مصطلحات صوفية : الصحو و السكر
فالصحو رجوع
إِلَى الإحساس بَعْد الغيبة والسكر غيبة بوارد قوي والسكر زيادة عَلَى الغيبة من
وجه، وَذَلِكَ أَن صاحب السكر قَدْ يَكُون مبسوطا إِذَا لَمْ يكن مستوفيا فِي
سكره، وَقَدْ يسقط أخطار الأشياء عَن
قلبه فِي حال سكره، وتلك حال المتساكر
الَّذِي لَمْ يستوفه الوارد فيكون للإحساس فِيهِ مساغ وَقَدْ يقوى سكره حَتَّى
يَزِيد عَلَى الغيبة، فربما يَكُون صاحب السكر أشد غيبة من صاحب الغيبة إِذَا قوى
سكره، وربما يَكُون صاحب الغيبة أتم فِي الغيبة من صاحب السكر إِذَا كَانَ متساكرا
غَيْر مستوف، والغيبة قَدْ تكون للعبادة بِمَا يغلب عَلَى قلوبهم من موجب الرغبة
والرهبة ومقتضيات الخوف والرجاء، والسكر لا يَكُون إلا لأَصْحَاب المواجد، فَإِذَا
كوشف العبد بنعت الجمال حصل السكر، وطالب الروح، وهام القلب وَفِي معناه أنشدوا:
فضحوك من
لفظي هُوَ الوصل كُلهُ ... وسكرك من لحظي يبيح لَك الشرابا
فَمَا مل
ساقيها وَمَا مل شارب ... عقار لحاظ كأسه يسكر اللبا
وأنشدوا:
فاسكر
الْقَوْم دور كأس ...
وَكَانَ سكري من المدير
وأنشدوا:
لي سكرتان
وللندمان واحدة ...
شَيْء خصصت بِهِ من بينهم وحدي
وأنشدوا:
سكران سكر
هوى وسكر مدامة ...
فَمَتَى يفيق فتى بِهِ سكران
واعلم أَن
الصحو عَلَى حسب السكر، فمن كَانَ سكره بحق كَانَ صحوه بحق، ومن كَانَ سكره بحفظ
مشوبا كَانَ صحوه بحظ صحيح مصحوبا، ومن كَانَ محقا فِي حاله كَانَ محفوظا فِي
سكره، والسكر والصحو يشيران إِلَى طرف من التفرقة، وإذا ظهر من سلطان الحقيقة علم
أَن صفة العبد الثبور والقهر.
وَفِي معناه
أنشدوا:
إِذَا طلع
الصباح لنجم راح ...
تساوى فِيهِ سكران وصاح
قَالَ اللَّه تعالي: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143]
هَذَا مَعَ رسالته خر صعقا وَهَذَا مَعَ صلابته وقوته صار دكا متكسرا والعبد فِي حال
سكره يشاهد الحال وَفِي حال صحوه يشاهد العلم إلا أَنَّهُ فِي حال سكره محفوظ لا يتكلفه وَفِي صحوه متحفظ بتصرفا والصحو والسكر بَعْد الذوق والشرب
الكلمات المفتاحية :
مصطلحات صوفية
هذه التدوينة قابلة للنسخ اذا اعجبتك قم بنسخ الرابط من هذه الروابط الثلاثة والصقه بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:
ليست هناك تعليقات: