أخرى أنه يقف على الاجازة فان أجازه جاز وان لم يجزه فسد قال أحمد في صغير زوجه عمه فان رضي به في وقت من الاوقات جاز وان لم يرض فسخ وإذا زوجت اليتيمة فلها الخيار إذا بلغت وقال إذا تزوج العبد إذن سيده ثم علم السيد فان شاء أن يطلق عليه فالطلاق بيد السيد فان أذن في التزويج فالطلاق بيد العبد وهذا قول أصحاب الرأي في كل مسألة يعتبر فيها الاذن وروي ذلك في النكاح بغير ولي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن القاسم بن محمد والحسن بن صالح واسحاق وأبي يوسف ومحمد لما روي أن جارية بكرا اتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فحيرها النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود وابن ماجه وروي أن فتاة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ان أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسة قال فجعل الامر إليها فقالت قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن أعلم أن للنساء من الامر شيئا ولانه عقد يقف على الفسخ
فوقف على الاجازة كالوصية ووجه الاولى قول النبي صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل - وقال - إذا نكح العبد بغير إذن سيده فنكاحه باطل) رواه أبو داود وابن ماجه الا أن أبا داود قال هو موقوف على ابن عمر ولانه عقد لا تثبت فيه أحكامه من الطلاق والخلع واللعان والتوارث فلم ينعقد كنكاح المعتدة فأما حديث المرأة التي خيرها رسول الله صلي الله عليه وسلم فهو مرسل عن عكرمة رواه الناس كذلك ولم يذكروا ابن عباس قاله أبو داود ثم يحتمل أن هذه المرأة هي التي قالت زوجني أبي من ابن أخيه ليرفع به خسيسته فتخييرها لتزويجها من غير كفئها وهذ ايثبت الخيار ولا يبطل النكاح والوصية يتراخى فيها القبول وتجوز بعد الموت فهي معدول بها عن سائر التصرفات ولا تفريع عليه هذه الرواية لوضوحها فأما عليا لرواية الاخرى فان الشهادة تعتر في العقد لانها شرط له
فيعتبر وجودها معه كالقبول ولا تعتبر في الاجازة لانها ليست بعقد ولانها إذا وجدت أسند الملك إلى حالة العقد حتى لو كان في الصداق بما ملك من حين العقد لا من حين الاجازة وان مات أحدهما قبل الاجازة لم يرثه الآخر لانه عقد تلزمه إجازته فهو كالصحيح وان كان مما لا يجزه لم يرثه (فصل) ومتى تزوجت المرأة بغير اذن وليها والامة بغير اذن سيدها فقد ذكره أصحابنا من
الروايتين قال شيخنا والصحيح عندي أنه لا يدخل فيها لتصريح النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالبطلان ولان الاجازة انما تكون العقد صدر من أهله في محله فأما ما لا يصدر من الاهل كالذي عقده المجنون أو الطفل فلم يقف على الاجازة وهذا عقد لم يصدر من أهله فان المرأة ليست أهلا له بديل أنه لو أذن لها فيه لم يصح مع الاذن القارن فأن لا يصح بالاجازة المتأخرة أولى ولا تفريع على هذا القول وأما على القول الآخر فمتى توجت بغير اذن الولي فيرفع إلى الحاكم لم يملك إجازته والامر فيه إلى الولي فمتى رده بطل لان من وقف بالحكم على اجازته بطل برده كالرأة إذا زوجت بغير اذنها وفيه وجه آخر أنه إذا كان الزوج كفؤا أمر الحاكم الولي باجازته فان لم يفعل أجازة الحاكم لانه لو امتنع صار عاضلا فانتقلت الولاية عنه إلى الحاكم في ابتداء العقد ومتى حصلت الاصابة قبل الاجازة ثم أجيز فالمهر واحداما المسمى واما مهر المثل ان لم يكن مسمى فان الاجازة مسندة إلى حالة العقد فيثبت الحل والملك من حين العقد كما ذكرنا في البيع ولذلك لم يجب الحد ومتى تزوجت الامة بغير اذن سيدها ثم خرجت من ملكه قبل الاجازة إلى من تحل له انفسخ النكاح ولانه قد طرأت استباحة صحيحة على موقوفة فأبطلتها لانها أقوى فأزالت الاضعف كما لو طرأ ملك اليمين
على الملك النكاح وان خرجت إلى من تحل له كالمرأة أو اثنتين فكذلك أيضا لان العقد إذا وقف على اجازة شخص لم يجز باجازة غيره كما لو باع أمة غيره ثم باعها المالك فأجازها المشتري الثاني مع الاجنبي وفيه وجه آخر انه يجوز باجازة المالك الثاني لانه يملك ابتداء العقد فملك اجازته كالاول ولا فرق بين أن يخرج ببيع أو هبة أو ارث أو غيره فأما ان أعتقها السيد احتمل أن يجوز النكاح
لانه انما وقف لحق المولى فإذا أعتق سقط حقه فصح واحتمل أن لا يجوز لان ابطال حق الولي ليس باجازة ولان حق المولى ان بطل من الملك لم يبطل من ولاية التزويج فانه يليها بالولاء (فصل) وإذا تزوجت التي يعتبر اذنها بغير اذنها وقلنا يقف على اجازتها فاجازتها بالنطق أو ما يدل على الرضا من التميكن من الوطئ والمطالبة بالمهر أو النفقة ولا فرق في ذلك بين البكر والثيب لان أدلة الرضا تقوم مقام النطق به ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لبريرة (ان وطئك زوجك فلا خيار لك) جعل تمكينها دليلا على اسقاط حقها والمطالبة بامهر أو النفقة والتمكين من الوطئ دليل على الرضا لان ذلك من خصائص العقد الصحيح فوجوده من المرأة دليل رضاها به (مسألة) (ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه وان كان حاضرا ووصيه في النكاح بمنزلته)
يجوز التوكيل في النكاح سواء كان الولي حاضرا أو غائبا مجبرا أو غير مجبر لانه روي ان النبي صلى الله عليه وسلم وكل أبا رافع في تزويجه ميمونة ووكل عمرو بن أمية الضمري في تزويجه أم حبيبة ولانه عقد معاوضة فجاز التوكيل ولاصحاب الشافعي في توكيل غير الاب والجد وجهان (أحدهما) لا يجوز لانه يلي بالاذن فلم يجز له التوكيل كالوكيل ولنا أنه بلي شرعا فكان له التوكيل كالاب ولا يصح قولهم إن يلي بالاذن فان ولايته ثابتة قبل إذنها وإنما إذنه شرط لصحة تصرفه فأشبه ولاية الحاكم عليها ولا خلاف في ان للحاكم ان يستنيب في التزويج من غير إذن المرأة ولان المرأة لا ولاية لها على نفسها فكيف ثبتت الانابة من قبها؟ (فصل) ويجوز التوكيل مطلقا ومقيدا فالمقيد التوكيل في تزويج رجل بعينه والمطلق التوكيل في تزويج من يرضاه أو من شاء قال أحمد في رواية عبد الله في الرجل يولى على أخته وابنته تقول إذا وجدت من أرضاه فزوجه فتزوجيه جائز ومنع بعض الشافعية التوكيل المطلق ولا يصح فانه روى ان رجلا من العرب ترك ابنته عند عمر وقال إذا وجدت لها كفؤا فزوجه ولو بشراك نعله فزوجها عمر عثمان بن عفان فهي أم عمر بن عثمان واشتهر ذلك فلم ينكر ولانه اذن في النكاح فجاز مطلقا
كأذن المرأة أو عقد فجاز التوكيل فيه مطلقا كالمبيع (فصل) ولا يعتبر في الوكالة إذن المرأة في التوكيل سواء كان الموكل أبا أو غيره ولا يفتقر إلى حضور شاهدين وقال بعض الشافعية لا يجوز لغير المجبر التوكيل إلا بأذن المرأة وخرجه القاضي على الروايتين في توكيل الوكيل من غير إذن الموكل وحكي عن الحسن بن صالح أنه لا يصح الا بحضرة شاهدين لانه يراد بحل الوطئ فافتقر إلى الشهادة كالنكاح ولنا أنه إذن من الولي في التزويج فلم يفتقر إلى إذن المرأة ولا إشهاد كاذن الحاكم وقد بينا أن الولي ليس بوكيل المرأة ولو كان وكيلها لتمكنت من عزله وهذا التوكيل لا يملك به البضع فلم يفتقر إلى إشهاد بخلاف النكاح ويبطل ما ذكره الحسن بن صالح بالتوكيل في شراء الاماء للتسري (فصل) ويثبت للوكيل ما يثبت للموكل فان كان للمولى الاجبار ثبت ذلك لوكيله ان كانت ولايته ولاية مراجعة احتاج الوكيل إلى ما رجعة المرأة لانه نائب فيثبت له مثل ما ثبتت للمنون عنه وكذلك الحكم في السلطان والحاكم يأذن لغيره في التزويج فيكون المأذون له قائما مقامه (فصل) واختلفت الرواية عن احمد هل تستفاد ولاية النكاح بالوصية؟ فروي انها تستفاد بها اختارها الخرقي وهذا قول الحسن وحماد بن أبي سليمان ومالك وروي عنه لا تستفاد بالوصية وبه قال الثوري والشعبي والنخعي والحارث العكلي وأبو حنيفة والشافعي وابن المنذر ولانها ولاية تنتقل إلى
غيره شرعا فلم يجز ان يوصى بها كالحضانة ولانه لا ضرر على الوصي في تضييعها ووضعها عند من لا يكافئها فلا تثبت له الولاية كالاجنبي ولانها ولاية نكاح فلم تجز الوصية بها كولاية الحاكم وقال أبو عبد الله بن حامد ان كان لها عصبة لم تجز الوصية بنكاحها لانه يسقط حقهم بوصيته وإن لم يكن عصبة جاز لعدم ذلك ولنا أنها ولاية للاب فجازت وصيته بها كولاية المال وما ذكروه يبطل بولاية المال ولانه يجوز أن يستنيب فيها في حياته فيكون نائبه قائما مقامه فجاز أن يستنيب فيها بعد موته كولاية المال فعلى هذا تجوز الوصية بالنكاح من كل ذي ولاية سواء كان مجبرا بالاب أو غير مجبر كالاخ ووصي كل ولي
يقوم مقامه فان كان الوي له الاجبار فكذلك لوصيه وان كان يحتاج إلى إذنها فوصيه كذلك لانه قائم مقامه فهو كالوكيل وقال مالك ان عين الاب الزوج ملك اجبارها صغيرة كانت أو كبيرة وان لم يعين الزوج وكانت بنته كبيرة صحت الوصية فاعتبر اذنها وان كانت صغيرة انتظرنا بلوغها فإذا أذنت جاز ان يزوجها بأذنها ولنا ان من ملك التزويج إذا عين له الزوج ملك مع الاطلاق كالوكيل ومتى زوج وصي الاب الصغيرة فبلغت فلا خيار لها لان الوصي قائم مقام الموصى فلم يثبت في تزويجه خيار كالوكيل
(فصل) ومن لم نثبت له الولاية لا يصح توكيله لان وكيله قائم مقامه فان وكله الولي في تزويج موليته لم يصح لانها ولاية ليس هو من أهلها ولانه لما لم يملك تزويج مناسبة بولاية النسب فلان لا يملك مناسبة غيره بالتوكيل أولى ويحتمل ان يصح توكيل العبد والفاسق والصبي المميز في العقد لانهم من أهل اللفظ به وعباراتهم فيه صحيحة ولذلك صح قبولهم النكاح لانفسهم وانما سلبوا الولاية لانه يعتبر لها الكمال ولا حاجة إليه في اللفظ وان وكله الزوج في قبول النكاح صح وكذلك انه وكله الاب في قبول النكاح لابنه الصغير لانه يصح قبولهم لانفسهم فجاز ان ينوبوا فيه عن غيرهم كالبيع وقال بعض أصحابنا لا يصح لانه أحد طرفي العقد أشبه الايجاب والاول أولى (مسألة) (وإذا استوي الاولياء في الدرجة كالاخوة والاعمام وبنيهم صح التزويج من كل واحد منهم لان سبب الولاية موجود في واحد منهم) (مسألة) (والاولى تقديم أكبرهم وافضلهم) لان النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم محيصة وحويصة وعبد الرحمن بن سهل فتكم عبد الرحمن بن سهل وكان أصغرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم (كبر كبر) اي قدم الاكبر فتكم حويصة ولانه أحوط للعقد في اجتماع شروطه والنظر في الحظ فان تشاحوا اقرع بينهم لانهم تساووا في الحق وتعذر الجمع فيقرع
بينهم كالمرأس وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه لتساوي
حقوقهن كذا هذا (مسألة) (فان سبق غير من وقعت له القرعة فزوج صح تزويجه في أقوى الوجهين إذا زوج كفؤا باذن المرأة) لانه تزويج صدر من ولي كامل الولاية بأذن موليته فصح كما لو انفرد وإنما القرعة لازالة المشاحنة وفيه وجه اخر انه لا يصح ذكره أبو الخطاب فلم يصح تزويجه كالابعد مع الاقرب (مسألة) (وإذا زوج الوليان اثنين ولم يعلم السابق منهما فسخ النكاحان) وجملة ذلك ان المرأة إذا كان لها وليان فاذنت لكل واحد منهما في تزويجها جاز سواء أذنت في رجل معين أو مطلقا فإذا زوجها الوليان لرجلين وعلم السابق منهما فالنكاح له سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل وهذا قول الحسن والزهري وقتادة وابن سيرين والاوزاعي والثوري والشافعي وأبى عبيد وأصحاب الرأي وبه قال عطاء ومالك ما لم يدخل بها الثاني فان دخل بها الثاني صار أولى لقول عمر رضى الله عنه إذا أنكح الوليان فالاول أحق ما لم يدخل بها الثاني فان دخل بها الثاني صار أولى ولان الثاني اتصل بعقده القبض فكان أحق ولنا ما روى سمرة وعقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال أيما امرأة زوجها وليان فهي للاول
أخرج حديث سمرة أبو داود والترمذي وأخرجه النسائي عنه وعن عقبة وروي نحو ذلك عن على وشريح ولان الثاني تزوج امرأة في عصمة زوج فكان باطلا كما لو علم الحال ولانه نكاح باطل لو عري عن الدخول فكان باطلا وإن دخل كنكاح المعتدة وأما حديث عمر فلم يصححه أصحاب الحديث وقد خالفه قول علي وجاء على خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم وما ذكروه من القبض لا معنى له فان النكاح يصح بغير قبض مع أنه لا أصل له فيقاس عليه ثم يبطل كسائر الانكحة الفاسدة (فصل) فان دخل بها الثاني وهو يعلم انها ذات زوج فرق بينهما وكان لها عليه مهر مثلها ولم يصبها زوجها حتي تحيض ثلاث حيض بعد وطئها من الثاني فأما ان علم الحال قبل وطئ الثاني لها فانها تدفع إلى الاول ولا شئ عليا لثاني لان عقده عقد باطل لا يوجب شيئا فان وطئها الثاني وهو لا يعلم فهو
وطئ بشبهة يجب لها به المهر وترد إلى الاول ولا يحل له وطؤها حتي تنقضي عدتها وهو قول قتادة والشافعي وابن المنذر قال أحمد لها صداق بالمسيس وصداق من هذا ولا ترد الصداق الذي يوجد من الداخل بها على من دفعت إليه إلى فسخ لانه باطل ولا يجب لها المهر الا بالوطئ دون مجرد الدخول والوطئ دون الفرج لانه نكاح باطل لا حكم له ويجب مهر المثل لانه يجب بالاصابة لا بالتسمية وذكر أبو بكر أن الواجب المسمى قال القاضي هو قياس المذهب والاول هو الصحيح لما قلنا
(مسألة) (فان جهل الاول منهما فسخ النكاحان) ولا فرق بين أن لا يعلم كيفية وقوعها أو يعلم أن احدهما قبل الآخر لا بعينه أو يعلمه بعينه ثم يشكل والحكم في جميعها واحد وهو ان يفسح الحاكم النكاحين جميع انص عليه أحمد في رواية الجماعة ثم يتزوج من شاه منهما أو من غيرهما وعن أحمد رواية أخرى أنه يقرع بينهما فمن وقعت له القرعة أمر صاحبه بالطلاق ثم يجدد القارع نكاحه لانه ان كانت زوجته لم يضره تجديد النكاح وان كانت زوجة الآخر بانت بالطلاق وصارت زوجة هذا بعقده الثاني لان القرعة تدخل لتمييز الحقوق عند التساوي كالسفر باحدى نسائه والبداية بالمبيت عند احداهن وتعتبر الانصباء في القسمة وقال الثوري وأبو ثور يخيرهما السلطان على أن يطلق كل واحد منهما طلقة فان أبيا فرق بينهما وهو قريب من القول الاول لانه تعذر امضاء العقد الصحيح فوجب ازالة الضرر بالتفريق، وقال الشافعي وابن المنذر النكاح مفسوخ لانه تعذر امضاؤه ولا يصح هذا فان العقد الصحيح لا يبطل بمجرد اشكاله كما لو اختلف المتبايعان في قدر الثمن امضاؤه ولا يصح هذا فان العقد الصحيح لا يبطل بمجرد اشكاله كما لو اختلف المتبايعان في قدر الثمن فان العقد لا يزول الا بفسخ كذاههنا، وروي عن شريح وعمر بن عبد العزيز وحماد بن أبي سليمان أنها تخير فأيهما اختارته فهو وجها وهذا فاسد فان أحدهما ليس بزوج لها فلم تخير بينهما كما لو لم يعقد الا أحدهما أو كما لو أشكل على الرجل امرأته في النساء أو على المرأة زوجها إلا أن يريدوا بقولهم إنها إذا اختارت أحدهما فرق بينهما وبين الآخر ثم عقد المختار نكاحها فهذا حسن فانه
فانه يستغني بالتفريق بينهما وبين أحدهما عن التفريق بينها وبينهما جميعا ويفسخ أحد النكاحين عن فسخهما فان أبت ان تختار لم تجبر وكذلك ينبغي إذا قرع بينهما فوقعت القرعة لاحدهما لم تجبر على نكاحه لانه لا يعلم فتيعين إذا فسخ النكاحين ولها أن تتزوج من شاءت منهما أو من غيرهما في الحال ان كان قبل الدخول وبعد انقضاء العدة ان كان دخل بها احدهما.
(فصل) فان ادعى كل واحد منهما أنه السابق بالعقد ولا بينة لهما لم يقبل قولهما فان أقرت المرأة لاحدهما لم يقبل اقرارها نص عليه أحمد، وقال أصحاب الشافعي يقبل كما لو أقرت ابتداء ولنا أن الخصم الزوج الآخر في ذلك فلم يقبل في ابطال حقه كما لو أقرت عليه بطلاق فان ادعى الزوجان على المرأة أنها تعلم السابق منهما فانكرت لم تستحلف لذلك وقال أصحاب الشافعي تستحلف بناء منهم على أن اقرارها مقبول فان فرق بينهما وبين أحدهما لاختيارها لصاحبه أو لوقوع القرعة له وأقرت لفه أن عقده سابق فينبغي ان يقبل اقرارهما لانهما على ذلك من غير خصم منازع فأشبه ما لو لم يكن صاحب عقد آخر (فصل) وان علم أن العقدين وقعا لم يسبق أحدهما الآخر فهما باطلان لا حاجة إلى فسخهما لانهما باطلان من أصلهما ولا مهر لها على واحد منهما ولا ميراث لها منهما ولا يرثها واحد منهما لذلك وان لم يعلم
ذلك فسخ نكاحهما فروي عن أحمد أنه يجب لها نصف المهر ويقترعان عليه لان عقد أحدهما صحيح وقد انفسخ بنكاحه قبل الدخول فوجب عليه نصف مهرها كما لو خالفها وقال أبو بكر لا مهر لها لانهما مجبران على الصداق فلم يزلمهما مهر كما لو فسخ الحاكم نكاح رجل لعسرته أو غيبته وان ماتت قبل الفسخ أو الطلاق فلاحدهما نصف ميراثها فيوقف الامر حتى يصطلحا عليه وقيل يقر بينهما فمن خرجت له القرعة حلف انه المستحق وورث وان مات الزوجان فلها ربع ميراث أحدهما فان كانت قد اقرت أن احدهما سابق بالعقد فلا ميراث لها من الآخر وهي تدعي ميراث من أقرت له فان كان أحدهما قد ادعي ذلك ايضا دفع إليها ربع ميراثه وان لم يكن ادعى ذلك وأنكر الورثة فالقول قولهم مع ايمانهم
فان نكلوا قضي عليهم وان لم تكن المراة أقرت بسبق أحدهما احتمل أن يحلف ورثة كل واحد منهما واحتمل ان يقرع بينهما فمن خرجت فلها ربع ميراثه وقد روى حنبل عن احمد أنه سئل عن رجل له ثلاث بنات زوج إحداهن من رجل ثم مات الاب ولم يعلم أيتهن زوج يقرع بينهم فأيتهن أصابتها القرعة فهي زوجته وان مات الزوج فهي التي ترثه (فصل) فان ادعى كل واحد منهما أنه السابق فأقرت لاحدهما ثم فرق بينهما وقلنا بوجوب المهر وجب على المقر له دون صاحبه لاقراره لها به واقرارها ببراءة صاحبه وان ماتا ورثت المقر له دون صاحبه لذلك وان ماتت هي قبلها احتمل ان يرثها المقر له كما ترثه واحتمل ان لا يقبل اقرارها له كما لم يقبله في نفسها وإن لم تقر لاحدهما الابعد موته فهو كما لو أقرت في حياته وليس لورثة
واحد منهما الاننكار لاستحقاقها لان موروثه قد أقر لها بدعوى صحة نكاحها وسبقه بالعقد عليها وان لم تقر لواحد منهما أقرع بينهما وكان لها ميراث من تقع القرعة عليه وان كان أحدهما قد أصلبها وكان هو المقر له أو كانت لم تقر لواحد منهما فلها فلها المسمى لانه مقر لها به وهي لا تدعي سواه، وان كانت مقرة للآخر فهي تدعي مهر المثل وهو يقر له بالمسمى فان استويا أو اصطلحا فلا كلام، وإن كان مهر المثل أكثر حلف على الزائد وسقط وان كان المسمى لها أكثر فهو مقر لها بالزيادة وهي تنكرها فلا تستحقها (مسألة) (وإذا زوج السيد عبده الصغير من أمته جاز أن يتولى طرفي العقد لانه ملك بحكم الملك لا بحكم الاذن في قولهم جميعا.
فان كان مالكا لاحد طرفي العقد فوكله ملك الطرف الآخر فيه أو وكله المولي في الايجاب والزوج في القبول خرج فيه وجهان بناء على الروايتين اللتين نذكرهما في المسألة التي تليها لانه ملك ذلك بالاذن وان زوج ابنته الكبيرة عبده الصغير لم يجز ذلك إلا برضاها لانه يكافئها ويخرج فيه أيضا وجهان وان زوجه ابنته الصغيرة لم يجز لانه لا يجوز له تزويجها ممن لا يكافئها وعنه يجوز
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: