الشيخ عدي بن مسافر
الشيخ عدي بن مسافر |
هو أوحد أركان هذه الطريقة وأعلى العلماء بها وكان الشيخ عبد القادر رضي الله عنه ينوه بذكره ويثني عليه
وشهد له بالسلطة وقال: لو كانت النبوة تنال بالمجاهدة لنالها الشيخ عدي بن مسافر بالغ في المجاهدة في بدايته حتى أعجز المشايخ بعده وكان إذا سجد رضي الله عنه سمع لمخه في رأسه
صوت وقع الحصاة في القرعة الناشفة من شدة المجاهدة وأقام في أول أمره زماناً في المغارات والجبال والصحارى مجرداً سائحاً يأخذ نفسه بأنواع المجاهدات، وكانت الحيات، والهوام، والسباع تؤلفه فيها، وهو أول من قصد بالزيارات وتربية المريدين الصادقين ببلاد المشرق، وقصده الناس بالزيارة من سائر الأقطار. ومن كلامه رضي الله عنه لا يخلو أخذك، وتركك أن يكونا بالله عز وجل أوله فإن كانا به فهو مباديك بالعطاء، وإن كانا له فاسترزقه بأمره، واحذر ما فيه الخلق فإنك متى كنت معهم استعبدوك، ومتى كنت مع الله تعالى حفظك، ومتى كنت مع فضل الله كذلك، وإذا كنت مع الأسباب فاطلب رزقك من الأرض فإنك لم تعط من السماء، وإذا كنت مع التوكل فإن طلبت بهمتك فلن يعطيك، وإن أزلت همتك أعطاك، وإذا كنت واقفاً مع الله تعالى صارت الأكوان خالية لك من الموطن، وأنت في القبضة فان، والكون كله فيك ولك وكان رضي الله عنه يقول: لا تنتقع بشيخك إلا إن كان اعتقادك فيه فوق كل اعتقاد، وهناك يجعلك في حضوره، ويحفظك في مغيبه، ويهذبك بأخلاقه، ويؤدبك بإطراقه، وينور باطنك بإشراقه وإن كان اعتقادك فيه ضعيفاً لا تشهد فيه شيئاً من ذلك بل تنعكس ظلمة باطنك عليك فتشهد صفاته هي صفاتك فلا تنتفع به أبداً، ولو كان أعلى الأولياء درجة. وكان رضي الله عنه يقول: حسن الخلق معاملة كل شخص بما يؤنسه، ولا يوحشه فمع العلماء بحسن الاستماع، وإن كان مقامه فوق ما يقولونه ومع أهل المعرفة بالسكون، والانكسار ومع أهل التوحيد بالتسليم، وكان رضي الله عنه يقول: إذا رأيتم الرجل تظهر له الكرامات، وتنخرق له العادات فلا تغتروا به حتى تنظروه عند النهي والأمر، وكان يقول: من لم يأخذ أدبه من المؤدبين أفسد من اتبعه، ومن كانت فيه أدنى بدعة فاحذروا مجالسته لئلا يعود عليكم شؤمها، ولو بعد حين، وكان رضي الله عنه يقول: من اكتفى بالكلام في العلم دون الاتصاف بحقيقته انقطع، ومن اكتفى بالتعبد دون فقه حرج، ومن اكتفى بالفقه دون ورع اغتر ومن قام بما يجب عليه من الأحكام نجا، وكان يقول: توحيد الباري عز وجل لا تجري ماهيته في مقال ولا تخطر كيفيته ببال جل عن الأمثال والأشكال صفاته قديمة كذاته ليس بجسم في صفاته جل أن يشبه بمبتدعاته أو يضاف إلى مخترعاته ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير لا سمي له في أرضه، وسماواته لا عديل له في حكمه، وإرادته حرام على العقول أن تمثل الله عز وجل، وعلى الأوهام أن تجده، وعلى الظنون أن تقطع، وعلى الضمائر أن تعمق وعلى النفوس أن تفكر وعلى الفكر أن يحيط وعلى العقول أن تتصور إلا ما وصف به ذاته تعالى في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وكانرضي الله عنه يقول: أول ما يجب على سالك طريقتنا هذه ترك الدعاوى الكاذبة، وإخفاء المعاني الصادقة.
قلت: وذلك لأن المعاني الصادقة نور وكلما تراكمت الأنوار في قلب العبد تمكن، وقوى استعداده، وكلما أظهر معنى خرج النور أولاً فأولاً فلا يثبت له قدم في الطريق والله تعالى أعلم، وكان رضي الله عنه أكثر إقامته في الجزيرة السادسة من البحر المحيط رضي الله عنه، وكان رضي الله عنه يأمر الريح أن تسكن فتسكن لوقته سكن جيل الهكار واستوطن بالس إلى أن مات بها سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، ودفن بزاويته المنسوبة إليه، وقبره بها ظاهر يزار رضي الله عنه.
الكلمات المفتاحية :
اعلام الصوفية
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: