• 22‏/5‏/2020

    معرفة المرفوع ‏‏والموقوف والمقطوع

    معرفة المرفوع ‏‏والموقوف والمقطوع
     النوع السادس‏ :‏ معرفة المرفوع ‏‏والموقوف والمقطوع 4وهو‏:‏ ما أضيف إلى رسول الله  خاصةً‏.‏ ولا يقع مطلقه على غير ذلك نحو الموقوف على الصحابة وغيرهم‏.‏
    ويدخل في المرفوع المتصل والمنقطع والمرسل ونحوها، فهو والمسند عند قوم سواء، والانقطاع والاتصال يدخلان عليهما جميعا‏.‏ وعند قوم يفترقان في‏:‏ أن الانقطاع والاتصال يدخلان على المرفوع، ولا يقع المسند إلا على المتصل المضاف إلى رسول الله ‏.‏



    وقال ‏‏الحافظ أبو بكر بن ثابت‏‏‏:‏ المرفوع ما أخبر فيه الصحابي عن قول الرسول  أو فعله‏.‏ فخصصه بالصحابة، فيخرج عنه مرسل التابعي عن رسول الله ‏.‏

    قلت‏:‏ ومن جعل من أهل الحديث المرفوع في مقابلة المرسل فقد عنى بالمرفوع المتصل، والله أعلم‏.‏


    النوع السابع‏:‏ معرفة الموقوف‏‏
    وهو‏:‏ ما يروي عن الصحابة رضي الله عنهم من أقوالهم أو أفعالهم ونحوها، فيوقف عليهم ولا يتجاوز به إلى رسول الله ‏.‏

    ثم إلى منه ما يتصل الإسناد فيه إلى الصحابي فيكون من الموقوف الموصول‏.‏ ومنه ما لا يتصل إسناده فيكون من الموقوف غير الموصول، على حسب ما عرف مثله في المرفوع إلى الرسول الله ، والله أعلم‏.‏

    وما ذكرناه من تخصيصه بالصحابي فذلك إذا ذكر الموقوف مطلقا، وقد يستعمل مقيدا في غير الصحابي فيقال‏:‏ حديث كذا وكذا، وقفه فلان على‏‏عطاء‏‏ أو على ‏‏طاووس‏‏، أو نحو هذا‏.‏

    وموجود في اصطلاح الفقهاء الخراسانيين تعريف الموقوف باسم الأثر‏.‏ قال ‏‏أبو القاسم الفوراني‏‏ منهم فيما بلغنا عنه‏:‏ الفقهاء يقولون‏:‏ الخبر ما يروى عن النبي ، والأثر ما يروى عن الصحابة، رضي الله عنهم‏.‏

    النوع الثامن‏:‏ معرفة المقطوع‏‏
    وهو غير المنقطع الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى‏.‏ ويقال في جمعه‏:‏ المقاطع والمقاطيع‏.‏

    وهو‏:‏ ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم‏.‏

    قال ‏‏الخطيب أبو بكر الحافظ‏‏ في ‏‏جامعه‏‏‏:‏ من الحديث المقطوع‏.‏ وقال‏:‏ المقاطع هي الموقوفات على التابعين‏.‏ والله أعلم‏.‏

    قلت‏:‏ وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام ‏‏الإمام الشافعي‏‏ و‏‏أبي القاسم الطبراني‏‏ وغيرهما، والله أعلم‏.‏

    تفريعات
    أحدها‏:‏ قول الصحابي‏:‏ ‏‏كنا نفعل كذا أو كنا نقول كذا‏‏ إن لم يضفه إلى زمان رسول الله  فهو من قبيل الموقوف‏.‏ وإن أضافه إلى زمان رسول الله  فالذي قطع به ‏‏أبو عبد الله بن البيِّع الحافظ‏‏ وغيره من أهل الحديث وغيرهم‏:‏ أن ذلك من قبيل المرفوع‏.‏

    وبلغني عن ‏‏أبي بكر البرقاني‏‏‏:‏ أنه سأل ‏‏أبا بكر الإسماعيلي الإمام‏‏ عن ذلك، فأنكر كونه من المرفوع‏.‏

    والأول هو الذي عليه الاعتماد، لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله  اطلع على ذلك أقررهم عليه‏.‏ وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة، فإنها أنواع‏:‏ منها أقواله  ومنها أفعاله‏.‏ ومنها تقريره وسكوته عن الإنكار بعد اطلاعه‏.‏

    ومن هذا القبيل قول الصحابي ‏‏كنا لا نرى بأسا بكذا ورسول الله  فينا أو‏:‏ كان يقال كذا وكذا على عهده‏.‏ أو‏:‏ كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته ‏‏

    فكل ذلك وشبهه مرفوع مسند، مخرج في كتب المسانيد‏.‏

    وذكر الحاكم أبو عبد الله -فيما رويناه عن المغيرة بن شعبة قال‏:‏ كان أصحاب رسول الله  يقرعون بابه بالأظافير - أن هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا، يعني مرفوعا، لذكر رسول الله  فيه، وليس بمسند بل هو موقوف‏.‏

    وذكر ‏‏الخطيب‏‏ أيضا نحو ذلك في ‏‏جامعه‏‏‏.‏

    قلت‏:‏ بل هو مرفوع كما سبق ذكره‏.‏ وهو بأن يكون مرفوعا أحرى لكونه أحرى باطّلاعه  عليه‏.‏ والحاكم معترف بكون ذلك من قبيل المرفوع، وقد كنا عددنا هذا فيما أخذناه عليه‏.‏ ثم تأوَّلناه له على أنه أراد أنه ليس بمسند لفظا بل هو موقوف لفظا، وكذلك سائر ما سبق موقوف لفظا، وإنما جعلناه مرفوعا من حيث المعنى‏.‏ والله أعلم‏.‏

    الثاني‏:‏ قول الصحابي ‏‏أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا‏‏ من نوع المرفوع والمسند عند أصحاب الحديث، وهو قول أكثر أهل العلم‏.‏ وخالف في ذلك فريق منهم ‏‏أبو بكر الإسماعيلي‏‏‏.‏ والأول هو الصحيح لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من إليه الأمر والنهي، وهو رسول الله ‏.‏

    وهكذا قول الصحابي‏:‏ ‏‏من السنة كذا‏‏ فالأصح أنه مسند مرفوع لأن الظاهر أنه لا يريد به إلا سنَّة رسول الله  وما يجب اتباعه‏.‏

    وكذلك قول أنس رضي الله عنه‏:‏ أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة‏.‏ وسائر ما جانس ذلك‏.‏ فلا فرق بين أن يقول ذلك في زمان رسول الله  وبعده ‏.‏

    الثالث‏:‏ ما قيل من أن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك، كقول جابر رضي الله عنه‏:‏ كانت اليهود تقول‏:‏ من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله ‏‏ عز وجل ‏«نساؤكم حرث لكم‏»‏‏.‏ الآية‏.‏ فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله  فمعدودة في الموقوفات‏.‏ والله أعلم‏.‏

    الرابع‏:‏ من قبيل المرفوع الأحاديث التي قيل في أسانيدها عند ذكر الصحابي‏:‏ يرفع الحديث أو‏:‏ يبلغ به أو‏:‏ ينميه أو‏:‏ رواية‏.‏

    مثال ذلك‏:‏ سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، رواية‏:‏ ‏‏تقاتلون قوما صغار الأعين‏.‏‏.‏‏‏ الحديث‏.‏

    وبه عن أبي هريرة يبلغ به، قال‏:‏ ‏‏الناس تبع لقريش‏.‏‏.‏‏‏ الحديث‏.‏

    ‏‏ فكل ذلك وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول الله ‏.‏ وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا‏.‏

    قلت‏:‏ وإذا قال الراوي عن التابعي‏:‏ يرفع الحديث أو‏:‏ يبلغ به فذلك أيضا مرفوع ولكنه مرفوع مرسل‏.‏ والله أعلم‏.‏

    ليست هناك تعليقات: