المحو: رفع
أوصاف العادة، والإثبات: إقامة أحكام العبادة، فمن نفى عَن أحواله الخصال الذميمة
وأتى بدلها بالأفعال والأحوال الحميدة فَهُوَ صاحب محو وإثبات.
سمعت
الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه
يَقُول: قَالَ بَعْض المشايخ لواحد: أيش
تمحو وأيش تثبت؟ فسكت الرجل فَقَالَ: أما علمت أَن الوقت محو وإثبات إذ من لا محو
لَهُ ولا إثبات فَهُوَ معطل مهمل وينقسم إِلَى محو الزلة عَنِ الظواهر ومحو الغفلة
عَنِ الضمائر ومحو العلة عَنِ السرائر، ففي محو الزلة إثبات المعاملات، وَفِي محو
الغفلة إثبات المنازلات، وَفِي محو العلة إثبات المواصلات، هَذَا محو وإثبات بشرط
العبودية، وَأَمَّا حقيقة المحو والإثبات فصادران عَنِ القدرة فالمحو مَا ستره
الحق ونفاه والإثبات مَا أظهره الحق وأبداه والمحو والإثبات مقصوران عَلَى المشيئة
قَالَ اللَّه تَعَالَى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39]
قيل: يمحو عَن قلوب العرافين ذكر غَيْر اللَّه تَعَالَى ويثبت عَلَى ألسنة
المريدين ذكر اللَّه ومحو الحق لكل أحد وإثباته عَلَى مَا يليق بحاله ومن محاه
الحق سبحانه عَن مشاهدة أثبته بحق حقه
ومن محاه
الحق عَن إثباته بِهِ رده إِلَى شهود الأغيار وأثبته فِي أودية التفرقة.
وَقَالَ رجل
للشبلي رحمه اللَّه: مالي أراك قلقا أليس هُوَ معك وأنت مَعَهُ؟ فَقَالَ الشبلي:
لو كنت أنا مَعَهُ كنت أنا ولكني محو فيما هُوَ والمحق فَوْقَ المحو، لأن المحو
يبقى أثرا والمحق لا يبقى أثرا وغاية همة الْقَوْم أَن يمحقهم الحق عَن شاهدهم
ثُمَّ لا يردهم إِلَيْهِ بَعْد مَا محقهم عَنْهُم
ليست هناك تعليقات: