الفقه الحنبلي - مناسك الحج7
(فصل) وقول المصنف رحمه الله قصر من شعره يدل على ان المستحب في حق المتمتع إذا حل من عمرته التقصير ليؤخر الحلق إلى الحج قال احمد رحمه الله في رواية أبي داود يعجبني إذا دخل متمتعا أن يقصر ليكون الحلق للحج ولم
يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الا بالتقصير فقال في حديث جابر " حلوا من إحرامكم بطواف بين الصفا والمروة وقصروا " وفي حديث ابن عمر أنه قال " من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبين الصفا والمروة وليقصر وليحلل " متفق عليه.
وان حلق جاز لانه أحد النسكين فجاز فيه كل واحد منهما وفي الحديث دليل على أنه لا يحل الا بالتقصير وهذا ينبني على أن التقصير هل هو نسك أو لا وسنذكر ذلك ان شاء الله تعالى فان أحرم بالحج قبل التقصير وقلنا هو نسك فقد أدخل الحج على العمرة وصار قارنا
(فصل) فان ترك التقصير أو الحلق وقلنا هو نسك فعليه دم فان وطئ قبل التقصير فعليه دم وعمرته
صحيحة، وبهذا قال مالك وأصحاب الرأي وحكي عن أصحاب الشافعي أن عمرته تفسد لانه وطئ
قبل حله من عمرته وعن عطاء قال يستغفر الله
ولنا ماروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن امرأة معتمرة وقع عليها زوجها قبل
أن تقصر قال من ترك من مناسكه شيئا أو نسيه فليهرق دما قيل إنها موسرة قال فلتنحر ناقة ولان
التقصير ليس بركن فلا يفسد النسك بتركه ولا بالوطئ قبله كالرمي في الحج قال احمد فيمن وقع على امرأته قبل تقصيرها من عمرتها تذبح شاة قيل عليها أو عليه؟ قال عليها هي وهو محمول على أنها
طاوعته فان أكرهها فالدم عليه وقد ذكر ذلك على ما فيه من الخلاف والله تعالى أعلم
(مسألة) (ومن كان متمتعا قطع التلبية إذا وصل إلى البيت) قال أبو عبد الله يقطع المعتمر التلبية إذا استلم الركن، وبهذا قال ابن عباس وعطاء وعمرو بن ميمون وطاوس والنخعي والثوري والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي وقال ابن عمر وعروة والحسن يقطعها إذا دخل الحرم، وعن سعيد بن المسيب يقطعها حين يرى عرش مكة، وعن مالك أنه إن أحرم من الميقات قطع التلبية إذا وصل الحرم وإن أحرم بها من أدنى الحل قطع التلبية حين يرى البيت ولنا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما يرفع الحديث كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث عمر ولم يزل يلبي حتى استلم الحجر ولان التلبية اجابة إلى العبادة وشعار للاقامة عليها وإنما يتركها إذا شرع فيما ينافيها وهو التحلل منها والتحلل يحصل بالطواف والسعي فإذا شرع في الطواف فقد أخذ في التحلل فينبغي أن يقطع التلبية كالحاج يقطها إذا شرع في رمي جمرة العقبة لحصول التحلل بها وأما قبل ذلك فلم يشرع فيما ينافيها فلا معنى لقطعها والله تعالى أعلم
(باب صفة الحج) نذكر في هذا الباب صفة الحج بعد حل المتمتع من عمرته والاولى أن نبدأ بذكر حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم ونقتصر منه على ما يختص بهذا الباب وقد ذكرنا بعضه متفرقا في الابواب المتقدمة وهو صحيح رواه مسلم وغيره بالاسناد عن جابر وذكر الحديث قال " فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فاهلوا بالحج وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقية من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فاجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أتى عرفة
فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال " إن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.
الا إن كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وان أول دم أضعه من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع من ربانا عباس بن عبد المطلب فانه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فانكم أخذتموهن
بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فان فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
وقد تركت فيك ما لن تضلوا بعده ان اعتصمتم به كتاب الله.
وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ " قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال باصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس " اللهم اشهد اللهم اشهد " ثلاث مرات ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه فاستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى ان رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى " أيها الناس السكينة السكينة " كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وأقامتين ولم يسبح بينها شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر فصلى الصبح حين تبين له الصبح باذان واقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده ولم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن العباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر اليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول وجهه إلى الشق الآخر
ينظر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل فصرف وجهه من الشق الآخر ينظر
حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم أنصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ثم أعطى عليا فنحر ماغبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن تغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا شرب منه.
قال عطاء كان منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى بالخيف (مسألة) (يستحب للمتمتع الذي حل وغيره من المحلين بمكة الاحرام بالحج يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة من مكة ومن حيث أحرم من الحرم جاز) سمي يوم التروية بهذا الاسم لانهم كانوا يتروون من الماء فيه يعدونه ليوم عرفة وقيل سمي بذلك لان ابراهيم عليه السلام رأى ليلته في المنام ذبح ابنه فاصبح يروي في نفسه أهو حلم أم من الله تعالى فسمي يوم التروية فلما كانت ليلة عرفة رأى ذلك أيضا فعرف أنه من الله فسمي يوم عرفة والله تعالى أعلم والمستحب لمن كان بمكة من المتمتعين الذين حلوا من عمرتهم أو كان مقيما بمكة من أهلها أو
من غيرهم وهو حلال أن يحرموا يوم التروية حين يتوجهون إلى منى، وبهذا قال ابن عمر وابن عباس وعطاء وطاوس وسعيد بن جبير واسحاق وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال لاهل مكة: ما لكم يقدم الناس عليكم شعثا إذا رأيتم الهلال فأهلوا بالحج.
وهذا مذهب ابن الزبير وقال مالك من كان بمكة فأحب أن يهل من المسجد لهلال ذي الحجة ولنا قول جابر فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وفي لفظ عن جابر رضي الله عنه قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم لما حللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الابطح حتى إذا كان يوم التروية جعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج رواه مسلم.
وعن عبيد بن جريج أنه قال لابن عمر رأيتك إذا كنت
بمكة أهل الناس ولم تهل أنت حتى يكون يوم التروية فقال عبد الله بن عمر أما الاهلال فاني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته متفق عليه ولانه ميقات للاحرام فاستوى فيه أهل مكة وغيرهم كميقات المكان، وإن أحرم قبل ذلك جاز (فصل) والافضل أن يحرم من مكة لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت " حتى أهل مكة يهلون منها " ومن أيها أحرم جاز للحديث، وان أحرم خارجا منها من الحرم جاز لقول جابر فاهللنا من الابطح ولان المقصود ان يجمع في النسك بين الحل والحرم وذلك حاصل باحرامه من جميع الحرم ويستحب ان يفعل عند إحرامه هذا ما يفعله عند الاحرام من الميقات من الغسل والتنظيف ويتجرد عن المخيط ويطوف سبعا ويصلي ركعتين ثم يحرم عقيبهما وممن استحب ذلك عطاء ومجاهد
وسعيد بن جبير والثوري والشافعي واسحاق وابن المنذر ولا يسن أن يطوف بعد إحرامه قال ابن عباس رضي الله عنه لا أرى لاهل مكة أن يطوفوا بعد أن يحرموا بالحج ولا أن يطوفوا بين الصفا والمروة حتى يرجعوا، وهذا مذهب عطاء ومالك واسحاق، وان طاف بعد إحرامه ثم سعى لم يجزه عن السعي الواجب، وهذا قول مالك وقال الشافعي يجزئه فعله ابن الزبير وهو قول القاسم بن محمد وابن المنذر لانه سعى في الحج مرة فأجزأه كما لو سعى بعد رجوعه من منى وكما لو سعى بعد طواف القدوم ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يهلوا بالحج إذا خرجوا إلى منى ولو شرع لهم الطواف لم يتفقوا على تركه وقالت عائشة رضي الله عنها خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى (مسألة) (ثم يخرج إلى منى فيبيت فيها) يتسحب أن يخرج محرما من مكة يوم التروية فيصلي الظهر بمنى ثم يقيم حتى يصلي بها الصلوات الخمس ويبيت بها لان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك كما جاء في حديث جابر وهذا قول سفيان ومالك والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا وليس ذلك واجبا عند الجميع قال ابن المنذر
ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم وقد تخلفت عائشة ليلة التروية حتى ذهب ثلثا الليل وصلى ابن الزبير بمكة (فصل) فان صادف يوم التروية يوم جمعة فمن كان مقيما بمكة حتى زالت الشمس ممن تجب عليه الجمعة لم يخرج حتى يصليها لان الجمعة فرض والخروج إلى منى في هذا الوقت ليس بفرض فاما قبل الزوال فان شاء خرج وان شاء أقام حتى يصلي فقد روي أن ذلك وجد في أيام عمر بن عبد العزيز فخرج إلى منى، وقال عطاء كل من أدركت يصنعونه أدركتهم يجمع بمكة إمامهم ويخطب ومرة لا يجمع ولا يخطب فعلى هذا إذا خرج الامام أمر من تخلف أن يصلي بالناس الجمعة وقال احمد رحمه الله إذا كان والي مكة بمكة يوم الجمعة يجمع بهم قيل له يركب إلى منى فيجئ إلى مكة يجمع بهم؟ قال لا إذا كان هو بعد بمكة (مسألة) (فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة فاقام بنمرة حتى تزول الشمس) يستحب أن يدفع إلى الموقف من منى إذا طلعت الشمس يوم عرفة فيقيم بنمرة لما تقدم من حديث جابر وان شاء أقام بعرفة (مسألة) (ثم يخطب الامام خطبة يعلمهم فيها الوقوف ووقته والدفع منه والمبيت بمزدلفة ثم ينزل فيصلي بهم الظهر والعصر يجمع بينهما باذان واقامتين) إذا زالت الشمس استحب للامام أن يخطب خطبة يعلم الناس فيها مناسكهم من موضع الوقوف
ووقته والدفع من عرفات والمبيت بمزدلفة وأخذ الحصى لرمي الجمار لما ذكرنا من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ثم يأمر بالاذان فينزل فيصلي الظهر والعصر يجمع بينهما ويقيم لكل صلاة اقامة وقال أبو ثور يؤذن المؤذن إذا صعد الامام المنبر فجلس فإذا فرغ المؤذن قام الامام فخطب وقيل يؤذن في آخر خطبة الامام وحديث جابر يدل على أنه اذن بعد فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته وكيفما فعل فحسن (فصل) والاولى أن يؤذن للاولى وان لم يؤذن فلا بأس هكذا قال احمد لان كلا مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والاذان أولى، وهو قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، وقال
مالك يؤذن لكل صلاة واتباع السنة أولى من موافقة القياس على سائر المجموعات والفوائت (فصل) والسنة تعجيل الصلاة حين تزول الشمس وأن تقصر الخطبة ثم يروح إلى الموقف لما روي أن سالما قال للحجاج يوم عرفة ان كنت تريد أن تصيب السنة فقصر الخطبة وعجل الصلاة فقال ابن عمر صدق رواه البخاري ولان تطويل ذلك يمنع الرواح إلى الموقف في أول وقت الزوال والسنة
التعجيل في ذلك فقد روى سالم أن الحجاج أرسل إلى ابن عمر أي ساعة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يروح في هذا اليوم قال إذا كان ذاك رحنا فلما أراد ابن عمر أن يروح قال أزاغت الشمس قالوا لم تزغ فلما قالوا قد زاغت ارتحل رواه أبو داود قال ابن عمر غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى حين صلى الصبح صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة فنزل بنمرة حتى إذا كان عند الصلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجرا فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة، وقد ذكرنا حديث جابر قال ابن عبد البرهذا كله مما لا خلاف فيه بين علماء المسلمين (فصل) ويجوز الجمع لمن بعرفة من مكي وغيره قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن الامام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة وكذلك كل من صلى مع الامام وذكر أصحابنا أنه لا يجوز الجمع الا لمن بينه وبين وطنه ستة عشر فرسخا الحاقا له بالقصر والصحيح الاول فان النبي صلى الله عليه وسلم جمع معه من حضر من المكيين وغيرهم فلم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال " أتموا فانا سفر " ولو حرم لبينه لهم لانه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يقر النبي صلى الله عليه وسلم على الخطأ وقد كان عثمان رضي الله عنه يتم الصلاة لانه أتخذ اهلا ولم يترك الجمع وروي نحو ذلك عن ابن الزبير وكان عمر بن عبد العزيز والي مكة فخرج فجمع بين الصلاتين ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين الخلاف في الجمع بعرفة
والمزدلفة بل وافق عليه من لا يرى الجمع في غيره فالحق فيما أجمعوا عليه فلا يعرج على غيره فاما القصر فلا يجوز لاهل مكة، وبه قال عطاء ومجاهد والزهري وابن جريج والثوري ويحيى القطان والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر، وقال القاسم وسالم ومالك والاوزاعي لهم القصر لان لهم الجمع فكان لهم القصر كغيرهم
ولنا أنهم في غير سفر بعيد فلم يجز لهم القصر كغير من بعرفة ومزدلفة (1) قيل لابي عبد الله رحمه الله فرجل أقام بمكة ثم خرج إلى الحج قال ان كان لا يريد أن يقيم بمكة إذا رجع صلى ركعتين وذكر فعل ابن عمر قال لان خروجه إلى منى وعرفة ابتداء سفر فان عزم على أن يرجع ويقيم بمكة أتم بمنى وعرفة (مسألة) (ثم يروح إلى الموقف وعرفة كلها موقف الا بطن عرنة.
وهي من الجبل المشرف على عرفة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر) يعني إذا صلى الصلاتين صار إلى الموقف بعرفة لما ذكرنا من حديث جابر وابن عمر، ويستحب أن يغتسل للموقف لان ابن مسعود رضي الله عنه كان يفعله، وروي عن علي رضي الله عنه، وبه قال الشافعي واسحاق وأبو ثور وابن المنذر لانه مكان يجتمع فيه الناس للعبادة فاستحب له الاغتسال كالعيد والجمعة (فصل) وعرفة كلها موقف لان النبي صلى الله عليه وسلم قال " قد وقفت ههنا وعرفة كلها موقف " رواه أبو داود وابن ماجة وعن يزيد بن شيبان قال: أتانا ابن مربع الانصاري ونحن بعرفة
في مكان يباعده عمرو عن الامام فقال اني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم اليكم يقول " كونوا على مشاعركم فانكم على ارث من ارث أبيكم أبراهيم " (فصل) وليس وادي عرنة من الموقف ولا يجزئه الوقوف به قال ابن عبد البر أجمع الفقهاء على أن من وقف به لا يجزئه، وحكي عن مالك أنه يجزئه وعليه دم ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " كل عرفة موقف وارفعوا عن بطن عرنة " رواه ابن ماجة ولانه لم يقف بعرفة فلم يجزه كما لو وقف بمزدلفة.
وحد عرفة من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر (مسألة) (ويستحب ان يقف عند الصخرات وجبل الرحمة راكبا وقيل الراجل أفضل) المستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة ويستقبل القبلة لما جاء في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة والافضل أن يقف راكبا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقف على راحلته وقيل الراجل أفضل لانه أخف على الراحلة
ويحتمل التسوية بينهما.
والوقوف بعرفة ركن لا يتم الحج الا به اجماعا نذكره ان شاء الله تعالى
(مسألة) (ويكثر من الدعاء ومن قول لا إله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير.
اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، ويسر لي أمري) وجملة ذلك أنه يستحب الاكثار من ذكر الله تعالى والدعاء يوم عرفة فانه يوم ترجى فيه الاجابة ولذلك أحببنا له الفطر ليتقوى به على الدعاء مع أن صومه بغير عرفة يعدل سنتين، وروى ابن ماجة في سننه قال قالت عائشة رضي الله عنها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، فانه ليدنو عزوجل ثم يباهي بكم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء " ويستحب أن يختار المأثور من الادعية مثل ماروي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكثر دعاء الانبياء قبلي ودعائي عشية عرفة لا إله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير.
اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، ويسر لي أمري " وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لا إله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد.
اللهم اهدني بالهدى، وقني بالتقوى، وأغفر لي في الآخرة والاولى.
ويرد يديه ويسكت قدر ما كان انسان قارئا فاتحة الكتاب ثم يعود فيرفع يديه ويقول مثل ذلك، ولم يزل يفعل ذلك حتى أفاض.
وسئل سفيان بن عيينة عن أفضل الدعاء يوم عرفة فقال: لا إله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، فقيل له هذا ثناء وليس بدعاء، فقال أما سمعت قول الشاعر
أأذكر حاجتي أم قد كفاني * حباؤك إن شيمتك الحباء إذا أثنى عليك المرء يوما * كفاه من تعرضه الثناء وروي أن من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة " اللهم انك ترى مكاني، وتسمع كلامي، وتعلم سري وعلانيتي، ولا يخفى عليك شئ من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل
المشفق، المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل اليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف المستجير، من خضعت لك رقبته، وذل لك جسده، وفاضت لك عينه، ورغم لك أنفه " وروينا عن سفيان الثوري رضي الله عنه قال سمعت اعرابيا وهو مستلق بعرفة يقول: إلهي من أولى بالزلل والتقصير مني وقد خلقتني ضعيفا، ومن أولى بالعفو عني منك وعلمك في سابق وأمرك بي محيط، أطعتك باذنك والمنة لك، وعصيتك بعلمك والحجة لك، فأسألك بوجوب حجتك وانقطاع حجتي وبفقري اليك وغناء عني أن تغفر لي وترحمني، إلهي لم أحسن حتى أعطيتني، ولم أسئ حتى قضيت علي، اللهم أطعتك بنعمتك في أحب الاشياء اليك شهادة أن لا اله الا الله، ولم أعصك في أبغض الاشياء اليك الشرك بك، فاغفر لي ما بينهما، اللهم أنت أنس المؤنسين لاوليائك وأقربهم بالكفاية من المتوكلين عليك، تشاهدهم في ضمائرهم، وتطلع على سرائرهم، وسري اللهم لك مكشوف، وأنا اليك ملهوف، إذا أوحشتني الغربة آنسني ذكرك، وأذا أصمت علي الهموم لجأت اليك استجارة بك،
علما بان أزمة الامور بيديك ومصدرها عن قضائك.
وكان ابراهيم بن اسحاق الحربي يقول: اللهم قد آويتني من ضناي، وبصرتني من عماي، وأنقذتني من جهلي وجفاي، أسألك ما يتم به فوزي، وما أؤمل في عاجل دنياي وديني، ومأمول أجلي ومعادي، ثم مالا أبلغ اداء شكره ولا أنال احصاءه وذكره الا بتوفيقك والهامك أن هيجت قلبي القاسي على الشخوص إلى حرمك، وقويت أركاني الضعيفة لزيارة عتيق بيتك، ونقلت بدني لاشهادي مواقف حرمك، اقتداء بسنة خليلك، واحتذاء على مثال رسولك، واتباعا لآثار خيرتك وأنبيائك وأصفيائك صلى الله عليهم، وادعوك في مواقف الانبياء عليهم السلام، ومناسك السعداء ومشاهد الشهداء دعاء من أتاك لرحمتك راجيا، وعن وطنه نائيا، ولقضاء نسكه مؤديا، ولفرائضك قاضيا، ولكتابك تاليا، ولربه عزوجل داعيا ملبيا، ولقبله شاكيا، ولذنبه خاشيا، ولحظه مخطئا، ولرهنه مغلقا، ولنفسه ظالما، ولجرمه عالما.
دعاء من عمت عيوبه وكثرت ذنوبه، وتصرمت أيامه، واشتدت فاقته، وانقطعت مدته، دعاء من ليس لذنبه سواك غافرا، ولا لعيبه غيرك مصلحا، ولا لضعفه غيرك مقويا، ولا لكسره غيرك جابرا، ولا لمأمول خير
غيرك معطيا، وقد أصبحت في بلد حرام ويوم حرام في شهر حرام في قيام من خير الانام، أسألك أن لا تجعلني أشقى خلقك المذنبين عندك، ولا أخيب الراجين لديك، ولا أحرم الآملين لرحمتك الزائرين لبيتك، ولا أخسر المنقلبين من بلادك، اللهم وقد كان من تقصيري ما قد عرفت، ومن توبيقي
نفسي ما قد علمت، ومن مظالمي ما قد أحصيت، فكم من كرب منه قد نجيت، وكم من غم قد جليت، ومن هم قد فرجت، ودعاء قد استجبت، وشدة قد أزلت، ورجاء قد أ؟ لت منك النعماء وحسن القضاء، ومني الجفا وطول الاستقصاء والتقصير عن اداء شكرك لك النعماء يا محمود فلا يمنعك يا محمود من اعطائي مسئلتي من حاجتي إلى حيث انتهى لها سؤلي ما تعرف من تقصيري، وما تعلم من ذنوبي وعيوبي.
اللهم فأدعوك راغبا، وأنصب لك وجهي طالبا، وأضع لك خدي مذنبا راهبا فتقبل دعائي، وارحم ضعفي، واصلح الفساد من أمري، واقطع من الدنيا همي، واجعل فيما عندك رغبتي اللهم واقلبني منقلب المدركين لرجائهم، المقبول دعاؤهم، المفلوج حجتهم، المبرور حجهم، المغفور ذنبهم، المحطوط خطاياهم، الممحو سيئاتهم، المرشود أمرهم، منقلب من لا يعصي لك بعده أمرا، ولا يأتي من بعده مأثما، ولا يركب بعده جهلا، ولا يحمل بعده وزرا، منقلب من عمرت قلبه بذكرك، ولسانه بشكرك، وطهرت الادناس من بدنه، واستودعت الهدى قلبه، وشرحت بالاسلام صدره، وأقررت بعفوك قبل الممات عينه، وأغضضت عن المآثم بصره، واستشهدت في سبيلك نفسه، يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا كما يحب ربنا ويرضى، ولا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم، ويدعو بما أحب من الدعاء والذكر إلى غروب الشمس (فصل) ووقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر، فمن حصل بعرفة في شئ من هذا الوقت وهو عاقل تم حجه لا نعلم خلافا بين العلماء أن آخر وقت الوقوف طلوع الفجر من يوم النحر، قال جابر رضي الله عنه لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع، قال أبو الزبير فقلت له أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؟
قال نعم.
رواه الاثرم، وأما أوله فمن طلوع الفجر يوم عرفة، فمتى حصل بعرفة في شئ من هذا
الوقت وهو عاقل فقد تم حجه، وقال مالك والشافعي أول وقته زوال الشمس يوم عرفة، واختاره أبو حفص العكبري، وحكى ابن عبد البر اجماعا لان النبي صلى الله عليه وسلم انما وقف بعد الزوال ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه " ولانه من يوم عرفة فكان وقتا للوقوف كما بعد الزوال، وترك الوقوف فيه لايمنع كونه وقتا له كما بعد العشاء، وانما وقفوا في وقت الفضيلة ولم يستوعبوا وقت الوقوف (فصل) وكيفما حصل بعرفة وهو عاقل أجزأه قائما، أو جالسا، أو راكبا، أو نائما، وإن مر بها مختارا فلم يعلم أنها عرفة أجزأه أيضا، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وقال أبو ثور لا يجزئه لانه لا يكون واقفا إلا بالارادة ولنا عموم قوله عليه السلام " وقد أتى عرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا " ولانه حصل بعرفة في زمن الوقوف وهو عاقل فاجزأه كما لو علم وإن وقف وهو مغمى عليه أو مجنون ولم يفق حيت خرج منها لم يجزه وهو قول الحسن والشافعي وأبي ثور وابن المنذر، وقال عطاء في المغمى عليه يجزئه وهو قول مالك وأصحاب الرأي، وقد توقف أحمد في هذه المسألة، وقال: الحسن يقول بطل حجه، وعطاء يرخص فيه، وذلك لانه لا يعتبر له نية ولا طهارة ويصح من النائم فصح من المغمى عليه كالمبيت بمزدلفة، ووجه الاول أنه ركن من أركان
الحج فلم يصح من المغمى عليه كسائر أركانه.
قال ابن عقيل والسكران كالمغمى عليه لانه زائل العقل بغير نوم، فأما النائم فهو في حكم المستيقظ يجزئه الوقوف (فصل) وتسن له الطهارة، قال أحمد يستحب أن يشهد المناسك كلها على وضوء، كان عطاء يقول لا يقضى شئ من المناسك إلا على وضوء ولا يجب في ذلك وحكاه ابن المنذر اجماعا، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها " افعلي ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت " دليل على أن الوقوف
بعرفة جائز على غير طهارة، ووقفت عائشة بعرفة حائضا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشترط ستارة، ولا استقبال، ولا نية، ولا نعلم فيه خلافا لانه لا تشترط له الطهارة فلم يشترط له شئ من ذلك قياسا عليها (فصل) ومن فاته ذلك فاته الحج لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه " رواه أبو داود يدل على فواته بخروج ليلة جمع، ولحديث جابر الذي ذكرناه ولا نعلم في ذلك خلافا، ولانه ركن للعبادة فلم يتم بدونه كسائر العبادات (مسألة) (ومن وقف بها نهارا ودفع قبل غروب الشمس فعليه دم) يعني أنه يجب عليه الوقوف إلى غروب الشمس ليجع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة لان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.
رواه جابر وغيره، وقال عليه السلام " خذوا عني مناسككم " فان دفع قبل الغروب فحجه صحيح في قول جماعة الفقهاء إلا مالكا فانه قال لاحج له.
قال ابن عبد البر لا نعلم أحدا من العلماء قال بقول مالك، ووجه قوله ماروى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج، ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحلل بعمرة وعليه الحج من قابل " ولنا ما روى عروة بن مضرس قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يارسول الله اني جئت من جبل طي أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من شهد صلاتنا هذه ووقوف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليللا أو نهارا فقد تم حجه، وقضى تفثه " قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، ولانه وقف في زمن الوقوف أشبه الليل، فأما خبره فانما خص الليل لان الفوات يتعلق به
إذا كان بعد النهار فهو آخر وقت الوقوف كما قال عليه السلام " من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها " وعلى من دفع قبل الغروب دم في قول أكثر العلماء منهم عطاء والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ومن تبعهم لقول ابن عباس رضي الله عنهما: من ترك نسكا فعليه دم ويجزئه شاة، وقال ابن جريح عليه بدنة ونحوه قول الحسن
ولنا أنه واجب لا يفسد الحج بفواته فلم يوجب بدنة كالاحرام من الميقات (فصل) فان دفع قبل الغروب ثم عاد نهارا فوقف حتى غرب الشمس فلا دم عليه، وبه قال مالك والشافعي، وقال الكوفيون وأبو ثور عليه دم لانه بالدفع لزمه الدم فلم يسقط برجوعه كما لو عاد بعد الغروب ولنا أنه أتى بالواجب وهو الوقوف في الليل والنهار فلم يجب عليه دم كمن تجاوز الميقات غير محرم ثم رجع فأحرم منه، فان لم يعد حتى غرب الشمس فعليه دم لان عليه الوقوف حال الغرب وقد فاته بخروجه فأشبه من تجاوز الميقات غير محرم فأحرم دونه ثم عاد إليه (مسألة) (فمن وافاها ليلا فوقف بها فلا دم عليه) إذا لم يأت عرفة حتى غابت الشمس ولم يدرك جزءا من النهار فوقف بها ليلا فقد تم حجه ولا شئ عليه، لا نعلم فيه مخالفا لقول النبي صلى الله عليه وسلم من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج " ولانه لم يدرك جزأ من النهار فأشبه من منزله دون الميقات إذا أحرم منه (مسألة) (ثم يدفع بعد غروب الشمس إلى مزدلفة وعليه السكينة والوقار) فإذا وجد فجوة أسرع لقول جابر رضي الله عنه في حديثه فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص فاردف اسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء بالزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى " أيها الناس السكينة السكينة " وقال اسامة
رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير العنق فإذا وجد فجوة نص يعني أسرع قال هشام النص فوق العنق متفق عليه (فصل) ويستحب أن يكون دفعه مع الامام أو الوالي الذي إليه أمر الحج من قبله ولا ينبغى للناس أن يدفعوا حتى يدفع قال احمد ما يعجبني ان يدفع الا مع الامام وسئل عن رجل دفع قبل الامام بعد غروب الشمس قال ما وجدت عن أحمد أنه سهل فيه كلهم يشدد فيه (فصل) ويكون ملبيا ذاكر الله عزوجل لان ذكر الله مستحب في كل الاوقات وهو في هذا
الوقت أشد تأكيدا لقول الله تعالى (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله) الآية ولانه زمن الاستشعار بطاعة الله تعالى والتلبس بعبادته والسعي إلى شعائره ويستحب التلبية وقال قوم لا يلبي ولنا ماروى الفضل بن العباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة متفق عليه، ويستحب أن يمضي على طريق المأزمين لانه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سلكها وان سلك غيرها جاز لحصول المقصود به (مسألة) (فإذا وصل مزدلفة صلى المغرب والعشاء قبل حط الرحال) السنة لمن دفع من عرفة أن لا يصلي المغرب حتى يصل مزدلفة فيجمع بين المغرب والعشاء بغير
خلاف قالل ابن المنذر أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم أن السنة أن يجمع الحاج بجمع بين المغرب والعشاء لان النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينها رواه جابر وابن عمر واسامة وغيرهم وأحاديثهم صحاح (فصل) ويستحب أن يجمع قبل حط الرحال وأن يقيم لكل صلاة اقامة لما روى اسامة بن زيد رضي الله عنهما قال دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذ كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ فقلت له الصلاة يارسول الله فقال " الصلاة أمامك " فركب فلما جاء مزدلفة نزل فتوضأ فاسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل انسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يصل بينهما متفق عليه وممن روي عنه أنه يجمع بينهما باقامتين بلا أذان ابن عمر وسالم والقاسم بن محمد والشافعي واسحاق وان اقتصر على اقامة للاولى فلا بأس يروى ذلك عن ابن عمر أيضا وبه قال الثوري لما روى ان عمر رضي الله عنهما قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء يجمع صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين باقامة واحدة رواه مسلم وان أذن للاولى وأقام للثانية فحسن فانه مروي في حديث جابر وهو متضمن للزيادة وهو معتبر بسائر الفوائت والمجموعات وهو قول ابن المنذر وأبي ثور واختار الخرقي القول الاول قال ابن المنذر هو آخر قولي احمد لان راويه اسامة وهو أعلم بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه كان رديفه وانما لم يؤذن للاولى ههنا لانها في غير وقتها بخلاف المجموعتين
بعرفة، وقال مالك يجمع بينهما باذان واقامتين، وروي ذلك عن عمر وابنه وابن مسعود واتباع
السنة أولى قال ابن عبد البر لا أعلم فيما قاله مالك حديثا مرفوعا بوجه من الوجوه وقال قوم انما أمر عمر بالتأذين للثانية لان الناس كانوا قد تفرقوا لعشائهم فاذن لجمعهم وكذلك ابن مسعود فانه كان يجعل العشاء بمزدلفة بين الصلاتين (فصل) والسنة أن لا يتطوع بينهما قال ابن المنذر لا اعلمهم يختلفون في ذلك، وقد روي عن ابن مسعود أنه يتطوع بينهما ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولنا حديث اسامة وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل بينهما وحديثهما أصح (مسألة) (وان صلى المغرب في الطريق ترك السنة وأجزأه) وبه قال عطاء وعروة والقاسم وسعيد بن جبير ومالك والشافعي واسحاق وأبو ثور وأبو يوسف وابن المنذر، وقال أبو حنيفة والثوري لا يجزئه لان النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين فكان نسكا وقد قال عليه السلام " خذوا عني مناسككم " ولنا أن كل صلاتين جاز الجمع بينهما جاز التفريق بينهما كالظهر والعصر بعرفة وفعل النبي صلى الله عليه وسلم محمول على الافضل وما ذكروه يبطل بالجمع بعرفة (مسألة) (ومن فاتته الصلاة مع الامام بعرفة أو بمزدلفة جمع وحده) لا نعلم خلافا في أنه إذا فانه الجمع مع الامام بمزدلفة أنه يجمع وحده لان الثانية منهما تصلى في وقتها وكذلك لو فرق بينهما لم يبطل الجمع، وقد روى اسامة قال ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل انسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها وكذلك حكم من فاته الجمع مع الامام بعرفة بين الظهر والعصر فانه يجمع وحده أيضا فعله ابن عمر، وبه قال عطاء ومالك والشافعي واسحاق
وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد، وقال النخعي والثوري وأبو حنيفة لا يجمع الا مع الامام لان لكل صلاة وقتا محدودا، وانما ترك ذلك في الجمع مع الامام فإذا لم يكن اماما رجعنا إلى الاصل ولنا فعل ابن عمر ولان كل جمع جاز مع الامام جاز منفردا كالجمع بين العشاءين بجمع قولهم إنا
جاز الجمع في الجماعة لا يصح لانهم قد سملواان الامام يجمع، وان كان منفردا (مسألة) (ثم يبيت بها فان دفع قبل نصف الليل فعليه دم، وان دفع بعده فلا شئ عليه وإن وافاها بعد نصف الليل فلا شئ عليه، وان جاء بعد الفجر فعليه دم، وحد المزدلفة مابين المأزمين ووادي محسر) وجملة ذلك أن المبيت بمزدلفة واجب من تركه فعليه دم هذا قول عطاء والزهري وقتادة والثوري والشافعي واسحاق وأبي عبيد وأصحاب الرأي لان النبي صلى الله عليه وسلم بات بها وقال " خذوا عني مناسككم " وقال علقمة والنخعي والشعبي من فانه جمع فاته الحج لقوله تعالى (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) وقول النبي صلى الله عليه وسلم " من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه " ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " الحج عرفة فمن جاء قبل ليلة جمع فقد تم حجه " يعني من جاء عرفة وما احتجوا به من الآية والخبر فالمنطوق فيهما ليس بركن في الحج إجماعا فانه لو بات بجمع ولم يذكر الله تعالى ولم يشهد الصلاة صح حجه فما هو من ضرورة ذلك أولى ولان المبيت ليس من ضرورة ذكر الله تعالى بها، وكذلك شهود صلاة الفجر فانه لو أفاض من عرفة اخر ليلة النحر أمكنه ذلك فيتعين حمل ذلك على الايجاب أو الفضيلة أو الاستحباب
(فصل) وليس له الدفع قبل نصف الليل فان فعل فعليه دم، وإن دفع بعده فلا شئ عليه، وبه قال الشافعي وقال مالك ان مر بها فلم ينزل فعليه دم وان نزل فلا دم عليه متى ما دفع ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم باب بها وقال " لتأخذوا عني مناسككم " وإنما أبيح الدفع بعد نصف الليل بما ورد من الرخصة فيه فروى ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت فيمن قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى متفق عليه، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت رواه أبو داود فمن دفع من مزدلفة قبل نصف الليل ولم يعد في الليل فعليه دم، وان عاد فلا دم كالذي دفع من عرفة نهارا ثم عاد نهارا (فصل) ويجب الدم على من دفع قبل نصف الليل ولم يرجع في الليل وعلى من ترك المبيت بمنى
سواء فعل ذلك عامدا أو ساهيا أو جاهلا لانه ترك نسكا والنسيان أثره في جعل الموجود كالمعدوم لا في جعل المعدوم كالموجود الا أنه رخص لاهل السقاية والرعاء في ترك البيتوتة لان النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة في ترك البيتوتة، وفي حديث عدي وأرخص للعباس في ترك المبيت لاجل سقايته ولان عليهم مشقة في المبيت لحاجتهم إلى حفظ مواشيهم وسقي الحاج فكان لهم ترك المبيت كليالي منى وروي عن احمد أن المبيت بمزدلفة غير واجب والمذهب الاول (فصل) فان وافاها بعد نصف الليل فلا شئ عليه لانه لم يدرك جزءأ من النصف الاول فلم يتعلق به حكمه كمن أدرك الليل بعرفات دون النهار وإن جاء بعد الفجر فعليه دم لترك الواجب وهو المبيت والمستحب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والمبيت إلى أن يصبح ثم يقف حتى بسفر ولا بأس بتقديم
الضعفة والنساء، وممن كان يقدم ضعفة أهله عبد الرحمن بن عوف وعائشة، وبه قال عطاء والثوري وأبو حنيفة والشافعي ولا نعلم فيه خلافا لان فيه رفقا بهم ودفعا لمشقة الزحام عنهم والاقتداء بنبيهم عليه الصلاة والسلام (فصل) وللمزدلفة ثلاثة أسماء: مزدلفة وجمع والمشعر الحرام، وحدها من مأزمي عرفة إلى قرن محسر وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب ففي أي موضع وقف منها اجزأه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " كل المزدلفة موقف " رواه أبو داود وابن ماجه، وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " وقفت ههنا بجمع وجمع كلها موقف " وليس وادي محسر من مزدلفة لقوله " وارفعوا عن بطن محسر " (مسألة) (فإذا أصبح بها صلى الصبح، ثم يأني المشعر الحرام فيرقى عليه أو يقف عنده ويحمد الله تعالى ويكبر ويدعو) يستحب أن يعجل صلاة الصبح ليتسع وقت الوقوف عند المشعر الحرام لقول جابر إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح حين تبين له الصبح، ثم إذا صلى أتى المشعر الحرام فوقف عنده أو رقي عليه إن أمكنه فذكر الله تعالى ودعاه واجتهد لقول الله تعالى (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المشعر الحرام فرقي عليه فحمد الله وكبره وهلله ووحده، وفي
لفظ ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وهلله وكبره واجتهد، ويستحب أن يكون من دعائه: اللهم كما وقفتنا فيه وأريتنا اياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق (فإذا أفضتم من عرفات - إلى - غفور رحيم) الآيتين إلى أن يسفر لان في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل واقفا حتى أسفر جدا (مسألة) (ثم يدفع قبل طلوع الشمس لا نعلم خلافا في استحباب الدفع قبل طلوع الشمس لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
قال ابن عمر رضي الله عنهما إن المشركين كانوا لا يفيضون يقولون: أشرق ثبير كيما نغير.
وأن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خالفهم فأفاض قبل أن تطلع الشمس.
رواه البخاري (1) والسنة الاسفار جدا، وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وكان مالك يرى الدفع قبل الاسفار ولنا حديث جابر الذي ذكرناه، وعن نافع أن ابن الزبير أخر في الوقت حتى كادت الشمس تطلع، فقال ابن عمر اني أراه يريد أن يصنع كما صنع أهل الجاهلية فدفع ودفع الناس معه، وكان ابن مسعود يدفع كانصراف القوم المسفرين من صلاة الغداة ويستحب أن يسير وعليه السكينة.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: ثم أردف النبي صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس وقال أيها النس " إن البر ليس بايجاف الخيل الابل فعليكم بالسكينة " فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى (مسألة) (فإذا بلغ محسرا أسرع قدر رمية بحجر) يستحب الاسراع في وادي محسر وهو مابين المزدلفة ومنى، فان كان ماشيا أسرع، وإن كان راكبا حرك دابته لان جابرا قال في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم إنه لما أتى بطن محسر حرك قليلا، ويروى أن عمر رضي الله عنه لما أتي محسرا أسرع وقال: اليك يعدو قلقا وضينها * مخالفا دين النصارى دينها * معترضا في بطنها جنينها وذلك قدر رمية بحجر ويكون ملبيا في طريقه فان الفضل بن عباس روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل
يلى حتى رمى جمرة العقبة.
متفق عليه، ولان التلبية من شعار الحج فلا تقطع إلا بالشروع في الاحلال وأوله رمي جمرة العقبة (مسألة) (ثم يأخذ حصى الجمار من طريقة أو من مزدلفة ومن حيث أخذه جاز، ويكون أكبر من الحمص دون البندق) انما يستحب أخذ حصى الجمار قبل أن يصل منى لئلا يشتغل عند قدومه بشئ قبل الرمي لانها تحية له كما أن الطواف تحية المسجد فلا يبدة بشئ قبله، وكان ابن عمر رضي الله عنه يأخذ حصى الجمار من جمع وفعله سعيد بن جبير وقال: كانوا يتزودون الحصى من جمع واستحبه الشافعي.
وقال أحمد: خذ الحصى من حيث شئت اختاره عطاء وابن المنذر وهو أصح إن شاء الله تعالى لان ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته " القط لي حصى " فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف فجعل يقبضهن في كفه ويقول " أمثال هؤلاء فارموا " ثم قال أيها
الناس " اياكم والغلو في الدين فانما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " رواه ابن ماجه وكان ذلك بمنى ولا خلاف أنه يجزئه أخذه من حيث كان والتقاطه أولى من تكسيره لهذا الخبر ولانه لا يؤمن في تكسيره أن يطير إلى وجهه شئ يؤذيه، ويستحب أن يكون كحصى الخذف للخبر ولقول جابر في حديثه كل حصاة منها مثل حصى الخذف، وروى سليمان بن عمرو بن الاحوص عن أمة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس " إذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف " رواه أبو داود، قال الاثرم يكون أكبر من الحمص ودون البندق، وكان ابن عمر يرمي بمثل بعر الغنم، فان رمى بحجر كبير فقال أصحابنا يجزئه مع ترك السنة لانه قد رمى بحجر وكذلك الحكم في الصغير، وروى عن أحمد انه قال لا يجوز حتى يأتي بالحصى على ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لانه أمر بهذا القدر ونهى عن تجاوزه والامر يقتضي الوجوب والنهي يقتضي فساد المنهي عنه (فصلى) واختلفت الرواية عن أحمد في استحباب غسله فروي عنه أنه مستحب ذكره الخرقي لانه روي عن ابن عمر وكان طاوس يفعله، وكان ابن عمر يتحرى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعن أحمد أنه
لا يستحب قوا لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وهذا الصحيح وهو قول عطاء ومالك ومالك وكثير من أهل العلم فان النبي صلى الله عليه وسلم لما لقطت له الحصى وهو راكب على بعيره جعل يقبضهن في يده لم يغسلهن ولا أمر بغلسهن ولا فيه معنى يقتضيه، فان رمى بحجر نجس اجزأه لانه حصاة ويحتمل أن لا يجزئه لانه يؤدي به العبادة فاعتبرت طهارته كحجر الاستجمار وتراب التيمم، وإن غسله ورمى به اجزأه وجها واحدا والله تعالى أعلم (مسألة) (وعدده سبعون حصاة يرمي منها بسبع يوم النحر وباقيها في أيام منى كل يوم باحدى وعشرين، فإذا وصل منى - وحدها من وادي محسر إلى العقبة - بدأ بجمرة العقبة فرماها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة يكبر مع كل حصاة ويرفع يده حتى يرى بياض ابطه) حد منى مابين جمرة العقبة ووادي محسر كذلك قال عطاء والشافعي وليس محسر والعقبة من منى ويستحب سلوك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى فان النبي صلى الله عليه وسلم سلكها كذا في حديث جابر، فإذا وصل منى بدأ بجمرة العقبة لان النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بها، ولانها تحية منى فلم يتقدمها شئ كالطواف في المسجد وهي آخر الجمرات مما يلي منى وأولها مما يلي مكة وهي عند العقبة لذلك سميت بهذا فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويستبطن الوادي ويستقبل القبلة ثم ينصرف ولا يقف وهذا بجملته قول من علمنا قوله من أهل العلم وإن رماها من فوقها جاز، ولان عمر رضي الله عنه جاء والزحام عند الجمرة فرماها من فوقها والاول أفضل لما روى عبد الرحمن بن يزيد أنه
مشى مع عبد الله وهو يرمي الجمرة، فلما كان في بطن الوادي اعترضها فرماها، فقيل له ان ناسا يرمونها من فوقها فقال: من ههنا والذي لا إله غيره رأيت الذي أنزل عليه سورة البقرة رماها.
متفق عليه وفي لفظ لما أتى عبد الله جمرة العقبة استبطن الوادي واستقبل القبلة وجعل يرمي الجمرة على حاجبه الايمن ثم رمى جمرة بسبع حصيات ثم قال: والذي لا إله الا هو من ههنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
قال الترمذي هذا حديث صحيح.
ولا يسن الوقوف عندها لان ابن عمر وابن عباس رويا
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف.
رواه ابن ماجه.
ويكبر مع كل حصاة لان جابرا قال: فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، وإن قال اللهم اجعله حجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وعملا مشكورا، فحسن.
فان ابن مسعود ابن عمر كانا يقولان نحو ذلك، وروى حنبل في المناسك باسناده عن زيد بن أسلم قال: رأيت سالم بن عبد الله استبطن الوادي ورمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر ثم قال: اللهم اجعله حجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وعملا مشكورا.
فسألته عما صنع فقال حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة من هذا المكان ويقول كلما رمى حصاة مثل ما قلت ويرمي الحصى واحدة بعد واحدة كما ذكر، وإن رماها دفعة وحدة لم يجزه إلا عن واحدة نص عليه أحمد وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي.
وقال عطاء: بجزئه ويكبر لكل حصاة ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى سبع رميات وقال " خذوا عن مناسككم " ويرفع يده حتى
يرى بياض ابطه قال بعض أصحابنا (فصل) ويرميها راجلا وراكبا وكيفما شاء لان النبي صلى الله عليه وسلم رماها على راحلته.
رواه جابر وابن عمر وغيرهما، قال جابر رضي الله عنه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحتله يوم النجر ويقول " لاخذوا عني مناسككم فاني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه " رواه مسلم، وقال نافع كان ابن عمر رضي الله عنهما يرمي جمرة العقبة على دابته يوم النحر وكان لا يأتي سائرها بعد ذلك إلا
ماشيا ذاهبا وراجعا، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأتيها إلا ذاهبا وراجعا.
رواه أحمد في المسند، وفي هذا بيان للتفريق بين هذا الجمرة وغيرها، ولان رمي هذه الجمرة مما تستحب البداية به وهي في هذا اليوم عند قدرمه ولا يسن عندها وقوف، فلو سن له المشي إليها لشغله النزول عن الابتداء بها والتعجيل إليها بخلاف سائرها (فصل) ولا يجزئه الرمي إلا أن يقع الحصى في المرمى، فان وقع دونه لم يجزئه لا نعلم فيه خلافا
وكذلك إن وضعها بيده في المرمى لا يجزئه في قولهم جميعا لانه مأمور بالرمي ولم يرم، وإن طرحها طرحا اجزأه لانه يسمى رميا وهذا قول أصحاب الرأي، وقال ابن القاسم لا يجزئه، وإن رمى حصاة فوقعت في غير المرمى فأطارت حصاة أخرى فوقعت في المرمى لم يجزه لان التي رماها لم تقع في المرمي وإن رمى حصاة فالتقطها طائر قبل وصولها لم يجزه لانها لم تقع في المرمى، وإن وقعت على موضع صلب في غير المرمى ثم تدحرجت إلى المرمى أو على ثوب انسان تم طارت فوقعت في المرمى اجزأته لان حصولها في المرمى بفعله، وإن نفضها الانسان عن ثوبه فوقعت في المرمى فعن أحمد أنها تجزئه لانه انفرد برميها، وقال ابن عقيل لاتجزئه لان حصولها في المرمى بفعل الثاني فأشبه مالو أخذها بيده فرمي
بها، وإن رمى حصاة فشك هل وقعت في المرمى أو لا لم يجزه لان الاصل بقاء الرمي في ذمته فلا يزول بالشك، وعنه يجزئه ذكره ابن البنا في الخصال، وإن غلب على ظنه أنها وقعت فيه اجزأته لان الظاهر دليل (مسألة) (ويقطع التلبية مع ابتداء الرمى) يروى ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وميمونة رضي الله عنهم، وبه قال عطاء وطاوس وسعيد بن جبير والنخعي والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وروي عن سعيد بن أبي وقاص وعائشة رضي الله عنهما يقطع التلبية إذا راح الموقف، وعن علي وأم سلمة رضي الله عنهما أنهما كانا يلبيان حتى تزول الشمس يوم عرفة، وقال مالك يقطع التلبية إذا راح المسجد، وكان الحسن يقول يلبي حتى يصلي الغداة يوم عرفة ولنا أن الفضل بن عباس رضي الله عنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة وكان رديفه يومئذ وهو أعلم بحاله من غيره، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يقدم على ما خالفه، ويستحب قطع التلبية عند أول حصاة للخبر، وفي بعض ألفاظه: حتى رمى جمرة العقبة قطع عند أول حصاة.
رواه حنبل في المناسك وهذا بيان يتعين الاخذ به، وفي رواية من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر مع كل حصاة دليل على أنه لم يكن يلي، ولانه يتحلل بالرمي، وإذا شرع فيه قطع التلبية
كالمعتمر يقطع التلبية بالشروع في الطواف (مسألة) (وإن رمى بذهب أو فضة أو غير الحصى أو رمى بحجر رمى به مرة لم يجزه) يجزئ المرمي بكل ما يسمى حصى وهي الحجارة الصغار سواء كان أسود، أو أبيض، أو أحمر من المرمر أو البرام أو المرو وهو الصوان أو الرخام أو الكذان، أو حجر المسان وهذا قول مالك والشافعي، وقال القاضي لا يجزئ الرخام والبرام والكذان، ومقتضى قوله أن لا يجزئ المرو ولا حجر المسن، وقال أبو حنيفة يجزئ بالطين والمدر وما كان من جنس الارض، ونحوه قول الثوري، وروي عن سكينة بنت الحسين أنها رمت الجمرة ورجل يناولها الحصى وسقطت حصاة فرمت بخاتمها ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بالحصى وأمر بالرمي بمثل حصى الخذف فلا يتناول غير الحصى ويتناول
جميع أنواعه فلا يجوز تخصيص بغير دليل ولا إلحاق غيره به والذهب والفضة لا يتناوله اسم الحصى (فصل) وإن رمى بحجر أخذ من المرمى لم يجزه، وقال الشافعي يجزئه لانه حصى فيدخل في العموم ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذه من غير المرمى وقال " خذوا عني مناسككم " ولانه لو جاز الرمي بمارمي به لما احتاج أحد إلى أخذ الحصى من غير مكانه ولا نكسير، ولان ابن عباس قال ما نقبل منه رفع، وإن رمى بخاتم فضة حجر لم يجزه في أحد الوجهين لانه تبع والرمي بالمتبوع لا بالتابع (مسألة) (ويرمي بعد طلوع الشمس فان رمى بعد نصف الليل اجزأه) وجملته أن لرمي هذه الجمرة وقتين: وقت فضيلة ووقت اجزاء، فأما وقت الفضيلة فعند طلوع الشمس.
قال ابن عبد البر: أجمع علماء المسلمين عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انما رماها ضحى ذلك اليوم، وقال جابر رضي الله عنه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده.
أخرجه مسلم، وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " رواه الامام أحمد، وأما وقت الجواز فأوله نصف الليل من ليلة النحر، وبذلك قال عطاء وابن أبي ليلى والشافعي، وعن احمد أنه يجزئ بعد الفجر قبل طلوع الشمس وهو قول مالك وأصحاب الراي وابن المنذر، وقال مجاهد والثوري والنخعي لا يرميها إلا بعد طلوع الشمس لحديث ابن عباس
ولنا ماروى أبو داود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت، وروى أنه أمرها أن تعجل الافاضة وتوافي مكة مع صلاة الصبح، احتج به احمد، ولانه وقت للدفع من المزدلفة فكان وقتا للرمي كبعد طلوع الشمس، والاخبار المذكورة محمولة على الاستحباب (فصل) (وإن أخر الرمي إلى آخر النهار جاز) قال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها وإن لم يكن ذلك مستحبا، وروى ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يسئل يوم النحر بمنى قال رجل رميت بعد ما أمسيت قال " لا حرج " رواه البخاري فان أخرها إلى الليل لم يرمها حتى تزول الشمس من الغدو به قال أبو حنيفة واسحاق، وقال الشافعي ومحمد وأبو يوسف وابن المنذر يرمي ليلا لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ارم ولا حرج
ولنا أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرم حتى تزول الشمس من الغد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ارم ولا حرج " انما كان في النهار لانه سأله في يوم الحر ولا يكون اليوم إلا قبل مغيب الشمس، وقال مالك يرمي ليلا وعليه دم، ومرة قال لادم عليه وإذا رمى انصرف ولم يقف لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقف عندها (مسألة) (ثم ينحر هديا إن كان معه، ويحلق أو يقصر من جميع شعره، وعنه يجزئه بعضه كالمسح)
إذا فرغ من رمي الجمرة يوم النحر لم يقف وانصرف فأول شئ يبدأ به نحر الهدي إن كان معه هدي واجبا كان أو تطوعا، فان لم يكن معه هدي وعليه هدي واجب اشتراه، وإن لم يكن عليه واجب فأحب أن يضحي اشترى ما يضحي به وينحر الابل ويذبح ما سواها والمستحب أن يتولى ذلك بيده ويجوز أن يستنيب فيه، هذا قول مالك وأبي ثور وأصحاب الرأي، وذلك لما روى جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم انه رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ثم
أعطى عليا فنحر ما غبر مناه وأشركه في هديه، ويستحب توجيه الذبيحة إلى القبلة ويقول بسم الله والله أكبر.
قال ابن المنذر ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذبح يقول " بسم الله والله أكبر " (فصل) وإذا نحر الهدي فرقه على مساكين الحرم وهم من كان في الحرم وان أطلقها لهم جاز كما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر خمس بدنات ثم قال " من شاء اقتطع " رواه أبو داود
وان قسمها فهو أحسن وافضل لانه بقسمها يتبين ايصالها إلى مستحقها ويكفي المساكين تعب النهب والزحام ويقسم جلودها وجلالها لما روى علي رضي الله عنه قال: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم ان أقوم على بدنه وأن اقسم بدنه كلها جلودها وجلالها وأن لا نعطي الجازر منها شيئا وقال نحن نعطيه من عندنا، وإنما لزمه قسم جلالها للخير ولانه سافها الله على تلك الصفة فلا يأخذ شيئا مما جعله الله تعالى.
وقال بعض أصحابنا لا يلزمه أعطاء جلالها لانه انما أهدى الحيوان دون ما عليه والسنة النحر بمنى لان النبي صلى الله عليه وسلم نحر بها، وحيث نحر من الحرم أجزأه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل منى منحر، وكل فجاج مكة منحر وطريق " رواه أبو داود (فصل) يلزمه الحلق أو التقصير من جميع شعره وكذلك المرأة وبه قال مالك وعنه يجزئه بعضه
كالمسح كذلك قال ابن حامد، وقال الشافعي يجزئه التقصير من ثلاث شعرات.
وقال ابن المنذر يجزئه ما يقع عليه اسم التقصير لتناول اللفظ له ولنا قوله تعالى (محلقين رؤسكم) وهذا عام في جميعه، ولان النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه تفسيرا لمطلق الامر به فيجب الرجوع إليه، فان كان الشعر مضفورا قصر من رءوس ضفائره كذلك قال مالك تقصر المرأة من جميع قرونها ولا يجب التقصير من كل شعره لان ذلك لا يعلم الا بحلقه وأي قدر قصر منه أجزأ لان الامر مطلق فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم.
قال أحمد: يقصر قدر الانملة وهو قول ابن عمر والشافعي وهو محمول على الاستحباب.
وبأي شئ قصر الشعر أجزأه وكذلك ان نتفه أو أزاله بنورة لان القصد ازالته ولكن السنة الحلق أو التقصير لان النبي صلى الله عليه وسلم حلق رأسه فروى
أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر ثم رجع إلى منزله بمنى فدعا بذبح فذبح ثم دعا بالحلاق فأخذ شق رأسه الايمن فحلقه فجعل يقسم بين من يليه الشعرة والشعرتين ثم شق رأسه الايسر فحلقه ثم قال " ههنا أبو طلحة؟ " فدفعه إلى أبي طلحة.
رواه أبو داود.
والسنة أن يبدأ بشق رأسه الايمن ثم الايسر لهذا الخبر فان لم يفعل أجزأه لا نعلم فيه خلافا ويستقبل القبلة لان خير المجالس ما استقبل به القبلة ويكبر وقت الحلق لانه نسك ويكون ذلك بعد النحر (فصل) وهو مخير بين الحلق والتقصير في قول الجمهور وقال ابن المنذر اجمع أهل العلم على أن التقصير يجزي يعنى في حق من لم يوجد منه معنى يقتضي وجوب الحلق عليه الا أنه يروى عن الحسن انه كان يوجب الحلق في الحجة الاولى ولا يصح هذا لان الله تعالى قال (محلقين رءوسكم ومقصرين) ولم يفرق والنبي صلى الله عليه وسلم قال " رحم الله المحلقين والمقصرين " وقد كان معه من قصر فلم ينكر عليه والحلق أفضل لان النبي صلى الله عليه وسلم فعله وقال " رحم الله المحلقين " قالوا يارسول الله والمقصرين قال " رحم المحلقين " قالوا والمقصرين يارسول الله قال " رحم الله المحلقين والمقصرين " رواه مسلم فأما من لبد أو عقص أو ضفر فقال أحمد من فعل ذلك فيحلق وهو قول النخعي ومالك والشافعي وإسحق وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول من لبد أو قصر أو عقد أو فتل أو عقص فهو على ما نوى ان نوى الحلق فليحلق والا فلا يلزمه وقال اصحاب الرأي وهو مخير على كل حال لان ما ذكرناه يقتضي
التخيير على العموم ولم يثبت في خلاف ذلك دليل ووجه القول الاول ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من لبد فليحلق وثبت عن عمر وابنه انهما أمرا من لبد رأسه أن يحلقه والنبى صلى الله عليه وسلم لبد رأسه وحلق والصحيح أنه مخير الا أن يتبت الخبر، وقول عمر وابنه قد خالفهما فيه ابن عباس وفعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على وجوبه بعد ما تبين جواز الامرين والله أعلم (مسألة) (والمرأة تقصر من شعرها قدر الانملة والانملة رأس الاصبع من المفصل الاعلى والمشروع للمرأة التقصير دون الحلق بغير خلاف) قال ابن المنذر اجمع على هذا أهل العلم لان الحلق في حقهن مثلة وقد روى ابن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس على النساء حلق انما على النساء التقصير " رواه أبو داود، وعن علي رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها رواه الترمذي وكان احمد يقول تقصر من كل قرن قدر الانملة وهو قول ابن عمر والشافعي واسحق وأبي ثور وقال أبو داود سمعت احمد سئل عن المرأة تقصر من كل رأسها قال نعم تجمع شعرها إلى مقدم رأسها ثم تأخذ من اطراف شعرها قدر الانملة والرجل الذي يقصر كالمرأة في ذلك وقد ذكرنا فيه خلافا (فصل) والاصلع الذي ليس على رأسه شعر يستحب أن يمر الموسى على رأسه روي ذلك عن ابن عمر وبه قال مسروق وسعيد بن جبير والنخعي ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم وليس بواجب وقال أبو حنيفة يجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وهذا لو كان ذا شعر وجب عليه ازالته وإمرار الموسى على رأسه فإذا سقط أحدهما لتعذره بقي الآخر ولنا أن الحلق محله الشعر فسقط بعدمه كماسقط وجوب غسل العضو في الوضوء بفقده ولانه امرار لو فعله في الاحرام لم يجب به دم فلم يجب عند التحلل كامراره على الشعر من غير حلق (فصل) ويستحب تقليم أظفاره والاخذ من شاربه قال ابن المنذر ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه قلم اظفاره وكان ابن عمر يأخذ من شاربه وأظفاره وكان عطاء وطاوس والشافعي يحبون لو أخذ من لحيته شيئا ويستحب إذا حلق أن يبلغ العظم الذي عند منقطع الصدغ من الوجه كان ابن عمر يقول للحالق أبلغ العظمين افصل الرأس من اللحية وكان عطاء يقول من السنة إذا حلق أن يبلغ العظمين
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: