الفقه الحنبلي الفرائض4

قال شيخنا وقد أخبرني من اثق به سنة ثمان وستمائة أو سنة تسع عن ضرير بدمشق أنه قال: ولدت امرأتي في هذه الايام سبعة في بطن واحد ذكورا واناثا، قال وكان بدمشق أم ولد لبعض كبرائها فتزوجت بعده من كان يقرأ عليها وكانت تلد ثلاثة في كل بطن، وقال غير الشافعي هذا نادر لا يعول عليه فلا يجوز منع الميراث من أجله كما لو لم يظهر بالمرأة حمل.
(فصل) واختلف القائلون بالوقف فيما يوقف فعن أحمد أنه يوقف نصيب ذكرين إن كان ميراثهما أكثر أو نصيب أنثيين إن كان أكثر وهذا قول محمد بن الحسن واللؤلؤي وقال شريك يوقف نصيب
أربعة فاني رأيت بني اسماعيل أربعة ولدوا في بطن واحد محمد وعمر وعلي قال يحيى وأظن الرابع اسماعيل وروى ابن المنذر هذا القول عن أبي حنيفة ورواه الربيع عن الشافعي، وقال الليث وأبو يوسف يوقف نصيب غلام ويؤخذ ضمين من الورثة ولنا أن ولادة التوأمين كثير معتاد فلم يجز قسم نصيبهما كالواحد وما زاد عليها نادر فلم يوقف له شئ كالخامس والسادس (مسألة) (فإذا وضع الحمل دفعت إليه نصيبه ورددت الباقي إلى مستحقه، وإن كان يرث الموقوف كله أخذه، وإن أعوز شيئا رجع على من هو في بدء)
(مسائل من ذلك) امرأة حامل وبنت للمرأة الثمن، وللبنت خمس الباقي وفي قول شريك تسعه وفي قول أبي يوسف ثلثه بضمين، ولا يدفع إليها شئ في المشهور عن الشافعي، فان كان مكان البنت ابن دفع إليه ثلث الباقي أو خمسه أو نصفه على اختلاف الاقوال، ومتى زادت الفروض على ثلث المال فميراث الاناث أكثر، فإذا خلف أبوين وامرأة حاملا فللمرأة ثلاثة من سبعة وعشرين وللابوين ثمانية منها ويوقف ستة عشر ويستوي ههنا قول من وقف نصيب اثنين وقول من وقف بين أربعة وقول أبي يوسف تعطى المرأة ثمنا كاملا والابوان ثلثا كاملا ويؤخذ منهم ضمين، فان كان معهم بنت دفع إليها ثلاثة عشر من مائة وعشرين وفي قول شريك ثلاثة عشر من مائتين وستة عشر، وفي قول أبي يوسف ثلاثة عشر من اثنين وسبعين، ويؤخذ من الكل ضمين من البنت لاحتمال أن يولد أكثر من واحد ومن الباقين لاحتمال أن تعول المسألة، وعلى قولنا يوافق بين سبعة وعشرين وبين مائة وعشرين باثلاث ويضرب ثلث احداهما في الاخرى تكن الفا وثمانين للبنت ثلاثة عشر في تسعة، مائة وسبعة عشر، وللابوين والمرأة أحد عشر في أربعين وما بقي فهو موقوف زوج وأم حامل من الاب المسألة من ثمانية، للزوج ثلاثة، وللام سهم ويقف أربعة وقال أبو يوسف ندفع إلى الام سهمين ونقف ثلاثة ونأخذ منها ضمينا، هكذا حكى عنه الخبري وإن كان في المسألة من يسقط بولد الابوين كعصبة أو أحد من ولد الاب لم يعط شيئا ولو كان في هذه المسألة جد فللزوج الثلث، وللام السدس، وللجد السدس، والباقي موقوف، وقال
أبو حنيفة: للزوج النصف، وللام السدس، وللجد السدس، ويقف السدس بين الجد والام ولا شئ للحمل لان الجد يسقطه، وأبو يوسف يجعلها من سبعة وعشرين ويقف أربعة أسهم.
وحكي عن شريك أنه كان يقول تعول على الجد فيقف ههنا نصيب الاناث فتكون عنده من تسعة تقف منها أربعة ولو لم يكن فيها زوج كان للام السدس، وللجد ثلث الباقي، ويقف عشرة من ثمانية عشر وعند أبي حنيفة للجد الثلثان، وللام السدس، ويوقف السدس بينهما، قول أبي يوسف يقف الثلث ويعطي كل واحد منهما ثلثا ويؤخذ منهما ضمين، ومتى خلف ورثة وأما تحت الزوج فينبغي للزوج الامساك عن وطئها ليعلم أحامل هي أم لا؟ كذا يروى عن علي وعمر بن عبد العزيز والشعبي والنخعي وقتادة في آخرين فان وطئها قبل استبرائها فأتت بولد لاقل من ستة أشهر ورث لانا نعلم أنها كانت حاملا به وإن ولدته لاكثر من ذلك لم يرث إلا أن يقر الورثة أنها كانت حاملا يوم موت ولدها.
(فصل) قال الشيخ رحمه الله (وإذا استهل المولود صارخا ورث وورث وفي معناه العطاس والتنفس والارتضاع وما يدل على الحياة، فاما الحركة والاختلاج فلا يدل على الحياة) وجملة ذلك أن الحمل لا يرث إلا بشرطين (أحدهما) انه كان موجودا حال الموت وبعلم ذلك بأن تأتي به لاقل من ستة أشهر فان أتت به لاكثر من ذلك وكان لها زوج أو سيد يطؤها لم يرث إلا أن يقر الورثة أنه كان موجودا حال الموت وإن كانت لا توطأ لعدم الزوج أو السيد أو لغيبتهما
أو اجتنابهما الوطئ عجزا أو قصدا أو غيره ورث ما لم يجاوز أكثر مدة الحمل وهي أربع سنين في احدى الروايتين، وفي الاخرى سنتان (الشرط الثاني) أن تضعه حيا فان وضعته ميتا لم يرث في قول الجميع واختلف فيما يثبت به الميراث من الحياة فاتفقوا على أنه إذا استهل صارخا ورث وورث، لما روى أبو داود باسناده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا استهل المولود ورث، وروى ابن ماجه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله واختلفوا فيما سوى الاستهلال فقالت طائفة لا يرث حتى يستهل ولا يقوم غيره مقامه، ثم اختلفوا في الاستهلال ما هو؟ فقالت طائفة لا يرث حتى يستهل
صارخا، والمشهور عن احمد أنه لا يرث حتى يستهل، روي ذلك عن ابن عباس والحسن بن علي وأبي هريرة وجابر وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح والحسن وابن سيرين والنخعي والشعبي وربيعة ويحيى ابن سعيد وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومالك وأبي عبيد واسحاق لان مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام " إذا استهل المولود ورث " أنه لا يرث بغير الاستهلال، وفي لفظ ذكره ابن سراقة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الصبي المنفوس " إذا وقع صارخا فاستهل ورث وتمت ديته وسمي وصلي عليه وان وقع حيا ولم يستهل صارخا لم تتم دينه وفيه غرة عبد أو أمة على العاقلة " وانما سمى الصراخ من الصبى استهلالا تجوزا، والاصل فيه أن الناس إذا رأوا الهلال صاحوا عند رؤيته واجتمعوا فأراه بعضهم بعضا فسمي الصوت عند استهلال الهلال استهلالا ثم سمي الصوت من الصبي المولود استهلالا
لانه صوت عند وجود شئ يجتمع له ويفرح به.
وروى يوسف بن موسى عن أحمد أنه قال: يرث السقط ويورث إذا استهل، فقيل له ما الاستهلال؟ قال إذا صاح أو عطس أو بكى، فعلى هذا كل صوت يوجد منه تعلم به حياته فهو استهلال، وهذا قول الزهري والقاسم بن محمد لانه صوت علمت به حياته فأشبه الصراخ وعن احمد رواية ثالثة إذا علمت حياته بصوت أو حركة أو رضاع أو غيره ورث وثبت له أحكام الحياة وبهذا قال الثوري والاوزاعي والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه، فاما الحركة والاختلاج فلا تدل على الحياة، فان اللحم يختلج إذا خرج من مكان ضيق فتضامت أجزاؤه ثم خرج إلى مكان فسيح فانه يتحرك وان لم تكن فيه حياة، ثم إن كانت فيه حياة فلا يعلم كونها مستقرة لاحتمال أن تكون كحركة المذبوح فان الحيوانات تتحرك بعد الذبح حركة شديدة وهي في حكم الميت.
(مسألة) (وان خرج بعضه فاستهل ثم انفصل ميتا لم يرث) وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة وأصحابه ان خرج أكثره فاستهل ثم مات ورث، لقوله عليه الصلاة والسلام " إذا استهل المولود ورث " ولنا أنه لم يخرج جميعه فأشبه ما لو مات قبل خروج أكثره وعنه يرث الحديث المذكور ولانه
قد علمت حياته، والاولى ظاهر المذهب لانه لم نثبت له أحكام الدنيا وهو حي أشبه ما لو مات في بطن أمه
(مسألة) (وان ولدت توأمين فاستهل أحدهما واشكل، أقرع بينهما، فمن خرج سهمه فهو المستهل) إذا أشكل أحد التوأمين أيهما المستهل، فان كانا ذكرين أو أنثيين أو ذكر وأنثى لا يختلف ميراثهما فلا فرق بينهما، وان كان ذكرا وأنثى يختلف ميراثهما فقال القاضي من أصحابنا من قال يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة فهو المستهل كما لو طلق احدى نسائه فلم تعلم بعينها ثم مات، وكذلك النسوة إذا أراد السفر باحداهن أو البداية بالقسم لها فانه يقرع بينهن، وقال الخبري ليس في هذا عن السلف نص، وقال الفرضيون تعمل المسألة على الحالتين ويعطى كل وارث اليقين ويوقف الباقي حتى يصطلحوا عليه ويحتمل أن يقسم بينهم على حسب الاحتمال.
ومن مسائل ذلك رجل خلف أمه وأخاه وأم ولد حاملا منه فولدت توأمين ذكرا وأنثى فاستهل أحدهما ولم يعلم بعينه فقل ان كان الابن المستهل فللام السدس والباقي له ترث أمه ثلثه والباقي لعمه فاضرب ثلاثة في ستة تكن ثمانية عشر، لام الميت ثلاثة، ولام الولد خمسة، وللعم عشرة، وان كانت البنت المستهل فالمسألة من ستة وتموت البنت عن ثلاثة، لامها سهم، ولعمها سهمان والستة تدخل في ثمانية عشر، فمن له شئ من ثمانية عشر مضروب في واحد ومن له شئ من ستة مضروب في ثلاثة فسدس الام لا يتغير، وللعم من الستة أربعة في ثلاثة اثنا عشر وله من الثمانية عشر عشرة في واحد، فهذا اليقين فيأخذه، ولام الولد خمسة في سهم، وسهم في ثلاثة، فيأخذها ويقف سهمين بين الاخ
وأم الولد حتى يصطلحا عليهما، ويحتمل أن يقسم بينهما.
امرأة حامل وعم ولدت المرأة ابنا وبنتا فاستهل أحدهما ولم يعلم فالمسئلتان من أربعة وعشرين إذا أعطيت كل واحد أقل نصيبه بقيت ثلاثة موقوفة فان كان معهما بنت فكل واحدة من المسئلتين من اثنين وسبعين والموقوف اثنا عشر امرأة وعم وأم حامل من الاب ولدت المرأة ابنا وبنتا فاستهل أحدهما ولم يعلم فان كان المستهل الاخ فهي من ستة وثلاثين فان كانت الاخت فهي من ثلاثة عشر والمسئلتان متباينتان فاضرب احداهما في الاخرى
تكن أربعمائة وثمانية وستين وكل من له شئ من احدى المسئلتين مضروب في الاخرى فيدفع إلى كل واحد أقل النصيبين يبقى أربعة عشر منها تسعة بين المرأة والعم، وخمسة بين الام والعم، فان كانت المرأة والام حاملين فوضعتا معا فاستهل أحدهما فكل واحدة منهما ترجع إلى ستة وثلاثين فيعطى كل وارث أقل النصيبين ويبقى أحد عشر سهما، أربعة موقوفة بين الزوجة والام وسبعة بين الام والعم (فصل) إذا ولدت الحامل توأمين فسمع الاستهلال من أحدهما ثم سمع مرة أخرى فلم يدر أهو من الاول أو من الثاني؟ فيحتمل أن يثبت الميراث لمن علم استهلاله دون من شككنا فيه، لان الاصل عدم استهلاله فعلى هذا الاحتمال ان علم المستهل بعينه فهو الوارث وحده وان جهل كان كما لو استهل واحد منهما لا بعينه، وقال الفرضيون تعمل على الاحوال فيعطى كل وارث اليقين ويوقف الباقي
من مسائل ذلك أم حامل وأخت لاب وعم ولدت الام بنتين فاستهلت احداهما ثم سمع الاستهلال مرة أخرى فلم يدر أهل استهلت الاخرى أو تكرر من واحدة؟ فقل إن كان منهما جميعا فقد ماتتا عن أربعة من ستة ولا يعلم أولهما موتا فحكمهما حكم الغرقى فمن ذهب إلى أنه لا ترث احداهما من الاخرى قال قد خلفا أما وأختا وعما فتصح من ثمانية عشر وان كان الاستهلال من واحدة فقد ماتت عن ثلاثة من ستة فتصح من اثني عشر وبينهما موافقة بالسدس فتصير من ستة وثلاثين للام واثنا عشر وللاخت كذلك وللعم تسعة وتقف ثلاثة تدعي الام منها سهمين والعم سهما وتدعيها الاخت كلها فيكون سهمان بينهما وبين الام وسهم بينها وبين العم زوج وجد وأم حامل ولدت ابنا وبنتا فاستهل أحدهما ثم سمع الاستهلال مرة أخرى فلم يدر ممن هو؟ فان كان الاستهلال تكرر من البنت فهي الاكدرية وماتت عن أربعة بين أمها وجدها فتصح من أحد وثمانين وان تكرر من الاخ لم يرث شيئا والمسألة من ستة للجد منها سهم وان كان منهما فللام السدس وللزوج النصف وللجد السدس ولهما السدس على ثلاثة فتصح من ثمانية عشر والثلاثة التي لهما بين الجد والام على ثلاثة فصار للام أربعة وللجد خمسة والثمانية عشر توافق أحدا وثمانين بالاتساع فتصير مائة واثنين وستين للزوج حقه من الاكدرية أربعة وخمسون وللام تسعا المال من مسألة استهلالهما معا ستة وثلاثون وللجد السدس من مسألة استهلال الاخ وحده
سبعة وعشرون يبقى خمسة واربعون يدعي منها الزوج سبعة وعشرين والام ثمانية عشر ويدعي منها
الجد سبعة وثلاثين وتقول الثمانية الفاضلة للام فيحتمل أن تدفع إليها لان الزوج والجد يقران لها بها.
(فصل) وربما كان الحمل لا يرث إلا أن يكون ذكرا مثل أن يكون من جد الميت أو عمه أو أخيه مثال ذلك بنت عم وعم وامرأة أخ حامل للبنت النصف والباقي موقوف في قولهم جميعا أم وعم وامرأة جد حامل للام الثلث وللعم تسعان أم وبنت وامرأة أخ وامرأة عم حاملان للام السدس وللبنت النصف ويوقف ثلث فان ولدت امرأة العم ابنا لم يعط شيئا لجواز أن تلد الاخرى ابنا وان ولدت امرأة الاخ أولا ابنا أخذ الموقوف (فصل) وربما كان الحمل لا يرث إلا أن يكون أنثى مثاله زوج وأخت لابوين وامرأة أب حامل يوقف سهم من سبعة فان ولدت انثى أو إناثا أخذته وان ولدت ذكرا أو ذكرين أو ذكرا وأنثى اقتسمه الزوج والاخت وكذلك ان تركت أختا لاب لم يدفع إليها شئ لجواز أن تلد ذكرا فيسقطهما زوج وأبوان وبنت وامرأة ابن حامل تقف سهمين من خمسة عشر فان ولدت أنثى أو إناثا أخذتهما وإلا رجعت على الورثة فقسمته بينهم على ثلاثة عشر ورجعت المسألة إلى ذلك وكذلك إن كان معهم بنت ابن جد وأم حامل من الاب من ثمانية عشر تأخذ الام ثلاثة والجد خمسة ويوقف عشرة فان ولدت ذكرين فالعشرة لهما وان ولدت انثيين
فلهما من العشرة سبعة ونصف وللجد اثنان ونصف وان ولدت ذكرا وانثى أخذ الجد من العشرة سهما وللذكر ستة وللانثى ثلاثة وان ولدت أنثى أخذ الجد من العشرة ثلاثة والانثى أربعة وللام ثلاثة وان ولدت ذكرا أخذت الام ثلاثة وأخذ الجد سهما والاخ ما بقي وان لم تلد شيئا أخذت الام ثلاثة والجد ما بقي وان كان معهم زوج فهي من ستة للزوج ثلاثة وللام سهم وللجد سهم ويوقف سهم وان ولدت ذكرين فالسهم لهما وتصح من أثني عشر وكذا ان ولدت ابنتين وان ولدت ذكرا
فالسهم للام وتصح من ستة وان ولدت انثى فهي الاكدرية وان ولدت ذكرا وأنثى فالسهم الباقي بينهما على ثلاثة وتصح من ثمانية عشر وإن لم تلد شيئا أخذت الام السهم باب ميراث المفقود وهو نوعان أحدهما من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كالتاجر والسائح وطالب العلم ولم يعلم خبره ففيه روايتان احداهما ينتظر به تمام تسعين سنة مع سنة يوم فقد وهذا قول عبد الملك ابن الماجشون لان الغالب أنه لا يعيش أكثر من هذا والرواية الثانية لا يقسم ماله ولا تتزوج امرأته حتى يعلم موته أو تمضى عليه مدة لا يعيش في مثلها وذلك مردود إلى اجتهاد الحاكم وهذا قول الشافعي ومحمد
ابن الحسن وهو المشهور عن مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف لان الاصل حياته والتقدير لا يضاف إليه إلا بالتوفيق ولا توفيق ههنا فوجب التوقف عنه وقال عبد الله بن الحكم لينتظر به تمام سبعين سنة مع سنه يوم فقد ولعله يحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين " أو كما قال ولان الغالب أن لا يعيش أكثر من هذا فأشبه التسعين وقال الحسن ابن زياد ينتظر به تمام مائة وعشرين سنة وهو قول ابن عقيل فلو فقد وهو ابن ستين سنة وله مال لم يقسم حتى تمضي عليه ستون سنة أخرى فيقسم ماله حينئذ بين ورثته ان كانوا أحياء وان مات بعض ورثته قبل مضي مائة وعشرين وخلف ورثة لم يكن له شئ من مال المفقود وكان ماله للاحياء من ورثته ويوقف للمفقود حصة من مال موروثه الذي مات في مدة الانتظار فان مضت المدة ولم يعلم خبر المفقود رد الموقوف إلى ورثة موروث المفقود ولم يكن لورثة المفقود قال اللؤلؤي وهذا قول أبي يوسف وحكى الخبري عن اللؤلؤي انه قال وهو الصحيح عندي والذي ذكرناه هو الذي حكاه ابن اللبان عن اللؤلوي فقال لو ماتت امرأة المفقود قبل تمام مائة وعشرين سنة بيوم أو بعد فقده بيوم أو تمت مائة وعشرون سنة لم يورث منه شئ ولم يورث منها لانا لا نعلم أيهما مات اولا وهذا قياس قول من قال في الغرقى إنه لا يرث أحدهم من صاحبه ويرث كل واحد من الاحياء من ورثته قال القاضي هذا قياس قول أحمد واتفق الفقهاء على انه لا يرث المفقود الا الاحياء من ورثته يوم قسم ماله لا من مات قبل ذلك ولو بيوم، واختلفوا في
من مات وفي ورثته مفقود فمذهب أحمد وأكثر الفقهاء أنه يعطي كل وارث من ورثته اليقين ويوقف الباقي حتى يتبين امره أو تمضي مدة الانتظار فتعمل المسألة على انه حي ثم على أنه ميت وتضرب إحداهما في الاخرى إن تباينتا أو في وفقها ان اتفقتا وتجتزئ باحداهما ان تماثلتا وباكثرهما ان تناسبتا وتعطي كل واحد أقل النصيبين ومن لا يرث إلا من إحداهما لا تعطيه شيئا وتوقف الباقي (النوع الثاني) أن يكون الغالب من حاله الهلاك كالذي يفقد من بين اهله كمن يخرج إلى الصلاة أو في حاجة قريبة فلا يعود أو في مفازة مهلكة كالحجاز أو بين الصفين حال الحرب أو في البحر إذا غرقت سفينته ولا يعلم له خبر فهذا ينتظر به اربع سنين لانها أكثر مدة الحمل فانه لم يظهر له خبر قسم ماله واعتدت امرأته عدة الوفاة وحلت للازواج نص عليه احمد وهذا اختيار ابي بكر وذكر القاضي أنه لا يقسم ماله حتى تمضي عدة الوفاة بعد الاربع سنين لانه الوقت الذي يباح لامرأته التزويج فيه والاول أصح لان العدة أنما تكون بعد الوفاة فإذا حكم بوفاته فلا وجه للوقوف عن قسم ماله وقد روي عن أحمد رحمه الله التوقف عن أمره وقال قد هبت الجواب فيها وكأني أحب السلامة والمذهب الاول ولم يفرق سائر أهل العلم بين هذه الصورة وبين سائر صور الفقدان فيما علمنا إلا أن مالكا والشافعي في القديم وافقا في الزوجة انها تتزوج خاصة والاظهر من مذهبه مثل قول الباقين
فأما ماله فاتفقوا على أنه لا يقسم حتى تمضي مدة لا يعيش في مثلها وقد ذكرنا الاختلاف في ذلك في النوع الاول لانه مفقود لا يتحقق موته اشبه التاجر والسائح ولنا اتفاق الصحابة رضي الله عنهم على تزويج امرأته على ما نذكره في العدد ان شاء الله تعالى وإذا ثبت ذلك في النكاح مع الاحتياط للابضاع ففي المال أولى ولان الظاهر هلاكه فأشبه ما لو مضت مدة لا يعيش في مثلها.
(مسألة) (وان مات للمفقود من يرثه قبل الحكم بوفاته وقف للمفقود نصيبه من ميراثه ودفع إلى كل وارث اليقين فان كان حيا أخذ ميراثه ورد الفضل إلى اهله وان علم انه مات بعد موت موروثه
دفع نصيبه مع ماله إلى ورثته وان علم انه كان ميتا حين موت موروثه رد الموقوف إلى ورثة الاول وان مضت المدة ولم يعلم خبره رد ايضا إلى ورثة الاول لانه مشكوك في حياته حين موت موروثه فلا نورثه مع الشك كالجنين الذي سقط ميتا هذا الذى ذكره شيخنا في المغني وذكر في هذا الكتاب المشروح وفي الكافي انه يقسم على ورثة المفقود لانه محكوم بحياته فعلى هذا يكون في المسألة روايتان وان علمنا ان المفقود مات ولم ندر متى مات رد الموقوف له إلى ورثة الاول لانه مشكوك في حياته فلا نورثه مع الشك واتفق الفقهاء على انه لا يرث المفقود إلا الاحياء من ورثته وقد مضى ذكره
(مسألة) (ولباقي الورثة أن يصطلحوا على ما زاد عن نصيبه فيقتسموه) اختاره ابن اللبان لانه لا يخرج عنهم وأنكر ذلك الوني وقال لا فائدة في أن ينقص بعض الورثة عما يستحقه في مسألة الحياة وهي متيقنة ثم يقال له لك أن تصالح على بعضه بل إن جاز ذلك فالاولى أن تقسم المسألة على تقدير الحياة ويقف نصيب المفقود لا غير قال شيخنا والاول أصح إن شاء الله تعالى فان الزائد عن نصيب المفقود من الموقوف مشكوك في مستحقه ويقين الحياة متعارض بظهور الموت فينبغي أن يوقف كالزائد عن اليقين في مسائل الحمل والاستهلال فعلى هذا يجوز للورثة الموجودين الصلح عليه لانه حقهم لا يخرج عنهم وإباحة الصلح عليه لا تمنع وجوب وقفه كما تقدم في نظائره ووجوب وقفه لا يمنع الصلح عليه كذلك ولان تجويز أخذ الانسان حق غيره برضاه وصلحه لا يلزم منه جواز أخذه بغير إذنه وظاهر قول الوني هذا انه يقسم المسألة على أنه حي ويقف نصيب المفقود لا غير وقال بعض أصحاب الشافعي يقسم المال على الموجودين لانهم متحققون والمفقود مشكوك فيه فلا يورث مع الشك وقال محمد بن الحسن القول قول من المال في يده فلو مات رجل وخلف ابنتيه وابن ابن أبوه مفقود والمال في أيدي البنتين فاختصموا إلى القاضي: فانه لا ينبغي للقاضي أن يحول المال عن موضعه ولا يقف منه شيئا سواء اعترف البنتان بفقده أو ادعيا موته وان كان المال في يد ابن المفقود لم نعط الابنتين الا النصف أقل ما يكون لهما فان كان المال في يد أجنبي فأقر بأن الابن
مفقود وقف له النصف على يديه وان قال قد مات المفقود لزمه دفع الثلثين إلى البنتين ويوقف الثلث الا أن يقر ابن الابن بموت أبيه فيدفع إليه الباقي والجمهور على القول الاول مسائل ذلك زوج وأم وأخت وجد وأخ مفقود مسألة الموت من سبعة وعشرين لانها الاكدرية ومسألة الحياة من ثمانية عشر وهما يتفقان بالاتساع فتضرب تسع أحداهما في الاخرى تكن أربعة وخمسين للزوج النصف من مسألة الحياه والثلث من مسألة الموت فيعطى الثلث وللام التسعان من مسألة الموت والسدس من مسألة الحياة فتعطى السدس وللجد ستة عشر سهما من مسألة الموت وتسعة من مسألة الحياة فيأخذ التسعة وللاخت ثمانية من مسألة الموت وثلاثة من مسألة الحياة فتأخذ ثلاثة ويبقى خمسة عشر موقوفة ان بان الاخ حيا أخذ ستة وأخذ الزوج تسعة وان بان ميتا أو مضت المدة قبل قدومه أخذت الام ثلاثة والاخت خمسة والجد سبعة هذا على الرواية التي تقول إن الموقوف للمفقود يرد إلى ورثة الاول واختار الخبري أن المدة إذا مضت ولم يتبين أمره أنه يقسم نصيبه من الموقوف على ورثته وهو ستة يبقى تسعة وهي الرواية الثانية لانه كان محكوما بحياته لانها اليقين وانما حكمنا بموته بمضي المدة ووجه الاولى أنه مال موقوف لمن ينتظر ممن لا نعلم حاله فإذا لم تتبين حياته لم يكن لورثته كالموقوف للحمل وللورثة أن يصطلحوا على التسعة قبل مضي المدة، زوج وأبوان وابنتان
مفقودتان مسألة حياتهما من خمسة عشر وفي حياة احداهما من ثلاثة عشر وفي موتهما من ستة فتضرب ثلث الستة وهي اثنان في خمسة عشر ثم في ثلاثة عشر تكن ثلاثمائة وتسعين ثم تعطي الزوج والابوين حقوقهم من مسألة الحياة مضروبا في اثنين ثم في ثلاثة عشر ويقف الباقي وان كان في المسألة ثلاثة مفقودون لهم أربع مسائل فان كانوا أربعة عملت لهم خمس مسائل وعلى هذا فان كان المفقود يحجب ولا يرث كزوج وأخت لابوين وأخت لاب وأخ لها مفقود وقفت السبع بينهما وبين الزوج والاخت من الابوين وقيل لا يوقف ههنا شئ وتعطى الاخت من الاب السبع لانها لا تحجب بالشك كما لا تورث بالشك والاول أصح لان دفع السبع إليها توريث بالشك وليس في الوقف حجب يقينا انما هو توقف عن صرف المال إلى احدى الجهتين المشكوك فيهما ويعارض قول هذا القائل قول من قال إن اليقين حياته فيعمل
على أنه حي ويدفع المال إلى الزوج والاخت والابوين والتوسط بما ذكرناه أولى (فصل) والاسير كالمفقود إذا انقطع خبره وإن علمت حياته ورث في قول الجمهور وحكي عن سعيد بن المسيب والنخعي وقتادة أنه لا يرث لانه عبد والصحيح الاول لان الكفار لا يملكون الاحرار والله سبحانه وتعالى أعلم
باب ميراث الخنثى وهو الذي له ذكر وفرج امرأة أو ثقب في مكان الفرج يخرج منه البول وينقسم إلى مشكل وغير مشكل فمن تثبت فيه علامات الرجال أو النساء فيعلم أنه رجل أو امرأة فليس بمشكل وإنما هو رجل فيه خلقة زائدة أو امرأة فيها خلقة زائدة وحكمه في ارثه وسائر أحكامه حكم ما ظهرت علاماته فيه والذي لا علامة فيه مشكل (مسألة) ويعتبر بمباله في قول من بلغنا قوله من أهل العلم قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الخنثى يورث من حيث يبول ان بال من حيث يبول الرجل فهو رجل وان بال من حيث تبول المرأة فهو امرأة روي ذلك عن علي ومعاوية وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد وأهل الكوفة وسائر أهل العلم وقال بن اللبان روى الكلبي عن أبي صالح عن أبن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مولود له قبل وذكر من أين يورث قال " من حيث يبول " وروي أنه عليه الصلاة والسلام أني بخنثى من الانصار فقال " ورثوه من أول ما يبول منه " ولان خروج البول أعم العلامات لوجودها من الصغير والكبير وسائر العلامات انما توجد بعد الكبر مثل نبات اللحية وخروج المني والحيض وتفلك الثدي والحبل (فصل) فان بال منهما جميعا اعتبر باسبقهما نص عليه أحمد وروي ذلك عن سعيد بن المسيب وبه
قال الجمهور فان خرجا معا اعتبر أكثرهما قال أحمد في رواية اسحاق بن ابراهيم يورث من المكان الذي يبول منه أكثر وحكي هذا عن الاوزاعي وصاحبي أبي حنيفة ووقف في ذلك أبو حنيفة ولم يعتبره أصحاب الشافعي في أحد الوجهين وقال قوم إذا خرجا معا اعتبر بآخرهما انقطاعا فان انقطعا
معا اعتبر أكثرهما وقيل الاعتبار بالكثرة ولنا انها مزية لاحدى العلامتين فيعتبر بها كالسبق فان استويا فهو حينئذ مشكل (مسألة) (فان مات له من يرثه وكان يرجى انكشاف حاله وهو الصغير فان احتيج إلى قسم الميراث أعطي هو ومن معه اليقين ووقف الباقي في قول الجمهور حتى يبلغ فيظهر فيه علامات الرجال من نبات لحيته وخروج المني من ذكره وكونه مني رجل أو علامات النساء من الحيض والحمل وتفلك الثديين نص عليه أحمد في رواية الميموني وحكي عن علي والحسن أنهما قالا تعد أضلاعه فان أضلاع المرأة أكثر من أضلاع الرجل بضلع قال ابن اللبان ولو صح هذا لما أشكل حاله ولا احتيج إلى مراعاة البول وقال جابر بن زيد يوقف إلى جانب الحائط فان بال عليه فهو رجل وان شلشل بين فخذيه فهو امرأة وليس على هذا تعويل والصحيح ما ذكرناه إن شاء الله تعالى أنه يوقف أمره ما دام صغيرا فان احتيج إلى قسم الميراث أعطي هو ومن معه اليقين ووقف الباقي إلى حين بلوغه فتعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى وتدفع إلى كل وارث أقل النصيبين ويقف الباقي حتى يبلغ فان مات قبل بلوغه
أو بلغ مشكلا ورث نصف ميراث ذكر ونصف ميراث انثى نص عليه أحمد وهو قول ابن عباس والشعبي وابن أبي ليلى وأهل المدينة ومكة والثوري واللؤلؤ وشريك والحسن بن صالح وأبي يوسف ويحيى بن آدم وضرار بن صرد ونعيم بن حماد وورثه أبو حنيفة بأسوإ حالاته والباقي لسائر الورثة وأعطاه الشافعي ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يتبين أمره أو يصطلحوا وبه قال أبو ثور وداود وابن جرير ورثه بعض أهل البصرة على الدعوى فيما بقي بعد اليقين وبعضهم بالدعوى من أصل المال وفيه أقوال شاذة سوى هذه.
ولنا قول ابن عباس ولم يعرف له في الصحابة منكر ولان حالتيه تساويا فوجبت التسوية بين حكمهما كما لو تداعا نفسان دارا بأيديهما ولا بينة لهما وليس توريثه بأسوأ أحواله بأولى من توريث من معه بذلك فتخصيصه بهذا الحكم لا دليل عليه ولا سبيل إلى الوقف لانه لا غاية له تنتظر وفيه تضييع للمال مع يقين استحقاقهم له
(مسألة) (فإذا كان ابن وبنت وولد خنثى جعلت للبنت اقل عدد له نصف وهو سهمان وللذكر اربعة وللخنثى ثلاثة فيكون معه نصف ميراث ذكر ونصف ميراث انثى وهذا قول الثوري واللؤلؤي في هذه المسألة وفي كل مسألة فيها ولد إذا كان فيهم خنثى قال شيخنا وهذا قول لا بأس به وذهب اكثر من ورثه نصف ميراث ذكر ونصف ميراث انثى فتعمل المسألة على انه ذكر ثم على انه انثى
وتضرب احداهما في الاخرى ان تباينتا أو في وفقها ان اتفقتا ويجتزئ باحداهما ان ثماثلتا وبأكثرهما ان تناسبتا وتضربها في اثنين ثم تجمع ما لكل واحد منهما ان تماثلتا وتضرب ما لكل واحد من احداهما في الاخرى ان تباينتا أو في وفقها ان اتفقتا، وهذا اختيار أصحابنا ويسمى مذهب المنزلين، وقول الثوري يوافق قول أصحابنا في بعض المواضع ويخالفه في بعضها، وبيان اختلافهما اننا نجعل المسألة المذكورة على قول الثوري من تسعة للخنثى الثلث وهو ثلاثة، وعلى قول أصحابنا مسألة الذكورية من خمسة والانوثية من أربعة ولا موافقة بينهما تضرب احداهما في الاخرى تكن عشرين ثم في اثنين تكن أربعين، للبنت سهم في خمسة وسهم في أربعة تسعة، وللذكر ثمانية عشر وللخنثى سهم في خمسة وسهمان في أربعة ثلاثة عشر وهي دون ثلث الاربعين، وقوله من ورثه بالدعوى فيما بقي بعد اليقين يوافق قول المنزلين في أكثر المواضع فانه يقول في هذه المسألة للذكر الخمسان بيقين وذلك ستة عشر من أربعين وهو يدعي النصف عشرين وللبنت الخمس بيقين ثمانية وهي تدعي الربع وللخنثى الربع بيقين وهو يدعى الخمسين ستة عشر، والمختلف فيه ستة أسهم يدعيها الخنثى كلها فتعطيه نصفها ثلاثة مع العشرة التي معه صار له ثلاثة عشر والابن يدعي أربعة فتعطيه نصفها اثنين صار له ثمانية عشر والبنت تدعي سهمين فيدفع إليها سهما صار لها تسعة ومن ورثه بالدعوى من أصل المال فعلى قولهم يكون الميراث في هذه المسألة من ثلاثة وعشرين لان المدعى ههنا
نصف وربع وخمسان ومخرجها عشرون يعطي الابن عشرة وللبنت خمسة والخنثى ثمانية فتكون ثلاثة وعشرين فان لم يكن في المسألة بنت ففي قول الثوري هي من سبعة وكذلك قول من ورثهما بالدعوى
من أصل المال، وفي التنزيل من اثني عشر للابن سبعة وللخنثى خمسة وهو قول من ورثه بالدعوى فيما عدا اليقين وان كانت بنت ولد خنثى ولا عصبة معهما فهي من خمسة في قول الثوري ومن اثني عشر في التنزيل، وان كان معهما عصبة فهي من ستة للخنثى ثلاثة وللبنت سهمان وللعصبة سهم في الاقوال الثلاثة فان كان معهما أم وعصبة فهى من ستة وثلاثين للام ستة وللخنثى ستة عشر وللبنت أحد عشر وللعصبة ثلاثة وقياس قول الثوري أن يكون للخنثى والبنت ثلاثة أرباع المال بينهما على خمسة وللام السدس ويبقى نصف السدس للعصبة وتصح من ستين للام عشرة وللعصبة خمسة وللبنت ثمانية عشر وللخنثى سبعة وعشرون فان كان ولد خنثى وعصبة فللخنثى ثلاثة أرباع المال والباقي للعصبة إلا في قول من ورثهما بالدعوى من أصل المال فانه يجعل المال بينهم اثلاثا لان الخنثى يدعي المال كله والعصبة تدعي نصفه فتضيف النصف إلى الكل فيكون ثلاثة أنصاف لكل نصف ثلث بنت وولد ابن خنثى وعم هي في التنزيل من اثني عشر وترجع بالاختصار إلى ستة للبنت النصف وللخنثى الثلث وللعم السدس (فصل) فان كان الخنثى يرث في حال دون حال كزوج وأخت لابوين وولد أب خنثى فمقتضى
قول الثوري أن يجعل للخنثى نصف ما يرثه في حال ارثه وهو نصف سهم فضمه إلى سهام الباقين وهي ستة نبسطها انصافا ليزول الكسر فتصير ثلاثة عشر له منها سهم والباقى بين الزوج والاخت نصفين وقد عمل أبو الخطاب هذه المسألة على هذا في كتاب الهداية، وأما التنزيل فيصح من ثمانية وعشرين للخنثى سهمان وهي نصف سبع ولكل واحد من الآخرين ثلاثة عشر وإن كان زوج وأم واخوان من أم وولد أب خنثى فله في حال الانوثية ثلاثة من تسعة فاجعل له نصفها مضموما إلى سهام باقي المسألة ثم ابسطها تكن خمسة عشر له منها ثلاثة وهى الخمس وفي التنزيل له ستة من ستة وثلاثين وهي السدس، وإن كانت بنت وبنت ابن وولد أخ خنثى وعم فهى من ستة للبنت النصف ولبنت الابن السدس وللخنثى السدس وللعم ما بقى على القولين جميعا (فصل) قال الخبري اعلم أن الذين يكونون خناثى من الورثة ستة.
الولد وولد الابن والاخ
وولده والعم وولده فأما الزوجان والابوان والجدان فلا يتصور ذلك فيهم.
فالخلاف يقع في ثلاثة لا غير الولد وولد الابن والاخ فاما الثلاثة الاخر فليس للاناث منهم ميراث فيكون للخنثى منهم نصف ميراث ذكر بلا خلاف (مسألة) (فان كانا خنثيين أو أكثر نزلتهم بعدد أحوالهم في أحد الوجهين فتجعل للاثنين أربعة أحوال وللثلاثة ثمانية وللاربعة ستة عشر وللخمسة اثنين وثلاثين حالا ثم تجمع ما لهم في الاحوال كلها
فتقسمه على عدد أحوالهم فما خرج بالقسم فهو لهم إن كانوا من جهة واحدة وان كانوا من جهات جمعت ما لكل واحد منهم في الاحوال وقسمته على عدد الاحوال كلها فالخارج بالقسم هو نصيبه.
هذا قول ابن أبي ليلى وضرار ويحيى بن آدم، وقول محمد بن الحسن على قياس قول الشعبي والوجه الآخر أنهم ينزلون حالين مرة ذكورا ومرة اناثا كما يصنع في الواحد وهو قول أبي يوسف واختاره أبو الخطاب والاول أولى لانه يعطى كل واحد يحسب ما فيه من الاحتمال فيعدل بينهم، وفي الوجه الآخر يعطى بعض الاحتمالات دون بعض وهذا تحكم لا دليل عليه، وبيان ذلك في ولد خنثى وولد أخ خنثى وعم ان كانا ذكرين فالمال للولد، وان كانا أنثيين فللبنت النصف والباقي للعم فهي من أربعة عند من نزلهم حالين للولد ثلاثة أرباع المال وللعم ربعه، ومن نزلهم أحوالا زاد حالين آخرين، هو أن يكون الولد وحده ذكرا وولد الاخ وحده ذكرا فتكون المسألة من ثمانية للولد المال في حالين والنصف في حالين فله ربع ذلك وهو ثلاثة أرباع المال ولولد الاخ نصف المال في حاله فله ربعه وهو الثمن وللعم مثل ذلك وهذا أعدل، ومن قال بالدعوى فيما زاد على اليقين قال للولد النصف يقينا والنصف الآخر يتداعونه فيكون بينهم اثلاثا، وتصح من ستة وكذلك الحكم في أخ خنثى وولد أخ، وفي كل عصبتين يحجب أحدهما الآخر ولا يرث المحجوب شيئا إذا كان أنثى ولو خلف بنتا وولد أم خنثى وولد ابن خنثى وعصبة فمن نزلهما حالين جعلها من ستة الولد الخنثى ثلاثة وللبنت
سهمان والباقي للعم، ومن نزلهما أربعة أحوال جعلها من أثني عشر وجعل لولد الابن نصف السدس وللعم
مثليه، وهذا أعدل الطريقين لما في الطريق الآخر من اسقاط ولد الابن مع أن احتمال توريثه كاحتمال توريث العم وهكذا تصنع في الثلاثة وما زاد ويكفي هذا القدر من هذا الباب فانه نادر قل ما يحتاج إليه واجتماع خنثيين وأكثر نادر النادر ولم يسمع بوجوده فلا حاجة إلى التطويل فيه (فصل) قال شيخنا (وقد وجدنا في عصرنا شيئا شبيها لما يذكره القرضيون ولم يسمعوا به فانا وجدنا شخصين ليس لهما في قبلها مخرج ولا ذكر والا فرج اما أحدهما فذكروا أنه ليس له في قبله الا لحمة نابته كالربوة ويرشح البول منها رشحا على الدوام وأرسل الينا يسألنا عن الصلاة والتحرز من النجاسة في ستة عشر وستمائة، الثاني ليس له الا مخرج واحد فيما بين المخرجين منه يتغوط ومنه يبول وسألت من أخبرني عنه عن زيه فأخبرني أنه يلبس لباس النساء ويخالطهن ويغزل معهن ويعد نفسه امرأة، قال وحدثت أن في بلاد العجم شخصا ليس له مخرج أصلا لا قبل ولا دبر وانما يتقايأ ما يأكله ويشربه فهذا وما أشبهه في معنى الخنثى لكنه لا يمكن اعتباره بمباله فان لم يكن له علامة أخرى فهو مشكل ينبغي أن يثبت له حكمه في ميراثه وأحكامه كلها والله أعلم
(باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم) إذا مات متوارثان كالغرقى والهدمي وجهل أولهما موتا واختلفت وراثهما في السابق منهما فقد نقل عن أحمد رحمه الله في امرأة وابنها ماتا فقال زوجها ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته، وقال أخوها مات ابنها فورثته ثم ماتت فورثناها أنه يحلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه ويكون ميراث الابن لابيه وميراث المرأة لاخيها وزوجها نصفين ذكرها الخرقي، وهذا يدل على أن ميراث كل ميت يقسم على الاحياء من ورثته دون من مات معه روي ذلك عن أبي بكر الصديق وزيد وابن عباس والحسن بن علي رضي الله عنهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز وأبو الزناد والزهري والاوزاعي ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وروي ذلك عن عمر والحسن البصري وراشد بن سعد وحكيم ابن عمير وعبد الرحمن بن عوف فيحتمل أن يكون ما روي عن احمد في المسألة التي ذكرها الخرقي أن يجعل هذا رواية عنه في جميع مسائل الباب، ويحتمل أن يكون هذا قوله فيما إذا ادعى وارث كل
ميت أن موروثه كان أخرهما موتا فأما مع الجهل فيورث كل واحد منهما من الآخر لان مع التداعي يتوجه اليمين على المدعى عليه فيحلف على ابطال دعوى صاحبه ويتوفر الميراث له كما في سائر الحقوق بخلاف ما إذا اتفقوا على الجهل فلا يتوجه اليمين لان اليمين لا يشرع في موضع اتفقوا على الجهل به،
وظاهر المذهب ان كل واحد منهما يرث صاحبه من تلاد ماله دون ما ورثه من الميت معه فيقدر أحدهما مات أولا ويورث الآخر منه ثم يقسم ما ورثه على الاحياء من ورثته ثم يصنع بالثاني كذلك قال أحمد اذهب إلى قول عمر وعلي وشريح وابراهيم والشعبي هذا قول من ذكره الامام أحمد وهو قول اياس بن عبد الله المزني وعطاء والحسن وحميد الاعرج وعبد الله بن عتبة وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وشريك ويحيى بن آدم واسحاق وحكي ذلك عن ابن مسعود.
قال الشعبي وقع الطاعون بالشام عام عمواس فجعل اهل البيت يموتون عن آخرهم فكتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه فكتب عمر: أن ورثوا بعضهم من بعض، ووجه الرواية الاولى ما روى سعيد قال ثنا اسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد ان قتلى اليمامة وقتلى صفين والحرة لم يورث بعضهم من بعض ورثوا عصبتهم الاحياء وقال ثنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن أم كلثوم بنت علي توفيت هي وابنها زيد ابن عمر فالتقت الصيحتان في الطريق فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه فلم ترثه ولم يرثها، وأن اهل صفين واهل الحرة لم يتوارثوا، ولان شرط التوارث حياة الوارث بعد موت الموروث وليس بمعلوم فلا يثبت التوريث مع الشك في شرطه ولانه مشكوك في حياته حين موت مورثه فلم يرثه كالحمل إذا وضعته ميتا ولان توريث كل واحد منهما خطأ قطعا لانه لا يخلو من أن يكون موتهما معا أو يسبق أحدهما به وتوريث السابق بالموت والميت معه خطأ يقينا مخالف للاجماع فكيف يعمل به؟ فان قيل ففي
قطع التوريث قطع توريث المسبوق بالموت وهو خطأ أيضا قلنا هذا غير متيقن لانه يحتمل موتهما معا فلا يكون منهما مسبوق، وقد احتج أصحابنا لتلك الرواية بما روى اياس ابن عبد الله المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوم وقع عليهم بيت فقال يرث بعضهم بعضا، قال شيخنا والصحيح أن هذا
إنما هو عن إياس نفسه وأنه هو المسؤول وليس برواية عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا رواه سعيد في سننه وحكاه الامام أحمد وقال أبو ثور وابن شريح وطائفة من البصريين يعطى كل وارث اليقين ويوقف المشكوك فيه حتى يتبين الامر أو يصطلحوا وقال الخبري هذا هو الحكم فيما إذا علم صوت أحدهما قبل الآخر ولم يذكر فيه خلافا (مسألة) قال (فلو غرق اخوان احدهما مولى زيد والآخر مولى عمرو فمن لم يورث أحدهما من صاحبه جعل ميراث كل واحد لمولاه وهو أحسن) ومن ورث أحدهما من الآخر جعل ما لكل واحد منهما لمولى الآخر ومن قال بالوقف وقف مالهما، وإن ادعى كل واحد منهما أن مولاه آخرهما مرتا حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى لآخر وأخذ مال مولاه على ما ذكره الخرقي، وان كان لهما أخت فمن ورث كل احد منهما من صاحبه جعل لهما الثلثين من مال كل واحد منهما والنصف على القول الثاني، وان خلف كل واحد منهما بنتا وزوجة فمن لم يورث بعضهم من بعض صححها من ثمانية لامراته الثمن ولابنته النصف والباقي لمولاه ومن ورثهم جعل الباقي لاخيه ثم قسمه بين ورثة أخيه على ثمانية ثم ضربها في الثمانية الاولى فصحت من
اربعة وستين لامرأته ثمانية لابنته اثنان وثلاثون ولامرأة أخيه ثمن الباقي ثلاثة ولابنته اثنا عشر ولمولاه الباقي تسعة: أخ وأخت غرقا ولهما أم وعم وزوجان فمن ور ث كل واحد منهما من صاحبه جعل ميراث الاخ بين امرأته وأمه واخته على ثلاثة عشر فما أصاب الاخت منها فهو بين زوجها وأمها وأمها وعمها على ستة فصحت المسئلتان من ثلاثة عشر لامرأة لاخ ثلاثة ولزوج لاخت ثلاثة وللام أربعة بميراثها من الاخ واثنان بميراثها من الاخت وللعم سهم وميراث الاخت بين زوجها وأمها وأخيها على ستة لاخيها سهم بين امرأته وأمه وعمه على اثنى عشر تضربها في الاولى تكن اثنين وسبعين والضرر في هذا القول على من يرث من أحد الميتين دون الآخر والنفع لم يرث منهما ثلاثة اخوة لابوين غرقوا ولهم أم وعصبة فقدر موت أحدهم أولا فلامه السدس والباقي لاخويه فتصح من أثنى عشر لكل واحد من اخوته خمسة بين أمه وعصبته على ثلاثة فتضربها في الاولى تكن ستة وثلاثين للام
من ميراث الاول ستة ومما ورثه كل واحد من الاخوين خمسة فصار لها ستة عشر والباقي للعصبة ولها من ميراث كل واحد من الاخوين مثل ذلك ذكر هذه المسألة أبو بكر.
ثلاثة اخوة مفترقين غرقوا وخلف كل واحد منهم أخته لابويه فقدر موت الاخ من الابوين أولا عن اخته من أبويه واخوته من ابيه واخوته من أمه فصحت مسئلته من ثمانية عشر لاخيه من أمه منها ثلاثة بين أخته من أبويه وأخته من أمه على أربعة وأصاب الاخ منها اثنان بين اخيه من أبويه وأخيه من أبيه على اربعة فتجتزئ باحداهما وتضربها في الاخرى تكن اثنين وسبعين ثم قدر موت الاخ من الام عن أخت لابوين وأخ
وأخت من ام فمسئلته من خمسة، مات أخوه لامه عن ثلاث أخوات مفترقات وهي من خمسة أيضا تضربها في الاولى تكن خمسة وعشرين ثم قدر موت الاخ من الاب عن أخته لابويه وأخ وأخت لابيه فهي من ستة ثم مات أخوه لابيه عن ثلاث أخوات مفترقات فهي من خمسة تضربها في الاولى تكن ثلاثين فان خلف بنتا وأخوين فلم يقتسموا التركة حتي غرق الاخوان وخلف أحدهما زوجة وبنتا وعما وخلف الآخر ابنين وابنتين الاولى من أربعة مات أحدهما عن سهم ومسئلته من ثمانية لاخيه منها ثلاثة بين اولاده على ستة رجعوا إلى اثنين تضربها في ثمانية تكن ستة عشر وفريضة لآخر من ستة يتفقان بالنصف فاضرب نصف احداهما في الاخرى تكن ثمانية واربعين ثم في أربعة تكن مائة واثنين وتسعين للبنت نصفها ولاولاد الاخ عن ابيهم ربعها وعن عمهم ثمانية عشر اجتمع لهم ستة وستون ولامرأة الاخ ستة ولبنته اربعة وعشرون (فصل) وان علم أنهما ماتا معا في حال واحدة لم يرث أحدهما صاحبه وورث كل واحد الاحياء من ورثته لان توريثه مشروط بحياته بعده وقد علم انتفاء ذلك وإن علم أن احدهما مات قبل صاحبه بعينه ثم اشكل اعطي كل وارث اليقين ووقف الباقي حتى يتبين الامر أو يصطلحوا قال القاضي وقياس المذهب أن يقسم على سبيل ميراث الغرقى الذين جهل حالهم والله أعلم.
(باب ميراث أهل الملل) (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم) اجمع أهل العلم على ان الكافر لا يرث المسلم وقال جمهور الصحابة والفقهاء لا يرث المسلم الكافر روى ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأسامة بن زيد وجابر بن
عبد الله رضي الله عنهم، وبه قال عمرو بن عثمان وعروة والزهري وعطاء وطاوس والحسن وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار والثوري وابو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي وعامة الفقهاء وعليه العمل وروي عن عمر ومعاذ ومعاوية رضى الله عنهم أنهم ورثوا المسلم من الكافر ولم يورثوا الكافر من المسلم فحكي ذلك عن محمد بن الحنفية وعلي بن الحسين وسعيد بن المسيب ومسروق وعبد الله بن معقل والشعبي والنخعي ويحيى بن يعمر واسحاق وليس بموثوق به عنهم فان احمد قال: ليس بين الناس اختلاف في أن المسلم لا يرث الكافر، وروي أن يحيى بن يعمر احتج لقوله فقال: حدثني أبو الاسود أن معاذا حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الاسلام يزيد ولا ينقص " ولانا ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا فكذلك نرثهم ولا يرثونا ولنا ما روى أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر " متفق عليه ولان الولاية منقطعة بين المسلم والكافر فلم يرثه كما لا يرث الكافر المسلم، فأما حديثهم فيحتمل أنه أراد أن الاسلام يزيد بمن يسلم وبما يفتح من البلاد لاهل الاسلام ولا ينقص بمن يرتد لقلة من يرتد وكثرة من يسلم وعلى أن حديثهم مجمل وحديثنا مفسر وحديثنا أصح فيتعين تقديمه " والصحيح أنه قال لا ترث أهل الملل ولا يرثوننا " وقال في عمة الاشعث " يرثها أهل دينها " (مسألة) (الا ان يسلم قبل قسم الميراث فيرثه وعنه لا يرث) اختلفت الرواية فيمن أسلم قبل قسم ميراث موروثه المسلم فنقل الاثرم ومحمد بن الحكم أنه يرث وروي نحو هذا عن عمرو وعثمان والحسن بن علي وابن مسعود رضي الله عنهم، وبه قال جابر بن زيد
والحسن ومكحول وقتادة وحميد واياس بن معاوية واسحاق فعلى هذا ان أسلم قبل قسم بعض المال ورث مما بقي وبه قال الحسن ونقل أبو طالب فيمن أسلم بعد الموت: لا يرث قد وجبت المواريث لاهلها وهو المشهور عن علي رضي الله عنه وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس والزهري وسليمان ابن يسار والنخعي والحكم وأبو الزناد وابو حنيفة ومالك والشافعي وأكثر أهل العلم لقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم " لا يرث الكافر المسلم " ولان الملك قد انتقل بالموت إلى المسلمين فلم يشاركهم من أسلم كما لو اقتسموا ولان المانع من الارث متحقق حال وجود الموت فلم يرث كما لو كان رقيقا فاعتق ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " من أسلم على شئ فهو له " رواه سعيد من طريقين عن عروة وابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى أبو داود باسناده عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم وكل قسم أدركه الاسلام فانه على قسم الاسلام " وروى ابن عبد البر في التمهيد باسناده عن زيد بن قتادة العنبري أن انسانا من أهله مات على غير الاسلام فورثته أختي دوني وكانت على دينه ثم أن جدي أسلم وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا فتوفي فلبثت سنة وكان ترك ميراثا ثم ان أختي اسلمت فخاصمتني في الميراث إلى عثمان فحدثه ابن ارقم أن عمر رضي الله عنهم قضي أنه من أسلم على ميراث قبل ان يقسم فله نصيبه فقضى به عثمان فذهبت بذلك لاول وشاركتني في هذا
وهذه قصة اشتهرت فلم تنكر فكانت إجماعا ولانه لو تجدد له صيد بعد موته وقع في شبكته التي نصبها في حياته ثبت له الملك فيه ولو وقع انسان في بئر حفرها لتعلق ضمانه بتركته بعد موته فجاز أن يتجدد حق من أسلم من ورثته ترغيبا في الاسلام وحثا عليه فاما إذا قسمت التركة وتعين حق كل وارث ثم أسلم فلا شئ له فان كان الوارث واحدا فمتى تصرف في التركة واحتازها كان كقسمها.
(مسألة) وان عتق عبد بعد موت موروثه وقبل القسم لم يرث وجها واحدا) نص عليه أحمد في رواية محمد بن الحكم وفرق بين الاسلام والعتق وعلى هذا جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم، وروي عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل مات وترك أباه عبدا فاعتق قبل ان يقسم ميراثه فقال له ميراثه، وحكي عن مكحول وقتادة أنهما ورثا من أعتق قبل القسمة لان المانع من الميراث زال قبل القسمة أشبه ما لو أسلم وقال أبو الحسن التميمي يخرج على قول من ورث المسلم ان يورث العبد إذا أعتق وليس بصحيح فان الاسلام قربة وهو اعظم الطاعات والقرب ورد الشرع بالاليف عليها فورد الشرع بتوريثه ترغيبا له في الاسلام وحثا عليه والعتق لا صنع له فيه ولا يحمد عليه فلم يصح قيامه عليه ولولا ما ورد من الاثر في توريث من أسلم لكان النظر يقتضي أن لا يرث
من لم يكن من اهل الميراث حين الموت لان الملك ينتقل به إلى الورثة فيستحقونه فلا يبقى لمن حدث شئ وإنما خالفناه في الاسلام للاثر وليس في العتق اثر يجب التسليم له ولا هو في معنى ما فيه الاثر
(فصل) ولو ملك ابن عمه فدبره فعتق بموته لم يرث لانه رقيق حين الموت فان قال أنت حر في آخر حياتي عتق وورث لانه حر حين الموت، ويحتمل ان لا يرث لان عنقه وصية له فيفضي إلى الوصية للوارث: (مسألة) (ويرث اهل الذمة بعضهم بعضا ان اتفقت أديانهم) وجملة ذلك أن الكفار يتوارثون إذا كان دينهم واحدا الا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا، ولا فرق في ذلك بين أهل الذمة وغيرهم من الكفار لان قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " دليل على أن بعضهم يرث بعضا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " وهل ترك لنا عقيل من دار " دليل على أن عقيلا ورث أبا طالب دون جعفر وعلي لانهما كانا مسلمين، وكان عقيل على دين أبيه مقيما بمكة فكذلك لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أين تنزل غدا؟ قال " وهل ترك لنا عقيل من رباع " وقال عمر في عمة الاشعث بن قيس يرثها أهل دينها (مسألة) (وهم ثلاث ملل اليهودية والنصرانية ودين سائرهم) اختلفت الراوية عن أحمد رحمه الله في ذلك فروي عنه حرب أن الكفر كله ملة واحدة اختارها الخلال، وبه قال حماد وابن شبرمة وأبو حنيفة والشافعي وداود لان توريث الآباء من الابناء والابناء من الآباء مذكور في كتاب الله تعالى ذكرا عاما فلا يترك الا فيما استثناه الشرع وما لم يستثنه يبقي على العموم ولان قول الله تعالى (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) عام في جميعهم، وروي عن
احمد أن الكفر ملل مختلفة اختاره أبو بكر وهو قول كثير من أهل العلم لان قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يتوارث اهل ملتين شتى " ينفي توارثهما ويخص عموم الكتاب ولم نسمع عن أحمد تصريحا بذكر اقسام الملل، وقال القاضي الكفر ثلاث ملل اليهودية والنصرانية ودين من عداهم لان من عداهم يجمعهم
أنه لا كتاب لهم وهذا قول شريح وعطاء وعمر بن عبد العزيز والضحاك والحكم والثوري والليث وشريك ومغيرة الضبي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح ووكيع وروي ذلك عن مالك وعن النخعي والثوري القولان معا وما روي عن أحمد أنه قال الكفر ملل مختلفة ويحتمل ان أن يكون مللا كثيرة تزيد على ثلاث فتكون المجوسية ملة وعبدة الاوثان ملة وعباد الشمس ملة فلا يرث بعضهم بعضا يروى ذلك عن علي وبه قال الزهري وربيعة وطائفة من اهل المدينة وأهل البصرة واسحاق وهو أصح الاقوال ان شاء الله اختاره شيخنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يتوارث أهل ملتين شتى " روه أبو داود ولان كل فريقين منهم لا موالاة بينهم ولا اتفاق في دين فلم يرث بعضهم بعضا كالمسلمين والكفار والعمومات في التوريث مخصوصة فيخص منها محل النزاع بالخبر والقياس ولان مخالفينا قطعوا التوريث بين أهل الحرب وأهل دار الاسلام فمع اختلافهم في الملة أولى وقول من خص الملة بعدم الكتاب لا يصح لانه وصف عدمي لا يقتضي حكما ولا جمعا ثم لابد لهذا الضابط من دليل يدل على اعتباره، وقد افترق حكمهم فان المجوس يقرون بالجزية وغيرهم لا يقرون بها وهم مختلفون في معبوداتهم ومعتقداتهم وآرائهم يستحل بعضهم دماء بعض ويكفر بعضهم بعضا فكانوا مللا كاليهود والنصارى ولانه قد روى الشعبي عن علي رضى الله عنه أنه جعل الكفر مللا مختلفة ولم نعرف له مخالفا في الصحابة فيكون إجماعا
(مسألة) (وإن اختلفت أديانهم لم يتوارثوا) لما روى عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يتوارث أهل ملتين شتى " رواه أبو داود، وعنه يتوارثون لان مفهوم قوله عليه السلام " لا يرث الكافر المسلم " يدل على أنهم يتوارثون، وهذا يجئ على قولنا إن الكفر ملة واحدة على ما تقدم وهو قول أبي حنيفة والشافعي.
(مسألة) (ولا يرث حربي ذميا، ولا ذمي حربيا) ذكره القاضي لان الموالاه منقطعة بينهم ويحتمل أن يتوارثا لانهم من أهل ملة واحدة.
قال شيخنا قياس المذهب عندي أن الملة الواحدة يتوارثون وإن اختلفت ديارهم لان العمومات من النصوص يقتضي توريثهم ولم يرد بتخصيصهم نص ولا إجماع ولا يصح فيهم قياس فيجب العمل بعمومها، ومفهوم
قوله عليه السلام " لا يتوارث أهل ملتين شتى " ان أهل الملة الواحدة يتوارثون وضبطه التوريث بالملة والكفر الاسلام دليل على أن الاعتبار به دون غيره ولان مقتضى التوريث موجود فيجب العمل به ما لم يقم دليل على تحقق المانع وقد نص أحمد في رواية الاثرم فيمن دخل الينا بأمان فقتل، أنه يبعث بديته إلى ملكهم حتى يدفعها إلى ورثته، وروي أن عمر وبن أمية الضمري كان مع أهل بئر معونة فسلم ورجع إلى المدينة فوجد رجلين في طريقه من الحي الذين قتلوهم وكانا أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في أمانه ولم يعلم عمرو فقتلهما فوداهما النبي صلى الله عليه وسلم ولا شك أنه بعث بديتهما إلى أهلهما.
(فصل) فأما المستأمن فيرثه أهل الحرب وأهل دار الاسلام، وبهذا قال الشافعي، قال القاضي ويرث أهل الحرب بعضيم بعضا سواء اتفقت ديارهم أو اختلفت، وقال أبو حنيفة إذا اختلفت ديارهم بحيث كان لكل طائفة ملك، ويرى بعضهم قتل بعض لم يتوارثا لانه لا موالاة بينهم فجعلوا اتفاق الدار واختلافها ضابطا للتوريث وعدمه ولا يعلم في هذا حجة من كتاب ولا سنة مع مخالفته لعموم النصوص المقتضي للتوريث ولم يعتبروا الدين في اتفاقه ولا اختلافه، مع ورود الخبر فيه وصحت العبرة بها فان المسلمين يرث بعضهم بعضا وان اختلفت الداربهم فكذلك الكفار (مسألة) (والمرتد لا يرث أحدا إلا أن يسلم قبل قسم الميراث) لا نعلم خلافا بين أهل العلم ان المرتد لا يرث أحدا، وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي وذلك أنه لا يرث المسلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر " ولا يرث الكافر لانه يخالفه في حكم الدين لانه لا يقر على كفره فلم يثبت له حكم الدين الذي انتقل إليه ولهذا ولا تحل ذبيحته ولا نكاح نسائهم وان انتقلوا إلى دين أهل الكتاب، ولان المرتد تزول
أملاكه الثابتة له أو استقرارها فلان لا يثبت له ملك أولى ولو ارتد متوارثان فمات أحدهما لم يرثه الآخر لان المرتد لا يرث ولا يورث، فان أسلم قبل قسم الميراث ورث، لما ذكرنا من الحديث وقد
ذكرناه والخلاف فيه (فصل) (والزنديق كالمرتد فيما ذكرنا).
والزنديق الذي يظهر الاسلام ويستسر الكفر وهو الذي كان يسمى منافقا، في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، ويسمى اليوم زنديقا، قال أحمد: مال الزنديق في بيت المال.
(مسألة) (وإن مات على ردته فماله فئ، وعنه أنه لورثته من السلمين، وعنه أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره) اختلفت الرواية عن احمد رحمه الله في مال المرتد إذا مات أو قتل على ردته فروي عنه أنه يكون فيئا في بيت مال المسلمين.
قال القاضي وهو الصحيح في المذهب، وبه قال ابن عباس وربيعة ومالك وابن أبي ليلى والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وعن أحمد ما يدل على أنه لورثته من المسلمين يروي ذلك عن أبي بكر الصديق وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب وجابر بن زيد والحسن وعمر بن عبد العزيز وعطاء والشعبى والحكم والاوزاعي والثوري وابن شبرمة وأهل العراق واسحاق إلا أن الثوري وأبا حنيفة واللؤلؤي واسحاق
قالوا ما اكتسبه في ردته يكون فيئا ولم يفرق أصحابنا بين تلاد ماله وطارقه ووجه ذلك أنه قول الخليفتين الراشدين فانه يروى عن زيد بن ثابت قال: بعثني أبو بكر عند رجوعه إلى أهل الردة أن اقسم مالهم بين ورثتهم المسلمين، ولان ردته ينتقل بها ماله فوجب أن ينتقل إلى ورثته من المسلمين كما لو انتقل بالموت.
وروي عنه رواية ثالثة أنه يكون لاهل الدين الذي اختاره ان كان منهم من يرثه وإلا فهو فئ وبه قال داود.
وروي ذلك عن علقمة وسعيد بن أبي عروبة لانه كافر فورثه أهل دينه كالحربي وسائر الكفار والمشهور الاول لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " وقوله " لا يتوارث أهل ملتين شتى " ولانه كافر فلا يرثه المسلم، كالكافر الاصلي ولان ماله مال مرتد فأشبه الذي كسبه في ردته ولا يمكن جعله لاهل دينه لانه لا يرثهم فلا يرثونه كغيرهم من أهل الاديان
ولانه يخالفهم في حكمهم فانه لا يقر على ما انتقل إليه ولا تؤكل ذبيحته ولا يحل نكاحه إن كان امرأة فأشبه الحربي مع الذمي فان قيل إذا جعلتموه فيئا فقد ورثتموه للمسلمين قلنا لا يأخذونه ميراثا بل يأخذونه فيئا كما يأخذ مال الذمي الذي لم يخلف وارثا وكالعشور (فصل) وقد ذكرنا أن الزنديق كالمرتد لا يرث ولا يورث وقال مالك في الزنديق الذي
يتهم بذمي ورثته عند موته: ماله لورثته من المسلمين مثل من يرتد إذا حضره الموت، قال: وترثه زوجته سواء انقضت عدتها أو لم تنقض، كالذي يطلقها زوجها في مرض موته ليحرمها الميراث لانه فار من ميراث انعقد بسبب ميراثه فورثه كالمطلق في مرض الموت.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يرث المسلم الكافر " قال شيخنا وقياس المذهب أن أحد الزوجين إذا ارتد في مرض موته ورثه الآخر لانه فعل ما يفسخ النكاح في مرض موته أشبه الطلاق، وفعل المرأة ما يفسخ نكاحها لا يسقط ميراث زوجها ويخرج في ميراث سائر الورثة مثل ما في الزوجين فيكون مثل مذهب مالك، وقال أبو يوسف إذا ارتدت المريضة فماتت في عدتها أو لحقت بدار الحرب ورثها زوجها.
وروى اللؤلؤي عن أبي حنيفة إذا ارتد الرجل فقتل على ردته أو لحق بدار الحرب بانت منه امرأته، فان كانت مدخولا بها ورثته في عدتها وإن كانت غير مدخول بها بانت ولم ترثه وإن ارتدت المرأة في غير مرض فماتت لم يرثها زوجها لانها عندهم لا تقتل فلم تكن فارة من ميراثه بخلاف الرجل (فصل) (وارتداد الزوجين معا كارتداد أحدهما في فسخ نكاحهما وعدم ميراث أحدهما من الآخر سواء لحقا بدار الحرب أو أقاما بدار الاسلام).
وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة إذا ارتدا معا لم ينفسخ النكاح ولم يتوارثا.
ولنا أنهما مرتدان فلم يتوارثا كما لو كانا في دار الاسلام ولو ارتدا جميعا ولهما أولاد صغار لم يتبعوهم
في ردتهم ولم يرثوا منهم شيئا ولم يجز استرقاقهم سواء ألحقوهم بدار الحرب أولا، وبهذا قال الشافعي
وقال أبو حنيفة وأصحابه من الحقوه بدار الحرب منهم يصير مرتدا يجوز سبيه ومن لم يلحقوه بدار الحرب فهو في حكم الاسلام فاما من ولد بعد الردة بستة أشهر فذكر الخرقي ما يدل على أنه يجوز استرقاقه وهو قول أبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، والقول الثاني لا يسبون وهو منصوص الشافعي
الكلمات المفتاحية :
الفقه الحنبلي
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: